logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:04 صباحاً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

كانت تقف فى منتصف قاعتها التى تستخدمها فى السحر، تغمض عيناها وتحرك يداها فى الهواء حركات متتالية، لتنتفض رافعة كلتا يديها مرة واحدة، ومع إنتفاضتها إشتعلت النيران بدائرة تحيط بها، بينما فى الخارج كانت الأرض تهتز بقوة ليسرع الجميع بالهرب من المكان.. إنشقت الأرض فجأة وسط الصرخات وإنتشر دخان ضبابي أحمر تصاعد من داخل الشق قبل أن يتبعه كائن عملاق خرج من باطن الأرض يحرك جناحيه بقوة ويهز ذيله يمنة ويسارا فيحطم به بعض التماثيل الموجودة بالجوار، ليسرع السحرة بالهرب بينما يقول أحد السحرة برعب:
-إنه الجني الذى يساعد ملكتنا العظيمة (هيلين)، إنجوا بأنفسكم، فلا ندرى لهلاك من جاء؟

بينما وقفت ساحرة ترتدى عباءة بغطاء رأس يخفى ملامحها، على مسافة ليست ببعيدة تشاهد مايحدث، ترى هذا الكائن يطير بإتجاه إحدى نوافذ القصر، ثم يتوقف للحظات، قبل أن ينطلق محلقا.. فأسرعت بتحريك القلب بعقدها وهي تغمض عيناها تردد فى نفسها:
-إحذرى أيتها العظيمة (سيلين)، لقد أطلقت (هيلانة)التنين الأحمر فى إثرك.

لتفتح عيناها وقد إستقر الخوف فى صدرها، تدرك أن القادم لا يبشر بالخير... أبدا.

كانت تسير بإتجاه (تورانا)بنشاط، تتبعها (ريتان).. توقفت فجأة وأغمضت عينيها تمسك عقدها بطريقة أدركت معها (ريتان)، أنها تتلقى رسالة ما.. إنتظرت حتى فتحت (سيلين)عيناها لتشعر (ريتان)بالخوف وقد ظهر القلق على وجه (الأولى)فلم تجرؤ (ريتان)على سؤالها .. ماخطبها، فقط إستمعت إليها وهي تقول:
-أسرعى.. واجمعى لى بعض أعشاب (السرموز)حتى نلقى التعويذة ونختفى لبعض الوقت .

عقدت (ريتان)حاجبيها قائلة:
-إلى متى نختفى؟ألم تخبرينى أننا قد تأخرنا بالفعل؟
قالت (سيلين)فى حنق:
-لقد تأخرنا حقا، ولكن لابد وأن نختفى حتى يرحل الظلام، وبعدها نستكمل المسيرة مع شروق الشمس، لنعاود الإختفاء من جديد عندما يسدل الليل ستاره.

قالت (ريتان)بحيرة:
-لماذا نهرب من الليل؟
قالت (سيلين)بحنق:
-نحن لا نهرب من الليل، بل نهرب من هذا المخلوق الذى يظهر فقط فى ظلمات الليل، يعشق الظلام كملكته تماما، هذا المخلوق الذى أطلقته (هيلانة)فى إثرنا.

قالت (ريتان)متوجسة:
-أي مخلوق هذا؟
قالت (سيلين):
-التنين الأحمر.
لتتسع عينا (ريتان)... رعبا.

حل الظلام لتعانق السماء القمر، فيرسل ظله على تلك الأشجار الكثيفة، ليتخللها ضوء لا يذكر، فطغى على الغابة سكون مهيب، وكأنها مقبرة لا حياة فيها.. يترصد الغدر بالفرائس فلا ينجو منهم أحدا..

قد يحتاج المرء لقلب لا يهاب الموت كي يستطيع أن يقهر خوفا غريزيا من التجول فى تلك الغابة ليلا، يحتاج للقوة.. للحنكة .. لمهارة البقاء .. وربما كان لديه كل ذلك .. وفى النهاية لا ينجو.
فكل ماينقصه هو القليل من... السحر.

كانا يجتمعان حول تلك النار التى أشعلها (نوار)يفركون أيديهم بالقرب منها فالجو صار باردا بعض الشيئ، تأملت (تارا)(نوار)الذى امسك عصاه الخشبية، يحركها فى النار فتزداد إشتعالا، كان صامتا يحدق بتلك النار، يتجنب النظر إليها أو الحديث إليها منذ أن بدآ تلك الرحلة الغريبة، تتساءل فى حيرة عن سبب ذلك، نظرت إلى النار بدورها ..

تنهدت، وهي ترى تلك الشعلات المتناثرة من النار تخبو ما إن تصل إلى الأرض، تخشى أن تصبح مثلها عندما تصل إلى (أستيريا)فيخبو سحرها ولا تستطيع أن تقهر (هيلانة)فتضيع مع مملكتها إلى الأبد.

شعرت بالحنين، تفتقد عصفورها الذى كانت تتحدث إليه فينتابها شعورا غريبا بالإرتياح.
نظرت إلى (نوار)بإحباط، ترددت قليلا قبل أن تقول:
-لماذا كنت ترفض مساعدتى لك عندما وجدتك يا (نوار)؟

دق قلبه لثوان وتجمدت يده على عصاه وهو يستمع إلى إسمه لأول مرة من فمها، نفض مشاعره جانبا، فهو يحاول بكل مايملك من إرادة أن يحافظ عليها من مشاعره الجامحة والتى تطالبه بإمتلاكها فى التو واللحظة، يتحاشاها ويتجنب الحديث معها، فربما لم تعرفه سوى البارحة بينما ظل هو معها أيام عديدة، فأحبها، وعندما يحب الفارس مليكته، تتضخم مشاعره، تتضاعف حتى أنها تؤلم قلبه بشدة فلا يمنحه الراحة والسعادة سوى إمتلاك محبوبته، لا يسكن نبضاته سوى إحتوائها، يمنحها مشاعره القوية، فتصبح مع عقدها الملكة الأعظم، والتى لا يستطيع مخلوق على وجه الأرض هزيمتها..

