تجلس كما هي. ، الفراغ الموحش يحتل حدقتي عيناها وهي تنظر للاشيء! لا تريد سوى رؤيته، سوى الهروب لملاذها، الاختباء بين حنايا روحه فلا تُعتمها ظلمة ليله!.. مرت دقائق منذ أن خرج ذلك الأبله من عندها والذعر يفرغ ثبات روحها...! وفجأة وجدت الباب يُفتح و أدم يدلف بشموخه المعتاد...! رؤيته أطفأت أخر شمعة للأمل داخلها...! أمل أن ذلك حلم. ، لا بل كابوس، كابوس تمنته ولأول مرة!
كان ذاك الرجل قد فك وثاقها فنهضت صارخة تحتضن أدم وهي تردد بصوت مذهول: -أدم. ، هو احنا فعلاً ف اسرائيل يا أدم؟! أدم رد عليا انا خايفه! ضمها له برفق يحيطها بين ذراعيه، يحاول إخماد لوع قلبه المُحترق فيعاود إحياء رماده من بين غصون الماضي؟!.. أبعدها برفق يصفف خصلاتها برقة متمتمًا بصوت حاسم: -أسيا أنا عايزك تهدي، شيلي الرهبة من اسرائيل من دماغك، احنا ف بلد اجنبية وبس وكلها فترة وهنرجع بلدنا تاني!
أبعدت يداه بسرعة تصرخ بجنون: -ماتقوليش أهدي، احنا مخطوفين انت مُتخيل!؟ ثم أكملت ببحة باكية تسأله: -ادم انا خايفه اووي، هما عايزين مننا ايه؟ انت تعرف الناس دي منين يا أدم!؟ تحسس وجنتها بحنان يحاول زرع الطمأنينة بين أرض جوارحها البور...! ثم همس بتحذير:.
-اسمعيني يا أسيا، الموضوع اكبر مانتِ متخيله! الموضوع دلوقتي له علاقة بالداخلية عندنا ف مصر، عشان كدة الناس دي جابونا هنا عشان ماحدش يعرف يتصرف من مصر، بيعجزوهم بس! سألت أسيا لاهثة: -وانت مالك بالداخلية؟! انت قولت انك بتتاجر ف السلاح وبس تنهد أدم تنهيدة طويلة تحمل في طياتها الكثير:.
-ده كان زمان، قبل ما أشتغل مع البوليس، شغلي معاهم خلاني تعمقت علاقاتي وسط المافيا وتجار السلاح، وحاليًا الناس دي وصلهم خبر فعايزني أنفذ لهم اكبر صفقة ف تاريخهم بما اني على علاقة بالبوليس يعني عايزني انا اللي اتصرف! بدأت تبكي بصوت عالي وشهقاتها تملأ المكان. ، تشعر باللكمات تزداد مُسددة لروحها بعنف..! حاولت تهدأة نفسها وهي تسأله بخوف: -وهتعمل ايه يا أدم؟! هز رأسه نافيًا:.
-مش هينفع نتكلم هنا يا حبيبي، بس صدقيني مش هنطول هنا كتير سألته مرة اخرى وهي تفكر: -طب ازاي قدروا يوصلوا لنا رغم كل الحرس اللي كانوا موجودين تنهد أدم بصوت مسموع ثم هتف بشراسة: -قالوا استأجروا واحد من الحرس بكل بساطه عشان يدّلهم على الباب السري للقصر! وفجأة وجدته يخلع قميصه بسرعة، فتسارعت نبضات قلبها بقلق وهي تسأله مستنكرة: -انت بتعمل ايه؟!
وجدته يشق القميص بعناية ليضعه على خصلاتها بدقة حتى أصبح ك (الشملة) التي يرتديها البدو لتغطي شعرها كاملاً...! حينها نظر في عيناها مباشرة لتفوح الغيرة وهو يخبرها بنبرة تملكية ؛ -قولتلك مليون مرة مش مسموح لراجل غيري يشوف شعرك ولا اي حاجة منك وبحركة مباغتة جذبها من خصرها له لتصطدم بصدره العريض الذي ظهر من -الفنله- الخفيفة التي يرتديها، لتلفح أنفاسه الساخنة عنقها الابيض فتجعل عرقها يثور بارتجافة عنيفة...
خاصةً وهي تسمعه يهمس امام شفتاها: -إنتِ بتاعتي انا بس...! غمست وجهها عند رقبته، تتنفس بصوت عالي وأنفاسها تُشعل رغبته بها رغم كل شيءً. ، لتردف بهمس حاني ؛ -أدم انا بعشقك، وبعشق غيرتك عليا شعرت بصوت يبتسم وهو يتشدق بعبث محاولاً التخفيف عنها: -وانا بعشق امك، وصدقيني مشتاق اوي اني اثبتلك ده بس لما نرجع يا رووووح الروح! لتضحك هي وهي تشدد من احتضانه. ، بينما هو تظهر ملامحه المحفورة بمشاعره الحقيقة!
