logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 27 من 81 < 1 73 74 75 76 77 78 79 81 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 03:56 صباحاً   [226]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وأربعة عشر

لحظات طويلة الجمت الصدمة جميع الواقفين جحظت أعينهم ينظرون للعريس الغارق في المياة، يقف حسام كمن أصابته صاعقة عينيه شاخصة فمه متدلي في ذهول، المياة تقطر من أعلي رأسه إلى اخمص قدميه، قاطع تلك اللحظات صوت ضحكات خالد الذي صدح فجاءة، ينظر لولده وهو يغرق في المياة دمعت عينيه من الضحك، لتتعالي ضحكات لينا شقيقته وضعت يدها على فمها تحاول كتم ضحكاتها، في حين احمرت عيني حسام ينظر لهم شرزا، عضت لينا على شفتيها تكتم صوت ضحكاتها، من الجيد أن الشارع شبه فارغ في ذلك الوقت، والا كان شارك المارة في نوبة الضحك ويزداد موقف حسام سوءً، حمحمت تلكز خالد بمرفقها في ذراعه بحدة، تنظر لابنتها بحدة، توقفت لينا عن الضحك تضع يدها على فمها تكبح ضحكاتها، بينما ظل خالد يضحك اشار ناحية حسام يردف من بين ضحكاته:.

- العريس المبلول، الله يخربيتك عرتنا، شكلك فظيع
عاد يضحك من جديد لتشد لينا ذراعه ليقترب منها نزل برأسه قليلا ناحيتها لتهمس له متوعدة:
- عارف يا خالد لو ما بطلتش ضحك، هتنام في الاوضة التانية لوحدك شهر
توسعت عيني خالد قليلا ليحمحم بخشونة يحاول السيطرة على سيل ضحكاته، في حين اقتربت لينا من حسام ربتت على كتفه تحادثه مترفقة:.

- حسام ما حصلش حاجة دي حادثة وبتحصل كتير، ارجع بسرعة غير هدومك وتعالا، يلا يا ابني
حرك حسام رأسه بالإيجاب سريعا، اخرج باقة الأزهار وعلبة الحلوي يعطيهم للينا زوجة أبيه يحادثها:
- اتفضلي مش هتأخر.

ابتسمت لينا له تربت على ذراعه، ليبتسم لها ممتنا، نظر حسام لشقيقته شرزا يحرك كفه على رقبته كأنه سكين، استقل سريعا السيارة يلتف بها يعود من حيث أتي، وقفت لينا أمام زوجها وابنتها عقدت ما بين حاجبيها تحادثهم غاضبة:
- ما ينفعش بجد اللي انتوا عملتوه دا، خالد حسام مش صغير عشان تتريق عليه، وأنت يا أستاذة لينا، الموضوع مش مضحك تماما للضحك دا كله، لما نروح تعتذروا لحسام.

قالت ما قالت بحدة لتتقدمهم لأعلي نظر لخالد لابنته يرفع حاجبه الأيسر يتمتم ساخرا:
- أمك بتربينا
تحرك خالد خلف زوجته وخلفهم لينا، إلى منزل عمر، دقت لينا الباب لحظات ليفتح لهم عمر يبتسم، دخل الجميع إلى غرفة «الصالون» بصحبة عمر الذي يردف مبتسما:
- نورتوا والله يا جماعة، اتفضلوا
جلست لينا جوار زوجها على أريكة صغيرة وابنتهم على مقعد بالقرب منهم، نظر عمر لشقيقه يتمتم مبتسما:.

- منور والله يا كبير، ايه دا اومال حسام فين
ما إن نطق عمر تلك الجملة انفجر خالد في الضحك، حتى ادمعت عينيه ظل يضحك رغم نظرات لينا المحذرة له بأن يصمت، نظر لشقيقه يردف من بين ضحكاته العالية:
- حسام اتبل!
قالها لينفجر في الضحك من جديد، بينما جعد عمر ما بين حاجبيه ينظر لأخيه مستنكرا، لكزت لينا زوجها بمرفقها بعنف تنظر له حانقة، نظرت لعمر تبتسم تحاول إيجاد حجة مناسبة لذلك الموقف الذي هم فيه:.

- حسام يا عيني بعد ما وصلنا جاله تليفون مستعجل من المستشفي حالة ولادة خطيرة طلع يجري، بس زمانه جاي
- خطيرة بالجبنة
تشدق بها خالد ساخرا ليضحك مجددا حتى أدمعت عينيه، لتضعط لينا بحذائها على قدمه تنظر له متوعدة، بينما استمر هو في الضحك وكأن شيئا لم يكن، نظرت لينا لعمر تعتذر مبتسمة:
- معلش يا عمر أصل خالد دمه خفيف النهاردة، ممكن اشوف تالا وحشتني بقالي كتير ما شوفتهاش.

ابتسم عمر يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، قام أمامها لتميل هي سريعا على إذن خالد تهمس له محتدة قبل أن تغادر بصحبة عمر:
- عارف يا خالد لو حد عرف باللي حصل تحت، هسيبك واسافر عند بابا، أصله وحشني أوي
صمت خالد في لحظات عن الضحك ينظر لها واجما، لتبتسم هي باصفرار، تربت على خده كأنه طفل صغير مطيع، قامت بصحبة عمر للداخل ليميل خالد ناحية لينا يهمس لها محتدا:
- كانت بتخاف مني زمان دلوقتي بقت بتهددني بنت الارندلي...

وضعت لينا يدها على فمها من جديد تخفي ضحكاتها من غضب أبيها...
في حين تحركت لينا بصحبة عمر إلى غرفة تالا، وقف عمر امام باب الغرفة من الخارج يحادثها مبتسما:
- هروح اشوف أبو الخلد ابو دم خفيف واسيبكوا ترغو..
ضحكت لينا بخفة تحرك رأسها بالإيجاب، غادر عمر لترفع هي يدها تدق الباب إدارات المقبض تفتحه حين سمعت صوت تالا، اطلت برأسها أولا تنظر لتالا مبتسمة تردف بمرح:
- أنا جيت اشوف مامي تالا التعبانة.

ابتسمت تالا في شحوب ظاهر، دخلت لينا إلى الغرفة توصد الباب خلفها اقتربت من فراش تالا تعانقها برفق، ابعدتها عنه تنظر لها مبتسمة جلست جوارها على الفراش تحادثها:
- عاملة ايه يا تالا وحشاني، مبروك يا حبيبتي ألف مبروك يا قلبي، ربنا يتم حملك على خير وتقومي بالسلامة.

نظرت تالا للينا تبتسم حزينة، للحظات كستل الشفقة مقلتيها تنظر لها بأسي، لم تكن تريد أن تراها لينا، ليس لأي سبب كان فقط كي لا تجرح مشاعرها، بالطبع خلف ابتسامتها اللطيفة تلك قلب يعتصر من الألم، تحركت عيني لينا تنظر لبطن تالا المنتفخ قليلا، لترتسم ابتسامة حزينة على شفتيها تنهدت تخمد نيران قلبها التي اشتعلت فجاءة حين رفعت عينيها لتالا تحادثها مبتسمة:.

- أنا عارفة أنك مش عيزاني اشوفك عشان ما تجرحيش مشاعري، بس صدقيني أنا مبسوطة عشانك اوي، وبدعيلك من كل قلبي أنك تقومي بالسلامة، أنتي تستحقي تفرحي يا تالا بعد كل اللي حصل بينك انتي وعمر، ما تحبسيش نفسك يا تالا، أنا عارفة أنك تعبانة الفترة دي، بس بعد فترة بإذن الله هتبقي أحسن، أول ما الواد حسام يقولي انتي كويسة هتيجي البيت ونتغدي كلنا سوا.

ادمعت عيني تالا تنظر للينا قبل أن تبادر باحتضانها بقوة تهمس لها بصوت خفيض باكي حزين:
- انتي جميلة اوي يا لينا، بجد جميلة من جوا قبل برا، مش خالد بس اللي محظوظ أنك في حياته، كلنا محظوظين بوجودك في حياتنا.

ابعدت لينا تالا عنها تبتسم لها بعد حديث قصير خرجت لينا من الغرفة بعد أن ودعت تالا تغلق عليها الباب برفق وقفت أمام الباب المغلق لحظات صامتة قبل أن تهبط من مقلتيها دمعة حزينة بائسة رفعت يدها تمسحها سريعا، رأت سارين تخرج من غرفتها هي وشقيقتها تزفر حائرة تبدو متوترة، تنظر لباب الغرفة المغلقة، اقتربت لينا منها وضعت يدها على كتفها تسألها:
- مالك يا سارين في حاجة يا حبيبتي.

توترت حدقتي سارين للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت حائرة تهمس متوترة:
- سارة يا طنط ما اعرفش مالها، كانت نايمة ومن ساعة ما صحيت وهي مش راضية تتكلم، ودلوقتي رافضة تلبس، ولما سألتها مالك فضلت تعيط، أنا مش عارفة اعمل ايه، هقول لبابا
حركت لينا رأسها نفيا سريعا ابتسمت تحادث سارين بتلهف:
- مالوش لزوم يا حبيبتي تقولي لبابا، أنا هدخل اتكلم معاها...

ابتسمت سارين للينا ممتنة، تحركت لينا لداخل غرفة سارة وسارين بينما تحركت سارين إلى المطبخ اصطدمت في طريقها بعثمان الذي خرج توا من أحدي غرف الضيوف، يرتدي قميص أسود اللوم ذلك القميص ملك والدها وسروال من الجينز الازرق القاتم، ملك والدها أيضا من الجيد أن ملابس والدها ناسبت عثمان، وقفت سارين أمامه تبتسم كقطة حالمة، بينما وقف هو يزيح اكمام قميصه للخلف، عثمان دائما يفعل تلك الحركة بالاكمام يزيحها للخلف بشكل مهندم للغاية، فتحت فمها مبتسمة تود أن تقول شيئا، ليتجاوزها هو وكأنها غير موجودة من الأساس توسعت عينيها في دهشة لم ينظر إليها حتى، تحرك وكأنها هواء شفاف او عائق طريق مزعج مر من جواره تفاده وغادر، التفتت تنظر له وهو يغادر متوجها إلى غرفة الصالون عقدت ذراعيه ابتسمت تتمتم:.

- بقي كدة يا عثعث عاملي زعلان وبتنطنشي ماشي صبرك عليا يا صياد
ابتسمت في خبث لتتوجه إلى المطبخ تعد المشروبات والحلوي للضيوف
في غرفة سارة، اقتربت لينا من سارة المسطحة على الفراش توليها ظهرها جلست جوارها تمسح بيدها على شعرها برفق تحادثها بحنو:
- سارة، أنا عارفة أنك صاحية يا حبيبتي، ممكن اتكلم معاكي.

قامت سارة تجلس على الفراش تنساب دموع عينيها بلا توقف، انكمشت قسمات وجه لينا تنظر لوجهها الشاحب عينيها المنتفخة حدقتيهت الحمراء، شفتيها المرتجفة، تلك الدموع التي لا تتوقف عن الهبوط رغم محاولتها العنيفة لمسحها، تحركت لينا لتصبح مقابلة لها، مدت يدها تمسح دموع عينيها تحادثها حزينة:
- ليه يا سارة اللي انتي عملاه دا، انتي كدة بتأذي نفسك يا بنتي، ما حدش ابدا يستاهل أنك تعملي في نفسك كدة.

اغمضت مقلتيها لتخرج من بين شفتيها شهقة بكاء خافتة، تنهمر دموعها من جديد، لا تعرف بما تجيب، فتحت عينيها حين سمعت لينا تحادثها:
- حسام حكالي على اللي حصل في الكلية، كان شكله يضحك اوي وهو بيقولي أنا كنت غيران ومش عارف أنا عملت كدة ازاي
صمتت لينا للحظات تراقب تعابير وجه سارة الباهتة التي لم تتغير، لتتنهد تأخذ نفسا قويا تحادثها بحزم:.

- أنتي حساسة أوي يا سارة بتفكريني بنفسي زمان، حبيبتي الحساسية والكيوت دي مشاعر حلوة، بس ما تنفعش مع رجالة عيلة السويسي، حسام حكالي على اللي عمله وأنا هددته أنا اللي هقفله في جوازه منك، كان لازم تقفي قدامه وتقوليله أنا ما عملتش حاجة غلط عشان تكلمني كدة، ايه اللي حصل انتي زعلتي وعيطتي ونكدتي على نفسك، وكان ممكن ما تحليش كويس في الامتحان...

