logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





12-03-2022 01:01 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10











t22094_8676
لتقوم بغرز السكين فى قلبها بسرعة فوقعت أرضا جثة هامدة، أطلق (نوار)صرخة مريرة وهو يرى والدته قتيلة أسفل قدمي (هيلانة)، ليتقدم بإتجاهها فتمسكت (تارا) بيده، نظر إليها بأعين زائغة، فقالت له بعينين مغروقتين بالدموع، تشعر بهذا الألم الرابض بصدره:
-لا تمنحها ماتريد، هي فقط تريد إبعادك عنى، تريد أن تقترب منها فيسهل عليها قتلك ثم قتلي، تعلم أن فى وجودنا معا قوة لا قبل لها بها، لا تذهب (نوار)، فنضيع معا وتضيع مملكتنا.

شعرت بجسده المشدود يلين مع كلماتها وعيونه تستقر رويدا رويدا ،تثبت نظراته ويعود إليه رشده، يومئ لها برأسه،فبادلته إيمائته، ثم طالعا (هيلانة)التى رأت نظرات الحب تمتزج بالقوة فى عيونهم بينما رأت السخرية فى عيون (سيلين) مما أصابها الغضب لتقول موجهة حديثها إلى (تارا):
-هراء.. دمك النقي.. نسبك وهذه الكلمات الفارغة عن الحب والوفاء، فليذهب كل شيئ إلى الجحيم حيث ستذهبين بدورك أيتها البلهاء أنتى وأعوانك الأغبياء، فمن الجنون أن تظنوا أنفسكم قادرين على هزيمتي وأنا معي شيطان الجن (ثالوث).. هيا.. اهجموا سحرة الظلام، أزهقوا أرواحهم دون رحمة، إجعلوهم يدركون من نحن وماذا نستطيع أن نفعل بهم...
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الأول

تأملت (نشروان)وجه صغيرتها الجميلة (تارا)بحنان، مدت يدها تملس على وجنتها برقة قائلة:
-نامى بسلام ياصغيرتي، وانعمى بالراحة فمستقبل مملكتنا سيقع يوما بين يديك.

لتتطلع إلى الأمام فى شرود قائلة:
-مهمتك لن تكون سهلة على الإطلاق، فلطالما أراد سحرة الظلام أن يحكموا مملكتنا العظيمة (أستيريا)، ولكن دائما كنا لهم بالمرصاد نحبط محاولاتهم العقيمة للسيطرة على مدينتنا، طوال حياتنا ونحن نعيش صراعا دمويا بين الخير والشر، بين سحرة النور وسحرة الظلام، وقد كان الفوز دائما حليفا لنا .. فمليكة سحرة النور لطالما كانت الأقوى بين السحرة جميعا، بعقدها السحري الذى لا يمنح قوته لسواها .. لتصبح أقوى مايمكن حين تتحد مع فارسها برباط الزواج المقدس فتستطيع هزيمة كل محاولات سحرة الظلام لإعتلاء العرش ودحضها فى مهدها.. لننعم بالسلام إلى الأبد.

ولقد كانت الحياة تبدو رائعة.. مستقرة بالفعل فى مملكتنا ( أستيريا).

لتنظر إلى وجهها الملائكي مستطردة:
-خاصة بعد أن أنجبتك حبيبتى .. فتاة رائعة الجمال.. بيضاء ذات وجه مستدير كالبدر وشعر أسود كالليل فأسميتك (تارا)، نجمة أستيريا الجميلة، لتصبحين أمل سكان المملكة فى سنوات عديدة قادمة من الرخاء... ولكن ...

غضنت جبينها وهي تستطرد:
-غيمة سوداء ظللت سلام مملكتنا حين
أطاحت (هيلانة)، إحدى ساحرات الظلام ب (رنوة)ملكتهم، واعتلت عرشهم ليخضع لها الجميع وهم يرون فى عيونها عهد جديد يتسيد فيه السحر الأسود ليعلو شأنه ويزدهر دون رادع.. وهذا مايقلقنى حقا.. شعور غامض يكتنفني بأن شيئا ما على وشك الحدوث.. شيئا بغيضا كريها لا أود حتى التفكير فيه.

لتلمس بيدها هذا العقد الذى يقبع حول عنقها قائلة بحزم:
-ولكن لاتخشى شيئا حبيبتى.. طالما أرتدى هذا العقد حول عنقى فلن تستطيع (هيلانة)فعل أي شيئ.

لتميل على جبهتها تقبلها بحنان، ثم تستقيم قائلة:
-نامى حبيبتي بأمان، فلن أدعها تمسك أو تمس مملكتنا بسوء.

لتلقى نظرة على عيون طفلتها الناعسة برضا قبل أن تغادر الحجرة لتنال بدورها قسطا من الراحة، فعلى غير العادة هي تشعر بدوار ورغبة بالنوم فى هذا الوقت المبكر من اليوم.

لم تكن الملكة ( نشروان)تعلم أن دوارها وراءه (هيلانة )التى وضعت بالفعل خطة جهنمية بالتعاون مع بعض سحرة النور الطامعين بالسلطة، ليتم تخدير الملكة وفارسها .. لتدلف (هيلانة )إلى القصر تذبح الفارس، وتسرق العقد من رقبة (نشروان)قبل أن تذبحها بدورها بدم بارد وعيون تلمع بالشر.

ثم إتجهت إلى غرفة الصغيرة لتقتل آخر سلالة الملكة (جيلان)، الملكة الأم لكل سحرة النور.. ولكنها لم تجدها فى مهدها بل وجدت ذلك المهد فارغا لتصرخ بكل قوة غاضبة، تدرك أن حكمها مازال مهددا طالما تلك الفتاة على قيد الحياة، تنوى أن تبحث عنها هي وأتباعها، فلن يرتاح لها بال حتى تجدها.

