logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .







look/images/icons/i1.gif رواية ليل يا عين
  10-01-2022 12:21 صباحاً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ليل يا عين للكاتبة رضوى جاويش الفصل الخامس

تململت في ضيق تستشعر وجعا بمنطقة ما بجسدها، حاولت الاعتدال فتأوهت وفتحت عيونها لتوقن انها متكومة ارضا على ذاك البساط الخفيف الممتد تحتها ولاتزل الحقيبة تحت رأسها فاعتدلت تتأوه من جديد واضعة كفها اسفل ظهرها حيث موضع الألم جراء النوم بهذا الوضع في مثل هذا الجو البارد فلولا معطفها الثقيل نسبيا لماتت بردا وخاصة في هذا البيت العجيب المنحوت داخل صخر الجبل والذي تستشعر برودة طبيعية وانت داخلة..

لا تعلم كم مر من وقت وهي نائمة فقد جالت بأنحاء الغرفة تحاول ان تقع عيونها على ساعة حائط فلم تجد، تنهدت ولم تعرالامراهتماما وهمت بالتمدد من جديد الا ان هذه الهمهمة جعلتها تتذكر ان معها بالغرفة زعيمهم المدعو ليل والذي عالجته منذ بعض الوقت..

يبدو انه يستفيق، هكذا همست وهى تقترب منه في حذّر تحاول ان تتبين موضع قدمها في هذا الظلام، فباب الغرفة مغلق وعليه حارس يقف بالخارج والعتمة تخيم على المكان الا من ضوء خافت تتراقص زُبالة مصباحه البعيد بأحد الكوات الموجدة بالحائط..
وقفت بالقرب من الفراش تطل عليه من عليائها ليهمس ليل في وهن: - مية، عطشان..

اومأت برأسها وتطلعت لتلك القلة الفخارية الموضوعة جانبا فتناولتها ومدت كفها لاحد المناشف النظيفة تبللها بالماء واقتربت تجلس على حافة الفراش تمر على شفتيه بالمنشفة المبللة..
وهمست مؤكدة: - مقدرش اديك ماية على طول ده خطر عليك، شوية شوية..
اخذ يرطب لسانه بقطرات الماء التي تبقيها على شفتيه حتى انفرج الباب عن محيا جابر هامسا في قلق: - هو فاج!؟.
هزت رأسها إيجابا ليهمس في راحة: - الحمد لله..

دخل وبدأ في رفع قوة الإضاءة داخل الغرفة وأشعل المصباح الاخر الذي كان مركون بالكوة الأخرى على الحائط الكائن بالجانب الاخر، أُضيئت الغرفة بشكل جيد وخرج جابر للحظة وعاد بصينية طعام موضوع عليها أطباق مغطاة، وضع الصينية جانبا ورفع الغطاء عن طبق ما لتتصاعد منه الأبخرة..
مد كفه بالطبق هامسا: - لازما ياكل دي، عشان يعوض الدم اللي نزفه..
همست عين لمحتويات الطبق متسائلة: - ايه دي!؟.

اكد جابر مجيبا في فخر: - دي مِديدة، بالسمن البلدي واللبن والحلبة..
همست عين معترضة: - بس دي تقيلة..
اكد جابرفي نفاذ صبر كعادته: - استغفر الله العظيم، دي شفا يا داكتورة، دوجيها هتعچبك..
ترددت قليلا قبل ان ترفع الملعقة ببعض من الخليط المتجانس الذي يشبه في قوامه المهلبية لفمها، استطابتها فهمست في استحسان: - دي فعلا حلوة قوي..
ابتسم جابر هاتفا في فرح: - المديدة مغذية وتدفي ف البرد الشديد..

ونهض مقتربا من موضع ليل هامسا له في محبة: - يا ليل بيه، حمدالله بالسلامة، شد حيلك معايا عشان لازما تاكل..
استند عليه ليل ليرفعه جابر قليلا في حذّر مريحا جزعه على وسادة خلف ظهره..
تأوه ليل ثم كتم وجعه وهو يتحرك في بطء معدلا وضعية جلوسه وما ان سكن حتى وقعت عيناه على عين التي كانت تقف بالقرب من الفراش ممسكة طبق المِديدة في انتظار إطعامه..

