رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وعشرون
صمت، صمت مخيف، ذلك الصمت الذي يسبق عاصفة هوجاء مباشرة، لا يُسمع في الغرفة بأكملها سوي صوت الصمت، خالد لا زال يجلس مكانه في هدوء تام لم يتحرك حركة واحدة لولا يده المنقبضة عروقه النافرة لظننت انه في أكثر حالاته استرخاءً، تحركت عيني زيدان ناحية لينا ليراها تنظر إلى والدها في ارتباك واضح، أي مبرر ستقوله له وهل سيصدقه من الأساس، شهقت مرتجفة حين وقف والدها فجاءة نظر للحظات لزيدان الواقف أمامه قبل أن يلتفت إليها أشار له يعينه أن تتقدم ابتلعت لعابها تشعر بقدميها تهتز كالهلام، والدها في الأساس عنيف، وبعد ما سمعه الآن على أقل تقدير سيسلخهم احياء دون أن تأخذه بهم لا رحمة ولا شفقة، تقدمت بخطي مرتجفة تقف بعيدة عن زيدان تنظر لوالدها مرتبكة، ستشرح له الأمر هي لم تخطئ الموضوع من بدايته خاطئ وهو يجب أن يعلم، تنفست بعنف تلتقط أنفاسها المسلوبة تهمس بصوت خفيض متوتر:.
- بابا صدقني الموضوع مش زي ما أنت فاهم، في سوء تفاهم في الموضوع.
ارتسمت ابتسامة قاتمة على شفتي خالد يحرك رأسه بالنفي ببطئ، ينقل حدقتيه بينهما، نظراته أكثر سوداء من عتمة الليل، شهقت فجاءة على حين غرة حين دوي صوت صفعة عنيفة نزلت من يد والدها على وجه زيدان، ظل الأخير يقف في مكانه بثبات غريب، وجهه يكاد يكون متوهج من تلك الصفعة، فتحت فمها تريد أن تخبره أن ما يفعله غير صائب ولكنها صمتت تماما حين دوت صوت الصفعة من جديد تلك المرة على وجهها هي!
شعرت بألم بشع يطحن عظام فكها حرارة لاهبة تخرج من وجهها، امتلئت حدقتيها بالدموع أحمر وجهها من الألم والغضب تصيح في والدها: - حكمت وضربت من غير ما تسمع مننا كالعادة يا بابا، أنا وهو ما عملناش حاجة غلط ابتسم خالد في هدوء مخيف اقترب من ابنته وقف أمامه يدس يربت على خدها الاخر يتمتم ساخرا:.
- لا يا حبيبة بابا القلم اللي نزل على وشك انتي والبيه عشان خرجتوا زي الحرامية من غير أذني، أنا لو شاكك واحد في المية انكوا عملتوا حاجة غلط كنت ضربتكوا بالنار في وسط القسم صمت للحظات قبل ان يزفر أنفاسه محتدا يصيح فيهم: - اترزعوا وفهموني اللي حصل أنا على ثانية وهنزل فيكوا ضرب انتوا الإتنين.
ابتلعت لينا لعابها بارتجاف جلست على المقعد المجاور لمقعد زيدان، جلس زيدان جوارها وخالد أمامهم يرميهم بنظرات قاتلة حادة سوداء تكاد تقسم أن والدها على وشك دفنهم أحياء بالكاد يمسك بزمام غضبه، كاد زيدان أن يتحدث حين سبقيته لينا تتمتم في خفوت: - دكتور قاسم قالي لازم نتكلم أنا وزيدان، لازم كل واحد يخرج اللي في قلبه، فطلبت من زيدان اننا نتكلم في اي مكان بعيد البيت، بس دا اللي حصل.
رفع خالد حاجبيه مستهجنا ما تقول ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه يتمتم متهكما: - بس دا اللي حصل اتقبض عليكوا عشان واقفين تتكلموا في الشارع، كان زمان مصر كلها مقبوض عليها... تجنبت لينا النظر إلى والدها تفرك يديها متوترة لتسمع صوت زيدان يتمتم في نبرة هادئة: - خالي إنت عارف وواثق أن أنا مستحيل اخون امانتك صح ولا لاء، اللي لينا قالته دا هو اللي حصل، لينا في موجة انفعالها وأنا بنتكلم طلعت تجري ناحية الماية.
لم يكن لديه حل آخر سوي أن يخبره بما حدث فعلا حتى وإن كان احتمال تصديق خالد لما سيقول ضعيفا ولكنها تبقي الحقيقة، ما إن انهي زيدان قص ما حدث على خالد ضحك الأخير ضحكة عالية فارغة من المرح ضحكة متهكمة ساخرة يردف بعدها مستهجنا:.
- يعني أنت عايزني اصدق أنها طلعت تجري ناحية الماية وأنت وراها جيت تشدها هدومها اتقطعت في ايدك فروحت يديها قميصك وكانت هتغرق فجاءة لوحدها فروحت شايلها من الماية وخرجت بيها وحاولت تفوقها، هوب دخل البوليس في آخر الفيلم وأنت بتحاول تفوقها، قصة هايلة تنفع سيناريو لفيلم كوميدي.
تنهد زيدان حانقا من سخرية خالد وعدم تصديقه لهم، ذلك الأحمق حسام سيدق عنقه ما أن يراع ألم يخبره الا يقول لخاله، ليتفاجئ به أمامهم دون سابق انذار، صبرا يا أحمق سانزع رقبتك، زفر زيدان بعنف من جديد يتمتم محتدا: - والله دا اللي حصل، أنا ما قربتش من بنتك، لما لقيت الوضع هيتفهم غلط بسبب الزفت اللي اسمه سيف قولت لحسام يجيبلي قسيمة جوازي بلينا وكنت هحل الموضوع وخلاص.
عاد خالد يستند بظهره إلى ظهر المقعد يستند بمرفقه على سطح الطاولة، همهم في هدوء غاضب، هو أكثر من يعرف أن زيدان لن يخون ثقته ولينا بالطبع لن تفعل، ربما هي فرصة جديدة لهما دون تدخل منه، زفر أنفاسه بعنف يمسح وجهه بكف يده يتمتم حانقا:.
- ماشي هخليني ورا الكداب، دلوقتي يا زيدان باشا ما فكرتش إن لما يتكشف على قسيمة الجواز هيظهر أن بعدها قسيمة طلاق وقسيمة جواز تانية للهانم باسم واحد تاني، وعلى ما نثبت أن الجواز التاني باطل هتكونوا لبستوا قضية زنا جنب القضية اللي جايين بيها والبيه هيتشال من الخدمة وسمعة العيلة هتبقي في الأرض، عشان البهوات ما بيفكروش.
عم الصمت المكان للحظات حاولت لينا اختلاس النظر ناحية زيدان تري ردة فعل على ما يقول والدها لتراه هادئ متجهم قسمات وجهه تعبر عن غضبه الذي بالكاد يحبسه، وقف والدها امامهم يردف بصوت حاد غاضب: - سنين ورا سنين واسم عيلة السويسي ما ينفعش يبقي عليه غبار حتى، يجي البهوات في لحظة يرموه في الأرض، انتوا متخلين خبر زي دا لو اتعرف هيحصل ايه...
ومرة أخري يعم الصمت لا أحد فيهم ينطق بحرف فقط صوت أنفاس والدها الغاضبة هي من تسمع في المكان بأكمله، في اللحظة التالية أخرج خالد هاتفه من جيب سترته يطلب رقم ما، وضعه على اذنيها لتسمعه يحادث صديقه: - ايوة يا محمد فاكر المأذون اللي قولتلي أنه معرفتك، ايوة هو دا، تجيبه وتيجي حالا على العنوان اللي هبعتهولك، لما تيجي هفهمك يا محمد ما تتأخرش.
توسعت حدقتيها في ذهول مأذون هل سيعقد والدها قرانها على زيدان من جديد وهنا في قسم الشرطة، قبل أن تنطق بحرف خرج والدها من الغرفة، التفت برأسها ناحية زيدان تنظر له في ذهول، لتظل تعابير وجه الأخير غامضة تماما..
في الخارج سأل خالد على مكتب ذلك المدعو سيف دق الباب ودخل ليطالع مأمور القسم الذي كان يحادثه قبل قليل في المكتب بصحبة سيف، طلب خالد من مأمور القسم بهدوء إن يحادث سيف بمفردهما لدقائق، ما إن خرج الرجل توجه خالد بخطئ سريعة غاضبة ناحية سيف دون كلمة أخري كان يقبض على تلابيب ملابسه بيمناه فقط احتدت عينيه يهمس له محتدا:.
- زمان كنت بقول شباب بقي وبيهزورا وهزارهم رخم، سيف وزيدان بيتخانقوا ضربوا بعض، عملوا مشكلة، كنت بقول طيش شباب، انما ما توصلش يا سيف بيه، أنك تجيب بنتي على القسم، بنت خالد السويسي ما تدخلش القسم في قضية، لو لسانك طلع برة بوقك ونطق كلمة واحدة عن اللي حصل النهاردة هزعل أوي وأنا زعلي وحش اوي.
حرك سيف رأسه بالإيجاب عدة مرات سريعا ليدفعه خالد بعيدا عنه يرميه بنظرة قاتلة قبل أن يخرج من الغرفة صافعا الباب خلفه، توجه ناحية المأمور مباشرة تنهد يردف يأسا:.
- اللي حصل من أوله لآخره سوء تفاهم، لينا وزيدان في بينهم مشاكل بقالهم مدة وواضح أن المشاكل زادت اوي خلت لينا نزلت من عربية زيدان ناحية الماية، زيدان كان بيحاول ينقذها ليس أكثر فاتفهم الوضع غلط، بعد اللي حصل هما مصرين إصرار تام على الطلاق أنا حتى بعت جبت المأذون هنا، أنا بعتذر عن الإزعاج اللي حصل دا، طيش بقي ابتسم المأمور في توتر يغمغم سريعا:.
- أنا كنت متأكد أن الموضوع فيه حاجة غلط، ربنا يهديهم ويوفقم للأحسن، واعتبر يا باشا ما فيش محضر اتعمل اصلا ابتسم خالد ابتسامة صغيرة تحمل كل معاني الانتصار، عاد ينظر للمأمور حمحم يردف في هدوء حزين باهت: - أستأذنك معلش تسيبلي اوضة مكتبك لحد ما يمشي المأذون وافق الرجل دون اعتراض بالطبع، توجه خالد ناحية زيدان الذي ينظر له مذهولا تتمتم في دهشة ما أن رأي والده:.
- بابا أنا مش فاهم حاجة ايه الكلام الغريب اللي حضرتك قولته للظابط دا رفع خالد سبابته امام شفتيه يهمس في هدوء: - هششش..
داخل غرفة المكتب تحركت لينا من مقعدها تجوب الغرفة ذهابا وإيابا تتنفس بعنف ما حدث قد حدث، نزولها في المياة كان الخطي الوحيد الذي اتركبته ولكن ماذا تفعل مع ذلك القطب البارد الذي يجلس أمامها، بعد مصارحة عنيفة كلهيب البركان يخبرها بهدوء كالثلج أن عليهم الذهاب، توجهت تقف أمامه تهمس بصوت حاد مرتبك في الآن ذاته: - إنت موافق على اللي هيحصل دا.
رفع وجهه لها ينظر لوجهها في صمت نظرات هادئة هل يخبرها بأن قلبه يصرخ فرحا وعقله يصرخ غضبا في الآن ذاته، استند بمرفقيه إلى فخذيه يغمغم في هدوء: - عندك حل تاني، لو ما كنتيش عندتي وجريتي على الماية من الأول ما كناش وصلنا لهنا، أنا مش هضحي لا بسمعة العيلة ولا اني اشوف خالي مكسور لو حصل فضيحة ولا بشغلي اللي بقالي سنين ببني فيه.
لما لم يذكرها في حديثه لما لم يقل أنه لا زال يحبها يرغب بشدة أن يعودا كما كانا سابقا، تنهدت بعنف تحرك رأسها رفعت رأسها قليلا تهمس بإيباء: - أنا كمان مش هضحي بسمعة العيلة، بسبب غلطة اتعملت من غير قصد، لو كان على جوازنا فاحنا ممكن الصبح نتطلق وكأن شيئا لم يكن ابتسم في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب ولسان حاله يتمتم ساخرا: - في أحلامك الوردية!
لم تمر سوي دقائق ودخل خالد ومعه محمد وحسام الذي رماه زيذان بنظرة قاتلة ما أن رآه يتوعد له والمأذون الذي لم يكن يرتدي لا ثوب ولا قفطان فقط قميص وسروال وحقيبة صغيرة بها دفتره الخاص، جلس المأذون على سطح أريكة بعيدة في الغرفة ليجلس خالد على أحد جانبيه نظر لزيدان بعينيه لينتهد الأخير تحرك يجلس على الاتجاه الآخر وضع يده في يد زيدان، تحركت عيني زيدان ناحية لينا ينظر لها تلاقت أعينهم للحظات قبل أن يدير وجهه ناحية خالد والمأذون يردد خلف الرجل بهدوء ظاهر وقلبه يطرق طبول الحرب يتذكر قديما حين كان في موقف مشابة كانت سعادته حينها لا توصف، كان يطير بين غيمات العشق فاخيرا بعد طول صراع فاز بقلبها باتت زوجته، أما الآن لا ينكر كونه سعيد، سعادة يشوبها ألم وخوف من القادم بعد كل ما مرا به، بات يخشي السعادة، خط توقيعه على الورقة ليوقع محمد وحسام كشاهدين على عقد القران، تقدمت هي امسكت القلم تخط اسمها على سطح الورقة في ارتجاف واضح تركت القلم تنظر له ها هي عادت من جديد، ليست تلك الضعيفة التائهة ولا هو بات ذلك العاشق الولة، كلاهما تغير.
