رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والسبعون
في الحارة، تحديدا في منزل السيدة منيرة أبعدت روحية منيرة عن أحضانها بعد أن هدأت من موجة بكائها العنيفة، مدت يدها تمسح دموع الفتاة بحنان يفيض من عينيها، امسكت ذراعيها تشد عليهما تتمتم في حزم: - خلاص يا روحية اللي راح، راح مش هتفضلي طول حياتك تبكي علي اللي فات، نبص لقدام، أنا لقيتلك شغل علي فكرة.
توسعت عيني روحية في ذهول تنظر لمنيرة مندهشة لتحرك الأخيرة رأسها إيجابا تؤكد كل حرف قالت تردف:.
- واحدة معرفة من زمان، بيتشتغل في عيادة دكتور بتدخل العيانين وتنظمهم بيقولوا عليها السكرتيرة دي، هتقعد من الشغل عشان عيالها التؤام في ثانوية عامة السنة دي وعايزة تركز معاهم في المذاكرة، جوزها ما شاء الله راجل كسيب وفاتح بيته ومكفيه وقالها كفاية كدة شغل مالوش لازمة، وقصدتني اشوف حد يجي مكانها، ها قولتي إيه.
توترت حدقتي روحية في حيرة يأكلها الخوف والفزع، بعد ما حدث لها باتت ترتعب من الناس نظراتهم أحاديثهم حتي رؤيتهم باتت تخيفيها، لن تسلم من ألسنتهم الحادة التي تلقيها بأقذع الكلمات، حركت رأسها نفيا بعنف ترفض الفكرة من أساسها، لتشد منيرة علي يدها تحادثها بحدة:.
- ما فيش حاجة اسمها لاء يا روحية، أنا مش هسيبك تدفني نفسك بالحيا، عيادة الدكتور أصلا في حتة بعيدة عن المنطقة دي بكل اللي فيها، ويبقي حد يفتح بوقه معاكي بربع كلمة.
طب ومراد، همست بها روحية بنبرة خافتة مفزوعة، لتشيح منيرة بيدها بلامبلاة تتمتم ساخرة: - انتي فاكرة أنه هيجي تاني، أنا سمعته بيتكلم في التليفون بيقول أنه مسافر ودا لما بيغيب بيقول عدولي، المهم انتي الست هتسيب الشغل آخر الاسبوع دا، فكري كويس ماشي يا روحية.
بالقرب منهم في غرفة أدهم علي فراشه يجلس هو يمد ساقه المكدومة، وتجلس هي علي مقعد يلتصق بالفراش وجهه مقابل لوجهها، مد يده يمسك بكف يدها يشبك أصابعه في أصابعها لترفع وجهها إليه ترميه بنظرات عتاب قاسية حزينة ليتنهد بحرقة يهمس لها بشغف:.
- والله بحبك، بحبك أكتر من روحي، سنين وأنا بتعذب بحب الناس كلها شيفاه حرام، يوم ورا يوم وانتي بتكبري قدام عينيا، وبيكبر عشقك في قلبي، بغير عليكي من روحي، أنا عارف اني غلطت، غلط كبير، خنت أبويا اللي رباني، لما حبيت بنته، بس غصب عني، باباكي لما اتبناني كان عندي 8 سنين كنت كبير وفاهم وعارف أن دا مش بابا، وانتي مش اختي، وغلطت تاني لما سمحت لشيطاني يتحكم فيا وكنت عايز انتقم من أبويا، أنا بتعذب كل لحظة بنار الندم كل ما بفتكر هو قدملي إيه وكنت هرد جميله بإيه، بحس إن أنا أسوء إنسان في الدنيا، بكره نفسي لأني فكرت حتي أني ااذيكي، سامحيني يا مايا، أنا ما فيش في ايدي اي حاجة غير اني اقولك سامحيني أنا آسف، أنا اقذر إنسان في الدنيا.
أنا بحبك، قاطعت سيل اعترافته وندمه الفائض بتلك الجملة القصيرة، فقط كلمة وضمير اخرستا لسانه، تفجرت دقات قلبه تدق قفصه الصدري بعنف تطالب بتحريرها، ملئت الدموع عينيه ليشعر بأصابعها تشد علي كفه، انهمرت دموع مقلتيها تهمس له:.
- من زمان وأنت كل حاجة ليا في الدنيا، من غيرك حاسة اني غريبة تايهة، حتي نفسي مش عرفاها، روحي بتدور علي اللي ضايع منها، عارف أنا دلوقتي عارفة أنا مين حاسة بروحي وكياني، لما بتبقي بعيد بحس إن أنا تايهة وسط الناس...
خطت دموعه فوق وجهه ينظر لها متوترا همس مرتبكا خائفا: - يعني سامحتيني مش كدة.
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا لتنهار جميع حصونه الزائفة اسرع يجتذبها يعتصرها بين أحضانه، يشدد علي عناقها بقلبه لا بذراعيه، انهمرت دموعه انهارا لا يجد ما يقوله لسانه يعجز عن الكلام وقلبه يعجز عن التوقف عن الصراخ فرحا، حلقة ناعمة من المشاعر تحلق بقلبه، حلقة تفتت فجاءة حين سمعها جملتها الخافتة الباكية: - هتوحشني يا أدهم هتوحشني أوي.
قطب جبينه متعجبا قلقا من جملتها ابعدها عنه ينظر لها يسألها متوترا: - ليه بتقولي كدة يا مايا، أنتي مش سامحتيني خلاص، كل حاجة هترجع زي ما كانت.
حركت رأسها نفيا بعنف صاحبه دموعها الغزيرة خرجت منها شهقة عالية تهمس بحرقة: - دي آخر مرة هشوفك فيها، بابا مصمم اننا نرجع دبي بكرة، حاولت اعترض علي قراره زعقلي وقالي هتسافري بمزاجك، او رجلك فوق رقبتك، عشان كدة كان لازم اشوفك علي الأقل اودعك.
أعطته الحياة السعادة للحظات قليلة لتعاود بقسوة سلبها منه ترحل تغادر بعيدا لن يراها مجددا بعد أن رآها أخيرا، قلبه بعد أن كان يصرخ فرحا، بات يصرخ ألما، قهرا، كمدا، حرك رأسه نفيا بعنف يحتضن وجهها بين كفيه يهمس لها ملتاعا: - ليه، أنا ما صدقت سامحتيني، ليه تبقي فرحتي عمرها قصير اوي كدة...
اخفضت رأسها ألما ما باليد حيلة، اندفع يطوقها بين ذراعيه من جديد ربما للمرة الأخيرة قبل أن تغادر بلا عودة، خرجت من بين شفتيه أهه ملتاعة ممزقة يشعر بها جوار قلبه تحتضنه وهو يفعل المثل، لحظات قبل أن يُفتح باب الغرفة بهدوء تاااام لم ينتبه له اي منهما، لم يسرق تلك اللحظات منهما سوي صوت حاد ساخر يعرفه كلاهما جيدا: - دا إيه المبالغة في المشاعر دي...
توسعت عيني مايا فزعا حين سمعت صوت والدها يأتي من خلفها مباشرة ابتعدت عن أدهم سريعا تنظر لوالدها بأعين حاجظة مذهولة، تنظر لعينيه الحادة المشتعلة غضبا، رفع يده يصفق ببطئ شديد يتمتم متهكما: - لاء برافو عليا حقيقي برافو، برافو يا حمزة عرفت تربي، بنتك في حضن راجل غريب علي سريره، معلش لو كنت قطعتكوا قبل ما تجيبوا آسر وياسمين...
ارتجف جسد مايا ذعرا تفكر في أسوء ما يمكن أن يفعل والدها في تلك اللحظات، انتفضت واقفة من جوار أدهم وقفت جوار فراشه تنظر لوالدها متوترة بينما لا تتغير ابتسامة أدهم التي ظهرت فجاءة علي شفتيه، اشار للمقعد المجاور لفراشه التي كانت تحتله مايا قبلا يغمغم في هدوء: - اهلا اهلا حمزة باشا اتفضل اقعد أنت مش غريب بردوا.
شد حمزة قبضته يرمي أدهم بنظرات قاتلة ذلك الفتي يطبق جيدا ما عمله هو، ولكن عذرا لن يتفوق التلميذ علي الأستاذ ابدااا، جذب حمزة المقعد يجلس فوقه يضع ساقا فوق أخري يرمي كلاهما بنظرات قاتلة شديدة الغضب يتمتم ساخرا: - ما غريب الا الشيطان يا راجل، دا أنا يا دوب، الراجل اللي رباك طول عمرك، أنا المغفل اللي بتقرطسه مع بنته...
انتفض قلب مايا خوفا وابتسامة أدهم كما هي لم تهتز حتي، كتف ذراعيه أمام صدره يغمغم مبتسما: - ليه حضرتك بتقول كدة، يعني حضرتك شوفتني بحضن مايا قدامك أكتر من ألف مرة وما كنتش بتضايق يعني.
انفجرت دماء حمزة غضبا لينتفض من مكانه يقبض علي تلابيب ملابس أدهم بقبضته اليمني فقط يصرخ فيه: - أنا اللي غلطان اني ربيت تعبان في بيته، اعتبرته إبني ما فرقتش بينه وبين بنتي، الغلطة غلطتي أنا، إني وثقت في عيل قذر زيك.
أنت جاي تتجهم علي ابن ابني يا راجل إنت، امشي اطلع برة، برة قبل ما ارقع بالصوت وألم عليك رجالة الحتة كلها.
صدر ذلك الصوت الحاد من منيرة الواقفة عند باب الغرفة تنظر لحفيدها مذعورة من هجوم ذلك الرجل عليه، التفت أدهم لجدته يتمتم في مرح: - بس بس اهدي يا جدتي، حمزة باشا أبويا اللي رباني من وأنا عيل صغير، يعمل اللي هو عايزه، روحي معلش اعمليله فنجان قهوة مظبوط.
نظرت منيرة لحمزة شرزا، لتغادر علي مضض عينيها معلقتين بأدهم، التفت حمزة لأدهم يبتسم ساخرا، يتمتم متهكما: - لاء أنا كدة اتثبت، ونعمة التربية حقيقي.
لفظ أدهم بعنف بعيدا عنه يتوجه ناحية مايا قبض على رسغ يدها يهمس لها بصوت خفيض حاد متوعد: - ورحمة أمك ما هتشوفي الشارع تاني بعد اللي عملتيه دا شدد كفه حول رسغ يدها يجذبها معه ما كاد يتحرك بها خطوة واحدة سمع صوت أدهم يردف سريعا: - ثواني يا حمزة باشا معلش في حاجة أنت كنت وعدتني بيها وما نفذهتهاش ودا عيب كبير في حقك.
توقف حمزة عن الحركة ليلتف خلفه نظر لأدهم مستهجنا يرفع حاجبه الأيسر ساخرا: - حاجة ايه يا أدهم بيه.
توسعت ابتسامة أدهم يتمتم بدهشة أجاد تصنعها: - نسيت يا باشا معقولة افكرك، يوم حادثة الأسانسير لما أنقذت مايا منه، قولتلي أنك مستعد تديني اي حاجة اطلبها مكفاءة لمسعدتي لبنتك.
نظر حمزة لادهم باشمئزاز، ترك يد ابنته يضع يده في جيب سترته يخرج دفتر صغير للشيكات، فتحه يلتقط قلمه عاد ينظر لأدهم يتمتم ساخرا: - عايز كام.
صمت للحظات طويلة رفع ادهم كف يده يشير لمايا الواقفة جوار الباب، ليعاود النظر لحمزة يتمتم مبتسما: - عايز مايا وقبل ما تفهمني غلط أنا عايز اتجوزها.
خرجت ضحكة عالية ساخرة من بين شفتي حمزة مزق ورقة من دفتر الشيكات يضعه في جيبه من جديد، خط بضع الكلمات علي الورقة يلقيها جوار أدهم، نظر له باستخفاف ليرفع سبابة يمناه يشير له من أعلي لاسفل يتمتم ساخرا:.
- أنت عايز تتجوز بنتي، بنت حمزة السويسي، أنت مين اصلا، حتة موظف لا راح ولا جه ساكن في حارة، أنت فين وهي فين ما تبصش فوق عشان رقبتك ما تتكسرش، خد القرشين دول، نظير مساعدتك لبنتي، غير كدة مش عايز اشوف خلقتك تاني.
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ينظر لابنته ولأدهم ينقل انظاره بينهما بات هو شرير الحكاية الآن من يحاول التفريق بين عاشقين خاناه بسكين الثقة التي اسلمهم إياها، دون حرف آخر قبض علي يد ابنته يجذبها خلفه للخارج متوجها بها الي سيارته، دفعها إلى أريكة السيارة الخلفية ليستقل هو مقعد السائق ينطلق إلي وجهته لا يسمع سوي صوت بكائها ونشجيها الحار.
في منزل خالد السويسي.
تهاوي بجسده علي الأريكة يخفي وجهه بين كفيه، عقله متوقف يعجز عن تفسير ما حدث ويحدث الآن، لينا لم تتفهم طريقتها الغريبة، نظراتها حتي كلامها، كأنها أخري غير التي أحبها وتزوجها وهام بعشقها جنونا، يعذرها يعطيها كامل الحق لما تفعل، لن يتركها مهما حدث جاسم بالطبع سيفعل ما بوسعه ليفرقهم وهو حقا لن يسمح، في خضم موجة افكاره المبعثرة الحزينة، نسي شيئا، توسعت عينيه فزعا هب واقفا يصفع جبينه براحة يده يتمتم متلهفا:.
- حسام!
خرج يهرول إلي سيارته استقلها ينهش الطريق تحت عجلات السيارة، انتشل هاتفه يطلب رقم صديقه، لحظات وسمع صوت الخط يُفتح قبل أن ينطق بكلمة واحدة بادر خالد يتمتم بنبرة ممزقة: - محمد أنا محتاجلك يا محمد، أنا رايح على مستشفي (، ).
قاطعه محمد قبل أن ينطق بحرف آخر يغمغم سريعا: - مسافة السكة وهبقي عندك، كل حاجة هتبقي تمام، اهدي، أنا جايلك.
