رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وأحد عشر
� �غمات الموسيقي تنبعث من هنا وهناك تلف حبالها الناعمة حول الجميع في حالة خاصة من السكر، علت نغمات أخري تفوق نغمات الموسيقي تعلو فوقها، تحجبها، نغمات السعادة، السعادة المشعة منهما فقط، سعادة خاصة من بين أفواههم أعينهم ضحكاتهم، تلفهما معا في قوقعة صافية لن تنكسر، لن يطرقها الحزن قريبا، يجلس جوارها علي « الكوشة » المخصصة لهما أشبه باريكة صغيرة بيضاء مزينة لا فواصل بينهما، احتضن كفيها بين كفيه، رفع يدها يقبلها بهيام عينيه لا تنزحان عن مقلتيها، في تلك اللحظات آخر ما يمكن أن يشغله هو حفل زفافه!، كيف يوجه انظاره لإضاءة نجوم خادعة والقمر أمامه يبتسم له، يأسر قلبه المكبل بقيود عشق خاصة، عشق لم يذقه احدا قبله ولن يفعل احدا بعده، فلا الحكايات تتشابه، ولا ليلي ستشعق بعد قيس احدا، رفع يدها يقبل باطنها للمرة التي لم يعد يحسبها، ليري وجهها بالكامل يصطبغ بحمرة وردية جميلة، تلتهما عينيه في فستان الزفاف الأبيض تبدو كأميرة هربت لتوها من حكاية سندريلا، سندريلا لم تحب الأمير بل أحبت ذلك الفقير اللقيط، تهدجت أنفاسه يشعر بقلبه علي وشك أن يخرج من مكانه حلمه بالسعادة تحقق اخيرا، وباتت هي بعد طول انتظار، زوجته!
تحرك لسانه يعبر ولو قليلا عن نيران قلبه المتأجحة بلهيب عشقها: - اخيرا يا مايا، أنا مش قصدي نفسي حاسس اني بحلم حلم حلمته كتير أوي، حلم اخيرا اتحقق، بقيتي مراتي، هتفضلي معايا دايما مش هتبعدي عني تاني، هاخدك في حضني قدام الدنيا كلها، يعني لما اصحي كل اليوم الصبح هلاقيكي نايمة جنبي، ولما ارجع من الشغل هلاقيكي لسه موجودة، مايا انا بحبك، بحبك اوي، اوي يا مايا.
ملئت الدموع حدقتيها تنظر له قلبها يكاد ينفجر كلماته لا تعزف برقة بل تدق بعنف علي وتين قلبها تكاد تفجره، تريد أن تخبره أيضا انها تعشقه فوق عشق العاشقين عشقا، لم تجد ما اقول كلمات العالم اختفت جميعا من قاموسها الكبير الذي يحوي عدة لغات، عربية، إنجليزية، فرنسية ألمانية، ولم تجد كلمة واحدة تعبر عن عشقه في قلبها، فتركت لسانها جانبا واندفعت ترتمي بالروح والقلب قبل الجسد بين أحضانه ولم يتردد هو للحظة بل طوقها بذراعيه يزرعها داخل قلبه وصدره وهي في الأساس تسكن شطر روحه، لحظات طويلة سرقاها من الدنيا سعادة لا مثيل لها لهم هم فقط، لحظات طويلة مرت كلمح البصر قبل أن تبتعد عن أحضانه، مال يقبل رأسها يهمس لها بشغف عاشق:.
- نرقص ابتسمت خجلة تومأ برأسها لمحة خاطفة قام يشبك أصابعه بكفها يجذبها بخفة لتتحرك معه إلى باحة صغيرة للرقص، لفت ذراعيها حول عنقه ليحاوطها بذراعيه يقربها منه حتى بات عجز الهواء عن العبور من بينهما، يتمايل معها علي ألحان قلبه قبل ألحان الموسيقي - أنا بقول كفاية كدة ونروحهم قبل ما نتفضح.
غمغم بها خالد ضاحكا قبل أن يرفع يده يوكز اخيه بمرفقه في ذراعه التفت حمزة له، برزت علي شفتيه فقط ضحكة خافتة نظر لهما ليعاود النظر لأخيه رفع يده يسمح وجهه بكف يده يغمغم في عجب ساخر: - طب أنا دلوقتي المفروض ابقي قلقان علي مين فيهم، ليزعل التاني بعد الجواز لما يجوا يشتكولي أنا المفروض اعمل ايه بقي.
ضحك خالد يحرك رأسه يآسا ترك حمزة يقف هناك ليتجول هو في الحديقة يبحث عنها، أين تلك القصيرة صاحبة الأعين الزرقاء التي تسلب لبه أينما كانت، رآها تجلس علي طاولة بعيدة قليلا تشاهد العروسين بابتسامة كبيرة، وقف ينظر لها يمر أمام عينيه شريط طويل من الذكريات السعيدة هي بطلتها جميعا ومن سيكون غيرها، رفع يده يتحسس شعره الذي امتزج بالشيب، الشيب بين ذراعيها هو الشباب السرمدي، تحرك متوجها إليها تخترز عينيه فستانها الأسود الأنيق حجابها الرمادي زرقة عينيه الكفيلة بجعل وجهها يضئ، اقترب أكثر واكثر إلى أن صار أمامها مباشرة انحني قليلا يمد يده لها، لترتسم علي شفتيها ابتسامة صغيرة دون كلام وضعت كفها في كفه ليجذبها برفق، يأخذها إلى ساحة الرقص يخفيها داخل جسده وهو يتمايل معها علي انغام الموسيقي، يده علي خصرها والاخري تمسك بكفها، ويدها علي كتفه والاخري تحتضن كفه، تنظر لمقلتيه دون كلام، فالصمت في تلك اللحظات هو خير كلام تقوله الأعين يعرفه القلب ولن ينطق به اللسان أبدا، لاحظت تبدلت ابتسامته هي تحفظه عن ظهر قلب، وتعرف تلك الابتسامة التي ظهرت علي شفتيه لتبتسم هي الاخري تسأله:.
- افتكرت ايه ضحك يوجه انظاره إليها يقربها منه أكثر برزت ابتسامة عابثة علي شفتيه يغمغم مشاكسا: - افتكرت فرحنا التاني. لما اصريتي نرقص في الجنينة الساعة 2 بليل.
ابتسمت وضحكت عيناها حين صدمت رأسها تلك الذكري، اصرت علي أن يرقصان في الحديقة الثانية بعد منتصف الليل لأنها تعرف أنه لن يرفض، لم تكن رقصة هادئة كهذه إطلاقا، بل كانت أشبه برقصات المجانين وهي تتقافز حوله تصيح فيه أن كطفلة بلهاء أن يرقص معها وهو يخبرها كرجل آلي أنه لا يجيد تلك الرقصات الغريبة، وأنه لا يجيد سوي رقصة « التحطيب » الشعبية القديمة التي تحدث في بلدهم...
عادت تنظر إليه ابتسمت تنظر له تلك النظرات الناعسة التي ينسي معها أن هناك عالم من الأساس أن الكون يتوقف عندها هي، إن نبضاته تدق فقط لها هي...
بالقرب منهم نظر حمزة لأخيه يبتسم خالد حين يري لينا يشعره بأن مجذوب رأي من لعنه ليسير خلفه أبد الدهر، أحيانا يظن أنها جنية قادمة من باطن الأرض ندهت أخيه بسحرها لتكبل قلبه للأبد بعشقها، نظر لبدور الجالسة علي المقعد جواره تهدهد سيلا الصغيرة، ليبتسم تلمع عينيه بعاصفة مشاعر من الحب والامتنان والاحتواء، رآها حين اختلست النظر لساحة الرقص، رأي في عينيها نظرة حزينة بها ألم قديم، ليتفهم الوضع، قام من مكانه يمد يده لها يحادثها مبتسما:.
- نرقص اسبلت عينيها تنظر له مدهوشة ترقص لم تفعل منذ زفافها الأول تقريبا، كم مرة أرادت الرقص علي تلك النغمات الهادئة بين ذراعي زوجها السابق وكان رده العنيف القاسي، هو السخرية منها وابعادها بقسوة عنه، كم تكرهه لا تعرف حتى لما أحبته في يوم، ابتلعت لعابها تحرك رأسها نفيا تهمس متوترة: - ها، ااا، أنا ما بعرفش ارقص، وبعدين خالد وسيلا.
ابتسم دون كلام ليميل يحمل سيلا الصغيرة من بين ذراعيها، حمل الصغير خالد علي ذراعه يبحث بعينيه عن هدفه ليجده يقف هناك جوار طاولة الطعام الكبيرة يتحدث مع طبق المقبلات في موضوع غاية الأهمية: - ايوة يعني هما اتاخروا ليه، أنا مستنيهم من بدري، تفتكر مش هيجيوا.
وقف حمزة بالقرب منه ينظر له بأعين متسعة مدهوشة حسام جُن يتحدث مع اطباق الطعام، أراد أن يضرب كف فوق فوق آخر ولكن حمله للأطفال منعه، اقترب اكثر يرسم ابتسامة واسعة علي شفتيه يغمغم ساخرا: - حوسو حبيب عمك، سيب يا حبيبي الطبق اللي أنت بتكلمه دا، وتعالا عايزك.
قطب حسام جبينه متعجبا عن أي طبق يتحدث، حسام كان يحدث زيدان من خلال سماعة الاذن الصغيرة، زيدان الذي فضل المكوث في غرفته بعض الوقت قبل أن ينزل للحفل، أغلق حسام الخط مع صديقه، يقترب من عمه وقف أمامه يردف مبتسما: - خير يا عمي.
فكر حمزة للحظات عن حجة مقنعة يقولها لحسام قبل أن يعطيه الصغيرين، رسم ابتسامة كبيرة علي ثغره قبل أن يدفع سيلا الصغيرة بين أحضان حسام برفق، حملها الأخير سريعا ينظر لحمزة مدهوشا بينما اردف الأخير مبتسما: - بص يا حوسو أنا عارف انك دكتور نسا واكيد بتحب الأطفال... رفع حسام يده اليسري سريعا يقاطع عمه قبل أن يكمل لأن اليمني تحمل الصغيرة، رفع حاجبه الأيسر يردف مستهجنا:.
- مين قال إن دكتور النسا لازم يحب الأطفال، هل دا معناه أن دكتور السنان بيحب السنان ويمشي يلمها من تحت مخدات العيال ويعملهم سلسلة ولا دكتور السمنة بياكل الدهن ويسيب اللحمة، ولا دكتور البواسير بيحب ال قاطعه حمزة سريعا قبل أن يكمل وصلته المقززة ليردف مشمئزا: - بس بس يخربيت قرفك، أنا اللي غلطان اقترب منه يدفع الصغير خالد الذي تعلق في عنق حسام ينظر له بشر طفولي، بينما اشهر حمزة سبابته امامه يردف:.
- خلي بالك من سيلا وخالد واوعي تزعلهم... اقترب يربت علي رأس الصغير يحادثه مبتسما بحنو: خالودة إلعب مع عمو حسام.
قالها ليبتسم الصغير في خبث يحرك رأسه بالإيجاب، بينما ابتلع حسام لعابه خائفا ينظر للصغير بجانب عينيه متوترا ، تركهم حمزة وغادر متوجها ناحية بدور الجالسة هناك تراقب ما يفعلون، اقترب حمزة منها ودون كلمة أخري جذبها من يدها يتجه بها ناحية الحديقة الخلفية بعيدا عن الجمع، توسعت عيني حسام مدهوشا رفع حاجبيه لأعلي يتابع ما يفعل حمزة بأعين مدهوشة، ليتمتم في ذهول:.
- نهار اسوح إنت مش كبرت يا عمي علي اللي أنت بتعمله دا نظر حوله يبحث عن أبيه ليخبره بأفعال أخيه الغريبة ليجد أبيه يجلس علي طاولة بعيدة عن الحفل ملاصقا يهمس لها ببعض الكلمات العابثة فئ اذنيها والاخيرة تضحك خجلة حرك رأسه يتمتم ساخرا: - وأنا هشتكي مين لمين، ما اسخن من سيدي الا ستي زي ما خالتي كانت بتقول.
علي صعيد آخر قريب وقفت سيارة رشيد بعد رحلة طويلة لهدفان الأول رؤية حفيده الأول، والثاني حضور الزفاف، نزل من السيارة لتنزل صبا من بعده، بعد أن أصرت شروق أن تمكث مع سهيلة في المشفي، تحركت صبا جوار أبيها تنظر للمكان بأعين واسعة تلمع، نظرات بريئة رقيقة، ما هي الا لحظة ووقفت سيارة مسرعة بالقرب منهم لتسمع صوت تعرفه يأتي من داخل السيارة تصيح محتدة:.
