logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





10-01-2022 01:33 صباحاً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10


t22013_3696


وطدت نفسها على تحمل تبعات حياتها و السير قدما دون الحاجة لذراعي رجل يكون سندا لها، فهل تستطيع المضى قدما فيما اعتادته!؟ أم أنها ستقع حتما في ورطة بسبب اعتقادها ذاك و الذي ظل عقلها يمليه عليها حتى تجد قلبها في ورطة فعلية مع السعادة. فهل تهرب!؟
فصول رواية ورطة مع السعادة
رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الأول

واخيرا، أغلقت باب شقتها بعد يوم طويل وشاق، وقفت خلاله طوال ساعات حتى انتهى
فنيو التركيب من تركيب تلك الآلات التى طلبتها لتجهيز عيادتها الخاصة، انها لا تصدق انها انتهت اخيرا من تجهيزها وفى سبيلها للإعلان عن بدأ العمل فيها قريبا..

انها لاتزال لا تصدق من الاساس انها عادت لبلدها اخيراً بعد غربة دامت الثمان سنوات قضتها بالخارج تعمل بأحد البلدان العربية.

تنهدت فى راحة، وسارت مبتعدة عن الباب لتسير فى ذاك الممر الطويل الذى يفضى بها لغرف المنزل الأربعة، فتحت الأنوار وجالت بعينيها فى ارجاء كل غرفة، ابتسمت فى سعادة وهى ترى بداية حلمها قد تحقق، والخطوة القادمة هى الإعلان عن عيادتها بالشكل اللائق وانتظار المرضى، وايضاً عليها الا تنسى تعيين احدى العاملات لتستقبل المكالمات وتنظم مواعيد العيادة..

توجهت وهى تفرد يديها على اتساعهما للحمام ممنية نفسها بحمام ساخن يطرد إرهاق اليوم الطويل..
خرجت من الحمام اكثر انتعاشا، توجهت للحجرة التى قررت تحويلها لغرفة نومها واندست تحت الأغطية وأمسكت بمحول القنوات تبحث عن فيلم يجذبها لتتابعه وهى تمد يدها لأحد الأدراج تتناول احدى ألواح الشيكولاتة التى تعشقها، نظرت اليها فى محبة.

وبدأت فى إلتهامها باستمتاع عجيب، وهى لاتزل تقلب فى قنوات التلفازحتى وجدت اخيرا ما تتابعه فوضعت محول القنوات جانباً وبدأت فى التركيز ومتابعة احداث الفيلم..
لم يطل تركيزها اكثر من بضع دقائق، فعقلها جذب افكارها وخواطرها لاتجاه اخر تماماً..

قفزت صورة أبويها للذاكرة، كم كانت تتمنى لو انهما لازالا على قيد الحياة حتى تتمتع بمحبتهما التى افتقدتها كثيراً فى غربتها المفروضة عليها من أجلهما، من اجل حياة افضل لهما ولاختها الوحيدة التى كان عليها إعالتها، تخرجت من كلية طب العلاج الطبيعى والتى اختارتها رغم حصولها على مجموع يؤهلها لدخول كلية الطب البشرى، فقط لانها علمت ان الدراسة بتلك الكلية خمس سنوات وفى النهاية، هى تحمل لقب طبيبة كما تمنى والدها دائما، اختارتها حتى لا تثقل على ابيها ذاك العامل البسيط والذى كان مرتبه المتواضع يكفيهم بالكاد..

تخرجت بالضالين، وماهى الا فترة قليلة حتى انهك ابيها المرض وتقاعد مخلفاً حمل البيت ومطالبه التى لا تنتهى على عاتقها، ابنته الكبرى التى دوماً كان يعتبرها عمود البيت..





كان دوما ما يفخر انه أنجب صبية تحمل فى عروقها عزم أعتى الرجال، وهى أمنت بما كان دوماً يفخر به، وقررت ان تكون رجل البيت وعموده، قررت ان تنسى انها أنثى..
وتتذكر شئ واحد فقط، هو ذاك العزم الذى يدعى ابوها انها تملكه، ولم تخيب ظنه يوماً.

فها هى على مشارف الرابعة والثلاثين من عمرها ولازالت وحيدة بلا زوج ولا حياة عائلية، بلا رجل فى حياتها التى ما عدمت وجودهم بها، لكنها عدمت بقاءهم فيها..
ولعب دور البطولة فى لياليها وأيامها..
او التسلل حتى لأحلامها ليكونوا ولو لساعات جزء منها..
لا تعلم، أين هو العيب.!؟.
هل العيب فيها، أم فيهم، أم فى الظروف التى جمعتها بهم..!؟.

هل نسيت بحق انها أنثى، تحتاج لرجل تُكمل معه مسيرة حياتها..!؟، أم ان الرجال قد ادركوا بفطرتهم انها ما عادت بحاجة لهم..
وانها كفيلة بإدارة حياتها بلا عون من احدهم فذهبوا يبحثوا عن أنثى حقيقية تحتاج دعمهم وتتقبله شاكرة..!؟.
على أية حال، ما عادت معرفة السبب تهم، فقد اصبحت بالفعل، غير قابلة للدعم، غير راغبة فيه، مكتفية تماماً بحياتها وعالمها..

قضمت قطعة أكبر من قالب الشيكولاتة وهى لاتزل سارحة فى افكارها تدعى متابعة الفيلم المعروض على الشاشة قبالتها، وعقلها يجبرها على عرض شريط الذكريات بكل تفاصيله، وابتسمت فى سخرية عندما قفزت الى مخيلتها تلك الذكرى الوحيدة للمحاولة اليتيمة التى سمحت بدخول جنس الرجال لمحيطها الشائك، ويا ليتها لم تسمح..!

تذكرت كيف جذبها بأخلاقه العالية، وتعامله الراقى مع المرضى، كان طبيب زميل لها فى ذاك المشفى الذى عملت به فى غربتها..
ظهر فجأة من العدم، ففى صباح ما سمعت الممرضات يتحدثن عن ذاك الطبيب الجديد الذى وفد للمشفى منذ ساعات، أحدث وصوله انقلاباً فى ساحات المشفى لدرجة جعلتها تشعر بالاشمئزازمن تفاهة الممرضات اللائي كان الحديث عنه يشغل حيزا لا يستهان به من ثرثراتهن المعتادة عن الأطباء وكل ما يخصهم.

تذكرت تماماً كيف ألتقت به، أغمضت عينيها
متظاهرة بالاستمتاع بالشيكولاتة، لكنها كانت تعلم انها تكذب على نفسها، فقد أغلقت عينيها لتتذكره، تتذكر كفاه التى انتشلتها من وقوع محقق عندما انحرفت فى سرعة هاربة من موجة جديدة من الثرثرة حول شخصه، لتصطدم به شخصياً، ساعتها، اضطربت كل حروف اللغة على شفتيها، وضاعت قوة بيانها.

وهو يبتسم فى ثقة متسائلاً، : - هل انتِ بخير!؟، ويهمهم بصوت رجولى محبب وهو ينظر لشارة اسمها الملتصق على جيب معطفها الطبى فيكمل وهو ينظر لعمق عينيها، دكتورة مى..!؟.
لم تحرك ساكناً، ولم تحرر جواباً للحظات وكل ما فعلته انها اندفعت من أمامه هاربة
وكأنما تخشى شيئاً ما، شيئاً كانت تعلم انه سيتعقبها ويراودها ويحاربها وتحاربه، شيئا
خرافياً أسطورياً، كما وحوش القصص القديمة.

وفى نفس ذات الوقت، هو ناعماً مخملياً، كبتلات زهرة ندية..





شئ يطلقون عليه مسمى لم تختبره أبداً فى حياتها، ولم تتوقع انه يمكن ان يدك حصون قلبها العتيدة بتلك القوة ويحيلها لرماد فى لحظات فقط من مجرد نظرات، شئ ما يدعى الحب..
تذكرت مبتسمة، كيف كانت تتحاشى التواجد معه فى مكان واحد وفى نفس الوقت تتلمس الاخبار عنه من الممرضات، وهى التى كانت تضيق بسماعها لاسمه، اصبحت تتوق لمجرد ذكره بخبر أمامها..

