رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السادس والتسعون
في تلك الغرفة حيث تلك الصغيرة مقيدة علي الفراش تنظر للواقف أمامها يتأملها بنظرات القاتلة يحرك رأسها للجانبين ينظر لها عن كثب، الفزع يقتل قلبها، جسدها يرتجف دموعها تهبط في صمت مخيف، انتفض جسدها حين تقدم ذلك الرجل جلس علي حافة الفراش يبتسم إبتسامة واسعة مختلة، مد يده يزيح رباط فمها، ارتجفت شفتيها بعنف بح صوتها بالكاد همست: - أنت؟!
تعالت ضحكاته المجنونة تصدح في أرجاء الغرفة عاد ينظر إليها، نظراته خبيثة شيطانية مقززة، حرك رأسه إيجابا يتمتم متلذذا: - ايوة أنا، ايه رأيك في المفاجأة دي، فكراني، أنا معتز، معتز السروجي، ابقي ابو زيدان تذكرت في تلك اللحظات ما أخبرها به زيدان عن معاملة ذلك المجرم له، اشتعلت أنفاسها غضبا، تنظر له بأعين حمراء كالجمر لتصرخ فيه بشراسة:.
- أنت مش أبوه، إنت مجرم حيوان مريض طلعت عقدك علي طفل صغير، إنت جبان خايف تواجهه فاتفقت مع الحيوان التاني أنه يبعني ليك... أحمر وجه معتز في غضب من كلماتها ليرفع يده يهوي بها بعنف علي وجهها صفعة تلتها أخري وأخري الي أن بدأت تنزق الدماء من فمهى وانفها، قبض بأصابعه علي فكها نظرت له بكره، لتتوحش نظراته يصيح حاقدا:.
- بنت خالد باشا السويسي، ما توقعتش هتكوني سهلة ابدا، بس انتي عارفة انتي حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، نائل كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي، تستاهلي احرق بيكي قلب زيدان واقهر خالد.
توسعت عينيها في هلع ذلك المختل المجنون أي فعل بشع قد يفعله بها فقط انتقاما من زيدان ووالدها، نظرت لمقلتيه لتري الشر بذاته يتوهج في حدقتيه، تسارعت أنفاسها تحاول إمضاء أطول وقت ممكن إلي أن يصل زيدان، تعرف أنه سيأتي، هي من ارشدته لطريقها، بالطبع سيأتي، نظرت لمعتز من جديد تسأله بلاهث خائف: - أنت ليه بتكرهه اوي كدة هو إذاك في ايه من وهو طفل وأنت بتكرهه وتأذيه لييييه، اذاك هو في ايه.
رأت عيني ذلك المختل تشرد في الفراغ لتزداد قتامة وتشتد قبضته علي فكها، لحظات وعاد ينظر إليها من جديد نظرات ساخرة ترك فكها ليتحرك من جوارها وقف جوار الفراش يبتسم في كره دفين يحرك رأسه إيجابا: - عايزة تعرفي، وانا مش هبخل عليكي، زيدان كان السبب في دمار حياتي، دمرني وسرق مني كل حاجة.
قطبت ما بين حاجبيها تنظر له باستنكار ذلك الرجل مجنون زيدان لم يكن سوي طفل كيف لطفل أن يدمر حياة اي من كان، وجهت مقلتيها إليه لتراه يضحك مرة أخري يبدو أنه قرأ سؤال عينيها لتسمعه يردف ساخرا: - مش قصدي علي زيدان جوزك، أنا قصدي علي أبوه، هحكيلك الحكاية من البداية، أنا يا ستي كنت ظابط شرطة وأنا وزيدان كنا أصحاب جداا علي فكرة.
توسعت حدقتيها في صدمة كيف!، بينما ابتسم هو بدأ يتحرك في الغرفة بغير هدي يكمل قص حكايته القديمة: - مصدومة صح، بس دي الحقيقة أنا وهو كنا أصحاب، خالد أبوكي كان بيحاول يبعده عني دايما، بحجة اني شخص مش مريح ابداا، المهم كنت شغال مصلحة السجون...
وفي يوم جالي واحد من طرف واحد من المساجين، يطلب مني أني ادخل كيس بودرة للمسجون دا كل مدة، وهيديني في كل مرة 100 آلف جنية، بصراحة المبلغ كان مغري، وافقت، زيدان عرف عاد يقترب منها من جديد دني منها قليلا يقبض علي خصلات شعرها بعنف يصيح كارها: - عارفة مين اللي قاله ابوكي، خالد باشا اللي ليه عيون في كل حتة...
صرخت لينا من ألم شعرها تتلوي بين يديه عله يترك خصلات شعرها، ليعاود الجلوس جوارها قبض علي ذراعيها يرفعها قليلا عن الفراش شهقت مذعورة بينما توسعت عينيه في جنون يكمل صياحه الغاضب:.
- زيدان بيه جه يهددني اني أبعد عن الموضوع دا، والا هيبلغ عني، أنا قولت صاحبي مستحيل يأذيني، وكملت وأنا واثق أن زيدان مستحيل يعمل حاجة، اتقبض عليا متلبس وأنا بدي المسجون المخدرات وبشهادة ابوكي وزيدان باشا، اتشلت الخدمة واتسجنت 6 سنين... دفعها بعنف للفراش من جديد، لتنظر له مذعورة بينما ملئ الحقد والألم حدقتيه احمرت عينيه تغزوهما الدموع ليصرخ فيها من جديد:.
- في السجن حصل خناقة بيني وبين شوية عيال، بسببها بقيت عقيم، بعد ما خرجت، عرفت أن زيدان مات، ازاي يموت قبل اخد حقي مني، وخالد باشا بقي عقيد، كان لازم اخد حقي... التفت لها بوجهه لترتسم ابتسامة وااااسعة مختلة علي شفتيه اشبه بابتسامة الجوكر ليهذي بجنون: - عارفة عملت ايه، دورت علي المسجون دا عرفت أنه تاجر مخدرات كبير، واشتغلت معاه.
، لحد ما كبرت وبقي معايا فلوس كتير، ساعتها قررت اخد حقي، دورت علي أرملة زيدان، رغم اننا أصحاب لكنه كان بيرفض تمام اني اشوفها لما كانت لسه خطيبته، لحد ما وصلتلها، ما تتخيليش فرحتي كانت عاملة ازاي، لما لقيتها، لما عرفت أن عنده إبن، لوجين كانت اغبي مما تتخيلي، كلمتين حلوين وقعت، خدتها هي وزيدان وسافرت، رغم تحذيرات ابوكي الكتير ليها لكنها اصرت أنها تسافر معايا، لما روحنا هنا خليتها مدمنة مخدرات!
جحظت عيني لينا في ذهول وشهقة قوية خرجت من بين شفتيها ليحرك هو رأسه إيجابا بإستمتاع يردف متفاخرا بشره: - ايوة، كنت بحطلها البودرة في العصير والأكل لحد ما أدمنت وبقت زي الخاتم في صباعي بتلف ورايا زي الكلبة عشان شمة واحدة، كان عندي مساحة كبيرة استفرد بزيدان، قد ايه كنت بستمتع وأنا شايفة بيعيط من الخوف والجوع والبرد، خصوصا أنه كان شبه ابوه اوووي...
جذبت لينا الاصفاد التي تقيدها بعنف تحاول تحرير يديها تود قتل ذلك المجنون الجالس أمامها بأي شكل كان، لتعلو ضحكاته مد يده يمسح على خصلات شعرها يحادثها بصوت خفيض ساخر: - هشششش ما تبقيش حمقية كدة زي ابوكي، خليني اكملك الحدوتة، عارفة عملت ايه بعد كدة رميته في مدرسة داخلي وكنت بدفع فلوس كتير فيها عشان يضيقوه وما يدهوش أكل، عشان يترمي في اعفن أوضة في المدرسة.
أنت مجننننووووووووون، صرخت لينا بها بشراسة تحاول الي وجهه بكفيها، وكان هو فقط يضحك، وكأنها تمدحه تخبره طرفات ظريفة حرك رأسه إيجابا يؤكد علي كلاهما: - ايوة أنا مجنون، مجنون جدااا، خليني اكملك بقئ بطلي كل شوية تقاطعيني، المهم يا ستي، وصلي معلومة أن في عامل نظافة في المدرسة زي نائل كدة بالظبط، قابلته ودفعلته فلوس كتير، عشان يغتصب زيدان! شهقة عنيفة خرجت من بين شفتيها بينما اكمل هو وكأن شيئا لم يحدث:.
- وفعلا وافق، بس زيدان بيه ضربه وهرب منه، هرب من المدرسة كلها، تاني يوم لقيت ابوكي عندنا ما اعرفش وصله ازاي، خير لوجين بيني وبين أبنها، بس لوجين يا عيني ما كنتش هتقدر تعيش من غير الهيروين فاختارتني، اللي حصل بعد كدة انهم لقوا جثة فابيو مرمي من فوق عمارة 60 دور قالوا انتحار بس أنا واثق أن ابوكي هو اللي قتله، اما بقي لوجين هانم، كل ليلة تصحي تصرخ ابني، ابني ضاع مني، أنا ضيعت ابني، انتي عارفة هي فين دلوقتي، مرمية في السجن، خلتها كتبت شيك بمبلغ ضخم علي نفسها وهي مش دريانة بالدنيا ورميتها بيه في السجن، وكدة ابقي حققت انتقامي من زيدان، فاضل انتقامي من ابوكي وهحققه دلوقتي حالا.
قبل قليل من الآن وقفت سيارة زيدان بالقرب من ذلك المنزل المهجور البعيد عن الانظار، التفت حسام ناحية صديقه يسأله متعجبا: - قولتلي بقي عرفت منين أن لينا هنا، أنا فجاءة لقيتك بتصرخ عرفت لينا فين، عرفت ازاي.
نظر زيدان لصديقه حانقا، الوقت غير مناسب تماما لاسئلتة السخيفة، عاد ينظر حوله لبجد معاذ يجلس في سيارته امام مدخل ذلك البيت، تعجب لا حراسة، لا رجال، فقط معاذ، المكان فارغ تماما، نزل من السيارة بخفة يتبعه حسام يسير خلفه، رفع مسدسه يضع به كاتم الصوت رصاصة حذرة اصابت احد إطارات السيارة والإطار الآخر ليضمن عدم تحركه، شعر معاذ او نائل بتلك الحركة المفاجئة التي حدثت في سيارته اطفئ صوت الموسيقي الصاخب نزل من السيارة ينحني برأسه قليلا ينظر لإطار السيارة ليشعر بحركة جواره رفع رأسه سريعا لتفاجئه لكمة عنيفة في فكه من قبضته زيدان ترنح للخلف ينظر للفاعل لتسود حدقتيه غضبا، كيف وصل اليهم، وقبل أن يأتي بحركة اندفع زيدان يقبض علي عنق معاذ يهمس له بشراسة قاتلة:.
- ما تعرفش أنا كان نفسي اضربك قد ايه.