- مش هترتاح غير لما نعمل حادثة في مرة بسواقتك المجنونة دي يا غيث... صوت ضحكاته المميزة يصدح من الداخل غيث هنا!، لم تره منذ الحادثة الأخيرة منذ أشهر كانت تظن أنه سافر مرة أخري ولكنه هنا، تحرك رشيد والدها ناحية أخيه يعانقه لقاء بعد طول غياب نزلت ياسمين ومعها جوري الصغيرة تمسك بيدها اقتربت ياسمين منها تعانقها بود تردف بحنو: - ازيك يا صبا عاملة ايه يا حبيبتي، عقبالك يا سوسو.
ابتسمت صبا في توتر تهمس بخفوت خجل عينيها تحاول اختلاس النظرات تبحث عنه. : - الحمد لله شكرا يا طنط اقتربت جوري من صبا تشد اكمام فستانها ابتسمت ابتسامة واسعة تغمغم بصراحة مطلقة: - صبا صبا فستانك حلو اوي يا صبا، ماما أنا عايزة فستان زيه ضحك الواقفون جميعا قبل أن يميل رشيد يمسك جوري يرفعها عن الأرض كشر قسمات وجهه بشكل مضحك يردف متوعدا: - إنت يا بت بتعاكسي بنتي، يا شبر ونص أنتي.
قلبت جوري عينيها بملل كتفت ذراعيها أمام صدرها زمت شفتيها تغمغم بنزق: اسمي جوري يا عمو رشيد، وطبيعي اكون قصيرة لأن أنا لسه صغيرة عندي 10 سنين، وما ينفعش تشيلني زي الكيس كدا لأن دي إهانة للمرأة توسعت عيني رشيد في ذهول ينظر لفارس وياسمين مذهولا، بينما ضحك فارس يآسا يصطدم جبينه بكف يده يغمغم ضاحكا:.
- إنت لسه شوفت حاجة، الأستاذة جوري بتقرا في كتب غيث، وطول النهار بتسمعني محاضرات عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، لدرجة انها حسستني اني فاتح مكتب بؤد فيه بنات.
كان الجميع يضحك يتحدثون عما تفعله تلك الصغيرة جوري، عداها هي، تقف بعيدا عنهم قليلا تفرك يديها متوترة عينيها تحاول اختلاس النظرات إليه لتنتفض في حرج حين التقت مقلتيها بعينيه للحظات رآها وهي تختلس النظرات إليه يال الفضيحة ماذا سيظن بها ، تحركت بصحبتهم للداخل، توجهوا جميعا إلى طاولة كبيرة يلتفون حولها تجلس جوار والدها عينيها تتوجه ناحية مايا وادهم تنظر لسعادتهم وهم يلتقطون الصور بابتسامة صغيرة، استأذنت من والدها لتتحرك ناحية طاولة المشروبات التقطت كأس عصير برتقال، وقفت جوار الطاولة تنظر للفراغ شاردة، منذ تلك الحادثة وهي تشعر بوخزة مؤلمة داخلها، وخزة تنخر كلما رأت زوج بصحبة زوجته او فتاة بصحبها خطيبها، باتت تشعر أن الجميع مخادعون او أنها الحمقاء الوحيدة في العالم اجفلت من شرودها المؤلم علي صوته بالقرب منها يسألها مبتسما:.
- ازيك يا صبا، أخبارك ايه وأخبار المذاكرة التفتت يمينها لتراه يقف بالقرب منها، يرتدي « سويت شيرت » من اللون البني وسروال باللون الاسود، يبتسم يمسك في يده كوب عصير تفاح تقريبا، ابتسمت في توتر تومأ برأسها في لمحة سريعة تهمس بخفوت: - الحمد لله ابتسم يحرك رأسه إيجابا رفع كأسه يرتشف منه قليلا قبل أن ينزله يردف مبتسما: - جوري عندها حق، حقيقي فستانك حلو أوي.
توسعت حدقتيها تنظر له للحظات في دهشة قبل أن تخفض رأسها أرضا وتغزو تلك الحمرة القاتمة وجهها هل يتغزل بها، أم هي فقط ملاحظة عابرة، ماذا تفعل لم تجد ما تقوله سوي أحرف مرتجفة نطقت بها كلمة واحدة: - شكرا.
وكانت الكلمة الأخيرة الاخيرة لنهاية نقاش قصير، تتهرب هي بعينيها بعيدا بينما ينظر هو لها مبتسما، راقبها بعينيه وهي تعود للطاولة رآها حين التفتت تنظر له في لمحة خاطفة، ليبتسم يرتشف ما بقي من كأسه يغمغم مع نفسه: - مستنيكي يا صبا عاد لطاولتهم من جديد، جلس يعبث في هاتفه ليفاجئه سؤال عمه الذي قاله مباشرة دون اي مقدمات: - وأنت بقي يا عم غيث ناوي تستقر هنا ولا هتسافر تاني.
أزاح الهاتف من أمام عينيه يضعه علي الطاولة ابتسم يحادث عمه بأدب: - لاء بإذن الله هرجع لندن تاني بعد بكرة عشان هقدم ماجستير وحابب اخده من هنا وكمان جدي جاسم قاعد لوحده بقاله مدة طويلة وأنا لازم اسافرله إذا سيسافر، متي ستراه مرة أخري ربما تلك هي المرة الآخرة التي يمكنها أن تراه فيها، لذلك التفتت برأسها له تبتسم فقط ابتسامة صغيرة وكأنها تودعه بها، اجفل الجميع علي صوت يرحب بهم بحفاوة:.
- يا اهلا يا اهلا وأنا أقول الفرح نور ليه.
اقترب خالد بصحبة لينا منهم بعد ترحيب حار من الطرفين جلسوا سويا يتحدثون وتتعالي ضحكاتهم علي تلك الذكريات القديمة خاصة ذكريات زفاف رشيد وما فعلوه ثلاثتهم في محل الحلاقة، في تلك اللحظات توقفت سيارة محمد في المراب الخاص بها، اوقف محمد السيارة التفت برأسه ينظر للوجين الساكنة جواره منذ أن استقلا السيارة ولم تنطق بحرف واحد عينيها شاردة تسبح في فراغ مؤلم فارغ يعذب قلبها يشتت روحها، رفع يده يضعها علي كتفها برفق التفتت له ليحادثها مبتسما:.
- يلا ننزل حركت رأسها بالإيجاب فتحت الباب المجاور لها تخطو خارج السيارة تحولت عينيها في تلك اللحظة إلى برج مراقبة تبحث عن صغيرها في كل شبر من المكان لا اثر له أين هو، قلبها يطرق بعنف بحثا عنه تشعر بيد محمد يمسك بكف يدها يجذبها معه لداخل الحفل متوجها بها إلى طاولة خالد والبقية قام خالد يصافح صديقه يعانق لوجين، وفقط ابتسامة باردة خرجت من بين شفتي لينا قبل أن تترك الطاولة تتمتم بنبرة اعتذار فاترة:.
- عن اذنكوا هروح اشوف مايا قامت دون أن تلقي نظرة واحدة حتى عليهم توجهت صوب كوشة العروسين، ليتنهد خالد يآسا، قبل أن يوجه انظاره للوجين الجالسة جواره لف ذراعه حول كتفيها يسألها مبتسما: - عاملة ايه يا جوجو ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالايجاب، دون كلام لينظر خالد لمحمد يسأله مبتسما: - اومال رانيا وفراس فين رانيا قاعدة مع والدي وفراس بيه عنده ماتش بلاي ستيشن.
نطقها محمد بامتعاض يكاد رأسه ينفجر من ذلك المراهق فراس، ليضحك خالد علي ضيقه بالقرب منهم تحديدا علي طاولة منيرة ومراد وروحية، لوت منيرة شفتيها تنظر لأجواء الحفل بابتسامة ساخرة اقتربت من مراد تسأله حانقة: - ايه يا مراد الفرح دا، كل واحد قاعد علي تربيزة لا حد بيرقص ولا حد بيزغرط، وبعدين ايه المزيكا اللي مشغلينها دي ابتسم مراد حين نظر لشقيقه يلوح له ليعاود النظر لجدته اخفض صوته يتمتم ضاحكا:.
- هي دي أفراح الطبقة المخملية يا جدتي، لا اغاني شعبي ولا زغاريط ولا رقص وتشكيل موسيقي واللي عايز يرقص بيرقص سلو وصور وبوفية فاخر جداا وبس امتعضت قسمات وجهه منيرة تغمغم حانقة: - طب اقسم بالله الأفراح اللي بتتعمل عندنا أحسن منها علي الأقل فيها روح كدة... صمتت للحظات قبل أن تلكز مراد في ذراعه تحادثه ساخرة: - وأنت يا اخويا ما تاخد مراتك وترقصوا سلوس مع بعض.
توسعت حدقتي روحية في ذهول اخفضت رأسها أرضا تحركها نفيا بعنف شديد، لتمتعض قسمات منيرة، تردد مراد للحظات كاد أن يمد يده لها ليجذبها معه لباحة الرقص ولكنه تردد في اللحظة الأخيرة عن ما كاد يفعل، لتزفر منيرة تتمتم بصوت خفيض ساخر: - عيل موكوس طول عمرك.
بينما شردت عيني روحية تتخيل نفسها بين أحضان مراد! يتمايل معها كما فعل أدهم مع زوجته منذ قليل، الفكرة نفسها جعلت جسدها يرتجف قلقا، مراد وإن كانت معاملته تغيرت تماما، إلا أن الذكريات القديمة لا تُنسي بسهولة ابداا... علي صعيد آخر تأفف حسام حانقا من اولائك الأطفال نظر حوله ليجد احدي الخادمات تخرج من المنزل هرول اليها يعطيها الطفلين يغمغم سريعا متلهفا: - فتحية خلي بالك منهم أنا خلاص تعببببببت.
بصعوبة كبحت الخادمة ضحكاتها تحرك رأسها إيجابا وقف حسام يبحث عن صديقه أين زيدان مختفي منذ بداية الحفل تقريبا، اخرج هاتفه يود الاتصال به ليشعر بيد توضع علي كتفه التفت خلفه ليجد زيدان يقف خلفه عينيه ناعسة يبدو أنه كان نائما رفع حسام حاجبيه يتمتم مدهوشا: - أنت فين يا عم بدور عليك من أول الفرح، إنت كنت نايم ولا ايه.
حرك زيدان رأسه بالإيجاب صعد لغرفته ليستريح قليلا قبل بداية الحفل لم يشعر بنفسه حين غط في نوم عميق رآها في حلم قصير ترتدي فستان زفاف أبيض تضحك له تهرول لاحضانه حلم سعيد لم يرد أن يستقيظ منه ابداا، توجه بصحبة حسام يجلسان علي مقعدين متجاورين جوار طاولة الطعام، التقط زيدان قطعة قريدس صغيرة يدسها في فمه، ليرتشف بعدها بعض العصير، نظر لحسام ليجد عينيه المعلقة بباب المنزل ابتسم يربت علي كتف صديقه:.
- ما تقلقش زمانهم جايين، خالي مأكد عليهم انهم يجيوا.
ابتسم متوترا قلبه يكاد ينفجر شوقا إليها وقد رآها فقط صباحا، اغمض عينيه متمنيا أن تمر اللحظات القادمة علي خير حين رأي لوجين والدة زيدان تتقدم ناحيتهم، اقتربت من الطاولة تقف أمامهم، زيدان يوجه انظاره للهاتف، هو يراها ويتظاهر أنه لا يفعل، امتلئت حدقتي لوجين بالدموع تنظر لولدها كم أرادت أن تحتضنه بقوة مرة واحد تضمه لأحضانها، لتهمس باسمه بنبرة خافتة حانية راجية: - خالد!
لم يرد لم يرفع عينيه حتى وكأنها لم يسمعها من الأساس فقط يمسك هاتفه بيمناه واليسري يدق باصابعه علي سطح الطاولة مدت هي يدها بلحظة مفاجاءة تمسك كف يده، لتشعا بحركتها فتيل من نار غضب، رفع وجهه لها يرميها بنظرات قاسية، نزع يده من يدها بعنف ينظر لها مشمئزا، هب واقفا يشهر سبابته امام وجهها يهمس لها بنبرة غاضبة حادة عنيفة: - اياكي، اياكي تفكري تلمسيني لولا اننا في فرح ووسط ناس كان ردي هيبقي مختلف تماما.
تركها وغادر دون كلمة أخري، وقفت هي تبكي ترتجف من شدة البكاء، قلبها يحترق من كلماته، للحظات شعر حسام بالشفقة عليها، كم أراد أن يقول شيئا ليهدئ من حدة بكائها ولكنه لم يجد، وفي تلك اللحظات تحديدا وقفت سيارة عمر في حديقة المنزل، فتحرك هو من مكانه سريعا ليكون في استقبالهم... وقف أمام السيارة يفتح ذراعيه علي اتساعهما يغمغم في خبث: - عمي حبيبي وجد عيالي شرفت يا غالي.