همت بالجلوس موضعها السابق على طرف الفراش الا انها عدلت عن ذلك وظلت تقف في ثبات عندما همس ليل في لهجة يسكنها الضيق متسائلا: - مين دي!؟.
هتف جابر مفسرا: - لحجت نسيت يا بيه!؟، دي..
قاطعه ليل ضجرا في وهن: - عارف انها اللي ظهرت فچأة فجلب التسليم وخربطت الدنيا، اني عايز اعرف دي مين!؟، وايه اللي چابها ساعتها..!؟.

وتطلع اليها ليل شذرا بنظرات قاتمة يملأها الشك هاتفا بلهجة حاول ان يجعلها صارمة رغم وهنها: - انتِ مين يا بت!؟، ومزجوجة علينا من مين!؟.
تلجلجت عين لا تعلم بما تجيب ليستطرد هاتفا في شدة تتعارض تماما مع وهنه: - انطجي..
اثرت شدة لهجته على احساسه بألم جرحه فوضع كفه على موضع الضمادة وتغضن وجهه مؤكدا معاناته ليهتف جابر مؤكدا في حنق لعدم إعطائه الفرصة ليشرح: - استغفر الله العظيم، الداكتورة..

رفع ليل نظراته نحوها ولاتزل قسماته تشي بأوجاعه مقاطعا إياه متعجبا: - داكتورة!؟.
اكد جابر مفسرا: - ايوه داكتورة، ولولاها مكناش عرفنا نلحجك، هي اللي جامت بالازم..
همس ليل وهي تكاد تذوب من شدة وقع نظراته المتفحصة عليها: - برضك معرفناش، ايه اللي چابها المعبد ف الساعة دي!؟.

هم جابر بالشرح مجددا الا ان عين الحياة همست بأحرف مضطربة: - اختي مخطوفة وجالي جواب م العصابة أقابلهم ف المعبد الساعة خمسة المغرب عشان ياخدوا الفدية ويرجعوها..
وتذكرت انها تملك الخطاب بجيب معطفها فاخرجته في عجالة تناوله إياه..

مد كفه متناولا قصاصة الورق وقرأها بعد ان حمل جابر اليه احد المصبابيح، تطلع ليل اليها للحظة ثم ترك الورقة امامها واضعا كفه من جديد موضع جرحه يحاول وأد ضحكات ظهرت على جانب شفتيه حتى لا يزداد الألم وهو يشير للورقة هامسا: - اجري الورجة يا داكتورة، الميعاد مكانش ف معبد ابوسمبل، كان ففندج ابوسمبل..
انتشلت الورقة من جديد تتطلع للسطر المكتوب بها ووقع ناظرها على كلمة فندق بدلا من معبد..

شهقت في صدمة ليتطلع اليها ليل من جديد مسنداً رأسه للخلف في تعب بينما هتف جابر في دهشة: - كلمة واحدة جلبت الدنيا يا داكتورة..
همست باضطراب: - انا ازاي مخدتش بالي!؟.
همس جابر ملتمسا لها العذر: - اكيد من جلجك على اختك، بس كنك چيتي عشان تطيبي ليل بيه..
هتف ليل مغمض العينين في نزق: - ليل بيه مكانش هايتصاب لولاها..
همس جابر ممتعضا من سيده: - استغفر الله العظيم..

ليستطرد ليل في غطرسة: - هتوكلونا ولااه نناموا!؟، اني تعبان ومش فايج لحكاويكم..
تجاهلت عين غطرسته هاتفة: - طب طالما عرفنا انه سوء تفاهم، انا ممكن امشي، ولا ايه!؟.
هتف ليل في مزيد من الغطرسة: - ولا ايه!؟.
ورفع رأسه متطلعا اليها هاتفا: -انتِ خلاص بجي مكانك هنا لحد ما نشوفوا ليلتنا هاتخلص على ايه وبعدين نسيبوكِ..
هتفت مستجدية: - طب ما تسيبوني دلوقتي اروح اشوف اختى حصل لها ايه!؟.

هز ليل رأسه رافضا وهمس مؤكدا: - ما ينفعشي يا داكتورة، مش يمكن تروحي تبلغي البوليس على مكانا اوحتى تبلغي حداد ما يمكن هو اللي خاطف اختك، اوتعملي أي مصيبة تحط على راسنا..
وأشار لإصابته مستطردا: - كفاية اللي حصل لحد كِده، انتِ مكانك هنا لحد لما ربنا يئذن..

