رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني والثلاثون
صعد السلالم برشاقة وهو يحملها بين ذارعيه، ثم توجه إلي غرفتهما ليدلف بها ثم يغلق الباب بقدمه، لينزلها على قدميها برفق ثم رفع كفوفه محتضنا وجهها بينهما وهو يهمس بعشقٍ أذابها: - نورتي بيتك ومملكتك يا أروتي.. إزدردت ريقها بخجل، ثم قالت بهمس حزين: توعدني إنك تفضل تحبني على طول..؟ أومأ لها برأسه قبل أن يختطف منها قبلة سريعة بعثت الرعشة في جسدها النحيل، لتسمع صوته الهادئ يهمس لها: أوعدك يا رورو.
ليمرر يداه بعد ذلك على ذراعيها بنعومة أذابت عظامها.. فهذا هو أول رجل في حياتها و أول رجل يلمسها ويقترب منها، وهذا الشعور جعل عضلات جسدها تتقلص بينما أصابعها أصبحت كلوحا من الثلج، وبدي الخوف واضحا على ملامح وجهها، ليتفهم أمير ذلك الخوف ويقول بإطمئنان: إيه رأيك نصلي الأول؟ قالت بتوتر: ن نصلي!
فمنذ متي وهي لا تركع، تتذكر أخر مرة سجدت فيها منذ ما يقارب السنتان وقبلا كانت تصلي فرضا، ثم تمتنع عن الصلاة ولم تشعر بالطبع بأي خشوع مجرد أنها تُحرك جسدها فقط.. سمعت صوته وهو يقول بحماس: طبعا، يلا عشان ربنا يباركلنا، ثم طبع قبلة على جبينها وهمس لها بغمزة: يلا..!
وقفت سهيلة أمام أمواج البحر الهائجة بعد أن سارت منذ أن إنتهي حفل الزفاف حتى وقفت أخيرا وهي تلهث ودموعها تنساب فوق وجنتيها تبكي ألما في صمت..! أنه لشعورا قاسيا حين تريد الفرار ولم تجد المخرج، حين ينزف القلب وجعا والعين تكاد تبكي دما..! جثت على ركبتيها لقد فقدت القدرة على الصمود أكثر من ذلك! لتتعالي شهقاتها المريرة وهي تصيح غير مبالية بمن حولها: يارب..
فقط الله هو الملجأ الوحيد الذي هو أرحم من البشر جميعهم الذين حين يرون خطأ الغير يدبحونه دبحا ويتركونه حُطام.. ظلت تدعو خالقها وبكاؤها يزداد ونحيبها يتعالي، لتشعر بعد ذلك بيد تربت على كتفها برفق.. فشهقت بفزع وإلتفتت لتري من الذي فعل.. فوجدت سيدة بسيطة في ملابسها وهادئة في ملامحها رغم كبر سنها، بينما مسحت سهيلة دموعها وهي تطالعها بإستغراب لتسمع صوتها تقول بهدوء: مالك يابنتي، في حد آذاكي ولا إيه؟
وجدت نفسها تومئ برأسها تلقائيا وإنفجرت باكية مرة أخري، فما كان من السيدة إلا أنها إحتضنتها بحنو ممُسدة على ظهرها قائلة بخفوت: لا حول ولا قوة الا بالله، مين يابنتي الي زعلك كده، تعالي لما نقعد على جنب لحسن الناس بتتفرج علينا.. ثم سحبتها من يدها لتسير بها بضع خطوات إلي أن جلستا على مقعد من الحجر، لتقول تلك السيدة في هدوء: أنتي من إسكندرية؟ أومأت سهيلة وقالت بصوتٍ مُختنق: أيوة.
فقالت متعاطفة: وليه زعلانة وبتبكي.. رمقتها سهيلة بحذر فأكملت السيدة بإطمئنان: أنا إسمي نبيلة وجاية إسكندرية هنا مع جوزي وإبني، هما عندهم شغل وأنا نزلت أشم الهوا أنا أصلا من القاهرة، ومعرفش أي حد هنا ثم ساد الصمت قليلاً لتتابع نبيلة بإبتسامة: أنتي بس صعبتي عليا والله، ليه بتبكي؟
صمتت سهيلة فربتت نبيلة على كتفها: مش هتطفل عليكي بس حبيت أساعدك، عموما يابنتي مفيش حاجة مستاهلة تتعبي نفسك كده، ده إحنا كلنا رايحين وكل من عليها فان..! إبعدي عن أي حاجة توجعك.. تنهدت سهيلة بثقل، ثم أردفت بحزن: نفسي أبعد بس مش عارفه..! إستكملت نبيلة بتساؤل: ليه؟ أجابتها سهيلة ببكاء: يارتني أقدر أحكيلك، بس للأسف مينفعش، لأن حياتي بايظة ومفيهاش حاجة تشرف، عبارة عن ذنوب وبس عبارة عن وجع وقهر...
تفهمت نبيلة الأمر ف أردفت بجدية: مفيش حاجه اسمها ذنوب وبس، ربنا موجود وفاتحلنا بابه في أي وقت مهما عملنا ذنوب هيغفرلنا بس إحنا نتوب ونلجأ ليه، وبلاش يأس..! أومأت سهيلة برأسها وقالت في يأس وكأنها لم تسمعها: الي عاوزه ربنا هيكون.. لتنهض وتقول بضعف: أنا ماشية..
ثم سارت بخطوات متثاقلة متجهه إلي المستنقع من جديد، فمن الممكن أن يأتي لنا لحظة هداية في أي وقت قد تكون فرصة في صلاح أنفسنا ونحن دون فهم نوليها ظهرنا ونسير مع الطيار!.
الله أكبر.. جملة هزت قلبها وجعلته يرتجف، حين قالها أمير وهو يُصلي بها في الليلة الأولي بينهما.. لتسمع الجملة التالية سمع الله لمن حمده أغلقت عينيها لتشعر بجمال تلك الكلمات التي إخترقت مسامعها وقلبها معا، ول أول مرة تنتبه إلي المعني الجميل حين نحمد الله يسمع لنا.. ثم هبطت لتجثو ساجدة لتغلق عينيها وتدعي بأن ينجيها الله من ذلك المأذق الذي وضعت نفسها فيه ويغفر لها ما تقدمت به ذنب..
ثم رفعت نفسها حين كبر إلي آن إنتهت الصلاة.. ثم إلتفت إليها وإبتسم ليضع يده على جبهتها ويقول بنبرة هادئة: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ...
في ڤيلا زياد جلس على طرف الفراش وهو يدلك ركبتيه بإرهاق، ثم هتف بغيظ: ده أنا لو جاي أكفر عن سيئاتي كلها مش هصلي كل ده! ضحكت دارين ثم تابعت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها: لازم نعمل كده عشان ربنا يباركلنا يا زيزو..! نهض زياد لتبتعد عنه راكضة، ليهتف بغيظ: نهارك مش فايت يا دارين ده أنا حيلي إتهد من الصلي والجري وراكي..!
قهقهت دارين وهي تركض خارج الغرفة، حتى فرت هاربة منه، لينطلق زياد خلفها ويكز على أسنانه: دارين، تعالي هنا! لم تسمع له بل هبطت الدرج لتدلف إلي المطبخ قائلة بصوتٍ لاهث آثر ركضها: ده أنا هموت من الجوع، استني أما نشوف حاجة ناكلها يا زيزو ثم وجدت ساقيها تركلان في الهواء وهو يهمس لها: أنا هاكلك أنتي..