لقد أحبته، سمحت لنفسها وهى أبنة ابيها، ذات الثلاثين عاماً، وصاحبة عزم الرجال الذى لا يُقهر، ان تحب..
كيف حدث هذا، ومتى..!؟.
هى لا تعلم..

فقد استيقظت ذات صباح لتعترف لنفسها انها تحبه، تحب كل ما يمت له بصلة، وتعشق كل ما يتعلق به، عدة شهور مرت، على الرغم من محاولاتها المستميتة البقاء بعيداً عن تأثير وجوده فى محيطها، الا انه كان دوماً يحاصرها بوجوده المفاجئ، لتضيع كل رباطة الجأش والاتزان الذى تملك أدراج الرياح..
كل يوم كان يمر، تتعلق به أكثر، فقد كان مثالاً لكل ما تمنت فى شريك حياتها، الاخلاق العالية، والقلب الحان، والوسامة المحببة..

كان يمتلك كل ما يؤهله ليحتل عرش قلبها بلا منازع، وهو أيضاً، كما كانت تظن، وجد فيها ما كان يتمنى فى شريكة حياته..
لكن..
وآااه من كلمة لكن، تلك الكلمة الاعتراضية التى تنقلب بعدها كل الموازين رأسا على عقب.

جاءت الريح بما لا تشتهيه سفن فرحتها، لتقتلع أشرعتها واحدا تلو الاخر، لتغرق فى بحر من الالم والأوجاع، وكأنما ضنت عليها الحياة ببضع أيام من الفرحة التى لم تكلف احدهم شيئا، هى فقط من دفعت ثمن فرحتها لاحقاً، ثمن غال من السهد والوجع والدموع..

رفرفت عيناها لتتنبه انها تبكى للذكرى، وكأن الوجع لايزل ساكن فى الحنايا لم يغادر، قابع فى ثنايا الروح لم يرحل، بعد ما يقرب من أربع سنوات خلت، لاتزل تتذكر طعنة الالم التى تلقتها منه ومن أمه، والتى هللت عندما علمت برغبته فى الارتباط بها فى أول الامر، وفجأة تنقلب الأية للنقيض تماماً عندما عرفت فى مكالمات لاحقة بينهما، ان عمرها قد تخطى الثلاثين عاماً ببضعة أشهر، ساعتها، أصبحت نبرة الصوت غير، والتعامل غير..

ولاحظت تباعده عنها، ومحاولاته تجنبها وشروده الدائم اذا ما صادف وقابلته فى احد أروقة المشفى على غير ميعاد..
وأخيرا، جاءت الطعنة، عندما ضغطت عليه لمواجهتها، لم يستطع ان يهمس بكلمة، كل ما فعله انه أخرج هاتفه ليضغط عدة أزرار ويسلمه لها، ويتنحى جانباً، تركها تتطلع لشاشة هاتفة فى بلاهة للحظات حتى سمعت
صوت ينادى على الطرف الاخر، فوضعت الهاتف على أذنها لترد فى ثقة لا تعلم من أين
استمدتها: - نعم، أنا مى يا..

لم تمهلها أمه على الطرف الاخر من استكمال عباراتها، وكأنها تردد كلمات تم الاتفاق عليها مع ولدها مسبقاً لتهتف بها فى سرعة: - كل شئ قسمة ونصيب يا ابنتى، ابنى ليس نصيبكِ، ربنا يكتب لكِ الخير مع غيره..
صمت رهيب أعقب تلك الكلمات المسمومة التى تسللت لشرايينها وأوردتها..

لم تكتف أمه بصمتها الذى يشى بما تعانى لتستكمل فى إستقواء: - أنا أسفة يا دكتورة، سنكِ غير مناسب لأبنى، ما بينكما من فارق عمرى لا يتعدى بضعة أشهر، هذا يعنى انكِ تخطيتِ الثلاثين، ما الذى يجبر ابنى على الارتباط بمن تماثله عمراً وهو يمكنه الارتباط بمن هى أصغر بكثير وفرصتها فى إنجاب أحفاد لى أكبرمن فرصتكِ..

كانت هذه هى الطعنة النجلاء بحق، فقد انغرست كلماتها كنصل حاد ليستقر بأعماق الروح التى كانت تحتضر فى صمت وهى تغلق الهاتف وتستدير فى آلية لتتجه إليه حيث كان يقف ذائغ النظرات لتضع هاتفه فى كفه، وترحل مبتعدة عنه، تتذكر تماماً انها اشفقت عليه لحظتها، كان كالتائه فى خضم من مشاعر لا يستطيع التعبير عنها، لكنها رحمته.

و رحمت نفسها وولت هاربة بعيداً عن محياه، فما نفع الكلام بعد كل ما قيل، كلماته كانت ستزيد الطين بلة، وستكون كمن يضع الملح على جرح حى..
مسحت تلك الدموع التى انحدرت بالفعل على وجنتيها، وفقدت شهيتها للشيكولاتة فتركتها جانباً، وتنهدت وهى تتذكر كم من الليالى بكت وحيدة فى غرفتها لم تجد من تشكى له لوعتها
ومعاناة قلبها، وجرح كرامتها النازف..

لم تجد من تخبره بخبيئة مشاعرها، واحتضار روحها، كانت، كما كانت دوما، هى المجروح والمداوى عندما يفيض الألم ويعز الدواء، مسحت دمعها بكف، وطيبت قلبها بالكف الأخرى، وأحتضنت نفسها بذراعيها
ونامت وهى تطمئن نفسها، ان غداً يوماً أخر
تؤمن بانه سيأتى بغير عناء، بغير ألم أو بكاء.

غداً يوم أخر، ستظهر فيه مى القديمة من جديد، نعم مى، ابنة أبيها، التى نسيت انها أنثى، وستظل تنسى ذلك ما حيت، ستعود من جديد، وهى أصلب عوداً وأكثر رغبة فى المواصلة بغير ظل رجل يخنقها بدل من ان
يحيها، يهدمها بدل من ان يبنيها..
تذكرت كيف قابلته بعدها بعدة أيام، وكأن شيئاً لم يكن مما جعل نظرات الدهشة تطل من عينيه فاضحة، لتبتسم هى فى ثقة مبعثها تلك الرسالة التى وصلته بحذافيرها، والتى كان مفادها.

، ليست أنا تلك التى تموت ان ابتعدت
أو أقتربت، فإن كنت قوية بحبك، فسأكون بدون حبك الذى يهدر كرامتى أقوى..
، والعجيب، انها وجدته يحاول بعد فترة عودة المياة لمجاريها، يعمل على استرجاع علاقتهما لسابق عهدها، لكن هيهااات..
فقد طردته من حياتها، وغلّقت الأبواب..
وقالت، إليك عنى، فقدت فرغت من ترهاتك
وما عادت نظراتك الحانية تأسرني..
قلبها لازال يئن، هى تدرى..
لكن عقلها له شأن أخر، وكرامتها لها حسابات أخرى..

و دموع عينيها الغالية التى سفحتها لاجله لن تهون أبداً، ولن تُبذل ثانية لأى رجل مهما كان...

ان أكثر ما أثرفيها خلال تلك الاوقات العصيبة انهما بالفعل قد أعلنا خطبتهما وعلمت المشفى كله انه طلب يدها للزواج، وهى قبلت مرحبة بل أكثر من مجرد مرحبة، بل كانت محبة، عاشقة، مدلهة بحبه، الجميع كان يعلم ذلك وهى الوحيدة التى كانت تظن نفسها على قدر عال من الحيطة والحذر حتى لا ينكشف سر قلبها الصغير، لكن، منذ متى يمكننا مدارة الحب وفيض العشق الذى يسطع من الأحداق كشمس ظهيرة فى يوم قيظ...!؟، فالصب تفضحه عيونه، ألا يقولون هذا..!؟، وهذا بالفعل ما حدث معها، فضحتها جوارحها كلها ونطقت بعشقه..

كان اصعب اللحظات تلك التى خاضتها وهى تمر بأروقة المشفى بعد اعلانه انتهاء خطبتهما
وتلك النظرات التى كانت تطالها من هنا وهناك تحمل الكثير من المشاعر المتابينة ما بين فرحة وتشفى وشفقة، فرحة لانه اصبح متاح لأخرى من بينهن، وتشفى لانه انهى خطبته بها فهى من وجهة نظر بعضهن لا تستحقه، واشفاق من البعض لانهم لمسوا محبتها له، ومحبته لها
كل هذا، مصحوباً بسؤال فضولى على الشفاه..

