logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .







look/images/icons/i1.gif رواية بنات عنايات
  10-01-2022 12:59 صباحاً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

دق باب دار محروس عدة مرات متتابعة
لتصرخ هنية من الداخل في ضيق: - ما تفتحوا المخروب اللى عيخبط ده..!؟.
اندفع حسين ابنها الأوسط لفتح الباب ليطالعه وجه عنايات الباسم ليهتف الشاب في سعادة: - مرت عمى..!؟، اهلا، اهلا
اتفضلى..
افسح لها الطريق لتدلف لداخل الدار و هو لايزل يلقى بعبارات الترحيب و المودة..
ردت عليه عنايات بمودة مماثلة و تعجبت ان يكون مثل ذاك الشاب الصالح من نسل
محروس و زوجته الحاقدة..

قطع ترحاب حسين امه التي ظهرت تتمايل بغنج فاضح لا يتناسب مع سنها مطلقا مما دفع عنايات لتكتم ضحكاتها على مظهرها
هتفت هنية مدعية الفرحة: - اهلا بمرت الغالى، ازيك يا عنايات و ازى بناتك..!؟
و ضغطت هنية بخبث واضح على لفظة بناتك فلطالما عيرتها بانها لا تنجب البنين و ان خلفتها كلها بنات على خلافها هي التي رزقها الله ثلاثة ذكور دفعة واحدة..

ابتسمت عنايات و قد ادركت مغزى إشاراتها المبهمة كالعادة و ردت بنبرة كلها فخر: - بناتى زنين زى الفل، ربنا يبارك لى فيهم، هانت، سماح ثانوية عامة و سنة و تدخل الچامعة و تبجى أستاذة كد الدنيا و تحصلها نادية و منى..

تغير لون هنية التي ضربتها الغيرة العمياء كالإعصار من مباهاة عنايات ببناتها فهتفت بحنق يدلل على مدى حقدها: - انتِ جاية عايزة ايه يا عنايات..!؟، ورث..!؟، كلامك مع محروس مش معاى، و هو جالى انه سوى الموضوع معاكِ..
ثم استعادت نبرتها الخبيثة من جديد هاتفة باشفاق كاذب: - و ااه صُح، ربنا يعوض عليكِ في جاموستك..
هتفت عنايات و ابتسامتها لم تغادر شفتيها: - ربنا يخلف علىّ بغيرها عن جريب باذنه..

هتفت هنية باستهزاء: - منين..!؟، ده اللى اعرفه انك بعتى اللى حيلتك عشان تشتريها..
أكدت عنايات: - معلوم، بعت دهباتى عشان اشتريها بس البركة فيكم..
هتفت هنية بانتفاضة: - جولى كِده..!؟، انت چاية تستعطفى محروس يشتريلك بهيمة تانية، منين..!؟، مكنش يتعز يا ام البنات..
أكدت عنايات بثقة: - لاااه، انتِ مش واخدة لى بالك، محروس ملوش دعوة بالموضوع دِه، انتِ اللى هتشتريها..

انفجرت هنية ضاحكة و صوت ضحكتها الماجنة ترددت في ارجاء الدار لتهتف أخيرا: - شكلك اتجننتى يا عنايات و موت البهيمة كَل عجلك..
هتفت عنايات في هدوء: - بصى يا هنية..
البهيمة دى تمن انى اسيب لك جوزك تتهنى بيه، صدجينى انا بخدمك خدمة العمر، بس الظاهر انى كنت غلطانة..
انتفضت هنية لكلمات عنايات و صرخت في غل و غضب: - انتِ جصدك ايه يا مرة يا مجنونة انتِ..!؟، جصدك..

قاطعتها عنايات في ثبات مؤكدة: - ايووه، اللى فهمتيه و جه ببالك يا ام الرچالة، چوزك المحروس طلب يدى للچواز و انى اللى رفضت، بس تعرفى، شكلى كِده
هغير رأيي و أفكر تانى، و اهو يبجى البنات في ضَل عمهم و حمايته، و اروج انا لحالى..
امتقع وجه هنية و غاب عنه لونه ليحاكى وجوه الموتى و لم تنبس بحرف..