سمع صوتها الخافت يهمس بإسمه مرددا:
-نوار !
رفع إليها عيون كالبئر العميق تخفى مشاعره خلف ستار حاول إسداله قدر الإمكان، ليقول بهدوء:
-أخبرتك، لم أكن أثق بجنسكم، فالنساء غادرات.. ينتهزن الفرصة للتخلى عن كل شيئ.

ابتعلت ألمها من كلماته الجارحة، تحاول أن ترضى فضولها الذى يزداد حول هذا الفارس النبيل، لتقول بهدوء:
-كنت تخشى الهجران إذا؟
هز رأسه قائلا ببطئ وغموض:
-بل شيئ أخطر من ذلك، إن لم أقاومه أودى بنهايتي.

طالعته (تارا)بعيون رائعة تغرق بالحيرة:
-ماهو؟
عاد (نوار)ليحرك عصاه بالنار مشيحا بناظريه عنها قائلا:
-ربما أخبرك به يوما؟

قالت بحنق، تدرك أنه يتهرب من إجابتها:
-إذا أجبني.. هل كنت حقا تستمع إلي حين كنت عصفورا؟هل كنت تفهمني؟هل حقا صرت لى يوما صديقا أم أنك فقط مجرد فارس أرسل لحمايتي.

رفع إليها عيون تخللتها نظرة حانية ذكرتها بعصفورها لوهلة، ليقول بحروف ثابتة تحمل يقينا أراد أن يصلها ذبذباته:
-قبل أن أكون فارسك، كنت عصفورك، صديقك.. أو رفيقك، سمنى كما شئتى، ولكن كونى على ثقة.. شعرت بألمك وكأنه ينبعث فى شراييني، وسعدت لسعادتك فغردت ألحاني، لم أكن أتحدث ربما ولكنى أردت الصراخ بك عندما كنتى تشكين إلي وحدتك، أخبرك بأنك لم تعودى وحيدة، بل صار لك...

صمت يتطلع إلى عيونها التى إشتعلت بالمشاعر، وفمها الذى إرتعش تأثرا، ليطرق برأسه أرضا مستطردا:
-صارك لك صديقا تعتمدين عليه.
ساد الصمت قليلا، حتى وصلته همستها بإسمه فرفع عيونه إليها يطالعها بقلب مضطرب لتواجهه عيناها التى شعتا بالمشاعر، يغلب عليها الإمتنان وهي تقول برقة:
-شكرا لك.

كلمتان سارعتا من دقات قلبه وكأنهم فى سباق، زلزلتا كيانه بأكمله، شعر برغبة شديدة فى النهوض ليسرع إليها يغمرها بين ذراعيه، يمنحها إحتواءا أدرك حنينها إليه، يمنحها أمانا يشعر بنبراتها تتوق له، ويمنح نفسه المشتاقة أمانها بدورها، فربما شعر بالهجران من قبل، ولكنه منذ أن رآها هي، (تارا)-نجمته اللامعة-وهو يدرك أنه لم يعد وحيدا مهجورا، بل صارت له رفيقة روح.

تنحنح قائلا:
-احمم، لا داعى للشكر بين الأصدقاء، هيا.. حاولى أن تنالى قسطا من النوم، تحتاجين الراحة، ففى الغد نصل إلى النهر لنقوم بإستدعاء وحشه وإحضار العقد.

نهضت (تارا)قائلة بحيرة:
-ألن تنام ؟إنك بدورك تحتاج إلى الراحة.
عقد حاجبيه وهو يستمع لصوت كاد أن يقسم أنه صوت تنين، ولكنه لم يظهر لها قلقه وهو يقول بهدوء:
-لا أستطيع المغامرة، فوحوش الغابة كثر، وحمايتك واجب علينا.

ظهر التردد على وجهها فإستطرد قائلا بإبتسامة أنارت وجهه الوسيم لتظهر لمعة عيونه الزرقاء فى عتمة الليل:
-لا تقلقى.. أستطيع البقاء يقظا لأيام.. إنها طبيعة الفرسان.
وجدت نفسها تبتسم دون وعي، ليتأمل تلك الهالة من الجمال البريئ والتى أحاطت بها، يدرك أنه حقا محظوظا، فقط لكونه ... فارسها.

قالت (ريتان)بلهفة:
-هل رحل؟
أومأت (سيلين )برأسها وهي تزفر قائلة:
-نعم.. رحل.
قالت (ريتان)بإرتياح:
-حمدا لله.. لقد كدت أموت رعبا وأنا أشعر بأنفاسه الساخنة قريبة من مكاننا.

قالت (سيلين)بحنق:
-عنيد هذا الملعون، كاد أن يكتشف مكاننا ولكننى أطلقت رائحة السمندق، فنفر مبتعدا.
قالت (ريتان)بحيرة:
-لم لم تطلقيها منذ البداية، لماذا إنتظرتى حتى صار الخطر محدقا بنا؟!

قالت (سيلين):
-لا نحمل الكثير من هذا العشب، فهو نادرا للغاية.. لذا علينا الإسراع اليوم لكي نصل إلى (الملكة)، قبل حلول الظلام، فلا أعتقد أننى أستطيع إبعاده اكثر من ذلك، فوحدها (تارا)من تستطيع هزيمته.
عقدت (ريتان)حاجبيها قائلة:
-ولكن كيف؟وهي دون عقدها؟

نظرت (سيلين)إلى الأفق قائلة:
- (تارا)تمتلك السحر بداخلها، فهي سليلة الملكة (جيلان)، إلى جانب أنها وفارسها قوة لا يستهان بها، العقد فقط يضخم قدرات (تارا)، لتستطيع هزيمة (هيلانة)وشيطانها.