اغلق محمد الخط وخالد يلتهم الطريق إلي المستشفى، حسام لينا ابنته زيدان شهد صور كثيرة متداخلة تمر أمام عينيه، يشعر بالعجز بل هو والعجز سيان في تلك اللحظة اغشت طبقة حارقة من الدموع مقلتيه، صدم قبضته بعنف في المقود تنهمر دموعه قلبه يحترق مع دموع عينيه، تسارعت دقات قلبه يشعر بألم بشع يغزو صدره، جذب رابطة عنقه يرميها بعنف يفتح ازرار قميصه الأولي يحاول التقاط أنفاسه، لا يعرف حتي كيف وصل للمستشفي، اوقف السيارة نزل سريعا يسأل عن رقم الغرفة اخبرته بها موظفة الإستقبال، ليأخذ طريقه سريعا إلي الطابق الثاني الغرفة 234، لم يستمر البحث طويلا وجد حسام يجلس علي أحد المقاعد أمام أحدي الغرف هرع إليه يسأله متلهفا:.
- حسام أنت كويس، طمني شهد عاملة إيه.
لحظات صمت طويلة قبل آت يرفع حسام وجهه ويري خالد عينيه الحمراء ككرات دم انفجرت دموعه التي تغرق وجهه وجهه الشاحب، ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي حسام يتمتم متهكما: - أنت لسه فاكر تسأل...
ابتلع خالد لعابه متوترا ينظر لحالة إبنه المذرية، بينما رفع حسام يده يشير إلي باب الغرفة المغلقة أمامه انهمرت دموعه يتمتم بحرقة:.
- أمي لو حصلها حاجة أنا مش هسامحك عمري كله، امشي مش عايز اشوفك، روح للينا هانم، هي أغلي عندك من الكل، مستعد تدوس علي الكل عشانها، حتي أمي أنا اذيتها ودوست عليها عشانها، وأنا استحملت ورضيت اني ابقي ابنك في الدري عشان خاطر الهانم، سيبت أمي بتموت وجريت ورا الهانم، امشي من هنا روحلها، أنا مش عايز اشوفك.
مد خالد يده يحاول أن يربت علي كتف إبنه عله يهدئ قليلا، ليدفع حسام يده بعنف هب يصرخ فيه بحدة: - بقولك امشي من هنا، أنت ما بتفهمش.
تنفس خالد أنفاس عميقة يحاول بها السيطرة علي أعصابه الثائرة من وقع كلمات ذلك الارعن، تحرك يجلس علي المقعد المجاور له جذب كف يده بعنف ليعاود الجلوس، ابتسم يتمتم في هدوء: - لاء فاهم ومقدر الحالة اللي أنت فيها كويس، والا كنت رقدتك في سرير جنب أمك وكان زمانهم بيدوروا علي دكتور يعالجك يا دكتور...
نظر حسام له نافرا ليعاود إخفاء وجهه بين كفيه يدعي لوالدته إن يمر الأمر دون أن يخسرها منذ ساعات طويلة وهي داخل الغرفة يكاد يموت خوفا عليها، اخيرا سمع صوت الباب يفتح هب يهرول ناحية الطبيب الذي خرج توا يسألها متلهفا كطفل صغير خائف: - طمني عليها، ماما كويسة ارجوك قولي آه.
نظر الطبيب له مشفقا، تنهد يهمس في حذر: - للأسف حالة القلب صعبة ما ينفعش معاها علاج، لازم يتعملها عملية في أسرع وقت، وللأسف بردوا نسبة نجاحها قليلة.
صدمة تليها أخري تقع علي رأس حسام عينيه علي وشك أن تخرج من مكانها قلبه توقف عن النبض صمتت جميع الأصوات من حوله حتي الطبيب ما عاد يسمع ما يقول اغمض عينيه تنهمر دموعه ليسمع صوت والده العزيز يحادث الطبيب قائلا: - بكرة الصبح هتسافر لمستشفى (، ) في لندن هما مجاهزين كل حاجة ومستعدين للعملية...
اومأ الطبيب برأسه إيجابا يتمتم في هدوء: - يكون افضل بردوا، والمستشفى هتكون تحت امركوا بعربية إسعاف مجهزة لحد المطار... غادر الطبيب، ليلتفت حسام لخالد يسأله محتدا: - أنت كنت عارف أنها تعبانة؟! حرك رأسه إيجابا ببطئ تنهد بحرقة يحادثه بترفق مراعاة لحالته المتأزمة: - عرفت منها من فترة بسيطة، ووصتني ما اقولكش.
ارتسمت ابتسامة ساخرة كبيرة علي شفتي حسام يقهقه متألما عاود ينظر لوالده انهمرت دموعه بعنف يصرخ حاقدا: - ولما عرفت عملت إيه ولا حااااااجة، قولت اسيبها تموت اهو بالمرة اخلص منها ومن الذنب اللي لافة رقبتي بيه، أنا بكرهك، بكرهك أكتر مما تتخيل.
حسام اهدي يا حسام، اهدي يا صاحبي، اندفع زيدان سريعا يقف حاجزا بين حسام وخالد يمسك بذراعي حسام يحاول تهدئته، انهار حسام باكيا ما أن رأي صديقه ليرمي بما به من خوف وقلق وهم علي كتف صديقه رمي نفسه بين ذراعي زيدان يصيح بحرقة: - امي هتموت يا زيدان، أنا مش هعرف اعيش من غيرها، مشيه من هنا قوله يمشي، مش عايز اشوفه.
اسرع زيدان يسند صديقه يربت علي رأسه برفق كأنه طفل صغير، بينما يقف خالد بالقرب منهم قلبه يتفتت إلي شظايا تدمي روحه وصوت بكاء حسام يعلو، اقترب منهم خطوة واحدة ليحرك زيدان رأسه نفيا سريعا يخبره إلا يفعل، وقف يقبض كفه يمنع نفسه بصعوبة من انتشال طفله إلي أحضانه، اجفل علي يد وضعت علي كتفه نظر للفاعل ليجد محمد صديقه ابتسم ما أن رآه، ليمسك محمج كفه يجذبه ليتحرك معه دون ادني مقاومة، لمحت عينيه وهو يغادر فتاة تقف بالقرب منهم، تلك الفتاة رآها قبلا ولكنه حقا لا يتذكرها الآن تقف تنظر لهما مشفقة تحتضن سترة زيدان بين ذراعيها، تحرك بصحبة صديقه إلي حديقة المستشفي جلس جواره علي أحد مقاعد الإستراحة صامتا للحظات طويلة لا يجد ما يقوله عينيه ثابتة جافة من الحياة، مرتكزة في الفراغ السرمدي الي ما لا نهاية تصل معاناته، اجفل علي حركة يد صديقه يربت علي كتفه، ليضع رأسه علي كتف صديقه الجالس جواره، زفر نفس حار يحرق احشائه، سمع صوت محمد يسأله في رفق:.
- إيه اللي حصل.
دون جهد يذكر تحرك لسانه يخبر صديقه بكل ما حدث منذ أن رأته لينا في منزل شهد إلي تلك اللحظة، انهي ما يقول لترتسم علي شفتيه ابتسامة معاناة لا تعبر عن ذرة ألم واحدة بداخله يتمتم ساخرا من حاله: - لينا بقت بتكرهني، وحسام بقي بيكرهني، وشهد هتموت بسببي، يا ريت أنا اللي اموت واريح الكل.
بعد الشر عليك يا خالد ما تقولش كدة، نطقها محمد سريعا ليمسك بذراعي صديقه يحادثه بحزم: - كل حاجة هترجع لمجراها الطبيعي، خليك جنب حسام ومعلش استحمل اي كلام هيقوله دي والدته بردوا، وأنا هروح للينا لو هي رافضة تسمع منك هتسمع مني أنا، اجمد كدة دا أنت شيخ الشباب يا راجل، مش عيل سيكي ميكي ولا ناسي.
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتي خالد يومأ برأسه إيجابا ليربت محمد علي كتفه بحزم، ومن ثم تحرك يغادر متجها الي منزل جاسم مباشرة، بينما عاد خالد إدراجه الي حيث يوجد حسام، اقترب منهم ليجد زيدان في المنتصف بين حسام وتلك الفتاة جلس علي أحد المقاعد المقابلة لهم يفصل بينهما الممر الطويل، ينظر ناحية إبنه نادما، بينما ينظر الأخير ناحية باب غرفة والدته المغلقة يدعو لها في كل لحظة.
في مكان آخر يبعد كثيرا عن سابقه في منزل حقا ضخم، حديقة كبيرة، مسبح ضخم وفي الداخل منزل واسع يتكون من طابقين ( فيلا ) فاخرة فخمة بكل ما تعنيه الكلمة من معني تجلس بدور في الصالة الضخمة امام شاشة تلفاز عريضة تنام الصغيرة سيلا علي قدميها، بينما يلعب الصغير خالد ارضا بالكثير والكثير من الألعاب الغالية ، شردت عينيها لا تعرف أهي سعيدة أم لا هي حقا راضية، يكفي ما قدمه لها إلي الآن، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها حين تذكرت ما حدث صباحا باكرا.
Flash back - مبروك يا مدام حمزة السويسي...
ترددت تلك الجملة في عقلها عدة مرات سريعة متتالية لتوقظها رغما عنها من ثباتها العميق، فتحت عينيها ببطئ شيئا فشئ، رفعت يدها تمسد جبينها تشعر بألم حاد يطرق في رأسها، لحظات وتوسعت عينيها حين بدأت تدرك أين هي، تلك ليست غرفتها ابداا، نظرت جوارها سريعا لتجد حمزة نائما جوارها، لحظات وبدأت ذكريات الليلة الماضية تقتحم عقلها تخبرها بحقيقة ثابتة لا تقبل مجالا للشك أنها باتت زوجة ذلك النائم جوارها بكل ما تعنيه الكلمة من معني، ابتلعت لعابها قلقة علي طفليها وخاصة سيلا الصغيرة كيف تنام بعيدا عنها، الصغيرة تستيقظ كثيرا ليلا، انقبض قلبها خوفا علي صغيرتها، رغبت في التحرك سريعا تتوجه إلي غرفتها، لتشعر بيده تمسك رسغ يدها شهقت متفاجئة تنظر له لتقابل ابتسامته الناعسة، اعتدل في جلسته يفرك عينيه ابتسم يتمتم ناعسا:.
ابتسم من جديد يزيح خصلة كبيرة غطت وجهها عن عينيه يحادثها برفق: - ما تقلقيش علي سيلا، أنا روحت اطمن عليها بليل، لقيت لينا مرات خالد واخداها تبات معاها.
ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها إيجابا، أرادت ان تتحرك من جديد لتجده يسمك بيدها من جديد، التفتت له تلك المرة تناظرها بنظرات متعجبة ليبتسم ينطق بكلمة واحدة: - ندمانة؟
ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه تنهد يتمتم في تروي: - عشان كلمة حضرتك اللي أنتي لسه قيلاها دي، بدور أنا عارف إن لسه في بينا حواجز كتير وأنا تجاوزت كل دا باللي حصل بس...
قاطعته حين ابتسمت ابتسامة متوترة مرتعشة تحرك رأسها نفيا تتمتم بخفوت مرتبكة: - ما حصلش حاجة لكل دا، دا حقك.
قطب جبنيه غاضبا من تلك الكلمة التي نطقتها توا، ليمسك بكفيها بين كفيه رفعت وجهها له حين سمعته يهتف سريعا: - حتي لو يا درة، أنا ما ينفعش افرض نفسي عليكي بأي شكل من الأشكال، انتي بالنسبة لي درة يا درة، فهماني.
ارتسمت ابتسامة خجولة علي شفتيها تؤما برأسها إيجابا حمحمت بخفوت تسأله: - هو احنا بردوا هنسافر.
حرك رأسه نفيا، لتتوسع ابتسامتها مد كفه يبسطه علي وجنتها يغمغم مبتسما: - لا يا ستي مش هنسافر، أنا قررت اننا نستقر هنا، واشتريت بيت وجهزته من كله وبصفي شغلي عشان انقله هنا، عشان خاطر عيونك أنتي ومايا.
توسعت ابتسامة حمزة الخبيثة يحرك رأسه نفيا يغمغم في مكر: - لاء خليكي عايز اعمل فيها مقلب.
ضحك بشر مضحك، ليتحرك من جوارها ارتدي خفيه ليتحرك إلي خارج الغرفة، قامت خلفه سريعا تقف عند باب الحجرة من الداخل تحاول أن تعرف ما سيفعل لحظات وسمعته يزمجر غاضبا: - اسمعي يا بنت حمزة اللي اقوله يتنفذ من غير نفاش، مش هعرف امشي كلامي عليكي ولا ايه، بكرة الصبح تكوني جاهزة بشنطك، بمزاجك، او رجلك فوق رقبتك هنمشي بكرة.
رأته يخرج من غرفة ابنته يصفع بابها بعنف خلفه لتتوسع عينيها في صدمة لما فعل ذلك، وقفت مقابلة له ما أن دخل إلي الغرفة تسأله مدهوشة: - ليه زعقتلها كدة، وبعدين دا مقلب وحش جداا، لو سمحت روح قولها أننا مش هنسافر، او أنا هروح اقولها، مايا حساسة وبتتأثر بأي حاجة.
ابتسم ينظر لها سعيدا، احسن الاختيار حقا بدور تحب ابنته وتخاف عليها، لحظات وانفتح باب غرفة مايا بعنف تخرج تهرول الي الخارج لتلتفت بدور إلي حمزة تردف سريعا: - شوفت اهي خرجت زعلانة، ألحقها بقي وقولها أنك بتهزر معاها، ما تزعلهاش عشان خاطري يا حمزة.
توسعت ابتسامته الواسعة من الاساس ليلف ذراعه حول كتفيها يغمغم سعيدا: - قولي يا حمزة تاني كدة، حاضر يا ستي عشان خاطرك، البسي ولبسي الولاد، هوصلكوا علي البيت، وهروح لمايا الشغل افهمها اللي حصل...
حركت رأسها إيجابا سريعا تتحرك بتلهف بدلت ثيابها هي والأولاد ضبت حقائبها أغلق آخر حقيبة تضعها أرضا في لحظة دخول حمزة الغرفة نظرت للحقائب نظرات حادة غير راضية رفع وجهه لها يتمتم: - هاتي سيلا اشيلها وامسكي خالد في إيدك وسيبي الشنط دي مش هناخد حاجة منها، أنا جايبلكوا هدومي ليكي وللولاد هناك.
وقبل أن يعطيها فرصة للرد تقدم يحمل الصغيرة ليخرج من الغرفة، وقفت للحظات لا تعرف ما تفعل تنهدت تزفر أنفاسها الحائرة لتمسك بيد طفلها تلحقه، نزلت لأسفل لتجد خالد يبدو أنه استيقظ توا، ابتسم ناعسا ما أن رآها، ليقترب منها يقبل جبينها يتمتم مبتسما: - خلاص هتمشوا.