لتقهقه عاليا وهي تحاول الفرار منه مرة ثانية إلا أنه أحكم قبضته عليها وقال بثقة: خلاص ياروحي أنتي في عرين الاسد دلوقتي! إحمرت وجنتاها، وكادت أن تبكي خجلا، ثم قالت بتوسل: طب ممكن أكل، الله يخليك يا زياد جعانة سبني أكُل قهقه زياد عاليا ثم قال من بين ضحكاته: يا شيخة، ده ايه البراءة دي، ما من شوية كنتي مطلعة عيني، اه منك يا ملوخيه لما تيجي تحت المخرطة!
ثم تابع بحزمٍ مصطنع: مفيش أكل، في زياد بس عاجبك ولا مش عاجبك؟ قالت بخجل شديد: عاجبني يا سيدي، خليني أكُل بقي عشان خاطري يارب يسترك وما يوقعك في ضيقة أنا زي مراتك برضو.. ضيق عينيه وقال ضاحكا: ممم أحبك وأنت مزنوق كده، أوك هطلق صراحك، بس وغلاوة دارين عندي لو طلعتي تجري تاني ما أنا عاتقك سامعة ولا لأ؟ أنهي جملته وطبع قبله على وجنتها المتوردة لتلكمه في صدره بغيظ، ليهتف هو بصرامة مصطنعة: قولنا ايه؟
أومأت برأسها في طاعة وتابعت بصوت خافت: حاضر حاضر أنزلها على قدميها أخيرا لتقوم بحمل الصحون بحذر وتتجه بها إلي سفرة الطعام، ثم جلست تأكل ليتبعها زياد ويجلس جوارها ثم أخذ يطعمها بيده ويُغازلها بكلماته العاشقة ضاحكا على خجلها الذي يعشقه بشدة...
عودة للأمير وعروسه.. لم تعرف لما شعرت بوخزه في قلبها وهي تري حنانه ذاك، أنها خدعته وكذبت كذبة من الممكن أن لا يغفرها لها مهما مر الزمان.. فهل يكون جزاء الاحسان إساءة؟ هكذا راحت تُفكر وقد ترقرقت العبرات في عينيها، بينما قال أمير بلهفه: مالك يا حبيبتي بتبكي ليه؟ هل تعترف؟. إنها ليلة العمر في حياة أي فتاة، فهل تفسدها؟
تفوهت أخيرا بضعف: أبدا، بس سهيلة صعبانة عليا عشان سبتها لوحدها، وكمان قلقانة أوي عليها..! فقال محاولا التهوين عليها: معلش يا اروتي، ده شئ طبيعي عشان انتوا مرتبطين ببعض بس أومأت له برأسها، فإقترب يمحي لها الدموع ثم قال مازحا بحزم: مش عاوز أشوف دموعك تاني مهما كانت الأسباب مفهوم ولا لأ؟ أومأت ثانية بإبتسامة، ليقول وهو يجذبها إليه: أيوه كده، تعالي أقولك حاجة سر بقي!
لينهل الحب من بحر عشقها ويسرقا من الزمن اجمل لحظات حياتهما الزوجية.
في منزل السيدة نجاة.. جلست ماهيتاب تتصفح الانترنت حيث كانت تتبادل الرسائل مع شخص ما، تعرفت عليه من خلال تطبيق الفيس بوك مؤخرا وأصبحت تراسله يوميا، إنجذبت له أو ربما تحاول نسيان أمير به هي لا تعلم، الأهم أنها ترتاح حين تتحدث معه، وتنقل له تفاصيل يومها وهو كذلك، فهل ستتطور العلاقة إلي أن تصبح حب ثم خطبة وزواج أم سغيره يلعب بها كنوع من أنواع التسلية؟
عادت سهيلة إلي العالم الذي ظنت هي أنها نجت منه، ها هي تعود مرة ثانية، مُرغمة على ذلك أو ربما مستسلمة للهلاك من جديد.. ما إن دلفت حتى أقبلت عليها سهير بفرحة، فها إبنتها ستعود لفعل المحرمات معها! أوقفتها سهيلة قبل أن تلمسها قائلة بحدة: أرجوكي متلمسنيش! تجهمت ملامح سهير لتتابع: ماشي يا سهيلة على راحتك المهم إنك رجعتيلي!
قالت سهيلة بغضب: أنا محتاجة أخد راحة شوية على الأقل أسبوع، لو سمحتي متضغطيش عليا وسبيني لحد ما أرجع لطبيعتي لوحدي أنا نفذت الي أنتي عاوزاه وجيت بس محدش هيلمسني إلا لما أرتاح نفسيا..! أومأت سهير بالإيجاب: ماشي بس هو أسبوع واحد بس! تركتها سهيلة، ثم دلفت إلي غرفتها مجددا، لتوصد الباب جيدا وتستكمل بكاؤها المرير..
صباح يوم جديد.. نشرت الشمس دفئها في كل مكان، لتتململ أروى في فراشها بتكاسل، ثم فتحت عينيها حتى نظرت إلي الأمير النائم بجانبها، إلي الآن لا تصدق، لامست وجهه بيدها حتى تتأكد أنها لا تحلم وأنه بالفعل زوجها! إبتسمت له وحاولت نسيان كل شئ يؤلمها ثم نهضت بحذر حتى لا تفيقه ثم إرتدت روبها الستان الأحمر لتخرج من الغرفة وتهبط الدرج وهي تتلفت بسعادة إلي أن وصلت إلي المطبخ، فدلفت لتجد سحر.
إبتسمت وقالت: صباح الخير.. ردت عليها سحر مبادلة إياها الإبتسامة: صباح النور يا ست هانم صباحية مباركة.. أردفت أروى بعتاب: ايه هانم دي، أنا إسمي أروى يا دادة سحر بهدوء: المقامات محفوظة برضو يابنتي قالت متنهدة: أنا بسيطة جدا يا دادة لو اعتبرتيني بنتك يكون أحسن ممكن؟ أومأت لها وقالت بحنو: ماشي ياحبيبتي، أحضر الفطار؟ إبتسمت لها أروى وتابعت: ياريت، أنا هعمل تيلفون وأجي أساعدك يا دادة..
ثم خرجت من المطبخ وهي تعبث بهاتفها وتسير إلي أن خرجت في الحديقة.. بعد قليل آتاها صوت شقيقتها الناعس: صباح الخير يا أروى، ايه مصحيكي بدري كده؟ أجابتها أروى مبتسمه: قولت أطمن عليكي يا حبيبتي، أنتي فين دلوقتي؟ - عند أمك، قالتها بيأس وصمتت لتردف أروى بحزن: برضو رجعتي يا سهيلة ردت بصوت متألم: نصيبي كده، المهم طمنيني عليكي.