أومأت (ريتان)برأسها وكادت أن تتحدث مجددا ولكن (سيلين)أشارت لها بيدها قائلة:
-كفانا حديثا ولنسرع فالشمس قد بزغت من مشرقها وساعات النهار ستنتهى سريعا، فهيا يافتاة، أركضى خلفى ولا تتهاونى.
لتركض (سيلين)تتبعها (ريتان).. بعزم وقوة.

-كلاااااا
هدرت (هيلانة)بصرختها الرافضة وهي تحطم كل ما يقابلها، فأسرعت (أوار)على إثر سماع صرختها وأصوات التحطيم، لتنظر إلى الغرفة بصدمة بينما ملامح (هيلانة)لا تبشر بالخير أبدا، لتقول فى وجل:
-مولاتى.. ماالذى حدث؟

قالت (هيلانة)وهي تجول كليث جريح:
-الملعونة (سيلين)، إستطاعت أن تهرب من تنيني، وربما هي الآن فى طريقها لتلك الفتاة، تحضرها إلى مملكتي وتحطم سلطاني.

قالت (أوار)بسرعة:
-لن تستطيع دون عقدها.
توقفت (هيلانة)عن المسير وهي تنظر بعيون لامعة إلى (أوار)قائلة:
-بالطبع، كيف لم أفكر بذلك، النهر.. بالتأكيد ستذهب للنهر كي تحاول إستعادة العقد، وهناك.. هناك سأبعث لها بتنيني، لنتخلص منها إلى الأبد.

لتطلق ضحكة شيطانية، شاركتها إياها (أوار).. فعندما سيحل الظلام سينطلق التنين الأحمر من جديد ولكن تلك المرة سيذهب مباشرة... إلى النهر.


look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:04 صباحاً   [5]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل السادس

كانت تتبعه بينما يتحرك أمامها بخفة، يزيل تلك الأغصان الشائكة أمامها بسيفه الحاد، تأوهت فجأة، فتوقف (نوار) على الفور ملتفتا إليها، اقترب منها وقد رأى الألم على ملامحها بينما تمسك كتفها بيدها، قال فى لهفة:
-ما الخطب؟

طالعته بإضطراب وقد أثار اقترابه الشديد منها وأنفاسه الساخنة التى لفحتها كيانها، وبعثر مشاعرها، طالعها بحزم قائلا:
-لا تخفى عنى شيئا أخبرتك أننى أشعر بألمك وكأنه ألمي، تلك طبيعتنا.. فهيا أخبرينى، ما خطبك؟

أزالت يدها ببطئ عن كتفها، فظهر جرحها النازف، ليترك (نوار) سيفه يقع أرضا على الفور وهو يخلع عنه وشاحه، ويقسمه بسرعة قائلا:
-كيف جرحتى؟
أشارت لأحد الأغصان قائلة:
-جرحنى هذا الغصن، آسفة، لم أنتبه له.

كان يلف قطعة من القماش على جرحها أثناء حديثها، ثم قام م بربطه برقة وإحكام، غافلا عن عيون تعلقت به، وقلب تسارعت دقاته، إختفى منه الألم وإستقر به فقط مشاعر جامحة تكنها لهذا الفارس، تتعجب لها فلم يمضى على معرفتها به الكثير وها هي ترغب بكل قوتها أن ترتمي فى أحضانه؟ربما لتجد أمانها بعد لحظات من الخوف عاشتها منذ قليل، حانت منه نظرة إليها فلمح نظرة عيونها التى أربكته للحظة قبل أن تشيح بنظراتها عنه، تجلى صوتها وهي تقول بإرتباك:
-احمم، لقد رأيت كائنا ضخما يطوف فى السماء، لونه أحمر قاني، ولديه جناحان عريضان، لقد كان ينفث نارا من فمه.

إستطاعت بكلماتها أن تحول أفكار (نوار) التى كانت تدور حولها، ليعقد حاجبيه قائلا:
-أين رأيته؟
قالت فى حيرة:
-ظهر فجأة فى أفكارى وأمام عينى، فأغمضتها وفتحتها لأجده قد إختفى تماما، وقد تسبب هذا فى تشتيت إنتباهى وجرحى.

قال بهدوء، يحاول بكل جهده أن لا يصيبها بالقلق:
-تمتلكين قدراتك سريعا، هذا شيئ جيد، لقد رأيتى وحش (هيلانة) ، التنين الأحمر، لابد أنها أرسلته خلفنا.
ظهر الخوف فى نبراتها وهي تقول:
-تنين أحمر؟!
أحاط كتفيها بيديه على الفور قائلا:
-لا تخشى شيئا، أنا هنا.

طالعته بعيون جعلته نظراتها يخر ساجدا داخل محراب قلبها، يطالبها بالرحمة، فهو عاشق كما لم يعشق إنسي من قبل، يبغى إرتواء لمشاعر حارقة، يشعر بلهيبها فى ذرات كيانه..
أزال يديه من على كتفيها وهو يمرر يده فى شعره بتوتر قائلا:
-فقط سنكون أكثر حذرا، ونسلك الطرق التى تغطيها الأشجار.. هيا بنا.

أومأت برأسها فى هدوء لينظر (نوار) إلى قرص الشمس الذى أوشك على المغيب قائلا:
-لا أدى لماذا تأخرت العظيمة (سيلين) ، كان من المفترض أن تكون معنا منذ البارحة؟ترى إلى أين ذهبت؟
ليجيبه صوت تخللته نبرات الراحة وهي تقول:
-أنا هنا أيها الفارس النبيل.. خلفك تماما.

إلتفت (نوار) بسرعة فرأت (تارا) إمرأتان جميلتان، تحيطهما هالة من القوة، تناظرها تلك التى تملك شعرا أحمر ويبدو عليها الحكمة بعينين راضيتين، إنحنى (نوار) بإحترام على الفور قائلا:
-سيدتي.