انشفي يا سارة، حسام بيحبك انتي ما شوفتيش خناقته هو وخالد عشان خالد يوافق انه يجي يتقدملك، وصلت إن خالد ضربه بالقلم وحسام كان هيسيب البيت، كل دا كويس، بس عرق الغيرة اللي عند حسام أنا عرفاه ومجرباه، بدل ما تفضلي تعيطي وتنكدي على نفسك وتوصلي للحالة دي، قوليله أنا ما عملتش حاجة غلط، ثوري خدي حقك، أنتي اللي هتخسري صدقيني لو فضلتي تسكتي عن حقك كل مرة بالشكل دا.

توقفت دموع سارة عن الجريان وكأن البئر جف فجاءة تنظر للفراغ عينيها شاردة، سارة دائما هي الحساسة كثيرة البكاء هي الضحية التي كاد يستغلها ذئب بشري قبلا، والآن يفرض هيمنته الذكورية بكل عنفوان، عليها أن تتغير أن تصبح حتى مثل سارين او تدافع عن ذاتها كما تقول لينا زوجة عمها، تنهدت حائرة تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا تحادثها بخبث:
- اسمعي بقي هتعملي ايه لما حسام يجي.

في الخارج، خالد وعمر وعثمان يتحدثون ولينا تعبث في هاتفها بملل، تحاول التواصل مع حسام ليسرع قليلا، خرجت سارين من المطبخ تحمل صينية كبيرة عليها المشروبات والحلوي وضعتها امامهم تردف مبتسمة:
- اتفضلوا
ربت خالد على وسادة الأريكة الخالية المجاورة له ينظر لها مبتسما، لتجلس سارين جواره لف خالد ذراعه حول كتفيها قبل قمة رأسها يغمغم مبتسما:.

- دا الجمال عدي الكلام، أنا أول مرة اشوف قمر لابس حجاب عشان يبقي قمرين
ضحكت سارين عاليا لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتي عثمان، ضحكاتها حقا تسعده، عاد خالد يحادث سارين من جديد يتمتم مبتسما:
- قوليلي عاملة ايه في كليتك انتي دخلتي علاج طبيعي مش كدة
ابتسمت سارين تحرك رأسها إيجابا نظرت لعثمان نظرة خاطفة لتعاود النظر لعمها تردف:
- الحمد لله، الدراسة في الكلية سهلة
اقترب خالد من اذن سارين يهمس لها:.

- انتي متخانقة مع عثمان
نظرت له متفاجئة عينيها متسعة في دهشة كيف علم ليبتسم خالد ساخرا أخفض صوته يهمس لها متهكما:
- اصله عمال يبصلك من كحك لكحك وانتي عين معايا والعين التانية معاه، مين فيكوا اللي غلطان
- مش عارفة، همست بها سارين بصوت خفيض مرتبك للغاية اختلست النظرات لعثمان لتراه ينظر ناحيتها غاضبا، ابتسم خالد فئ مكر ينظر لعيني عثمان الغاضبة، ليعاود النظر لسارين يتمتم ساخرا:.

- مش عارفة بردوا يا بنت عمر، ماشي يا بريئة، هو الواد بيبصلنا كدة ليه أنا عمك على فكرة
ضحكت سارين رغما عنها عاليا ليزفر عثمان أنفاسه حانقا ليتمتم خالد ساخرا:
- خدي بالك هيطلع نار من مناخيره دلوقتي
وضعت سارين يدها على فمها تمنع ضحكاتها، في حين نظر خالد لعثمان يبتسم في اصفرار ابتسامة مستفزة واسعة، قامت سارين من جوار خالد حمحمت تتمتم سريعا:
- هقوم اجبلكوا عصير تاني.

نظر لينا لساعة الحائط تزفر حانقة لما تأخر شقيقها الأحمق كل ذلك الوقت، ما هي الا دقائق ودق جرس الباب قامت لينا سريعا تفتح الباب زفرت حانقة ما أن رأت حسام ابتسمت تتمتم ساخرة:
- حمد لله على السلامة ايه جاي من الصين، كل دا تأخير.

نظر حسام لها باستعلاء ليعدل من تلابيب حلته السوداء الكلاسيكة ذات القميص الابيض ورابطة العنق السوداء، ذلك الدبوس المميز عند اكمام سترة الحلة جعلت لينا تقطب ما بين حاجبيها تسارعت دقات قلبها تلك الحلة ليست لحسام، تلك الحلة تعرفها تتذكر شكل ذلك الدبوس جيدا، تلك حلة...
قبل أن تنطقها سمعت صوته يأتي من هناك يصعد الفاصل من درجات السلم يغمغم ساخرا:.

- يا عم خش اخرتنا بقالك ساعة بتنقي في البدل دا زمان الناس نامت.

حلة زيدان إذا، حسام ذهب لزيدان وها هما معا، دخل حسام أولا ليدخل هو من خلفه لما يجب أن يكن وسيما في كل مرة تراه فيها، لما يبدو هو عريس الليلة، على الرغم من انها نادرا ما تراه يرتدي « تيشرت » زيدان يفضل الملابس الرسمية، ولكنه اليوم يرتدي « تيشرت أبيض اللون اكمامه تصل للمنتصف، وسروال أسود من الجينز، وحذاء رياضي أبيض، هل كان يركض أم ماذا، ما إن دخل إلى المنزل مد يده يود مصافحتها يغمغم بابتسامة متكلفة:.

- ازيك يا لينا، اخبارك ايه
بعد آخر مواجهة بائسة بينهما يأتي اليوم يحادثها بتحفظ يخبرها أنها فقط إبنه خاله وإن ما حدث بالكامل صفح وطواها، مدت يدها تضعها داخل خفه تتمتم بخفوت:
- الحمد لله.

سحبت يدها من يده ليتحرك هو للداخل بينما وقفت هي تضع يدها على نابضها تشعر به سينفجر، ضربت الأرض بقدميها لما جاء، لما في كل مرة تراه فيها، تشعر بأنها تراه للمرة الأولي وكأنها لم تكن تحمل في طفل منه يوما، ربما لأنها لم تعد تلك الفتاة الضعيفة البائسة، ربما لأنها منذ زمن طويل بدأت تشعر بالامان والحياة من جديد، ربما كان مقدر أن يحدث ذلك كله لتحي بعد خوف أمنا لن يضيع، تنهدت حائرة حانقة من ذاتها، لما تشعر في تلك اللحظات انها مراهقة حمقاء تحب ابن عمتها خلسة وتخشي أن يفضح أحدهم امرها، تنهدت حانقة لتتوجه للداخل سمع صوت ضحكاتهم جميعا يصدح في المكان، توجهت تجلس على مقعد بعيد عن الجميع تنظر لهم، حين نظر والدها لحسام يغمغم ساخرا:.

- ايه يا حوسو غيرت الكشف المستعجل، قصدي خلصت الكشف المستعجل
ليضيق حسام حدقتيه غاضبا ينظر لوالده حانقا، عابس الوجه، بينما يجلس هو يتابع ما يقولون يشارك في احاديثهم بكلمات قليلة، تنهدت تبتسم شاردة، قطبت جبينها فجاءة رفعت وجهها تنظر لزيدان ذلك.

« التيشرت » الذي يرتديه زيدان تعرفه، هي من اشترته له كيف نسيته، توسعت عينيها في دهشة ترمش باهدابها عدة مرات سريعة متتالية، في السواق القريب من القرية السياحية تتمشي بصحبته اعجبها، اشترته في خلسة منه وهو يتنقي لها أحدي فساتين السهرة، كانت تود إعطائه له هدية في يوم الحفل المشؤوم ولكنها لم تفعل، والآن هو يرتديه؟! توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة، لم تخرج من دهشتها الا على صوت والدها يحادث عمر أخيه برزانة معتادة في مثل تلك المواقف:.

- خلاص هزرنا وضحكنا بص يا عمر، أنت طبعا عارف احنا هنا ليه، أنا جاي اطلب منك أيد سارة بنتك لحسام، أنت قولت أنك موافق يوم فرح أدهم بس ناقص رد العروسة، هي فين سارة صحيح
- سارة اهي.

صاحت بها لينا بابتسامة واسعة تمسك يد سارة في يدها تجذبها برفق لداخل الغرفة التفت حسام برأسه سريعا ينظر ناحية باب الغرفة تسمرت عينيه ينظر لها مسحورا، تقافزت دقات قلبه على وشك تحطيم صدره، ها هي أمامه تقف هناك جوار زوجة أبيه، ترتدي فستان هادئ وردي اللون يخطف الأنفاس، تنظر لأسفل يشعر بها مرتبكة متوترة، تقبض كفها الآخر تشد عليه، لما تخفي وجهها عنه يريد أن يراها يعتذر لها، يخبرها بأنه أحمق نادم على ازعاجها بكلماته السامة الغبية، لما تشدد كفها على كف لينا بذلك الشكل، لحظات فقط وفهم، حين نظرت لينا لهم ابتسمت تردف بهدوء:.

- معلش يا خالد هقاطع كلامكوا بس سارة عايزة تتكلم مع حسام قبل ما تقول رأيها موافقة أو لاء
انقبض قلب حسام مع كلمة لينا الأخيرة، في حين قطب خالد جبينه ينظر لأخيه متعجبا، ليبادله عمر بنظرات متعجبة حقا لا يفهم ما يحدث، في حين هب حسام سريعا يغمغم متلهفا:
- آه طبعا طبعا
نظر خالد لحسام ساخرا، في حين نظرت لينا لعمر تحادثه مبتسمة:
- بعد إذنك طبعا يا عمر.

تردد عمر للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب، سيفهم كل شئ من سارة بعد أن تنتهي تلك الزيارة، ابتسمت لينا تشير لحسام ليتبعها، التقط حسام حقيبة كبيرة وعلبة مغلقة ليتحرك خلف لينا إلى الشرفة حين طاولة مستديرة جلست سارة على أحد جانبيها وحسام على المقعد الآخر امامها، نظرت لينا لسارة تشجعها بعينيها تبتسم لها في هدوء شدت على كفها، قبل أن تنظر لحسام تردف محتدة:.

- أنا واقفة برة يعني لو فكرت تزعلها هاجي ارميك من البلكونة
توسعت عيني حسام في دهشة ينظر لزوجة أبيه مصعوقا، متي أصبحت بتلك الشراسة، تلك القصيرة صاحبت اللسان الذي يفوقها طولا، خرجت لينا من الشرفة لينظر حسام سريعا ناحية سارة ما حدث كاملا لا يهم، الأهم الآن أنها يراها اخيرااا، أنه هنا ليتخذها زوجة وحبيبة، كسر الصمت يهمس لها بتلهف مشتاق:
- سارة، أنا.

رفعت وجهها له في تلك اللحظات رأي من خلال حدقتيها المضطربتين أنها تود قول شيئا ما، مترددة وربما خائفة منه بعد ما فعل، صمت ينتظر ما ستقول، زفرة طويلة خرجت من بين شفتيها تشد على أسنانها رفعت وجهها له تتذكر ما قالته لها لينا، حركت رأسها إيجابا كأنها تستعيد تلك الكلمات في عقلها من جديد، تجنبت النظر لعينيه تماما تغمغم في هدوء جاف:.

- بص يا حسام ولو سمحت ما تقاطعنيش، أنا ما عملتش اي حاجة غلط عشان تكلمني بالشكل دا وتقف تهددني، أنا ما روحتش وقفت مع شهاب وقولتلن كلمني لو سمحت، أنا كنت رايحة المحاضرة هو جه يسألني أن كنت سجلت محاضرة امبارح لأنه ما كنش موجود، قولتله اني هبعتها على تليجرام الدفعة، بس، لا واقفة بضحك ولا بهزر، ولا ينفع إنت تكلمني بالشكل دا، كان ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، مش واقف تهددني وتكلمني وكأني عاملة جريمة، خليتني مش عارفة حتى أنا حليت إيه في الامتحان...

- ناقصة درجة، بعد ما اختارتي الإجابة الصح شخبطتي عليها واختارتي الغلط.

توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة لا تنكر شعورها بالسعادة مما قال، رغم ذلك حافظت على تعابيرها الهادئة الجامدة، في حين ارتسمت هو ابتسامة صغيرة على ثغره لينا زوجة من شجعتها لتقول تلك الكلمات كيف علم؟ من تلك الجملة التي قالتها سارة «ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، » والتي قالتها لينا له قبلا بشكل مختلف قليلا، أعجبه غضب سارة، أعجبه توترها وهي تحاول اخباره كم هي غاضبة منه، محاولاتها أن تظهر شجاعة، ظل صامتا بعد أن قال ما قال يراقب تعابير وجهها، رائها كيف حاولت أن تبدو جامدة في تعابيرها اللطيفة حمحمت في حدة لا تليق بها تماما تردف بجمود:.

- شكرا، أنا عارفة اني حليت كويس، عشان كنت مذاكرة كويس، مش دا موضوعنا، أنا مش هسمحلك ابدا بالشكل دا تاني، أنا
- أنا آسف، أنا بحبك.

همس بهما بصوت خفيض شغوف رخيم، لتشخص حدقتيها في ذهول تندفع الدماء إلى وجنتيها، وتفر باقية الدماء من جسدها خجلا تاركة إياها جثة تتجمد من وقع جملتين فقط، اختفت أنفاسها تسارعت دقاتها، ضمت كفيها تفركهما بعنف حين سمعته تنظر أرضا جسدها شبه يرتجف، لينا لم تخبرها أنه سيقول تلك الكلمات التي تسلب القلب في لحظة، اغمضت عينيها حين سمعته يكمل ما يقول بنبرة هادئة رخيمة حنونة:.

- أنا آسف يا سارة، انتي عندك حق، ما كنش ينفع ازعقلك بالشكل دا، من غير ما اعرف الموضوع، أنا بس كنت غيران أوي، بس اوعدك أن دي اول واخر مرة هزعلك فيها، أنتي غالية عندي اوي يا سارة اغلي مما تتصوري.

في تلك اللحظة تحديدا تريد أن تبكي من الخجل، تركض إلى غرفتها تحتمي بها من دقات قلبها المتسارعة مشاعرها التي يغزف عليها انغاما تبعثرها، فتحت مقلتيها حين سمعته يطلب منها ذلك برفق، لتراه يحمل صندوق كبير من محل طعام شهير للغاية وضعه على الطاولة، ليمسك بحقيبة كبيرة من الورق يضعها جوار الصندوق على الطاولة يغمغم مبتسما:
- دول عشانك اعتبريهم هدية أو اعتذار، أنا مش عايزك تزعلي ابدا يا سارة.

رفعت عينيها لمقلتيه لحظة واحدة تنظر لعينيه اللامعة التي لم يحجب لمعانها زجاج نظارته الشفافة، ارتسمت ابتسامة كبيرة خجولة على شفتيها تنظر بعيدا
في اللحظة التالية دخل خالد إلى الشرفة فجاءة يغمغم ساخرا:
- اجيب مخدة من عند عمك عمر وامدد على الكنبة، لو ناوي نبات هنا قولي
نظر حسام لأبيه حانقا، في حين أحمر وجه سارة خجلا اشار خالد بيده لحسام لأن يخرج من الغرفة، اقترب هو من إبنه أخيه يحادثها مبتسما برفق:.

- سارة، حبيبتي، ما فيش اي حد في الدنيا يقدر يغصبك توافقي على حاجة انتي مش عاوزاها، لو مش موافقة يا حبيبتي...
- أنا موافقة
قاطعته سارة تهمس بها بصوت خفيض متوتر خجول، لتخرج ضحكة صغيرة من بين شفتي خالد، يربت على رأسها برفق، عاد لهم، يجلس مكانه من جديد يتمتم مبتسما:
- بما أن سارة موافقة نقرا الفاتحة.

جائت لينا في تلك الاثناء تمسك بيد سارة جلست جوارها على أحدي المقاعد القريبة منهم، نظر عمر لابنته يسألها بعينيه أن كانت حقا موافقة أم لاء، لتومأ سارة برأسها بخجل ابتسم عمر في حين رفع حسام يده سريعا ليضحك الجالسين على ما يفعل، بدأوا جميعا في قراءة الفاتحة إلى أن انتهوا ربت خالد على ساق يردف:
- نتفق بقي، بنت اخويا هتيجي معززة مكرمة بشنطة هدومها بس
حرك عمر رأسه نفيا سريعا يعترض بحدة على ما يقول أخيه:.

- لا يا خالد معلش، اخوك مش فقير الحمد لله، زي ما جهزت سارين ههجز سارة، والموضوع هيمشي طبيعي زي ما بيحصل في اي جوازة
هنا تدخل حسام فجاءة يردف ساخرا:
- طب بما ان الأجهزة الكهربائية على العروسة فأنا عايز بلايستيشن 5 الجديد
التفت خالد لحسام ينظر له شرزا يتوعد له، في حين صدم زيدان قدم حسام بعنف تأوه حسام يمسد ساقه ينظر لصديقه حانقا ضحك زيدان يحادث عمر سريعا:.

- بيهزر طبعا أنت عارف حسام دمه خفيف بس ساعات بتقلش منه، شربات يا حسام
قلب حسام عينيه ساخرا، ليقرر هو تولي دفة الحديث ويا ليته لم يفعل نظر لعمر يقول بجدية مفرطة:
- قبل الشقة والعفش والكلام دا كله، هنتجوز أمتي، أنا بقي نعمل شبكة وكتب وفرح في ليلة واحدة ويا ريت بكرة
رفع عمر حاجبيه ينظر لحسام مستهجنا ما يقول ليلكزه خالد بمرفقه في صدره يهمس له حانقا:
- اخرس بدل ما اقل منك قدام الناس.

زفر حسام أنفاسه غاضبا، لما يعامله أبيه بتلك الطريقة، هو العريس هنا ويجب أن يتولي هو تحديد ميعاد زفافه ليردف قائلا من جديد في حدة:
- انتوا كدة كدة مش هترضوا تخلوني اخرج معاها غير لما اكتب عليها، فيها ايه لو عملنا الشبكة والفرح مع بعض، مش هتحصل حاجة يعني، نخليها في اجازة نص السنة.

تجهم وجه عمر ينظر لذلك الفتي الارعن كم يرغب في أن يصفعه على فمه ليتوقف عن تلك التراهات التي يقولها، كاد خالد أن يتحدث حين بادر زيدان يقول في هدوء مقنع:
- بصراحة أنا مع حسام في اللي بيقوله، طالما المبدئ موجود يبقي ما فيش داعي للتأخير، يعني على ما تيجي اجازة نص السنة، تكون الشقة جهزت ودي مسؤولية حسام وحضرتك يا خالي بما إنك والد العروسة وخالد باشا طبعا، كان على الهدوم أو الفرش، فدي مسؤولية لينا.

بنتك يا خالي وماما طبعا مش هتتأخر ومدام تالا وسارين، وفي خدامين كتير في الفيلا ممكن يساعدوا، القاعة حسام اللي هيحجزها ويتفق عليها، وإن كان على فستان الفرح تقدر سارين تجيبه بعد الامتحانات، الموضوع بسيط جدااا
ما إن انهي زيدان كلامه اندفع حسام يعانق صديقه بقوة يتمتم فرحا:
- حبيبي يا أبو الصحاب، ربنا يخليك للغلابة.

لم يقتنع عمر تماما بما قال زيدان فأخبرهم بأنه بحاجة لوقت أكثر لمشارة ابنته وسيعطيهم رده، نزلت العائلة إلى أسفل ليجدوا سيارة زيدان تقف هناك، فالسيارة الاخري مقعد السائق مبتل بفعل ملابس حسام، جلس زيدان خلف المقود جواره خالد ولينا في الخلف في المنتصف بين والدتها وحسام، التفت خالد لزيدان يحادثه متهكما:
- ايه يا واد العقل دا، دا أنا اقتنعت
ضحك زيدان يرفع يده يؤدي التحية لخالد يتمتم ضاحكا:.

- تلميذك يا باشا
كاذب، كاذب، كاذب، رددتها لينا داخل نفسها مئات المرات تلميذ فاشل تعلم كل شئ من والدها الا قواعد العشق...
- ايوة يعني تفتكروا عمي عمر هيوافق ولا لاء..
غمغم بها حسام قلقا لينظر له الجميع شرزا بعد ما فعله بالاعلي، خالد على وشك أن يلقيه من السيارة:
- إنت تخرس خالص بدل ما ارميك من العربية، ايه اللي أنت هببته فوق دا
قلب حسام عينيه بملل يردف ساخرا:.

- أنا عملت ايه يعني مش هو اللي عملي فيها أبو العروسة وأنا هجهز بنتي بنفسي، هي مش الأجهزة الكهربائية على العروسة بردوا
شد خالد على أسنانه يطحن قبضته التفت بجسده إلى حسام يصيح فيه محتدا:
- تقوم قايلهم عايز بلايستيشن 5 يا ابن ال...
ضحك حسام ساخرا دون أن يرد، في حين انفجر الجميع في الضحك، التفت خالد لزيدان يسأله ساخرا:
- وأنت يا سي زيدان ياللي عاملي فيها أشيك شاب في مصر، فين ست انجليكا اختفت فين.

انثني جانب فم زيدان بابتسامة صغيرة رفع كتفيه لأعلي يغمغم في سخرية مريرة:
- طبعا أشيك شاب في مصر، أنت ما تعرفش قيمة التيشرت دا، وإن كان على أنجليكا فهي سافرت روسيا بس هترجع قريب...
الشقراء غادرت دعت في قلبها إلا تعود من جديد سيرة الشقراء كفيلة بأنها تصيبها بالغثيان، لا هي حقا تشعر بالغثيان بالفعل، يبدو أن الكعكة المحترقة ترغب فئ الخروج من بين امعائها، صاحت متألمة تردف سريعا:
- زيدان وقف العربية بسرعة.

وضعت يدها على فمها، ليوقف زيدان السيارة سريعا اندفعت بجسدها خارجا ترتمي أرضا تتقئ بعنف، هرع الجميع إليها، امسك حسام بها جيدا حتى لا تسقط أرضا، يحاول مساعدتها في تنظيم تنفسها حتى لا تختنق، اخرجت كل ما في جوفها لترتمي برأسها على صدر حسام تنظر لهم مجهدة، ابتسمت لوالدتها في إجهاد تطمئنها بصوت هامس أنها بخير، ليحملها حسام إلى السيارة من جديد، استندت على صدره تتنفس بعنف، لينا تمسح على شعرها برفق، قاد هو السيارة بهدوء تلك الكلمة خوفا عليها ينظر لها من خلال المرآة بين حين وآخر يتذكر صيحتها بأسمه وكأنه كانت تستنجد به، أو هكذا صور له قلبه المتعب.

في صباح اليوم التالي، تقف في شرفة غرفتها في منزل عمها تنظر للسماء هي تحب الطيور خاصة الحمام تحب النظر إليها وهي تطير ترفرف في فضاء سرمدي من الحرية لن ينتهي أبدا، حرية لن تحصل عليها هي ابدا، هي لا تريد حرية اختيار طعام او ملابس، او اي جامعة تختار، هي تريد حرية الروح من قيد العادة، سجن المألوف، قبضان العادات التي تسجن خلفها طير الحمام تمنعه من التحليق بعيدا كما يريد، تنهدت تزفر أنفاسها اليوم سيعودون جميعا هي ووالديها إلى أسيوط من جديد، انتهت زيارتها القصيرة، خرجت من غرفتها لازال الوقت باكر ولكنها استيقظت على اي حال، حين خرجت لصالون المنزل رأت ياسمين زوجة عمها تضع الإفطار على الطاولة ابتسمت لها، قبل ان يصدح فجاءة صوت رنين هاتف المنزل، من بات يطلب هاتف المنزل في تلك الأيام توجهت ياسمين إلى الهاتف، ما إن وضعت السماعة على اذنيها لحظات فقط وشخصت عينيها فزعا تصرخ باسم ولدها، صرخات فزعة مذعورة، غيث اصطدمت سيارة في حادث، هو الآن في المستشفى، أسرع الجميع إلى عنوان المستشفى، هي ووالدها وفارس وجوري وياسمين يركضون في طرقات المستشفي يبحثون عن رقم الغرفة، التي ما أن وصلوها هرع فارس إلى الطبيب يسأله فزعا:.

- طمني ابني عامل ايه، قالولي جاي في حادثة عربية
ربت الطبيب على كتف فارس يبتسم شبه ابتسامة يغمغم في هدوء جاد:
- واضح أن أستاذ غيث مش متعود على السواقة في مصر، بعد الأشعة طلع عنده ضلعين مكسورين للأسف وكدمات ما وصلش الباقي منها لكسور الحمد لله.

