logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 21 من 81 < 1 56 57 58 59 60 61 62 81 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:27 صباحاً   [175]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث والستون

حين بدأت تفتح عينيها من جديد شيئا فشئ ببطئ شديد يشعر بألم بشع يحطم عظام جسدها تعجز عن تحريك إصبع واحد من أصابعها جسدها وكأنه مقيد بحبال من السراب، بدأت تحرك رأسها ببطئ شديد يمينا ويسارا، أين هي في غرفة لا تعرفها يديها غير مقيدة جوارها ولكنها تعجز حتي عن رفعها، شيئا فشئ بدأت تتذكر ما حدث توسعت عينيها فزعة مرتعدة، جالت بعينيها علي ثيابها لتشعر بالقليل من الراحة حين رأت ثيابها كما هي، ولكن لما تعجز عن الحركة بالكاد يمكنها تحريك رأسها، شهقة فزعة ضعيفة خرجت من بين شفتيها حين رأته يدخل الي الغرفة، يبتسم ابتسامة مخيفة مرعبة، توسعت ابتسامته حين رآها مستيقظة، توجه ناحية الفراش يتكأ علي ساعده جواره، مد يده الاخري يتحسس بها خصلات شعرها ببطئ مقزز، يهمس باستمتاع متلذذا بخوفها:.

- صباح الفل يا بيدو، تعرفي أنك وحشتيني اوي، لاء حقيقي وحشتيني...
حاولت بجهد مستميت أن تحرك جسدها لتبتعد عنه دون فائدة جسدها لا يستجيب لأوامر عقلها الخائف، تسارعت أنفاسها ذعرا حين سمعت ضحكاته المجلجلة الساخرة يردف في خبث:
- ايه يا حبيبتي مش عارفة تتحركي، ومش هتعرفي عشان أنا حقنتك وانتي نايمة بمهدئ بيعمل ارتخااء في كل عضلات الجسم، واحد صاحبي بيشتغل صيدلي هو اللي قالي عليه.

حركت رأسها ناحيته تنظر له هلعة مزعورة انسابت دموعها يصور عقلها أبشع ما يمكن أن يفعله بها بالكاد خرج صوتها ضعيفا شاحبا من الخوف:
- لييه، لييه، أنا جبتلك اللي أنت عاوزه، ليه تعمل كدة
لاحت ابتسامة شيطانية خبيثة علي شفتيه ينظر لها من أعلي لأسفل حرك يده بلين خبيث علي طول وجهها يتمتم متوعدا:.

- باخد حقي يا قلبي، ما كنتي عايشة وراضية وحاطة لسانك جوا بوقك، لازم بقي نروح نشتكي للباشا، لا بقي معايا مليم ولا عارف الاقي شغل مش باقي غير اني اشحت في الشوارع بسبب الباشا الكبير...
توحشت نظراته، اتسعت ابتسامته يمسك خصلة كبيرة من شعرها يلفها حول يده يكمل ساخرا:.

- كان لازم اخد حقي، وانا عارفك كويس يا بيدو احنا عشرة بردوا، بتبقي اغبي خلق الله لو الموضوع ليه علاقة بوالدك، فعشان كدة قررت اضغط عليكي بيهم، عشان اخد جزء بسيط من حقي
نظرت له كارهة نافرة لا تصدق أن ذلك الشيطان الجالس جوارها الآن أنها أحبته يوما، أصرت علي الزواج منه، رغم معارضة خالد الشديدة ليتها استمعت إليه وقتها، بصقت علي وجهه مشمئزة كارهة تردف بشراسة:.

- واديني اديتك الفلوس اللي طلبتها عايز مني ايه تاني
تعالت ضحكاته مد يده يمسح وجهه، ليشير الي ثرية معلقة في السقف امامها مباشرة، نظرت الي ما يشير تقطب جبينها للحظات لتشخص عينيها فزعا حين رأت كاميرا صغيرة معلقة علي الثرية، سمعته يردف في تلك اللحظة بخبث مخيف:.

- شايفة الكاميرا دي يا روحي، واحد صاحبي بردوا عنده محل اجهزة، استلفتها منه، الكاميرا الحلوة دي هتصور لحظتنا الجميلة مع بعض، عرفتي ليه بقى أنا اديتك مهدئ عشان ما حدش يقول اني بغتصبك لا خالص، والفيديو الجميل ينزل علي كل المواقع هتبقي ترند يا روحي
توسعت عينيها فزعا تنساب دموعها قهرا تحرك رأسها نفيا بعنف تعالت شهقاتها تتوسله راجية:.

- لا والنبي يا أسامة ما تعملش فيا كدة دا أنا أم ولادك، أنت ازاي كدة، شيطان مش بني آدم
تعالت ضحكاته الخبيثة ليعتدل واقفا امامها يردف متهكما:
- مراية الحب عامية يا روحي، وزي ما ابوكي الباشا بهدلني عشان خاطر عيون السنيورة، أنا هحط رأسه في التراب، مش هخليه يعرف رأسه بعد كدة
انهي كلامه لينزع عنه قميصه توسعت عينيها فزعا تحرك رأسها نفيا، تحاول تحريك جسدها دون فائدة، أغمضت عينيها تهمس داخل قلبها:.

- يارب، يارب، يا رب
فتحت عينيها فجاءة علي صوت تصفيق بطئ نظرا معا للفاعل، ليصفر وجه أسامة خوفا بينما توسعت ابتسامة بدور تنساب دموعها في ارتياح، عند باب الغرفة يقف حمزة يبتسم ابتسامة واسعة مخيفة يرتدي قفازات من الجلد الأسود يحمل في يده مسدس مزود بكاتم صوت، تحرك ناحيتهم ببطئ خطوات يسمع صداها وقف بالقرب من أسامة ابتسم يردف في هدوء تام:.

- لاء حقيقي حوار هايل، لاء اتأثرت جامد، هيبقي ليك مستقبل هايل في التمثيل، دا لو عشت
توسعت عيني أسامة فزعا صدمة الجمت حركة جسده يقف كالصنم يعجز حتي عن النطق، ليحرك حمزة المسدس في يده بخفة اردف مبتسما:
- قولي بقي يا أس انهي أيد اللي كانت بتحسس علي وشها...
نظر ناحية يده اليسري لتتوسع ابتسامته قطب جبينه كأنه يفكر:
- بيتهيئلي دي مش كدة.

انهي كلامه بصرخة قوية من اسامة التي اخترق يساره رصاصة من مسدس حمزة ليسقط علي ركبتيه ارضا يصرخ من الألم، لتخرج صرخة فزعة من بين شفتي بدور أثر ما حدث، نظر حمزة ناحيته يرفع سبابته يضعها امام شفتيه يهمس بهدوء:
- هششش، درة وبعدين اتفزعي بهدوء لو سمحتي، أنا مصدع ولسه ما شربتش قهوتي.

توجه ناحية أسامة يقبض علي فكه بعنف يرفع وجهه لأعلي ارتسمت ابتسامة سوداء مخيفة علي شفتي حمزة يغرز أصابعه بقسوة في وجه أسامة، خرجت ضحكة خفيفة ساخرة من بين شفتي حمزة يتمتم متهكما:
- الصياعة ليها ناسها ومش كل نسناس هب ودب هيفتكر نفسه ناصح، وهيعمل صايع، أنا ممكن ادفنك هنا وما حدش يدري بيك، زيك زي كلب من كلاب الشوارع، مالوش دية.

دفع جسد أسامة بعنف ليسقط أرضا يتأوه من ألم تلك الرصاصة المستقرة تنهش في ذراعه الأيسر كأنها وحش ضاري، ليصيح من الألم حين لكمه حمزة بحذائه بعنف في بطنه تكور حول نفسه يبكي من الألم، ليرفع حمزة سلاحه سحب أجزائه بعنف يبتسم ساخرا:
- يمكن لو كنت شربت فنجان قهوتي الصبح ما كنتش نهيت معاك بدري كدة، رصاصة واحدة وهتترمي في حفرة مش هنسمع سيرتك تاني.

توسعت عيني أسامة ذعرا يحرك رأسه نفيا بهلع، وجه مسدسه لرأس أسامة كاد أن يطلق الرصاصة حين سمعها تصرخ مذعورة:
- لا، لا ما تموتوش، أرجوك لاء
رفع حمزة وجهه ينظر لها مدهوشا نظرته كانت مزيج من الذهول والسخرية كأنه يقول حقا بعد كل ما فعل، انهمرت دموعها تشق وجنتيها فقط تحرك رأسها نفيا ارتجفت نبرتها تصيح بقهر:.

- ما تبصليش كدة، أنا بكرهه وهفضل أكرهه لحد ما اموت، بس ما تموتوش، مش هقدر أعيش معاك بعد كدة بعد ما شوفتك بتموت واحد قدام عينيا، مش عايزة ابقي السبب في موت ابو أولادي، عشان خاطري يا حمزة ما تموتوش
لأول مرة يسمع اسمه مجردا منها رغم ما هم فيه الا أنه ابتسم حين سمع اسمه يخرج من بين شفتيها دون ألقاب، توسعت ابتسامته ينقل انظاره وبين ذلك الملقي أرضا، أعاد سلاحه لغمده يتمتم مبتسما:.

- هو كلام يحترم وأنا للأسف مضطر احترمه عارفة ليه مش عشان الكلب دا صعب عليا، ولا علي عشان ازاي هتعيشي مع واحد قتل قدام عينيكي، عشان أنتي قولتيلي يا حمزة بس
وجه حمزة انظاره لذلك الملقي أرضا يشعر بغضب عارم تسيطر علي دمائه ما أن ينظر لوجهه فقط، لم يشعر بنفسه سوي وهو يركل وجهه اسامة بقدمه بعنف، لكمة عنيفة جعلت الأخير يصرخ من الألم، ليصدح صوت حمزة العالي:
- حسسسسسن.

دخل ذلك الحارس الضخم اقترب من حمزة يهمس بصوت خفيض قلق:
- حمزة باشا، خالد باشا علي آخره وبيقول لحضرتك لو ما جتش دلوقتي حالا هيجي يهد الدنيا أنا آسف يعني علي دماغ حضرتك...
خرجت ضحكة خفيفة ساخرة من بين شفتي حمزة، ليتوجه ناحية فراش بدور حملها بين ذراعيه يتوجه لخارج الغرفة التفت حمزة لحسن يقول مبتسما في شر:
- حسن هاتله دكتور يا حبيبي، وشوف خالد بيخزن الحبابيب فين وحطه معاهم.

قال ما قال ليأخذ بدور متجها الي الخارج نظر لها قبل أن يخرج يقول مبتسما:
- قولي يا حمزة كدة تاني.

لم ترد فقط أغمضت عينيها تستلم لتلك الاغماءة، ماحدث لم تتخيل حتي في أبشع كوابيسها أن تمر به، نظر لها حمزة مشفقا يتذكر، كان هو نفسه الدنئ الشرير قديما، اختطف لينا كان يود إيذائها كان عليه أن يتذوق من نفس الكأس، يشعر بنفس الذعر فتح باب السيارة المجاور له يضعها علي المقعد برفق، يعقد حزام الامان حول جسدها برفق، استقل مقعد السيارة عائدا بها إلي بيت أخيه.

أنهت محاضراتها الأولي بذهن شارد لم تكن حاضرة، تقريبا لم تستمع لأي ما قال الاستاذ المحاضر ذهنها هناك سافر وتركها تشعر بالندم علي ما قالت لوالدتها ولكنها حقا تشعر بالاختناق من معاملة والدها أنها نسخة من والدتها لما يريدها نسخة منها، دمائه التي ورثتها منه ترفض الاستسلام الخضوع، تكره تجبر اي من كان عليها، انتهت المحاضرة اخيرا، لتتحرك تلتقط كتابها خرجت الي مقهي الجامعة الكبير، الي أحدي الطاولات الفارغة اتجهت تشعر بأن هناك من يراقبها، وربما فقط تتوهم، ارتمت بجسدها علي المقعد تفكر، هل زيدان حقا يستحق مسامحتها بتلك البساطة، فكرة عودتها إليه من جديد تثير داخلها فزع تذكرها بتلك الليلة البشعة التي اغتالها فيها دون ادني رحمة، حتي لو رغما عنه كيف تنسي بتلك السهولة، اخفت وجهها بين كفيها تفكر، لتشعر بأحدهم يجلس جوارها رفعت وجهها تنظر للفاعل لتتوسع عينيه فزعا تغمغم متلهفة:.

- معاذ، ايه اللي عمل فيك كدا
ارتسمت ابتسامة مجهدة صغيرة علي شفتي ذلك الشاب الجالس جوارها يتمتم في هدوء:
- ما تخافيش حادثة بالعربية، الحمد لله قدر ولطف، أنا كنت جاي اشوفك واطمن عليكي، عاملة إيه دلوقتي
تنهدت حائرة تحرك رأسها نفيا بخفة، تشعر باختناق حاد يجثم فوق قلبها مسحت وجهها بكفي يدها تتمتم شاردة:
- مش عارفة يا معاذ، مش عارفة حتي أنا كويسة ولا لاء، حاسة اني في دوامة مش عارفة اخرج منها.

حاول أن يهدئ من حيرتها قليلا فهمس بصوت خفيض هادئ:
- يا لينا اللي انتي فيه دا طبيعي انتي خلاص قررتي وبدأتي تتخلصي من قيود والدك واللي اسمه زيدان دا، كل اللي حواليكي هيحسسوكي أنك غلط، انتي صح وهما غلط.

ابتسمت له ممتنة ليبادلها الابتسامة بأخري هادئة حانية، مد يده كان يود أن يربت علي كف يدها لتهب عاصفة هوجاء غبار أسود قاتل هب فجاءة كالريح العاصفة، قبض علي كف يده قبل أن يصل ليدها يحطم أصابعه في قبضته ليطلق معاذ صرخة قوية متألمة وتصرخ لينا فزعة مما حدث، قبض زيدان علي تلابيب ملابس معاذ يجذبه ليقف أمامه يصيح فيه:.

- مش أنا قولتلك لو شوفتك جنبها هدفنك مكانك، ايه الضرب ما بيقحوش فيك، دا لسه معلم علي خلقتك
شهقت لينا في صدمة تنظر لزيدان بشراسة هو من فعل به ذلك، اندفعت ناحيتهم تصرخ بشراسة تدفع زيدان في صدره بعنف بعيدا عن معاذ تصيح فيه:
- أنت اللي فيه عملت كدة، إنت إيه يا أخي حيوان، أنا مش قولتلك تبعد عنه
رماها زيدان بنظرة حادة مشتعلة غاضبة ليترك معاذ يقبض علي ذراعيها يصيح فيها طفح كيله نفذ صبره الي هنا وكفي:.

- انتي عايزة ايييه بالظبط عايييزة ايييه، يا شيخة حرام عليكي، ذالل نفسي بقالي سنين عشان بس تحسي بحبي ليكي، كانت غلطة والله ما كنت في وعيي، اعتذرلتلك بدل المرة ألف، وكنت مستعد اعتذر تاني وتالت واعمل اي حاجة في الدنيا عشان اعوضك عن اللي حصل، بس انتي قاسية يا لينا، قاسية أوي، شايله قلبك خااالص، أنا هطلقك مش دا اللي انتي عيزاه، هطلقك، بشرط تتنازليلي عن ابني اللي انتي حامل فيه، يا أما كدة يا ما فيش طلاق.

رماها بنظرة باردة نظرة خاوية تماما من عاطفة زيدان التي تعرفها ليبعدها عنها تركها ورحل يشعر بالاشمئزاز منها ومن نفسه، غادر كما جاء فجاءة غادر فجاءة، تهاوت هي علي مقعدها مرة أخري، قاسية هي القاسية بعد كل ما حدث هي القاسية، انحدرت دموعها تغرق وجهها أخفت وجهها بين كفيها تشهق في بكاء عنيف، اندفع معاذ ناحيتها جلس جوارها يحاول تهدئتها بشتي الطرق الممكنة:.

- لينا اهدي يا لينا، لينا عشان خاطري ما تعمليش كدة، طب عشان خاطر اللي في بطنك، انتي حامل واللي انتي بتعمليه دا غلط
رفعت وجهها عن كفيها تحتضن بطنها بذراعيها تشهق في البكاء تتمتم من بين بكائها العنيف:
- عايز ياخده مني يا معاذ، بعد كل اللي عمله لسه عايز يأذيني تاني، أنا مستحيل اسبله ابني ابدااا
حرك رأسه إيجابا سريعا يردف سريعا متلهفا:
- مش هياخده والله مش هياخده، اهدي أنتي بس هقوم اجيبلك كوباية عصير.

تركها وغادر بينما جلست هي مكانها ترتجف بعنف تتذكره صياحه مرة تليها أخري تنساب دموعها دون توقف، استسلم هو لم يعد يريدها، كيف يتركها هو من حطمها، هو من يجب أن يتحمل نتيجة ما فعل، يأس منها بتلك السرعة، مر الكثير من الوقت حتي شعرت أن معاذ غادر من الأساس، التفتت حولها لتجده عائدا من هناك يحمل كوب عصير في يدها توجه ناحيتها يضع الكوب امامها يتمتم معتذرا:
- معلش الكافتريا زحمة اشربي العصير عشان تهدي شوية.