لتستطرد عنايات في جزل: - انى كنت كافية خيرى شرى و بصرف على بناتى و مش طالبة حاجة و لا عايزة حاجة من الدنيا و البهيمة اللى حيلتى كانت سترانا، دلوجت هروح فين و إجى منين بالبنات اللى في رجبتى، ضَل راجل يسترنى و يسترهم
و لا الحوچة، و اهو على الأجل راچل مش غريب، ده عمهم..

و نهضت عنايات في تثاقل تدعى الرغبة في المغادرة هاتفة: - انا عارفة ان ملكيش صالح بموت الجاموسة، بس محروس هو اللى عملها عشان يطاطى راسى و اچرى اجوله ألحجنى يا عم البنات، و اوافچ على الچواز و انا لا عايزة و لا بفكر حتى في الچواز، بس هجول ايه، أمرى لله..

و نهضت عنايات بالفعل متوجهة لباب الدار راحلة و هي ترى غريمتها تكاد تجن مما سمعت فهى تدرك تماما ان عنايات لم تكذب في حرف واحد و لطالما شعرت بميل محروس لها و طرق هذا الخاطر فكرها بعد موت وهدان و حذرها الكثيرون من حدوث ذلك و خاصة ان هذا العرف السائد بالفعل
ان يتزوج الأخ أرملة أخيه حتى يحتضن أبناء أخيه تحت جناحه و يتولى تربيتهم كابناءه و بالأخص لو كانوا فتيات..

هتفت هنية بصوت متحشرج تدعو عنايات للتمهل قبل ان تغادر: - عنايات..!؟.

توقفت عنايات و لم ترد او حتى تستدير لتواجها، لتستطرد هنية هاتفة: - هاتاچيلك الچاموسة لحد باب دارك و الناس كلها هاتعرف ان محروس هو اللى عوضكم بيها..
استدارت عنايات هاتفة: - و حج بناتى في ورث ابوهم..!؟.

هتفت هنية باستكانة تناقض تماما تلك النبرة المتكبرة الشامتة التي بدأت بها حديثها: - ورث بناتك مجدرش أتكلم فيه، محروس مش طوعى زى ما انتِ فاكرة، و بيعمل اللى يعجبه و اللى في شوجه، لكن بهيمتك دى هجيبها من مالى..
هتفت عنايات في راحة: - خلااص يا هنية
و ماله، دى جصاد دى، المهم تكفونى شركم و انا مش عايزة حاجة غير انى أربى بناتى..
هزت هنية راسها موافقة على كلام عنايات.

و كانها تعطيها عهدها بالا تقربها بسوء من جديد..
اندفعت عنايات خارج دار محروس تكلل وجهها ابتسامة راضية فقد استطاعت ان
تستعيد جزء من حق بناتها..

صدحت الزغاريد في بيت عنايات فها هي ابنتها الثانية نادية تنجح في الثانوية العامة
و في سبيلها للالتحاق بالجامعة لتلحق بسماح اختها الكبرى التي ألتحقت بكلية الحقوق و أصبحت في عامها الثانى..
كان اليوم هو يوم سوق و لم تستطع عنايات التأخر عن طلبات سيادة المستشار و زوجته، فأنطلقت تلبيها لكن نادية أصرت على مصاحبتها هذه المرة حتى تشترى ما يحلو لها مكافأة اجبارية لنجاحها.

و لم تستطع عنايات ان ترفض مطلبها بعد ان رفعت راسها عاليا بنجاحها..
دقت عنايات باب سيادة المستشار لتفتح خيرية في بشاشة كعادتها: - ازيك يا عنايات، ايه ده، مين القمر دى، بنتك!؟.
هتفت عنايات بفخر وهى تشير لنادية: - اه يا ست خيرية، بنتى الوسطانية نادية، نچحت النهاردة و جابت مجموع عالى و هتدخل الچامعة باذن الله..
هتفت خيرية في سعادة: - الله اكبر، ربنا يبارك لك فيهم يا عنايات و تشوفيهم عرايس..

