رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس والعشرون
أغلق أمير باب السيارة بعنف بعد أن أدخل أروى، ثم إلتفت ليستقل بجانبها و هو يقول بحدة: - عاجبك الي حصل ده؟. بكت من إسلوبه العنيف وغضبه ذاك، ثم دفنت وجهها بين راحتي كفيها دون أن تجيب عليه! زفر هو بحدة وضرب المحرك بيده ثم مسح على رأسه بعصبية..! رفعت أروى رأسها لتقول من بين بكاؤها: روحني من فضلك بقي، مشيني من هنا، أنا مش عارفه أنت بتزعقلي ليه أصلا!
زمجر أمير ثم هتف: يعني غلطانة ومش عاجبك كمان!، هو أنا يعني بقولك متخرجيش بره الشركة ليه؟ الحق عليا إني خايف عليكي أصلا نظرت له عقب أن أنهي جملته، ثم إبتسمت بتلقائية وهي تمسح دموعها ببراءة.. تنهد أمير بغيظ قبل أن يردف عابسا: - بتضحكي ليه دلوقتي؟ أشاحت وجهها المبتسم بعيدا حيث نظرت من النافذة قبل أن تردف بخفوت: مش بضحك!
صمت أمير وهو يريد تعنيفها مرة أخري!، لكنه تماسك إلي آن جاءت سيارة الإسعاف وحملوا ماجد ثم إنطلقوا به إلي المستشفي بينما أدار أمير محرك القيادة وإنطلق هو الآخر بسيارته.. سألته أروى بحذر: هو أنت هتروح وراه المستشفي؟ أومأ لها برأسه ثم قال بجدية: أيوة، بس الأول هنروح أنا وأنتي مشوار.. قطبت ما بين حاجباها في فضول وتابعت: مشوار ايه ده، وفين؟ أجابها بجمود: دلوقتي تعرفي، بطلي رغي بقي!
ردت عليه بتذمر: أوعي تكون هتقتلني وتخلص مني! ضحك رغما عنه بخفوت، ثم قال وهو يتابع الطريق: مجنونة أنتي يا أروى..! إبتسمت بسعادة وراحت تنظر من النافذة وهي تتنفس بعمق..!
وصلا بعد قليل إلي ڤيلا كبيرة في منطقة من أرقي ضواحي مدينة الأسكندرية.. أسرع سعيد ذاك الرجل كبير العمر بملامح مصرية بحتة.. أطلق ترحيبا وهو يقول بصوتٍ عالِ: أهلا وسهلا يا أمير بيه، ثم قام بفتح البوابة الحديدية، ليدلف أمير بالسيارة ويقف قليلاً قائلا بإبتسامة: إزيك يا عم سعيد أردف سعيد مبادلا إياه الإبتسامة: الحمدلله يا بيه..
ترجلا الاثنين من السيارة، بينما إتجهت أروى إلي أمير وقالت بتعجب وإستغراب: ايه ده، احنا فين؟ إبتسم قائلاً بصوتٍ أجش: تعالي معايا! دلفا سويا إلي الداخل يتبعهما سعيد الذي فتح الباب الخشبي الكبير بالمفتاح الخاص به.. ما إن دلفت أروى حتى إنبهرت من ذاك المنظر والأثاث الراقي الفخم الموجود داخل هذه الفيلا، ظلت تتلفت يميناً ويساراً بإندهاش إلي أن قال أمير بجدية: أخبار الڤيلا إيه يا عم سعيد.
سعيد مجيبا بهدوء: كله تمام وعامل النظافة بيجي على طول ينضف ويعمل اللازم وأنا كل يوم زي ما حضرتك شايف بحرسها.. إبتسم أمير قائلاً: تمام.. ليستكمل سعيد: تؤمرني بحاجة رد أمير بإيجاز: الأمر لله، شكرا يا عم سعيد إتفضل إنت.. خرج سعيد ف أغلق أمير الباب وإتجه إلي أروى يتأملها بعينيه المُشعتين، مازالت تتأمل المكان بإعجاب واضح في نظراتها، إلي أن آفاقت على صوته الهامس: إيه رأيك؟
نظرت له قائلة بتلقائية: جميلة أوي، هي دي بتاعتك أنت..؟ أومأ لها برأسه ثم تابع مبتسماً: اها، دي بتاعة بابا الله يرحمه المفروض اني أعيش فيها بس أنا أخدت شقة على قدي وتكون كمان قريبة من الشركة، ولما بتيجي عمتي بنعيش فيها لحد ما تسافر تاني.. تنهدت طويلا بعمق وهي تقول بإعجاب: شكلها حلو وذوقها جميل أوي.. إقترب منها وهو يقول غامزاً: دي الڤيلا الي هنتجوز فيها يا أروى..
إرتبكت بشدة قبل أن تقول بتلعثم: ن نت نتجوز ضحك قائلاً: اها، أومال يعني هحبك كده من غير جواز؟ توردت وجنتيها بشدة عقب كلماته التي جعلت قلبها ينتفض نفضا.. ف إقترب منها أكثر وهو يقول بمرح: طب تعالي أفرجك على باقي الڤيلا بقي.
سارت معه وهي تضع يدها على صدرها الذي أخذ يعلو ويهبط سريعاً، شعور من نوع آخر جديد عليها تماما، سعادة وحب وفرح، أقسمت في نفسها أن لا تتخلي عن ذاك الأمير مهما حدث ستظل تتمسك به بكُل ما لديها من قوة حتى حين يعلم كذبتها، هكذا وعدت نفسها وأقسمت!
شعرت سهيلة وكأن خنجر إنغرز في قلبها، إنها تنزف دون أن يشُعر بها أحدا، ظلت تتساءل بنحيب، لماذا لم يتركوني أهرب من تلك المعاناه! مسحت دموعها العالقة على وجنتيها وهي تشعر بالضياع والتحطم، أنها مُجبرة الآن على العودة مرة ثانية، وإلا ستنتهي هي وشقيقتها! ف قررت البقاء حتى تأتي وتسرد عليها ما حدث!
- ها عجبتك الأوض والجنينة؟ أردف أمير بهذه الجملة وهو يتطلع إلي أروى التي قالت بسعادة: عجبتني أوي أوي إبتسم بإتساع ثم قال مازحاً: ايه رأيك نِبات هنا النهاردة شهقت بخفوت وهي تقول بخجل: ايه الي أنت بتقوله ده ضحك عالياً ثم قال من بين ضحكاته: بهزر يا رورو، متبقيش حمقية كده ضحكت هي الأخري ثم قالت هادئة: بس أنا إرتحت أوي للڤيلا دي بجد، حاسة براحة نفسية غريبة أول مرة أحس بيها.
أردف بجدية: خلاص خليكي هنا على ما أروح أشوف الزفت ماجد ده ايه حكايته وأجيلك وبعدين أروحك، طالما مرتاحة هنا... صمتت قليلاً، ثم إبتسمت بحماس وكأنها تذكرت شيئاً ما، ثم قالت بإيجاب: موافقة! أردف أمير بعدم تصديق: بجد؟ أومأت رأسها بإبتسامة، فإبتسم لها وقال: تمام، هقضي المشوار وأجيلك تكوني أنتي بقي شبعتي من الڤيلا براحتك، أنهي جملته بغمزة من عينه، ثم إتجه إلي الباب فركضت خلفه تقول بمرح: هو في أكل هنا؟
رفع حاجباه ثم قال بتساؤل: أنتي جعانة ولا إيه؟ أومأت برأسها وهي تقول: اه منحها نظرة حانية ثم تفوه بصوت خافت: هجبلك أكل وأجي حركت هي رأسها سريعاً وهي تقول بإعتراض: لأ بليز متجبش، هو أنا ممكن أطلب من عم سعيد يجبلي أكل؟ قال بإستغراب: اه ممكن، بس ليه مش عاوزاني أجبلك أنا؟ ردت عليه مبتسمة: معلش عشان متتأخرش بقي وكمان سبني على راحتي ممكن؟ مط شفتيه بإستنكار ثم قال بتذمر: أوك على راحتك.