حركت رأسها إيجابا تبتسم له ليميل يحمل خالد الصغير يقبل وجنته وجبينه يحتضنه، نظر لحمزة يتوعده قائلا: - حمزة نصيحة تخلي بالك منهم، عشان لو وزعلتها هنسي أنك اخويا وهزعلك أوي.
ابتسم حمزة ساخرا يردف: - خلاص يا أبو البنات، يلا يا درة عشان ما نتأخرش.
ودعت بدور خالد لتقترب من حمزة يتحركان للخارج لينظر خالد لحمزة يتمتم مشمئزا: - درة، رايح جاي يقول يا درة كاتك الأرف في دلعك اللي شبه وشك.
سمع صوت حمزة يأتي من بعيد يصيح حانقا: - سمعتك علي فكرة.
ضحك خالد ساخرا ليعلو بصوته هو الاخر: - ما أنا قاصد أنك تسمعني علي فكرة، يلا ياض غور من هنا مش عايز اشوف خلقتك تاني... ضحكت بدور علي ما يحدث بينهما جلست علي المقعد جوار حمزة تنطلق بهم السيارة الي وجهتهم، ساعة ويزيد إلي أن توقفت السيارة في تلك الحديقة الكبيرة، توسعت عينيها في دهشة، تنظر حولها تغزو ابتسامة واسعة ثغرها، ليلف هو ذراعه حول كتفيها يسألها مبتسما: - عجبتك الجنينة.
حركت رأسها إيجابا سريعا، تتحرك معه للداخل، والداخل لم يكن أقل رقي بل أزيد المكان حقا أكثر من رائع، تقدمت للداخل في تلك اللحظات دق هاتف حمزة، أجاب سريعا كل إن وقعت عينيه علي اسم المتصل يغمغم متلهفا: - ايوة يا ماهر، أدهم كويس حصله حاجة.
احمرت عينيه فجاءة بغضب اخافها لتسمعه يصيح غاضبا: - أنت متأكد أنها مايا، طيب خليك عندك أنا جاي حالا.
ودون أن ينطق بحرف كان يهرول إلي سيارته ينطلق بها سريعا الي حيث لا تعلم هي.
Back اجفلت من شرودها الطويل علي صوت باب المنزل يُفتح ويدخل حمزة يسبقه صوته الغاضب: - ادخلي يا هانم للدرجة دي ما عرفتش اربي..
وضعت بدور سيلا علي الاريكة لتهرول ناحيتهم سريعا وقفت حاجزا بين مايا وحمزة تصيح سريعا قلقة علي الفتاة: - اهدي يا حمزة براحة عليها، حصل إيه.
نظر حمزة لمايا نظرات قاتلة حادة، ليمد يده ينزع حقيبة أخرج هاتفها منها ليلقيه أرضا ليتهشم الأخير الي فتات نظر لها يصيح محتدا: - وادي الزفت شوفي بقي هتكلميه ازاي وحسك عينك اشوفك خارجة برة باب الفيلا أن شاء الله حتي للجنينة...
نظرت مايا له كارهة لتصرخ بقهر: - أنت فاكر أنك كدة هتبعدني عنه، أنا بحب أدهم وهو كمان بيحبني، أنت اللي جمعتنا الأول، مش هخليك تبعدنا تاني.
اشتعلت أنفاسه غضبا لينظر لزوجته يصيح فيها: - بدوور خديها من وشي عشان أنا لو فقدت أعصابي هموتها في أيدي.
اسرعت بدور تجذب مايا بعيدا تهمس لها سريعا بتلهف قلقة: - تعالي يا مايا، تعالي يا حبيبتي، وكل حاجة هتتحل، سيبي بس بابا يهدي.
جذبت بدور مايا تصعد معها إلي أعلي، تهاوي حمزة علي أحد المقاعد يتنفس بعنف يمسح وجهه يكفيه بعنف، اخفي وجهه بين كفيه يتذكر جملة ابنته التي اعادت فتح دفاتر ذكريات قديمة ( واكيد أنت نفسك غلطت ) نعم هو أخطأ حقا أخطأ وجاءت ابنته لتحاسبه علي ذلك الخطأ.
في منزل جاسم الشريف، اسدل الليل استاره وهي كما هي منذ أن جاءت وهي تجلس علي مقعد صغير في الحديقة تنظر للفراغ نظراتها ثابتة جافة من الحياة يمر شريط حياتها أمام عينيها تنظر لكل لحظة فيه، منذ البداية إلي الآن، تبحث عن مقاطع سعادتها، لم تزرف دمعة واحدة، قلبها يبكي كمدا وعينيها ثابتة كالجليد، لا تذيبه حرارة قلبها الباكي، تزوج، متزوج، ذهب لاخري بعد كل ما حدث بينهما حب بل تعدوا تلك الكلمة، حياة سنوات، عشق، جنون، مرا سويا بالأسوء قبل الأسعد كانت جواره في كل لحظة، لم تتخلي عنه في أكثر لحظات حياتهم سوءً، كيف يفعل بها ذلك، كيف يسمح لها قلبه بأن يقتل قلبها وهو يلقي بعشقهما بعيدا ويذهب لاخري، لما فيما أخطأت ليفعل ذلك، لأنها نصف أنثي كما أخبرتها والدته مرارا وتكرارا، لا تقدر علي إنجاب ولي العهد الذي سيحمل إسم العائلة فاختار أن يتزوج، اختار أن يسحث قلبها بحذائه دون أن يرتف له جفن.
اجفلت من عاصفة مشاعرها علي صوت والدها حين جذب المقعد المجاور لها جلس يتمتم ساخرا: - أنتي هتفضلي قاعدة كدة، أنا قولتلك من الاول أنه عامل مصيب وأنتي فضلتي تقوليلي حرام عليك يا بابا أنت دايما كدة ما بتحبش.
ارتسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تحرك رأسها إيجابا، ليخرج والدها ورقة من جيب حلته يفتحها امامها يضع فوقها قلمه قطبت جبينها تنظر للورقة متعجبة لتعاود النظر لوالدها الذي بادر قائلا: - توكيل، امضي يلا عشان من بكرة هرفع عليه قضية خلع وحياتك عندي لالففهولك محاكم مصر كلها، اخليه يقول اريد حلا.
ضحكت لينا ساخرة، قبل أن تحرك رأسها نفيا أزاحت القلم والورقة ناحية والدها تردف بنبرة خاوية: - أنا مش هرفع قضية علي خالد يا بابا أنا هخليه يطلقني.
نظر جاسم لها محتدا غاضبا كور قبضاه يصيح فيها: - لاء يا لينا انتي مش هتخليه يطلقك، انتي هتستنيه يجي ياكل عقلك بكلمتين زي كل مرة عشان تسامحيه وتروحي معاه وكأن ما فيش حاجة حصلت مش كدة.
حركت عينيها تعاود النظر لنقطة ما في الفراغ تهز رأسها نفيا تردف بذات النبرة الخاوية: - لاء مش كدة، لينا اللي كانت بتسامح وتغفر خلاص راحت، حاسة أنها ماتت جوايا، أنا حتي مش عارفة اعيط، حاسة أن قلبي مات منه اي شعور ناحيته، أنا مش هرفع قضية خلع عليه عشان بس العشرة والسنين الكتير اللي يينا، بس أنا مش هرجعله تاني ابداا...
أغمضت عينيها تحاول حتي البكاء أن تزرف دمعة واحدة دون فائدة، تنهد جاسم حزينا علي حالها توعد لخالد بالانتقام علي ما فعل بابنته، تحرك من مكانه تنهد يتمتم: - أنا هجبلك كوباية عصير واخلي الخدامين يعملولك اكل انتي ما كلتيش حاجة من ساعة ما جيتي.
تحرك جاسم لذلك المنزل مرت دقائق قبل أن تتوقف سيارة محمد في حديقة المنزل، ابتسمت ساخرة ما أن رأته بالطبع كان سيأتي، تقدم محمد يحتل المقعد مكان والدها ابتسم يحمحم في هدوء مردفا: - ازيك يا لينا عاملة إيه.
اشاحت بوجهها بعيدا عنه ابتسمت تتمتم ساخرة: - أكيد أنت عارف أنا عاملة ايه زي ما أنا عارفة أنت جاي ليه، وريح نفسك عشان خلاص الموضوع خلص.
نقر محمد بأصابعه علي سطح الطاولة امامهم ابتسم يردف في ثقة: - لاء يا لينا ما خلصش، لسه بدري أوي علي الموضوع يخلص، لينا تفتكري ليه ممكن واحد زي خالد بيعشقك ممكن يتجوز عليكي ايه السبب الرهيب اللي يخليه يقرر فجاءة بعد ما عدي الخمسين أنه يتجوز، اتجنن ما هو دا حلها الوحيد والحمد لله خالد عاقل لسه ما اتجننش.
كورت قبضتها تغزر أصابعها في كفها تشد علي أسنانها تتنفس بعنف تتذكر مشهده في أحضان تلك السيدة، ليكمل محمد ما يقول: - يبقي اكيد في سبب قوي يخليه يعمل كدة...
التفتت لمحمد تناظره بحدة لتصيح غاضبة: وأنا مش عايزة أعرف ايه هو سببه، المهم النتيجة أن صاحبك اتجوز عليا، رمي كل اللي بينا داس عليه بجزمته وراح اتجوز وأنت جاي تقولي أكيد ليه سبب قوي يولع هو وسببه خلاص صاحبك ما بقاش فارق معايا.
تنهد محمد يآسا يتمتم في مرح: - خالد طبع عليكي، ايه يا بنتي العصبية دي كلها ما كنتيش كدة عادت تشيح بوجهها بعيدا، ليتنهد هو يكمل بهدوء:.
- يا لينا انتي عارفة حكاية شهد واكتر واحدة عارفة احساس خالد بالذنب ناحيتها معذبه ازاي، شهد استغلت الموضوع دا اسوء استغلال، اشترطت عشان يسامحها انه يتجوزها، صدقيني أنا وهو حاولنا معاها كتير، بس هي رفضت كل الحلول، حتي جواز خالد منها كان علي الورق بس، خالد ما لمسهاش، يا لينا خالد بيحبك وانتي ادري واحدة بحبه ليكي...
حركت رأسها نفيا بعنف تصيح بحرقة: - لاء يا محمد لينا اللي كانت بتسامح بح خلاص، أنت قولت زمان معلش يا لينا لكل جواد كبوة، وكبوة صاحبك عدت، رصيده في السماح خلص، خليه يطلقني بالذوق احسنله.
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي محمد يتحدث بمرح يحاول تخفيف وقع ما يحدث: - طب ما ينفعش اشحنله أنا رصيد في السماح.
ابتسمت لينا باصفرار علي مزحته السخيفة، ليأتي جاسم في تلك اللحظة يحمل كوب عصير من فاكهة البرتقال وضعه أمام ابنته نظر لمحمد يتمتم ساخرا: - هو دا اللي أنت فالح فيه يا محمد، تطبل لخالد، تطلعه ملاك ما بيغلطش، حتي لو هو الشيطان بذاته.
نظر محمد محتدا لذلك العجوز الواقف أمامه يشد علي أسنانه، رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيه يكتف ذراعيه أمام صدره يتمتم في ثقة: - ايوة أنا صاحبي ملاك وما بيغلطش وما غلطش يا جاسم، وحاسب كدة أحسن أجنحته تدخل في عينيك.
اشتعلت عيني جاسم غاضبا ليصيح في الجالس أمامه: - طب اسمع بقي يا أبو جناحات أنت وصاحبك، قوله يطلقها بالذوق بدل ما اخلي سيرته علي كل لسانه، خالد باشا المخلوع.
تعالت ضحكات محمد، وقف من مقعده ينظر للواقف أمامه يتمتم ساخرا: - أنت سامع نفسك يا جاسم، أنت عارف أنت بتتكلم عن مين طيب، خالد باشا السويسي...
مد محمد يده يربت علي كتف جاسم يبتسم في ثقة: - جاسم خالد مستحملك وبيحميك عشان لينا، فاكر آخر كذا قضية بتوع تجار المخدرات، اللي كانوا متفقين علي موتك لولا خالد كان زمانك الله يرحمك، ما تشعللهاش عشان أنت مش هتقدر تطفيها، سلام يا لينا، هجيلك تاني.
قالها ليتوجه إلي سيارته وتشتعل عيني جاسم حقدا يعزم في نفسه علي تنفيذ ما نوي.
تجاوزت الساعة الثانية عشر ليلا، الجميع نيام بالطبع نيام، فتحت باب غرفتها بهدوء شديد تتحرك علي اطراف أصابعها تنزل الي أسفل تحتضن حقيبة ملابسها، نزلت الي الطابق السفلي لتتوجه الي المطبخ، من الباب الخلفي ستهرب من الجيد أن الخدم رحلوا، فتحت باب المطبخ تركض للخارج خارج المنزل والمكان بأكمله تهرول بعيدا تهرب من عشق مؤلم قاتل فتت روحها، تسابقها دموعها في الهرب بعيدا بعيدا لن تعود من جديد، إلي أين لا تعرف ولا يهم لاقت ما يكفي ويفيض...
بينما في احدي غرف المنزل في الشرفة تحديدا وقفت شاهيناز تراقب سهيلة وهي تفر بعيدا تقطم تفاحة في يدها تنظر لها مستمتعة متشفية، انتظرت الي أن اختفت تماما بعيدا من أمام عينيها، لترسم الفزع علي قسمات وجهها توجهت لفراش جاسر توقظه بتلهف تصيح فيه: - جاسر اصحي يا جاسر، اصحي يا جاسر في مصيبة.
حركت رأسها إيجابا سريعا تغمغم فزعة: - الحق سهيلة، أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت! منك لله يا شاهيناز الكلب.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والسبعون
- الحق سهيلة، أنا شوفتها دلوقتي ماسكة ايد غريب كان بيبوسها في الجنينة وبعدين هربت معاه شوفتها بتجري هي وهو بيهربوا من البيت احمرت مقلتيها سعير من نار الجحيم استوطن في حدقتيه نفرت عروقه توسعت عينيه ليهب من فوق فراشه كبركان انفجر فجاءة، توجه ناحية دولاب ملابسه يلتقط سلاحه، خرج نن الغرفة يهرول يزمجر بصوت حاد عالي كالرعد: - سهيلة، موتك علي ايدي.
