نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامسمشت على استحياء بعدما تركتها رحاب تذهب إليه بمفردها، فكان ينتظرها بشوق وهو يستند بمرفقه على حافة السور الحديدي ذاك الذي رآها عنده أول مرة، ابتسم وتمعن في هيئتها جيدًا من أسفلها لأعلاها..وأول ما تمعن فيه فكانت عيناها..الجميلتين السمراوتين، لم تكن فاتنة للجميع لكن له كانت أجمل الفتيات على الاطلاق، لم يعرف ما هذا الذي يحدث والذي يفعله هو؟كيف جعلته يهواها هي فحسب ولم تغب عن خاطره قط...!يسأل نفسه وهو يشرد في عينيها هكذا بلا وعي حتى حين وقفت أمامه في ارتباك لم ينتبه لها...لحظات مرت وهو مغيب في عينيها الطيبتين..زادها ارتباك فوق توترها البالغ فراحت تسعل قاصدة ذلك عسى أن ينتبه لها..وقد كان وتنتحنح بحرج قائلا:-أهلا يا آنسه، إزيك؟فهزت رأسها ولم يخرج صوتها بعد، اكتفت فقط بتلك الايماءة التي أضحكته حقا..فاقترب منها خطوة لتبتعد بدورها خطوة أيضا، فيضحك أكثر مع قوله:.-ممكن متخافيش مني؟ أنا والله حابب جدا المقابلة دي ممكن تحبيها أنتِ كمان؟!ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن ترفع رأسها إليه وتبتسم بخجل شديد ثم تنزل رأسها مرة أخرى وتعود لترفعها ثانية وتتمالك نفسها أخيرًا قائلة:-حضرتك طلبت تقابلني، خير؟ليتها ما تكلمت هذه السماء الصافية، السماء الجميلة ذات البشرة الناعمة والصوت الأكثر نعومة!ما هذا بحق السماء، إنها بريئة كالطفلة، كل الملامح بريئة لكن يكسوها الحزن الشديد، كيف جعلوها شاحبة خائفة مكسورة لهذا الحد؟ألم يشفقوا عليها في أي مرة؟ يا لقسوة قلوبهم!-متخافيش يا سماء ماحدش هيعرف من أهلك إن شاء الله و...قاطعت سماء حديثه الآن قائلة بجدية رغم خوفها:-أنا مش خايفة، ممكن حضرتك تقولي عاوز مني إيه؟ابتسم باتزان وراح يضع يديه في جيب بنطاله قائلا بهدوء:-بصراحة بصراحة؟انتظر ردها الذي كان ايماءة فقط أيضا من رأسها، ليقول بتنهيدة عميقة وكأنه يلقي لها الجملة دفعة واحدة:-عاوزك أنتِ عاوز أتجوزك وتكوني شريكة حياتي!توردت وجنتيها وراحت تنظر إلى البحر بعمق تحاول ضبط تنفسها بصعوبة وهي تعدل وشاحها الشتوي الذي كاد يسقط من فوق كتفيها، أغمضت عيناها لفترة لم تكن قصيرة وحقا لم تعرف ماذا تقول؟وهو لم يتوقف عن ضحكه الخافت على ردة فعلها التي راقت له، إنها تبدو كقطعة حلوى لذيذة للغاية الآن، جوهرة فريدة من نوعها صُنعت بعناية تامة، إنها جميلة روح جدا وشهية جدا، أيضاً!-ممكن أسمع ردك مش عارف تقريبا أنا قلت حاجة غلط وأنا مش واخد بالي؟أنسة سماء؟أنتِ فين؟!-أنا هنا!وذاك كان ردها العفوي الذي جعله يقهقه ضاحكًا، ثم توقف فجأة ليقول بنبرة هادئة:-يا ريت تكوني هنا دايما!يبدو أنه مصمم على ارباكها بتلك الطريقة، كيف ستتكلم معه وماذا تقول؟-السكوت علامة الرضا مش هضغط عليكِ أكتر من كدا..ابتسمت سماء أخيرا يبدو أنه خفيف الظل ومرح، ليقول مازحا:-ياه أخيرا بجد، الشمس نورت؟ثم تنهد مقتربا منها قليلا:-صدقيني لو حصلت إني أحارب عشانك هحارب ومش هسيبك، مش هسيبك وهتكوني من نصيبي بأمر الله..كانت هذه آخر جملة قالها في مقابلتهما لتذهب مطمئنة مبتسمة وكأنها تملك هذا العالم، كيف دخل حياتها وكيف استحوذ على قلبها هذا الفارس الذي كما حلمت به يوما وكأنه جاء مُفصل تفصيلا كما طلبت..هل تحلم؟تتوهم؟..تتساءل وتضحك بخفوت وهي تلتفت ورائها فتراه من بعيد يركب سيارته ويرحل لكنه وعدها بكل ثقة أنه سوف يعود، لها.--------------------.بعد مرور يومان تلقت صفعة عنيفة من عمها وحيد الذي قال غاضبا:-هتتجوزيه ورجلك فوق رقبتك.-هموت نفسي لو عملت كدا.ردت من بين بكاؤها الشديد ليصفعها مجددا ويجذبها من شعرها دافعا إياها داخل الغرفة قائلا:-بتردي عليا؟ يا قليلة الأدب أنا هربيكي من أول وجديد!يلقيها على فراشها ويخرج مغلقا الباب خلفه بالمفتاح قائلا بحدة عارمة:.