تقدمت (سيلين) منهما تتبعها (ريتان) تتابعهما (تارا) بفضول، قبل أن تربت (سيلين) على كتف (نوار) الذى تنحى جانبا مفسحا لها الطريق، لتتقدم بإتجاه (تارا)، تقف أمامها تطالعها بعيون متأملة، قبل أن تهمس قائلة:
-صرتى تشبهين والدتك الملكة (نشروان) يابنيتى، كثيرا.. كيف حالك؟

ابتلعت (تارا) ريقها قائلة بإضطراب:
-بخير.. هل أنتى...
قاطعتها (سيلين) قائلة:
- (سيلين) .
لتشير إلى (ريتان) مستطردة:
-وتلك (ريتان) ...
لتنحنى هي والأخيرة على الفور قائلة:
-فى خدمتك يامولاتي.
ثم إستقامت ببطئ تنظر إلى ملامحها المضطربة قائلة:
-إعتادى كونك ملكة (أستيريا) ، فهذا قدرك ياحبيبتى.

شعرت (تارا) بقلب مثقل بالخوف، تخشى أن تكون غير صالحة لتكون تلك الملكة التى تنقذ مملكة من سحرة الظلام، إنها مازالت تتعلم حتى أنها لم تتقن توجيه كرات النور خاصتها إلى الهدف فتدمره، أخبرها (نوار) مرارا أن تنقى أفكارها وتركز قليلا ولكنها كانت فى كل مرة تخفق، وبشدة.. حتى أنها دمرت خيمتهما اليوم باكرا.. لتقول بقلق:
-وإن كنت لا أصلح أو لا أستطيع...

قاطعتها (سيلين) وهي تمسك بيديها قائلة فى حزم:
-ستستطيعين.. لا شك فى ذلك؟فأنتى الملكة (تارا) إبنة الملكة (نشروان) حفيدة الملكة (سديم) ، سليلة العظيمة (جيلان) .. تجرى فى دمائك القوة تمتزج بالنقاء والحكمة والطيبة، تمتلكين قوة لا حدود لها تنبع بداخلك وتجرى فى شرايينك، أنتى مستقبل المملكة وأملها، الأمل فى سلام يظلل جنباتها ورخاء يعم الأجواء، ودونك ستضيع المملكة إلى الأبد.

تسللت كلماتها إلى قلب (تارا) لتقول بقوة:
-إذا لا وقت لنضيعه، هيا لننقذ مملكتى.
إبتسمت (سيلين) قائلة:
-حماسك يعجبني، ولكننا يجب أن نكون حذرين، سنختفى ما إن يحل الظلام، ثم نكمل رحلتنا مع إشراقة شمس جديد.

قال (نوار) :
-تخشين التنين الأحمر.. أليس كذلك؟
إلتفتت إليه (سيلين) عاقدة حاجبيها وهي تقول:
-وكيف علمت بشأنه؟هل واجهكما؟
أشار (نوار) إلى (تارا) قائلا:
-بل رأته فى أفكارها.

نظرت (سيلين) إلى (تارا) قائلة بسعادة:
-تحصلين على قدراتك بسرعة، هذا بالتأكيد فى صالحنا، لا تخشى شيئا، ستهزمينه ما إن تحصلين على العقد، لذا هيا نختار بقعة لنرتاح بها قليلا، وفى الغد نكمل رحلتنا.. الليل طويل وفى الليل يترصد الغدر بالفرائس فلا ينجو منهم أحدا، ونحن بالتأكيد لا نريد أن نصبح إحدى تلك الفرائس.. أليس كذلك؟

أومأوا جميعا برءوسهم، ليتجهوا إلى تلك البقعة التى أشار إليها (نوار) .. يتحركون بحذر وقد بدأ الليل يسدل ستاره على الغابة.

كانوا يجلسون حول النار، تحيطهم دائرة من غلاف غير مرئي يخفيهم عن أعين الجميع، تطالع (سيلين) السماء بعينيها كل مدة، تتنفس الصعداء حين لا تسمع صوته الملعون او تراه فى الأجواء، تنتابها بعض الحيرة الممتزجة بالقلق لذلك، بينما كانت (تارا) تختلس النظرات ل (نوار) ويبادلها بدوره، غافلان عن عينان تابعتا نظراتهما المختلسة، والتى تعبر عن دواخلهما، لتوكز (سيلين) مشيرة إليهما، تابعت الأخيرة ما يحدث بعدم رضا، ترفض تهربهما من مشاعرهما، وإنتظارهما كل هذا الوقت للإعتراف بتلك المشاعر، ففى كل العصور المنصرمة كان لقاء الملكة بفارسها قدر وإتحادهما على الفور توق يطاردهما حتى يحققانه، فلماذا يختلف هذا الثنائي؟

هل لإبتعاد (تارا) عن مملكتها وتربيتها بعيدا عن حضارتها دخل فى ذلك؟أم لتخلى والدة (نوار) عنه دورا كبيرا فى هذا التردد؟أم ماذا؟
أصابها القلق.. فلكي يستطيعوا القضاء على (هيلانة) لابد من إتحادهما الحتمي وبأقصى سرعة.

حاولت تجاهل أفكارها المقلقة، وهي توجه حديثها إلى (تارا) قائلة:
-أخبرينى يابنيتى، ماذا تعرفين عن مملكتنا؟
قالت (تارا) :
-الكثير، أخبرنى عنها ( نوار) مايكفى، ولكن...

صمتت (تارا) فشعر الجميع بترددها، ليستحثها ( نوار) قائلا:
-ولكن ماذا يامولاتى؟
طالعته (تارا) بعينين مضطربتان تقول بتردد:
-ما أخبرتنى به عن سحرة الظلام، خاصة
تلك الساحرة (هيلانة) يخيفنى، يجعلنى أتساءل، ترى هل أستطيع هزيمتها وأنقذ مملكتى أم أتخاذل وأهلكها معى؟
قال (نوار ) على الفور بكل حزم:
-بل ستهزمين الجميع وبسهولة، تمتلكين القلب والعزيمة والسحر وأنا أثق بك تماما.