فى مكان بعيد عن مملكة (أستيريا)، كانت تقف (سيلين)إحدى ساحرات النور على عتبة منزل صغير، تحمل فى يدها طفلة، مالت عليها تلامس وجنتها برقة قائلة بحزن:
-رغما عنى أتركك حبيبتى، كي أحميكى من غدر (هيلانة)، أحمد الله أننى شككت بالأمر حين رأيت (ديانا)تتلفت يمينا وشمالا وهي تغادر حجرة ملكتنا الراحلة (نشروان)تحمل أكواب اللبن الفارغة، لأشك فى هذا الظلام الذى أحاط ببلورتي السحرية ومنعني من رؤية أحوال المملكة كعادتي كل يوم.. فأدركت أن هناك شر يحيط بمليكتي وطفلتها .. للأسف لم أستطع أن أنقذ ملكتنا وقد رأيت (هيلانة)وأتباعها من سحرة الظلام والنور يدلفون إلى القصر، فهرعت إليك أحاول إنقاذ مستقبل مملكتنا.. وها أنا ذا أحضرك لهذا المنزل.. أبر بوعدى لمليكتي أن أحمى مملكة النور بأي ثمن، إن أصحابه لا ينجبون، سيعدونك طفلتهم وستنشأين فى كنفهم، حتى يحين الموعد وتصبحين قوية كي تطيحين ب (هيلانة)وأعوانها، فإلى لقاء ليس ببعيد حبيبتى.. إلى لقاء قريب.

إبتسمت ( تارا)تداعب يدها بأصابعها الصغيرة، فسقطت من عيني (سيلين)دمعة أسرعت بمسحها وهي تعتدل تودعها بنظرات حزينة، ثم تضعها بحنو أمام الباب
قبل أن تطرق الباب وتختفى وكأنها لم تكن.. بينما فتح الباب ليظهر على عتبته زوجان تأملا الصغيرة بعيون لمعت من الفرحة قبل أن يحملاها ويدلفا إلى المنزل يغلقان الباب خلفهما لتظهر (سيلين)مجددا تلمس الباب بحزن قبل أن تختفى وتلك المرة لم تظهر مجددا.

عم الظلام مملكة (أستيريا )لسنوات عديدة، إستطاعت فيها (هيلانة)قتل كل سحرة النور المتمردين على حكمها فدون ملكتهم لا يستطيعون القضاء على سحرة الظلام، فلم يبقى منهم سوى بعض السحرة اللاتى اضطررن فى الظاهر للخضوع لحكم (هيلانة)بينما هم ينتظرون فقط ظهور ملكتهم المفقودة.. بينما (سيلين )تتخفى فى المملكة كإمرأة عجوز تتابع (تارا)من خلال بلورتها السحرية.. تراها تكبر يوما بعد يوم فى رعاية هذين الزوجين اللذان لم يبخلا عليها بحبهما ورعايتهما .. لتطمأن بأن ملكتهما تسير فى الطريق الصحيح لتصبح تلك المنقذة التى يحتاجونها.. حتى كان هذا اليوم الحزين والذى توفيت فيه الأم بعد إصابتها بالمرض، ليحزن الزوج عليها وتوافيه المنية بدوره، يتركان (تارا)وحدها، تعانى مرارة اليتم مجددا خاصة بعد حضور أخت الزوج تطالب بالمنزل والممتلكات.. وتعامل (تارا)بغلظة لا داعى لها، تدرك أن أخاها لا ينجب ولكنها أبقتها بالمنزل ربما لتوفر أجر الخادمة.. خاصة إن كانت نشطة وتعشق المنزل والمزرعة ك (تارا).

إنتاب (سيلين)غضب شديد وهي ترى كيف تعامل (مهيرة)تلك السيدة الشمطاء مليكتهم (تارا)، بل كادت أن تذهب إليها و تفتك بها ولكن نقص الغبار السحري لديها، وخوفها من إحتياجها له يوما ما قد يكون قريبا جدا.. منعها من مساعدة (تارا).. لتلعن (نوار)فى سرها ورفضه الكلي الذهاب إليها ومساعدتها، بينما هي عاجزة عن المساعدة.

لتنظر إلى بلورتها بحنق، ترى دموع تلك الفتاة الرقيقة فتحرقها بنيرانها، سمعت صوتا رصينا يقول من خلفها :
-خيرا أيتها العظيمة (سيلين)، لقد بعثتى فى طلبى أليس كذلك؟

لمعت عيونها بفكرة رائعة قد تستغرق بعض الوقت ولكنها بالتأكيد ستأتى بالنتيجة التى تبغيها.

لتستدير و تطالع زائرها للحظة قبل أن تمسك بعقدها تلفه مرتان ثم تطرقع بأصابعها ثلاث مرات.. فلف زائرها هالة من النور قوية للغاية حتى أن (سيلين)وضعت يدها على عينيها كي تحميها، وما ان اختفى النور تماما حتى إستدارت ( سيلين )مرة أخرى، تنظر إلى البلورة السحرية تتابع ما يحدث بإهتمام.

كانت تارا تتجول فى الغابة القريبة من منزلها، تهرب كعادتها من عمتها (مهيرة)إلى الطبيعة.. تفضى بمكنون وجعها وتسكب أحزانها عند تلك البحيرة، ثم تعود بطاقة جديدة تكفيها لتحمل تلك العمة الشمطاء والتى منذ أن وطأت بقدمها تلك الضيعة وهي تتفنن فى إتعاس روحها التى لاتدرى أي ذنب إقترفته لتكرهها عمتها بتلك الصورة وتعاملها كخادمة فى منزلها هي، تتحمل فقط كل هذا لإن وصية أباها لم تذكرها بل ذكر فيها أن الأملاك يجب أن تؤول لعمتها بعد وفاته هو وزوجته، تتعجب من ذلك ولكن مابيدها حيلة فقد آل كل شيئ ل (مهيرة)وقضي الأمر.

كان من الممكن أن تبتعد، ترحل فحسب.. ولكنها أصرت أن تتحمل من أجل أن تحافظ على مزرعة أباها دون أن تطالها يد الإهمال ثم تباع فى نهاية الأمر، ومن أجل تلك الخادمة العجوز أيضا والتى إن رحلت ستصرفها بدورها وتبحث عن خادمة شابة تخدمها.