تطلعت اليه في جمود لا تصدق ما يقوله، غامت عيونها وقد تجمع الدمع بمقلتيها فما عادت تستوضح صورته امام ناظريها، استشعر معاناتها لكنه لم يعقب بل هتف بنزق من جديد: - ايه اللي ف الطبج اللي انت شيلاه دِه!؟.
جلست في تيه على حافة الفراش قبالته ومدت كفها اليه بملعقة من محتويات الطبق في شرود..
تناولها من يدها مستحسنا في استمتاع: - مِديدة يا چابر، چت ف وجتها..
هتف جابر مبتسما: - بالهنا يا بيه..

قدمت اليه ملعقة أخرى بكف يهتز في اضطراب وهى تحاول ابتلاع دمعها بغصة استقرت بحلقها كادت ان تزهق روحها لكنها ازدردت ريقها بصعوبة لكن الكف الممتد ازداد ارتجافا لتسقط محتويات الملعقة على صدره..
تطلع اليها ليل في ثبات ولم يعقب بينما اندفع جابر هاتفا في تفهم: - عنك يا داكتورة، ارتاحي انت..
تركت الملعقة بقلب الصحن الذي ناولته إياه وابتعدت لركنها القصي حيث تركت حقيبتها..

هتف جابر في تعاطف: - مش هتاكلي يا داكتورة المِديدة جبل ما تبرد!؟.
هزت رأسها نافية ولم تنبس بحرف واحد وأخيرا سال دمعها على خديها سخينا غير قادرة على حبسه اكثر من هذا وقد ادركت انها أصبحت حبيسة تلك الدار الى ان يشاء الله..

جالت نجوى بناظريها وهي تدخل الى القسم تحاول تذكر اين يقبع مكتب ذاك الضابط الذي قابلته المرة الماضية لتسأله عن اية اخبار جديدة فيما يخص عين الحياة اختها لكنها لم تستطع التذكر وما ان همت بإيقاف احد العساكر لسؤاله حتى ظهر هشام مندفعا خارج القسم..
توقف متطلعا اليها وقد تذكرها فورا وقبل ان تهتف به تستوقفه كان هو قبالتها متسائلا: - خير يا آنسة نجوى، فيه جديد!؟.

هتفت نجوى محبطة: - ده انا كنت فاكرة اني هاجي اسمع منك أي خبر يطمني على عين..
أشار لها لتتبعه لحجرة مكتبه وأخيرا استقر خلفه هاتفا في محاولة لتهدئتها: - والله بنحاول نعمل اللي ف وسعنا، بس مفيش جديد للأسف..
هتفت نجوى بصوت متحشرج: - تلات ايّام من غير خبر واحد عنها..!؟، ده معناه ايه!؟، اكيد حاجة وحشة..
هتف هشام مؤكدا: - لا مش شرط، ممكن يكون التأخير ده فيه خير..

هتفت نجوى في اضطراب: - انا كان المفروض امشي ف اليوم اللي هي وصلت فيه، كنت هسافر عشان اخد بالي من ماما لانها مريضة قلب ومينفعش نسبها لوحدها اكتر من كده على بال ما هي تتفسح لها شوية، لكن دلوقتي لازم اسافر لاني خلاص، المفروض حجز الفندق يخلص بكرة الصبح، بس انا مش عارفة أقول لماما ايه لو سألتني عنها!؟.
ضمت شفتيها في محاولة لكبح جماح دموعها من الانفلات، يكفيها انهيارها المرة السابقة امامه..

هتف هشام في تعاطف: - سافري ومتقلقيش، أي جديد هبلغك بيه، بس استأذنك اخد نمرة تليفونك عشان اعرف أتواصل معاكِ..
هتفت مؤكدة: - اه طبعا..
وأملته إياه ليحفظه باسمها مؤكدا: - تقدري تسافري بالسلامة ولو والدتك سألتك على اختك قوليلها انها بتتفسح وراجعة، وربنا يسهل في خلال كام يوم يظهر أي جديد..
هتفت نجوى متضرعة: - يا رب..

ونهضت مستأذنة لينهض محييا إياها متتبعا لها بناظريه حتى خرجت في هدوء مغلقة الباب خلفها وهي تلقي عليه نظرة أخيرة كان لها وقع عجيب على نفسه..



look/images/icons/i1.gif رواية ليل يا عين
  10-01-2022 12:22 صباحاً   [5]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ليل يا عين للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

ثلاث ليال مرت وهي على حالها قابعة بذاك الركن المنعزل بالغرفة التي يتمدد فيها على فراشه
وقد تحسنت حاله قليلا، غير ان جابر احضر لها مرتبة وغطاء صوفي كبعض من رفاهية توفر لها نوما اكثر راحة والقليل من الدفء..
نهضت من موضعها في اتجاهه حيث يستلق غارقا في سبات عميق من اثر العقاقير التي يتناولها، مدت كفها الى ذاك الكبس البلاستيكي الذي يحوي عدة أدوية تناولت بعضها لتحقنه بها فقد حان موعدها اليومي..