تنهدت وقالت بضيق: الحمدلله، بس مش هبقي كويسة أبدا إلا لما أنتي ترتاحي أنا حاسه بالذنب واني أنا السبب في الي أنتي فيه يا سهيلة سهيلة بنفي: لا يا أروى، سهير هي السبب وأنا، إنما أنتي ملكيش أي ذنب، المهم سيبك مني وإفرحي شوية تابعت أروى بحزن: أفرح ازاي وأنا كذابة وخدعت أمير يا سهيلة، على قد السعادة الي عيشني فيها على قد رعبي منه سهيلة بجدية: أروى إعترفيله وريحي نفسك.
أروى بخوف: خايفة أوي هموت من الخوف، لو سبني هرجع أعيش مع أمك تاني وهعاني من جديد ده زائد إني بحبه ومقدرش خلاص أتخيل حياتي من غيره يا سهيلة، أنا مش عارفه والله ما عارفة أقوله ايه! صمتت سهيلة قليلاً ثم تابعت بعد أن تنهدت بألم: مش عارفه أقولك ايه يا أروى، ربنا معاكي ومعايا.. أروى بإيجاز: يارب، هسيبك دلوقتي يا حبيبتي وهرجع اطمن عليكي.. لتقول بإيجاب: ماشي مع السلامة.. لتغلق أروى الخط وتتجه إلي الداخل..
في الغرفة.. فتح أمير عينيه ليجد مكانها خالي، فنهض جالسا وهو يفرك عيناه بتكاسل، بينما هتف مناديا عليها ربما تكون بالحمام إلا ان لا يوجد صوت.. فبعد قليل وجدها تدلف من باب الغرفة وهي تحمل صينية الطعام.. ليعقد حاحباه ويقول بجدية: كنتي فين؟ أجابته مبتسمة بتلقائية: كنت بحضر الفطار مع دادة سحر.. فرفع أحد حاجبيه وقال بحدة: ومين قالك تخرجي برة الأوضة أصلا؟ وإزاي خارجة بالمنظر ده!
إستغربت أروى وقالت بحذر: يعني ايه، بقولك كنت بحضر الفطار.. إنفعل قائلاً بحزم: وأنا بقول مفيش خروج من الأوضة طول ما أنا موجود فيها، أما بقي إنك تنزلي بالروب ده، فده إستهبال وان اتكرر تاني متلوميش إلا نفسك إتسعت عينا أروى وتابعت بحنق: ليه، ما هو البيت مش فيه حد غير دادة سحر، ايه المشكلة يعني رد عليها بحزم: لأ فيه عم سعيد جوزها الي ممكن يدخل في أي وقت يناولها حاجة!
عبست بوجهها وقالت بتذمر: آسفة مش هعمل كده تاني..! ثم تابعت بضيق: ممكن بقي تفطر ولا هتزعقلي تاني..؟ تنهدت بعمق ثم أومأ برأسه لتجلس أمامه بالطعام ثم إعتدل ليتناولا الطعام في صمت... بينما أروى غاضبة منه وخائفة في نفس الوقت، لتتفاجئ به يطعمها، فنظرت له بعتاب إلا أنه قال بحزم: إفتحي بؤك.. فتحت فمها لتلتقط من يده الطعام، ثم سمعته يقول بمرح:.
أنا كده غيور، وعصبي ومبعرفش أسيطر على نفسي لما ألاقيكي عاملة حاجة معجبتنيش، ممكن تكون الحاجة دي بالنسبالك ولا حاجة بس بالنسبالي حاجة كبيرة.. وكمان لازم تتعودي على كده عشان أنا بعشقك وبخاف عليكي إبتسمت لجملته الأخيرة ليطعمها مرة ثانية ويمازحها إلي أن شاركته الضحك لتغرق معه في بحر عشقه..
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والثلاثون
بعد مرور شهر. إستطاع طارق أخيرًا أن يزرع جهاز تسجيل به شريحة هاتف، في مكتب سامي حيث أعطي لأحد الموظفين أموالا كثيرة اغرته حتى فعل ما يريده منه وزرع هذا الجهاز أسفل مكتبه، حيث إذا إتصل أحد على الشريحة يسمع ما يدور داخل حجرة المكتب.. في اليوم التالي دلف طارق إلي مكتب ماجد ليتحدث معه في أمور العمل.. ليسأله ماجد بحذر: بقولك إيه يا طارق هو ايه اخبار الصفقة بتاعة الشركة الأمريكية دي؟
ليجيبه طارق هادئا: تمام، ماشية تمام لحد الان أومأ ماجد برأسه وتابع بترقب: ممم، وعلي كده بقي أمير هيدخل صفقات تانية قريب؟ أجابه طارق بثبات: طبعا، أستاذ أمير هيدخل صفقة قريب بملايين مع شركة ***، هو صحيح هيدفع كتير إنما مكسبها مهول! لمعت عينا ماجد بمكر ليتابع مبتسمًا: لسه هيدخل ولا دخل خلاص..؟ طارق بحذر: لسه هيدخل، بس أوعي تجبله سيرة اني عرفتك يا عم ليسود عيشتي اعمل معروف!
عقد ماجد حاجباه وتابع بحنق: ليه هو قالك متقولش لماجد؟! طارق نافيا: لأ، بس هو أصلا مبيحبش حد يعرف عن شغله حاجة وأنا بس الي عرفت لأن أنا الي بتواصل مع الشركة مش اكتر.. أومأ ماجد برأسه وتنهد بإرتياح فلقد أخذ أول معلومة حتى ينقلها لسامي.. لينهض طارق بعد ذلك تاركا إياه بين أفكاره الشيطانية، بينما أمسك هاتفه ليهاتف مايا التي عملت مؤخرا في شركة سامي، وأصبحت ضمن موظفات الشركة..
فقالت بملل مجرد أن إستمعت إلي صوته هاتفيا: مش هبلغه، إبقي بلغه أنت يا ماجد وبعدين سيبك منه وقولي هتعمل ايه في موضوعنا؟ ليرد عليها بضيق: معرفش يا مايا، أمي مصدرة دماغها ومش راضية تبيع الأرض وأنا هتجوز فين وإزاي.. لتصيح مايا بغضب عارم: وأنا ايه ذنبي تعشمني وفي الأخر تقولي معرفش، أومال مين الي يعرف، أنت لازم توفي بوعدك ليا وإما ورحمة أمي لأفضحك يا ماجد!
حاول ماجد تهدئتها وهو يقول: يابنتي هو أنا يعني الي مش عاوز أتجوزك ما أنتي عارفة إني بحبك مايا بتصميم: يبقي تتجوزني! ماجد بنفاذ صبر: نتقابل بليل ونشوف هنعمل ايه سلام دلوقتي، ليغلق الخط وينهض متجها خارج الشركة عازما على الذهاب الى شركة سامي..
سٙعد سامي لما استمعه من ماجد الذي قال له ما سرده عليه طارق، ليبتسم سامي بمكر ويتابع: تمام.. ليتابع ماجد: هتعمل ايه؟ أردف سامي شاردًا: طالما مش عارف أخد ملف الصفقه الأمريكية دي، والي ما تتسمي مراته مش عارفه تجبهولي و... قاطعه ماجد بصدمه: مراته!، طب ومراته ايه دخلها؟ أنت تعرفها؟
أومأ له سامي وتابع بتهكم: ده أنا السبب في الهنا الي هي فيه ده دلوقتي، أنا الي زقتها عليه عشان تجبلي الملف بس بنت ال * *** شكلها طمعت فيه وعاوزة تلهف كل فلوسه لوحدها بنت ال ****** صُعق ماجد مما سمعه، ولكنه إبتسم بتشفي: معقولة! يعني كل ده كانت بتمثل عليه، وهي بتضحك عليه عشان الفلوس، ينهار ابيض ده خد مقلب معتبر!