تنهدت بحزن قبل أن تعقد حاجبيها وهي تسمع أنين مكتوم، تتبعت هذا الأنين حتى توقفت فى صدمة وهي ترى عصفور جميل مصاب وملقى على الأرض، أسرعت تحمله بين يديها الصغيرتين، تتفحص جرحه بحرص، وماإن نظرت إلى عينيه حتى شعرت بقلبها ينتفض بين أضلعها، تشعر برابطة قوية تجمعها بهذا الصغير لذا يجب عليها إنقاذه ومداواة جرحه ليصبح رفيقها، ربما إلى الأبد، مررت يدها على جناحه السليم قائلة بحنان:
-لا تحزن ياصغيري، سأداويك وربما أجعلك صديقي، مارأيك؟

للحظة شعرت بأن عيون ذلك العصفور تحاكيها، وكأنه غاضب منها أو ينفر حتى من اهتمامها ولكنها نفضت هذا الشعور عنها، ترجعه لإرهاقها، لتحمل الصغير فى سلتها وهي تسرع بخطواتها إلى المنزل، كي تداويه.. ربما إتخذته حقا صديقا لها يخفف عنها أحزانها، إن سمح لها، ينتابها شعور غريب بالإرتباط بهذا المخلوق الصغير وكأنه خلق فقط من أجلها.. لتبتسم وهي تضرب على رأسها بخفة، تدرك أن وحدتها على وشك إصابتها بالجنون.

بينما هناك من علا ثغرها إبتسامة راضية وهي ترى كل ماحدث على بلورتها السحرية.

إبتسمت (تارا)بسعادة وقد إستطاعت أخيرا أن تقنع العصفور بأن يأكل من بين يديها، لقد أرهقها حقا فى اليومين الماضيين، لم يتقبل منها ماء أو طعام، بل عالجت جرحه بصعوبة، ولكنها شعرت به يلين اليوم بعد أن أحرجتها عمتها أمام ضيوفها فلم تبكى أمامهم ولكن بعد إنصراف الجميع بكت بحرقة أمام العصفور وأخبرته بمكنون قلبها الحزين، لترى عيونه التى شعرت بتعاطفهما، تقسم أن الحزن قد تسلل إليهما، ليلين بعدها ويقبل ماتمنحه إياه من طعام وشراب.. لتبتسم قائلة:
-الآن فقط قبلت أن تكون رفيقي.. أليس كذلك ياعصفوري؟

غرد العصفور ليغرد قلبها معه، توقن أنها منذ الآن لم تعد وحيدة... لم تعد وحيدة أبدا...
تاااابع اسفل
 
 





look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:01 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

قالت مهيرة فى غضب:
-مازلتى تطعمين المساكين الذين يطرقون بابنا ليلا ونهارا؟ألم أحذرك من فعل ذلك؟
قالت تارا بإرتباك:
-نعم.. لقد فعلتى ياعمتي، ولكنى لم أستطع أن أرد مسكينا لجأ إلينا وهو يكاد يموت جوعا.

قست عينا مهيرة وهي تقول:
-لم تستطيعين أليس كذلك؟حسنا فى كل مرة تطعمين مسكينا سيكون لك عقابا من نوع خاص.. وسنبدأ حالا.. لا طعام لك اليوم.
طالعتها تارا فى صدمة فازدادت القسوة بعيون (مهيرة)وهي تقول:
-أطعمى المساكين يافتاة مجددا من مخزون طعامنا وسينتهى بك الأمر تتضورين جوعا.. تماما مثلهم.

قالت كلماتها وإلتفتت مغادرة تاركة فى إثرها (تارا )تتعجب من قسوة ذلك القلب الرابض فى صدر عمتها وتحجره.

إلتفتت مطرقة الرأس بألم، تغالب دموعها وهي تقترب من هذا القفص الذهبي الذى يضم بين جنباته هذا العصفور الجميل الذى وجدته بالغابة وداوته ثم أصبح صديقها الوحيد الذى تفضى له بمكنون صدرها فتشعر براحة غريبة قربه، تأملته قليلا بعيون تلمع بالعبرات قائلة:
-أخبرنى ياصغيري، كيف أرد سائلا يبحث عن لقمة يسد بها جوعه، كيف أخبره أن عمتى بلا قلب تحرمه الطعام ولديها منه الكثير؟فلتحرمنى أنا .. لا يهم، ولكن بالله عليها لا تحرم السائل ولا ترده خائبا.. صدقنى لن أستطيع أن أفعل ولو كان الثمن حياتى.

إتسعت عيناها بصدمة ودمعة حزينة تسقط من عين العصفور.. هل تبكى العصافير حزنا؟هل حقا يفهم ماتعانيه؟إنها تشعر فى بعض الأحيان أنه يفعل.. تبا .. ماذا دهاها اليوم؟إنها تفكر كالمجانين.

رفعت يدها تمرر أصابعها بين قضبان القفص كي تملس على رأس العصفور بحنان قائلة:
-عذرا ياصغيري، إن كنت تفهمنى حقا، فربما أحملك مالا طاقة لك به وأحزن فؤادك، ولكن ليس لدي سواك لأخبره بمكنون قلبى.. فإصطبر علي قليلا.
عصفوري.. بت أشعر أننى غريبة بهذا المكان وأننى لا أنتمى إليه، تنتابنى أحلاما غريبة عن مكان بعيد مليئ بالخيال يجذبنى إليه بقوة، أشعر به ينادينى، أرى كائنات غريبة لم أر مثلها فى حياتى كلها، والأغرب أنها تتحدث معى وتطيع أوامرى، أرانى أملك قوة تنبعث من بين يدي هاتين.

رفعت يدها تنظر إليهما مستطردة:
-أدفعها بإتجاه أناس فيصبحون كالهشيم .

لتنظر إلى العصفور مرة أخرى وتراه يتأملها منتبها وكأن ماتقوله يثير إهتمامه بالفعل، لتضحك بخفة قائلة:
- مجنونة أليس كذلك؟ربما أنا بالفعل مجنونة فها أنا ذا أتحدث إليك.. أتحدث إلى عصفور عن بلاد غريبة وكائنات أغرب والأدهى أنى أكاد أقسم أنك حقا تفهم وتهتم بما أقول.