خرج محمد بصحبة المأذون اولا بعد أن هنئهم، في حين ظل الأربعة في الغرفة كل منهم يغرق فب بوتقة الخاصة من التفكير، تحرك خالد أولهم ناحية باب الغرفة نظر لهم يتمتم بكلمة واحدة: - يلا.
خرجوا جميعا من القسم بعد الثالثة ليلا، كت تشعر بالتعب لا ترغب في تلك اللحظة سوي في فراشها تحط برأسها على وسادتها وتهرب بعيدا، تحركت ناحية سيارة والدها ما أن مرت من أمامه أمسك بذراعها نظرت له تقطب جبينها ليرفع هو حاجبيه يتمتم ساخرا: - انتي رايحة فين، على جوزك يا حبيبتي مش عايز اشوف خلقتك لا انتي ولا هو تاني.
شخصت عينيها في ذهول كانت تظنه يمزح ولكن تلك النظرة في عيني والدها لا تقول أنه يمزح ابداا، والدها لا يريدها، نظرت ناحية حسام في ذهول كأنه ترجوه بعينيها أن يفعل شيئا ليحمحم الأخير سريعا يحاول قول شئ ما: - بابا... ولكنه لم يكمل رفع خالد كف يشير لحسام أن يصمت تماما، تنحنح الأخير ينظر لشقيقته، في حين تقدم زيدان في تلك اللحظة امسك بذراع لينا الآخر يجذبها من يد خالد وجه ابتسامة صفراء له يغمغم في هدوء:.
- تصبح على خير يا خالي في اللحظة التالية كان يجذب لينا معه فتح باب سيارته يدخلها فيها، جلس جوارها خلف المقود لم ينتظر لثانية أخري أدار محرك السيارة وغادر، نظر حسام لوالده سريعا يعاتبه على ما فعل يتمتم: - ليه يا بابا، كنت سيبها تيجي معانا دلف خالد إلى سيارته يجلس على المقعد المجاور للسائق تنهد حسام ياسا يجلس جواره، ادار محرك السيارة قبل أن ينطلق بها سمع صوت والده يتمتم ياسا:.
- هو عنيد وهي أعند منه، كل واحد مصدق أنه مظلوم مش عايز يعترف أنه ظالم، هما بس اللي يقدروا يداوا جروح بعض، أنا كنت لسه بفكر في حل يجمعهم، واهو الحل جه لوحده، بكر الصبح تاخد شنطة هدوم لينا وكتب الجامعة بتاعتها وتروح تدهالها حرك حسام رأسه بالإيجاب ربما والده محق وربما لا، فقط الأيام هي من ستحكم.
في الطريق الآخر على المقعد المجاور لمقعد زيدان في السيارة هنا كانت البداية حين طلبت منه الذهاب لمكان هادئ ليتحدثا لينتهي بهم الأمر متزوجان، وها هما في طريقهما إلى منزله، رحلة العودة إلى نقطة البداية، تعبت حقا من التفكير استندت برأسها إلى المقعد تغمض عينيها وما هي الا لحظات وغفت، غطت في نوما عميق كقاع البحر تهبط فيها بارداتها، اختلس هو النظر إليها في تلك اللحظة لترتسم ابتسامة صغيرة للغاية على شفتيه، وذلك الاحمق القابع في قفصه الصدري يقيم حفلة راقصة بالداخل حفلة تذاع فيها موسيقي عالية موسيقي من جملة واحدة تتكرر ( welcome back my nuts ).
صباح يوم جديد لا تزال السابعة صباحا، لم يكن يتصور يوما أن السابعة صباحا ستكون موعد استيقاظه ولكنها الحياة، الحياة التي تعطي للجوكر فرصة أخري لينضم لفريق العدالة فان فشل فلا لوم على ما يفعله ( باتمان) به، فتح ذلك المدد عاي فراشه عينيه في هدوء اول ما وقعت عينيه عليه كانت هي ترقد جواره، لا زال يشعر بالسعادة تدق قلبه في كل مرة يراها ترقد جواره، صحيح أن ذلك الحاجز بينهما لم يكسر إلى الآن ولكن ما يحدث بينهم في تحسن مستمر يكفي أنها باتت تقضي ليلتها جواره تنام بأمان دون خوف، ابتسم يمد يده يزيح خصلة صغيرة تدلت على وجهها يتذكر ما حدث قبل شهر من الآن.
Flash back.
متسطح على فراشه بعد أن ذهب الجميع عينيه شاردة في الفراغ البعيد، رفع يده يتحسس ذلك الجرح الذي يعلو كتفه، ذلك الجرح الذي يشهد على موقف نبيل له كرجل ليس كوغد خسيس خائن، ربما بما فعل استطاع أن يرد لروحية ولو جزء صغير للغاية من حقها المسلوب، ذلك الوغد سيتعفن خلف القضبان، ارتسمت إبتسامة حزينة متحسرة على شفتيه يا ليته لم يكن ذلك الشيطان، يشتاق لجاسر صديقه رفيق دربه، جاسر الذي لم يعطيه سوي الغدر والخيانة حتى شقيقته الصغيرة التي لا ذنب لها لم تسلم منه، أدمعت عينيه في تلك اللحظة شعور الندم يتغلل خلاياه لا يرغب في تلك اللحظة سوي أن يهرول يقبل يديه يطلب منه السماح يبكي ندما على ما اقترفه في حقه، اجفل على صوت الباب يُفتح ليجد منيرة جدته تدخل للغرفة تحمل صينية طعام متوسطة الحجم ابتسامة كبيرة تغطي ثغرها اقتربت منه تضع صينية الطعام جواره على الفراش، ليتحرك هو بعينيه ناحية باب الغرفة المفتوح يبحث عنها أين اختفت فجاءة ليسمع جدته تغمغم ضاحكة:.
- عينيك قلبت الدنيا عليها، روحية دخلت تنيم ملك، وقولت أنا اجي ااكلك بإيدي.
التفت برأسه ناحية جدته يبتسم لها أصرت على إطعامه كما لو كان طفلا في السابعة من عمره، مرت بعض الوقت لم يشعر بنفسه سوي وهو يغط في النوم، نوم هادئ تتخلله هي صورتها ابتسامة ضحكة عينيها الخجولة، في تلك المرحلة التي تتوسط النوم واليقظة شعر بيد ناعمة توضع على جبهته كان يظنه حلما ففتح عينيه سريعا ليراها تقف بالقرب منه تبسط راحتها على جبهته، راقبتها عينيه وهي تتنهد بارتياح تغمغم بصوت خفيض:.
- الحمد لله مش سخن، اومال كان بيخترف وهو نايم ليه تحركت خطوة واحدة للخلف لتشهق بعنف حين رأته ينظر لها يبتسم فقط، تلعثمت واحمرت وجنتيها عادت بضع خطوات للخلف تفرك يديها في توتر ظاهر، ليسمع صوتها المرتبك تغمغم في ارتباك: - إنت كنت بتخترف وأنا افتكرتك سخن، أنا آسفة صحيتك.
توسعت ابتسامته دون أن ينطق بحرف، ربت على الجزء الفارغ جواره على الفراش يدعوها بعينيه، تسارعت دقات قلبها تتحرك ناحيته بخطي متوترة جلست على طرف الفراش، لينتفض جسدها حين شعرت به يمد يده يمسك كف يدها رفعه لفمه يقبله برفق يهمس لها بصوت اجش من أثر النعاس: - ما فيش واحدة بتعتذر لجوزها عشان كانت خايفة عليه.
ابتسمت خجلة تحرك رأسها على استحياء، تحركت عينيه ينظر لساعة الحائط ليراها تجاوزت الثانية عشر، عاد ينظر لها بمقلتيه يهمس في خفوت حاني: - مش هتنامي الساعة عدت 12 سحبت يدها من يده لتتحرك وقفت جوار فراشه ابتسمت تردف في خفوت: - أنا كنت هنام، بس قولت اشوفك لتكون محتاج حاجة...
وصمتت تنظر له بترقب كأنها تسأله أن يرغب في شئ، في حين اطال هو النظر إليها تقف كحورية سرقها من اعماق لؤلؤة بيضاء نقية كانت تختبئ بداخلها وهو الصياد الذي فاز بكنزه الثمين، بشرتها السمراء عينيها السوداء تلك الحفرة الصغيرة التي تعلو وجنتها اليمني فقط حين تبتسم، فستان بيتي رقيق من اللون الابيض منقوش بخطوط صفراء، رفع وجهه إليها يسألها:.
- انتي هتنامي فين سرير منيرة مش هياخدك انتي وهي وملك والشقة ما فيهاش غير أوضتين نوم حمحمت بخفوت ترتجف من التوتر رفعت يديها تشير للصالة الظاهرة من باب الغرفة المفتوح تهمس في توتر: - أنا هنام على الكنبة الكبيرة، كبيرة اوي شبه الشرير رفع حاجبيه يسخر مما تقول حقا! أريكة جدته التي بالكاد ستحوي جسدها باتت الآن أكبر من الفراش، ربت على الجزء الفارغ جواره من الفراش يغمغم مترفقا بها:.
- تعالي نامي هنا يا روحية، السرير كان بياخدني انا وأدهم وانتي أرفع من أدهم بمراحل... توسعت حدقتيها رمشت باهدابها عدة مرات متتالية لتنفي برأسها ما يفكر فيه حتى كيف يخبرها ذلك الوقح أن تنام جواره هكذا ببساطة لا لا بالطبع لن يحدث حركت رأسها بالنفي سريعا، لتسمع يزفر أنفاسه بحدة، توترت نظراتها حين همس هو فئ اصرار:.
- بصي يا روحية انتي قدامك حل من اتنين يا تيجي تنامي هنا جنبي، يا تيجي تنامي هنا بردوا على السرير وأنا هقوم أنام برة على الكنبة، أنا مش هسيبك نايمة على الكنبة قال ما قال ليضعها بين شقي الرحي جميع الحلول ليست في صالحها لن تنام جواره ولن تدعه ينام خارجا وهو جريح، زفرت أنفاسها تحاول ايجاد مبرر ليتركها لتهمس سريعا بتلعثم: - عشاان الجرح بس ما يتعكبش.
لم يرد فقط ظل ينظر لها يبتسم في هدوء ساخر، زفرت أنفاسها لا حل آخر أمامها، تركت باب الغرفة مفتوحا وهو لم يعترض، تحركت بخطي متوترة يقسم انها قضت أكثر من عشر دقائق في بضع خطوات، إلى أن وصلت للجانب الآخر في الفراش نظرت له للحظات في توتر قبل أن تتسطح على الطرف تماما تاركة مسافة شاسعة بينهما ابتسم ولم يعقب فحين تغط في النوم تلقائيا سيثور جسدها على تلك المساحة الضيقة التي تسجنه فيها Back.
اجفل من شروده ينظر لها مبتسما، ليلة تليها أخري اعتدت على النوم جواره، مع الاحتفاظ بالمسافة الكافية بينهما، تلك المسافة التي تجعل منيرة على وشك أن تضربهما معا بخفها المنزلي، فهي ترغب بحفيد آخر في اقرب وقت ممكن، انتصف جالسا يحرك عظامه المتيبسة من أثر النوم، لازال أثر الجرح لم يختفي حتى وإن قلت آلامه، اليوم سيذهب لتلك الشركة التي يمتلكها شقيق والد أدهم بالتبني لا يذكر تماما ما هو اسمه، ولكن حقا ذلك الرجل ساعده كثيرا في الثأر لزوجته، تحرك من الفراش يتوجه إلى مرحاض المنزل، اغتسل وتوضأ تحرك إلى غرفته من جديد يفترش سجادة الصلاة يصلي ركعتين، ما إن انهي صلاته رآها هناك تجلس على الفراش يبدو أنها استيقظت قبل قليل نظر السعادة التي رآها في عينيها حين رأته يصلي اثلجت قلبه، قام من مكانه توجه ناحيتها مباشرة دني برأسه يقبل جبينها يغمغم لها بخفوت:.
- ادعيلي ربنا يوفقني النهاردة يا روحية رفعت عينيها له وابتسمت ابتسامة رقيقة صادقة تهمس من خلجات قلبها بصدق: -. ربنا يوفقك!
مرت عدة ساعات انها الثانية عشر ظهرا الآن في مستشفي الحياة في غرفة سهيلة والرضيع بصحبة جاسر الذي يحمل حقيبة ملابسهم في حين تحمل سهيلة الرضيع بين أحضانها، توجهوا معا إلى السيارة جلست سهيلة جوار جاسر انطلق بهم الأخير إلى منزل والدها، طوال الطريق وسهيلة لم تزح عينيها عن الرضيع النائم بين أحضانها، تنظر له هو فقط إلى أن سمعت جاسر يتمتم مستاءا: - سهيلة على فكرة ما ينفعش كدة الواد دا خدك مني خالص...
ضحكت بخفة دون أن ترفع رأسها وتنظر لجاسر حتى مما جعله حقا يشعر بالضيق، ليس من طفله بالطبع هو لن يغار من الطفل ولكن من تعلق سهيلة الشبه مرضي بالرضيع يخشي أن يؤثر ذلك سلبا عليهم في المستقبل، وصلت السيارة اخيرا إلى منزل عز الدين بعد ترحاب حار اصطحب جاسر سهيلة إلى غرفتها بالاعلي حيث وضع فراش الصغير فيها، اقترب جاسر من سهيلة يريد اخذ الصغير ليضعه في فراشه لتبتعد الأخيرة خطوة للخلف تهز رأسها بالنفي تغمغم بتلهف:.
- لاء سيبه في حضني تنهد جاسر في ضيق ليقترب مرة أخري اخذ الصغير من بين ذراعيها وضعه في فراشه يدثره بغطاءه الناعم الصغير قبل جبينه قبل أن يلتفت بجسده ناحية سهيلة يقف حاجزا بينها وبين فراش الصغير اقترب منها يمسك بذراعيها بين كفيه لتنظر له في عجب مما يفعل تنهد يحاول أن يهدئ يحدثها برفق:.
