رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والتسعون
ارتسمت ابتسامة سعيدة ممتنة علي شفتي أدهم ينظر لجاسر الجالس أمامه في امتنان يبتسم له سعيدا، مد يده يقبض علي كف جاسر يغمغم متلهفا: - متشكر يا جاسر متشكر اوي... قاطعه جاسر بإشارة من يده جذب يده من يد أدهم تجلدت نظرات عينيه يغمغم في جفاء قاسي:.
- العقل والمنطق يقول إن أنا ما اسامحش اخوك واسيبه مرمي في السجن زيه زي الكلب، دا حتي الكلب ما بيعضش الأيد اللي اتمدتله، وأنا دايما واقف جنب أخوك، أنا عارف إن مالكش ذنب، وعشان خاطرك أنت بس أنا هخرجه بس صدقني لو لمحته تاني في حياتي او في حياة اي حد قريب مني، مش هسجنه لاء هقتله، واضح يا أدهم حرك أدهم رأسه في هدوء تام مد يده يصافح جاسر يغمغم في ثقة:.
- اوعدك أنه مش هيتعرضلك تاني ابدا لا إنت ولا اي حد يقربلك.
قام جاسر يتحرك لخارج المكان ليلحق به أدهم كل في سيارته أدهم يتحرك خلف سيارة جاسر، إلي أن وصلوا إلي قسم شرطة بعيد عنهم كثيرا، اوقف جاسر سيارته يترجل منها ليلحق به أدهم نظر أدهم في ساعة يده ليجدها الثانية والنصف صباحا، قطب جبينه متعجبا، هل سيستطيع إخراج شقيقه في تلك الساعة المتأخرة، تحرك للداخل يسير جوار جاسر إلي أن وصلوا إلي غرفة رئيس المباحث، تحدث جاسر مع العسكري، دخل الأخير لغرفة الضابط غاب للحظات ليخرج يسمح لهم بالدخول، دخل جاسر يتبعه أدهم اقترب جاسر من الضابط يصافحه ليقوم الأخير من مكانه يبتسم في توسع يصافحه يغمغم:.
- اهلا اهلا ازيك يا جاسر اخبارك واخبار جاسم باشا الشريف ايه، اقعد، اقعدوا يا شباب جلست أدهم وجاسر متجاورين، نظر جاسر لحاتم ابتسم له يسأله مازحا: - أنت بتطبق في الشغل ولا ايه، دي الساعة داخلة علي 3 ضحك حاتم بخشونة ضحكات عالية اقترب بجسده يستند بذقنه الي راحة يده زفر يغمغم يآسا:.
- اسكت دا الواحد اتنفخ من ساعة ما جه عندكوا الصعيد، خصوصا موضوع التار دا، في اي لحظة تلاقي الدنيا اتقلبت، الواحد بقي يخاف يتلفت كدة يلاقي مصيبة حصلت ابتسم جاسر مجاملا يردف في هدوء نسبي: - ربنا يعينك، بصراحة يا حاتم باشا أنا كنت جايلك في موضوع حرك حاتم رأسه إيجابا سريعا ينظر له مهتما ليحمحم جاسر في فتور يردف: - الواد اللي كان جاي هنا في القضية إياها حصل معاه إيه.
قام حاتم من مكانه ليجلس علي المقعد المقابل لجاسر، ابتسم يغمغم متهكما: - اهو مرمي في الزنزانة، بجدلله 15 فئ 15 علي ما ترفع القضية، شهل شوية يا جاسر، دي قضية شروع في قتل مش سرقة موبايل نظر جاسر لادهم ليراه ينظر ناحية حاتم نظرات غامضة غاضبة في آن واحد، تنهد حائرا عقله يرفض بكل المقاييس ما سيفعله، عاد ينظر لحاتم من جديد يغمغم في هدوء حذر:.
- لاء أنا هتنازل عن المحضر، ويا ريت لو تعرف تخلص إجراءات خروجه في أسرع وقت نظر حاتم لجاسر متفاجاءً، بعد جدال طويل يحاول حاتم إثناء جاسر عن رأيه بينما أدهم يجلس صامتا يتابع ما يحدث في هدوء تام، انتهت المفاوضات اخيرا حين زفر حاتم يتمتم مستاءا: - أنت يا جاسر أنا نصحتك وأنت مش عايز تسمع كلامي، النوع اللي زي الواد بيكره أي حد أحسن منه مش بعيد يإذيك تاني.
تحرك حاتم من مكانه ناحية مكتبه يضغط الجرس الصغير ليدخل العكسري ادي التحية لحاتم ليردف الأخير آمرا: - هاتلي مراد وحيد مختار من الحجز يا ابني.
حركت العسكري رأسه إيجابا يؤدي التحية خرج من الغرفة يوصد الباب خلفه غاب بضع دقائق، ليصدر بعدها صوت دقات منظمة علي باب الغرفة سمح حاتم للطارق، دخل العسكري يمسك أدهم من ذراعه الأيسر دفعه للداخل يؤدي لحاتم التحية مرة أخري قبل أن يخرج من الغرفة يوصد الباب خلفه، في اللحظة التي دخل فيها مراد إلي الغرفة توقفت عقارب الساعة عن الدوران، توسعت عينيه الذابلة في دهشة لم يستطع إخفائها أدهم أخيه هنا، يجلس جوار من، جاسر، جاسر الذي القي به بين غياهب السجون، وها هو يجلس كملك ينظر له باحتقار كأنه خادم ذليل إليه، أما أدهم فكست الشفقة نظرات عينيه، ينظر لوجه مراد الشاحب عينيه الذابلة جسده الهزيل، لحيته التي طالت، أما السهم المسموم كان من نصيب جاسر، ها هو يقف أمام صديق عمر سنوات طوال مرت امام عينيه ذكريات كثيرة اغلبها ضحكات يركضان كالأطفال بين الأزقة، يتسابقان في العوم في عرض البحر، يتذكر أنه كاد يغرق في مرة حين اصر أن ينزل للمياه بعد منتصف الليل، وحين بدأ يغرق هرع مراد إليه هو من أنقذه من الغرق في تلك الليلة، كيف وصل بهم الحال لهنا، يشعر بألم بشع يجتاح صدره، صديق العمر ماهو الا خائن يسعي لطعنه في ظهره بكافة السبل، حتي شقيقته لم تسلم من أذاه لولا وجود غيث، عند تلك النقطة شعر بالدماء تفور في خلاياه كم رغب في أن ينقض عليه يمزق رقبته ثم يحتضنه ويبكي، خرج من أمواج ذكرياته العاتية علي صوت حاتم يصدح حادا:.
- تعالا هنا يالا اقترب مراد من مكتب حاتم ليدفع حاتم له ورقة فوقها قلم يحادثه ساخرا: - جاسر اتنازل عن المحضر فللأسف البيه هيغور، بس قبل ما تمشي تمضي علي عدم التعرض دا، عشان لو فكرت تتعرضله تاني هجيبك من تحت الأرض...
لم يفعل مراد شيئا سوي أنه امسك القلم بأصابع ترتجف من الضعف في المدة التي قضاها بالداخل لم يكن أحد يعرف أين هو لم يكن يزوره احدا، كان المساجين يعطفون عليه ويعطونه بعض الطعام، خط اسمه علي سطح الورقة، ما حدث بعدها شعر بيد أدهم تجذبه، وقام جاسر يصافح الضابط، جذبه أدهم للخارج وقف أمام سيارته ينظر لجاسر مد يده يصافحه ممتنا: - متشكر يا جاسر حقيقي مش عارف أشكرك ازاي.
لم تتغير تعابير وجه جاسر الحادة فقط مد يده يصافح أدهم، في نفس اللحظة التي دق فيها هاتفه برقم والده فتح الخط يجيب ليسمع والده يصيح فيه: - جاسر، شاهيناز بتولد، انا خدتها وطالع علي المستشفى اللي في البلد، حصلني زفر جاسر حانقا يصيح محتدا: - ما تولد ولا تغور في ستين داهية، لا هي مراتي ولا اللي في بطنها ابني... اغلق الخط مع ابيه نظر لادهم يصيح ساخرا: - عشيقة البيه بتولد، مبروك هيبقي أب...
قطب أدهم حاجبيه مستنكرا ما يحدث لا يفهم حقا ما يقول جاسر، ليخبره جاسر أن يتبعه بسيارته، وقد فعل استقل سيارته يتحرك خلف سيارة جاسر، التفت برأسه ينظر ناحية مراد ليراه ينظر للفراغ شاردا، عينيه منطفئة ذابلة لا يري فيهما نظرة السخرية الدائمة، تنهد يزفر أنفاسه تعبا ليسمع صوت ضعيف خرج من بين شفتي مراد فقط كلمة واحدة: - شكرا.
وبعدها صمت ظل صامتا، لا ينطق بحرف وادهم ما يجد يقوله هو حقا لا يفهم ما يحدث من الأساس، وصلت سيارة جاسر إمام مدخل مستشفي نزل منها ليوقف أدهم سيارته، تحرك لينزل ليتحرك مراد معه، سارا معا خلف جاسر لاحظ أدهم أن مراد ينظر أرضا دائما، وكأنه لا يرغب في رؤية العالم من حوله، وصلت الخطوات أمام غرفة العمليات وقف جاسر يبتسم ساخرا الأمر برمته لا يهمه ولكنها اوامر أبيه، دقائق طويلة قبل أن يصدح صوت صياح طفل قادم من داخل الغرفة، صوت صياح الطفل جعل مراد يرفع عينيه ينظر لباب الغرفة المغلق ليجده يُفتح من الداخل وظهرت ممرضة تحمل طفل او طفلة صغيرة نظرت للثلاث رجال نظرة حزينة تغمغم بخفوت:.
- مين والد الطفلة ابتسم جاسر ساخرا يشير بيده ناحية مراد لتتقدم الممرضة منه تعطيه الطفلة حملها بين ذراعيه ينظر لها مدهوشا، توسعت حدقتيه الذابلة ينظر لقسمات وجهها البريئة، نقاء العالم كله يحمله بين يديه، بينما في داخله السواد والشر والغيرة، اجفل علي صوت الممرضة تتمتم حزينة: - البقاء لله والدة الطفلة تعيش أنت، ربنا يخليك ليها.
شخصت عينيه من جديد تلك المرة في فزع شاهيناز ماتت، ماتت هكذا فجاءة، شعر بقدميه ترتخي تمسك بذراعيه جيدا بتلك الصغيرة التي يحملها، ليتهاوي علي المقعد خلفه ينظر للفراغ ذاهلا، شاهيناز ماتت، ماتت في لحظات، ماتت دون أن تصبح تلك الثرية التي حلمت أن تكون، ماتت بعد أن أخطأت مئات المرات، ولم تسنح لها الفرصة للتوبة، لم يكن هناك وقت، انتشلها الموت فجاءة، صدق من قال أن الحياة ليست سوي ومضة، الحياة بكل زيفها عقدها تلك الحكبات الغريبة التي نتشابك ونتصارع فيها ما هي إلا ومضة سريعة تُجبرك علي فتح عينيك أو غلقهما، تصل بك للنهاية او تدفعك للبداية...
ومضة تري فيها حياتك كاملة عرض مسرحي سريع الحركة تراقب من بعيد تشاهد نفسك وأنت بطل الحكاية.
، ومضة تلفك بالكامل داخل نفق سرمدي تعلو بك لتطفو بعيدا بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول، أنت هنا الآن وربما غدا لا، انهمرت الدموع من مقلتيه بعنف، لا يعرف ايبكي عليها ام علي حاله، ام علي الزمان الذي أوصله لما هو عليه الآن، شهق يبكي بعنف يتمسك بتلك الرضيعة بين يديه، نظر أدهم له مشفقا، ليتحرك سريعا يجلس جواره يربت علي كتفه برفق، بينما توجه جاسر ناحية مراد وقف أمام مباشرة يطالعه بنظرات قاسية حادة:.
- مش عارف اقولك مبروك ولا البقية في حياتك، أنا مش عايز اشوف خلقتك تاني يا مراد، صدقني أنا طلعتك بس عشان أدهم، انما لو لمحتك تاني هنسفك... اشار للطفلة الساكنة بين ذراعي مراد يحادثه ساخرا: - ابقي ربيها كويس يا مراد وخد بالها عليها كويس، أحسن يجي عيل صيع يضحك عليها ويضيع شرفك، خد بالك الدنيا دوارة.
خفق قلب مراد هلعا ما أن جالت الفكرة برأسه، ليضم الطفلة لصدره يحرك رأسه نفيا سمع صوت بكائها الجائع في تلك اللحظات ليبعدها عنه يبسط كفه تحت رأسها الصغير ينظر لوجهها بأعين تنهمر منها الدموع بلا توقف يغمغم: - ما تخافيش أنا مش هسيبك زي ما هما عملوا فيا زمان، هربيكي كويس، كويس أوي.
أدمعت عيني أدهم ينظر لشقيقه حزينا مشفقا وكانت فقط نظرة أخيرة التي ألقاها جاسر علي مراد قبل أن يغادر المكان بأكمله مع بداية شروق الشمس.