ليضحك سامي بوضاعة ويشاركه ماجد الضحكات، وينصدم طارق الذي إستمع إلي حديثهما عبر هاتفه ولقد إتسعت عينيه على وسعهما من هول ما سمعه!
في اليوم التالي.. وقف أمير في الصباح يمشط شعره أمام المرآة، بينما إقتربت أروى تهندم من ملابسه بدلال وهي تبتسم له بعشق ليبادلها الإبتسامة وهو يُغازلها بكلماته المعسولة، لتقول مبتسمة: طنط نجاة تحت هي وماهيتاب هيقضوا معانا النهارده اليوم ويتغدوا معانا، تعالي بدري بقي النهاردة.. غمز لها وقال مرحا: عيوني يا رورو..
إبتسمت قليلًا ثم شعرت بالغثيان فجأة لتركض إلي الحمام وتتقيئ بألم، فأسرع أمير خلفها وهو يقول بقلق: أروى مالك يا حبيبتي في ايه؟ ومن ثم ربت على ظهرها برفق حتى أفرغت ما بجوفها لترفع وجهها الذي غرقته العبرات، فقالت بصوت خافت: مش عارفه يا أمير من إمبارح وأنا تعبانة كده.. أمير بجدية: يبقي لازم نروح لدكتور بسرعة! إزدردت أروى ريقها وتابعت بخجل: أنا شاكة إني حامل..
إتسعت إبتسامته فورا وردد بسعادة: بجد؟ يارب يكون حمل يا أروى يارب أروى ضاحكه: ياه لدرجادي، معرفش إنك هتفرح كده! أمير بمرح: وأكتر من كده كمان، ده أنا طول عمري وحيد ومليش لا أخ ولا أب ولا أم عانقته أروى بحنان وهي تقول بإبتسامة: ياحبيبي يا أميري، ربنا اكيد هيرزقنا إبتسم وقال: أكيد إن شاء الله.. فقالت بإيجاز: تعالي ننزل بقي بالفعل إتجها إلي الأسفل حيث توجد نجاة بصحبة ماهيتاب..
أردفت نجاة بمرح: يا أهلا بالأمير الغالي.. ضحك أمير وهو يقبل عليها معانقا إياها لتبادله العناق بحنان، ثم صافح ماهيتاب وجلسوا جميعا بينما قالت نجاة بتساؤل: مالك يا أروى وشك أصفر كده ليه، شكلك تعبانة! ف أجابها أمير سريعا: أروى حاسة إنها حامل يا عمتي ياريت تتاكدي وتفرحيني ضحكت نجاة وقالت ؛: تصدق ممكن، طب أنا هتأكد دلوقتي، ثم نادت على سحر فآتيت إليها قائلة: نعم يا ست نجاة.
نجاة بحماس: قوليلي يا سحر، تعرفي تجبيلي أختبار حمل من الصيدلية لو سمحتي؟! أومأت سحر بإبتسامة: حاضر يا ست نجاة هبعت بنتي تجيبه حالا، ثم إنصرفت ليقول أمير بجدية والبتاع ده هيبين إن في حمل يا عمتي؟ إبتسمت نجاة وقالت بمراوغة: ملكش دعوة انت وإتفضل روح على شغلك، عشان ده شغل ستات ملكش إنت فيه يلا قوم ليضحك ويقول بتصميم: أنا مش منقول من هنا إلا لما أعرف أروى حامل ولا لأ.
فقالت أروى برقة: روح على شغلك عشان مش تتأخر، وأنا لو طلع حمل هتصل بيك وهفرحك متخافش.. نهض أمير قائلًا بمزاح: وهو كذلك إذا كان كده أوك، يلا سلام عليكم.. ثم إتجه صوب الباب لتتبعه أروى ويتوجها إلي الخارج فتعلقت أروى بذراعه وهي تقول بدلال: خلي بالك من نفسك يا أميري وسوق على مهلك عشان خاطري.
أومأ برأسه مبتسمآ، إلي أن وصلا إلي سيارته، ليلتفت لها ويقبلها من جبينها قائلًا بنبرة دافئة: أنتي خلي بالك من نفسك يا حبيبتي ولو إحتاجتي حاجة رني عليا أومأت له وقالت هادئة: حاضر، ممكن أبقي أتصل بسهيلة تتغدي معانا النهارده؟ أجابها بجدية: طبعا، هي دي محتاجة إستئذان يا أروى، ٱعملي الي يريحك بدون ما تستأذني ده بيتك طبعت هي قبلة على وجنته الخشنه، لتقول بهمس: تسلملي يا حبيبي، يلا عشان متتاخرش...
منحها إبتسامة أخيرة وقال وهو يدلف إلي سيارته: هستني منك تلفون لو طلع في حمل يا رورو.. ثم أدار محرك القيادة وأشار لها وهو يدفع لها قبلة في الهواء، لينطلق بالسيارة متجها إلي مقر عمله...
في منزل السيدة نعمة.. دلفت سلمي إلي المطبخ كي تُجهز وجبة الإفطار قبل أن يفيق خالد ويذهب إلي عمله.. لتتفاجئ ب نعمة قامت بتجهيز كل شئ بحيوية، فعقدت حاجباها وقالت بضيق: - ليه حضرتي الفطار يا طنط نعمة أنا كنت هحضره لخالد، من يوم ما إتجوزت وأنتي مش سيبالي فرصة أعمله حاجة خالص! ردت عليها نعمة بتجهم:.
- عشان إبني متعود على كده ومبيعرفش ياكل غير من إيدي، وأوعي تنسي إن ده بيتي أنا حرة فيه أنا وإبني سامعة ولا لاء! قالت سلمي بنفاذ صبر: بس أنا بقي مراته وليا في البيت ده زي، زيك لأن ده بيت جوزي وأنا أولي بكل طلباته ومش هسمحلك أبدا تنفي وجودي! نعمة وقد إحتدت قسمات وجهها: أنتي ملكيش وجود أصلا يا حبيبتي، وبعدين أوعي تتعدي حدودك معايا لحسن أشوف شغلي معاكي أنتي فاهمة ولا لاء!
لتصيح سلمي بضجر: لا مش فاهمة وأنا بجد زهقت من معاملتك ليا، أنتي قليلة ذوق! خبطت نعمة على صدرها بصدمة وقد إتسعت عينيها وهي تتابع: ينهارك أسود هي حصلت تغلطي فيا يا بنت كوثر..! بينما آفاق خالد على أثر صوتهما لينتفض من فراشه ويتجه نحوهما قائلًا بجدية: في ايه؟، في ايه يا ماما صاحت نعمة مرة أخري: تعالي شوف مراتك بتقولي ايه يا خالد تعالي اتفرج! قال خالد بإيجاز: قالت ايه يا ماما بس.