- سهيلة حبيبتي أحمد معانا في حضنك، مش هيبعد عنك، أحمد بخير، أنا قلقان عليكي أنتي، أنتي اللي فيه دا تعلق مرضي، ودا هيأثر على نفسية الولد قدام، مش هيعرف يعتمد على نفسه في حاجة، كل حاجة ليها حدود يا سهيلة من دلوقتي، مش عايزك تخافي أنا جنبك انتي وأحمد وعمري ما هبعد عنكوا ابداا.
أدمعت عيني سهيلة ما بها باتت تبكي بكثرة في الآونة الأخيرة، تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري تحاول الاقتناع بكلمات جاسر، رغما عنها تحركت برأسها تحاول اختلاس النظرات للطفل ليتنهد جاسر يآسا، مد يده برفق يمسك ذقنها يحركها ناحيته نظر لعينيها مباشرة يغمغم في خفوت حاني:.
- سهيلة بعد كل اللي حصل وكل اللي قبلناه سوا، في حاجة مهمة عايز اقولها، أنا بحبك يا سهيلة حتى لو سمعتيها مني قبل كدة، حقيقي أنا بحبك اووووي، وأسف اوووي على اللي حصلك بسببي، كنتي لوحدك دنيتي اللي فاتت، دلوقتي انتي وأحمد دنيتي اللي جاية..
انهي كلامه ليطوقها بذراعيه يحتضنها يشدد على عناقها ينتفس عبيرها وكم اشتاق له، ابعدها عنه بعد دقائق طويلة يكوب وجهها بين كفيه يري ابتسامتها الجميلة ليبتسم هو الآخر مال يقبل رأسها يهمس لها بجوار اذنيها بصوت خفيض عابث: - سمعتي حكاية الطباخ الغلبان اللي بيحب القلقاس من زمان!
أنها الواحدة الظهيرة في يوم صيفي حار، الجو شديد الحرارة تشعر بجسدها يكاد ينصهر، الحر الشديد هو ما اوقظها، انتصفت جالسة تفرك مقلتيها بكفيها تتأثب ناعسة، لحظات فقط وتوسعت حدقتيها في ذهول، قفزت من الفراش تنظر حولها في ذهول أين هي ومتي جاءت إلى هنا ماذا حدث بالأمس آخر ما تتذكره أنها نامت في سيارة زيدان والآن هي في غرفة نوم على فراش، نظرت حولها تلك الغرفة لم ترها قبلا، لم تكمث في منزل سابقا سوي ليلة واحدة على اقصي تقدير، لم تري سوي الغرفة التي مكثت فيها قبلا، هل هي غرفة اخري في منزله هي حملها وهي نائمة كالجثة لم تشعر بشئ، نظرت حولها لتجد حقائب كثيرة تحوي ملابسها جوار باب الغرفة من الداخل وكتب الجامعة والحاسب الخاص بها، عقدت جبينها تزم شفتيها والدها يطردها نهائيا، توجهت إلى دولاب الملابس تفتحه بعنف بالطبع فارغ وهي لن تحتاج لضب ملابسها، توسعت حدقتيها تفغر فاههها بدهشة، تلك الملابس الموضوعة بعناية جميعها تخصها هي كيف ومتي، تحركت ناحية حقائب ملابسها تفتحهم جميعا لا تزال الملابس بداخلهم، التفت برأسها ناحية الدولاب اذا كيف يوجد الكثير من ملابسها هنا، لحظات فقط وبدأت تعي الأمر زيدان لم يتخلص من ملابسها التي وضعتها والدتها في دولابها قبل زواجهم، تلك الملابس هنا منذ أشهر طويلة وكأنها تنتظر صاحبتها إلى أن تأتي من جديد، بالطبع سيغطيهم التراب تحركت تمسك قطعة ملابسه لا ذرة غبار واحدة عليها الملابس نظيفة معطرة بعطرها هي، امسكت القطعة في يدها تعود بها إلى الفراش تنظر للفراغ لما يحتفظ بثابها، لما لم يحاول التخلص منها، لم الثياب تبدو وكأنها موضوعة اليوم فقط، تنهدت حائرة قلبها يكاد ينفجر من شدة تخبطه بين الرفض والقبول، تحركت ناحية المرحاض اغتسلت وبدلت ثيابها مشطت خصلات شعرها تعقده كجديلة تحركت لخارج الغرفة، ذلك هو منزل زيدان الكبير الذي يتوسط الصحراء، ولكن تلك الغرفة التي خرجت منها توا ليست غرفتها السابقة تحركت سلم البيت الطويل تنزر عبر درجاته تسمع صوت ضحكات زيدان تصدح على ما يضحك لذلك القدر، نزلت لأسفل تتبع مصدر الصوت دخلت إلى المطبخ من حيث يصدر الصوت لتتوسع حدقتيها في ذهول حين رأت حسام وكدمة زرقاء ضخمة تعلو فكه من فعل به هذا، في حين زيدان يقف يضحك متشفيا على منظره، تقدمت إلى المطبخ تسأله فزعة:.
- حسام ايه اللي عمل فيك كدة نظر حسام ناحية زيدان غاضبا يتمتم في غيظ: - جوزك يا اختي لسه بقوله صباح الخير، لقيت ايده بتسلم على وشي لم تهتم بما قال بعدها فقط كلمته الاولي هي ما جذبت انتباهها ناحية ذلك الذي يقف هناك ينظر لحسام متشفيا، تعلو ثغره ابتسامة كبيرة وكأنه لم يكن يبتسم قبلا، اجفلت على صوت حسام يحادثها ساخرا:.
- ابوكي بيقولك مش عايز اشوف خلقتكوا تاني، وعازمكوا النهاردة على الغدا، ما تفهميش ازاي ابوكي دا هيجبلي شلل أطفال ضحكت لينا بخفة على ما يقول حسام، اقترب الأخير منها يعانقها بحنان يهمس لها بصوت خفيض لن يسمعه غيرها: - على الطلاق من بنت عمك اللي لسه ما اتجوزتهاش زيدان بيحبك اوي، وانتي كمان بتحبيه ادوا نفسكوا فرصة بقي هتموتوا من كتر العند.
ابتسمت شاردة تحرك رأسها بالإيجاب ليتبعد عنها يقرص وجنتها يغمغم ضاحكا وهو يشير للطاولة: - كان نفسي اقعد افطر معاكوا والله من غير ما تقولي بس ورايا شغل ولسه هروح اجيب البت سارة، مستنيكوا الساعة 3.
ضحكت لينا على ما يقول في حين عانقها زيدان من جديد يودعهم قبل أن يغادر، وحل الصمت، كل منهما يقف عند أحد جوانب الطاولة يختلس النظرات إلى الآخر ظنا منه أن الآخر لا يراه، جذبت لينا مقعد الطاولة الصغير تجلس فوقه تنظر لطاولة الطعام بلا شهية، لأول مرة لا تشعر بالجوع حقا، ثواني قليلة وسمعت صوت مقعده جذبه هو الآخر يجلس مقابلا لها، هو وهي والصمت تفكر في كتابة قصيدة طويلة عن ذلك الصمت الدائر بينهما في اي وقت، تنهدت بقوة ترفع وجهها إليه كان ينظر اليها ليتهرب بنظراته بعيدا، فابتسمت هي، قررت هي كسر الصمت تهمس بنبرة خافتة:.
- شكرا.
لم يفهم على اي شئ تشكره، ولكنها حرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بكلمة، مدت يدها تلتقط معلقة صغيرة تقلب بها كوب الشاي امامها بحركة رتيبة منتظمة مملة نظرت ناحية زيدان لتراه غاضبا ابتسمت بعبث حين تذكرت زيدان تلك الأصوات، ظلت تقلب الكوب امامها مرة. تليها أخري وأخري إلى أن شعرت بالمعلقة تؤخذ من بين يديها في حركة خاطفة، ضيقت عينيها تنظر له حانقة، لترفع الكوب إلى فمها ترتشف منه بصوت عالي مزعج، لا تتوقف تريده أن ينفجر، نظر هو إليها يبتسم في هدوء يتمتم برتابة:.
- على فكرة حسام تف في الشاي بتاعك.
توسعت حدقتيها من الفزع تبصق ما في فمها القت الكوب من يدها ليقع أرضا يتحطم إلى قطع، نظرت له سريعا عرفت من ابتسامته المتشفية أنه كان يكذب، تحركت حانقة إلى قطع الزجاج تجمعهم نظرت له حانقة وهي تفعل لتجرح أحدي القطع الحادة إصبعها، اندفع إليها يمسك كف يدها ينظر لجرح أصبعها النازف، جذب يدها برفق لتتحرك معه تحت الماء وضع اصبعها للحظات قبل أن يخرج محرمة ورقية من جيبه يلفها حول اصبعها، تركها وتحرك ناحية المكنسة اليدوية يجمع بها قطع الزجاج يلقيها في السلة، التفت لها في تلك اللحظة يشير بيديه إلى محيط المنزل يغمغم في هدوء:.
- البيت بيتك طبعا، أنا هطلع اغير هدومي نروح لخالي تحرك يريد الخروج من المطبخ لتلحق به تصيح باسمه وقف لتقف أمامه تنظر له مباشرة تسأله في حدة: - وبعدين بعد ما البيت بيتي، هنفضل نتجاهل بعض، أنا وأنت والصمت، احنا اتجوزنا امبارح بسبب المشكلة اللي حصلت، لو أنا تقيلة اوي كدة على قلبك اتفضل طلقني دلوقتي.
كانت تريد أغضابه بكلامها لتعرف هل ذلك الوتين النابض لا يزال لا يعشق سواها، لتراه يقترب منها خطوة تليها أخري كانت تظنه قادما إليها ولكنها تخطاها ناحية باب المنزل فتحه على اتساعه يشير لها للخارج توسعت حدقتيها في ذهول، يهينها لن تبقي لحظة واحدة معه حتى لو دهست قلبها تحت كعب حذائها الغالي تحركت ناحية باب المنزل بخطي سريعة تريد أن تخرج منه لتسمع صوته يغلق بعنف والمفتاح يتحرك في القفل يوصد غلقه جيدا، شهقت بعنف ما يحدث في لحظات قليلة شعرت بظهرها يرتطم بالباب المغلق خلفها وهو مباشرة أمامها رأت نظرات عينيه تقتم بشراسة مخيفة، استند بذراعيه يحجزها عن الهرب لما تشعر بأنها في أحد أفلام الرعب القديمة، نظرت له في ذهول مما يفعل، هل جُن زيدان الآن ما به.
نظرت لوجهه لتراه يبتسم في هدوء تام لحظات قبل أن يخرج صوته يهمس بصوت مبحوح يملئه الشغف: -...
قالها اييه، قالها اييييه يا حج إسماعيل رد يا حج اسماااعيل.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وواحد وعشرون
هل جُن زيدان الآن ما به نظرت لوجهه لتراه يبتسم في هدوء تام لحظات قبل أن يخرج صوته يهمس بصوت مبحوح يملئه الشغف: - لسه عنيدة زي ما انتي يا حبة البندق.
توسعت عينيها في دهشة مما قال وقبل أن تنطق بحرف واحد كان يلحم ثورة مشاعره الهائجة، اصطدمت غيمات عشقه لترعد سماءه تصرخ بعشقه إلا محدود، وتنير ملقتيه ببرق الحب، التحمت ثورته مع حبات البندق يدمج عشقه بعشقها للحظات خارج حدود الزمان والمكان توقف العقل ونبض القلب وهدرت المشاعر تصرخ، اسند جبينه على جبينها يلهث من فيض عشق المتدفق يسري بين أوردته كأنه جرعة مخدر فاخرة يرغب في الحصول عليها بين لحظة واخري، رفعت مقلتيها المرتجفة من فيض مشاعره التي اغرقتها توا، تترعش أنفاسها في الخروج، لحظة اثنتين، ثلاثة قبل أن يتركها ويغادر إلى أعلي، وقفت تنظر له وهو يرحل في دهشة، ذلك الرجل جُن لم تكذب حين قالت أنه فعل، يقبلها قبل لحظات وكانت حياته اعتمدت على ذلك والآن يغادر في هدوء وكأن شيئا لم يكن، هي لا تفهم حقا ذلك الزيدان أعقد من دروس الفيزياء في الثانوية العامة، ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها حين تذكرت ما حدث قبل قليل، لتعقد جبينها بعدها في غيظ تتمتم مع نفسها حانقة:.
- ايه قلة الأدب دي هو ازاي يبوسني، أنا هوريله قليل الأدب المنحرف.
وقفت في المطبخ في منزلها تشرف على تحضيرات الطعام كل شئ على اتم ما يرام، شردت عينيها فيما أخبرها به خالد بالأمس وكانت تظنه فقط يمزح لينا تزوجت من زيدان في قسم الشرطة!، لما لا يحدث شي بشكل طبيعي في هذا البيت لما جميع أمورهم معقدة تحتاج إلى عالم فضاء ليفهمها ويساعدهم في حلهم، تنهدت تغمض عينيها تحاول أن تهدئ تبقي القليل وسيصل الجميع وستفهم من ابنتها كل شئ، فتحت عينيها فجاءة حين شعرت بيده تلتف حولها ورأسه تسقط على كتفها من الخلف وصوت أنفاسه الهادئة، نبرته العابثة حين همس يشاكسها:.
- دا الجمال عدي الكلام تبوسيني وتاخدي كام توسعت عينيها في دهشة مما قال الوقح لن يتغير، الخادمات حولها يضخكن خجلات مما يفعل وهي تقف تتمني أن تنشق الأرض وتبتعلها من ذلك الموقف المحرج الذي يضعها فيه، فكت أسر يديه تدفعه بعيدا تهمس له حانقة: - قليل الادب ومش هتتغير.