ليظهر الغيظ والجنون مختلطًا بغضب الشياطين...!
كان تنفس شروق بصوت عالي علامة على قيام حرب دامية يُحركها نيران العشق..! فكرة أنه اقترب من تلك المخلوقة تحرقها. ، تُدميها داخليًا ببطء شديد! بل وأنها ستُنجب طفل منه ايضًا؟!.. عندها لم تشعر بنفسها وهي تهز أدهم النائم بعنف وتصيح: -أدهم، ادهم قوووووم هب أدهم مفزوعًا يردد بهلع: -ايه ايه القيامة قامت ولا ايه؟! ضغطت على أسنانه بحنق حتى اصدرت صوت صكيك عالي، ثم أخبرته بجنون:.
-قامت قيامتك يا شيخ، قوووووم يا ابو الواد قوم ابتسم أدهم يشاكسها كالصبيان: -ايه هو انا طولت ف الغيبوبة لدرجة اننا خلفنا ولا ايه؟! عندها اقتربت منه اكثر تصرخ بصوت عالي غير مبالية بأي شيء: -انت بتهزر كمان؟! يا خاين يا واطي، قوم ام اربعه واربعين حااااامل عقد ما بين حاجبيه يسألها ببلاهه: -ام اربعه واربعين مين يا حبيبتي؟! كادت تبكي وهي تصرخ به:.
-حبك بُرص وعشرة خرص، مناااار هانم مكلماك وبتقولك ادهم انا حامل يا ادهم انت لازم تتصرف قالت اخر كلماتها وهي تقلد صوت منار برقة ساخرة..! مرت دقيقتان وهو متسع الحدقتان. ، عيناه ثابتة بجمود بارد أطاح صواب شروق التي اكملت صارخة: -انت ساكت لية؟ انت قربت منها!؟ رد عليا قول.. تنهد أدهم بهدوء قبل أن يضيق عيناه وهو يسألها مستنكرًا: -أنتِ من رأيك أعملها ولا؟! لم تنظر له وهي تتابع باختناق:.
-والله انا مابقتش عارفه حاجة..! حلقت على ثغره أبتسامة باردة، جامدة تحوي بين ثغراتها غليان قاسي!.. ليرد بعدها: -تمام، خليكِ مش عارفه حاجة ابتلعت شروق ريقها بتوتر مغمغمة: -يعني ايه؟! رفع رأسه واستطرد بثبات جامد: -يعني انا هكمل جوازي من منار يا شروق رمشت شروق عدة مرات وكأنها تحاول فك تعاويذ جروفه التي جلدتها بقسوة.. لتهمس بصوت متحشرج على وشك البكاء: -طب وانا؟! واللي حصل بينا؟! وقبل ان يرد صرخت به:.
-كانت مجرد شهوة بس صح؟! لم يرد عليها. ، بل لا يستطع ان يرد عليها..! كلامها يُصيبه في مقتل، يشعره أن ثقتها به مدفونة لا يستطع بعثها حتى...! ليبتسم بسخرية متمتمًا دون النظر لها: -ما اجتمع رجل وامرأة الا وثالثهما الشيطان بقا... امسكت ذراعه المُصاب دون ان تنتبه لتشده وهي تزمجر كالمجنونة: -طلقني، طلقني حالا اومأ موافقًا وقال: -حاضر، اول ما تاخدي ورثك وينتهي الحوار ده هطلقك يا شروق!..
كانت سيليا في غرفتها، إنتهت من وضع ملابسها وهندمت نفسها ثم إتجهت للخارج... ولكن تصمنت مكانها للحظة وهي ترى جواد يقف امام فتاة ما صارخة الجمال. ، تقترب منه كثيرًا. ، تنظر في عيناه وهي تنطق بصوت تماوج بينه الدلال: -وحشتني اوي يا جواد عاد للخلف يضع بينهما مسافة واضحة، وإنغمست حروفه بالبرود وهو يسألها: -ياااه؟! عادي كده تختفي وتفهمينا انك ميته وتيجي فجأة تقولي هاي يا جواد وحشتني؟!
حينها أقتربت منه سيليا بسرعة، تضع يدها على كتفه الذي كاد يهتز من لمستها التي تثيره مشاعره التي يخمدها نحو سيليا خاصة وهي تقترب منه هامسة: -مين دي يا حبيبي؟! تجرعت ملامح نشوى بالجمود وهي تقول دون ان تعير سيليا اهتمام: -ممكن نتكلم لوحدنا، في حاجات لازم نتكلم فيها، وكمان... صمت برهه تراقب تعبيرات كلاهما لتكمل: -عايزة اشوف بنتي! لم يُحرك جواد عينيها عن نشوى ليقول آمرًا سيليا: -سيليا ادخلي جوه.