لم تنتظر ياسمين أكثر اندفعت إلى غرفة غيث تهرول ناحية فراشه وقفت أمام فراشه تنظر لجزعه العاري الملتف بشاش طبي، كدمات متفرقة تعلو جسده يبدو أن الحادث حقا كان عنيفا ليؤذيه لتلك الدرجة، فاضت دموع عينيها اقتربت منه تربت على خصلات شعره تهمس باسمه بحرقة:
- غيث، غيث، رد على ماما يا حبيبي.

دخل فارس خلفها بصحبة رشيد وصبا وجوري، اقترب من زوجته يربت على كتفها برفق ينظر لوالده بالكاد يسيطر على دموع عينيه يحاول طمئنه نفسه قبلها:
- ما تخافيش يا ياسمين الدكتور بيقول هيبقي كويس، يارب، بإذنك يارب هيبقي كويس.

وقفت صبا هناك بعيدا تنظر له رغما عنها انسابت دموعها بحرقة وضعت يدها على فمها تنظر لحالته المذرية، وعقلها يذهب لتفسير واحد فقط أن مراد هو من فعل ذلك، هو من حاول قتله بعد ما فعله، توترت حدقتيها تنظر لغيث لتعاود النظر لوالدها، هل تخبر والدها بأمر مراد، أم تكتفي بالصمت وتترك ذلك الشيطان يحاول أن يقتل أخاها كما حاول قتل غيث، بالطبع هو من غيره سيفعل، ستخبر والدها وما يحدث، هي المخطئة في البداية وعليها أن تدفع ثمن خطئها الآن!

تقف في المطبخ تدندن بلحن أغنية ايطالية تحبها تلتف حول نفسها كفراشة بين حديقة أزهار، سعيدة كلمة قليلة للغاية عما تشعر به في تلك اللحظات تكاد تطير فيها من الفرح، قلبها يتراقص مع انغام الموسيقي، هي وادهم والعشق ثالثهما، قيس وليلى ولا مكان لجني الشعر هنا، فقصائد قيس فاضت كنهر عذب في قلب ليلي روته لتزهر جنة عشقهم الخالدة، ابتسمت سعيدة تنظر للطعام الذي أعدته بيديها لزوجها الحبيب النائم، صوت دقات هاتف أدهم، خرجت من المطبخ سريعا هناك ملقي على الأريكة التقطته لتري اسم والدها فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها لتسمع صوت أبيها الحاد:.

- جري ايه يا عم أدهم أنت هتفضل عايش في دور العريس كتير، الشغل متعطل وأنت ولا هنا
ضحكت عاليا تحادثه والدها مبتسمة في حبور:
- أنا مايا يا بابا أدهم لسه نايم
ابتسم حمزة ما أن سمع صوت ابنته ليبادر قائلا:
- حبيبة بابا وحشاني والله، روحي صحي عريس الغفلة وقوليله متعطل بسببه، لو ما جاش هاجي أنا اعلقه.

ضحكت مايا من جديد تحادث والدها لدقائق قبل أن تغلق معه الخط، تحركت ناحية غرفة نومهما اقتربت من الفراش حيث يغط أدهم في نوم عميق كطفل برئ!، جلست جوار رأسه مدت يدها برفق تربت على خده تحادثه بهمس خافت:
- أدهم، أدهم اصحي يا أدهم، أدهم اصحي عشان الشغل
تململ في نومته يتأثب ناعسا فتح عينيه قليلا لترتسم ابتسامة سعيدة على ثغره امسك كف يدها يقبلها يتمتم ناعسا:.

- صباح العسل، بذمتك في حد يصحي من النوم يلاقي العسل دا كله قدامه
ابتسمت خجلة! تسبل عينيها برقة جذبت يدها من يده تغمغم بخفوت رقيق:
- على فكرة انا بتكسف، قوم يلا عشان تروح الشركة، أنا هروح احط الفطار على السفرة.

رفع حاجبيه ينظر في اثرها مدهوشا من تلك التي تخجل؟!، مايا، حرك رأسه يبتسم في حالمية شديدة، أيام كالجنة قضاها معها، ولكن لما يجب أن تدق الساعة الثانية عشر بتلك السرعة، لما يجب أن ينتهي حلم الأمير سريعا ويضطر إلى الذهاب لعمله!

أمام عمارة سكنية كبيرة حديثة الطراز لافتة كبيرة خط على سطحها ( قاسم رشوان، طبيب نفسي ) وقفت سيارته أمام عيادة الطبيب ينظر للافتة لحظات طويلة يزفر أنفاسه حانقا لا لن يذهب ولكنه يحتاج إلى أن يذهب، لن يفعل، ولكنه بحاجة للحديث بحاجة لذلك، حسم قراره، ليقرر الصعود لأعلي لا مجال للتراجع الآن، ما إن صعد إلى أعلي وقفت سيارة لينا هي الاخري نزلت من سيارتها لتلمح عينيها سيارة زيدان تقف أسفل عيادة قاسم، زيدان هنا، ماذا يفعل، ولما جاء لقاسم من الأساس، هناك حلقة مفقودة، ستعرفها الآن، أخذتها طريقها سريعا لأعلي تبحث عنه هو أولا!



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 03:56 صباحاً   [227]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وخمسة عشر

دخل من باب العيادة المفتوح يضع نظاراته السوداء الكبيرة علها تخفي القليل من ملامح وجهه يخشي أن يراه أحد يعرفه في تلك الأثناء تحديدا، خطي لداخل العيادة من الجيد لا يوجد سوي رجل وامرأة والمساعدة الخاصة بقاسم تجلس على مكتب راقي من الزجاج أمامها حاسب محمول، توجه تركيزها الكامل فيه، اقترب من مكتبها يدق بأصابعه بخفة على الزجاج نظرت الفتاة له كانت على وشك أن تقول شيئا ليبادر هو قائلا في خمول:.

- أنا عندي ميعاد مع دكتور قاسم، خالد زيدان
حركت الفتاة رأسها بالإيجاب توجه انظارها صوب شاشة الحاسوب، لحظات ورفعت وجهها إليه تتمتم بابتسامة لبقة:
- ايوة فعلا، بس دكتور قاسم بيعتذر أنه مضطر يتأخر نص ساعة، ممكن حضرتك تستناه
تنهد زيدان ضجرا نصف ساعة كاملة قد يحدث فيها العجائب، لا يستبعد أن يجد العائلة كلها هنا الآن، نظر لساعة يده ليعاود النظر للفتاة يغمغم بهدوء:
- ينفع استناه في المكتب؟

بدت الفتاة مترددة لا تعرف أتوافق أم لا، حركت رأسها إيجابا بعد لحظات، تطمأن نفسها أن العيادة كاملة مزودة بكاميرات مراقبة، تحرك زيدان صوب غرفة قاسم دخل إليها ليغلق الباب خلفه، في تلك اللحظة تحديدا دخلت لينا سريعا إلى العيادة تنظر هنا وهناك تبحث بعينيها عنه أين هو، رأت سيارته بالأسفل بالطبع هنا، تحركت ناحية مكتب مساعدة قاسم تحادثها مبتسمة:
- هو دكتور قاسم جه، عندي ميعاد معاه بعد ساعة.

حركت الفتاة رأسها نفيا نظرت للينا تردف مبتسمة:
- لسه يا آنسة لينا، دكتور قاسم هيتأخر نص ساعة، ولسه في كشف قبل حضرتك كمان
إذا هو من سبقها، هو هنا ولكن أين، تعلقت عينيها بباب غرفة قاسم المغلقة، ربما هو في الداخل من يعرف عادت تنظر للفتاة من جديد تسألها مبتسمة:
- هو في حد جوه في مكتب دكتور قاسم.

نظرت المساعدة للينا للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب لتعاود لينا سؤالها عن هويتها فما كان من الفتاة الا وجهت انظارها للحاسب تحادث لينا بنبرة رتيبة هادئة:
- ما اقدرش اقول لحضرتك دي خصوصيات المرضي، دكتور قاسم يمنع دا تماما
زفرت لينا أنفاسها حانقة توجهت إلى أحد المقاعد تجلس عليها تنظر لباب الغرفة المغلق تتمني لو كانت عينيها تري خلف الابواب المغلقة ربما كانت تعرف أن كان هو حقا أم لا...

خلف الباب المغلق على مقعد أسود وثير من الجلد جلس زيدان عليه يخفي وجهه بين كفيه يزفر أنفاسه بعنف يشعر وكأن بركان من نار يشتعل داخله، قبضة عنيفة من جمر تعتصر صدره، يكرهها، لا يريد حتى أن يراها ولكن لما، لما ذلك الشعور القاسي بالذنب، ذنب لم يرتكبه ولكنه حقا يشعر وكأنه هو الجاني، تنهد حانقا من نفسه، يعود برأسه للخلف يستند إلى ظهر المقعد يتذكر ما قاله له خالد بالأمس.

Flash back
حين وصلت السيارة اخيرا، عينيه حقا كانت قد تعبت من محاولته لاختلاس النظرات إليها، لما لازال يقلق عليها بعد كل ما فعلت، ما إن اوقف السيارة نزل حسام يحمل شقيقته يصعد بها لغرفتها خلفهما لينا والدتهم، تنهد ينظر لها وهي تبتعد سيذهب مباشرة لغرفته يقضي ليلته فيها وفي الصباح سيغادر ما أن خطي للداخل سمع صوت خالد يحادثه:
- زيدان، حصلني على المكتب.

ماذا يريد خاله الآن، تحرك خلفه إلى غرفة المكتب يغلق الباب عليهم، جلس على المقعد المقابل لخالد، هما الإثنين والصمت ثالثهم، يجلس خالد أمام زيدان هادئا يتفحص قسمات وجهه بنظرات هادئة للحظات طويلة، في حين بدأت قسمات وجه زيدان تتشنج قليلا ذلك الأسلوب الذي يستخدمه خالد يعرفه زيدان جيدا، الهدوء المستفز للأعصاب، ذلك الهدوء الذي يجعل من يجلس أمامه فب حالة بشعة من التوتر لا يتوقع رد فعله القادم، حين طال الصمت من ناحية خالد حمحم زيدان يتمتم في هدوء:.

- في حاجة يا خالي
في هدوء تام حرك خالد رأسه بالإيجاب فقط إيماءة واحدة فقط، وزفرة قوية خرجت من بين شفتي يتمتم فجاءة دون مقدمات:
- مش ناوي تسامح ولدتك بقي، حالتها النفسية بشعة، اومال لو ما كنتش شغال في مكافحة المخدرات وبنشوف كل يوم بلاوي، ابن بيتقل أمه وأب بيقتل عياله، أمك ما كنتش واعية لأي بتحصل حواليها، افهم.

حرك زيدان رأسه نفيا بعنف، بدأ هدوءه يتراجع شيئا فشئ يحل مكانه الغضب، إحساس بشع بالقهر والألم يطحن صدره يفتت قلبه، كور قبضته يشد عليها بعنف، تسارعت أنفاسه، يشيح بوجهه بعيدا يتمتم بعنف:
- مش ذنبي، ما تطلبش مني اني اسامحها هي السبب هي اللي دخلته الأول في حياتنا، هي السبب في كل اللي حصلي، جاي بمنتهي البساطة تطلب مني اسامحها، لو على جثتي مش هيحصل
هب من مكانه فجاءة يود مغادرة المكان بأكمله.

حين سمع صوت خالد يأمره بأن يتوقف، توقف في منتصف الغرفة قرب الباب، يتنفس بعنف يطحن أسنانه بقوة، قام خالد يتوجه إليه وقف أمامه يمسك ذراعيه بين كفيه بقوة يحادثه منفعلا:.

- إنت عمرك ما كنت قاسي يا زيدان، ما تحاولش تعيش في شخصية مش بتاعتك، أنت لحد دلوقتي مستعد تسامح لينا بس بتكابر، دي أمك، غصب عنك أمك، لوجين اتظلمت زيها زيك، من أول يوم وهو بيحطلها الزفت دا في الأكل والعصير، رماها سنين في السجن بتتعذب من احساسها بالندم والقهر، لو أنت اتذيت زمان فربنا عوضك بعد كدة، انما هي عايشة عمرها كله في اذي سنين وسنين، من حقها عليك أنك تسامحها كفاية عند يا زيدان.

التفت برأسه ينظر لخالد الواقف أمامه، احمرت مقلتيه لا يعرف أهو الغضب أم محاولة يائسة لكبح دموع عينيه الحارقة، علت أنفاسه ليعلو صوته بعدها يصيح محتدا:.