تحركت لخارج المطبخ تركته يقف مكانه ضيق عينيه ينظر في أثرها ليبتسم في عبث، لاحظ في اللحظة التالية أنه يقف بين حشد من الخادمات حمحم بخشونة ينفض غبار وهمي عن تلابيب قميصه يتمتم في حزم: - شوفوا شغلوا كويس قالها ليسرع لخارج المطبخ لتضحك الخادمات في أثره كل منهن تدلي بدلوها على ما حدث توا أمامهم - الباشا مش بيكبر ابداا - الناس الاغنيا ما بتكبرش يا حبيبتي - بس أنا عمري ما شوفت راجل بيحب مراته بالشكل دا.
- الست رحمة الله يرحمها كانت بتقول عن حبهم أشعار - بس الشهادة لله ناس محترمين ربنا يخليهم لبعض - صحيح الهانم الصغيرة فين ما ظهرتش النهاردة خالص - أنا سمعت الباشا بيكلم الدكتور حسام بيقوله يروح يوديلها شناطها بيت زيدان تقريبا كدة رجعوا لبعض - والله زيدان باشا دا طيب وبيحبها اوي في خارج غرفة المطبخ تحركت لينا ناحية غرفة الطعام، تنظر بتمعن أن كان من شئ ناقص، وقفت تعقد ذراعيها أمام صدرها تغمغم مع نفسها:.
- كدا كل حاجة جاهزة فاضل شوية صغيرين والكل يوصل... ابتسمت ياساءة تحرك رأسها نفيا حين شعرت به من جديد خلفها يعانقها يضم ظهرها لصدره يغمغم حانقا: - هل ينفع أن أنا كخالد باشا السويسي امشي ألف وراكي البيت كله يا قاسية القلب انتي ضحكت رغما عنها لتلتفت له تصبح مقابلة لوجهه مدت يدها تقرص وجنته بغيظ تحادثه حانقا: - يعني هو ينفع التحرش في المطبخ قدام البنات...
ابتسم في زهو وكأنها اخبرته بأنه فعل شيئا عظيما لاعب حاجبيه عبثا ليغمغم ضاحكا: - ما اتحرش بيكي عادي، هو في احلي من التحرش الحلال انهي كلامه بغمزة عابثة من طرف عينيه اليسري لتضحك هي من جديد، صدمته على صدره بخفة تتغمغم ضاحكة: - مش هتتغير عدي سنين طويلة، لسه بتشوفني حلوة يا خالد.
ابتسم لتخرج من بين شفتيه تنهيدة حارة تحرك بها للخلف ناحية طاولة الطعام قطبت جبينها تنظر له في عجب مد يده لها لتسمك بها صعدت على سطح الطاولة تنظر له تبتسم تشعر في تلك اللحظات أن الزمن عاد للوراء أعوام واعوام يقف أمامها يبتسم كما رأته اول مرة، تنهد يهمس بخفوت خفيض عاشق:.
- من اكتر من 20 سنة كنتي قاعدة انتي ولينا الصغيرة هنا وهي بتاكل شوكولاتة ومبهدلة الدنيا وأنا ماسك الكاميرا وبصوركوا، كنت باصص في الصورة عين عليها والتانية عليكي، لينا مش محتاج عشان اشوفك بيها، أنا بشوفك بقلبي، بحسي بيكي في كل ذرة في روحي، أنا مش بشوفك جميلة، أنا بشوفك أجمل نساء الارض.
ابتسمت وادمعت عينيها في الآن ذاته لازالت كلمات عشقه واشعار غزله كغيمة وردية تترفع بها لأعالي السحاب، تؤجرحها بنعومة على خفقات قلب عاشق مجنون يعشقها بل يذوب بها عشقها، هي وانفاسه سيان يموت أن ابتعدت عنه كما تموت السمكة أن اخرجوها من الماء، أحيانا كثيرة تتأكد من أنها تلك السمكة الصغيرة التي تسبح داخل محيط واسع، محيط من العشق لا نهاية له ولا بداية، رفعت ذراعيها تطوق بها عنقه تغرز رأسها في صدره لحظات خارج حدود الزمان تشعر به يعانقها كما يعانق المريض الحياة يرفض ابتعادها عنه، ابتعدها عنه يعني احتضان الموت له، رفعت رأسها عن صدره تبتسم له كفتاة صغيرة عرفت العشق توا، ليميل هو برأسه يغمغم عابثا:.
- ما قولتليش بردوا تبوسيني وتاخدي كام كورت قبضتها تصدمه على صدره ليرفع حاجبيه في غضب أجاد تزييفه شمر عن ساعديه يغمغم متوعدا: - أنتي قد الضربة دي يا بنت الجبالي... نظرت له متوجسة من ردة فعله للحظات قبل أن تصرخ من الضحك حين تحركت يديه يدغدغها بلا توقف وهي تضحك بقوة تتوسله أن يتوقف، هو تضحك بقوة حتى أدمعت عينيها وهو يضحك علب ضحكاتها، لحظات طويلة قبل أن يسمعوا صوت يغمغم متوترا: - بابا.
التفت خالد خلفه ليجد حسام ومعه عمر وتالا وسارة الجميع يقف عند باب الغرفة، ينظر حسام لأبيه مدهوشا، في حين تخفض سارة رأسها أرضا احمرت وجنتيها خجلا حين مر طيف عابر في رأسها أنها وحسام بدلا من خالد ولينا، نظرت تالا لعمر ترفع حاجبيها في وعيد قاسي كأنه تخبره انظر ماذا يفعل اخيك الذي يكبرك بأعوام يا منعدم الرومانسية...
نظر خالد لهم للحظات ابتسم في اصفرار قبل أن يعاود النظر للينا جذب المفرش اسفلها بحركة خاطفة يضعه على رأسها المكشوف بدون حجاب، قبل جبينها يهمس لها: - اطلعي البسي حجابك ابتسمت خجلة لينزلها من فوق سطح الطاولة تحركت تهرول للخارج دون أن تلقي عليهم نظرة واحدة في حين التفت خالد إليهم تحديدا لحسام وعمر الذي ينظران له في دهشة ليصيح فيهم محتدا:.
- جري ايه يا حيوان أنت وهو بتبصولي كدة ليه، وبعدين مش تعملوا حد يدخل كدة، كاتوا الأرف، الكلام دا مش ليكي طبعا يا تالا انتي وسارة ضحكت تالا تضع يدها على فمها تخفي ضحكاتها في حين خرج خالد من الغرفة يدعوهم في الجلوس في غرفة الصالون إلى أن يأتي البقية، وقف حسام وحيدا رفع كف يصدمه في الآخر يتمتم مدهوشا: - هو في ايييه، الراجل دا فيه صحة عني ليه كدة، يا بختك يا حج.
تحرك حسام خلفهم دخل إلى غرفة الصالون عمر يجلس جوار زوجته على أريكة صغيرة وابيه يجلس على مقعد هناك بالقرب منه أمام سارة فتجلس على اريكة بعيدة عنهم قليلا بمفردها ارتسمت ابتسامة عابثة على شفتيه تحرك ناحيتها يجلس جوارها في براءة شديدة، التفت عمر له في تلك اللحظة يرميه بنظرة حانقة يحادثه محتدا: - قوم ياض من جنبها، إنت شايفنا بقرون.
ابتسم حسام في براءة ليضجع بظهره إلى ظهر المقعد وضع سارة فوق اخري يغمغم في ثقة: - والله أنا قاعد في ملك الحكومة، مش في ملكك نظر عمر ناحية اخيه غاضبا يخبره أن يتصرف فما كان من خالد الا أن انفجر ضاحكا نظر لرغم يغمغم من بين ضحكاته: - هو قاعد في ملك الحكومة فعلا هو ما بيكذبش نظر حسام لأبيه يكاد يقبله للمرة الأولي التي يشعر فيها أن والده ينتصر له أمام أحد ما، ليوجه انظاره ناحية عمه لاعب حاجبيه يغمغم عابثا:.
- وبعدين يا عمي أنا قليل الادب، مش أنا قليل الادب بردوا زي ما قولت لسارة ما تركبش معايا العربية عشان أنا قليل الأدب.
نظر عمر ناحية ابنته متفاجاءا الحمقاء اخبرته بما نصحه بها عنه كيف تفعل ذلك، وجهت سارة انظارها لأسفل تفرك يديها في ارتباك، في تلك اللحظة التقط خالد هاتقه عبث فيه بضع لحظات قبل أن يضعه في جيبه وتصل رسالة لهاتف حسام، شعر بحركة هاتفه في جيبه ليلتقطه قطب جبينه حين رأي رسالة من أبيه فتحها ليجد فيها: - قوم من جنبها ولم الدور بدل ما اقوم اديك بالجزمة قدام الناس.
نظر حسام ناحية والده مغتاظا قبل أن يحمحم في ترفع قام من مكانه يحادثهم مغترا: - أنا هقوم اشوف الاكل جهز ولا لسه.
على صعيد آخر في سيارة زيدان يجلس هو خلف المقود وهي جواره منذ أن حدث ما حدث وانفلت زمام مشاعره من بين يديه وهو صامت أكثر من ذي قبل، حين نزلت من اعلي بعد أن بدلت ثيابها، وجدته ينتظرها في السيارة جلست جواره ترتدي فستان زهري اللون فوقه سترة بيضاء، القليل من مستحضرات تنهدت حانقة مع الصمت المسطير على الأجواء فتحت حقيبة يدها تخرج أحمر الشفاه منها، ومرآة صغيرة، بدأت تضع أحمر الشفاه لتشرد عينيها تفكر فيما سيحدث هل ستستمر الحياة بينها في ذلك الصمت القاتل، هل عزف عن حبها إن كان ذلك صحيحا ما سر ما فعله قبل لحظات لم تعد تفهم شيئا، جل ما تعرفه انهم بحاجة لأن يتوقف ذلك الصمت وإلي الأبد، اجفلت من شرودها حين رأت يده تمتد ناحيتها يمسك محرمة ورقية في يده يعطيها لها، قطبت جبينها في عجب، نظرت لوجهها لتتوسع عينيها في دهشة بالغت كثيرا في وضع أحمر الشفاه، اغلقته تعيده لحقيبتها ومعه المرآة لتسمعه يغمغم في رتابة:.
- امسحي اللي على بوقك زودتيه أوي قلبت عينيها من نبرته التي حقا تفقدها صوابها، تنهدت تلتقط منه المحمرة دون كلمة شكر واحدة تمسح شفتيها، رأته يقف في منتصف الطريق أمام محل كبير لبيع الحلوي غاب بضع دقائق ليعود ومعه علبة شوكولاتة فاخرة كادت أن تأخذها من بين يديه حين ابعدها عنها رفع حاجبيه الأيسر يغمغم في سماجة: - دي مش بتاعتك، احنا رايحين زيارة طبيعي ناخد معانا هدية واحنا راجعين ابقي اجيبلك.
زفرت حانقة تضيق عينيها مغتاظة الوقح يحرجها بكلامه، وماذا سيضر أن اخذت قطعة واحدة من العلبة، دقائق أخري وهي تنظر للعبلة الموضوعة على الأريكة الخلفية نظرة الصياد المتربص بفريسته، وقف زيدان في محطة بنزين نزل من السيارة غاب لدقائق عدة، بسبب مشكلة في احدي أسطوانات البنزين في المحطة حين عاد رآها تمسح شفتيها بمحرمة قطب جبينه ينظر لها في شك، نظر ناحية العلبة ليجدها كما هي في مكانها، ابتسمت لينا ساخرة تشيح برأسها بعيدا عنه، اكملوا الطريق وصلت السيارة إلى حديقة منزل والدها نزلت هي اولا لينزل بعدها مال يأخذ علبة الحلوي ليقطب جبينه متعجبا العلبة كانت أثقل من ذلك ربما هو فقط يتوهم، اسرع في خطواته يلحق إلى أن صار جوارها عند باب المنزل لف ذراعه الآخر حول خصرها نظرت له متفاجئة في اللحظة التي فتح فيها حسام الباب، نظر لهم يبتسم في سعادة، بعد سلام حار دخلا معا ليسلم زيدان العلبة لحسام الذي فتحها بدوره، لحق بهم لغرفة الجلوس يمسك في يده العلبة قبض على مجموعة من الأوراق الصغيرة الفارغة في يده يحادث زيدان ساخرا:.
- ايه يا عم زيدان أنت جايب نص العلبة شوكولاتة والنص ااتاني عض على شفتيه في غيظ ينظر للينا التي اشاحت برأسها بعيدا تنظر للثريا في السقف وكأنها تراها للمرة الأولي عادت ينظر لحسام ابتسم يغمغم في غيظ: - في عرسة دخلت العربية لما كنت في البنزينة، كويس أني ما اتأخرتش أنا غبت عشر دقايق كلت نص العلبة لو كنت غبت دقيقتين كمان كانت كلتها بالعلبة.
رفعت كف يدها تحركه أمام وجهها بإيباء عله يجلب لها بعض الهواء في ذلك الجو الخانق هو بالطبع لا يتحدث عنها إطلاقا، هي لم تفعل شيئا، تحركت لينا تجلس جوار سارة، ليأتي حسام يجلس جوارها فباتت لينا في المنتصف بينه وبين سارة، مال حسام على إذن لينا يهمس لها عابثا: - ازيك يا عرسة عاملة ايه ضيقيت عينيها تشد على أسنانها بغيظ لتمد يدها تقرصه من ذراعه بعنف ليتأوه الأخير من الألم يهمس حانقا:.
