رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الستون
في منزل رشيد الشريف، عند الصغيرة صبا عصفت الصدمة بكيانها توسعت عينيها تدلي فكها يكاد يلامس الأرض تسارعت دقات قلبها، تعرقت يديها تسب هاتفها الأحمق، وازراره العالقة، والدها وعدها بأن يحضر لها آخر ولكن ذلك الحادث الذي حدث لوالدها جعلها تشعر بالحرج في وضعه انها ترغب في تبديل هاتفها القديم بآخر حديث ويا ليتها اخبرته ابتلعت لعابها الجاف تحاول استجماع شجاعتها الغير موجودة من الأساس تردف مرتبكة:.
- ممراد مين طال الصمت من جهته حتى شعرت به قد اغلق الخط من الأساس، ابتلعت لعابها تشعر بدقات قلبها على وشك الانفجار لتسمعه يغمغم في سخرية: - دا على أساس أنك عايشة في المريخ مش معاهم في نفس البيت، أنا كنت بكلم جاسر وفي وسط الكلام لقيته بيقول استني يا مراد عايزك، مين مراد.
وكان نفسا طويلا عميقا الذي زفرته تنهدت تشعر بالراحة كانت تظن أنه سمع محادثتها مع مراد ولكنه فقط يسأل ولكن لما يسأل، حقا شخص فضولي يريد أن يعرف كل شئ عن الجميع، قطبت جبينها محتدة ستدفعه ثمن تلك اللحظات التي كاد قلبها يسقط فيها فزعا تسارعت أنفاسها حين بدأت تصيح فيه: - وأنت مالك أنت هو مين، شخص حشري فضولي عايز يعرف كل حاجة عن كل الناس، ما تتصلش بيا تاني خالص، ومن غير سلام.
تلك المرة اغلقت الهاتف كله حتى تضمن أنه لن يتصل من جديد جلست تلتقط أنفاسها وضعت يدها موضع قلبها تتنفس بعمق تردف بارتياح: - كاتك الأرف وقعت قلبي منك لله يا شيخ.
على صعيد آخر بعيد للغاية في احدي مستشفيات لندن، يقف ذلك الشاب طويل القامة بشعره الأشقر القاتم عينيه البنية التي اخذها من والدته، بشرة قمحية أنف شامخ لأعلي، غمازات محفورة في وجنتيه اخذها من والده، وقف ينظر لهاتفه، الصغيرة اغلقت الخط في وجهه، رفع حاجبه الأيسر يتوعدها، تظنه أحمق، سيريها من هو غيث الشريف، التفت برأسه حين سمع صوت الباب خلفه ليخرج الطبيب من الغرفة توجه غيث إلى الطبيب ابتسم يسأله بلباقة:.
- كيف حاله؟ بادله الطبيب في هدوء يفتح الملف في يده، يتفحصه جيدا قبل أن يرفع رأسه لذلك الشاب الواقف أمامه يحادثه: - بخير سيد جاسم صحته على أتم ما يرام، فصحه الشهري ممتاز، يا راجل عجبا حقا أكاد احسده صحة الرجل ممتازة بالرغم من سنوات عمره ضحك غيث بخفة يصدم الطبيب على ذراعه ليردف ساخرا: - مارك أنه جدي من تكاد تقتله بغيرتك، توقف قبل أن يقاضيك وأنت تعرفه جيدا.
توسعت عيني الطبيب فزعا ليرفع يديه سريعا يردف مذعورا: - يا رجل أقسم اني أمزح لا تخبره أرجوك.
تعالت ضحكات غيث ليصدم صديقه على رأسه بخفة في تلك اللحظات فُتح باب الغرفة من الداخل ليخطو خارج الغرفة رجل اكل الشيب رأسه، ملامحه حفر عليها الزمن سنوات وسنوات، يرتدي حلة كلاسيك فاخرة وحذاء طبي خفيف يساعده على الحركة بخفة دون الحاجة لاستخدام عكاز، تحرك بخطواته ناحية حفيده او بمعني أصح حفيد شقيقه الاكبر، غيث ابن فارس وياسمين شقيقة خالد زوج ابنته، توجه غيث يقابل جده وقف بالقرب منه ليدني يقبل رأسه يردف مبتسما:.
- الدكتور كان بيحسدك يا جدي بيقول صحتك زي الفل، اروح الحق أنا كشف العظام احسن مفاصلي مش قادر.
فقط ضحكة خفيفة خرجت من بين شفتي جاسم ليمد يده يتأبط ذراع غيث يتحركان لخارج تلك المستشفى الفخمة التي يجري فيها جاسم فحص شامل كل شهر تقريبا، في الخارج كانت سيارة سوداء في انتظارهم تقدم غيث يفتح الباب ليدخل جاسم إلى السيارة، التف غيث يجلس جواره لينطلق السائق بهم، في الطريق تركزت عيني غيث على الطريق جواره يفكر، في ذلك الرجل مراد نبرة صوته الخبيثة، ترى ما علاقته بالصغيرة صبا، تنهد حائرا القلق ينهش قلبه، التفت جواره حين سمع صوت جاسم يردف:.
- ايه شاغل بالك ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي غيث ليحرك رأسه إيجابا تنهد يردف حائرا: - هحكيلك يا جدي قص على جاسم ما سمعه حين ظنت صبا أنها اغلقت الخط، بينما ظل جاسر يتابعه باهتمام إلى أن انتهي غيث ليغمغم حائرا: - اقول لعمي او لجاسر، أنا سمعت أنه هيسافر بكرة يعني كدة هيبقي بعيد عن صبا ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي جاسم حرك رأسه نفيا بهدوء تنهد يردف برزانة:.
- عمك من بعد موت أبوه ودماغه قفلت على أنه كبير العيلة، يعني لو عرف حاجة زي دي، رد فعله هيبقي عنيف جدا وصبا هتتأذي حتى جاسر مش هيتفاهم، جاسر نسخة من رشيد بس هو مش واخد باله، شوفلها حل تاني يا حضرة المحامي، سنين وأنت بتتدرب على ايدي من قبل حتى ما تدخل الكلية وأنت معايا في المكتب بتشوف القضايا قبلي، مهمتك تلاقي حل تاني، مش عيل زي دا يحور على عيلة الشريف واحنا اللي بنحور على القانون نفسه.
حرك غيث رأسه إيجابا ينظر للفراغ يفكر فيما عليه أن يفعل، التفت لجاسم قطب جبينه يردف حانقا: - ايوة بس أنا كدة هضطر اسافر وأنا لسه عندي امتحانات، ومش هينفع طبعا اسيبك واسافر ابتسم جاسر ينظر لغيث حقا هو يشعر بالفخر فقط من النظر لذلك الشاب يذكره به في شبابه، نفس الذكاء الحماس حتى لمعة عينيه التي تضئ حين يصل لحل لقضية او معضلة ما تذكره بنفسه، ابتعد جاسم بعينيه يطالع الطريق امامه يردف في رتابة:.
- سافر وابقي ارجع ساعة الامتحانات او تواصل مع الجامعة وامتحن اون لاين وانت هناك، أنا كمان عايز يسافر لينا وحشتني اوي وعايز اشوفها، وكمان لوليتا آخر اللي عرفته انها اتجوزت زيدان، طبعا خالد كان الراعي الرسمي للجوازة دي... ضحك غيث ساخرا جده لن يتغير سيظل يشعر بالغيرة ناحية خاله منذ القدم وإلى الأزل، لحظات واختفت ضحكاته قطبت جبينه يسأله متعجبا:.
- بس يا جدي أنت من ساعة وفاة مرات حضرتك يعني وأنت قافل البيت وبتقول مش هدخله طالما هي مش فيه، ومالكش في جو الصعيد أنا عارف هتقعد فين سحابة سوداء من الحزن عكرت عيني جاسم زوجته، نبض قلبه توقف حين فارقت الدنيا وماتت، لازال ذلك الألم ينخر في قلبه كأنها ماتت فقط بالأمس وكأن السنوات لم تمر جرحه الحي لم يندمل بعض، رسم ابتسامة باهتة على شفتيه يغمغم متهكما:.
- أنا جاسم الشريف، مش صعب عليا اشتري بيت واتنين وعشرة، حدد إنت ميعاد مناسب ليك، وقولي عشان نرجع كاد غيث أن يصفع نفسه لم يكن يقصد حقا أحزان جده بكلماته تنهد يؤيد ما يقوله، سيرتب أموره في أسرع وقت ممكن ليعود.
في فيلا خالد السويسي.
قرابة العاشرة صباحا كان جميع من في البيت قد استيقظ، حين استيقظ خالد مد يده يبحث عنه كالعادة قبل أن يفتح عينيه تعجب حين لمس فراغ بارد جواره فتح عينيه يبحث عنها قطب جبينه قلقا أين ذهبت، لحظات ورانا تخرج من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة جلست على المقعد أمام مرآه زينتها تمشط خصلات شعرها، ليتحرك من مكانها دني بجزعه ناحيته ممسكا بكتفيها طبع قبلة صغيرة على وجنتها ابتسم يردف متغزلا:.
- صباحك فل، عاملة ايه دلوقتي، لسه حاسة أنك تعبانة رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تحرك رأسها نفيا نفر جسدها من لمسة يدها لتقف من مكانها تلتقط حجابها رسمت ابتسامة باهتة على شفتيها تردف بهدوء: - أنا كويسة، هروح اشوف مايا، وأحضر الفطار، عن إذنك.
قالتها لتبتعد عن مرمي يديه تلفها حجابهت سريعا على عجل ما كادت تصل لباب الغرفة، فتحته ترغب في الخروج الفرار، تشعر باختناق لا تعرف له سبب ولكنه فقط شعور مؤلم يجتاح قلبها، ما إن فتحت باب الغرفة شعرت به يغلقه مرة أخري اغمضت عينيها تشد عليها التفتت له لتراها يخترزها بنظراته وقف امامها مباشرة تكاد لا تفصلهم فاصلة قطب جبينه يسألها قلقا: - مالك يا لينا فيكي ايه.
حركت رأسها نفيا بخفة تتفادي النظر لعينيه بلعت لعابها تهمس بخفوت: - ما فيش أنا بس تعبانة شوية، ممكن تسيبني مد يده يمسك بذقنها برفق يجبرها على النظر لعينيه ظل ينظر لمقلتيها طويلا قبل ان يهمس بصوت خفيض معاتب: - أنت ِ لسه قايلة انك كويسة ودلوقتي بتقوليلي أنك تعبانة، لينا انتي ما بتعرفيش تكذبي في اييه يا حبيبتي ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها رفعت عينيها له تلك المرة اصطدمت بمقلتيه لتتشدق متهكمة:.
- أنا ما بعرفش اكذب لكن أنت بتعرف... ودون أن تعطيه فرصة ليتعجب حتى مما قالت اندفعت لخارج الغرفة، وقف هو ينظر في اثرها متعجبا شعور قلق بدأ يتسرب لقلبه ترى ماذا عرفت، تنهد متعبا ليتوجه إلى مرحاضه اغتسل وبدل ثيابه وقف يمشط خصلات شعره حين سمع دقات على باب الغرفة سمح للطارق بالدخول ليقطب جبينه متعجبا حين رأي حمزة يدخل من باب الغرفة التفت له يسأله قلقا: - خير يا حمزة حصل ايه.
ارتسمت ابتسامة صغيرة خبيثة على شفتي حمزة نظر لأخيه يتمتم ساخرا: - بفكر ارجع أمجاد زمان، أنا طالب منك خدمة رفع خالد حاجبيه متعجبا ينظر لأخيه حقا لا يفهم ما يجري فقط حرك رأسه إيجابا يستمع بدهشة إلى ما يقول أخيه.