لتضرب على رأسها بخفة قائلة:
-لقد مر الوقت سريعا، سأتسلل وأحضر لك بعض الطعام فيبدو أنك جائعا، مثلي تماما، يصيبنا الجوع بالأوهام .. أليس كذلك؟
ابتسمت مجددا لعصفورها الحبيب تملس على جناحه بحنان، قبل أن تبتعد مغادرة وعيون العصفور تتابعها ... بحب.

كانت تجلس مغمضة العينان، تبدو لمن يراها فى نوم عميق لولا بؤبؤها الذى يتحرك بسرعة داخل تلك العيون المغمضة تزرع الرعب فى قلب من يقترب منها وهو يدرك أنها الآن تتواصل مع هذا الجن الشيطاني، و الذى يمنحها القوة التى تستطيع بها تحويل أي شيئ إلى رماد بشعاع تخرجه تلك العيون التى تتحول إلى اللون الأحمر وقتها تظللها خطوط من الدماء الحمراء..

توقفت (أوار)مساعدة (هيلانة)ومحل ثقتها بالقرب من الأخيرة، تنتظر فى وجل لحظات إجتماعها مع هذا الجني الذى يخشاه الجميع، لتفتح (هيلانة)عينيها فجأة، فتراجعت (أوار)خطوة فى رعب وهي ترى تلك العيون الحمراء المظلله بخطوط الدماء، ليتراجع اللون تدريجيا وتعود عينا (هيلانة)خضراء كما كانت من قبل وهي تتطلع إلى (أوار)ببرود، فتقدمت منها (أوار)بخطوات مرتجفة، تنحنى أمامها بوجل قائلة:
-مولاتى (هيلانة).

قالت (هيلانة)بصوت بارد كالثلج:
-هل هناك جديد يا (أوار)؟
قالت (أوار)متلعثمة:
-هل.. أقصد أنه.. ألم يخبرك الجني (ثالوث)؟

هدرت (هيلانة)وهي تنهض قائلة:
-لا تنطقى إسمه على لسانك أيتها التعسة.
تراجعت (أوار)فى خوف قائلة فى اضطراب:
-بالطبع يامولاتى .. سامحيني لقد نسيت تماما.

جلست (هيلانة)وقد ظهر عليها الضعف، فهي تبذل طاقة جسدية هائلة حين تجتمع مع (ثالوث)، ولكنها تحاملت على نفسها قائلة ببرود:
-حسنا.. تعلمين إتفاقنا، لقد خيرني بين المعرفة والقوة ولقد إخترت القوة فلدينا من السحر مايمنحنا المعرفة، هيا هات ما لديك وإنصرفى.

قالت (أوار)بإضطراب:
-مازالت أسوار ( سيلين )التى بنتها حولها منيعة ضد سحرنا، فلا تنسى أنها كانت الساحرة الأقوى فى بلاط (نشروان)ووزيرتها، وتعرف كل أسرار السحر ومكنوناته...

رفعت (هيلانة)يدها تصمت (أوار)قائلة بحنق:
-لا تعددى مميزاتها فتصيبينى بالغضب، ولا تذكرينى بتلك (النشروان)والتى قتلت أمى، فلم يثلج قلبى سوى موتها على يدي هاتين.. إن لم يكن لديك جديد، فإنصرفى كي أرتاح.. فجسدى منهك للغاية ويحتاج إلى الراحة.

قالت (أوار)بإرتباك:
-فى الحقيقة يامولاتى، منذ عدة أيام.. أضاء وسط المملكة سحابة قوية من الن...

قاطعتها (هيلانة )وهي تقول بعيون لامعة وقد إستطاعت (أوار)الحوز على إهتمامها ونفض التعب عن جسدها:
-سحابة من نور قوي يتخللها ألوان قوس قزح أليس كذلك؟
أومأت (أوار)برأسها قائلة:
-نعم يامولاتى.

قالت (هيلانة )بلهفة:
-إنها هي.. (سيلين)، تستخدم السحر مرة أخرى .. وأخيرا.. تلك المرة لن تفلت من يدى.. ما الذى يؤخركم عن إعتقالها؟
قالت (أوار):
-مازلنا نبحث يامولاتى بحذر كي لا تشعر بنا، نفتش المنازل بدقة وقريبا سنعثر عليها، إطمأني.
أومأت (هيلانة)برأسها قائلة:
-حسنا فعلتم.. إبحثوا بحذر وحين تجدوها إعتقلوها على الفور وأحضروها إلي.. حية.

أومأت (أوار)برأسها فأشارت لها (هيلانة)بالإنصراف، فإنصرفت الأولى على الفور بينما تتابعها (هيلانة)قائلة بعيون لامعة ونبرات منتصرة:
-قريبا ستكونين بين يدي أيتها الساحرة الغبية بعد سنوات من البحث، قريبا سأجبرك على أن تدليني على مكان آخر سلالة (جيلان)، لأقتلها بيدي وأشرب من دمائها كما فعلت بأمها فأشفى غليلى، كما أنهم يقولون أن ( تارا )تحمل وشم (جيلان)ومن يشرب من دماء صاحبة الوشم يحصل على الخلود ويطمأن على حكمه إلى الأبد.

لتصدر ضحكة شيطانية تليق بملكة السحر الأسود.

إقتربت (ريتان)من (سيلين)، التى تتابع مايحدث على بلورتها بتركيز شديد، قائلة بجزع:
-لقد إكتشفوا مكاننا أيتها العظيمة (سيلين)، إنهم عند آل (همام)يقلبون الدنيا ويقعدونها، يبحثون عنك ياسيدتي.
أمسكت سيلين بيد (ريتان)قائلة:
-إطمأنى، كنت أعلم أنهم قادمون لا محالة منذ لجأت للسحر من جديد، وقد أعددت العدة للهروب، حزينة لفراق مملكتى ولكننا عائدون إليها قريبا، مع (تارا)نجمة مملكة النور ومليكتها، هيا أحضرى حقيبتى بسرعة.