دفعه أرضا لينزل عليه بلكمات عنيفة قاسية غاضبة لم تدع للآخر فرصة واحدة ليدافع بها عن نفسه، اعتدل زيدان واقفا يلهث بعنف بصق علي ذلك الملقي ارضا لينظر لحسام يشير له بعينيه حرك الأخير رأسه إيجابا سريعا، ليتحرك زيدان بحذر إلي الداخل يرفع مسدسه أمامه، المكان فارغ بشكل غريب، منزل قديم ضخم به الكثير من الغرف، صوت صرخة ليناااا حين صاااحت ( أنت مجننننووووووووون) تأتي من أعلي صعد لأعلي يركض بخفة يحاول تتبع مصدر الصوت، إلي أن وصل إلي الغرفة سمع حديثهم الأخير، لحظات وسمع صوت صرخات لينا تعلو، ليدفع الباب بقدمه لحسن حظه انفتح اندفع للداخل لتسود عينيه حين رآه معتز ها هو أمامه علي الفراش يحاول تمزيق ملابس لينا، أصفر وجه معاذ ما أن رآه بينما ارتسمت ابتسامة شاحبة علي شفتي لينا الآن فقط يمكنها أن تشعر بالأمان، ذلك المختل كان علي وشك الاعتداء عليها، اخفض زيدان مسدسه يرمي معتز بنظرة قاتلة هي والموت سواء، التفت للباب خلفه يوصده عليهم، ليلقي مسدسه بعيدا، خلع سترته يلقيها هي الاخري يبتسم في هدوء مخيف تقدم خطوتين فقط منهما يحادثه في وعيد:.
- تعرف أنا عايز اقتلك بقالي كام سنة، واديك جيت تحت ايدي، واحد فينا هيخرج عايش من الاوضة دي تعالت ضحكات معتز المجنونة يتحرك هو الآخر خطوتين ناحية زيدان يرميه بنظرة ماكرة يحادثه ساخرا: - يبقي أنا يا زيدان، وساعتها هكمل اللي قطعتني قبل ما اكمله مع الأمورة.
لمحة خاطفة راحت من عيني زيدان إلي جسد لينا ليري ملابسها الشبه ممزقة علامات اصابع معتز علي ذراعيها، الدماء المتجلطة علي انفها وشفتيها، كان مظهرها هو شرار الغضب الذي اوقد نيران الحرب، علي حين بغته دفع زيدان معتز في صدره بعنف في ساقه ليسقط الأخير أرضا، رفع معتز وجهه يبصق الدماء يمسح شفتيه براحة يده صرخ غاضبا ليهب واقفا يحاول لكم زيدان عدة لكمات متتالية تفادها الأخير ببراعة، ليتحرك مباغتا يصدم معتز في ركبته بعنف بساقه تلك الحركة التي فعلها خالد قبلا، سقط الأخير علي ركبيته يصرخ من الألم، ليمسك زيدان برأس معتز يصدمها في ركبته بعنف، سقط معتز أرضا يصرخ من الألم، لينحني زيدان يقبض علي عنقه يجذبه ليقف رغما عنه يبتسم في وجهه:.
- لسه، لسه ما خدتش حقي.
لكمة اخري عاد علي اثرها معتز للخلف لتتوالي بعدها اللكلمات، قبض زيدان علي تلابيب ملابس معتز يكيل له باللكمات، الي أن دفعه الي الحائط يقبض علي عنقه بعنف، أزرق وجه معتز يشعر بأن الهواء ينسحب من رئتيه، ليمسك زيدان برأسه يصرخ بشراسة يصدمها بعنف بالحائط خلفه، سقط معتز ارضا بالكاد يري، جسده محطم الدماء تنفجر من وجهه بالكامل، رأي زيدان وهو يقف هناك أمامه مباشرة، ليس زيدان بل أبيه رأي أبيه بدلا منه وهو يبتسم ابتسامته المعتادة، لحظات لتتغير وتعود صورة الابن حين انحني يحادث ذلك الملقي بنبرة شامتة:.
- أنا مش هقتلك تؤتؤتؤ، أنا هرميك زي الكلب في السجن ترجع لمكانك القديم... حرك معتز رأسه نفيا بضعف شديد، لن يعود هناك، لن ينتصر زيدان مرة أخري، التفت زيدان متلهفا، يتوجه ناحية لينا، قبل أن يخطو سوي خطوتين سمعها تصرخ فيه فزعة: - حاسب يا زيدان.
التفت خلفه سريعا ليجد معتز يمسك سكين صغير لا يعلم من أين جاء بها، وهنا حقا قد بلغ الغضب بزيدان مبلغه امسك ذراعه التي تمسك بالسكين يثنيها بعنف إلي أن كسرها، علت صرخات معتز، ليدفعه زيدان بعنف من يده المكسورة لتصطدم رأسه بالحائط هناك ليسقط ارضا ميتا او فاقدا للوعي، هرول هو سريعا من فراشها، يجذب الاصفاد بعنف أن كسرها بكعب مسدسه، خلع قميصه سريعا يلبسه إياها يغطي جسدها، يرفعها عن الفراش، لترتمي في صدره تختبي فيه تبكي بعنف وحرقة جسدها يرتجف تتشبث به، مد يده يمسح علي خصلات شعرها يتمتم مترفقا بحالها:.
- اهدي خلاص، كل حاجة خلصت، ما حدش هيأذيكي... رفعت عينيها تنظر لوجهه للحظات قصيرة قبل أن تشعر برأسها يدور بعنف والرؤية تصبح ضبابية، فقط كلمة واحدة همست بها قبل أن تفقد الوعي: - أنا آسفة! سقطت علي صدره فاقدة للوعي ليبتسم هو مد يده يفتخ فمها ليخرج ذلك الجهاز الذي يلتصق بأحد أسنانها، ابتسم ينظر له ليتذكر قديما وهو يعطيه لها Flash back.
في غرفة الفندق تستند بظهرها علي صدره يشاهدان التلفاز فيلم انجليزي اكشن، التفتت له تتمتم مدهوشة: - معقولة في اجهزة Gps صغيرة كدة زي اللي في الفيلم ضحك بخفة يسرح خصلات شعرها بأصابعه حرك رأسه إيجابا ليتركها ويغادر، ليعود بعد لحظات ومعه قرص دواء مغلف، مد يده لها به قطبت جبينها متعجبة منه، ليضحك زيدان يخبرها مبتسما:.
- دا قرص مسكن جواه GPS مجرد ما تاخديه الجهاز اللي فيه هيلزق في سنانك وهيدي اشارة خطر عندي، خليه معاكي يمكن تحتاجيه في يوم Back ابتسم حزينا يمسح علي رأسها، لولا أنها استخدمت القرص لما كان عرف مكانها ابدااا..
، في اللحظات التالية صدحت صوت صافرات الشرطة في المكان بأكمله، حمل زيدان لينا بين ذراعيه، ينزل بها لأسفل وسط صافرات الشرطة العالية صوت الأقدام ينتشر هنا وهناك، صرخ خالد مفزوعا ما أن رأي ابنته ليطمئنه زيدان أنها بخير...
تحريات الشرطة وجدت جثة شاب في العشرينات، والكثير من الرجال يحملون سلاح غير مرخص ملقون ارضا فاقدي الوعي، وبالطبع معتز او بقياه، ولا أثر لنائد أو جوليا، او حتي نائل، ثلاثتهم اختفوا تماما وكأن الأرض ابتلعتهم دون رجعة... اخيرا يقف هو وزيدان وحمزة أمام باب غرفة لينا، بينما بدور ومايا ولينا مع لينا بالداخل وحسام يفحصها، خرج حسام من الغرفة يبتسم في شحوب يشعر بارهاق بشع:.
- ما تقلقوش هي كويسة، جسمها بس اتعرض لكمية كبيرة من المخدر النهاردة، بس أهم حاجة لازم تبدأ تتعالج مع دكتور نفسي، نفسيتها متدمرة، طول الوقت عمالة تصرخ وتتشنج بشكل مقلق ودي إشارات مش كويسة.
حرك خالد رأسه إيجابا في الصباح سيحضر افضل طبيب نفسي لها، نظر لابنته من خلال فتحة الباب الصغيرة، يأكل الندم قلبه هو السبب فيما حدث له، نزل الرجال لأسفل، ليتهاوا جميعا علي المقاعد، التعب أكل اجسادهم نظر حمزة لأخيه يبتسم في خبث لتخرج ضحكة ساخرة من بين شفتي خالد: - أنت شيطان يا حمزة، أنا كنت فعلا قربت أصدق أنك هتبيع القضية لولا الورقة اللي حطيتها في جيبي كاتبلي أنا وراك احنا متراقبين.
اعتدل حمزة في جلسته يبتسم في زهو يتمتم متفاخرا بنفسه: - عيب عليك دا أنا حمزة السويسي... هنا جاء دور حسام ليسأل عمه: - بس إنت ازاي شكيت في معاذ نظر حمزة لحسام يبتسم في هدوء حرك رأسه إيجابا تنهد يغمغم:.
- يوم كتاب كتابه علي لينا، لمحت جزء من الوشم اللي راسمه علي دراعه مش منطقي ابدا، إن طالب في كلية طب يرسم وشم تعبان، هنا بدأت اشك فيه، خدت رقم تليفونه من خالد حاولت اكتر من مرة اخترق تليفونه ما عرفتش، هنا زاد شكي، خصوصا أنا اللي بحط برامج الحماية مهما كانت صعبة أنا اعرف افك شفراتها، الا هو، بدأت اتتبع المكالمات اللي بتجيله علي موبايله، لقيته مكالمته متكررة جداا مع واحدة اسمها ميسون، المفروض أنها أمه، مكالمات عادية جداا بين اي أم وابنها، بس بما اني حمزة السويسي فدروت في تاريخ معاذ دا تاني، ما قلتكش اي حاجة غريبة، شاب عادي جدااا، لحد ما وصلت لطرف الخيط من صديق من إسبانيا يعرف ميسون الحقيقة، وعرفت أنها اتطلقت من ابو معاذ بعد ما ولدته علي طول وعلاقته بالولد اتقطعت، يبقي مين دي اللي بتكلمه، بدأت اتتبع مكان ميسون اللي بتكلم معاذ لحد ما وصلت للقصر اللي هي قاعدة فيه، بس للأسف وصلت للمعلومات دي متأخر، في نفس اليوم اللي لينا اتخطفت فيه...
ارتسمت ابتسامة مغترة واسعة علي شفتيه يعاود النظر لأخيه يتمتم في خبث معروف لدي العائلة:.
- بس يا سيدي بعت رجالتي حاوطوا المكان من بعيد، ونزلت علي اني رايح لأدهم كنت واثق انهم بيراقبوني، وصلت فعلا عند بيت أدهم وسيبت عربيتي هناك ونزلت من ضهر العمارة وخدت عربية تانية كانت مستنياني، وطلعت بيها علي المكان، كنت واقف بعيد وأنا شايف خالد بيعمل نفسه بيرمي الموبايل لمحته بعدها بيرميه جوه العربية من شباك العربية المفتوح، واستنيت لحد ما العربية خدته وبعدت مجرد ما دخلوا بيها، بدأوا رجالتي ينشروا دخان أبيض فيها مخدر علي محيط القصر كله، بس، شوفت بقي قيمة أن اخوك يبقي مجرم قديم.
ضحك خالد ساخرا يحرك رأسه إيجابا، بينما توسعت عيني حسام في اندهاش رفع يديه يصفق لحمزة، لينحني الأخير برأسه بحركة مسرحية بينما هتف حسام منبهرا: - بص يا عمي أنا بقيت big fan ليك، أنت مش طبيعي، دي دماغك سفاحين ضحك حمزة حاليا كم يحب هو الاطراءات، اقترب خالد برأسه من أخيه يهمس له بصوت خفيض حذر: - هما فين! اقترب حمزة منه يبتسم في ثقة يخفض صوته يتمتم: - ما تقلقش جوليا وابنها في قبضة يدي.