توجهت لينا إلى غرفة مايا، منذ الأمس وهي لم تلتقِ بتلك الصغيرة، قلقة عليها بشكل كبير، طرقت الباب تدخل إلى الغرفة لتجد بدور تجلس على الفراش تفرك عينيها يبدو انها استيقظت توا، قطبت ما بين حاجبيها اسألها متعجبة: - بدور أنتي بتعملي ايه هنا..
نظرت بدور جوارها فلم تجد مايا عادت تنظر للينا تقص عليها بإيجاز ما حدث بالأمس دون أن تقص عليها بالطبع مكالمة أسامة كسي الحزن قسمات وجه لينا، تنهدت تحادث بدور متحسرة على حال الصغيرة: - صعبانة اوي البنت دي، مايا حساسة وأدهم كان جزء كبير من حياتها، روحي انتي يا حبيبتي شوفي خالد وسيلا وأنا هشوف مايا.
ابتسمت بدور متوترة تحرك رأسها إيجابا خرجت من الغرفة لتتوجه لينا ناحية باب المرحاض المغلق دقته عدة مرات لا رد فقط تسمع صوت شهقات وبكاء ضعيف يأتي من الداخل أصابها الذعر من أن تكن اذت الفتاة نفسها، فتحت الباب لتدخل رأت مايا تجلس على الأرض جوار المغطس الكبير تضم ركبيتها لصدرها تبكي بحرقة، هرعت لينا إليها جلست جوارها تجذبها لأحضانها تحاول التخفيف عنها:.
- يا مايا اللي انتي بتعمليه دا غلط يا حبيبتي انتي بتموتي نفسك يا بنتي مش كدة، طب اقولك عمك خالد لسه قايلي امبارح أنه خلص ورق أدهم عشان يرجع باسمه الحقيقي وكلها كام يوم وهيروح يجيبه ويصالحوا باباكي وكل حاجة هترجع زي ما كانت وأحسن نظرت مايا لها بتلهف لتبتسم لينا تحرك رأسها إيجابا كأنها تؤكد لها ما تقول، ابعدتها عنها تمسح دموع عينيها تحادثها كأنها طفلة صغيرة:.
- بس لو فضلتي بحالتك دي، أنا اللي هقول لخالد يقطع ورق أدهم، وما يجيبهوش هنا تاني انتفضت مايا سريعا تمسح ما بقي من دموعها بعنف ترسم ابتسامة واسعة على شفتيها تغمغم سريعا بتلهف: - لا خلاص خلاص أنا كويسة اهو.
تنهدت لينا حزنا على حالها، مايا تذكرها بنفسها حين كانت صغيرة، تعلقها بأدهم يشبه كثيرا تعلقها هي بخالد، تمنت حقا في تلك اللحظة الا تتشابة حكايتهم والا ستتألم تلك الصغيرة كثيرا، وقفت هي الاخري تربت على وجه مايا تحادثها بحنو: - يلا يا حبيبتي خدي شاور وانزلي عشان نفطر حركت مايا رأسها إيجابا سريعا لتلتفت لينا وتغادر غرفتها اخذت طريقها لغرفة ابنتها لتسمع صوت خالد يزمجر غاضبا:.
- دا على جثتي إنت اتجننت يا حمزة ولا ايه وقفت مكانها متعجبة ترهف السمع ليتناهي إلى أسماعها تلك المشاهدة الحامية بين خالد وأخيه سمعت صوت حمزة يرد غاضبا هو الآخر: - وفيها ايه يا خالد دا حقي على فكرة - حق مين يا ابو العيال، فوق يا حمزة واضح أنك لسعت... - أنا فايق كويس اوي وعارف كويس أنا بقولك ايه... - دا عند أمك يا حبيب أمك، اللي بتهلفط بيه دا مش هيحصل طول ما أنا عايش.
ولم تقف لتسمع المزيد توجهت إلى غرفة ابنتها، أدارت مقبض الباب لتدخل توسعت عينيها فئ دهشة حين رأت علبة الشكولاتة الكبيرة التي أحضرها زيدان شبة فارغة ولينا تأكل الباقي بشراهة مفزعة اقترب لينا من ابنتها تصيح فيها مذهولة: - ايه يا لينا دا ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدتها م متعجبة لتضع ما في يدها جميعا في فمها تغمغم بصوت مختنق من كثر ما في فمها:.
- جعانة يا ماما، صاحية من النوم هموت من الجوع، وعايزة اكل حاجة فيها سكر مالقتش قدامي غير علبة الشكولاتة دي توسعت عيني لينا في دهشة لحظات وبدأت تضحك بخفة توجهت ناحية ابنتها تجذب تلك العلبة بعيدا عنها تغمعم ضاحكة: - لا أنتي كدة حامل رسمي، قومي نضفي اللي انتي عملاه دا ايديكي ووشك كلهم شوكولاتة وحصليني يلا على تحت.
بعد قليل كان الجميع يلتف حول طاولة الطعام الصمت يسود المكان، مايا تجلس جوار لينا زوجة خالد، تنظر لوالدها تعاتبه بنظراتها، حمزة يجلس صامتا ينظر لأخيه في حدة غاضبا بين حين وآخر، كل في عالمه، نزلت لينا آخرهم حمحمت تهمس بصوت خفيض: - صباح الخير رد عليها البعض والتزم الآخر بصمته جذبت مقعد بعيد تجلس عليه، تشعر بجوع غريب ينهش امعائها بدأت تأكل في صمت هي الأخري، قبل أن تسمع جملة والدها الساخرة:.
- هي مش الاستاذة عندها محاضرات ولا أنا بيتهيئلي، مش شهاب عميد الكلية قالك محاضراتك هتبدأ من بكرة، فين النشاط والحماس الكلية اللي اخترتيها مش اللي بابا الشرير فرضها عليكي تبادل الجميع النظرات عقب انتهاء جملة خالد لتلقط لينا كوب الماء المجاور لها ارتشفت منه القليل تقول في هدوء ساخر:.
- كسلت أروح، وبعدين إدارة أعمال أسهل كتير من طب، أنا بجد مش فاهمة الناس اللي بتتخرج من طب بتستحمل مرمطتها ازاي، حقيقي ربنا يكون في عونهم، بيصعبوا عليا، زي ماما ودكتور حسام! قالت كلمتها الأخيرة وهي تنظر لعيني خالد مباشرة، احتقنت عيني الأخير ينظر لابنته غاضبا يسبها في نفسه: - يا بنت السويسي امسك خالد معلقته ليمسك بالكأس الزجاج جواره طرق الكأس بطرف المعلقة يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه مردفا:.
- بدل الصمت دا تعالوا نلعب لعبة أنا هسأل سؤال واللي هيجاوب هديله 250 ألف جنية، السؤال بيقول كم عدد الأهرامات الموجودة في مصر... رد حمزة ساخرا: - ايه السؤال التافة دا 3 طبعا حرك خالد رأسه نفيا بهدوء يرد متهكما: - غلط أنا بقول في مصر مش عدد أهرامات الجيزة قطبت لينا زوجته جبينها تفكر لترد هي: - خمسة مثلا نظر ناحيتها يرسم ابتسامة عاشقة على شفتيه يحرك رأسه نفيا يغمغم بولة:.
- حبيبي أنتي ليكي الفلوس كلها، بس هي غلط التفت برأسه ناحية مايا ابتسم يسألها برفق: - ايه يا ميوش مش هتشاركي معانا حركت رأسها نفيا دون أن ترفع عينيها عن طبقها، ابتسمت لينا السويسي ساخرة كادت أن تجاوب ليرفع خالد سبابته أمام وجهه يردف متهكما: - أنتِ لاء... قلبت عينيها بملل تعاود أكل طعامها من جديد لتحمحم بدور بخفوت تهمس بصوت خفيض: - 138 هرم نظر خالد لبدور يبتسم متفاخرا يردف سعيدا: - شاطرة يا بدور.
دون كلمة اخري اخرج دفتر الشيكات البنكية الصغير من جيب حلته فتحه يخط على ورقة منه مبلغ ربع مليون جنية مصري، وقع بإمضائه الخاص ليقطع الورقة من الدفتر يعطيها لها يردف مبتسما: - مبروك عليكي يا حبيبتي.
نظرت لينا لوالدها في غيظ هي كانت تعرف ولكنها منعها من المشاركة، عاد كل يكمل طعامه، بينما بدور تقبض على الورقة في يدها لا تصدق أن المشكلة حُلت بتلك البساطة ستعطي النقود لأسامة وتنتهي منه للأبد، بينما تبادل حمزة وخالد نظرات لن يفهمها سواهم.
في منزل عمر السويسي، كان عثمان في غرفة عمر بصحبة على يطمأنان عليه، وحاول عمر أن يمثل ببراعة أنه فاقد للذاكرة، نظر لمقعد عثمان المتحرك لتتوسع عينيه في دهشة يتمتم فزعا: - يا نهار اسوح ايه حصلك يا عثمان، ازاي بقيت كدة ابتسم عثمان في مكر يرفع حاجبه الأيسر متهكما من رد فعل عمر المبالغ فيه: - ابدا يا عمي حادثة بسيطة تنهد عمر بارتياح يحرك رأسه إيجابا يتمتم متعجبا:.
- الحمد لله، بس ازاي هتتجوز إنت وسارين مش تستني لما تقف على رجيلك، اللي فيك دا أكيد من الخيل، صح ولا أنا غلطان تنهد على حزينا يحرك رأسه إيجابا بينما توسعت ابتسامة عثمان الخبيثة نظر التفت برأسه لابيه يحادثه: - بابا صحيح ماما كانت قالتلي اقولك تكلمها ضروري عشان عيزاك.
نظر على لابنه متعجبا ليعتذر منهم وقف في شرفة الغرفة ليتصل بلبني، بينما حرك عثمان العجلات الخاصة بمقعده ليتوجه إلى مقدمة الفراش، اقترب برأسه ناحية عمر يهمس له في خبث: - من خمس سنين ما كنتش بركب خيل يا عمي ابقي خد بقي توسعت عيني عمر في دهشة ينظر لعثمان التي ارتسمت على شفتيه ابتسامة كبيرة ساخرة، ازدرد لعابه الجاف ليقترب عثمان مرة أخري برأسه من عمر:.
- أنا مش عارف أنت عامل فاقد للذاكرة ليه بس أنا عاوز اتجوز سارين وكان المفروض نكتب الكتاب النهاردة بس عمي عمر عمل حادثة وفقد الذاكرة، زي ما بيقول... نظر عمر لعثمان مغتاظا، ذلك الفتي يشبه في شبابه لحد جعله يخاف على ابنته منه مد عمر يده يقبض على تلابيب ملابس عثمان يهمس له غاضبا: - على الله تقول لحد... أبعد عثمان يد عمر عنه يعدل من تلابيب ملابسه ابتسم يقول في خبث:.
- عيب يا عمي دا أنت حمايا بردوا، بس أنت عارف الحياة فرص وفرصتي جاتلي، عمي خالد اقترح اننا نعمل حفلة جواز في فيلته واعتقد أن دا حل وسط، أنا بقولك نتصل بيه ونقوله الفرح الخميس الجاي بعد 3 أيام حرك عمر رأسه نفيا بعنف عقد ذراعيه أمام صدره يهمس له حانقا: - لاء طبعا أنا أب ومن حقي أشوف بنتي لابسة فستانها الأبيض في فرح كبير، اللي أنت بتطلبه دا مستحيل اوافق عليه.