ضحكت وقالت بتلقائية: متتأخرش عليا أومأ لها برأسه ثم خرج متجها إلي البوابة الرئيسية، وإستقل سيارته بعد أن أوصي سعيد عليها وآمرهُ بتنفيذ طلباتها..! خرجت أروى بعد أن تأكدت أنه إنصرف بسيارته، لتتجه إلي سعيد قائلة بحماس: ممكن أطلب منك طلب يا عم سعيد؟ رد سعيد: طبعا إتفضلي.. تنهدت قبل أن تقول بجدية: هو في اكل في المطبخ الي جوه ده؟ أردف سعيد: هو في مكرونة اكياس ورز وصلصة وحاجات معلبة بس.
إبتسمت أروى قائلة: حلو، طيب ممكن يا عم سعيد تشتري فراخ ولحمة مفرومة ضروري.. سعيد مبتسما: حاضر من عنيا ثم إنصرف لتهتف أروى بسعادة: متتأخرش يا عم سعيد.
كان يقود السيارة ويشرد فيها كُلما تذكر ضحكاتها، بكاؤها، عينيها، عنادها، براءتها، يبتسم دون وعيٍ منه، لا يعلم كيف ومتي أحبها بهذا الشغف! خطفت قلبه في مدة ليست بطويلة، وهذا الشئ يتعجب له لكنه سعيد، سعيد للغاية وهذا ما كان يشعر به خاصةً إذا تطلع إلي عينيها الجميلتين.. آفاق من شروده على رنين هاتفه ليلتقطه ويُجيب على المُتصل: - إرغي!
ضحك زياد قائلاً بمرح: ايه الوش الخشب ده، هي دي ازيك يا زياد، وحشتني يا زياد شاركه أمير ضحكاته وهو يقول: طب إنجز وهات من الآخر عشان مش فايقلك غمز زياد بعينه قائلاً بمكر: ليه المُزة معاك أمير بجدية مُصطنعة: متقولش عليها مزة وإحترم نفسك يا زياد هقتلك رد عليه مازحا: خلاص يا عم الحمش آسفين، قولي بتهبب ايه دلوقتي، آآ قصدي بتعمل ايه؟ أجابه بإيجاز: عندي مشوار كده.
عقد زياد حاجبيه وهو يقول بفضول: على فين أوعي تعمل أي مصيبة عشان أنا مش هقدر أتخانق أنا تعبان وحيلي مهدود الله يكرمك ضحك أمير قائلاً بغيظ: حد قالك أن دمك سكر يا زياد؟ زياد ضاحكا بثقة: كتير طبعا، يابني أنا عسل أصلاً أمير بغيظ: طب إنجز يا سكر بدل ما أقفل في وشك السكة زياد مسرعا: لا لا، أوعي تقفل، كنت هسألك هتيجي معايا المطار بكرة ولا لاء أمير بتأكيد: اه طبعا إن شاء الله.
إستكمل زياد حديثه بهدوء: إحم، وكمان بالمرة أعرفك على خطيبتي أمير بإندهاش رافعا أحد حاجبيه: ايه! أنت خاطب؟ زياد بخفوت: ايوه، أنا مجبتش ليك سيرة عشان كنا متخاصمين وأنا كنت بعاقبها أمير ضاحكا: أنت بجد مجنون رسمي يا زياد، عموما مبروك يا عم، قولي خطيبتك خوجايه ولا إيه؟، أوعي تكون من البنات المنكوشة أم شعر اصفر دي؟
قهقه زياد قائلاً من بين ضحكاته: لا ياعم مش لدرجة، هتشوفها بكرة وهتنبهر إنبهار منبهرتوش قبل كده، حاجة كده نقاوة زياد ضحك أمير عالياً: ماشي ياخويا يا بتاع الإنبهار أنت، يلا إنزل من على وداني دلوقتي! رد زياد بغيظ: تصدق ياض إنك غدار، تاخد غرضك مني وبعدين تقولي انزل من على وداني! ظل أمير يضحك عالياً ثم قال بنفاذ صبر: سلام يا مجنون... أغلق الخط وهو يقول ضاحكا: أخد غرضي، والله مجنون!..
وصل بعد قليل إلي المستشفي ليصف السيارة، ويترجل منها بثبات، ثم دلف ليتساءل عن ماجد فأخبروه أنه في الطابق الثالث، إتجه نحو المصعد ودلف وما أن صعد توجه إلي الغرفة، وجد الطبيب يخرج منها، فسأله بجدية: هو ايه أخباره؟ أجابه الطبيب هادئا: حالته مستقرة جدا، والجرح سطحي وممكن كمان يخرج النهارة لو يحب أومأ أمير برأسه ثم قال: تمام.
دلف بعد ذلك إلي داخل الغرفة، ثم إتجه إلي ماجد وهو يرمقه بجمود، بينما إعتدل ماجد في جلسته وهو يهتف بإبتسامة: أمير رد عليه الاخير بصوت متصلب: متجبش اسمي على لسانك فاهم! حاول ماجد أن يستعطفه إلا أنه صاح به بحدة: بقولك إخرس، أنت إزاي أصلا خرجت من السجن؟ رد ماجد بخوف داخلي: أمي قومت محامي وخرجت.
رمقه بنظرات نارية قبل أن يقول بغضب: ازاي تخرج واحنا متنازلناش عن القضية؟، أنا هطعن بالتزوير وهدخلك السجن تاني على فكرة لان ده مكانك الطبيعي! أردف ماجد في توسل: أرجوك يا أمير تسامحني، أنا والله ندمان ومعرفش إزاي عملت كده، أنا مستعد اعتذر ل أروى و... قاطعه بصرامة مخيفة: متنطقش اسمها! أومأ ماجد رأسه بحذر قبل أن يقول برجاء: أرجوك اديني فرصة، أنا مستقبلي ضاع ومبقاش عندي شغل.
رد عليه بغضب: وأنا مالي، أنت مفكر اني هصدق الفيلم الهندي الي انت عملته مع أروى ده، تبقي عبيط إظاهر انك نسيت إني أمير يا ماجد الي فاهمك كويس وعارف قذارتك، بس بجد أنا إتخدعت فيك اه كنت عارف انك قذر بس مش لدرجة يعني! هتف ماجد بدموع: والله أنا توبت وبقيت بصلي وبتقي الله، خلاص مش هرجع لحياتي القديمة دي تاني أبوس ايدك اديني فرصة..
حك أمير ذقنه وهو يرمقه بعدم إقتناع، فقال ساخرا: توبت وبقيت بتصلي وايه كمان؟ قال ماجد بجدية: بكلمك بجد صدقني أنا إتغيرت وكنت جايلك عشان اتوسل ليك وفجأة حصل الي حصل وحبيت أنقذها ظل أمير ينظر له طويلا ثم قال بحدة: ايه الأڤورة دي؟، ، وانا ايه يضمنلي إنك فعلا توبت؟ أآمنلك ازاي يعني؟ ماجد بحماس: جربني ولو صدر مني حاجه أبقي أعمل الي أنت عاوزه! صمت أمير قليلاً ثم أردف بهدوء: ماشي بس أنت عاوز مني ايه دلوقتي؟
ماجد برجاء: عاوز أرجع أشتغل معاك تاني رفع أحد حاجبيه وتابع بثبات: موافق، بس بفكرك الي يلعب معايا خسران يا ماجد، تمام حط ده حلقة في ودانك.. أنهي جملته ثم خرج سريعاً من الغرفة وتراوده فكرة ما... ليبتسم ماجد بسعادة وتلمع عينيه بإنتصار!