أسرعت (تارا)بإحضار حقيبة (سيلين)لتأخذ (سيلين)منها آخر ما تبقى من الغبار السحري ثم تمنحها ل (ريتان)وتحمل بلورتها بيد بينما باليد الأخرى تنفض الغبار عليهما، ثم تتمتم بتعويذة سحرية وهي تلمس عقدها، ليختفيا سويا وكأنهما لم تكونا موجودتان بالحجرة منذ لحظات.


تم تحرير المشاركة بواسطة :زهرة الصبار بتاريخ:12-03-2022 01:02 صباحاً



look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:03 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

أطالعك كل يوم يا عصفوري.. أعشق نغمات صوتك الجميلة
وضعتك فى قفص.. جماله يشبهك فكففت عن الغناء وأثرت دهشتى مدة طويلة
حتى أدركت سبب سكونك عندما أدركت التشابه بيننا .. يضم قلبى جدران قفص تشبه جدران قفصك ذا الفتحات القليلة

لم أعد قادرة على الكلام.. على الضحك.. مثلك تماما.. صارت نبراتى هزيلة
أدركت نظراتك التى أصبحت تشبه نظراتى.. خاملة .. مترقرقة بالدموع .. عليلة
عرفت السر وراء صمتك وحزنك إلا انى لا أستطيع التخلى عنك أو إطلاق سراحك لأدرك أنى مثلك لن أتحرر.. فرصتى فى الخروج من قفصى ضئيلة
أقف أمامك.. أطالعك كل يوم بعيون حزينة، لم أعد أراك أمامى بل أرى قلبى السجين داخل القفص.. تشبهني حقا.. خائر القوى.. ذو نفس ذليلة
لا حول لك ولا قوة.. تبغى الحرية ولكن يحول دون حريتك سجانك.. تبغى الهروب ولكن ما باليد قوة ولا حيلة

قالت ( تارا )بألم:
-لا ياعمتى، لن أسمح لك ببيع مزرعة والدى، إنها كل ماتبقى لى منه، لقد أحبها كثيرا ولم يكن ليقبل ببيعها.
اقتربت (مهيرة)من (تارا)تقول بصوت كالفحيح:
-هل جننتى يافتاة؟تظنين أنك قادرة على منعى، من تخالين نفسك؟

قالت ( تارا)فى ثبات:
-أنا إبنة أخيكى، حتى إن لم يذكرنى فى وصيته، فلقد عهد لى برعاية مزرعته ومنزله وأنا لن أتخلى عن العهد .

أطلقت مهيرة ضحكة ساخرة مقيتة عقدت لها (تارا)حاجبيها بينما تقول ( مهيرة )بحقد:
-إبنته أليس كذلك؟حسنا.. إليك الحقيقة المرة أيتها الفتاة الغبية، أخى لم يكن قادرا على الإنجاب وقد وجدك هو وزوجته ذات يوم أمام منزلهما وورقة إلى جوارك مكتوب عليها إسمك.. فقط إسمك.. فأشفقا عليكى وتبنياكى.

إتسعت عينا ( تارا )بصدمة قائلة:
-كاذبة، لا يمكن أن تكون تلك هي الحقيقة.

إبتسمت (مهيرة)قائلة بتشفى:
-بل هي الحقيقة كاملة أيها التعسة، أخبرنى إياها أخى ذات مرة، أحمد الله أن فاجئه المرض ولم يستطع أن يغير وصيته، فحين علمت بمرضه أسرعت إليه خشية أن يكون قد غير وصيته ولقد كاد بالفعل، لولا مرضه الذى أوهن عظامه، ليخبرنى وهو على فراش الموت.

أنه كان يريد أن يكتب كل شيئ لك، ولإنه لم يستطع أوصانى عليك.. الغبي، لم يدرك أننى انتظرت موته أعوام طويلة لأبيع المزرعة، وها قد جاء المشترى وبالغد ستؤول إليه، سيأخذ المنزل والمزرعة وستصبحين بلا مأوى فأنا على وشك الزواج من (عساف)، وبالطبع لن أجازف بأخذ فتاة جميلة مثلك معى كخادمة، حتى وان كانت خادمة جيدة وإلا سأخسر زوجى، وهذا غير وارد على الإطلاق.

كانت (تارا )تستمع لها بعيون زائغة من الصدمة، تتردد الكلمات بعقلها وقلبها فتدميهم، لم تكن أمها هي أمها الحقيقية، ولم يكن والدها كذلك، كانت يتيمة ربما، ألقاها القدر على عتبتهم، إذا من هي؟ومن أبواها وما قصتها؟نزلت دموعها فرمقتها (مهيرة)شذرا قبل أن تلتفت قائلة فى برود:
-اجمعى حاجياتك وارحلى فلم يعد لك مكان هنا يافتاة.

ثم إبتعدت لتعتصر (تارا)تلك السلة من الزهور فى يدها حزنا، إنتفضت وهي ترى يدها تتألق بنور ساطع فألقت سلة الزهور وهي تتراجع بذعر، تنظر إلى يدها بصدمة، قبل أن يخفت النور تدريجيا حتى إختفى، رفعت يدها أمام ناظريها تطالعهما بدهشة، قبل أن يلفت إنتباهها صوت العصفور، فنظرت إليه قائلة:
-لقد رأيت ذلك؟أليس كذلك؟

طالعها العصفور بعطف فإقتربت منه قائلة:
-أحلامى تتحقق؟أم ترانى جننت أيها العصفور؟

لم يجيبها لتبتسم فى مرارة وهي تطرق برأسها قائلة:
-ربما أنا كذلك؟فما يحدث لى يفوق طاقتى على الإحتمال، حرمت من الأهل وعملت كخادمة فى بيتى فلم أعترض أو أشكو حالى، عاملتنى بقسوة فلم أهتم وعاملتها بالحسنى، فإذا بى اليوم أكتشف أننى لا أهل لى وأن حياتي بالماضى كانت سرابا، فتاة لقيطة تركها أهلها على عتبة أغراب، فتاة مسكينة أحضروها للحياة، ثم أجبروها أن تعيش فى قفص قضبانه تخنق أنفاسها وطلبوا منها أن تشدو بسعادة.