حرك عثمان رأسه إيجابا يتنهد حزينا يآسا كاد أن يفتح فمه ليرد لتدخل سارين في تلك اللحظات تحمل صينية عليها كاسات العصير مدتها لعثمان ليبتسم لها يلتقط إحداهم، احمرت وجنتيها خجلا تنظر ارضا، ليرفع عمر حاجبيه ساخرا يردف متهكما: - جري ايه يا حبيبي أنت وهي، امشي أنا طيب وضعت سارين صينية العصير على الطاولة جوار الفراش لتصعد تجلس جوار والدها على الفراش تترجاه: - يا بابا وافق بقي عشان خاطري...
تدخل عثمان في تلك اللحظة يردف سريعا: - وأنا توعد حضرتك إني هعمل لسارين فرح كبير أول ما اقدر اقف على رجليا تنهد عمر حائرا ينظر لابنته وعثمان، لتقتحم رأسه في تلك اللحظة جملة خالد التي قالها له موبخا من قبل « ادي آخرة جواز العيال ».
للحظات دق قلبه قلقا، خائف من أن يكن عثمان نسخة منه، وسارين تصبح نسخة من تالا، الحب بينهما سيموت، كما كاد يحدث في حالته، ها هو الآن يمثل بأنه مريض فاقد لذاكرته ليحاول استرداد حب تالا وغفرانها على ما اقترف، اشاح بوجهه بعيدا عنهم يتمتم باقتضاب: - هفكر نظرت سارين لعثمان حزينة ليرفع الأخير كتفيه بمعني أنه ليس في يده حيلة...
بعد قليل كان عثمان يرحل بصحبة أبيه، نظرت سارين لوالدها حزينة قبل أن تخرج هي الاخري من غرفته، زفر عمر حانقا، هو فقط خائف على ابنته لما لا تتفهمه، تشابكت الافكار في عقله لم يجد حلا أمامه سوي أنه التقط هاتفه يطلب رقم أخيه، شقيقه بارع في حل المشكلات بالطبع سيحل معضلته، انتظر قليلا إلى ان أجاب يقول ساخرا: - ما تقوليش اتقفشت، أنا كنت عارف أنك خايب وهتفضحنا اول ما تفضح بوقك.
فقط ضحكة صغيرة صدرت من فم عمر تنهد يحرك رأسه نفيا يتمتم قلقا: - لا يا سيدي ما تقلقش أنا عايزك في موضوع مهم وبدأ يقص عليه مخاوفه من زيجة عثمان وسارين.
في غرفة مكتبه يجلس فوق مقعده الأسود الوثير، امامه حمزة أخيه، يضع الهاتف على أذنه يحادث عمر شقيقه الآخر يسمع ما يقول اخيه يرتب عقله جيدا تلك الكلمات المبعثرة القلقة التي تخرج من بين شفتي اخيه يحاول قدر المستطاع يشرح لأخيه قلقه إلى ان انتهي وظل خالد صامتا لم ينطق بحرف واحد لحظات طويلة لينطق اخيرا: - يعني أنت رافض تجوز بنتك من غير فرح ولا خايف لعثمان يبقي زيك.
تنهد عمر تنهيدة طويلة حارة مثقلة حرك رأسه نفيا يهمس حائرا: - مش عارف يا خالد مش عارف، أنا مش عارف كان عقلي فين وأنا بوافق على الجوازة دي، كنت عايز اكفر عن ذنبي في حق سارين، بس أنا دلوقتي مرعوب من اني اجوزها لعثمان، أنت فاهمني.
التفت خالد بمقعده ليصبح وجهه مقابلا للحديقة ينظر لابنته وهي تجلس بصحبة زوجته هناك على أحد المقاعد، رفع حاجبيه متعجبا لما تأكل ابنته بتلك الشراهة منذ الصباح، ابتسم في خمول همهم يردف:.
- أنا اكتر من فاهمك يا عمر، عشان أنا كنت جوا حيرتك دي وأنا بجوز لينا، كنت مرعوب ليطلع زيدان نسخة مني، بس اكتشفت أنها بتبقي مجرد وساوس، من خوفي على البنت وأنها هتبعد وفي الأغلب دي نفس الوساوس اللي عندك، عثمان مش زيك، عثمان إهمال على ولبني ليه هما اللي عملوا فيه كدة، إنما دلوقتي الموضوع اختلف هو فاق واتعلم درسه كويس، أما بالنسبة لموضوع فكفاية الفرح وسط العيلة يا عمر، عشان نفسيته ونفسية سارين قبله، كدة الموضوع هيبقي مريح أكتر للكل، توكل على الله وأنا هجهز الفيلا على يوم الخميس وهتفق على كل حاجة.
صمت عمر يفكر يقنع عقله بكلام أخيه، كان بحاجة يخبره بأن ما في عقله ليست سوي هلاوس وإن كل شئ على ما يرام، تنهد قلقا يهمهم موافقا: - ماشي يا خالد، ربنا يستر وتطلع فعلا وساوس اغلق الخط مع أخيه ليلتفت بمقعده ليري حمزة يمسك بشاشة هاتفه ينظر لها بتركيز شديد قام من مكانه التف يجلس على المقعد جوار أخيه ربت على كتفه، ينظر لشاشة الهاتف ابتسم يقول يآسا:.
- عيب العيلة دي من كبيرها لصغيرها أن قلبها قلب خصاية، ما الواد زي الفل اهو يا إبني مسح حمزة تلك الدمعات التي سقطت من عيني حمزة اغلق هاتفه يضعه ينظر لأخيه ابتسم يهمس بنبرة حزينة ممزقة: - واحشني اوي ما اتعودتش يبقئ بعيد عني كدة، ومايا، مايا مش راضية تتكلم معايا خالص، قد ايه كنت مغفل عشان مالاحظش انه بيبحبوا بعض أوي كدة، يا ريتني سمعت كلامك زمان وما اتبنتوش.
ابتسم خالد يربط على كتف اخيه تحرك يلتقط ظرف الأوراق من فوق سطح مكتبه التفت لأخيه يقول مبتسما: - كل حاجة هترجع لمسارها الطبيعي، ورق أدهم أهو، اتغير باسمه الحقيقي، المهم دلوقتي لو أدهم جه يتجوز مايا هتوافق ولا فرق الطبقة بينه وبينها حرك حمزة رأسه نفيا بعنف هب يقف أمام أخيه ادمعت عينيه يصيح فيه بحرقة:.
- دا ابني حتى لو مش دمي، فلوس ايه أنا مستعد اتنازله عن حياتي، أنا اللي كبرته وربيته وعلمته، أنا اللي كنت بترعب لو تعب، أنا بس مش قادر اتقبل فكرة أن ابني يتجوز بنتي، مش متخيلها حتى ابتسم خالد يتحرك لخارج الغرفة التفت قبل أن يخرج من الغرفة يقول ساخرا: - تخيلها بقي على ما اخلص مشواري واجي، عشان تقولي هنعمل ايه مع كلب الصحرا اللي اسمه أسامة، سلام يا دون.
لوح لأخيه ليتحرك للخارج بينما وقف حمزة مكانه يحاول تخيل أدهم ومايا زوجين فكرةلم تروق له تماما خرج خالد ناحية سيارته ليجد لينا تتحرك ناحية سيارتها، توجه إليها وقف امامها يهتف فجاءة: - ما عندكيش حالات طارئة النهاردة رايحة فين شهقت مذعورة حين آتي لها صوته من العدم وضعت يدها على صدرها قلبها كان على وشك أن يتوقف من المفاجاءة، التفتت له سريعا تقطب جبينه غاضبة: - حد يخض حد كدة حرام عليك قلبي كان هيقف.
رفع حاجبه الأيسر يبتسم ساخرا، عقد ذراعيه أمام صدره يردف بهدوء مستفز: - رايحة فين ومن امتي وانتي بتخرجي من غير ما تقوليلي تنهدت حانقة، كانت فقط تريد الذهاب للصدلية مشوار سريع لن يستغرق دقائق، لولا فريق الأمن الذي يضعه خارجا لكانت اتصلت بأي صيدلية وطلبت ما أرادت لو ضمنت أنه ما سيأتي سيمر مرور الكرام دون أن يعرف به خالد، ربعت ذراعيها أمام صدرها هي الأخير ابتسمت تقول ساخرة:.
- هروح اجيب حاجة بسرعة من الصيدلية واجي رسم ابتسامة واسعة على شفتيه ليميل برأسه ناحيتها يتمتم فئ خبث: - حاجة ايه.. سم هجيب سم اموت بيه نفسي واخلص منكوا، : صاحت بها مغتاظة من طريقته الاستفزازية في الحديث، ليبتسم هو ببراءة يقرص وجنتها بخفة: - من عيوني يا حبيبتي هجيبهولك وأنا جاي، خشي بقي جوا ما فيش خروج.
القت حقيبة يدها بعنف عليه لتتحرك بغيظ تعود إلى المنزل، بينما ابتسم هو ساخرا يمسك بالحقيبة وضعها فوق سطح سيارتها ليتوجه إلى سيارته يتوجه إلي حيث أدهم، من شارع لآخر خرج بسيارته إلى أن وصل إلى تلك المنطقة الشعبية أوقف السيارة بعيدا، نزل يكمل الطريق إلى حيث وجهته ينظر حوله ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه يتذكر قضي جزء من حياته في منطقة مشابهة، عمل ميكانيكي سيارات، ذلك الرجل الذي يمشي الآن بهيبة ترجف الأبدان كان يتسطح أسفل السيارات، هو من اقام مسابقة على مبلغ ربع مليون جنية، كان قليلا يعمل ليل نهار لأجل بعض قروش، يعود ليلا ملابسه لا تحمل عطره الباهظ بل تحمل روائح الشحم والبنزين، خرجت من بين شفتيه ضحكة خفيفة حين تذكر السيدة سعاد وجملتها المعتادة.
« منه لله اللي كان السبب » وصل إلى الدكان التي تمتلكه جده أدهم، نظر حوله قبل أن يدخل ليجد رجل يجلس على مقهي شعبي امام الدكان عينيه مرتكزتين على الدكان ابتسم ساخرا جاسوس أخيه، خطي لداخل الدكان يحمحم بخشونة مردفا: - السلام عليكم.
كان أدهم يجلس كعادته يراقب الشارع بذهن شارد عقله ليس هنا بل هناك عند مايا ترى ما حالها الآن بخير تتألم مثله، حمزة أبيه هل ترى سيسامحه يوما، تنهد يمسح وجهه بكفيه بعنف حين سمع ذلك الصوت يعرفه، رفع وجهه سريعا ينظر لعمه او كما كان، ارتسمت ابتسامة مرتعشة على شفتيه، هب سريعا يقف أمامه بينما قطبت منيرة جبينها متعجبة من ذلك الرجل، ابتسم خالد لأدهم الذي يقف امامه متوترا يخفض رأسه أرضا كطفل مذنب، ابتسم يردف برفق:.
- ازيك يا أدهم حرك رأسه إيجابا دون أن يرفعها ليواجهه همس بصوت خفيض متوتر: - الحمد لله يا عمي... رفع وجهه ينظر لوجه خالد لتدمع عينيه يهمس بصوت خفيض مختنق: - قصدي يا باشا، أنا آسف حرك خالد رأسه نفيا يبتسم يآسا ليفتح ذراعيه قليلا يردف مبتسما: - تعالي ياض في حضن عمك اندفع أدهم ناحيته يعانقه يختبئ داخل أحضانه عله يجد رائحة أبيه هنا، رائحة تعوضه عن فقدانه ابتسم خالد حزينا يربت على رأس أدهم برفق يتمتم في مرح:.