لا يصدق حقا لا يصدق أنه يقود سيارته الآن الرابعة فجرا عائدا الي منزل والدهم لأن شقيقته الحبيبة التي يود خنقها حالا أصرت علي السفر وهو لقلبه الطيب لم يكن ليرفض، سحقا لقلبه الطيب، التفت برأسه ينظر للجالسة جواره نظرة سريعة خاطفة ليراها تنظر من خلال نافذة السيارة المفتوحة عينيها شاردة تسبح في الفراغ البعيد، رأي دمعة تهبط من مقلتيها لترفع يدها سريعا تمسحها قبل أن يراها، تنهد حزينا علي حالها، لينا مرت حقا بفترة بشعة ولكنها الآن تتحسن، يعرف ما يؤلمها الآن، شعورها بالذنب والألم، قلبها الجريح، يعرف أنه من المستحيل أن يتجاوز زيدان بسهولة ما حدث ويعودا ولكنه فقط يتمني، رسم ابتسامة حانية علي شفتيه، ليمد يده يخرج قطعة حلوي من جيب سترته يعطيها لها ابتسمت له ابتسامة شاحبة تأخذها منه، ليسمع صوت يغمغم ساخطا:.
- وأنا فين الشوكولاتة بتاعتي، انا بتوحم وعايزة شوكولاتة ضحكت لينا بخفة بينما حسام لسهيلة من خلال مرآة السيارة الأمامية رفع حاجبه الأيسر يردف ساخرا: - لاء حضرتك أنا الدكتور مش جوزك، بتفكريني بواحدة بعتتلي رسالة قبل كدة علي الواتس بتسأل سؤال متخلف، دكتور معلش هو أنا ممكن ابلع شامبو عشان اغسل شعر البيبي، انا شوفت الرسالة وقومت اخد حباية الضغط، رجعت لقيتها بعتالي.
إنت ازاي تشوف الرسالة وما تردش عليا، أنا الدكتور يا امي مش جوزك انفجرت لينا وسهيلة في الضحك حتي أدمعت أعينهم حسام حقا يملك حس فكاهي يُحسد عليه، قذف حسام قطعة حلوي ناحية سهيلة لتبتسم سعيدة فتحتها تأكلها بنهم، استمر الطريق ضاحكا خاصة مع حكايات حسام مع المرضي التي لا تنتهي ابداا...
علي صعيد آخر تتحرك هنا وهناك، حركتها مضطربة سريعة بين المطبخ وغرفة الطعام تخرج للصالة تنظر أن جاء أحدهم أم لا، نزل هو من أعلي في تلك اللحظات ليجدها تطل برأسها من غرفة الطعام تنظر ناحية باب المنزل المغلق تحرك بخفة يسير علي أطراف أصابعه الي أن صار خلفها ليغمغم فجاءة: - بتعملي ايه يا لينا! قفزت من مكانها تشهق مذعورة التفتت له ترميه بنظرة حانقة مغتاظة كورت قبضتها تصدمه علي صدره بعنف تصيح غاضبة:.
- مش هتبطل حركاتك دي جبتلي صرع ضحك بملئ شدقيه علي منظرها الغاضب خاصة وجنتيها الحمراء، جبينها المعقود تشبه طفلة غاضبة، كتف ذراعيه أمام صدره يحرك حاجبيه عبثا: - بصراحة ما قدرتش ما اخضكيش وانتي واقفة عاملة زي الجواسيس كدة، كنتي بتبصي علي الباب ليه تنهدت حانقة من كلماته السخيفة كتفت هي الأخري ساعديها تحرك ساقها اليسري بسرعة متوترة:.
- كنت بشوف لينا جت ولا لسه، وحشتني اوي يا خالد مش مصدقة أن شهر كامل عدي من غير ما اشوفها وخصوصا وهي في حالتها دي ابتسم لها برفق ليمد يديه يحتضن وجهها بين كفيها نظر لزرقائها الساحرة يغمغم مترفقا: - بقت كويسة، صدقيني بقت كويسة، أنا متابع قاسم خطوة بخطوة، دلوقتي هتشوفيها.
اطمأن قلبها قليلا فقط قليلا لن تهدئ إلا حين تري ابنتها أمام عينيها، ارتسمت ابتسامة متوترة علي شفتيها تحرك رأسها بالإيجاب، ليميل هو برأسه يقبل قمة رأسها، ابتعدت عنه سريعا خجلة حين سمعا معا صوت زيدان يغمغم بصوت خبيث ماكر عند أسفل درجات السلم: - جري ايه يا خالي، صباح التحرش.
نظر خالد لزيدان محتدا بينما ابتسم الأخير ابتسامة واسعة بريئة استفزازية للغاية، حين اقترب زيدان من خالد صفعه الأخير علي رقبته من الخلف يغمغم حانقا: - عيل رخم مسد زيدان رقبته من الخلف ينظر لخالد كطفل صغير غاضب ولينا تقف تضحك علي مشاحنتهم معا، قاطع تلك اللحظات صوت جرس باب المنزل، شهقت لينا فرحة لتهرول ناحية الباب تفتحه صرخت سعيدة باسم ابنتها لتضمها إلي أحضانها تبكي بلا توقف...
يقف هو كان كتمثال من حجر له قلب من نار! ، دقات قلبه تتصارع تفور كحمم بركانية تأكل صدره، لما لم يخبره أحد أنها ستأتي، كان سيرحل قبل أن تأتي، يكفي ذلك الشعور الذي يسلب لبه يسيطر علي كيانه كاملا ما أن يراها كأنها جنية خرجت من أعماق الجحيم لتؤرجحه علي لهيب العشق، يحبها بل يعشقها ولا يكره أحد في الدنيا سواها.
بعد عناق حار مع والدتها تركتها تنظر له، يقف بعيدا عنهم بضع خطوات فتح لها ذراعيه ما أن رآها لتهرول إليه ترتمي بين أحضانه تبكي بلا توقف: - سامحني يا بابا أنا آسفة... قاطعها قبل أن تكمل ما تقول حين ابعدها عنه احتضن وجهها بين راحتيه ينظر لها مبتسما يغمغم في ترفق: - هششش، خلاص اللي فات هننساه مش هنتكلم عنه ولا هنتفكره حتي، كلنا بنفتح صفحة جديدة، خلاص.
صفحة جديدة ابتسم ساخرا ما أن خاله تلك الجملة، كيف يبدأ صفحة جديدة وصفحاته القديمة لا زالت تحرق جوا روحه كل حرف فيها كتبه بدماء عشقه، دماء ترفض الاحتراق تتجدد من جديد مثل العنقاء تحيي كلما احترقت، شعر بحرارة جسده تزداد حين رآها تتقدم ناحيته بصحبة والدها، يشعر بالاختناق انفاسه تحتضر داخل رئتيه وكأنه كان يركض في صحراء لاهبة شمسها كجمر في كبد السماء، توقفت أنفاسه في اللحظة التي وقفت فيها أمامه وتلاقت مقلتيها بعينيه للحظات بسيطة، قبل أن يشيح هو بوجهه يلتقط بأنفه إعصار هواء يخمد نيران قلبه، يمسك به زمام مشاعره، التفت لها يبتسم في هدوء مد يده ليصافحها يتمتم مبتسما:.
- حمد لله علي سلامتك يا لينا ، حسام اخيرا يا جدع رجعت.
تلك الجملة الصغيرة فقط هي من نطقها قبل أن يتركها ويغادر مهرولا ناحية حسام يعانقه بقوة، اختفت الابتسامة التي نبتت علي شفتيها، كان يرحب بها برسمية شديدة حتي ابتسامته كان فقط من باب المجاملة، نغز حاد مؤلم عصف بقلبها، شعرت بيد والدها تجذبها خلفه ببطئ ليتحرك بها ناحية غرفة أخري تلك ليست غرفتها فتح الباب دخل إلي الغرفة يجذبها معه نظرت للغرفة حولها في دهشة، الغرفة تشبه غرف الاطفال يكفي رسومات ديزني التي تملئ الحوائط، دولاب الملابس يشبه دولاب الملابس المتكلم في فيلم الجميلة والوحش، غرفة لطفلة لا تتعدي الخامسة، عادت تنظر لوالدها تسأله بعينيها عما يحدث، ليبتسم هو في حنو اقترب منها يمسك ذراعيها بكفيه يحادثها مبتسما:.
- احنا قولنا هننسي اللي فات كله حتي اوضتك القديمة أنا قفلتها علي كل الذكريات الوحشة اللي فيها ومش هتتفتح تاني ابدا... ابتسمت للحظة واحدة فقط قبل أن تندثر ابتسامتها تختفي شيئا فشيئا توترت حدقتيها سؤال يتردد في عقلها تود النطق ويرفض لسانها فعل ذلك قرأ خالد حيرتها المضطربة في مقلتيها ليجذبه جلست علي حافة الفراش وهو جلس جوارها يسألها مترفقا: - عايزة تقولي حاجة؟
حركت رأسها إيجابا تنهدت بحرقة قلبها الرافض لذكر ذلك الاسم من جديد رفعت حدقتيها المضطربة تنظر لوالدها تسأله بتوتر ظاهر: - ههو فيين استشف عن من تسأل ذلك الثعلب الخبيث الذي كاد يودي بحياة ابنته إلي الهاوية، بسط يده أسفل ذقنها ابتسم يردف بتروي: - احنا مش قولنا مش هنجيب السيرة دي تاني، هو مش هيظهر تاني في حياتك خلاص، مرمي في السجن هو وامه تحت حراسة مشددة تحت عينيا، ما تخافيش.
أبيها ذكر فقط اثنين ذلك الرجل العجوز أين هو، قطبت ما بين حاجبيها تغمغم في عجب: - والراجل اللي كان قاعد علي كرسي راح فين رفع خالد كتفيه لأعلي علامة علي جهله ابتسم ساخرا يتمتم يآسا: - والله يا بنتي ما اعرف، عمك حمزة خفاه تقريبا ما تفهميش عمل إيه، بس هو ما قتلوش دا اللي أنا أعرفه، عمل فيه ايه بقي، عمك حمزة دا عدي توب السفاحين فأنا حقيقي مش عارف.
خرجت ضحكة صغيرة للغاية من بين شفتي لينا سرعان ما تلاشت، ويحل محلها غضب قاسي ينخر في قلبها بعنف نظرت ناحية والدها تغمغم في شرود قاسي: - أنا عايزة أشوفه يا بابا حرك خالد رأسه نفيا بعنف يرفض مجرد الفكرة لن يجعلها تفعلها ذلك قريبا او بعيدا حتي، مد يده يقبض علي كف يدها يحادثها بصرامة:.
- لا يا لينا انتي لسه ما وصلتيش للمرحلة اللي تخليكي تشوفيه تاني، انتي لسه في اول العلاج وهو كائن مستفز كلامه هيرجعك لنقطة الصفر تاني، لما احس أنك هتقدري أنا بنفسي هخدك من أيدك، عشان تشوفيه مرمي زي الكلب، عشان يعرف أن بنت خالد السويسي ما فيش حاجة تقدر تكسرها، انما دلوقتي لا بكل المقاييس.
ابتسمت شاردة تحرك رأسها إيجابا، في لحظة دخول والدتها تحمل صينية كبيرة عليها الكثير والكثير من الأطعمة ابتسمت تنظر لابنتها تحادثها في حماس مشتاق: - ايه رأيك في الأوضة أنا اللي مختارة كل حاجة فيها، يلا كلي، الواد حسام ما رديش ياكل وطلع ينام والله لاصحيه يروح العيادة بتاعته، وزيدان مشي بس قولتله لازم يجي علي الغدا، و جاسر جاي كمان لما عرف انكوا جيتوا اتصل وقال ج. مممممم.
صمتت تماما حين قام خالد سريعا يضع كفه علي فمها يمنعها من الاسترسال في حديث لا نهاية له، نظر لها مدهوشا يتمتم في ذهول: - بسسسس، ايه كل الرغي، هي لينا اللي كانت وحشاكي ولا الرغي اللي كان وحشك... نظر لابنته يردف مازحا: - معلش يا حبيبتي ماما شكلها هنجت من الفرحة، كلي انتي وارتاحي من السفر...
لف ذراعه حول خصر لينا يجذبها لخارج الغرفة يسير بظهره بينما هي تحاول عض كفه باسنانها ليبعد يده عن فمها، خرج بها من الغرفة ليجذب الباب سريعا يغلقه خلفه، ضيقت لينا عينيها تنظر لزوجها حانقة رفعت حاجبيها في توعد تغمغم: - بقي أنا رغاية وهنجت، طب اعمل حسابك بقي أنك هتنام في الأوضة التانية قالتها لترفع رأسها بغرور انثي ومن ثم تركته ورحلت سريعا من أمامه لتتوسع عينيه في فزع مضحك يتمتم متحسرا:.
- يعني كان لازم اقول رغاية البس يا ابن السويسي!
مرت عدة ساعات طويلة الساعة الآن الثانية عشر ظهرا في منزل عمر، تحديدا في غرفة نومه هرولت تالا للمرة الخامسة تقريبا خلال عشر دقائق الي المرحاض تخرج كل ما في جوفها حتي لم يعد يسكن احشائها شي، اقترب عمر منها يسند جسدها برفق إلي الفراش ينظر لحالة الهذال التي تملكتها فجاءة مد يده يمسح علي خصلات شعرها يغمغم قلقا: - مالك بس يا تالا من الصبح وانتي وشك أصفر وشكلك تعبان بجد.
حركت رأسها إيجابا تمسد بكفها علي بطنها انكمشت قسمات وجهها ألما تهمس بصوت ضعيف متألم: - مش عارفة يا عمر تعبانة أوي، حاسة بوجع جامد دقت سارة باب الغرفة في تلك الأثناء سمح لها عمر بالدخول لتدخل تمسك في يدها كوب عصير اقتربت من والدتها تنظر لها قلقة تحادثها بتلهف: - أنا عملتلك عصير، يا ماما قومي نروح نكشف مش هينفع حالتك دي بجد.