زفر عمر أنفاسه حانقا كم اراد أن يعود لسيارته يقودها بعنف يدهس بها ذلك السمج شبيه أبيه، شدد كف علي كف سارة ابنته يتجاوزه وكأنه فراغ لا قيمة له توجه بابنته إلى الحفل، لأن تالا متعبة واحتراما أيضا لمشاعر لينا زوجة خالد فضلت تالا عدم المجئ، سار عمر بابنته إلى أقرب طاولة ليجد حسام يقترب منهم يبتسم ابتسامة كبيرة يجذب مقعد فس يده وضعه جوار عمر ينظر له يغمغم مبتسما في ولة:.
- وحشتني يا عمي، إنت ما بتجيش ليه يا عمي، يا حبيبي يا عمي، ما تتجوزني بقي يا عمي زفر عمر أنفاسه حانقا يغض علي شفتيه بغيظ مد يده يقبض علي نلابيب ملابس حسام يقربه منه يهمس له غاضبا: - اسمع ياض يا ابن خالد إنت، لم نفسك بدل ما امسح بيك الحفلة كلها ابتسم حسام في سماجة ينظر لعيني عمر متحديا ليميل عليه يهمس له جوار اذنه بنبرة جادة متوعدة:.
- ما هو بص بقي يا عمي، قسما بالله لو ما جوزتني بنتك لهخليهالك تعيد سنة اولي سبع سنين، هي ما قالتلكش إن أنا الدكتور بتاعها، جوزهالي بقي وأنا هشرحلها مجانا، وهكشف علي مدام تالا مجانا، ما تجوزهالي بقي يا عم هو أنا هشحت منك نظر عمر له باستخفاف ليدفعه بعيدا عنه نظر لابنته يسألها: - هو صحيح الواد دا يبقي الدكتور اللي بيدرسلك.
حركت رأسها إيجابا تختلس النظرات ناحية حسام، نظرت لوالدها لتري تجهم وجهه ينظر لحسام حانقا بينما يبتسم الاخير في اصفرار يكاد يصيب ابيها بذبحة صدرية حادة.
أين هي، هل يهتم كثيرا يكذب أن قال إنه لا يفعل يريدها بكل ذرة في قلبه وروحه وجسده وينفر عقله منها بكل ذرة فيه خلياه الصلبة كالصخر، ولكن ذلك لا يمنع أن يبحث عنها يراها، يطمئن عليها، سعادة غريبة تدق قلبه حين علم أن نائل لم يمسسها، زوجته هو، لم تسمح لغيره بلمسها، لولا تلك الغصة العنيفة التي تؤجج قلبه، ظنا منه أنها أحبت ذلك الشيطان، فضلته عليه قبلت زواجه قلبه يحترق، أين هي وسحقا لقلبه الآن، بحث في الحديقة الخلفية فلم يجد سوي حمزة وهو يراقص بدور زوجته أو بمعني أصح يعلمها كيف ترقص والاخيرة تضحك بانطلاق، يبدو أن بدور سعيدة اخيرا بعد طول عذاب، تحرك بخفة حتى لا يروه لفت انتباهه باب غرفة التدريبات مفتوحة دفع بابها برفق تحرك داخلها يبحث عنها، ورآها تقف هناك كملاك حزين بفستانها بلون السكر خصلات شعرها المنسدلة تقف داخل حلبة الملاكمة التفتت له ما أن شعرت بوجوده وابتسمت بخفة، ابتسامة ذابت قلبه المذاب ابتلع لعابه يحاول امساك قلبه أن يفر إليها تسارعت أنفاسه سلبت لبه كما تفعل دائما حمحم يستعيد ثبات واهي يغمغم في هدوء جاف:.
- بتعملي ايه هنا، أنا قصدي يعني خالي بيدور عليكي ابتسمت من جديد فتحت ذراعيها تشير إلى الحلبة لتعاود النظر إليه، دموع طفيف غزت مقلتيها حين ابتسمت تقول: - فاكر لما جبتني هنا وقولتي برنسيسة عيلة السويسي لازم تتعلم تدافع عن نفسها، ساعتها أنا سكت، ما كنتش عارفة اقول إيه، أقولك أنا ضعيفة بخاف حتى من الناس، بخاف منك أنت نفسك، أنا عمري ما هقدر احمي نفسي ...
تقابلت أعينهم ليري تلك الطبقة الشفافة تغزو مقلتيها، يسيل منها القليل علي وجهها حين اردفت بانفعال تلك المرة: - بعدت وطلقتني يوم ما قررت اسامحك، هربت يا زيدان وسيبتني، سيبته يلعب بيا، سيبته يجرني لشباكه، سيبته يموت ابننا - ما ادتنيش اي فرصة يا لينا غمغم بها بنبرة خافتة خالية من الحالية، يبعد عينيه عنها لتنزل هي من حلبة الملاكمة، امسكت بوجهه تدير وجهه إليه بعنف تصرخ بحرقة:.
- إنت السبب، كان كلامك كله تهديد ليا، شوية تبقي كويس وشوية تهددني، شوية بحبك وشوية هاخد ابني منك، شوية هطلقك وشوية هسيبك متعلقة، كنت حاسة اني لعبة بيتلعب بيها منكوا كلكوا، وجه هو اوهمني أنه الوحيد اللي واقف جنبي، الوحيد اللي هيفضل في ضهري الوحيد اللي هيساندني، بس ضحك عليا، زي ما انتوا ضحكتوا عليا... - أنا ما ضحكتش عليا أنا كنت بحارب في حقي حبي فيكي كنتي عيزاني اسيبك تتجوزيه.
صاح بها منفعلا لتصرخ هي الاخري غاضبة: - وفي الآخر عملت اييييه سبتني اتجوزه، في الآخر سيبتنئ فئ اكتر وقت محتجالك فيه، إنت الوحيد اللي كنت تقدر تمعنه أنه يلعب بمشاعري لو احتويتني طمنتني بس إنت كنت دايما بتهددني، كل الناس شيفاك مظلوم عشان ما كنتش في وعيك، طب أنا يا زيدان، أنا كنت في وعيي، أنا اللي اتذيت يا زيدان ابتعدت خطوتين عنها ينظر لها يتنفس بعنف يصيح منفعلا:.
- وأنا حاولت بدل المرة ألف قولتلك كتير شوفي ايه يرضيكي وأنا مستعد اعمله مهما كان، كنتي بتجرحيني وتدوسي علي كرامتي وانتي بتقوليلي معاذ هيبقي آب لابننا وكلام كتير بشع، أنا حبيتك وحبيتك اوي كمان انما أنتي لاء يا لينا، أنا اللي طنت غلطان من الأول مش عشان حبيتك لازم انتي كمان تحبيني، ما سببناش لبعض غير الاذية والألم يا لينا الحكاية خلصت يا لينا، عن إذنك.
قالها ليأخذ طريقه لباب الغرفة حين كاد أن يغادر سمع صوتها يصيح من خلفه بحرقة: - إنت لسه بتحبني يا زيدان قلبك عمره ما حب غيري التفت لها برأسه يبتسم، ابتسامة بسيطة معذبة يغمغم ساخرا: - اعمله ايه بقي مهزق ومن ثم غادر لتجلس هي علي درجات سلم الحلبة تبتسم رغم دموعها مدت يدها تمسح دموعها تغمغم في اصرار: - لسه الحكاية ما خلصتش يا زيدان.
في الخارج توجه زيدان يبحث عن صديقه ليجده يقف هناك جوار احدي السماعات الكبيرة، توجه يقف جواره ليلتقت حسام برأسه له يبتسم يتمتم ضاحكا: - ابقي اتصل اطمن عليا بعد الفرح، بعد اللي هعمله دلوقتي قطب زيدان جبنيه فئ عجب ماذا سيفعل صديقه الاحمق، تحرك حسام ناحية منظم الحفل يأخذ مكبر الصوت منه وقف في منتصف القاعة يغمغم مبتسما: - مساء الخير يا جماعة ممكن معلش تسمعوني.
ساد الصمت حتى أن الموسيقي توقفت نظر حسام للحفل امامه تحديدا ناحية طاولة عمر وسارة التي تبرق كليلة وردية جميلة بفستانها الوردي اللامع تنهد يغمغم مبتهجا:.
- أنا آسف اني قاطعت الحفلة بس معلش في كلمتين محشورين في زوري هموت لو ما قولتهمش، أنا حسام خالد السويسي، دكتور نسا عندي 32 سنة، آه أنا مش صغير علي الحركات دي بس سامحوني، أنا عيشت عمري كله بشتغل بس، حياتي عبارة عن شغل ودراسات عليا وماستجير ودكتوراه وزمالة من جامعة مش فاكر اسمها ايه، نمط حياة روتيني قررت اني ما اغيروش ابدا، لحد ما وقعت في طريقي، علي فكرة اول مرة شوفتها فيها كانت في الفيلا دي بردوا، نجمة بتنور اي عتمة، نجمة أول ما قلبي شافها اتمرد عليا وعري نمط حياتنا وقالي هي دي حياتي، أنا عمري ما عرفت يعني ايه حب رغم اني عندئ 32 سنة، بس لما ابقي مش عايز اشوف غيرها فئ حياتي يبقي هو دا الحب، لما احس اني مسؤول عنها في كل لحظة يبقي هو دا الحب، لما وشها يبقي أول وش بشوفه وسط ألف شخص هيبقي هو دا الحب، سارة يا بنت عمي عمر، أنا بحبك قدام الناس دي كلها ووعد مني قدام ربنا قبلكوا كلكوا اني هشيلك جوا عينيا وفوق راسي، بس يقولي لابوكي يوافق.
انهي كلامه ينظر لوجوه الحاضرين المذهولة سمع صوت تصفيق نظر خلفه ليجد لينا زوجة ابيه تصفق له بحرارة ابتسم لها ليصفق له زيدان ويبدأ الحضور واحدا تلو الآخر يصفقون له، بينما هو عينيه هناك عند عمر ينظر له كم يتمني أن يوافق وقف عمر في تلك اللحظات يصيح عاليا: - واد يا ابن خالد ياللي شبه أبوك إنت، اوعدني أنك هتحافظ علي البنت.
توسعت عيني حسام في ذهول تكاد الفرحة تقتل قلبه ليحرك رأسه إيجابا سريعا دون توقف ليضحك عمر يقول: - أنا موافق يا سيدي..
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة واثنا عشر
سعادة يكاد عقله ينفجر منها، أخيرا حصل على موافقة عمه، ستزوجها لو الأمر بيده لتزوجها في الحال، انتفضت ذرات جسده أجمع تصرخ من الفرحة بينما هرول هو ناحية عمر يعانقه بقوة يصرخ فرحا: - موافق، بجد موافق، قول والله العظيم أنك موافق ضحك عمر يآسا ينظر لذلك الشاب الذي من المفترض أنه تجاوز الثلاثين، رفع يده يحاول إبعاده عنه يغمغم ضاحكا: - يا سيدي موافق اغنيهالك، اوعي ياض بقي خنقتني.
ابتعد حسام عن عمر ينظر بأعين لامعة لسارة الجالسة هناك وجهها يكاد ينصهر من شدة خجلها، لما تخفض رأسها بتلك الطريقة لما تمعنه من رؤية ما يبقيه حيا يتنقس، تحركت قدميه ناحيتها مسلوب الإرادة ليشعر بيد تقبض على كتفه تمنعه من التقدم نظر خلفه ليجد عمر يقبض على تلابيب ملابسه، ينظر له باستهجان يتمتم ساخرا:.
- إنت رايح فين لمؤخذة، جو الأفلام الاجنبي و she said yes وتاخدها بالحضن وتلف بيها دا هناك عند ولاد العم سام، إنما هنا تجيب أبوك وتيجي تتقدم رسمي، فاهمني يا حوسو.
امتعضت قسمات وجه حسام غيظا فقط تصبح تلك الصغيرة زوجته ويقسم أنه سيذيق عمر مما يفعله به الآن، تحركت عينيه تلقائيا حين شعر بنظرات حارقة تحدق فيه نظر صوبها ليجد أبيه يرميه بنظرات قاتلة حادة متوعدة، رأي وعيد حاد في عيني أبيه كأنه يقول له انتظر إلى أن ينتهي الزفاف، وسأجعل من بقايا عظامك عصير فراولة، قاطع تلك اللحظات صوت منظم الحفل وهو يعلن عن رقصة الزفاف الختامية، بسرور اصطحب أدهم مايا إلى باحة الرقص هم في المنتصف، ابتسم عمر لحسام ابتسامة صفراء ليمسك بيد ابنته يتوجه بها ناحية ساحة الرقص، ومن بعدهم خالد ولينا، وحمزة وبدور، وفارس وياسمين، لتميل منيرة على ذراعي روحية تأخذ الفتاة منها لكزت مراد في ذراعه تحادثه حانقة:.
- قوم أرقص مع مراتك زي ما كل الرجالة دي بتعمل يلا إنتوا مش أقل منهم حمحم ينظر لروحية قام من مكانه يمد كف يده لها توترت حدقتيها قبل أن تمد يدها بتردد ظاهر شعر هو به من ارتجاف كفها داخل كفه جذبها لتقوم برفق، يتحرك بصحبتها إلى ساحة الرقص وقف أمامه تخفض رأسها أرضا تتمتم بارتباك خافت: - ااا، اانا ما بعرفش ارقص ابتسم ببساطة رفع كتفيه لأعلي يغمغم: - والله ولا أنا، بصي احنا نعمل زي ما هما بيعملوا.