- درامي أنت اوي يا أدهم... أبعده خالد عنه يربت على وجهه ليمسح أدهم ما سقط من دموعه بعنف ابتعد عن خالد وقف بالقرب من جدته يعرفهم: - جدتي، دا عمي خالد ابتسمت منيرة ببشاشة تقول سريعا: - يا أهلا وسهلا يا باشا، اتفضل استريح، أنا هطلع اعملكوا كوبيتين شاي. خرجت منيرة من الدكان ليجذب خالد مقعد خشب يجلس عليه وجلس أدهم أمامه، مد خالد يده له بالظرف يغمغم في جد:.
- دا ورقك يا أدهم شهاداتك الدراسية كلها باسمك الحقيقي وبطاقتك... ابتسم أدهم ابتسامة باهتة التقط منه الظرف يشكره بصوت خفيض لحظات من الصمت يلجم لسانه بصعوبة عن السؤال عنهم يريد فقط الاطمئنان عليها، اجفل على جملة خالد: - عايز تسأل على حمزة ومايا صح رفع وجهه ينظر لخالد متلهفا يحرك رأسه إيجابا سريعا ابتسم خالد يردف بهدوء: - ما تقلقش هما بخير...
دس يده في جيب حلته يخرج بطاقته الخاصة وبطاقة أخري لشركة كبيرة أعطاهم لادهم يردف مبتسما: - عندك interview بكرة في الشركة دي، قوله بس أنك من طرف خالد السويسي واحتمال يخليك المدير ويستقيل هو ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي أدهم، وقف خالد ليغادر ليمسك أدهم بذراعه سريعا التف خالد برأسه لينظر أدهم له راجيا بصوت خفيض متألم:.
- أنا عارف أنه زعلان مني اوووي، قوله يسامحني على غبائي، والله أنا عمري ما فكرت اخون ثقته بس الشيطان عمى عينيا... نظر خالد له مشفقا على حاله حرك رأسه إيجابا ليلتفت بجسده إليه وقف امامه امسك بذراعيه يقول مشجعا: - هستناك يا أدهم تيجي تشرب معايا القهوة وأنت بتطلب العروسة وساعتها يمكن أوافق.
قال كلمته الأخيرة بمرح باهت ليرسم ابتسامة صغيرة على شفتي ذلك الواقف أمامه، استدار يخرج من الدكان ليري جاسوس اخيه يجلس مكانه يمسك هاتفه كأنه منشغل في أمر ما ولكنه يعرف ما يفعل يصور لأخيه ما يحدث، فما كان من خالد الا أن رفع يده يلوح لأخيه يبتسم ساخرا، حرك رأسه يآسا من تلك العائلة ليتوجه إلى سيارته ومن ثم إلي بيته.
في منزل زيدان الحديدي ذلك المنزل الضحم الذي يتوسط الصحراء، في غرفة صغيرة شبة مظلمة يتسطح على فراشه ينظر لسقف الحجرة عينيه ثابتة على نقطة في الفراغ، خواء يشعر بروحه فارغة خاوية، قلبه ما عاد ينبض هو لا ينبض الا لها وهي رحلت أخبرته أنه من الصعب أن تسامحه، ومعها كل الحق، كيف ستسامح من اغتصبها، ذبح براءة روحها قبل جسدها، لن يشفع له انه كان مغيب فهي كانت واعية بكل شئ، هي من صرخت توسلت، هي من ذبحتها رجولته وهو غائب العقل، ادمعت عينيها حين مر أمامه صورتها ليهمس لها بصوت خفيض معذب:.
- سامحيني يا لينا، والله كان غصب عني...
في لحظات تبدلت صورتها من أمام عينيه ليمر مكانها صور طفل صغير، طفل يفترش الأرض في الليالي الباردة، طفل يبكي الجوع، تبدلت الصور بأخري طفل صغير ينام على فراش مهترئ في تلك الغرفة القديمة، طفل فتح عينيه فجاءة على صوت باب الغرفة يصدر صرير ينبئ على أن أحدهم يدخل إلى الغرفة رفع وجهه قليلا ينظر للفاعل، لتتوسع عينيه فزعا حين رأي ذلك المشرف المخيف يقترب من فراشه اغلق عينيه سريعا يدعي النوم، ليشعر به يجلس جواره يزيح الغطاء عنه، يمد يده على جسدها يحاول تجريده من ثيابه، فتح عينيه سريعا ينظر للمشرف في فزع، كاد ان يصرخ ليكمم الرجل فمه سريعا اقترب بوجهه منه يهمس له بصوت خفيض خبيث:.
- أهدأ يا صغير لا نريد أن يسمعنا أحد... تلوي الطفل بجسده بعنف يحاول الفرار ببراءته خاصة وهو يشعر بذلك الرجل يجرده من ثيابه، قضم باسنانه يد الرجل التي تكمم فمه ليبتعد الرجل عنه يشتمه انتهز الطفل الفرصة وامسك زجاجة الماء المجاورة له يصدمها بعنف برأس الرجل ويركض من الغرفة ومن المكان بأكمله في الشوارع ليلا يبكي اجفل من شرود ذكراه البشعة على صوت صديقه يغني بصوت مزعج كعادته:.
- بتمشي في الزمن محشي طاقة وعندي امل، عبقري ومثير للجدل، مش حافظ الباقي التفت زيدان برأسه ليجد صديقه يقف عند باب الغرفة اعتدل في جلسته يمسح دموعه التي تمردت وسقطت رغما عنه، لينظر له حسام قلقا توجه ناحيته سريعا يسأله قلقا: - مالك يا زيدان انت كويس حرك رأسه إيجابا اشاح بوجهه يمسح بوجهه بكفي يده حمحم يجلي صوته يردف بخواء: - ابدا يا حسام أنا كويس، خير في ايه.
تنهد حسام حزينا على حال صديقه يشعر به يتألم، ربما هو من يستطيع ان يلين قلب لينا ولو قليلا، رسم ابتسامة صغيرة على شفتيه يردف مبتسما: - أنا عايز اشوف البت لينا وحشتني، تعالي معايا وابقي رايح بصفتي صاحبك، بدل ما دكتورة لينا تشرحنا كلنا.
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي زيدان، عقله يرفض رفض قاطع الذهاب لهناك وقلبه مشتاق لها ومنذ متي وهو يستمع لعقله، ربما فيما بعد سيفعل، حرك رأسه إيجابا ليتحرك من مكانه يبدل ثيابه، توجه كل بسيارته إلى منزل خالد، في تلك الاثناء كانت وصلت سيارة خالد إلى منزله نزل منها متوجها إلى منزله فتح بابه لتتوسع عينيه بدهشة حين رأي ابنته تجلس امامه على احدي الارائك تأكل بشراهة مخيفة، توسعت عينيه فزعا ليتحرك متجها ناحيتها يتمتم متعجبا:.
- في ايه يا لينا أنا من ساعة ما شوفتك الصبح وانتي بتاكلي انتي كويسة يا حبيبتي، مش منطقي كمية الاكل دي كلها ابتلعت لينا ما في فمها تنظر لوالدها حانقة لتخرج لينا من المطبخ في تلك اللحظات تعاتبه بضيق: - في ايه يا خالد، عادي يعني الفترة اللي فاتت هي ما كنتش بتاكل خالص، كويس أنها بدأت تأكل ضرب كف فوق آخر ينظر للاثنتين يردف مدهوشا:.
- يا ستي بالهنا والشفا، أنا بس خايف عليها، انما انتوا حريين، أنا غلطان اني اتدخلت دق جرس الباب ليتوجه خالد إليه فتح الباب ليبتسم ساخرا يردف متهكما: - اتلم المتعوس على خايب الرجا، خش يا اخويا أنت وهو نظر حسام لزيدان ابتسم يتمتم بخفوت مضحك: - أنا المتعوس وأنت خايب الرجا على فكرة.
ضحك زيدان رغما عنه دخل بصحبة حسام يبحث عنها بعينيه لتقع عليها هناك تجلس تأكل ابتسم رغما عنه منظرها بشع حرفيا، بينما توسعت عيني حسام مدهوشا ينظر لاصناف الطعام المتراصة أمامها، لا علاقة بين كل نوع وآخر وهو بخبرته بدأ يستشف ولكنه لم يظهر فقط اقترب من زيدان يهمس بذعر: - ايه دا، أنا غلطان اني قولتلك وحشاني، قوم بينا نجري.
جذبه زيدان ليتقدم للداخل، ما بين كل روائح العطور المنتشرة في الغرفة التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد، أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر مراته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الحادي والستون
في فيلا خالد السويسي.
حين التقطت أنفها رائحة عطره وعاد ذلك الشعور البشع يعصف بأمعائها من جديد، أرادت الفرار سريعا من أمامه تحركت من مكانها بسرعة ولكن ما كادت تخطو خطوتين عاد الدوار بأبشع ما يكون آخر ما رأته عينيه التي تنظر لها في ذعر ثم سقطت في بئر الظلام، بئر لم تسمع فيه أصواتهم جميعا وهم يصرخون بأسمها فزعين مرتعدين خوفا عليها، ركض زيدان ناحيتها جلس علي ركبتيه أرضا جوارها يرفع جسدها قليلا بين احضانه يربت بخفة علي وجهها يصيح متلفها قلقا:.
- لينا، لينا فوقي يا حبيبتي، لينا فوقي يا حبيبتي فوقي لم ينتظر لحظة أخري رفعها بين ذراعيه مسرعا بها الي أعلي يلحقه خالد ولينا، بينما وقف حسام ينظر في اثرهم لحظات وابتسم يغمغم ضاحكا: - حظك يا بنت المحظوظة معايا الشنطة، والله شكلك هتبقي بابا يا زيزو.
توجه سريعا إلي سيارة زيدان يلتقط حقيبته الطبية توجه لأعلي من حيث تأتي أصواتهم القلقة المتداخلة، اخذ طريقه الي غرفتها يتبع الاصوات ليجد الجميع جوارها علي الفراش خالد يمزج زجاجة مياة يرش منها علي وجهها برفق، لينا تحرك زجاجة عطر أمام أنفها، زيدان يحتضن جسدها يرتب علي وجهها برفق عليها، وقف هو للحظات ينظر لهم مستنكرا ذلك الكم الهائل من المبالغة في مشاعر القلق، ليردف ساخرا رغما عنه:.
- طول عمري نفسي اعرف ليه لما حد يغمي عليه تلاقي حواليه خمسين واحد بيزعقوا ابعدوا يا جماعة عشان الهوا، طب ما تبعدوا انتوا الأول جملة حمقاء قالها في مكان ليس في محله تماما، نظر الجميع له مستهجنين ما قال، ليرفع حقيبته الطبيبة قليلا توسعت ابتسامته يردف في براءة: ممكن الدكتور يكشف.
تحرك زيدان من جوارها اقترب من صديقه قبل أن يخرج نظر له قلقا ليطمأنه حسام بنظراته، تحرك لخارج الغرفة، ليتحرك خالد بنفس الهدوء القي نظرة قلقة علي ابنته ليتحرك للخارج، بينما وقفت هي تنظر لهما في ذهول عينيها متسعتين من الدهشة، خالد وزيدان تحركا في هدوء تاااام دون أن يعترضا أن من سيفحص ابنة خالد وزوجة زيدان رجل؟!، تعرف خالد وغيرته الكبيرة وزيدان لا يختلف عنه كثيرا في الغيرة، تحركت بنظراتها ناحية ابنتها القلق ينهش قلبها، بينما ابتسم حسام في هدوء، اقترب من فراش لينا يفتح حقيبته يباشر عمله.