-البت دي تفضل محبوسة جوا وبكرة كتب كتابها على سيد الجزار ماحدش يفتحلها أبدا مفهوم؟ترمولها اللقمة وتخرجوا فورا سامعة يا رحاب؟!لم تستطع رحاب السكوت كعادتها وقالت بضيق:-مش من حقك تعمل فيها كدا يا بابا بجد ربنا هيحاسبك-أخرسي يا بت انت كمان بدل ما اطلع روحك في أيدي أخرسي خالص..!في المساء...لم تعرف رحاب ماذا ستفعل في هذه الكارثة سوى أنها ستسغيث بالدكتور سالم حيث امتنعت سماء عن الطعام وباتت في حالة يرثى لها حزينة مكسورة كعهدها هنا معهم، لو حكم الأمر ستقتل نفسها وينتهي أمرها نهائيا هكذا كانت تحدث نفسها، قبل أن تركض إليها رحاب وهي تقول بتلهف:-سماء سماء الدكتور سالم بيتصل بيا..انتبهت سماء لها وقالت من بين دموعها:-بيتصل ليه؟-أصل أنا قولتله اللي حصل وهو تقريبا تحت البيت-تحت البيت!أومأت برأسها قبيل أن تجيب عليه بتوتر، فآتاها رده الصلب وهو يسألها:-عندكم سبَت؟رحاب ببلاهة:-سبت؟-أيوة مش وقت استغراب دلوقتي، نزّلي السبَت!نظرت لها سماء باستفهام تود معرفة الحوار، لتغلق رحاب الخط معه وتقول بصدمة:-الدكتور بيقولي نزلي السبت!انصدمت سماء مثلها وقالت:-ليه فيه ايه؟-مش عارفة خلينا ننزله وربنا يستر...ولجت رحاب إلى الشرفة وانصاعت لطلبه الغريب ذاك، جذبت السبت المُعلق في شرفتهم وأخذت تدلو به بواسطة الحبل من سور الشرفة، خرج سالم من سيارته ووضع فيه أكياس عديدة من الطعام والعصائر والحلوى..ودفعه إلى الأعلى مجددا قائلا ببساطة: طلعي!وراح يركب سيارته مرة أخرى بينما دخلت رحاب إلى الغرفة وهي تضحك لتقول سماء مذهولة:-إيه دا؟!-أكل يا ستي الدكتور جايبهم ليكي مخصوص!نظرت سماء إلى الأشياء هذه فرأت ورقة مطوية بينهم أخذها الفضول فجذبتها وفتحتها فكان محتواها:.بكرة في نفس المعاد اللي عمك حدده لكتب كتابك هنكتب كتابنا وهتكوني مراتي على سنة الله ورسوله، أيوة كدا اضحكي بقى وثقي فيا شوية، لأ كتيييير.بالفعل كانت تبتسم بعفوية وهي تقرأ رسالته التي لا تعلم حقيقة أم مجرد مزاح؟!..وفي حقيقة الأمر لم تكن الرسالة مزاح، بل كانت حقيقة وتحققت واقعيا في مساء اليوم الموالي..عندما تجهزت بشيء من التوتر والقلق البالغ، وانتظرت مصيرها إما أن يُعقد قرانها على الجزار أو على الدكتور!لم تصدق رسالته صراحةً، فكيف سيتزوجها كيف؟انسابت دموعها قهرًا عندما ناداها عمها وإبنه نادر الذي كانت تلمع عيناه بشماتة واضحة، والذي قال بغضب:-اتصل على العريس يا بابا شوفه أتأخر ليه؟لم يجب وحيد وراح يمسح عرقه بتوتر، دقائق فحسب ويدخل سالم من باب البيت بصحبة رجالٍ شداد البنية، فقد كانوا الحراسة التي أرسلها معه والده بالأمر، ليشير لهم سالم كي ينتظروا في الخارج، لم يفهم نادر ماذا يدور لذا قال بحدة شديدة؛-أنت بتعمل إيه هنا؟نظر له سالم باحتقار ولم يجب عليه متعمداً، ليلتفت إلى وحيد قائلا بثقة:-أنا جاهز والمأذون جاهز مش يلا؟خفق قلب سماء ولم تعد تحملها ساقاها الضعيفتان، فجلست تحاول استيعاب ما يفعله سالم!-أنا عاوز أعرف إيه اللي بيحصل يا بابا ما تقول حاجة؟ إيه اللي بيحصل؟هكذا قال نادر باحتدام، ليرد عليه سالم هذه المرة بصلابة:.-اهدى يا بطل بس، اللي بيحصل إن مافيش عريس إسمه سيد الجزار فيه عريس إسمه سالم عامر اللي هو أنا طبعا، اتفقت أنا والأستاذ وحيد والدك على كل حاجة، أنا معنديش مانع تكون شاهد على جواز بنت عمك وتفرحلها، مش عاوز يبقى تلتزم الصمت ودا أحسن لك وللكل هنا..كاد نادر أن يتكلم، يثور، يحطم، لكنه لم يستطع ذلك، هذه المرة مختلفة، جاء من يوقفه ويمنعه عنوة عن ظلمه ذاك...-اسكت يا نادر يا إما تمشي دلوقتي لحد ما نخلص!كانت هذه العبارة لوالده، قطب نادر وهو يسأله:-إزاي وافقت وليه؟-أنا حر!لم يتحمّل نادر حيث يشعر بالنيران تتأجج داخل صدره لذا انسحب بمنتهى العصبية تاركا كل شيء، وبدأ المأذون مراسم عقد القران، بالطبع كانت سماء في حالة ذهول تامة حتى مع نظرات سالم المطمئنة لها!.