حين رفعت رأسها كان أول زوجين وقع عينيها عليهم أدهم ومعه مايا، مايا تلف ذراعيها حول عنق تنظر لعينيه ترتسم على ثغرها ابتسامة جميلة واسعة، بينما أدهم يلف ذراعيه حول خصرها يقربها منه يبتسم هو الآخر ابتسامة رائعة وكأن فاز بجائزة عظيمة بعد طول عذاب، انتفض جسدها حين شعرت بيد مراد تمسك كف يدها نظرت له سريعا لتراه يبتسم، ابتسامة جذابة، لحظة هل قالت توا عن ابتسامة مراد جذابة!، توسعت عينيها في دهشة حين شعرت به يلف ذراعيها حول عنقه، في اللحظة التالية تجمدت الدماء توقفت عن الجريان بين خلاياها.
اختفت أنفاسها، تضاربت دقات قلبها بعنف لا تعرف أهو خوف أم قلق أم شعور آخر جديد لم تعرفه قبلا، حين لف ذراعيه حول خصرها يقربها منه فقط خطوة واحدة ارتجفت ساقيها تحاول التناغم مع حركاته البطيئة الماهرة، المخادع يخبرها بأنه لا يستطيع الرقص وهو يتحرك مثل الجميع، ارتجف قلبها تشد قبضتها حول عنقه متوترة تشيح بوجهها بعيدا بينما كان يبتسم وهو ينظر إليها بالقرب منهم في تلك الساحة التي ليست بالصغيرة على الإطلاق، نغمات العشق بين زوجي العشق ابدا تعب القلم من وصفها ولم يقدر حتى عن التعبير عن جُزئ صغير للغاية جُزئ من الكترون واحد فقط يدور في حلقات العشق اللامتناهي هنا البداية ولا تبحث لهم عن نهاية ففي قاموس العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب، يسلب العقول، يسحر الألباب، العاقل هنا هو المجذوب.
سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات، وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتى مع كلمة النهاية... جل ما فعلته انها اقتربت منه تضع رأسها على صدره ذراعيها حول عنقه تنهدت تهمس له حالمة: - بحبك.
أحاط روحه جيدا بذراعيه يغرزها داخل اسوار قلب هي من أسست بنيانه، قلبه تشكل على عشقها، قلب لن يعرف غير قلبها مرسى له، بعد طول صراع يرسو بقاربه على شاطئ كالجنة، ينهل فيه من كل ألوان النعيم وابدأ لن يكتفي، ابتسم ينطق بكلمة واحدة، كلمة كقطرة لا تكفي ابدا للتعبير عن طوفان هائج يهمس لها: - بعشقك.
ومن هنا لهنا من حب تأسس من الصغر لشعور آخر مختلف، علاقة أخري ربما الحب لم يعرف طريقه فيها وربما هو حب من نوع آخر، ان كان احتواء كل منهما للآخر في أوج وأقل حالاته ضعفا فهو حب، إن كانت الضحكات الصافية التي يرسمها كل طرف على وجه الآخر حب فهو حب، ان كان الأمان الذي يمنحها إليه، السعادة الاحتواء الحنان لها ولأطفالها حب فهو حب، حب من نوع آخر، حب راهن الجميع على جنون أصحابه ولكننا قلنا قبلا أن في قانون العشق العاقل هنا هو المجذوب، فمبالك بالمجنون لقب لم يُطلق سوي على فرد واحد في قاموسنا الامتناهي هو خالد فهو خالد الاسم والصفة والعشق!
التفت الحلقة لتذهب ناحية فارس وياسمينته تلك الوردة النضرة التي حافظ على رونقها رغم مرور سنوات، فالوردة لا تبذل بالعمر، الوردة تبذل بالإهمال، وهو ابدا لم يكن ليُهمل زهرته، كلماته حنانه عشقه لها، كانت قطرات الحياة التي حافظت على نضارة وردته سنوات طويلة يعشقها فيهم، مال برأسه يقبل قمة رأسها يهمس لها بعشق جارف: - بحبك يا ياسمينة قلبي من اول يوم وقعت عيني عليكي وأنا عارف إن قلبي هيبقي ليكي.
ابتسمت بخفة تريح رأسها على صدره سنوات من العشق يعلوها الإحترام والتقدير، دائما ما يشعرها أنها لازالت تلك الشابة التي أحبها، الشابة التي جمعها به قصة عشق جديدة بعد نهاية مؤلمة لقصة قدمية تنهدت بحرارة تغمغم بولة: - وأنا بعشقك يا فارس أحلامي.
هنا العشاق وهناك من حاولوا يوما أن يكونوا مثلهم، اختلست لينا النظر إلى ساحة الرقص تنظر للجميع تتخيل نفسها بينهم كانت يوما هي هناك نجمة الليلة بفستانها الأبيض تتمايل بين أحضانه بين جموع الناس، اختلست عينيها النظرات إليه لتجده يقف هناك يستند إلى احدي الطاولات ينظر لساحة الرقص بابتسامة باهتة لامبالية، شهقت فجاءة تبتعد بعينيها عنه حين شعرت بيد حسام تقبض على رسغ يدها يجذبها لساحة الرقص، نظرت له مدهوشة تتمتم حانقة:.
- إنت اتجننت يا حسام اوعي سيبني ولكنه لم يهتم جذبها لساحة الرقص جوار عمر تقريبا نظرت لينا لسارة لتعاود النظر لحسام تبتسم ساخرة اقتربت برأسها منه تغمغم متهكمة: - يا ابني أهمد بقي، أنت فاكر أن عمك عمر هيخيلك ترقص مع سارة دا في المشمش يا حوسو نظر حسام لشقيقته حانقا ابتسم في سماجة قبل أن يلتف بها ويصبح هو بالقرب من عمر بدلا من لينا، رسم واسعة على شفتيه يحادث عمر ببراءة:.
- نبدل يا عمي، اصل لينا بتقولي رقصك وحش وعمي عمر رقصه أحسن منك ألف مرة ولا ايه يا لينا نظر حسام للينا لترفع الاخيرة حاجبها الأيسر ساخرة تأوهت حين داس حسام على قدمها بحذائه لتغمغم سريعا: - آه ايوة طبعا اكيد ضحك عمر ساخرا ينظر لحسام نظرات تحدي ساخرة يتمتم متهكما: - دا لما تشوف قفاك يا دكتور، عن اذنكوا قالها ليبتعد بابنته عنهم، لتحتد عيني حسام ينتفس بعنف، كشر عن جبينه نظر لشقيقته يتمتم في غيظ: - بومة.
توسعت عينيها مدهوشة كادت أن تمطره بوابل من السباب الا أنه قد تركها ورحل، ولكن لينا لم تكن لتترك ثأرها حملت طيات فستانها تتحرك في المكان تبحث عنه هنا وهناك تتوعد له برميه في المسبح ما أن تجده، لتشعر بأحدهم يربت على كتفها التفتت خلفها سريعا لتتوسع عينيها في دهشة نظرت للفاعل تتمتم مدهوشة: - مروان!
ابتسم ذلك الشاب الذي يدعي مروان ساهر، ذلك الطبيب الذي رأته حين كانت في بيت آل زيدان، هو نفسه الفتي الذي قبلته قبل سنوات وهي طفلة، يقف امامها بحلة سوداء وقميص كمعظم الحضور، يحمل في يده علبة حلوي متوسطة الحجم بها قطع الشوكولاتة مد يده لها بها يغمغم مبتسما: - اتفضلي دي عشانك، أنا كنت بتصل بوالدك من قريب عشان اسلم عليه، هو عزمني على الفرح واصر اني اجي بس واضح اني اتأخرت.
والدها، التفتت برأسها سريعا تنظر ناحية والدها ليشيح خالد برأسه بعيدا قبل أن تراه ابنته ولكنها قد فعلت ابتسمت في خبث، الآن فقط فهمت إلى ما يخطط والدها، حيلة قديمة عرفت من والدتها انها استخدمتها قبلا، ولكن لما لا، إن كان زيدان تلميذ والدها فالطبع ستنطلي عليه الحيلة، عاد تنظر لمروان تبتسم في رسمية مجاملة تغمغم: - شكرا على الشوكولاتة...
اخذت منه العلبة، تضعها على الطاولة جوارها، جلست على أحد المقاعد ليجلس هو على المقعد أمامها، لحظات من الصمت عينيها تبحث عن زيدان تحاول أن تراه، بشكل لفت انتباه مروان ليسألها متعجبا: - بتدوري على حد ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها نفيا، ليقوم مروان من مكانه يمد يده لها يغمغم مبتسما: - تحبي نرقص.
نظرت لوالدها لتراه يحدجها بنظرة قاتلة يحذرها من أن توافق، يبدو أن مروان يتصرف من تلقاء نفسه ليست تلك تعليمات والدها ابداا، ولكن بعض المغامرة سيكون اكثر من جيد، ابتسمت لمروان تضع كفها في كفه، قامت معه فقط خطوتين لتشعر بيد قاسية لم تكن يوما بتلك القسوة تقبض على ذراعها نظرت خلفها سريعا تنظر للفاعل لتجد زيدان يقف خلفها يحدجها بنظرة توازي الجمر.
اشتعالا رقص قلبها فرحا، رقص قلبها فرحا من نظراته المخيفة قبضته القاسية، زيدان يغار لم يحتمل وجود مروان جوارها، جذبها بقوة لتصبح خلفه يمسك برسغ يدها نظر لمروان ابتسم يتمتم: - نورتنا يا دكتور، اكيد الفرح نور بوجودك، بس معلش احنا بنات عيلتنا ما بترقصش مع رجالة غريبة، صعايدة بقي ابتسم مروان في هدوء يرفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة: - لا ابدا، ما حصلش حاجة، أنا هسلم على خالد باشا وامشي عن اذنكوا.
تحرك مروان ناحية خالد، في حين التفت زيدان للينا للحظات شعرت بقلبها يدق خوفا منه ألم تكن عينيه زرقاء لما تشعر بها اسود من الليل الحالك، لم يقبض على فكه، يشد على أسنانه بتلك الطريقة، نظر للأرض للحظات يحاول أن يهدي لتتوسع عينيها هي في هلع حين ظنته يود قتلها ودفنها هنا، شهقت مدهوشة حين شعرت به يجذبها لساحة الرقص وقف أمامها يمسك كفها فئ أحد كفيه يضع كفها الآخر على كتفه يتحرك معها ينظر لعينيها يتمتم حانقا:.
- ارقصي يا بنت خالي، بدل ما ترقصي مع راجل غريب، ما احنا مش بقرون قدامك، لو فاكرة اللي بتعمليه دا حرية وتحرر، تبقي غبية دا قمة قلة الأدب، لو فاكرة أنك كدا هتخليني اغير تبقي بتعيدي نفس غلطتك تاني... وقفت تنظر له تتنفس بعنف كم أرادت أن تخدش وجهه باظافرها على ما قال، جذبت نفسها بعيدا عنه عادت خطوتين للخلف ابتسمت تتمتم ساخرة:.
- بتحاسبني وناسي نفسك، هي فين انجليكا صحيح مش شيفاها، مين قالك أن أنا عيزاك تغير، أنت بنفسك قولت الحكاية خلصت أنهت كلامها لتحمل طيات فستانها تغادر إلى المنزل، بينما وقف زيدان ينظر في أثرها للحظات قبل أن يأخذ طريقه هو الآخر ويغادر، في تلك اللحظات كانن لوجين على وشك أن تستقل سيارة محمد ليعودا للمنزل، رأت زيدان يخرج من المنزل لتنزل هي من السيارة سريعا تقاطعه في منتصف الطريق تهتف باسمه بتلهف:.
- زيدان يا ابني اسمعني عشان خاطري - ابعدددددي عني مش عايز اشوف وشك لآخر يوم في عمري، أنتي برة حياتي من زمان مالكيش مكان فيها دلوقتي صاح بها بقسوة ليترك المكان ويغادر إلى سيارته وقفت لوجين تنظر مكان ما كان يقف تبكي بحرقة تضع يدها على قلبها ليأتي محمد إليها ربت على كتفها يطالعها بنظرات حزينة مشفقة ليأخذها إلى السيارة.
أخيرا انتهي الزفاف وقف الجميع يودع العروسين ترك أدهم سيارته لمراد، ليذهب بها هو والعائلة، أصر حمزة على أن يوصل العروسين إلى منزلهم، انطلقت سيارة حمزة وبدور والعروسين خلفها سيارة مراد وباقي أسرتهم، تحركت سيارة رشيد بصحبة سيارة فارس، إلى منزل الأخير، رحل الجميع ولم يبقي سوي خالد ولينا وحسام، التفت خالد لحسام يرميه بنظرة نارية مد يده ينزع طوقه الجلدي لفه حول يده ينظر لحسام متوعدا يصيح:.