لتتطلع إلى العصفور مجددا وهي تقول بحزن:
-تماما مثلك ياعصفورى، شفيت جرحك ولكننى وضعتك فى قفص وحرمتك حرية الإختيار، أطالعك الآن فأرى نفسي التائهة فى عينيك.
لتفتح القفص وتحمله قائلة:
-ولكن لا.. لا إجبار بعد اليوم، سأعيدك إلى حيث تنتمى، سأعيدك إلى منزلك أيها الصغير.

إتجهت إلى خارج المنزل وإبتعدت تحمله بإتجاه الغابة قائلة:
-لا قضبان بعد اليوم، لا عبودية أو إنكسار، ستنال حريتك رغما عن الجميع وستعود حرا كما خلقك الله.
لتقف وسط الأشجار، ترفع يدها به تطالع عيونه اللامعة قائلة بعيون لمعت بالعبرات:
-سأفتقدك أيها الصغير، رغما عنى أحررك، لتكون مثلى، فأنا اليوم بلا قيود وأنت ستكون كذلك.

لتقذفه فى الهواء صارخة:
-طر يافتى، حلق بعيدا، لن تهزمك الحياة لطالما كنت حرا لتشدو ألحانك.
رأته يحلق فى السماء عاليا فنزلت دموعها التى امتزجت بمشاعر الفرح والحزن وهي تردد:
-ولن تهزمنى الحياة أيضا بل سأقف فى وجهها أنال قدرى بدورى، طالما تحررت من أوهامى وقيودى.

لتتسع عيناها بقوة تتراجع فى خوف وهي ترى العصفور تحيطه هالة من نور قوية وهو يتجه إلى الأرض، بل إليها .. تراجعت بضع خطوات أخرى وهي تتطلع بصدمة إليه بينما يتحول داخل تلك الهالة من عصفور إلى... إنسان.

كانت الغابة تبدو ساكنة حتى لمع ضوء قوي ثم ظهرت الساحرتان، لتقول (ريتان)بدهشة:
-أين نحن؟
تأملت (سيلين )محيطها قبل أن تقول:
-يبدو ان الغبار السحري لم يكن كافيا، حسنا نحن فى مكان قريب من منزل (تارا)على مسيرة يومان من هنا.

لتشير بإتجاه مستقيم مستطردة:
-هيا بنا، لا وقت أمامنا لنضيعه، ف (تارا )قد أتمت التاسعة عشر بالأمس وهي على وشك إكتشاف قدراتها.
قالت (ريتان)وهي تتبعها:
-أليس (نوار)بجانبها ليرشدها؟

هزت ( سيلين )رأسها نفيا وهي تشير بيدها للأغصان فيتباعدوا مفسحين لهما الطريق قائلة:
-هو بجانبها نعم، ولكنه مازال بهيئته كعصفور، لن يستطيع أن يفعل لها شيئا.
قالت (ريتان):
-أكان يجب أن تحوليه إلى عصفور؟

توقفت (سيلين)وإلتفتت إليها قائلة:
-نعم .. فرفضه الدائم الذهاب إليها متعللا بأنه لن يتزوج مطلقا من أنثى بعد أن هجرته أمه بالمهد وتركته لى اضطرني لذلك، رغم أنه يعلم أنه فارسها هي وأنها لا يمكن أن تتزوج بغيره، ورغم أنه يعلم أن زواجهما هو أملنا الأخير إلا أنه رفض مرارا وتكرارا، لمجرد عقدة سخيفة ولدها هجر أمه له فى الصغر واتباعها سحرة الظلام، لذا كان لابد وأن أبعثه إليها رغما عنه.

قالت (ريتان):
-ولماذا حولتيه لعصفور، لما جازفتى بإكتشاف مكاننا وقد كان بإمكانك بعثه على هيئته البشرية؟

عادت سيلين تسير بإتجاه الغابة وهي تنحى الأغصان وتفتح لهما طريق قائلة:
-اولا لقد كان درسا له، عقابا لعصيانه أوامري، ثانيا لم يكن ليلين قلبه لها ويدرك أنها تختلف عن أمه لولا ذلك، فوجوده بجوارها سيريه كم هي طيبة القلب ورائعة وتستحق حبه.. أليس كذلك؟

قالت (ريتان):
-معك حق بالتأكيد.
قالت (سيلين):
-حسنا.. دعينا من الحديث فأمامنا طريق طويل لنصل لهدفنا و...

توقفت عن السير وهي تغمض عيناها وتضع يدها على قلبها بقوة.. لتقول (ريتان)بقلق:
-ماذا بك يا (سيلين)؟
فتحت (سيلين)عيونها قائلة بنبرة سعيدة:
-لقد عاد (نوار)لحالته البشرية.. لقد حررته.
لتتسع عينا (ريتان)بفرحة طاغية.

قالت (تارا)وهي تتأمل هذا الشاب الوسيم بخوف:
-من أنت؟
إقترب منها بعيون غامضة جذابة وهو يقول:
-أنا عصفورك فلا تخشيني؟

تراجعت خطوة إلى الوراء قائلة بإضطراب:
-أنا أعاني هلاوس الجنون، أليس كذلك؟لقد جننت حقا.
تقدم منها حتى توقف أمامها تماما قائلا:
-بل لأول مرة تعيشين الحقيقة يامولاتي.

إبتلعت ريقها بصعوبة قائلة :
-مولاتك؟!!
أمسك يدها فانتفضت دقات قلبها وهو ينظر إلى عمق عينيها قائلا بتؤدة:
-نعم مولاتي ومليكتي (تارا).. نجمة (أستيريا)، وأنا فارسك (نوار).
لتتسع عيناها بصدمة.


look/images/icons/i1.gif رواية تعويذة الحب
  12-03-2022 01:03 صباحاً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا تعويذة الحب للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

نفضت (تارا)يدها من يد (نوار)قائلة:
-مهلا مهلا.. عن أي ملكة تتحدث، وأي فارس؟!
طالعها (نوار)قائلا فى هدوء:
-أتحدث عنك يامولاتى، (تارا)ملكة (أستيريا)وأملها الأخير.. أما أنا فخادمك وفارسك (نوار)وقد كنت...