طالعته للحظات بعيون شعت بإمتنان فكلماته البسيطة جعلت شعاع من الثقة ينبثق بقلبها ليختفى الإضطراب من ملامحها ويحل الثبات، إختفى القلق من قلب (سيلين) وهي تدرك أن هذا الثنائي سيتحد قريبا، فذبذبات مشاعرهما قوية، تصلها بوضوح، ربما يحتاجان فقط بعض الوقت ولكن هذا للأسف مالا يملكونه حاليا.

ولكن صبرا فربما كل شيئ يسير فى صالحهما فى النهاية، لتقول بهدوء:
-أتفق مع (نوار) ، أثق بك عزيزتى، فأنتى تحصلين على قدراتك بسرعة وتتحكمين فيها بشكل رائع، فلقد رأيت كيف جمدتى ذلك الغصن من الشجرة قبل أن يقع على (نوار) ثم ركلتيه بعيدا فقط بإشارة من يديكى، بقدراتك تلك إلى جانب العقد وإتحاد...

صمتت تلاحظ نظرات (نوار ) التى تمنعها من إخبارها عن إتحادهما المرتقب، لتستطرد قائلة:
-اقصد إتحاده مع قلبك النقي.. كل ذلك سيؤهلك بلا شك للقضاء على (هيلانة) ، فى الغد بإذن الله سنفترق، تذهبين مع ( نوار ) إلى النهر، لتحضرين العقد، بينما أذهب مع (ريتان) لأحضر بعض الغبار السحري لنتمكن من العودة جميعا إلى مملكتنا.

قال (نوار) بدهشة:
-ولماذا نفترق؟نستطيع جميعا الذهاب إلى النهر ثم البحث عن الغبار أيتها العظيمة (سيلين) .

هزت رأسها رفضا ليتمايل شعرها الأحمر ويتوهج قليلا مع عيونها الغامضة فى تلك اللحظة وهي تقول:
-لا وقت لدينا لنضيعه.. سأترككم الآن لتتدربوا قليلا، بينما أنال أنا و (ريتان) قسطا من النوم، فلم تغفل عيوننا للحظة منذ أن تركنا (أستيريا) ، إن ظهر التنين الأحمر أيقظانا.

أومآ برأسيهما، فنهضت لينهضوا جميعا قبل أن تحييهما بعينيها وتتجه لخيمتها تتبعها (ريتان) ، تابعاها بعيونهم، ثم نظرا إلى بعضهما البعض للحظات قبل أن يمسك (نوار) بقطعة من الحجر يضعها بين يديه قائلا بهدوء:
-هيا لنتدرب.. شقيها إلى نصفين.

عقدت (تارا) حاجبيها قائلة بصدمة:
-ماذا؟
قال بحزم:
-شقيها إلى نصفين بكرات النور خاصتك.
قالت بخوف:
-لا أستطيع، قد أؤذيك.
طالعها بعينيه العميقتين ونظراته التى تسللت إلى روحها قائلا بثبات:
-ألم أقل أننى أثق بك.. هيا تستطيعين فعل ذلك.

طالعته للحظات لتدرك أنه بالفعل يثق بها بينما هي لا تثق بنفسها البتة، ولكن نظراته بثت فى روحها العزيمة، لتغمض عيناها للحظة تأخذ نفسا عميقا، تدرك أن أي خطأ منها قد يودى بحياة فارسها، قبل أن تفتح عيونها بحزم وتضم يداها تخرج منهما كرة من النور، وجهتها لتلك الصخرة فإنشقت إلى نصفين، ليبتسم (نوار) قائلا:
-رائع.. أخبرتك أنك قادرة على فعلها.

لتبتسم (تارا) فى سعادة قائلة:
-نعم نعم أخبرتنى، وأنا سعيدة للغاية.
قال بحنان:
-سعيد لسعادتك.
طالعته بنظرة جمعت بين الحب والإمتنان، لتلمع عيناها قائلة:
-هيا.. إلي بالمزيد.
إتسعت إبتسامته قبل أن يتجه لإحضار المزيد من الأحجار، بينما أسدلت (سيلين) ستار خيمتها وإبتسمت... براحة.

حانت لحظة الوداع...
تنحت (سيلين) ب (نوار) جانبا وهي تقول:
-لا أدرى سببا لحجبك تلك المعلومة عنها، رغم أنك تدرك أهمية إتحادكما لتصبح (تارا) ملكة لا تقهر.
قال (نوار) بهدوء:
-لا أريد أن ترى فى إتحادنا إلزاما، أريد أن تحدوها الرغبة فى إتحادنا دون إجبار، أن تنبع تلك الرغبة من أعماق قلبها، أريدها عاشقة مثلى تماما.

قالت (سيلين) بحنق:
-لا وقت لدينا لتلك الترهات يا (نوار) ، مستقبل مملكتنا على المحك.
طالعها بعيون حازمة وهو يقول:
-أنتى من فعل ذلك أيتها العظيمة (سيلين).
عقدت حاجبيها قائلة:
-أنا؟!

قال بثبات:
-نعم.. أنتى من حولتيتى عصفورا وأرسلتنى مرافقا لها، فجعلتينى عاشقا لا فارسا مقدرا لملكة، تدركين إختلافى منذ اليوم الأول، فقد نشأت فى كنفك منذ الصبا، تعلمين أنى حين أحب، أعشق بقوة وحين أكره، أمقت بقوة أيضا، مشاعرى تملكنى ولا أستطيع التحكم فيها بل أسعى لإرضائها، ولن أرتاح حتى تبادلنى (تارا) مشاعرى بنفس القوة.

زفرت (سيلين) تدرك أنه محق تماما، لذا قالت بهدوء:
-حسنا.. ولكن بالله عليك لا تضع الوقت.
ربت على يدها قائلا:
-إطمأنى.
هزت رأسها فقال مستطردا:
-والآن أخبرينى السبب الحقيقي وراء رغبتك فى الفراق.