- دا أنا هعلق أهلك على اللي عملته توسعت عيني حسام في هلع لحظة اثنتين ثلاثة قبل أن يركض هلعا لداخل المنزل وخالد خلفه، ولينا تقف تضحك عليهم.
لم يكن يظن بأن الطريق من منزل خالد لمنزل أدهم سينتهي بتلك السرعة ولكن انتهي، وقفت السيارة امام عمارة سكنية في منطقة هادئة ليست بتلك الراقية للغاية ولكنه حي هادئ تزينه الأشجار، نزل حمزة من السيارة يفتح الباب المجاور لمايا نزلت ابنته الصغيرة التي صارت عروسا بين ليلة وضحاها اقترب منها يعانقها يقبل رأسها يغمغم: - خلي بالك من نفسك يا حبيبتي، ولو احتجتيني في اي وقت كلميني على طول.
ابتسمت مايا تعانق والدها ليضمها حمزة إليه يشدد على عناقها للحظات تجسدت أمام عينيه ذكري قديمة وهو يحتضنها طفلة صغيرة كبرت لتصبح عروسا، اقتربت بدور منها تعانقها بحنان اموي، التفت أدهم ناحية حمزة اقتربت منه يعانقه دون كلام ادمعت عيني حمزة يربت على رأس ولده يغمغم راجيا: - انتوا الاتنين غلاوتكوا واحدة في قلبي، بس أنا المرة دي هقولك خلي بالك من مراتك يا أدهم ما تزعلهاش ابدا يا إبني، ولو عشان خاطري أنا.
ابتعد أدهم عن حمزة يقبل كف يده يردف مبتسما: - مايا جوا عينيا وفوق راسي ما تشلش هم ابدا يا بابا انسابت الدموع من حدقتي حمزة يعانق الإثنين لفترة طويلة قبل أن يودعهم ظل يقف هناك ينظر لهم إلى أن اختفوا داخل المصعد ليلتفت لبدور التي ربتت على كتفه تبتسم له في رفق ليبتسم لها هو الآخر وقف للحظات قبل أن يأخذ طريقه عائدا إلى بيته، دون ابنته لأول مرة.
اخيرا وصل العروسين إلى عش عشقهما السعيد، على الرغم من أن مايا رأت عش الزوجية ما يزيد عن عشر مرات ولكنها رغم ذلك وقفت تنظر له منبهرة وكأنها تري منزلها للمرة الأولي، التفت حول نفسها في صالة المنزل تغمغم ضاحكة بسعادة: - أنا مبسوطة اوي يا أدهم أنا أسعد إنسانة في الدنيا النهاردة ضحك يراقب حركاتها العفوية، هو الآخر يود أن يصراخ بمدي سعادته لا يصدق أنه بعد طول.
صراع انغلق باب واحد عليهما معا اخيراا، اقترب منها يعتصرها بين أحضانه يغمغم بتلهف عاشق: - مبسوطة، أنا لو فضلت ميت سنة اقولك اصرخ بفرحتي بيكي مش هيكفي.
ابتسمت، شقت شفتيها ابتسامة كبيرة، تركته يقف مكانه كالابله تحمل طيات فستانها الكبير تتحرك به في ارجاء المكان وهو يسير خلفها، تنظر لمحتويات الشقة بنظرات مدهوشة وكأنها تراها للمرة الأولي، التفتت تتوجه للمطبخ ليقاطع طريقها وقف امامها يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا: - ايه يا مايا الانبهار المبالغ فيه دي، حبيبتي انتي اللي فارشة الشقة فوقي، احنا مش فيلم عربي، ما فيش كاميرا ماشية ورانا.
ضحكت رغما عنها، تنظر له تعبس بدلال، لينحني هو بجذعه يحملها بين ذراعيه يتوجه بها للداخل يحادثها مبتسما في عبث: - عارفة القدماء المصريين كانوا بيكتبوا ايه على ضهر عربياتهم الحربية قطبت جبينها تحرك رأسها نفيا ليغمزها هو بطرف عينيه يكمل عابثا: - ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت، احنا نصلي وأنا هحكيلك حكاية حتشبسوت كلها ضحكت لتندمج ضحكاته مع ضحكاتها قبل أن تختفي شيئا فشئ خلف الباب المغلق.
العكس تماما ما حدث هنا الطريق من منزل خالد للحارة لم يكن بذلك القصر، وقفت السيارة اخيرا أمام عمارتهم السكنية في حارتهم البسيطة، نزلت روحية ومن بعدها منيرة، التي اقتربت من روحية تأخذ الصغيرة من بين ذراعيها تغمغم ناعسة: - أنا هاخد ملوكة تنام في حضني النهاردة، يلا تصبحوا على خير اقتربت من مراد في طريقها تهمس له بصوت خفيض حتى لا تسمعهم روحية:.
- اتلحلح شوية، عايزة اشوف أخ ولا أخت لملوكة ولا أنت مالكش غير في الشمال غير موكوس كاتك الارف.
توسعت عيني مراد ينظر لجدته مدهوشا ماذا فعل هو الآن لتقول هذا، ابتسم يآسا يحرك رأسه، نظر لروحية كالعادة تشيح بعينها بعيدا عنه لا يعلم أهو نفور أم خجل، يتمني فقط الا يكون نفور، تقدمته للداخل تصعد وهو خلفها إلى أن وصلت إلى باب منزلهم، افسحت له المجال يفتح الباب، تقدمت لتدخل في نفس اللحظة التي تقدم هو فيها، ليصطدما ببعضهما عند الباب شحب وجه روحية حين اصطدم جسدها بجسد مراد تنظر له متوترة ليحمحم الأخير مرتبكا افسح لها المجال دخلت هي سريعا إلى المنزل، ليلحق بها مراد، توجهت لغرفتها لتسمع صوت مراد يأتي من خلفها يسألها:.
- مش جعانة حركت رأسها نفيا يكفي ما حدث لليوم لم تكن ابدا قريبة منه بذلك القدر، دخلت إلى غرفتها سريعا تحتمي بها جلست على مقعد في غرفتها تتنفس بعنف، تضع يدها على قلبها يمر أمام عينيها كل ما حدث اليوم، وتلك المشاعر الجديدة الخاصة التي باتت تختبرها، ومع من مراد!، تنهدت حائرة ربما هي فقط تحتاج للنوم قامت تبدل ثيابها، في لحظة فتح مراد لباب الغرفة فجاءة يغمغم سريعا: - روحية منيرة بتسألك.
انحبست الكلمات داخل فمه يشيح بوجهه بعيدا بينما صاحت هي فزعة تشدد من احتضان فستانها ليغمغم هو سريعا متلهفا: - أنا آسف، أنا آسف، ما كنتش اعرف أغلق الباب سريعا وقف ينظر لباب الغرفة يقطب جبينه متعجبا يحادث نفسه لما اعتذر أليست من في الداخل زوجته!
بدلت روحية ثيابها تجلس على فراشها تتنفس بعنف ذلك الوقح دخل غرفتها دون أن يدق الباب، ولكن الغريب في الأمر ما شعرت به لم يكن خوفا بل خجلا من مشاعر تصر بعنف على دق باب قلبها المغلق.
مرت عدة ايام على ذلك اليوم، في صباح أحد الأيام هو نفسه اليوم المتفق عليه ليذهب حسام لطلب يد سارة.
صباحا في الجامعة يجلس في مكتبه وابتسامة واسعة تغزو ثغره سيراها بعد قليل وسيراها الليلة، الليلة بداية جديدة لأولي خطوات حياتهما معا، يشعر بالسعادة تغمر كيانه، ينظر لوجوه المحاضرين على مكاتبهم بابتسامة كبيرة حتى ظن البعض منهم أنه أبله او يعاني حالة نفسية ما، أمسك هو كوب الشاي الخاص به يضعه على حافة سور الشرفة ينظر للخارج يبحث بعينيه عنها ربما يراها، دقيقة اثنتين ثلاثة إلى أن وقعت عينيه عليها اخيرااا، اخيرا رآها، ولكن مهلا من ذلك الشاب التي تقف معه ولما تبتسم له، صدقا خصلات شعرها الحريرة تتساقط على وجهها لتسرع بازاحتها، ذلك الأحمق لما تكاد الابتسامة تأكل وجهه، ذلك الشاب يعرفه، هو أحد الطلاب في دفعة سارة، رآه قبلا في المحاضرات، عن ماذا يتحدثان، ولما تبتسم للمرة المليون، كاد أن ينزل لأسفل ليهشم عظام ذلك الفتي، لينذكر أنه طبيب في الجامعة هنا وما سيفعله يعتبر جريمة، تنهد بقوة يحاول أن يهدي ترك الكوب مكانه يشاهد بدلا عنه ما سيحدث، ليحمل هو حقيبته، ينزل لأسفل، حيث يقفان رآهم أمامه مباشرة، لازالت تبتسم، تحركت ساقيه ناحيتها وقف بالقرب منهم يغمغم بابتسامة صفراء:.
- صباح الخير يا دكاترة ايه واقفين هنا ليه، المحاضرة هتبدأ بعد عشر دقايق ابتسم الفتي ينظر لحسام يغمغم سريعا: - ابدا يا دكتور هنلحق المحاضرة حالا يلا يا سارة نظر حسام لسارة ساخرا خاصة مع كلمة الفتي، لتتوتر ابتسامتها تنظر للفتي تغمغم في ارتباك ظاهر: - معلش روح أنت يا شهاب، أنا هكلم والدي قبل المحاضرة حرك الفتي رأسه بالإيجاب يلوح لها ليتركهم ويغادر، التفت حسام لسارة ابتسم ابتسامة صفراء قاتمة يغمغم ساخرا:.
- لذيذ شهاب، بقالكوا الابتسامة هتاكل وشك خير كان بيقولك نكت، وبعدين شعرك السايح النايح، فين حجابك، انتي مش كبرتي بما فيه الكفاية عشان تمشي بشعرك كدة... تبدلت نبرته الساخرة لاخري حادة متوعدة: - أنا مش هسألك كنتوا بتتكلموا في إيه، بس اعتبريه أول وآخر تحذير على الله اشوفك واقفة مع ولد تاني، كلامي مفهوم يا سارة.
دون كلمة أخري تركها وغادر، وقفت هي ترتجف بعنف تنظر في اثره مصدومة، لما تغير بذلك الشكل ماذا فعلت هي خطاء، الفتي فقط كان يسألها عن محاضرة الأمس... حسام متحكم تماما كعمها، تنهدت حائرة تتوجه ناحية غرفة المحاضرات بخطي ثقيلة، دخلت إلى الغرفة تجلس في اول مقعد فارغ رأته، لحظات ودخل حسام واجم الوجه مقطب الجبين وضح حقيبته على المكتب بحدة يغمغم بجفاء:.
- كله يشيل الكتي من قدامه أنا قايل من الاسبوع اللي فات أن فيه إمتحان، والمفروض تكونوا جاهزين.
توسعت عينيها في هلع الامتحان نسيت أمره تماما، حرفيا مذاكرتها لا تسمح لها بربع الدرجة، ابتلعت لعابها خائفة تدعو في قلبها أن يمر الأمر مرور الكرام، رفعت وجهها لحسام حين وضع الورقة امامها رأي في عينيها تلك النظرة الخائفة المرتعدة، ليشعر بوخزة عنيفة في قلبه حاول تجاهلها هو هنا المحاضر، الامتحان كان حقا صعب، حسام تعمد أن يأتي بكل كلمة شرحها حتى يعرف من منهم انتبه له، لا تعرف حتى بما أجابت، ما إن انتهي الوقت كانت اول من قام من مكانه يعطي وضعت الورقة على مكتب حسام دون أن تنظر إليه لتأخذ طريقها سريعا إلى الخارج بالكاد تحبس دموعها، توجهت إلى السيارة التي تنتظرها بالسائق ما أن دخلتها استندت برأسها إلى زجاج السيارة تترك لدموعها العنان، لما فعل ذلك فيما اخطئت هي، كانت تظن أن اليوم سيكون من أسعد أيام حياتها ولكن العكس تماما ما حدث، مسحت دموعها سريعا ما أن وقفت السيارة، نزلت منها صعدت إلى منزلها تدق الباب ليفتح لها عمر ابتسم ما أن رآها يغمغم مبتهجا:.
- اهلا بدكتورنا وعروستنا الحلوة، مالك يا حبيبتي انتي كويسة ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالإيجاب، بالكاد خرج صوتها المرهق: - ايوة تعبانة بس شوية، عن إذنك هدخل انام دخلت إلى غرفتها مباشرة تصفع الباب عليها، ليقطب عمر جبنيه قلقا ما بها سارة، كاد أن يذهب إليها حين دق الباب من جديد توجه يفتحه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سارين تقف أمامه تحمل حقيبة ثيابها تبكي بلا توقف!