في الخارج وقف خالد جوار باب الغرفة المغلق يستند بظهره الي الحائط علي وشك أن يصدم رأسه بعنف في الحائط خلفه لا سبب يدعو أن تسقط هكذا فاقدة للوعي، هي ليست مريضة، تناولت طعامها جيدا، لا تشكو من شئ، هو حتي لم ولن يجبرها علي العودة لزيدان إن كانت لا ترغب إذا لما، ما السبب لما سقطت هكذا وسقط قلبه معها، بينما زيدان يقف شبه هادئ يتمني فقط أن يكن ما يجول في خاطره صحيح، كان فقط يضايقها ولكن إن كانت حقا تحمل بطفله، الفكرة نفسها ترجف قلبه، سعادة لم يحظي بها قبلا، مر بعض الوقت إلي أن خرج حسام من غرفة لينا في يده زجاجة صغيرة رفيعة لا يتعدي طولها سبابته، تمتلئ حتي نصفها تقريبا بالدماء، قطب جبينه قلقا ليتوجه إليه وقبل أن يفتح فمه ليقل اي شئ كان خالد يقبض علي تلابيب ملابس حسام يصيح فيه قلقا:.
- في ايه مالها لينا وايه الدم دا... تنهد حسام يآسا ليرفع الزجاجة أمامها قليلا، ابتسم يغمغم في هدوء: - اهدي يا باشا بنت حضرتك بخير، أنا شاكك في حاجة، بس عشان نتأكد ساعة وأقل وراجع، عن اذنك.
ابعد يدي خالد، توجه ناحية زيدان يبتسم له ابتسامة صغيرة تحمل الكثير من المعاني، لينزل علي سلم البيت بخفة، توجه زيدان الي غرفة زوجته، كاد خالد أن يلحقه حين خرجت لينا وقفت أمامه ترميه بنظرات شك حذرة، كتفت ذراعيها أمام صدرها تنظر له لحظات صمت طويلة، تعجب هو مما تفعل قطب جبينه يسألها: - في ايه يا لينا، هي البنت كويسة.
حركت رأسها إيجابا ببطء عينيها لم تنازح عن مقلتيه، فقط رسمت ابتسامة متهكمة علي شفتيها تغمغم ساخرة: - غريبة اوي، خالد باشا، رمز الغيرة، خلي راجل هو اللي يكشف علي بنته مش غريبة دي شوية، دا حتي زيدان ما اعترضش، مجرد ما قالكوا أخرجوا انسحبتوا في هدوء، دا لو أخوها مش هتتعاملوا عادي كدة.
توسعت عيني خالد فزعا للحظات جف لعابه تسارعت دقات قلبه ينظر لها يحاول رسم ابتسامة علي شفتيه، اقترب منها خطوة واحدة يمسك ذراعيها بكفيه يغمغم في هدوء حزين صادق:.
- أنتي عارفة أنا بترعب علي لينا قد ايه لما تتعب، خصوصا لما تقع قدامي بالمنظر دا بفتكر أختها، بترعب لتبعد زيها، ساعتها ما ببيقاش شايف اي حد قدامي غيرها، بس تفوق تاني، حتي زيدان لينا تعتبر كل عيلته، ما حدش فينا كان مركز في اي حاجة غير انها تبقي كويسة يا لينا..
اخفضت عينيها ارضا تشعر بالذنب، هم قلقانين للغاية علي ابنتها وهي فقط تقوم بدور المحقق لما ليست قلقة مثلهم، من الممكن أنها تعرف السبب، تنهدت حزينة تحرك رأسها إيجابا تبلع لعابها، حسام سيأتي بعد قليل بنتائج التحاليل وذلك السر، سيفُضح لا محالة...
بينما في الداخل جلس زيدان جوار فراش لينا امسك بكف يدها يخفيه داخل كفه ينظر لها قلقا، تحركت عينيه لبطنها المسطح يتخيله وهو منتفخ ينمو داخله طفلهم او طفلتهم الصغيرة، ابتسامة واسعة غزت شفتيه يتمني حقا أن يحدث هذا، مر بعض الوقت الجميع داخل غرفة لينا، خالد وزوجته وزيدان، بدور كعادتها لا تخرج من غرفتها حتي لا تشعر بأنها عبئ عليهم، مايا تشعر باكتئاب حاد تختبء خلف باب غرفتها، وحمزة ليس في البيت بأكمله ولا أحد يعرف أين هو، مرت دقائق حين بدأت تلك الراقدة علي الفراش تحرك رأسها للجانبين تتآوه من ألم رأسها حين سقطت بعنف علي الأرض، شئ فشئ بدأت تفتح عينيها، قطبت جبينها تنظر لهم مستفهمة لما الجميع هنا ماذا حدث، لحظات تحاول تذكر آخر ما حدث، كانت تجلس علي الأريكة تشعر بالجوع كعادتها في الفترة الأخيرة حين دخل زيدان وبدأ عطره يصارع امعائها، قامت من مكانها تهرب بعيدا، لفت رأسها بعيدا عن زيدان تتوجه بعينيها ناحية والديها تسألهم بصوت خفيض متعب:.
- هو ايه اللي حصل مسحت لينا برفق علي خصلات شعر ابنتها ابتسمت تحادثها: - اغمي عليكي، حاسة بإيه.
بسطت كفيها علي الفراش تحاول الاستناد علي يديها لتنتصف جالسة اقترب زيدان ليساعدها لينكمش جسدها علي حاله عله يبتعد عنها، اغمضت عينيها تشيح برأسها بعيدا عنه، تحرك من مكانه يستند بركبتيه علي الفراش يساعدها علي الجلوس رغم نفورها منه، ما إن جلست جلس أمامها يحافظ علي مسافة أمان لها، ابتسم لها شبح ابتسامة باهتة، يهمس لها برفق: - حمد لله علي سلامتك...
وقف خالد بعيدا عنهم قليلا ينظر لهما حزينا علي ما وصلوا إليه، صوت سيارة تقف بالخارج كانت الجاذب لانتباه زيدان وخالد معا ليهتفا معا بتلهف: - حسام جه تحركا سريعا لخارج الغرفة بينما نظرت لينا لوالدتها متعجبة من تلهفهم ماذا حدث وهي غائبة عن الوعي، نزل زيدان بصحبة خالد لأسفل يقابلان حسام الذي دخل توا للمنزل ليتقدم خالد منه يسأله سريعا: - ها يا حسام طمني لينا كويسة مش كدا.
توسعت ابتسامة حسام ينظر لزيدان ليعاود النظر لوالده يحرك رأسه إيجابا يغمغم سعيدا: - لينا كويسة، كويسة جدا، هي بس فيها حاجة بسيطة خالص توسعت خالد ذعرا وعقله يرسم اسوء الاحتمالات التي يمكن أن تكون، ليقبض علي ذراعي حسام يهزه بعنف يصيح فيه: - حاجة ايييييه انطق البنت فيها ايييه انكمشت ملامح حسام من الألم يشعر بأصابع خالد علي وشك أن تنخر لحم ذراعيه، ورغم ذلك ابتسم، نظر لابيه في استفزاز ليقول مبتسما باتساع:.
- عارف دكتور ربيع لما كان بيقوله يا كبير أمك حامل، اسمحي لي اقولك يا باشا بنتك حامل توسعت عيني خالد دهشة الجمت جسده عن الإتيان بأي حركة كانت فقط عينيه متسعة يفغر فاهه، ترك ذراعي حسام ليغلق عينيه ويفتحهما عدة مرات ينظر لحسام مدهوشا يتمتم: - حامل، هي مين دي اللي حامل! توجه حسام ناحية زيدان الذي يقف هناك يعلو ابتسامة واسعة يشعر بقلبه قد طار فرحا، أقترب حسام منه يشير ناحية زيدان بسبابته يغمغم ضاحكا:.
- بنتك اللي هي تبقي مرات الواد دا، مبروك يا زيزو هتبقي بابا قالها ليعانق زيدان ليشدد الأخير علي عناق صديقه يكاد يبكي من الفرح، لينا حامل تحمل بطفله، سيصبح لدية ابن او ابنة سيدلله يهتم به، لن يدع اي من مكان يؤذيه لن يدعه يلاقي ما لاقي هو، سيعش فقط ليجعله سعيدا هو ووالدته، أسرة صغيرة سعيدة رسمها خياله، هو ولينا وطفل صغير اخذ ملامحه كلها منها، فاق من حلمه السعيد علي صوت خالد يصدح غاضبا:.
- بتقرطسني يا تربية زبالة، وعاملين زعلانين من بعض وانتوا بتستغفلوني، دا أنا هطلع عينك اراد حسام أن يتكلم ويخبره أن الطفل عمره أكبر من ذلك، ولكن خالد لم يدع له الفرصة حين اندفع ناحيتهم يود الإمساك برقبة زيدان ليدفع حسام زيدان بعيدا ناحية السلم يصيح فيه فزعا: - اجري أنت، أهرب يا ياسين قصدي يا زيدان.
تحرك زيدان يهرب من بطش خاله حاول حسام الوقوف حاجزا بينهما ليسقط أرضا يتأوه متألما يشعر بفكه تحطم من تلك اللكمة العنيفة، حرك عضلات فكه يتأوه متألما: - بوقي راح، الرجل الحديدي نظر حسام سريعا حوله يبحث عنهم ليجد زيدان يقف عند الطرف الآخر من طاولة الطعام، وخالد يقف عند الباب، حاول خالد الإمساك بزيدان ليتلف حول الطاولة يبتعد عنه سريعا يصيح قلقا:.
- يا خالي افهمني والله إنت فاهم غلط، اديني فرصة اشرحلك، أنت يا زفت يا حسام، تعالي الله يحرقك، الواد هيتولد يتيم التف خالد يحاول الامساك بزيدان ينظر له محتدا ليصيح فيه غاضبا: - اقف ياض ما هو أنا هقتلك يعني هقتلك أنا اتقرطس، تركبلي قرون، دا أنا هخليهم يجمعوا أعضائك بعد اللي هعمله فيك استند حسام بكفيه هب واقفا ليهرول ناحيتهم سريعا وقف سريعا أمام ابيه يصيح فيه:.
- يا عمنا اسمعني الواد هيروح في ابو بلاش، لينا حامل في شهر وزيادة تقريبا، يعني أنت ما اتقرطتش ولا حاجة اقترب خالد من حسام يقبض بيسراه علي تلابيب ملابسه يجذبه ناحيته بعنف نظر له عينيه حمراء غاضبة مشتعلة ليزدرد حسام لعابه خائفا شد خالد علي اسنانه يهمس له متوعدا: - ولا الكلام دا صح ولا بتداري عليه، ما أنت تربية زبالة أنت كمان... نظر حسام له ببراءة كطفل صغير يكاد يبكي ليردف بنبرة متوسلة راجية شبة باكية:.
- والله يا باشا والله ما بنضحك عليك، دا الواد زيدان دا يتيم وغلبان وأنا ساقط قيد ويتيم، الله يخربيتي يتيم ايه، قصدي غلبان يا باشا والله، ما نقدرش نضحك عليك لأحسن تكهربنا وتعذبنا وتسيب علينا كلاب ويلف وتعدي علينا تريلة كانت محملة رز باين انفجر زيدان في الضحك حتي أنه سقط علي ركبتيه ارضا تدمع عينيه من الضحك بينما ارتسمت ابتسامة سوادء علي شفتي خالد يهمس لحسام متوعدا:.