رفعت يدها تصمته عن الحديث قائلة:
-كفى.. من فضلك كف عن ترديد تلك الكلمات الفارغة، سأغمض عيناي وأفتحهما مجددا، وسأجدك قد رحلت، فأنت وهم فى خيالي فقط.
أغمضت عيناها بالفعل ليبتسم (نوار)قبل أن تختفى إبتسامته وهو يراها تفتح عيناها ليطالعها بهدوء، يرى عيناها تتسعان بصدمة قبل ان تردد لنفسها:
-إذا ليس وهما، حسنا حسنا اهدئي يا (تارا).. تجاهليه وسوف يرحل.

مال فمه بشبه إبتسامة وهو يقول:
-مازلت موجودا وأسمعك جيدا بالمناسبة.
نظرت له (تارا)بحنق قائلة:
-ماذا تريد منى أيها الفارس؟

قال بهدوء:
-لا أريد سوى مساعدتك لإسترجاع مملكتنا.
قالت بغيظ:
- أي مملكة تقصد؟ثم اخبرنى أولا.. كيف تحولت من عصفور لإنسي، ولماذا؟

تنهد (نوار)قائلا:
-تلك قصة طويلة .. تعالى نجلس هناك تحت تلك الشجرة، وسأخبرك بتفاصيلها، ثم أترك القرار لك.
عقدت حاجبيها تنقل نظرها بينه وبين تلك الشجرة التى يشير إليها قبل أن تزفر وهي تومئ برأسها موافقة، تتبعه إلى هناك، تتعجب من كونها لا تشعر بالخوف... مطلقا.

هدرت (هيلانة)قائلة:
-هربت !!!خمسة ساحرات من سحرة الظلام تتتبعنها ولم تستطعن القبض عليها لتهرب منكن بتلك السهولة ؟!

قالت (أوار)بإرتباك:
-لم يكن الأمر سهلا، صدقينى يامولاتى، (سيلين)من أبرع السحرة وأكثرهم حنكة ودهاء، ولقد كدنا أن نمسكها حقا، هي وتلك الساحرة الحمقاء (ريتان)، ولكن فى اللحظة الأخيرة لم نجدها وكل ما وجدناه بقايا غبار سحري مازال يلمع، يخبرنا أننا تأخرنا فقط ثوان معدودة، فلم نلحق بهما.

تحركت (هيلانة)جيئة وذهابا فى غضب وهي تقول:
-إذا لقد رحلت.. ربما لتحضر (تارا)إلى المملكة، نعم.. فقد بلغت التاسعة عشر وأصبحت قوية بما يكفى لتواجهنى، تريد أن تقضى علي وعلى سلطاني.
قالت (أوار):
-لن تستطع يامولاتى، فلم يعد لديها غبار سحري لتفعل، الساحرات الأربع أخبرننى بذلك .

توقفت (هيلانة)وهي تنظر إلى (أوار)بغضب قائلة:
-لا تستهينى أبدا بخصمك أيتها الساحرة ولا تثقى بقدراتك فيقضى عليك الغرور كما قضى على ملكاتنا من قبل، (سيلين)من السحرة التى لن يقف أمامها عائق كهذا، ستتدبر أمورها، (تارا)على وشك القدوم إلى مملكتنا، كونى على ثقة من ذلك.

لتأخذ نفسا عميقا وهي تقول :
-حسنا.. فلتحضرها (سيلين)إلى هنا، وسأقضى عليها قبل أن تتحد مع فارسها، وحتى ان إتحدت معه، لا يهم، فلدي لها مفاجأة ستطيح بها .. فلقد إتحدت مع الشيطان من أجلها هي... من أجلها فقط.
لتطلق ضحكة شيطانية لمعت لها عيون (أوار)بإعجاب.

شرد (نوار)بناظريه بعيدا وهو يقول:
-فى مكان يقبع فى آخر حدود الأرض، فى مملكة (أستيريا)، مملكة السحر والجمال، أو هكذا كانت، كان هناك صراع دائم بين الخير والشر، بين سحرة النور وسحرة الظلام، لطالما كان الفوز حليفا لسحرة النور، فمليكتهم دوما كانت الأقوى بين السحرة جميعا، بعقدها السحري الذى لا يمنح قوته لسواها فتستطيع بواسطته هزيمة كل محاولات سحرة الظلام لإعتلاء العرش .
ولقدكانت الحياة تبدو رائعة فى مملكة ( أستيريا )، خاصة بعد ولادة فتاة رائعة الجمال.

لينظر إلى (تارا)سارحا فى جمالها مستطردا:
-فتاة بيضاء ذات وجه مستدير كالبدر وعيون كالمها وشعر أسود كالليل.

ظلل وجنتي (تارا)حمرة الخجل تحت تأثير نظراته وكلماته التى تصفها بالتأكيد وبنبرة صوت زلزلت كيانها، ليشيح بوجهه عنها قائلا بإرتباك:
-احمم، فتاة أسمتها والدتها الملكة (نشروان) (تارا)، لتصبح النجمة والأمل لسكان المملكة فى سنوات عديدة من الرخاء.

قالت (تارا)بدهشة:
-أتقصد أننى إبنة ملكة سحرة النور؟
أومأ (نوار )برأسه وهو يعود إليها بنظراته قائلا:
-نعم انتى إبنتها، وريثة عرش المملكة .. نجمة (أستيريا )وملكتها.

عقدت (تارا)حاجبيها قائلة بحدة:
-ان كنت حقا كما تقول.. إذا ماالذى جاء بى إلى (تورانا)، لماذا ألقي بى على عتبة آل (أورانزا)، وأين ذهبت أمى وتركتنى؟هل كرهتنى؟أم رأتنى لا أستحق رعايتها وإهتمامها؟

قال (نوار)بألم:
-إهدئى ياسيدتي، وإسمعينى للنهاية وستجدين إجابات أسئلتك فى كلماتي.
زفرت (تارا)قائلة بحنق:
-إذا أكمل ولنرى إلى أين تأخذنا قصتك.

قال (نوار)بمرارة:
-ليست قصة يامولاتي، وإنما هي حقيقة مؤلمة، عن غدر أطاح برخاء مملكتنا وأمانها، فالنساء غادرات، ينتهزن الفرصة للتخلى عن كل شيئ فى سبيل أطماعهن.