قطب خالد جبينه ليقبض علي تلابيب ملابس أخيه يقربه منه يهمس له محتدا من بين أسنانه: - نائد فين يا حمزة توترت قسمات وجه حمزة لترتسم ابتسامة واسعة بلهاء على شفتيه يتمتم ضاحكا: - بص بصراحة انا قتلته من غير قصد هو كان يلزمك في حاجة؟! احمرت عيني خالد غضبا ليكمش قبضته علي ملابس أخيه يصيح فيه غاضبا: - نعم، يعني ايه قتلته، ومن غير قصد، فين نائد يا حمزة.
زفر حمزة حانقا يتمتم مع نفسه بصوت خفيض غاضب عاد ينظر لأخيه يتمتم مبتسما فئ اصفرار: - خلاص يا سيدي بهزر ما بتهزرش، مرمي معاهم ما تقلقش، كان نفسي اقتله.
دفع خالد أخيه بعيدا عنه ليرتد الأخير الي الأريكة، في اللحظة سمع صوت لينا تصرخ باسم ابنتها، انتفض الجميع كانوا علي وشك الركض لأعلي حين رأوا لينا إبنة خالد تنزل علي سلم البيت ركضا، الجميع يقف ينظر لها مدهوشا قلقا وقفت هي للحظات تنقل انظارها الضائعة، كطفلة ضائعة تبحث عن والدها، تحركت تركض ناحية زيدان الواقف هناك بعيدا، تلقي بنفسها بين أحضانه وسط ذهول الجميع، بينما ظلت هي تهذي وكأنها قد جنت:.
- قتله، هو اللي قتل ابننا، هو اللي كان عايز يغتصبني زمان، هو اللي دمر حياتي، اقتله، اقتله يا زيدان، اقتله... تركت والدها لتتوجه ناحية والدها امسكت بكفيه تتوسله باكية: - موته يا بابا، هو اللي كان نفسه زيدان زمان وعايز يغتصبني، هو اللي حط حبوب الهلوسة لزيدان، هو اللي اذاني، اقتله ما تسيبهوش عاااااايش.
انهمرت دموع خالد ينظر لبقايا ابنته يحرك رأسه إيجابا بلا توقف لتزوغ عيني لينا تنظر لهم تائهة اغمضت عينيها ليسرع خالد بالتقاطها بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضا فاقدة للوعي، نظر حمزة ناحية أخيه نظرات حادة قاتلة ليحرك الأخير رأسه إيجابا، سيستمع كثيرا بعودة إياد المجنون!
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والتسعون
الظلام الدامس يلف المكان بالكامل، مخزن قديم للأقمشة، كان تابعا لمصنع والده في منطقة نائية صحراوية، معلق من يديه لأعلي كل من نائل، أما جوليا يلتف بها الحبال حول عمود قديم، ونائد رفقا بحاله يجلس مقيدا علي مقعد ثابت في الأرض، ثلاثتهم في ثبات عميق من أثر ذلك المخدر، المكان مظلم الا من أضواء ضعيفة من مصابيح ضغيرة معلق، الحشرات والقوارض تتحرك هنا وهناك، بقايا قطع قماش تملئ المكان وعدة ماكينات قديمة ملقاه هنا وهناك، صوت البوابة الحديدية الضخمة تُفتح بعنف تشق سكون الليل، خطت قدميه للداخل يتحرك في هدوء خطير، اقترب من الغرفة يصفق بيديه للحراس ليسرعوا بإشعال المصابيح، كسي ضوء أصفر باهت يضئ المكان بأكمله، تقدم احد الحراس سريعا يحمل مقعد وضعه خلف ذلك الواقف ليجلس عليه يضع ساقا فوق أخري، يشير بإصبعيه للحراس يتمتم بابتسامة قاسية ملتوية:.
- فوقوهم.
توجه ثلاثة رجال كل واحد منهم يحمل سطل كبير من الماء يلقيه علي اولائك المقيدون، سمع شهقات عنيفة أثر اصطدام الماء القوي بجسد كل منهم، تحرك بمقلتيه يتفحص الثلاثة أجساد أمامه، بداية من جوليا لنائل وانتهي اخيرا بنائد الجالس علي مقعد بعيد، ينظر لحمزة كارها، تعالت ضحكات حمزة وفي تلك اللحظات تحديدا يُفضل أن نقول إياد، إياد الدهشوري، يعود من جديد بابتسامة السوداء المختلة، لمعة عينيه القاتلة شرسة حركاته العنيفة، أفكاره السامة، انزل حمزة ساقه من فوق الاخري تنهد ساخرا ليتحرك بخطوات رشيقة خفيفة ناحية نائد أولا، طفقه بنظرات قاتلة، ليتحرك ناحية جوليا، وقف أمامها يدس يديه في جيبي سرواله يبتسم في وعيد قاتم اسود، اخرج يمناه من جيبه رفعها يقبض برفق شديد علي فك جوليا، نظر ينظر لها للحظات قبل أن يصدم رأسها في العمود خلفها بعنف طفيف، تركها وتحرم ناحية بطل حفلة الليلة، ينظر لها يبتسم وهو يقف أرضا ساقيه مقيدة بسلاسل من حديد ذراعيه مرفوعين لأعلي يقيدهما سلسلة ضخمة من الحديد تعلو لتصل لسقف الغرفة، رفع حمزة سبابة يمناه يشير له بعلامة رائع، ليباغته بلكمة عنيفة ارتد نائل علي إثرها للخلف، سمع في تلك اللحظة خطوات حادة غاضبة تأتي من الخارج ابتسم بالتواء يتمتم ضاحكا قبل أن يلتفت للقادم:.
- كويس أنك ما اتأخرتش عشان تلحق معايا الحفلة من أولها.
التفت حمزة لأخيه ليجد خالد يقف هناك ينظر للجمع امامه بنظرات اخافته هو نفسه، تسارعت أنفاس خالد غضبا يتذكر كلمات ابنته التي ظلت تهذي بها بعد أن فقدت الوعي بين ذراعيه، تبكي وترتجف، يتشنج جسدها وكأنه يُصعق تصرخ بما فعلوه بها، لتزداد حمم بركانيه الغاضبة، خلع سترة حلته تلاها قميصه، يقبض به علي تلك العصا الحديدية الضخمة رياضة « البيس بول »، اقترب بخطي كالاعصار من جوليا يغرز أصابعه في فكها يصرخ بسعير ملتهب:.
- سنيييين، سنيييين وأنا بدور علي اذي بنتي ومن هي طفلة، طفلة مالهاش ذنب في اي حاجة، خطفتوها، والحيوان ابنك حاول يغتصبها، عيشتوها سنين عمرها كله في رعب وخوف من الكل، هي اذيتك في ايييييييييييه استعرت عيني جوليا يعصف بها نيران الانتقام السوداء تشجنت عضلات وجهها لتصرخ فيه بشراسة: - كنت بنتقم باخد حق جوزي اللي انت قتلته..
صرخت من الألم ما أن انهي كلامه لتصدح صرخات نائل الغاضبة حين هوي خالد بكفه علي وجه جوليا بعنف، التف وجهها من عنف صفعته، عاد خالد يقبض بكفه علي وجهها يدير وجهها إليه قصرا نفرت عروقه الثاثرة تغزو وجهه يخرج صوته كالرعد حاد صارخ غاضب:.
- جوزك المجنون، خطف مراتي وضربها وحاول يغتصبها، جوزك المجنون جالي يوم فرحي جايبلي صور باوضاع مخلة لمراتي، وابوه خطف بنتي طفلة صغيرة مالهاش ذنب في اي حاجة وموتها، عايشني عمري كله بحسرتي عليها، لو رجع بيا الزمن ألف مرة هقتله، بدل المرة ألف.
انهي كلامه لينزل بكفه علي وجهها مرة تليها أخري وأخري وأخري، إلي أن فقدت وعيها، بصق عليها ليتوجه ناحية نائد الجالس علي مقعد تلتف حوله الحبال، رفع ساقه يستند بقدمه علي جزء فارغ من المقعد ينظر لنائد نظرات قاتلة شيطانية قبض علي خصلات شعره بعنف يقربه من وجهه يبتسم: - أنت بقي، علي اللي عملته زمان وهربت وعملت مجنون، وعملته دلوقتي... نزل بكفه علي وجهه بعنف يرفع رأسه له يتمتم بنبرة قاتمة سوداء:.
- ايدك القذرة اتمدت علي وش بنتي، ما كفكش اللي عملته زمان، جاي تكمله دلوقتي، أنا مش هقتلك تؤتؤتؤ أنا هديك للي اسوء من الشيطان هيخليك تتمني الموت ألف مرة تركه ينظر حمزة لتتوسع ابتسامة الاخير نظر لأخيه مبتسما يتمتم متفاخرا: - حبيبي تسلم والله مش عارف اقولك ايه علي الاطراء الرائع دا، سيبهولي.
اخيرا، توقفت رحلته الغاضبة أمام ذلك المعلق أمامه اشار بيده لرجال أخيه أن يفكوا قيدوه، لحظات وتحررت يديه وقدميه من القيد، ارتمي أرضا ينظر للواقف أمامه بهلع يخفيه خلف نظراته الكارهة ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة علي شفتي معاذ او نائل ينظر لخالد في تحدي ساخر تعالت ضحكاته يحادثه ساخرا:.
- اوعي تكون فاكر أن أنا خايف منك، أنا خدت حقي انتقمت لابويا، كان لازم تشوف شكل لينا لوليا حبيبة لما عرفت الحقيقة، كان لازم تسمع صريخها وزيدان بيغتصبها بعد ما أنا حطيتله الحبوب في العصير، زيدااان ارحمني يا زيدرااان، يا بابا الحقني يا بابا...
انهي كلامه بضحكة قوية رجت المكان لتنفجر الدماء في رأس خالد رفع يده الممسكة بالعصا لينزل بها علي جسد نائل بعنف، خرجت معها صرخة متألمة من بين شفتيه، ليعاود النظر لخالد يبتسم بجنون وكأنه مختل هارب من احدي المصحات النفسية: - أضرب كمان، بس تفتكر بالضرب دا هترجع اللي فات، هترجع سنين عمرها اللي عايشتلها في رعب، هترجع معاذ الغلبان اللي أنا موته، هترجع حفيدك اللي أنا قتلته بإيدي...
صرخ خالد صرخة قوية شقت صمت المكان لينزل بعصاه علي جسد نائل مرة أخري وأخري واخري كل ضربة تُجسد أمام عينيه مشاهد صراخات ابنته، انهيارها، خوفها منذ أن كانت طفلة، فقدانها لطفلها، وصرخات ذلك الملقي أرضا تتعالي من الألم، كان حريصا للغاية الا تمس العصي رأسه حتي لا يموت لازال الوقت مبكرا لموته، القي العصا من يده، نظر لأحد الرجال يصرخ فيهم: - يتعلق زي الكلب زي ما كان...
حرك الرجل رأسه إيجابا سريعا، ليلقي خالد العصا بعيدا من يده، يتحرك لخارج المخزن بأكمله يتوجه إلي سيارته يشق بها غبار الطريق.