رفعت وجهها المجهد إليه تنظر له بعينيها الغائرة الحزينة الشاردة، حركت رأسها إيجابا تلتقط كوب العصير ترتشف منه علي مهل الي أن شربت ثلثيه تقريبا، قامت تستند علي الطاولة لتقف معتدلة التقطت حقيبة يدها تتمتم في شحوب:
- معاذ أنا تعبانة وعايزة اروح
هب يقف سريعا يبادر قائلا بتلهف:
- تحبي اوصلك
حركت رأسها نفيا بخفة تبتسم في إجهاد واضح تهمس بخفوت:
- لا يا معاذ أنا معايا العربية والسواق، هبقي اكلمك.

تركته وغادرت بينما وقف هو ينظر في اثرها حزينا علي حالها، ذلك الأحمق الذي تزوجها يؤذيها بشكل بشع، ظل يتابعها الي أن اختفت من أمام عينيه ليتهاوي جالسا علي مقعدها ينظر لكوب العصير الخاص بها، شبه فارغ الا من ربعه الأخير مد يده يلتقط الكوب يبحث عن ذلك الموضع الذي لامسته شفتيها ليرتشف ما بقي من الكوب...

علي صعيد آخر في منزل عمر السويسي...

خرج من مرحاض غرفته، يجفف خصلات شعره، الساعة الآن قرب الخامسة، تالا في المطبخ تعد الغداء، خرج من الغرفة يأخذ طريقه الي المطبخ، سيعوضها سيفعل أي شئ لتسامحه، ما فعل في حقها كان بشعا، دخل الي المطبخ بخفة يبحث عنها ليجدها هناك تقف أمام المقود تحرك شيئا ما بملعقة خشب كبيرة، ارتسمت إبتسامة عابثة علي شفتيه يريد حقا أن يجرب ذلك المشهد الذي يراه في الأفلام الإنجليزية، اتجه ناحيتها بخفة يمشي علي أطراف أصابعه الي أن وقف خلفها احتضن جسدها فجاءة لتشهق الأخيرة فجاءة دفعته بعنف بعيدا عنها ليسقط علي ظهره أرضا ينظر لها مصدوما تنكمش ملامحه من الالم تأوه بصوت عالي يصيح بنزق:.

- ايه يا تالا يا حبيبتي انتي بتلعبي كارتية يا روحي، دي زقة دي، غضروفي راح
عقدت تالا ذراعيها أمام صدرها تنظر له نافرة عذره الوحيد أنه لا يتذكر ما حدث والا لكانت وضعت تلك الملعقة داخل حلقه وقتلته ابتسمت في اصفرار تردف في براءة:
- ما أنت خضتني يا عمر، حد يعمل كدة
مسد عظام ظهره برفق انكمشت قسماته يردف متألما:.

- كنت عايز ابقي رومانسي، اعمل زي ما بيعملوا في الأفلام الاجنبي، عمودي الفقري مش حاسس بيه منك لله يا شيخة، انتي واقفة تضحكي تعالي قوميني
تعالت ضحكاتها المتشفية علي ما حدث له، توجهت ناحيته تمسك بذراعه تحاول جذبه تتشدق ساخرة:
- قوم يا اخويا قوم
اخوكي، نطقها باشمئزاز ينظر لها مغتاظا لتجذبه من ذراعه بعنف وقف علي ساقيه اثرها ينظر لها مدهوشا لف ذراعه حول رقبتها يتحركان لخارج المطبخ ليتمتم متألما:.

- بعد الشدة دي قوليلي قوم يا اختي، متجوز لاعب كمال أجسام
ضحكت تالا تسخر مما يقول ليتحرك بصحبتها إلي غرفة النوم دفعته الي الفراش ليتأوه متألما يصيح فيها:
- براحة يا تالا اعتبريني زي عيالك
لم تتغير تعابير تالا الساخرة فقط اقتربت منه جلست جوار رأسه تربت خصلات شعره تتمتم ساخرة:
- طب يا حبيب ماما نام علي ما اخلص الاكل، مش كل شوية تدخل تلعب في المطبخ وتبهدلي الدنيا.

رفع حاجبيه مندهشا مما تقول لما تحادثه كأنه طفل صغير في الخامسة من عمره لاحت ابتسامة خبيثة علي شفتيه يتمتم في عبث:
- حاضر يا ماما، بس احكيلي حدوتة الأول ولا اقولك، اعملي لي رز بلبن فرن
نظرت له متهكمة ساخرة لتمسك خديه كأنه فقط طفل صغير تتشدق متهكمة:
- طب يا حبيب ماما بكرة هعملك اللي أنت عاوزه.

ضيق عينيه ينظر لها مغتاظا، لتتبدد نظراته الي أخري حانية مشرقة عاشقة مد يده يبسطها علي وجهها برفق ابتسم يتمتم بشغف:
- طب قوليلي بحبك
شحب وجهها إثر جملته، توسعت عينيها تنظر له متوترة، قلبها يطرق بعنف، عقلها يصيح غاضبا، لسانها يعجز عن النطق بحرف، كيف تنطقها بعد ما رأت، بعد أن عرفت خيانته لها، لا والف لا قلبها يرفض قولها، حمحمت تردف مرتبكة:
- أنا هقوم اعملك رز بلبن.

تحركت تغادر ليقبض علي رسغ يدها يمنعها من الفرار من جواره سلط مقلتيه علي عينيها يهمس لها بعشق فائض:
- أنا مش عايز رز بلبن يا تالا، أنا عايز اسمعك كلمة بحبك، ليه كل ما نبقي مع بعض بتهربي مني، أنا عملت حاجة زعلتك قبل الحادثة، قوليلي
حركت رأسها نفيا بعنف لتنهمر دموعها تحاول دفعه بعيدا عنها تهمس له راجية:
- أرجوك يا عمر ابعد عني، مش هقدر صدقني مش هقدر حتي انطقها.

توسعت عينيه فزعا ليهب معتدلا أمسك ذراعيها برفق يسألها متلهفا قلقا:.

- ليه يا تالا أنا عملت ايه طيب، أنا بحبك والله بحبك، دا أنا صحيت خالد يوم صباحيته الساعة 6 الصبح عشان اقوله أنا بحب تالا يا خالد واداني حتة قلم ساعتها، بس ما فرقش معايا، ما يفرقش معايا غيرك انتي والبنات، انتي دايما عيزاني بعيد عنهم، بتحسسيني اني مكروهة وسطكوا يا تالا، عشان خاطري أنا آسف علي اللي عملته ومش فاكره بس ما تكرهنيش يا تالا أنا بحبك، بحبك اووووي.

انخرطت في بكاء عنيف ليسرع بضمها بين أحضانه يخفي جسدها بين ذراعيه يقبل رأسه بين حين وآخر يتمتم نادما:
- عشان خاطري أنا آسف سامحيني.

هي فقط تحرك رأسها نفيا تحاول الابتعاد عنه وهو يرفض ويشدد علي عناقها، قاطع تلك اللحظات دقات علي باب الغرفة ابتعدت تالا عنه سريعا تمسح دموعها ليزفر هو حانقا يرغب في قتل نفسه حرفيا تنهد يسمح للطارق بالدخول، دخلت سارين في تلك اللحظات تبتسم بتوسع التفت حول الفراش لتتجه ناحية والدها من الاتجاه الآخر قبلت وجنته تردف مبتسمة:
- بابا حبيبي عامل ايه دلوقتي
ضحك عمر عاليا يقرص وجنتها بخفة يتمتم ساخرا:.

- يا بنت عمر بتسألي علي صحتي بردوا، ما تقلقيش يا ستي، حجزنا الفرح يبقي عائلي في فيلا عمك خالد آخر الأسبوع الجاي
قطبت سارين جبينها متفاجئة كانت تظن أن زفافها نهاية ذلك الأسبوع فتحت فمها لتسأله لما، ليبادر هو يتمتم ساخرا:
- يا ست المدلوقة، شقة عثمان لسه هتتنضف ونبعت هدومك، والعمال اللي عمك خالد بيتعامل بيعملوا صيانة، فأقرب ميعاد آخر الأسبوع الجاي
تنهدت سارين حانقة تهمس بصوت ظنته خفيض:.

- لسه آخر الأسبوع الجاي دا ايه الفرح النحس دا، أنا هتجوز امتي وأنا طالعة علي المعاش
توسعت عيني عمر في دهشة ينظر لتلك الصغيرة ليمسك احدي أذنيها يتمتم حانقا:
- يا بنت الجزمة يا مدلوقة دا أنا خايف علي الواد منك، اطلعي يا بت برة لهلغي الفرح خالص
ابتسمت سارين ببلاهة لتفر للخارج بينما ينظر هو في أثرها مدهوشا يتمتم متحسرا:.

- أنا عرفت ليه عمر ما كنش عايز يخلف بنات في فيلم عمر وسلمي، علي رأي المثل دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا، الحمد لله اني ما كنتش بتجوز عرفي
صمت للحظات ليصيح فزعا مذعورا:
- يا نهار اسود دا أنا عملت انيل، سارين خدي هنا يا بت ما فيش خروج من البيت تاني!

في شركة آل مهران جروب للسياحة.

كان ذلك الوقت هو المحدد لاستراحة موظفي الشركة، خرجت من مكتبها تمشي خلف البقية ابتسامة بلهاء تعلو ثغرها تتذكر مديح مديرها المباشر، وإعجابه بتصميمتها، مما أعطاها دفعة وحافز قوي للاستمرار في العمل، اكتشفت وهي تجلس علي مكتبها الخاص بين الكثير من الناس أنها كانت تعش حياة مغلقة تافهة لا يشغل بالها سوي توافه الامور، الهدايا، السهرات، الفساتين الباهظة التي يكتظ دولاب ملابسها بها، اعتادت علي أن تطلب فقط وكل شئ يأتي تحت امرتها، أما الآن تشعر بحماس غريب وكأنها فتاة أخري، قناة جديدة من انقاض تلك القديمة كعنقاء احترقت لتعد من جديد برونق آخر، طلبت طعامها لتأخذه متجهه الي تلك الطاولة البعيدة عن الجميع تجلس عليها تنظر لذلك الجمع حولها، ربما يوما ستندمج معهم، تنهدت تبتسم سعيدة رفعت وجهها حين شعرت بحركة قريبة منها لتتجمد الابتسامة فوق شفتيها توسعت عينيها في صدمة حين رأته جذب مقعد ويجلس أمامها يبتسم، جالت بعينيها علي قسمات وجهه بتلهف، لم تكن تعرف أنها اشتاقته بذلك القدر إلا الآن، ترغب حقا في تلك اللحظة بأن ترمي بنفسها بين ذراعيه تعانقه تخبره بأنها اشتاقته في كل لحظة مضت، ازدردت لعابها تحاول الا تنظر ناحيته، لينتفض جسدها حين شعرت بيده امتدت تمسك بكف يدها يسألها متلهفا مشتاقا:.

- ازيك يا مايا عاملة ايه وحشاني اوي، انتي كويسة
سحبت يدها من يده بحركة عنيفة جعلته ينظر لها مندهشا اخفضت رأسها تتجنب النظر إليه تتمتم بصوت خفيض مختنق:
- الحمد لله كويسة
طال الصمت من ناحيته لترفع وجهها تنظر له لمحة خاطفة لتراه ينظر ناحيتها يبتسم باشتياق اشاحت بوجهها بعيدا عنه تهمس بخفوت بارد:
- ممكن بعد إذنك تتفضل تمشي
جملتها افزعته توسعت عينيه في فزع ينظر لها مصدوما ليهدر متعجبا فزعا:.

- امشي!، أنتي عيزاني امشي يا مايا، مايا أنا أدهم
رفعت وجهها إليه لتدمع عينيها رغما عنها سيطرت غصة عنيفة علي نبرة صوتها:
- أدهم مين، أدهم اللي حبيته سنين وفي الآخر كان بس بيستغلني عشان يحقق انتقامه من بابا، اللي عمره ما أذاه، أنا ما اعرفكش عن إذنك.

قالت ما قالت وتركته تحت تأثير تلك الصاعقة التي خرجت من شفتيها لتغادر الطاولة تسرع خطاها الي أين لا تعرف هي فقط تشعر بالاختناق تود أن تنفرد بحالها فئ مكان مغلق لتنفجر في البكاء، اصطدمت في طريقها بأحدهم لتتمتم:
- أدهم، قصدي رعد أنا آسفة
نظر رعد لها قلقا من حالتها ليسألها متلهفا:
- مالك يا مايا.

حركت رأسها نفيا بعنف تشعر بدموعها تتساقط لتهرول من أمامه الي المرحاض الخاص بالموظفات، بينما وقف رعد ينظر في أثرها متعجبا لمح بعينيه أدهم يجلس بعيدا رأي دموعه المتحجرة ليتنهد حزينا علي حالهما معا لما يجب أن يكون العشق مؤلم لتلك الدرجة، ابتسم ساخرا يسخر من حاله من الجيد إذا أنه لم يعشق، عاود النظر ناحية أدهم ليأخذ طريقه إليه ربما يمكنه مساعدتهم مرة أخري.

حين بدأ عقلها يستجيب للدنيا من جديد أصوات كثيرة متتداخلة تأتي من كل مكان حولها اقربهم صوت سيدة صوت مألوف تعرفه يتمتم باراتياح:
- أهي بدأت تفوق أهي، بدور أنتي سمعاني.

شيئا فشئ بدأت تفتح عينيها من جديد لتبصر وجه ثلاثة لينا وخالد وحمزة، لينا تجلس جوارها والرجلين يقفين أمام الفراش زاغت عينيها للحظات لتغمضها متحسرة علي حالها حين تذكرت آخر ما حدث معها، لولا مجئ حمزة لكانت عانت الأمرين، نظرت ناحية لينا حين شعرت بها تمسح علي شعرها تهمس لها بحنو:
- انتي كويسة يا حبيبتي
ابتسمت في وهن تحرك رأسها إيجابا ببطئ لتنتفض فزعة علي صوت خالد يزمجر غاضبا:.

- زي القرد أهي، أنا عايز أعرف بقي إيه اللي خلي الهانم تخبي عليا، مستنية ايه لما يغتصبك ويصورك يا غبية، خايفة منه بعد كل اللي عملته فيه لسه بتخافي منه
نظرت بدور له فزعة تنساب دموعها رغما عنها لتصيح لينا تحاول ردعه عما يقول:
- خالد مش كدة إنت مش شايف حالتها
فجاءة وبدون سابق إنذار انفجر خالد كبركان غاضب عنيف:.

- حالة ايه وزفت إيه، وانتي عارفة حالتها كانت هتبقي ايه لو حمزة ما عرفش بأن الحيوان دا كان بيهددها، أنتي عارفة حالتي أنا كانت ايه وأنا عارف انها رايحاله، وحمزة رافض إني اتدخل، مش عارف هيلحقها ولا مش هيلحقها الكلب دا هيعمل فيها ايه، ليييه لأن بدور هانم ما بتفكرش، بدور هانم شايلة مخها وحاطة مكانه طبق لوبيا، كل اللي هي فالحة فييييه، أنا مش عايزة اتقل عليك يا بابا.

خالد كفاااية، صاح بها حمزة عله يوقف سيل السباب الذي يخرج من فم أخيه ولكن خالد لم يتوقف بل اندفع ناحية أخيه يقبض علي تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- وأنت مالك، بنتي وبربيها، إن شاء الله حتي أكسر دماغها مالكش فيه
هنا غضب حمزة بلغ به الغضب منه ليمسك بملابس أخيه يصيح غاضبا:
- هي لا بنتك ولا أنا هسمحلك تمد إيدك عليها...

قبض خالد علي كفي حمزة يبعد قبضتيه عن ملابسه يدفعه بعيدا عنه نظر له حانقا ليتركهم ويخرج من الغرفة، جلست لينا جوار بدور تحاول التخفيف عنها قليلا، ووقف حمزة بعيدا ينظر لها مشفقا علي حالها، اقترب يجلس علي مقعد جوار فراشها ينظر لزوجة أخيه يتمتم في هدوء:
- معلش يا لينا عايز اتكلم مع بدور كلمتين.

نظرت له تحرك رأسها إيجابا لتتركهم متوجهه الي الخارج، ظل هو صامتا للحظات فتح فمه يود سؤالها عن حالها لتبادر هي تهمس مرتبكة:
- ااانت عرفت منين
زفر أنفاسه المختنقة يحرك رأسه إيجابا يخبرها ما حدث:
- فاكرة الليلة، اللي روحتي نمتي فيها جنب مايا وأنا روحت ابات عند خالد وسيلا
حركت رأسها إيجابا ليكمل هو:.

- موبايلك رن مرة واتنين وتلاتة، أنا تجاهلته لأنها خصوصياتك مش من حقي اشوفها، بس لما الموضوع زاد قولت يمكن حاجة مهمة، لما فتحت الموبايل كان اللي بيرن فصل، وجت بعدها رسالة من البيه، كان فاكرك بتتهربي منه عشان ما بترديش علي اتصالاته وبيهددك انك تجيبله 250 الف جنية، استنيتك تحكيلي او تحكي لخالد ما فيش، فقولت أنا لخالد وعملنا لعبة ال 250 ألف جنية، وركبت شريحة تتبع في موبايلك وكنت وراكي خطوة بخطوة، وكويس أوي أني عرفت صدفة، أنا بقي دلوقتي اللي عايز اسألك يا بدور ليه خبيتي ليه ما قولتيش ليا أو لخالد.