- عند، أنت فاكر الموضوع عند، أنت سامع نفسك يا خالي، افرض معايا لو ما كنتش هربت وعرفت اوصلك، كنت هكمل في العذاب دا لحد أمتي، جوزها بعت واحد مجنون يغتصب طفل صغير، جوزها اللي هي دخلته حياتنا بإيديها، لو كنت فضلت في الوحل دا كنت اكيد اتجننت، كنت بقيت يا مريض، يا سفاح، مالهاش حل تالت، خليها تبعد عن حياتي ما تجيش دلوقتي تعيش في دور المظلومة صدقني أنا لو شوفتها بتموت قدام عينيا مش هيتهز فيا جفن، عن إذنك يا خالي أنا طالع أنام.

نزع ذراعيه من كفي خالد تاركا إياه ينظر في أثره في صدمة مما قال، في حين أخذ زيدان طريقه إلى غرفته، حين فتحها توجه مباشرة إلى شرفة غرفته يقف فيها يتنفس بعنف، يشعر بجسده يشتعل من الغضب والألم، هواء الليل العنيف لم يطفئ ولو قبس صغير من نيرانه المتأججة، لا يعرف لما حتى نظر ناحية شرفة غرفتها إلا أنه حين فعل رآها تجلس أرضا على أرضية الغرفة الرخامية الباردة، تنظر إلى الحديقة، تحركت رأسها تنظر إليه رأت نظرات عينيه الحزينة المعذبة، كان يتشاجر مع والده سمعت صوت شجارهما الحاد، نظرت له بتعاطف، وكأنها تحنو عليه بنظرة ضعيفة من عينيها، فلم يفعل شيئا سوي أنه ترك الشرفة وغادر من المنزل بأكمله يهرب بعيدا.

Back
فتح عينيه فجاءة على صوت هادئ رخيم يأتي من أمامه يتمتم:
- إنت نايم ولا إيه
فتح عينيه يتعدل في جلسته حين رأي قاسم يجلس أمامه يبتسم ابتسامة هادئة، كيف دخل ولم يشعر حتى به، ومنذ متي وهو هنا، ابتسم قاسم يجيب عن أسئلته التي لم يطرحها:
- واضح أنك متعمق جدا في التفكير لدرجة أنك ما سمعتنيش وأنا بفتح الباب، أنا بقالي عشر دقايق قاعد قدامك.

لم يبتسم فقط رفع كفيه يمسح وجهه، خلل أصابعه في خصلات شعره يزفر أنفاسه المختنقة، للحظات طويلة ظل صامتا وقاسم ينظر له في هدوء، مال زيدان بجذعه قليلا يستند بمرفقيه على كفيه تنهد يتمتم بحرقة:.

- مش قادر اسامحها، كل ما بشوفها بفتكر كل اللي حصل زمان، هي ما عملتش حاجة غير أنها اذتني، بحاول افتكر اي ذكرى حلوة بينا، ولو ذكري واحد تخلي قلبي يسامح مش لاقي، قبل موت والدي الله يرحمه كانت حياتي كلها معاه هو، كنت متعلق بيه أوي، بعد موته، كنت طفل مش فاهم يعني ايه موت، كنت بقعد كل يوم استناه على الكرسي اللي قدام باب الشقة زي ما كنت بعمل، بس ما كنش بيجي، ما كنتش فاهم ايه اللي بيحصل، كنت بشوفها دايما بتعيط وحزينة، وخداني على طول في حضنها تقولي أنت العوض بعده، لحد ما هو دخل حياتنا، ما بقتش بشوفها، شهور وأنا عايشة مع دادة في البيت وهي بتخرج الصبح وما بترجعش غير بليل وأنا نايم، لحد فجاءة ما لقيتها بتقولي دا هيبقي بابا، هي اللي باعتني، مش هقدر دلوقتي اسامح.

- طب انت جايلي ليه دلوقتي، تتمتم بها قاسم بصوت هادئ للغاية ليرفع زيدان وجهه المجهد ينظر لقاسم للحظات طويلة قبل أن يحرك رأسه بالنفي ابتسم يغمغم ساخرا:
- مش عارف، رغم كل اللي عملته فيا الا اني حاسس بالذنب، أنا مش عارف أنا ليه حاسس بالذنب وأنا المجني عليها منها، اعمل ايه عشان اخلص من الشعور دا، أنا مش هسامحها عمري ما هعمل كدة...

تحرك قاسم من مكانه متوجها ناحية مقعد بجوار فراش أسود اللون من الجلد الوثير ما يطلق بالمصطلح المعروف ( شيزلونج )، اشار لزيدان ليجلس عليه فحرك الأخير رأسه بالنفي، يتمتم محتدا:
- أنا مش مريض نفسي، أنا جاي عايز اجابة لسؤال واحد، أنا ليه عندي إحساس بالذنب ناحيتها بس، وما تحاولش تقولي والدتك وسامحها والكلام المحفوظ دا عشان مش هيحصل
ابتسم قاسم في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب ليفاجئه بسؤال لم يكن يتوقعه ابدا:.

- تفتكر لو والدك كان لسه عايش كان الوضع هيبقي عامل ازاي.

صمت زيدان ينظر لقاسم يعقد جبينه ماذا يقصد، وعن اي وضع يتحدث حياته بالطبع كانت ستتغير إلى الأفضل، كان على الأقل والده سيمنع ذلك الشيطان من اقتحام حياتهم من ايذائه من تخريب علاقته بوالدته، والدته!، هل كانت علاقته ستكون أفضل بوالدته حقا، لم يكن سيكرهها ولما كان سيفعل، إن كان يعيش في أسرة صغيرة سعيدة، لم يكن سيعتبر لينا زوجة خاله والدته قلبا وقالبا، ربما كان سيحب فتاة أخري غير لينا، لا هو قد تعلق بها منذ أن رآها طفلة، الكثير كان سيتغير فقط لو كان والده حيا، تنهد يزفر أنفاسه لا يجد ما يجيب به أو لكثرة الاجابة المتزاحمة في عقله لا يرغب في نطقها، حرك رأسه نفيا يتمتم بابتسامة ساخرة:.

- ما كنتش هتعذب من وأنا طفل صغير
- ليه مش قادر تتجاوز اللي حصل في طفولتك رغم أنه مر سنين، ابتسم قاسم ينطق جملته في هدوء مستفز للأعصاب
لتحتقن أنفاس زيدان يصيح محتدا:
- عشان اللي حصل ما يتنسيش مثلا
علت ابتسامة هادئة خبيثة شفتي قاسم، وضع ساقا فوق اخري يرفع حاجبيه في دهشة مصطنعة يتمتم ببراءة:.

- في مثل زمان بيقولك على قد الغلاوة بيكون الوجع، يعني لو والدتك مش غالية عندك ما كنش اللي حصل منها هيأثر فيك اوي كدة، كنت هتتجاوز الموضوع عادي، ولا أنا بيتهيئلي
احتدت عيني زيدان ليهب واقفا ينظر لقاسم نظرات حادة غاضبة في حين ابتسم قاسم في براءة يردف:.

- يعني كزيدان باشا الحديدي، مقدم الشرطة، الأول على دفعته أربع سنين، صاحب الأرقام في رياضيات كتير، حدث زي اللي حصل زمان ما يأثرش فيه، الا لو زي ما قولتلك على قد الغلاوة بيكون الوجع...
زفر زيدان أنفاسه حانقا ينظر لقاسم محتدا قبل أن يصيح فيه:
- أو يمكن على قد البشاعة بيكون الألم، اللي حص
قاطعه قاسم يقول بنبرة هادئة واثقة وهو ينظر لعينيه مباشرة:.

- اللي حصلك كله أنا عارفة، خالد حكالي من سنين كان خايف لتدخل في حالة نفسية، اللي حصلك أنت تجاوزته من سنين، لسه اللي مأثر فيك هي والدتك واللي حصل منها، زي ما قولتلك على قد الغلاوو بيكون الوجع يا زيدان
كم اراد في تلك اللحظة أن ينقض على ذلك الطبيب المستفز ويلكمه في وجهه حتى يتوقف عن الثرثرة، ولكن فقط كبر سن الرجل هو من منعه، تنفس حانقا ليتوجه إلى باب الغرفة يود فتحه حين سمع قاسم يغمغم مبتسما:.

- على فكرة لينا بنت خالك قاعدة برة لو مش عايزها تشوفك ممكن تخرج من الباب دا
التفت زيدان لقاسم ليراه يشير لباب جانبي، دون كلمة أخري توجه إليه خرج منه يصفع الباب خلفه، في حين ابتسم قاسم يحرك رأسه يتمتم ياسا:
- عنيد زي خاله...

قام قاسم توجه ناحية مكتبه يحادث مساعدته من الهاتف الصغير على سطح المكتب، لحظات تلاها صوت دقات ومقبض الباب يدور، دخلت لينا، لم تنظر ناحية قاسم حتى بل دارت بعينيها في المكان بالكامل تبحث عنه، توسعت عينيها في دهشة كانت على أتم يقين أنه هنا أين ذهب، الشئ الوحيد الذي يثبت حقا أنه كان هنا رائحة عطره التي لا تزال عالقة في الغرفة، اجفلت على صوت قاسم يحادثها:.

- لو ما عملتيش اللي قولتلك عليه واتصارحتي مع زيدان، لفي خدي فلوسك وروحي
تنهدت لينا حانقة تبتسم ساخرة دخلت إلى الغرفة تغلق الباب توجهت إلى المقعد المجاور لمكتب قاسم ذلك المقعد الذي كان يجلس عليه زيدان قبل قليل، ما إن جلست عليه شعرت به وكأنه لا يزال هنا حقا، تحركت برأسها ناحية قاسم تتمتم يأسة:.

- حاولت صدقني بس هو رافض تماما، مش حابب يتكلم معايا، بيعاملني برسيمة بشعة، شايف دايما اني ظلمته، ليه مش قادر يشوف أن أنا مظلومة زيي زيه، إن أنا كنت ضحية لعبة قذرة من شيطان
اقترب قاسم يستند بمرفقيه إلى سطح المكتب ابتسم يتمتم في هدوء قاسي:
- عارفة فين المشكلة، أنك متأكدة أنك مظلومة ودا حقيقي، بس مش راضية تعترفي أنك بردوا ظالمة
توسعت عيني لينا في دهشة اشارت بيدها إلى نفسها تتمتم مصعوقة:
- أنا؟!

ابتسم قاسم ساخرا يحرك رأسه إيجابا في هدوء تام، نهض من مكانه ليتحرك يجلس على المقعد المقابل لها يتمتم في هدوء تام:.

- خلينا تتناقش في موضوع أنتي بتهربي من الكلام فيه من ساعة ما بدأنا جلساتنا، أنا معاكي مظلومة وضحية لعبة كبيرة، لعبة بشعة، بس انتي في جزء في الحكاية دي ظالمة، خلينا نتخيل أن زيدان ما كنش اتجوزك هو الآن، وانتي عارفة بعد ما اتجوزتي انتي وزيدان، زيدان كان متاعب معايا يوم بيوم حالتك بالظبط، انتي كنتي عايشة جوا صندوق ازازا وبدون أي مكابرة زيدان هو السبب في خروجك منه، تخيلي بقي بحالتك النفسية دي كنتي اتجوزتي معاذ أو نائل، كان زمانك دلوقتي محجوزة في مستشفي نفسية بتعاني من بدايات جنون وهستريا وهلاوس.

تسارعت أنفاسها بعنف نعم هي تعرف ذلك، لما يعاود قاسم فتح دفاتر ذكريات جاهدت لاغلاقها، اغمضت عينيها تتمتم محتدة:
- عارفة كل دا...
عاد قاسم يبتسم من جديد ينظر لها في هدوء تام يكمل ما كان يكون:.