في منزل خالد السويسي، تحديدا في غرفة زيدان يتحرك في مكانه كليث حبيس، لا يصدق أن خاله اغلق عليه باب الغرفة من الخارج حتي يمنعه من الذهاب معه أو اللحاق به، كان يجب عليه هو أن يذهب، هو من يجب أن ينتقم، ماذا حدث، حدث له هو وزوجته، تحرك ناحية شرفة غرفته المغلقة يجذبها بعنف مرة تليها أخري أن كسر المقبض وفتحها، دخل إلي الشرفة يلتف برأسه حيث غرفتها هناك بالقرب منه، قلبه ينتفض شوقا لرؤيتها للاطمئنان علي حالها، خاصة بعد أن انهيارها بين ذراعيه، اغمض عينيه يتذكر ذلك الشعور اللذيذ من جديد حين هرولت إليه تحتمي بين ذراعيه، قلبه انفجر يتقافز حينها قبل أن يسمع ما قالت وينفجر حمم غضبه، تحرك بخفة من شرفة غرفته يحاول الوصول لشرفة غرفتها المسافة بينهما بعيدة إلي حد ما، ارتمي بجسده علي الشرفة الاخري ليتسمك بسورها الضخم قبل أن يسقط، رفع جسده بخفة لداخل الشرفة، وقف للحظات يلتقط أنفاسه، تحرك يختلس النظر لداخل الغرفة ليجد لينا والدته، تطمأن علي ابنتها، ربتت علي رأسها بحنو تقبل جبينها، لتتحرك إلي خارج الغرفة تركها نورها مضاءا تحسبا لاستيقاظها فجاءة خاصة مع حالتها النفسية الشبه مدمرة، تحرك زيدان لداخل الغرفة ما أن خرجت لينا، يتقدم من فراشها، جلس علي ركبيته جوار فراشها، ليمد يده برفق يزيل خصلات شعرها التي تغطي وجهها خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه كشظية صغيرة من حرب مندلعة تتأجج داخل قلبه، تحركت زرقاء عينيه علي قسمات وجهها يشعر بخنجر مؤلم يطنعه في قلبه ما أن ينظر إليها، ولكنه لم يكن يملك سوي أن ينظر إليها، يشبع مقلتيه المشتاقة القلقة، توترت قسمات وجهه حين رأي حاجبيها ينعقدان، قسمات وجهها تتشنج، جسدها بدأ يرتجف بعنف، لم يعرف ما يفعل خاصة وأنها بدأت تصرخ تصيح من بين صرخاتها بكلمات مبعثرة غير مفهومة، انتفض سريعا يمد يديه يمسح علي خصلات شعرها يهمس لها بنبرة حانية قلقة متلهفة:.
- هششش، هششششش، اهدي، اهدي يا حبيبتي خلاص.
لم تستجب بل زاد جسدها تشجنا انتفض خوفا عليها ليقترب منها سريعا يجلس علي حافة فراشها لا يعرف حتي كيف جذبها لصدرها يحاوطها بأحد ذراعيه والاخري تمسح علي خصلات شعرها علها تهدئ قليلا، يهمس لها بكلمات مترفقة حنونة جوار اذنيها، لحظات وكان كل من في المنزل في غرفتها ومعهم خالد الذي جاءا توا وتحرك يركض مع صرخات ابنته، بدأت صرخات تهدي وجسدها يتوقف عن الارتجاف شيئا فشئ تتشبث بكف يدها باستماته علي قميص زيدان، اندفع خالد لداخل الغرفة يحاول جذب ابنته برفق من بين أحضان زيدان لتزداد تشبثا به، بدت كطفلة صغيرة ترفض تركض أحضان والدها، لحظات طويلة إلي أن هدأت وارتخي جسدها، وخفت قبضتها عن قميص زيدان، ليضعها علي فراشها، جذب خالد الغطاء يدثر ابنته، تركوا لينا مع ابنتها ليتحركوا جميعا لخارج الغرفة، نظر خالد لحسام يحادثه قلقا:.
- حسام ما ينفعش تديها مهدئ بدل حالتها دي تنهد الاخير حزينا يحرك رأسه نفيا، نظر لأبيه يحادثه قلقا: - أنا اديتها فعلا من مدة بسيطة ما اقدرش اديها مهدئ تاني، غلط عليها زفر خالد أنفاسه القاتلة من صدره المستعر، تحرك برأسه ناحية زيدان تقدم بضع خطوات منه يرميه بنظرات حادة قاتلة يحادثه بهمس غاضب:.
- أنت خرجت من أوضتك ازاي، ودخلت اوضتها إزاي، أبعد عنها يا زيدان هي خلاص ما بقتش مراتك، أنت هربت وبعدت، سيبني ألم اللي باقي من بنتي.
نظر زيدان ناحية خالد بضع لحظات طويلة بصمت غريب لم يبدي رفضه او قبوله فقط تحرك ينزل لأسفل، ليقترب حسام من أبيه يشد بيده علي كتفه نظر خالد لابنه ليبتسم الأخير ابتسامة باهتة، تحركوا جميعا لأسفل ليجدوا زيدان يجلس علي أحد المقاعد يخفي وجهه بين كفيه، جلس حسام جواره ليجلس خالد علي مقعد قريب منهم، لحظة فقط ورفع زيدان وجهه يتحدث فجاءة: - لينا لازم تبعد عن الكل!
رحلة العودة للمنزل كانت صامتة، صمت تام ينسجم مع أنفاسها الهادئة وهي تغط في نووووم عميق هادئ، تختلس عينيه النظرات إليها بين حين وآخر يتطلع بشغف عاشق مشتاق إلي قسمات وجهها البرئية وهي نائمة، ينظر لانتفاخ بطنها سعيدا مبتهجا سهيلة تحمل بطفل منه، كم يشعر بالسعادة، يكاد يطير فرحا، حين وصلت السيارة كان الفجر قد أعلن عن خيوطه وبدأ الليل في الإنسحاب شيئا فشيئا، اوقف السيارة أمام منزل والدها، ليلتف لها بجسده ظل يتأملها دقائق طويلة، قبل أن يوقظها بصوت هادئ:.
- سهيلة، سهيلة، اصحي، سهيلة اصحئ خلاص وصلنا.
استجابت بعد لحظات رآها ترفع كف يدها، تفرك عينيها تتثأب كطفلة صغيرة ناعسة، فتحت مقلتيها تنظر لوجهه لتري تلك الابتسامة الواسعة تشق شفتيه سيطرت علي مشاعرها بصعوبة قبل أن ترتمي بين أحضانه، التفت برأسها تنظر لمنزل والدها لترتسم ابتسامة حزينة علي شفتيها نزلت سريعا من السيارة، ليلتقط هو حقيبة ثيابها يتحرك خلفها، توجهت لداخل المنزل، تدق الباب مرة تليها أخري وأخري الي أن سمعت صوت خطوات تتقدم تفتح الباب، ظنتها احدي الخادمات، لتري والدها يقف أمامها عينيه حمراء يبدو أنه كان يبكي، انهمرت دموعه ما أن رآها، ليسرع باختطافها بين ذراعيه يشدد علي عناقها تنهمر دموعه سيولا، يهمس شاكرا:.
- الحمد لله يا رب، الحمد لله أنك هتقبل دعايا، الحمد لله، كدة يا سهيلة، تحرقي قلبي عليكي كدة، أنتي مش عارفة أن ماليش في الدنيا غيرك وقف جاسر بالقرب منهم يراقب لقائهم السعيد حتي أن عينيه دمعت من بكاء عزالدين، واعتذار سهيلة لوالدها، تحركت مع والدها للداخل ليلحق جاسر بهما، جلس عز الدين جوار ابنته يسألها: - ايه اللي حصل خلاكي تهربي...
التفت برأسه ناحية جاسر الواقف بعيدا، ليتحرك إليه وقف أمامه ينظر له غاضبا قبل أن يصيح فيه: - أنت عملتلها إيه، اذيتها مش كدة، دا أنا آمنتك عليها، ليه، اذيتها ليه اخفض جاسر رأسه يحرك رأسه إيجابا تجلي الندم في حدقتيه حين رفع من جديد تنهد حزينا يهمس بصوت خفيض متعب: - هحكي لحضرتك كل حاجة وربنا شاهد علي كل كلمة بقولها.
وبدأ يقص عليه ما قاله سهيلة دون أن يزيد حرفا واحدا، يحكي له ما حدث كاملا، انهي جاسر كلامه ليقترب من عز الدين أمسك كف يده يحادثه بانفعال صادق: - والله يا عمي دا اللي حصل، أنا طلقت شاهيناز أنا محبتهاش والله عمري ما حبيتها، أنا بحب بنتك، بحبها اوي اوي، ومستعد أعمل أي حاجة في الدنيا عشان تسامحني.
عزالدين بشخصيته الهادئة اللينة المسامحة شعر بالشفقة علي ذلك الفتي الواقف أمامه يري الصدق يصرخ في حدقتيه، ابتسم له برفق يربت علي كتفه، التفت ينظر ناحية ابنته لتشيح بوجهها بعيدا ترفض تماما، زفرت أنفاسها المختنقة، ترغب فئ الذهاب لصديقتها بأي شكل كان، وقفت من مكانها تنظر لأبيها تحادثه: - بابا معلش أنا لينا وحشاني اوي، عن إذنك هروح اشوفها.
تحركت للخارج مرت من جواره ليغمض عينيه بقوة يلتهم نسيم عطرها الهادئ حين مرت جواره توجهت للخارج مباشرة دون أن تلقي عليه نظرة واحدة، اقترب عزالدين منه يدفعه في كتفه يحادثه حانقا: - أنت مالك واقف زي التمثال كدة ليه، ما تروح وراها، حاول تصالحها، جيل اهبل صحيح ضحك جاسر بخفة يلوح لوالد سهيلة ليتحرك سريعا يهرول خلفها وصل إليها يمشي جوارها التفت برأسه لها يتمتم في مرح:.
- أنا كمان وحشتني البت لينا اوي وعايز اشوفها واشكرها...
نفخت سهيلة أنفاسها بضجر تحاول الإسراع فئ خطواتها أكثر ليصل إليها بسهولة في كل مرة بضع دقائق فقط ووصلت لمنزل لينا، خطت عبر الحديقة الي الداخل، كادت أن تدق الباب ليخرج جاسر نسخة من المفتاح من جيب سرواله، دخل اولا لتتبعه هي، كاد علي وشك أن يقول شيئا مرحا كعادته ليصمت تماما حين رأي خالد وزيدان وحسام كل منهم ملقئ علي أريكة ملامحهم مجهدة متعبة وكأنهم لم يذوقوا للنوم طعما، وكيف يفعلون ولينا لا تتوقف عن الصراخ بين وقت وآخر، فتح فمه يريد أن يقول شيئا، ليمنعه صرخات لينا التي علت تشق المكان من مكان، توسعت عيني جاسر فزعا يصيح فيهم:.
- دي لينا اللي بتصرخ لم يعطيه احدا إجابة، بل صعد خالد يهرول لأعلي ومعه حسام وزيدان ليلحق بهم جاسر وسهيلة تركض بقدر استطاعتها، دخل جاسر إلي الغرفة مفزوعا ليجد لينا تصرخ بهستريا بين أحضان والدتها التي لا تتوقف عن البكاء... بينما تقدم خالد من حسام يصيح فيه: - اديها أي مهدئ كدة هتموت.
حرك حسام رأسه إيجابا سريعا لم يكن يملك اي خيار آخر، اقترب سريعا منها يحقنها بمهدئ قوي لتصمت بعد لحظات صدمة ما يحدث عقدت لسان جاسر لا يفهم ما يحدث وقلبه ينتفض خوفا علي شقيقته، لم يجفل سوي علي شهقة سهيلة التي وصلت اخيرا الي الغرفة، اقتربت تهرول من فراش صديقتها، تحتضن رأسها المسطحة علي الفراش تنظر لهم تصيح مذعورة: - مالها لينا فيها إيه، مالها لينا يا طنط، حد يرد عليا.