سألته سيليا بأصرار: -مين دي يا جواد؟! صرخ حينها بعصبية فاجئت كلاهما: -قولت ادخلي جوه كلمة واحدة متنسيش نفسك! كتمت أنفاسها وهي تحدق بكلاهما. ، ليشحب وجهها ببطء ثم بدأت تعود للخلف شيءً فشيء.. وصلت امام الغرفة ولكن قبل ان تدلف رمت عيناها نحوهم لتتلف نظراتها المشتعلة عندما وجدت تلك الفتاة تُقبله فجأة وهي تحيط به... وهو لا يُعطي رد فعل عنيف كما توقعت!..
بعد فترة عند أسيا و أدم...
دلف نفس الرجل مع بعض الرجال، ليحيط أدم كتفي أسيا بحنان وحماية تلقائية!.. ابتسم الرجل بسماجة وهو يردد بالأنجليزية: -أ رأيتم كرماء اكثر مننا؟! ولكن مزحنا كثيرا حان موعد العمل صرخ أدم فيه مستنكرًا بروده: -فلتقل ما لديك وتغرب عن وجههي الان نظر الرجل نحو أسيا التي كان كيانها كالذي أصابه زلزال بفعل كلماته!.. ليتابع بخبث: -ولكن الان العمل ليس معك، زوجتك العزيزة هي من ستتخذ القرار.
اقترب منهم قليلًا لتتحول ملامحه للجدية متشدقًا ب: -اسمعيني جيدًا. ، أنتِ من ستختاريت عقاب زوجك، إما أن نقتله امام عينيكِ، او نقضي انا وانتِ بضع ساعات لطيفة قال اخر كلمة يتبعها بغمزة خبيثة من عيناه جعلت الدماء تفور بأوردة أدم الذي نهض يود قتله وهو يصرخ بصوت يشبه زئير الاسد: -يا * يا * قسمًا برب العباد سأقتلك، سأقتلك ولو خسرت حياتي مقابلاً لذلك! ابتعد الرجل مسرعًا ولكنه نظر لأسيا يسألها بجمود:.
-فلتقرري سريعًا سيدتي... صمتت أسيا لحظة كانت نقطة لتحديد مصير. ، ثم هتفت بصوت أجش جعل الدهشة ترتسم على وجوه جميع من بالغرفة: -أقتله...!
ظهرت ابتسامة باردة على ثغر ذلك الرجل، ليشير بإصبعه للرجلان آمرًا: -توقعت ذلك، أجلبوه خلفي ثم استدار يغادر الغرفة، وكاد احد الرجال يسحب أدم ولكنه نال نظرة استوطنتها الشراسة والغل. ، فتراجع مرتعدًا بتوجس... ليُسرع أدم محتضنًا أسيا التي شددت من احتضانه وهي تردد بهلع واضح: -أدم هما هيقتولك فعلاً! أدم اوعى تسبني.. هز رأسه نافيًا ليهدأها: -مايقدروش يقتلوني، على الاقل حاليًا.
إتسعت حدقتاها وقالت بصوت إتسعت فجوة الخوف بين جذوره: -قصدك انهم هيقتلوك بعد ما تنفذ اللي هما عاوزينه؟! ربت على شعرها بحنان، ليطبع قبلة عميقة على قمة رأسها مغمغمًا بصوت خشن: -حتى لو قتلوني الموت عندي أهون من إن راجل تاني يلمسك! انا اقسمت انه لمجرد تفكيره ده بس هقتله، فما بالك لو جرب ينفذ!؟ دفنت نفسها بأحضانه... لا تدري لمَ يُعاندها القدر هكذا فيُظهر لها ربيع الان وسط العواصف...
ام هي من كانت عمياء بغشاوة قلقها من وفجأة اُزيلت تلك الغمامة عندما تفتت قسوته لشظايا...! سمعته يهمس عند أذنها مباشرةً: -خليكِ قوية وواثقة، إنتِ مرات أدم صفوان! اومأت عدة مرات مؤكدة. ، ثم نظرت لعيناه مكملة بنبرة لم ينسحب منها نغمات الخوف: -ارجعلي بسرعة، انا مش هقدر اكمل من غيرك!.. إلتقط قبلة سريعة خفيفة لشفتاها، ليحدق بعيناها الزرقاء. ، يغرق بين بحور عشقها التي أذابت جليد قلبه، ليهمس بنبرة حانية:.