في شقة السيدة نعمة... قام خالد بتغير أثاث المنزل بالكامل، حيث سيقطن هو وزوجته مع والدته ولذلك بدل الاثاث بعد أن قام بتجديد جدران المنزل أيضاً وإعادة تصليح كل ما فسد...
وضعت سلمي ملابسها بعناية في خزانة ملابسها بعد أن قامت بفرش غرفة النوم بصحبة أمها وبعض الصديقات لها، تركتها كوثر بعد ذلك وهبطت إلي شقتها فإنها لم تعد تتحمل نظرات نعمة وأسلوبها الذي أصبح غليظ وكأنها أصبحت إمرأة أخري غير التي تعرفها.. دلفت شروق إبنة شقيقة السيدة نعمة إلي الغرفة تتأملها بحنق، بينما فتحت الخزانة لتتفحص ملابسها الشخصية وهي ترمقها بإستحقار..
تضايقت سلمي من فعلتها فما كان منها إلا أنها قالت بثبات: ممكن تطلعي برة أوضتي عشان هقفلها! صاحت بها شروق قائلة بغضب: إنتي بتطرديني من بيت خالتي؟، أنتي فاكرة نفسك ايه! ردت الأخيرة بزمجرة: فاكرة نفسي صاحبة الأوضة دي، وأنتي ملكيش أي حق تدخليها ودلوقتي تطلعي برة بقي! توجه خالد إليهما بعد أن علت أصواتهما ليقول بحدة متساءلا: في ايه؟
أجابته شروق بعصبية: إسأل البتاعة الي هتتجوزها دي، آل ايه بتطردني من بيت خالتي! رفع خالد أحد حاجبيه قبل أن يقول بغضب: بتاعة؟، دي مراتي مش بتاعة وعيب تتكلمي بالإسلوب ده يا شروق! زفرت بضيق وتابعت بغيظ: والله؟ وبالنسبة لأنها بتطردني ده يبقي ايه، مش عيب نظر خالد إلي زوجته ثم تابع في هدوء: أنتي طردتيها يا سلمي؟
أجابته سلمي، وهي تنظر إلي شروق بتوعد: لأ مش طردتها يا خالد، أنا قولتلها إطلعي برة الأوضة وبس، عشان دي تخصني أنا مش هي عشان تقلب في هدومي بالطريقة دي! صاحت نعمة التي آتت من خلف إبنها: هو أنتي هتتحكمي في البيت من أولها ولا إيه، لاء لم مراتك يا خالد وقولها أن ده بيتي ودول أهلي والكلمة كلمتي أنا هنا!
مسح خالد على وجهه ثم أردف بجدية: هي لا تحكمت ولا حاجة يا ماما، محصلش حاجة للكلام ده، ، ثم وجهه حديثه لإبنة خالته: إتفضلي يا شروق اخرجي عشان أنا الي هقفل الأوضة! تحدثت نعمة بلهجة آمرة: لأ، لازم مراتك تعتذر ليها الاول! ردت سلمي بغضب: أنا لا يمكن أعمل كده أبدا طبعا! صاحت نعمة: شايف مراتك بتكلم ازاي يا خالد؟ أردف خالد بنفاذ صبر: قولتلك يا ماما حصل خير والاتنين غلطانين ومفيش حد هيعتذر كبري دماغك بقي.
نعمة بتصميم: لأ هتعتذر يعني ه... قاطعها خالد بحزم: سلمي مش هتعتذر يا ماما، يلا يا سلمي أخرجي... خرجت سلمي وهي تمسك بيده بينما صرت نعمة على أسنانها قائلة في وعيد: طيب يا خالد ماشي.
عاد أمير إلي الفيلا بعد مرور ساعة ونصف من الوقت.. صف سيارته وترجل منها بهدوء ثم توجه إلي الباب ليفتحه بالمفتاح ويدلف إلي الداخل.. ما إن دلف حتى إستنشق رائحة طعام نفاذة إخترقت أنفه، ليرفع حاجبيه بتعجب ويردف بخفوت: ايه الريحة دي! إتجه إلي المطبخ ليجد أروى تخرج منه وتحمل الصحون الممتلئة بالطعام الشهي.. إبتسمت وهي تقول بخجل ممزوج بالتوتر: حمدالله على السلامه.. سألها بإندهاش: ايه ده؟
أجابته وهي تسير للأمام: ده أكل، انت شايف ايه يعني.. وصلت إلي الطاولة، ثم وضعت الصحون عليها بعناية وعادت إلي المطبخ مرة ثانية وسط ذهول أمير الذي قال: انتي الي عملتي الأكل ده! أومأت له برأسها وهي تخرج من المطبخ وتعود إلي الطاولة مرة ثانية لترص بقية الاطباق حيث طهت فراخ، ومكرونة بإضافة اللحم المفروم والبشاميل، ليتجه أمير نحوها وقد إبتلع ريقه بشهية وهو يتطلع إلي الطعام بإبتسامة إرتسمت على ثغره..
لتردف أروى بخجل: أنا بصراحة حبيت أعملك مفاجأة، قولت أنت أكيد مش بتاكل أكل بيتي، فحبيت أعمل حاجة خفيفة كده.. إتسعت إبتسامته وهو يجلس على المقعد قائلاً بمرح: بصراحة فاجئتيني جدا وأنا أصلا جعان، تسلم ايدك لحقتي تعملي كل ده إمتي جلست على المقعد المجاور له ثم قالت بابتسامة: عادي الأكل مش بياخد وقت كبير، يلا دوق وقولي إيه رأيك..
سمي أمير بالله قبل أن يغرز الشوكة في صحن المعكرونة، ثم تناولها بفمه ليعبس بوجهه ويقول بجدية مصطنعة: ايه ده.. إتسعت عيني أروى قائلة: ايه؟! ضحك أمير قائلاً بمرح: جميلة جدا..! تنفست بإرتياح وهي تتابع: خضتني أوي ضحك ثم شرع في تناول الطعام وأخذ يلتهمه بنهم، مما زاد أروى سعادة وهي تتابعه بعينيها، يتلذذ بطعامها الذي فعلته ل أجله وكأنها أضافت له القليل من حبها ليصبح له مذاق خاص!
ظلت تطلع إليه وهو يأكل بنهم إلي أن نظر لها قائلاً في هدوء وهو يبتلع الطعام: بتبصيلي كده ليه ضحكت بخفوت وقالت: كُل على مهلك.. قطب جبينه وتابع بمزاح: هتعدي عليا اللقمة ولا إيه يا رورو حركت رأسها نافية وقالت: لا طبعا بألف هنا، ، بس شكلك يجوع وأنت بتاكل أصلا وأنا مش عاوزة اأكل كتير عشان متخنش ضحك قائلاً من بين ضحكاته: لو تخنتي هصرف نظر عن الجواز أصلا إتسعت عينيها بصدمة وتابعت: ايه، بجد.
أومأ لها وهو يلتقط الطعام بشهية , فزفرت أروى وعبست بوجهها، فنظر لها ليغمز قائلاً: بهزر، أصلي أنا بحب بقلبي يا أروى مش بعيني.. نهض ما أن أنهي جملته قائلاً: الحمدلله نهضت أروى قائلة بتذمر: ملحقتش تاكل قال بهدوء وهو يتجه إلي الحمام: أنا مكلتش في حياتي زي ما كلت النهارده، بس أنا سريع في أكلي، تسلم إيديكي..