يده في يد عمها والآن يعقد عليها؟!مشاعر متضاربة ما بين المفاجأة والدهشة، والفرحة!لا تنكر أنها كانت في أشد حالاتها السعيدة بشأن ما يحدث، ما يحدث كالحلم تماما، بل أجمل...لم تفق من حلمها إلا على النداءات من حولها كي توقع على العقد، وقد وقعت بأنامل باردة مرتجفة قبيل أن تشعر بها بين يده الدافئة ويضغط عليها برفق أذابها، جذبها نحوه ونهض قائلا بابتسامة خلابة:-يلا..نظرت أولا إلى رحاب التي بكت تأثرا وعانقتا الفتاتان بعضهما في وداع مؤثر..بعد ذلك سارت معه يدها في يده إلى سيارته...
نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادسقبل أن تركب السيارة معه سمعت نداء رحاب التي ركضت خلفها وهي تحمل حقيبتها التي تضم أشياء غالية عليها للغاية، ناولتها الحقيبة وهي تبتسم لها بعفوية وتنصرف بهدوء، بينما وقفت سماء في حيرة من أمرها وترددت في أن تستقل معه السيارة، لذا تساءل سالم على الفور:-مش هتركبي؟وهي لم تتردد في أن تقول بفضول:-عاوزة أعرف ليه عمي وافق بالسهولة دي وإزاي كل دا حصل أنا مش فاهمة حاجة!تنهد سالم مبتسما حين قال:.-هفهمك حاضر بس مش هنا ممكن نروح الأول؟هي بارتباك:-نروح فين؟فضحك وأجابها:-نروح البيت بتاعنا..سألته مرة أخرى بعدم ارتياح:-تقصد البيت بتاع أهلك؟-تؤ تؤ، بيت تاني..هكذا أجابها ببساطة وصبر، لتستكمل باقي أسئلتها:-طب والبيت التاني دا لحقت تجهزه إمتى؟-دي شقتي جاهزة من كل حاجة، بروحها لما بكون مضايق شوية أو لما بحب اكون لوحدي، ها فيه أسئلة تانية يا فندم؟حركت رأسها بنفي وهي تبتسم بخجل قبل أن يحاوطها بذراعيه إليه في عناق دافئ ويهمس عند أذنها تحديدا قائلا:-اطمني وأنتِ معايا..يتركها ويدفعها برفق داخل السيارة ثم يصعد جوارها وينطلق بها وكأنه حقق إنجاز عظيم حيث يبتسم بانتصار لأنه حقق ما أراده وهو قد أرادها زوجة منذ الوهلة الأولى..ها هي جواره وكُتبت على إسمه لقد رزقه الله بها بعد وفاة زوجته الأولى وابنته اللتين تركتا ندبة كبيرة في قلبه لم يداوها أحد إلاها فحسب!بعد مرور بعض الوقت..كان قد وصل الدكتور سالم بصحبتها، وهناك فتح لها الباب وبسط يده كدعوة منه إليها بالدخول، فدخلت على استحياءٍ تام وهي تنكمش على نفسها قليلاً، تتمسك بحقيبتها وتمشي ببطء في خطواتها الخجلة الرقيقة كالفراشة..انتفضت مع صوت غلق الباب فلاحظ سالم ذلك ليقول بلطف:-نورتي بيتك يا سماء، تعرفي إن إسمك جميل جدا؟بجد يعني رائع واسم على مسمى فعلا..لم يمهلها فرصة للتحدث وراح يحتضن يديها بيديه وعانق عينيها بعينيه العاشقتين..تهرب من نظراته لكنه يلح في طلبه:-بصي لي، بتهربي ليه؟، ممكن متهربيش ومتخافيش أنا امانك من النهاردة وحمايتك..وتلقائيا ثبتت سماء عينيها في عينيه اللتين أوصلتا لها الامان فعلا..ولا ريب بأنها تصدق قوله أيضا، لكن قربه يربكها يصيبها بالتوتر..عشرات الأسئلة تدور برأسها الآن، وكل ذلك كان يطغى واضحا على عينيها، لذا ابتسم بهدوء وسحبها من يدها معه إلى الأريكة وجلسا سويا، فقال لها مطمئنًا:-قولي كل حاجة عاوزة تقوليها، أنا سامعك..فركت كفيها معا للحظة قبل أن تقول بخجل:-مش قادرة أصدق اللي حصل، ظهرت فجأة وصدفة دخلت في حياتي واتفاجئ إنك جاي تطلب إيدي وتترفض وبعدها تيجي ونكتب الكتاب ونبقى زوجين رسمي بصراحة مش فاهمة؟!اقترب منها وحاوط كتفيها بذراعه بينما يمرر بصره على ملامح وجهها كليا وهو يقص عليها:.-أنا كمان مش فاهم ليه أنتِ بالذات؟ شوفتك صدفة عند عم فتحي، تقريبا كنتي في أشد حالات الحزن والاكتئاب في وقت متأخر كان عندي فضول أعرف ليه انتي هنا بتعملي ايه وإيه السبب؟ ولما عرفت إنك كنتي عاوزة تنتحري فضولي زاد وكان فيه شعور غريب إني أعرف حكايتك وكانت صدفة عجيبة غريبة فعلا إني أروح أخطب بنت عمك وتظهري قدامي تاني، مفكرتش لقيت نفسي بطلبك أنتِ، يمكن تدابير ربنا؟ لأنك رزقي مثلا؟ نصيبي؟ هي فعلا تدابير ربنا يا سماء وحكمته، وتقدري يا ستي تقولي حب من أول نظرة وقعت ولا حدش سمى عليا، كدا يعني..استطاع بكلماته الأخيرة أن يجعلها تضحك ببراءة وخجل وحُمرة وجهها تتوهج أكثر فأكثر، فلم يتردد...وراح يمنحها قبلة فوق وجنتها المُتوهجة بتلك الحُمرة المثيرة..ما أجملها وهي تبتسم وترتعش أثر هذه القبلة الرقيقة خاصته والمفاجئة..بعد ذلك يستكمل حديثه قائلا وهو يحاول فك حجابها البسيط:-هل لديك اقوال اخرى؟أغمضت عينيها بشدة وحاولت المقاومة لما يفعل، ماذا يفعل هذا بها الآن ستفقد وعيها نتيجة أفعاله التي بلا شفقة..-ششش اثبتي بس الدبوس دا لو اتحركتي هيعورك أو يعورني وإحنا مش عاوزين دم في الليلة البيضا اللي زي الفل دي...كتمت ضحكتها بصعوبة وهي لا تعرف هل هي تضحك أم تقاومه، هي تتحرك بلا هدف وهو كل تركيزه في فك هذا الحجاب لرؤية شعرها..وأخيرا سقط الحجاب عن رأسها فكشف عن المختبئ خلفه، يا لروعة شعرها ورائحته وملمسه..إنها حقا جوهرة لامعة أضافت إلى حياته بريق خاص ورائع..ابتعدت سماء قليلا عنه وحاولت أن تضع غطاء رأسها مرة ثانية كما كان على شعرها، لكنه كان الاسرع بمهارة وهو يأخذه ويلقيه خلف ظهره مع قوله الهادئ:-مالوش لازمة خالص دا دلوقتي وعاوزك متنسيش إننا كتبنا الكتاب واتقفل علينا خلاص الباب..ضحكت مرة أخرى على كلماته العفوية ومزاحه الذي راق لها..ولم تغفل سماء وسط هذا كله عن سؤال يحيرها بقوة حيث قالت:-ممكن أعرف إزاي خليت عمي يوافق ومرات عمي على كتب الكتاب، لو سمحت ممكن تقولي؟تنهد سالم وراح يقول بحذر:-أنا بصراحة عرضت عليه عرض، وهو قِبل..سماء وقد بدأت الأمور تتضح لها؛-عرض إيه؟سالم بجدية:-فلوس..ابتلعت سماء غصة مررت حلقها الآن وهي تقول:.-يعني الخلاصة أنت اشتريت وهو باع، صح كدا؟ للدرجة أنا رخيصة..راح يقول وقد امسك يدها بقوة:-متفهمهاش كدا، أنا مكانش قدامي حل تاني، أنتِ غالية جدا و..سحبت يدها منه ونهضت وهي تحبس عبراتها بالكاد مع قولها:-الحمام منين عاوزة أروح الحمام..أشار لها بيده في اتجاه اليسار وهو يقول بضيق:-هناك على شمالك..أسرعت إلى الحمام وقد تركت لدموعها الانهيار، فزفر سالم بحدة وهو يمسح على رأسه قائلا:.-شكلك عكيت الدنيا على الآخر يا سالم..ثم أخذ ينظر إلى حقيبتها التي تضم اشيائها فلفت انتباهه شيء كالدفتر تخرج أطرافه عن حواف الحقيبة، دفعه فضوله في أخذه وتفحصه فمد يده وانتشله من الحقيبه وقام بفتحه، فابتسم حينما رأى قلب قد رسمته ولونته باللون الأحمر وقد كتبت اسمها أسفله، أخذ يقلب في هذا الدفتر الذي يبدو كالمذكرات فهي تسجل كل تاريخ أوجعها فيه أحدهم، كل ليلة انهمرت فيها عبراتها الساخنة، كل دعاء تدعو به وكل أمنية يتمناها قلبها..توقفت عينيه عند صفحة كان محتواها دعاء كتبته بتاريخ ما في ساعة ما سجلتها أسفله بالطبع..«وارزقني بمن يمسك يدي ولا يفلتها وبمن ينهاني عن ما لا يُحب بمنتهى اللطف، بمن يمطرني بالكلام العذب ولا يمل..وبمن يخشى فقداني ويرمم آلامي..بالذي إذا غضب يصبر، ثم بخاطري يجبر، لا يتجبر ولا يهين ولا يكسر..وإني يا الله لا أريده ذا مال أو جمال يكفي أن يكون إنسان. ».ابتسم وأغلق الدفتر في سرعة عندما سمع صوت باب الحمام فأعاده كما كان ورأها تتجه نحو الحقيبة ثم تحملها برفق وتغادر الصالون، فاوقفها قائلا:-على فين بس؟!-محتاجة أغير هدومي..قالتها بعبوس تام وهي تكاد تذهب لكنه سد طريقها بجسده وقال:-ليه الوش دا طيب؟ أنا والله مأقصدش المعنى اللي فهمتيه خالص متبقيش حساسة كدا والله بحبك..نظرت له بصدمة جراء كلمته الأخيرة، فكرر ذلك مرة ثانية:-أوي والله..صمت...لم تنبس بحرف واحد وتنهدت بصبر وخجل، ، فتفاجئت به يقول:-أنا بصراحة نفسي طول عمري في حد يمسك في إيدي وميسبهاش حتى لو عملت حاجة ضايقته ومحبهاش يقولي عليها بطريقة لطيفة كدا ويقولي كلام حلو كتير وميزهقش ولو زعل يبقى عنده صبر حد جميل كدا زيك بصراحة ما صدقت لقيتك فمسكت فيكي وعملت أي حاجة فبلاش تلوميني بقى على اي تصرف!