حرك عمر رأسه إيجابا سريعا يؤيد فكرة ابنته بينما حركت تالا رأسها نفيا تهمس بنبرة خاملة: - ما فيش دكاترة نسا بيبقوا فاتحين دلوقتي يا سارة، كلهم بيفتحوا بليل تحرك عمر من مكانه يخرج ثيابه من الدولاب يغمغم سريعا في قلق: - يا ستي هندور مش هنخسر حاجة، أنا هروح اغير في الاوضة التانية، سارة ساعدي ماما تلبس.
حركت سارة رأسها إيجابا سريعا بينما تحرك عمر لخارج الغرفة ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي تالا، ها هو عمر الذي أحبت قديما يعود من جديد، قامت ببطئ تستند علي يد ابنتها لتبدل ثيابها بأخري.
تذمر حسام حانقا مع صياح زوجة أبيه الشريرة التي ظلت جوار رأسه ما يقارب نصف ساعة تصيح بجملتين فقط: - اصحي يا حسام، والله لهتقوم تروح العيادة.
زفر حانقا يضحك ساخرا لينا الشريرة، اسم لا يليق عليها تماما، زوجة أبيه تحاول جاهدة أن تعامله كوالدته الراحلة ولكنه لن يسمح بذلك بالطبع، صحيح أنها قصيرة ولكن صوتها المزعج يفوق منزل أبيه في الارتفاع، لم يجد حلا آخر سوي أنه استيقظ ينظر لها حانقا كطفل صغير، لتبتسم هي ابتسامة لطيفة قرصت وجنته برفق تغمغم مبتسمة: - شطور يا حسام صحصح بقي علي ما اعملك الفطار عشان تروح تفتح العيادة اللي مقفولة بقالها قرن دي.
ثم خرجت في هدوء تام وكأنها لم تحدث إعصار للتو، قام حانقا من فراشه يضرب الأرض تحت قدميه لا يرغب سوي في النوم، التقط هاتفه يحادث الممرضة يخبرها أن تذهب إلي العيادة وتخبر المرضي بأنه سيأتي اليوم، تثأب ناعسا يمط ذراعيه في الهواء تحرك الي المرحاض اغتسل وبدل ثيابه بقميص أسود وسروال من نفس اللون وضع نظارته الطبية علي عينيه يلتقط حقيبة جهاز « اللاب توب »، نظر لصورته في المرآة ليصدح في رأسه جملة والدته التي تقولها له دائما.
« بسم الله ما شاء الله، ربنا يحرسك يا ابني» ادمعت عينيه حين تذكرها وهو لم ينساها أبدا، ازاح نظارته يمسح دموعه ليخرج سريعا من الغرفة توجه الي أسفل ليجد لينا زوجة ابيه تضع الطعام علي الطاولة، تحرك هو ناحية باب المنزل ليلحق به صوتها تغمغم متلهفة: - مش هتفطر يا حسام... التفت برأسه لها يرسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يحرك رأسه نفيا: - معلش ماليش نفس مش جعان.
تنهدت حزينة علي حاله، ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تحادثه برفق: - طب يا سيدي ممكن ما تتأخرش عن الساعة 5 عشان هنتغدي كلنا مع بعض.
ابتسم لها من جديد يحرك رأسه إيجابا، تحرك للخارج منها الي سيارته يأخذ طريقه الي عيادته الخاصة، كان ينهي عمله في مستشفي الحياة ويذهب إليه ليلا مرتين او ثلاث علي الأكثر في الأسبوع، مر بعض الوقت إلي أن وقف بسيارته أمام العمارة السكنية التي تقع فيها عيادته، نزل من السيارة يلتقط حقيبته الخاصة، توجه الي اعلي لتتوسع عينيه في دهشة حين رأي العيادة مزدحمة لا موضع لقدم فيها تحرك بصعوبة بين الناس يلج الي غرفته الخاصة، نظر للمرضة قبلا يحادثها:.
- عشر دقايق وهاتيلي ورقة الكشوفات حركت رأسها إيجابا سريعا، تنفذ ما يقول بينما في الأسفل وللصدفة البحتة الغير مقصودة بالمرة!، وقفت سيارة عمر بعد بحث طويل عن عيادة لطبيب النساء تعمل الآن لم يجد للأسف سوي تلك، نظر لاسم الطبيب الذي يعلو لافتة العيادة ليبلع لعابه يغمغم في نفسه: - يارب يكون تشابه أسماء.
نزل سريعا من السيارة يسند تالا يصعد بها إلي العيادة نظر مدهوشا لاعداد الناس الضخمة ليقترب من الممرضة سريعا يغمغم متلهفا: - لو سمحتي معلش أنا مراتي تعبانة جدا ومش هتقدر تستني، لو في كشف مستعجل عاجل، حتي لو بعشر اضعاف السعر حركت الممرضة رأسها بالإيجاب تأخذ منه البيانات تملئ بها الاستمارة أمامها، تحركت تأخذ الأوراق لمكتب حسام دقت الباب تدخل الي المكتب وضعت الأوراق أمام حسام علي المكتب تغمغم سريعا:.
- دكتور في واحد برة بيقول أن مراته تعبانة جدا، استمارته عندك اهي، ادخله الأول اصله جاي آخر واحد نظر حسام للاستمارة الماثلة امام عينيه ليرتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة عمه الحبيب هنا، يلا فرحته العارمة، رفع وجهه ينظر للممرضة يتمتم في هدوء تام: - دخليه أول واحد، وما تستقبليش كشوفات تاني عشان أنا مش هطول النهاردة.
تحركت الممرضة للخارج لحظات فقط وسمع دقات علي باب الغرفة سمح للطارق بالدخول دخل عمر يُسند تالا زوجته، توسعت عينيه في دهشة حين أبصر حسام يجلس أمامه بينما ارتسمت ابتسامة كبيرة واسعة علي شفتي حسام يغمغم مرحبا: - عمي حبيبي وجد عيالي، دا ايه الطلة البهية دي احتقن وجه عمر غضبا الوقح ابن ابيه هنا، مال برأسه علي إذن تالا يهمس لها حانقا: - تعالي نشوف دكتور تاني بدل الواد دا.
حركت تالا رأسها نفيا تهمس بصوت خفيض مرهق: - يا عمر أنا تعبانة مش قادرة حقيقي.
زفر حانقا يحرك رأسه إيجابا التفت خلفه ليجد سارة تدخل إلي الغرفة تغلق الباب خلفه، نظر ناحية حسام سريعا ليجد عينيه علي وشك أن تخرج قلوب حمراء، حمحم عمر حانقا يتجه بزوجته جلست تالا علي المقعد المجاور لمكتب حسام وقف عمر مواجها لها لأن الكرسي الآخر مكسور، ذلك الطبيب المهمل لم يكلف خاطره ويصلح الكرسي المكسور، تحركت سارة بقلب يسمع صدي نبضاته في المكان ناحية والديها تحاول بشتئ الطرق أن تبعد عينيها عن ذلك الوسيم الذي يجلس هناك، لا مقاعد أخري لها وقفت جوار والدتها لتسمع صوته يحادث والدتها:.
- قوليلي بقي يا مدام تالا حضرتك بتشتكي من ايه قطبت تالا جبينها متعجبة حين رأته يقوم من مكانه حمل مقعده الكبير يضع جوارها نظر لسارة للحظات يبتسم في ولة في ولة: - اقعدي.
ليعاود النظر لتالا ينظر لها باهتمام بمعني اكملي أنا أستمع، بدأت تالا تقص عليه ما تشعر به من آلام هو يقف خلف مكتبه يحاول اختلاس النظرات بين حين وآخر لتلك التي تجلس تكاد تنصهر خجلا، عاد ينظر لتالا ما أن انهت ما تقول ليشير لها لفراش الكشف يغمغم مبتسما: - طب اتفضلي حضرتك نعمل سونار نطمن علي الجنين استندت تالا علي يد سارة تساعدها للتوجه إلي الفراش تحرك حسام يتجه ناحيتهم ليجد عمر يقف أمامه يحادثه حانقا:.
- أنت رايح فين يالا ابتسم حسام في استفزاز يكتف ذراعيه أمام صدره يغمغم: - رايح اعمل سونار لكزه عمر في صدره بحدة يردف في غيظ: - ما هي قالتلك ايه اللي تاعبها لزمتها ايه السونار، يا دكتور علي ما تفرج إنت لم تتغير ابتسامة حسام الاستفزازية السخيفة فقط مال برأسه علي إذن عمر يهمس له مستمتعا:.
- ما تقلقش لما بيجي راجل غيران علي مراته بقوله ما تقلقش زي اختي، أمي، إنما مرات حضرتك أنا هعتبرها زي حماتي بالظبط، وبالعدين أنا البيبي دا يهمني جدا، دا هيبقي خال العيال اشتعلت أنفاس عمر غضبا كم ود لو يمسك في عنق ذلك المستفز شبيه أبيه يخنقه حتي الموت، بينما توسعت ابتسامة حسام تحرك ناحية فراش الكشف، يوجه عينيه للشاشة أمامه يحرك رأسه إيجابا يهمهم في هدوء:.
- لاء تمام، تمام ما فيش اي مشاكل، هي عامة الأعراض دي طبيعية جدا بس ممكن عشان حضرتك ما حملتيش من مدة طويلة فحاسة الموضوع جديد عليكي حركت تالا رأسها إيجابا بوهن تغمغم بخفوت: - ايوة فعلا عندك حق ما حملتش من بعد سارة وسارين وجدها حسام فرصة ذهبية ليلتفت برأسه ناحية سارة يبتسم في وله مراهق يغمغم لها: - ينفع كدة يا سارة ماما تخضنا عليها وهي زي الفل.
خرجت ضحكة خافتة من بين شفتي سارة تشيح بوجهها بعيدا في خجل ليقبض عمر علي وجه حسام يدير وجهه بعنف ناحيته هو يصيح فيه: - أنت مالك ومال سارة خليك في اللي بتعمله حمحم حسام في حرج يعدل من وضع تلابيب ملابسه يغمغم مبتسما: - عامة احنا محتاجين نعمل صورة دم كاملة، أنا ممكن اخليك تلف علي المعامل، بس أنا هاخد بنفسي العينة وابعتهى للمعمل التفت برأسه مرة أخري ناحية سارة يغمغم مبتسما: - شوفتي أنا حنين ازاي.
جذب عمر رأسه بعنف مرة أخري بعيدا عن ابنته، اعتدلت تالا في جلستها بينما قام حسام ناحية صيدلية غرفته الصغيرة يخرج ( سرنجة فارغة )، اقترب من تالا لتنكمش قسمات وجهها خوفا تختبئ بين أحضان زوجها: - لا انا بخاف من الحقن رفع حسام حاجبيه ساخرا ينظر للمشهد المبتذل أمامه، ليلتفت برأسه ناحية سارة من جديد يسألها بنفس النبرة الحالمة: - انتي بتخافي من الحقن يا سارة.
عند ذلك الحد ترك عمر زوجته ليندفع ناحية حسام قبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه: - لا بقئ ما أنا مش قرني قدامك اتلم يا ابن خالد بدل ما اطلعك في صفحة الحوادث، عم يقتل ابن أخيه ويمثل بجثته ابتسم حسام في براءة يلتفت برأسه ناحية سارة يغمغم بحالمية: - طب ما تيجي نغير عنوان الخبر، ويبقي عم يزوج ابنته لابن أخيه الطيب الغلبان وأنا أكشف عليكوا بالمجان، الله عليا في الشعر!
لما عادت، لما رآها من الأساس لما عاد ذلك الشعور البشع ينخر بقلبه، رؤيتها تقتله عشقا تحييه عذابا، لكم الجوال امامه بعنف لكمة اخيرة ليقف مكانه يلهث بعنف يحرك رأسه نفيا لا وألف لا لن يعود لتلك الدوامة المفرغة من الألم من جديد يكفي ما فعلته به، توجه سريعا إلي هاتفه يبحث عن رقمها لحظات فقط واجابت ليبادر هو يغمغم سريعا قبل أن يغير رأيه:.
- ايوة يا انجليكا، أنا عازمك علي الغدا النهاردة في بيت خالي، هعدي عليكي، سلام.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل المئة
عشقهما معا حقق المعجزات، سطرت معه اولي صفحات عشق الصياد لمعجزته!
كانت نائمة بين طيات غيمة وردية تلحق بها في اقاصي السحاب، حين شعرت بلساعات من أشعة الشمس تحرق وجهها، قطبت ما بين حاجبيها تحاول الابتعاد بوجهها عن تلك الحرارة تأفتت حانقة تفتح مقلتيها بصعوبة لتبصر شرفة غرفته مفتوحة علي مصراعيها ومن أشعة الشمس الحارقة يبدو أن الوقت قد تعدي الظهيرة، تمطت بذراعيها تشعر بالخمول كم ترغب في العودة للنوم من جديد، لحظات فقط وبدأت تتدفق ذكريات عدة الي رأسها عثمان السباق الجائزة كلمات عشقه التي نطقها بلا خجل بين جموع الناس في السباق، السيارة، عثمان يحملها، الباب يصفع، ومن ثم.
اجفلت فجاءة علي حركة جوارها لتجد عثمان يدخل إلي الغرفة يحمل صينية طعام متوسطة الحجم يحمل عليها أصناف عدة تفوح رائحتها الشهية في الغرفة بأكملها تجعل معدتها تموء جوعا، نظرت لساقيه وهو يتحرك بسهولة لترتسم علي شفتيها تلقائيا إبتسامة صغيرة عاشقة، كم كانت الفترة السابقة صعبة بكل ما تعنيه الكلمة من معني، إلي أن بدأ يتحرك الخطي الثقيلة صارت اخف، إن استغني عن العكاز وباتت هي عكازه وها هو الآن يكمل طريق نجاحه للنهاية، يتحرك متوجها إليها، رمشت بعينيها عدة مرات حين اقترب منها يمسك بوردة بيضاء صغيرة امسكها بين يديه يضعها برفق بين خصلات شعرها يتمتم مبتسما في عشق خالص:.