- بعد الحادثة اللي حصلتلك من زيدان، كنتي مجروحة منه، ودا حقك، اللي حصل مش هين، بس جرحك منه خلاكي دايما عايزة تجرحيه، كنتي بتدوسي على نقط ضعفه بكلامك وافعالك، عايزة تاخدي تارك منه زي ما اذاكي تأذيه، ودا اللي انتي عملتيه فعلا، اذيتيه، أنا بكلمك بصراحة، أنا لازم اكلمك بصراحة، أنتي اذيتيه وجدااا، أنا عارف أنك ندمانة وانكوا انتوا الإتنين ضحية لعبة، بس المشكلة أن على قد الغلاوة بيكون الوجع، لما حبيتي زيدان واتوجعتي منه كنتي عايزة بس توجعيه بنفس مقدار حبك ليه توجعيه، ما كنتيش عاملة حساب المستقبل، كنتي فاكرة لحد يوم كتب كتابك زي ما حكتيلي، أنه هيجي يخطفك من بينهم زي ما خالد عمل زمان مع لينا، لما ما حصلش دا عقلك صورلك أنه خلاص نسيكي، انتوا الإتنين محتاجين مصارحة حرة، إن شاء الله تصرخوا في وش بعض، ما تجليش تاني غير لما تكوني اتكلمتي معاه، اتفضلي.

تنهدت تزفر أنفاسها حائرة كلام قاسم صحيح ولكنها حقا كانت تكابر، خرجت من العيادة إلى أسفل حيث سيارتها، استقلتها وغادرت بينما كان يجلس هو بعيدا في سيارته لم يلمح سوي طيفها وهي تغادر.

في الحارة، تحديدا في الدكان الصغير التابع لمنيرة والذي يعمل فيه مراد، وقف مراد ينظر بابتسامة واسعة إلى ذلك الدكان الآخر الذي بات يبرق من نظافته بعد أن عمل فيه أياما، لم يذهب تعبه سدي، يفكر في جعل ذلك الجزء خاص بالاجبان والمخلل والالبان والبيض واللحم المجفف، سيحتاج إلى بعض المساعدة المالية، مِنْ مَنْ لا يعرف ولكنه سيتدبر الأمر، جلس على مقعد صغير أمام الدكان يحتسي كوب شاي من القهوة الصغيرة المقابلة له، حين وقعت عينيها تخرج من باب عمارتهم السكنية، وضع الكوب أرضا ليتحرك ناحيتها يسألها متعجبا:.

- أنتي رايحة فين
اخفضت رأسها تشد أصابعها حول محفظة النقود الصغيرة فئ يدها تتمتم بصوت خفيض مرتبك خجول:
- ههجيب طلبات من السوق، أنا سايبة ملك نايمة مع الست منيرة...

تنهد حائرا جزء بداخله يرفض نزولها، خوفا عليها من أن يضايقها أحدهم ولو بكلمة وجزء آخر يريدها الا تخشي احدا تتحرك تثبت لهم أنها لم تفعل شئ خاطي هي ليست الجانية، تركها واقفة مكانها ليتحرك ناحية الدكان جذب الباب الحديدي الخفيف من أعلي حتى المنتصف، ليتوجه إليها انتفضت فجاءة كمن لدغها عقرب حين شعرت بكف يده يمسك بكفها يحدثها متوترا:
- هاجي معاكي، عشان ما تشليش حاجات تقيلة هبقي اشيلها أنا.

ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها بالإيجاب في لمحة خاطفة سارت جواره تشعر بالارتباك يرجف جسدها، تشعر بأن أنظار الجميع مسلطة عليهما، سارت معه إلى السوق الشعبي في منطقتهم وقفت عند بائع الطماطم تمسك بحقيبة بيضاء من البلاستيك تنتقي من بينهم الأفضل تضعها داخل الحقيبة ومراد يقف جوارها يراقب ما تفعل في صمت، لاحت على شفتيه ابتسامة حين تذكر قديما كان يذهب مع جدته وهي تنتقي الخضروات كان يحب الطماطم خضراء اللون التي لم تنضج بعد ويضعها في الحقيبة التي تنتقي فيها جدته فتصيح منيرة فيه:.

- بس يا موكوس يا اهبل بتنقي الطماطم الخضرا.

خرجت من بين شفتيه ضحكة ساخرة خفيفة لم يستطع إخفائها، ها هو يقف يراقب روحية، رأي مقعد من الخشب داخل المحل بعيد قليلا عنها، بعد مجهود اليوم يحتاج حقا للراحة قليلا توجه يجلس عليه ينتظرها إلى أن تنتهي، اخفض رأسه لأسفل يراقب سرب النمل وهو يحمل بقايا الحبوب الصغيرة ويختفي بها بين الشقوق، ليتسأل في نفسه هل حقا النمل راضي عن تلك الفتات التي يأخذها من بقايا البشر، وإن كانت الاجابة نعم إذا لما لا يرضي البشر!، خرج من شروده العميق على صوت شهقة قوية مفزوعة يعرف صاحبتها جيدا، هرول ناحيتها ليجدها تنظر هناك عينيها متسعة حتى آخرها وكأنها رأت الموت وجهها شاحب كالموتي، جسدها يرتجف بعنف وكأنها تصعق، عينيها مثبتة على نقطة واحدة فقط، توجه برأسه تلقائيا ناحية ما تنظر ليري رجل ضخم الجثة علامات الإجرام واضحة للغاية على قسمات وجهه المقززة، ينظر ناحية روحية بابتسامة خبيثة مقززة، ذلك الرجل الذي يخطو ناحيتهم يسير وكأنه الملك، هنا بدأت روحية تحرك رأسها تتمسك بملابس مراد بفزع تحاول الاحتماء به وهو الآن لا يفهم ما يحدث، فقط جملة واحدة أوضحت الحقيقة كاملة جملة بالكاد خرجت من بين شفتيها:.

- ااابعده عني، هيدبحني تاني، سيد، ابعده عني
الآن فقط فهم ذلك الجلنف من تجرأ واغتصب براءة زوجته قبل أن تكون، صرخت روحية بفزع حين اقترب الرجل منهم ليقبض مراد على يدها يمنعها من الهروب، الفزع كان كالموت ينهش جسدها خاصة وهي تسمع نبرة صوته التي لن تنساها ابدااا:
- هو أنت الشاري الجديد، بقولك ايه سيبها وخد عرقها، صدقيني هكيفك على الآخر بحتة بني هتعليلك مزاجك أووووي.

ابتسم مراد في هدوء تام ينظر لذلك الواقف أمامه، قبل أن يحرك رأسه موافقا ما يقول، أبعد روحية عنه قليلا ليراها قد فقدت وعيها من شدة الفزع، ارتجف نابضه قلقا ليسمع ضحكة خشنة قادمة من ذلك الرجل يتمتم ساخرا:
- يا عم ما تصدقش دا شغل اونطة، ها قولت ايه، خلينا اخدها وامشي.

والعجيب في الأمر أن لا أحد اهتم الجميع ينظر لهم نظرات استنكار واشمئزاز ولا أحد يعلق، تحرك مراد بروحية يضعها على المقعد يربت على وجهها بعنف كان لا يرغب في تلك اللحظة سوي في جعلها تستيقظ، حين فتحت عينيها شهقت من الفزع في حين ابتسم هو يحادثها بخفوت:
- ما تغمضيش عينيكي، أنا لسه هجبلك حقك
تحرك مراد للخارج يقف أمام ذلك الجلمود الضخم يبتسم تلك الابتسامة الخبيثة التي عرفها قديما يتمتم في مكر الثعالب:.

- نتفق بقي على السعر على ما تفوق أنا دافع كتير وحتة حشيش مش كفاية، زغلل عينيا، تعالا بس بعيد شوية عن الناس
ابتسم ذلك الرجل لتظهر أسنانه الصفراء المقززة يحرك رأسه بالإيجاب، تحرك بصحبة مراد ناحية محل لحام الحديد في أحد جانبي الشارع، اقترب مراد من صاحب المحل يصافحه مبتسما:
- ازيك يا عم صالح بقولك بالله عليك، ماسورة الماية عندنا في البيت اتكسرت عايز بس ماسورة جامدة وأنا هلحمها بمعرفتي...

ابتسم صالح يغمغم سريعا:
- عندي طلبك حاجة كدة ما يكسرهاش لا شاكوش ولا مربزة، ثواني اجبهالك
تحرك صالح لداخل المحل في حين عاد مراد ينظر للرجل يحادثه بابتسامة مقززة اجاد رسمها:
- ها اخلص هتدفع كام، عايز اروح اديك سامع مسورة الماية مكسورة ومبهدلة الدنيا
ابتسم الأخير في خبث يحك بأصباعيه السبابة والابهام ذقنه الحليق الذي تزينه ندبه قوية يتشدق مستمتعا:.

- عشان خاطر عيون الغزال هديك باكوين وحتة بني، ولا اقولك فرش كامل، بنت الايه تستاهل وأنت اكيد مجرب
ابتسم مراد في تقزز يحرك رأسه بالإيجاب عاد صالح بعد لحظات يمسك في يده ماسورة في طول ذراع تقريبا، أعطاها لمراد يسأله:
- شوف دي تنفع كدة، لو عايز اقصرهالك شوية
توسعت ابتسامة مراد ينظر لقطعة الحديد فئ يده يتشدق مستمتعا، عينيه تلمع بلهيب قاتم:
- زي الفل يا عم صالح هبعتلك الفلوس.

التفت برأسه ناحية ذلك الجلنف الواقف أمامه نظر للقطعة في يده على حين وقبل أن يعي أحد ما يحدث كان يهبط بها على صدر ذلك الواقف أمامه ضربه عنيفة جعلت الأخير يصرخ من الألم في حين تعالت الصيحات والهمهات من حوله، وقف مراد ينظر لذلك الملقي أرضا ليصرخ بعنف:
- ورحمة أمي اللي ما أعرف هي عايشة ولا ميتة لهدفعك تمن اللي عملته فيها غالي يا ابن ال...

امسك قطعة الحديد بكفيه، يهبط بها بعزم ما فيه من قوة على جسد الملقي أرضا يصرخ ويتلوي من الألم، يستجديه أن يرحمه، ومراد يصرخ فيه ينعته بأبشع أنواع السباب...

في حين كانت تقف روحية هناك تستند بيدها على الحائط تراقبه وهو يتلوي من الألم كما كانت هي، يصرخ ويتسغيث كما فعلت هي، لن ينجده أحد كما لن ينجدها، تعلقت عينيها بمراد وهو يصرخ فيه يديه تنزلان بعنف تقسم أنها تسمع صوت عظام ذلك القذر تتفت تحت وقعة ضرباته الغاضبة...
تطوع أحد المارة يصيح في مراد:
- خلاص يا مراد هتموته هو عمل ايه لكل دا.

نظر مراد للقائل بوجه أحمر يتصبب عرقا يلهث بعنف ينظر لجموع الناس ليصيح فيهم:
- اللي هيقرب مني هرقده جنبه
توجه مراد بعينيه إلى ذلك الملقي أرضا تخرج الدماء من وجهه جسده عبارة عن لوحة زرقاء، ليرفع قدمه يضع حذائه على صدره يزمجر بعنف غاضبا:
- كلب باعها لكلب، نهشتوا فيها وسيبتوها مرمية جثة، قدام كلاب ما بيرحموش ما يصدقوا ينهشوا في لحم الغلبان.

ركله بعنف في صدره لينظر للجمع أمامه باشمئزاز بصق أرضا يصيح متقززا:
- انتوا زيكوا زيوا ما فرقتوش عن الكلب اللي نهش لحمها حاجة...
توجه بانظاره ناحية روحية يصيح بعلو صوته:
- يشهد ربنا أن مراتي أشرف ست في الدنيا، وأنا مش خابيها ولا خايف من عارها زي ما بسمعكوا تقولوا، أنا هحط جزمتها في بوق اللي يتكلم عليها كلمة واحدة...

توجه مراد ناحية ذلك الملقي أرضا يجذبه بعنف ليوقفه على قدميه رغما عنه، صفعه بقوة، قبض على تلابيب ملابسه يجره خلفه بعنف إلى أن وصل به إلى محل الجزارة المنطقة بالكامل كانت تشاهد ما يفعل حتى المعلم زكريا صاحب محل الجزارة امسك مراد الخطاف الحديد الذي يعلق عليه الرجل قطع اللحم ينظر لزكريا:
- يستحمل دا يا معلم
- ايوة يا هندسة دا متين...
صاح في صبيانه يكمل ما يقول:
- ايدكوا معاه ياواد أنت وهو.

وما هي إلا لحظات وكان ذلك البرعي معلق بالكعس رأسه لأسفل وقدميه لأعلي ليتف حولهما سلاسل من حديد معلقة في خطاف على باب محل الجزار، اقترب مراد منه صفعه على وجهه يحادثه مبتسما فئ تشفي:
- شكلك حلو اوي وأنت متعلق زي الخروف كدة.