خرج غيث وصبا كل من غرفته علي صوت صراخه يتبعهم رشيد وشروق الجميع يصيح فيه متعجبين: - في ايه يا جاسر، حصل إيه يا ابني، بتصرخ ليه يا ابني اندفع بخطواته ناحية غرفة سهيلة يريد دخولها ليشعر بحرارة لاهبة تحرق جسده ما أن اقترب من غرفتها، لم يقدر علي الأقدام ولو حركة واحدة للامام، وقف مكانه وجه عينيه الي صبا يصيح فيها: - صبا خشي شوفي سهيلة في اوضتها ولا لاء.
نظرت صبا لأخيها خائفة من عينيه الحمراء صراخه المخيف ابتلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا هرولت سريعا ناحية غرفة سهيلة دخلتها، تهرول لتتوسع عينيها في فزع حين رأت الغرفة فارغة تماما، دولاب الملابس مفتوح علي مصراعيه خالي من اي ملابس، وورقة كبيرة ملقاه فوق سطح الفراش التقطتها تقرأ ما خط عليها لتتوسع عينيها فزعا لطمت خدها الأيسر بيسراها، لتغلق الورقة سريعا حين سمعت أخيها يصيح باسمها، هرولت إلي خارج الغرفة تقبض علي الورقة في يدها وقفت بالقرب من اخيها تمد يدها له بالورقة تغمغم متوترة:.
- الحق يا جاسر، سهيلة هربت وسابتلك الورقة دي انتزع منها الورقة بعنف لم يهتم فيما بداخلها فقط دسها في جيب سرواله، لينزل الي أسفل سريعا خرج الي الحديقة يصيح باسماء غفراء والده: - يا أمام، يا عوض، يا حسين هرول إليه الغفراء وقفوا أمامهم ليصرخ فيهم: - سهيلة هربت تقلبوا البلد وتلاقوها، لو رجعتوا من غيرها هضربكوا انتوا بالنار، فاااااهمين.
نظر الثلاث رجال الي بعضهم في توتر، ليتحركوا من أمامه سريعا، بينما عاد هو الي الداخل يتحرك في صالة بيته كليث حبيس غاضب، يتمتم بصوت حاد قاسي: - هقتلها، هموتها، هدفنها بالحي، بس احط ايدي عليكي يا سهيلة.
الجميع ينظر له في صدمة عقدت ألسنتهم عن الحديث، عدا رشيد الذي تحرك بهدوء ينزل لأسفل وقف بالقرب من جهاز راديو قديم ورثه عن والده، فتح تردد إذاعة القرآن الكريم، يقطع شكه باليقين، حين رأي عيني جاسر اشتعلت غضبا، اقترب من جهاز الراديو يركض نزع المقبس من الكهربا يصرخ غاضبا: - مش عايز اسمع حاجة أنا في ايه ولا ايه، الراديو دا ما يشتغلش ابتسم رشيد في هدوء يحرك رأسه إيجابا ينتظر ما سيحدث.
علي ذلك الحال يجلس منذ ساعات عينيه معلقتين بغرفة والدته يرفض الطعام حتي الماء لم يشربه، زيدان يجلس جواره يحاول التخفيف عنه ولكن بلا فائدة، حسام حاله كما هو، بل يزداد سوء، وخالد يجلس يراقب طفله الذي علي حافة الانهيار قلبه يتفتت عليه شظايا تقتل روحه المنهكة التعبة، لم يكن حال انجليكا افضل، بدأت تشعر بالدوار والنعاس معا، مالت تضع رأسها علي كتف زيدان تتمتم بخمول ناعس:.
- زيدان أنا تآبنة زيدان، آيزة أنام التفت زيدان برأسه ينظر لتلك التي احتلت كتفه تنظر له، نظرات بريئة ناعسة، تنهد حانقا ما كان عليها أن تأتي معه ولكن ماذا يفعل بعندها طفلة صغيرة ذات رأس صلب، تنهد من جديد يحرك رأسه إيجابا، لا يعرف حتي ما يفعل، انقذه قدوم أحدي الممرضات وقفت تنظر لهم مدهوشة تتمتم في عجب:.
- حضرتكوا قاعدين ليه، مالوش لزوم وجدكوا هنا خالص، المريضة في العناية المركزة وممنوع حد يدخلها، اتفضلوا روحوا أفضل حرك زيدان رأسه إيجابا يؤيد الفكرة بشدة التفت لصديقه يقبض علي كفه يحادثه برفق: - قوم يا حسام نروح، الممرضة عندها حق مالهاش لزوم قعدتنا كدة حرك حسام رأسه نفيا يتنفس بعنف يوجه انظاره الي غرفة والدته يتمتم رافضا: - أنا مش همشي من هنا، مش هسيب أمي، مش هتحرك من مكاني.
تنهد زيدان يآسا ينظر لخاله يخبره بنظراته أن يجد حلا، حرك خالد رأسه إيجابا تحرك من مكانه وقف أمام حسام ربت علي كتفه برفق يحادثه: - قوم يا ابني نروح قعدتك هنا مالهاش لازمة...
رفع حسام وجهه ينظر لخالد في حدة ليزيح يده بعنف من فوق كتفه عاد ينظر لغرفة والدته دون أن ينطق بحرف، ليتنهد خالد حانقا من عناد ذلك الطفل الكبير، مد يده يمسك كف يد حسام يجذب بعنف وقف الأخير رغما ينظر لأبيه غاضبا، جذب كفه من كف أبيه يصيح فيه: - قولتلك مش هتحرك من هنا، أنت ايييه ما بتفهمش، عايز تمشي امشي، أنت ايه اللي جايبك اصلا، يلا امشي.
توسعت عيني حسام في ألم وشهقة فزعة خرجت من انجيلكا حين هوي كف خالد بعنف علي وجه حسام، اندفع زيدان يجذب خاله بعيدا عن حسام يهتف متلهفا: - ليه كدة بس يا خالي... ابعد خالد يد زيدان بعيدا عنه بعنف ليقترب من حسام قبض علي تلابيب ملابسه يقربه منه يصيح فيه:.
- اسمع يلا، أنا سايبك تغلط من الصبح وبقول معذور ومقدر، لكن اللي بقوله ينتفذ ورجلك فوق رقبتك، هتقعد تهبب ايه أنت مش دكتور نسا زي ما فقلتنا، أنا دكتور نسا أنا دكتور نسا، قعدتك مالهاش اي ستين لازمة، قاعد بتدعي، ممكن تدعي وأنت في البيت عادي، يلا قدامي احمرت عيني حسام، ترقرقت الدموع فيها ينظر لخالد كارها نافرا، أسرع زيدان يجذب يده يجذبه للخارج: - تعالا بس يا حسام صدقني قعدتك مالهاش لزوم...
تحرك حسام بصحبة زيدان يجر قدميه عينيه ملعقتين بغرفة والدته المغلقة، وخلفه خالد قامت انجليكا تهرول خلفهم، تحاول أن تكن بعيدة عن خالد قدر الامكان، في السيارة جلس زيدان في مقعد السائق، لتجلس انجليكا جواره، وخالد وحسام بالخلف، اشاح حسام بوجهه يرفض النظر ناحية ابيه حتي، ليتنهد خالد حزينا علي حاله، اجفل علي جملة زيدان: - هنروح فين ابتسم خالد ساخرا يتمتم متهكما: - هنروح فين الملاهي مثلا، اطلع علي الفيلا.
التفت حسام ينظر لخالد حانقا عينيه حمراء كالجمر، فتح فمه يريد أن يعترض ليخرس خالد ما سيقول حين صاح ينهي اي اعتراض: - مش عايز اسمع كلمة لاء، واطلع يلا انتفض جسد انجليكا تقبض علي ذراع زيدان ليبتسم لها مطمئنا أدار محرك السيارة ينطلق الي وجهته، يفكر قلبه تتسارع دقاته لن يحتمل رؤيته وهو في أشد شوقه ليلمح فقط طيفها لن يراها، لن يدخل الي منزل خاله، سيوصله ويأخذ انجليكا ويذهبا الي اي فندق...
حسام كان عقله مرتكز في فكرة واحدة سوداء مخيفة ماذا أن فقد والدته، رحلت، تركته، يرغب في أن يبكي بعنف كأنه طفل صغير خائف، خالد يجلس جواره عقله سابح يفكر، في إبنه الجالس جواره من ناحية وفي زوجته معشوقة روحه من ناحية أخري، كم يرغب في أن يركض إليها، يختبئ بين أحضانها يطلب منها السماح، التفت برأسه بخفة ناحية حسام ليراه ينظر ناحية النافذة، تتساقط دموعه رغما عنه فيرفع يده سريعا يمسحها قبل أن يلاحظها أحد، اقترب بجسده من ولده جلس مجاورا له تماما، مد يده يربت علي رأسه برفق يهمس له بحنو:.
- امك هتبقي كويسة صدقيني، أنا مجهز لها كل حاجة، لما عرفت ما قولتش اسيبها تموت زي ما أنت فاكر، بالعكس، اتفقت مع مستشفي في لندن وكنت في انتظار يلاقوا قلب مناسب لحالتها، هتبقي كويسة.. التف حسام برأسه ناحية والده ينظر له كطفل صغير ضائع حرك خالد رأسه إيجابا يبتسم له لينفجر حسام في البكاء القي برأسه بين ذراعي والده يردف من بين شهقاته العنيفة: - مش هستحمل يجري لها حاجة، أنا آسف، آسف علي كل اللي قولته، آسف.
ابتسم خالد في حنو يشدد علي عناق ذلك الباكي بين ذراعيه، يحرك يده علي خصلات شعره برفق، لتتوسع عيني انجليكا في ذهول، تنظر لخالد مدهوشة كيف تتحول شخصيته من شخص لنقيضه في لحظات، طبقة شفافة من الدموع غشت عيني زيدان، تصاحبها ابتسامة ساخرة تغزو شفتيه هو لن يزرف دمعة واحدة أن رأي والدته جثة أمام عينيه، كم يكرهها في عمره كله لم يكره أحد بقدرها، حرك رأسه نفيا يبعبد صورتها التي اقتحمت رأسه فجاءة، بلع لعابه الجاف، يدهس بعنف المكابح تحت قدميه لتسرع السيارة، بعد قليل وقفت السيارة في حديقة منزل خالد، نزل منها أولا يجذب يد حسام، نزل زيدان يقف جوار باب السيارة المفتوح حمحم يجذب انتباه خاله، التفت خالد له ليردف زيدان:.
- أنا هاخد انجليكا احجزلها اوضة في اي اوتيل واروح البيت عندي او اشوفلي اوضة أسهل حرك خالد رأسه نفيا يردف برفض قاطع: - أنت هتجيب الحلوة اللي معاك وتحصلني وما تقلقش ما حدش جوا اصلا، لينا خدت البنت وراحت عند جاسم.
توسعت عيني زيدان في ذهول، زوجة خاله تركت المنزل، تنهد تعبا ألن تتوقف مشاكل تلك العائلة ابدا، اشار لانجليكا أن تنزل من السيارة، بينما تحرك هو للداخل، لتهرول الأخيرة خلفه امسكت بكف يده تدخل بصحبته الي منزل خالد، جلس حسام جوار ابيه علي الأريكة وانجليكا وزيدان مقابلين لهم، صدح صوت خالد يهتف باسم احدي الخادمات: - فتحية حضري العشا ابتسمت انجليكا تقول بحماس طفلة صغيرة: Yes, please I m very hungry.
صفع زيدان جبينه براحة يده أحضر طفلة صغيرة وياليته احضرها بإرادته، بينما ارتسمت ابتسامة طفيفة علي شفتي خالد اشار للطابق العلوي يحادث انجليكا: - طالما بتفهمي عربي اطلعي الدور التاني، آخر أوضة ناحية الشمال، هتلاقي فيها هدوم... ابتسمت انجليكا في سعادة تحرك رأسها إيجابا، تحركت من جوار زيدان تصعد لأعلي ليوجه خالد انظاره لحسام رفع حاجبه الأيسر يسأله ساخرا:.
- مين دي يا زيدان بيه، دا أنت مسافر ما بقالكش يومين اومال لو كنت كملت اسبوع كنت رجعتلنا بجوني ضحك حسام رغما عنه بينما ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي زيدان، يقص لخالد تفاصيل لقائه بانجليكا، كتف خالد كتفيه أمام صدره يتمتم ساخرا: - وهي اي واحدة ننقذها من الغرق، تشبك في اللي ساعدها كدة، كان زمان سباحين مصر كلهم متجوزين أجانب.
تنهد زيدان يآسا يعرف أن خالد لن يصدق وهو حقا لم يعد يهتم، رفع وجهه لخالد يبتسم في اصفرار مردفا: - بص يا خالي عايز تصدقني أنت حر مش عايز أنت بردوا حر، اقولك اعتبرها خطيبتي شهقت الخادمة مصدومة حين دخلت الي الغرفة وسمعت زيدات يتمتم بجملته الاخيرة، وضعت صينية الطعام من يدها تعتذر لهم عما فعلت لتهرول سريعا الي خارج الغرفة، دخلت الي المطبخ تطلب رقم لينا إبنه خالد، لحظات وسمعتها تجيب:.
- ايوة يا فتحية في ايه بابا كويس بادرت فتحية تتمتم سريعا بصوت خفيض مرتبك: - ايوة يا هانم كويس، بس زيدان باشا هنا لحظات صمت من ناحية لينا، لحظات طويلة لا تعرف ما حدث لها، لتردف قائلة بقلق: - يا هانم انتي سمعاني حمحمت لينا تحاول إيجاد صوتها خرجت نبرتها مرتعشة تحاول إمساك زمامها دون فائدة: - ايوة سمعاكي، وبعدين أنا مالي هنا ولا مش هنا... قاطعتها فتحية سريعا قبل أن تكمل لتغمغم متلهفة:.
- مش دي المشكلة، معاه بنت شكلها كدة خواجية، بس ما شاء الله جميلة اوي، وأنا داخلة الأوضة بحطلهم العشا سمعته بيقول لخالد باشا اعتبرها خطيبتي، الو لينا هانم، يا هانم انتي سمعاني صمت مؤلم من الناحية الاخري، سمعت منه صوت لينا من نبرتها المرتعشة تأكدت انها كانت تبكي، خرج صوتها متحشرجا خفيضا: - تعرفي تصوريهالي يا فتحية حركت فتحية رأسها إيجابا سريعا تغمغم بخفوت:.
- حاضر يا هانم هصورهالك وهبعتلك الصورة علي الواتس، سلام قبل ما الباشا يسمعني اغلقت فتحية مع لينا، خرجت من المطبخ لتلمح انجليكا تنزل من أعلي ترتدي احدي منامات لينا، لتشتعل عيني فتحية غضبا تتمتم مع نفسها: - البجحة كمان لابسة هدوم الهانم وقفت في ركن بعيد حتي لا يراها أحد أخرجت هاتفها سريعا تلتقط مقطع فيديو قصير لتلك الأجنبية الملونة الجميلة، ترسله لرقم لينا، لتعاود إلي المطبخ وكأن شيئا لم يكن.