رق قلب (تارا)لهذا الحزن الذى ظهر من عينيه وتلك المرارة التى قطر بها صوته، لتدرك أن مرارة غدر إحداهن قد طالته، فلم تعلق على عبارته التى عمم فيها فى وصفه كل النساء وتركته يستطرد قائلا:
-فى نفس الوقت الذى إحتفلت فيه المملكة بميلادك، أطاحت (هيلانة)إحدى ساحرات الظلام ب (رنوة)ملكتهم، واعتلت عرشهم ليخضع لها الجميع وهم يرون أنها ستحملهم إلى عهد جديد ينتصر فيه السحر الأسود ويعلو شأنه لأول مرة..،

وبالفعل وضعت (هيلانة)خطة شيطانية بالتعاون مع بعض الخونة من سحرة النور الطامعين بالسلطة، ليتم تخدير الملكة وزوجها ثم سرقة العقد منها، وقتها دلفت (هيلانة )إلى الغرفة وذبحت الملكة (نشروان)وزوجها الملك بدم بارد وعيون تلمع بالشر، ثم إتجهت إلى غرفة الصغيرة لتقتل آخر سلالة الملكة (جيلان)، الملكة الأم لكل سحرة النور.. ولكنها لم تجدها فى مهدها بل وجدت ذلك المهد فارغا لتصرخ بكل قوة غاضبة، وهي تدرك أن حكمها مازال مهددا طالما تلك الفتاة على قيد الحياة، وقد ظلت تبحث عنها هي وأتباعها فى كل مكان، فلن يرتاح لها بال حتى تجدها.

ظهر الألم فى عيون (تارا)ممتزجا بالغضب وهي تقول:
-إذا فقد قتلوا أمى، وحرمونى منها قبل أن أنعم بها وأشعر بالأمان بين ذراعيها، أقسم أن أقتلهم واحدة تلو الأخرى، ولن يهدأ لى بال حتى أنال القصاص.
قال (نوار)بلهفة :
-إذا ستحضرين العقد وتذهبين إلى المملكة وتطيحين ب (هيلانة)وتستردى الحكم.. أليس كذلك؟

قالت (تارا)وهي تشير بيدها:
-مهلا مهلا.. ليس بتلك السرعة.. أكمل لى حديثك وأخبرنى كيف جئت إلى هنا؟وعن أي عقد تتحدث؟

قال (نوار):
-أحضرتك العظيمة (سيلين)إلى هنا، فقد كانت وزيرة المملكة قبل أن يستولى عليها سحرة الظلام، بالمناسبة.. لقد كان من المفترض أن تحضر إلى هنا الآن عندما ترانى قد عدت إنسانا من جديد، ولكنى لا أدرى سر غيابها، أما العقد فهو عقد الملكة (جيلان)وهو عقد يمنح حاملته قوة بلا حدود شريطة أن تكون من سلالتها ومليكة المملكة، عندما أخذته (هيلانة)من ملكتنا (نشروان)ألقته فى نهر الخيزران الأعظم، بعد ان فشلت فى تحطيمه فإلتقمه وحش النهر، ومازال قابع فى قاع النهر حتى تحضر الملكة و تطالبه به.

عقدت (تارا)حاجبيها قائلة بوجل:
-وحش النهر؟!!
مال فم (نوار)بشبه إبتسامة قائلا:
-هو كائن يشبه الديناصور، يعيش فى عمق النهر، وهو خادم أمين لملكة سحرة النور ولا يعلم عنه شيئا سوى ملكة المملكة ووزيرتها التى أخبرتنى لكونى...
صمت (نوار)فعقدت (تارا)حاجبيها قائلة:
-لكونك ماذا؟!

كاد (نوار )ان يخبرها بأنه فارسها الذى ستتحد به لتصبح أقوى مايمكن، فتستطيع مواجهة (هيلانة)، ولكنه صمت فمازال الوقت مبكرا ليخبرها بهذا الأمر .. فمفاجآت اليوم كانت كثيرة ويصعب عليها إستيعابها، إلى جانب أنه أرادها ان تعتاد عليه او ربما تكن له بعض المشاعر كما يأمل قبل ان يخبرها بمفاجأته.. ليقول بهدوء:
-لكونى فارسك الذى سيكون إلى جوارك دائما فى مهمتك تلك.

نظرت إلى عينيه قائلة بخيبة أمل:
-ألهذا حولتك (سيلين)لعصفور؟لكي تكون فقط إلى جواري ؟
قال (نوار)بغموض:
-تحويلها إياي كعصفور كان عقابا لى لعدم طاعتها، وكذلك فرصة.
عقدت (تارا)حاجبيها قائلة:
-فرصة !

قال (نوار):
-نعم.. فرصة كي أدرك أنك تختلفين وتستحقين حقا مساعدتى.. فهكذا كانت التعويذة على ماأتذكرها.. العصفور يعود لطبيعته كإنسان بعد أن تحرره مليكته التى حرموها الملك والحنان .. ويدرك خطأه قبل فوات الأوان.
قالت بحيرة:
-إذا من أين نبدأ؟

قال (نوار)وهو يشير إلى طريق جانبي:
-من هناك سنسير بإتجاه مملكتنا لنصل إلى نهر الخيزران، وأنا أثق أن العظيمة (سيلين)ستكون معنا فى القريب العاجل.

قالت (تارا):
-قص علي المزيد.. أخبرنى عن تلك العظيمة (سيلين)، اخبرنى عن أمى الملكة (نشروان)، وعن مملكتى (أستيريا).. أخبرنى عن كل شيئ.
قال (نوار):
-على مهلك يامليكتى، فمازلت لم أعتاد الكلام بعد، فقد اعتدت طويلا على التغريد، ربما فى طريقنا أخبرك بكل ما تودين معرفته.

نهضت (تارا)تقول بحزم:
-إذا ماذا ننتظر؟هيا بنا.
نهض (نوار)يتبعها وعلى شفتيه إستقرت إبتسامة راضية.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 3 < 1 2 3 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1737 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1250 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1304 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1121 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2028 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، تعويذة ، الحب ،












الساعة الآن 04:26 PM