عند ذلك الحد وفاض به الغيظ بل ويزيد ظ وقف ذلك الشاب النحيل ينظر لما يفعل الرجل بسيده، خاف من التدخل في البداية ولكن لا يكفي ويزيد، اقترب منه وسط جموع الناس وعلى حين غرة كانت ماديته تعرف طريقها لصدر مراد، وسط صرخات الناس دوي صوت صافرات سيارة الشرطة!

بإذن الله تعالا في حفل توقيع في مكتبة إبداع بوك ستور في 10 شارع هدي شعراوي في وسط البلد جوار مطعم كوك دور بمناسبة انتهاء الطبعة الأولي وصدور الطبعة الثانية يوم الإثنين القادم الساعة 3 العصر.

لو جاي مترو انزل محطة محمد نجيب واخرج اتجاه هدي شعراوي هتمشي 100 متر هتلاقي وزارة الاوقاف في وشك خلي وزارة الاوقاف يمينك وادخل الشارع اللي في وشك واللي على ناصيته الشمال صيدلية العزبي هو دا شارع هدي شعراوي إبداع رقم 10 على الشمال قبل مطعم كوك دور
مستنياكوا يا عيلة.



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 03:57 صباحاً   [228]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وستة عشر

غرفة صغيرة في أحدي المستشفيات الحكومية على فراش طبي أبيض صغير يضطجع بجسده للخلف عينيه زائغة بالكاد يري ظلال تتحرك هنا وهناك أضواء تسطع وتختفي، أصوات بعيدة يحاول عقله جاهدا ترجمة ما يحدث، شيئا فشئ بدأت الإشارات المتعرجة تستقيم، بدأ عقله يستوعب ما يُقال حوله من أحاديث
- الحرج ما كنش عميق، خيطناه ونقالناله دم
- هيفوق امتي
- دقايق يا أفندم ويفوق وتقدر تستجوبه.

عند تلك النقطة بدأ يفتح عينيه شيئا فشئ، بدأت الظلال تصيح أكثر وضوحا، أول ما رآه رجلين أحدهم يرتدي مئزر أبيض بالطبع هو الطبيب ورجل آخر من ذلك المسدس المعلق في طوقه بالطبع سيكون ضابط شرطة، سمع ذلك الطبيب يحادث الضابط أولا قبل أن يحادثه:
- أهو فاق مراد، أستاذ مراد حضرتك سامعني.

حرك مراد رأسه بالإيجاب فقط لمرة واحدة قبل أن يري ذلك الضابط يجذب مقعد يجلس بالقرب من فراشه استأذن الطبيب وغادر بعد فحص بسيط أجراه على مراد، في حين جلس الضابط على المقعد المجاور له نظر له يردف في هدوء:
- قادر تتكلم
حرك مراد رأسه بالإيجاب ابتلع لعابه الجاف تبحث عينيه عنها في جميع أركان الغرفة قبل أن تثبت على الضابط الجالس على المقعد يسأله بصوت خفيض ضعيف:.

- ايوة، أنا مراتي كانت معايا كنت سامع صوتها، هي راحت فين
- الست اللي كانت معاك مستنية برة، إنت بقالك حوالي ساعتين مغمي عليك
أردف بها الضابط بنبرة هادئة فاترة، لحظات صمت تلاها حمحمة خشنة صادرة من الضابط يردف بعدها:
- الولد اللي ضربك بالسكينة اتقبض عليه، وانت كمان مقبوض عليك، بتهمة الشروع في قتل بيومي عوض الله أنت ضربت الراجل لحد ما كنت هتموته، ايه الدافع ورا اللي أنت عملته دا.

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي مراد لا فائدة من قول الحقيقة سوي مزيد من الإهانة لروحية وهي لاقت من الإهانة ما يكفي ويزيد من أناس انتزعت الرحمة من صدورهم، عاد ينظر للضابط قبل أن ينطق بحرف واحد سمعوا دقات على باب الغرفة إذن الضابط للطارق بالدخول، انفتح الباب ليظهر من خلفه دخل إلى الغرفة يبتسم في هدوء تقدم ناحية فراش مراد التي توسعت عينيه في دهشة ما أن رآه، مد يده يخرج بطاقته الشخصية من جيب سترته أعطاها للضابط، ليقف الأخير يصافحه يتمتم مبتسما:.

- خالد باشا، اهلا وسهلا يا افندم
أخذ خالد البطاقة منه من جديد يضعها في جيب سترته نظر لمراد لمحة خاطفة ليعاود النظر للضابط يتمتم مبتسما:
- ممكن تسبني اتكلم معاه عشر دقايق فقط
وافق الضابط دون جدال ليستأذن يخرج من الغرفة يجذب الباب خلفه، توجه خالد إلى مقعد الضابط جلس عليه ينظر لمراد للحظات قبل أن يضحك بخفة يردف بعدها:.

- إنت عارف أنا جاي بلفة عاملة ازاي، مراتك كلمت جدتك فجدتك كلمت أدهم أخوك، وادهم كلم حمزة وحمزة كلمني، وأنا كلمت مراتك من عند أدهم عشان أعرف روحتوا انهي قسم واديني جيت، ايه يا ابني قالولي عدمت الراجل العافية، عمل إيه
اختفت الابتسامة الصغيرة التي ارتسمت على شفتي مراد وجمت قسمات وجهه يغمغم بخفوت مجهد:
- خناقة عادية زي اللي بتحصل في اي شارع.

رفع خالد حاجبيه مستنكرا ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه همهم وكأنها حقا مقتنع بالأمر ليردف مستهجنا:
- خناقة عادية تخليك تضرب اللي قدامك بماسورة ماية وتعلقه على باب جزار، أنت عنيف اوي في الخناقات يا مراد
تهرب بعينيه بعيدا عن حدقتي خالد يشعر به يخترق عقله بنظرات زفر بحنق يشيح بوجهه في الاتجاه الآخر يتمتم:
- أنا اللي عندي قولته خناقة عادية في شارع هو استفزني.

لم تتغير ابتسامة خالد الساخرة جل ما فعله أنه عاد بظهره إلى ظهر المقعد يتمتم في هدوء ساخر:
- مراد أنا لو عايز أعرف تاريخ حياتك كله هجيبه وأنا قاعد مكاني بمكالمة تليفون، أنا هنا عشان أساعدك، فالافضل تبدأ تساعد نفسك...
حرك مراد رأسه ناحية خالد ليري الأخير في حدقتيه نظرة مرتبكة متوترة يخشي قول شئ ليلقي القنبلة التي نطقها بهدوء تام:
- بسبب روحية مش كدا.

اتسعت حدقتي مراد قليلا ينظر لخالد مدهوشا في حين ابتسم الأخير في هدوء يحادثه بترفق:
- يعني كلامي صح، صدقني أنا هنا عشان اساعدك، أنت بس احكيلي.

تردد الأخير للحظات قبل أن يزفر أنفاسه مستسلما يقص له ما يعرفه عن روحية تلك الحكاية التي سمعها من جدته انتهاءً برؤية روحية لذلك المغتصب الدنئ هو فقط كان يأخذ حق زوجته لم يخطي في شئ لولا ما حدث لكان قتله، انتهي مراد من سراد ماي يقول ليرفع عينيه يواجه حدقتي الجالس أمامه يسأله متعجبا:
- بس إنت عرفت منين أدهم اللي قالك
حرك الأخير رأسه نفيا رفع كتفيه يتمتم ببساطة:.

- ابدا مراتك واقفة برة عمالة تعيط وتقول أنا السبب، اتأذي بسببي، مش صعبة تستنج
إن الموضوع ليه علاقة بيها...
حرك مراد رأسه بالإيجاب صمت للحظات قبل أن ينظر لخالد يسأله مرتبكا:
- إنت مصدقني
ارتسمت ابتسامة بسيطة على شفتي خالد يغمغم في هدوء:
- وايه اللي هيخليني اكذبك، رغم تاريخك الحافل بالمصايب، بس إنت واد جدع وبتتغير.

شخصت عيني مراد في ذهول ممتزج بفزع كيف عرف ذلك الرجل قريب شقيقه بماضيه من أخبره، لم يدع السؤال يداعب عقله كثيرا توجهت مقلتيه لخالد حين قام من مكانه يربت على كتفه السليم يردف مبتسما وهو يغلق زر حلته الاوسط:
- حمد لله على سلامتك يا مراد، عن إذنك.

هكذا فقط لم يفعل شيئا، لم ينطق بكلمة أخري فقط غادر إلى خارج الغرفة يجذب الباب خلفه، ظن أن الضابط هو من سيعود ليكمل تحقيقه معه ولكن من دخل كانت روحية بصحبة أدهم شقيقه، اقترب أدهم منه يهرول يسأله مذعورا عن حاله في حين روحية تقف بعيدا تنظر له نادمة تضع فوق عاتقها ذنب ما حدث له، أما هو فكان عينيه هناك عند باب الغرفة المفتوح يبصر ذلك الرجل يقف يحادث الضابط، قبل أن يغادر كلاهما!

على صعيد آخر في المستشفى التي يقطن بها غيث ساعات الانتظار تأكل القلوب كالوحش الضاري يهنش بلا رحمة تجلس هي بصحبة أبيها وعمها في على مقاعد الإنتظار خارج الغرفة الجميع أعينهم معلقة بباب الغرفة المغلقة، أما هي فتنقل عينيها بين باب الغرفة ووالدها تريد أن تخبره، ولكنها أجبن من أن تفعل، كلما حاولت استجماع شجاعتها الضائعة تضيع من جديد ولا تقدر على النطق بحرف، تتوقع أسوء ما قد يحدث أن أخبرت والدها بما بحدث لها من مراد، ولكن غيث ما حدث له ذنب يطوق عنقها يخنقها بلا رحمة، بعد طول صراع استجمعت فتات شجاعتها قامت ناحية أبيها ستخبره فجاءة دون ترتيب، وقفت أمامه تنظر له، ليعقد رشيد جبينه في عجب من فعلتها حين فتحت فمها فجاءهم صوت باب الغرفة يُفتح فجاءة وجوري الصغيرة تصرخ فرحة:.

- غيث فتح عينيه، غيث صحي...
الجمت الفرحة لسانها اندفع الجميع يركض لداخل الغرفة ومن ضمنهم هي عادا فارس الذي ذهب مسرعا ليحضر الطبيب، الجميع يقف في ترقب ينظر للطبيب وهو يفحص غيث، قبل أن يبتسم الاخير يردف :
- حمد لله على السلامة...

تحركت عيني غيث المجهدة التعبة تنظر لوجوه الحاضرين أمامه توقفت حدقتيه عندها يري دموعها التي تغرق وجهها، ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيه كأنه يطمأنها بأنه بخير لم يحدث لم مكروة لم يصيبه سوءً رغم تلك الألم البشعة التي تطحن عظامه، اقتربت ياسمين تعانق ولدها برفق خوفا من ايذائه الجميع يلتف حوله عداها هي تقف هناك تشاهد فقط في صمت قطعته حين صاحت فجاءة وهي تبكي:
- أنا آسفة أنا السبب في اللي حصلك، أنا آسفة.

شهقت ياسمين بعنف تنظر لصبا في ذهول مما قالت في حين توجهت أعين الدهشة الممتزجة بالاستنكار ناحية صبا، نظرات تتلقاها من أبيها وعمها، أما غيث فكان ينظر لها مذعورا ماذا تقول تلك الحمقاء، وسبب ماذا ما حدث له كان حادث، الجميع سيظن بها السوء من كلماتها تلك، كلماتها التي زادتها سوءً حين صرخت بحرقة تكمل:
- أنا هقولهم على الحقيقة اللي أنت مخبيها.

لحظة وبدأ عقله يعي ما تقول، توسعت عينيه ينظر لها مدهوشا تلك البلهاء ستفسد الأمر، عليه أن يتصرف سريعا فضحك بالكاد ضحكة صغيرة للغاية خرجت من بين شفتيه ضحكة جعلت الجميع ينظر اليه ليسعل هو بخفة يغمغم في مرح باهت:.

- صبا طريقتك دي هتخليهم يفتكروا اننا متجوزين عرفي ومعانا عيلين والحكاية كلها أنك نسيتي موبايلك في العربية، واتصلتي بيه الصبح فأنا للأسف رديت وأنا سايق وأنا مش متعود على السواقة في مصر فحصل اللي حصل، للاسف موبايلك ضاع في الحادثة يا صبا
توسعت مقلتيها تنظر له في دهشة مما يقول في حين ارتخت نظرات الواقفين، نظر فارس لها يغمغم مبتسما:
- دا مش ذنبك يا بنتي دا مقدر ومكتوب، والحمد لله قدر ولطف.