جلست على طرف الفراش في هدوء تغض الطرف عن جزعه العاري الا من تلك الضمادة التي تبرز موضع جرحه بلون احمر قانِ..
تطلعت اليه تستطلع اذا كان استيقظ لاقترابها من فراشه اوحتى جلوسها جواره، فأمثاله يغلقون عينا ويفتحون الأخرى اثناء نومهم مثل ذئاب الجبال حتى يتجنبوا القبض عليهم ووقوعهم بايدي الشرطة وبراثن القانون..

تأكدت انه يغط في النوم ما منحها فرصة سانحة لتتفرس بملامحه، حاولت ان تستنج عمره وتوقعت انه لا يتعدى الثالثة والثلاثين عاما على أقصى تقدير ذو شعراسود حالك سبط لا هو بالمجعد ولا بالمسترسل، جبهة عريضة وحاجبان كثيفان يحتلان قاعدتها يحرسان عيون ثاقبة النظرة تغير ملامح ذاك الوجه المستكينة في تلك اللحظة لغفوتهما الي ملامح اكثر شراسة وقسوة، انف يعلو في غطرسة ملكية وفم واسع بشفاه غليظة قليلا وأخيرا شارب منمق يتصل بلحية مهذبة تمتد بطول ذقنه المنحوت كما تمثال من صوان..

انتفضت حتى كادت تسقط حقنة الدواء عندما همس في لامبالاة وهو يضع ذراعه الأيمن فوق جبينه: - بجالك ساعة بتطلعي فيا والحجنة حمضت ف يدك، مش تنچزي!؟.
اطاعت في اضطراب وهي تمد كفها بحقنة الدواء تجاه ذراعه اليسرى الممددة في اتجاهها، حقنته فلم يحرك ساكنا، انتهت وهمت بالنهوض في محاولة للهرب بعيدا الا انه قبض بكفه على معصمها ليعيدها موضعها هامسا وما تغيرت وضعيته: - مش هتغيري ع الچرح، ولاااه نسيتي!؟.

كان محقا فقد كانت رغبتها في الهرب مبتعدة مسيطرة على عقلها كليا حتى انها نسيت بالفعل ان عليها تغيير الضمادة بأخرى جديدة ورغم ذلك همست مدعية: - لا منستش بس هروح اجيب الشاش والقطن..
ترك معصمها في هوادة وما ان تأكدت انه فك أسرها حتى انتفضت مبتعدة تتشاغل عن ذاك الاضطراب الذي يشملها بالبحث عن المقص حتى تبدأ مهمتها..

جمعت كل ما هي في حاجة اليه وجلست على طرف الفراش كالمعتاد، ما ان استشعر قدومها بقربه حتى رفع ذراعه من فوق جبينه وسطعت عيناه بتلك النظرة التي تكبلها كليا..
استند على ذراعه الأيمن حتى رفع جذعه مستندا على ظهر الفراش..
اصبح اللحظة بعيدا عن متناول يدها وستضطر للاقتراب اكثر حتى تصبح قادرة على التعامل مع الضمادة التي تطوق صدره..

اقتربت مكرهة بالفعل وأمسكت المقص بكف مرتعش حاولت قدر إمكانها منحه الثبات وخاصة مع تلك النظرات المتفرسة التي يسلطها عليها في إصرار يورثها توترا بلا حدود..

تنفست الصعداء عندما تخلصت من الضمادة القديمة بقصها، وبدأت في تعقيم الجرح..
رفعت ناظريها اليه مستطلعة مما قُد هذا الرجل الذي لم يهتز للحظة جراء وضع ذاك الدواء الموجع على جرحه الحي لتصطدم نظراتها بعينيه الصارمة لتأسرها بلا فكاك لبعض الوقت..
لا تعرف كيف استطاعت ان تفك ذاك الاسر المضني لروحها وعادت تضع بعض القطن مع محاولة لف الشاش حول صدره..
وهمست داخليا في غيظ: - راح فين جابر، كان بيساعد كل مرة..