في اسيوط، بعد ساعات من البحث عاد الحراس الثلاثة خالي الوفاض بحثوا في جميع الاماكن ولم يجدوا اي أثر لسهيلة زوجة جاسر، دخل ثلاثتهم الي المنزل ليتقدم أمام من جاسر بلع لعابه مرتبكا يغمغم متوترا: - جاسر بيه والله احنا قلبنا البلد شرقها وغربها مالهاش أثر فص ملح وداب يا باشا نهض جاسر من مكانه يقبض علي عنق الرجل يصيح فيه: - ما أنا لو مشغل كلاب كانوا شمشموا ولقوها لفظ جاسر الرجل من يده يصيح فيهم بجنون:.
- امشوا اطلعوا برة مش عايز اشوف خلقة حد فيكوا برة خرج ثلاثتهم من المنزل، جاسر يقف يكاد يحترق، شروق تنظر له بفزع ذلك ليس طفلها ليس جاسر أبدا، وكأن شيطانا تلبسه وما يثير عجبها هدوء رشيد الغير مفهوم بالمرة، تحرك رشيد من مكانه وقف أمام ولده عقد ذراعيه يقول محتدا: - هنعمل إيه يا جاسر، مراتك هربت وهتشيلنا كلنا العار، هنتفضح بسببها.
شهقت شروق مفزوعة مما تسمعه يخرج من بين شفتي زوجها هبت واقفة تصدم صدرها براحة يدها تصيح مذهولة: - أنت بتقول ايه يا رشيد حرام عليك البت غلبانة واللي ابنك عمله فيها هو السبب، اتقي الله أنت عندك بنت... ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي رشيد ليعاود الحديث مع جاسر:.
- سيبك من التخاريف اللي أمك بتقولها دي، أنا من رأيي اننا نروح لبيت عيلة المنشاوي ونقولهم علي اللي بنتهم عملته وتطلقها قدامهم هما يشيلوا فضيحتها، قولت إيه أعجبت تلك الكلمات جاسر كثيرا حرك رأسه إيجابا يؤيد كل حرف قاله والده التفت برأسه لوالده يردف: - عندك حق يلا بينا مش هنستني للصبح، قبل ما النهار يطلع مش هتبقي علي ذمتي ال، دي.
حرك رشيد رأسه إيجابا في هدوء مخيف ينظر لجاسر متوعدا، التفت برأسه ناحية غيث يحادثه: - تعالا معانا يا غيث عشان تبقي شاهد علي اللي حصل توسعت عيني غيث في دهشة كاد أن يحرك رأسه نفيا يرفض الاشتراك في جريمة تشوية سمعة الفتاة حين غمزه رشيد بطرف عينيه خفية فحرك رأسه إيجابا سريعا يتحرك معهم، تحرك ثلاثتهم للخارج ليصدح صوت شروق الباكي: - جاسر لو خرجت من هنا وخوضت في عرض البت بالكلام دا، لا أنت ولا اعرفك.
لم يلتفت جاسر حتي لكلام والدته بل أكمل سيره للخارج، لتتهاوي شروق علي الاريكة تبكي تضرب فخذيها بكفيها تنوح باكية: - اخوكي اتجننت وابوكي مطاوعه وذنب الغلبانة دي في رقبتنا كلنا في عتمة الليل الشوارع تضيئها مصابيح الإنارة، صوت نباح الكلاب تأتي من بعيد، تحرك رشيد يستند علي ذراع جاسر بينما يسير غيث بالقرب منهم، عقله شارد يفكر فيما حدث قبل ساعات Flash back.
تمدد علي فراشه في غرفته يعقد ذراعيه خلف رأسه يتنهد في ملل وجوده هنا لهدف محدد، لا يرغب في استباق اي خطوات، صبا فقط طفلة صغيرة يلعب برأسها شيطان محترف، عليه أن يوقع به قبل أن يوقع هو بالصغيرة، ولكن منذ فترة ومراد لم يحادث صبا لم يخبرها بأي شئ هل يا تري مل، أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، خرج من طوفان افكاره علي صوت هاتفه يدق، برقم مراد، يعني أن هاتف صبا يدق برقم مراد، اعتدل سريعا في جلسته ينتظرها أن ترد حتي يستمع هو لما سيقول، وقد لحظات وفتحت الخط ليضع الهاتف علي أذنه يحرص علي إلا يصدر ولو صوت طفيف، وسمع ما يقولا.
- مساء الفل يا صبا قلبي ايه صحيتك - لاء انا كنت صحية كنت حاسة أنك هتكلمني اشتعلت أنفاسه يكور قبضته يشد عليها تلك الحمقاء ماذا تقول عاد يرهف السمع لما يقولان - وحشتيني يا صبا وحشتيني اوي اوي اوي - وأنت كمان يا مراد وحشتني، مش ناوي ترجع بقي غبيتك طالت.
لما لا يغلق الخط ويذهب إليها يصفعها علي وجهها ويكسر الهاتف فوق رأسها لأن جاسم علمه أن يهدئ، إن يتحكم في أعصابه، إن يضعها في الجليد في مثل تلك الحالات واكمل سماع ما يقولان - هانت يا صبا، هكون عندك يوم (، ) الجاي علي بعد الضهر كدة سمع صوتها السعيد للغاية وهي تقول له: - بجد والله، أنا يومها هيكون عندي درس فئ (، ) دي بلد جنبنا هخلص الدرس واجي جري.
- لا استني استني، انتي تقوليلي عنوان الدرس بالتفصيل وأنا هستناكي، أصلك وحشتيني اوي.
والحمقاء لم تتردد اخبرته بالعنوان كاملا واغلقت معه الخط، لتنغلق المكالمة امامه، شردت عينيه في الفراغ يفكر يطرق باصابعه علي سطح شاشة هاتفه الخطوة القادمة، اقتحام هاتف مراد ليعرف فيما يدبر ولن ينتظر لحظة، أدهم ابن خاله حمزة علمه كيف يفعل ذلك في احدي لقائتهم سابقا وهو لا ينسي ابدا ما تعلمه من اي من كان، زيف رابط به جائزة شحن ماتنان جنية وبعث بالنقود حقا حتي لا يشك مراد وبعثه لرقم مراد من أحد البرامج، فقط عليه الانتظار إلي أن يبتلع مراد الطعم، وما هي الا لحظات وابتلع الأحمق الطعم وبات هاتف مراد تحت سيطرة غيث والآن فقط سيعلم فيما يفكر ويخطط ذلك الوغد.
Back اجفل من شروده علي ابتسامة ماكرة تغزو شفتيه ذلك الأحمق يظن نفسه ذكيا سيريه مع من يتعامل، تحرك بصحبة عمه وجاسر ناحية بيت صغير قرب المسجد، وقف رشيد عنده ابتلع جاسر لعابه مرتبكا يشعر برجفة مخيفة تصعق جسده كتيار كهرباء حاد، توجهت مقلتيه ناحية والده يسأله بنبرة مرتعشة: - أنت وقفت هنا ليه... ابتسم رشيد في هدوء تام ليرفع قبضة يده يدق الباب الخشب بخفة، التفت برأسه ناحية جاسر يتمتم مبتسما:.
- بقالي كذا يوم معايا أمانة للشيخ طاهر، وناسي ادهاله خالص وبما اننا قريبين من بيته قولت أعدي اديهاله زادت رجفة جسد جاسر حين انفتح الباب وظهر ذلك الشيخ المسن ذو اللحية البيضاء الإبتسامة الصافية البشوشة، مد رشيد يده يصافح الشيخ طاهر: - السلام عليكم يا شيخ طاهر معلش صحيناك من النوم ابتسم الرجل في بشاشة، يحرك رأسه نفيا افسح الطريق ليدخل الرجال:.
- لا ابدا يا دكتور رشيد، أنا كنت صاحي بصلي قيام الليل، اتفضل، اتفضلوا يا شباب خشوا تقدم رشيد ومعه غيث بينما ظل جاسر يقف مكانه يبتلع لعابه الجاف قدميه تعدز عن التحرك خطوة واحدة للأمام يرغب فقط في الفرار بعيدا، يشعر بألم بشع في رأسه ورجفة جسده تزداد شراسة، حرك رأسه نفيا يبتسم ابتسامة مرتعشة يتمتم متوترا: - لا لا أنا هستناكوا هنا، بسرعة بس يا بابا عشان ما نتأخرش.
لم تتغير ابتسامة رشيد الهادئة عاد ادراجه ناحية ولده يقبض علي كفه يشدد عليه قبضته يجذبه خلفه كأنه طفل صغير يقول ضاحكا: - إيه يا جاسر أنت مكسوف ولا ايه، مش فاكر الشيخ طاهر دا هو اللي محفظك القرآن وأنت عيل صغير، خش خش تعالا هديله الأمانة وامشي علي طول.
جذب رشيد جاسر بعنف الي داخل البيت ما أن دخل أغلق الباب عليهم من الداخل، زادت حدة ارتجافه جسد جاسر بدأت يشعر وكأن مطارق ضخمة تصدمه رأسه، ذراعه الأيسر به ألم بشع أوقفه عن الحركة تماما، دمائه تفور حين ينظر لذلك الرجل وابتسامته الهادئة، رغب ملحة تدفعه لأن ينقض عليه ويبرحه ضربا، نفرت عروق وجهه يصرخ دون وعي: - ما تخلص اديله الأمانة عشان نغور من هنا.
ابتسم رشيد بهدوء ليتوجه يقف جوار جاسر وضع يده علي كتف ابنه يتمتم مبتسما: - أكيد يا ابني حاضر علي حين وقبل أن يعي ما يحدث، كان رشيد يدفع جاسر بأقصي ما فيه من قوة ناحية الرجل الواقف أمامه: - الأمانة يا شيخ طاهر سقط جاسر علي ركبتيه من عنف دفعه والده احمرت عينيه كالدماء ينظر لذلك الرجل بشراسة مخيفة، في هدوء تام مد طاهر يده يضعها علي رأس جاسر خرج صوته هادئ واثق حاد وقعه إذن جاسر في الوقت ذاته:.
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.
صرخ جاسر بشراسة صرخات مخيفة شقت سكون الليل شعر وكأن نيران تتفجر في رأسه انتفض يود أن يتهجم علي طاهر ليصيح رشيد في غيث: - غيث امسكه معايا انتفض رشيد وغيث كل منهما يمسك بأحد ذراعي جاسر يمنعاه من أن يؤذي نفسه او يؤذي من يعالجه، ليعاود الشيخ طاهر قراءة القرآن من جديد آيات عدة من سور مختلفة:.
زادت صرخات جاسر شراسة وبدأت يخرج من فمه رغوة سوداء قاتمة رائحتها كاريهة بشعة لا تحتمل، حاول جاسر بشراسة أن يضرب والده وغيث لينقض علي طاهر دون فائدة كل منهم كان يتشبث به بعنف يمنعه من التحرك حركة واحدة، ليعلو صوت طاهر بالقرآن والدعاء :.
أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة أعوذ بكلمات الله التامة التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما ذرأ في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن شر طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن.
أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده ومن شر همزات الشياطين وأن يحضرون اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم، وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته اللهم أنت تكشف المأثم والمغرم ، اللهم إنه لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك، سبحانك وبحمدك.
أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيئ أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر وبأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق و ذرأ و برأ، ومن كل ذي شر لا أطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم وبدأت صرخات جاسر تخمد وجسده يثقل عينيه زاغت، اقترب طاهر منه يضع يده علي رأسه يتمتم بصوت خفيض هادي:.
• « قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِكِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ* * مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ » زاغت عيني جاسر يشعر بنعاس شديد حل فوق رأسه ليتقرب طاهر من طاولة صغيرة التقط كوب ماء صغير يصب منه القليل في راحة يده يرشه برفق علي وجهه ابتسم طاهر في وجه جاسر يتمتم: - حمد لله علي السلامة.
ارتسمت ابتسامة صغيرة شاحبة علي شفتي جاسر قبل أن يسقط رأسه نائما اسنده رشيد وغيث إلي اقرب أريكة قابلتهم، ليسطح جاسر جسده عليها، يغط في نوم عميق لم يعرفه منذ مدة طويلة، جلس رشيد علي مقعد جوار الأريكة يربت علي رأس ابنه بحنو نظر لطاهر تنهد يتمتم حزينا:.
- كنت شاكك أن حالته دي مش طبيعية دا مش إبني اللي ربيته، جاسر مهما كنا متخانقين كان اول ما يأذن يجي يقولي صلاة الجماعة هنتأخر، بقي بيهرب من الصلاة، بسمعه يعني بيرجع بليل ولما احاول اطمن عليه يقولي أنا كويس، ويزقني ويهرب، مين اللي عمل كدة يا طاهر مين اللي اذاه نظر طاهر مشفقا لذلك الشاب النائم ليعاود النظر لرشيد يتمتم حزينا:.
- الطعنة ما بقتش تيجي غير من اقرب الناس، السواد بقي بيوصل لحد الكفر والعياذ بالله، فلانة بتكره فلانة تكفر عشان تأذيها، تدمر حياتها، عشان هي خلفت ولا اتجوزت قبلها، السواد ملا النفوس بشكل مرعب، مهما توصل درجة الكره ما يخليش اي حد يدمر حياة اللي بيكرهه، مرض كره، عجز، والعياذ بالله في ناس بتوصل لمرحلة من الجنان انها تموت نفسها بسبب حد مؤذي، ما يعرفوش إن يوم القيامة هيقفوا قدام بعض وكل مؤذي هيقف قدام اللي اذاه وياخد منه حقه تالت ومتلت...
تنهد طاهر حزينا يبدو أنه اسهب في الكلام كثيرا من بشاعة ما بات يراه في الآونة الأخيرة نظر للنائم يتمتم شاردا: - لما جاسر يصحي هعرفه مين اللي عمل كدة، صحيح من ستره ربه ما يفضحوش عبد، بس دي جواها طاقة غل وشر كبيرة اوي تخليها تاذي تاني وتالت ورابع.
في منزل حمزة السويسي في غرفتها منذ ساعات، طويلة تجلس علي مقعد جوار تلك الشرفة المطلة علي الحديقة، تنساب دموعها في صمت قاتل، لم تعبئ بدقات الباب، الذي فُتح ودخلت بدور زوجة ابيها تحمل صينية طعام عليها بعض الشطائر وكوب حليب كبير اقتربت منها تضعه علي الطاولة امامها تردف في مرح: - الاكل واللبن لاحلي ميوش في الدنيا...