إبتسمت لفطنته قائلة:
-فتى ذكي، بعد ان أحضر بعض الغبار السحري سأذهب للفرار من سحرة النور فى مدينة الأطلال الضائعة، أبحث عن دعمهم، لا أريد ل (تارا) ان تشعر بالخذلان إن رفضوا مساعدتى.

أومأ برأسه موافقا قبل أن يقول:
-حسنا فعلتى.
ربتت على يده قائلة:
-أستودعكما الله، كونا حذرين، فإختفاء وحش (هيلانة) ، وعدم ظهوره بالأمس يقلقني.ذ
قال بإبتسامة:
-لا تخشى شيئا، سأوقظ ( تارا) ونرحل على الفور وسأضعها نصب عينى، فإلى لقاء قريب.

أومأت برأسها قبل أن تبتعد مع (ريتان) التى كانت تنتظرها بينما تسللت (تارا) عائدة إلى الخيمة بسرعة، قبل أن يراها أحد، تدور تلك الكلمات التى سمعتها برأسها دون توقف.


look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:05 صباحاً   [6]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل السابع

كان (نوار) يتقدم (تارا) شاحذا كل حواسه لأي هجوم غاشم قد تقوم به (هيلانة) أو أعوانها، غافلا عن نظرات (تارا) التى إنصبت عليه، تلاحظ كل حركة أو همسة تصدر منه، تتساءل فى حيرة عما سمعته من حديث دار بينه وبين (سيلين)، تدرك لأول مرة مشاعره القوية تجاهها كما تدرك مشاعرها، تتساءل بحيرة، هل انبثقت مشاعرهم تلك لكونهما مقدران لبعضهما البعض؟

ألهذا أحبته حين كان عصفورا، وعشقته فارسا؟
ألهذا شعرت بذلك الرباط الغريب بينهما؟
هل قدرها عشقه وإتحادها معه برباط أبدي ؟
هل كانت لتحبه وحده دون سواه؟
وهل كانا ليلتقيا على أية حال؟

خبطت رأسها بخفة هامسة لنفسها بحنق:
-بالطبع يافتاة.. إنه القدر.

توقف (نوار ) فجأة وإلتفت إليها حين وصلته همستها، فإرتطمت بصدره القوى لترتد للخلف تكاد أن تسقط، فمد ذراعه بسرعة وجذبها فإرتدت إليه ترتطم بصدره مجددا، ليحيطها على الفور بذراعيه، تسارعت دقات قلبها بقوة وهي تشعر بخافقه الذى تدوى دقاته تحت يدها بينما أغمض هو عيناه يستشعر قربها منه لأول مرة، ليفتحهما مجددا وهو يشعر بها تتململ خارجة من بين ذراعيه، تطرق برأسها ربما خجلا منه، ليبتسم للحظة قبل ان تزول إبتسامته وهو يسألها برقة:
-أي قدر تقصدين؟

رفعت إليه عينان حائرتان فإستطرد قائلا بهدوء:
-قبل هذا الحادث الصغير، كنت تتمتمين بشيئ عن القدر.. عن أي قدر تتحدثين؟

شعرت بالإضطراب، لقد سمعها إذا، نفضت مشاعرها العاشقة والتى تجعلها تائهة كعصفور فقد القدرة على الطيران، ليستعيدها فجأة، يشعر بقدرته على التحليق ولكنه يخشى السقوط، لتقول بإرتباك:
-فقط كنت أفكر فى الأحداث الماضية، لأدرك أن كل ماعشته كان قدرى، أقصد خروجى من مملكتى ثم عثورى عليك وكل هذا.. إنه القدر.. أليس كذلك؟

تأملها للحظات يشبع روحه من ملامحها الجميلة البريئة المرتبكة قبل أن يميل ناظرا إلى عمق عينيها قائلا:
-نعم.. إنه القدر يامولاتى، قدرك هو أن تكونى نجمة (أستيريا) ، أن تلمعى فى سمائها فتبعثين النور فى أرجائها، قدرك أن تكونى تعويذة حب تجلب إلى قلوب شعبها عشقا للوطن ليدافعوا عنه بأرواحهم، قدرك أن تكونى هنا.. معى.. فى مهمة لإستعادة كل ماهو حقك، فكونى على ثقة بأن قدرك أن تكونى ملكة (أستيريا) ، أن تكونى مولاتى و..

ليستطرد فى نفسه:
-و (حبيبتى) .
كانت (تارا) تشعر بالتيه فى نظراته وهمساته، يدق قلبها عشقا لفارسها، لتقول بهمس:
-و...

إستقام عندما سمع صوتا أثار القلق فى أوصاله، ليشير إليها بالصمت، يستمع بإنتباه ليتردد الصوت مجددا وهو يقول بحذر:
-إنه التنين الأحمر.. نحن على مشارف النهر، لقد علمت (هيلانة) بمخططنا فإتبعينى، ولا تتهورى، فمازال العقد مفقودا ولم نتح... أقصد أنك لم تحصلين على كل قواك بعد، لذا يجب علينا الحذر.. إتفقنا؟

أومأت برأسها وقد تسلل الخوف إلى أوصالها للحظة قبل أن تشعر بالأمان مجددا و (نوار) يشهر سيفه، يتقدمها بخطوات ثابتة.

قالت (ريتان) بسعادة:
-أنهينا مهمتنا بنجاح وأصبح لدينا غبار سحري يكفينا للعودة إلى مملكتنا جميعا، بل يكفي لإعادة جيش بأكمله، فهيا بنا نستعد للعودة، فلا وقت لدينا لنضيعه.

قالت (سيلين) وهي تضع الغبار السحري بحرص فى حقيبتها التى تلفها حول خصرها:
-ليس الآن، لدينا مهمة لا تقل أهمية عن إحضار الغبار السحري، لتساعدنا على هزيمة تلك الملعونة.
عقدت (ريتان) حاجبيها قائلة :
-أية مهمة؟

تألقت عيون (سيلين) وتوهج شعرها الأحمر وهي تقول:
-إعادة الفرار إلى وطنهم.
لتمسك حفنة محسوبة من الغبار وتتمسك بيد (ريتان) تنثر الغبار عليهما قائلة:
-إلى مدينة الأطلال الضائعة.
لتختفيان فى ثوان وكأنهما لم تكونا هنا ... منذ لحظات.