إبتسمت بسعادة ولملمت الصحون ثم وضعتها في المطبخ، لتتجه إلي الحمام وقد أمسكت بالمنشفة ووقفت تنتظره حتى إنتهي من غسل يداه... توجه خارج المرحاض لتمد يدها له قائلة بمرح: إتفضل يا سي السيد ضحك ثم قال غامزاً: سي أمير بقي، ثم تابع بفضول: ألا قوليلي صحيح ايه حكاية أميري دي الي قولتهالي في الشركة؟ أجابته بخجل قائلة بصوت منخفض: عشان أنت فعلا أميري..
أنهت جملتها وسارت سريعاً من أمامه ليبتسم بحب ويردد الكلمة وكأنه يتذوقها: أميري..
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع والعشرون
تعرفي يا أروى، أنا حاسس بدفئ عمري ما حسيته من يوم ما ماتوا أهلي.. أردف أمير بتلك الكلمات موجها حديثه ل أروى التي إبتسمت له بخجل.. إستكمل هو هادئا: مجرد دخولك في البيت نورتيه وبقي فيه روح.. ردت عليه مبتسمة: وأنا كمان حبيت المكان وحسيت بالدفئ ده! أضاف تلقائيا: يبقي لازم نتجوز على طول.. نهضت أروى وقالت بهدوء: إن شاء الله، يلا بقي أنا لازم أروح دلوقتي، إتأخرت أوي.
نهض هو الآخر قائلاً بمزاح: برضو مصممة متباتيش، عموما بكرة تباتي غصب عنك! توردت وجنتيها سريعاً، ثم سارت بخطوات سريعة صوب الباب وسط ضحكاته المرحه التي تُزيدها خجلا وحُبا.. إستقلا السيارة وإنطلقا بها، ساد الصمت للحظات، ، إلي أن قالت أروى مُتسائلة: هو ايه الي حصل مع ماجد، وإزاي خرج من السجن أصلا؟
أجابها مردفاً: بيقول إن أمه قومتله محامي، وإن هو ندمان وتاب وعاوز يرجع يشتغل معايا، بس أنا مش مقتنع وشكل نيته مش سليمة! تابعت أروى بجدية: أنا كمان مش مستريحاله ومعرفش هو طلعلي منين أصلاً إستأنف أمير حديثه: أنا شاكك إن حد زقه عليا أصلا!، بس لو طلع ده صح يا ويله إزدردت أروى لعابها بريبة ثم قالت بخفوت: يا تري مين الي ممكن يزقو عليك؟ أجابها بثقة: مفيش غير سامي، محدش غيره بيحقد عليا.
أغلقت أروى عينيها وأخذت تتنفس سريعا بتوتر، لتردف بإرتباك: مين سامي ده.. نظر لها قائلاً بثبات: الي عرفتك عليه ساعة ما كنا في شركة *****، راجل مستفز ومش محترم، وديما باصص للي في إيد غيره، ف ممكن يكون إتفق مع ماجد عليا، ماهو مفيش أقذر من ماجد عشان يسمع لكلام سامي.. شعرت أروى أنها ستختنق فجأة، ف كلامه أصابها بوخزة في قلبها، بالتأكيد إن علم ستكون هي أقذر ما رأت عينه، وهذا ما راحت تُفكر فيه..
سمعت صوته القلق: مالك يا أروى؟ إبتسمت وهي تهز رأسها بتوتر: مفيش حاجه، بس دوخت شوية أردف بتساؤل: طب أركن على جنب؟ حركت رأسها نافية: لأ مش مهم، ، ثم تابعت بحذر: يعني انت هترجع ماجد الشغل؟ أومأ برأسه قائلاً بجدية: اه، مُضطر أرجعه بس عشان أعرف ناويلي على ايه.. صمتت أروى وقلبها يخفق بعنف، يريد الصراخ والبوح بما فيه من آلام، يريد أن يرتاح من ذاك العذاب ولكن كيف؟ أنا خائفة، خائفة وبشدة!
قاطع أمير صمتها ذاك حين قال مبتسمآ: تصدقي الواد زياد طلع خاطب! رفعت حاجبيها بإندهاش، وتابعت: بجد؟ أومأ بتأكيد: اه، وخطيبته هتيجي بكرة مع عمتي.. شعرت أروى بالحزن، فقد كانت تتمني لو أنه ينتشل شقيقتها من ذاك المرار ولكن القدر له رأي آخر وليس كُل ما نتمناه يتحقق، فربما القادم أجمل... قالت بتنهيدة عميقة: ربنا يسعدهم..
ساد الصمت بينهما بعد ذلك إلي أن وصلا إلي المنزل فترجلت أروى من السيارة قائلة بإمتنان: شكرا على اليوم الحلو ده، من أحلي اوقاتي فعلا رمقها بنظرة حانية عاشقة ل أول مرة تراها في عينيه، ثم قال هامساً: أنا الي سعيد باليوم ده والأكل الحلو الي عملتيه تسلم ايدك يا أروتي.. إتسعت إبتسامتها، وهي تقول مُستغربة: أروتي!، أول مرة حد يقولي كده بادلها الإبتسامة، ثم قال مازحاً: أحسن برضو، عشان تبقي أروتي أنا بس..
تنهدت بسعادة وهي تتطلع إليه بخجل فقال وهو يُدير محرك القيادة: يلا إطلعي، تصبحي على خير.. قالت بحب: وأنت من أهله.. إنصرف أمير لتصعد أروى إلي الاعلي، فتحت الباب وولجت إلي الداخل لتبحث عن شقيقتها وهي تهتف: سهيلة.. آتاها صوت سهيلة الحزين وهي تخرج من الغرفة تقول: حمدالله على السلامه يا أروى.. إتجهت إليها أروى، ثم قالت بقلق: في ايه يا سهيلة؟
إنسابت العبرات من عينيها لا إرادياً وهي تتطلع إليها في صمت، بينما خفق قلب أروى بخوف وتابعت: في ايه يا سهيلة اتكلمي مالك بتبكي ليه؟ أجابتها بصوت باكي مُتألم: سامي نصبلي فخ يا أروى وأنا بكل سهولة وقعت فيه.. قطبت أروى ما بين حاجباها وتابعت في توتر متسائلة: ازاي قوليلي؟ قصت سهيلة على شقيقتها ما حدث، حتي إتسعت عينيها قائله في صدمة: الواطي الحقير، ربنا ينتقم منه..
تحدثت سهيلة بقلة حيلة ؛: أنا مضطرة أرجع تاني يا أروى حركت أروى رأسها بعنف وهي تتابع بعصبية: لأ، لا مترجعيش للنار تاني برجليكي يا سهيلة، أرجوكي متسمعيش كلامهم! أردفت سهيلة ببكاء: والصور بتاعتي؟ وأنتي؟، أنتي يا أروى لما أمير يعرف الحقيقة؟ قوليلي ايه الحل أنا خلاص يأست وفقدت الامل في كل حاجة! إنهمرت العبرات من عيني أروى لترتمي على الأريكة باكية بمرارة!
ثم صاحت من بين بكاؤها: ليه، ليييييييه كل ده يحصلنا ليه هو احنا مش بني آدمين لينا مشاعر وبنحس، ليه الدنيا معاندة معانا ياربي أنا تعبت تعبت، خلاص مش قادرة إختلطت دموع الأختان، وكلا منهما تتألم وقلبها يتمزق، ، معاناه، عذاب، ضياع، هذا ما تشعرا به الأثنتين..