هتفت عنايات: - الشهادة الكبيرة الأول يا ست خيرية و بعدين ياچى العريس..
فتحت خيرية باب شقتها و هي تجذب نادية من كفها: - مادام بقى فيها نجاح يبقى لازم يبقى في هدية للقمر ده..
هتفت عنايات بإحراج: - ملوش لزوم يا ست خيرية..
لكن خيرية جذبت نادية من كفها خلفها لداخل الشقة التي تطلعت نادية لأركانها مبهورة، حتى انها لم تنتبه و هي تلحق.

بخيرية لتصطدم بأحدهم يخرج من غرفة جانبية، تراجعت في ذعر و هتف هو باعتذار: - اسف..
ثم تساءل: - حضرتك مين..!؟.
ما ان همت نادية بالتحدث الا و ظهرت خيرية تستعجلها على باب حجرتها لتبتسم
في مودة لولدها الوحيد: - حسام، دى نادية بنت عنايات..

نظر اليها حسام من جديد غير مصدق ان تلك الفاتنة التي تقف أمامه الان أمها تلك السيدة المكافحة التي زادها الشقاء سنوات على عمرها الذى لم يتجاوز الخامسة و الأربعين على أقصى تقدير: - صحيح..!؟.

هزت نادية راسها بخجل و تبعت خيرية لحجرة نومها و التي فتحت خزينة ملابسها العامرة لتجذب منها بعض القطع و تضعها بين ذراعى نادية هاتفة بمودة حقيقية: - الحاجات دى غالية عليا يا نادية و انا لو عندى بنت كنت هديهالها لكن ربنا مرزقنيش الا بالباشمهندس حسام..
ابتسمت نادية في حياء و هي تتذكر نظراته لها و وسامته المفرطة عندما ابتسم في وجهها لتهمس: - ربنا يخليهولك يا ست خيرية..

أمنت خيرية خلفها و جذبت نادية من كفها عائدة بها لامها و التي دفعت نظراتها باتجاه خيرية القادمة من ذاك الرواق الطويل و خلفها ابنتها ذراعاها عامرة بما جادت به خيرية عليها، لكن ما استرعى انتباه عنايات و دق ناقوس الخطر داخلها
و شعرت انها أخطأت بجلب ابنتها معها هو رؤيتها لحسام يخرج من باب حجرته لتستقر نظراته على نادية و لا يحيدها عنها.

و الادهى هو ذاك التلويح الأخير الذى قام به تجاهها و هي تمر بباب حجرته و استدارة نادية اليه و ابتسامة تكلل محياها..
كل ذلك دفعها لتلقى بحاجات خيرية التي طلبتها في عجالة و تجذب ابنتها خلفها مغادرة و هي تلعن ذاك الحظ الذى جعل الباشمهندس حسام متواجد في إجازته التي يقضيها من عمله في كنف و الديه.



look/images/icons/i1.gif رواية بنات عنايات
  10-01-2022 12:59 صباحاً   [5]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

أسبوعان مرا على اخر مرة ترى فيها الست خيرية، فها هي المرة الثانية التي تأتى فيها حتى بابها تطرقه و لا مجيب
لقد ادخرت كل ما طلبته منها و كانت تجئ به كل أسبوع اليها و لا مجيب على تلك الطرقات التي اشتكى الباب من كثرتها..

و هذه المرة ليست استثناءً، ها هو الباب يكاد يصرخ فيها ان تكف عن الطرق على جانبه بهذا الشكل المحموم حتى ان طرقاتها دفعت جارة الست خيرية لتفتح بابها مطلة برأسها لتستطلع من بباب الجارة يدق بهذا الشكل..