انسابت دموعها في صمت تعنف نفسها حمقاء غبية كما قال هو تماما، الآن فقط عرفت سر لهجة خالد الغريبة صباحا
Flash back
استيقظ ظهرا اغتسلت وبدلت ثيايها تردد في نفسها كلمة واحدة علها تشجعها ستعطيه النقود وينتهي كل شيء، خرجت من غرفتها بهدوء تاركة الصغار نائمين، متوجهه الي أسفل الي باب المنزل اتجهت ما كادت تفتحه سمعت صوت خالد يهتف من خلفها محتدا:
- رايحة فين يا بدور.

ابتلعت لعابها الجاف تسارعت دقات قلبها خوفا لما صوته غاضبا لتلك الدرجة التفتت تحاول رسم ابتسامة علي شفتيها تتلعثم متوترة:
- هااا، لالا ابدا أنا رايحة اشتري شوية حاجات وهرجع علي طول
رماها بنظرة حادة نظرة غاضبة لم تفهم سببها حتي رأته يشد علي قبضته ليهمس لها من بين أسنانه:
- مشوار!، متأكدة انك مش عايزة تقوليلي حاجة
حركت رأسها نفيا سريعا تحاول التقاط أنفاسها المبعثرة التفتت تود الفرار تتمتم سريعا:.

- عن إذنك عشان ما اتأخرش
Back
عادت من ذكراها لتبتسم ساخرة علي حالها، ما حدث اشبه بفيلم اكشن قديم وهي كالعادة كانت الطعم الأحمق، اجفلت علي جملة حمزة:
- آخر الأسبوع الجاي هيبقي كتب كتابنا موافقة ولا محتاجة وقت أكتر
توسعت عينيها في دهشة التفتت برأسها ناحيته، رمشت بعينيها عدة مرات تسأله متوترة:
- بس بابا
قاطعه قبل أن تنطق حرفا آخر:
- مالكيش دعوة بخالد، انتي موافقة.

اضطربت حدقتيها في حيرة مرة أخري لم يعد هناك مجال لأي حيرة تنهدت متعبة تحرك رأسها إيجابا لترتسم ابتسامة صغيرة علي شفتيه يتمتم بهدوء:
- مبروك يا درة.

في الأسفل، جلس خالد علي احد المقاعد في الصالة يشعر بألم يزداد شيئا فشئ ينهش قلبه، مد يده في جيب سرواله يبحث عن ذلك المسكن التقطه يبتلع أحد الأقراص، حين رن هاتفه برقم شاهين طبيب القلب الذي تواصل معه مؤخرا لأجل حالة شهد، التقط هاتفه يرد سريعا:
- ها يا شاهين طمني، عملت ايه في الصور والاشعة والتحاليل اللي ادتهملك
رد شاهين مبتهجا:.

- اطمن يا باشا، اتواصلت مع مستشفي كبيرة في لندن وبعتلهم صور الاشعة والتحاليل، وهما تواصلوا معايا من دقايق يبلغوني إن عندهم قلب فصيلة دمه تتطابق التحاليل بس لازم السفر يبقي في أسرع وقت...
ارتسمت ابتسامة واسعة علي شفتيه يشعر بسعادة تغمره، اخيرا وجد ما سيكفر به عن ذنبه تجاه شهد وبعدها سيطلقها وينتهي كل شئ، رد سريعا:
- ماشي يا شاهين، ظبط إجراءات السفر وأنا هبعتلك الباسبور، وكل حاجة في اقرب وقت.

انهي مكالمته مع الطبيب، في لحظة دخول ابنته الي المنزل قطب جبينه ينظر لها قلقا من ملامح وجهها الشاحبة، دق هاتفه في تلك اللحظة مرة أخري، برقم زيدان فتح الخط يردف بهدوء:
- ايوة يا زيدان
سمع صوت رجل غريب لا يعرفه يقول سريعا:
- حضرتك تعرف صاحب الموبايل دا...
انتفض خالد خوفا حين سمع تلك الجملة هب واقفا يصيح خائفا:
- ايوة اعرفه دا ابني
رد الرجل مرة أخري في حزن:.

- أنا آسف حضرتك، صاحب الموبايل عمل حادثة العربية اتقلبت بيه ووده مستشفي ال...!



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:28 صباحاً   [176]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع والستون

صاحب الموبايل عمل حادثة العربية اتقلبت بيه.

كلمات تر ت بسرعة البرق في قلبه قبل أذنيه، وقف صامتا عاجزا عن الإتيان بأي حركة شلت صدمة ما سمع جسده بات كالتمثال أصم لا حياة فيه، وعقله يستعيد مشهد حزين مخيف، زيدان صديق عمره وهو يلتقط أنفاسه الأخيرة، يرحل بلا عودة، والآن زيدان الصغير ابنه الذي تولي رعايته قلبا وقالبا، قلبه تمزق من مجرد فكرة أنه تأذي، أو أصابه مكروه، لحظات وبدأ يستعيد جزء من ثباته الزائف، تدلت يده جواره يقبض على الهاتف، التقت عينيه بعيني ابنته التي تقف هناك ليري في عينيها نظرة ذعر، قسماته وجهها الخائفة تصرخ تسأله عما حدث، اندفع يركض للخارج حين مر جوارها شعر بها تقبض على ذراعه التفت له للحظة رأي دموعها تتمرد تنهمر على وجهها تسأله جزعة خائفة:.

- زيدان ماله يا بابا، هو كويس
شبح ابتسامة رسمها على شفتيه ربت برفق على وجنتها يحاول طمئنتها:
- هيبقي كويس
توسعت عينيها فزعة من جملة والدها وقبل أن تنطق بحرف آخر، خرج والدها يركض إلي سيارته، تهاوت هي أرضا على ركبتيها تشعر بجسدها بأكمله يرتجف من الذعر، خائفة من أن تفقده!

على صعيد فزع مرتعد خائف يدهس خالد مكابح سيارته بعنف قلبه يسابق الرياح ليصل إليه يطمئن فقط أنه بخير، تفادي الاصطدام عدة مرات بأعجوبة، لم يقف الا أمام تلك المستشفي التي أخبره الرجل بأسمها، ليندفع من السيارة يركض الي داخل المستشفى، وقف أمام مكتب الإستقبال يصيح في الموظف:
- زيدان الحديدي، في حد كلمني وقالي أنه جه هنا في حادثة.

حرك الموظف رأسه يبحث بين الأوراق امامه ليصل لتلك الصفحة التي تحمل البيانات اللي اخذها من بطاقة التعريف الشخصية ليهتف سريعا:
- خالد زيدان الحديدي، ايوة يا افندم جه من ساعتين في حادثة، في الأوضة رقم 349 في الدور الثالث.

يهرول هنا وهناك ينظر لأرقام الغرف يبحث عن الرقم الذي أخبره به الموظف، إلي أن وصل إلى الرقم، فتح الباب بسرعة قلبه الخائف، لتتسارع أنفاسه تباطأت دقاته، هناك زيدان مسطح على الفراش العديد من الأجهزة متصلة به شاش أبيض طبي يلتف حول رأسه قناع الأكسجين يغطي فمه وأنفه، اقترب بخطى ثقيلة يجر قدميه يقترب من فراشه.

في مكان آخر، مكان فارغ يقف هو في المنتصف ينظر حوله يشعر بما حوله يلتف بسرعة كبيرة، غرفة بيضاء فارغة لا شئ لا أحد ضوء ساطع يسطع من جميع الجهات، وهو ينظر حوله هنا وهناك كطفل صغير ضائع خائف بدأ يصيح بصوت عالي:
- أنا فين، حد هنا، حد سااامعني...
زيدان، زيدان، صوت يتردد من جميع أرجاء الغرفة مع كل مرة ينطق فيها الصوت يتلفت فيها حوله ينظر هنا وهناك يصيح محتدا:
- ميين، ميين بينادي.

زيدان، تلك المرة آتي الصوت من خلفه مباشرة التفت خلفه سريعا ليتجمد عن الحركة حين رآه ذلك الرجل يعرفه عينيه الزرقاء شعره الأصفر الغامق المائل للون البني، ملامح وجهه التي أخذ معظمها منه، التهمت عينيه ملامح وجه الرجل يروي عطش سنوات فراق، انهمرت دموعه يهمس بصوت خفيض مختنق:
- بابا...

قالها ليندفع إليه يركض ناحيته القي بنفسه بين أحضانه يبكي كأنه فقط طفل صغير، يغرق وجهه في صدر والده ارتفعت شهقاته يصيح من بينها بنشيج حار:
- سبتني ليه، ليه، الدنيا اذتني أوي، حتى هي، هي مش عايزة تسامحني، كان غصب عني، أنا تعبت اوي يا بابا خدني معاك عشان خاطري
شعر بيد والده تربت على رأسه برفق ليبعده عنه بعد لحظات قصيرة مد يده يمسح دموعه ليبتسم زيدان ينظر لوالدته مشتاقا بينما ابتسم والده يهمس له بحنو:.

- بس أنت قوي يا خالد عديت وهتعدي اللي جاي، أنا واثق فيك يا إبني
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي زيدان ينظر لوالده للحظات طويلة يتمتم مبتسما:
- خالد، أنا كنت نسيت اسمي، زي ما نسيت كل حاجة حلوة في حياتي، بقيت متأكد ان الفرحة مش ليا.

مرة أخري عاد زيدان يربت على وجه ابنه يمسح بيده على شعره بينما ينظر زيدان لأسفل، رفع وجهه ينظر لوالده لتتوسع عينيه في دهشة حين رآها يحمل لفافة بيضاء كبيرة يصدر منها صوت رضيع يبكي، انقبض قلبه خوفا حين سمع بكاء الطفل، التفت لوالده يسأله قلقا:
- مين دا يا بابا
تحرك زيدان عدة خطوات وهو يحمل الرضيع بعيدا عن ابنه، التفت يغادر لينظر له قبلا يقول مبتسما:.

- دا حفيدي، مش عايزك تزعل ربنا هيعوضك، خليك قوي يا إبني، خلي بالك من نفسك
قالها ليختفي من أمام عينيه ليركض هو تجاه ما ذهب والده يصيح باسمه، ليقاطع صرخاته صوت، صوت يعرف صاحبه صوت يترجاه أن يستيقظ:
- زيدان، زيدان، قوم يا ابني، قوم يا حبيبي ما تحرقش قلبي عليك...

بدأت الصورة تتلاشي من أمام عينيه وصورة أخري تحتل المشهد، شعر وكأن روحه كانت تطفو عاليا وارتطمت فجاءة بجسده، عاد للحياة من جديد، وبدأ يفتح عينيه شيئا فشيء ببطئ شديد، كان أول ما وقعت عينيه عليه، خاله يجلس جوار فراشه يمسك بيده، رأي عينيي خالد تدمع وابتسامة واسعة تشق شفتيه، اقترب منه سريعا يقبل جبينه يغمغم متلهفا:
- الحمد لله يا رب اللهم لك الحمد، زيدان أنت كويس يا إبني...

ارتسمت ابتسامة شاحبة مجهدة على شفتي زيدان يحرك رأسه إيجابا ببطئ شديد فقط إماءة صغيرة، دخل في تلك اللحظات الطبيب ومعه ممرضة شابة، اقترب الطبيب من فراش زيدان يبتسم في هدوء، امسك رسغ يده يقيس نبضاته يردف في هدوء مبتسما:
- حمد لله على سلامتك يا زيدان باشا، كنا متوقعين بصراحة أنك تخش في غيبوبة، بس الحمد لله ربنا قدر ولطف...
في تلك اللحظات التفت خالد للطبيب يبادر بتلهف قلق:.

- يعني بجد هو كويس، يعني مش محتاج يسافر برة، أنا مستعد...
قاطعه الطبيب يقول مبتسما:
- مش محتاج والله، هي صحيح الحادثة كانت جامدة، بس نطره جسمه برة العربية قبل ما تتقلب، أنقذه، هي ردود وكدمات، احنا كنا بس خايفين ليدخل في غيبوبة من صدمة دماغه القوية بس الحمد لله زيدان باشا قوي، وفاق اهو حمد لله على سلامته.

فحص الطبيب زيدان ليتأكد من سير مؤشراته الحيوية وأنها تسير بشكل طبيعي بلا أي معوقات، ومرة أخري طمأنهم الطبيب على حالته ليتركه ويخرج بصحبة الممرضة...
تنهد خالد بارتياح ليتهاوي على المقعد يتمتم قلقا:
- وقعت قلبي...

توجه بعينيه ناحية زيدان ليتحرك من مكانه جلس جواره على طرف الفراش، ينظر لملامح زيدان المجهدة الحزينة، عينيه شاردة تائهة، طرقع بأصبعيه أمام وجه زيدان عله يجذب انتباهه، ولكن بقى الأخير كما هو عينيه ثابتة تنظر للفراغ يتذكر ما مر به قبل أن يستيقظ، أبيه يحمل طفل صغير، هل هو حقا ابنه أم أنها فقط هلاوس اثر الحادث، ربما هو فقط قلق خائف من أن يفقد طفله، لذلك تجسدت له تلك الهلوسات لتخيفه، تؤرق مضجعه، اجفل من شروده على يد خالد تربت على وجهه ببعض العنف يصيح قلقا:.

- زيدان، زيدان، إنت سامعني، أنت كويس
حرك رأسه إيجابا بوهن يلتفت برأسه ناحية خاله رسم ابتسامة شاحبة على شفتيه يهمس بخفوت مُتعب:
- أنا كويس يا خالي، ما تخافش.

تنهد خالد بارتياح ينظر لزيدان للحظات طويلة حزينا على حال طفله الصغير، ود أن يخبره أنه كاد يوما خوفا عليه، أنه اغلي عنده مما يمكن أن يتخيل، فتح فمه واغلقه عدة مرات يود قول الكثير، ولكن لسانه عجز عن النطق بحرف، نظر زيدان ناحيته يبتسم ليمد يده المغروز فيه سن إبرة المحلول الوريدي، امسك بكف يده يضغط عليه كأنه يخبره أنا اعرف لا عليك، ابتسم يحرك رأسه إيجابا بهدوء يطمئنه، في تلك اللحظات فُتح باب الغرفة فجاءة بعنف دخل حسام الي الغرفة ومعه صوته الخائف الفزع:.

- زيدان أنت كويس، يعني إيه اتصل بيك ترد عليا المستشفى تقولي أنك عملت حادثة
اندفع حسام ناحية يعانقه بقوة ابتسم زيدان مرهقا يصدم كتف صديقه من الخلف يغمغم بصوت خفيض تعب:
- يا إبني حرام عليك، ما موتش من الحادثة هموت مخنوق بسببك
ابتعد حسام عن زيدان سريعا يردف خائفا:
- أنا آسف والله ما خدتش بالي.

تحرك حسام من جوار زيدان متجها الي نهاية الفراش يلتقط تلك الأوراق المعلقة عند نهاية الفراش التي يخط فيها الطبيب آخر مستجدات الحالة، التقطه يقرأ الأوراق بقلق شديد ارتخت قسماته يتنهد بارتياح يهمس متمتا:
- الحمد لله يا رب
اخذت الأوراق ليتوجه الي خارج الغرفة فتح الباب وخرج سريعا، لينظر خالد في أثره يتمتم غاضبا:
- شوف ابن الكلب ولا أكني قاعد.

دق هاتف خالد برقم زوجته ليلتقطه ما أن فتح الخط سمع وابل من الصياح الخائف:
- خالد أنت فين، لينا منهارة وعمالة تعيط وبتقولي زيدان، ماله زيدان يا خالد طمني عليه، حصله ايه، ابني جراله ايه، ما ترد عليا أنت ساكت ليييه
باااااااس، صاح بها بنزق لتصمت تلك الخائفة على الجانب الآخر تنهد هو يردف في ضيق:
- اديني فرصة ارد عليكي، زيدان كويس كانت حادثة بسيطة وهو الحمد لله بخير.

سمع شهقتها الفزعة لتغمغم بعدها متلهفة قلقة:
- طب أنا عايزة اشوفه يا خالد، عشان خاطري عايزة اطمن عليه
تنهد حائرا يعرف أنها قلقة خائفة يكفي أنها تعتبر زيدان ابنها الذي لم تلده لترتعد ذعرا حين تعرف أن أصابه مكروه، القي نظرة خاطفة على زيدان ليحرك رأسه إيجابا يتمتم:
- ماشي يا لينا، احنا في مستشفي (، ) تيجي مع السواق يا لينا ما تسوقيش أنتي.

أغلق معها الخط، ليدخل حسام في تلك اللحظات إلي الغرفة يبتسم في توسع يغمغم ضاحكا:
صاحبي الجدع اللي ما يغلبوش وجع، حمد لله على سلامتك يا زميلي، الدكتور طمني وقالي أنك زي الفل...

اندثرت ابتسامة حسام شيئا فشئ هو ينظر لعيني زيدان الشاردة ملامح وجهه منقبضة وكأنه يتألم حزين خائف، ابتلع لعابه قلقا ينظر ناحية خالد يسأله بنظراته عما به ليرفع خالد كتفيه لأعلي كأنه يخبره أنه لا يعرف، ابتسم حسام يحاول الحفاظ على روحه المرحة، اقترب منه جلس جواره على الفراش من الاتجاه الآخر، مال يقرص خدي زيدان يردف ضاحكا:.

- ايه يا زيزو مين اللي واخد عقلك، بتفكر في حد غيري اخس عليك يا سونا يا خاين، دا احنا بينا عيش وملح وبطيخ
التفت زيدان برأسه ناحية حسام يبتسم ابتسامة صغيرة مرهقة، لتعود عينيه للشرود من جديد، يتذكر الحادث كيف نجي من الموت بأعجوبة ذلك الحلم الغريب، الطفل الصغير الذي كان يحمله أبيه
Flash back.