أهو سؤال بلا إجابة أم سؤال إجابته حقا مؤلمة لا أحد يرغب في ذكرها، تحرك جاسر للداخل ناحية خالد مباشرة توجه، وقف أمامه مباشرة يحرك رأسه نفيا، تسارعت أنفاسه يسأله قلقا: - ما اذاهاش مش كدة، أنا غلطان، أنا ما كنتش مرتحله، قولتلها، أنا قولتلها، قولي أنه ما اذاهاش.
نظرة الألم والغضب التي رآها في عيني خالد تكفلت بالرد علي سؤاله، تسارعت الدماء تفور فئ رأسه نفر ذلك العرق الصغير المجاور لكفه قبض كفيه يهمس بهسيس قاسي متوعد: - هو فين انثني جانب فم خالد بابتسامة ساخرة شرسة تحمل قدرا كبيرا من الشر، رفع يده يضعط بها علي كتف جاسر يغمغم في هدوء قاتل: - وأنت فاكر اني هسيبه من غير حساب...
تحرك يرتمي بجسده علي الاريكة في الغرفة، ليقترب زيدان منه يحاول أن يتحدث بصوت هادئ قدر الإمكان: - لينا لازم تبعد صدقني وجودها هنا غلط عليها، تروح مكان ما راحتهوش قبل كدة تبني نفسها فيه من اول وجديد... تحرك حسام يقف جوار صديقه يؤيد فكرته يحرك رأسه إيجابا يردف هو:.
- زيدان عنده حق في كل كلمة، لينا لازم تبعد، في مكان هادئ، مكان قريب من بحر مثلا، او حقل، مكان صافي، أنا هكون معاها، أنا وهي ودكتور نفسي بس... - أنا مش هسيب بنتي، صاحت بها لينا بحرقة وهي تسمعهم يخططون لإبعاد ابنتها عنها وهي في حالتها تلك، التفت حسام بجسده يقترب من لينا زوجة والده وقف بالقرب منها يحادثها بتعقل:.
- صدقيني يا دكتورة وجودك جنبها الفترة دي مش هيفيدها بالعكس هيأذيها، لينا محتاجة تلاقي نفسها من أول وجديد هنا تحدث خالد محتدا يري أن له كامل الحق بأن يكون جوار ابنته فئ حالته تلك: - وليه تكون أنت معاها، أنا هسافر معاها هنا ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه نفيا يحاول إقناع ذو الرأس الصلب الجالس أمامه بتعديل فكرته:.
- صدقني مش هينفع، مش هتتقدم خطوة وهي شايفة في عينيك الندم والحسرة علي اللي حصلها، لما تشوفك هتفتكر دايما أنهم اذاوها، أنا آسف يعني، عشان ينتقموا منك، حسام أنسب حد يفضل معاها، حسام كان جنب لينا قبل كدة وهي بتتجاوب معاه بشكل سلس، واخوها وأكيد هيحميها، ودكتور وهيعرف يتصرف في اي ظرف طارئ - أنا كمان، أنا كمان ارجوك لو ينفع أسافر معاها صدقني مش هضايقها خالص أنا وهي أصحاب من زمان اوي.
همست بها سهيلة بنبرة خافتة باكية تنظر لحسام برجاء صامت، فكر الأخير للحظات قبل أن يحرك رأسه إيجابا، وجود سهيلة جوارها ربما يشد من ازرها قليلا، حاول جاسر إقناعهم بالذهاب معهم هو الآخر تنهد حسام حانقا يردف بنزق: - يا جماعة مش رحلة هي، المهم هنروح فين.
نظر خالد للينا للحظات، شعرت أنها فهمت ما يرمي إليه حركت رأسها إيجابا سريعا دون تردد، ليقوم خالد من مكانه يخرج مفاتيحه يخرج منها مفتاح مد يده يعطيه لحسام تنهد يحادثه قلقا: - دا شالية في الساحل، هقولك عنوانه بالتفصيل، وهكلم حد ينضفه قبل ما توصلوا، قاسم هيسافرلكوا علي هناك، أنا عارف قاسم مش هيتأخر تنهد خالد تنهيدة طويلة حارة قلقة ينظر لابنته الممدة علي الفراش ليعاود النظر لحسام يحادثه قلقا:.
- خلي بالك من اختك يا حسام، هتبقي عيني عليكوا دايما هناك، بس خلي بالك إنت منها ابتسم حسام في هدوء يطمئنه، ساعة مرت قبل أن تجهز لينا حقيبة ثياب ابنتها بأعين باكية لا تتوقف عن ذرف الدموع، بينما توجهت سهيلة سريعا تودع والدها، وقفت جوار سيارة حسام ليقترب جاسر منها وقف أمامها ينظر لها للحظات ليحادثها قلقا: - مش هقدر اقولك ما تروحيش، أنا عارف انتي بتحبي لينا وهي بتحبك قد ايه، خلي. بالك منها ومن نفسك.
صمت للحظات قبل أن يمد يده يبسطها علي بطنها ارتسمت ابتسامة طفيفة علي شفتيه يردف بحنو: - ومن اللي في بطنك اقترب حسام منهم يحمل حقيبة شقيقته فتح صندوق السيارة يضع فيه حقيبة شقيقته وحقيبته ليضع جاسر جوارها حقيبة سهيلة، أغلق حسام صندوق السيارة بعنف يتنهد قلقا يتمني أن تمر الفترة القادمة فقط علي خير...
تحرك حسام ليجلس خلف المقود حين استوقفه جاسر يوصيه علي سهيلة لكونها حامل، ليضحك حسام بخفة، من الجيد أن يتذكر المرء كل حين وآخر مجال اختصاصه الفعلئ ربت علي كتف جاسر يحادثه مبتسما: - ما تقلقش يا عم أنا دكتور نسا قديم.
ابتسم جاسر ينظر لحسام ممتنا هو حقا لا يعرف كيف يكون ذلك الشاب شقيق لينا ولكنه ليس الوقت المناسب تماما لأي أسئلة، دقائق قبل أن يظهر خالد يحمل ابنته النائمة بين ذراعيه فتح جاسر له الباب سريعا ليضعها خالد علي الأريكة الخلفية، لتجلس سهيلة قوية، نظر لابنته يودعها بنظرات حزينة نادمة، أغلق باب السيارة عليها، لينظر لحسام يحادثه بإرهاق:.
- قاسم في طريقه للساحل، وأنت معاك العنوان، في ناس راحت تنضف الشالية، خلي بالك منها كويس يا حسام ابتسم حسام يطمأن والده قبل أن يستقل السيارة يرحل سريعا تتحرك خلفه سيارات حراسة خالد، وقف خالد ينظر لسيارة حسام وهي تغادر، اغمض عينيه لتتساقط دمعتين منهما مد يده سريعا يمسح دموعه ليعود إدراجه لداخل المنزل، حيث تجلس لينا علي أحدي الارائك تبكي، اقترب خالد يجلس جوارها لتنظر له بأعين حمراء تصيح فيه بحرقة:.
- ليه بيحصل فيها وفينا كل دا يا خالد ليه جذبها لاحضانه يطوقها بذراعيه عينيه تنظر للفراغ البعيد يهمس لها بنبرة قاطعة يؤكد بها ما تقول لنفسه قلبها هي: - هتبقي كويسة، هترجع كويسة، صدقيني هترجع كويسة.
في الأعلي تحديدا في غرفة لينا يجلس زيدان علي فراشها الفارغ يلتهم الشوق قلبه وهي لم تغادر سوي قبل دقائق، هو من ابعدها لأجلها لن تصبح بخير وهئ هنا، تحتاج للعودة من نقطة الصفر، مد يده يتحسس الوسادة التي كانت تنام عليها ليشعر بها رطبة مبللة بدموعها، رفع الوسادة يضمها بين ذراعيه يغمض عينيه يستشعر وجودها هي بين أحضانها.
شهر، شهر كامل مر علي ما حدث، شهر عادت تبني فيها بنيان محطم منذ سنوات، بنيان لم ينفع معه الترميم كان يجب أن يهدم لتعيد بنائه من جديد، ها هي تقف هناك خارج منزل الساحل، أمام أمواج البحار المتلاطمة تنظر إليها تبتسم ابتسامة شاحبة مجهدة، ابتسامة تشق طريقها للحياة من جديد، الأيام الماضية كانت ججيما بكل ما تعنيه الكلمة من معني، الكوابيس البشعة لم تتوقف تراه كلما اغمضت عينيها، تسمع كلماته السامة تعاد في اذنيها مئات المرات، عليها فعلا أن تكون ممتنة لحسام الذي ظل شهرا بأكمله ينام ليلا علي « مرتبة » أرضا جوار فراشها تحسبا لنوابة فزع مفاجاءة، ولسهيلة التي لم تكن تتركها تعاملها كطفلة صغيرة تطعمها تمشط شعرها، تفعل كل ما تقدر عليه، واخيرا قاسم، لم تكن تعرف أنه طبيب ماهر لتلك الدرجة، جلساته المكثفة التي تستمر لساعات بدأت تؤتي ثمارها بعد ثلاثة أسابيع، توقف السير، وقفت تواجه البحر تفرد ذراعيها جوارها تغمض عينيها تلك المرة لم تظهر صورة نائل منذ أيام واختفت صورته توقفت عن الظهور، حين أخبرها قاسم أن توجه تفكيرها سريعا لشئ آخر ما أن تظهر صورة نائل أمام عينيها، فاختارته هو، باتت تراه كلما أغمضت عينيها، انسابت دموعها خلف جفنيها المغلقين تشتاق له، تحبه، نادمة، هي فقط لم تكن تعرف، ذاك ليس ذنبها، أنها كانت ضحية لذئب ماكر ببرائته المدنسة ليسلب منها كل شئ، اجفلت من شرودها علي شئ دافئ وضع علي كتفيها وصوته الهادئ يحادثها:.
- أنا حسام ما تخافيش نظرت له تبتسم في شحوب ليرفع كفه يمسح دموع عينيها برفق يسألها مترفقا: - ليه الدموع دي ابتسمت له بوهن تحرك رأسها نفيا اقتربت منه تستند برأسها علي صدره ليرفع يده يربت بها علي رأسها برفق يسألها ما بها مرة أخري، لحظات صمت لا تعرف ما تقول تحرك لسانها تلقائيا يعبر عما يجيش بقلبها: - زيدان وحشني أوي!
توسعت عيني حسام في ذهول للحظات كان علي وشك أن يقول جملة حمقاء ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة حالتها النفسية علي المحك، جذبها لتجلس علي الرمال ليجلس أمامها أمسكت كتفيها بكفيه برفق يردف: - أنت حبيتي زيدان يا لينا.
كان سؤاله غريبا، حقا غريب، رفعت وجهها تنظر لعينيه للحظات شعرت بأنها تحادث والدها خاصة وقد خلع عدساته الطبية واستبدلها بنظرات شفافة، حركت رأسها إيجابا بعد لحظة أخري، ليتنهد هو كان علي وشك أن يصرخ فيها، لما يا حمقاء لم تعطيه فرصة أخري طالما تحبينه ولكنه تراجع للمرة الثانية، زفر أنفاسه حائرا حانقا، ليراها تنظر له كطفلة صغيرة، لم يعرف ماذا يفعل جل ما فعله أنه عاد يعانقها من جديد يمشط خصلات شعرها بأصابعه يتمتم مبتسما:.