- دي مخالب مش صوابع يخربيتك يا جعفر، الله يكون في عونه زيدان عايش مع جعفر في البيت ابتسمت في وعيد لتتجه برأسها ناحية سارة ابتسمت من جديد تردف ببراءة: - سوسو عارفة حسام لما كنا مسافرين عند أهل زيدان عمل ايه توسعت عيني حسام في فزع لينتفض سريعا يكمم فمها بيده يهمس جوار اذنها في شر: - قسما بالله اقتلك، هحطلك سم في الاكل تموتي زي العرسة عاد ينظر لسارة ضحك يغمغم في توتر:.
- هي قصدها اني وقعت من على الحصان، فظيعة لينا فضيحة، أنا هاخد اختي حبيبتي عشان وحشتني وهجيلك على طول قام حسام يكمم فم لينا يجذبها لخارج الغرفة لينظر زيدان لخالد يحادثه مرتابا: - تفتكر هيقتلها ضحك الأخير ساخرا يحرك يديه بلا مبلاة: - يلا يا عم خلينا نخلص.
قام زيدان من مكانه سريعا خرج من الغرفة يبحث عنهما ليجد حسام يطرح لينا أرضا على وشك أن يخنقها بوسادة الاريكة كاد أن يلحق بها ولكنه تجمد مكانه حين ضربت لينا حسام بساقها في بطنه بعنف ليسقط هو أرضا وتلتقط هي الوسادة ابتسمت في شر تحادثه بدراما مخيفة: - يا اختي عليها ويا اختي علييها، يا اختتتي عليهااا، جت رجليها ما جت رجليها، جت رجليهااا.
توسعت عيني حسام في هلع يزحف بظهره للخلف، في حين يقف زيدان بعيدا يراقب يضع يده على فمه ليكتم صوت ضحكاته، لينا حقا تحسنت كثيرا عن ذي قبل، وذلك الأمر يسعده للغاية، خرج خالد من غرفة الصالون لتقع عينيه على ذلك المشهد توسعت حدقتيه يصيح فيهم: - يا ولاد الكلب يا مجانين قوم يا حمار وأنتي يا ريا، روحي شوفي ماما فين عشان الغدا.
بعد قليل كان الجميع يلتف حول طاولة الطعام الرجال في ناحية والنساء في الأخري وخالد يترأس الطاولة، تحرك عمر برأسه ناحية خالد يسأله: - صحيح اومال حمزة فين مختفي بقاله مدة ضحك خالد ساخرا يحرك رأسه يغمغم في تهكم: - العالم يحترق وأخوك حمزة لا يبالي، حمزة خد بدور والعيال وسافروا المالديف يصيفوا، وساب أدهم هنا يتسحل في الشغل لوحده.
حرك عمر رأسه هو الآخر حمزة هو حمزة يعش في عالمه الخاص يفعل ما يحلو له حتى لو اضطر أن يعكس التيار ليسير وفق إرادته هو، لينا الشريف تجلس جوار ابنتها تبتسم سعيدة راضية أخيرا جرت الأمور لصالحها هي وزيدان عادا من جديد ليبدآ حياة سعيدة خاصة بهما بعد فراق طووويل حقا طويل مزعج قاسي، درس لن ينسوه ابداا، نقلت لينا انظارها من ابنتها إلى زيدان رأته كيف يختلس النظرات ناحية لينا، طفلها العاشق لا يختلف كثيرا عن خالد اختفت ابتسامتها شيئا فشئ، حين تذكرت أمر لوجين، هل تري سامحها ولم يخبرها حتى لا يؤذي مشاعرها أم لم يسامحها، لا تعرف ولا رغبة في أن تعرف، نظرت ناحية حسام لتراه ينظر صوب سارة مباشرة عينيه تلمعان بشغف، الفتاة تكاد تنصهر خجلا منه، توجهت انظارها ناحية عمر تسأله:.
- صحيح يا عمر، ما عرفناش ردك موافق أنهم يتجوزوا في الاجازة ولا ايه نظر عمر لتالا الجالسة جوار ابنتها لتحرك رأسها بالإيجاب تبتسم له عاد ينظر ناحية لينا وأخيه تنهد يغمغم على مضض: - موافق وامري لله هب حسام كمن لدغه عقرب حين نطق عمر تلك الكلمات اندفع ناحيتها يعانقه بالمقعد يصيح فرحا: - يا حبيبي يا عمي روح يا رب تبقي ظابط ضحك جميع الجالسين عليه ليتحرك زيدان يجذبه من مكانه يعيده إلى مقعده يحادثه ساخرا:.
- اقعد يا اهبل فضحتنا جلس حسام مكانه يتنهد بحرارة ينظر لسارة نظرات عاشقة ولهة سعيدة على وشك أن يطلق زغرودة عالية من شدة سعادته ولكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك، ابتسمت الجميع سعيدا، وجهت لينا انظارها ناحية عمر من جديد تردف في هدوء:.
- بما أننا قطعنا نص المسافة حسام عنده شقة كبيرة باسمه وقريب هتبقي جاهزة، ولو حابب يكتبها باسم سارة عشان تبقي مطمن اكتر، بس أنا لو ينفع يعني عايزة حسام وسارة يعيشوا معانا هنا في الفيلا، صدقني هيكون ليهم خصوصتيهم و قاطعها عمر قبل أن تكمل ما تقول ليردف في ثبات هادئ: - ما تبرريش يا لينا، أنا واثق من كل دا، وأنا يا ستي ما عنديش مانع يشوفوا هما حابيين يقعدوا فين، موافقة يا سارة.
ابتسمت سارة في سعادة هي حقا تحب زوجة عمها كثيرا، ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا قامت تعانق سارة سعيدة بينما جلس خالد ينظر لها مبتسما في امتنان... تلك اللحظات الصامت السعيدة قاطعها صوت صرخات قوية قادمة من ناحية المطبخ اندفع الجميع يركض للمطبخ ليروا أحدي الخادمات تصرخ من الألم تمسك ببطنها المنتفخ تلد بمنتهي البساطة اندفعت لينا ناحيتها تصيح فيها قلقة:.
- مش أنا قولتلك يا ورد تاخدي اجازة لحد ما تولدي، وهبعتلك مرتبك كامل... اندفع حسام ناحيتها يصيح فيهم أن يخلو الطاولة الكبيرة في المطبخ حملها يضعها عليها، نظر للجميع يصيح فيهم: - اطلعوا برة، زيدان بسرعة هات شنطتي على الكنبة برة.
اندفع زيدان يركض جلب حقيبة حسام ليخرجهم الأخير جميعا من المطبخ عادا لينا شقيقته التي أصرت أن تبقي لتساعده، وقفوا جميعا للخارج تدوي صرخات الفتاة من داخل المطبخ اقتربت لينا تشعر بالندم على حال تلك المسكينة لتحادثه بنبرة خافتة باكية نادمة: - والله يا خالد ما كنت أعرف انها هتولد أنا بقالي فترة بتحايل عليها تاخد اجازة وهبعتلها المرتب وهي بترفض.
ابتسم لها مترفقا يربت على رأسها برفق، دقائق طويلة إلى أن سمعوا صوت بكاء الرضيع يصدح من داخل الغرفة، خرجت لينا بعد لحظات تحمل في يدها طفل صغير يلتف في قماش أبيض اللون، طفل كالملائكة، خرج حسام بعدها يلهث بعنف جبينه متعرق، ملابسه ملطخة بالدماء، نظر لهم يغمغم متعبا: - أنا الشغلانة دي هتجيب اجلي والله، هي كويسة انقلوها بس لاوضة تانية نضيفة وحد ينضف المطبخ.
وقد كان ما قال نقلوا الفتاة لاحدي الغرف وضعت لينا الرضيع بين أحضانها، اقتربت منها جلست جوارها تمسح بمحرمة ورقية حبيبات العرق التي تغطي وجهها فتحت الفتاة عينيها بوهن تهمس بصوت مبحوح متعب: - أنا آسفة على اللي حصل تنهدت لينا تحاول الابتسام مدت يدها تربت على يد الفتاة تعاتبها برفق: - ليه يا ورد، أنا قولتلك يا بنتي اقعدي وهبعتلك مرتبك الحمد لله أن حسام كان هنا.
ادمعت عيني الفتاة انهمرت الدموع بعد لحظات تغطي وجهها تهمس بصوت مرتجف باكي: - أمي كان بتشتغل خدامة عند ناس وجت فترة تعبت قالولها اقعدي وهنبعتلك مرتبك، لما قعدت ما بعتولهاش حاجة، راحت تشوف لقيتهم جابوا شغالة غيرها وطردوها، أنا خفت يحصلي زيها، أنا جوزي على قد حاله مش هيقدر على مصاريف الولادة لوحده.
أدمعت عيني لينا لتقترب منها تعانقها بحنو تمسح على رأسها برفق ابعدتها عنها تسمح دموع عينيها تحادثها مبتسمة: - صوابعك مش زي بعضها يا ورد، خالد هيوصلك لحد البيت ولو شوفت وشك لحد ما تبقي كويسة هعلقك على باب الجنينة ضحكت الفتاة خجلة تمسح دموعها، لتبتعد لينا عنها خلعت قلادة من الذهب تحاوط عنقها يتوسطها علامة النبض وضعتها حول عنق الصغير تردف مبتسمة: - لسه جيالي هدية امبارح، واهي طلعت من نصيب ورد الصغيرة...
ابتسمت ورد للينا في امتنان، ساعدتها لينا لتجلس في سيارة خالد اعطتها حقيبتها تضعها جوارها، في حين قاد خالد السيارة يوصلها لمنزلها، في الطريق دق هاتف ورد من حقيبتها فتحتها لتخرج الهاتف لتتسع عينيها في ذهول حين وجدت مبلغ كبير من المال جوار الهاتف نظرت لخالد في دهشة تتمتم سريعا: - يا باشا في فلوس في الشنطة مش بتاعتي يمكن بتاعت الهانم وقعت منها ابتسم خالد ساخرا يحرك رأسه نفيا يغمغم في غموض:.
- يا ستي رزقك، ما حدش يقول للرزق لاء، اعتبريها نقطة المولود الجديد.
ها قد اسدل الليل استاره الجميع يتوجه لحفلة أحمد الصغير في منزل عز الدين والد سهيلة تحرك حسام بصحبة سارة وعمر وتالا، وقف زيدان بالأسفل ينتظر لينا التي اصطرت أن تبدل ثيابها بفستان يليق بالحفل، نزلت لينا زوجة خالد أولا ليبتسم زيدان باتساع ما أن رآها اقترب منها يقبل يدها ورأسها يحادثها بفرحة طفل صغير: - وحشتيني اوي ما عرفتش اتكلم معاكي النهاردة خالص...
ابتسمت لينا تربت على خده برفق، أمسكت كف يده تحادثه مبتسمة: - وأنت كمان يا حبيبي وحشتني، خلي بالك من لينا يا زيدان، خالد رمي طوبتكوا خلاص، لو اتخانقتوا تاني هيضربكوا بالنار ابتسم زيدان يحرك رأسه بالإيجاب ينظر حوله هنا وهناك يعاد ينظر للينا قطب جبنيه يسألها متعجبا: - اومال خالي فين مش شايفه يعني رفعت الأخيرة كتفيها كأنها تخبره أنها لا تعلم زفرت تتمتم حانقة:.
- خالك اختفي، من ساعة ما راح يوصل ورد وهو ما بيردش عليا، بقاله 3 ساعات برة.
لاعب زيدان حاجبيه عبثا كاد أن يقول شيئا ليضايق والدته كما يفعل دائما، الا أن توقفت عند شفتيه تجمدت ابتسامته ثبتت حدقتيه تسارعت أنفاسه ضرب قلبه انذار الحرب، حين رآها تنزل من اعلي درجات السلم، فستان أسود لامع كالحرير ينساب على جسدها، ذراعيه من الدانتيل الأسود الذي يخفي ذراعيها أسفله، شعرها يلتف كحلقة تنزل من بعض خصلات تلامس وجهها في حين هو لا يفعل، عينيها لم تكن تحتاج لذلك الكحل ليحدد جمالها فهي الأساس تسقطه صريعا من نظرة واحدة، ابتلع لعابه الجاف كالصحراء، يشعر بدمائه تتدفق بعنف بين خلاياه، لاحظت لينا الواقفة أمامه حالته التفتت برأسها تنظر خلفها لتبتسم حين رأت ابنتها وما اسعدها حقا نظرات زيدان التي تصرخ بعشقه لها، اقتربت لينا منهم تهمس بصوت رقيق ناعم:.
- أنا خلصت هو بابا لسه ما جاش زمت لينا شفتيها تحرك رأسها بالنفي، امسكت يد لينا تدفعها برفق ناحية زيدان تحادثهم مبتسمة: - روحوا انتوا وأنا هحصلكوا مع خالد، يلا يا لينا زمان سهيلة مستنياكي من بدري.
حركت الاخيرة رأسها بالإيجاب نظرت ناحية زيدان تبتسم في رقة ليبادلها بابتسامة صغيرة مد يده يمسك بكف يدها، توجه معها إلى سيارته لتقطب جبينها في عجب المسافة قصيرة للغاية لا تحتاج لسيارة، زادت دهشتها حين رأته يتحرك بسيارته بعيدا عن منزل والدها ومنزل سهيلة ينطلق بسرعة عالية إلى حيث هو فقط يعلم!
عودة للينا التي تقف في منتصف الصالة في منزلهم تحاول أن تحادث خالد، هاتفه مغلق بشكل آثار قلقها، ايقنت لينا أن هناك شيئا سئ تشعر به سيحدث، لم تمر أكثر من دقيقة وسمعت صوت الباب يُفتح نظرت له سريعا بلهفة لتجد خالد يدخل من الباب تستند على ذراعها أصابع سيدة عجوز هرمة، أصابع تعرفها لينا جيدا، مر الوقت كالدهر قبل أن تدخل زينب تتكا بيسراها على ذراع خالد أما اليمني فتمسك فيها عصا طبية تستند عليها، تنهدت لينا تنظر لخالد في دهشة حماتها العزيزة هنا يبدو أن الأيام القادمة لن تمر مرور الكرام.