هدأت سهيلة قليلاً وهي تمسح عبراتها ثم قالت بجمود: أنا لازم أرجع، لازم، لو مرجعتش إحنا الاتنين هنضيع يا أروى، لكن لو رجعت على الأقل هسكت سامي من ناحيتك، وأنتي المهم، أنتي الي لازم تعيشي، أنا خلاص مش مكتوبلي أنضف يا أروى.
إندفعت أروى نحوها ثم عانقتها بقوة لتقول من بين بكاؤها المرير: لا يا سهيلة، متسبنيش وتروحيلهم، أنا خايفة، خايفة أوي متسبنيش لوحدي، أبوس ايدك متمشيش أنا عاوزاكي معايا، عاوزاكي تنضفي وتعيشي حياتك أرجوكي ربتت سهيلة على ظهرها بحنان، ثم قالت بهدوء: نفسي، نفسي يا أروى، بس أعمل إيه نصيبي وقدري كده..!
قالت أروى بإصرار: تعالي نفكر في أي حل، فكري معايا ممكن نلاقي حل للورطة، تعالي ننام دلوقتي وبكرة نشوف هنعمل ايه، ماشي أومأت سهيلة رأسها بيأس وقالت: ماشي..
في صبيحة اليوم التالي.. نهضت أروى بحذر حتى لا تفيق شقيقتها، ثم إتجهت إلي المرحاض لتغتسل، ومن ثم إرتدت ملابسها حتى إنتهت وتوجهت خارج الشقة بهدوء.. إستقلت بعد ذلك سيارة أجري، عازمه في نفسها أن تذهب لشركة سامي.. بالفعل بعد ما يقارب الساعة وصلت إلى هُناك، ثم ترجلت ودلفت صاعدة للأعلي.. ما أن رأت هدي السكرتيرة حتى رمقتها بإستحقار، ثم إقتربت منها قائلة بحدة: عاوزة أقابل سامي، بلغيه إني هنا!
رمقتها الأخيرة بنظرات ساخرة، ثم قالت بإستفزاز: أنتي خرجتي من السجن إمتي يا حبيبتي..؟ لوت أروى فمها بتهكم قبل أن تردف بثبات: بُكرة الي عملتي فيا يتعمل فيكي، متستعجليش، ده كاس وداير.. نهضت هدي بلا مبالاه ثم دلف إلي مكتب سامي حتى تُخبره بحضور أروى.. خرجت بعد ذلك قائلة بإستخفاف: إدخلي! ولجت أروى إلي المكتب على مضض، بينما إبتسم سامي، وأردف في تساؤل: يا أهلا، أقول مبروك، خلاص جبتيلي الملف؟
رمقته أروى بحدة ثم جلست على المقعد المقابل، وقالت بثبات: أنا جيت أقولك إني فشلت في الموضوع ده، ومش هقدر أبدا أخون أمير مهما حصل، فرجاءاً تنساني وتطلعني من دماغك بترجاك تبعد عني.. صاح بها سامي بغضب: نعم؟ بعد كل ده جاية تقوليلي فشلت، لا بقولك ايه إحذري مني.
حاولت أروى إستعطافه حيث قالت بتوسل: أرجوك، أرجوك إفهمني أنت لو عندك بنت او اخت ولا حتى أم، تقبل حد يعمل فيها زي ما انت بتعمل فيا أنا وأختي؟، إحنا عملنالك ايه لكل ده!
صر سامي على أسنانه ثم هتف بحدة: بقولك إيه يابت أنتي، سيبك من المسكنة دي، لأني مباكلش من الكلام ده، أنسي ده أنا سامي الي محدش يقدر يضحك عليه، وبقولك لو الي عايزو محصلش هضيعك أنتي وأختك!، كون بقي انك وقعتي في غرام أمير والكلام الفارغ ده ميخصنيش!، أنا عاوز ملف الصفقة بأي طريقة مليش فيه إنفعلت أروى: ليه، ليه ما أنت ربنا مديك قد الي عنده ما تسيبه في حاله ليه باصص له ديما في كل حاجة إتقي الله.
قال بإيجاز: ميخصكيش!، الي بقوله يتنفذ، غير كده بقي متلوميش إلا نفسك حاولت أروى كتم إنفعالها، ثم قالت بإختناق: طيب لازم تديني فرصة طويلة، أنا مش هينفع أعمل أي حاجه دلوقتي، وكمان تخرج سهيلة من الموضوع ده وتديني الصور بتاعتها، يا كده ياإما قسما بالله ما هعمل حاجة.. ضحك سامي ثم قال ساخرا: بتحلمي!.
كادت أروى أن تتحدث ولكن قاطعها صوت الباب وهو يُفتح ثم تدلف إمرأة بملامح أنثوية هادئة وهي تقول بإستغراب: في ايه الي بيحصل هنا ده يا سامي؟ نهض سامي مُتجها إليها قائلاً في توتر: مفيش حاجه يا حبيبتي، دي عميلة عندي وإختلفنا بس شوية! قطبت أروى حاجبيها في فضول ونهضت لتقف قبالة هذه المرأة.. إبتسمت لها وقالت: أهلا وسهلا، أنا ناريمان، زوجة سامي أومأت أروى رأسها وتابعت بهدوء: أهلا بيكي.
بينما أردف سامي بحذر موجها حديثه ل أروى: طب إتفضلي أنتي ونبقي نتكلم بعدين... تطلعت أروى إلي ناريمان لبضعة ثوان ثم خرجت بصمت وقد راودتها فكرة ما.. ما إن هبطت إلي الأسفل، أخرجت هاتفها من حقيبتها الخاصة، ثم قامت بالإتصال على شقيقتها سهيلة.. بينما تململت سهيلة في فراشها عقب سماعها رنين هاتفها.. نهضت بتكاسل، وإلتقطت هاتفها مُجيبة بنعاس: أروى، أنتي نزلتي بدري كده ليه..
ردت أروى عليها بإيجاز: سهيلة فوقي، أنا جاتلي فكرة ولازم ننفذها، أنا عاوزاكي تكلمي حد من البنات الي في الشقة بتاعة أمك دي، وقوللها الي هقولك عليه بالظبط..
في شركة الأمير.. جلس أمير على مقعده، ثم قال بهدوء وهو يستند بمرفقيه على سطح المكتب: - عاوزك تبلغني بكل خطواته، أي حاجه متعديش عليك، فاهم؟ أومأ ذاك الشخص برأسه: فاهم يا أستاذ أمير إستكمل أمير حديثه: ركبتلي الكاميرات وجهاز التسجيل عنده في المكتب؟ أومأ برأسه، ليردف أمير: تمام، عاوزك تبقي حذر إياك يحس بيك! - حاضر أمير بجدية: يلا على شغلك..
ليستند بعد ذلك على ظهر المقعد وراح يتنهد بعمق، ثم أشعل الحاسوب ليتابع عمله..
بعد مرور نصف ساعة.. وصلت أروى إلي الشركة وصعدت لتجد كرم مُقبلاً عليها.. تأففت مجرد أن رأته، ليبتسم كرم ويقول بإعجاب: صباح الخير يا آنسة أروى.. ردت بإقتضاب: صباح الخير قال كرم بتساؤل: على فكرة أنا لسه معرفتش رأيك، أنتي موافقة عليا ولا لاء؟ تنهدت أروى قبل أن تردف بثبات: أنا بعتذرلك يا كرم، إن شاء الله تلاقي حد أفضل مني، كل شئ قسمة ونصيب..
وجدت أمير يخرج من مكتبه، فمجرد أن رأته لمعت عينيها بشقاوة كعادتها مع الأمير.. إنتظرت حتى إقترب منهما ثم قالت بإبتسامة عريضة: أنت إنسان كويس يا كرم وأكيد هتلاقي البنت الي تستاهلك، ده كفاية خفة ظلك، وكمان أنت حبوب خالص.. ما أن أتمت جملتها شعرت به يكز على أسنانه بغضب وهو يرمقها بتوعد.. سمعته يهتف بحدة: خير؟ ايه موقفك هنا يا كرم؟ أجابه كرم بحزن: ولا حاجة، عن إذنك، بعتذر ثم سار ليتركهما وإنصرف.