اضطرت لتميل نحوه قليلا حتى تمرر الشاش من خلف ظهره لتعاود لفه من جديد..

كررت فعلتها عدة مرات وفي كل مرة كان هو يقترب قليلا مع ميلها نحوه حتى يساعدها على قدر استطاعته لكن كل هذا كان على حساب ثباته الداخلي، كان اقترابها بهذا الشكل وكأنما هي باحضانه له وقع عجيب على نفسه وفي كل مرة كان يقترب منها كأنما يقترب من قلب الشمس فيشتعل للحظة ليعاود الابتعاد ثم الاقتراب من جديد وكأنه كوكب هرب من فلكه معربدا لاحتراق مداره الذي يضبط إيقاع حركته فأضحى تائها بلا هداية..

انتهت وصلة التعذيب لكلاهما ليظهر جابرعلى اعتاب الحجرة حاملا صينية الطعام هاتفا في ضيق عندما وجدها قد قامت بتغيير الجرح لليل بمفردها دون مساعدته: - استغفر الله العظيم، اتاخرت عليكِ يا داكتورة معلش، بس كنت بشوف ايه الأخبار..
هتف ليل وهو لايزل تحت تاثير اقترابها منه وعينيه لم تحد عنها رغم ابتعادها: - وايه الاخبار!؟، فيه چديد!؟.

اكد جابر: - ايوه، حداد تايه مش لاجي حد يبيع له بضاعة كيف اللي عندك، خليه يورينا شطارته ونشوفوا هيعمل ايه مع سيده مرعي لما يعرف اللي عِمله معاك!؟.
هز ليل رأسه في رزانة هامسا: - طب تمام..

هم جابر بوضع صينية الطعام على فخذيه وان يتناول عدة أطباق منها ليضعهم امام عين لتتناول طعامها وحيدة حيث تكون على راحتها الا ان ليل هتف رافضا وأمره: - حطها ع الأرض وكلنا نكلوا سوا..
هتف جابر معترضا: - بس لساك تعبان يا بيه، ليه تجوم من..
قاطعه ليل امرا من جديد: - اني بجيت كويس وزهجت م الرجدة، حط الصينية مطرح ما جلت لك..

اومأ جابر برأسه في طاعة منفذا ليضع الصينية على احدى الحصر بوسط الغرفة، نهض ليل في هوادة بمساعدة جابر وجلس حول الصينية مشيرا لعين هاتفا: - مدي يدك يا داكتورة بِسْم الله..
هتفت رافضة: - لا مش جعانة..
اكد جابر: - طب حتى عشان يبجى عيش وملح..
هتفت في تهور ساخرة: - عيش وملح مع اللي خاطفني!؟.
هتف ليل معترضا: - احنا مخطفناش حد، انتِ اللي رميتي بلاكِ علينا..
هتفت مستدركة: - بس انتوا محتجزني هنا بدون وجه حق..

هتف ليل معترضا: - مين جال!؟، احنا سايبنك هنا لأننا بنأمنوا نفسينا، وده حجنا، وجلنالك لما نخلصوا امورنا على خير هنسيبوكي، حد غيرنا كان جتلك وتاوي جتتك ومحدش عرفلك طريج چرة، وتعالي كلي بدل ما تكبر ف دماغي ونخلصوا منيه دلوجت الموال الماسخ دِه..

هتف بتهديده الأخير في نبرة جعلتها ترتجف داخليا وبنظرة بسيطة اليه ايقنت انه ليس تهديدا اجوفا بل هو قادر على ذلك تماما فتحركت في هوادة وجلست حول الطاولة ليزفر هو في ضيق أمرا إياها: - كلي..
همست متطلعة الى الطعام الذي لم يكن معتادا بالنسبة لها: - اكل ايه!؟.
تعرفت على بعض الأصناف خلال اليومين السابقين لكن اليوم لا تعرف معظم ما هو موجود بالأطباق..

اشارت لطبق به بعض الخضروات المطبوخة متسائلة: - ايه ده!؟، ده شبه الملوخية..
هتف جابر شارحا: - ايوه صح يا داكتورة، دِه عندينا اسمه جاكود، عبارة عن سبانخ محطوط عليها بامية مطحونة، تشبه الملوخية ف الشكل لكن طعمها غير، جربيها..