- علي فكرة زيدان بيتصل بيا خمسين مرة كل يوم عشان يطمن عليكي ابتسمت حزينة تعرف، سمعته مرات عدة يحادثه يطمأنه عليها، شردت عينيها في الفراغ البعيد رفع مقلتيها تنظر لوجه حسام تسأله في توتر: - تفتكر هو لسه بيحبني، أنا جرحته أوي، بس والله كان غصب عني، ما كنتش اعرف أن هو اللي بيعمل فيا كدة وضع حسام كفه علي فمها قبل أن تكمل ما تقول ليردف بنبرة قاطعة:.
- ما تجبيش سيرة الموضوع دا تاني احنا اتفقنا هننسي اللي فات صح حركت رأسها بإيجاب يرفضه قلبها، ليدنو هو من اذنها ليهمس لها بمرح ونبرة عاشقة ولهةة: - اقولك أنا علي سر، أنا بحب البت سارة بنت عمك عمر، وشكلي كدة هخطفها واتجوزها عشان بابا وعمي رافضين.
نظرت له مدهوشة ترمش بعينيها سريعا حسام جُن هو الآخر، ضحك الأخير بملئ شدقيه قبل أن يوقفهم دقات هاتف حسام، نظر للطارق لتتوسع عينيه في دهشة فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه يتمتم ضاحكا: - ايه يا عم صادق ليك وحشة والله اخيرا قررت تتصل باصحاب زمان ضحك الأخر يتحدثان سويا بضع دقائق عن ذكريات الصداقة القديمة قبل أن يردف صادق: - بص يا عم حسام، أنا عايزك في خدمة، هتيجي انتداب شهر في جامعة (، ) تدرس لطلبة سنة أولي.
تغنضت قسمات وجه حسام في ضيق يتمتم رافضا: - لا يا عم بطلناها الشغلانة دي، أنا درست سنتين لما كنت في السعودية، لالالا مش هعيد الفيلم دا تاني تنهد صادق يحاول إقناع صديقه بالموافقة: - عشان كدة اتصلت بيك يا حس، إنت دكتور شاطر ومعاك ماجستير ودرست قبل كدة، شهر واحد بس يا حس، عندي بحث مهم ولازم اسافر عمان يلا بقي فين جدعنتك يا صاحبي.
تنهد حسام حانقا يحاول التملص من ذلك العرض دون جدوي صادق يسد جميع الثغرات أمامه، تنهد حسام حانقا يتمتم علي مضض: - ماشي يا صادق، لما ارجع القاهرة لينا كلام تاني، سلام يا صاحبي.
أغلق معه الخط ينظر للينا في غيظ مضحك لتضحك الأخيرة بخفة عليه، لحظات وأخري ودق هاتفه تلك المرة برقم زيدان، عرفت لينا أنه هنا من توتر وجه حسام الذي ظهر فجاءة لتلتقط الهاتف من يده فتحت الخط تضع الهاتف علي اذنها لتستمع إلي صياح زيدان الغاضب:.
- أنت يا حسام الزفت بقالي ربع ساعة بحاول اتصل بيك بترغي مع مين دا أنا هعلقك لما اشوفك صبرك عليا يا حيوان، لينا طمني علي لينا هي كويسة، بتتحسن، كلت، أنا اتصلت بمطعم سمك وخليتهم يتوصوا بشوربة السي فود اللي بتحبها بي ما تخليهاش تتقل منها عشان بطنها بتوجعها ، ما ترد عليا يلا، حيوان صحيح علي رأي خالي.
انسابت دموعها وابتسامة صغيرة عرفت طريقها لشفتيها، بعد كل ما حدث لا زال يتذكر ادق التفاصيل خرجت شهقة من بين شفتيها لم تستطع حبسها طويلا، تهمس له بصوت خفيض حزين مشتاق: - زيدان!
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والتسعون
- زيدان! همس ضعيف خافت مشتاق صدر منه تهمس بأحرف اسمه، لتتوقف دقات قلبه برودة قارصة تغزو خلاياه، صوتها هي، لم يكن يعرف أن اسمه أكثر عذوبة من الماء إلا الآن... اغمض يديه يشد قبضته يلتقط أنفاسه السبية من همسة واحدة، مهلا يا زيدان مهلا لن تعود لتلك الدوامة من العشق المؤلم من جديد، تمالك نفسك، التقط أنفاسه بصعوبة بالغة، حمحم يحاول إظهار الثبات في نبرة صوته:.
- ازيك يا لينا، يا رب تكوني أحسن، أنا كنت متصل عايز حسام هو جنبك ولا اطلبه في وقت تاني.
أغمضت مقلتيها لتنساب دموعها تغرق وجهها آه من نبرته الجافة التي اصابت شتات قلبها المبعثر وماذا تنتظر منه إن يأخذها بين ذراعيه يغرقها في طوفان عشقه بعد كل ما حدث، بعد أن جرحت كرامته كبريائه عشقه لها، شدت قبضتها علي الهاتف تغمض عينيها تنهمر دموعها في صمت قاتل، ليسارع حسام باختطاف الهاتف من يدها، وضعه علي أذنه سمعت حديث متوتر من جهة أخيها يحادثه به، ينظر لها بين حين وآخر بينما هي عينيها شاردة في الفراغ البعيد في خدعة قضت فيها عمرا كاملا، كيف كانت بتلك السذاجة لتقع فريسة فخ لافعي دمرت حياتها بالكامل، رفعت يدها تزيل دموعها تنظر للفراغ البعيد، زيدان يحبها، تعرف أنه لازال يفعل، زيدان حقها هي، وهي ستسترد حقها، التفتت لأخيها لتراه يبتسم لها ابتسامة هادئة حنون، مد كف يده لها، لتبسط كفها داخل كفه قامت بصحبته تنفض حبات الرمال عن ثيابها، تحركت بصحبته للداخل حيث سهيلة تجلس علي أحدي الارائك تمد قدميها المتورمة من أثر الحمل أمامها، جلست لينا بالقرب منها ترسم ابتسامة مرحة علي شفتيها بسطت يدها برفق علي بطن صديقتها المنتفخ تغمغم:.
- قوليلي بقي يا سوسو تفتكري البيبي هيبقي ولد ولا بنت عند تلك النقطة انفجر حسام الجالس بالقرب منهم في الضحك ظل يضحك الي أن أدمعت عينيه، نظرت لينا لسهيلة في عجب لترد لها الأخيرة نفس النظرات لا تفهمان علي ما يضحك لتلك الدرجة هدأت ضحكات حسام شيئا فشئ بقيت بقايا ضحكات بسيطة تخرج بين لحظة وأخري من بين شفتيه، نظر لهما يمسح دموعه الساقطة من الضحك:.
- معلش اصل الموقف فكرني بموقف مريضة كانت جاية تعمل سونار هي ووالدتها، طلعت علي جتتي السبع سنين بتوع طب، مقتنعة أن بنتها حامل في بنت من مناخيرها، بعد الكشف بتاعها كنت مقرر اقفل العيادة واسرح بعربية ترمس.
ضحكت لينا وسهيلة علي ما يقول هو، ليتحرك حسام من مكانه، يجلس علي مقعد بالقرب من سهيلة يسألها عدة أسئلة طبية معتادة ليطمئن علي حالتها، بينما لينا تنظر له تبتسم في امتنان كم تحب حسام كم هي سعيدة لوجوده في حياتهم، حسام علي الرغم من الشبة الكبير بينه وبين والدها الا أن طباعهم مختلفة تماما، حسام أكثر مرحا سهل الحديث، سلس في المعاملة، عكس والدها تماما، يكفي روحه المرحة التي دائما ما تطغي علي اي مجلس يكون فيه، اجفلت من شرودها علي صوت دقات هاتفه من جديد تلك المرة برقم جاسر، نظر حسام لسهيلة يغمغم:.
- اتفضلي يا ستي جوزك، ما هو اصل أنا شغال سنترال، كل شوية واحد يتصل يسأل علي مراته أغمضت لينا عينيها ما أن نطق جملته الأخيرة ليشد حسام قبضته ندما نطقها تلقائيا لم يكن يقصد تماما أن يجرحها، حمحم بخفوت يفتح الخط يضع الهاتف علي أذنه ليقابله صوت جاسر الملتاع: - أيوة يا حسام، طمني علي لينا وسهيلة اخبرهم ايه، والجنين بخير، اوعي يكون حصلهم حاجة ومخبي عليا.
ابتسم حسام في هدوء زوج عاشق يبدو أن زوجته غاضبة منه لسبب هو يجهله، ابتسم يحادث جاسر يطمأنه علي الجميع ليبادر قائلا بتلهف: - هي سهيلة جنبك، لو جنبك خليني اكلمها بالله عليك نظر حسام لسهيلة يشير للهاتف في يده لتحرك رأسها نفيا تشيح بوجهها بعيدا، تنهد حسام حانقا النساء!، حمحم بخفة يحادث جاسر: - لا يا جاسر مش جنبي مع لينا.
ابتسم جاسر ابتسامة حزينة لم يراها حسام بالطبع، سهيلة لا ترغب فئ الحديث معه حسام فاشل في الكذب تنهد تنهدية حارة ملتاعة يحرقها جوي الشوق ليغمغم في هدوء حزين: - أنا عارف انها جنبك ومش عايزة تكلمني، قولها تخلي بالها من نفسها كويس، وأنا هتصل دايما اتطمن عليها، سلام يا حسام.
اغلق حسام الخط مع جاسر ينظر لسهيلة يضيق عينيه ينظر لها مغتاظا كأنه طفل صغير غاضب، لتنظر سهيلة له حانقة قطبت ما بين حاجبيها تصيح بحرقة: - ما تبصليش كدة، أنت ما تعرفش هو عمل فيا ايه تنهدت لينا حزينة علي حال صديقتها لتتحرك من مكانها جلست جوار سهيلة علي الاريكة تمسك بكفي يدها ابتسمت في حنو تحاول ترقيق قلبها قليلا:.
- بس أنا عارفة يا سهيلة جاسر حكالي، صدقيني جاسر ما كنش فئ وعيه، ما كنش مدرك لأي حاجة بيعملها أنا عارفة جاسر بيحبك قد ايه، وشوفت حالته من غيرك عاملة ازاي ارتسمت ابتسامة واسعة ساخرة علي شفتي حسام ينظر لشقيقته حقا، ما تقولين، هل رأيتي حالة زيدان في غيابك الرجل كان يحتضر تقريبا، تنهد حسام يزفر أنفاسه حانقا، حين نظر لشقيقته مرة أخري رآها ترميه بنظرات نارية قاتلة رفع حاجبه الأيسر ساخرا يتمتم متهكما:.
- تبتصيلي كدة ليه، مش كلنا مصطفي أبو حجر علي فكرة ضحكت سهيلة بخفة تمسح دموعها المتساقطة، لتبتسم لينا في سماجة تتمتم ساخرة: - لاء وأنت الصادق كلكوا مجانين وعندكوا كام برج ضارب، عايز تتجوز سارة البسكوتة اللي بتخاف من ضلها يا ذكر التور إنت شهقة متفاجاءة خرجت من بين شفتي سهيلة تنظر لحسام في ذهول رفعت يدها تشير إليه إشارة شاملة تتمتم بذهول:.