رماها بنظرة اخيرة نظرة غاضبة مقلتيه تحترق ألما، غضبا، عشقا، تركها بعد أن قال ما قال واندفع الي سيارته يديرها رحل يسابق الريح، يشعر بتيار هواء عنيف يصدم جسده، يزيد نيرانه اشتعالا، عينيه كالجمر حمراء ملتهبة، عروقه تصيح غاضبة، مشاهد واحد فقط أمام عينيه، زوجته تجلس جوار ذلك الفتي تبتسم له، يمد يده يود الإمساك بيديها، كيف يسمح يرضي ويوافق، إن كان يتغاضي عن كثير من تصرفاتها فهو يقدر يعذرها، ولكنه يبقي أولا وأخيرا رجل شرقي دمائه كالجمر سريعة الاشتعال، إن يسمح لرجل أن يقترب من زوجته هذا لم ولن يكون ابدااا.

توسعت عينيه حين رأي شاحنة ضخمة في طريقها إليه مباشرة يبدو أن سائقها فقد سيطرته وهو يعجز عن إبطاء سرعة سيارته لم يجد حلا آخر، فتح باب السيارة يدفع بجسده خارجها ألم مبرح كسر عظامه إثر تلك الدفعة العنيفة كان أبشع ألم رأسه التي اصطدمت بصخرة كبيرة ثقلت عينيه يرى الظلام يزحف سريعا يحتل المكان حوله، آخر ما رأي كان سيارته التي طارت بعيدا إثر اصطدام الشاحنة بها لتنقلب بعيدا وبعدها لم يرى شيئا...
Back.

ساد صمت طويل كل منهم لديه مئات الجمل ليقلها وكل منهم يعجز حتى عن النطق بحرف واحد...
اجفل الجميع على فتح باب الغرفة لتدخل لينا زوجة خالد إليهم، شهقت فزعة تنظر لحالة زيدان المزرية وضعت يدها تنساب دموعها تغرق وجهها، اقتر خالد منهم يحاول تهدئتها:
- لينا اهدي زيدان كويس، حادثة بسيطة بالعربية والدكاترة الحمد لله طمنوني عليه.

نظر لعيني خالد للحظات تبحث عن الحقيقة، تعرفه بات يكذب كثيرا الفترة الأخيرة ولكنها لم تجد هنا الا الحقيقة، تجاوزته متجهة ناحية فراش زيدان ودون سابق إنذار بدأت تصيح فيه وهي تبكي وترتجف:
- أنا قولتلك ميت مرة ما تسوقش بسرعة، أنت مش في سبق هيحصلك حاجة، لكن طبعا كلامي ما بيتسمعش، افرض كان جرالك حاجة، عاجبك اللي أنت فيه دا يا رب يكون عجبك.

نظر حسام لها مندهشا من هجومها الغير مناسب للموقف تماما بينما ابتسم زيدان بخفة جذب كف يدها يقبله يهمس بخفوت:
- حقك عليا يا ست الكل
فاضت دموعها لتجذب رأسه برفق تحتضنه تجهش في البكاء تهمس من بين شهقاتها:
- ما تحرقش قلبي كدا تاني، أنا كنت هموت من الخوف لما عرفت انك في المستشفي.

ابعدته عنها برفق تضع رأسه بخفة على الوسادة خوفا من أن يتأذي كأنه فقط طفل صغير، ليمد هو يده يمسح دموعها المتساقطة فما كان من خالد الا أن حمحم يردف مغتاظا:
- يا عم النحنوح أبعد ايدك ياض
نظر لينا لزوجها مغتاظة للحظات لتلتفت حولها هنا وهناك توسعت عينيها قلقا هبت تردف خائفة:
- اومال لينا فين كانت لسه معايا قبل ما ادخل الأوضة.

هرولت للخارج تلتف برأسها هنا وهناك لتجد ابنتها تجلس على أحد المقاعد جوار الغرفة تنظر لأسفل، همست باسمها:
- لينا
رفعت تلك الجالسة وجهها لتري والدتها وجهها الشاحب قلقا، عينيها الخائفة نظرت لوالدتها للحظات لتعاود النظر أرضا حمحمت تحاول إخفاء اللهفة من نبرة صوتها:
- هو كويس.

ابتسمت لينا حزينة على حال ابنتها، لتتوجه تجلس على المقعد المجاور لها مدت يدها تربت على كتف ابنتها بحنو تحاول تخلصيها من ذلك الصراع الذي يحتدم الآن داخلها:
- ادخلي شوفيه يا لينا، أنا ما بقولكيش سامحيه دلوقتي، بس انتي عايزة تشوفيه...

اغمضت عينيها تشد عليهما لتحرك رأسها نفيا بقوة، لن تذهب لن تضعف قلبها يرتجف خوفا عليه، كلمات مثل مشفي، حادث، كفيلة بعصر روحها خوفا ولكن عقلها يرفض كبريائها يقف لقلبها بالمرصاد يمنعه يكفي ما قاله لها قبل الحادث لن تفعل، فتحت عينيها فجاءة حين شعرت بيد والدتها تجذبها بغتة الي غرفته قبل أن تأخذ اي رد فعل كانت داخل الغرفة، نظرت لوالدتها غاضبة مما فعلت، بينما ابتسم حسام سعيدا لرؤيتها منذ مدة لم يراها، يكفي أنها هنا وجودها محفز جيد لشفاء زيدان، نظرت لينا لخالد تخبره بعينيها أن ينسحب، تنهد خالد قلقا، كل مرة يتركهما معا يتنهي الأمر بمشاجرة حادة بينهما، توجهت لينا ناحية خالد تجذبه لخارج الغرفة، وقفت لينا مكانها متجمدة تحاول اختلاس النظرات تود أن تطمن عليها دون أن يراها، تنهدت مرتبكة حائرة تفرك يديها بعنف، تحركت بخطوات بطيئة متجهه ناحية فراشه وقفت جوار فراشه للحظات طويلة تنظر أرضا صامتة لا تنطق بحرف، لتسمعه يهمس بخواء:.

- اقعدي عشان اللي في بطنك.

زفرت أنفاسها المختنقة لتجلس على طرف الفراش بعيدا عنه، تشجعت اخيرا ورفعت عينيها لتمتزج في تلك اللحظة بمقلتيه التي تناظرها بشغف عاشق، للحظات طويلة تجسدت الكثير من المشاعر عزف الألم، العشق، المعاناة، ألحان طويلة على اوتار قلب كل منهم، رأي في عينيها حيرتها، ألمها، خوفها، ونور ضعيف لعشقه مختبئ خلفهم، ورأت في عينيه العذاب المختبئ خلف شمس عشقه المنطفئة، كل منهم قال الكثير ولم ينطق لسانه بحرف واحد، اجفلا معا على صوت تنهيدة حااارة طويلة تلاها صوت حسام يقول متحسرا:.

- هيييح شكلكوا حلو اوي، أبا أنا عايز ادوز
اشاحت لينا بوجهها بعيدا عنهم تكتم ضحكاتها رغما عنها، بينما نظر زيدان لحسام مغتاظا يشد على أسنانه، ابتسم يردف بخفوت:
- بقولك ايه يا حسام أنا عطشان روح هاتلي ماية
هب حسام واقفا رفع حاجبه الأيسر ينظر لهما مستهجنا ليردف ساخرا:
- اااه دا فيلم هوينا في سينما طرقنا ماشي يا زيزو، بس افتكر أنا اللي هشيل خشبتك يا صاحبي.

التقط زيدان علبة المحارم الصغيرة الموضوعة جواره يليها على حسام لتصتدم بوجهه التقطها حسام يقول مبتسما:
- معطرة دي، يلا اللي يجي منك أحسن منك...
قالها لتتعالي ضحكاته تركهم وخرج من الغرفة يغلق الباب خلفه، وغرقت الغرفة في الصمت من جديد، صمت قطعته حين قررت أن تنطق اخيرا بنبرة خافتة مرتبكة:
- اا، أنت كويس
حرك رأسه إيجابا بإمائه صغيرة لتتنهد هي متوترة، رفعت وجهها له تردف مرة أخري:
- حمد لله على سلامتك.

كان يضع رأسه على الوسادة ينظر للجانب الأخير بعيدا عنها تمتم بنبرة هادئة خاوية:
- شكرا، معلش بقى ما عرفتش احقق امنيتك في موتي، يمكن المرة الجاية
نظرت له حانقة ماذا يقول هذا، أكانت السقطة عنيفة على رأسه لتلك الدرجة ظلت تنظر له للحظات قبل أن يدير رأسه وجه انظاره لبطنها التي لم تبرز بعد بلع لعابه الجاف وصوت الرضيع وهو يبكي لم يغب عن أذنيه تمتم حزينا خاويا:.

- خدي بالك منه، أنا مستعد استغني عن عمري اللي راح ويفضلي عمره اللي جاي...
مد يده يبسطها على بطنها انتفض جسدها إثر ما فعل تغمض عينيها تحاول السيطرة على ارتجافتها الخائفة، يبنما أغمض هو عينيه يهمس في نفسه راجيا:
- هتكبر وهتعيش وهاخدك في حضني، هحققلك كل اللي تتمناه بس أنت أوصل بالسلامة.

في الخارج، توجه حسام لمكتب الطبيب ما أن خرج من الغرفة وذهبت لينا لمطعم المشفي الصغير ( كافتيريا )، تحضر بعض المشروبات، بينما توجه خالد يرد على هاتفه كان حمزة يطمئن على زيدان، وقف ينهي مكالمته مع أخيه، حين لمح حسام يأتي من بعيد، أغلق الخط يقف بعيدا ما أن اقترب حسام منه جذبه بعيدا عن غرفة زيدان حتى لا تراهم لينا، توسعت عيني حسام فزعا يتمتم خائفا:
- ايه يا حج شغل عصابات المافيا دا...

وضع خالد اصبعه أمام شفتيه يهمس من بين أسنانه غاضبا:
- هششش، ما تعليش صوتك يا حيوان، طمني هو فعلا زيدان كويس ولا الدكتور دا متخلف ما بيفهمش
ابتسم حسام يحرك رأسه إيجابا يقول مؤكدا:
- كويس الحمد لله أنا شوفت الاشعة والتحاليل وصورتها حتى بموبايلي وبعتها لواحد صاحبي دكتور مخ واعصاب، طمني الحمد لله أن ما فيش اي تجمعات دموية ولا نزيف داخلي...

تنهد خالد بارتياح يشعر بأن سطل من الماء البارد القي على جسده المشتعل قلقا زفر أنفاسه يتمتم بصوت خفيض:
- الحمد لله يا رب
عاد ينظر لذلك الواقف حين ابتسم يغمغم ببلاهة:
- يا حج إنت زانقني في الحيطة، لو حد عدي شافنا هيرجمنا ويبقي حقه
رفع خالد حاجبه الأيسر يغمغم مستهجنا:
- ايه هيفتكرني ببوسك.

شهقة مصدومة جاءت من جواره مباشرة نظرت خالد جواره سريعا ليري لينا التي أتت توا يبدو أنها استعمت اللي الكلمة الأخيرة فقط، قطبت جبينها تنظر لهما باشمئزاز متقززة، لينتفض خالد بعيدا عن حسام توجه ناحيتها يتمتم سريعا:
- أنتي فهمتي ايه، أنا كنت بسأله عن حالة زيدان
نظرت له بشك تكاد تتقئ، بينما تحرك حسام يغادر مر من جوار لينا يهمس لها بصوت خفيض مسموع:
- على فكرة كان بيقولي هات بوسة.

توسعت عينيها فزعا بينما نظر خالد لحسام يتوعده بأن يفتت عظام وجهه ابتسم حسام في خبث يلوح لأبيه وداعا ليتوجه الي غرفة صديقه، بينما نظرت لينا لخالد متقززة فصاح فيها:
- ايييه يا بنتي انتي هبلة، صدقتي الأهبل دا، أنا خالد السويسي مش عيل سيكي ميكي.

انهي دوامه في العمل، ليخرج من الشركة وقف خارجها يبحث عنها يريد فقط أن يراها قبل أن تغادر حتى ولو من بعيد، رآها تخرج تحمل الكثير من أوراق التصميمات الكبيرة تحتضنهم تبتسم سعيدة كأنها تحمل أحدي الدمي التي كان يبتاعها لها، توجهت إلي سيارتها مباشرة ليفتح لها السائق الباب دخلت السيارة لتمر من أمامه رآها داخل السيارة وهي تغادر، ليكوي قلبه شعور مؤلم، دون كلمة أخري توجه يبحث عن سيارة اجري كبيرة ( ميكروباص )، وجد واحدا بعد عناء ليأخذ طريقه عائدا الي منزل جدته البسيط، تنهد حزينا يستند برأسه الي الزجاج المغلق جواره، يمر شريط حياته بسرعة كبيرة مخيفة أمام عينيه، اخذته أفكاره الي ذكريات كثيرة قضاها سعيدا يملك كل شئ أما الآن فهو يملك اللاشئ حتى حب مايا له خسره، اجفل على صوت السائق يصدح عاليا أنهم وصلوا الي محطته الأخيرة، نزل يعبر الإشارة يتوجه إلي منزله، توجه ناحية الدكان الصغير ليري ذلك الفتئ الصغير حمادة يقف فيه فعرف أن جدته في الأعلي، صعد الي اعلي يضع مفتاحه في قفل الباب دخل يبحث عن جدته ليسمع صوتها يأتي من المرحاض:.

- أنا في الحمام يا أدهم بتوضي
ابتسم يتوجه إلي غرفته، فتح بابها ليقطب جبينه مندهشا حين رأي شاب يكبره تقريبا ببضع أعوام يقف عند نافذة غرفته يدخن أحد سجائر التبغ بنهم، قطب جبينه يصيح فيه محتدا:
- أنت مين ودخلت هنا ازاي
التفت ذلك الشاب له لينثنء جانب فمه بابتسامة ساخرة ابعد السيجارة عن فمه يزفر دخانها الملوث يملئ الغرفة يتمتم ساخرا:
- أنت بقى أدهم.

نظر أدهم له غاضبا، خلع سترة حلته يلقيها على الفراش ليشمر عن ساعديه يردف غاضبا:
- ايوة أنا أدهم، لو ما نطقتش ايه اللي جابك هنا هخرجك على ضهرك
تعالت ضحكات مراد الساخرة ليلقي بالسيجارة ارضا يدعسها بحذائه يردف متهكما:
- تصدق خفت يا شبح، هقولك أنا مين، أنا سيدي مراد، مراد وحيد مختار أخوك الكبير.

اتسعت حدقتيه في دهشة أخيه، هذا هو أخيه إذا الذي حادثته عنه جدته، عجبا لا يتشابها في أي ملامح على الاطلاق، توجه أدهم ناحية الفراش جلس يخلع حذائه يتمتم ساخرا:
- طب يا أستاذ مراد يا اخويا بتعمل ايه في أوضتي
ضحك مراد متهكما لم يتوقع أن يكن رد فعله بسيطا لتلك الدرجة كان يتوقع أن يُصدم بشكل أكبر من ذلك بكثير، خلع مراد حذائه يتهاوي بجسده يتسطح على الفراش يغمغم ساخرا:.

- أوضة مين يا أبو أوضة دي اوضتي وبيتي وأنت ضيف غريب غير مرغوب فيك، فخد بعضك كدة زي الشاطر وانفد بعمرك احسنلك
ضحك أدهم عاليا هل يظن ذلك المراد أنه حقا سيخاف من تهديداته ليكمل مراد محتدا:
- أنت بتضحك، بضحك أنا اوي كدة، اسمعيني بقى يا أمور يا حليوة أنت تاخد بعضك وترجع قصرك العاجي، أنت مالكش مكان هنا.

حل أدهم رابطة عنقه يجذبها ليخلع جواربه نظر للجالس على الفراش ليبتسم ساخرا توجه ناحية دولاب ملابسه يلتقط بعض الثياب يتمتم متهكما:
- كان نفسي والله بس أنا مطرود من كل حتة، ماليش مكان غير دا، فأنت مضطر تستحمل وجودي، زي ما أنت مضطر تخرج من أوضتي حالا...
انتفخت اوداج مراد غضبا ليهب واقفا توجه ناحية ادهم يقبض على تلابيب ملابسه يصيح فيه غاضبا:.

- بقولك ايه يا حلو يا متدلع أنت، اوعي تكون فاكرني زيك مولود وفي بوقي معلقة دهب، أنا عيشت على أرصفة الشوارع، فما تستفزنيش عشان ما اشرحش وشك الحليوة دا
ما إن انهي مراد كلامه فجاءه أدهم بلكمة عنيفة جعلته يترنح للخلف توسعت عيني مراد احمرت غضبا ليصيح عاليا يسبه بلفظ بذئ اندفع ناحيته يسدد له لكمة عنيفة في بطنه، لينحني أدهم يمسك ببطنه متألما في تلك اللحظة دخلت منيرة تصيح فيهم:
- بس أنت وهو، هتموتوا بعض...

دفع مراد أدهم بعيدا بعنف لتشهق منيرة خائفة على حال حفيدها، نظرت ناحية مراد تصيح فيه:
- مراد أدهم مش هيخرج من هنا غير على جثتي، دا أخوك يا حيوان
ابتسم مراد ساخرا ينظر لأدهم توجه لخارج الغرفة يتمتم متهكما:
- اشبعي بيه يا منيرة على الأقل تلاقئ حد يقعد جنبك في أواخر أيامك، أنا نازل اقعد على القهوة ساعة وطالع، الاقي البيه رامي كركيبه برة أوضتي، مش ناقصة قرف هي.