وقفت سيارة الاجري الكبيرة تلك السيارات التي يطلق عليها اسم ( الميكروباص ) على بداية شارعهم نزل يحمل عدة حقائب سوداء في يده إلى داخل الشارع يتحرك لمح من بعيد ضوء محل جدته مضاء من في المحل؟!، سؤال تردد داخل رأسه اسرع في خطاه إلى داخل المحل ليجد منيرة جدته تعطي أحد الزبائن زجاجة زيت وتأخذ منه النقود ابتهجت ما أن رأته لتهرع إليه تسأله متلهفة: - طمني عملت ايه اتقبلت.
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب لتتوسع ابتسامتها رفعت يدها أمام فمها تطلق زغرودة عالية، اوقفها مراد سريعا يغمغم في نزق: - بس يا منيرة الناس تقول علينا ايه اشاحت منيرة يدها بلامبلاة تغمغم في سعادة: - يا اخويا اللي يقول، يقول أهم حاجة أنت الحمد لله... ابتسم مراد في رضا لم يعرفه قلبه منذ سنين تنهد براحة يغمغم سعيدا:.
- الحمد لله يا منيرة، الراجل صاحب الشركة دا شكله راجل طيب عارفة أنا شوفت شباب من هنا في الحتة بيشتغلوا في شركته االي عامل نظافة واللي ساعي واللي بتاع بوفية، واللي على مكتب، كل واحد وشهادته، دول صرفولي ألف جنية وقالولي هنخصهم من المكافاءة السنوية، فقولت اجيب شوية فاكهة وأنا جاي ابتسمت منيرة في سعادة، اقتربت منه تحادثه بصوت خفيض ماكر:.
- طب وروحية ما جبتلهاش معاك حاجة تفرحها كدة بمناسبة أنك اتقبلت في الشغل ابتسم مراد في حرج رفع يده يعبث في شعره جدته تتفتت في إحراجه دائما حمحم في ارتباك لتضحك منيرة بخفة تصدمه على صدره: - يبقي جبت يا موكوس، أنا هطلع، اقول لروحية تاخد العشا وتسبقك على شقتكوا، ياكش تنحرر إنت بس شوية، وهات الفاكهة دي التقطت منيرة منه الحقائب تصعد لأعلي ليضحك في اثرها يأسا جدته لن تتغير ابداا..
بدأ يلملم شتات المحل يدخل علب المقرمشات الموضوعة خارجا ليجذب الباب يغلق المحل يوصده بالقفل، اخذ طريقه حيث شقته بالأعلي، فتح باب الشقة بمفتاحه الخاص دخل ليجد صينية الطعام موضوعة على الطاولة في الصالة أين روحية بحث عنها بعينيه ليراها تخرج من غرفة نومها، ابتسمت خجلة ما أن راته اخفضت رأسها تتمتم بصوت خفيض خجول: - حمد لله على السلامة، الحجة منيرة قالتلي أنك اتقبلت في الشغل، مبروك.
جدته ولسانه الذي لا يصمت لما لم تدع له الفرصة ليخبرها بتلك المفاجاءة تنهد حانقا ليقترب بخطواته منها وقفت بالقرب منها يفصلهم خطوة واحدة مد يده يرفع وجهها لاعلي ينظر لمقلتيها الناعسة صاحبة اللمعة الحزينة ابتسم يغمغم في خفوت حاني: - الله يبارك فيكي، أنا جبتلك حاجة بسيطة يارب تعجبك.
مد يده في جيب سرواله يخرج ( دبلة ) من الذهب الزائف ذلك الذهب اللامع الذي يطلقون عليه الذهب ( الصيني )، امسك يدها اليسري يلبسها الدبلة برفق يحادثها متوترا: - هي مش دهب اصلي، بس بإذن الله مع اقرب مرتب هجبلك واحدة أصلي أدمعت عينيها تنظر للخاتم لتلاحظ أنه يلبس شبيه له في يسراه هو الآخر من الفضة الرخيصة أيضا، رفعت عينيها له تهمس بصوت مبحوح باكي: - شكرا، بجد شكرا، على كل حاجة عملتها ليا.
مد يده يمسح دموعها التي غطت وجهها انطفأت نظراته يهمس بخزي حزين: - أنا ما عملتش حاجة يا روحية أنا بس بحاول اعوضك، عن الاذي اللي كنتي هتشوفيه بسببي، تعرفي أنا سعيد اووي اني شوفتك، وسعيد اكتر، اني ما عرفتش ااذيكي، سامحيني يا روحية، والله أنا كنت بني آدم وحش أوي، بس اتعلمت وفوقت وبدعي ربنا أنه يسامحني في كل وقت، عايزك انتي كمان تسامحيني، ممكن تسامحيني يا روحية.
انهمرت دموعها بعنف ظلت تنظر له للحظات طويلة قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب ابتهجت قسمات وجهه ليتقدم إليها يعانقها بقوة يغرزها بين اضلاعه، يعيدها إلى حيث خرجت منه قديما وعادت إليه الآن، ابعدها عنه قليلا يقبل قمة رأسها قبل أن يهمس في مرح عابث: - ممكن معلش نجيب حفيد لمنيرة عشان هي فضحانئ في الحتة ضحكت روحية في خجل لتدفعه في صدره بعيدا عنها هرولت بعيدا عنه ناحية غرفتها ليلحق بها يغمغم سريعا:.
- استني بس يا روحية هفهمك يا بنتي، منيرة هتديني بالشبشب ودي ما بترحمش هرولت روحية إلى غرفتها ليلحق بها مراد انغلق الباب عليهم وهم فئ الداخل وبقيت صينية العشاء وحيدة في صالة المنزل!
وقفت سيارة زيدان في منطقة المقابر، مقابر العائلة تعرفها بالطبع، التفتت له تقطب جبنيها في عجب كادت أن تسأله ماذا يفعلان هنا حين فتح باب السيارة المجاور له نزل يلتف حول السيارة فتح بابها امسك يدها ينزلها للخارج، التفتت لها قبل أن تنطق بحرف يغمغم في هدوء: - امشي معايا ما تخافيش.
ابتسمت في ارتعاش تحرك رأسها بالإيجاب هي لم تكن خائفة من الأساس من قال أنها خائفة هل لأنهم في المقابر ليلا ستخاف، إطلاقا هي مرتعدة فقط، تحركت تقبض على يد زيدان، تمشي خلفه تحسبا أن ظهر شبح يظهر له هو أولا، ظلت تسير خلف زيدان إلى أن وصلوا أمام أحد القبور رأت من خلال اعمدة الإنارة اسم زيدان الحديدي، قبر والده اذا، ترك زيدان يدها اقترب من قبر ابيه جلس على ركبتيه أمامه يحادثه:.
- مساء الخير يا بابا، فاكر لما قولتلك أن أنا عمري ما هرجع للينا تاني، بعد اللي عملته، بعد ما اتجوزت غيري، أنها خلاص كدة خرجت برة حياتي، هدوس على قلبي لو فكر يحن ليها تاني، أنا كنت كداب، أنا بحبها اوووي، لما بشوفها بحس اني بشوفها لأول مرة، نفس دقات القلب، اللي بتنفجر مع كل نظرة ليها، عارف كمان جوازها طلع باطل آه والله ما خليتوش يلمسها، لسه مراتي أنا، أنا اتجوزتها تاني امبارح، أنا بحبها اوووي.
انهمرت دموعها لم تكن تدري انها تبكي الا الآن اقتربت منه تضع يدها على كتفه تنظر له تبتسم تمتزج ابتسامتها بالدموع نظرت ناحية قبر ابيه حمحمت تجلي غصتها المختنقة:.
- ازيك يا عمي، بابا دايما بيتكلم عنك بكل حاجة حلوة، دايما بيقولي يا بخته شهيد في الجنة، على فكرة أنا بحب ابنك أوي، بس كنت مشتته، مش عارفة أفكر مش عارفة اعمل ايه، كنت محتاجه بس هو مشي وسابني افتكرني ما بحبوش وأنا كنت مجروحة منه اووي، ما تقلقش عليه يا عمي، أنا هفضل معاه دايما...
وقف زيدان ينفض التراب عن ملابسه وقف يقرأ لأبيه الفاتحة لتفعل مثله نظر ناحية قبر أبيه للمرة الأخيرة يؤدي له التحية قبل أن يخرج من المقابر يجذب لينا معه اجلسها في سيارته، يدهس الدعاسات تحت قدميه بعنف لتنطلق السيارة بهما تشق غبار الطريق إلى منزله التفتت له تسأله مدهوشة: - احنا رايحين فين ارتسمت ابتسامة واسعة خبيثة على شفتيه يتمتم في عبث: - البيت توسعت حدقتيها تهمس له في دهشة: - طب والحفلة.
اجابها بانفعال هو يركز انظاره على الطريق: - في داهية الحفلة رمشت بعينيها من جديد لتبتسم ابتسامة صغيرة تتمتم برقة: - زمزوم ضحك هو بقتامة ضحكة صغيرة عابثة، قبل أن يلتف برأسه يلاعبه حاجبيه عابثا يغمغم في شغف: - زمزوم مين والناس نايمين!
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنان وعشرون
في تلك الحديقة الواسعة الشبه مضاءة بأعمدة المارة تراصت بشكل متناغم مع الحديقة لتكن جزءً لا يتجزأ منها، هناك تقف وحيدة سيارة سوداء فارغة من الحياة، سيارة كانت تملئها الضحكات قبل دقائق فقط أما الآن هي والصمت فقط، من داخل المنزل القريب يعلو صوت موسيقي هادئة حالمة تتراقص الخطوات تلتف القلوب تتلاحم المشاعر، اضاءة خافتة موسيقي هادئة خطوات لا يسمع لها صدي وكأنها رفرفة الفراشة بين أحضان حبيبها تتمايل على أنغام الموسيقي، تستند برأسها على صدره وهو يطوقها بذراعيه، لحظات من السعادة هي حق لهم بعد طول عذاب، فراق، ألم، جاءت السعادة تلفهم بشباكها الناعمة، ترفرف بهم بين غيمات السحاب...
خرجت تنهيدة حارة قوية من بين شفتي زيدان يشدد على احتضان سعادته الماكثة بين ذراعيه يشعر بدقات قلبه تتقافز من الفرح، شعور لذيذ يدغدغ كيانه بالكامل، تحبه وهو يحبها وبعد طول صراع اخيرا عاد طيره الشارع ليحط على عش قلبه الملتاع شوقا إليه، امسك بذراعيها يبعدها عنه قليلا فقط القليل يوجه انظاره لمقلتيها ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه تنهد يهمس ملتاعا: - اخيرا!
بادلت ابتسامته بأخري واسعة رفعت يديها تحيط بها عنقه تنظر له في سعادة اشرقت مقلتيها حركت رأسها بالإيجاب تهمس بنبرة رقيقة غير مصطنعة: - كنت محتاجة دا يا زيدان، كنت محتاجة لما نرجع ابقي رجعالك بكامل إرادتي، من غير خوف من غير حيرة، أنا عارفة أنك زعلان مني بسبب اللي اسمه معاذ او نائل، بس صدقني أنا عمري ما حبيته، أنا يوم ما قلبي دق كان ليك، ولما اتجرح منك بسبب الشيطان دا كان جرحه صعب اووي...
اختفت الإبتسامة من فوق ثغره شيئا فشئ الا أن باتت نبتة صغيرة حزينة تنمو فوق ثغره، نظر لمقلتيها للحظات قبل أن يجذبها من جديد يطحن عظامها داخل صدره تأوه يتمتم بحرقة: - حاسس بنار في قلبي كل ما بفتكر أنك انجوزتيه يا لينا... شعرت بحرقة قلبه تنبعث من بين خلجاته، لتشدد هي الاخري على عناقه، أغمضت مقلتيها بعنف تهمس بصوت خفيض متألم حزين:.
- احنا الاتنين اتلعب بينا يا زيدان، نفس حرقة قلبك دي أنا كنت بحس بيها وأنا بيجيلي كل يوم صور ليك أنت وانجليكا، لما سافرت مع حسام، جاتلي بعدها صورة ليكوا وهي مرمية في حضنك، كنت هتجنن من الوجع، ليه تاخدها معاك وأنت مسافر، سمعتك وأنت بتقولها أنك بتحبها، نفس حرقة قلبك كنت أنا بس بيها يا زيدان، زيدان.
همست باسمه في آخر جملة لها ليبعدها عنه ينظر لمقلتيها دون كلام، رفعت يدها تبسطها على وجهه تهمس له بصوت خفيض: - أنا بحبك، بحبك أوي، ممكن ننسي اللي فات كله، حتى ما نتكلمش عنه ولا نفكر فيه تنهد في هدوء يبتسم يحرك رأسه لها بالإيجاب توسعت ابتسامتها ارتمت بين أحضانه من جديد يشدد على عناقها يزرعها في صدره بقوة، يتمتم بحزم يخبر نفسه قبلها:.
- هننساه هنقفله، مش هنتكلم عنه تاني أبدا، هنبدأ صفحة جديدة من حياتنا مع بعض من النهاردة حركت رأسها تؤيد ما يقول بين أحضانه، رفعت وجهها له تتمتم بابتسامة رقيقة ناعمة: - أنا عايزة فرح يا زيدان، عايزة فرح كبير اوي، عايزة احس اني عروسة بجد... ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب نظر لمقلتيها يتمتم بوله: - تؤمري يا بندقة زيدان ضحكت بخفة تنسل من بين ذراعيه تحركت بدلال حركات رشيقة ناحية باب الغرفة تتمتم مبتسمة في براءة:.