لماذا..!؟، ماذا حدث ليموت ذاك الحب بالسكتة القلبية..!؟، لكن لا إجابة..
لا هى تكلمت، وهو ايضا للحق، لم يصلها انه أعلن عن أسباب انفصالهما، وحمدت له ذلك فما كانت لتحتمل ان يعلم الجميع مدى الاهانة التى تعرضت لها من السيدة الكريمة والدته، وكيف أعلنتها صراحة، انها ليست جديرة بلقب زوجة ابنها المصون لا لشئ الا عمرها الذى تخطى فى حسابات البشر العقيمة
الثلاثون، ذاك الرقم الخطر فى عمرالنساء.

والذى يذبحهن بسكين تالم، لينزفن قهراً وظلماً
من عُرف أحمق لا يعلمن من وضعه، ولو علمن، لعُلق على المشانق ليُعدم ألف ألف مرة
كما يغتال عرفه وقانونه الجائر أحلامهن الوردية فى كل لحظة يقتربن فيها من ذاك السن المشؤوم..
لكن على أيه حال، تخطت تلك اللحظات، واستوعبت تلك النظرات، وتجاهلت التساؤلات التى كانت تطل من العيون، ومضت فى طريقها غير أبهه إلا بتطييب الجرح وإيقاف النزف والعودة ثانية، ل مى القديمة..

مدت كفها تغلق التلفاز الذى ما عاد له نفع أو
قدرة على جذبها لمشاهدة ما يُعرض، ونهضت فى تثاقل للحمام تغسل وجهها من أثر الدموع..
وعادت بخطى بطيئة لغرفة نومها وما ان همت
بالدخول تحت الأغطية من جديد لتستريح من عناء اليوم وتهرب من تلك الذكريات التى أرهقتها حتى عادت لتندفع من جديد خارج الغرفة وهى تهتف لنفسها بصوت مسموع..

لازلتِ حمقاء يا مى وتنسين أغلاق باب الشقة بعناية ككل ليلة، متى ستذكرين ذلك دون وصلة التقريع اليومى..!؟، كل تلك السنوات فى الغربة وحيدة ولازلتِ على رعونتكِ..
وصلت قرب الباب، وفجأة..
توقفت فى صدمة، وتعالت ضربات قلبها أضعافاً وهى ترهف السمع فى أضطراب
لعلها تكون مخطئة..
لا، ليست مخطئة، فهناك شخص ما يحاول فتح باب شقتها، نظرت لساعة الحائط أمامها.

والتى كانت تشيرتقريباً الى الثالثة صباحاً بقدر ما استطاعت تبينها فى ذاك الظلام المخيم على مدخل الشقة، لم تعرف كيف تتصرف حتى وقعت عيناها على عصا خشبية كانت قد تركتها
بالقرب من الباب لتتذكر التخلص منها عند مغادرتها للشقة، تناولتها فى رهبة واندفعت على اطراف أصابعها خلف الباب فى نفس اللحظة التى فتح فيها الدخيل..

وما ان هم بفتح نور الردهة القصيرة وتخطى عتبة الباب حتى عالجته بضربة من عصاها على رأسه ليسقط أرضاً..
وتدوى فى تلك الليلة صرختان..
صرخة رعب من حنجرتها التى استعادت صوتها أخيرا، وصرخة ألم من ذاك الدخيل..





والذى أطلقها قبل ان يفترش الارض فاقداً الوعى..
تاااابع اسفل
 
 






look/images/icons/i1.gif رواية ورطة مع السعادة
  10-01-2022 01:34 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني

الفصل التانى
كانت صرخاتها كدعوة صريحة للجيران ليجتمعوا في لمح البصر عند مدخل شقتها مذهولين مما يحدث، فهى تصرخ ورجل ضخم الجثة ممدد على الارض في مدخل الشقة بلا حراك، اتصل احدهم بالشرطة بينما دخل احدهم للشقة يهدأها، كان رجل عجوز منحن الظهر ربت على كتفها في حنو ودفعها في رقة لتدخل تضع حجابها على رأسها..

انتبهت بالفعل انها لا تضع حجابها ولا مئزرها وكيف لها ان تتذكر في ظل ما يحدث ما يجب عليها ارتداؤه، دخلت تترنح لغرفتها في اخر الرواق الطويل وارتدت مئزرها المنزلى ووضعت حجابها على رأسها وخرجت من جديد لا تعرف ما ينتظرها وهى تُمسك هاتفها بيد ترتجف توتراً لا تعرف بمن يمكنها ان تتصل في مثل تلك الظروف وفى مثل تلك الساعة المتأخرة من الليل..

وأخيراً قررت على مضض الاتصال بصديقتها الدكتورة نادية وزوجها الدكتور خالد، لابد من وجود احد معها في تلك الورطة، ماذا سيحدث لها لو كان ذاك الرجل الممدد أرضا في الخارج
قد مات..!؟.
انتظرت على الهاتف الذى طال رنينه لترد نادية على الطرف الاخر بصوت ناعس، لكن ما ان شرحت لها ما حدث معها حتى انتفضت نادية واخبرتها بقدومها مع زوجها على وجه السرعة.

شكرتها مى بصوت مرتعش، و هي تغلق الهاتف وتتوجه للخارج، وما ان وصلت حيث ذاك الرجل الراقد حتى وصلت الشرطة
هتف الضابط في تساؤل: - ما الذى يحدث هنا!؟
اجابت هى بصوت حاولت إظهار الثبات في نبراته: - انا الدكتورة مى محمود الرفاعى وهذه شقتى والتى فوجئت بهذا الشخص المدد أرضاً يحاول اقتحامها و..

قاطعها صوت همهمة ألم، وفجأة، استيقظ الوحش، فلقد نهض الدخيل في تثاقل جعل ضابط الشرطة يتراجع مشهراً سلاحه وهو يهتف في تهديد: - مكانك..
استدار الدخيل في بطء وجلس لأقرب مقعد غير مبال بما يحدث حوله، وكأنه لا يرى الشرطة ولا اسلحتها المشهرة في وجهه، ولا تلك الجمهرة المحتشدة من الجيران على عتبة الشقة..

تنهد في ألم واضعاً كفه على رأسه موضع الضربة التى أتته من حيث لا يعلم ولا يحتسب جعلته يتمدد فاقداً للوعى لفترة لا يعرف طالت او قصرت ليستعيد وعيه على هذا المشهد الهزلى الذى يطالعه الان بنظراته التائهة وبصره المشوش..
هتف الضابط لعساكره أمراً: - أحضروه..
اندفع العساكرلتنفيذ الامر في سرعة وما ان هم احدهم بوضع كفه على ذراع ذاك الدخيل حتى
هتف في ثورة: - لماذا..!؟، ماذا فعلت..!؟

لم يعره الضابط اهتماماً ولم يجب على أسئلته بينما استدار لمى قائلاً: - ألحقى بِنَا يا دكتورة من أجل المحضر..
هنا وصل خالد ونادية، التى اندفعت تحتضن مى في إشفاق تُهدأ من روعها، بينما نظر خالد للدخيل الذى جلس الان مطأطأ الرأس متألماً ومحاصراً من قِبل العساكر..
أكد خالد: - تمام يا حضرة الضابط، الدكتورة ستلحق بك لنستكمل المحضر ونرى ما يجب فعله..

هنا صرخ الدخيل في ثورة: - عن أى محضر تتكلمون هنا..!؟، ثم أشار الى مى مستكملا بنفس النبرة الصارخة، أنا من يجب ان يحرر المحضر ضد هذه المتوحشة التى هاجمتنى.
هتفت مى ساخرة: - تتسلل الى شقتى فجراً وعلى استقبالك بكل سرور أليس كذلك!؟.
هتف في غضب هادر و بنبرات نافذة الصبر: - شقتكِ..!؟، أى تخريف هذ!؟
انها شقتى أنا..