-خليكِ فاكرة دايمًا اني بعشقك، واني هعمل اي حاجة عشان تخرجي من هنا سليمه! ثم امسك يدها ليُقبل باطنها بعمق جعل قشعريرة باردة تسير على طول عمودها... نزفت دمعة ملتهبة رغمًا عنها وهي تهمس له لتقلده كما يخبرها دائمًا: -خليك فاكر إني مهووسة بيك ومش هقدر من غيرك..! ليبتسم لها بهدوء حنون ثم يغادر مع ذلك الرجل، لتنهار هي ارضًا باكية تنادي بأسمه... وجملة واحدة تضرب أجراسها بعقلها.
لا ندري بقيمة الشيء الا بعد فوات الاوان !..
بعد ساعات أخرى... إنقضى أمر وصية والد شروق واخيرًا تحت إشراف من الشرطة بناءًا على طلب أدهم واخيرًا جذب شروق ليغادروا تلك البلدة سريعًا... طوال الطريق وأدهم لم يتحدث مع شروق ٱطلاقًا الا عند الضرورة... وهي كذلك، كانت ملتزمة الصمت تصدر له -الوش الخشب- كما يقولون!.. وصلا بعد ساعات إلى منزلهم... دلفوا الى العمارة ليتقابل ادهم مع منار على السلم، بينما شروق سبقته للمنزل..
ابتلع ريقه بتوتر، فهو لم يُهيء نفسه لتلك المواجهة بعد... لم يُنظم افكاره المشعثة يمينًا ويسارًا... وقفت امامه مباشرةً تهمس له بنبرة تشبه جلد الافعى: -بكلمك مش بترد عليا لية؟ انت مش مُدرك المصيبة!؟ جز على أسنانه بغيظ. ، فهي سببًا واضحًا لإنقلاب صفحة حياتهم للسواد! ثم اردف بحدة: -على فكرة انتِ لو مش ملاحظة بس انا مش مُجبر اني اساعدك لما تتعرضي لاغتصاب، ده كرم من اخلاقي مش اكتر.
ثم تركها مكانها متصمنة تحدق في اثره مرت دقائق معدودة عليها قبل ان تُخرج هاتفها لتتصل بشخص ما... وبعدما اجابها قالت بصوت منخفض: -اسمعني يا واد يا حمو، عاوزاك ف مصلحة -... -اسمعني لا لا مش قتل ولا حاجة، ده. ، آآ اغتصاب وبت مووووزة هتعجبك جدا!..
في جوف الليل... استيقظت أسيا على صوت الباب يُفتح وشخص ملثم يدلف على أطراف اصابعه..! تملك منها الذعر وهي تجده يقترب منها جدًا. ، اخذت تتراجع للخلف بسرعة هامسة بصوت مذعور: -انت مين وجاي لية؟! لم يرد عليها ولكن قبل ان تستطع الصراخ كان يكتم فاهها بيده واليد الاخرى تحاول تمزيق ملابس اسيا التي اخذت تنتفض بين يداه... وكأنها في حرب تحاول إيقاف العدو عن سلبها اعز ما تملك...!
حاولت أسيا الفكاك من بين براثن المجهول، وفجأة وجدته يسحبها معه للخارج، بعدما ربط شيء على فاهها...! خرجوا بسرعة ركضًا من ممر فارغ تمامًا وفجأة وجدت أسيا نفسها تقف أمام أدم الذي كان يقف في أخر الطرقة... لم يعطيها فرصة السؤال فسحبها من يدها بسرعة وهو يصرخ بها: -اجري يا أسيا مفيش وقت..! بدأت تشعر أنها في دوامة، دوامة متلاطمة ما بين كذب وحقيقة فلم تعد قادرة على رصد الواقع المرير..!
خرجوا بالفعل من تلك العمارة ليجدوا سيارة في إنتظارهم، إستقلوها بأسرع ما يمكن لتنطلق السيارة من ذلك المكان... وإنطلق الصراخ وجرس الأنذار بعدها لتشتعل نيران مرحلة جديدة مُفعمة بالأرهاب..!
بعد حوالي ثلاث ساعات... هبط كلاً من أدم وأسيا من السيارة بعدما أرتدوا شال ثقيل يخفي وجوههم العربية.. إتجهوا مع الرجل إلى منزل ما صغير ليدلفوا بسرعة، حينها رفع أدم الشال عن وجهه، تنفس بصوت عالٍ قبل أن يقول ممتنًا لشخص ولأول مرة: -شكرًا جدًا يا حضرت الظابط، بجد شكرًا ابتسم الأخر ثم تمتم بجدية: -الشكر ليك يا أدم، انت اتبهدلت عشان تساعدنا كتير دلوقتي جه وقت تدخلنا احنا ثم أشار للغرفة وتابع بهدوء:.