وصل (نوار) و (تارا) إلى النهر، فتعجبت ( تارا) من جمال النهر وإختلافه عن جميع الأنهار التى عرفتها، فمياهه صافية نقية يستطيع المرء من خلالها أن يرى أدق تفاصيل أعماقه الذى يتلألأ وكأن قاعه قد من اللؤلؤ النقي المنثور، بينما تحيط جوانب النهر بعض الشجيرات حمراء اللون يزينها فاكهة أرجوانية لم تراها (تارا) من قبل، أسرعت (تارا) إلى إحداها تريد أن تقطفها ولكن يد (نوار) كانت أسرع منها فأمسكتها تمنعها، نظرت إليه فى حيرة فقال فى هدوء:

-كدتى أن تفسدى كل شيئ يامولاتي، فنهر الخيزران الأعظم كما أخبرتك يحتوى على وحش عظيم، ما كدتى تقطفينه هو غذائه .. الذى ينمو على شجيراته فقط ثم يسقط إليه بالنهر فيأكله، ومن يجرؤ على قطف إحداها يثير غضب وحش النهر فيخرج على الفور ويسحب من فعل ذلك إلى أعماقه للأبد، حتى وإن كانت ملكته التى يخدمها هي فقط، فالأحرى بها أن تعرف ذلك عنه دون غيرها.

تجمدت (تارا) خوفا وقد كادت ان تلقى نفس المصير، شعر بإرتعاشة يدها بين يديه فقال بحنو:
-لا بأس .. لم يحدث شيئ.
نفضت يدها قائلة بحنق:
-بل حدث، أنا لا أعرف شيئا عن مملكتى أو مخلوقاتها، لم أنشأ فيها طوال عمرى فأدرك خباياها، كيف سأواجه المجهول إن كنت جاهلة بتفاصيل ماضي، أخبرنى؟

اقترب منها يمسك كتفيها قائلا بحزم:
-معى.. ستواجهينه معى، وثقى أننى لن أتركك مادمت حيا، لا تتخاذلي الآن ونحن على مشارف المملكة، دعى عنك الخوف الذى جعلتك (مهيرة) تعانينه، وإبحثى فى أعماقك عن تلك الفتاة الجسورة التى أراها فى عينيك كلما نظرت إليهما، تلك التى لا تخشى المخاطر إن كان فيها إرجاع الحقوق لأصحابها ونصرة الضعيف، هل نسيتى كيف وقفتى ضد (مهيرة) حين أرادت قتلي؟هل نسيتى تصديكى لها وتحملك جلدها وعذابها من أجلي، لم تدافعى عن نفسك ضد ظلمها ولكنك دافعتى عني، عن مخلوق لا حول له ولا قوة.. هناك فى مملكة (أستيريا) شعب يعانى الظلم والهوان، لا حول له ولا قوة، ينتظر مليكته التى سترفع عنه هذا الظلم، فالآن والآن فقط يجب عليك إتخاذ القرار، إما أن تثقى أنك تستطيعين إنقاذ هذا الشعب أو ترحلى وتتركيه لمصيره .. إلى الأبد.

لم يدرى (نوار) كم أثرت فيها كلماته، لقد أزالت كل شك فى قلبها وشحذتها بطاقة من الإصرار لا حصر لها، ليظهر العزم والقوة فى عينيها وهي تقول:
-بل سأبقى وسأحارب من أجلهم، فقط عدنى أن تكون إلى جواري دائما ولا تترك يدي أبدا.
إبتسم (نوار) فأضاء وجهه وهو يضغط على كتفيها قائلا بإصرار :
-أعدك يامولاتي.. أعدك.

كادت أن تقول شيئا ولكنها فوجئت ب (نوار) يدفعها جانبا بقوة لتسقط ويسقط بجوارها قبل أن ترى شعاعا من النار يخترق مكانهما الذى كانا يقفان به منذ لحظة، نظرت إلى ( نوار ) الذى نهض على الفور يجرى قائلا بسرعة:
-إختبئي يا (تارا) خلف الشجيرات، ولا تظهرى أبدا أو تصدرى صوتا.

أسرعت (تارا) تنفذ أوامره، بينما تتابعه بعينيها وهو يهرب من أشعة النار التى يطلقها هذا الكائن الضخم أحمر اللون، إنه التنين الأحمر كما يبدو، شعرت بالرعب وهذا الشعاع الاخير يكاد أن يمسه، فخرجت رغما عنها من الشجيرات تحذره، فرآها التنين وإتجه إليها، رأى (نوار) التنين وهو ينوي الفتك بها فأصابه الرعب، خاصة وهذا التنين يقترب من الأرض بتلك الصورة الخطيرة والتى ستجعل شعاعه يصيبها لا محالة، صعد على الصخر بسرعة ليقفز معتليا ظهر التنين، كاد أن يسقط ولكنه تمالك نفسه وهو يطعن التنين فى جانبه فتلوى التنين مبتعدا، بينما سقط (نوار) من على ظهره يتجه بقوة نحو الأرض، ولكن قبل أن يرتطم بها..،

أحاطته هالة من النور وكأنها وسادة هوائية هدهدته برقة واضعة إياه على الأرض، لينظر إلى (تارا) التى أنقذته بإمتنان للحظة قبل أن يشير إليها بالعودة إلى مكانها، فأطاعته على الفور، ليسرع هو بإتجاه الشجيرات بالجانب الآخر، يصفر للتنين الذى عاد من جديد، تشتعل عيونه برغبة عاتية بالإنتقام، تتركز عيناه على هذا الذى يجرى مختبئا فى تلك الشجيرات ليقترب منه بشدة مرسلا أشعته المميتة لتحرق بعض تلك الشجيرات، فإذا بكائن مهيب يشبه الديناصور يشق النهر صاعدا منه ليبلغ عنان السماء خاطفا التنين بلمح البصر وآخذا إياه إلى الأعماق بينما يتلوى التنين بصرخة إحتبست داخل المياه، لتخرج (تارا) على الفور..،