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثة عشر
توسعت عيني عمر في فزع حين رأي ابنته تقف أمام الباب تحمل حقيبة ثياب في يدها، تتساقط الدموع تغرق وجهها لحظات وظهر خلفها عثمان الذي توسعت عينيه في دهشة حين رآها تبكي، لما تبكي من الأساس، امسك عمر يد ابنته يجذبها لداخل المنزل ليندفع كالسهم ناحية عثمان يقبض على تلابيب ملابسه يصيح فيه: - عملت ايه في البنت، جايبلها بشنطة هدومها معيطة، اكيد عملت فيها كارثة، وربي يا عثمان لو كنت اذيتها لهقتلك.
نظر عثمان لسارين مدهوشا ليعاود النظر لعمر، رفع يديه يزيح يدي عمر عن ملابسه ابتسم يتمتم في بساطة: - اهدي يا عمي أنا عاذرك لما أب يشوف بنته واقفة معيطة قدام باب بيته يبقي اكيد حصل مصيبة، بس الموضوع فيه سوء تفاهم.
ضيق عمر مقلتيه ينظر لعثمان في شك نظرات حادة تحمل وعيد قاتل أن كان مس ابنته بسوء، التفت عمر يدخل للمنزل ليدخل خلفه عثمان يغلق باب المنزل، توجه عمر ناحية ابنته يجذب يدها ناحية غرفة والدتها، نظر لعثمان ابتسم باصفرار يتمتم: - استناني هنا...
ضحك عثمان يآسا الآن فقط عرف مين أين ورثت سارين جنونها، ارتمي بجسده على اقرب مقعد ليجد أمامه كوب عصير وصحن به بعض التسالي وجهاز التحكم الخاص بالتلفاز يبدو أن عمه العزيز كان على وشك مشاهدة فيلم ما، ابتسم يلتقط جهاز التحكم يبحث بين القنوات إلى أن وجد قديم يحبه، وضع جهاز التحكم مكانه ليتلقط كوب العصير وصحن التسالي يضجع بظهره إلى الأريكة يشاهد التلفاز.
في الداخل، ارتمت سارين بين أحضان تالا تبكي لتشهق تالا مفزوعة من حالها حاوطتها بذراعيها تتمتم فزعة: - في ايه يا سارين، حصل ايه يا حبيبتي، ما تفهمني يا عمر رفع الأخير كتفيه لأعلي بمعني أنا لا أعلم، بينما ظلت سارين تحرك رأسها نفيا بعنف مرة بعد أخري، اقترب عمر من ابنته يمسح على رأسها برفق يسألها جزعا: - مالك يا سارين في ايه يا بنتي.
وهي فقط تحرك رأسها بالنفي، نظرت تالا لعمر لتمد يدها ناحيته تربت على كتفه تهمس له بصوت خفيض قلق: - عمر، معلش اخرج برة، يمكن مكسوفة تتكلم قدامك.
شحب وجه عمر قلقا، هل يمكن أن يكون ذلك الفتي فعل شئ سيئا لتلك الدرجة التي تجعل ابنته تخجل من الحديث أمامه، اشتعلت نيران غضبه ليخرج من الغرفة اندفع غاضبا ناحية الخارج ليجد عثمان في حاله تلك يضجع على الاريكة يأكل التسالي يشرب العصير، يضحك على ما يحدث في الفيلم أمامه، اندفع عمر ناحيته يصيح محتدا: - يا برودك يا اخي قاعد تاكل فشار وتضحك، انطق ياض عملت ايه في البت مخليها مكسوفة تتكلم قدامي.
ابتسم عثمان في هدوء تام ليعتدل في جلسته يضع ما في يده على الطاولة امامه ابتسم يغمغم ساخرا: - ما يمكن ما فيش اصلا حاجة تتحكي، أنا نفسي ما اعرفش بنتك بتعيط ليه ارتمي عمر على المقعد المجاور للاريكة التي يجلس عليها عثمان يصيح فيه: - وشنطة هدومها، ما تعرفش عنها حاجة بردوا جايبلي البت معيطة بشنطة هدومها وتقولي ما عملتلهاش حاجة، اومال مين اللي عمل أمي.
ابتسم عثمان ساخرا ليتحرك من مكانه ناحية باب المنزل حيث وضع حقيبة سارين الاخري التقط الحقيبتين ليعود لعمر، وضع الحقائب على الطاولة امامه ابتسم يتمتم متهكما:.
- الشنطة دي فيها الفستان اللي سارين هتحضر بيه قراية فتحة أختها النهاردة، قالتلي عايزة ابات مع سارة النهاردة يا عثمان قولت ماشي، خدي معاكي بيجامة واحدة لانها ليلة واحدة والصبح بدري هاجي اخدك، وقفنا بالعربية قدام البيت نزلت هي الأول، وقالتلي عثمان هات الشنطة التانية فيها الجزمة وشنطة الميكب بتاعتي وهدية جيباها لسارة، قولتها حاضر ركنت العربية وجبت الشنطة وطلعت لقتيها بتعيط ليه ما اعرفش!
لانت قسمات وجه عمر قليلا يعقد ما بين حاجبيه إن كان ما يقوله عثمان صحيحا إذا لما ذلك البكاء العنيف من ناحية سارين هو حقا لا يفهم، عاد ينظر لعثمان يسأله: - انتوا كنتوا متخانقين قبل ما تيجوا حرك عثمان رأسه نفيا، صمت للحظات لينتهد حائرا يعاود تحريك رأسه بالإيجاب نظر لعمر يردف: - سارين عيزاني أسيب السباقات وركوب الخيل، خايفة ليحصلي اللي حصل قبل كدة بس أنا رفضت وهي من ساعتها مقموصة.
في تلك اللحظات خرجت سارين مندفعة من غرفة والدتها نظرت لعثمان تصيح غاضبة: - حقي أخاف عليك بعد اللي حصل، وبعدين إنت طلبت مني أخد حبوب منع الحمل وأنا وافقت، زي ما وافقت على طلبك انت كمان وافق على طلبي ليصيح عثمان هو الآخر بالمقابل: - لا يا سارين انتي موافقتيش أنك تاخدي حبوب منع الحمل، انتي عملتيها ديل، لو أنا وافقت اني اسيب السباقات انتي كمان هتوافقي تاخدي حبوب منع الحمل.
- بسسس أنت وهي احترموا وجودي على الأقل صاح بها عمر غاضبا ليسود الصمت بعدها، عثمان ينظر لسارين نظرة حزينة معاتبة، بينما الأخيرة تنظر أرضا تبكي في صمت، جذب عمر يد ابنته يجلسها جوار عثمان على الاريكة جذب هو أحد المقاعد ليصبح بالقرب منهم جلس يستند بمرفقيه على فخذيه يسألهم محتدا: - فهموني في ايه أنت وهي...
تنهد عثمان حانقا ينظر لسارين بجانب عينيه نظرة خاطفة سريعة معاتبة ألم يتفقا سويا الا يخبرا أحد بمشاكلهم، وانها ستبقي حبيسة باب منزلهم لن يعلم بها أحد سواهم، لما كل ذلك البكاء والانهيار الذي اضطره لأخبار عمر عن سبب خلافهم، زفر أنفاسه مرة أخري نظر لعمر يتمتم: - زي ما قولت لحضرتك سارين مش عيزاني اشارك في سباقات بعد كدة نظر عمر لسارين التي تنظر أرضا تفرك يديها متوترة ليعاود النظر لعثمان يسأله مباشرة:.
- وايه موضوع حبوب منع الحمل صمت عثمان ينظر بعيدا، لحظات طويلة من الصمت جعلت عمر يوجه الحديث لابنته يغمغم بترفق: - اتكلمي انتي يا سارين لو عثمان مش عايز يتكلم رفعت وجهها لمحة خاطفة ناحية عثمان استطاعت أن تري ضيقه جيدا مما فعلت، نظرت ناحية والدها وقبل أن تنطقي بحرف بادر عثمان يقول بنزق:.
- الموضوع ما فيهوش كلام يا عمي، الحكاية وما فيها أن لسه سارين عندها أربع سنين جامعة، فكرة حملها دلوقتي هتبقي متعبة ليها هي، أنا مش هتعب في حاجة، مش أنا اللي هحمل ولا هولد ولا هرضع، عرضت عليها أنها تأخذ حبوب منع الحمل لحد ما تخلص كليتها وهي وافقت، بس بنتك عشان بغزالة، بعد ما وفقت قالتلي زي ما وافقت على كلامك أنت كمان تسيب سباقات الخيل، يا اما مش موافقة، مش فاهم ايه علاقة دا بدا اصلا.
زفر عثمان أنفاسه غاضبا، بينما نظر عمر لسارين يسألها بعينيه عن صحة ما يقول عثمان، دق هاتف عثمان في تلك الاثناء استأذن منه ليتوجه ناحية شرفة المنزل الكبيرة، ما إن دخلها نهض عمر من مكانه توجه ناحية سارين جلس جوارها على الأريكة، مد يده يربت على رأسها يسألها مبتسما: - الكلام اللي قاله الواد دا صح.
اومأت الأخيرة برأسها بالإيجاب دون أن تعقب بحرف فقط تنظر لكفي يدها التي تفركهما بعنف، امسك عمر بذقنها يرفع وجهها إليه قليلا يتمتم مبتسما:.
- أنتي وسارة غلاتكوا عندي قد بعض بس انتي حتة زيادة شوية عشان بحسك شبهي اكتر، سارين أنا مع عثمان في موضع تأجيل الأطفال، هو عنده حق مش هو اللي هيتعب ولا هيحمل ولا كل الكلام دا، حتى لو فضل جنبك دايما، التعب الاكبر هيبقي عليكي بردوا، مش هتعرفي تركزي في كليتك، ومش معاكي ابدا يا سارين في حتة المساومة دي، موضوع الخلفة مالوش علاقة بالسبق، ليه فكرة Deal or no deal احنا مش في البورصة يا حبيبتي.
ارتسم على ثغرها ابتسامة صغيرة شاحبة، رفعت يدها تمسح ما سقط من دموع حائرة ارتجفت شفتاها تهمس بنبرة خافتة مرتبكة: - أنا خايفة عليه، خايفة ليحصله زي ما حصل قبل كدة، ويمكن المرة الجاية بعد الشر عنه يبقي اسوء، من حقي أخاف عليه، حاولت كذا مرة اقوله وهو رافض تماما، قولت يمكن يوافق لو خيرته مسح عمر على حجاب سارين برفق، احتضن وجهها بين كفيه يحادثها مترفقا:.
- حبيبتي كل حاجة في الدنيا دي نصيب وما حدش يقدر يمنع نصيبه ابداا، وبعدين مش هاوي هيقع تاني اللي حصله قبل كدة كان مكيدة وأهو تعلم منها، ما تعيشيش نفسك في قلق يا سارين، وبعدين عثمان هيبدا من الاسبوع الجاي شغل في الشركة، عايزة اقولك شهرين ومش هيبقي فيه حيل يركب حمار مش حصان، دا أنا بتنفتخ، إسألي ماما كانت بتفتح الباب اروح مرمي على الكنبة دي نايم من التعب ضحكت سارين بخفة تنظر لوالدها لتتمتم في حرج:.
- ما هي ماما قالتلي نفس الكلام دا بالظبط ضيق عمر عينيه ينظر لها مغتاظا ليمد يده يحاول امساك اذنيها من فوق حجابها يتمتم حانقا: - ولما هي قالتلك نفس الكلام دا بتقوقي ليه يا قوقة، دا ربنا يكون في عونه عثمان والله زمت سارين شفتيها غاضبة رفعت يدها تمسد اذنها برفق، حين مد عمر يده يمسك بها طرف حجابها يتمتم مبتسما:.
- المناحة اللي دخلتي بيها ما خلتيش الواحد يشوف القمر اللي بالحجاب، ايه الجمال دا، بركاتك يا شيخ عثمان.
ضحكت سارين تنظر للمراءة المقابلة لها تطالع صورتها بفخر، شعور لذيذ يدغدغ كيانها حين تنظر لصورتها الجديدة، مقاطع الفيديو التي حرص عثمان على أن تراها جميعا كان لها مفعول السحر في تغيير طريقة ثيابها، منظور رؤيتها للحياة من جديد، في تلك الاثناء خرج عثمان من الشرفة لم ينظر ناحية سارين حتى، توجه بانظاره ناحية عمر، يحادثه: - طب استأذن أنا، هروح بقي وهاجي بكرة بإذن الله أخد سارين عن اذنكوا.
قام عمر من مكانه توجه ناحية عثمان وقف أمامه يغمغم ضاحكا: - يا عم القفوش، أنت هتبات معانا النهاردة ودا قرار غير قابل للنقاش حرك عثمان رأسه نفيا فتح فمه يريد أن يعترض ليبادر عمر قائلا في حدة: - هتبات معانا يا عثمان، يا مش هرجعلك سارين قبل شهر، قولت ايه جز عثمان على أسنانه في غيظ ينظر لعمر حانقا، تنهد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب على مضض، ليضحك عمر يلف ذراعه حول كتفي عثمان يحادثه:.