- يا نهار اسوح بقي سارة الكتكوتة تتجوزك أنت، دا أنت لو سلمت عليها بس هتكسر ايديها ضيق حسام عينيه حانقا يرمي شقيقته وصديقتها بنظرات سوداء قاتلة، رفع كف يده يبسطه أمام وجه سهيلة يتمتم في غيظ: - الله أكبر، أهو القر دا هو اللي جايبنا ورا، ولا هعرف اتجوزها في سنتي البيضا دي، أنا طالع اوضتي وعلي الله اسمع نفس واحدة فيكوا، هبلعها!
تعالت ضحكات لينا وسهيلة من جديد يراقبان حسام وهو يأخذ طريقه لغرفته، التفتت لينا لسهيلة تحادثها مبتسمة بحنو: - سهيلة، جاسر بيحبك زي ما أنا واثقة أنك بتحبيه، يا سهيلة صدقيني جاسر ما كنش في وعيه! حركت سهيلة رأسها نفيا مرة تليها أخري وأخري أحمر وجهها وعينيها نزلت قطرات الدموع تغطي وجنتيها لتصيح بحرقة قلبها الملتاع ألما وشوقا:.
- مش قادرة يا لينا، افهميني، أنا حبيت جاسر حبيته اوي هو اول وآخر حب في حياتي، بس اللي عمله فيا صعب، صعب اوي بجد، صعب اني اسامحه عليه، ما تقوليش ما كانش في وعيه لأن زيدان بردوا ما كنش في وعيه وانتي ما سمحتيهوش قطمت شفتيها تنظر لصديقتها نادمة لا تعرف كيف اوجعتها بتلك الكلمات دون قصد منها، بينما تحجرت عيني لينا تنظر للفراغ نظرات متألمة تتعذب، مدت سهيلة يديها سريعا تمسك بكفي لينا تحادثها بحرقة:.
- لينا سامحيني أنا بجد آسفة ما كنش قصدي افكرك باللي فات، أنا آسفة لا تعرف كيف رسمت ابتسامة، فقط ابتسامة خالية من الحالية، ابتسامة بالكاد وصلت لشفتيها ولم يعرفها قلبها تحركت مقلتيها ناحية سهيلة لتري الأخيرة دمعات حبيسة داخلها، دمعات قوية ترفض الهبوط، وصوت هادئ كالجليد خرج من بين شفتي لينا:.
- عشان كدة عيزاكي تسامحيه ما تكرريش غلطتي يا سهيلة، ما تضيعيش من أيدك حب كان كل كياني، أمان وحياة وعشق، ما صدقتوش وما سامحتوش، ومشيت ورا الشيطان اللي دمرلي حياتي، ما تغلطتيش غلطتي ارجوكي.
ابتسمت لينا لصديقتها ابتسامة صغيرة لتتركها وتأخذ طريقها لأعلي عبر السلم تسير، وصلت لغرفة حسام لترفع يدها تدق الباب، سمعت صوته يأذن لها بالدخول لتدير المقبض رأته جالس علي فراشه يمسك بهاتفه يتصفحه ابتسم ما أن رآها بينما ظلت تعابيرها جامدة جملة واحدة فقط هي ما نطقتها: - أنا عايزة ارجع بيتنا يا حسام.
شهر كامل لا يصدق أن الأيام تمر بهذه السرعة الرهيبة تحسنت صحته كثيرا عن السابق، قاب قوسين أو أدنى من التعافي تماما، وقف في شرفة غرفته في منزل جدته ينظر للشارع امامه تحديدا تلك القهوة التي اعتاد مراد أن يجلس هناك، تنهد يغمض عينيه يبتسم ساخرا، هو حقا أشتاق له، أشتاق لشقيقه المتسول، ذو الأخلاق الفاسدة واللسان السليط ولكنه يبقي شقيقه اولا واخرا، اختفائه الغريب يقلقه، أحلام او الارجخظح كوابيس جدته عنه كل ليلة دفعته للبحث عنه، في خضم موجة شروده الهادئة قاطعة صوت رنين هاتفه، توجه الي الفراش يلتقطه، فتح الخط سريعا ما أن أبصر اسم المتصل:.
- ايوة يا كارم عرفت هو فين صمت للحظات يستمع إلي الطرف الآخر لتتوسع عيني أدهم في ذهول يتمتم فزعا: - محبوس، ليه وفي قضية ايه ولمين.
صمتت للحظات أخري عينيه تزداد دهشة مراد شقيقه في السجن علي ذمة قضية شروع في قتل وقتل من تحديدا، قتل جاسر رشيد الشريف، جاسر!، كيف لا يعقل، أخذ كافة التفاصيل من صديقه ليشكره ويغلق معه الخط، ظل للحظات جالسا ينظر أمامه في ذهول، جاسر ومراد، ما علاقة مراد بجاسر ولما قد يحاول شقيقه قتل جاسر، الكثير من الأسئلة تدور في رأسه بلا إجابة واحدة، جاسر من يملك كل تلك الإجابات هو يملك رقم جاسر، بحث في هاتفه سريعا الي أن وجد الرقم، سريعا كان يتصل بجاسر ينتظر أن يجيب دقة اثنتين ثلاثة إلي أن اجاب اخيرا:.
- اهلا اهلا ازيك يا ابو الاداهيم واحشني يا جدع فينك مختفي حمحم أدهم يحاول إيجاد أيسر طريق لسؤال جاسر لم يجد سوي الطريق المباشر: - جاسر أنت هنا ولا في بلدكوا تعجب جاسر من سؤال أدهم ليجيبه سريعا في عجب: - لاء في أسيوط في حاجة يا أدهم خير تنفس أدهم بعمق يرد بإيجاز: - هفهمك كل حاجة لما اجيلك مسافة السكة وهبقي عندك، سلام.
قام سريعا يبدل ثيابه، أخذ هاتفه ومحفظته ونقوده ابتسم حين تذكر سيارته الفاخرة التي كان يعشقها أكثر من حياته، مفتاحها الخاص الذي نقش عليه اسمه، تغير الوضع كثيرا الآن عن السابق ولكنه سعيد رغم ذلك، تحرك للخارج ليجد جدته تخرج من غرفتها، ابتسم ما أن رآها ليقترب منها يقبل رأسها يحادثها بحنو: - أنا عرفت أدهم فين، مش هرجع غير وهو معايا.
اشرق وجه جدته الحزين، تنظر للماثل امامها بابتسامة كبيرة ممتنة، قلبها يقتلها خوفا علي ذلك الارعن التي لا تعلم أين هو او ماذا حل به، ربتت علي يده تدعو، تحرك ليغادر لتستوقفه سريعا: - أدهم استني، خد المفتاح علي الترابيزة قبل ما تمشي.
قطب جبينه متعجبا اي مفتاح تحرك ناحية الطاولة لتشخص عينيه في ذهول حين رآه مفتاح سيارته هو بنفسه كيف حدث ذلك، أمسك المفتاح في يده يرفعه امام عينيه ينظر له في دهشة، ليسمع صوت جدته يأتي من خلفه: - الراجل اللي اسمه حمزة بعتلك المفتاح دا امبارح وبيقولك العربية جت من الجمرك ومستنياك تحت البيت.
ارتسمت ابتسامة كبيرة علي شفتيه ادمعت عينيه ليرفع كفه يمسح دموعه سريعا، أمسك المفتاح في قبضته يشدد عليه، تحرك يودع جدته، خرج من المنزل ليجد روحية تنزل من أعلي ابتسمت علي استحياء ما أن رأته ليعطيها ابتسامة صغيرة، من الجيد أن جدته اعطتها الشقة الفارغة في الطابق الثالث حتي تصبح قريبة منهم وحتي لا تنالها ألسنة الناس بالباطل، لوح لها وداعا ليأخذ طريقه إلي أسيوط حيث سيجد إجابات جميع الاسئلة التي تشغل عقله.
مسابقة الخيل السنوية ها قد جاء موعدها من جديد، عمار بطل الساحة الآن فوق صهوة جواده الاسود، الخيول علي اهبه الاستعداد، تبقي فقط دقائق وتبدأ مسابقة الخيول السنوية، الكثير من الأصوات تأتي من مدرجات المشاهدين، كل منهم يتوقع بطل السباق الجديد، من سيفوز اليوم، لحظات وفقط وخيم الصمت علي المكان الجميع ينظر لما يحدث في دهشة بأعين جاحظة، مذهولة، يرون ذلك المشهد العجيب عثمان، الصياد هنا، علي مقعد متحرك جواره جواده الذي يصهل بصوت عالي همهمات من كل مكان علي أن الصياد جُن وأنه بالطبع سيخسر وأنه سيسقط من فوق خيله ما أن يمطته، بينما هو فقط يبتسم في هدوء وثقة الصياد، ساعده أحد العمال ليمتطي صهوة جواده، رفع يده يغللها في خصلات شعره الاسود الكثيف، ليسمع صوت ضحكة سمجة سخيفة تأتي من الجالس علي الجواد المحاذي له:.
- ايه يا عثمان إنت ضربت ولا ايه جاي تعمل نفسك مسخة الكل التفت عثمان برأسه لذلك العامر يعطيه فقط ابتسامة ساخرة، قبل أن يتوجه بعينيه إلي الطريق امامه، رفع يده يربت علي رأس جواده ليصهل الأخير عاليا، انطلقت الاعيرة النارية تعلن عن بداية السبق، ليبدأ المذيع بحماس عرض تفاصيل المبارة:.
- سيداتي وسادتي اهلا ومرحبا بكم في مسابقة الخيل السنوية زي ما احنا شايفين قدامنا الخيول والمتسابقين في طريقهم للأمام، ولكن مفاجاءة السبق السنة دي الصياد رجع تاني، رغم حالته، إدارة المسابقة بلغتنا أن الصياد كتب علي نفسه تعهد عشان يدخل المسابقة، ربنا يستر بصراحة وتعدي المسابقة دي علي خير، عمار متقدم لحد دلوقتي، الصياد ما بيحركش رحله الفرس بتاعه بس هو اللي بيجري بيحاول يسبق خيل عمار، قربنا من اول حاجز، مش عارف بصراحة الصياد هيعمل ايه، ايه دا في ايه؟!، أنها احدي ألعاب الصياد يا سادة.
ما حدث تحديدا الخيول تركض تثير حولها حمم من الغبار الأصفر عمار يبتسم في ثقة هو من سيفوز، من سيغلبه عثمان بعد أن بات عاجزا، اقترب اول حاجز، كم اراد أن يري الصياد وهو يسقط من جديد من فوق خيله ليصبح اضحوكة للناس، شد سرج حسانه بطريقة معينة ليهدئ من سرعته قليلا الي أن اصبح محاذيا لخيل عثمان، ابتسم عمار في سخرية قبل ان يصل الخيل للحاجز بقليل ارتفع عثمان بجسده يحرك ساقيه بسهولة، صدمة اذهلت الجميع وخاصة عمار، صاح فرس عثمان بقوة يقفز من فوق الحاجز بمهارة في لقطة فريدة التقطها جميع العدسات، ليصبح هو المتقدم، غلت الدماء في عروق عمار يحاول بشتي السبل اللحاق به ولكن عثمان كان ولازال بطل أي سباق يدخل فيه، ها هو الصياد يستعيد مكانه من جديد خلف خط النهاية هو اول من وصل، قام من في المدرجات جميعا يصفقون للصياد بحرارة بينما يقف هو خلف خط النهاية يبتسم في ثقة يصعب تقليدها، نظر ناحية عمار الذي يكاد يتميز من الغيظ، لتتعالي ضحكاته، عينيه تمشط المكان بأكمله تبحث عنها لتجدها هناك جوار والديه تقف مع الجماهير تصفق له بحرارة، قفز بسهولة من فوق صهوة جواده ليتحرك إليها راكضا، امسك بكف يدها يجذبها بعيدا عن الأضواء وعدسات الكاميرا التي لا تتوقف عن إلتقاط كل حركة يفعلها ليضمها بين ذراعيه، بكت وعلا نشجيها تلف ذراعيها حول رقبته تدفن رأسها في صدره تغمغم من بين نشجيها الحار:.