لتشعر أروى بقبضته على ذراعها وهو يسحبها إلي مكتبه.. تلوت بألم وقد شعرت أن ذراعها سيتحطم من قبضته الحديدية.. دفعها داخل المكتب ثم صاح بزمجرة: شكلك بتحبي تختبري صبري، وأنا أصلا معنديش صبر، يا تلمي نفسك يا أروى يا هتشوفي وش تاني مش هيعجبك سامعاني ولا لا؟ إزدردت ريقها بخوف، وحدقت بملامحه المتجهمه فإنه يتحول عندما يغضب إلي شخصا آخر.. إقترب منها قائلاً بصوت جوهري: سمعتيني؟
أومأت برأسها، ثم قالت بخفوت: وأنا عملت إيه غلط أصلا أروى، قالها بغضب وهو على وشك أن يفتك بها.. فأومأت برأسها مرة ثانية بخوف: سمعتك وعُلم ويُنفذ.. كادت أن تخرج من مكتبه إلا أنه أوقفها مرة ثانية بصرامة: راحة فين؟ أجابته بحذر: راحة أشوف شغلي مسح على رأسه وقال بجدية: إحنا هنروح المطار دلوقتي إتفضلي قدامي.. أومأت برأسها وقالت بخفوت: طيب، بس ممكن أدخل التواليت، من فضلك يعني.
أومأ لها عابسا وقال بإقتضاب: بسرعة.. فتحت الباب وكادت أن تخرج ليوقفها مرة ثالثة قائلاً بحزم: تعالي هنا.. أغلقت عينيها بنفاذ صبر وهي تحدث نفسها: يخربيت الي يهزر معاك بجد.. تراجعت للخلف ثم قالت بحذر: نعم أردف هو بتذمر: إدخلي الحمام الي هنا مش لازم تخرجي! إنصاعت له ودلفت إلي الحمام وأغلقت الباب لتلتقط أنفاسها بتوتر وتحدث نفسها..
اه يا أروى على الي مستنيكي منه، يارب ألطف بيا..! ثم إبتسمت وهي تنظر إلي المرآة: بس بعشقه، وبعشق غيرته وغضبه وجنانه.. فتحت حقيبتها بعد ذلك لتخرج منها بعض من مساحيق التجميل، ثم قامت بوضعها على وجهها ووضعت أحمر شفاه وما إن إنتهت قالت بخفوت: لازم أتشيك عشان خطيبة زياد الأمريكنيه دي، تقول علينا ايه غفر! خليها تعرف إن بنات مصر أجمل..! عدلت من هيئتها، ثم فتحت الباب وخرجت لتقول بإبتسامة: أنا جاهزة..
نظر لها أمير بقتامة، ثم قال بعصبية: ايه ده؟ رمشت بعينيها وقالت بضيق: في ايه تاني! صر على أسنانه وتابع بصرامة: قدامك خمس ثواني، تدخلي تمسحي الأرف الي في وشك ده وتيجي دبت على الأرض بقدمها بغضب طفولي وهي تهتف مُتذمرة: حرام كده، أنا مش حاطه مكياج تقيل وبعدين إحنا رايحين نجيب واحدة أجنبيه لازم أبقي أحلي منها وضع يديه في منتصف خصره، ثم قال بلهجة آمرة: بقولك إدخلي إغسلي وشك، مش عاوز مناقشة..!
حركت رأسها نافية وتابعت بمشاكسة: مش هغسله، لو سمحت سبني على راحتي.. رمقها بنظرات نارية وتابع في وعيد: أقسم بالله، هتزعلي مني، قولتلك بلاش تختبري صبري! زفرت بضيق قبل أن تردف بغيظ: ماشي ماشي.. رفع هو أحد حاجبيه وهو يُشير لها بعينيه قائلاً: يلا! إتجهت إلي المرحاض مرة ثانية وهي على وشك البكاء غيظا.. ليتنهد أمير وهو يقول محدثا نفسه: مجنونه..
إرتدي سترته ثم وقف ينتظرها حتى أصدر هاتفه رنين ليجيب بإيجاز: نازل يا زياد متصدعنيش أنت كمان! رد زياد عليه بتذمر: طب إنجز وإفرد سحنتك دي لنعمل حادثه وإحنا على الطريق الله يكرمك.. ضحك أمير رغما عنه قائلا: سلام.. خرجت أروى بعد ذلك من المرحاض، لتنظر له وتقول بحنق: مسحته.. تطلع إلي عينيها ثم قال هامسا: أهو كده، كده أحلي بكتير، ، مفيش مكياج تاني وإياكِ اشوفك في أي وقت حاطة مفهوم؟
لم تجيب عليه، بل إتجهت صوب الباب قائلة بنفاذ صبر: ممكن بقي نمشي، عشان أنت خنقتني بصراحة كتم ضحكاته، ثم إندفع نحوها قبل أن تخرج ليقول بغضب مصطنع: يعني أنا خنيق؟ أومأت برأسها وقالت بحذر: أيوة، وأنا زعلانة، زعلانة جدا.. إبتسم لعفويتها، ثم قال مراوغا: أنتي الي غلطانه، وأنا مش هصالحك..! فتحت أروى الباب وخرجت قائلة بغيظ.. - مش عاوزاك تصالحني..
ضحك بخفوت وسار خلفها حيث دلفا إلي المصعد ليهبط بهما وسط نظراته المتسليه، ليزيد من غيظها أكثر.. خرجا بعد ذلك وتوجها إلي زياد الواقف بصحبة شقيقته ماهيتاب.. هتف زياد بنفاذ صبر: ما تناملك فوق شوية كده يا حبيبي ايه منزلك دلوقتي؟ وكزه أمير وهو يقول ضاحكا: إخرس بينما زفرت ماهيتاب بحنق وهي تنظر إلي أروى بتأفف وتقول: - هو أنتي جاية معانا تعملي ايه، ده ايه البجاحة دي!
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن والعشرون
تحولت ملامح أمير إلي الغضب سريعا وهو يرمقها بحدة، ثم هتف بعصبية: ماهيتاب!. إيه الي أنتي بتقوليه ده، إتجننتي ولا إيه؟ كذلك قال زياد بعتاب: عيب يا ماهيتاب، إعتذري منها! حركت ماهيتاب رأسها بإعتراض قبل أن تردف بصوت باكي: مش هعتذر، هي إيه الي جايبها معانا مش فاهمة أنا لم تعرف أروى ماذا تفعل أو تقول فإلتزمت الصمت وهي تطالعها بإستغراب.. بينما قال زياد بغضب: ما هيتاب عيب الي بتعمليه في ايه مالك..
تركته وإستقلت السيارة، ليقول زياد بإحراج: معلش يا أروى، متاخديش على كلامها دي صغيرة ومش فاهمة بتقول ايه أصلا.. أومأت له أروى وقالت مبتسمة: حصل خير.. أشار لها أمير، حتى تدخل السيارة بالفعل دخلت وإلتف أمير ليجلس جوارها، وكذلك إستقل زياد سيارته، ليردف بحدة: أنتي قليلة الأدب يا ماهيتاب، ولما تيجي ماما هقولها على الي عملتيه ده، عشان تربيكي..
إنفجرت ماهيتاب باكية ولم ترد عليه وهي تطلع إلي أمير الذي أدار سيارته وإنصرف، ليقود زياد هو الآخر سيارته وينطلق خلفه..!