- أنت عارف أنت عايز ايه يا دكتور يا سكر أنت اشار حسام لنفسه ابتسم في براءة يردف مبتسما باتساع: - أنا عايز 350 جنية حق الكشف واروح أنا رفع خالد يربت علي علي وجه حسام ابتسم يقول بنبرة تقطر شرا: - لا يا حبيب أبوك، عايز تطلع معسكر زي اللي كان بيطلعهم صاحبك وهو صغير، هتتبسط أوي توجست عيني حسام من نبرة خالد ليلتفت برأسه ناحية زيدان يهمس له بصوت خفيض خائف: - بس بس، زيدان هي ايه المعسكرات، كنت بتعمل فيها إيه.
حرك زيدان كفه علامة السكين يشير بها ناحية عنقه كأنه يذبحه ليهمس له بصوت خفيض: - هتتنفخ، هتتمني أنك تكون شجرة ولا أنك تكون بني آدم في معسكر تحت ايد خالد السويسي توسعت عيني حسام فزعا يصور له رأسه مشاهد بشعة استمدها من الأفلام القديمة ليصيح فزعا حين شعر بخالد يقبض علي تلابيب ملابسه يجذبه خلفه ليبدأ بالصراخ: - لاء نفخ لاء أنا شجرة، شجرة والله شجرة.
ضحك خالد يآسا يلقي حسام علي أحد المقاعد ليجلس أمامه، ابتلع حسام لعابه خائفا ليميل خالد ناحيته قليلا يهمس له بضوت خفيض متعجب: - فهمني ازاي حامل، بعد اللي حصل من زيدان... تنفس حسام الصعداء كاد قلبه أن يتوقف خوفا قبل لحظات، تنهد يأخذ نفسا قويا ليردف بعملية: - بتحصل صدقني، حصلت قدامي اكتر من مرة، يعني الجنين ليه عمر ومتمسك بالحياة رغم اللي حصل أكمل في نفسه قلقا:.
- بس اغلب الحالات كان الجنين بيموت او بيتولد بإعاقات، ربنا يستر تنهد خالد قلقا، حين قرأ القلق في عيني ابنه، حسام يخفي عنه شيئا ولكنه حقا لا يريد أن يعرف ما هو، يحاول أن ينظر للجانب المشرق من الموضوع طفلته سيصبح لديها طفلا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه، لتختفي سريعا يحل محلها الغيرة نظر لزيدان الواقف عند باب الغرفة ليتحرك من مكانه وضع يده علي كتفه يربت عليه يقول بهدوء: - مبروك يا زيدان...
تركه ليتوجه الي غرفة ابنته، وقف زيدان يبتسم في توسع كالابله قلبه يرقص فرحا وحسام يجلس هناك عينيه شاردة في الفراغ يتمني فقط أن لا يحدث ما اعتاد علي حدوثه في مثل تلك الحالات...
في الأعلي، سمعت لينا منذ البداية صياح حسام بأنه حامل، لتنظر لوالدتها تكاد تبكي من الغيظ، حسام أخبر والدها وزيدان، لما فعل، شردت عينيها في الفراغ تفكر، هل تجري سيجبرها ووالدها وزيدان علي العودة لزيدان من جديد بعد ما عرفوا، وذلك الطفل الكامن في احشائها هل ستتقبله بعد ما فعله زيدان، خافت فئ تلك اللحظات أن تكره طفلها لتمد يدها سريعا تربت علي بطنها برفق كأنها تربت علي الطفل تهمس داخل نفسها بنبرة حزينة باكية:.
- لاء ما تخافش أنا عمري ما هكرهك، بس سامحني مش هقدر نبقي أنا وهو مع بعض تاني، مش هقدر صدقني، هتبقي أنت وماما مع بعض وجدو وتيتا اجفلت من شرودها علي يد لينا تتحرك أمام وجهها تسألها قلقة: - مالك يا لينا سرحانة في اي شعرت برغبة ملحة في البكاء لترتمي بين أحضان والدتها تنهار باكية تصيح من بين شهقاتها العنيفة المتقطعة: - عرفوا اني حامل يا ماما، مش عايزة ارجعله تاني، ما تخليش بابا يرجعني أعيش معاه.
شهقت فزعة حين شعرت بيد تجذبها برفق من بين أحضان والدتها لتصطدم برأس والدها الذي ظل يمسح علي شعرها برفق قبل قمة رأسها يهمس لها بصوت خفيض حاني: - ما تخافيش مش هرجعك لزيدان غير لما أنتي تطلبي غير كدة لاء... رفعت وجهها عن صدر والدها تنظر لوجهه قلقة ليبتسم لها يحرك رأسه إيجابا مد يده يمسح دموعها يتمتم في سعادة:.
- مبروك يا حبيبتي، الف مبروك، أنا ما كنتش مصدق أنك كبرتي واتجوزتي، دلوقتي بقيتي حامل وهتجبيلنا عيل رخم كدة شبهك، يقولي يا جدو، هتكبروني يا جزم، لاء أنا شيخ الشباب وهفضل شيخ الشباب ولا ايه يا لوليتا.
نظر ناحية زوجته التي تنظر لهم، نظراتها بها حزن عميق رغم أنها تبتسم، حركت رأسها إيجابا كأنها تؤيد ما يقول، في تلك اللحظات ظهرت حمحمة خفيفة عند باب الغرفة تلاها دخول زيدان الذي لم تنزح عينيه عن لينا ولو للحظات، نظراته كانت تصرخ من السعادة، ابتسمت لينا الشريف لتتوجه ناحيته تردف: - مبروك يا زيزو تحركت عيني زيدان ليتوجه بانظاره الي والدته ابتسم ليجذب يدها يقبلها يتمتم سعيدا: - الله يبارك فيكي يا ماما...
رأت لينا في عيني زيدان ما جعلها تنظر لخالد تشير له بعينيها أن يخرجا قليلا يفسحا لهما المجال، نظر خالد ناحية زيدان في غيظ ليحرك رأسه إيجابا على مضض ترك ابنته يتوجه للخارج لتلحق به زوجته، بينما ابتسمت لينا ساخرة والديها تركا المكان عمدا لما؟!، تقدم هو من الفراش يجلس بعيدا عنها قليلا ابتسم يقول فرحا:.
- مبروك، أنا بجد مش مصدق، إن هزاري هيطلع بجد وانتي حامل، حاسس أن قلبي هيقف، فرحان، متلغبظ، عايز اقف في وسط الشارع واصرخ من فرحتي... رفعت وجهها تنظر له، تشعر بالغضب يفور في اوردتها لما هو بهذه السعادة بينما هي قلقة حائرة خائفة ابتسمت ساخرة تذكرت هي من تعرضت للاغتصاب وليس هو، ابتسمت ساخرة تعقد ذراعيها أمام صدرها:.
- خلصت أحلام اليقظة بتاعتك، لو فاكر أن الجنين دا هيرجعنا تاني لبعض تبقي بتحلم، إنت هتطلقني وابني أنا هربيه، لوحدي، وليه لوحدي لما اتجوز أنا ومعاذ، معاذ هيبقي اب كويس جدا ليه في تلك اللحظة مر امامه مشهد قديم لوالدته حين اخبرته وهي تبتسم ( زيدان يا حبيبي أنا وعمو معتز اتجوزنا، عمو معتز هيبقي بدل بابا) وبعدها بدأت معاناته، عذابه، انفجرت الدماء في اوردته يتخيل طفله بدلا منه، انتفض واقفا يصيح غاضبا:.
- أنا ابني مش هيريبه جوز أم، ابني مش هيشوف الذل والعذاب اللي أنا شوفته، انتي فااهمة، وطلاق مش هطلق، اعرفي دا كويس اشتعلت عينيها غضبا لتتحرك وقفت علي ركبتيها علي الفراش تنظر له في غيظ لتصرخ بشراسة: - اوعي تكون فاكرني خايفة منك، أنتي هتطلقني بمزاجك او هرفع عليك قضية خلع، واللي في بطني دا ابني أنا، مالكش اي حق فيه، أنا عندي اسقطه ولا أنك تاخده مني ولا اني ارجعلك بسببه.
توحشت نظرات عينيه ينظر له نظراته مزيج من الغضب والذهول لما ذلك الكره ماذا يفعل حتي يستخرجه من قلبها اقترب منها حتي بات أمامها مباشرة اهتزت نبرته حين أردف: - اوعي لينا تعملي كدة، اوعي تموتيه، ما تكسريش روحك وروحي معاها، اللي في بطنك دا حياتي كلها، عوض عن عذاب شوفته سنين اوعي تأذيه...
قالها ليغادر الغرفة والمنزل بأكمله لم يلتفت لصيحات خالد وحسام باسمه فقط غادر كأنه يهرب من المكان كله، لتتوجه لينا الي باب غرفتها توصده عليها من الداخل بالمفتاح، لا تعبئ بدقات من في الخارج لتصرخ فيهم بصوت مختنق باكي: - مش عايزة اشوف حد، امشوا من هنا.
في غرفة بدور، التقطت هاتفها تقبض عؤي الورقة في يدها لحظات وسمعت صوته البغيض يقول متلذذا: - ايه يا بيدو لحقت اوحشك امتعضت ملامحها مشمئزة حتي من صوته، اردفت تهمس له بقرف: - وحشتك حية تلف حواليك تجيب اجلك تؤتؤتؤ كدة يا بيدو في واحدة تدعي علي جوزها حبيبها، غمغم بها بحزن يسخر منها لتشتعل أنفاسها غضبا تشد بقبضتها علي الهاتف تهمس له محتدة:.
- عارف يا أسامة، أنا بندم كل يوم ميت مرة اني حبيت حيوان زيك، قد ايه كنت غبية وساذجة، انا جبتلك شيك بالفلوس تاخدهم ومش عايزة اشوف خلقتك تاني... توسعت ابتسامته الخبيثة ليغمغم بنبرة متهكمة: - ومالوا، بس انتي اللي هتروحي تصرفي الشيك لحسن يطلع مقلب ولا حاجة وتقابليني في (، ) بكرة الساعة 3، سلام يا بيدو.
أغلق الخط دون أن يسمع ردها لتبعد الهاتف عن اذنيها تنظر لشاشته باحتقار، تنهدت حانقة تنظر للورقة في يدها ستعطيه ما يريد ليخرج من حياتها للأبد، وتنتهي من تلك المشكلة.
علي صعيد قريب الغرفة المجاورة لها، جلست مايا علي فراشها تفتح حاسوبها المحمول ( اللاب توب )، تنهدت تتصفح تلك الصفحات في احد الكتب الخاصة بالجامعة، تنظر للاسطر عينيها شاردة حائرة حزينة، تري أسمه بدلا من أحرف الكتاب، لا يحدث في الخارج لا يعنيها بشئ، أحيانا كثيرا تحقد علي لينا، لديها ما لا تملكه هي، يكفي إن والدتها حية، وتملك زوجا عاشق يحب، اما حبيبها هي ابعدوه عنها بقسوة، لم يهتموا بقلبها الذي تحطم ولكنهم حقا يهتمون بقلب لينا جيدا، هكذا كانت تظن، اجفلت علي صوت دقات علي باب غرفتها لم تنطق بحرف، ففتح الطارق الباب، نظرت بطرف عينيها للفاعل لم يكن سوي والدها، ها هو قد عاد، اشاحت بوجهها بعيدا عنه لا ترغب حقا في رؤيته، تنهد حمزة تحرك ناحيتها جلس جوارها علي الفراش، لحظات من الصمت لا يجد ما يقوله تنهد يقول اخيرا:.