- صباح الفل يا مدام عثمان الصياد ابتسمت خجلة تشيح بعينيها بعيدا عنه نظرت لاصناف الطعام الموضوعة علي الصينية تقطب جبينها في عجب، رفعت رأسها تنظر له تسأله بخفوت: - أنت اللي عملت الاكل دا؟ ضحك بخفة يحرك رأسه نفيا مد يده يقرص مقدمة أنفها برفق يغمغم عابثا:.
- لاء طبعا أنا ما بعرفش اعمل كوباية شاي، طلبته جاهز، قولت لازم لما سارين تصحي تلاقي فطارها جاهز، عشان تاكل وتقوم تاخد شاور وتجهز عشان هنسفر الجونة بعد ساعتين توسعت عينيها في دهشة من كم الكلمات التي ألقاها فئ دهشة، من سيسافر وإلي أين ولماذااا، فغرت فاهها تسأله مدهوشة: - حيلك حيلك مين اللي هيسافر الجونة وساعتين ايه، أنا مش فاهمة حاجة.
تنهد عثمان يآسا لما يجب أن تري النساء كل شئ بذلك القدر من التعقيد والدته تفعل نفس الشئ لما لا يتصرفون فقط بسلاسة، وما الغريب فيما قال، ابتسم يلتقط قطعة بسكويت صغيرة من فوق الصينية يدسها داخل فمها برفق يغمغم ضاحكا: - هنسافر الجونة شهر عسل، دراستك هتبدأ بعد اسبوعين، فاحنا نلحق نخطف الأسبوعين دول بدل شهر العسل اللي ما عرفناش نسافره، يلا بقي افطري، أنا حضرت الشنط بتاعتنا وحجزت الاوتيل.
ابتسمت في سعادة تدق قلبها بعنف لا تصدق أن ما يحدث، يحدث فعلا ادمعت عينيها فرحا تهمس بنبرة مختنقة باكية: - مش عارفة اقول إيه يا عثمان، بس بجد أنا مبسوطة أوي، اللي بتعمله دا كتير أوي أبعد الصينية الفاصلة بينهما ليقترب منها احتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها الساقطة بإبهاميه ابتسم يهمس بنبرة حانية شغوفة:.
- كتير، لا سارين، اللي عملتيه عشاني، ما يعوضهوش دلع الدنيا كلها ليكي، أنا هعيش اللي جاي من حياتي عشان بس اعوضك عن كل لحظة وقفتي فيها جنب عثمان العاجز، أنا بحبك يا سارين، بحبك أوي كلماته لم تزد دموعها سوي انهمارا، ضمها يعانقها بين ذراعيه لتطوق عنقه بذراعيها تبكي فرحا تشدد علي عناقه زوجها وحبيب القلب الذي لم يعرف نابضها البرئ سواه، خرجت من بين شفتيها ضحكة خجولة حين سمعته يغمغم عابثا:.
- أنا رأيي أنك تقومي تجهزي، قبل ما اعمل حاجات هموت واعملها.
دفعته بعيدا عنها تصدمه في كتفه بخجل تحركت ناحية المرحاض توصد الباب خلفها، توسعت عينيها في دهشة حين رأت المرحاض معد سلفا المغطس ملي بالماء الدافئ يغطي سطحه فقاقيع الصابون مناشف نظيفة، حتي ملابس السفر معلقة خلف علي حامل بعيدا عن المغطس حتي لا تبتل، ابتسمت في عشق كم تعشق ذلك الرجل، اغتسلت وبدلت ثيابها بأخري نظيفة، خرجت من المرحاض تبحث عنه بعينيها لا أثر له، الفراش نظيف مرتب يبدو أنه قد رتبه للتو، توجهت ناحية مرآة الزينة تجفف خصلات شعرها بمجفف الشعر الكهربائي، دقائق إلي أن انتهت ابتسمت تعقد خصلات شعرها علي شكل جديلة متوسطة الطول، وقفت تنظر لانعاكسها مبتسمة، شردت في حياتها السابقة وفيما هو قادم لتشهق فجاءة حين ظهر خلفها في سطح المرآة شهفت بخفة تغمغم:.
- خضتني يا عثمان ضحك هو بخفة يسقط برأسه برفق علي كتفه ابتسم يغمغم: - ما انتي اللي كنتي في دنيا غير الدنيا، مين اللي واخد عقلك اكيد أنا صح ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب نظرت لانعاكسهما معا في المرآة للحظات طويلة قبل أن تختفي ابتسامتها سلطت مقلتيها علي عينيه تسأله دون أن تلتف له: - عثمان هو إنت فعلا بتحبني بجد!
قطب ما بين حاجبيه مستنكرا ما تقول بما تهذي تلك الحمقاء، نظر لها متعجبا لتبلع هي لعابها تغمغم بصوت خفيض متردد: - يعني أنت هتفضل تحبني عشاني أنا، عشان بتحب سارين، ولا عشان سارين هي اللي وقفت جنبك ومع الوقت هتمل من حب الامتنان دا.
زفر أنفاسه حانقا صدق حين قال إن النساء تعقد جميع الأمور ها هي حبيبته الحمقاء تفسد لحظاتهم السعيدة بأوهام غريبة لا توجد سوي في عقلها فقط، امسك بذراعيها من الخلف يلف جسدها إلي أن باتت مواجهة له، بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها له نظر لمقلتيها حرك رأسه نفيا بخفة يهمس لها بهدوء:.
- شيلي اي فكرة وحشة من دماغك عثمان بتاع زمان مش هو عثمان اللي واقف قدامك دلوقتي، عثمان القديم كان شخص تافة بيجري ورا دماغه حياته كلها غلط في غلط، إنما دلوقتي لاء، أنا اتغيرت يا سارين، بمجرد ما نرجع من شهر العسل هنزل شركة السويسي وهتسلم شغلي فيها مهندس برمجة، ومشروع التخرج بتاعي أنا خلاص قربت اخلصه، سارين أنا ببدأ معاكي أول خطوة ليا في كل حاجة حلوة، بكرة الأيام تثبتلك أن أنا فعلا بحبك أوي يا سارين.
اندفعت تعانقه بعنف تغرز رأسها في صدره تطوق ظهره بذراعيها انهمرت دموعها بين أحضانه تهمس بصوت خفيض باكي: - وأنا كمان بحبك، بحبك اوي يا عثمان.
في منزل خالد السويسي، تحديدا في غرفته هو، فتح عينيه يتمطي بذراعيه، انتصف جالسا يعبث في خصلات شعره قطب ما بين حاجبيه يحاول أن يتذكر كيف انتهي به الوضع نائما آخر ما يتذكره أنه كان يعمل علي جهاز « اللاب توب» الخاص به وجاءت لينا جلست جواره علي الفراش، ليترك هو الجهاز بعيدا قليلا ويسقط برأسه علي قدميها لتضحك هي بخفة مدت يدها تعبث في خصلات شعره وبعدها لا يتذكر شيئا سوي أنه شعر بثقل في جفنيه مع حركة يديها الحنون، تحرك ينزل ساقيه عن الفراش ليسمع صوت المياة تتدفق داخل المرحاض، ابتسم في خبث لينا في المرحاض في الاغلب تستحم، لينا عاشقة النظافة تستحم ما يزيد عن عشر مرات يوميا، تحرك بهدوء حافي ناحية باب المرحاض وقف خلفه حتي إذا فتحته يختفي هو خلفه ولا يظهر لحظات وسمع صوت المياة تتوقف لتتوسع ابتسامته الخبيثة، سمع الصوت يُفتح ليصبح هو خلفه سمعها تغمغم متعجبة:.
- ايه دا هو راح فين، دا أنا سيباه من عشر دقايق نايم، معقول يكون راح عند لينا ممكن خرج هو من خلف الباب المغلق في هذه اللحظة يطوق خصرها من الخلف يحملها عن الأرض صرخت من المفاجأة بينما ضحك هو بخشونة قرب فمه من اذنيها يهمس لها بصوت خفيض ضاحك: - مش معقول يا لينا بتستحمي كل عشر دقايق أنا بحس جنبك اني معفن ضحكت بخفة لتصدمه علي كف يده الممسكة بخفة تغمغم في ضيق:.
- اوعي يا خالد ما تهزرش، وبطل حركاتك دي بقي، هتجبلي القلب ضحك عاليا بخشونة ليحملها بين ذراعيه يتوجه بها إلي مرآة الزينة، انزلها أرضا لتهز رأسها يآسة من أفعاله الصيبانية التي لا تتغير، مدت يدها تلتقط فرشاة شعرها ليدني برأسه يقربها من رأسها ابتسم يغمغم ببراءة طفل صغير: - سرحيلي شعري.
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب التفتت له ترفع يدها بالفراشه تحاول تمشيط خصلات شعره بينما هو ينظر لها يبتسم في وله عاشق مراهق يري معشوقته سرا، رفعت حدقتيها تنظر لعينيه حين شعرت به يطيل النظر لتهمس له بصوت خفيض مبتسم: - بتبصلي كدة ليه حرك رأسه نفيا بخفة أخذ الفراشة من يدها يلقيها بعيدا علي سطح الطاولة يغمغم لها بصوت ببحته الخاصة في تلك اللحظات:.
- مش عارف هعشقك أكتر من كدة إيه، عارفة مجرد ما بصحي من النوم ابص جنبي والاقيكي نايمة دي السعادة في حد ذاتها، لينا أنا عارف أنك سمعتي منك كتير بحبك بعشقك، بس صدقيني لو في كلمات تانية وجودها توصف الحب، كان هتبقي موجودة عشان توصف عشقي ليكِ... أحبك يا من تربي فؤادي فقط علي عشقك أحبك يا من ازهرتي صحراء قلبي بربيع عشقك.
أحبك يا من اخرجتي فؤادي من حجيم فراقك إلي جنة عشقك، أحبك قبل أن تُخلق أنفاسي وحتي تتوقف نبضاتي، فأنا قد حييت حين سقط فؤادي صريع عشقك.
ادمعت مقلتيها وكالعادة عجز لسانها عن النطق بحرف أمام طوفان عشقه الجارف، طوقها بذراعيه لتلحم جسدها بجسده تخبره كم تعشقه، لحظات طويلة وهي تتمسك به وكأن حياتها تنبض داخل صدره، لحظات كانت تعرف أنها لن تمر هكذا، سيختمها بطريقة أخري هي خير من يعرفه، وقد صدقت حين سمعته يغمغم جواار اذنيها بصوت خفيض عابث: - ايوة يعني بعد العشق والشعر دا كله، ماوحشتكيش البسبوسة.
ضحكت يأسة كانت تعرف أنه لن يتغير، ابتعدت عنه قليلا تصدم صدره بكفها تضحك وتنساب دموعها السعيدة فئ ان واحد تزجره بدلال: - يا ابني بقي، هو إنت لو كملت جملتين من غير قلة أدب، هيقولوا اللي ما قالش أدبه أهو ضحك عاليا قبل أن يميل يحملها بين ذراعيه يلاعب حاجبيه عبثا، يغمغم لها في خبث: - سوري دي ثوابت...
قاطع ضحكاتهم صوت رنين هاتفه ليقطب جبينه غاضبا يشتم المتصل في سره انزلها أرضا برفق ليتوجه ناحية الهاتف قطب جبينه قلقا ما أن رأي اسم المتصل فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه سريعا يستمع الي الطرف الآخر عدة لحظات قبل أن ترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يغمغم في هدوء: - أنا جايلك مسافة السكة أغلق الخط بنظر له يضيق حدقتيه بغيظ يتمتم حانقا: - قريتي يا أختي، مش مسامحك، شعر راسي غضبان عليكي.
ظل يتمتم حانقا وهو يتوجه الي المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه بينما هي تضحك علي ضيقه، خالد هو خالد لن يتغير.
في الغرفة القريبة منهم، فتحت عينيها بهدوء تنظر لسقف الحجرة ترتسم على شفتيها شبح ابتسامة صغيرة، فارقتها الكوابيس منذ مدة، ليحل هو مكانها باتت تراه في جميع احلامها، تارة يرقصان، وتارة اخري في زفاف كبير لهما، وأحيانا تري مشاهد سعيدة من شهر عسلهما القصير، أغمضت عينيها متألمة حين ادركت هي أنها لا تعشق غيره، يبدو أنه توقف عن عشقها، إلي متي سيظلان في تلك الدوامة احدهما يركض خلف الآخر لما لا يلتقيان وينتهي الأمر، زيدان غاضب وربما توقف عن عشقها، ابتسامته باتت فاترة، كلماته مجاملة بلا اي حياة، من الاهون عليها أن يتوقف عن محادثتها من الأساس كانت وقتها ستتأكد أنه لازال يعشقها هو فقط غاضب ولكنه يتصرف بشكل طبيعي مؤلم لاعصابها، وكأن أمرها لم يعد يعينه، قامت من فراشها تنفض عنها الغطاء الخفيف، توجهت الي مرآه زينتها تنظر لنفسها في المرآة تبتسم في شحوب، لازالت جميلة ولكن تلك الشقراء تفوقها جمالا، هل انجذب زيدان للشقراء ونسيها، هي لا تملك ادني حق لتلومه بعدما حدث ولكنها تتألم بشدة، قلبها ينخر من الألم عقلها يصرخ فيها وقلبها لا يتوقف عن البكاء، تحركت إلي المرحاض تغتسل بدلت ثيابها بأخري، خرجت من غرفتها لتجد والدها يخرج هو الآخر من غرفته ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يطوق كتفيها بذراعيه مال يقبل جبينها يسأله بحنو:.