- عارف يا عثمان أنا ما بطيقكش بس إنت طلعت عيل جدع، عشان كدة مش هستخسر فيك البيجامة الكحلي بتاعتي هديهالك تنام فيها ابتسم عثمان ساخرا دون رد، لينظر عمر لابنته يغمغم متوسلا: - سيرو حبيبة قلب بابا، ابوكي معدته نشفت من اكل الشارع وسارة ما بتعرفش تقلي بيضة، المطبخ عندك عيشي.
ابتسمت سارين تحاول اختلاس النظرات لعثمان، صحيح أنها لم تكن تفقه في الطهي سوي قلي بيضة واحدة، ولكن للضرورة أحكام في فترة مرض عثمان وضرورة تناوله للطعام الصحي، جعلت من فتاة لا تعرف في المطبخ سوي قلي بيضة، طاهية ماهرة تستطيع صنع حتى الطعام الصيني، قامت من مكانها تلتقط حقيبة ثيابها، تختلس النظرات لعثمان إلى أن وصلت إلى غرفتها هي وشقيقتها، دخلت إلى الغرفة لتري سارة تغط في نوم عميق ولكن العجيب في الأمر، لما تنام سارة بثيابها، سارة منظمة دائما ما كانت تسخر منها حين تفعل ذلك، تنهدت قلقة تنظر لقسمات وجه سارة المنقضبة وهي نائمة، بدلت ثيابها، لتتوجه ناحية المطبخ، فتحت البراد تخرج بعض احتياجتها منه، استقامت واقفة لتري عثمان يقف خلفها، رأت نظرة باردة باهتة للغاية في حدقتيه، مر من جوارها ناحية البراد التقط زجاجة مياه باردة، تحرك للخارج لتترك ما في يدها سريعا على طاولة المطبخ لحقت به وضعت يدها على ذراعها تهمس باسمه ظل واقفا مكانه دون أن يلتفت لها فقط غمغم بخواء:.
- نعم!
فتحت فمها لتعاود إغلاقه من جديد لا تعرف ما تقول، يبدو غاضبا، هل ما فعلته اغضبه، كسرت ذلك العهد الذي اتخذاه ليلة زفافهم، ولكنها كانت فقط خائفة تشعر بالحيرة، حين طال صمتها ابتسم هو ساخرا ليتحرك للخارج حيث يجلس عمر، ارتمي جواره يشاهدان ذلك الفيلم الذي كان يراه عثمان قبل قليل ياكلان التسالي، وقفت سارين عند باب المطبخ تنظر لهم تبتسم، عثمان كطفل يرضي ببساطة وهي تعرف جيدا كيف ستصالحه، ابتسمت لتأخذ طريقها عائدة للمطبخ تعد الغداء.
كانت آخر من نزل بعد ذهاب فارس وياسمين ومعهم جوري إلى المستشفي ليطمئنوا على صغير أخيها، تأخرت هي لسبب لا تتذكره، والدها ينتظرها في سيارته بالأسفل، نظرت بأعين شاردة وجه شاحب، عينين لم يذوقا للنوم طعما، رعشة بشعة تسري في جسدها كل حين وآخر، نزلت إلى أسفل تبحث عن سيارة والدها، السيارة تقف هناك ولكن والدها ليس فيها وقفت مكانها للحظات لا تعرف ما تفعل الا أنها سمعت صوته يأتي من خلفها مباشرة:.
- عربية عمي رشيد ما فيهاش بنزين، فراح مع ماما وبابا وقالولي استناكي اوصلك المستشفي.
غيث هنا للمرة الثانية، طوال تلك الأيام التي قضتها في بيت عمها لم تره ولو لمرة واحدة، عرفت مصادفة أنه يملك شقة صغيرة به ذهب إليها، التفتت له تنظر ناحيته غيث دائما صاحب ذوق مميز في الملابس يحب تلك الملابس التي تدعي « السويت شيرت » فهو يرتدي احداها الآن بلون زيتي غامق وسروال من الجينز الأبيض، ابتسمت مرتبكة ليتحرك هو فتح باب سيارته، تقدمت تجلس، أغلق الباب ليلتف حولها جلس خلف مقعد السائق، يضع حزام الأمان، قطبت جبينها في عجب، حتى والدها لا يضع حزام الأمان وهو يقود، ادار بالمفتاح محرك السيارة لينطلق إلى وجهته، الطريق صامت، هو يصب تركيزه الكامل على قيادته للسيارة، أما هي فتشرد في عالم آخر تتذكر يوم زفاف أدهم ومايا تحديدا في رقصة الزفاف النهائية، لم تره كان غائبا عن عينيها ولكنه ظهر من العدم فجاءة أمامها، وظهر وأماكن فتاة يبتسم لها يراقصها، هل هي ضحية جديدة من ضحاياه، في اللحظة التي ظهر فيها نظرت ناحية غيث هلعة قلبها ينتفض بعنف بين اضلاعها لتري في عينيه نظرة ثابتة كأنه يخبرها أن تهدئ، وهذا ما فعلت تماما تماسكت بأكبر قدر ممكن، تماسكت تشد على أعصابها بقوة حتى كادت تنقطع، لن يعلم والدها لن تكون السبب في نظرة ألم واحدة في عينيه ذلك فقط ما جعلها تتماسك...
انسابت دموعها وهي جالسة جواره في السيارة، لتري يده تمتد بمحرمة ورقية ناعمة أمام وجهها وصوته يغمغم في هدوء: - برافو عليكي، حقيقي انبهرت من رد فعلك في الفرح، كنت خايف بصراحة لاعصابك تبوظ لما تشوفيه مسحت ما سقط من دموعها بالمحرمة تنظر له خرج صوتها الهامس من بين شفتيها تسأله بنبرة متحشرجة: - مين البنت اللي كان بيرقص معاها، ضحية جديدة بيضحك عليها.
حرك غيث رأسه بالنفي عينيه لا تحيد عن الطريق أمامه فقط غمغم بهدوء: - مراته توسعت عيني صبا في ذهول، صدمة جعلت جسدها يرتجف التفتت برأسها ناحية غيث تصيح فيه بحرقة: - متجوز!، مستحيل الشيطان دا يكون متجوز، واكيد هي عارفة أنه شيطان واكيد هي زيه مرة أخري عاد غيث يحرك رأسه نفيا يحكم قبضته على عجلة المقود، القيادة في مصر أصعب بكثير من الخارج يكفي تغير مكان عجلة القيادة تجعله في توتر دائم، تنهد يردف ساخرا:.
- صدقيني البنت دي حالها أغلب منك ألف مرة، اتجوزته غصب عنها لأنه كان عايز يعتدي عليها، ولانها غلبانة ومالهاش حد اضطرته تتجوزه عشان الفيضحة توسعت حدقتيها فزعا كيف يمكن لشخص أن يكون بكل ذلك القدر من الشر والخبث، انفجرت الدموع من حدقتيها تصرخ بحرقة: - وازاي، ازاي جاسر يخرجه من السجن، ليه شيطان زي دا موجود في الدنيا، ليه ما يموتش، عشان ما يأذنيش أنا وغيري وغيري.
توقفت سيارة غيث في احدي اشارات المرور المزدحمة، التفت غيث ناحية صبا، رفع كتفيه ابتسم يتمتم في هدوء:.
- احنا مش في يوتوبيا الفاضلة يا صبا، احنا في ميزان الخير والشر محسوبين فيه بين البشر وفي قلب كل واحد فينا، ما حدش فينا اتولد شرير شر مطلق، وما حدش فينا هيفضل برئ زي ما كان وهو طفل، الظروف هي اللي بتشكل شخصية كل واحد، على الرغم من قذارة مراد بس هو معذور صدقيني من وهو طفل ما عاشش حياة سوية ابدا، كفاية بس اني اقولك أن اهله رموه من وهو طفل عنده خمس سنين.. - إنت بتبررله بتحاول تلاقيله مبررات على قرفه.
صاحت بها صبا غاضبة تتنفس بعنف، ليبتسم غيث فئ هدوء حرك رأسه نفيا يتمتم بنبرة هادئة واثقة: - أنا مش ببررله يا صبا، الشيطان ما بيجربش الأنسان أنه يعمل معصية هو بنفسه اللي بيعمله، مراد ما اجبركيش أنك تقعي في شباكه، انتي بكامل إرادتك وقعتي يا صبا.
شعرت بألم بشع ينخر قلبها هل يشركها في الذنب الآن، هي الضحية هنا، نعم هي الضحية المغفلة التي سمحت لذئب برئ بأن يلعب بزمام مشاعرها، هي من سمحت، يعني هي المخطئة وضعت يديها على رأسها تحركها نفيا بعنف، هي المخطئة، هي لم تقصد، انهمرت دموعها ليسارع هو يردف سريعا: - صبا اهدي يا صبا، أنا ما بتهمكيش أنك غلطانة، أنا عارف أنك طيبة وبريئة وساذجة عشان كدة هو ضحك عليكي... - أرجوك وصلني عند بابا.
غمغمت بها صوت خفيض بائس حزين، تنهد ينظر لها نادما الأحمق ما كان يجب أن يقول ما قال، هو فقط لم يكن يقصد، ماذا حدث لك يا حضرة المحامي منذ متي وأنت لا تقصد ما تقول، أم كنت تقصد وفقط انخلع قلبك حين رأيت ما فعلت بها كلماتك المعاتبة الحادة، أدار محرك السيارة مع انطلاق الضوء الأخضر من اشارة المرور يكمل الطريق في صمت، بضع دقائق اخري وكان قد وصل إلى المستشفي، ما إن اوقف السيارة نزلت صبا منها سريعا تصفع الباب خلفها دخلت بخطي سريعة لداخل المستشفى ليتنهد هو حزينا ينهر نفسه بعنف، تحرك هو الآخر للداخل حيث غرفة سهيلة زوجة جاسر، ما إن دق باب الغرفة ودخل بصحبة صبا توسعت عينيه اندهاشا حين رأي سهيلة تبكي بلا توقف ترتمي بين أحضان شروق، الجميع ينظر ناحية سهيلة حزينا، توسعت عينيه قلقا هل يعقل أن الطفل قد مات!، خرج سؤاله من بين شفتيه دون حاجز:.
- هو في اي يا جماعة، خير حصل حاجة تنهد جاسر يآسا يحرك رأسه، نظر ناحية سهيلة يتمتم: - حسام قال أن الولد لازم يفضل في الحضانة شهر ودلوقتي سهيلة عاملة مناحة، عشان مش عايزة تسيب المستشفي وتبعد عن الولد.
ابتسم غيث ساخرا النساء وعاطفتهم الجياشة، استاذن وخرج من الغرفة يقف خارجا، في تلك اللحظات رأي لينا ابنه عم والده، تقترب بمئزرها الأبيض تتحرك بسرعة ناحية غرفة سهيلة، وقفت امامه ما أن اقتربت منه تحادثه مبتسمة: - ازيك يا غيث عامل ايه يا حبيبي ابتسم غيث في لباقة ساحرة ليمد يده يرفع كف يدها يقبله برسمية مخملية قديمة يغمغم متغزلا: - زي القمر زيك، ايه الجمال دا برنسيس خارجة من حكاية الأميرة النائمة.
ضحكت بخفة تصطدمه على ذراعه برفق تردف ضاحكة: - عارف لو خالك كان هنا كان علقك ضحك غيث في هدوء دائما ضحكات ذلك الغيث هادئة استند بظهره إلى الحائط خلفه يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في ثقة: - ما فيش قانون في العالم يمنع أني اعترف بالجمال لما اشوفه، وأنتي في العصر اللي احنا فيه دا، المادة الخام للجمال، ايقونة لن تتكرر.. صمت للحظات ليكمل ضاحكا:.
- بس اوعي تقولي لخالي أن أنا قولتلك الكلام دا عشان ما فيش قانون في العالم هيمنعه أنه يعملني شاروما غيث لو عرف اني عاكستك ضحكت لينا عاليا بعد حديث قصير مع غيث دقت الباب طلت برأسها إلى الداخل تتمتم مبتسمة: - قالولي أن سهيلة بتعيط قامت سهيلة من بين أحضان شروق تهرول ناحية لينا ارتمت بين أحضانها تعانقها بقوة تصيح باكية:.
- طنط عشان خاطري مش هقدر أبعد عن ابني، انتي عارفة أنا اتحرمت من ماما بدري أوي، مش عايزة اسيب ابني مش هقدر ادمعت عيني لينا في لحظة، هي دائما على وشك البكاء ابعدت سهيلة عنها قليلا امسكت بذراعيها بين كفيها تحادثها بحنو:.