نظرت صبا لغيث ليرميها بنظرة حادة تطلب منها أن تغلق فهما فما ستفعله هو الغباء بعينه.

على صعيد آخر في أحد أقسام الشرطة التابعة للحي الذي يسكن فيه مراد في مكتب الضابط المسؤول عن التحقيقات يجلس الضابط الذي كان عند مراد قبل قليل خلف مكتبه أمامه لوحة من الخشب نُقش على سطحها، كرم ظافر، في حين يجلس امامه على المقعد المجاور لمكتبه ذلك الذي يضع ساقا فوق أخري ينظر لباب الغرفة ينتظر حضور ذلك الوغد فلديه درس قاسي سيلقنه إياه، دقات على باب الغرفة دخل ذلك البرعي يسنده اثنين من العساكر بعد ما فعله به مراد، اشار لهم خالد أن يضعوه على المقعد المقابل له، ما إن خرجا نظر خالد لكرم يحادثه:.

- سيبني معاه شوية يا كرم
حرك الأخير رأسه بالإيجاب خرج من الغرفة يجذب الباب يغلقه ابتسم خالد في هدوء تام يلتقط ملف أسود اللون من فوق سطح المكتب فتحه يقرأ ما فيه بابتسامة ساخرة:
- برعي عوض الله مرعي، اسم موسيقي هايل، سبقة ضرب، وسبقتين حشيش، ما شاء الله، واخرهم اغتصاب، واللي لسه ما اتحاسبتش عليها
توسعت عيني فزعا حرك نفيا بصعوبة يهدر بصوت منفعل متألم:.

- ما حصلش يا باشا، وكتاب الله ما حصل، دا هو اللي ضربني في الشارع من غير سبب
وضع خالد من يده اضطجع يجلس بارتياح يضع ينزل ساقه من فوق الاخري استند بمرفقه الايمن على سطح المكتب يستند بذقنه على كفه يتمتم ساخرا:
- ضربك دا أنت حيطة قدامي أهو، وبعدين تقرير الطب الشرعي اثبت وقعة الاغتصاب على المجني عليها حورية إبراهيم وهي عرفتك واعترفت عليك.

ابتسم خالد ساخرا حين رأي انكماش قسمات وجه الأخير في فزع، هو بالطبع لم يكن ليعرض تلك الفتاة التي لا يعرفها للطب الشرعي خاصة بعد مرور سنوات على حادث الاغتصاب ولكن الأحمق الذي أمامه لا يعرف ذلك، توترت عيني ذلك البرعي يهتف فزعا:.

- يا باشا والله أنا ماليش دعوة، أنا ههفهم جنابك الحكاية أنا كان ليا مبلغ كبير عند سيد أخوها، ومش راضي يدهولي، روحلته اطالبه بيه، قالي عندك اختي خدها مكان فلوسك، اخوها هو اللي ادهالي
بدأ يشعر بالغضب، غضب كلمة ضئيلة عن تلك النيران التي بدأت تضرم بين خلاياه، تتأجج في صدره، تفور في عقله، انتفض من مكانه يقبض على فك ذلك البرعي يصيح عاليا:.

- وأنا في سوق العبيد يا، ، بتشتريها والقذر التاني باعها ليك، كلب باعها لكلب، ورحمة ابويا يا برعي الكلب ما هتخرج منها غير ب25 سنة إشغال شاقة
توسعت عيني برعي فزعا قبضة ذلك الرجل تفتت ما بقي له من عظام سليمة غير مهشمة، نفض خالد يده بعيدا عن فك ذلك البرعي، وقف أمامه يبتسم في تشفي يغمغم ساخرا:.

- هو أنا ما قولتلكش مش لما عرفت أنك ليك سابقة حشيش بعت الظابط اللي كان قاعد دلوقتي فتش الخرابة اللي أنت عايش فيها وجاب عليه واطيه ولقي كمية حشيش محترمة لا حقيقي صنف فاخر مش موجود في السوق، واتحرز وراح المعمل الجنائي يعني هتشرف خلف الأسوار مش اقل من 25 سنة تحت وصايتي أنا، سلام يا برعي، غدا ألقاك
رفع يده يلوح لذلك البرعي ساخرا قبل أن يخرج من الغرفة.

هناك في المستشفى الحكومي التي بها مراد تحديدا في غرفته، تحرك أدهم من جوار شقيقه يردف مبتسما:
- أنا هنزل الكافتريا اجبلك عصير وبالمرة أكلم جدتك دي هتتجنن عليك وأنا مش راضي اقولها على اسم المستشفى.

ابتسم مراد ينظر لأخيه ممتنا غادر أدهم ليتحرك مراد بعينيه ناحية روحية التي تجلس على مقعد بعيد تنظر له تبكي في صمت، مد يده يربت على طرف الفراش الفارغ يحثها بعينيه أن تقترب منه، قامت تتحرك بخطي مرتجفة تجلس على حافة فراشه ترفع بيدها بين فنية وأخري تمسح دموعها التي تتمرد وتسقط حزنا عليه!، انتفض جسدها حين مد يده يمسح دموعها يسألها بصوت خفيض شاحب:
- أنتي بتعيطي ليه يا روحية، أنا كويس ما تخافيش.

حركت رأسها نفيا بعنف ترفض تماما النظر اليه سالت دموعها بعنف تغمغم بحرقة:
- كنت هتموت مكاني أنا آسفة، آسفة أوي
مد يده يمسك ذقنها برفق رفع وجهها إليه ينظر لعينيها الحمراء نظراتها الكسيرة دموع عينيها الغزيرة ارتمست ابتسامة حزينة على شفتيه تنهد يخرج كل ما يجيش في قلبه:.

- أنا اللي آسف يا روحية، كنت إنسان بشع والحمد لله أن شري ما طالكيش، آسف على كل لحظة ضايقتك فيها، آسف على اللي اضطريتي تعيشيه لوحدك بعد الحيوان دا عمله فيكي، أنا لو ما كنتش ضربته كنت هبقي آسف ليكي أنك ما اتجوزتيش راجل يجبلك حقك من اللي اذاكي...
ترك ذقنها ليمسك كف يدها يقربه من فمه يطبع على سطحه قبلة حانية ارجفت جسده قبلها حين نظرت له بعينيها الحزينة الناعسة ليهمس هو في شغف:.

- تقبلي تسامحيني يا روحية، ونبدأ صفحة جديدة من اول السطر، أنا وانتي وملك، وعهد عليا قدام ربنا أني هتقي ربنا فيكي في كل لحظة جاية في حياتي، قولتي ايه.

صمتت تنظر له دون كلام ينطقه اللسان بل فاضت به العين عرفه القلب، شعرت به الروح، حركت رأسها بالإيجاب توافق بخجل ما يقول ليجذبها بذراعه السليمة يحاول معانقتها، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تغمض عينيها في عناقه، عناق لم يستمر سوي لحظات مع دقات الباب انتفضت بعيدا عنه، دقة أخري وفتح الطارق الباب اطل خالد بوجهه من خلف الباب المغلق ينظر لمراد وروحية يبتسم في هدوء، خطي للداخل يغمغم مبتسما:.

- اعذرني على المقاطعة
حرك مراد رأسه بالنفي سريعا يغمغم مرتبكا:
- لا لا طبعا يا باشا اتفضل اتفضل
جذب خالد أحد المقاعد يجلس جوار فراش مراد ربت على ساقه نظر لروحية ليعاود النظر لمراد يردف في هدوء:.

- كان نفسي والله احبسه في قضية روحية بس للأسف عدي مدة طويلة على الحادثة وما يقدرش الطب الشرعي يثبت أن حصلها اغتصاب، بس الحمار طلع بيتاجر في الحشيش واتظبط في بيته كمية ترميه في ابو زعبل باقي عمره، أما بالنسبة لقضيتك، أنت مواطن شريف شوفت واحد معاه حشيش بيتاجر بيه حاولت تمسكه هرب منك قمت ضربه، ما فيش قضية، حابب تروح بيتكوا دلوقتي ولا تستني شوية في المستشفي.

نظر مراد لروحية يبتسم مد يده يمسك كف يدها يشد عليه عاد ينظر لخالد يردف:
- هروح.

بعد مدة قصيرة وإنهاء جميع إجراءات المشفي وإحضار الدواء اللازم في سيارة خالد يقودها متوجها إلى الحارة، خالد خلف المقود أدهم جواره بالخلف روحية ومراد، مراد الذي يختلس النظرات لروحية بين حين وآخر كأنه مراهق عاشق، اعترف لمحبوبته توا بعشقها لها، وصلت السيارة اخيرا إلى الحارة نزل أدهم سريعا يفتح الباب الخلفي يسند جسد مراد، يجذبه من السيارة ما لم يتوقعه تماما.

التفاف بعض الرجال من الحي ناحية مراد يهنئونه على ما فعل، شكرهم مراد بابتسامة شاحبة ليتوجه به أدهم لاقرب شقة، شقة منيرة فتحت منيرة الباب لتطلق زغرودة عالية ما أن رأته انسابت دموعها تغمغم فرحة:
- حمد لله على سلامتك يا ابني، حمد لله على سلامتك يا حبيبي...

دخل أدهم يسند مراد إلى حيث غرفته، وضعه على الفراش برفق يخلع له حذائه ابتسم مراد ينظر لأخيه الصغير، وجود أدهم في حياته صنع فارقا وكأنه المعجزة، دخل خالد في تلك اللحظات إلى الغرفة وقف أمام مراد يحادثه مبتسما:
- أنا كدة عملت اللي عليا، قوم أنت وشد حيلك عشان أنا محتاج محاسبين في الشركة أنت مش خريج تجارة بردوا.

اتسعت ابتسامة مراد المذهولة يحرك رأسه سريعا بالإيجاب ليضحك خالد بخفة ربت على كتفه يحادثه مبتسما:
- في انتظارك يا مراد، عن اذنكوا، ابقي كلم حمزة يا أدهم طمنه..

انتهت محاضراتها اخيرااا ذلك المحاضر السخيف ظل يشرح ما يقارب الثلاث ساعات رأسها تشعر به كرة ضخمة مرتدة تصطدم بتجويف هيكل دماغها، ارتمت بجسدها على أقرب مقعد في استراحة الطلاب تنظر للأوراق في يدها، شهادة مريضة وشهادة اعتذار عن عدم دخولها الامتحانات الفترة الماضية لأنها كانت مريضة، مريضة كلمة قليلة عما كانت فيه، حملت ملف الأوراق في يدها، تتجه به ناحية مكتب شهاب عميد الكلية التي تدرس فيها استاذنت من المساعدة، توجهت إلى مكتبه دقت الباب لتتوسع عينيها في ذهول للحظات حين رأته، ماذا يفعل زيدان في مكتب شهاب عميد الكلية، كانت تبحث عنه صباحا في عيادة قاسم تراه الآن في مكتب العميد، حمحمت في ارتباك حين سمعت العميد يحادثها:.

- اتفضلي يا آنسة لينا
نظر زيدان لقاسم يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا ليحمحم الأخير الأخير يردف متوترا:
- قصدي يا مدام، يا استاذة، اقعدي
جلست لينا على المقعد المقابل لزيدان الفضول يقتلها لتعرف لما هو هنا، هل جاء لأجلها، ولما قد يفعل ذلك، حمحمت هي مرتبكة تمد يدها بملف الأوراق ناحية شهاب تردف مبتسمة:
- حضرتك دي شهادة مريضة واوراق اعتذار رسمية عن الامتحان اللي فات...

امسك شهاب الاوراق يتفحصها عدة لحظات قبل أن يومآ برأسه يردف في هدوء:
- تمام يا آنسة، يا أستاذة، هتواصل مع الدكاترة ونشوف امتي الوقت لاعادة الإمتحان تاني، صحيح انتي طبعا تعرفي زيدان باشا الحديدي، مش عارف بعرفكوا على بعض ليه
ضحك بخفة ضحكة سمجة ليعاود ما كان يقول:
- طبعا عارفة أنه جاي هنا عشان يقدم أوراق لطالبة جديدة جاية من روسيا تدرس عندنا، اسمها انجليكا، تعرفيها!

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 27 من 81 < 1 73 74 75 76 77 78 79 81 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1977 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1458 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1471 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1289 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2460 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أسير ، عينيها ،











الساعة الآن 04:46 AM