- عاملة ايه دلوقتي يا حبيبتي ابتسمت في شحوب تحرك رأسها بالإيجاب ليربط علي وجهها برفق يغمغم بترفق: - طب أنا عندي مشوار سريع وهجيلكوا علي الغدا، عايزة حاجة وأنا جاي حركت رأسها نفيا تبتسم، ليودعها خالد ويرحل، توجهت هي تنزل لأسفل، حيث غرفة المعيشة تشاهد التلفاز وقعت عينيها علي ذلك المقعد البعيد تتذكر ذكري بعيدة قريبة في الوقت ذاته حين كان يهمس لها عاشقا.
« - وحشتيني يا حبة البندق، صورتك ما بتغبش عن عيني طول الوقت بس الصورة ما تغنيش عن جمال الأصل يا بندقتي كلماته عاشقة محبة لطيفة ولكنها تنزل كالحمحم علي قلبها تجعله يزداد سخطا عليه وخوفا منه تكرهه تمقته تخافه وهو مستمر بالالتصاق بها كالعلكة صعب التخلص منه، ترقرقت دمعتين في عينيها تنظر له بمقت شديد: بكرهك.
مد يده ممسكا بخصلة ناعمة من شعرها الطويل الناعم كشلالات من الشكولاتة الذائبة، ابتسم بثقة يحرك رأسه إيجابا: عارف انك بتكرهيني بس وعد مني اني هخليكي مش تحبيني لاء، تعشقيني، تعشقي كلامي صوتي لمستي، وعد من زيدان الحديدي وأنا عمري ما اكسر وعدي يا بنت خالي ».
وقد صدق في وعده كم تشتاق في تلك اللحظة لتسمع صوته يمطرها بكلمات عشقه اللامتناهي، كم تطوق لاحتضانه، لتخبره أنه كان الأمان وهي فقط لم تكن تري، أغمضت عينيها تشعر بسائل ساخن يجري علي وجنتيها، كيف خسرت عشقه بتلك الطريقة، فتحت مقلتيها سريعا حين شعرت بلمسة يد حنونة تمسح كم تمنت أن يكون هو، ولكنه لم يكن رسمت ابتسامة زائفة علي شفتيه حين رأت جاسر أمامها ينظر لها قلقا يسألها:.
- مالك يا لينا بتعيطي ليه يا حبيبتي حركت رأسها نفيا تحاول إيجاد عذر تبرر به بكائها له ولكنه لم يقتنع فقط ضحك يغمغم يآسا: - كدابة كدب الإبل، ما تحاوليش، أنا عارف أنتي بتعيطي ليه بس صدقيني كل حاجة هتتصلح... رفع عدة حقائب من الأرض جواره يفتحهم أمام وجهها يغمغم ضاحكا: - تعالي بقي اوريكي أنا جايبلك كمية حلويات معايا يكفوكي 3 قرون قدام.
ضحكت رغما عنها تنظر للحقائب الكثيرة أمامها قبل أن ترفع وجهها له تسأله سريعا: - روحت لسهيلة تنهد حزينا يحرك رأسه إيجابا عبث بأحدي الحقائي يتمتم شاردا: - ايوة روحتلها، حاولت اشوفها، بس أبوها قالي أنها نايمة، هي مش عايزة تشوفني يا لينا وأنا مش عارف اعمل ايه عشان أراضيها.. شردت عيني لينا تنظر في الفراغ بحزم لن تسمح لصديقتها أن تتمادي في عنادها فتضيع عشقها كما فعلت هي قبلا.
علي صعيد آخر وقفت سيارة خالد بعد مدة أمام احدي المستشفيات نزل منها يتحرك لداخل المستشفى، حيث يعرف جيدا اين سيذهب، الي الطابق الثاني الغرفة 234، هناك حيث يوجد هدفه، توجه إلي الغرفة ليجد الطبيب يخرج منها اقترب خالد منه يسأله باهتمام: - اخباره ايه حرك الطبيب رأسه إيجابا يغمغم بلهجة عملية مطمئنة:.
- الحمد لله حالته بدأت تتحسن كتير عن الأول الرصاصة كانت قريبة جدا من القلب، ولولا أنه اتلحق كان مات، تقدر تشوفه بس ما تطولش ابتسم خالد في هدوء تحرك ناحية الغرفة يدق بابها، حرك المقبض ودخل ليجد شاب في منتصف العشرينات تقريبا ينتصف جالسا علي الفراش يلف شاش أبيض كبير صدره بالكامل ابتسم يخلع نظارته الشمسية اقترب خالد من فراشه يتمتم مبتسما: - حمد لله علي سلامتك يا معاذ!
ابتسم الفتي ابتسامة شاحبة مرهقة ينظر للواقف أمامه ممتنا، لولا انقاذه السريع له لكان مات بالفعل، ذلك المختل الذي اختطفه اطلق عليه الرصاص ولكن حمدا لله أن الرصاصة لم تقتله، عرف بعد أن آفاق أن خالد اشاع خبر موته حتي يبعده عن اي مؤامرات قادمة قد تقلته، جذب خالد مقعد يجلس جوار فراش معاذ ظل صامتا للحظات قبل أن يتنهد يغمغم مبتسما:.
- أنا مش عارف اقولك ايه والله يا إبني، أهم حاجة دلوقتي أنك بخير، حظك معلش أنك وقعت مع عالم مجانين، قوم أنت بس بالسلامة وأنا هفضل جنبك، صدقني مش هسيبك ابتسم معاذ ابتسامة شاحبة متعبة للغاية نظر لخالد يحادثه بصوت بالكاد يُسمع: - أنت بتعمل معايا كدة ليه، المفروض تكون بتكرهني، هما خدعوا بنتك بشخصيتي أنا... ابتسم خالد مد يده يربت علي يد معاذ ذلك الشاب المسكين، تنهد يحادثه مبتسما:.
- أنت مالكش ذنب في حاجة، ودي أقل حاجة اعوضك بيها عن سنين عمرك اللي سرقوها منك عشان ينتقموا مني، اتحسن إنت بس، ومالكش دعوة بأي حاجة تانية، أنا مضطر امشي، بس هجيلك تاني، عايز المرة الجاية الاقيك احسن من كدة ابتسم معاذ له ممتما لتدمع عينيه يحرك رأسه إيجابا، قام خالد يودعه يتحرك عائدا لبيته، ما إن نزل إلي السيارة دق هاتفه برقم عمر أخيه ما أن فتح الخط اندفع أخيه يصرخ حانقا:.
- بقولك ايه يا خالد أنت تبعد ابنك عن بنتي بدل ما والله هزعلهولك، أبنك ما شافش بجنية ونص تربية بيعاكسها قدامي، وعمال يتنحنح بشكل سخيف ولا عاملي اي اعتبار زفر خالد حانقا يزمجر غاضبا يقاطع سيل صياح أخيه: - بس يا حيوان، ودني في ايه، فهمني براحة ايه اللي حصل، وشوفت حسام فين اصلا.
صمت عمر حانقا يقص علي أخيه ما حدث كاملا، علت ابتسامة صغيرة شفتي خالد، ذلك الشاب يثبت كل يوم أنه ابن ابيه حقا، حمحم يتمتم بصوت جاد غاضب: - لاء طبعا ما يرضينيش اللي عمله دا، أنا هتصرف معاه لما أروح، ما تقلقش اغلق الخط مع أخيه لينفجر ضاحكا يردد داخل نفسه: - هذا الشبل من ذاك الأسد.
وقفت السيارة بعد رحلة طويلة من أسيوط إلي القاهرة، أدهم يوجه تركيزه كاملا للطريق، بينما مراد عينيه لا تنزحان عن تلك الصغيرة النائمة بين احضانه، يحمل في يده زجاجة حليب صغيرة اعطتها له الممرضة بعد أن قامت باطعامها مرة، الصغيرة تنام في هدوء كملاك نزل إلي الأرض خطاءً، كيف يمكن أن تكن بذلك النقاء، هل كان يوما مثلها، هو حقا لا يتذكر، منذ أن بدأ يكبر وهو يشعر بالحقد والكرة علي الجميع، لن يدعها تشعر بما عاني هو، لن يبدد هالة النقاء التي تحيط بها ابدا، صغيرته طفلته، ابنته، رفع وجهه ينظر لأخيه بأعين دامعة يسأله متلجلجا:.
- تفتكر لما تكبر هتبقي زيي يا أدهم تعجب أدهم حقا من نبرة مراد الباكية، يشعر بالشفقة تأكل قلبه عليه، حرك رأسه نفيا يحاول التخفيف عنه قليلا يهمس له مترفقا: - هتبقي احسن منك ومني ومن الكل يا مراد..
ابتسم الأخير في سعادة كطفل صغير يحرك رأسه بالإيجاب اخيرا وقفت السيارة نزل ادهم ومن خلفه مراد يحمل الصغيرة بين ذراعيه بحرص شديد، وكأنه قطعة غالية من الألماس يخشي فقدها، نظر لدكان جدته ليجده مغلقا، قلق أدهم كثيرا من أن يكون أصاب جدته مكروها، وذلك نفس الشعور الذي تسرب لقلب مراد، تحرك الرجلين لأعلي يدق أدهم الباب سريعا، هو حتي لا يتذكر أين مفاتيحه في تلك اللحظة، لحظات ووجد جدته تفتح الباب ليندفع أدهم الي الداخل يعانقها بقوة يغمغم متلهفا:.
- انتي كويسة يا جدتي، المحل مقفول و قاطعته منيرة تغمغم ضاحكة: - ما تقلقش يا واد أنا بخير، بس قولت أريح النهاردة شوية.. أبعدها عنه يتنهد بارتياح، ليخطو مراد إلي داخل المنزل في تلك اللحظات يحمل الصغيرة النائمة بين ذراعيه نظرت له منيرة لتدمع عينيها شوقا، خاصة وهي تري حاله البائسة، قطبت جبينها تنظر للرضيعة التي يحملها مراد بين ذراعيه اقتربت منه تسأله سريعا بتلهف:.
- مراد كنت فين يا ابني حرام عليك حرقت قلبي عليك من الخوف ومين اللي انت شايله ولا شايلها علي دراعك دي نظر مراد أدهم ليقترب الأخير منه يأخذ الطفلة من بين يديه برفق، اقترب مراد سريعا من منيرة يرتمي بين أحضانها يعانقها كطفل صغير خائف يجهش في بكاء احتبسه لأيام وأيام: - أنا آسف يا ستي، آسف، كنت غبي مغيب، بجري ورا شيطاني، ما سمعتش كلامك، بس خلاص فوقت والله فوقت، سامحيني.
انسابت دموع منيرة لتشدد علي احتضانه تغمغم له سريعا: - أنا مسمحاك يا قلب ستك، أنا عارفة انهم السبب هما اللي عملوا فيك كدة، ما تعيطش يا مراد عشان خاطري يا إبني ابعدته عنها تسمح وجهها بكفيها ليمسك كفي يدها يقبلهما، ادمعت عيني أدهم علي ما يحدث، قبل أن يصدح صوت بكاء الصغيرة من جديد، انتفض أدهم مفزوعا ينظر لتلك الباكية بين ذراعيه لا يعرف ما يفعل نظر لشقيقه يصيح مفزوعا: - مراد، دي بتعيط، خدها، خدها اهي.
تحرك مراد يود أن يأخذ ابنته من بين ذراعي أخيه، ليشعر بيد منيرة تقبض علي كف يده التفت له لتسأله محتدة: - ما تفهموني أنت وهو مين البنت دي ابتسم مراد في شحوب معذب اقترب من أدهم يأخذ الصغيرة من بين يديه، اقترب بها من منيرة مد يده لها بها لترفع يديها سريعا تحمل الصغيرة الباكية، نظرت لها للحظات لتعاود النظر لمراد تسأله بعينيها عن هويتها ليبتسم الأخير في شحوب يتمتم: - ياسمين حفيدتك، بنتي يا ستي.
توسعت عيني منيرة في دهشة تنظر للصغيرة بين يديها في ذهول، ابنه حفيدها من من، وكيف حدث ذلك ومتي؟!
في منزل خالد السويسي.
جلس جاسر مع لينا في غرفة الصالون، دقات الباب فتحت الخادمة كان حسام الذي توجه مباشرة إلي غرفته دون أن ينطق بحرف، دقات الباب مرة أخري، تلك المرة والدها الذي ابتسم لهم يحي جاسر وتوجه مباشرة إلي غرفته هو الآخر، ودقات الباب للمرة الأخيرة خلعت قلبها، حين رأته يدخل من الباب بمفرده، تقسم أن دقات قلبها تكاد تصل إليه من سرعتها، كم اشتاقت إليه وقد رأته فقط قبل ساعات، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها ما أن رأته، ابتسامة سرعان ما تلاشت حين لحقت به تلك الشقراء تمسك بكف يده تبتسم في سعادة وكأنها تملك العالم أجمع تفتت قلب وهي تري يدها تعانق كف يدها، تسارعت أنفاسها تنظر له نظرات مقتولة يائسة لها بنيران تكاد تحرقها، الشقراء تسعي لسرقته منها، تقدم بصحبتها للداخل، اقترب من جاسر يصافحه، ومن ثم توجه إليها مد يده لها يبتسم في هدوء قاسي يحطم القلب مد كف يده لها يغمغم مبتسما:.