تنبهت عنايات لتلك الجارة هاتفة في احراج: - هو الست خيرية مش چوة و لا ايه..!؟.
خرجت الجارة بكامل جسدها تواجه عنايات هاتفة في حزن: - لا هو انت مدرتيش يا عنايات..!؟، البقاء لله..
و دمعت عين الجارة و سقط قلب عنايات
ارضا و هي تهتف ضاربة صدرها ببطن كفها في لوعة: - مين اللى مات بعيد الشر عن البيت و صحابه.؟!
بكت الجارة و قد تجددت أحزانها هاتفة بصوت متحشرج: - الست خيرية، البقاء لله..

غامت الدنيا امام عينىّ عنايات، و شعرت بالدوار يكتنف رأسها حتى ان الجارة شعرت بما تعانيه عنايات فدفعت اليها بكوب ماء ترتشف منه بعض رشفات مستعصية البلع جراء تلك الغصة التي استحكمت بحلقها كما يستحكم السوار بالمعصم..
ألتقطت أنفاسها بصعوبة و جذبت قفتها تدفعها فوق رأسها تترنح مغادرة، و دموعها تتسابق على خديها تحجب رؤية الطريق، من جديد امام ناظريها..

ما عاد بيت سيادة المستشار تعمه الضحكة كما كان أيام الست خيرية رحمها الله..
دقت بابه و هي تتوقع ان تراها تفتح الباب
بابتسامتها البشوش ووجها الصبوح العامر بالصحة، لم تشتكى يوما مرضا او تتأوه من علة، يالله، رحلت هكذا ببساطة و تركتها وحيدة، تلك الغالية التي ما كانت تستريح الا و هي تلقى على أعتابها كل ما يقلقها و يضج مضجعها..

فُتح الباب و دمعها يسبق صريره ليطالعها وجه سيادة المستشار المتغضن و الذى أورثه الحزن مزيد من اثرالأعوام على ملامحه..
ابتسم في شجن لعنايات وهو يهمس بصوت متحشرج: - اهلا بحبيبة الغالية..
انفجرت عنايات باكية لا تستطيع التحكم في شهقاتها الموجوعة، مرت عدة دقائق حتى استطاعت السيطرة على حزنها العارم
و هتفت بصوت متحشرج: - البقاء لله يا عونى باشا، الله يرحمها..
رد بصوت متحشرج مماثل: - سبحان من له الدوام..

غلفهما الصمت لثوان قبل ان تهتف عنايات بنبرة تحمل كل الوفاء لتلك الراحلة العزيزة: - بص يا عونى باشا، انا مش جاية النهاردة أَشترى و لا أبيع انا كنت جاية أعزى جنابك، جلى من دلوجت على طلباتك انت و حسام بيه و من السبوع الجاى تكون عِندك، كن الغالية موچودة..
همس عونى: - تسلمى يا عنايات، هاتى اللى كانت خيرية بتطلبه و تحبه..

تحشرج صوته من جديد عند ذكر زوجته الراحلة لتدمع عيناها من جديد و لكنها تقرر التماسك و هي تنهض راحلة..
و قد قررت ان كل ما بجعبتها ذلك اليوم لن تبيعه بل ستخرجه كله رحمة على روح تلك الفقيدة الغالية التي أخذت جزء من قلبها معها و هي التي كانت تعتقد انها ما عادت تتعلق ببشر بعد وهدان و ان قلبها قد دفن معه بقبره..



look/images/icons/i1.gif رواية بنات عنايات
  10-01-2022 12:59 صباحاً   [6]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

مرت كعادتها على بيت سيادة المستشار و احضرت له ما لذ و طاب كما عودته لتذهب ما تبقى من حملها للسوق كعادتها تبيعه و تندفع عائدة لدارها..
توجهت حيث موقف السيارات الأجرة التي تقلها كعادتها لتدفع نفسها بداخل احداها و ما ان همت السيارة بالتحرك حتى صدمها
ما رأت جعل الدم يتجمد في عروقها لثوان
هل هذه نادية ابنتها و هل هذا حسام بن سيادة المستشار..!؟، انها لا تكاد تصدق.