-دي اوضه هتقعدوا فيها مؤقتًا انت والمدام، ومتقلقش ده بيت واحد من الفلسطينين تبعنا، هتفضلوا هنا مش هتخرجوا ابدًا لحد ما ندبر موضوع سفركم لمصر اومأ أدم مؤكدًا ثم صافحه ببسمة شاحبة ليغادر الضابط حينها نطق الفلسطيني مرحبًا بصوت هادئ: -اتفضلوا اتفضلوا، بتقدروا تعتبروا البيت بيتكن!
سحب أدم اسيا المتصنمة من ذراعها بخفة، دلف بها إلى الغرفة، ليمسك يداها الباردة كالثلج! شحوب وجهها وبرودته جعلاها كزهرة اقتُطفت في شتاءٍ قاسي...! ضمها أدم له من دون مقدمات، وبالطبع رفعت يداها تحيطه بسرعة.. تستكين في جوف ملاذها. ، أمانها. ، وسارق رهبتها المتجبرة!.. إلتقت النظرات في نظرة دافئة، ناعمة جعلت قلب كلاهما يدق بتناغم يُطرب الروح... لتهمس أسيا بصوت مبحوح: -خلاص الكابوس خلص؟!
حاول ادم الابتسام بمرح ليٌخفي شحنة التوتر التي توزعت في الجو: -خلاص فاضل أخر إفيه ف المسلسل وهنمشي علطول صدرت ضحكة خافتة قصيرة عن أسيا التي أردفت: -اول مرة اعرف اني بحب مصر اووي كده سمعت ضحكت أدم الرجولية فرفعت رأسها بسرعة تسأله: -ادم احنا ازاي خرجنا ومين الحيوان اللي خدني من الاوضه؟ ضيق أدم عيناه يسألها مستنكرًا: -حيوان؟ اللي خرجك حيوان؟! ردت باندفاع ؛ -ايوة انت ماتعرفش عمل ايه ده حاول آآ...
وضع أدم إصبعه على شفتاها بسرعة يقاطعها بنبرة حازمة: -بطلي التسرع في الحكم على الناس ده، وعلى فكرة بقا دي كانت واحدة مش واحد رفعت أسيا حاجباها متجمدة ونظراتها متعلقة بنظرته الضاحكة..! بدأ النور يخترق جفونها فأردفت بسرعة: -بنت؟ ازاي دخلوها كلية الشرطة دي شاذة يا أدم! عندها إنفجر أدم ضاحكًا. ، لم يستطع كبت ضحكته على لفظها التلقائي... ليعود لجديته بسرعة وهو يخبرها:.
-مكنش ينفع يجي البوليس المصري بكل بساطه يهجم على مكان متأمن وعليه حراسة قد كده ويقولهم سوري اصلنا عاوزين اسيا وادم! كان لازم خطة مُحكمة، اسمعي ياستي، اللي هربتك دي انضمت لهم من بدري وهي طبعًا ظابط بس محدش يعرف، يعرفوا انها عربية انتقلت لاسرائيل قريب وبتشتغل معاهم، المهم لما وصلت لها الاخبار راحت بليل لما اتأكدت انه كله نام ولبست قناع علي اساس انها راجل منهم بس سكران شويتين ودماغه هبت منه ف حاول يقرب منك وانتِ هربتي منه. ، احسن ما يعرفوا ان حد هربك منهم بالتالي هيبتدي يشكوا!
ظهرت أبتسامة بلهاء على ثغر أسيا التي تابعت بانهبار: -يا خرااااشي ايه الدماغ الألماظااات دي! أمسك وجهها بين يداه الخشنة، يُداعب أنفها بأنفه هامسًا بنبرة هائمة: -عليا النعمه ما في ألماظات غيرك يا قشطه أنت.. ابتسمت أسيا في حنو وهي تمسك يده لتطبع قبلة ناعمة على باطنها جعلت شيء يهتز داخل أدم بعنف...! أشار لها نحو الفراش بعيناه غامزًا بخبث: -بقولك ايه، ما تيجي ونجيب مليجي.
ضربته أسيا على صدره برقة لتدفن وجهها بأحضان والاحراج يكسو وجهها... حينها سمعت تنهيدته الطويلة وهو يهمس وكأنه لا يمل تلك الكلمة: -اااه يا روح الروح، اقسم بالله بعشقك يا طفلتي!.. وطفلته أصبحت أسيرة. ، عاشقة. ، وسجينة عشقه ذاك دون ان تشعر!
وصل جواد مع سيليا إلى قصر آدم صفوان بمجرد أن وصله خبر...! يلوم نفسه في كل لحظة كان أدم فيها يحتاجه ولكنه كان منشغلاً بحياته الخاصة..! بمجرد أن وصل وجد أحد الضباط ليسأله جواد بسرعة مهتاجًا: -ايه اللي بيحصل، فين ابن عمي يا حضرت الظابط؟ أشار له الضابط برفق مغمغمًا: -جواد بيه ياريت تهدى، جاتلنا اخبار إنهم خلاص لقوا أدم بيه والمدام وقريب هتلاقيهم هنا.