قالها ليتركهم ويغادر صافعا الباب خلفه بعنف توجهت منيرة ناحية ادهم تربت على ذراعه تحادثه برفق:
معلش يا حبيبي هو مراد طبعه كدة، بس هو كان طيب جدا والله مش عارفة ايه اللي صابه، غير يلا يا حبيبي هدومك على ما احطلك الأكل.

هز رأسه بالإيجاب، خرجت منيرة ليتوجه هو الي شرفة غرفته فتحها على مصرعيها لتقع عينيه على مراد الجالس على ذلك المقهي الصغير يشرب الارجيلة، وقعت عيني مراد على أدهم ليبتسم له ساخرا يبصق على الأرض نظر أدهم له مشمئزا ليصفع زجاج الشرفة في وجهه يتمتم متقززا:
- تربية شوارع صحيح، كاتك الارف.

يعني ايه يا زيدان هتقعد في بيتك لوحدك وأنت بحالتك دي أنت اتجننت، صاح بها خالد غاضبا حين أخبره أنه يود أن يخرج من المستشفي ويعود لمنزله وحيدا
في تلك اللحظات كان زيدان يجلس على الفراش يستند برأسه على وسادة كبيرة موضوعه خلف ظهره نظر لخاله يردف في هدوء:
- يعني أنا هخرج من هنا وهرجع بيتي مش هقعد عندك أنا مش عيل صغير، هعرف اخد بالي من نفسي كويس.

الكلام اللي أنت بتقوله دا تخاريف بنج اكيد، أنت هترجع معانا البيت، تلك المرة لينا هي من صاحت تحاول إثناء أبنها ذو الرأس الصلب عن رأيه
حرك زيدان رأسه نفيا ينهي ذلك الأمر:
- ماما ارجوكي أنا كدة هبقي مرتاح اكتر، مش عايزة ابقي مصدر إزعاج أو خوف
قال جملته الأخيرة وهو يسلط عينيه على تلك الجالسة في الزاوية على أحد المقاعد، لتبلع لعابها متوترة تحاول الا تنظر له، صدح صوت خالد يخرس كل ما قيل:.

- كل الهبل اللي اتقال دا ترمي في الزبالة، أنت هتيجي تقعد معانا في بيتك ورجلك فوق راقبتك مش بمزاجك أصله، ما بخدش رأيك اجبلك ايه معايا على الغدا...
ابتسمت لينا في انتصار تنظر لزيدان الذي أحمر وجهه غضبا صحيح أنها تكره تسلط خالد وتحكمه في بعض، ولكنها تعشقه في مثل الأوقات، فهي على الأقل ستضمن ان زيدان سيبقي تحت رعايتها...

وقد كان مع اصرار زيدان ان يخرج من المستشفي اليوم تم تجهيز سيارة إسعاف لنقله الي منزل خالد، مع نزول الليل كان زيدان يتسطح على فراشه في غرفته، يغمض عينيه نائما.

في صباح اليوم التالي باكرا للغاية، سارين في منزل على بعد أن اخذت إذن عمر أو بمعني آخر ظلت تترجاه وتصيح أنها تريد أن تنتقي فستان زفافها بصحبة زوجها الي أن صرخ فيها:
- روووووحي، عيشي عندهم أنا مش عايزك
لتبتسم منتصرة، بدلت ثيابها سريعا تذهب الي منزل على، وقفت أمام الباب تدق الجرس لتفتح لبني لها تبتسم سعيدة جذبتها تحتضنها تتمتم سعيدة:
- كويس أنك جيتي على طول يا سيرو، تعالي ادخلي.

توجهت ناحية لبني إلي داخل المطبخ، يجلسان على الطاولة المستديرة فيه تنهدت لبني تتمتم يآسه:
- الدكتور بيقول أن عثمان لازم يخرج من العزلة اللي فيها دي، هيحسن حالته النفسية ويساعده في العلاج بس عثمان رافض رفض تام أنه يخرج من البيت، عشان كدة اتصلت بيكي يمكن تقدري تقنعيه.

ابتسمت سارين في حماس تحرك رأسها إيجابا توجهت الي غرفة عثمان تدق بابها سمعته يأذن بالدخول دخلت تبحث عنه لتجده يجلس قرب النافذة كعادته يتطلع للخارج ابتسمت تتمتم في حماس:
- صباح الخير
صوتها هي، التفت بمقعده لها يبتسم للحظة فقط لحظة واختفت ابتسامته ينظر لها غاضبا وكأن نيرانا تتأجج في مقلتيه:
- انتي خرجتي ومشيتي بالبلوزة دي في الشارع يا سارين.

اخفضت رأسها تنظر لما ترتدي لتعقد جبينها متعجبة ما بها ملابسها عادت ترفع وجهها له تقول متعجبة:
- ايوة يا عثمان مالها البلوزة
ضيقة وقصيرة ولونها فاقع، صاح بتلك الجملة مرة واحدة لتتسع عينيها مندهشة منذ متي وعثمان يعقب على الملابس، رفعت كتفيها تبتسم متعجبة:
- في ايه يا عثمان من امتي يعني وأنت بتعقب على اللبس
تحرك بمقعده ليصل أمامها مباشرة يقطب جبينه محتدا:.

- من دلوقتي يا سارين، عثمان بتاع زمان، مش هو اللي قاعد قدامك دلوقتي، البلوزة دي ما تتلبسش تاني...
قالها ليستدير يوليها ظهره لتنظر له حانقة
حقا اغضبتها نبرته الساخرة لتقطب ما بين حاجبيها تصيح مغتاظة:
- يا سلام اشمعني أنا، ما ليلا كانت بتلبس من غير هدوم وأنت ما كنتش بتعترض.

التفت لها فجاءة بعنف ليصدم ساقها بمقعده صرخت متألمة تسقط أرضا تبكي من الألم، لم يتردد وهو يدفع بجسده ويسقط من فوق المقعد بصعوبة شاقة زحف بجسده يقترب منها يحاول امساك ساقها المكدومة يغمغم سريعا متلهفا:
- سارين أنا آسف، آسف والله ما كنش قصدي اخبطك...
مسحت دموعها بكفي يدها الصدمة لم تكن عنيفة كما يتصور هو همست بصوت خفيض حزين:
- عايزني اسامحك
حرك رأسه إيجابا لتبتسم هي تردف في حماس:
- نخرج!



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:28 صباحاً   [177]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الخامس والستون

في منزل على محفوظ، في غرفة عثمان تحديدا، لفت سارين ذراع عثمان حول رقبتها تسند جسده يحاول هو مساعدتها قدر استطاعته ليعود لمقعده المتحرك، إلي أن نجحت بعد جهد شاق، حرك عجلات مقعده يبتعد عنها انطفئت نظراته ارتسمت ابتسامة ساخرة على ثغره ليتمتم متهكما:
- عايزاني اخرج بمنظري دا!، عايزة الناس تضحك عليا.

توسعت عينيها في حزن ازدردت لعابها الجاف تحاول تشجيع نفسها قبل تشجيعه، اقتربت منه عدة خطوات لتقف أمامه مباشرة ربعت ذراعيها أمام صدرها ابتسمت تردف مترفقة تحاول إقناعه:
- ليه بس يا عثمان ما زهقتش من القعدة في البيت، لازم تخرج تغير جو، تشوف الدنيا، ما وحشكش حصانك، برق
أخفض رأسه حزنا هو حقا أشتاق لخيله صديقه.

رفيق دربه منذ 3 سنوات، اغمض عينيه يحرك رأسه نفيا لن يسمح له كبريائه، كرامته أن يرى نظرات الشفقة لدي البعض والشماتة والسعادة لدي الأكثر، التفت يتوجه ناحية النافذة ينظر للطريق من خلف زجاج غرفته المغلق، للشارع، الطريق، الأشخاص، السيارات جسده يشتاق بشده للانطلاق كخيل عجوز مريض يحلم بالعدو من جديد، ولكن الخيل سقط وسقطت معه كل شئ الحلم، الكبرياء، هامته التي لم تنحي ولو للحظات انغمرت في التراب، تنهيدة حارة حزينة خرجت من بين شفتيه لتسمعه يتمتم بعدها بألم:.

- وتفتكري أنا مش نفسي اخرج وأرجع للحياة اللي بقيت اراقبها من ورا الشباك، بس مش هقدر يا سارين صدقيني مش هستحمل اشوف نظرة شفقة في عينين حد
حركت رأسها نفيا لتتوجه ناحيته وقفت جواره تضع يدها على مقبضي مقعده تدفعه بتروي لإمام دفعته باب الشرفة لتخرج به الي الخارج ليضرب تيار هواء بارد جسده، اغمض عينيه مرارة الحسرة تغص قلبه فتح عينيه حين سمعها تقول:.

- مش صح يا عثمان أنت كنت ولازلت الصياد، الصياد اللي ما حدش يشمت فيه ابداا، الصياد اللي عمره ما كان جبان هروبك من الناس هيخليهم يفتكروا أن الصياد خايف يواجه، إن الصياد بقى ضعيف، خيل اتصاب ومش هيرجع للسبق تاني، اثبتلهم أنهم غلط، وأنت الصياد اللي ما فيش حاجة تقدر تغلبك، الصياد اللي مهما وقع هيرجع يقوم اقوي واشرس من الأول.

كلماتها لمست وتين قلبه تحفز تدفعه للإمام ليواجه لا ليهرب، حرك رأسه نفيا يخفض رأسه أرضا يتمتم بصعوبة:
- مش هقدر يا سارين صدقيني مش هقدر
توجهت تجلس على ركبتيها أمامها تمسك بكف يده التي يضعها فوق ساقه تشبكه بكف يدها تشد عليه رفع وجهه لها يناظرها عينيه مليئة بالحسرة والألم بينما ابتسمت هي باتساع تحاول تشجعيه:.

- هبقي معاك مهما حصل أنا جنبك، أنت عمرك ما كنت ضعيف يا عثمان ومش هتبقي دلوقتي، وريهم أن الصياد ما فيش حاجة تقدر تغلبه
اثلجت كلماتها نيران قلبه المستعرة تنهد يحرك حائرا ليحرك رأسه إيجابا، لتتبدل ابتسامتها بأخري متحمسة تكاد تقفز من الفرح وقفت تصفق في سعادة تغمغم بتلهف:
- الله عليك، احلي عثعث في الدنيا
ضحك رغما عنه ليتركها يستدير عائدا الي غرفته لتستوقفه تهتف متعجبة:
- رايح فين.

التفت له قليلا برأسه يرفع حاجبه الأيسر ساخرا ليردف مستهجنا:
- هغير هدومي ولا هنروح بالترنج، وانتي روحي خدي بلوزة واسعة شوية من عند ماما
تقدمت تقف امامها اشارت الي بلوزتها لتعقد ذراعيها قطبت جبينها تردف بإيباء:
- مالها بس يا عثمان ما هي حلوة اوي اهي
رفع حاجبيه يتهكم مما تقول ليرفع سبابته أمام وجهها يردف بنبرة حازمة ترفض النقاش:
- كلمة مالهاش تاني، عايزة نخرج تروحي تغيري البتاعة دي...

ضربت الأرض بساقيها تتمتم بصوت خفيض حانق:
- ليه الناس بتتدخل في حياة الناس بطريقة تضايق كل الناس دي
ضحك هو ساخرا على ما تقول ليشير لها لباب الغرفة لتخرج توسعت عينيها في دهشة تصيح مغتاظة:
- أنت كمان بتطردني
ارتفع جانب فمه بابتسامة لئيمة رماها بنظرة ماكرة ليردف ببراءة ذئب:
- لاء خالص، أنا بس هغير هدومي، عايزة تفضلي براحتك.

أنت منحرف، صاحت بها فجاءة بعلو صوتها لتهرول من الغرفة تصفع باب غرفته، تسمع ضحكاته تلاحقها لتستند بظهرها على الباب المعلق تبتسم بحالمية سعيدة وستسعده هو الآخر.

على صعيد آخر في منزل خالد السويسي، في غرفة لينا ابنته...

تجلس على فراشها الكبير تهز ساقها اليسري بعصبية مفرطة، الساعة الي الان لم تتجاوز السابعة صباحا وهي لم تنم منذ الأمس الا أقل القليل، وجهها شاحب عينيها حمراء هالات سوداء زحفت أسفل عينيها، مدت كف يدها تشبك خصلات شعرها تشد عليه بعنف، قلقة عليه رغم أن الطبيب قال أنه على اتم ما يرام وأخيها أكد ذلك إذا لما ذلك الذعر الذي استوطن قلبها الليل بطوله، مدت يدها تبسطها على بطنها تتحسسها برفق تتذكر توسله لها أن تحافظ على طفلهما، اغمضت عينيها تشد عليها تهز ساقيها بعنف، ذلك الصغير يطيح بثبابتها، ذلك الصغير يتلاعب بمشاعرها، قبل يومين فقط كانت تشمئز من رائحة زيدان حد الموت، أما الآن لا ترغب سوي أن تضع زجاجة عطره في أنفها، حاولت إلهاء نفسها بعطرها هي ولكن الأمر لم يفلح تماما، توجهت الي المرحاض تمسك قطع الصابون، غسولها الفاخر، مرطب شعرها، كل ما له رائحة تريد فقط ما يليها عن ذلك الشعور، ولكن الأمر كان يزداد سواءا، بدأت تشعر بوخزات في بطنها إثر ما تفعل، هبت تقف فجاءة تتمتم مع نفسها بصوت خفيض مختنق:.

- هو اكيد نايم لسه بدري، هجيب ازازة البرفن بتاعته واخرج على طول...

خرجت من غرفتها بخفة تنظر هنا وهناك تبحث عن اي من كان خوفا من ان يراها احد تنهدت في ارتياح تتحرك لغرفة زيدان ادارت المقبض ببطئ شديد تفتح الباب بحذر اطلت برأسها أولا تنظر ناحية فراشه لتجده يغط في نوما عميق، تنهدت بارتياح تركت الجزء الصغير التي دخلت منه من الباب مفتوح، تسللت على أطراف أصابعها الي داخل الغرفة، زيدان دوما ما يحتفظ بزجاجات عطره في الرف الأول من دولابه الخاص، عليها أن تمر على فراشه أولا، وتلف من جواره لتصل للدولاب الذي يرتكز على الحائط المجاور للفراش، بخطى خفيفة مشت بحذر شديد، وصلت لفراشه، باتت قريبة منه للغاية، وقفت للحظات تنظر لقسمات وجهه وهو نائم، مستكين كطفل صغير، رأسه الملتف بالضماد أوجع قلبها حزنا على حاله، تاهت عينيها اللحظات بدأت دقائق ونظراتها الحزينة تبدلت بأخري معاتبة ممزقة تعاتبه فقط داخل قلبها:.

- ما ينفعش تتعب وتبقئ نايم كدة وتوجع قلبي عليك، الشرير ما بيبتعبش، أنت في الشرير في حكايتي يا زيدان، أنت اذتني اوووي، حتى لو كان غصب عنك، ما كنش عنك وأنت بتضحك عليا بتخدعني، انا موجوعة منك أوي...

انسابت دموعها في صمت وضعت يدها على فمها تمنع شهقاتها، مسحت ما تساقط من عينيها، لتتوجه ناحية دولابه فتحته بحذر تلتقط أحدي زجاجات عطره التي جميعها متماثلة من الأساس، اغلقت الرف بحذر شديد، تقبض على الزجاجة في يدها لتتحرك لخارج الغرفة التفت حول فراشه ما كادت تتجاوزه سمعته يتمتم ناعسا:
- بتسرقيني وأنا نايم.

في منزل أدهم في الحارة، استيقظ من نومه متأففا ينظر للنائم جواره يأخذ مساحة الفراش كله بنومته العجيبة تلك، لم يستطع النوم ساعتين منذ أن جاء ذلك المدعو أخيه ليلا يرتمي بجسده على الفراش نائما كجثة هامدة، لا مكان ينام فيه سوي هنا، فراش جدته صغير لن يسعه معها، بجهد شاق ازاح تلك الجثة بعيدا ليأخذ جانب صغير بالكاد احتوي نصف جسده يحاول النوم، قام يحرك عظامه المتيبسة من إثر نومه، ليتوجه الي مفتاح الإضاءة في الغرفة اشعله، ليسمع صوت مراد يتمتم حانقا وهو نائم:.

- اطفي الزفت يا زفت ما بعرفش أنام فئ النور
لم يعره أدهم انتباها فقط ابتسم ساخرا توجه يلتقط ثيابه ليخرج إلي مرحاض منزلهم بالخارج يغتسل يبدل ثيابه بأخري تليق بالعمل، عادت لغرفته من جديد لتحتقن عينيه بالدماء حين رأي مراد يمسك هاتفه ينظر لصورة مايا التي تعلو صورة قفل الشاشة بملعة خبيثة شد على أسنانه يطحنها غاضبا ليتوجه إليه كعاصفة هوجاء جذب الهاتف من يده يصيح فيه غاضبا:.

- أنت ازاي تتجرء وتمد ايدك على حاجتي، إياك تكررها تاني
تجاهل مراد ما قال أدهم، فقط ابتسم ابتسامة سوداء خبيثة، لمعت عينيه وهو يغمغم في مكر:
- سيبك من الهبل اللي بتقوله دا، قولي مين المزة دي، دي حاجة جامدة اوووي
احتقنت الدماء في وجه أدهم حتى بات كالجمر ملتهب حارق، مال يقبض على تلابيب ملابس مراد يزمجر غاضبا:
- ايااااك يا مراد، الا دي، اقتلك فيها، أنت فاهم.