هنا صمت الجميع، لم يحرك احدهم ساكناً حتى ضابط الشرطة أشار لعساكره بالانسحاب مبتعدين قليلاً واخذ ينظر بحيرة لكل منهما..
وكان الضابط اول من قطع ذاك الصمت مستفسرًا: - هل توضح من فضلك، ماذا قلت لتوك..!؟.

تحدث الدخيل بصوت متعب هدأت الى حد ما نبراته الثائرة وهو لايزل يضع كفه على موضع الالم و قد اكتشف إصابته بالفعل لكنه لم يبال: - انا الدكتور ياسين صابر نور الدين، وهذه شقتى أو بالأدق أملك نصفها شراكة مع احد أبناء العمومة، و هي ميراثنا من عمى المتوفى عدت بعدما سمعت خبر الوفاة من الخارج لأستلم نصيبى فيها و قد اشتريت بالفعل النصف الاخر من ابن عمى، هذا يعنى ان الشقة بالكامل قد أصلحت ملكى وهذا مثبت بأوراق رسمية، ثم استدار يبحث عن حقيبته التى كانت موجودة على جانب الحائط، احضرها له خالد في حذر وهو يتفرس في ملامح وجهه، استلمها ياسين شاكرا، فتحها و.

اخرج من احد جيبوبها ملف يحوى عدة أوراق تفحصها أولا ثم قدمها للضابط الذى استلمها على عجل وتفرس فيها للحظات ثم أعادها لياسين وهو يهز رأسه أسفاً مما أوقع قلب مى بين قدميها، وما ان همت بسؤاله حتى
هتف موجها حديثه لها: - يؤسفني أن أبلغك يا دكتورة ان عقده صحيح، وانه المالك للشقة..

تفرَّس فيها ياسين بنظرات مشوشة عزاها لاصابة رأسه، لكنه اكتشف انه فقد نظارته الطبية عندما سقط أرضاً، جال بنظره على ارض الردهة حتى لمحها اخيراً قابعة بالقرب من موضع جلوسه فاستطال حتى حصل عليها ووضعها لتستبين الرؤية اخيراً، ليبتسم ساخراً و هو يحدث نفسه و هو يعود لتفرسها و ذاك الذهول مرسوم على محياها الطفولى..
هل هذه طبيبة..!؟، لا يمكن ان تكون، فهى بالكاد طفلة هاربة من المرحلة الإعدادية بقامتها.

القصيرة تلك التى لا تتعدى المتر ونصف المتر
بقليل، بجانب جسدها الضئيل الذى يخلو في هذا المئزر المنزلى من اى ملامح أنثوية..
كان يتفرسها غير عابئ بنظراتها الملتهبة التى ترمقه بها بعد صدمتها من تصريح الضابط
هتف خالد في تساؤل: - ماذا يعنى ذلك يا حضرة الضابط..!؟، هل هذا يُعقل..!؟، مالكان لشقة واحدة وعقد كل منهما صحيح.!؟

أومأ الضابط: - نعم يحدث، وحدثت كثيرا من قبل، واضح ان عقد الدكتورة مى محرر من قِبل بن عم الدكتور ياسين، قالها الضابط وهو يتفرس في كلا العقدين بعدما احضرت مى عقدها على عجالة، و استطرد الضابط موجها حديثه لياسين، لقد نصب بن عمك على الدكتورة و باع نصف الشقة الخاص به لها بجانب نصفك يا دكتور ياسين بموجب توكيل محرر منك له..
هتف ياسين حانقاً: - لكن ذلك لم يحدث..!؟، انا لم أوكله في بيع او شراء اى شيء يخصنى.

صمت شمل الجميع قطعه الضابط للمرة الثانية وهو يشير لجنوده بالرحيل قائلا: - اعتقد انه لا داع في تلك الحالة للمحضر.!؟.

هنا انتبه كل من ياسين و مى، ليستكمل الضابط موضحا: - ستكون نهاية المحضر، يبقى الحال على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء للقضاء، وكلاكما داخل الشقة و يمتلك نصفها بالفعل لو افترضنا بطلان توكيلك لابن عمك، فالدكتورة تملك نصف بن عمك و انت تملك نصفك، ولا اعتقد ان اى منكما لديه الاستعداد لتركها..!؟.
هتف كل من ياسين و مى في نفس اللحظة: - بالطبع لا..

هنا قال الضابط: - اذن عليكما التفاهم ودياً حتى تنتهى هذه المشكلة، لكن لو لازال لديكما النية للمحضر، فهيا الى القسم لأقوم باللازم..
هنا هتف العجوز الذى كان جالساً يتابع الحوار في صمت من البداية: - شكرا يا حضرة الضابط، لو عندهما النية لأية محاضر فستجدهما أمامك..
رحل الضابط بعساكره وبدأ الجيران في الرحيل واحداً تلو الاخر، لم يبق الا ذاك العجوز الذى.

جلس يتفرس في كل من مى وياسين بفضول وعلى شفتيه ابتسامة عجيبة لا تمت للموقف بأية صلة..
همست نادية لخالد بصوت هامس: - ما الحل الأن..!؟، كيف سنتصرف..!؟، وهى تنظر بشفقة لمى، كلاهما يملك الشقة، هل ستتركها له وترحل ويضيع شقاء عمرها في غربتها طوال السنوات الماضية..!؟.

لم يجب خالد، وتنهدت مى وهى تقف تتطلع لذاك المالك الاخر لشقتها في غيظ، و هي تقول هامسة بدورها: - لقد صرفت كل ما املك على هذه الشقة وتجهيزها لتكون عيادة لى بجانب مقر لسكنى..
كيف يمكننى البقاء الان..!؟.
، كيف آمن على نفسى..!؟.
، وما العمل في تلك الورطة..!؟.
و لم يكن عند احد منهم الحل الأمثل لتلك المعضلة..

على الجانب الاخر يجلس ياسين وقد اخرج رباط طبى عَصّب به رأسه ليضمد جرحه ليستهله العجوز متسائلا: - ماذا ستفعل الان يا ولدى!؟.

هز ياسين رأسه في بطء: - لا أعلم يا حاج، فلقد وضعت كل قرش أملكه في هذه الشقة لاشترى نصيب بن عمى، و كنت قد قررت أن أعيش فيها واجعل منها عيادة لى، الى أين يمكننى الذهاب، فأنا ليس لى أحد هنا يمكننى اللجوء اليه..!؟، كما أننى لا استطيع المغادرة، فمن أدرانى بكيفية تصرفها!؟، تساءل وهو يشير بطرف خفى لمى، ليستكمل مفسرا، في ظل عدم وجودى بالتأكيد ستغير قفل الباب وساعتها سأكون انا في الخارج وهى في الداخل، ويضيع حقى، ولن أتمكن من تنفيذ وصية أقسمت امام الله على تنفيذها مهما كلفنى الامر.

تنهد العجوز في تفهم..
وهتف ليسمعه الجميع: - ما الحل الان..!؟.

تنبهت مى و أصدقاءها، و عندما تأكد العجوز انه جذب انتباههم استطرد موضحاً: - واضح ان كل منكما متمسك بالشقة وهذا حقه لان كل منكما دفع سنوات طويلة من عمره و الكثير من ماله، بل ربما كل ما يملك بالفعل ثمناً لهذه الشقة، هز كل من مى و ياسين رأسيهما مؤكدين بصحة كلام العجوز، الذى استكمل قائلا: - وفى نفس الوقت ليس من المنطقى بقاءكما فيها معا..!؟، ألقى العجوز سؤاله البديهى و كان دوره ليتطلع لكل من مى و ياسين، لتصرخ مى هاتفة في حنق: - بالطبع لا، هذا لا يجوز، هو من سيرحل، فهذه شقتى ولن أتنازل عنها مهما حدث..

تنهد ياسين وتمطى في تثاقل مغيظ وهو يرد على كلماتها ببرود زاد من لهيب أعصابها المشتعلة: - وبالمثل يا، ونظر اليها من جديد متفرساً من اعلى لأسفل في استهانة وهو يستطرد، يا دكتورة، انها شقتى ولن ارحل..
هتفت مى حانقة: - ما هذه المصيبة يا ربى!؟.
هتف ياسين ساخراً: - سبحان الله، وكأنك نطقتها من على لسانى..
استشاطت غضباً وكادت تندفع اليه لتقتله، الا ان نادية أمسكت بمعصمها واخذت تربت على.