تراجعت سماء بظهرها للخلف وهي تنظر له بصدمة حيث أن كلماته لم تكن سوى كلماتها التي كتبتها في دفترها، كيف هو الذي يقولها الآن؟، ما هذا!دخلت الغرفة فورا وراح يضحك مستمتعا بوجودها معه هنا بنظراتها وحركاتها وصدمتها وخجلها، بكل شيء فيها حقا..وهي عضت على شفتها السفلى في الداخل وحدثت نفسها:-معقولة يكون فتح دفتري؟، إزاي يفتح شنطتي أصلا؟! ياربي!وختمت جملتها مبتسمة وإن فعل ذلك فهو خفيف الظل دخل قلبها من اوسع الابواب..-متتأخريش يا سمائي..كانت جملته هذه التي جعلتها تضحك بشدة من خلف الباب وهي تضع يدها على شفتيها الورديتين...ابتسم سالم وخلع سترته وهو يتجه نحو المطبخ حيث سيقوم بإعداد وجبة خفيفة تكفيها وتكفيه..-إيه اللي بيحصل يا عامر؟! يعني خلاص كده ابني اتجوز من غير ما أعرف؟ بقى دي أخرتها!عامر محاولا تهدئتها؛-اهدي بس يا لقاء..-أهدى؟ هقول إيه ما انت اللي ساعدته وخليته يتجوز البنت دي طب كنت استنى حتى أما أحضر معاه ولا أنا ماليش حق افرح بابني الوحيد بجد أنا مش مسامحاكم خالص..أنهت السيدة لقاء جملتها وانصرفت في غضب تام من أمامه، فأمسك عامر هاتفه وقرر محادثة ابنه المتهور الذي يجلب له دائما الخلافات مع زوجته..رد سالم على الفور وهو يقول بمزاح لم يرُق لوالده:-أهلا عامر بيه..-أنت بتهزر؟, ليك نفس تهزر بجد؟سالم وقد تحدث بجدية:-إيه يا بابا أنت قلبت عليا ليه مش احنا متفقين مع بعض؟-أيوة لكن الست والدتك قلبت عليا يا سيدي وانت عارف زعلها غالي عليا اتفضل تعالى حل المشكلة دي..ضحك سالم عاليا وهو يخبره:-حاضر هجيلها بكرة متقلقش..عامر بجمود:-لا بكرة ايه تيجي النهاردة وحالا أنت فاهم..؟تحدث سالم من بين ضحكاته قائلاً:-لأ فاهم ايه يا عامر بيه النهاردة دخلتي انت مستوعب دخلتييي..-ولو دخلتك مش اهم من زعل امك من اولها هتفضل مراتك علينا يا خسارة تعبنا في تربيتك يالا..انفجر سالم ضاحكا:بلاش أفورة يا بابا بقى بكرة والله هكون عندها أنا وسماء وهظبطلك الدنيا..-ماشي يا مجنون يا مغلبني معاك سلام..أغلق سالم معه وهو يستكمل اعداد الطعام بحُب وابتسامة لم تفارق محياه..تخرج سماء بعد قليل من الغرفة وهي ترتدي إسدال الصلاة الخاص بها فاتجهت نحو المطبخ عندما سمعت صوت يأتي من ناحيته..قطب سالم عندما رآها وتفحصها بملابسها قائلا:-خير يا حبيبتي إن شاء الله لابسة البتاع دا ليه؟!حركت سماء كتفيها معا وقالت بخجل:-أبدا كنت بصلي..-وخلصتي الحمدلله!؟-الحمدلله..-طب إيه؟-إيه؟سالم متنهدا بصبر:-يا الله يا ولي الصابرين...سماء بتوتر وهي تنظر إلى ما يفعله:-أنت بتعرف تطبخ؟أجابها بإيجاز وهو يكمل اعداد الطعام:-آه بعرف..هزت سماء رأسها بايجاب وتشجعت قليلا حين سألته مجدداً:-وبتعمل أكل إيه بقى؟نظر لها بنصف عين وقد قال باسمًا:-بوفتيك، ومكرونة..افتر ثغرها عن ابتسامة وردية، وصمتت قليلا ثم عادت تسأله:-هو أنت بتصلي؟أجابها على الفور:-الحمدلله بصلي، دا أنا حتى صليت العشاء ودعيت تكوني من نصيبي وجتلك والدعوة اتحققت أهي، بس أخلص الأكل وادخل اصلي ركعتين شكر لله..تضاعفت حمرة الخجل في وجهها وحاولت أن تبدو طبيعية وهي تستطرد:-تحب أساعدك؟نظر لها نظرة اربكتها كجميع نظراته لها مع قوله:-لا أحب تدخلي تغيري الاسدال دا، لو سمحتي يعني دا بعد إذنك طبعا!انتابها الارتباك مجددا وأخبرته وهي تضم نفسها بكلا ذراعيها:-احم، أصلي بردانة شوية، يعني هو مدفيني أوي..-مدفيني اوي..؟ لا الكلام دا مش هينفع خالص على فكرة، دي كلمة تتقال في ليلة زي دي؟ إدخلي يا حبيبتي كدا بهدوء وغيري أكون أنا خلصت الأكل دا يلا يا حبيبتي ربنا يهديكي يلاكانت صامتة تفرك يديها بخجل فحقا هو يربكها ويزيد خجلها بأفعاله هذه..-يلا يا حياتي أنا عارف إنك زوجة صالحة وهتسمعي الكلام..