صرخت في السائق ليتوقف و اندفعت خارجة من صندوق السيارة الخلفى..
تدارت قدر استطاعتها حتى لا يُفتضح امرها
و هي ترى ابنتها تركب احدى سيارات الأجرة و هو يودعها ملوحا..
دقائق كانت عنايات فيها تشبه التمثال بلا روح او حياة، تستعيد المشهد عدة مرات
امام ناظريها حتى تستوعب ما رأته..
عادت مرة أخرى لبيت المستشار تطرقه و هي تدرى ان سيادة المستشار قد غادر كما اخبرها صباحا و هي تجلب له ما اشتهى.

، هي تدرك تماما انه لا يوجد بالمنزل غير الباشمهندس حسام، و كانت على حق
فها هو يفتح الباب و ابتسامته التي تذكرها بأمه الطيبة تكلل محياه..
هتف في سعادة لمرأها: - خالة عنايات!، ازيك، بابا نزل للأسف و انا..
هتفت في حزم: - انا جابلت جنابه الصبح انى جاية ليك انت، يا واد الغالية..
زم ما بين حاجبيه مستفسراً لتهتف هي في نفس النبرة الحازمة: - ايه اللى بينك و بين بتى يا باشمهندس..!؟.

انتفض عند سؤالها المباغت الذى لم يتوقعه و لم يكن على استعداد لإجابته، هو بالفعل
على علاقة بنادية و يراها في الجامعة عندما يكون في إجازته هنا، لكن ابدا لم يتوقع ان تكتشف أمها الامر..
هتف متلجلجاً: - انا، انا بحبها يا خالة و..
ابتسمت عنايات على الرغم من النار التي تستعر بجنباتها هاتفة بتعجب: - بتحبها..!؟
، يا ولدى انت واعى لحالك و حالنا..

نظرت له مشرف عليها بهامته و هي ترفع رأسها لأعلى لتطاله لتستطرد و هي تشير اليه و اليها: - انت مش واعى انت وين، و احنا وين..!؟، فوج يا ولدى، لا انت بتحبها و لا هي كمان بتحبك..
هتف معترضاً: - لاااا، انا بحبها بجد و عارف انها..

هتفت عنايات تقاطعه بصرامة: - انى بجولك اللى فيها يا واد الغالية، لو بتحبها كنت صنتها، كنت جيت لأبوك الراجل المحترم و جلتله، انا رايد نادية بت عنايات في الحلال مش تروح من ورا ضهرى و ضهره و تجابلها، و هي كمان، محدش يعرفها كدى، دى بت جلبى يا باشمهندس و لو بتحب جلبى يدج جبل جلبها..

صمتت لثوان و لم يعقب هو بدوره لتستطرد هي بهدوء: - يا باشمهندس، فاتح سيادة المستشار ولو يجبل، ابجى انى أفكر، جَبل كِده، لا تشوفها و لا كنك تعرفها..
نهضت في عجالة تقذف قفتها فوق رأسها و تلف بردتها حول جسدها و تندفع راحلة
و قبل ان تهبط الدرج استدارت لحسام هاتفة: - اشوفك بخير يا واد الغالية..

و سابقت الريح لتصل لدارها و ما ان فُتحت بابه حتى دفعتها عنايات و دخلت تبحث عن نادية التي ما ان رأتها حتى جذبتها من يدها
دافعة أياها داخل حجرتها صارخة في اختيها بالا يقاطع حديثهما احد..
أغلقت الباب في ثورة و أدارت المفتاح في موضعه عدة مرات لتستدير لنادية التي كانت ترتجف كورقة جافة في مهب ريح خريفية عاتية..