- ازيك يا لينا، اتمني تكوني أفضل دلوقتي مدت يدها تضعها في كفها تكاد تقسم انها شعرت بكهرباء تصعق جسدها ارتعش جسدها بعنف، لتسحب يدها من يده سريعا، بينما ابتسم هو في هدوء ما أن جذبت يدها من يده أسرعت تلك الشقراء تمسك كفه من جديد أخذها وخرج من الغرفة يجلسان في الغرفة الخارجية بينما لينا تراقب بأعين كالجمر اقتربت برأسها من جاسر.
- هطق يا جاسر همووووت أنت ما شوفتهاش بتتلزق فيه ازاي، دا مجرد ما ساب ايدي جريت مسكت ايده شدت علي أسنانها تهمس بها بغيظ شديد، ليبتسم جاسر في إعجاب اطلق صفيرا عاليا يغمغم بولة: - بس بصراحة البت صاروخ اوربي علي ابوه، يا بختك يا زوز احتقنت عيني لينا غيظا لتمد يدها تقرص ذراع جاسر بعنف تأوه الأخير متألما نظر لها حانقا يمسد بكفه ذراعه يتمتم حانقا: - ايه يا لينا الغباء دا...
قبضت لينا علي تلابيب ملابس شقيقها تجذبه ناحيتها قليلا تهمس في غيظ: - جاسر نتشقلب كدا وتبعد اللزقة الامريكاني دي عن زيدان قبل ما اقتلها ارتسمت ابتسامة متشفية علي شفتي زيدان يلاعب لها حاجبيه يتمتم ساخرا: - جرب نار الغيرة، صحيح ما يكدش المزة الا مزة امز منها اشتعلت النيران في عيني لينا تنظر لأخيها نظرات قاتلة ليحمحم متوترا ابتعد عنها يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يغمغم في ثقة:.
- اتفرجي وشوفي چينيس العيلة هيعمل ايه راقبت بأعين فضولية متمنية أن يحرقها جاسر حية، ابتعد جاسر عن الغرفة يتوجه إليهم، في نفس اللحظات التي صدح فيها صوت عراك حاد يأتي من الأعلي، تناهي الي الجميع صوت خالد الغاضب، يناطحه صوت حسام - أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي - دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل، فاهم يا ابن خالد.
- لا مش فاهم، كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه، اشمعني أنا - اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم - لاء مش مفهوم، وهتجوزها غصب عنكوا - أنت قليل الأدب، بعدها صدحت صوت صفعة قوية ساد بعدها صمت تام، لحظات وسمعوا صوت خطوات تنزل مهرولة علي سلم البيت ليجدوا حسام ينزل سريعا من أعلي بخطي سريعة غاضبة عينيه حمراء كالجمر...
تحرك ناحية باب المنزل كاد يفتحه ليخرج ليصدح صوت خالد من أعلي السلم يصيح فيه: - حسام قسما بالله لو رجلك عدت الباب دا لهكسرهالك اشتعلت عيني حسام غضبا، التفت ينظر لخالد نظرات سوداء حانقة، لينزل خالد من اعلي بهدوء تام تحرك خالد ناحية غرفة مكتبه نظر لحسام يتمتم في هدوء قاتل: - ورايا يا بيه!
توضيح من الكاتبة: معلش يا جماعة أنا بس سامحوني أنا حقيقي متوترة، يعني اول كتاب ورقي ليا وحقيقي الموضوع موتر اوي. وماثر علي نفسيتي، فكرة يا تري هيبقي حلو مش حلو، هيقدم جديد في سلبيات عرفت اقدم الفكرة صح، يا تري فئ حد ندم أنه اشتراه، بجد الموضوع موتر اووووي.
بإذن الله هكون موجودة في معرض القاهرة الدولي للكتاب يوم 9 يوليو ورواية «ضلع اعوج استقام لينتقم » جناح إبداع صالة 2.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وواحد
صمت تام يطغي علي المكان بعد ما حدث الجميع ينظر في صمت، مشادة حادة بين حسام ووالده قامت في لحظات، هل حقا ضرب خالد حسام، توجهت أعين الجميع ناحية السلم حين شعروا بحركة تخطو متوجهة نحوههم، نزلت لينا زوجة خالد من أعلي لتسرع ابنتها إليها تسألها قلقة: - في إيه يا ماما، ايه الزعيق دا، هو بابا ضرب حسام فعلا.
تنهدت لينا يأسة من أفعال زوجها، نظرت ناحية باب غرفة المكتب المغلقة لتشرد عينيها فيما حدث قبل دقائق فقط.
Flash back.
كانت تجلس جوار الشرفة في غرفتهم مكانها المفضل، تفضل الجلوس هناك، مع كوب قهوة بالحليب، وكتاب أدب إنجليزي بلغته الأصلية، نسمات الهواء المختلطة برائحة الأشجار تلتف حولها، حالة خاصة من الانسجام، أبصرت عينيها وهي جالسة دخول سيارة حسام، لتبتسم ما أن رأته، تنظر له حزينة، من المفترض كما تروي الحكايات أن زوجة الأب الشريرة تكره ابن زوجها ولكنها حقا تشعر بصلة غريبة تربطها بذلك الشاب، وكأنه من دمها هي، من الممكن لأنه شديد الشبه بأبيه، او هي وصية شهد التي رمتها فوق عاتقها أن تصبح هي مسؤولة عنه، رأته يتوجه للداخل، ولحظات أخري ووقفت سيارة خالد عندئذ ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيها حين رأته يهبط من سيارته مازال قلبها يدق بعنف في كل مرة تراه فيها وكأن سنوات العمر لم تتحرك لحظة، شعر بها هو دائما ما يفعل رفع رأسه لها يغمزها بطرف عينيه لتتورد وجنتيها خجلا، ذلك الرجل كم تحبه تعدت حدود الجنون في عشقه الخالد، لحظات فقط وسمعت صوت مقبض الباب يُفتح بالطبع هو من غيره يقتحم الغرفة وكأنها أحدي عمليات الضبط، ابتسمت تلتفت برأسها له، لتراه يخلع سترة حلته نظر لها يردف محتدا:.
- حسام باشا عاملنا مشاكل مع عمر عشان سارة، أما نشوف البيه اللي عايش مراهقة متأخرة دا قالها ليجذب رابطة عنقه يزيح أكمام قميصه للخلف، عقدت هي جبينها قلقة من ردة فعله... تحرك خالد ناحية غرفة حسام يفتح بابها فجاءة دون سابق إنذار، دخل إلي الغرفة لتشخص عيني حسام في ذهول ضم ضفتي قميصه الذي كان علي وشك خلعه ينظر لوالده في ذهول يتمتم:.
- ايه يا بابا في اي، خضتني، وبعدين خبط قبل ما تدخل، افرض قالع ولا بغير هدومي ضحك خالد ساخرا يرفع حاجبه الأيسر ينظر. لحسام نظرات متهكمة ساخرة: - ايه يا حبيبي أنت بنت هتتكسف، أوضة اختك الوحيدة اللي أنا بخبط عليها باقي الأوض بفتح واخش عادي اتعود علي كدة بقي زفر حسام حانقا ينظر لوالده في غيظ عقد ساعديه أمام صدره ابتسم في اصفرار يردف: - حضرتك عايز مني حاجة، ولا ادخل أغير هدومي في الحمام.
- عمك عمر حكالي علي اللي بيه عمله النهاردة يا دكتور يا محترم... أردف بها خالد محتدا ينظر لحسام نظرات حادة غاضبة، ليبتسم الأخير بلامبلاة يتمتم في هدوء تام: - عملت ايه يعني هو اللي مش راضي يجوزني بنته، وبعدين أنا كنت بهزر اقترب خالد من حسام خطوتين إلي أن صار أمامه مباشرة ارتفع جانب فمه بابتسامة ساخرة يتمتم متهكما:.
- بنته اللي أصغر منك ب12 سنة علي الأقل عيلت اوي منك يا حسام، عيب عليك يا دكتور دا أنت لو كنت اتجوزت بدري كنت خلفت قدها اشتعلت عيني حسام بلهيب نيران كلمات والده الساخرة، تهدجت أنفاسه بعنف مخيف ينظر لوالده وشزرات نار تأكل قلبه ليصدح صوته عاليا: - أنا هتجوز سارة يعني هتجوزها يا خالد يا سويسي.
اخفي خالد ابتسامة بسهولة هو يريد أن يعرف لأي مدي سيحارب ابنه للوصول الي ما من أحب رسم الغضب ببراعة علي قسمات وجهه ليدفعه في صدره بعنف يزمجر غاضبا : - دا بعدك يا ابن خالد إن كنت أنت دماغك ناشفة فأنت واخد صخرة من جبل، فاهم يا ابن خالد حرك حسام رأسه نفيا هو يعاني منذ زمن من مشاكل مع الغضب، تتلبسه حالات حادة تجعله لا يسيطر علي انفعالاته لم يشعر بنفسه سوي وهو يتحرك باضطراب يصرخ بقوة:.
- لا مش فاهم، كل واحد فيكوا بيعمل اللي هو عايزه وعلي مزاجه، اشمعني أنا عقد خالد ما بين حاجبيه قلقا غاضبا في الآن، قلقا من تلك الحركات المضطربة التي يتحرك بها حسام، غاضبا من صوته وحدته في الكلام، تنهد يصيح بصوت مرتفع غاضب: - اللي اقوله هيتنفذ يا حسام مالكش دعوة بسارة خالص مفهوم وقف حسام للحظات ينظر للواقف أمامه ليرتعش جسده بعنف اضطربت حدقتيه يصيح محتدا وكأن شيطانا تلبسه:.
- لاء مش مفهوم، وهتجوزها غصب عنكوا قلق خالد من ارتجافه حسام العنيفة، رفع يده يصفعه علي وجهه بعنف عله يهدئ قليلا، نطق تلك الجملة تبريرا لما فعله - أنت قليل الأدب... توقف حسام عن الارتجاف ينظر لوالده نظرات حادة غاضبة ليندفع لخارج الغرفة يهبط لأسفل سريعا، تحرك خالد خلفه ليجد لينا تقف هناك تنظر لحسام حزينة وهو يغادر التفتت برأسها لخالد تطالعه بنظرات عتاب للحظات تقدمت ناحيته تحادثه محتدة:.
- في إيه يا خالد، ليه الزعيق دا كله، ما اعتقدش إن هو اجرم يعني عشان بيقولك أنه بيحب بنت عمه وعايز يتجوزها، اتفضل لو سمحت الحقه تنهد خالد قلقا يحرك رأسه إيجابا سريعا تحرك يلحق بولده Back.
اجفلت لينا من شرودها، تنظر ناحية باب غرفة المكتب المغلقة، تود لو تعرف ما يحدث بالداخل وما كان يحدث هو، دخل خالدة إلي الغرفة، يجلس علي المقعد المجاور لمكتبه انتظر للحظات، قبل أن يدخل حسام إلي الغرفة ينظر بعيدا عنه حانقا، اشار خالد للمقعد المقابل له يتمتم حانقا: - اقفل الباب واترزع.
زفر حسام في غيظ أغلق باب الغرفة ليتوجه للمقعد المقابل لأبيه تهاوي إليه ينظر بعيدا يشعر بالغضب، تلك ليست المرة الأولي التي يصفعه والده وهو ليس بطفل ليحدث ذلك، قبض خالد علي فك حسام يدير وجهه إليه قطب ما بين حاجبيه يسأله مترقبا: - أنت فيك إيه، جسمك كان بيترعش، أنا قولت هتدخل في حالة صرع، عشان كدة ضربتك بالقلم، مالك إنت كويس تنهد حسام يحرك رأسه إيجابا يتمتم بخواء ساخر:.
- ما تقلقش دي مشكلة قديمة، أنا شخص عصبي طالعلك، ومختار والدي اللي رباني الله يرحمه كان شخص مسالم وهادي جداا، كان ممنوع أن أنا اتعصب حتي لو الموضوع بشع، فبقيت دايما يحاول اخبي عصبيتي وغضبي تجاه اي موقف وحش يحصل لحد ما بقتش اقدر اسيطر علي الحالة دي... اضطربت حدقتي خالد في قلق، قلبه ينبض خائفا ليتمتم سريعا فزعا: - من بكرة هنروح لدكتور مخ واعصاب ودكتور نفسي...
ابتسم حسام في خواء دون أن يجيب، يتحرك بعينيه بعيدا عن والده، ابتسم الأخير يحادثه مترفقا: - أنت بتحبها أوي كدة ايمائه واحدة فقط صدرت من رأس حسام بالإيجاب دون أن ينظر ناحية أبيه، ظل خالد صامتا للحظات، ينظر لحسام يبتسم في هدوء ليزفر الأخير حانقا التفت برأسه ناحية أبيه يتمتم منفعلا:.
- ايوة بحبها، مش ذنبي أنها أصغر مني بالشكل دا، مش ذنبي أن قلبي ما حبش غيرها، مش ذنبي بردوا اني مش شايف غيرها تنفع تكون مراتي، أنا بحبها صدقني، أنا...
أنا موافق، نطقها خالد في هدوء تام تصاحبه ابتسامة صغيرة، لتتوسع عيني حسام في ذهول افقده النطق للحظات طووووويلة ينظر لوالده مدهوشا، حرك رأسه إيجابا ينظر لوالده يسأله بعينيه إن كان حقا ما سمعه صائب ليضحك خالد بخفة يومأ برأسه إيجابا، صاح حسام فرحا ليندفع ناحية والده يعانقه بقوة يصيح متلعثما من فرحته: - بجد، بجد موافق، يااااه اخيرا، الحمد لله يارب، اخيرا هنتجوز يا سوسو، بت يا سعدية يا سوسو.