كتفها مهدئة، فهى بحق في موقف لا تُحسد عليه..
هنا تحدث خالد في هدوء: - هل عِندك استعداد لبيع نصيبك في الشقة يا دكتور ياسين..!؟.
هم ياسين بالاجابة عندما قاطعته مى هاتفة في خالد: - من أين لى بالمال يا دكتور خالد لاشترى نصيبه فأنت تعلم انى اشتريت أدوات تجهيز العيادة بما تبقى لى، حتى أننى لم ادفع ثمنها كاملا بل هناك العديد من الأقساط لابد من سدادها في مواعيدها المتفق عليها..!؟.

قال خالد وهو ينظر لزوجته التي أومأت مؤكدة على اقتراحه: - يمكننا أن نقرضك ثمنها..!؟.
هتفت مى رافضة: - لا، انا لا اقبل، كيف يمكننى سداد كل هذه الديون..!؟.
هنا هتف ياسين وهو لايزل على جلسته المسترخية يتابعهم في لامبالاة كأن هذا الشأن لا يعنيه من الأساس: - انا أوافقك في رفضكِ..
هتفت مى في غيظ: - و من طلب رأيك، رجاءً لا تدخل فيما لا يعنيك..

رد بضحكة مكتومة وهو يضع كفه على موضع جرح رأسه: - ومن قال أننى أتدخل فيما يخصكِ، انا أيضا ارفض، لكن ارفض البيع لكم من الأساس، فكرة البيع في حد ذاتها مرفوضة لاننى صرفت كل املك في سبيل الحصول على تلك الشقة من بن عمى و الذى فعل المستحيل ليشترى نصيبى ولم يفلح في إقناعى بالتخلى عنها..
هنا اندفعت مى مقاطعة: - اه بالطبع، لذا تحايل على الامر و زور توكيلا ليبيعنى أياها..

و نعم العائلة، و ربما تكون مشاركاً له في تلك المسرحية الرخيصة..
كان رد فعل ياسين مبهما، على الرغم من كلمات مى الجارحة الا انه استطاع الحفاظ على هدوء أعصابه و رباطة جأشه بشكل مثير للإعجاب و لكن رغم ذلك استطاعت هي بشكل فطرى ان تستشعر الغضب الكامن الذى ظهر لحظيا في نظراته الموجهة لها..

هنا كان دور خالد ليوجه كلامه لمى من جديد باقتراح معاكس: - اذن، ليس هناك من سبيل اخر لحل تلك المعضلة الا ببيع نصيبك انت يا مى للدكتور ياسين..!؟.

كادت مى تصرخ رافضة من جديد الا ان ياسين كان الأسبق هذه اللحظة ليضحك موجها حديثه لمى مشيرا لها ان تطمئن عندما استشعر ردة فعلها: - انا أيضا غير موافق، و ليس رغبة في الرفض للرفض و تعقيدا للامور، كان يلقى كلماته الأخيرة باتجاه خالد، لكن انا بالفعل لا املك مالا كما اشرت سابقا ليمكننى دفعه مقابل نصف الشقة التي هي بالفعل نصيب الدكتورة مى، فما بالكم بانها بالتأكيد تريد ثمن الشقة الذى دفعته كاملا، حتى ولو لم أكن مسؤولا عن تصرفات بن عمى و سلوكياته، لكنها لن تتنازل عن نصف ثمن الشقة هكذا..

أليس كذلك.!؟، تساءل و هو ينظر لمى التي اجابت بإيماءة موافقة على كلامه للمرة الأولى، ليستطرد موضحا: - كما أننى لا املك اصدقاءً مثلكم يمكنهم اقراضى..!؟.
، هنا هتفت نادية، ما الحل اذن لتلك المعضلة!؟، اما من حل يرضى جميع الأطراف..!؟.
، هنا هتف العجوز الذى نسى الجميع وجوده بالفعل في ظل المناقشات الحامية مبتسما في سعادة لا تمت للواقع بصلة: -أنا عندى الحل الاكيد لهذه المعضلة!؟
تطلعت جميع الأنظار اليه.

ليصمت لحظات صانعاً جو من الإثارة والترقب قبل ان يهتف في حبور: - زواجكما هو الحل الأمثل لهذه المعضلة..
صمت مطبق و ذهول تام غمر الجميع الا ذاك العجوز العجيب الذى جلس مستمتعا بما اثاره من جو للدهشة..
و أخيرا استفاق كل من مى وياسين من ذهولهما، ليصرخ كل منهما معترضاً.



look/images/icons/i1.gif رواية ورطة مع السعادة
  10-01-2022 01:34 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث

صرخات من هنا و اعتراضات من هناك..
و امتلأ جو الشقة بالمزيد من الشقاق و كانه حلبة مصارعة لا نقاش محتدم..
لم يكن احدهما يسمع الاخر، فأقتراح العجوز الذى يجلس في استكانة عجيبة في احد الجوانب
تضئ عيناه ببريق عبثى، اثار جنون الجميع بلا استثناء، و أخيرا بعد تلك المعركة المحمومة صمت الجميع على غير اتفاق..
لتكون مى اول المعترضين لكن بهدوء حذر غير قادرة على المزيد من الصراخ: -.

-ماذا تقول يا حاج حسن، زواج، بالطبع لا هذا جنون..
كان دور ياسين ليرد في نفس الهدوء: -بالطبع زواج لمجرد شقة..!؟، لا اعتقد انها فكرة عاقلة ومتزنة من الاساس..
كان دور العجوز ليتحدث أخيرا بعد إلقاء قنبلته المدوية، ليقول بصوت رزين أثقلته خبرة السنين: - و هل لديكم حل اخر..!؟.
صمت الجميع مما شجعه على الاستطراد بنفس الهدوء الواثق: - ما دفعنى في الأساس لاقتراح.

هذا الامر انى اعلم انه لن يخطر ببالكم، و حتى و لو لاح ببال احدكم فلن يكون في مقدوره البوح به، لذا وفرت عليكم الحرج و وضعت الحل الأبعد الأقرب امام اعينكم..
كان الصمت هو البطل الأوحد لتلك الليلة، فها هو يطل على الساحة من جديد بعدما أوضح العجوز وجهة نظره التي لا تخلو من حكمة و خبرة سنين تركت اثرها جلى على محياه الباسم و ظهره المنحن..

استأذن خالد و أشار لكل من نادية و مى للحاق به، ليدخل أولى الحجرات التي قابلته و تتبعاه
وتغلق زوجته الباب خلف ثلاثتهم..
لتصبح الشقة ميدان للتشاور على جانبي جبهتى النزاع..
وبدأت المشاورات والمباحثات الجانبية لكلا الطرفين..
خالد ونادية ومى في جانب، والعجوز وياسين في الجانب الاخر..
و من داخل الحجرة، هتف خالد: - انه القرار الأصوب هل عندك اى نية في ترك الشقة!؟

هتفت مى بعصبية: - بالطبع لا، وانت تعلم ذلك، لكن ليس ذلك معناه ان اتزوج من شخص لم ألتقيه الا منذ ساعات من اجل شقة..
هل هذا معقول..!؟.
هتفت نادية: - لا، في الطبيعى غير معقول، لكن في حالتكِ هذه، كيف لا تريدين مغادرة الشقة وفى نفس الوقت يبقى كل منكما بها، هل هذا جائز من وجهة نظركِ..!؟.
صرخت مى بنفاذ صبر: - هو من سيرحل..

هتف خالد: - لن يفعل، انه متمسك بحقه مثلك تماما، بل ان موقفه هو الأقوى من الناحية القانونية
تنهد في نفاذ صبر مستطرداً: - املنا الان ان يوافق هو على الزواج..
هتفت مى بغيظ: - هذا ما كان ينقصنا..!، رضينا بالهم، والهم لا يرضى بِنَا..

استطرد خالد بنبرة متعقلة: - صدقينى يا مى، هو كرجل لن يفرق معه وجود رابط رسمى بينكما من عدمه، هو سيبقى ولن يرحل، وكل المشكلة ستكون من نصيبكِ انتِ، هل تتخيلين لو اننا خرجنا الان ووجدناه يرفض المغادرة ويرفض الزواج ايضا..؟.