ضيق جواد عيناه التي كانت نسخة مطبوعة عن عينا نمر تخشبت أسنانه الحادة، ليؤكد الضابط كلامه: -الموضوع ده مفيهوش هزار اكيد مش هقولك حاجة انا مش متأكد منها حينها اومأ جواد بارتياح: -تمام، متشكر لتعبك يا حضرت الظابط بس ممكن افهم مين اللي خطف ادم ولية؟! هز رأسه نافيًا بأسف: -مع الاسف معنديش معلومات ممكن أفيدك بيها، أفضل لما ادم يرجع بالسلامة تبقى اسأله اومأ جواد موافقًا وإلتزم الصمت...
ليغادر ذلك الضابط بهدوء فيبقى كلاً من سيليا التي كانت تحمل الطفلة بين أحضانها بصمت.. ذلك المشهد اللعين يتكرر بذاكرتها كل 30 ثانية وكأنه يود احراق الاخضر واليابس من باقي ذكرياتها!..
فلاش باك### ظلت سيليا مكانها تراقبهم بأعين متسعة، ولكن بعد لحظة حدث مت يصرخ به قلبها آمرًا فوجدت جواد يدفع بتلك البلهاء بعيدًا عنه ويصفعها بعنف جعلها تترنح لتصطدم بالباب من خلفها... نال الجو لحظة من السكون قبل أن ينفجر تيار الماضي مغموسًا بأعاصير الحاضر في خلفية جواد الذي اصبح يصرخ كالمجنون:.
-انتِ حقيرة و * لا حتى الزبالة بيبقوا عندهم شوية خجل، لكن إنتِ لأ، انتِ عاهرة بنت عاهرة، حاجة ممكن اي حد يشتريها بفلوسه! إنتِ حتى ماينفعش تكوني ام، انتِ مجرد عاهرة بقرف من لمستها... وبحركة مباغتة أمسكها من ملابسها يجذبها بعنف مزمجرًا: -انتِ * وهتفضلي طول عمرك * انتِ حتى النظرة خسارة فيكِ يا * ينعل ابو معرفتك ال*.
ثم ضربها في الحائط بعنف جعلها تتأوه متألمة فأكمل دون ان يُعيرها انتباه: -عارفة دخلتها جوه لية؟ عشان ماجرحش حياءها بالألفاظ ال* اللي يستاهلها امثالك بس، عشان هي حبيبتي ومراتي وام بنتي، بنتي اللي رمتيها ومافكرتيش تسألي فيها ثم رماها نحو الخارج بقوة متابعًا وكأنه يُلقي شيء في سلة المهملات: -روحي للي جيتي من عنده، وملكيش عيال عندي يا *!
لم تستطع نشوى كبح دموعها أكثر من ذلك فاصبحت تهبط كالشلالات...! بعمرها لم ترى جواد بهذه الحالة. ، ولكن يبدو أنها هي من جعلته سجين ٱنتقامه ويجب تحريره امامها...!
ركضت مسرعة من المنزل وهي تمسح دموعها... وعندما أستدار جواد ووجد سيليا تتابعهم بابتسامة راضية... لم يظهر أي رد فعل كان يلهث بصوت مسموع فقط ليتركها ويتجه لغرفته.. ومن حينها ولم يتحدث أيًا منهما حتى عندما أتاه خبر ٱختطاف ادم من الخادمة التي اتصل بها بالقصر عندما وجد هاتف أدم مغلق... سحب سيليا وطفلته وغادروا دون كلمة، فلا يمكنه انتظار قدوم ايًا من هؤلاء الحثالة مرة اخرى! باك###.
إستفاقت على صوت الطفلة يُداعب أذنيها برقتها المعهودة: -سولي. ، انا عايزه أرسم قطبت سيليا تسألها ببسمة هادئة: -ترسمي ايه يا حبيبتي؟! هزت الطفلة رأسها وهي تمط شفتاها ببراءة: -مش عارفه، تيا عاوزه ترسم داعبت وجنتها بحنان تُشاكسها مرددة بحنو: -وانا عيوووني ل تيا! وبالفعل نهضت تاركة إياها لتسير متجهة لجواد الذي كان يقف في احدى الاركان يتصل بأدهم ليخبره ما حدث...
كادت أن تربت على كتفه بهدوء ولكن وجدته يستدير بحركة مفاجأة فارتدت للخلف بعنف جعلها يُسرع بالتقاطها بين أحضانه قبل أن تقع..! لم تستطع النطق امام سحر تلك اللحظة. ، كانت تنظر للمعة عيناه التي وُلدت اليوم ولأول مرة! وهو كان غارقًا بين غابات عيناها الزيتونية، ليُقرب وجهه من وجهها جدًا ثم همس بتخدر: -عيونك بتتوهني يا زيتونة! تلعثمت الحروف على شفتي سيليا التي حاولت الفكاك ولكنه كان يضمها له بإحكام...