ولم يحدث سوي أن ابتسم مراد مرة أخري يبعد يدي أدهم عن ملابسه تحرك من الفراش متوجها للخارج يتهكم ساخرا:
- خلاص يا عم هتاكلني عشانها، اشبع بيها
تركه وغادر الغرفة يبتسم ساخرا على ما فعل أخيه منذ لحظات توجه إلي المرحاض لتستوقفه صوت جدته تقول:
- أنت صحيت يا مراد، كويس خد البطاقة هاتلنا عيش قبل الفرن ما يتزحم.

التفت برأسه لجدته سريعا ليجدها تضع بطاقة صغيرة على الطاولة جوار الباب ومن ثم نزلت تفتح دكانها الصغير تأفف حانقا يشد أسنانه، توجه الي المرحاض يصفع وجهه بالماء يتمتم حانقا:.

- طبعا ما البيه ابن البهوات ما بيقفش في فرن انما مراد يقف ويطلع عينه، اقول فيكي ايه بس يا منيرة، جفف وجهه بعنف ليلقي المنشفة ارضا، مشط خصلات شعره بعشوائية، ليتوجه التقط البطاقة بعنف ينزل إلي أسفل، الي متجر الخبز الصغير الذي يتقدمه كشك بحجم علبة تقريبا، على مرمي بصره استطاع أن يرى أن المكان لم يزدحم بعد، أسرع في خطواته ليجد سيدة تقف توليه ظهرها، وقف خلفها يعقد ذراعيه ينتظر دوره، ليجد تلك السيدة تلتفت له نظرت له حانقة لتردف محتدة:.

- دا طابور الستات يا جدع أنت، أنت واقف هنا ليه
رماها مراد بنظرة شاملة خبيثة ليرفع حاجبيه مستهجنا ما تقول ابتسم يغمغم متهكما:
- هما فين الستات دول، دا انتي فيكي رجولة عني
كان يتوقع أن يصفر وجهها حرجا مما قال ولكن حدث العكس تماما، ابتسمت تغمغم باستيعلاء:
- طب كويس على الاقل حد فينا راجل.

هو من أصفر وجهه، احمرت عينيه شد قبضته ينظر لها، يرميها بنظرات حادة كالسهام المشتعلة، اخترزت عينيه قسمات وجهها ملامحه هادئة ليست بفاتنة ولكن لها ما لها من جمال خاص هادئ، عينيها سوداء واسعة، ابتسم في خبث يتمتم متهكما:
- وماله...

كلمة واحدة نطقها ليخرج من الصف ويتجه الي الصف المجاور له والذي من حسن حظه كان فارغا تماما، اشتري ما أرادت جدته ليعد الي منزله سيعطيها ما أرادت ويعد للنوم من جديد، رأي تلك الفتاة تسير أمامه بخطى سريعة تهرول تكاد تركض قطب ما بين حاجبيه متعجبا مما تفعل، ليرفع كتفيه لا يبالي وما دخله هو، تناهت إلي اسماعه صوت حديث من رجلين يسيران بالقرب منه يتحدثان عنها، ركز حواسه يسمع ما يقولان:.

- مش دي البت روحية أخت الواد سيد الزفت اللي كان بيبع حشيش
- ايوة هي، يا عيني غلبانة اللي حصل فيها مش قليل بردوا
- أخوها هو السبب هو اللي خلاهم يعملوا فيها كدة، ربنا يجحمه مطرح ما راح
- بس البت ذنبها من ساعة اللي حصل فيها وما فيش راجل عايز يتقدملها، والله بتصعب عليا
- ما عندهم حق بردوا أنا نفسي ما اتجوزش واحدة اتلمست ابداا، حتى لو غصب عنها وأنا ليه احاسب على مشاريب واحد تاني.

- ربنا يستر على ولايانا يا عم.

كان ذلك آخر ما سمعه قبل أن يغادر الرجلين عند مفترق الطريق، قطب جبينه يحاول ترتيب ما قالوا، وفهم ما حدث، بينما هو عائدا إلي منزله وصل الي دكان جدته ليعطيها الخبز، جلس على المقعد أمام المحل يشرد في الفراغ تلك الفتاة ما السر ورائها وماذا حل بها، أفكار كثيرة تصارعت في رأسه أفكار انتشله منها، هي نفسها روحية قادمة ناحية دكانهم الصغير تمد خطواتها كالعادة، ابتسم في خبث ما أن رآها، بينما لم تعره هي انتباها، دخلت الي المحل، التف برأسه يشاهد ما تفعل، لتتوسع عينيه مندهشا حين رأي جدته تعانقها بحرارة تسألها عن حالها بتلهف كأنها ابنتها:.

- روحية يا حبيبتي، عاملة ايه يا بنتي، اخبارك ايه
ابتسمت الفتاة ابتسامة باهتة تهز رأسه إيجاب يتنافس تماما مع انطفاء عينيها الظاهر، همست بصوت خفيض مختنق:
- الحمد لله على كل حال يا ست منيرة، معلش أنا كنت عايزة علبة جبنة وباكو شاي.

حركت منيرة رأسها تنظر لها مشفقة على حالها تدعو في نفسها بالويلات لمن اذي تلك الفتاة المسكينة، امسكت حقيبة كبيرة تضع من كل شئ في المحل تقريبا الي أن امتلئت، التفتت تعطيها للفتاة لتتوسع عيني الفتاة في دهشة تردف سريعا:
- ايه يا ست منيرة دا أنا مش هاخد غير الشاي والجبنة لو سمحتي رجعي باقي الحاجة
تحولت نظرات منيرة إلي اخري حازمة لتمسك يد الفتاة تجعلها تقبض على الحقيبة رغما عنها تتمتم بصرامة:.

- بت يا روحية مش عايزة كلمة كمان، تسمعي كلام جدتك منيرة، خدي الحاجة يلا وروحي
ادمعت عيني الفتاة تنظر للسيدة متحسرة لتشفق منيرة عليها مسحت على رأسها تحادثها بحنو:
- ما تقهريش نفسك يا بنتي انتي مالكيش ذنب في حاجة، بكرة ربنا هيبعتلك ابن الحلال اللي يعوضك.

ابتسمت الفتاة ساخرة كأنها تقول حقا لن يحدث ابدااا، التفت وغادرت اصطدمت عينيها بعيني مراد الذي يجلسها يرميها بنظرات غير بريئة بالمرة نظرات رئتها من قبل، نظرات جعلت جسدها يرتجف خوفا، هرولت تعد إلي منزلها، ليتحرك مراد الي داخل المحل وقف خلف جدته مباشرة يهتف فجاءة:
- منيرة ايه حكاية البت دي، أنا سمعت الناس بتتكلم عنها في الشارع كلام غريب واخوها وحشيش وغصب عنها في ايه.

زفرت منيرة حانقة ألن يتوقف هؤلاء الناس عن تمزيق لحم الفتاة في أفواههم، جلست عؤي مقعد صغير في المحل تنهدت تردف متحسرة:.

- من سنة تقريبا جه يسكن في الحارة روحية ومعاها اخوها سيد، أخوها الكبير، عرفنا أن أبوها وأمها ماتوا، وهما عزلوا لهنا، والشهادة لله البنت أدب وأخلاق واحترام ما فيش بعد كدة، بس اخوها منه لله ربنا يجحمه وما يرحمه ابدااا، كان بيشرب ويتاجر في الحشيش والبت يا يعيني صغيرة عندها 19 سنة، اللي عرفته منها يا قلب أمها، اخوها اشتري المدعوق اللي اسمه الحشيش دا من واحد، وما سددلوش الفلوس، الراجل جه يطالبه بالفلوس والمخفي أخوها كان ساعتها مسطول مش واعي بالدنيا، قال للراجل ما عنديش فلوس خد اختي مكان فلوسك، البت يا عيني صرخت وحاولت تجري وتهرب من البيت بس الحيوان التاني لحقها اغتصبها واخوها غايب عن الدنيا وسابها جثة، واخوها واضح أنه كان مزود في العيار مات، اللهي يتحرق فئ نار جهنم والبت يا عيني من ساعتها وهي مكسورة ميتة، وألسنة الناس ما بترحمش، البت بقت بتخاف تطلع من بيتها، كل فين وفين وترجع جري، غلبانة ما عندهاش غير معاش أبوها...

الآن فقط وضحت الصورة، لا ينكر أنه شعر بالشفقة على تلك الفتاة ولكن تلك الشفقة لم تدم سوي لحظات وذهب تفكيره بعيدااا، بعيداااا عن اي فكرة بريئة نظيفة.

سعيدة فرحة تكاد تصرخ من الفرح ها هي الآن تجلس جوار عثمان في سيارته التي يقودها السائق متجهين إلي النادي مشاعرهما معا كانت خليط ما بين القلق والحماس والخوف من المواجهة، تنهدت سارين تحاول تشجيع نفسها ستكون جواره لن تخذله ابدا، خاصة في تلك اللحظات، تسارعت دقات قلب عثمان يشعر بجسده بارد من الخوف، الخوف من المواجهة، ابتسمت سارين تحاول تشجيعه، وقفت السيارة داخل النادي، فئ المرآب، نزلت ونزل السائق أخرجت مقعده من حقيبة السيارة، ساعدته هي والسائق في الجلوس على مقعده، اخبرهم السائق أنه سينتظر في السيارة بينما ابتسمت هي تمسك بمقبضئ مقعده، تدفعه للأمام قبل أن يخرجا من المرآب التفتت له تقول مبتسمة:.

- جاهز
حرك رأسه نفيا لتضحك بخفة، إلي الخارج دفعته، المكان حوله شبه فارغ تقريبا ينظر هنا وهناك أين هم رواد النادي، لا يفهم ما يحدث وسارين تستمر في دفعه متجهه ناحية غرفة تدريباته، نظر للمكان متحسرا على حاله، ليعاود النظر لساقيه الساكنة، ليبتسم متهكما يسخر من حاله، استمرت سارين في دفعه الي أن دخلا الي الغرفة ورأي ما جعل عينيه تتوسع في دهشة لا يصدق ما يرى، على الحوائط حوله هنا وهناك جمل عدة.

- حمد لله على سلامتك يا صياد
- اهلا برجوع الصياد
- الصياد رقم واحد
المكان أشبه بأحتفال صغير زينة تملئه، طاولات طعام ومشروبات وهؤلاء زملائه في التدريبات والسباقات لا تربطه به علاقة سوي الزمالة فقط، اقترب مدير النادي منه، يضع يده على كتفه يبتسم في سعادة صادقة:.

- حمد لله على سلامتك يا صياد، لما آنسة سارين بلغتني أنك جاي وعايز تشوف الخيل بتاعك، قولنا نعملك حاجة بسيطة، مكانك موجود ما حدش غيرك يعرف يبقي الصياد يا صياد
لا يصدق ما يرى حقا أليسوا فرحين فيه، الجميع يعانقه، يدعو له بصدق أن يتم شفائه يحفزونه بكلماته أن لا يستسلم، وسارين تقف جواره فقط تبتسم سعيدة هي الاخري...

بعد كثير من الترحيب انحسب يتوجه الي خيله يشتاق لرؤيته، تحركت تدفعه سارين ليقف أمام غرفة خيله المربعة الصغيرة، ادمعت عينيه بينما صهل الجواد عاليا يقق على قامتيه الخلفتين، ابتسم عثمان يمد يده يفتح الحاجز الفاصل بينهما ليندفع الجواد ناحية عثمان يمسح وجهه يدفعه برأسه الي أن اسقطه من فوق مقعده شهقت سارين مذعورة بينما تعالت ضحكات عثمان على رأس جواده يغمغم ضاحكا:.

- عجبك كدة يا استاذ برق اديك وقعتي مين هيقومني بقى
صهل الجواد عاليا ظل عثمان يمسح على شعره ورأسه وحين رأي الحصان أن صديقه لم يقف جلس هو أرضا احني قامتيه كأنه يجلس جواره ليربت عثمان على جسده يداعبه كما يفعل، الجواد سعيد يصهل، وسارين تراقبهم مبتسمة سعيدة، قاطع تلك اللحظات الصافية صوت بغيض يتمتم ساخرا:
- تؤتؤتؤ عجبت لك يا زمن بقى الصياد مرمي على الأرض مش عارف يقف على رجليه مش قادر يركب خيله.

نظر عثمان وسارين للقائل لتحتد عيني عثمان غضبا ينظر اليه ذلك الشاب ماذا كان اسمه، عمار غريمه الذي يسعي جاهدا لزهيمته في اي مباراة ولكن دون فائدة فدائما يفوز الصياد، احترق قلب عثمان إثر ما سمع بينما ذلك الشاب الواقف بشماتة ينظر لعثمان منتصرا سعيدا:
- شوفت الحال اتقلب في ثانية ازاي وبقيت عاجز زيك زي خيل الحكومة لما يعجز بيضربوه بالنار، وعمار بقى هو اللي على الساحة وهيفضل فيها، زمنك انتهي يا صياد.

اشتعلت عيني سارين غضبا تنظر لذلك الرجل ما به لما ذلك الكره والشر، فتحت فمها تصيح فيه محتدة:
- أنت مريض وعندك عقدة نقص...
قطمت ما بقى من كلامها حين هتف عثمان محتدا:
- سارين وبعدين
رماها بنظرة حادثة واثقة ليعاود النظر لذلك العمار يبتسم في ثقة يربت على رقبة جواده يتمتم في سخرية لاذعة:.

- عمار ما غلطش، أنا فعلا عاجز حتى اني ارجع الكرسي بتاعي، بس عارفة ايه الغريب أن العاجز دا مخلي الأستاذ السليم اللي واقف على رجليه، بيتحرق من غله منه، اسمعني يا عمار كويس، عثمان العاجز اللي قاعد قدامك خد جوايز بعدد شعر راسك، لما كنت إنت بتقع من على العجلة أنا كنت بكسب بطولة العالم، عثمان الصياد اسم يعرفه الصغير قبل الكبير بيتعمله ألف حساب في كل بطولة، وقع آه، لكل جواد كبوة زي ما بيقولوا، فأنا بقى يا حبيبي عايز تستمتع حلو اوووي، بدور بطل الساحة عشان لما ارجع مش هتشوفه، وحاجة كمان أنا عارف أنك عمال تتواصل مع الاندية وتبلغهم أن الصياد اتشل، اللي ما تعرفوش إن أصحاب الاندية دول اتصلوا كلهم بيا يقولولي احنا في انتظارك، فيا حبيبي لما تيجي تحفرلي حفرة احفرها كويس عشان لو طلعت منها هدفنك حي فيها.

قال ما جعل ذلك الواقف يكاد ينفجر غضبا يرميه ينظرات حانقة كارهة ودون كلمة اخري التفت وغادر ليسمع صوت عثمان يصحيح من خلفه ساخرا:
- اتقمصت ليه يا ميرو دا احنا لسه هنحمرلك بطاطس ونقرمشها
ابتسمت سارين فرحة من رد فعل عثمان كانت مرتعدة من أن تسوء حالته بسبب ما قال ذلك المريض المعقد ولكنه اثبت العكس تماما، ها هو عثمان التي تعرفه اقتربت منه تجلس جواره تغمغم مبتسمة:.

- تعرف أن انا فخورة بيك اوي بجد مش قادرة اقولك أنا فرحت قد ايه باللي قولته للحيوان المريض دا
ابتسم عثمان في ارتياح يشعر براحة نفسية رهيبة بعد أن حطم كرامة ذلك المختل، التفت برأسه ناحيتها ابتسم يتمتم في خبث مضحك:
- ما تجيبي بوسة كدة بسرعة وبرق مش واخد باله
صدمته على كتفه بعنف تنظر له مغتاظة لتتمتم حانقة:
- اتلم يا عثمان وبطل قلة أدب.

انكمشت قسمات وجهه غيظا كالطفل الصغير ينظر لها في ضيق، لحظات و عاد يبتسم من جديد يغمغم بمرح باهت:
- عارفة يا سارين انك أول واحدة اجيبها هنا...
ابتسمت سارين ساخرة تنظر له مستهجنة لتصيح متهكمة:
- يا اسطوانتك يا صياد، دا لو الحصان اللي جنبك دا حيوان ناطق كان شتمك...
تعالت ضحكات عثمان لحظات لتشاركه هي الأخري في الضحك بينما برق يصهل عاليا.

في منزل خالد السويسي في غرفة زيدان
تصمنت لينا مكانها تخبي الزجاجة خلف ظهرها سريعا ما أن سمعت صوته التفت تحاول الا تنظر لعينيه حمحمت تهمس مرتبكة:
- ععلي فكرة أنا كنت، حاطة حاجة في الدولاب ونسيتها، ما سرقتش منك حاجة.

- لاء سرقتي ومن زمان سرقتي حاجة ومش عايزة ترجعهالي: نطق جملته بسخرية ممتزجة بألم شديد لتواجه عينيه بملئ ارادتها ابتسمت ساخرة وقد نسيت تماما انها تمسك بيدها الزجاجة ربعت ذراعيها أمام صدرها تغمغم متهكمة:
- وسرقت منك ايه بقى
رفع يده يصدم صدره بيده التحمت عينيها ببحر عينيه الهائج تسمعه صدي موجه العنيف في نبرته القوية:.