قال ذلك وهو يقوم بتصفية اناء المعكرونة في المصفاة المخصصة، وبالفعل اتجهت سماء إلى الغرفة مرة ثانية كي تفعل، تاركة إياه يضحك باستمتاع..عادت بعد قليل وهي في كامل برائتها وأنوثتها الطاغية خاصة عندما ارتدت منامتها الحريريه ذات اللون الوردي كما عقدت شعرها للأعلى الذي راحت خصلاته تتدلى على جانبي وجهها الدائري..التفت سالم إليها ومنحها نظرة انبهار شديدة وتشكلت على ثغره ابتسامة شقية عابثة، لقد أعجبته هذه المنامة رغم أنها بأكمام طويلة لكن لا بأس هي تليق بصاحبتها للغاية..أخذ يقترب منها بتمهل وتبتعد هي ببطء، أمسك بها وحاوطها بذراعيه قائلا بمزاح:-أقسم بالله ملبن!ثم طبع قبلة هادئة على جبينها المتعرق من فرط خجلها، وراح يتابع:-قمري..ثم تركها وعاد سريعا إلى صلصة الطماطم التي كادت تحترق على النار، فأطفأ النار سريعا وسكب عليها المعكرونة وقام بالتقليب، ثم قال بحماس:-البوفتيك خلص وادي المكرونة كمان بس ممكن تيجي تدوقيها وتقوليلي ملحها مظبوط ولا؟أومأت برأسها موافقة وذهبت إليه على الفور فمد سالم يده إلى فمها بالملعقة، فتحت فمها قليلاً كي تتذوقها لكنه مازحها كعادته وتناولها هو ضاحكا، فضحكت وهي تنظر له بغيظ وكادت تنصرف إلا أنه قبض على رسغها وقال من بين ضحكاته:-قلبك أبيض تعالي دوقي.-طب هات المعلقة أنا هدوق بنفسي..-لا ما بيصير يا حياتي لازم أنا اللي أدوقك بنفسي، يلا همممم يا جمل..
نوفيلا أحبك و حسب للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع والأخيركالورد أنت والراء تاء كالورد أنت مع حذف الراء لقد كان منذ الأمس فقط غريبا عنها..وفي صبيحة هذا اليوم الموالي هو أقرب الناس إلى قلبها، استطاع بالمودة والرحمة فقط أن يستحوذ على قلبها ويجذبها نحوه، كانت تدابير في علم الغيب يجهلها كلاهما، تقابلا معا في وقت ما بلا موعد ودون قصد منهما فتبدأ حكاية تغلفها الانسانية فحسب. فتحت عينيها بتثاقل وقد تقلبت في الفراش إلى الجهة الأخرى فانصدمت حينما رأته بجوارها ونهضت جالسة على الفور وهي تبتلع ريقها.البارحة كانت أجمل ليلة مرت عليها في حياتها لقد تذكرت، وهكذا شعرت وابتسمت بود وهي تتأمل تفاصيل وجهه الرجولية، قربه منها يربكها ويقلب كيانها ولكن لا بأس في ذلك ابدا كيف لطبيب مثله أن يتزوج فتاة مثلها؟ من حيث الفارق في كل شيء، عدم وفق في الطبقة أولا والتعليم ثانيا فهي لم تكمل دراستها بعد، وكان هذا سؤالها له بالأمس، ولم تكن تتوقع رده حين قال:.- يمكن معاكي حق في اللي بتقوليه بس الحاجات دي مقدور عليها ينفع تكملي تعليمك عادي جدا لو حابة لكن أنا شوفت فيكي حاجة مش موجودة في متعلمين كتير وأغنيا كتير، «قلبك»! روحك، بساطتك طيبتك خجلك كل دا أنا ملقتهوش قبل كدا غير عندك أنت!فردت عليه:-بس دا مش معناه إن كل اللي في الطبقة بتاعتكم مش طيبين وكويسين..-أكيد طبعا، بس زيك أنت مافيش ودي وجهة نظري أنا بس، أنت عاوزة إيه دلوقتي؟ ضحكت برقة وقالت:-مش عاوزة حاجة أنا بس كان عندي فضول أعرف أنت بتفكر إزاي، أي حد مش هيتقبل علاقتنا وزواجنا أصلا..-أي حد يروح ينام أصلا مش ناقصة الحكاية وجع دماغ في الحقيقة، وبعد ذلك لم تستطع الحديث مرة أخرى حيث اصطحبها معه إلى عالم آخر نهضت عن الفراش ببطء كي لا توقظه الآن وتوجهت إلى الحمام كي تغتسل وتتوضا ثم تقوم بتأدية الصلاة، ثم بدأت في إعداد طعام الفطا لم.لأول مرة دون امر من أحد وإهانة من عمها وزوجته، دون ضغط وصياح ودون التعدي عليها أيضا، تنهدت بارتياح وشرعت في الإعداد بحب وهي تدندن بخفوت، وما إن انتهت ذهبت إلى الغرفة وهي تحمل كل شيء قامت بصنعه على الصينية، ثم وضعتها جانبا وذهبت إلى المهمة الأكبر وهي ايقاظه، راحت تضع يدها على كتفه في رقة وهي تنطق اسمه، استجاب لها بعد بضعة دقائق وما إن فتح عيناه حتى قال عابسا:-إيه دا؟-ايه؟-إيه اللي بيحصل دا؟-إيه خير في إيه!