تتجه إلى تلك الشجيرات المحترقة، تصرخ منادية بإسمه دون مجيب، لتسقط أرضا باكية بحرقة، تغمض عيناها مطرقة برأسها أرضا، تردد إسمه من بين شهقاتها، لتنتفض حين أحاطت يدين بكتفيها، تنهضها لتفتح عيناها بقوة فرأت عيون زرقاء حانية ترمقها بحب، إندفعت على الفور مرتمية بين ذراعي صاحبها، ليضمها هو بقوة بينما تردد هي من بين دموعها:
-حمدا لله على سلامتك، لقد ظننت أننى فقدتك إلى الأبد، لم أكن لأحتمل يا (نوار) ، لقد فقدت الأهل والملك من قبل ولكننى مازلت حية، فراقك وحده القادر على إذهاق روحي، فأنا أحبك .. أحبك يا (نوار) .

فتح عيونه المغمضتين فى صدمة قبل أن يخرجها من حضنه يطالعها بلهفة قائلا:
-حقا يا (تارا) ، تحبينني؟
اومأت برأسها دون تردد، ليضمها مجددا بقوة، يريد أن يسكنها أضلعه، وهو يقول:
-وأنا أحبك ياحبيبتى، أحبك كما لم أحب مخلوق قط.
إستكانت بين ذراعيه تشعر بالراحة لإعترافها، لتقول بحب:
-أعلم، لقد سمعت حديثك مع (سيلين).
أخرجها من حضنه مجددا وهو يمسك كتفيها بيديه يطالعها متوجسا، قائلا:
-أي حديث؟!

طالعته بثبات قائلة:
-حديثك هذا الصباح، لقد سمعت كل شيئ، اعترافك بأنك تكن مشاعرا تجاهي، خوفك من أن أعرف فأرى فى إتحادنا إلزاما، إختلافك كعاشق تبغى أن أبادلك نفس العشق قوة، ذهاب (سيلين) لمدينة الﻹطلال الضائعة.. كل شيئ.
طالعها بقلق قائلا:
-ألهذا إعترفتى بمشاعرك تجاهي؟!

رفعت إحدى يداها تربت على يده الرابضة على كتفيها قائلة بعيون تنبض بالعشق:
-لا، بل هو شعورى بأننى على وشك فقدانك للأبد، لقد شعرت بأن روحي قد إقتلعت من جسدى بقسوة، وكأن آلاف من السكاكين تتغز كل ذرة فى كياني، لقد شعرت بالموت يا (نوار) وقد عدت إلي فأعدت إلي روحي.

طالعها بعشق قبل أن يقول بتردد:
-إذا .. هل توافقين على إتحادنا؟
أطرقت برأسها خجلا قائلة:
-نعم ولكن...
صمتت فمد يده يرفع ذقنها لتواجهه عيناها الرائعتين هامسا:
-ولكن ماذا؟
قالت بدقات تشتعل عشقا إمتزج بالخجل:
-دعنا فى البداية نحصل على العقد، ولنرى بعدها ما يحدث.

إبتسم بحنان قبل أن يميل مقبلا جبهتها بعشق، مغمض العينان، ليتمهل على جبينها للحظة بشفتيه قبل أن يبتعد عنها مطالعا إياها بحب قائلا:
-هيا مليكتي، إستدعى وحشك.

لتلمع عيناها، وتنهض بثبات بينما إبتعد عنها (نوار) قليلا.. لتحرك يداها فى الهواء حركات متتالية، قبل أن ترفع يدها التى أنارت بضوء قوي، سلطته على النهر قائلة بصوت صادح:
-بإسم (جيلان) ملكة السحر فى كل العصور، وبإسم ماحفر فى عقدها من كلمات ونذور، آمرك أيها الوحش بالظهور، وإطاعة مليكتك.. (تارا) ملكة النور.

تراجعت (تارا ) خطوة للوراء والنهر ينشق فجأة ويخرج منه هذا الكائن العملاق، يقف مهيبا وسط النهر، يطالع بعينيه عيون (تارا) يتحدث إليها دون كلمات فتصلها كلماته، يقول بإحترام:
-مرحبا مليكة النور، أمرك مطاع، قدر المستطاع.. فأخبري وحشك بأمرك، أجيبه بإنصياع.

حادثته بعقلها قائلة:
-أحضر عقدي، لأستعيد ملكي، وأحرر مملكتي من الظلم والعدوان.
غاص الوحش فى النهر لثوان ثم عاد مجددا يشق سطحه الهادئ، مد يده إليها بعقد رائع تضوي جواهره فتنير عتمة الليل بالألوان.. ليقول دون ان يتفوه بكلمة:
-تقدمى مليكتي كي تحصلى على عقدك الثمين.

تطلعت (تارا) إلى فارسها الذى لايدرى شيئا عن هذا الحوار الصامت ليومئ لها برأسه يطمأنها بعينيه، إطمأنت (تارا) بالفعل عندما رأت تلك الإبتسامة التى ظللت شفتيه لتتقدم بإتجاه النهر بهدوء، حتى توقفت على حافته، ليلقى الوحش بالعقد بإتجاه (تارا) فإلتف حول جيدها وحده، يضوي بنور قوي، لتشعر (تارا) بالقوة تسري فى كيانها، يشع شعرها الأسود وعيونها بالضياء، لتنظر بسعادة بإتجاه (نوار ) الذى يتابع كل شيئ ... بإنبهار.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 3 < 1 2 3 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1760 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1264 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1315 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1128 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2051 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، تعويذة ، الحب ،












الساعة الآن 09:35 AM