تقدمت عنايات ببطء صوب ابنتها لتنقض على شعرها قابضة عليه بين أصابع كفها جاذبة أياه لترفع رأس ابنتها إجباريا لتتطلع لعينيها في توعد: - اياك تكذبى، فهمانى، ايه اللى بينك و بين بن المستشار..!؟.
هتفت نادية تحاول التملص من كف أمها: - بن مستشار مين..!؟، انا...
هتفت عنايات من جديد بغضب تتصاعد وتيرته: - بسألك للمرة التانية، ايه اللى بينك و بين الباشمهندس حسام..!؟.

هنا لم تعد نادية بقادرة على المواربة: - انا، انا بحبه، وهو..
قاطعتها أمها هاتفة في ثورة و هي تدفع رأس نادية و تحرره من بين أصابعها: - كدابة، كدابة يا بت جلبى، عمرك ما حبتيه، عارفة لو عشجتيه كنت عذرتك..
لكن انت حبيتى المال و الجاه، حبيتى منصبه و منصب ابوه، حبيتى الشجة و العربية، لكن هو ياجى فوج البيعة..
انفجرت نادية باكية و لم تعقب..
جلست عنايات على طرف الأريكة الخشبية.

و كأنما جسدها بناية تنهار لتهتف و هي تضرب فخديها بكفيها في حسرة: - واااه يا جلبى، و يا بت جلبى، عملت ايه امك الغلبانة عشان تعملى فيها كِده..!؟.
لانت نادية لبكاء أمها هاتفة في لوعة لمرأها بهذا الضعف الذى لم تعهده فيها: - خلاص، حجك عليا ياما، انا..

قاطعتها عنايات هاتفة في حزم وهى تمسح دمعاتها المتساقطة على وجنتيها: - انتِ معدش ليكى خروج من باب الدار، انتِ مكنش ليكى في العلام من أساسه، تخرجى ليه..!؟، عشان تجيبى العار لامك اللى شربت المر من كيعانها عشان تربيكِ و تخليكِ بنى أدمة ليكِ جيمة وسط الخلايج..
انتفضت نادية صارخة: - لااه ياما، احب على يدك، انا عايزة اكمل الچامعة، دول هم سنتين و اتخرچ، يرضيكِ يضيعوا عليّ، اهون عليكِ..!؟.

هتفت عنايات بحزم من خلف قلبها الذى يئن لأجل فلذة كبدها: - أه تهونى، كيف ما هانت عليكِ امك، و يكون في معلومك انا جابلت الباشمهندس حسام و جبت له من الاخر، لو جدر يجول لأبوه و يفاتحه في انه يتجدم لك، انا هوافج..
اندفعت نادية متعجبة: - بجد، هتوافجى ياما..!؟.
ابتسمت عنايات ابتسامة صفراء في وجه ابنتها هاتفة بسخرية: - مش لو جدر يكلم ابوه من الأساس.!؟، و لحد ما يجدر يا جلب امك، مفيش خروچ من الدار..

ألقت عنايات بفرمانها الواجب النفاذ و فتحت باب حجرتها و اندفعت خارجه تاركة نادية خلفها تبكى..

اليوم هو يوم تتويجها الاول، اليوم هو يوم نهاية مشوارها الاول، اليوم هو يوم حفل تخرج نادية، لم تكن تدري انه عندما تري ابنتها في روب تخرجها الاسود قد تبكي بهذا الشكل، لكنها بكت، بكت فرحة و سعادة من ان ابنتها الكبري و درة تاجها اصبحت رسميا الاستاذة، ذاك اللقب الذي دفعت فيه من سنين عمرها و شبابها..

انتشت عندما سمعت اسم ابنتها و هي تصعد تلقي التحية علي اساتذتها فقد كانت من الاوائل علي دفعتها، سماح وهدان، الاستاذة سماح وهدان، يا له من حلم تحقق اخيرا...
احتضنتها امها و اخواتها بعد انتهاء الحفل و فجأة سمعوا صوت رجولي يقطع عليهن فرحتهن بالقاء التحية: -السلام عليكم..
ازداد وجيب قلب سماح ما ان رأته امامها، من المؤكد انه هنا ليبارك لها تخرجها، ردت عنايات التحية: -و عليكم السلام..