لم تلتفت مايا لها حتي، لتتنهد بدور حزينة علي حالها جلست علي المقعد المقابل لها مدت يدها تربت علي ساقها برفق تحادثها بحنو: - طب وبعدين هتفضلي من غير أكل، دا مش هينفعك، يا مايا انتي عارفة بابا بيحبك قد ايه واكيد هيوافق علي جوازك من أدهم، اصبري عليه بس يومين وهتلاقيه جاي يقولك أنا موافق، حمزة طيب أوي.
ابتسمت مايا ساخرة تحرك رأسها بلامبلاة، لمحت بطرف عينيها هاتف بدور التي تمسكه في يدها اعتدلت في جلستها تنظر له حمحمت تسألها مرتبكة: - هو أنا ممكن استخدم موبايلك ابتسمت بدور تحرك رأسها إيجابا سريعا اعطتها الهاتف تردف مبتسمة: - أكيد طبعا يا حبيبتي خدي اهو، أنا هروح اشوف سيلا وارجعلك علي طول.
ابتسمت مايا لها باصفرار تاخذ منها الهاتف، راقبتها بعينيها الي أن خرجت من الغرفة لتفتح هاتف بدور، سريعا طلبت رقم تحفظه عن ظهر قلب وضعت الهاتف علي أذنها تنتظره إن يجيب تقطم اظافرها متوترة، لتتوسع ابتسامتها سريعا ما أن سمعت صوته: - أدهم أنا مايا، ما فيش وقت احنا مش هنسافر، ومش عند عمو خالد، هبعتلك اللوكشين علي واتس... سمعت يهتف سريعا:.
- من النجمة هكون عندكوا انتي ليا يا مايا وما فيش اي حاجة في الدنيا هتقدر تبعدني عنك ابتسمت سعيدة لتغلق الخط سريعا ترسل لرقمه موقعها تحديدا، ما إن ارسلته دخلت بدور الي الغرفة تحمل سيلا الصغيرة معها، ابتسمت بدور لمايا تقول ضاحكة: - سيلا مش راضية تنام خالص خليها معلش معاكي لحد ما اعمل لابوكي فنجان قهوة مش عارفة مش عايز ينام هو كمان ليه، دا البيت اللي ما بينامش دا.
ضحكت مايا ضحكة صغيرة علي مضض تجاريها، اخذت منها الفتاة لتخرج بدور من الغرفة لتحتضن مايا سيلا تلتف بها في الغرفة تتمتم سعيدة: - هيجي بكرة يا سيلا، مش هنسافر ضحكت الصغيرة وهي حقا لا تفهم ما يحدث لتشاركها مايا في الضحك تنتظر بحماس خيوط شمس غد.
في فيلا خالد السويسي صعد كل لاحدي الغرف لينام، ولم يقدر هو علي أن يدخل غرفته وهي ليست، التقط احدي وسادات الأريكة اتجه الي غرفة مكتبه يتمدد بجسده علي الأريكة الكبيرة في الغرفة ينظر للحديقة خارجا حزين كلمة قليلة، التقط هاتفه يحاول الاتصال بها مرارا وتكرارا دون فائدة لا رد، ظنها قد نامت، اغمض عينيه هو الآخر يحلم بطيفها حين سمع صوت رسالة تصل لهاتفه التقطه سريعا يفتحها متلفها ليجدها هي بعثت له.
« أنت فاكر أنك لما تبعتلي محمد أنا كدة هغير رأيي وارجعلك، أنسي خلاص كل اللي كان بينا انتهي، طلقني بكرامتك احسنلك، أنا لسه عاملة حساب العشرة » ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيه ليخط جملة قصيرة يبعثها لها كتب فيها « معاكي فكة العشرة ولا افكهالك » ضحك وهو يتخيل ردة فعلها، ليغمض عينيه يحاول أن يريح عقله قبل أن يبدا صباحا جولة اخري من النزاعات.
مع بداية خيوط الشمس الاولي الليل اختفي منذ قليل فقط، كان أدهم يخرج من منزله، جنون ما يفعله، ما العشق سوي جنون، إذا هو أعقل من يملك عقلا، في سيارة اجري أخذ طريقه الي منزل حمزة، في الاغلب سيرفضه كالعادة ولكنه لن يتوقف عن المحاولة، وصلت السيارة الي وجهتها لينزل منها خالي الوفاض لا محال مفتوحة الآن ليشتري اي شئ من الأساس، توجه إلي باب المنزل، لا حرس، حمزة لم يضع حرسا بعد كيف يفعل ذلك، دق علي الباب بسرعة متلهفا، دقائق طويلة قبل أن يسمع صوت حمزة يصيح من الداخل غاضبا:.
- ايوة طيب من الزفت اللي جاي بدري كدة... فتح حمزة الباب بعنف ليجد أدهم يقف أمامه يبتسم في براءة طفل صغير، امتعضت قسمات وجه حمزة يردف حانقا: - نعم خير، مأنسنا ليه بطلتك البهية الصبح كدة وفين الحارس الزفت اللي علي البوابة، إنت يا صبري الزفت.
تحرك حمزة ناحية غرفة الحارس بينما يقف ادهم يضحك في خفوت، لمحت عينيه ما جعلت ابتسامته تتلاشي وعينيه تتسع فزعا، هناك مؤشر يتحرك مع حركة حمزة يننتظره أن يقف أحدهم يريد أن يقتل أبيه، ركض بعنف ناحية حمزة يلحق به ما أن وقف أمام غرفة الحارس وجد أدهم يعانقه بعنف صرخ حمزة فيه غاضبا: - اوعي يا حيوان أبعد عني.
توسعت عيني أدهم فجاءة بألم يقبض بيديه علي ملابس بعنف، قطب حمزة جبينه قلقا تحول لفزع حين وجد الدماء تخرج من بين شفتي أدهم، ابتسم يتمتم بجملة صغيرة متقطعة: - سامحني يا بابا!
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثمانون
فزع كلمة هينة للغاية عن ذلك الشعور القاتل الذي أصاب قلبه فتت روحه بعثر شتات نفسه وهو يري صغيره يتهاوي ارضا يرتوي العشب تحته بدمائه المراقة غدرا، صدمت جمدت جسده ينظر بأعين شاخصة فزعة لكفي يديه التي تغرقهما دماء طفله الصغير، صرخة ابنته باسم كان ناقوس الخطر الذي انتشله من حالة الفزع تلك، ارتمي علي ركبتيه جوار جسد ادهم يحتضن رأسه بين احضانه يصرخ فيه فزعا: - أدهم، أدهم، أدهم فتح عينيك يا أدهم، أدهم.
فتح الأخير مقلتيه بقدر ضعيف للغاية ابتسم لتنساب الدماء من بين شفتيه رفع كفه يمسك بأصابع يد والده يتمتم مبتسما بصوت خفيض بالكاد سمعه حمزة: - فاكر يا بابا لما قولتلي زمان واحنا بتدربني علي ضرب النار، ما تخافش من صوت الرصاص يا أدهم، الرصاصة اللي هتموتك مش هتسمع صوتها، كان دايما حق، أنت دايما عندك حق... بدأت نبرته تتقطع يخرج صوت هامس مرتجف: - اااا نن ااا، اااا سسس ف، سسسس ااا مح ن...
ولم يستطيع أن يكمل حرف جملته الأخير اغمض عينيه لترتخي يده الممسكة بيد والده توسعت عيني حمزة فزعا تسكب الدموع بلا توقف يصرخ مرتعدا: - اااادهم، اادهم لحظات واندفعت مايا كسهم منطلق ناحيتهم قبضت علي تلابيب ملابس ادهم تهزه بعنف تصرخ بجنون: - اااااادهم، رد عليا يا ااااادهم، مش هتموت يا اااادهم.
استجمع حمزة آخر ذرة ثبات باقية في روحه قام يحمل جسد ادهم بمشقة يتحرك به مهرولا الي سيارته تركض مايا خلفه تحاول مساعدة أبيها، بدور تقف هناك اصابتها الصدم بخرس تنظر لما يحدث بأعين مدهوشة فزعة، هرولت ناحية غرفة الحارس، تخبره أن يساعد حمزة، ما إن دخلت الي الغرفة وضعت يدها علي فمها تكبح صرختها الفزعة حين رأت الحارس ملقي أرضا تنساب الدماء من رأسه، التفت برأسها ناحية حمزة لتعاود النظر للحارس لا تجد ما تقوله، شلت الصدمة لسانها ارتجف جسدها بعنف من هول ما يحدث، لم تجفل سوي علي صوت سيارة حمزة التي اسرعت تشق غبار الطريق ووقفت هي أمام جسد الحارس الملقي أرضا لا تعرف حتي ما تفعل.
علي صعيد آخر في منزل جاسم الشريف، في حديقة المنزل تحديدا، لم يزر النوم جفنيها سوي اقل القليل حين اغمضت عينيها ليلا رأت صورته تتجسد أمامها وهو يحتضن تلك السيدة مشهد لن يخرج من قلبها ابدا، شدت قبضتيها تحاول حتي البكاء لا شئ، عينيها ترفض أن تزرف دمعة واحدة، قلبها لا يتوقف عن الصراخ من الألم، بينما عقلها ساكن تماما متعب، لا يرغب حتي في أن يفكر فيما سيحدث قادما، والعجيب في الأمر أنها لم تشتاق إليه، وكأن عشقه بالكامل اُنتزع من جسدها بأكمله، ولكن لما يظل قلبها يصرخ، كلما مر ذلك المشهد أمامها ربما هو جرح انوثتها الذي لن يندمل، تكاد تجن، تشعر بمخالب حادة تمزق روحها كلما جاءت صورته أمام عينيها، شدت علي أسنانها بعنف لتنساب فقط دمعة واحدة من مقلتيها، دمعة تمردت علي الجميع ونزلت تروي خديها بنيران الخذلان والهزيمة.
لم يكن الابنة أفضل إطلاقا من حال الأم، في غرفة لينا السويسي بالأعلي تحركت تزرع الغرفة ذهابا وايابا تقبض يسراها تشد علي خصلات شعرها باليمني، تكاد تمزق شفتيها من كثرة العض عليها غيظا، تلك الصفراء هي من رأتها من قبل، جاءت معه يقول أنها خطيبته والادهي ترتدي ملابسها تتحرك بإريحية وكأنها مالكة المنزل، ستبيت في نفس المنزل مع والدها وزيدان، خطيبته اذا تلتصق به كالغراء، لاء هي ليست كذلك بالطبع ليست، زيدان يقول تلك الكلمات حتي تصل إليها، يظن أنه سيغظيها بتلك الخدعة القديمة التي استخدمها والدها قبلا لن يحدث، لن تقع فريسة فخه بتلك السهولة، وقفت في منتصف الغرفة تتنفس بعنف تصيح بصوت حاد غاضب:.
- انا هوريها ازاي تدخل اوضتي وتلبس هدومي، أكيد فيلم عامله زيدان باشا، فاكر أنه كدة هيخليني اغير عليه دا بعده، أنا هوريكوا هرعت إلي دولاب ملابسها انتشلت اول ما وقعت عينيها عليه، لتهرع الي المرحاض تبدل ثيابها، خرجت بعد لحظات تلملم خصلات شعرها في دائرة كبيرة فوق رأسها، التقطت حقيبة يدها تتحرك لأسفل سريعا نزلت درجات السلم تركض فتحت باب المنزل تمد بخطواتها الي الخارج، وقفت حين سمعت صوت والدتها تسألها:.
- رايحة فين يا لينا، بتجري ليه كدة التفتت خلفها لتري والدتها، تنهدت حزينة تنظر لإنطفاء مقلتيها ابتسامتها الشاحبة قسمات وجهها المجهدة، تحركت للخلف بدلا من الأمام، جلست علي المقعد جوار والدتها تنهدت ألما تربت علي يد والدتها تسألها قلقة: - ماما انتي كويسة ابتسمت لينا ابتسامة شاحبة تحرك رأسها إيجابا، لتزفر الاخري حزنا تحرك رأسها نفيا بعنف تهمس لها:.
- لا يا ماما مش كويسة، ماما انتي عارفة أن أنا اكتر واحدة رافضة معظم تصرفات بابا خصوصا تحكمه الزيادة في كل حاجة في حياتنا، بس دا ما ينفيش ابدا اني عارفة أنه بيحبنا اوي، وخصوصا أنتي أنا عارفة بابا بيحبك قد ايه، بابا بيحبك أكتر من الكل، أكتر مني أنا بنته اللي من دمه، انا ما ببررش ليه، بس أكيد في سبب بابا مستحيل يتجوز عليكي، الا لو في سبب قهري خلاه يعمل كدة...
ارتسمت ابتسامة باهتة ساخرة علي شفتي لينا الشريف تحرك رأسها نفيا ابتعدت بعينيها عن ابنتها تنظر لنقطة ثابتة في الفراغ، تهمس بجملة واحدة: - انتي كنتي عارفة أن حسام اخوكي مش كدة حمحمت الاخري متوترة بلعت لعابها تحرك رأسها إيجابا تهمس مرتبكة: - ايوة توسعت عيني لينا في ألم التفت برأسها ناحية ابنتها تنظر لها مصدومة تهمس لها بحرقة: - وليه خبيتي عليا ليه ما قولتليش.
ازدردت لينا لعابها مرة أخري، لا تعرف حقا ما تقول لتواسي والدتها تنهدت تسترسل بنبرة كسيرة خفيضة: - يا ماما أنا ما عرفتش غير بعد، أنا قصدي عرفت صدفة وأنا في المستشفى بعد اللي حصلي لي من زيدان اغمضت لينا « السويسي » عينيها بألم ليمر في رأسها تلك الذكري المريرة، ارتجفت نبرتها تعاود ما تقول:.
- حسام هو اللي عالجني، لولا وجوده جنبي وقتها كنت أكيد هموت، كنت مرعوبة منه يقرب مني بعد اللي حصلي من زيدان، فقالي الحقيقة وأنه اخويا، وبعدين بابا طلب مني اني ما قولكيش لحد ما يمهد ليكي الموضوع ادمعت عيني لينا وهي تسمع من فم ابنتها حزنا عليها لتسارع تجذبها الي أحضانها تعانقها بقوة شدت لينا علي جسد والدتها تغمر رأسها بين أحضانها، لتسمع والدتها تتمتم بصوت خفيض باكي:.