لتجيبه صائحة بغضب: بتقولي أنتي قليلة الذوق، شوف ده يرضيك لو كان يرضيك وديني ما أنا قاعدة في البيت تاني يا خالد وألم هدومي وأمشي أروح عند خالتك إلتفت خالد إلي سلمي التي كانت تقف خلفه، ليقول بجدية تامة: - أنتي قولتي كده يا سلمي؟ أومأت سلمي براسها وقالت بغضب: أيوة قولت كده عشان هي ع... قاطعها خالد بحدة: إعتذري! عبست سلمي بوجهها وهي تقول: ايه؟
خالد بإنفعال: بقولك إعتذري لماما دلوقتي، أنتي غلطتي والي غلط لازم يعتذر.. نظرت سلمي إلي نعمة التي كانت تبتسم بإنتصار فآثارت غضبها أكثر لتردف بتحدي: مش هعتذر يا خالد، لتنهي جملتها وتركض إلي غرفتها سريعا، بينما قالت نعمة بحنق: قليلة الأدب ومش متربية.. فقال خالد وهو يمسح على وجهه بضيق: معلش يا ماما متزعليش حقك عليا أنا.
ثم لم يمهلها فرصة للتحدث ودلف إلي الغرفة مغلقًا الباب خلفه، ليجذب سلمي من ذراعها وهو يقول بصرامة: - هو أنا كلامي مبيتسمعش ولا إيه؟ خشيت سلمي من ملامحه الغاضبة بشدة ولكنها تماسك وقالت بثبات: أنا معملتش حاجة غلط عشان اعتذر، مامتك هي الي بتغلط فيا!
قال بغضب وهو يشتدد على ذراعها: بتغلط وأنا بجبلك حقك وبطبطب واحايل إنما تقلي أدبك عليها لا وألف لا مهما عملت مش هسمحلك، وأوعي تفكري أن هاجي على أمي عشان خاطرك زي ما أنا عمري ماجيت عليكي عشان خاطرها! نزعت يدها منه وقالت بحزم: برضو أنا معملتش حاجة غلط هي فعلا معندهاش ذوق صاح بإنفعال: أنتي قليلة الأدب يا سلمي، أنا كنت فاكرك مؤدبة ايه رأيك بقي هتعتذري غصب عنك!
صرت سلمي على أسنانها وتابعت بإختناق: أنا مش قليلة الأدب مامتك هي الي قل... أسكتها بصفعة قوية هبطت على وجهها لتتراجع للخلف وتسقط على الفراش ويقول هو بغضب عارم: أخرسي يا سلمي، أقسم بالله لو قليتي أدبك تاني ليكون ليا رد فعل مش هيعجبك أبدا! إنفجرت سلمي باكية ثم قالت من بين شهقاتها: أنت بتضربني يا خالد.. تحدث بقسوة غلفت صوته: وأكسر دماغك كمان طول ما أنتي قليلة الأدب كده وبتغلطي في واحدة أد أمك!
صمتت سلمي ودفنت وجهها بين الوسائد تبكي بإختناق، ليتركها ويدلف إلي المرحاض ليغتسل دون أن تأخذه بها الشفقة.. بعد قليل خرج وهو يجفف وجهه وشعر رأسه بالمنشفة فوجدها كما هي على نفس الحال، فتجاهلها عمدا وإفترش سجادة الصلاة ووقف يؤدي صلاة الضحي إلي أن إنتهي ثم أخذ متعلقاته وخرج من الغرفة متجها إلي باب الشقة، لتهتف نعمة مناديه عليه: - خالد، رايح فين يابني تعالي كُل.
ف رد عليها بغضب: مش هطفح، ثم خرج من الشقة متجها إلي عمله وهو في أشد غضبه...
وصل أمير إلي الشركة ليصعد ويدلف إلي مكتبه، فدلف طارق خلفه... فقال أمير بعد أن جلس على مقعده: ايه الاخبار يا طارق؟ فأجابه طارق بثبات: أنا بلغت ماجد بالي أنت قولتلي عليه، إمبارح وهو بلغ سامي، وسمعت سامي بيقوله أنه هيسبق ويتعاقد مع الشركة قبلك قهقه أمير ضاحكا ثم قال: يلا حلال عليه، يعيش وياخد غيرها.. فتنحنح طارق وقال بخفوت: بس في حاجة كده غريبة سمعتها..
قبل أن يتحدث أمير قاطعه رنين هاتفه، ليجيب بلهفه: أيوة يا أروى خير؟؛ فآتاه صوته الفٙرحّ: أنا حامل يا أمير هتف بسعادة عارمة: بجد والله؟ قالت بتأكيد وهي تضحك برقة: اه والله يا حبيبي فتنهد بإرتياح وقال بفرحة: الحمدلله، طيب يا حبيبتي خلي بالك من نفسك وأنا أن شاء الله مش هتأخر النهاردة.. ثم أغلق الخط، ليقول طارق بإبتسامة: خير يا أستاذ أمير..
فأجابه أمير متنهدة بسعادة: مراتي حامل، ثم تابع بجدية: قولي بقي كنت بتقول ايه؟ تردد طارق أن يقص عليه ما سمعه، ماذا يقول له، أن زوجته قد إتفقت مع أحد أعدائه؟ كاد أن يتحدث ولكن قاطعه الباب وهو يُطرق، فأذن أمير بالدخول، ليدلف ماجد الذي قال بهدوء: صباح الخير..
صمت أمير وهو يُطالعه بإستحقار واضح في نظراته، مما جعل ماجد يشك في الأمر، فساد الصمت للحظات إلي أن قطعه أمير وهو يقول بحدة: بلغت الكلب الي باعتك على الصفقة يا ***** صُدم ماجد وإزدرد لعابه بخوف وهو يقول بخداع: أنا معملتش حاجه، مش فاهم بتتكلم على ايه! - إخرس!، قالها أمير وهو ينهض وإتجه إليه حتى وقف قبالته... - طول عمرك خاين يا ماجد، فعلا ديل الكلب عمره ما يتعدل!
قالها أمير وعيناه تطلق شرار ويكز على أسنانه بغضب جلي.. ليقول ماجد بصياح، وكأنه فجر قنبلة في المكان: روح إتشطر على مراتك وبعدين تعالي حاسبني، ماهي كمان خانتك واتفقت مع سامي عليك يا، يا أمير باشا لكمه فجأة بدون مقدمات في وجهه، ليهتف بصرامة مخيفة: إخرس يا كلب، متجبش سيرة مراتي على لسانك ليصيح ماجد مرة أخري بهستيرية: والله العظيم خانتك وروح أسألها إن كنت غلطان تكدبني!
ليتسمر أمير في مكانه غير مستوعب ما يتفوه به وهو يهز رأسه نافياً رافضا لما يقوله، بالتأكيد هو كاذب، لا لم تفعل أروى ولم تخونه أبدا، هكذا فكر لمدة ثوانِ ليهتف بعد ذلك بحدة: كذاب، طبعا كذاب! أنت عاوزني أصدق الهبل الي بتقوله ده؟! إبتسم ماجد بسخرية وتابع: دي الحقيقة، روح إسألها و... دفعه أمير بيده وهو يقول بغضب جلي: أطلع برة! براااااااااااا.