ضحك خالد عاليا ضحكات سمع صداها للواقفين خارجا ينظرون ناحية باب الغرفة يترقبون بحذر ما يحدث، رفع خالد كفيه يبعد حسام عنه يتمتم ساخرا: - اوعي ياض، كاتك الهم عيل عبيط، أنت خدت موافقتي فاضل موافقة عمك عمر، لو أنت ابن ابوك صح، خليه يوافق.
قالها خالد يبتسم لحسام في خبث، ليربت علي كتف حسام بحزم، تركه وغادر المكتب ليقف حسام ينظر في أثر أبيه للحظات شاردا قبل أن تتوسع ابتسامته الخبيثة سيستمع كثيرا هو وعمه الحبيب.
دقائق وكان الحشد يجتمع حول طاولة الطعام، لينا تجلس في المنتصف بين جاسر وحسام، زيدان يجلس علي الجانب الآخر في المنتصف بين لينا والدته وانجليكا، وخالد بالطبع علي رأس الطاولة، اختسلت لينا النظرات ناحية زيدان قلبها يطرق بعنف، تشعر بألم بشع، خاصة حين رأت تلك الشقراء المدللة تشد ذراع قميصه وهو يأكل ليميل برأسه ناحيتها شدت يدها علي السكين الصغيرة التي تمسكها، كم تود غرزها في رقبة الشقراء، ارهفت السمع تحاول أن تستمع إلي ما تهمس به تلك الشقراء له، لتراه تشير إلي أحد أطباق الطعام تهمس له بنعومة بالطبع تتصنعها الشقراء الماكرة:.
- زيدان هو ايه دا! نظر لما تشير ليبتسم بخفة يحدثها برفق وكأنها طفلة صغيرة: - دا يا ستي حمام، اجبلك منه حركت رأسها إيجابا تبتسم برقة ليمد يده يأخذ واحدة يضعها في طبقها لتمسك انجليكا شوكتها تحاول غرزها فيه ليضحك زيدان بخفة علي ما تفعل، تلك الطفلة يقسم أنه يشعر أنها طفلة صغيرة تائهة، حرك رأسه نفيا يشير برأسه ناحية خالد الذي يأكل هناك دون أن يعيرهم انتباها ليهمس لها بصوت خفيض:.
- ما بيتاكلش كدة، شايفة خالي بياكله ازاي كليه زيه.
نظرت انجليكا عن كثب إلي خالد تحاول تقليده وهو يأكل تفعل نفس الحركات التي يفعلها خالد بالضبط، حين مد خالد يده ناحية لينا زوجته يطعمها، ابتسمت في حماس هي الاخري لتمد يدها ناحية زيدان تحاول اطعامه في فمه، توسعت عيني زيدان حرجا بينما تنحنح جاسر، وغص حسام في طعامه يلتقط كوب مياة سريعا نقلت لينا انظارها بين زيدان وتلك الشقراء التي تنظر لزيدان تسبل عينيها ببراءة تحادثه برقة: - كلها زيدان، زيهم.
تنحنح زيدان في حرج يفتح فمه قليلا لتطعمه انجليكا، في تلك اللحظة هبت لينا واقفة ارتسمت في حدقتيها نظرات قتيلة تصرخ بعذاب، رسمت شبح ابتسامة باهتة علي شفتيها تغمغم سريعا: - أنا شبعت عن اذنكوا قالتها لتهرول في خطاها تركض إلي غرفتها بالاعلي، تبادل الجميع نظرات صامتة عدا زيدان الذي رفض مشاركتهم في تلك النظرات ووجه انظاره لطبق الطعام أمامه تنهد يبتسم ساخرا، دون أن ينطق بحرف واحد.
علي صعيد آخر في منزل حمزة السويسي، وقفت في المطبخ أمام المقود عينيها تتباع حركة القهوة وهي تنضج ببطئ تحت النيران الهادئة الرقيقة، تلاطفها، تدفعها للأمام، تصنع من مرارتها مشروب حلو، يُنسي مرارة الذكريات، ارتسمت ابتسامة صغيرة اعلي ثغرها تنظر للفراغ شاردة، لو كان أخبرها احدا سابقا أنها ستتزوج من رجل يكبرها بكل تلك الأعوام لضحكت ساخرة واتهمته بالجنون، يبدو أن الجنون هو ما أصابها فعلا، هي فقط لم تتزوج رجلا يكبرها بأعوام واعوام بل تشعر أيضا انها سقطت في حبه، كيف لا تعرف، متي لا يهم، كل ما تعرفه أنها تشعر بسعادة من نوع غريب خاص حين تراه، ابتسامته كلحن هادئ ناضج يداعب اوتارها بتروي، حمزة باحتوائه وحنانه مراعاته لها في جميع الحالات، هو الزوج المثالي كما يجب أن يكون، فقط لو كان أصغر قليلا لكانت اكتملت المعادلة، ولكن المعتاد الا تكتمل المعادلة ابداا، اطفئت المقود سريعا قبل أن تحزن قطرات القهوة وتفور تعبر عن غضبها، صبتها في كوب صغير ابتسمت حين تذكرت جملته المعتادة « أنا بحب اشرب القهوة من ايديكي »، تحركت للخارج لتراه يجلس علي أحدي الارائك يضع جهاز « اللاب توب» علي قدميه، سيلا تلعب بين مجموعة ضخمة من الالعاب، أما خالد الصغير فيمسك بطائرة صغيرة يركض بها في أنحاء المكان يصدر أصواتا مزعجة وكأنها طائرة علي وشك السقوط، تحركت ناحية حمزة تضع القهوة علي الطاولة أمامه تنهدت تتمتم بعتاب لطيف:.
- خالد حبيبي بطل دوشة، وألعب مع سيلا باللعب تهدل كتفي الصغير يمط شفتيه للامام علامة علي حزنه حرك رأسه إيجابا كاد أن يترك الطائرة حين صدح صوت حمزة يحادثه: - ألعب يا حبيبي بالطيارة، يلا طيرها زي ما كنت ضحك الصغير في مرح ليعاود الركض في أنحاء المكان يصدر تلك الأصوات المزعجة من جديد، نظرت بدور لحمزة تتمتم بصوت خفيض متوتر: - أنا قصدي عشان بس ما يضايقكش وأنت بتشتغل.
ابتسم لها في رفق يحرك رأسه نفيا ترك جهاز الكمبيوتر من يده ليلتقط كوب القهوة ارتشف رشفة صغيرة منه يتمتم مبتسما: - أحسن واحدة بتعمل قهوة، وبعدين يا ستي هو مش مضايقني خليه يلعب دا طفل، وأنا في سنه كدة، كان بيبقي نفسي ألعب بس مش عارف، خليه يلعب ابتسمت ابتسامة صغيرة متوترة لم تفهم ما يقول، ولم تكن تملك الجرئة لتسأل، فقط نظرت له تتمتم بخفوت خجول:.
- أنت حنين أوي يا حمزة، عشان كدة الاطفال بتحبك، الاطفال بتحس بالشخص الحنين وتحب تروحله، تعرف سيلا اللي ما بتنامش غير في حضنك دي، كانت بتترعب وتفضل تعيط لو باباها فكر يشيلها، كانت شايفة جواه اللي ما عرفتش اشوفه وضع الكوب من يده ليمد ذراعه يلفها حول كتفيها يقربها من صدره قبل قمة رأسها يحادثها مترفقا: - مش قولنا مش هنجيب سيرة الموضوع دا تاني، انسيه لأنك مش هتشوفيه تاني ابدا.
ابتسمت متوترة تحرك رأسها بالإيجاب، ليصدر من خلفهم صوت حمحمة جعلتها تنتفض بعيدا عنه تكاد تنصهر خجلا، قلبت مايا عينيها تنظر لزوجة أبيها في سخرية، تقدمت ناحية أبيها وقفت أمامه تردف في هدوء: - بابا لو سمحت أنا كنت عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع قامت بدور سريعا من جوار حمزة حمحمت تهمس متوترة: - طب أنا هقوم اشوف الأكل عن اذنكوا.
تحركت بدور سريعا ناحية المطبخ لتجلس مايا مكانها التفت حمزة بجسده ينظر لابنته مبتسما يتمتم: - خير يا ست مايا، موضوع إيه اللي عيزاني - بابا أنا عايزة اتجوز أدهم... نطقتها هكذا فجاءة دون اي مقدمات لتتوسع عيني حمزة في صدمة، بما تهذي ابنته، هل جُنت لتخبره أنها ترغب في الزواج، أولم يكن يعلم قبلا، رفع حاجبيه ينظر لابنته ساخرا:.
- ايه دا في اي، مين عكس الأدوار، هو مش المفروض اللي بيجي يقول الكلام دا الراجل مش البنت، هو أنا يعني عشان مش عايز اقسي عليكي تركبيلي قرون، ايه بحبه وعايزة اتجوزه دي، المفروض اخدك من أيدك ونروح نتقدمله يعني زفرت مايا حانقة من وصلة السخرية التي امطرها بها والدها للتو، رسمت ابتسامة لطيفة علي شفتيها تعرف جيدا أن العند لا ينفع تماما مع والدها لذلك ابتسمت تتمتم بهدوء:.
- يا بابا يا حبيبي إنت عارف من زمان أن أنا وادهم بنحب بعض، وأنت اخيرا وافقت علي ارتباطنا وبعد ما أدهم كان هيجي هيتقدم قولت استنوا عشان المشكلة بتاعت لينا، واهي المشكلة بتاعت لينا اتحلت ورجعت يعني بقت كويسة، وادهم مستني بس مكالمة منك او مني عشان يجي يتقدم... زفر حمزة أنفاسه حانقا هو كان يريد أن يؤجل تلك الزيجة لأبعد وقت ممكن ولكن إلي متي سيفعل، ابتسم يتمتم ساخرا:.
- بغض النظر عن الكلام اللي ما ينفعش اي بنت تقوله لابوها عادي ولا كأنها بتكلم صاحبتها، بس هنعمل ايه أنا ما عرفتش اربي، اتفضلي يا هانم روحي بلغيه أن أنا مستنيه يوم الخميس بعد بكرة في فيلا عمك خالد علي الساعة 8 صاحت مايا فرحة لتلقي بنفسها بين أحضان والدها قبلته علي وجنته بقوة تصيح سعيدة: - ميرسي يا بابي أنت احلي بابي في الدنيا...
قالتها لتهرع سريعا إلي غرفتها بالأعلي بينما ابتسم حمزة ساخرا يتمتم في تهكم: - حاسس اني اتقرطست.
في الحارة تحديدا في منزل منيرة ، حيث تجلس منيرة في صالة المنزل تحمل الصغيرة ملك علي قدميها بعد أن استقروت علي تغيير اسمها من ياسمين الي ملك، تمسك زجاجة حليب صغيرة تطعمها بها، تنظر له تبتسم في حنان، علي الأريكة الأخري كان يجلس مراد يراقب طفلته الصغيرة وهي بين أحضان جدته يفكر في المستقبل البعيد، تعصف به الكثير من الأفكار السوداء القاحلة، هل ستصبح مثله حين تكبر، هل سيأتي شاب مثلما حاول هو أن يفعل مع شقيقة جاسر ويغوي ابنته، هل ستحمل الصغيرة ذنبه هو، الكثير من الافكار السيئة كان تتلاطم داخل روحه، لم يجفل منها سوي علي صوت صراخ أدهم وكأن مس أصابه اندفع من غرفته يصرخ كالمجنون:.
- هتقدملها يوم الخميييييس، هتقدملها يوووووم الخميييييس، حمزة وافق، هتجوزها اخيرا هتجوزها، أنا مش مصدق نفسي... ضحك مراد عاليا علي ما يفعل أخيه، ليتحرك من مكانه وقف بالقرب من أخيه مد يده يربت علي كتفه يحادثه مبتهجا بصدق!: - ألف مبروك يا أدهم، ألف مبروك يا أخويا، ربنا يسعدك ويتم فرحك علي خير توسعت ابتسامة أدهم ليندفع يعانق أخيه بقوة يربت علي كتف مراد يتمتم سعيدا:.
- الله يبارك فيك يا مراد، عقبال ما تفرح بملك... ابعده عنه قليلا يمسك بكتفيه يحادثه مبتسما بحماس: - المهم تفضيلي نفسك عشان هتروح معايا اتقدملها اختفت ابتسامة مراد ليحرك رأسه بالنفي ابتعد عن أخيه ارتجف جسده قليلا يشعر باحتقار ذاته ارتعشت حدقتيه توترت ابتسامته يهمس مرتبكا: - بلاش أنا يا أدهم، عشان بس شكلك، هيقولوا واخد أخوك رد السجون معاك، روح أنت وخد منيرة معاك.
نظرت منيرة لهما صامتة كم ترغب في أن يصر أدهم علي رأيه ويأخذ مراد معه ولم يخيب ظنها ابداا، اقترب أدهم من مراد يضع يده علي كتفه ابتسم يتمتم في اصرار: - هتروح معايا بصفتك أخويا الكبير، أنا مش هروح من غيرك يا مراد، كلنا بنغلط، كل واحد ليه فرصة تانية، ودي فرصتك وأنا واثق أنك مش هتضيعها، وبعدين أنا مش هروح اتقدم من غيرك، انسي الموضوع دا خالص.
نظر مراد لادهم لتدمع عينيه ممتنا، اندفع يعانق أخيه لتتساقط دموعه بعنف يهمس بصوت مرتعش باكي: - متشكر يا أدهم، أنا بجد مش عارف اشكرك ازاي علي كل اللي عملته عشاني.