- سرقتي طفولتي اللي عيشتها كلها وأنا بلف وراكي، سرقتي شبابي، شاب مراهق من حقه يحب بدل المرة ألف، كنت بشوفك في الألف، سرقتي عمري، اللي فاتت، سرقتي قلبي اللي مع دقة فيه بقيت بتوجع أضعاف، وعايزة تسرقي روحي اللي في بطنك، وازازة البرفان اللي في ايدك بتاعتي بردوا.

توسعت عينيها مندهشة تنظر لما في يدها، اشاحت بوجهها بعيدا عنه لا تجد ما تقوله مشاعرها تتخبط في أمواجه، كل شئ بات مبعثر وهي فقط تبحث عن الساحل لتنجو من الغرق في طوفان حيرتها.

نزلت سارة بصحبة والدتها من المنزل متجهين لشراء فستان جديد لها لزفاف شقيقتها، وهذا هو الظاهر، أما الباطن عمر من طلب من سارة أن تأخذ والدتها لخارج البيت عدة ساعات لأنه يود مفاجئتها وعمل شئ مميز، مشت سارة جوار والدتها تتحدث بانطلاق:
- بجد فرح عثمان وسارين هيبقي واو، أنا مش مصدقة، سارين هتتجوز عثمان، أنا عايزة اجيب فستان كاشمير ولا سيلفر، لاء الكاشمير أحلي، ماما ماما انتي ما بترديش عليا ليه.

التفتت تنظر جوارها لتري والدتها تسير شاردة عينيها تائهة كأنها في عالم آخر منفصل عن الدنيا، التفت تالا ناحية سارة تتمتم قلقة:
- تفتكري سارين هتبقي مبسوطة مع عثمان
ابتسمت سارة في حماس تحرك رأسها إيجابا سريعا تغمغم سريعا بتلهف:
- آه والله يا ماما انتي مش عارفة سارين بتحب عثمان قد ايه، عشان خاطري يا ماما ما تبينيش قدامها انك متضايقة من جوازتها عشان سارين ما تزعلش.

ابتسمت تالا ابتسامة شاردة تحرك رأسها بالإيجاب، قلبها يحترق قلقا خائفة أن تكرر ابنتها مأساتها مع عمر، اجفلت على جملة سارة التي قالتها بحماس:
- بصي يا ماما الفستان دا...

نظرت تالا لما تشير ابنتها ليعلو وجهه نظرة إعجاب إعجبها حقا الفستان، تحركت سارة متحمسة ناحية المحل فلم تنتبه لذلك الحجر الذي اصدمت فيه وسقطت ارضا بعنف مؤلم على رسغ يدها صاحت صيحة قوية من الألم تمسك رسغ يدها، لتصرخ تالا فزعة توجهت إليها تصيح في المارة:
- تاكسي حد يوقف تاكسي بسرعة
اوقف أحد الرجال سيارة اجري لتسند تالا سارة ادخلتها السيارة لتجلس جوارها تصيح في السائق فزعة:
- اطلع على اقرب مستشفي بسرعة.

ادار السائق محرك السيارة بينما احتنضت تالا سارة التي تنتفض من عنف شهقاتها، تشعر بعظام رسغها الأيسر تهشمت تماما، ألم بشع لا يُحتمل، دقائق ووقفت السيارة أمام مستشفي كبيرة، للمصادفة الغير مقصودة بالمرة، كانت مستشفي تعرفها تالا والجميع!، نزلت تالا سريعا تسند ابنتها حاسبت السائق لتهرول بها سريعا الي المستشفى، ما كادت تدخل من الباب رأت ذلك الطبيب يهرول إليهم، ذلك الطبيب تعرفه أليس هو ذلك الشاب، حسام!

اخيرا انتهي من حالة ولادة متعسرة ورغم ما مر به من صعوبات في إجراءات تلك الجراحة للمحافظة على حياة الأم و الجنين ولكن حقا مر من صعوبات وألم وخوف من فشل تلك الجراحة تلاشي تماما حين حمل حياة خرجت للحياة بين يديه، طفل صغيرة روح نقية برئية، دائما ما ينظر لكل طفل رضيع يخرج الي الدنيا يتسأل في نفسه كيف يمكن أن تلوث الحياة تلك الهالة النقية البريئة كيف يمكن لرضيع كهذا أن يصبح في يوم قاتل، مجرم، سارق، لما لا يحتفظ الإنسان بسجيته البريئة، لما تصفعنا الحياة بآلوانها، لما لا يبقي اللون الأبيض كما كان، انهي جراحته ليتوجه إلي غرفة مكتبه الخاصة جذب المقعد يجلس جوار النافذة يستند برأسه على ظهر مقعده، يمسك كوب كبير من الشاي في يده يوجه انظاره للحديقة الكبيرة ينظر هنا وهناك، المشاهد حوله مكررة أناس تدخل وتخرج، سيارات فاخرة في كل مكان، فهي مستشفي خاصة أولا واخرا، إلي أن وقعت عينيه على مشهد جعله يعتدل في جلسته يوجه انظاره لسيارة الاجري التي تدخل مسرعة إلي المشفي، نظرات تملئها الفضول سرعان ما توسعت عينيه في فزع حين رأي تالا تخرج من السيارة تمسك بيد فتاة تخرجها تلك الفتاة هي سارة!، لم ينتظر لحظة وضع الكوب من يده ليهرول للخارج عقله يصور أبشع المشاهد الممكنة لما تبكي ماذا حدث، هل عاد ذلك الشاب لحياتها من جديد، يرى نظرات الدهشة في أعين الجميع خاصة وهو يركض هكذا لأسفل، وصل سريعا كانوا هم في منتصف غرفة الاستقبال حين تقدم إليهم بخطوات واسعة وقف للحظات ينظر لهما قلقا ليردف جزعا بقلق لم يستطع إخفاءه:.

- خير في ايه مالها أنسة سارة
قطبت تالا جبينها متعجبة من نبرة القلق الهائجة في صوته، نظرات عينيه التي لا تحد عن ابنتها حمحمت تلفت انتباهه:
- وقعت على ايدها في الشارع، قسم العظام فين لو سمحت
تطوع سريعا لإرشادهم لغرفة طبيب العظام، دخل معهم الي داخل الغرفة نفسها، تقدم من مكتب الطبيب مال ناحيته يهمس بصوت خفيض:
- عمدة زي ما خليتك تخلع اول إمبارح عشان تقابل خطيبتك، تخلع دلوقتي وتسيبلي الكشف دا.

توسعت عيني الطبيب « عماد » ينظر للواقف أمامه ليغمز له بطرف عينيه يغمغم بخفوت ماكر:
- من عيوني يا ابو الصحاب، بس ما تنساش تعزمنا على الفرح
رد حسام له الابتسامة، التفت لهم لتختفي الإبتسامة من على وجهه حمحم يوجه انظاره لتالا يردف في هدوء:
- دكتور عماد من أفضل دكاترة العظام هنا، ربنا يطمنك عليها، عن اذنكوا، ما تنساش يا عمدة دول العالم معرفة تتوصي بيهم.

قالها ليغادر تعلقت عيني تالا به وسارة به وهو يرحل، خرج يغلق الباب، ليتحرك الطبيب من مكانه متوجها ناحية تالا التي تجلس جوار والدتها ما كاد يتحرك خطوتين سمع هاتفه يرن
اعتذر لهم بلباقة امسك الهاتف يفتح الخط لحظات وتوسعت عينيه فزعا يتمتم خائفا:
- يا نهار أبيض حصل امتي دا، أنا جاي حالا
اغلق الخط ليخلع مئزره الابيض يتمتم سريعا بتلهف وهو يغادر:.

- معلش يا جماعة أنا آسف حصلت مشكلة عندي في البيت، خليكوا زي ما انتوا هيجي دكتور تاني حالا
قالها ليهرع الي خارج الغرفة، حيث كان حسام في انتظاره، ابتسمت الأخير في خبث يعدل من وضع تلابيب مئزره الأبيض، يأخذ خطاه إلي غرفة الكشف، دق الباب ودخل في لحظة دخوله سمع تالا تقول بحنو تواسي ابنتها:
- هيجي دكتور حالا يا سارة
الدكتور جه اهو، قالها بابتسامة واسعة مرحة لتنظر تالا له مستنكرة تغمغم في استياء:.

- هو أنت مش دكتور نسا وتوليد
لم يعر كلام تالا انتباهها تقدم ناحية تلك الجالسة على فراش الكشف جذب مقعد يجلس أمامها ما كاد يمد يده يمسك بيد سارة المكدومة سمع صوت تالا تهتف فيه غاضبة:
- هو أنا مش بكلمك، أنت ازاي هتعرف حالتها وأنت دكتور نسا وتوليد
وعظام، قلبت عظام النهاردة الصبح عند حضرتك مانع:.

- زفر حانقا يصيح بها بعد أن نفذ صبره ليعود برأسه ناحية سارة مد يده يمسك يد سارة يحاول ألا يفقد ثباته أمام نظراته الناعسة الباكية، من خبرته الغير قليلة في مجال العظام وبعد الاشعة تأكد من أنها لا تعاني من ايه كسور في يدها فقط كدمة عنيفة بعض الشئ، امسك ورقة الاشعة في يده تنهد هو يردف بارتياح:
- الحمد لله ما فيش كسور، كدمة بس أثر الوقعة..

تنهدت تالا تقبل جبين ابنتها التي تجلس صامتة منذ أن رأته، ذلك الطبيب حقا غريب به شئ غير مفهوم يجذبها إليه، رأت نظرات اللهفة والخوف في عينيه، تري نفسها دائما داخل حدقتيه كأنه يأسرها فيها، يديه التي كانت تمسك يدها كانت تحتوي كفها أكثر منها تفحصه، اجفلت حين عاد مرة أخري يجلس أمامها يمسك يدها يلفها بشاش طبي بخفة، رفع رأسه لتتلاقي عينيها مع مقلتيه للحظات، لتشعر بدقات قلبها على وشك أن تنفجر، بينما ابتسم هو في حالمية كأنه مراهق عاشق، حمحمة غاضبة صدرت من تالا جعلت كل منهما يجفل من تلك الدوامة التي جذبتهم للحظات، نظرت سارة لوالدتها لتراها تنظر لها غاضبة متضايقة مما حدث، بينما أكمل حسام لف الرباط على يدها الي انتهي ابتسم ابتسامة باردة ينظر لتالا باستفزاز تلك السيدة تشك فيه، قام من مكانه متوجها الي المكتب يخط بعض الأدوية على ورقة الكشف يغمغم في عملية:.

- دي ادوية ومراهم ومسكنات للألم...
رفع وجهه يقطع الورقة من الدفتر يعطيها لتالا يقول مبتسما:
- على ضهر الروشتة رقم تليفوني لو احتجتوني في اي وقت أنا في الخدمة
أخذت تالا الورقة من حسام تنظر له متشككة، لتعاود النظر لابنتها تقول بحزم:
- استنيني برة يا سارة عايزة اسأل الدكتور على حاجة.

حمحمت سارة متوترة تحرك رأسها إيجابا، تحركت سارة للخارج لتتعلق عيني حسام بها الي أن غادرت وهو صدق حدس تالا وهي تري عيني حسام لا تنزاح عن ابنتها، الا يكفيها زواج ابنتها الاخري من عثمان ذلك المنحرف والآن ابنتها ذلك الطبيب الذي يكبرها بأعوام وأعوام يلف شباكهه حول ابنتها الاخري، اشتعلت عينيها غضبا لتقترب من مكتبه استندت بكفيها على سطح المكتب تهمس له بشراسة:.

- أنا واثقة أنك اتفقت مع الدكتور عشان يخرج وتيجي إنت، مالكش دعوة بسارة خالص، فاهم، والا والله هقول لوالدها وعمها وانت ما تعرفش هما يقدروا يعملوا ايه
نظر حسام لها للحظات مستهجنا ما تقول سرعان ما انفجر في الضحك اعتدل جالسا يقترب بجذعه العلوي من المكتب يردف ساخرا:.

- تؤتؤ ليه ظن السوء دا يا مدام تالا، دا أنا حتى من العيلة، قصدي صديق العائلة، قولي لوالدها وعمها، إن دكتور حسام عايز يتجوز البنت، صدقيني أنا عريس لقطة من نفس الدم بس انتي مش واخدة بالك
توسعت عينيها في دهشة من جراءته الغير متوقعة ابدااا، فتحت فمها لتوبخه ليوقفها هو حين بادر يبتسم في ثقة:.

- كان نفسي نكمل حوارنا مع بعض بس للأسف عندي حالة ولادة مستعجلة، بإذن لما المرة الجاية لما نتقابل تكوني حماتي عن إذنك يا مدام تالا.

قالها ليخرج من الغرفة رأي سارة تقف هناك بالقرب من الغرفة توجه ناحيتها يبتسم في اتساع وقف امامها للحظات التقط شئ من جيب مئزره يضعه في يدها ليغادر سريعا نظرت هي بدهشة لما وضع فئ يدها لتجدها قطعة حلوي صغيرة ابتسمت رغم عنها تقبض عليها حين رأت والدتها قادمة تبدو غاضبة جداا امسكتها من رسغ يدها السليمة تجذبها بتروي خلفها تردف حانقة:.

- أنا غلطانة اننا جينا هنا اصلا، قليل الأدب والذوق منحرف، على جثتي لو وافقت على الهبل اللي قاله دا.

وسارة فقط تسرع في خطواتها تنظر لوالدتها مندهشة لما تبدو غاضبة لتلك الدرجة، توجهت معها الي سيارة الاجري التي تنتظرهم بالخارج، قبل أن تركبها وقعت عينيها عليه يقف هناك أمامها يبتسم فئ هدوء واثق لتسحب تالا ابنتها لداخل السيارة، وغادرا المكان، نظرت تالا خلفها لتجد حسام لازال يقف هناك يلوح لها يبتسم باصفرار، لحظات واختفي من أمامها، التفتت تالا للسائق تتمتم معتذرة:.

- معلش يا اسطا أنا عارفة اننا عطلناك، بس اللي تطلبه ه...
قاطعها السائق حين قال يبتسم سعيدا:
- لا يا هانم ما تقوليش كدا، وبعدين خلاص أنا خدت اجرتي
قطبت ما بين حاجبيها تنظر للسائق متعجبة تسأله مستنكرة:
- خدت اجرتك، خدت اجرتك ازاي ومين اللي ادهالك
نظر السائق لها من خلال مرأه السيارة الامامية، يقول بابتسامة راضية:.

- في دكتور خرج من المستشفى قبل ما حضرتك تخرجي وقالي أنه قريبكوا واداني اجرتي وزيادة شويتين، هو مش قريبكوا ولا ايه
تنفست تالا حانقة، تعقد النية انها ستخبر خالد أليس هو من عرفهم عليه، عليه اذا أن يبعده عنهم حركت رأسها ايجابا تتمتم حانقة:
- لاء قريبنا، قريبنا.

قال ما قال وطال الصمت في الغرفة تنظر له وهو لا يحيد بعينيه عنها، امواج مشاعرهم الثائرة تغرق المكان تسحبهم لأسفل تخنق الجميع تلف حبال الحيرة حول رقابهم، قبضت بأظافرها على زجاجة العطر في يدها تنظر له بشراسة لتصيح فيه غاضبة:
- بلاش تعيش في دور الضحية يا زيدان، أنت كدبت عليا خدعتني، كدبك كان غصب عنك بردوا، هتبرر كدبك وغشك بإيه، اتفضل اخترع كدبة جديدة.

استند هو بكفيه على سطح الفراش يعتدل في جلسته يستند بظهره على الوسادة خلفه ابتسم مرهقا ملامحه مجهدة متألمة الا انه ابتسم يتمتم في هدوء:.

- أنا مش مضطر اخترع كدبة جديدة، في الحب والحرب كل الأسلحة متاحة، كنتي عيزاني أعمل إيه، اروح اجبلك فستان فرحك على البيه، اسيبك تضيعي من ايدي، بعد كل دا اسيب حد تاني يخطفك مني، أنا لو كنت عملت كدة كنت هبقي فعلا ما حبتكيش، أنا فضلت أحارب عشانك لآخر لحظة، حتى أنتي، أنتي ما حبيتيش معاذ لينا، لو كنتي حبيتيه ما كنتيش حبيتيني، كانوا بيغنوا زمان دا القلب يحب مرة ما يحبش مرتين، وقلبك دق ليا أنا.

شدت على أسنانها تنظر له غاضبة عينيها تكاد تنفجر تتنفس بسرعة وعنف، أكثر ما ازعجها فيما قال انها حقا أحبته، وهو يعرف، ضربت عارضة الفراش القريبة منها بقبضة يدها تصرخ بشراسة:
- أنا حبيتك إنت، أنت واهم بتحلم، أنا بكرهك وهفضل أكرهك طول عمري.

جل ما حدث أن ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه مد يده يلتقط حافظته الجلدية فتحها يبحث بين أوراقه ليخرج ورقة مطوية بدأ يفتحها وهو ينظر لعينيها مباشرة ابعد عينيه عن عينيها ينظر لما خط على الورقة ليقرأه بصوت مسموع
« من لوليا لزيدان، تعرف اني حبيت الدلع دا.

منك اوي، شكرا لكل حاجة حلوة عملتها عشاني، شكرا عشان رجعتني انسانة تعيش من جديد، شكرا عشان استحملت مني اللي ما حدش يستحمله بصراحة وكنت صابر عليا، لو فضلت اقولك شكرا مش هتكفي من هنا لسنة جاية، زيدان أنا بحبك، بحبك أوي
لوليا ».