خرج ماجد سريعا من المكتب حيث فر هاربا من بطشه، لقد تركه مصدوما غير مصدقا لما قاله ليلقي بكل شئ على سطح المكتب وهو يصيح بصرامة مخيفة: كذااااب كذااااب! فآتاه صوت ماجد الخافت: آآ أنا سمعت سامي وهو بيقول نفس الي قاله.. نظر له أمير وهو يزدرد ريقه بمرارة، بينما صدره يعلو ويهبط بعنف وقد تصببت حبات العرق فوق جبينه أثر إنفعاله الشديد، ليقول بهدوء عكس العاصفه التي بداخله: فين التسجيل؟
أخرج طارق الهاتف من جيبه ثم عبث فيه حتى جاء ذلك الحديث المسجل عليه، ليأخذه منه أمير وهو يستمع إلى حديث سامي وعيناه تتوهج وقد تلونت بحمرة الغضب... أغلق عينيه ودفع الهاتف فوق سطح المكتب، ليخرج متجها إلي الفيلا مرة ثانية وبداخله بركان يهدد بالإنفجار...
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع والثلاثون
كان يقود سيارته بسرعة جنونية وعيناه ظللت عليهما القسوة يتذكر كل لحظاته معها لحظة لحظة، هل فعلت كل هذا من أجل المال، هل إلي هذا الحد كان مغفل ولم يكشفها في أي مرة كيف خدعته بهذه الطريقة! من أين آتي لها هذا الجبروت تنام بجواره وهي تخدعه... سيجن، سيجن وعقله سينفجر والنيران تشتعل بداخله، ضرب على المحرك وهو يقول بصدمة: لاء لاااااا!
ظل هكذا إلي أن وصل إلي البيت، ترجل من السيارة ببطئ وبخطوات متثاقلة سار، وهو يتمني أن يكون كل هذا إدعاء على حبيبته! دلف بعد أن فتح الباب بالمفتاح، ليجدها تضحك بسعادة مع نجاة وماهيتاب، وقف لبرهه يتأملها وأنفاسه تتسارع وبداخله صراع! لمحته أروى لتنهض وتتجه إليه قائلة بإشتياق: حبيبي، لحقت تيجي..
ثم توقفت أمامه بقلق وهي تري عبوس وجهه وملامحه الصارمة وعينيه القاسيتين تنظرانِ إليها بنظراتٍ لم تفهمها ولكنها قاربت على فهمها! فقال هو بصوتٍ جهوري، وعيناه لم يطرف لها جفنا: تعالي! ثم سار متجها إلي الدرج وإتبعته أروى وجسدها يرتعش من شدة الخوف، هذا بالتأكيد علم بمصيبتي...! بينما تعجبت نجاة له، وقالت بخفوت: ياتري في ايه!
صعدا الإثنان ودلفا إلي الغرفة بعد أن أغلق أمير الباب بقوة لينتفض جسدها أثر صفعة الباب.. تنهد بعمق قبل أن يردف بهدوء مُريب: إيه علاقتك بسامي، وتعرفيه منين؟ شعرت هي أن ساقيها تذوبانِ من تحتها، وكل جزء في جسدها يرتعش بشدة، صمتت، صمتت طويلاً إلي أن قال مُكررا بصوتٍ أخافها: إيه علاقتك بسامي وتعرفيه منين؟! إزدردت ريقها الذي جف فجأه، وتابعت بصوتٍ مُتحشرج: س س سامي، آآ..
صفعها بقوة وقال جازا على أسنانه بغضب عارم: لما أسألك تجاوبي عليا عدل، ثم صاح بعنف: إنطقي! أومأت رأسها بهستيريه وهي تضع يدها مكان الصفعة وأجابته بخوف شديد: والله، والله أنا ك كنت ه هحكيلك أن قاطعها مرة أخري بصفعة أشد قوة وهو يصيح بعدم تصديق: يعني كلامهم صح! كلاااااامهم صح وأنتي خدعتيني وخنتيني! ساد صمت مرعب بينهما وهو يطالعها بعدم تصديق، الذهول هو سيد الموقف! لا يصدق، لا يصدق..
قطعت هي الصمت حين قالت ببكاء مرددة بهستيرية: والله العظيم ما خنتك أنا كذبت عشان كنت خايفة والله هو الي قالي ه... إنهال عليها بالصفعات المتتالية وسط صراخها وعويلها المتتالي، خرج عن شعوره، إنهار، صُدم وجُرح كيف تجرأت وفعلت هذا! بينما دخلت نجاة إلي الغرفة وهي تلطم على صدرها بصدمة من هذا المنظر، أخذت تمسكه بكل ما أوتيت من قوة حتى تبعده عن أروى التي إنهارت هي الأخري باكية..
أبعدته عنها بأعجوبة، ثم صاحت بحدة: ايه يابني، ايه في ايه الي جرالك البنت هتموت في ايدك معقولة الي بتعمله فيها ده! حرك رأسه نافياً قائلًا بصرامة: لا مش قادر أصدق ازاي، ازاي، ازاي، لينهار ويحطم كل شئ أمامه.. وقف فجأة وهو يُشير لها بسبابته وبصوت متصلب قال: حتة بت زيك تضحك عليا أنا! ده أنتي لبستيني العمة بقي!، عملتي الي محدش عمله كل ده ليه ليييييه عشان الفلوس..!
إندفع نحوها بحركة واحدة وجذبها لتقف على قدميها ثم نزع عن رقبتها السلسلة وقال بإهتياج: كل ده عشان الشبكة الألماس! لدرجة دي انتي رخيصة..! حاولت أن تتكلم، تدافع عن نفسها إلا أنه صاح بها وقال بشراسة: أنتي ط... سرعان ما وضعت يدها على فمه قائلة برجاء من بين شهقاتها: لأ، لأ، أبوس رجلك متقولهاش، بالله عليك ما طلقني وتسبني أنت متعرفش حاجة، أنا مخنتكش يا..
إلا أنه دفعها بقوة لترتطم بالأرض وتقول نجاة بصدمة: يابني انت ايه الي جرالك حد يفهمني، براحة مراتك حامل وكمان عاوز تطلقها لا لا حاول أمير أن يهجم عليها مرة ثانية لكن نجاة أمسكت به وساعدتها ماهيتاب حتى أخرجاته من الغرفة بصعوبة وهو يسب ويلعن ولاول مره يراه أحد على هذه الحالة المذريه..
دفعهما بيده ليهبط الدرج تاركا البيت بأكمله، لتدلف نجاة إلي أروى وتساعدها حتى نهضت لتجلسا على الفراش وتقول نجاة بإشفاق على حالتها: يا حبيبتي، قوليلي يابنتي ايه الي حصل وصل أمير لدرجة دي؟ لم تجيبها أروى بل ظلت تبكي بنحيب وهي تدفن وجهها بين راحتي يديها.. لتقول نجاة بتفهم وهي تنظر إلي إبنتها: - أخرجي أنتي يا ماهيتاب، سبينا لوحدنا شوية.. بالفعل إنصاعت لها ماهيتاب وخرج مغلقة الباب خلفها..
فعادت نجاة تسألها بفضول: إحكيلي إيه الي حصل، متخافيش أنا زي أمك! ما كان من أروى إلا أنها مسحت دموعها المنهمرة وقالت بصوتٍ مرتعش: هحكيلك!