- طيب لحد ما نعمل فرح، هنعتبر نفسنا لسه بنتعرف على بعض، يعني احنا لحد دلوقتي لسه مخطوبين، فما ينفعش تلمسني تصبح على خير يا زيزو توسعت مقلتيه في دهشة مما تقول تلك الماكرة التي تقف أمامه، في لحظة رآها تسرع الخطي لخارج غرفته هرول خلفها يحاول اللحاق بها يتمتم سريعا مذهولا: - لينا انتي رايحة فين، خدي هنا، يعني ايه مخطوبين، دا أنا كاتب عليكي في القسم جواز ميري...
ضحكت هي عاليا قبل أن تفر إلى غرفتها توصد الباب عليها من الداخل بالمفتاح لتسمع صوت دقاته على باب الغرفة من الخارج يتمتم حانقا: - لينا افتحي الباب وبطلي هزارك الرخم دا سمع صوت ضحكاتها العالية تصدح من خلف الباب المغلق قبل أن يسمعها تهمس في دلال: - روح نام يا زيزو.
قطب ما بين حاجبيه في غيظ، تلك الفتاة لن تتغير ابدا، ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه ينظر للفراغ يفكر بمكر، عاد ينظر لباب الغرفة المغلق تهدلت نبرته يهمس في هدوء حاني: - ماشي يا لينا، تصبحي على خير في داخل الغرفة التفت حول نفسها عدة مرات تبتسم سعيدة قلبها يتراقص من الفرح، وقفت تنظر لانعاكسها في المرآة، لم تشعر يوما بأنها سعيدة مشرقة بذلك القدر الآن، اكتمل فراغ روحها، رُمم الصدع.
الكبير التي احدثته الحياة بين جنبات قلبها الحزين او الذي كان يوما حزين، خلعت قرطيها وقلادتها، قطبت جبينها حين سمعت صوت كلب ينبح، اقتربت تتجه من مصدر الصوت القادم من شرفة الغرفة خرجت إلى الشرفة لتري ذلك الجرو الصغير الذي أحضرته معها من الواحة كبر عن ذي قبل، نظرت له ابتسمت وادمعت عينيها، تحركت ناحية باب الغرفة تفتح لتشخص عينيها ذهول حين رأت زيدان يقف أمامها مباشرة يبتسم في براءة ماكرة يتمتم في هدوء:.
- ايه رايك في المفاجأة دي اقتربت منه تعانقه بقوة ابتسمت تشكره ممتنة: شكرا بجد شكرا أنك دايما بتفتكر اصغر التفاصيل اللي بتفرحني ابتسم سعيدا يكاد يقسم أنه اليوم عرف فعلا ما هي السعادة، دفن وجهه بين طيات شعرها الذي حلته من وثاقه، يتمتم ببحة خافتة عاشقة: - أنا عمري ما انسي حاجة انتي بتحبيها ابدا يا لوليا القلب، وأم ياسين ووتين.
ضحكت برقة خافتة، قبل أن يحملها بين ذراعيه كالعروس يلتف بها حول نفسه لتتعالي ضحكاته تمتزج بخاصتها، يلتف القلب يعانق شطره الغائب، التفت ذراعيها حول عنقه تصرخ فيه ضاحكة بأن يتوقف، وقد توقف هو والزمن وصمتت الألسنة ورفعت رايات العشق وحان وقت بأن نقول عن اذا طلع الصباح فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.
حفلة الصغير في منزل عز الدين كانت حقا رائعة المكان مزين بشكل جميل، سهيلة تجلس على احد المقاعد تحمل أحمد بين أحضانها كوردة صغيرة تحتضن بتلة اصغر، الحفلة بأكملها لا تهمها فقط ذلك الصغير بين أحضانها هو لها الدنيا وما فيها، لن يفهم احد ابدا شعور خوفها من فقدان طفلها الصغير، ولكن يكفي أنها تفهم، كانت ترفع رأسها بين حين وآخر تنظر إلى ارجاء الحفلة تبحث عن صديقتها، المكان مزدحم بأناس لا تعرف معظمهم، اقترب جاسر منهم يجلس على المقعد المجاور لها يغمغم مبتسما في مرح:.
- ايه يا سهيلة بتدوري على مين كدة نظرت سهيلة ناحيته تبتسم قبل أن تردف في توتر: - على لينا مش شيفاها خالص هي جت ولا لسه ابتسم جاسر ساخرا يحرك رأسه بالنفي اقترب برأسه منها يغمغم في مكر: - لا، بقالي شويتين بحاول اكلمهم أنا وحسام، في الآخر زيدان رد على حسام وقاله ما حدش يتصل بيا أنا عريس.
انهي كلامه بضحكة عالية لتتوسع عيني سهيلة في دهشة ممتزجة بفرحة، لينا وزيدان تصالحا أخيرا، كانت تظن أن طفلها سيدخل إلى المرحلة الإعدادية قبل أن يتصالحا، ابتسمت تغمغم فرحة: - يعني لينا وزيدان اتصالحوا اخيرا ابتسم جاسر يحرك رأسه بالإيجاب، لتبتهج قسمات وجه الأخيرة، مد جاسر يده يأخذ الصغير من بين أحضانها يحمله هو يقبل يديه الصغيرة نظر لها يطلق صفيرا طويلا يتمتم معجبا: - بس ايه القمر دا، القلقاس احلو أوي.
ضحكت برقة تضع يدها على فمها تخفض رأسها للأسفل خجلة، لتسمعه يهمس من جديد: - محضرلكوا انتي وأستاذ أحمد حتة مفاجاءة، هتعجبكوا اوووي.
ابتسمت في سعادة كادت أن تسأله بلهفة عن تلك المفاجأة ولكن قدوم حسام بصحبة سارة اوقفها ابتسمت ما أن رأتهم حسام كشقيق لها وتلك الابتسامة السعيدة التي تراها في عينيه قبل أن ترتسم على ثغره، وابتسامة سارة الخجولة الرقيقة تنبأ عن زوجين غاية في الروعة، اقتربا منهم ليمد حسام يده يحمل الصغير من بين ذراعي أبيه، يحادثه ضاحكا. - ابو حميد العسل، دا أنت ربنا يكون في عونك لما تكبر، أمك دي بومة زي صاحبتها.
نظرت سهيلة له في غيظ مما قال، في حين صدمته سارة على ذراعه بخفة تهمس له بصوت خفيض معاتب: - ما ينفعش تقول كدة سهيلة ممكن تزعل ضحك هو عاليا بلامبلاة، في حين قامت سهيلة من مكانها وقفت جوار سارة تحادثها مبتسمة: - لا يا حبيبتي ما تخافيش مش هزعل، أنا بس هقول لعمو خالد وهو هيعلقه من قفاه قلب حسام عينيه في ملل من ثرثارة سهيلة نظر لها يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يرفع دفتي قميصه يغمغم في زهو:.
- يا بومة هانم اللي ما تعرفهوش إن عمك خالد بيعملي ألف حساب رفعت سهيلة حاجبيها في سخرية تحرك رأسها بالإيجاب نظرت خلف حسام مباشرة تتمتم مدهوشة: - صحيح يا عمو الكلام اللي حسام بيقوله دا توسعت عيني حسام في فزع ليقفز من مكانه ينظر خلفه سريعا، لا أحد الحمقاء كانت تخدعه نظر لها في غيظ لتتعالي ضحكاتهم جميعا، اقترب حسام منها سريعا يضع يده على فمها يتمتم: - بس يخربيتك دا أنا سارقك من ورا ابوكي.
قام جاسر يأخذ الصغير من بين ذراعي حسام يعطيه لسهيلة، اقترب من حسام يسأله ضاحكا: - وسرقتها ازاي يا ناصح ابتسم حسام في مكر نظر حوله هنا وهناك قبل أن يقترب من جاسر يهمس له في زهو:.
- هقولك، عمي عمر اخيرا لف رأسه عنا وقام يكلم واحد ما اعرفوش، ومرات عمي بتتكلم مع واحدة والله ما عارف هي مين من كتر المكياج، بيتكلموا عن مسحوق الغسيل ومين بيزيل على البقع ومين اقوي على التحدي وكلام كدة كله رغاوي، قومت قايم وشادد ايدها بسرعة قبل ما حد يشوفنا.
ضحك جاسر عاليا، حسام لن يتغير ابدا يكاد يشك أن ذلك الرجل الماثل أمامه طبيب ماهر ومحاضر في أحدي الجامعات أيضا، في حين توجهت عيني حسام ناحية سارة الواقفة جوار سهيلة أخذت منها الصغير تحمله هي بين ذراعيها في مشهد متناغم جعل دقات قلبه تتصارع، تنهد بحرارة يعبث في خصلات شعره يبتسم كمراهق عاشق.
على صعيد قريب منهم في منزل خالد السويسي، في غرفتها منذ مدة طويلة تجلس على سطح الفراش تحرك ساقها اليسري بعصبية تخلصت من حجابها تشعر بالاختناق، والدة زوجها هنا، لما جاءت بعد تلك المدة الطويلة، تعرقت يديها من القلق، يهدر نابضها بعنف، تنفي تلك الفكرة التي تطرق رأسها خالد لن يتزوج بالطبع ولديه ابن تجاوز الثلاثين من عمره إذا لما جاءت إلى هنا تتذكر قبل سنوات طوال آخر موقف جمع بينهما بعد وفاة والد خالد بعدة أشهر، كانت هنا في منزلهم، تلح على خالد أن يتزوج لينجب صبيا يحمل اسمه يكون سندا كما قالت لم تبالي انها كانت تقف أمامها تستمع لما يقولون وكالعادة رفض خالد فما كان منها إلا أن وقفت تصيح فيها غاضبة:.
- بقي كدة يا خالد طب اعمل حسابك بقي أن بيتك دا مش هدخله تاني لو ما سمعتش كلامي، بكرة تكبر وتعجز وتدور على حد يسندك ومش هتلاقي، خليك ماشي بشوارة الهانم قالتها لترحل من بيتهم دون عودة من وقتها، رفعت لينا يديها تمسح ما سقط من عينيها من دموع غزيرة، انتهي الأمر وخالد كبر في السن لما عادت الآن، صوت الباب يُفتح ويغلق وخطواته هو تقترب جلس جوارها يغمغم مبتسما:.
- مش بتكبري ابدا يا لينا، نفس الحركات لما تزعلي تجري على اوضتك وتقفلي الباب - هي جاية ليه، همست بها لينا بغصة مختنقة تقتل دقات قلبها ذعرا، رفعت وجهها تنظر لوجهه يغطي حدقتيها طبقة رقيقة شفاقة من الدموع، ليمد يده يمسح ما يتساقط من عينيها بلا توقف تنهد يهمس حزينا على حالها: - دي أمي يا لينا، وقالتي أنا عايزة اجي اقعد عندك كام يوم ينفع اقولها انتي جاية ليه.
حركت رأسها بالنفي سريعا تخفض رأسها خرجت من بين شفتيها شهقة عالية لم تستطع ايقافها ليبتسم يحرك رأسه يآسا اقترب يضمها بين ذراعيه يغمغم ضاحكا: - يا بنتي أنا أشعر أبّيض خلاص جواز ايه اللي هتجوزه، هو عشان حمزة اتجوز هتاخذي بذنبه.
ابتسمت ابتسامة خاوية من الحياة تحرك رأسها بالإيجاب ليتنهد هو على حالها سنوات مرت، يمكن حادث زواجه من شهد هو ما جعلها أكثر خوفا، قام من مكانه يجذب يدها لتقف هي الأخري تنظر له وكأنها عينيها دوامتين من الفراغ، تنهد يهمس لها بقلة حيلة: - اعمل ايه طيب، هتفضلي خايفة لحد امتي يا لينا، لحد ما اموت شهقت بعنف ما أن نطق تلك الكلمة لتحرك رأسها نفيا بقوة تصيح فيه محتدة:.
- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني، أنا مش خايفة أنك تتجوز، أنا بس موجوعة وحزينة من والدتك اللي كنت بعتبرها في يوم أمي، بقت ما بتكرهش حد قدي... حرك رأسه نفيا بعنف امسك بذراعيها بين كفيه رفعت وجهها إليه ليبتسم هو يتمتم سريعا:.
- أمي ما بتكرهكيش يا لينا صدقيني، والله بتحبك هي بس بتفكر من منظورها هي، شايفة من وجهه نظرها أني لازم يكون عندي ولد عشان كل الكلام الاهبل دا يشيل اسمي وسند، دا كله ما يفرقش معايا، صدقيني هي ما بتكرهيش... تنهدت تشيح برأسها بعيدا عنه ابتعدت عنه تتمتم في خفوت جاف: - أنا هنزل احضرلكوا العشا.
تركته وخرجت من الغرفة ليتنهد هو يآسا على حالها الحزين، تحرك ينزل لأسفل رأي والدته تجلس على الاريكة كم كبرت وكأن العمر وحشا غمرها نظاراتها الطبية، تلك التجاعيد التي تملئ وجهها ويديها، تستند بيديها على عصاها الطبية، ابتسم في هدوء تحرك يجلس جوارها: - منورة والله يا ماما التفتت زينب برأسها ببطئ ناحية خالد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تهمس له بتلهف: - ابنك فين، عايزة اشوفه.
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب اخرج هاتفه يطلب رقم حسام، اغلق معه الخط نظر لوالدته مبتسما: - بيوصل عمه عمر عشان عربيتهم عطلت عشر دقايق وجاي ابتسمت زينب في تلهف تحرك رأسها سريعا تكاد تتحرق شوقا لرؤية حفيدها مر بعض الوقت إلى أن سمعوا صوت الباب يُفتح وصوت حسام يتمتم في مرح: - يا أهل الدار جالكم عنترة المغوار، فين عبلة بقي ضحك خالد ساخرا قبل أن يصدح بصوته يستدعي حسام ليأتي إليهم: - تعالا يا حمار.