- باركتي للينا بنت عمك، حامل ارتسمت ابتسامة باهتة علي شفتيها تتمتم بنبرة فارغة خاوية: - بجد مبروك! وعاد الصمت مرة أخري، عاد صمت قاسي يحلق فوق رؤوسهم، قرر هو اخيرا كسره تنهد يقول في هدوء:.
- وبعدين معاكي يا مايا، هتفضلي كدة، أنتي شايفاني أنا بس اللي غلطان، وادهم، أدهم ما غلطش، طب لو كان اغتصبك، كنتي هتسامحيه، كنتي هتشوفيه بردوا ما غلطش، أنا عارف إن الشيطان كان عامي عينيه بس بردوا غلط، غلط وغلطه كبير، أنتي عارفة أدهم خدك النايت كلاب ليه مش كدة ابتلعت لعابها الجاف كلمات والدها تخبرها بالحقيقة التي لا تريد الاعتراف بها، أدهم أخطأ، حركت رأسها نفيا تردف بنبرة باهتة متوترة:.
- بببس هو فاق ما عمليش حاجة، ما اذنيش شهقت متألمة حين وجدت والدها يقبض علي ذراعيها بقوة ينظر لها محتدا يصيح فيها:.
- وإن كان عمل، ولو ما كنش فاق، كنتي هتدوريله بردوا علي مبررات، ايه السلبية اللي انتي فيها دي، أنا ما غلطتش يا مايا، لما اعرف أن ابني اللي ربيته كان عايز يدمر أكبر صفقة في الشركة لاء ومش بس كدة كان عايز يغتصب بنتي، مستنية مني اخده في حضني واقوله ليه يا حبيبي فوقت، لا ما ينفعش، خدها اغتصبها.
انحدرت دموعها وكلمات والدها كصفعات تخرجها من دوامة حزنها، دوامة قهرها علي حبيب لم تعرف غيره، أدهم كان كل حياتها كانت كنجمة صغيرة تدور حول مداره هو فقط، تتلقي منه كل شئ دون اعتراض، حتي غضبه، كلماته، توسعت عينيها فزعة كيف سمحت لمشاعرها أن تسلب هكذا، ربما لصغر سنها، لقلة خبرتها، لتعلقها بأدهم قلبا وقالبا، أدهم أخطأ ووالده لديه كامل الحق فيما يفعل، وهي الحمقاء الوحيدة هنا!
بعد أن انتصف الليل بعدة ساعات كانت نائمة في غرفتها تحلم بكابوس مزعج، لتبدأ تشعر بأن جسدها مقيد فمها مكمم، فتحت عينيها لتتوسع في ذعر جسدها بالكامل مقيد فمها مكمم بقطعة قماش، يديها وقدميها في غرفة غريبة لا تعرفها، حاولت الصراخ دون فائدة ادمعت عينيها تحاول جذب تلك الاصفاد بعنف علها تفك قيد يديها ولكن دون فائدة، لحظات ووجدت باب الغرفة يفتح ودخل رجل غريب، رجل لا تعرفه يغطي وجهه بقناع اسود، تقدم ناحية فراشها يبتسم في خبث مرعب، جلس جوارها علي الفراش يتحسس وجهها يسير بأنامله علي وجنتها اقترب من أذنيها يهمس متلذذا:.
- صغيرة، حلوة، حلوة اوي، ما تعرفيش أنا دفعت قد ايه عشان اخدك، هو كان عايزك ليه، بس ما كنش ينفعش اسيبك، دخلتي دماغي من اول مرة شوفتك فيها، دفعت كتير اااه، بس انتي تستاهلي، سمعيني صوتك، اااه أنا آسف مد يده يزيح قطعة القماش التي تكمم فمها لتسأله بصوت مرتجف مذعور: - ااانت ممميين تعالت ضحكاته، ضحكات بشعة عالية، ضحكات شرسة تبنئ عن سوء نية صاحبها وقف أمامها ينظر لوجهها مد يده يزيح قناع وجهه يتمتم متوعدا:.
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني والستون
ضحكات بشعة عالية، ضحكات شرسة تبنئ عن سوء نية صاحبها وقف ذلك الرجل امامها ينظر لوجهها مد يده يزيح قناع وجهه يتمتم متوعدا: - أنا.
ولم ترى من هو استيقظت من ذلك الكابوس البشع تصرخ، تمتزج صرخاتها ببكاء حار عنيف، تنظر حولها في ذعر وهي لا تتوقف عن الصراخ، عينيها متسعتين دموعها تهبط انهارا، لحظات وبدأت تعي أنه فقط كابوس وانها هنا في غرفتها وصوت والدها يصدح من الخارج يصرخ فزعا باسمها، ووالدتها تبكي تترجاها أن تفتح الباب، ساقيها كالهلام لم تقدر حتي علي الحركة، لتصرخ مرة أخري حين سمعت صوت طلق ناري، وبعدها انكسر قفل الباب، واندفع والديها الي الغرفة، انتلشتها والدتها سريعا تخفيها بين ذراعيها تربت علي ظهرها تسألها فزعة، بينما تحرك والدها في أنحاء الغرفة يمسك بسلاحه يبحث عن ذلك الخطر الذي جعلها تصرخ بذلك الشكل المروع، لحظات من الهرج تسمع أصوات كتيرة متداخلة من هنا وهناك، ابتعدت عن أحضان والدتها، مدت لينا يدها تمسح وجهه ابنتها برفق تسألها بلوعة:.
- مالك يا حبيبتي حصل إيه وقبل أن تفتح فمها رأت والدها يقف أمامها يصيح: - حد كان هنا، دخل اوضتك حاول يأذيكي، ما تخافيش قوليلي، حتي لو زيدان هطلع روحه في ايدي اخفضت رأسها أرضا تحركها نفيا بخفة خرج صوتها ضعيفا خائفا: - كان كابوس وحش أوي، أوي.
تنهد خالد بارتياح، ليجلس جوارها لتختبئ بين أحضانه ترتجف بعنف يمر أمامها مشاهد مما رأت في ذلك الحلم البشع، الرجل السوط في يده، يديها المقيدة، ابتسامته الخبيثة المرعبة، لتقبض بيديها علي ملابس والدها تغمض عينيها تشد عليها بعنف، مد خالد يده يمسح علي شعرها برفق يهمس لها يحاول تهدئتها قليلا:.
- خلاص يا حبيبتي اهدي دا كابوس، هتلاقيكي بس عشان تقلتي في الاكل، وغير خبر حملك، دا ملغبطك، اهدي خلاص ما حدش هيقدر يأذيكي، طول ما أنا علي وش الدنيا.
بدأت تهدئ شيئا فشئ، ابتعدت عن والدها تحرك رأسها إيجابا تمسح دموعها، هناك عند باب الغرفة تقف مايا، تنظر لها تشعر بالشفقة عليها، لا تعرف لما هي أحيانا يحرق قلبها الغيرة منها، ولكنها حقا تحبها تشفق عليها الآن، رسمت ابتسامة مرحة علي شفتيها لتتقدم لداخل الغرفة تقول مبتسمة: - أنا هنام جنب لينا عشان ما يجيلهاش كوابيس تاني.
نظر خالد لابنة أخيه يبتسم لها بخمول، ليتحرك من مكانه وقف أمامها يقرص خديها المنتفخين برفق يقول ضاحكا: - دا صوتك المسرسع لوحده دا يجيب كوابيس... ضيقت عينيها تنظر لعمها كأنها طفلة صغيرة مغتاظة، لتربع ذراعيها أمام صدرها تردف بإباء: - ايوة أنا هجيب كوابيس، واتفضلوا امشوا بقي عشان عاوزين ننام رفع خالد حاجبه الأيسر مستهجنا ليمسكها من تلابيب ملابسها من الخلف يرفعها عن الأرض قليلا يهتف لها ساخرا:.
- انتي بتطرديني يا شبر ونص، هقول ايه ما انتي تربية حمزة السويسي وماله حمزة السويسي يا خالد يا سويسي، اردف بها حمزة ساخرا، ليتوجه بخالد بعينيه الي أخيه ينظر لشقيقه نظرات ساخرة متهكمة كأنه يقول له حقا الا تعرف، ابتسم خالد لحمزة متهكما ليتوجه ناحية زوجته امسك يدها يجذبها من فراش ابنتها يقول ساخرا: - مالوش يا سيدي أنا هاخد مراتي واروح أنام، روح أنت كمان نام، يلا يا يبدو روحي نامي يا حبيبتي.
وجه كلمته الأخيرة لبدور التي تقف بعيدا عند باب الغرفة تراقب ما يحدث صامتة، تحرك خالد يجذب لينا ليخرجا من الغرفة، ليتحرك بعده حمزة امامه بدور، اغلقت مايا الباب عليهم من الداخل...
في الخارج التفتت بدور لحمزة ابتسمت مرتبكة كانت تود أن تلقي عليه التحية فقط الا أنها تجاوزها في برود تام وكأنها شبح غير مرئية من الأساس، اسبلت عينيها تنظر له مدهوشة لما تجاهلها من الأساس، بلعت لعابها مرتبكة تزفر باختناق غدا سينتهي كل ذلك القلق الي الأبد...
بينما في غرفة لينا، توجهت مايا تأخذ الجانب الأيسر من الفراش، تنظر بطرف عينيها لتلك الجالسة جوارها عينيها شاردة حزينة حائرة، تبسط كف يدها علي بطنها كأنها تستشعر ذلك الصغير بين احشائها، تنهدت مايا حائرة تشعر بالشفقة علي حالها، اعتدلت جالسة تمد يدها تربت علي ذراعها حمحمت تهمس خفيض متلعثم: - ااانتي، كويسة.
فقط اماءة صغيرة بالايجاب هي من صدرت عن لينا، لتتنهد مايا مرة أخري قامت من مكانها تجلس أمام لينا تربع ساقيها تحاول الابتسام حمحمت تردف مبتسمة: - مبروك، هتبقي مامي رفعت لينا وجهها لمايا تزيح خصلات التي تغطي وجهها ارتسمت علي شفتيها شبح ابتسامة باهتة، تحرك رأسها إيجابا تهمس بصوت خفيض مختنق: - الله يبارك فيكي، عقبال ما تبقي مامي أنتي كمان، بس مش زيي.
قطبت مايا جبينها متعجبة من جملتها الاخيرة، لتري لينا تتسطح علي الفراش تجذب الغطاء تتدثر به، تسطحت مايا بعيدا عنها قليلا، دقائق قليلة كل منهن في عالمها، لينا تفكر في حلمها المزعج، تري ما سيحدث بعد ذلك، علاقتها بزيدان... مايا تفكر في أدهم، كلمات والدها كشفت جانب كانت تتعمد عدم رؤيته، تنهدت لتردف شاردة بصوت مسموع:.
- رغم أن أدهم واحشني أوي، بس بابا عنده حق هو غلط أوي، أنا ازاي ما كنتش شايفه غلطه قبل كدة لحظات صمت طويلة قبل أن تسمع صوت لينا تردف في هدوء حزين: - مراية الحب عامية، ما بتشوفش غير الحلو بس، حتي لو الوحش أكتر من الحلو، بس نصيحة مني، ما تسامحيش بسهولة، عشان لو هو غلط وانتي سامحتي علي طول، هيكرر غلطه مرة واتنين وعشرة...