نظر أمير إلي أروى الصامتة تنظر من النافذة بضيق، تنهد قبل أن يتابع هامسا: متزعليش يا أروى حصل خير ردت عليه بخفوت: مش زعلانة ف قال بمراوغة: لأ زعلانه نظرت له وقالت بحنق: على فكرة، ماهيتاب شكلها بتحبك! صدمته الكلمة، ليعقد حاجباه وهو يقول مستغربا: بتحبني!، ايه الهبل الي بتقوليه ده يا أروى، ماهيتاب دي بعتبرها أختي وهي كمان ردت بغضب: أنت بتعتبرها كده إنما هي لأ.
مط شفتيه بإستنكار، ثم أردف بجدية: لا الي بتقوليه غلط!، وحتي لو صح أنا مليش دعوه.. عقدت أروى ذراعيها أمام صدرها وهي تهز ساقيها بضيق.. ليردف أمير رافعا أحد حاجبيه: بتغيري عليا؟ قالت بمشاكسة: لأ.. ف قطب جبينه بتذمر ثم تابع: أحسن برضو، وأنا كمان مبغيرش عليكي.. رمقته بنظرات مغتاظه، وهي تضغط على شفتيها بحنق، بينما هو نظر لها بطرف عينه حتى يثير إستفزازها أكثر..
في منزل السيدة كوثر.. تعالت أصوات الزغاريد والأغاني الشعبية، فاليوم هو حفل زفاف سلمي، وخالد.. بينما صعد ماجد بصحبة مايا ليدلفا إلي داخل الشقة ويتجه إلي والدته، قائلاً بحذر: - ماما، عاوز أعرفك على مايا.. عقدت كوثر حاجباها وهي تطلع إلي تلك الفتاة ذات الملامح الأنثوية المحددة بمساحيق التجميل وجسدها الممتلئ إلي حد ما ومما زاد إظهار مفاتنها تلك الملابس الضيقة المُلتصقة على جسدها..
لتسمع صوتها المُدلل وهي تقول: هاي طنط رمقتها كوثر بإشمئزاز، لتردف بحدة: أهلا، ثم تابعت وهي تنظر إلي ولدها بغيظ: مين دي؟ أجابها ماجد مبتسما بلا مبالاه: دي مايا، الي بحبها وناوي أتجوزها إن شاء الله صُدمت كوثر مما يقوله ماجد، فقالت حانقة: تتجوزها؟! أومأ ماجد برأسه وهو يغمز إلي مايا، التي هتفت بتساؤل: أومال فين العروسة يا طنط عاوزة أتعرف عليها.. ردت عليها كوثر بنفاذ صبر: في الكوافير!
إبتسمت مايا بحماس، ثم أردفت: أوك، حيث كده بقي لازم أعمل معاكم الواجب يا طنط.. أنهت جملتها لتتوجه إلي تلك الفتيات اللاوتي يرقصن ويتمايلن بخفة، لتشاركهن الرقص وهي تمضغ علكتها مما أثار دهشة الجميع.. لتتسع عينا كوثر وهي توكز إبنها الذي كان يُصفق لها وكأنه فخورا بما تفعله! هتفت بحدة: ايه البلوي دي، يخربيتك، أنت يابني ناوي تجبلي الجلطة!
زفر ماجد بتذمر: يا ماما في ايه بقي، أنا عاوز اتجوز وأريح، اظن هتعارضي في دي كمان! وكزته كوثر مرة أخري وهي تريد قتله من شدة غيظها منه، لتردف بغضب: أيوة هعارض، ده أنت خلاص خلتني مبقاش ليا وش، أخص عليك وعلي تربيتك.. رد عليها ماجد بوقاحته المعهودة: هتجوزها يا ماما وافقتي أو لا! ليتركها ويتجه إلي مايا.. وتقف الأم مصدومة من ذاك الذي يُسمي إبنها وسندها في هذه الدنيا!
في مطار الأسكندرية.. وقف كل من أمير بصحبة أروى وزياد بصحبة شقيقته ينتظرون مجيئ، نجاة ودارين.. لمحها أمير من على بُعد أمتارٍ تبتسم هو له بالأخص بحنان بالغ.. تلك السيدة الوقورة التي ترتدي ملابس أنيقة محتشمة.. ليبتسم بإتساع ويردف بإشتياق: عمتي.. لينتبه زياد هو الأخر وهو يهتف: ماما تقاربت المسافة بينهم لتسرع نجاة في خطواتها، وتقبل على إبن أخيها الراحل، معانقة إياه بقوة وإشتياق سنوات لم تراه..
أغلقت عينيها وهي تضمه إليها بعاطفة أموية شعر هو بها وكأنه يعانق أمه وليس عمته.. تأوهت بخفوت وهي تقول بحنو: اه، يا قلب عمتك وحشتني أوي إبتسم أمير وهو يهمس لها: وأنتي كمان يا عمتي.. لم تتركه إلا حين قال زياد مازحا: وبالنسبة للغلبان إبنك ده، هوا بالنسبالك ولا إيه؟ ضحكت نجاة وهي تتركه أخيرا وتعانق ولدها قائلة بمرح: ما أنت كنت في وشي ليل ونهار يا زيزو.. ثم عانقت إبنتها ماهيتاب بحنان..
وتقف أروى خجلة صامتة، ف أمسك أمير يدها وقربها منه وهو يقول مبتسما موجها حديثه ل نجاة: عمتي دي... قاطعته ضاحكة، وهي تقبل على أروى تعانقها هي الاخري بحنان أموي: دي أروى حبيبتك الي عاوز تتجوزها صح؟ رفع أمير حاجبيه بدهشة، ليردف بإستغراب: عرفتي منين؟! لتجيبه ضاحكة: من الواد زياد الفتان.. فضحك زياد وهو يقول بتحذير: أوعي تتغابي، هي الي سألتني على أخبارك وأنا خبصت عليك..
ضحك أمير وهو يقول متوعدا: ماشي يا زياد حسابك معايا تقل أوي.. ضحكوا جميعا، ثم قالت نجاة بإبتسامة وهي تنظر إلي أروى: عرفت تنقي يا أمير، زي القمر وحبوبة ما شاء الله ربنا يسعدكم يارب أردفت أروى بخجل: شكرا لحضرتك عبست نجاة ثم قالت بمرح: أنتي بقي هتقوليلي يا عمتي أو يا ماما وعاوزكي متتكسفيش مني ماشي؟
صممت أروى قليلاً عندما إستمعت إلي هذا اللفظ ( ماما ) شعرت بوخزه في قلبها رغم أن أمها على قيد الحياة إلا أنها لم تقول لها ذات يوم يا أمي، لقد فقدت حنانها وإتخاذها قدوة وباتت محرومة من ذاك الحنان الأموي العظيم.. آفاقت على صوت نجاة وهي تقول: ها قولتي ايه؟ أومأت أروى برأسها بخجل، ثم قالت بخفوت: موافقة، ، ليقول زياد بعد ذلك بتساؤل: فين دارين يا ماما؟ قالتلي هتنزل معاكي...
أردفت نجاة بمراوغة: جاية دلوقتي، لتنظر بعيدا وتجدها تأتي.. لتقول بإبتسامة: أهي جاية هناك أهي.. إلتفتوا جميعا حيث أشارت نجاة، ليجدوها تسير بخطوات متمهلة بوجهها البشوش وردائها الإسلامي الفضافض، حيث كانت ترتدي عباءة واسعة لونها أزرق داكن وفوقها خمارا ابيض وكأنها ملاكا في بساطتها وبشاشة وجهها وملامحها الرقيقة.. إتسعت إبتسامة زياد بإشتياق شديد وهو يراها تلوح له بيدها وخجلها ورد وجنتيها الجميلتين..