لحظات ودخل من باب الغرفة تعلقت عيني زينب بذلك الشاب اليافع طويل القامة دقتت النظر لقسمات وجهه تكاد تقسم أنها تري صورة مصغرة من خالد حين كان شابا في مثل عمره مع بعض الاختلافات ادمعت عينيها تحمد الله في نفسها أن رزقك بكرها صبي كما كانت تدعو، نظر حسام لزينب يقطب جبينه متسفهما عن ماهيتها تحرك بمقلتيه ناحية خالد يسأله بعينيه عن من تكون، ابتسم الأخير يردف في هدوء: - دي جدتك زينب يا حسام والدتي.
ابتسم حسام مبتهجا لم يكن يعرف أن لديه جدة، اقترب منها جلس جوارها امسك كفها يقبلها يغمغم مبتهجا: - دا ايه القمر دا كله، اكيد كنتي مزة يا زوزو وانتي صغيرة ضحكت زينب ليزجر خالد حسام يتمتم غاضبا: - حسام وبعدين.
- سيبه يا خالد مالكش دعوة بيه ما تضايقوش ابدا، غمغمت بها زينب في حدة لتتوسع عيني خالد في ذهول في حين ابتسم حسام متشفيا اخيرا وجد من ينصره في ذلك البيت بعد زوجة أبيه، اقترب حسام من زينب يعانقها بقوة يلاعب حاجبيه لأبيه متشفيا يغمغم سعيدا: - حبيبتي يا تيتا يا نصفاني، قوليلي مش جيبالي معاكي باكو بسكوت حتى.
ضحكت زينب عاليا ذلك الشاب لم يرث ملامح أبيه فقط بل أخذ كل شئ حتى خفة ظله، أبعدته عنها تفتح حقيبة يدها الكبيرة تخرج ما بها، تعطيه لها ليتمتم ضاحكا: - عسلية يا زوزو دا انتي اللي عسلية والله امسكت زينب باذنه بين أصابعها تشد عليها تردف ضاحكة : - يا واد اختشي دا أنا ستك، طالع قليل الادب زي أبوك بالظبط تركت إذنه ليخفض صوته يغمغم ساخطا رفع يده يمسح على إذنه برفق حين قالت زينب في سعادة:.
- ابوك قالي أنك هتتجوز سارة بنت عمك عمر، جدع يا حسام بنات العيلة ما يروحوش لحد برة، بس بقولك ايه، تسع شهور والاقي اول عيل، عايزة اشوف ولادك ابتسم حسام في زهو يعدل من تلابيب ملابسه بغرور نظر بجانب عينيه إلى ابيه الذي يجلس على الجانب الآخر من جدته يرميه بنظرات قاتلة حمحم يردف في خيلاء: - تسعة كتير خمسة كفاية.
- ليه يا حبيبتي هتتجوز فار، غمغم بها خالد ساخرا لينفجر حسام في الضحك ومعه زينب، قاطع تلك الضحكات صوت حمحمة خافتة من عند باب الغرفة ومعها صوت لينا زوجة خالد تهمس في هدوء: - العشا جاهز.
لاء أنا مش جعانة، أنا هقعد مع حسام، قوم ياض طلعني اوضتي، اردفت بها زينب تنظر لحسام ليهب الأخير يمسك بيدها لوح للينا زوجة ابيه يبتسم لها لتقابله لينا بابتسامة أخري باهتة صعدت زينب بصحبة حسام لأعلي، تحرك خالد ناحية لينا لف ذراعيه حول كتفيها يغمغم مبتسما: - أنا واقع من الجوع، يلا نتعشي ابتسمت له في هدوء تحرك رأسها بالإيجاب..
مضي الليل سريعا ليطل الصباح بنوره الساطع، تلك الأيام حقا حارة بشكل كبير، أشعة الشمس تتحداها الا تستيقظ على الرغم من أن الغرفة شبه باردة بفعل مكيف الهواء الا أن ضوء الشمس المنعكس على زجاج الغرفة اصر وبشدة على ايقاظه فتحت عينيها قليلا تتأفف من ذلك الضوء، رفعت الغطاء تغطي وجهها تحجب عنها أشعة الشمس مدت يدها تبحث عن زيدان النائم جوارها لتطلب منه إن يغلق الستائر لتشعر بفراغ بارد جوارها أين زيدان يبدو أن أستيقظ قبل فترة طويلة، فتحت عينيها تنظر للجزء الفارغ من الفراش لتقطب جبنيها تتثأب ناعسة، كادت أن تتحرك حين صدح رنين هاتفها يوفقها، مدت يدها تلتقطه من سطح الطاولة الصغيرة المجاورة للفراش أبصرت اسم سهيلة يضئ الشاشة اعتدلت قليلا فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها تهمس بصوت ناعس متحشرج من النوم:.
- صباح الخير يا سهيلة، معلش يا حبيبتي أنا كنت والله عايزة اجي قاطعتها سهيلة حين ضحكت بقوة تردف بخبث قبل أن تكمل لينا: - يا ستي ولا يهمك، الزوز ابو عيون زرقا أهم بردوا، قوليلي بسرعة اتصالحتوا صح ضحكت لينا رفعت يدها تمشط خصلات شعرها المبعثرة بأصابعها تنهدت تهمس سعيدة: - ايوة اتصالحنا... صاحت سهيلة في سعادة ما أن نطقت لينا تلك الجملة الصغيرة:.
- اخيراا يا بنتي، أنا عايزة ازغرط بس ما بعرفش، بجد أنا مبسوطة اووووي ابتسمت سعيدة كم هي محظوظة حقا لامتلاكها صديقة رائعة مثل سهيلة، انتصفت جالسة على الفراش تسألها: - قوليلي أحمد عامل ايه عايزة اشوفه اووي، وجاسر لسه زعلانة ضحكت سهيلة في خجل تهمس بصوت خفيض حالم: - أحمد بخير الحمد لله، انما اخوكي دا مش عارف ازعل منه، ابن اللذين عسل اووي...
صدحت ضحكات لينا العالية تملئ المكان أدمعت عينيها من الضحك تحادث سهيلة ساخرة: - يلا يا واقعة، هحاول اخلي زيدان يجيبني عندكوا النهاردة عشان اشوف أحمد، سلام.
أغلقت الخط مع صديقتها تبتسم في سعادة، قامت من فراشها تتحرك لخارج الغرفة حافية القدمين ترتدي فستان بيتي رقيق من اللون الزهري الفاتح نزلت تبحث عنه هنا وهناك، وصلت لصالة المنزل لا أثر له، توجهت إلى المطبخ لا أثر له، وقفت في منتصف المطبخ تعقد جبينها في عجب أين ذهب زيدان، لحظات وشهقت بعنف حين شعرت باحدهم يلف ذراعه حول خصرها يحمل يلتف بها عدة لفات، قبل وجنتها بخفة يتمتم في خفوت عاشق:.
- صباح الفل على احلي عروسة ابتسمت في رقة التفت له تسأله متعجبة: - كنت فين يا زيدان التف برأسه يشير إلى ما يحمل فئ يده الاخري لتري علبة حلوي تلك الشوكولاتة التي التهمت نصفها بالأمس، اكبر حجما، داعب أنفها بأنفه يغمغم ضاحكا: - جبتلك علبة شوكولاتة ليكي لوحدك بدل ما تاكلي بتاعت الناس وتفضحينا يا عرسة زمت شفتيها تضربه على صدره بعنف ليتأوه متألما جعد جبينه يتمتم حانقا: - بقي كدة ولا واحدة شوكولاتة.
قالها ليأخذ العلبة ويخرج من المطبخ توسعت عينيها تهرول خلفه تغمغم سريعا: - استني يا زيزو وحياة مامتك هات العلبة.
اشاح بيده بلامبلاة يبتسم في خبث جلس على الاريكة يفتح العلبة ينظر لها في شماتة، فتح احدي الحبات كادت يضعها في فمها حين اختطتفها لينا بيد والاخري حملت العلبة كادت أن تهرب الا أنه قبض على رسغ يدها سريعا جذبها لتجلس جواره على الأريكة ضحك على منظرها وهي تأكل الحلوي بشراهة نظرت له بجانب عينيها ابتسمت بفمها الملطخ بالحلوي تتمتم في نزق:.
- بتضحك على ايه أنت شايف مهرج، وبعدين إنت ما تتكلمش معايا اصلا انا مخصماك رفع حاجبه الأيسر ساخرا مد يده يلتقط محرمة ورقية يعطيها لها يتمتم ضاحكا: - امسحي بس البهدلة على وشك دي، وبعدين مخصماني ليه دا أنا جايبلك أربعة كيلو شوكولاتة يا مفترية اخذت منه المحرمة تمسح وجهها بإيباء تنظر له حانقة كمشت المحرمة تلقيها أرضا ليرفع حاجبيه ينظر لها في غيظ اشار للمحرمة يتمتم: - قومي شيلي المنديل من على الأرض.
ارتسمت ابتسامة واسعة ماكرة على شفتيها امسكت بأوراق الحلوي الفارغة تتمتم باستمتاع: - ايه دا أنت طلعت موسوس نضافة، اكيد اتعديت من ماما... قالتها لتلقي الأوراق الفارغة من يدها بعنف لتتناثر في كل مكان في الغرفة توسعت حدقتيه في غيظ ينظر لاوراق الحلوي التي ملئت الغرفة، عض على شفتيه يتمتم حانقا: - عارفة يا لينا يا بنت خالد السويسي لو ما قومتيش لميتي اللي عملتيه دا، هعمل إيه.
ابتسمت في دلال تزيح العلبة من امامها اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه برقة تغمغم في دلال ناعم: - هتعمل ايه ابتلع لعابه يشعر بثباته يتداعي أمام ابتسامتها نظرات عينيها أن ظنت الخبيثة أن مقاومته ستضعف بحركاتها تلك فهي محقة!، اقترب برأسه يهمس جوار اذنيها بصوت خفيض حالم: - هقوم اجيب حاجة مهمة وجاي.
ابتسمت في براءة تحرك رأسها بالإيجاب ليتحرك هو في حين امسكت هي العلبة تأكل من جديد لحظات مراته يقف أمامها يبتسم في براءة، توسعت عينيها حين رأته يحمل مكنسة التقط علبة الحلوي من يدها يعطيها المكسنة بدلا منها يتمتم مبتسما: - اتفضلي مش عايز ورقة على الأرض، أنا جبت فطار جاهز معايا هحطه على الترابيزة في الجنينة على ما تخلصي.
عقدت ما بيت حاجبيها في غيظ تأففت تمسك المكنسة قلبت عينيها تقلده ساخرة سمعت صوته يأتي من بعيد يغمغم ضاحكا: - نضفي كويس.
اشتعلت أنفاسها غضبا عازمة على الانتقام، انتهت من جمع الأوراق القتهم في سلة المهملات، توجهت بخطي غاضبة للحديقة رأته يقف يوليها ظهرها ينظر لسطح المسبح الكبير، ابتسمت في خبث الآن ستنال انتقامها، اقتربت تمشي على اطراف أصابعها اسرعت الخطي ناحيته تريد أن تدفعه فجاءة في اللحظة الفاصلة تنحي زيدان فجاءة لتشهق هي بعنف حين ألقت بنفسها داخل المسبح تسمع ضحكاته العالية رفعت وجهها تجمعت الدموع في مقلتيها تنظر له حزينة ليجثي هو على ركبتيه يحدثها بحنو:.
- هاتي ايدك اطلعك ابتسمت في رقة تعطيه يدها ما أن امسكت كفه تغيرت ابتسامتها باخري خبيثة قبل أن تجذبه بقوتها كامل ليسقط هو الآخر في المسبح، ضحكت بقوة ترشقه بالمياة، ليضحك هو الآخر يلقي عليها المياة يلعبان وكأنهم فقط أطفال.
سيداتي آنساتي سادتي اهلا ومرحبا بكم في المبارة الربع نهائية لهذا العام للفروسية، قبل خط النهاية تقف الخيول شامخة كجلمود صخر حطه السيل من على كما وصفها امرؤ القيس، فوق صهوة جواده الاسود يستعد هو للفوز بالمبارة رفع يده يربت على رأس جواده بحنو يهمس له وكأنه حقا سيفهمه: - مستعد يا باشا، الميدالية دي بتاعتنا.
شهق الخيل عاليا وكأنه يخبره لا تقلق نحن هنا للفوز تحركت عينيه ناحية سارين التي تجلس بين مدرجات الجمهور تنظر له قلقة وكأنه سيذهب للحرب لا مباراة خيل وستمر، ابتسم لها يبعث لها قبلة صغيرة فئ الهواء، ابتسمت سارين تلوح له بحرارة، تدعو في قلبها أن يمر الأمر دون سوء له، تبقي لحظات وتبدأ المبارة، استمعت هي في تلك اللحظات إلى صوت فتاتين يجلسان خلفها مباشرة يتحدثان عنها يسخران منها:.
- شوفتي الصياد قد ايه يجنن - الصياد اللي كان كل أسبوع مع واحدة دلوقتي بقي الزوج المخلص - وياريت بقي الزوج المخلص عشان ملكة جمال، دي حتة عيلة صغيرة حقيقي مش عارفة ايه عاجبه فيها في بنات كتير اوووي احلي منها، هي جنبهم طفلة - اسكتي عشان هي قاعدة قدامنا بدل ما تسمعنا التفت سارين تنظر لهما بعينين تغشاهما الدموع من الألم.
قبل أن يرفع الرجل يده يطلق طلقة البداية صدحت صوت صرخات عالية قادمة من مقاعد الجماهير صرخات يعرفها هو، جعلته يقفز من فوق صهوة جواده يهرع إليهم!