على جانب آخر.. جلست مايا بصحبة صديقتها نرمين، التي قالت لها بصدمة: يا خبر أسود، ايه حامل! ردت مايا بضجر: أيوة، ما أنتي عارفة سمير كنت بحبه قد ايه ويوم ماخد مراده مني سابني وهرب ابن ***** نرمين وهي تلطم على صدرها: طب وأنتي هتعملي ايه دلوقتي؟! لتقول بثبات: أنا لازم أتجوز ماجد بأقصى سرعة، مقدميش حل غير كده يا نرمين!
نرمين بتساؤل: ازاي يابنتي، ما كده هيعرف إنك مش بنت وكمان هتتجوزيه إزاي وهو لا عنده شقة ولا حاجة..! زفرت مايا بحنق وتابعت: - أنا خلاص مش عارفه اعمل ايه، كده هتفضح وخالتي كده كده بتكرهني هترميني في الشارع! لو عرفت وبطني كبرت يادي المصيبة الي أنا فيها! ثم صمتت قليلًا وتابعت بشرود: كده بقي مقدميش حل غير إني أعمل عملية من الي بيعملوها اليومين دول ترجعني بنت تاني!
- مش ممكن مش قادرة أصدق، أنتي يا أروى تعملي كده وتضحكي على أمير وتكذبي عليه! أردفت نجاة بتلك الكلمات بعتاب ممزوج بالغضب.. لتقول أروى من بين بكاؤها: كنت خايفة والله العظيم كنت خايفة ولو أنا وحشة كنت اديت لسامي الورق الي هو عاوزه وهربت من أمير لكن أنا حبيته من قلبي.
نجاة بحزم: ولو، برضو كان لازم تقوليله مش تخدعيه بالشكل ده، لا وكمان أمك عايشة وقوليتله اهلك ماتت وفوق كل ده كنتي عايشة في بيت مشبوه، لالالا ده أنتي زودتيها اوي يابنتي ليه الكذب ده، طب هو يثق فيكي ازاي بعد كده ليه حق طبعا يتجنن بالطريقة دي كل ده كذب! مسحت أروى دموعها وقالت بإختناق: هو لسه معرفش اني كنت عايشة في بيت مشبوه ولا يعرف أن عندي أم..
أغلقت نجاة عينيها بضيق، ثم تابعت بتنهيدة: كمان، ياربي ايه الي بيحصل ده أنا مش قادرة أصدق واصلت أروى بكاؤها المرير لتردف من بين شهقاتها: والله العظيم حبيته من كل قلبي، وعمري ما خنته، هو أول راجل في حياتي رغم كل القرف الي كنت فيه محدش لمسني، كنت بتمني ربنا ينقذني ولما قابلت أمير قولت بس أكيد ده طوق النجاة ليا ولو كنت عرفته حياتي شكلها ايه كان سابني واتخلي عني وأنا كنت بحاول أنفد بجلدي.
هزت نجاة رأسها بعدم تصديق، ثم تابعت بهدوء: يابنتي أنتي كده بوظتي الدنيا أكتر، لو كنتي عرفتيه كده من الأول كان ممكن يتعاطف معاكي إنما دلوقتي مش هيسامحك أنا عارفة أمير!، بس الي في بطنك ملهوش أي ذنب في الي أنتي عملتيه ياريت يقدر يغفرلك.
أجهشت أروى في البكاء مرة ثانية، وقالت بنحيب: ساعديني بالله عليكي، أنا مليش حد وهتحمل أي حاجه منه بس خليه ميطلقنيش أرجوكي كله إلا الطلاق والله أنا إتظلمت كتير وهو الوحيد الي حبيته أشفقت نجاة على حالها ولاحظت نبرة الصدق في حديثها، فربتت على كتفها قائلة بحزن: أوعدك هعمل الي أقدر عليه، أنا مش هسيبك إستهدي بالله نظرت لها أروى بإمتنان، ثم تابعت وقد إطمئنت قليلًا: مش عارفه أقولك ايه، شكرا لحضرتك.
نهضت نجاة قائلة بجدية: قومي اغسلي وشك وربنا يعمل الي فيه الخير..
في منزل السيدة نعمة.. أخذت سلمي ترتب غرفة نومها ولازالت تبكي منذ أن ذهب خالد إلي عمله.. هدأت أخيرًا وقامت بغسل وجهها ثم إرتدت عباءتها وطرحتها وخرجت من الغرفة، لتجد نعمة تجلس بصحبة شروق إبنة شقيقتها.. فإقتربت سلمي بخطوات بطيئة إليهما إلي أن وقفت أمام نعمة وقالت بصوت خافت جدا: أنا آسفة!
إلا أنها لم تتلقي سوي السخرية في حديث نعمة التي قالت متهكمة: آسفك مش مقبول يا حبيبتي!، ولما يجي خالد أنا ليا كلام تاني معاه، لازم يطلقك وتغوري تنزلي عند أمك بلاش قلة أدب! صُدمت سلمي من كلامها الفظ، ونظرت لها بغضب لكنها قالت بهدوء: أنتي بقيتي تكرهيني ليه، أنا عملتلك ايه، مش أنتي كنتي بتقوليلي اني زي بنتك وبتحبيني ليه كده!؟
لوت نعمة فمها بتهكم وتابعت: كان زمان يا حبيبتي، أيام لما مكنتش عارفكم على حقيقتكم، واخوكي الواطي ده رد السجون وفوق كل ده تروحي تبيعي الشبكة الي إبني دفع فيها دم قلبه عشان أخوكي البايظ! صمتت سلمي وٱزدردت ريقها بمرارة، فقالت شروق ساخرة: فعلا عيلة متشرفش! وتجيب العار إحتدت ملامح سلمي ثم قالت بتجهم: أنتي تحترمي نفسك، وملكيش دعوة، بتدخلي ليه يا مهزئة أنتي.!
كادت شروق أن ترد عليها إلا أن نعمة اوقفتها وهي تتابع بحدة: شروق اسكتي أنتي..! فصمتت شروق على مضض وتتحرك سلمي متجهه إلي شقة والدتها.. فتحدثت نعمة بجدية: بلاش تغلطي فيها يا شروق يابنتي، لأن خالد لو عرف مش هيسكتلك اذا كان بيزعل مني أنا شخصيا مابالك انتي بقي.. ثم تابعت بإبتسامة: بس إسم الله عليه حبيبي عمره ماجه عليا عشانها والنهاردة لما غلطت فيا عرفها مقامها!
وقفت سيارة أمير فجأة أمام شركة سامي، ليترجل منها والشر يتطاير من عينيه، ثم دلف وصعد بالمصعد إلي أن توقف المصعد وخرج متجها إلي مكتبه، بينما حاولت السكرتيرة هدي إيقافه إلا أنه دفعها بيده وفتح الباب ثم دلف إلي مكتبه ناظرًا إليه بشراسة! إبتسم سامي بإستفزاز وتابع ببرود: أهلا أمير بيه، معقولة أنت بنفسك في شركتي، قهوة للبيه يا هدي!
أومأت هدي براسها وخرجت، بينما ظل أمير ينظر له بشراسة ثم إقترب منه بحركة واحدة جاذبًا إياه من تلابيبه قائلًا بصياح: اه يا ابن *** ، ده أنا هخليك تبكي بدل الدموع دم حاول سامي إبعاده إلا أنه صر على أسنانه وتابع بغضب جلي: أنت عاوز مني ايه، قولي يمكن أريحك! تحدث سامي بخوف حاول أن يخفيه: أنا مش فاهم أنت بتتكلم عن ايه، فهمني!