نظرت كل من مى ونادية لبعضهما وكأن هذا الخاطر كان غائب عن بالهما، مما شجع خالد ليستطرد في حماس: - صدقينى هذا العجوز بالخارج خدمنا خدمة العمر بهذا الاقتراح العبقرى، وانتِ وشطارتكِ، أعملى على جعله يصرخ طلباً للنجدة ببعض الحيل النسائية المتقنة في جعل الرجل يطلب العون، وأعتقد نادية قادرة على مساعدتك في ذلك..
نظرت اليه نادية متخصرة وهتفت بنبرة متوعدة: - ماذا تقصد بالضبط زوجى العزيز!؟

انتبه خالد لخطأه الجسيم فضحك في بشاشة هاتفاً في لهجة مرحة ليغير مزاج زوجته: - بالطبع اقصد كل الخير يا حبيبتى، اقصد ان ذكاءك يمكن ان يسعف مى ببعض الخطط التطفيشية ليس اكثر..
جزت نادية على أسنانها وقررت تأجيل عتابها لزوجها وهى تربت على كتف مى في تعاطف هامسة: - ها، ماذا قلتِ، ما هو قراركِ..!؟.
هزت مى رأسها في حيرة هامسة: - لست أدرى، حقا لست أدرى..!؟، فلننظر ماذا قرر هو، ونرى ساعتها كيف سيكون الامر..

على الجانب الاخر كان الحاج حسن يربت على ركبة ياسين بعد ان احضر له كوب من العصير من شقته المقابلة لشقتهما والتى يعيش بها وحيداً
هامساً به: - أشرب هذا يا ولدى، وكل مشكلة ولها حل..
ابتسم ياسين في ود للعجوز الطيب وتناول منه كوب العصير الذى كان يحتاجه بشدة في تلك اللحظة وتجرعه على دفعتين في تلذذ
ابتسم العجوز متسائلا: - كيف ستتصرف.!؟

هز ياسين رأسه المصاب جاهلا بما عليه فعله فشعر بالدوار فتوقف متألماً، فسأله العجوز في ترقب: - هل انت متزوج..!؟، صمت أعقب ذلك، وغامت عينا ياسين للحظات واخيرا أجاب: - لا، لست متزوجاً، فتنهد العجوز براحة واستطرد في حماس: - حسنا، ما المانع في زواجكما..!؟، هى لن تخرج من الشقة وهذا حقها، ربما تضطر لذلك اضطراراً اذا لم توافق انت على الزواج فكيف لها ان تبقى دون رابط شرعى مع رجل غريب و لا اعتقد ان تركها للشقة يرضيك و خاصة ان بن عمك كان له دور اساسى فيما هي فيه الان، كما انك لن تترك الشقة لها وهذا حقك، لكن بقاءك معها دون رابط رسمى لن يرضى أحداً ولا اعتقد انه يرضيك شخصياً فيبدو لى انك رجل تراعى حدود الله..

هتف ياسين مؤكدا: - بالطبع لا يرضينى..
تنهد العجوز وعرف انه قد اصاب الهدف فاستكمل حديثه: - تمام، هذا يعنى ان الزواج هو الحل الوحيد المتاح ليحفظ كل منكما حقه
ولا تعلم، ربما..
صمت العجوز وعيونه تبتسم فتنبه ياسين لصمته فسأله مستفسراً: - ربما ماذا..!؟.
هز العجوز كتفيه: - ربما لا تستطيع هى التأقلم مع هذه الحياة وتطلب هى الابتعاد وترك الشقة!؟، أليس هذا جائز..

لم يعقب ياسين، واخذ يفكر في كلام العجوز، فعلا، ربما تضيق بتلك الحياة وتترك كل شئ وراءها، وربما تفكر في السفر من جديد، لكن ما الذى حمل شابة مثلها على العيش وحيدة!؟، تنحنح في احراج وهو يوجه نفس السؤال للعجوز بصوت خافت: - لكن يا حاج، انا لا اعلم عنها شيئا، كما انى أتساءل عن السبب الذى يدفع شابة في مثل عمرها للعيش وحيدة..!؟.

اقترب منه العجوز وكأنه يفضى له بسر خطير وهو يقول: - حسنا سأخبرك ما أعلمه بهذا الشأن، انها وحيدة بعد ان مات أبواها وتزوجت اختها في بيت أهلها، انها طبيبة علاج طبيعى وتبلغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً ولم تتزوج من قبل..!؟.
هتف ياسين بدهشة: - أربعة وثلاثون!، لا يُعقل، انها هاربة من المدرسة الإعدادية على أقصى تقدير..
سخر منه العجوز: - هل هذا فقط ما لفت نظرك!؟، ألم تنتبه انها لم تتزوج بعد..

ثم استبدل العجوز نبرته الساخرة باخرى حانية و هو يقول: - حدسى يحدثنى ان هذه الفتاة الرقيقة خلفها قصة لا أعلمها، لكن اعتقادى الراسخ انها قصة تدعو للشرف والاحترام، انها فتاة من النوع الذى تقابله مرة بالعمر وتندم انك لم تقابله من قبل..
انفجر ياسين ضاحكاً رغم ألم رأسه بصوت جهورى: - آاااه يا حاج حسن، يبدو انك رومانسى قديم..

هتف الحاج حسن ضاحكاً بدوره: - ليت الشباب يعود يوما، اقسم لو لم تتزوجها لاطلب انا منها الزواج وستندم، فهى لن تستطيع ان ترفض عجوزاً بحيويتى، واندفع الحاج حسن يسعل بشدة، مما دفع ياسين لمزيد من الضحكات الرنانة والتى اهتزت لها جدران المنزل..
توقفت ضحكاته في اللحظة التى دخل فيها كل من مى ونادية وخالد للردهة، ساد الصمت للحظات، كل من الجانبين يتطلع للأخر في ترقب.

هنا قطع الحاج حسن الصمت هاتفاً في تساؤل: - نقول مبارك..!؟.
لم ترد مى بدورها فقد ألتصق لسانها بسقف حلقها توتراً وزاد وجيب قلبها اضعافاً مضاعفة
بينما هتف ياسين للعجوز في مرح: - ولما لا، بالطبع مبارك، الا لوكان لدى العروس اى مانع..!؟، نظر لمى التى لم تستطع ان تنبس بحرف واحد بل هزت رأسها بأن لا مانع لديها
هنا هتف العجوز في سعادة: - حسنا، على بركة الله، طبعاً الساعة الان قرب السابعة.

ولن نجد مأذوناً مستيقظاً بالطبع، ولذا قررت
أنا الحاج حسن، أن أحضر فطوراً رائعاً على شرف العروسين في شقتى..
هتف خالد في سرور: - احسنت صنعاً يا حاج، هذا هو الكلام، فانا أتضور جوعاً..
هتف ياسين مرحباً: - أنا ايضا اتضور جوعاً فأنا لم أتناول طعاماً منذ البارحة فانا أكره طعام الطائرة..
تنبهت مى، اذا فقد نزل من الطائرة رأساً إلى هنا مثلما فعلت هى منذ عدة أسابيع..

كلاهما وحيد في هذه الدنيا وكلاهما ذاق مرارات الغربة واكتوى بنيرانها..
هتفت نادية متذمرة تخرجها من شرودها: - هكذا الرجال، همهم على بطونهم..
ضحك الجميع ليهتف الحاج حسن وهو يتحسس معدته: - وما أروعه من هم..!.
ليستجلب المزيد من الضحكات وهو يتوجه لشقته لإعداد الافطار وانتظارهم للاحتفال بالعروسين..



look/images/icons/i1.gif رواية ورطة مع السعادة
  10-01-2022 01:35 صباحاً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ورطة مع السعادة للكاتبة رضوى جاويش الفصل الرابع

استفاقت من شرودها على صوت جاءها من آفاق بعيدة يهتف قائلا: - بارك الله لكما و بارك عليكما وجمع بينكما في الخير
كان ذلك صوت المأذون الذى احضره خالد وهو ينهى مراسم عقد القران..
عادت للواقع في إجبار وجعلتها تلك الدعوات المباركة تتساءل في وجل، هل هذا يعنى انها اصبحت زوجة لذاك المدعو ياسين، والذى يجلس هناك في أريحية، وكأن الامر لا يعنيه!؟.