بينما إنبهر أمير بها ولم يتخيل أنها ستكون بهذا الإحتشام ولم تختلف حالة أروى عن حالته، فظنت هي أنها أجنبية سترتدي الملابس الضيقة التي تبرز مفاتن الجسد.. ما إن وصلت إليهم حتى ألقت السلام بصوتها الرقيق، ثم صافحت ماهيتاب وعانقتها وكاد زياد أن يُصافحها هو الآخر لكنها أوقفته بثبات قائلة بإبتسامة: أنت عارف إني مبسلمش على رجالة يا زيزو..!
مسح زياد على شعر رأسه وهو يتنحنح بحرج: إحم، اه نسيت، بس وحشتيني اوي أعمل إيه يعني! ضحك أمير عليه ليقول زياد بغيظ: طبعا فرحان أنت للإحراج ده!، ثم تابع بمرح: أعرفك ب أمير يا دارين، إبن خالي.. أومأت دارين برأسها وقالت مبتسمة: أهلا وسهلا يا أمير إبتسم لها أمير، ليردف زياد مكملاً: ودي أروى خطيبته.. تفاجئت بها أروى تصافحها وتقبلها وهي تقول: إتشرفت بمعرفتك يا أروى..
إبتسمت لها أروى وهي تقول بهدوء: الشرف ليا.. إستكمل زياد حديثه المرح: ودي ماما ودي ماهيتاب!. ضحكت دارين قائلة: أخ منك يا زياد قالت نجاة بمرح: طب هنفضل في المطار كده كتير يلا نروح بقي، البيت وحشني أوي.. أردف أمير بجدية: أنتي هتيجي عندي في الفيلا يا عمتي.. نجاة بإعتراض: لا مش هينفع هنروح على بيتنا بقي أنت لازم تجهز الفيلا عشان الجواز.
حرك أمير رأسه نافياً وتابع بإصرار: لا والله لازم تيجي معايا وكمان خلتهم يعملوا غدا وزمان كل حاجة تمام.. تنهدت نجاة وهي تردف بإبتسامة: ماشي يا حبيبي، يلا بينا.. خرجوا جميعا من المطار، إستقل زياد سيارته بصحبة أمه وشقيقته ودارين خطيبته.. وأمير وأروي بسيارته.. ساد الصمت للحظات في سيارة أمير، لتقطعه أروى وهي تقول بإرتياح: عمتك جميلة وطيبة جدا، أنا حبيتها اوي..
أومأ لها أمير مبتسمآ: فعلا عمتي حد جميل ومنبع للحنان، أنا بعتبرها أمي لأنها فعلا عوضتني عن حاجات كتير.. تابعت أروى: ربنا يبارك فيها.. صمت أمير قليلاً، ثم أردف بجدية: شوفتي الاجنبية الي كنتي بتقولي لازم أبقي أحلي منها؟، شوفتي لبسها؟ تنهدت أروى بصوت مسموع وهي تحملق به في صمت، ليتابع حديثه: بصراحة إتفاجئت جدا، هي دي البنات ولا بلاش، لأ وكمان مبتسلمش على رجالة هو في كده!
عبست أروى بوجهها، ثم زفرت بضيق من حديثه المبالغ فيه من وجهة نظرها.. ف أردفت بحنق: يعني ايه هي دي البنات ولا بلاش تقصد إيه بكلامك ده؟ - يعني بحبك قالها بعفوية وهو يبتسم لها غامزا ف إشتعلت خجلا منه وإبتسمت بسعادة من هذه الكلمة المحببة إلي مسامعها، هذه هي المرة الثانية التي تسمعها منه صريحة تُنعش قلبها وتحييها من جديد.. ليتابع مواصلاً: يا سلام لو تلبسي زي ما هي بتلبس كده يا أروى يبقي مفيش منك.
صمتت أروى وهي تتذكر ماضيها، يا ليتها خُلقت بين عائلة تسرد عليها معالم دينها وتجعلها فتاة يتحاكي الجميع عن أخلاقها مثل تلك الفتاة دارين... طال صمتها إلي أن قال أمير متساءلا: ايه رأيك؟ حركت رأسها نافية وتابعت بتنهيدة مؤلمة: مش مستعدة دلوقتي خليها بعدين وارجوك متضغطش عليا.. إبتسم لها وقال هادئا: أكيد عمري ما هضغط عليكي، هستني لحد ما تقتنعي براحتك...
جلست سهيلة على الأريكة، ثم أخذت تعبث في هاتفها تبحث عن إسم ما، حتى وجدته لتضغط زر الإتصال فورا.. إنتظرت حتى آتاها الرد: ألو فقالت بلهفة: أيوة يا سمر أنا سهيلة ردت سمر: ازيك يا سهيلة، خير؟ أردفت سهيلة بأمل: سمر أنتي لسه بتقعدي مع سامي لما بيجي الشقة ولا إيه؟ أجابتها سمر بإيجاز: أيوة ليه؟ سهيلة برجاء: أنا طالبة منك خدمة بالله عليكي توافقي يا سمر.. قصت سهيلة عليها ما تريد، وما فعله معها سامي أيضاً..
فتعاطفت سمر معها، وقالت بثبات: ماشي يا سهيلة أنا هخدمك في الموضوع ده، مع إن ممكن يموتني فيها بس أنا ميرضنيش انك تتبهدلي كده وخصوصا إنك أنضف واحدة فينا يا سهيلة ردت سهيلة بإمتنان: شكرا جدا يا سمر متحرمش منك يارب.. أغلقت الخط، لتتحدث بتوعد: طيب يا سامي الكلب، أصبر عليا!
في سيارة زياد.. لاحظت دارين عبس ماهيتاب طوال الوقت، فسألتها بفضول: مالك يا ماهيتاب؟ ردت ماهيتاب بإقتضاب: مافيش حاجة.. لتقول نجاة بهدوء: أنت مزعلها ولا إيه يا زياد؟ رفع زياد أحد حاجبيه وتابع بجدية: لا هي الي مزعلاني، وأحرجت أروى قبل ما نيجي المطار، مكانتش عاوزها تيجي معانا خلت شكلي وحش قدامها هي وأمير... أردفت نجاة بعتاب: ليه كده يا ماهيتاب، من أمتي وإنتي بتحرجي الناس؟
صمتت ماهيتاب وهي تطلع إلي النافذة بضجر، كادت نجاة أن تتحدث فقاطعتها دارين بهدوء: سبيها دلوقتي يا طنط نجاة، وبعدين نبقي نتكلم.. تنهد نجاة وقالت: ماشي..
وصلوا بعد قليل إلي الفيلا، ليترجلوا من السيارتان، ويقوم عم سعيد بالترحيب بهم على أكمل وجهه.. ثم دلفوا لتقبل عليهم (سحر ) زوجة سعيد والتي تعمل في هذا البيت منذ زمن ولكن إنتقطع العمل حين توفي والدي أمير وسافرت عمته وأخذ أمير بيتا أخر.. سحر بترحيب: أهلا وسهلا يا ست نجاة مصر نورت ردت نجاة بإبتسامة: ازيك يا سحر، وحشتيني والله وفكرتيني بالذي مضي..
بادلتها سحر الإبتسامة وهي تقول: الله يباركلك، أنا فرحانة اني هرجع أشتغل تاني في البيت ده، وهنرجع لأيام زمان.. ربتت نجاة على كتفها، ثم توجهوا إلي داخل الڤيلا وسط مرح زياد ومزاحه الدائم ليضحك الجميع وتصعد ماهيتاب إلي الأعلي باكية مما أثار دهشة الجميع..