سأل الدكتور جمال الواقف مشدوها و مضطربا علي عكس شخصيته الواثقة: - حضرتك والدة الانسة سماح مش كده..؟!
اجابت عنايات في فخر: -ايوه يا بني انا ام الاستاذة..
هتف الرجل: -الف مبروك التخرج و الانسة سماح مثال للادب و الاخلاق و ده يشجعني ان اطلب من حضرتك تسمحيلي اجي مع الوالد اشرب الشاي مع حضرتك...
ابتسمت عنايات في ثقة: - تشرفنا يا بني، بكرة بعد المغرب باذن الله...

ابتسم جمال في يعادة وهو يختلس النظرات لتلك التي ارقته طوال سنوات دراستها منذ ابصرها للمرة الاولي و قلبه تعلق بها وهو الذي نذر نفسه للعلم و التدريس..

هو بن ذاك العامل البسيط الذي استطاع بالكاد إلحاق ولده بالجامعة ليكون دوره حتي يتفوق و يصل لمنصب معيد في كليته استحقه و عن جدارة و نال الماجستير في فترة وجيزة و الان هو يحضر نفسه لنيل الدكتوراة، لكنه لم يستطع ان يصرف فكره عن تلك الطالبة المجتهدة و الخجول التي تأسره بنظراتها التي تحمل له الكثير من وعود الفرحة دون البوح بحرف واحد..

انتفضت سماح وهو يلقي التحية راحلا و يودعها بابتسامة اذهبت بتعقلها عندما هتف للمرة الثانية، مبروك، اي مبروك يقصد؟!، وهل ما طلبه من امها صحيح، و هي لا تتوهم..؟!، هل من الممكن ان تتحقق احلامها هكذا دفعة واحدة، بل و في يوم واحد..؟!، لطالما كنت له مشاعر دفينة حاولت ان توأدها في اعماق قلبها.

فهي ابنة عنايات التي يجب ان تتفوق و تتخرج لتزيح العبء عن امها، كان عليها ان تترك امور القلب جانبا و تنحي نداءات العشق لما وراء ظهرها حتي تنجز مهمتها علي اكمل وجه...
غابت في عالم اخر طوال عودتهن للدار حتي ابتدرتها امها بعد ان لحقت بها داخل
غرفتها: - بجي هو ده يا سماح؟!..
هتفت سماح في اضطراب: - هو ده مين ياما..؟!..

ابتسمت عنايات: -هو ده اللي مكنتيش بتذاكري غير مادته و لما سألتك جلتي ان مادته واعرة، تاري العشج هو اللي واعر يا بت جلبي..
هتفت سماح بتوتر: - عشج ايه و مسخرة ايه ياما، انا مليش في الحاچات دي...
انفجرت عنايات ضاحكة و تمنت لو تخبر ابنتها ان امها هذه و التي يرونها صلبة كالصخر امامهن كانت تذوب من مجرد نظرة عشق من ابيهن..

هتفت عنايات متخابثة: - يا استاذة، ده انا واعية لجلبك بيتنفض كيف الفروجة(الدجاجة) المدبوحة ساعة ما وعيتي له جاي ناحيتنا، جلبي رفرف ويا جالبك يا حبة عيني..
ربتت عنايات علي كتف ابنتها المضطربة هاتفة: - وماله، مش جاي في الحلال و عايزك علي سنة الله و رسوله، يبجي يشرف...
ابتسمت سماح وهي تلقي بنفسها بين ذراعي امها الحانيتين هامسة: -حبيبتي ياما ربنا يخليكي ليا..

قبلتها عنايات و انسحبت خارج الغرفة تقاوم دمعا مختلطا من فرحة و شجن.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 3 < 1 2 3 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1538 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1126 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1167 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 970 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1748 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، بنات ، عنايات ،











الساعة الآن 04:08 PM