بعد عناق أخير توجه أدهم لغرفته من جديد بينما نزل مراد ليحضر علبة الحليب لابنته التي وصفتها له طبيبة الأطفال، وجلست منيرة علي الأريكة تهدهد الصغيرة، حين سمعت صوت دقات علي باب المنزل، قامت منيرة تحمل الصغيرة بين ذراعيها فتحت الباب لتبصر وجه روحية أمامها ابتسمت ببشاشة ما أن رأته تفسح له المجال لتدخل: - روحية تعالي يا حبيبتي ادخلي ما تقلقيش ما فيش حد غيري أنا وملك.
ابتسمت روحية أول الامر سرعان ما اختفت ابتسامتها، عقدت جبينها تنظر لتلك الصغيرة نظرات متعجبة رفعت وجهها لمنيرة تسألها في عجب: - مين دي يا ست منيرة ضحكت منيرة في خفة جذبت يد روحية تُدخلها، تغلق الباب تتمتم ضاحكة: - طب خشي الأول ما إن دخلت روحية تقدمت منيرة منها تعطيها الصغيرة تحادثها مبتسمة: - خلي بالك منها علي ما أشوف الأكل اللي علي النار.
توسعت عيني روحية للحظات في دهشة قبل أن توما برأسها إيجابا، تحركت تجلس علي أحدي الارائك تهدهد الصغيرة برفق تحادثها بحنو وكأنها ستفهم ما تقول:.
- بسم الله ما شاء الله، ايه القمر دا، اسم علي مسمي فعلا، اسمك ملك وانتي زي الملاكية، انتي جعانة بتاكلي صوابعك، نظرت حولها لتجد زجاجة حليب الصغيرة قامت سريعا تجلبها، تطعمها برفق، تمسح بيدها الأخري علي رأسها برفق شديد، في تلك اللحظات كان يقف هو عند باب المنزل المفتوح يبدو أن جدته العزيزة لم تغلقه بالكامل، من حسن حظه وجد علبة الحليب في الصيدلية القريبة من المنزل صعد لأعلي ليتفاجئ بذلك المشهد أمامه روحية تحمل ابنته بين ذراعيها تطعمها، تهدهدها برفق، أدمعت عينيه ألما، ها هي ضحية أخري من ضحاياها، تخبره كم كان شخص معدوم المشاعر يملئ الحقد قلبه، تسيطر شهوته علي أفعاله، اغمض عينيه نادما، تحرك يغلق الباب برفق، انتفضت هي سمعت صوت الباب نظرت خلفها سريعا لتتوسع حدقتيها هلعا، رأته كان يقف هناك، بالقرب منها، زاد وجيب دقات قلبها تسارعت أنفاسها بحركة غريزية احتضنت الصغيرة لصدرها وكأنها تحميها معها، حركة بسيطة كانت كالسهم اشعل النيران في منتصف قلبه، تنهد يزفر أنفاسه نادما حين رأي نظرة الهلع تكسو عينيها لديها كامل الحق بأن ترتعد منه..
لم تعرف ما تفعل فقط تقف تتخبط في وقفتها تنظر حولها خائفة أن تترك الصغيرة مع ذلك الرجل هي خير من تعرفه هو شخص سئ، سئ للغاية لا يؤتمن ابداا، لمحت عينيها منيرة تخرج من المطبخ لتهرول ناحيتها تعطيها الصغيرة تغمغم سريعا بتلهف: - عن اذنك يا ست منيرة اعطتها الصغيرة لتهرول حرفيا خارج المكان بأكمله مرت من جواره بسرعة البرق، لترتسم ابتسامة شاحبة علي شفتيه، وضع علبة الحليب من يده يغمغم في هدوء مثقل:.
- أنا نازل المحل.
تحرك ناحية دكان جدته الصغيرة يفكر يعيد حساباته من جديد، أول ما يشغل رأسه حقا، ابنته كيف سيستخرج لها شهادة ميلاد، طرقت في رأسه فكرة شيطانية ليحرك رأسه نفيا سريعا روحية لا ذنب لها، لتعاود الفكرة تطرق رأسه من جديد، هو لن يطالبها بأي شئ فقط اسمها سيكون في وثيقة رسمية لاستخراج شهادة ميلاد لابنته، قسمية الزواج الشرعية الوحيدة التي يمتلكها باسم روحية، انشغل ما تبقي من سويعات قليلة من النهار حتي حل الليل في المحل يعيد ترتيب الأغراض من جديد ينظفه، يبيع للزبائن، حتي باتت العاشرة مساءا الآن، ارتمي بجسده علي مقعد صغير من الخشب يستند بمرفقيه علي فخذيه ينظر لأسفل حياته بالكامل تمر أمام عينيه هو من اختار طريق الشر، ورغم ذلك عادت الحياة لتعطيه فرصة جديدة، فرصة تتمثل في ملك الصغيرة، تناهي إلي اسماعه صوت شجار حاد يأتي من مقدمة الشارع، ترك المحل يتحرك ناحية الشجار يستمع الي ما يقال، في الاغلب صوت صياح سيدات.
- ما تتلمي بقي يا بت مش كفاية معيشينك معانا في الحتة بعد المصيبة بتاعتك، كمان جايلنا في عز الليل - علي رأيك يا اختي البت ال*** مش لاقية راجل يلمها ماشية علي حل شعرها ليسمع صوت أحد الرجال يصدح يعنفهم: - يا ست أنتي وهي اتقوا الله، احنا ما شوفناش عليها حاجة واحشة سمع صوت شهقة سوقية تأتي من أحدي السيدات لتصيح ساخرة:.
- حاجة واحشة، هي حاجة واحدة دا احنا شوفنا حاجات ومحتاجات، الأول اللي عمله صاحب أخوها، واهي قاعدة دلوقتي في بيت الست منيرة وهي عارفة أن عندها اتنين رجالة، وتقولئ حاجة وحشة.
عند تلك النقطة توسعت عينيه فزعا يتحدثون عنها، تلك المنطقة السوداء سيريهم، اندفع يركض ناحيتها ليجدها أرضا تبكي تنظر للسيدات التي دفعنها في فزع فقط تحرك رأسها نفيا، اندفع ناحيتها يقبض علي كف يدها يجذبها لتقف علي قدميها وقف للسيدات أمامه نظرات حارقة، نظرات سوداء، جميع من في المنطقة يخشون مراد صاحب اللسان السليط، نظرت السيدات لبعضن البعض في توتر، وقف مراد في منتصف حارتهم الشعبية يصدح بصوت جهوري يقبض علي رسغ يدها بقوة:.
- اسمعوا بقي كويس لكل راجل وست وعيل صغير، الست دي مراتي، علي سنة الله ورسوله، أي حد هيخوض في سمعتها بحرف مش بكلمة هقطعله لسانه، اي واحدة هيوزها شيطانها تقولك ألقح عليها، أصل مش هيمد أيده علي ست، لاء أنا مش متربي اصلا، التربية دي ما عدتش قدام بيتي، هترمي عليها هزفك بفضيحة من أول الشارع لآخره، اي دكر يفكر يمده ايده ولا لسانه بكلمه هقطلعه ايديه ورجليه وامشيه يزحف زيه زي البرص، لو كلمة واحدة اتقالت في حقها، هحرقلكوا الشارع عاليه واطيه، مفوم، يلا غوروا في ستين داهية، اللي هلمحها هكسحها.
فر الجميع من أمامه سريعا، ليبتسم هو، بينما صدحت زغرودة منيرة التي وقفت تراقب من البداية من شرفة منزلهم ورأت كيف دافع مراد عن روحية، للحظات فقط التقت عيني روحية بعيني مراد، هل يحلم أم أنه رأي شبح نظرة امتنان في عينيها قبل أن تسحب يدها من يده وتفر سريعا إلي منزلها...
مر يومين أنه يوم الخميس المنتظر، في منزل خالد السويسي يبدو أن جميع الأمور تسير علي خير ما يرام المكان يبرق من النظافة كعادته، مايا في غرفتها تستعد بصحبة لينا زوجة خالد ومعها بدور، لينا الأخري في غرفتها لا ترغب في مقابلة اي أحد بعد آخر موقف حدث، حمزة يجلس في غرفة الصالون يضع الهاتف علي أذنه يحادث شقيقه: - يعني مش هتيجي يا عمر اعتذر عمر أن زوجته مريضة بسبب حملها ولا يستطيع تركها ليردف حمزة بنزق:.
- طب إبعت سارة بالعربية او ابعتلها أنا العربية تردد عمر للحظات خوفا من أن يبعث ابنته في مكان بالطبع سيكون فيه ابن أخيه المنحرف الا أنه خاف أن يظن حمزة أنه لا يرغب أن تحضر ابنته خطبة إبنة عمها تنهد يهمس مترددا: - ماشي هبعتلكوا سارة بس خلي منها يا حمزة بالله عليك ما تخليش الواد اللي اسمه حسام دا يجي جنبها ضحك حمزة عاليا يحادث أخيه يغمغم في سخرية:.
- عشان كدة خايف تبعت البنت، ما تخافش يا سيدي هنحط بينهم حدود دولية اخلص بقي العريس قرب يوصل أغلق الخط مع شقيقه لينظر لخالد الذي يقف عند باب الغرفة يغمغم ضاحكا: - عمر خايف يبعت سارة عشان حسام، هو الواد دا عمل إيه ضحك خالد يقص عليه سريعا ما حدث لينفجر حمزة فئ الضحك حتي ادمعت عينيه اقترب من أخيه يهتف من بين ضحكاته: - طب والله دمه عسل، ما تجوزهالوا يا عم.
ارتسمت ابتسامة صغيرة ماكرة على شفتي خالد ينظر لحمزة في خبث يغمغم: - هيحصل، أنا بس عايز اشوف حسام هيعمل إيه دقائق ووقفت سيارة أدهم داخل حديقة منزل خالد، نظر أدهم لمراد متوترا يغمغم قلقا: - شكلي حلو ضحك مراد عاليا يعدل من وضع رابطة عنق أخيه يتمتم ساخرا: - قمر، أحلي من توم كروز.
زفر أدهم أنفاسه حانقا متوترا، لتضحك منيرة علي مشاكستهم، نزل ادهم اولا يفتح الباب لتنزل منيرة جدته ومن ثم نزل مراد يحمل ابنته الصغيرة، تحركوا جميعا الي الداخل، دق أدهم الباب، فتحت الخادمة افسحت لهم المجال ترشدهم الي غرفة استقبال الضيوف، ما إن دخلوا الي الغرفة قام حمزة سريعا متوجها ناحية أدهم يعانقه، بينما وقف خالد بعيدا قليلا ينظر لهم مبتسما، خاصة لمراد، ما وصل له عن مراد في الآونة الأخيرة ليس بسار تماما، ولكنهم ضيوف في بيته، تقدم ناحيتهم يعانق أدهم هو الآخر صافح مراد ينظر له يبتسم في هدوء قاتل لتتوتر حدقتي مراد من نظرات خالد المخيفة، أخذ الجميع مقاعدهم، يجلس أدهم متوترا، كاد أن يفتح فمه ليبادر بقول اي شئ ولكن جملة خالد أوقفته:.
- أنت بتشتغل ايه يا مراد توتر مراد من نبرة خالد علي الرغم من كونها هادئة ولكنها حادة كالنصل بلع لعابه يغمغم متوترا: - هاا، ااا، ااانا خريج كلية تجارة، بس بشتغل في محل بقالة بتاع جدتي ابتسم خالد في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بحرف...
علي صعيد آخر في غرفة لينا السويسي القريبة للغاية من غرفة مايا، وقفت لينا أمام المراءة تنظر لفستانها الازرق اللامع داكن اللون هو يحب اللون الأزرق وهي تحبه هو، ادمعت عينيها تشد علي قبضتها، حين عاد في رأسها ذلك المشهد للمرة الألف تقريبا، الشقراء سرقته بالكامل لم يعد لها ادني حق فيه، رفعت وجهها تنظر لانعكاس صورتها في المرآة للحظات قبل أن تبتسم في خبث، سثبت له قبل نفسها أنه لا يزال يعشقها، سمعت صوت صياح مايا المزعجة يأتي من الغرفة المجاورة لها:.
- يا انطي بقولك أدهم جه أنا شوفت عربيته في الجنينة يلا بسرعة بقي ضحكت لينا علي ما تفعل الصغيرة لتزجرها برفق: - يا بنتي اهمدي بقي بدل ما يقولوا عليكي مدلوقة - يا ستي أنا مدلوقة، حلو كدة، خليني انزل بقي.
صاحت بها مايا بنزق لتضحك لينا السويسي في سخرية مما قالت تلك الصغيرة التي لا تزال تري الحياة بوجه واردي حالم كالأطفال، تنهدت تنظر لصورتها للمرة الأخيرة، قبل ان تتحرك لخارج الغرفة قابلت حسام في طريقها يتوجه لأسفل اقترب منها يشبك يده في يدها يتوجهان إلي أسفل في لحظة ظهور زيدان بصحبة سارة التي التقاها مصدافة في الحديقة، دخلت سارة ومن خلفها زيدان توسعت ابتسامة حسام الخبيثة ما أن رآها ترك يد لينا يتوجه ناحيتها، سريعا اختطف يدها يختفي بها بعيدا، ابتسمت لينا ساخرة تنظر لشقيقها لتعاود النظر لزيدان ابتسمت له ابتسامة صغيرة عاشقة تحركت ناحيته ببطئ تري عينيه التي لا تنزحان عن عينيها، اقترب منه صارت أمامه أمسكت بكف يده، نظر لها في ذهول ساخر لتبتسم هي دون أن ترد، لفت يديه حولها تتمايل معه دون موسيقي علي الحان قلبها العاشق، استندت برأسها لصدره تهمس له بشغف عاشقة:.