قال أمير بصوت مُتصلب: لأ حلوة، لعبتها صح يا كلب يا ابن ****، وإتجوزتها عرفت تلعبها صح يا سامي، بس اللعب لسه مخلصش، والي يلعب معايا خسران يا سامي، قسما بالله لدفعك التمن غالي وغالي أوي يا عرة الرجالة دفعه سامي أخيرًا بيده، ليقول صائحًا بضجر: متغلطش أحسنلك!، أنا مليش علاقه إن البت الي إتجوزتها طلعت شمال أنا مالي! كز أمير على أسنانه وقال بصرامة مخيفة: ااااه، ومين الي باعتها يا *****!
قال سامي بثبات: هي الي جاتلي عشان محتاجة فلوس، وعاوزة تنضف من الشغل الي كانت بتشتغله، زهقت من النوم في حضن الرجالة! إتسعت عيني أمير وكور قبضة يده وقد أصابته إرتجافه خفيفه، ليتابع سامي بحقد: مراتك دي كانت بتشتغل في بيت لمؤاخذة (دعارة ) هي وأختها وأمها! رفع أمير أحد حاجبيه وقال بعدم تصديق: أمها!
ضحك سامي عاليًا وتابع ساخرًا: اه يا باشا أومال ايه، ما هو الست الي جات الفرح وعملت شوشره واختها قالتلك انها شغالة عندها، دي بقي يا نجم تبقي أمهم، والتلاتة شمال لمؤاخذة يا برنس ولما جاتلي بقي المسكينه رورور، صمت قليلًا ليتابع ضاحكا: سوري يا أمير أصلها مشهورة برورو، المهم لما جاتلي عاوزة تبعد ومحتاجة فلوس قولتلها تشتغل عندك عشان أنا مش محتاج سكرتيرة واتفقت معايا تسرق فلوس منك وأنا بس قولتلها هاتيلي ملف الصفقه ماهو لازم أستغلك وأستغلها برضو يا معلم..
بصق أمير في وجهه، ليندفع نحوه مكيلا له عدة لكمات وهو يسبه بإنهيار، ليحاول سامي الدفاع عن نفسه إلا أن أمير كان كالأسد الثائر.. تركه بعد لحظات وهو يقول لاهثًا بإهتياج: قسما بالله لتكون نهايتك على إيدي يا كلب.. ثم توجه صوب الباب ليخرج تاركًا إياه يضحك بإنتصار فحالته أعجبته وبشدة... وفي الأسفل، إستقل أمير سيارته وهو يلهث بعنف، لا يصدق الذي سمعه، هل تزوج ممن أتاحت نفسها للجميع هل إلي هذا الحد إنخدع فيها!
إبتسم بسخرية وهو يردد بعدم تصديق: دعارة!، أروى والدعارة! أروى ليها أم! أروى ضحكت عليا! يود لو أن يصرخ بأعلي صوت، حتى يستريح ولكن أين الراحة وهو ينهار تدريجيًا فماذا أخفت عنه أيضًا!
في الڤيلا.. جلسوا جميعًا في الردهة بعد أن حضر زياد وزوجته دارين... قصت عليهم نجاة ما حدث وما قالته أروى لينصدم زياد الذي قال بذهولٍ تام: مش ممكن، ينهار أبيض، الله يكون في عونك يا أمير لا ده كتير عليه! قالت نجاة بهدوء: يا زياد البنت حكتلي كل حاجة هي اه غلطانة بس عانت كتير.
زياد بعدم إقتناع: عانت ايه يا ماما، دي كذابة وخدعته أنا لو مكانه كان جرالي حاجة من الصدمة، ازاي تبني حياتها معاه على كذبة لأ واختها كمان تعاونها على الكذب..! نجاة بحزن: أختها كانت جاية النهاردة بس إعتذرت كويس انها مجتش والا كان أمير بهدلها هي كمان زياد بتعجب: انتي متعاطفة معاهم كمان يا ماما، حاجة غريبة والله..
عاد أمير بعد قليل إلي الفيلا، ما إن دلف توجهوا إليه جميعا، لتردف نجاة بحذر: حمدالله على السلامه يابني.. تحدث أمير بضياع: هي فين؟ أشارت له نجاة بهدوء: أروى فوق في الاوضه.. سار متجها إلي الدرج ليتبعوه إلا أنه قال بحدة: محدش يجي ورايا! ثم صعد بثبات، لتقول نجاة بقلق: أنا مش مطمنه خالص ده اكيد هيعمل فيها حاجة!
فتح أمير الباب ودلف لتنتفض أروى من الفراش ناهضة بذعر، ، إقترب منها بخطوات متمهلة إلي أن وقف قبالتها وقال بذهول: أنتي مين؟، مين أنتي!، أروى الي حبيتها من قلبي، ولا أروى ال ****** الي عايشة في بيت دعارة هي وأمها وأختها! تسمرت مكانها وأصبح جسدها كلوحا من الثلج، فها قد علم بالكارثة الثانية، إزدردت ريقها بصعوبة بالغة وحملقت به بخوف شديد، فقال هو ساخرًا هادئًا عكس الأعصار التي بداخله...
ايه، كنتي فاكرة إني مش هعرف؟، لأ بس برافو عليكي عرفتي تضحكي عليا وأشهدلك إني طلعت مغفل وعبيط! قالت بصوتٍ مُرتجف: والله كنت خايفة أحكيلك آن... قاطعها بهدوء مريب: تحكيلي ايه، عن عدد الرجالة الي عرفتيهم ولا سامي؟ ولا أمك ولا أختك ولا إيه ولا إيه! بس معلش أنا هعرفك أن الله حق، ألا قوليلي صحيح الي في بطنك ده إبن مين؟ وأوعي تكذبي عشان خلاص كده كده نهايتك على أيدي.
إتسعت حدقتا عيناها بصدمة جليه وهي تتابع بضيق: والله العظيم ما حد لمسني غيرك، أنت إزاي تقول كده آن... توقفت عن الكلام وقد هربت الدماء من عروقها وهي تراه يخلع حزام بنطاله عن خصره وهو يقول بصوتٍ مرعب بعث الرعشة في اوصالها: أنا هعرفك إزاي بقول كده! تراجعت هي للخلف برعب شديد وهي تهتف وقد إنهمرت دموعها: والله العظيم ما حد لمسني غيرك.
كأنه لم يسمعها حيث قام بلف الحزام عدة مرات على يده ورفعه عاليا في الهواء فأصبح كالسياط وهبط به على جسدها النحيل بلا شفقه فصرخت هي عاليا وظلت تتوسل إليه إلا أنه لم يأبه بصرخاتها وزاد من عذابها ليجلدها بعنف وهو يصيح بمرارة: ليه، ليييييه، دبحتيني ليه ليه.. لقد إنهار وفقد سيطرته بالكامل وظل يصفعها بالحزام بعنف إلي أن شحب وجهها وبهت لونها ليكتشف هو أنها فقدت وعيها بعد أن إختفي صوتها تدريجيا..