انهي قراءة ما كتبته هي ليرفع وجهه إليها مرة أخري رأي دموعها تنساب في صمت، صمت يقتل قلبه، يمزق جوا روحه العاشقة، تغمض عينيها تشد عليهما بعنف تحرك رأسها نفيا بعنف كأنها تنفي كل كلمة يقولها وكل كلمة كتبتها هي، حمحم هو يردف بترفق:.

- أنتِ بتحبيني يا لينا، زي ما عارفة وواثقة أن أنا بحبك، أدي لحياتنا فرصة تكمل، فرصة نرجع تاني، أنت ِ محتاجة تروحي لدكتور نفسي، تخرجي من قلبك كل اللي مش عارفة تقوليه أنا عارف أنك بتعاني حاسس بيكي، هو هيساعدك، وأنا هبقي جنبك، وترجع حياتنا تاني، أنا وأنتي واببنا او بنتنا.

تجمدت للحظات لم تقدم على اي فعل، فقط صامتة كالتمثال فتحت عينيها كجمر نار ملتهب التهبت حدقتيها تنظر له كارهة القت زجاجة العطر من يدها بعنف لتتهشم مئات القطع أشارت الى زجاجة العطر المهشمة تصرخ يائسة:
- رجعها زي ما كانت خلي الدكتور النفسي بتاعك يرجعها زي ما كانت ويرجع روحها جواها بعد ما اتقتلت، أنا وأنت مش هنرجع تاني يا زيدان...

ليه، نطقها بهدوء لتلتفت برأسها لها تناظره بنظرات معذبة تصرخ ألما، زفر هو أنفاسه يردف في هدوء:.

- ليه مش هنرجع، ليه مش عايزة ادي حياتنا فرصة، اشمعني انا دايما بديكي فرص وبلاقي مبررات واعذرا لكلامك وعمايلك بدل المرة ألف، وانتي فرصة واحدة رافضة تحاولي فيها، عشان ننهي الموضوع يا لينا قدامك حل من اتنين يا تدي لحياتنا فرصة وهبقي في انتظارك نبدأ تاني من جديد، يا ترفضي وساعتها لو عايزاني اطلقك تتنازلي عن ابني، أنا مش هسمح أن ابني يشوف اللي أنا شوفته، اختاري أنت.

من شدة ما تشعر به من غضب ثقلت أنفاسها وبدأ الدوار يهاجم رأسها استندت بكفيها على عارضة الفراش تنظر له نظراتها ضائعة زائغة، تشعر برغبة ملحة في النوم، في أن تهرب من كل شئ وتنام علها لا تستيقظ مجددا، ستنتهي حينها حيرتها للأبد، شعر هو باضطرابها تحامل يتحرك من فراشه بخطى بطيئة يشعر برأسه يلتف هو الآخر، وقف أمامها يسألها قلقا:
- انتي كويسة.

حركت رأسها تنفي ما يقول، وما هي الا لحظات وكادت ان تسقط أرضا، التقطها بين أحضانه يشدد على احتضانها وهي ساكنة، كطفلة بريئة انهكها اللعب فسقطت نائمة دون سابق إنذار، رغم كدمات جسده المؤلمة حقا الا أنه انحني بجذعه يحملها بين ذراعيه يخرج تحرك خطوة اثنتين وهو يحملها ناحية باب الغرفة ليشعر برأسه تصرخ من الألم وبدأ يشعر بدوار عاصف هو الآخر، فما كان منه الا أنه عاد بها إلي فراشه، رؤيته مشوشة ضبابية الا أنه استطاع وضعها على الفراش ليتسطح بجسده جوارها، بما تبقي له من طاقة اخذها لاحضانه يشدد على عناقها، يتنفس عبيرها لحظات وغاب عن الدنيا وهو يحتضن قلبه بين ذراعيه.

في الأسفل، قبض خالد على تلابيب ملابس أخيه، حين أخبره بكل هدوء أنه قرر عقد قرانه على بدور، في نفس يوم زواج عثمان وسارين، فما كان من خالد الا أن هب من مكانه يقبض على تلابيب ملابسه يزمجر غاضبا:
- دا عند أمك يلا، عارف أمك تاخد بعضك وتروح عندها، أنت اتجننت ضربت خلاص، دي قد بنتك يا متخلف
قلب حمزة عينيه ينظر لأخيه مستهجنا ما يقول، ليقبض على قبضتي أخيه يحاول إبعاده عنه زفر يقول ساخرا:.

- ايوة أنا متخلف، قولت ايه يا أبو العروسة...
دفعه خالد بعيدا عنه يناظره، نظرات حادة مشتعلة جلس على اقرب مقعد يحرك ساقه اليسري في حركة سريعة عصبية ليتمتم ساخرا:
- قولت مش موافق، يا راجل عيب على شعرك الأبيض دا أنت قدي، قد أبوها يا شايب، ياللي بتبص لواحدة من دور بناتك، فكرتني برشدي كان نفس العينة دي، يتجوز عيلة صغيرة عشان ترجعلوا شبابه من أول وجديد.

نظر حمزة لأخيه غاضبا كلماته كسهام حادة تخترق هدفها بسهولة مفرطة، تمزق رجولته، كبريائه، كرامته، اشتعلت أنفاسه غضبا ولكنه لم يكن ليظهر غضبه ابدااا بتلك السهولة، ابتسم في خبث ليجلس على المقعد المقابل لأخيه يضع ساقا فوق اخري يتمتم في هدوء خبيث:
- والله أنا والعروسة متفقين على كل حاجة، لو مش مصدقني اندهلها اسألها، مش أنا اللي أغصب واحدة على الجواز...

هب خالد واقفا اقترب من سلم البيت يصدح بعلو صوته نبرة حادة غاضبة:
- بدوووور يا بدوووور انزلي هنا حالا
تنفس بعنف يلتفت لأخيه الذي يجلس مسترخيا في هدوء تام يبتسم بثقة، لحظات وسمع خطواتها تنزل رفع وجهها إليها يرميها بنظرات حادة، انتظر الي أن نزلت إلي أسفل وقفت أمامه تخفض رأسها أرضا تتمتم بصوت خفيض مرتعش:
- خخخير يا بابا.

ابتسم خالد في سخرية مريرة ليقبض على رسغ يدها يجذبها خلفه الي غرفة مكتبه يصفع الباب خلفه يوصده من الداخل بالمفتاح، دفعها لتجلس على أقرب مقعد رفعت وجهها تنظر له هلعة دقات قلبها تتقافز من الفزع بينما تحرك هو امامها ذهابا وايابا يرميها بنظرات قاتلة كلما نظر لوجهها وقف ينظر له غاضبا ليصيح فيها:.

- قاعدة طول النهار في أوضتك مع سيلا وأنا اقول معلش مصدومة نفسيتها وحشة، اهو خالد الصغير بيلعب حواليا، كل كلمة جنبها مش عايزة اتقل عليك يا بابا وأنا اقول معلش اصلها حساسة شويتين، كنتي رايحة للحيوان اللي أسامة برجليكي، لييييه عشان خايفة تعرفي بابا، كل دا عديته بمزاجي، لكن أعرف أنك عايزة تتجوزي واحد قد ابوكي لاء أنتي كدة اتجننتي رسمي، حمزة قدي في السن، اديني سبب واحد يخليكي موافقة على الجوازة دي.

انسابت دموع عينيها جسدها يرتجف من عنف شهقاتها لا تعرف ما تقول، أتخبره بأنها انجذبت لشخصية حمزة، احترامه لها معاملته الجيدة حب أطفالها له جعلها تنجذب له رغما عنها، مدت يدها تمسح دموعها تهمس بخفوت متوتر:
- بابا، ااا انا مموافقة، ما حدش ضاغط عليا ومش بقول كدة عشان ما ابقاش عبئ على حضرتك، أنا محتاجة يكون ليا حياة وبيت، محتاجة أعيش حياة سوية، مش اللي عيشتها مع أسامة.

ما أنتي ممكن تعيشي كل اللي بتقولي عليه دا مع واحد قريب منك في السن، اشمعني وافقتي على حمزة: صاح بها بعد أن نفذ صبره من تلك الفتاة التي ستصيبه بجلطة دماغية في اي لحظة
لترفع وجهها إليه اغمضت عينيها تأخذ نفسا عميقا تستعد لإخراج ما يجيش ما بصدرها:.

- عشان ما اضمنش ما ممكن يبقي زي أسامة، او يعامل الولاد وحش من ورايا حتى، او يجبرني اني اتخلي عنهم، انما حمزة لاء، بيحبهم أوي، وبيحترمني ويعاملني على اني بني آدمه ليها مشاعر وبتحس، وبعدين الفرق بينا مش كبير كدا زي ما حضرتك شايف...
ما جبتيش سيرة الحب، نطقها بإلتواء وهو يوجه انظاره الي وجهها خاصة عينيها عله يستشف ردة فعلها، ليري ابتسامة باهتة تعلو جانب ثغرها ومن ثم سمعها تتمتم متهكمة:.

- حب، صدقني يا بابا أنا اتأكدت أن أهم حاجة في الجواز الاحترام مش الحب، ما أنا حبيت مرة خدت ايه، في حاجات كتير اوي ما اقدرش حتى احيكهالك من اللي أسامة كان بيعملها، قد ايه كان بيهني وأنا كنت بحبه، كنت غبية ماشية ورا الحب، عشان كدة أنا موافقة على جوازي من حمزة، أخو حضرتك
عقد ذراعيه خلف ظهره يناظرها بنظرات حادة ثاقبة حرك رأسه إيجابا يسألها للمرة الأخيرة:
- دا آخر كلام عندك.

صمتت للحظات لتحرك رأسها إيجابا مرة بعد أخري كأنها تؤكد له ما قالت وما يسألها عنه لتراه يتحرك وقف أمامها يرميها بنظرات مستائة ساخرة:
- مبروك، يا مرات أخويا
قالها ليستدير ويغادر الغرفة بينما وقفت هي تنظر في أثره عينيها متسعتين على آخرهما يحتلهما الفزع تفكر في محور فكرة واحدة، هل خسرت حق انتمائها لأبيها الروحي الآن!

خرج هو من غرفة مكتبه، نظر ناحية أخيه بضع لحظات، يرميه بنظرة حزينة ليصعد الي غرفته مباشرة تتصارع الأفكار في عقله الكثير من المشاكل فوق رأسه، شهد عليه أن يتواصل معها في أقرب فرصة كما حدد له الطبيب، ابنته وحالها المتقلب، زيدان وما حل به، وذلك الشخص الذي يود إيذائهم وهو لا زال يبحث عنه، وحسام كم يرغب في أن يعلن للجميع أنه ابنه لما ظل صامتا الي الان، معاذ ذلك الحية الذي يلتف حول ابنته هو على اثم الثقة أن ذاك الفتي خلفه لغز كبير رغم كل ما جاءه من تقراير تؤكد العكس، والآن حمزة وبدور، ها هو قد خسر ابنته الاخري بعد أن صارت زوجة أخيه او ستصير، وما ينقصه حقا تعامل لينا البارد معه في الفترة الأخيرة، يعرف أنها تشك فيه، الكثير وهو بمفرده من يتحمل...

دفع باب غرفته لتشهق لينا فزعة، قامت من مقعدها المجاور للشرفة تنظر له متعجبة من نظرة عينيه الزائغة، لتجده تحرك ناحيتها يلقي بثقله بين أحضانها تنهد يزفر أنفاسه
المثقلة بين ذراعيها يهمس لها بصوت خفيض متعب:
- أنا عايز أنام يا لينا، تعبان أوي وعايز أنام، خديني في حضنك وانسي اي زعل منك ساعتين زمن بس، عشان أعرف اقف على رجلي تاني.

تفتت قلبها حزنا على نبرة صوته المتعبة حركت رأسها إيجابا تصطبحه الي الفراش تعانقه كأنه طفلها الصغير تمسح على رأسه إلي أن شعرت بانفاسه تنتظم ويغط في نوم عميق بين ذراعيها.

يجلس في مكتبه منذ ساعة تقريبا، يعمل بخفة على الحاسوب أمامه يعيد برمجة قاعدة بيانات أحدي المنتجعات السياحية، حانت منه التفاتة سريعة ناحية ساعة الحائط، من المفترض أن تصل إلي الشركة الآن، عرف من قاعدة البيانات للشركة أمامه أن مهندسي الديكور، ميعاد عملهم يبدأ بعدهم بساعة واحدة تقريبا، حاول إبعادها عن رأسه قدر المستطاع، ليعد إلي ما كان يفعل لم تمر أكثر من عشر دقائق وسمع من الخارج اصوات ناس تصيح وصوت جاسر صاحب الشركة يصرخ فيهم، هب من مكانه سريعا هو وزملائه في الغرفة متوجهين الي الخارج، ما إن اقترب منهم سمع صوت جاسر يصيح غاضبا:.

- يعني ايه الأسانسير يعطل وفيه حد، اتصرفوا لازم يشتغل حالا، رعد بيه فين، اتصلولي بشركة الصيانة يلااا
انقبض قلبه خوفا من فكرة أن تكن هي من بالداخل، خاصة وأنها تعاني من فوبيا الاماكن المغلقة، اقترب أكثر يحاول أن يسأل أحد الموظفين عن العالق في الداخل، ليسمع موظفة تحادث زميلتها:
- دي المهندسة الجديدة اللي جت امبارح يا عيني عيلة صغيرة.

توسعت عينيه فزعا وقد تحقق ما كان يخشاه، هرع الي جاسر صاحب الشركة يصرخ فيه فزعا:
- هي مايا اللي جوا الأسانسير
حاول جاسر تهدئته قليلا أمسك بكتفيه يردف سريعا:
- اهدي يا أدهم عمال شركة الصيانة على وصول
اهدي ايه وزفت ايه، مايا عندها فوبيا من الاماكن المغلقة، دي ممكن تموت:
صرخ بها بعد أن تنصل عقله عن كل ما له علاقة بالعقل وفكرة أنها هي من بالداخل تقتله.

اندفع ناحية أحد العمال يقبض على تلابيب ملابسه يصرخ فيه غاضبا:
- أنا مش لسه هستني، شوفلي حل لهقتلك حالا
توسعت عيني الرجل ذعرا من هيئة ذلك الضخم المخيف وهو يصرخ ليردف بنبرة مرتجفة:
- هو حل متخلف، تطلع على السطح وتنزل من الفتحة اللي فوق، فوق سطح الأسانسير، في مقبض كبير شده ناحية الشمال، وارفعه هيتفتح جزء كبير، تقدر تنزل منه ليها بس مش عارف هتطلعها ازاي.

دون كلمة اخري أخذ طريقه يركض لأعلي خلفه جاسر الذي يصرخ فيه أن يتوقف، يتوقف وقلبه هناك محبوس على وشك أن يقف من الخوف، بعد طول صعود وهو يركض كأنه يسابق العمر وصل للسطح وقف يلهث بعنف ينظر حوله هنا وهناك الي ان وجد ذلك الفتحة التي أخبره بها العامل، خلع سترة حلته يلقيها ارضا تلاها رابطة عنقه، توجه ناحية الفتحة من الجيد أن المصعد في طابق علوي قريب اخذ نفسا قويا ليقف عند الحافة ويقفز، انكمشت ملامحه ألما حين اصطدمت قدميه بعنف في سطح المصعد وبدأ يسيل منها الدماء، ها هو المقبض امامه جذبه بعنف ناحية اليسار، حركة قوية الي أن سمع صوت وكأن قفل يُفتح، رفع ذلل الجزء لأعلي انفتح جزء من المصعد يسع جسده لينزل بداخله، ليهبط إليها، رآها تجلس تضم ركبتيها لصدرها ترتجف من الخوف همس باسمها بلوعة:.

- مايا
رفعت وجهها سريعا تنظر له وجهها شاحب عينيها منتفخة تبكي بلا توقف، اندفع ناحيتها يجذبها بين أحضانه يحاول تهدئتها لتتشبث بقميصه تغرز وجهها في صدره ترتجف باكية.

مرت ثلاثة ساعات منذ أن تركته نائما، تشعر بالحزن والشفقة عليه، تعرف أن مشاكل الجميع فوق كتفيه هو، لن تكن حملا زائدا معهم، هي تلك اليد التي تحنو عليه في أصعب اوقاته تدفعه لينهض، لما الجفاء لمن كان يملك الفؤاد، اعدت له الطعام الذي يحب، حقا ما يجعلها سعيدة، حين ذهبت لتطمئن على زيدان، رأت لينا تنام بين أحضانه، ربما تصالحا اخيراا، أخذت الطعام واتجهت الي غرفتها، وضعته على الفراش بعيدا عنه، لتقترب من وجهه تمسد على خصلات شعره، تهمس له بصوت خفيض حاني:.

- خالد، خالد، اصحي يا حبيبي، قوم يلا كفاية نوووم
قطبت جبينها قلقة حين لم يبدي اي رد فعل اعتدلت في جلستها تهز جسده برفق تغمغم متلهفة:
- خالد، خالد اصحي يا خالد
لا استجابة أمسكت ذراعه تهزه بعنف تصرخ فزعة:
- اصحي يا خالد، خاااااالد!

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 21 من 81 < 1 56 57 58 59 60 61 62 81 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1980 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1463 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1471 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1291 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2467 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أسير ، عينيها ،











الساعة الآن 01:17 AM