لتعض على شفتاها بتوتر مغمغمة: -تيا. ، آآ... ابتسم بسمته الرجولية المعهودة وهو يسألها: -مالها تيا؟ تنفست اكثر من مرة وكأنها تُحارب ذلك الوضع الذي يكاد يُذيب عظامها، لتنطق بسرعة: -تيا عاوزه ترسم وانا كنت جايه اسألك لو في مرسم هنا ترسم فيه بما اننا مطولين هنا جذب خصرها له أكثر حتى باتت ملتصقة به ليقول بعبث: -طب ما تيجي انا عاوزك ف رسمة احلى! عقدت ما بين حاجبيها تسأله بعدم فهم: -رسمة ايه؟!
اقترب من اذنيها ليهمس ببطء وأنفاسه تلفح ضد عنقها: -العريس والعروس! تلون وجهها على الفور بأحراج، لتهمس بصوت مبحوح: -جواد بطل قلة ادب وركز شوية ابتسم بخبث متابعًا ببراءة: -منا مركز اهو لو ركزت اكتر من كده هيبقى فعل فاضح ف الطريق العام وامام الموظفين! كادت تبتسم رغمًا عنهت فاقترب هو منها اكثر وعيناه مُسلطة على شفتاها، يشعر باشتياق غريب نحوها...
اشتياق ليس لمجرد امرأة ولكن اشتياق لها هي شخصيًا. ، لماسته الفريدة! بمجرد ان لامست شفتاه شفتاها وجد من يصرخ كالعادة لتصرعه بصوتها: -باااابييييي حينها إنتفض يبعد عن سيليا بسرعة مزمجرًا بحنق: -لا بقا، كده كتير دي تاني مرة اقسم بالله! حد باصصلي في ام البوسه دي! مصمصمت تيا شفتاها وهي تردد بغيرة طفولية: -بوسني انا يا بابي، انت مش بتحب تيا؟
احتضنها بسرعة يغرقها بين احضانه هامسًا من بين ضحكاته التي اختلطت بضحكات سيليا: -تعالي يا حبيبة بابي، تعالي يا هادمة اللذات ما طول مانتِ ورايا مش هخلف تاني ابدا!
نهضت أسيا تجلس على الفراش، حركت رأسها تلقائيًا تنظر ناحية أدم ولكن وجدت الفراش فارغ بل وممتلئ بالدماء!.. أطلقت صرخة عالية وهي تتحسس تلك الدماء التي جعلت الذعر ملكًا متوجًا على عرش جوارحها: -اااااااادم! ازداد بكاؤها وهي تردد بجزع: -لا يا ادم ماتسبنييييييش! ولكن لا حياة لمن تنادي. ، اصبحت تنادي وتنادي ولكنها على ما يبدو في غرفة عازلة للصووت! ومع استمرار صراخها كاد صوتها يختفي فبدأ يخفت شيءً فشيء...!
هبت جالسة على الفراش شاهقة بعنف تتنفس بصوت عالي. ، أغمضت عيناها تحاول نسيان ذلك الكابوس الذي أرق نومتها الهادئة منذ فترة... نظرت بسرعة نحو أدم لتجده يفتح عيناه ببطء يسألها بقلق: -مالك يا حبيبي؟ هزت رأسها نافية بابتسامة ضعيفة: -مافيش، معلش صحيتك كابوس مزعج كاد يضمها لأحضانه ولكنها همست بصوت مختنق، يرجو الارتياح: -ادم انا مش عايزه انام.. طبع قبلة حانية على جبينها ولكن قبل ان ينطق قاطعته:.
-انا خايفه وعاوزه اصلي، هتيجي تصلي معايا؟! سؤالها جعل جسده يتخشب بصمت مُخزي. ، فأدركت هي الحقيقة المكتوبة على جدران مشاعره، فقالت بلهفة مكملة: -لو مابتعرفش تصلي ممكن اعلمك عادي، ولا ايه؟! ابتسم لها بخفوت وبالفعل نهضا معًا متوجهين نحو المرحاض... لتبدأ أسيا تشرح كل شيء بداية من الوضوء وهو كان منتبهًا لها وكأنها تزرع بداخله نورًا لأول مرة يخترق حواجزه...!