- حبيبتي ربنا ما يحرمه منك ولا يحرمك منه، يا سهيلة أنا مستعدة اخلي الأوضة دي ليكي، بس هتعيشي شهر في المستشفى ليه يا بنتي، صدقيني أحمد كويس جداا هو بس لازم يفضل في الحضانة لحد ما نمو جسمه يكمل... حركت سهيلة رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري تنهمر دموعها بلا توقف تغمغم بحرقة: - ايوة، أنا ما عنديش مشكلة يوم اتنين شهر، بس افضل جنب ابني عشان خاطري يا طنط، وحياة لينا عندك وافقي.
تنهدت لينا متحسرة على حال سهيلة، فقدان سهيلة لوالدتها في عمر مبكر، جعل بداخلها ما يشبه خوف على طفلها الصغير من أن تفقده، حاولت لينا أن ترسم ابتسامة على شفتيها، تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب تحادثه بحنو: - حبيبتي الأوضة والمستشفي كلها تحت امرك، انا ما يرضنيش اكسر بخاطرك ابدا يا سهيلة ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي سهيلة تعانق لينا بقوة، ابتعدت عنها بعد لحظات تسمح دموعها بكفيها تحادثها ممتنة:.
- شكرا، شكرا اوي يا طنط ابتسمت لينا في هدوء، في حين اقتربت سهيلة من جاسر تجذب كف يده تحادثه على عجل: - يلا قوم نشوف أحمد ما شوفنهوش بقالنا ساعتين نظر جاسر لسهيلة مشفقا، حقا مشفقا يتمني أن تمر الأيام سريعا ويخرج لهم الصغير سالما، سهيلة تكاد تجن فقط لتحمله، تحرك بصحبتها لخارج، وقفت لينا بين الجمع في الغرفة، تنظر لهم ليكن رشيد أول من تحدث بعقلانية:.
- ما ينفعش اللي أنتي عملتيه دا يا لينا، يعني ايه يعيشوا في المستشفى نظرت لينا لرشيد تبتسم في هدوء تحادثه هي الاخري بتعقل:.
- رشيد أنت دكتور نسا وعارف حالة اي أم بعد الولادة بتبقي عاملة ازاي ولو في شك ولو واحد مية أن الطفل عنده اي مرض، سهيلة اتحرمت من مامتها وهي صغيرة، والدتها كان عندها سرطان، واتحجزت في المستشفى شهور، سهيلة كان عندها تسع سنين تقريبا وباباها كان بيرفض يأخذها معاه المستشفى عشان ما يفضلش في ذاكرتها صورة والدتها وهي تعبانة، بس للأسف والدة سهيلة ماتت، سهيلة بتترعب لما تعرف أن حد محجوز في المستشفى، ودا ابنها ما كانش ينفع ارفض يا رشيد.
حرك رشيد رأسه بالإيجاب الآن فقط فهم سر الحالة الغريبة التي اصابت زوجة ولده، مسكينة سهيلة حقا مسكينة، بعد نقاش قصير تقرر أن تبقي سهيلة في المستشفى بصحبة جاسر وقامت لينا بتوفيا فراش آخر في الغرفة، رشيد رفض تماما مكوث شروق في المشفي هي الاخري، وعليه تقرر عودة شروق وصبا ورشيد إلى أسيوط...
اخيرا انتهي اليوم الشاق في المشفي، خرجت لينا تستقل سيارتها، تستند برأسها إلى ظهر الأريكة الخلفية والسائق يقود متجها بها إلى المنزل، بعد فترة وجيزة وقفت السيارة، نزلت منها لتري سيارة حسام تقف هي الأخري في حديقة المنزل، نزل حسام منها توجه ناحية لينا يردف مباشرة: - دكتورة لينا أنا محتاج اتكلم معاكي ضروري.
رفعت لينا حاجبيها في دهشة تحرك رأسها بالإيجاب، تحركت بصحبة حسام إلى احد المقاعد في الحديقة، جلست وجلس امامها رأت توتره الظاهر للغاية من حركة ساقه السريعة اظافره الذي يقضمها بين حين وآخر، لن تتحدث ستتركه يتحدث هو اولا، اخذ نفسا قويا يزفره بحدة ليغمغم فجاءة: - أنا عملت حاجة غبية اوي وبصراحة مضايق من نفسي اووووي، هحكيلك يا دكتورة.
بدأ يقص عليها ما حدث صباح اليوم انهي كلامه ليخلل أصابعه في خصلات شعره اضطربت حدقتيه يغمغم نادما: - أنا ما كانش قصدي ازعلها بالشكل دا أنا بس كنت، كنت يعني، بصراحة كنت غيران ضحكت لينا تحرك رأسها نفيا تردف يآسة:.
- اكيد كنت غيران، ما هو العرق المجنون دا ما بينطرش غير لما بتكونوا غيرانين، سارة ما غلطتش يا حسام وأنت عارف كدة، وأنا قولتلك قبل كدة سارة حساسة طريقتك دي خوفتها منك، المهم هي عملت ايه في الامتحان ارتسمت ابتسامة مطمئنة على شفتيه تنهد يردف بارتياح: - الحمد لله حلت فيه كويس جداا، أنا من خوفي عليها من اللي حصلها لما شافت ورقة الإمتحان، خلتني قعدت صححت الامتحان في العربية، بنت اللذين وقعت قلبي...
- اللي أنت عملته السبب ولو كانت حلت وحش في الامتحان كنت هتبقي إنت بردوا السبب يا حسام، في عرف عائلة السويسي المجنونة، ممنوع اي انثي تتكلم مع راجل غريب، بس سارة ما اجرمتش، سارة لسه في سنة اولي ولسه بتتعرف على الناس، لسه ما تعرفش حاجة، بدل ما تهددها، فهمها، كان هيحصل ايه لو قولتلها بكل هدوء سارة معلش أنا بتضايق لما بشوفك واقفة مع شاب، حسام أنت لو ما صالحتش سارة النهاردة واتحكمت في العرق الضارب بتاع العيلة المجنونة دي، أنا اللي هقفلك في الجوازة دي، عن إذنك هروح اعمل كيكة.
تركته وغادرت بإيباء لتتوسع عينيه في دهشة يضرب كفا فوق آخر يتمتم مندهشا: - عندها حق والله احنا عيلة مجانين، اومال فين الحج نهض من مكانه يتحرك للداخل، يعلو بصوته يبحث عن والده: - يا باااااباااا يا حج، أنت فين يا ابا الحج - يا حيوان أنت بتنادي على بليلة أنا في المكتب.
سمع حسام ذلك الصوت الحاد الغاضب يأتي من غرفة مكتب والده لترتسم على شفتيه ابتسامة واسعة دخل إلى مكتب والده دق الباب بأدب جم فتح الباب، دخل إلى المكتب، ارتمي بجسده على المقعد المجاور لمكتب والده ابتسم يغمغم مبتهجا: - مساء الفل يا سيد الكل رفع خالد عينيه ينظر لحسام نظرة خاطفة مشمئزة يرفع حاجبه الأيسر ساخرا ليعاود النظر إلى الأوراق أمامه حمحم حسام يعاود الحديث من جديد:.
- بقولك يا حج أنا بفكر أخد حاجة مختلفة معانا واحنا رايحين نتقدم لسارة رفع خالد وجه عن الاوراق ترك القلم من يده نظر لحسام يقطب ما بين حاجبيه يحادثه بجدية: - حاجة مختلفة زي ايه يعني ابتسم حسام في توسع يغمغم بزهو: - ست فرخات.
غض خالد على شفتيه في غيظ ما كان يجب أن يأخذ كلام حسام على محمل الجد من البداية، القي القلم من يده بعنف لينحني يخلع حذائه، ففر حسام من أمامه راكضا سريعا يتبعه فردة حذاء طائرة وصوت خالد يصيح خلفه: - امشي ياض يا ابن ال، من هنا، قصدك حاجة متخلفة شبهك يا متخلف، يا دكتور الحمير، دا أنا لو مخلف دكر بط كان نفعني عنك دخلت لينا من باب غرفة المكتب تحمل فردة حذاء خالد وقفت بالقرب منه تضحك عاليا:.
- والله العظيم احنا بيت مجانين تحرك خالد من خلفه مكتبه اقترب منه وقف أمامها يلف ذراعه حول خصرها جذبها لترتطم بصدره تستند بكفيها على صدره لاعب حاجبيه عبثا يغمغم مشاكسا: - اعتقد أن دي حاجة انتي عرفاها من زمان يا بسبوسة ضحكت لينا برقة رفعت ذراعيها تلفهما حول عنقه تغمغم بدلال: - من زمان اوي يا قلب البسبوسة.
خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه، في فقعة حالمة وردية تلفهما معا فقعة لم يكسرها سوي رائحة حريق!، توسعت عيني لينا فزعا تدفع خالد بعيدا عنه تصيح فزعة: - الكيكة اتحرقت.
خرجت تهرول لخارج الغرفة إلى المطبخ مباشرة، فتحت باب الفرن ليغزو دخان اسود كثيف المكان وخرج من الفرن كعكعة سوداء متفحمة، نظرت لينا لعكعتها متحسرة، لتسمع صوت ضحكات عند باب المطبخ ابنتها وحسام شقيقها يقفان عند الباب يضحكان على تلك الكعكة المتفحمة اردفت لينا ضاحكة: - ماما بيتهيئلي الكيكة لسه عايزة تستوي ليكمل حسام ضاحكا: - لا يا بنتي دي بالشوكولاتة، فرن الكتروني بيحط الشوكولاتة على الكيكة لوحده.
نظرت لينا لهما في غيظ، صدم حسام كفه بكف لينا يضحكان عاليا التفتا معا ليغادرا لتختفي الضحكات من فوق شفتي كل منهما شحب وجه حسام ينظر للينا، التي ابتسمت كطفلة بلهاء، قبض خالد على تلابيب ملابسهم يدفعهم لداخل المطبخ وقف أمامهم يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم بحدة قاطعة: - بتتريقوا على مراتي، طب ايه رأيك يا حمار أنت والمعزة اللي معاك انكوا مش هتتحركوا من المطبخ غير لما تنسفوا الكيكة دي.
انهي كلامه لينزع طوقه الجلدي يمسكه بين كفيه يغمغم متوعدا: - يلااا انتفض حسام يركض بصحبة لينا إلى صينية الكعكة المتفحمة، تدمع أعينهم من طعمها المحترق المتفحم، بينما يقف خالد كالجلاد عازما على تلقينهم درسا لن ينسوه، فلا أحد ابدا يهين زوجته أي من كان.
حل الليل اخيرا خرج حسام من غرفته يتأنق بقميص رمادي وسروال اسود، انكمشت قسمات وجهه يضع يده على معدته يشعر بألم شديد جراء تناوله لتلك الكعكة المحترقة، لحظات وخرجت لينا من غرفتها تتأنف بسرواا أسود وقميص ازرق غامق طويل، هو يحب الازرق وهي تحبه هو، تضع يدها هي الاخري على معدتها من الألم، اقتربت من حسام تتاوه تحادثه حانقة: - كان لازم نضحك يعني، بطني مش حاسة بيها - ابوكي دا دراكولا.
غمغم بها حسام متألما يوم خطبته يذهب وهو يشعر بألم حاد في معدته ما تلك البشري الرائعة نزل بصحبة شقيقته لأسفل، ليجدا والديهم خالد في حلة أنيقة ولينا في فستان أنيق يجمع اللونين الاسود والفضي، غمغم خالد ساخرا ما أن رآهم: - ساعة على ما البهوات ينزلوا يلا - ربنا على المفتري - حسبي الله ونعم الوكيل.
همسا بهما لينا وحسام وهما يسيران خلف والديها، استقل خالد ولينا الاريكة الخلفية، بينما حسام مقعد السائق ولينا جواره، في الطريق وقف حسام أمام محل شهير للمأكولات السريعة غاب لدقائق ليعود ومعه علبة كبيرة، وبعدها وقف أمام محل للازهار غاب لدقائق ومن ثم عاد ومعه باقة كبيرة، واخيرا عند محل الحلوي غاب لفترة طويلة ليعود ومعه عدة حقائب، حين دخل اردف خالد ساخرا:.
- لاء مش كفاية، روح هات عجل نخش بيه، وعجل ليه وأنت موجود نظر حسام لوالده من خلال مرآه السيارة الإمامية ضيق عينيه يتمتم بغيظ: - أنا مش هرد على حضرتك عشان أنا النهاردة عريس ضحك خالد ساخرا اقترب بجسده من مقعد حسام يصفعه على رقبته من الخلف يغمغم متهكما: - لا يا حبيب ابوك أنت مش هترد عليا عشان ما افركشلكش الجوازة، وشد شوية متأخرين.
تنهد حسام مغتاظا يتمتم مع نفسه حانقا أليس هو ذلك الطبيب المحترم والمحاضر الجامعي صاحب الشهادات العالية لما يُشعره والده دائما أنه مراهق في الثانوية، ومراهق طائش أيضا يتعاطي المخدرات اخيرا وصلت وجهتهم إلى بيت عمر، نزل حسام اولا بتلهف ليشهق بعنف حين اسقط عامل ري الاشجار سطل الماء فوق رأسه ليبتل العريس من رأسه لاخمص قدميه!