-فيه قمر بيتكلم، أول مرة أشوف قمر بيتكلم! أشاحت بوجهها وهي تضحك قبيل أن ترمقه بنظرة مغتاظة، ثم قالت متنهدة:.-الفطار جاهز..-تسلم ايديكي الحلوين يا حبيبتي، تورد وجهها خجلا وهي تعدل صينية الطعام بينما يصلها صوته ضاحكا:-طب قوليلي انت اللي حبيبي بحبك أي حاجة من دي يعني! سعلت قاصدة ذلك كي تتهرب من محاصرته هذه، في حين نهض هو مقتربا منها وراح يقبل جبينها بهدوء تم يخبرها:.- هنروح زيارة النهاردة القصر مش عاوزك تقلقي من حاجة بابا وماما ناس طيبين وهتاخدوا على بعض على طول إن شاء الله، هزت رأسها موافقة في صمت وجلست معه يتناولا الطعام وبالطبع لم يمر هذا الوقت دون مزاحه المستمر وغزله الصريح، ولاحقا، عندما استقل معها السيارة وانطلق بها في طريقه إلى بيت عائلته..نظرت له سماء بهدوء وسالته:-ممكن تحكيلي عن مراتك، الله يرحمها؟ ابتسم سالم كعادته عندما يحادثها لكن هذه المرة كانت ابتسامة حزينة بينما يخبرها ببساطة:-كان فيها منك على فكرة، مش في الشكل في الروح عارفة؟ لآخر يوم كانت بتتكسف مني يك كدا، لم- عشان كدا اتجوزتني؟ نظر لها رافعا أحد حاجباه مع قوله:-مش فاهم قصدك..- عشان يعني شبهها في الروح..-ولو، فيها مشكلة؟ حركت رأسها نافية وصمتت، ليقول هو:.-أنت إنسانة وهي إنسانة تانية هي ماتت خلاص بس هفضل ادعيلها لحد ما أموت أنا الله يرحمها هي وبنتي واموات المسلمين..-آمين يارب ويرحم بابا وماما..تنهد مبتسما من جديد حين قال:-كمان هفضل أدعي إنك تبقي جنبي لآخر نفس فيا، وإن يكون يومي قبل يومك عشان مش هقدر أستحمل مرارة الفراق تاني بادرت تقول بلهفة:-بعد الشر عنك متقولش كدا، ثم لأول مرة التقطت يده بين كفيها وضغطت عليها مع قولها:.-دا أنت بقيت كل حاجة في حياتي ومش عارفه لو مكنتش ظهرت كان إيه اللي هيحصلي، شكرا ليك ولكل حاجة عملتها عشاني، أخذ يدها ورفعها إلى فمه وراح يقبلها بحب وقد قال: شكرا ليكي أنت كمان عشان نورتي حياتي، ممكن أسألك سؤال؟-لأ خليها شوية كدا مش ورا بعض..ضحكت بمرح وهي تنظر من نافذة السياره فقال لها:- اسألي-إزاي قادر تعيش بالبساطة دي وقادر تضحك وتجبر بخاطر الناس وتساعدهم واللي يشوفك ميقولش أبدا إنك مريت بالحزن دا، اللي يشوفك هيقول إنك اسعد إنسان في الدنيا، حرك رأسه موافقا على كلامه مع توضيحه لها:.-لأن بعد ما أبكي على اللي فات إيه اللي هيحصل هل هيرجع؟ ولما أعيش مكتئب هخلي اللي حواليا برضوه مكتئبين هخليهم عايشين وشايلين همي وليل ونهار بيفكروا، وعشان لما ارضى بقدر ربنا ربنا هيراضيني، واهو الحمدلله رضاني وأنا دلوقتي مبسوط وأسعد واحد في الدنيا فعلا، وفي نظرة إعجاب منها قالت:-ياريت كل الناس تقدر تعمل زيك، وتمى أكون أنا كمان زيك..-أنت بقيتي مراتي خلاص يعني أنا أنت وأنت أنا فهمتي حاجة؟ ضحكت ببراءة:-فهمت كل حاجة.-الحمدلله، وأدينا يا ستي وصلنا القصر، ترجلا من السيارة بعدما صفها، أمسك يدها بعد ذلك واتجه بها إلى الداخل، أخذت سماء تتلفت حولها بانبهار تام مما تراه هناك حيث الحديقة ذات المساحة الهائلة بأشجارها وأزهارها وهوائها الطلق، يفتح الباب لهم بواسطة الخدم وتمر معه إلى بهو القصر حيث الأثاث الراقي والديكور الرائع ٠. شعرت بريبة عندما كان يهبط والده الدرج ويقول باتزان:-حمدلله على السلامة يا دكتور..-الله يسلمك يا بابا..هكذا قال سالم وهو يهم بترك يدها لكنها تمسكت بها بقوة، فضحك والده عندما شاهد تصرفها ذاك، ليقول باطمئنان:-متخافيش يا بنتي نورتي البيت ابتسمت له سماء وردت بحياء:-منور بحضرتك..-اومال ماما فينب-فوق في اوضتها، اطلع لها وأنا هستنى هنا مع سماء يلا، هز سالم رأسه موافقا وقال ممازحا قبل أن ينصرف:.-خلي بالك منها، أنا بقول أهو! هنا امتي من انصرف سالم ضاحكا بينما اصطحب السيد عامر سماء معه حيث الصالون وجلس معها، وبدأ بالحديث معها كي يجعلها تطمئن أكثر...