- أنا آسفة اني وافقت علي جوازك من زيدان وفضلت اقنعك توافقي، ما كنش اعرف اني كدة بكرر نفس اللي حصلي زمان معاكي، سامحيني يا بنتي أنا آسفة ابتسمت لينا ابتسامة باهتة تبتعد عن أحضان والدتها تمسح من سقط من دموعها برفق تغمغم بمرح باهت: - المكتوب علي الجبين يا ماما، أنا هروح مشوار سريع مش هتأخر، سلام قامت لينا تقبل جبين والدتها لتبتسم الأخيرة يآسه تتمتم مع نفسها يآسة:.
- نسخة من أبوها لما يكون خارج يعمل مصيبة يقولي رايح مشوار سريع، ويبوس راسي، يا تري رايحة تعملي ايه يا لينا استقلت لينا سيارة اجري تملئ للسائق العنوان الذي لا يستغرق سوي دقائق قليلة من منزل جدها، ربما تعمد جاسم شراء منزل قريب من ابنته، حتي يكون جوارها بأكبر قدر ممكن...
ما هي الا دقائق ووقفت سيارة الاجري أمام منزل والدها، نزلت تعطي للسائق، فتح لها الحراس الباب لتتوجه الي الداخل مشت عبر الحديقة الي باب المنزل الداخلي اخرجت مفتاحها تضعه في قفل الباب، فتحت بهدوء شديد ليقابها صمت مخيف، لا صوت لا حركة، ربما لأن الوقت لا يزال باكرا فالجميع نيام، تحركت بخفة تصعد إلي الأعلي، توحشت قسمات وجهها في شراسة، تبحث عن تلك الشقراء، توجهت مباشرة الي غرفتها فتحت بابها تخطو الي الداخل لتتوسع عينيها تتأجج غضبا، تلك الصفراء تنام بإريحية شديدة علي برأسها ترتدي أحدي منامتها الصيفية، شدت علي أسنانها بعنف لتقترب منها مندفعة قبضت علي خصلات شعرها تصيح فيها بشراسة:.
- انتي يا بتاعة أنتي، أنتي مين ومين دخلك هنا، انتي كدة حرامية أنا هوديكي في ستين داهية استيقظت انجليكا فزعة تشعر بألم بشع جراء امساك لينا لخصلات شعرها صرخت من الآلم تصيح فيها بحدة: - What are you doing , are you crazy اشتعلت عيني لينا غضبا لتلقي حقيبتها أرضا تهمس متوعدة: - أنا هوريكي جنان عيلة السويسي علي أصوله.
اندفعت لينا تحاول ضرب انجليكا كانت فقط كانت تظنها فتاة مدللة هشة كلعبة باربي صغيرة، توسعت عينيها في دهشة حين دفعتها انجليكا بعنف مخيف تصيح فيها محتدة: - Don t touch me دفعتها لينا بعنف لتسقط انجليكا علي الفراش تصيح فيها بشراسة: - انتي بتزقيني با بتاعة انتي، امشي اطلعي برة اوضتي برة.
في اييه، ايييه اللي بيحصل هنا، صدح صوت خالد الغاضب من عند باب الغرفة المفتوح، ليأتي زيدان يتبعه حسام يركضان ناحية مصدر الصوت الجميع يتسأل: - في ايه يا خالي، ايه اللي حصل يا بابا وقبل أن ينطق أحدهم بحرف قفزت انجليكا من مكانها تهرول ناحية زيدان احتضنت ذراعه تخفي وجهها داخل صدره تغمغم مرتجفة: - زيدان، آبدها آني زيدان، ضربتني وشدت شآعري وأنا نايمة زيدان، أنا مش آملتلها هاجة.
وحقا لم يصل لاذن زيدان حرف واحد مما قالت، خرجت عقله عن حيز الزمان والمكان، حين رآها تقف أمامه، فراق قصير أشبع قلبه شوقا إليها، عادت دقات قلبه تؤلمه من عنف طرقاتها تاهت عينيه يسبح في قسمات وجهها يرتوي حد الشبع وقلبه لا يعرف معني الشبع في عشقها، يظل شريد جائع لا يرتوي الا بها، كم رغب في تلك اللحظة أن يهرول إليها ينطفئ نيران قلبه بعناق قلبها، كور قبضته يشد عليها بعنف حين مر فجاءة في رأسه جملتها « بابا معاذ عايز يجي يتقدملي، أبلغه يجي أمت » كيف نسي قلبه الأحمق أنها قد نسيته من الأساس وعلي أعتاب الزواج من غيره بمنتهي البساطة وكأنها لم تحبه يوما، حمحم بعنف يبتعد بعينيه عنها رفع يده الاخري يربت علي رأس انجليكا برفق نظر لخالد يردف متضايقا:.
- جري ايه يا خالي، أنا جايبها تضرب في بيتك نظر خالد لزيدان محتدا من التصاق تلك الفتاة به وعدم إبعاده لها عنه، ليعاود النظر لابنته حمحم يردف غاضبا: - ايه يا لينا اللي انتي عملتيه دا، وبعدين انتي جيتي امتي... توسعت عينيه فزعا في اللحظة التالية ليقترب منها سريعا أمسك بذراعيها يسألها قلقا: - لينا كويسة... حركت رأسها إيجابا تنظر لتلك التس تلتصق بذراع زيدان بغل شديد يكاد يحرقها، تنهد خالد براحة يتمتم محتدا:.
- اللي خلاكي تضربيها بقي ابعدت لينا ذراعيه عن يدي والدها تكتفهم أمام صدرها نظرت لتلك الفتاة بشراسة لتعاود النظر لوالدها ابتسمت تردف ببساطة: - أنا دخلت اوضتي لقيتها لابسة هدومي ونايمة علي سريري وحضرتك عارف اني ما بحبش حد ياخد حاجتي شددت علي كلمتها الأخيرة ليبتسم خالد ساخرا فهم جيدا لما ترمي ابنته، كتف هو الآخر ذراعيه امام صدره العريض يتمتم ساخرا:.
- تقومي ضرباها ونعمة التربية اللي ما عرفتش اربيها بصراحة، اعتذري منها حالا يلا توسعت عيني لينا في حدة تعتذر من تلك الصفراء لن يحدث أبدا، لن تسمح لها بالانتصار عليها ابداا، بعيدا يقف حسام يبتسم يآسا، شقيقته تغار يري ذلك جيدا في عينيها في نظراتها التي تحاول استراقها ناحية زيدان، في نظراته المشتعلة ناحية انجيلكا، تدخل لينقذها من ذلك الموقف اقترب منهم يلف ذراعه حول كتفي لينا ابتسم ابتسامة باهتة يتمتم:.
- خلاص يا بابا حصل خير... التفت ناحية زيدان وانجيلكا يعتذر مبتسما: - أنا آسف يا انجليكا بالنيابة عن لينا.. ابعدت انجليكا وجهها عن ذراع زيدان التفتت ناحية حسام تبتسم إبتسامة صغيرة ناعمة تحرك رأسها إيجابا، لتشتعل لينا غيظا كم أرادت أن تنقض عليها وتمزق تلك الابتسامة اللعوب من فوق شفتيها، حمحم خالد بخشونة يجذب انتباههم إليه: - خلاص كل واحد يروح اوضته انتفضت لينا من جوار حسام تصيح محتدة:.
- البتاعة دي تخرج من اوضتي ما تفضلش فيها ثانية واحدة وتقلع هدومي أنا بتقرف شهقت ناعمة حزينة خرجت من بين شفتي انجليكا نظرت لزيدان بأعين دامعة واسعة كجرو صغير برئ غمغمت حزينة: - أنا بتآة، يآني إيه بتآة زيدان.
انفجر خالد ضاحكا ليشاركه حسام في الضحك بينما تقف لينا تنصهر غيظا، ضم زيدان شفتيه يمنع نفسه بصعوبة من الضحك حمحم بقوة يحاول بشتئ الطرق الا يضحك، يتذكر أحد مشاهد المسلسل قديم شهير للغاية حمحم يتذكر رد البطل ليخبرها بهدوء وهو بالكاد يمنع ضحكاته: - something good.
تعالت ضحكات خالد من جديد ليضرب حسام كفا فوق آخر يمسح دموعه التي تساقطت من شدة الضحك، اما انجليكا فابتسمت باتساع التفتت للينا تنظر لها تقول مبتسمة: - thank you أنتي كمان بتآة آلي فكرة وقع حسام علي ركبتيه ارضا تنساب دموعه مما قالت تلك الشقراء توا خاصة مع نظرات عيني لينا المشتعلة أما خالد فلولا كبريائه لسقط جوار ابنه ينفجر هو الآخر ضحكا علي ما يحدث غمغم حسام من بين ضحكات الصاخبة:.
- يا عم ابقي هاتها كل يوم يا عم نظرت لينا لحسام في غيظ تشد علي أسنانها لتركله في ساقه بعنف تأوه ينظر لها متألما مسد قدمه يهمس حانقا: - طب هي متغاظة أنا مالي ما عرفتش تتشطر علي الحمار بتتشطر علي البردعة، يعني ايه بردعة اصلا.
قاطع الصمت صوت رنين هاتف خالد التقطه من جيب بنطاله ليظهر رقم المستشفي نظر لحسام للحظات قلقلا يتمني أن يكن الأمر علي ما يرام حتي لا تختفي تلك الضحكات التي تزين ثغر صغيره، تنهد قلقا فتح الخط يضع الهاتف علي أذنه يتمتم: - السلام عليكم سمع الطرف الآخر يجيب بلباقة:.
- عليكم السلام خالد باشا، أنا دكتور منير. حضرتك مستشفي بتاعت لندن اتواصلت معانا وبلغتنا أن الطيارة هتبقي جاهزة لاستقبال الحالة بعد ساعتين في مطار القاهرة الدولي تنهد بارتياح يحرم رأسه إيجابا يردف: - تمام هكون عندك في أسرع وقت اغلق الخط يلتف لهم ليري حسام يقف أمامه مباشرة ينظر له قلقا حرك رأسه نفيا يبعد أي فكرة سيئة عن رأسه يهمس بصوت خفيض خائف: - دي المستشفى صح، ماما كويسة مش كدة هي كويسة.
ابتسم خالد يحرك رأسه إيجابا مد يده يربت علي وجه صغيره قص له ما قاله الطبيب ليغمغم حسام متلهفا: - أنا هسافر مع والدتي مش هسيبها لوحدها جاء صوت زيدان من خلفهم يغمغم في حدة: - وأنا هسافر مع حسام التفت حسام لصديقه يحرك رأسه نفيا يرفض ما يقول: - أنت عبيط يا إبني تروح فين، هتوقف شغلك وحياتك عشان خاطري ترك زيدان انجليكا تقدم يقف أمام حسام أمسك بذراعيه يغمغم مبتسما: - واضحي بحياتي عشان خاطرك يا صاحبي.
ادمعت عيني حسام ليعانق صديقه بقوة للحظة فقط قبل ان يجفل كلاهما علي صوت تصفيق بطئ تلاه صوت خالد الساخر: - تراني اتأثرت والله، حلو اوي فيلم سلام يا صاحبي الجزء الثاني دا بدل بركات ومرزق زيدان وحسام، لا انت ولا هو هينفع تسافروا، الباسبور والتأشيرة والطيارة كل دا راح فين يا باشا إنت وهو التفت حسام لأبيه اقترب منه يمسك بكف يده يترجاه متلهفا:.
- بابا أنت تقدر تعمل كل دا بمكالمة تليفون، ارجوك أنا مش هينفع اسيب والدتي اقترب زيدان من صديقه وقف جواره يتمتم في هدوء: - وأنا مش هينفع اسيب حسام لوحده.
زفر خالد حانقا من أفعالهم، كاد أن يصيح فيهم أن يتوقفوا عن أفعال الاطفال تلك، ليتوقف يتذكر محمد صديقه منذ ولادته تقريبا، لولا محمد لكان سقط كثيرا، محمد دائما كان الذراع التي يستند عليها في أصعب أوقاته وزيدان وحسام كل منهما ذراع الآخر الآن تنهد يحرك رأسه إيجابا:.
- حسام هتطلع علي المستشفي، ادي الباسبور بتاعك لزيدان، زيدان هتاخد الباسبور بتاعك وبتاع حسام وهتطلع علي (، ) هيخلصلكوا الدنيا أنا هكلمه دلوقتي، بسرعة يلا الطيارة فاضل عليها أقل من ساعتين تحرك حسام سريعا من الغرفة، وزيدان خلفه قبل أن يخرج وجد أحدهم يمسك بيده نظر للفاعل لتتوسع عينيه في دهشة، انجليكا نسي أمرها تماما، قبضت علي ذراعه تسأله خائفة: - وأنا زيدان، أنت هتسيب أنا، أنا اايزة اسافر مآك.
تنهد لا يعرف ما حل تلك الورطة التي وقع فيها دون إرادته، أمسك بكف يدها يجذبها خلفه يتمتم مبتسما: - تعالي معايا يا انجليكا تحرك زيدان بصحبة تلك الشقراء للخارج، تحت نظرات لينا القاتلة، التفتت لوالدها لتراه يتحدث في الهاتف تبدو أنها مكالمة مهمة جداا، تحركت ساقيها تبحث عنهم عند نهاية الممر الطويل وقف زيدان أمام انجليكا يحجبهم عن الرؤية عمود ضخم من الجرانيت الأبيض عقد زيدان ذراعيه امام صدره يغمغم متضايقا:.
- انجليكا ما ينفعش تسافري معايا بأي حال من الأحوال قطبت جبينها حزينة ودمعات خفيفة نزلت من مقلتيها: - ليه زيدان أنا آيزة سافر مآك، أنت ليه قول لاء خرجت منه ضحكة خافتة يحرك رأسه يآسا من تلك الطفلة، حمحم في خشونة يردف بحزم:.
- انجليكا إحنا هنا في مصر بلد شرقي ليه عادات وتقاليد، يعني سافرك معايا من الغردقة لهنا وكون تباتي في نفس المكان اللي أنا فيه، أو في رجالة غريبة عنك دا غلط، ما ينقعش يا انجليكا اخدك معايا وأنا مسافر، أنا آسف بس إحنا ما فيش بينا اي رابط قطبت جبينها تسأله متعجبة: - يآني ايه رابط زيدان ضحك بخفة تنهد يردف مبتسما: - يعني ما فيش بينا اي علاقة تربطنا يا انجليكا.