لا تعرف لما شعرت بارتعاشة خفيفة وهى تتفرس به دون ان يلحظها، و همست في نفسها، سأكون مع هذا الضخم ذو الابتسامة المستفزة والضحكات الرنانة تحت سقف واحد، حسنا، لن ادعه يتغلب على، لن ادعه يسلبنى شقاء سنين في غربة دفعت ثمنها الكثير والكثير، ولا استعداد لدى لدفع المزيد..

اندفعت نادية تحتضنها وعيناها تبللها الدموع، مما جلب الابتسامة لشفتيها وهى تهمس لصديقتها مؤكدة، نادية انه ليس زواجا حقيقيا، وانت تعرفين، لما البكاء الان..!؟.

همست نادية من بين دمعاتها: - لا أعلم، مراسم عقد القران تجلب الدموع لعيونى تأثرا وانت تعرفين..
نهض الجميع مودعين، وابتدأت نادية بالانسحاب مع خالد زوجها مع التأكيد على انهما دوما بالقرب اذا ما جد جديد فعلى مى الاتصال في أى وقت..
تبعهما الحاج حسن مباركا للعروسين، وخرج وجذب باب الشقة خلفه وهو يودع ياسين بابتسامة مرحة..

الان بدأت لحظة الجد، هتفت بها مى في سرها، فقد اصبحت بالفعل وحيدة معه في شقتها، شقتهما..
اندفعت مبتعدة عن طريقه، متوجهة كالعاصفة لحجرتها، كان يتبعها وصادف ان وصل لأحد الغرف المجاورة لحجرتها عندما دخلت وأغلقت الباب خلفها في عنف أجفله، وفى ذات الوقت جعله يهز راسه ساخراً من تصرفها الطفولى، لا بأس، على أية حال، هو هنا في شقته، وهذا هو المهم..
اندفع للغرف المغلقة يفتحها واحدة تلو الاخرى.

لاحظ الاَلات التى تم وضعها في أركان كل غرفة الا غرفة واحدة ظلت فارغة لحسن حظه، فدخلها وقرر ان يتخذها حجرة لنومه ومعيشته، لكن، ما العمل الان
أين سينام..!؟، ان جسده كله يئن تعباً، و رأسه تطن بسبب تلك الضربة التى تلقاها من
تلك القصيرة بالداخل، و تساءل ساخراً، كيف لفتاة بمثل ذاك الطول ان تكيل ضربة بمثل هذه القوة..!؟.
جبااارة، هتف داخلياً في غيظ وهو يتحسس موضع الضربة بألم..

يبدو ان مهمته معها لن تكون سهلة أبداً، لابد من ان يدفعها للفرار من شقته بأسرع وقت ممكن، فهو لديه الكثير لينجزه حتى تبدأ عيادته في جلب المرضى والتكسب منها..
دق جرس الباب، فتحرك في تثاقل متوجهاً لفتحه فوجدها تسابقه، وهى تقف متحفزة اما باب الشقة تفرد ذراعيها على وسعهما هاتفة: -
-انها شقتى، وانا من سيفتح بابها..
هتف في تحدى: - هى شقتى ايضا وانا من سيفتح..
ازداد جرس الباب ألحاحاً، مما دفعه للتقدم نحوها..

صرخت في تحدى: - لا..
أعاد الهتاف بحدة: - افسحى الطريق، فانا الرجل على ايه حال، وانا من يجب عليه فتح الباب..
زمجرت بغضب: - في أحلامك، لن تفعل، على جثتى..
تقدم منها في خطى متمهلة علها تخاف فتبتعد
لكن ابدا، على الرغم من ضربات قلبها التى تجاوزت الضعف، الا انها لم تشاء ان تلين وترضخ مع اول تحدى بينهما..

كان قد وصل عندها الان، ومازال جرس الباب يدق في هستيرية، طل عليها بقامته العملاقة بالمقارنة بها، فشعرت بمدى ضآلتها
امام ذاك الوحش الادمى..
أمرها بهدوء: - ابتعدى..
هزت رأسها رافضة وهى تلصق ظهرها بالباب محتمية..
هتف مؤكدا: -حسنا، انتِ من اختار..

لم تفهم ما كان يقصده بالضبط الا بعد ان مد ذراعه بكل بساطة، واحاط خصرها وحملها كحزمة من البقدونس وهو يفتح الباب ولازالت متعلقة بين عضده وساعده تقاوم لينزلها، ولا تقوى على الإتيان بأى صوت اعتراضى على ما فعله بها حتى لا يصل لاى من كان على الباب، و الذى كان عِوَض يلهث وهو يئن ألماً لثقل ما يحمله و قد بعثه به الحاج حسن الذى هتف من خلفه وهو يقف على الجانب الاخر من الردهة بين شقتيهما عندما طالعه وجه ياسين: - حاجة بسيطة تستعين بها حتى تستطيع تدبر امور منامك..

ابتسم ياسين وهو يتطلع لتلك المرتبة التى مازال عِوَض يحملها ساخطاً..

هتف ياسين: - دقيقة واحدة يا عِوَض، افسح لك الطريق، قالها متحججا بالطبع، فقد كان يقصد التخلص من تلك المتعلقة بذراعه ولازالت على مقاومتها الشرسة على الرغم من حرصها على عدم فضح وجودها، أغلق ياسين الباب واندفع بها بكل بساطة لينزلها على احد المقاعد القريبة وهو يهمس في مرح مغيظ: - الان، اعتقد انك تعلمتى كيف تكونىِ عاقلة، ربت على رأسها كفتاة مطيعة وتركها
ليفسح المجال لعوض..

الذى ما ان وصل للحجرة التى أشار لها ياسين
حتى ألقى المرتبة أرضاً، وسقط فوقها مرهقاً
دخل ياسين الغرفة خلفه، فانتفض عِوَض واقفاً يعدل من وضع المرتبة، ويفرد عليها الشراشف النظيفة، ومن ان انتهى، حتى تبعه ياسين للخارج واضعا بعض الأوراق النقدية في راحة يده شاكرا، اخذها عِوَض مهللاً في فرحة..
فقد كانت اكثر مما يستحق بكثير..
كانت لاتزال على حالها منذ انزلها مشدوهة مما حدث، كيف يفعل معها هذا..!؟.

كيف يحملها بهذه الطريقة..!؟، ويعاملها بهذا الأسلوب..!؟، عليها منذ الان، الا تتحداه في امور قد يفرض فيها سلطة جسده، وعندها هى بالتأكيد خاسرة، عليها استعمال العقل والحيلة، وبعض من الدهاء والمكر..
حتى تنجح فيما تهدف اليه..
نهضت وقدماها لاتزل ترتجف من صدمتها لما فعل تنوء بحملها، وما ان وصلت لغرفتها
حتى اغلقت بابها بعنف وصادف للمرة الثانية قدومه بعد رحيل عِوَض، ليجفل من شدة إغلاقها للباب..

لم يكن ليفوت عليه فرصة كهذه..
تقدم في هدوء وطرق بابها بكل ادب، تعجبت
لكن كالعادة تسرعت وفتحت قبل ان تفكر..
هتفت في سخط وهى تفتح الباب في عنف: - ماذا تريد الان..!؟.
ابتسم بشكل مغيظ وبهدوء قال: - رجاءً معاملة الأبواب بشكل لائق لان لا نية لدى لتغييرها باخرى جديدة في الوقت الراهن، فأرجو الحفاظ على مقتنيات الشقة، شقتى..
وضغط على كل حرف من حروف الكلمة الاخيرة، مما أثار غضبها.

لتكز على أسنانها وهى تغلق الباب في وجهه من جديد..
فانفجر ضاحكاً تصلها قهقهاته الصاخبة المستفزة فتثير المزيد من حنقها
دخل غرفته و فتح حقيبته يتناول منها بعض من ملابسه متوجها للحمام لينعم بحمام دافئ يزيل عنه بعض من أدران السفر
ويخفف ولو قليلا من ألم رأسه..
دخل الحمام بالفعل واغلق بابه خلفه، وغاب فيه مستمتعا..