مدت كفها بملعقة تتذوق الطعم وهمهمت مستحسنة: - طعمها حلو فعلا..
كان ليل يدعي انشغاله بالطعام يرنو اليها بطرف لحظه من ان لأخر مستمتعا بما يحدث..
لتشير مرة أخرى لاحد الاطباق البعيدة عن متناول يدها: - وده ايه!؟.
هتف جابر وهو يناولها الطبق: - دِه الكرمديد، زي ما تجولي كده فتة معمولة بعيش الدوكة اللي دوجتيه جبل سابج وعچبك وخليط من المية والزيت والحلبة المطحونة..

ومد جابريده بطبق اللحم لتتناول منه ما تشتهى هاتفا: - ودِه اسميه الكاشيد..
تناولت بعضه فاعجبها كذلك وهتفت في أريحية ندمت عليها لاحقا: - انا عقبال ما ارجع هكون تخنت بتاع عشرة كيلو، والدنيا برد والأكل حلو بجد..
نهض جابر يحضر قلة المياه بينما همس ليل في لهجة تقريرية وهو يتفرس بها من جديد: - كام كيلو زيادة مش مشكلة يا داكتورة، بالعكس..

وتفرس فيها بنظرة شاملة وابتسم ابتسامة ماجنة كانت كافية وزيادة لتخبرها ما كان بصدد قوله عندما عاد جابر بالقلة الفخارية والتي أتت بوقتها تماما لانها غصت بلقيمتها وكانت تحتاج للماء بشكل فوري حتى تستطيع ان تبتلع التلميح الماجن لذلك الوقح..



look/images/icons/i1.gif رواية ليل يا عين
  10-01-2022 12:22 صباحاً   [6]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية ليل يا عين للكاتبة رضوى جاويش الفصل السابع

وقفت على ذاك الجرف العالي تضم معطفها في وجه ذاك الهواء البارد تتطلع للأفق البعيد الى النيل الساحر وبيوت القرية النوبية الملونة بألوان من فرحة تشرح قلب الحزين وتملأه املا..
شعرت بسكينة عجيبة وسلام نفسي لم تستشعره منذ زمن بعيد، ظهر جابر ليقف جوارها متطلعا الى الأفق بدوره وتنهد في حسرة لتوجه ناظريها اليه متسائلة في قلق: - هو ليل بيه بخير!؟.

اكد جابر بإيماءة من رأسه ولم يعقب بحرف فتنهدت في راحة هامسة: - المنظر من هنا رائع بجد وكأنك بتطل ع الجنة..
ابتسم جابر في مرارة: - الچنة راحت يا داكتورة، الچنة الحجيجية غرجت في تعليات خزان أسوان ومن بعده السد العالي، اللي انت شيفاه ده يا دوب بواجي من النوبة الأصلية جبل ما مية الخزان والسد يغرجوها ونتهچروا كلنا..

وتنهد من جديد بقلة حيلة هاتفا: - أوعي تفتكري اني مضايج، الخزان والسد العالي مصلحة لمصر كلها، بس هو الحنين اللي ذرعه فينا أهالينا لأرضنا الجديمة وحلم الرچعة..
هزت رأسها وشعرت بغصة الالم في حديثه فتحركت مبتعدة في هدوء احتراما لقدسية الوجع الكامن داخله وجلست على احد المقاعد الكائنة على مدخل الدار المنحوتة داخل الصخر..

بدأ جابر في الغناء بصوت شجي اثار داخلها شجنا تعجبته لانها لم تكن تفهم ما يشدو به، فقد كانت على ما يبدو أنشودة نوبية قديمة: -
اباياسا ابا فيسكيرو...
وي شوب دارلينايا...
توبة وووه مالينتو..

تنبهت ان شخصا ما جلس ليستقر جوارها فإذا به ليل وقد تحامل على نفسه حاملا ذراعه ذات الكتف المصاب بحامل حول رقبته وقد استشعرت انه اصبح افضل حالا، همست تسأله: - بقيت احسن دلوقتي..!؟.
اومأ برأسه مؤكدا وهو يتطلع الى جابر فاستطردت هامسة: - هو بيغني يقول ايه!؟.
همس ليل وقد حاد بناظريه متطلعا للافق الخلاب امامه: - دي اغنية حنين للنوبة القديمة..
همست: - بتقول ايه!؟، تعرف معناها بالعربي!؟

اكد بإيماءة من رأسه وهمس مترجما كلمات جابر النوبية: -
اباياسا ابا فيسكيرو..
هل يا ترى سيكون في وسعنا!؟
وي شوب دارولينايا..
ان نعتبر كأن شيئا لم يحدث..
نوبة ووه مالينتو..
يا نوبة يا وطن الجميع وحبهم الكبير..
شورتي تول كولوستو...
مكانك في القلب..
موادي وادي جاجا فارسون باني يدي..
سيرتنا وحكايتنا في دروب القرية الحلوة..
تار كومبا كاشا ناجرشا اراجيد ويي...
ايقاعات الدفوف وانغامها وحلقات الرقص..