حركت رأسها نفيا بعنف قطبت جبينها محتدة تمسك ذراعه بكفيه تغمغم سريعا بوله: - لا فيه، أنا بهبك، بهبك يا زيداني وضعت يدها علي فمها تمنع صوت شهقة حادة كادت أن تنبثق من بين شفتيها تلك الصفراء تحبه، اخيرا وجدتهم لما يقف بها هناك مختفيان عن الرؤية شدت علي يسراها تغرز أظافرها في كفها بعنف تتنفس بحدة، بالطبع زيدان سيرفض حبها، زيدان يحبها هي مهما حدث، هوي قلبها أرضا تفتت لشظايا قاتلة حين سمعته يهمس لها:.
- وأنا كمان بحبك يا انجليكا بحبك اوووي حركت رأسها نفيا بعنف تنفي ما سمعت اذنيها توا، يحبها بتلك البساطة نسيها وأحب غيرها، وهي الحمقاء التي أكلها الندم علي عدم إعطائه فرصة أخري، كبحت دموعها بعنف لن تبكي من باعها ابدا، سمعت صوت صيحة الفتاة السعيدة، لتبتعد هي للخلف تهرب مما سمعت، من المكان بأكمله بينما صاحت انجليكا سعيدة حين سمعت اعترافه بعشقها رمت جسدها بين أحضانه تتمتم فرحة: - بجد زيدان أنت بتهب أنا.
اختنق من عنف عناقها ليبعدها عنه يسعل بخفة حرك رأسه إيجابا يتمتم مبتسما: - ايوة يا انجليكا بحبك، بس زي أختي As my sister عشان تفهيمها بشكل اوضح، من ساعة ما شوفتك وأنا حاسس اني مسؤول عنك كأنك بنتي او أختي الصغيرة كسي الوجوم ملامحها مطت شفتيها بحركة حزينة حركت رأسها نفيا بعنف فتحت فمها تريد أن تتحدث ليبادر زيدان قائلا بتلهف: - انجليكا أنا كدة هتأخر في عربية بسواق تبع خالي هترجعك الغردقة، ماشي.
اخفضت رأسها أرضا تحركها إيجابا بحزن طفي فوق قسمات وجهها، رفعت وجهها قليلا تهمس له حزينة: - أوادني أنك هتقولي أنت هتيجي امتي من السفر.
ابتسم يحرك رأسه إيجابا، بعد قليل كانت انجليكا تجلس في احدي سيارات خالد، اخرجت رأسها من نافذة السيارة تلوح لزيدان بحرارة تبتسم له، ليعطيها شبح ابتسامة صغيرة يلوح لها وداعا بخفة، غادرت السيارة المكان التفت ليغادر هو ليراها تقف خلفه لا يفصلهم سوي خطوتين علي الأكثر، كور قبضتيه يشد عليها بعنف كأنها مكابح تكبح زمام مشاعره الجارفة تهدجت أنفاسه يبعد مقلتيه عنها رغما عنه قبل أن ينطق بحرف سمعها تتمتم ساخرة:.
- واضح أنك بتحبها أوي قطب جبينه متعجبا للحظات لا يفهم عن من تتحدث، قبل أن ترتسم ابتسامة ساخرة علي شفتيه، توجه بعينيه لها رسم ابتسامة بسيطة علي شفتيه يردف: - ما اعتقدش إن دا شئ يفرق معاكي، أحبها او لاء، كل اللي بينا خلص خلاص رفعت رأسها لأعلي قليلا بإيباء تحركها إيجابا تبتسم متهكمة تردف بلامبلاة: - أكيد خلص، بس Really، ذوقك مش حلو حرك رأسه إيجابا يؤيد ما تقول يردف ساخرا:.
- عندك حق هو فعلا مش حلو بس، دا حلو أوي، عن اذنك.
تجاوزها مغادرا المكان بالكامل وقفت هي مكانها أنفاسها تغلي علي مرجل الغضب، وجهه اشتغل بنيران الغيرة قلبها ينفجر من الغيظ والألم!، رؤيته بعد طول غياب داعبت اوتار قلبها بلحن حاني حزين، لحن تقطعت اوتاره بما سمعته يقول، بتلك البساطة أحب اخري، ضحكت ساخرة علي حالها ولما لا يفعل، أليست تقريبا علي وشك الزواج من آخر، عادت ادراجها للداخل لتجد والدها يجلس علي احدي المقاعد أمامه كوب قهوة، البيت خلي من الجميع عداه هو والخدم، اقتربت تجلس علي مقعد قريب منه ليعتدل يستند بمرفقيه علي فخذيه يسألها قلقا:.
- لينا عاملة إيه طمنيني عليها ارتسمت ابتسامة ساخرة علي شفتي لينا تغمغم متعجبة: - هتكون عاملة إيه يعني بعد ما عرفت أن حضرتك متجوز عليها اكيد متدمرة، ما اعتقدش أنها كلت او شربت اي حاجة من إمبارح، ليه يا بابا، ليه تعمل كدة فينا كلنا تسارعت دقات قلبه قلقا، أغمض عينيه يشد عليها، يتخيل حالها الآن بالطبع أبشع ما يكون، هب واقفا يغمغم سريعا: - قومي يلا هنروحلها.
تحرك للخارج سريعا وخلفه ابنته ما أن فتح باب المنزل توسعت عينيه فزعا حين رأي بدور تقف أمامه، منظرها مروع بشع صاح فيها قلقا: - بدور في ايه انتي عاملة كدة ليه؟!
عودة إلي أسيوط في منزل الشيخ طاهر، نظر رشيد في ساعة يده قلقا، الساعة اقتربت من الحادية عشر ظهرا، نظر لغيث النائم علي المقعد المجاور له، ليقترب من جاسر يهز جسده برفق يحاول إيقاظه بخفة: - جاسر، جاسر اصحي يا إبني، جاسر فوق.
شيئا فشئ بدأت جاسر يحرك مقلتيه فتح عينيه بقدر ضئيل نظر لوالده يبتسم ابتسامة شاحبة متعبة، يشعر بألم بشع يطرق في رأسه استند علي مرفقيه يحاول أن يعتدل في جلسته، ليسنده رشيد سريعا الي أن اعتدل جالسا يقطب جبينه متعجبا ينظر حوله لذلك البيت يعرفه شكلا، عاد ينظر لوالده يسأله متعجبا: - في ايه يا بابا هو مش دا بيت الشيخ طاهر بردوا احنا هنا بنعمل إيه.
استيقظ غيث علي صوت جاسر يحرك عظام رقبته المتيبسة نظر ناحية جاسر يغمغم بصوت مرِح ناعس: - حمد لله علي السلامة يا عم، حرام عليك دا أنت عيشتنا ليلة ولا افلام الرعب، أنا بقيت مرعوب يطلعلي عفريت من تحت الكرسي دا ضحك رشيد بخفة يصدم غيث برفق علي رأسه يغمغم: - هيطلعلك عفريت في بيت شيخ الجامع يا أهبل جاسر ينظر لهم متعجبا لا يفهم حقا ما يحدث حمحم يسألهم متضايقا: - ممكن تفهموني أنا هنا ليه، انا مش فاكر حاجة خالص.
أنا هفهمك يا جاسر، حمد لله علي سلامتك الأول... جاء صوت الشيخ طاهر من عند باب الغرفة المفتوح من الداخل، التفت الجميع إليه ليبتسم طاهر دخل يحمل صينية طعام متوسطة الجحم وضعها علي الطاولة الصغيرة أمامهم يقول مبتسما: - يلا بسم الله لقمة هنية تكفي مية زي ما بيقولوا جلس طاهر جوار جاسر علي الأريكة ليلتفت جاسر له يغمغم في ضيق: - أنا مش عايز أكل أنا عايز افهم أنا مش فاكر حاجة خالص.
ربت طاهر علي يد جاسر يغمغم مبتسما بصوت هادئ: - سمي الله وركز وحاول تفتكر قطب جاسر جبينه يحاول تذكر ما حدث لما ذاكرته بيضاء لتلك الدرجات شيئا فشئ بدأت الذكريات تتدافع الي رأسه، توسعت عينيه فزعا كيف حدث ذلك، كيف فعل بها ذلك، لم يتحكم في ذاته لم يكن يتحكم في أي شئ وكأنه آلة مسلوبة الإرادة تنفذ فقط، حرك رأسه نفيا بعنف التفت لطاهر يصيح مفزوعا: - في اييه، أنا ما عملتش كدة، مش أنا اللي كنت بعمل كدة...
ابتسم طاهر حزينا علي حاله، حرك رأسه إيجابا تنهد يتمتم برفق: - مش إنت فعلا يا إبني، جاسر أنت كنت مسحور معمولك عمل، عشان يفرق بينك وبين مراتك ويخليك بالبلدي كدة خاتم في صباع مراتك الاولانية توسعت عيني جاسر في صدمة حرك رأسه نفيا يصيح مذهولا: - لاء طبعا الكلام دا مستحيل عقد طاهر جبينه يسأل جاسر متعجبا:.
- ليه يا ابني مستحيل السحر مذكور في القرآن وفي ديانات تانية والحمد لله ربك قدر ولطف واتفك العمل، حصن نفسك بأذكار الصباح والمساء وما تكسلش في صلاتك تاني، هي اللي هتحميك من شر كل مؤذي شد جاسر قبضته تهدجت أنفاسه غضبا احمرت مقلتيه لا يفكر سوي في الإنتقام التفت جاسر لطاهر يغمغم محتدا: - شاهيناز اللي عملت كدة صح حرك طاهر رأسه إيجابا ينظر لجاسر حزينا، ليلتفت لوالده يهمس له راجيا:.
- بابا احكيلي كل اللي أنا عملته الفترة اللي فاتت ارجوك عشان خاطري تنهد رشيد يحرك رأسه إيجابا ليقص له ما حدث منذ أن بدأ فجاءة دون سابق إنذار تتغير تصرفاته بالكامل، ادمعت عيني جاسر حزنا علي حبيبته التي كان اول من اذاها دون أن يدري، تذكر تلك الورقة التي دسها في جيب سرواله ليهب سريعا يبحث عنها اخرجها من جيب سرواله يفتحها يقرأ ما كتبت بأحرف نازفة:.
- أنا حتي مش عارفة أنا بكتبلك الورقة دي ليه وأنا عارفة وواثقة أنك بتكرهني وإن وجودي من عدمه مش هيفرق في حياتك، أنا بكرهك اوي يا جاسر، رفعتني بحبك لسابع سما عشان ترميني في سابع، أنا بكرهك وهفضل أكرهك طول عمري، علي فكرة أنا حامل والجنين دا أنا هنزله عشان مش عايزة اي حاجة تفكرني بيك، طلقني.
تهاوي علي الأريكة يخفي وجهه بين كفيه يشهق في بكاء عنيف قاسي، ينتفض جسده من عنف بكاءه، هرع رشيد إليه يعانقه ليرتمي جاسر بين ذراعيه يصيح بحرقة: - أنا اذيتها اوي يا بابا، اذيتها اوي، بتقولي انها حامل وهتسقط اللي في بطنها، مش عايزة حاجة تفكرها بيا توسعت عيني رشيد فزعا التقط الورقة من يد جاسر يقرأ ما فيها، ليبعد جاسر عنه بعنف يصيح فيه:.
- أنت لسه هتقعد تعيط، قوم الحق مراته، أنا اللي هربتها، خليت السواق يوصلها عند ابوها في القاهرة، قوم اجري الحقها هب جاسر سريعا يحرك رأسه إيجابا، تحرك للخارج قبل أن يخرج التفت لابيه يغمغم سريعا: - بابا مش عايز حد يعرف خالص باللي حصل هنا خصوصا شاهيناز حرك رشيد رأسه إيجابا سريعا ليهرول جاسر الي الخارج يبحث عن اي سيارة اجري تقله إلي القاهرة.
ضغط خالد مكابح السيارة بعنف تشق غبار الطريق يحاول الاتصال بصديقه مرارا وتكرارا، اجاب محمد اخيرا يغمغم متلهفا: - ايوة يا خالد عرفتلك هما في مستشفي ايه، مستشفي (، ) عارفها أدار خالد عجلة القيادة بعنف يلتف مع الطريق ليصيح في صديقه: - تجري علي فيلا حمزة بدور جاتلي منهارة تقولي انها شافت جثة الحارس في أوضته، عايزك تقلبلي الدنيا وتجبلي اللي حاول يقتل اخويا غمغم محمد سريعا:.
- ما تقلقش أنا في طريقي ومعايا البحث الجنائي وهنوصل للي عمل كدة ما تقلقش اغلق خالد الخط مع صديقه يدهس المكابح تحت قدميه بعنف أمامه فقط صورة بدور وهي تخبره مرتجفة باكية: - ااادهم، حممزة، ادهم جري علي حمزة وقف قدامه وفجاءة وقع علي الأرض ودم كتير، والحارس كان في الأوضة علي الأرض دم، مات.
من تلك الكلمات المبعثرة المرتجفة كون جمل مفيدة مرعبة، أهمها أن أحدهم حاول قتل أخيه وادهم ضحي بنفسه فداءا له، وثانيا حارس منزل أخيه قُتل هو الآخر، من الجيد أن بدور علي ما يرام هي والصغيرين وصل أخيرا الي عنوان المستشفي التي أخبره بها صديقه، نزل يركض، حقا تعب قلبه من الركض خلف مشاكل تلك العائلة، بعد طول ركض وصل اخيرا الي حيث رأي أخيه يقف أمام غرفة العمليات، هرع إليه يسأله فزعا: - حمزة طمني علي أدهم.
انهارت آخر ذرة ثبات عند حمزة ما أن رأي أخيه ليرتمي بين ذراعيه ينوح باكيا كطفل باكيا: - ابني بيموت يا خالد بقالهم اكتر من خمس ساعات جوا، يا رب، يا رب خليهولي، أنا كنت هسامحه والله كنت هسامحه، وهخليه يتجوز مايا، جري وقف قدامي وخد عني الرصاصة، ياريته ما كان جه، ياااارب... ربت خالد علي رأس أخيه يحاول تهدئته، يهمس لها بترفق: - بإذن الله هيبقي كويس اهدی إنت بس وادعيله.
ياااارب، صاح بها حمزة برجاء يفتت قلبه، لم تمر سوي لحظات وانفتح باب غرفة العمليات ليهرع حمزة وخالد ومايا ناحيته، امسك حمزة بذراعي الطبيب يصيح فيه قلقا: - طمني ابني، ابني حالته ايه تنهد الطبيب حزينا ليردف مكملا: - أنا آسف!
خلص الفصل ما تنسوش الدعم بلايك وكومنت برأيكوا بالتوفيق ومن نجاح لنجاح بإذن الله.