فتحت هى باب حجرتها بحذر فهى لم تسمعه وهو يدخل للحمام، و اطلت برأسها تستطلع موضعه من الشقة، لكن لا أثر له، يبدو انه خلد للنوم أخيرا، هذا افضل، هتفت لنفسها بذلك وهى تتسلل لخارج الغرفة..
وما هى الا بضع خطوات حتى ارتطمت جبهتها
ببطن بشرية رخوة أعادتها للوراء بضع خطوات وكأنما اصطدمت بحائط من مطاط..
وفجأة شهقت وهى تضع كفها على فمها وهى تراه على هيئته، هتفت داخليا: - الوقح..

ثم هتفت بشئ من الحزم على الرغم من ارتعاشة صوتها التى كانت تحاول ان تداريها: - لو سمحت، انت لست وحيدا هنا، ارتد شيئا يسترك..
قال في تعجب: - اكثر من هذا، انا أراعي وجودك بالمناسبة لاننى رجل مهذب..
هتفت في غيظ: - اى تهذيب يا هذا وانت تتجول بحرية هكذا، و اشارت الى ما يرتديه بحنق
فاندفع يقول ببرود: - هكذا الذى لا يعجبك، هى الملابس الأكثر حشمة على الإطلاق..

نظرت الى بنطاله القصير الذى يصل بالكاد لركبته، وفانلته البيضاء الداخلية وهى تطلق زفيراً يحمل سخط العالم وهى تشيح بنظرها عنه، و قالت في محاولة لتهدئة حالها: - سيد ياسين، أرتد ما شئت داخل غرفتك، و رجاءً لا تستخدم هذا الحمام مرة أخرى، يمكنك استخدام حمام الضيوف على الجانب الاخر من الشقة..
شبك ذراعيه امام صدره: - فيما يخص ملابسى.

انا حر تماما فيما ارتد داخل بيتى، اما فيما يخص الحمام، لا مانع على الإطلاق من استعمال حمام الضيوف..
أرأيتِ كم انا رجل متعاون..!.
وصل بها الغضب والإرهاق الناتج عن قلة النوم مبلغاً كبيرا جعلها تتفوه بالترهات بالفعل وهى تهتف ساخطة: - الرجاء الالتزام بملابس محتشمة، فليس من اللائق ان افعل انا المثل واقول حريتى الشخصية دون مراعاة لك..
هتف في مرح ساخراً: - أرجوكِ افعلى، فسيكون هذا من دواعى سرورى..

انفجر ضاحكاً عندما رأى الصدمة مرسومة على محياها البرئ واكتشافها لفداحة ما قالت..
وغباء ذاك التشبيه والذى لم يكن من الجائز استخدامه من الاساس، احمر وجهها خجلاً وغضبا ومقتا على ذاك الرجل..
فاندفعت لحجرتها بغضب هاتفة بثورة: - وقح.
ليهتف هو من بين ضحكاته المجلجلة: - جبااارة.

لتغلق باب حجرتها خلفها بعنف من جديد وبدل من ان يجفل كالعادة، توجه لباب حجرتها ليطرق عليه، فتتعلم هى الدرس هذه المرة و لا تندفع لتفتح كعادتها بل هتفت من الداخل في ثورة عاصفة: - أرحل قبل ان اخرج وارتكب جريمة..
ما كان منه الا الانفجار في الضحك من جديد
تجلجل ضحكاته المتشفية وهو يتوجه لغرفته، ليستلقى على المرتبة الموضوعة أرضا، ويغرق في نوم عميق..

انتفضت على صرخاته المدوية التي جاءتها من مكان قريب من باب حجرتها، تركت فراشها و تسحبت كقطة على اطراف أصابعها و اقتربت تضع اذنها على الباب تسمع ما يدور بالخارج.

لكن تلك الصرخات هدأت لتتبعها طرقات قوية على باب غرفتها كادت ان تصيبها بالصمم و نوبة قلبية بسبب انتفاضتها المذعورة و التي كادت ان تطلق صرخة مدوية مصاحبة لها لولا انها استطاعت السيطرة على صوتها في اللحظة الأخيرة و كتمها داخل حنجرتها و هي تطبق كفها على فمها..
تتابعت الطرقات العنيفة على الباب و تضاعف معها وجيب قلبها الذى كاد يشق صدرها هلعاً.

و أخيرا استعادت صوتها الذى حاولت ان تغلِّفه بالثبات قدر استطاعتها وهى تهتف متصنعة الغضب رداً على طرقاته المجنونة التي كادت ان تقلع الباب من موضعه: - ماذا تريد..!؟.
امرها بصوت هادر: - افتحى الباب..
هتفت في إصرار: - لا، لن افتح، ماذا تريد!؟.
هذه المرة امرها بصوت هادئ يحمل نبرات حازمة: - افتحى الباب الان، و فورا..

وضعت حجابها و شدت مئزرها على جسدها و فتحت الباب مترددة فتحة بالكاد تسمح برؤيتها له، و لكن بخلاف ذلك، طالعتها احدى فنلاته الداخلية وهو يمدها امام ناظريها، فهتفت ساخرة: - ما هذا، عرض اخر لملابسك الداخلية.!؟.
لم يرد و لكنه أشاح بفنلته ليخرج لها من خلف ظهره قميصا ورديا ينشره امام وجهها لتهتف هي وهى تنتزعه من يده: - قميصى، أين وجدته..!؟.

رد ساخراً: - ضبطته متلبسا بين أحضان ملابسى البيضاء الطاهرة، لأجد فجأة الدنيا بأكملها وردى، وردى، و يبدو ان متسللة قصيرة قد استغلت فترة نومى لتعبث بملابسى
تجاهلت روايته للواقعة وهى تدفع الباب: - شكرا لانك وجدت قميصى الضائع..
دفع الباب قبل ان ينغلق: - هو لم يكن ضائع بالمناسبة فقد قام بمهمة محددة على اكمل وجه.

هتفت تتصنع الحنق: - انت تتهمنى الان، أليس كذلك..!؟، و ما ذنبى انا ان قميصى كان موجود بالمغسلة وانت لم تنتبه لوجوده و انت تضع ملابسك..!؟.
أكد في إصرار: - كانت المغسلة فارغة تماما و كان هذا القميص زائرا لها في وقت لاحق.
قالت في هدوء لتستفزه: - و ما الذى على فعله الان..!؟، الاعتذار بالنيابة عن قميصى..!؟.
سخر منها: - هذا اقل واجب بالمناسبة..

نظرت اليه في غيظ و أخيرا قالت: - أشكرك مرة أخرى لإعادة قميصى، وداعا..
و أغلقت الباب في وجهه من جديد، و هي تنتظر موجة غضب او حتى طرقات جديدة على الباب تقتلعه بحق هذه المرة لكن لدهشتها سمعت بدل من ذلك خطواته تبتعد، كتمت أنفاسها تتأكد من ابتعاده عن محيط حجرتها
لتندفع كالمجنونة تتقافز على فراشها في فرحة.

فهى قد انتصرت عليه أخيرا، و الفضل لقميصها الوردى الذى تحب ارتداءه على الرغم من انه يعذبها في غسله بمفرده بعيدا عنى اى ملابس أخرى لانه ببساطة يجود بلونه الرائع المحبب لها على كل ما يحيط به، و يمنحه لونه بسخاء محب..
و تذكرت كيف تسللت بالفعل للحمام في غيابه، بعد ان سمعت غطيط نومه و دفعت بقميصها داخل الغسالة يتوسط ملابسه البيضاء..

و انفجرت ضاحكة كالممسوسة و هي تتذكر كلماته، انه وضع الملابس بيضاء ليجد كل ما يحيطه به اصبح وردى، وردى..
كم تشعر بنشوة الانتصار الان، و كم هي رااائعة تلك النشوة..!.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 7 < 1 2 3 4 5 6 7 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
فى يوم ميلادها .. 20 إطلالة وضعت إليسا في ورطة مع جمهورها Moha
0 342 Moha
ريهام سعيد في ورطة بعد فيديو الذبح .. مطالب بإلغاء متابعتها Moha
0 265 Moha
نادين نجيم في ورطة والسبب هذا الكتاب Moha
0 326 Moha

الكلمات الدلالية
رواية ، ورطة ، السعادة ،











الساعة الآن 07:39 AM