تري هل ذهب هذا بلا عودة..!؟.
ابجيسمونا تار يوم ويي..
هل سيمن علينا القدر برؤية هذه الأيام
نوبة تووو مالينتو...
يا نوبة ياحبنا الكبير يا محبوبة الجميع..

انتهى جابر من غنائه ليسود الصمت للحظات وقد انتهى ليل من ترجمة كلمات جابر الذي ظل يقف كتمثال صخري لا يحرك ساكنا وأيقن ليل بحدسه انه يبكي فلم يشأ ان يناديه وتطلع اليها ليجد دموعها تنساب في رقة على خديها، استشعر اضطرابا ما داخله فحاد بناظريه بعيدا عن محياها محترما تأثرها المُهلك ذاك والذي أورثه تسارعا في نبض خافقه ما خبره من قبل..

تحرك جابر راحلا ينحدر التلة لينتفض خلفه ليل هاتفا في تعجب: - على فين يا چابر!؟.
هتف جابر مؤكدا في حنق معتاد: - اووف، استغفر الله العظيم، رايح اچيب لكم العشا..

عاد ليل موضعه جوارها ولم ينبس احدهما بحرف واحد الا انها نهضت في اضطراب تهم بدخول الدار هامسة بأحرف متلعثمة لا تدري ما دهاها: - عن اذنك..
هتف ليل في تجهمه الفطري: - مش هتتعشي!؟، ما انت سمعتي چابر، جال رايح يچيب العشا، خليكي جاعدة لحد ما يرچع وبعدين ابجى ادخلي نامي..

عادت موضعها جواره تجلس في عدم راحة لا تدري مصدرها، حاولت الا يسقط ناظرها عليه فظلت عيونها تتطلع للافق حتى غابت الشمس مخلفة ورائها لون برتقالي حار شمل الاجواء وسكب الدفء بارجائها...

قلب الهاتف بين يديه مترددا هل يتصل بها ام لا داعِ!؟، ظل حائرا لبعض الوقت حتى حسم امره وضغط على زر الاتصال بها..
لم يستغرق الامر الا لحظة حتى جاءه صوتها الشجي على الطرف الاخر ليُذهب براحة باله الى غير رجعة وهي تهتف في لهفة: - الو، الو يا حضرة الظابط..
هتف هشام ما ان استجمع شتات نفسه: - الو، السلام عليكم يا آنسة نجوى، اخبارك ايه!؟.
هتفت في عجالة: - الحمد لله، تمام..

هتف يحاول إطالة الحوار: - وأخبار صحة الوالدة..!؟، يا رب تكون..
قاطعته نجوى هاتفة في لهفة: - ماما بخير فيه اخبار عن عين!؟.
تلعثم هشام هاتفا: - هو الصراحة، لا، مفيش أي أخيار جديدة، بس
هتفت نجوى في ضيق وقد شعرت بإحباط رهيب: - بس ايه!؟.
اكد هشام متلعثما: - بس خير ان شاء الله، انا اتصلت عشان اطمنك اني مش سايب الموضوع..
هتفت في هدوء: - متشكرة لحضرتك..

ساد الصمت للحظة ظل يبحث خلالها عن ايه اعذار يمكن ان يطيل بها عمر المكالمة لكن عقله المشوش لم يسعفه فهتف في قلة حيلة: - طب اقولك سلام عليكم..

همست نجوى: - وعليكم السلام..
أغلقت الهاتف ليتطلع هو لهاتفه في غيظ هامسا في حنق: - مكنتش قادر تطول المكالمة شوية!؟، كنت قول أي حاجة..
هتف العقيد حسان وهو يدخل على هشام مكتبه ليجده على هذه الحالة: - انت بتكلم نفسك يا هشام..!؟.
انتفض هشام مؤديا التحية هاتفا: - لا يا فندم بكلم نفسي ايه، بعد الشر عليا، انا كنت بفكر ف القضية، اصلها عويصة قوي..
ابتسم العقيد حسان في خبث ولم يعقب..