وبينما كان سالم يصعد الدرج تقابل مع نهال التي نظرت له بغيظ وقالت بطفولية:-حمدله على السلامة، بقى كدا تتجوز من ورانا وتسيبنا وتمشي ليه عملت كدا. ششش بس يابنتي إيه بالعة راديو على الصبح ما تهدي، نهال.-خالتو زعلانة منك وعمرها ما هتسامحك أصلا، سالم بنفاد صبر:-ماشي يا بوتاجاز اطلعي أنت منها بس واخفي من وشبي ٠. نهال وقد رمقته بغيظ:.-اتغيرت يا أبيه سالم، أنا نازلة أشوف اللي غيرتك دي شكلها إيه! وفيها إيه أحسن مني أصلا إإ سالم وقد رفع حاجبه:.-يا بنت أنت عيب كدا، دا أنت قد عيالى يخربيت-أنا نازلة اشوفها..-خدي بس تعالي هنا تعالي، قالت نهال بتأفف:-نعم عاوز إيه! سالم مهددا:-عارفة لو ضايقتيها، هز علك-والله عال يا أبيه سالم، سالم وقد أغمض عيناه بغيظ:-اخفي من قدامي، انصرفت نهال وهي تهمهم بكلمات تدل على غضبها، واستكمل سالم طريقه وهو يقول:-مجنونة وهبلة، وصل إلى غرفة والدته وطرق الباب إلى أن وصله صوتها وهي تقول بجدية:-ادخل..الفور وابتسم باتساع لكنها لأول دخل سالم على تبادله الابتسامة وقابلته بعبوس تام، اتجه مرة لم انحنى سالم نحوها وجاورها على الأريكة ثم يقبل يدها ويقول بمرح:-وحستيني والله، سمحت يا سالم أنا مش عاوزة أتكلم معاك لو-ليه بس يا أم سالم، أنا عارف فعلا إني غلطان بجد بس مكنش قدامي حل تاني والله، ردت عليه بعتاب:.-أنت ابني الوحيد عارف يعني ايه ولا حضرتك محتاج شرح؟ وبعدين ليه مكنش قدامك حل تاني هو اللي خلق البنت دي مخلقش غيرها ٢٢-لا خلق كتير، بس هي دي اللي من نصيبي حضرتك مؤمنة وعارفة يعني إيه نصيب وكل حاجة بتحصل في حياتنا ربنا بيكون رايدها لينا متلومنيش عشان خاطري وانسي اللي فات أنا جبتها معايا عشان تتعرف عليكي وتتعرفي.عليها عشان خاطري عامليها كويس هي والله طيبة جدا. قالت بغيظ:-والله؟ وأنا بقى الأم الشريرة صح! قال ضاحكا:-مين قال كدا دا أنت الطيبة والحنية كلها والله وعشان كدا عارف إنك هتحبيها وتاخديها في حضنك عشان هي يتيمة، رفعت حاجبيها معا قائلة:-يا سلام على البكش يا سلام-فكيها بقى عشان خاطري، تنهدت لقاء ونهضت عن مجلسها قائلة:.-تعالى عرفني عليها وأمري لله اومال بس لو كانت شهادة عالية ومن بيت عيلة كدا كنت عملت ايه؟-أنت عارفة إن دي اخر حاجة تفرق مع ابنك..- عارفة يا مغلبني يلا تعالى معايا..في الأسفل..كانت عيني نهال تتفحصانها بدقة شديدة وترمقها بنظرات عدائية واضحة مما جعل عامر يقول بجدية:.-نهال قومي اسأليهم كدا الغدا جهز ولا لسة، نهضت نهال بغيظ وتركتهما، ثم تتجه السيدة لقاء إلى المكان بصحبة سالم الذي راح يمسح على ذراع زوجته ويضمها إليه بحنان، ويتركها بعد ذلك تصافح والدته وتقول والدته بدورها وهي تفتح لها ذراعيها: تعالي يا حبيبتي أهلا وسهلا بيكي نورتينا، لم تتردد سماء وعانقتها ببراءة فربتت لقاء على ظهرها بحنو فهي على علم بما عانته سماء مع عمها منذ أول لقاء..تبخر خوف سماء وتوترها عندما تصرفت لقاء معها بهذا الشكل فيتنهد سالم أيضا بارتياح وهو يبتسم لها، وقد قاما والديه بعد ذلك بالترحيب بها وقد دخلت هي إلى قلبهما بالفعل ببراءتها وطيبتها التي لا تتصنعها، وفي جو عائلي تناول الجميع طعام الغداء بين مزاح وضحكات سالم، وشاركتهم الصغيرة نهال في ذلك فهي لم تجد حلا اخر الجميع قد أحبها وسالم لم ولن يناسبها أبدا فتخلت عن وهمها وبدأت تعود لوعيها، بعد الغداء وقف سالم في حديقة القصر فقد جاءته مكالمة عمل وبعدما انتهى شعر بذراعيها تحيطانه من الخلف وشفتيها تطبعان قبلة في.فابتسم والتفت لها ليجدها ترتجف خجلا وهي تنظر إلى عمق عيناه، تصرفها كان مفاجأة منها له بل قالت أيضا بهمس وهي تلتصق. له: اتسعت ابتسامته أكثر وهو يحاوط وجهها بكلتا يديه ويداعب وجنتيها بابهامه لثكمل سماء بكامل مشاعر ها:-بحبك اوي، قبل وجنتها ثم جبينها وقال:-بموت فيكي ربنا يخليكي ليا..تمتنهاية الروايةأرجوا أن تكون نالت إعجابكم