- نجحت يا عثمان، الصياد رجع تاني أبعدها عنه قليلا يحتضن وجهها بين كفيه يمسح دموعها بإبهاميه، مال يقبل جبينها قبلة شغوفة ممتنة محبة يهمس لها بولة عاشق: - نجحت بيكي يا سارين، لولا وجودك جنبي ما كنتش زماني بقيت هنا تاني، انتي معجزتي، اللي جت عشان ترجعني للحياة تاني، بحبك يا سارين، بحبك اوي اوي.
ختم كلامه ليعاود ضمها إليه من جديد لتلف هي ذراعيها حول عنقه تشدد علي عناقه، لحظات طويلة قبل أن تبعده عنها مدت يدها تمسح ما سقط من دموعه تدفعه ناحية الخارج: - يلا اخرج، روح عشان تاخد جايزتك حرك رأسه إيجابا يبتسم لها في اتساع امسك بكف يدها يجذبها معه للخارج لتتوسع حدقتيها تسأله في دهشة: - أنت بتعمل ايه يا مجنون التفت لها برأسه يطالعها بنظرات متيمة عاشقة غمز لها بطرف عينيه يغمغم مبتسما: - انتي جايزتي!
جذبها معه للخارج لتبدأ عدسات الكاميرا تتوجه ناحيتهم، لف يده حول كتفيها يتحرك بها ناحية منصة استلام الجوائز كم شعرت بالحرج الخجل يكاد يغزوها خاصة وهو يرفض ترك يدها ولو للحظة واحدة، وضع رئيس المسابقة القلادة الذهبية حول رقبته ليسلمونه كأس الفائز، تحرك يلقي كلمته كما اعتاد في كل مسابقة يفوز فيها وقف أمام مكبر الصوت يحمحم بهدوء يردف:.
- مساء الخير يا جماعة، طبعا كلكوت عارفين الأخبار الفظيعة اللي حصلت من شهور طويلة وازاي الصياد وقع واتشل وخلاص مات الصياد وماتت اسطورته، اتعودت بعد كل سبق افوزه اطلع اشكر في نفسي وفي ذكائي وفي اجتهادي، إنما النهاردة عايز اشكر اكتر من حد، عايز اشكر رب العالمين علي أنه حطني في الإختبار دا، عشان اشوف الدنيا علي حقيقتها، عشان أراجع حساباتي من اول وجديد، عشان اعرف أن كل شر بيحصل لنا وراه خير عظيم، عايز اشكر والدي ووالدتي، وعايز اعتذرلهم علي اني كنت عثمان الشاب الصايع اللي علي طول جايبلهم المشاكل، في نهاية كلامي عايز اوجه شكري لاحب إنسانة علي قلبي، صديقتي وحبيبتي ومراتي وعكازي اللي لولاه ما كنتش هبقي هنا النهاردة، مش أنا اللي استحق الجايزة دي لاء، هي البطلة هي اللي عملت المعجزة، هي استحق جوايز العالم كله، بحبك، بحبك اوي يا سارين.
تستمع إلي كلماته الجديدة عثمان تغير جذريا تغير، قلبها ينبض بعنف يصيح باسمه يصفق له، عينيها تملئها دموع الفرح، إلي أن وصل الي كلماته الأخيرة زاد وجيب دقات قلبها اختفت أنفاسها برودة قارصة غزت اطرافها، عثمان يقول تلك الكلمات لها يعترف بحبه لها أمام الجميع دون خجل، الوقح يخجلها أمام الناس أجمع، أحمر وجهها من شدة الخجل تكاد تبكي، تحرك هو من مكانه وقف أمامها.
يطالعها بنظرات عاشقة متيمة ليخلع القلادة من رقبته يلبسها إياها ليصفق له الجميع بحرارة، علا هتاف الجماهير باسم الصياد، وهناك من يقف يغلي غضبا، بعد قليل كان يقف معها بصحبة والديه، في دائرة صغيرة، اقترب علي يعانق عثمان بفخر يغمغم: - قد ايه أنا فخور بيك يا عثمان عانق عثمان والده يبتسم لم يشعر بسعادة قط بقدر ما شعر بها الآن مع كلمات والده، عانقت لبني سارين بقوة دمعت عينيها تهمس لها ممتنة:.
- أنا بجد مش عارفة أشكرك ازاي يا سارين، انتي قدمتي لعثمان في فترة قصيرة اللي أنا ما عرفتش اقدمه ليه في عمري كله، ربنا يسعدكوا يا بنتي، ويخليكوا لبعض.
ابتسمت سارين في خجل تعانق والدة زوجها لم تشعر بالسعادة بقدر ما تشعر بها الآن تكاد تغرق فيها، تنظر لعثمان وهو يقف علي قدميه يتحدث مع هذا وذاك ضحكاته تصدح في المكان، يتشاكس مع والده وكأنهما طفلين يلعبان، اجفلت علي يده تمسك بيدها يجذبها معه لخارج المكان بأكمله يتوجهان الي السيارة، وهي تصيح فيه مدهوشة: - عثمان براحة يا عثمان، في اي يا عثمان بتجري بيا كدة، انت يا ابني هقع مش كدة.
تعالت ضحكاته وصل بها إلي سيارته ليجلسها جوار مقعد السائق ليجلس هو خلف المقود يشق الطريق بسرعة جبارة نظرت له مدهوشة تصيح في عجب: - في ايه يا عثمان، شدتني وجريت بين الناس هو دا ينفع بردوا ضحكت بخشونة ضحكات قوية شرسة، التفت لها برأسه، يغمز بطرف عينيه يغمغم في خبث: - فاكرة أنا وعدتك بإيه يوم جوازنا، إن جوازنا هيفضل علي ورق لحد ما اقوم علي رجلي واثبتلك حسن نيتي وإني مش بستغلك.
توسعت عينيها في خجل اغرق وجهها بماء الورد الجوري يكسيه بالكامل ليضحك هو من جديد، يغمز لها من جديد: - واديني اثبت حسن نيتي وقومت علي رجلي.
وضعت يديها علي وجهها من الخجل، ذلك الوقح هو عثمان الذي تعرفه قديما، كانت تظن أن كل شئ تغير فيه حتي وقاحته ولكنه أثبت العكس تماما، اوقف السيارة في جراش منزلهم تحرك يفتح لها باب السيارة، يحملها بين ذراعيه يتجه بها الي طابقهم نظرت للمصعد لتعاود النظر إليه رمشت بعينيها تهمس بصوت مبحوح من الخجل: - الأسانسير اهو حرك رأسه نفيا قاطعا دني بمقلتيه ينظر لعينيها نظرات طويلة عاشقة مال يهمس جوار اذنيها بشغف:.
- ما شلتكيش يوم جوازنا، وانتي لسه عروسة بالفستان، بس هشيلك دلوقتي، وهعوضك عن كل اللي صبرتي عليه معايا.. ابتسمت في سعادة تخفض رأسها خجلا، توجه ناحية باب منزلهم بصعوبة بالغة فتح الباب وهو يحملها يرفض تماما أن ينزلها من بين ذراعيه، تحرك بها الي الداخل يصفع الباب خلفه بعنف يسطر معها اولي صفحات عشق الصياد!
بعد رحلة طويلة، وصلت سيارته اخيرا الي المكان المتفق عليه أن يقابل جاسر هناك نزل من السيارة يصافح جاسر، اتجها معا الي مقهي قريب جلس أدهم أمام جاسر الذي بادر يسأله قلقا: - في ايه يا أدهم قلقتني، حصل حاجة تنهد أدهم يحاول تجميع ما سيقوله الآن سيكون صادما حقا خاصة وأن لا أحد في العائلة يعلم سوي عمه خالد، ابتسم في هدوء حمحم يردف:.
- أنا عارف إن اللي هقولهولك يبان صادم بس ارجوك ما تقاطعنيش، مراد أنا ومراد اخوات في لحظة شخصت عيني جاسر في ذهول حتي شعر أدهم أنها علي وشك أن تخرج من مكانها، ابتسم اجهزة في بساطة يحرك رأسه إيجابا يؤكد ما يقول يردف:.
- أنا عارف أنك مصدوم بس دي الحقيقة، ما حدش في العيلة يعرف بس الحقيقة أن أنا مش ابن حمزة السويسي بالدم، بالتبني، ولما كبرت، وقررت اعرف مين هما أهلي الحقيقين، غلطت غلطة كبيرة اوي بدفع تمنها لحد دلوقتي، بس مش دا موضوعنا، أنا عرفت أن مراد محبوس علي ذمة قضية شروع في قتلك دا صحيح.
كم الصدمات التي ألقاها أدهم في وجه جاسر الآن وضعته في موقف لا يحسد عليه، مراد صديق عمره الخائن شقيق قريبه ادهم، هي حقا حلقة مغلقة من العلاقات المتشابكة تبدأ حينما تظن انها انتهت اخيرا، تنهد جاسر حائرا يحرك رأسه إيجابا، تجلدت بنبرته بجفاء قاسي يتمتم في خواء: - زي ما أنت حكتلي، أنا بردوا هقولك الحقيقة أنا ومراد كنا اصدقاء عمر كامل، كنت بعتبره اخويا وصاحبي ودراعي اليمين، و.
وبدأ يقص علي أدهم كل ما فعله مراد به شاهيناز المطعم، محاولته لاختطاف شقيقته، يحكي في صلابة فارغة من الحياة لازال قلبه يتمزق كلما تذكر أن من فعل به كل تلك الأشياء هو صديق عمره، انهي جاسر كلامه ينظر لادهم الذي بانت إمارات الغضب والحزن علي وجهه شقيقه الأحمق خائن، دمه اسود قاتم ملئ بالحقد، تنهد حائرا يمسح وجهه بكفي يده، عاد ينظر لجاسر لا يجد ما يقوله إطلاقا، تنهد يغمغم في حرج:.
- جاسر أنا عارف اني ماليش وش زي ما بيقولوا اني اقولك خرجه، بس دا أخويا، وجدتي ست كبيرة، خبر زي دا ممكن يدمرها مش هتستحمله، جاسر أنا يعني عشمان في كرم أخلاقك وأنا اوعدك والله أنه مش هيتعرضلك تاني ابداا، لا إنت ولا اي حد من طرفك، من حقك ترفض طبعا، بس أنا عارفك يا جاسر أنت قلبك طيب، وصدقني والله مش هتشوف وشه تاني ابدا لآخر عمره.
صمت جاسر للحظات ينظر لادهم الجالس أمامه اضطربت حدقتيه يفكر أيعفو ويصفح، ام يترك ذلك الخائن ينال جزائه، يري نظرة الرجاء المختبئة في عيني أدهم، هو لم يكن يوما بالشخص القاسي ولكن ما فعله به مراد اسوء من ان يسامحه عليه، تنهد بحرقة يعزم أمره نظر ناحية أدهم يبتسم في هدوء يحرك رأسه إيجابا!