عند ادهم وشروق... في ظلا توتر أدهم المُهيمن على الأجواء، سحب أدهم شروق من يدها دون أن ينطق بحرف، فصرخت به بغيظ: -اوعى كده هو انت ساحب بقره وراك؟! ما تهدى وتقول انا هديت هز رأسه نافيًا، ثم جز على أسنانه بعصبية وهو يخبرها: -لا انا ماهديتش، امشي قدامي حالاً يلا هنروح على قصر ادم عقدت ذراعيها وهي تسأله: -وهنروح نعمل ايه عند نمس بوند ده؟! إحتدت نظرته تخبرها انها اخطأت التصويب فاستطردت بسرعة:.
-ماتاخد السلعوه بتاعتك كاد يبتسم ولكنه تمالك نفسه وهو يقترب بوجهه منها هامسًا بمكر وهو يلاعبها بحاجبيه: -ماعنديش غير سلعوه واحدة اللي متجوزها! ومش ناوي اتجوز تاني كفاية عليا سلعوايه هيبقوا اتنين هياكلوني! ثم استدار يسير متجهًا نحو الباب لتقف هي لحظة متجمدة مكانها تحاول إستيعاب اهانته التي ابتلعتها هكذا دون تعبير واضح... لتصرخ بأسمه وهي تركض نحوه: -ادهممممم، خد هنا استنى ياض انا هاوريك السلعوه بس.
بينما ادهم يضحك وهو يهبط السلالم وهي خلفه...
بينما في الاعلى تقف تلك السلعوه تستمتع لأصواتهم الضاحكة التي كانت بمثابة عويل تود إخماده بأي طريقة كانت!.. لتركض بسرعة تمسك هاتفها لتتصل بنفس الشخص: -الووو ايوه يا حمو -... -بقولك ايه بص بسرعة هما نزلوا دلوقتي من البيت، عايزاك تفضل وراهم وتنفذ النهارده -... -لا مش هينفع استنى اكتر، النهارده عاوزه خبر إغتصاب البت دي يكون عندي! -... -ماشي يلا سلام!
ثم أغلقا الخك وهي تبتسم بخبث دفين، تُمني نفسها بتلك اللحظة التي ستكون بداية حياة وانتهاء حياة اخرى...!
كان كلاً من شروق وسيليا يجلسان معًا منذ وصول أدهم وشروق... وعلى الطرف الاخر أدهم وجواد يتناقشا بكافة الامور..! نهض جواد بعد دقيقة تقريبًا ليقول بصوت أجش: -طب يا جماعه ضروري انا وادهم نروح الشركة ومش هنتأخر اومأتا الاثنتان بابتسامة هادئة، لتُسرع شروق مرددة بمرح: -احسن احسن خلينا نتكلم ونفرشح بالكلاك براحتنا عشان مافهمتش منك ف التليفون كويس، هااا بقا اتعرفتي على جواد ازاي؟! ثم ابتسمت ساخرة لتتشدق ب:.
-من ساعة ما قولتيلي التليفون وانا وادهم مش مصدقين انك البنت اللي كان جواد بيحكي عنها.
وهكذا استمر الحوار بينهم يتحدثا في كافة الامور... إلى أن سمعوا طرقات عنيفة على الباب، فارتجف جسد سيليا تلقائيًا بخوف، مما جعل شروق تنهض هاتفة بتوتر: -انا هروح افتح الباب خليكِ هنا بالبنت ويا ليتها لم تفتح. ، فكان الجحيم بانتظارها!
في فلسطين... كان أدم يرتدي التيشرت استعدادًا للخروج متجاهلاً نداء أسيا التي اخذت تردد بحنق دفين: -ادم انت رايح فين؟ الظابط قال خليك هنا، اوعى تسبني هنا لوحدي لم ينظر لها وهو يخبرها بصوت اجش: -انا مش هبعد عن هنا يا أسيا بس لازم اشوف الراجل راح فين ده اتأخر اوووي عندها إنفلتت زمام اعصابها التي كانت تتحكم بانفجارها فصرخت بصوت عالٍ: -قولتلك ماتسبنيش لوحدي انت مابتفهمش؟ مفيش راجل يسيب مراته كده يا بيه.
وبالتأكيد. ، الطبع يغلب التطبع..! فجأة تجمدت مكانها باهتزازة عنيفة حينما سقطت صفعة أدم على وجهها لتردها ارضًا... مهما حاول أن يكون لطيفًا حنونًا معها تُخرجه عن طور هدوءه...! وهو ليس بأنسان آلي ليتحكم في طبعه بهذه السرعة فيصبح الحلم الوديع...! اغمض عيناه يلعن بصوت خافت وقد بدأ الندم يزحف لنظراته، ولكن قبل ان ينطق سمع صوت ضجيج بالخارج قريب منهم جدًا... وأحدهم يصرخ بالأنجليزية:.
-اجلبووووهم لي، سأقتلكم إن لم نجدهم الليلة انا متأكد انهم هنا وكانت تلك الجملة التي فهمها ادم جمدته مكانه وهو يُدرك أن اللعبة لم تنتهي بعد ...!