انتهوا من تناول الطعام لينهض جابر مبعدا الصينية الفارغة حاملا ركوة يصنع عليها الشاي
هتفت عين وهي تراه يحضر الأكواب على صينية صغيرة: - انا عايزة، إتشي جيلّة، يا جابر..
قهقه جابر مؤكدا: - من عنايا يا داكتورة، بقيتي خبيرة باللغة النوبية..

قهقهت بدورها وليل يتابعها: - خبيرة ايه بس ده انا يا دوب حفظت أسماء الأكلات بالعافية، واسم الشاي باللبن عشان بحبه..
اكد جابر مبتسما: - احنا النوبيين المشروبات المفضلة عندنا تلاتة، ال اتشي جلة ده الشاي بلبن، والكركدية الساقع ف الصيف، والأبريه ده ف رمضان أساسي..
هتفت عين مازحة: - لا خلينا ف الشاي بلبن، مفيش احلى من اتشي جلة ف الشتا ده..

ناولها الكوب فتناولته محتضنة إياه ليبعث ببعض الدفء في اوصالها وقد بدأت درجات الحرارة في الانخفاض عندما اخذ الليل يرخي سدوله ناشرا العتمة بالافق..

تناول ليل كوبه كذلك مرتشفا منه في استمتاع، تطلعت الى جلبابه الخفيف في مثل ذلك الطقس البارد وهمست: - لازم تلبس حاجة اتقل من كده، انت تعتبر لسه تعبان، وممكن يجيلك مضاعفات..
همس ليل دون ان يوجه اليها ناظريه: - انا مرتاح كِده، ومتعود ع البرد..
همست معترضة: - الكلام ده لما تكون بحالتك الطبيعية ابقى اعمل اللي انت عاوزه، لكن انت دولوقتى تعبان يبقى لازم تلتزم بكلامي..

ادار وجهه ناحيتها هامسا بتعال: - ليه!؟.
همست بتعال مماثل: - عشان انا اللي بعالجك وعارفة المصلحة فين..
همس يحاول استدراجها: - وتهمك مصلحتي ف ايه!؟.
همست مؤكدة: - عشان تخف وتخلص م العملية المتأجلة دي وتعتقني لوجه الله..
ابتسم بمرارة: - اذا كان كِده تبجى اتفهمت، جومي جيبيلي حاچة تجيلة من جوه احطها على كتافي..

جزت على أسنانها وهو يأمرها بهذا الشكل وكأنها جاريته بدلا من ان يأمر جابر بذلك لكنها زفرت في نفاذ صبر واندفعت للداخل تحضر له غطاءً صوفيا وضعته على كتفيه ليتدثر به جاذبا إياه على جسده متلمسا دفئه وهو يرمقها بنظرات لم يكن لها تفسير بقاموسها الشحيح..
هتف جابرهاتفا فجأة: - تعرفوا ايه هي حكاية ليل وعين اللي بيتغنوا بيهم!؟.

قالها جابر ببساطة ليتطلع كل منهما للأخر للحظة ثم يحيد ناظريه عن صاحبه ليستطرد جابر مستجمعا اهتمامهما من جديد هامسا بصوت شجي: - حكولنا زمان ف الحواديت ان ليل كان عاشج، وعين كانت معشوجته، تاهوا ف البلاد وفرجتهم الدروب، لكن عمرهم ما نسيوا بعضيهم وفضلوا يدورا على بعض، هو يلف بلاد وينادي ياااعين، وهي تلف بلاد وتنادي يا ليل، لحد ما جمعهم المغنى، وعمر ليل چه من غير عين، ولا عمرها عين اتجالت من غير ما يكون مرافجها ليل..

كان كل منهما ينصت لحكاية جابر الأسطورية غير قادرعلى التطلع الى الاخر ليبدأ جابر في شدوه مترنما بمطلع يا ليل، يا عين، ثم استكمل مترنما بموال عن العشق وحال العاشقين: -
ومنين نچيب ناس لمعنات الكلام يتلوه
وانا جلبي يابا فرسه فدرب الهوى طلجوه
لا عارف أرده يا بوي
ولا واعي الصبر فين نلجوه..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 5 < 1 2 3 4 5 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1519 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1115 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1153 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 948 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1716 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ،











الساعة الآن 10:45 AM