ارتجفت حدقتي مايا قلقا بعد كلمات لينا لتنتصف جالسة علي الفراش بينما ظلت لينا علي حالها تنام علي جانبها الايمن توليها ظهرها، تنهدت مايا في ألم تهمس: - أنا بحبه اوي يا لينا، أدهم كل حياتي من زمان ومرة اخري سمعت صوت لينا المختنق حتي شعرت أنها تبكي: - طب ما أنا بحب زيدان، زيدان هو اللي رجعني أعيش الحياة من تاني، بدل ما كنت حابسة نفسي جوا سجن خوفي من الدنيا والناس، بس مش قادرة اسامحه علي اللي حصل...
قطبت مايا ما بين حاجبيها ماذا فعل زيدان ولما لينا حزينة منه لتلك الدرجة بلعت لعابها تفتح فمها كانت تود قول شيئا ما لتسمع لينا تردف من جديد:.
- ما توقفيش حياتك علي أدهم يا مايا، دراستك شغلك حياتك ما ينفعش كل دا يقف فجاءة كدة عشان انتي شايفة أن حياتك من غير أدهم ما تنفعش تتعاش، انتي مش في كلية هندسة ديكور بردوا رايحة سنة تالتة تقريبا، في شركات كتير هنا بتشغل الطلبة تحت التدريب، بعلاقات بابا وعمو يقدروا يشغلوكي في اكبر شركة في البلد قالت ما قالت وصمتت تماما بعد ذلك تاركة مايا تفكر في كل كلمة قيلت الآن.
ها هو الليل قد انتصف منذ عدة ساعات، في منطقة راقية فخمة، عمارة سكنية حديثة الطراز، وقفت سيارته العالية امامها ينظر بأعين حمراء كالجمر لشرفة الطابق الثالث، ذلك الطابق الذي يوجد فيه غريمه، توحشت قسماته، خيله الجامح تهدده بالزواج منه، وهو يحاول ويحاول تقدير حالتها النفسية المتأزمة لا يريد أن يضغط عليها بأي شكل من الأشكال يكفي انها الآن تحمل بطفله، لا يريد إيذائها او إيذائه، ولكن سيذبح بدم بارد هذا الماعز الذي يظنه نفسه رجلا ويريد مناطحته أيضا، نزل من سيارته يأخذ طريقه الي داخل العمارة، ليوقفه حارس الأمن:.
- مين حضرتك وطالع عند مين ابتسم زيدان في شراسة ليمد يده في جيب سرواله يخرج ورقة من فئة ال200 يضعها في جيب قميص الحارس الذي عاد يجلس مكانه وكأنه لم يري شيئا، اخذ زيدان طريقه الي المصعد توقف عند الطابق الثالث، خرج من المصعد لتلك الشقة التي تحمل رقم 6، دق الباب بهدوء تااام، هدوء مخيف يسبق الهدوء الذي تأتي بعده عاصفة هوجاء تنزع القلب خوفا، لحظات طويلة قبل أن يسمع صوت ناعس يأتي من الداخل:.
- ايوة حاضر جاي، دا مين دا اللي جاي دلوقتي صوت الباب يُفتح ليطل معاذ من خلف الباب المغلق يفرك عينيه ناعسا، رفع وجهه ينظر للطارق لتتوسع عينيه فزعا بلع لعابه يتمتم بصوت خفيض متلعثم: - ززززيدان.
توسعت ابتسامة زيدان ليدفع الباب بكفه بعنف ارتد معاذ للخلف ليدخل زيدان الي الداخل يصفع الباب خلفه، وقبل أن تمر ثانية كان معاذ ملقي أرضا تحت قدمي زيدان إثر تلك اللكمة العنيفة التي تلقاها رفع معاذ وجهه عن الأرض يمسح الدماء التي سالت من جانب فمه ابتسم يردف ساخرا: - وماله، بس مش خايف بقي لاروح اقولها أن زيدان باشا، اتهجم عليا باليل، صدقني هتكرهك اكتر ما هي كرهاك.
وكانت قنبلة اشعل هو فتيلها ليتحمل إذا انفجارها اندفع زيدان ناحيته يقبض علي عنقه يرفعه ليقف أمامه احمرت عينيه نفرت عروقه يزمجر فيه: - أنت فاكرني عيل **** زيك، أبعد عن لينا، اخرج من حياتها بدل ما أخرجك من الدنيا كلها... بالكاد يلتقط معاذ أنفاسه تحت وطأة قبضتي زيدان العنيفة، رغم ذعره منه ليقتله الا انه ابتسم ارتسمت ابتسامة واسعة بالكاد خرج صوته بنبرة مستفزة ساخرة:.
- مش هبعد يا زيدان، لينا حقي أنا قبلك، أنا اللي حبيتها ولولا لعبتك القذرة كان زمانها مراتي أنا، ما تحلمش أنها ترجعلك تاني، خلاص خلصت دون كلمة اخري كان معاذ ارضا وزيدان فوقه يكيل له باللكمات العنيفة القاسية يصيح كوحش ضاري: - دا أنا اقتلك قبل ما تفكر تاخدها مني، لينا مراتي غصب عن عين اهلك، ولو لمحتك جنبها هقتلك...
توقف وقف يلتقط أنفاسه ينظر لذلك الملقي أرضا الدماء تسيل من كل شبر في وجهه بالكاد يتنفس انحني يقبض علي تلابيب ملابسه ابتسم متوعدا ابتسامة سوداء غاضبة يهمس له محتدا: - صدقني لو شوفتك تاني هدفنك حي قدام عينيها، خاف مني يا زوز ماشي يا حبيبي.
نفضه زيدان من يده ليرتطم رأسه بعنف بالأرض المسقولة، رماه زيدان بنظرة غاضبة مشمئزة ليعدل من تلابيب ملابسه بصق عليه ليتحرك لخارج المنزل، بينما تكور معاذ يضم جسده المكدوم، يتأوه من شدة ما يعصف به من ألم يكاد يفتك بعظامه، استند علي أقرب مقعد يحاول الوقوف شئ فشئ الي أن نحج وقف بصعوبة ينظر لمكان ما كان واقفا يتمتم متوعدا: - مش هسيبها يا زيدان، لينا ليا، حقي وهيرجعلي.
في صباح اليوم التالي، باكرا استيقظت مايا تشعر بنشاط كبير، نظرت للينا لتراها تغط في نوم عميق، تحركت من جوارها بخفة حتي لا تزعجها الي الخارج توجهت، الي غرفتها دخلت مرحاضها اغتسلت وبدلت ثيابها الي ملابس عملية مختلفة عن ملابسها الطفولية التي اعتادت عليها، قميص بأكمام أبيض اللون، تعلوه سترة نسائية سماوية اللون وسروال ازرق غامق، حذاء ذو كعب صغير، انتقت حقيبة تناسب ما ترتدي، لتتوجه الي أسفل حيث مكتب عمها، دقت الباب طرقات خفيفة، لتسمع صوته يأذن بالدخول، ابتسمت بخفة تتوجه الي الداخل، رأت والدها يجلس أمام عمها يبدو أنهما يتحدثان في أمر هام، التفت الاثنين لها ما أن دخلت ليطلق خالد صفير طويل يقول مازحا:.
- دا الجمال عدي الكلام جدا يعني... ضحكت مايا لتقترب من والدها جلست علي المقعد المجاور له تردف مبتسمة: - احم احم بما اني في فترة الإجازة، وبما اني strong independent woman فأنا عايزة اشتغل ابتسم خالد في مرح باهت يردف ممازحا:.
- جماعة ال strong independent اللي مليين البلد اليومين دول، تلاقي البنت من دول تقولك لاء أنا اللي قادرة علي التحدي والمواجهة، لازم يكون ليا كيان وكرير، هما أسبوعين شغل تحت ضغط وتقولك أنا عايزة اقعد في بيتنا واخلف كمال وكريم.
انفجر حمزة ضاحكا ينظر لابنته متسليا، لتضيق مايا عينيها تنظر لهما في غيظ، عقدت ساعديها أمام صدرها تشيح بوجهها بعيدا عنهم، لتهدئ ضحكات حمزة قليلا لف ذراعه حول كتفي ابنته يقول مبتسما: - طب يا ستي ما تتقمصيش كدة، عايزة تشتغلي ايه، وبعدين يا بنتي انتي مش لسه بتدرسي، أنا شوفتك امبارح بتذاكري ابتسمت مايا تقول متحمسة: - لاء دا كتاب من سنة تالتة أنا بحب اقرا كتب الترم قبل ما ندخله عشان ابقي هندرس ايه.
نظر خالد لها في حنق كأنه طفل صغير ليتمتم مغتاظا: - يهود الدفعة في بيتي ضحكت مايا رغما عنها لتلتفت لعمها تردف في خبث: - صحيح يا عمو إنت كنت من الدحيحة ولا من الفشلة لاااا هتف بها خالد بكبرياء، حمحم يعدل من تلابيب قميصه يردف مبتسما بغرور:.
- أنا كنت احسن واحد يبرشم، ولا مرة اتقفشت، أنا مرة برشمت علي ياقة قميص الواد محمد عشان دايما كان بيقعد قدامي، ومرة تانية علي البنطلون الجينز اللي كنت لابسه وابقي دبسلي البنطلون في الورقة بقي عند ذلك الحد انفجر حمزة تشاركه مايا في الضحك، ادمعت عيني حمزة ينظر لأخيه يردف ساخرا من بين ضحكاته: - الله يخربيت ماضيك المشرف، في عم يقول كدة لبنت أخوه، بدل ما يقولها ذاكري، تقولها كنت ببرشم، ونعم العمام والله.
ابتسم خالد مغترا بحاله ينظر لأخيه بإستيعلاء ليعاود النظر لمايا يقول مبتسما: - لو مصرة تشتغلي، تعالي يا ستي اشتغلي عندي في الشركة، انتي مش هندسة ديكور واحنا شركة مقاولات، بناخد اي مشروع نسلمه بالمفتاح، جاهز من كله، ايه رأيك حركت رأسها نفيا ترفض الفكرة رفضا قاطعا، تعجب هو من رفضها، لتردف هي: - لاء يا عمو، هشتغل في شركة حضرتك يعني هتعامل علي إني بنت أخو مدير الشركة...
همهم خالد متفهما ما تقول ليتوجه بانظاره الي حمزة يسأله: - أنت إيه رأيك في الكلام دا يا حمزة ابتسم حمزة في هدوء يربت علي رأس ابنته يقول مبتهجا: - والله لو دا هيخليها مبسوطة وتخرج من الإكتئاب اللي هي فيه ما فيش مانع.
ابتسمت مايا في سعادة تعانق والدها، لتلوح ابتسامة ماكرة علي شفتي خالد، يخطط لشئ ما، تحرك من مكانه يلتقط هاتقه قرب النافذة وقف يتحدث مع أحدهم مكالمة لم تتعدي الدقيقتين، وعاد لهم وهو يبتسم التقط قلمه وورقة صغيرة من فوق سطح المكتب يخط عليها عنوان أحدي الشركات مد يده لها بالورقة يقول مبتسما:.
- اتفضلي يا ستي دا عنوان شركة واحد صاحبي، أنا فهمته الموضوع بإيجاز وهو وافق أنك تشتغلي تحت التدريب في شركته، ما تتأخريش عشان هو مستنيكي بعد ساعة التقطت منه الورقة تعانقه بقوة تقول في سعادة: - ميرسي يا عمو قبلت خد والدها لتسرع الي الخارج وخلفها صوت خالد يصدح عاليا: - في عربية بسواق برة ما تركبيش تاكسي.
حركت مايا رأسها إيجابا لتسرع للخارج اصطدمت في طريقها للخارج بلينا زوجة عمها لتعانقه بقوة تصيح في سعادة: - هتوحشيني يا انطي باااي قالتها لتهرول للخارج وقفت لينا تنظر في أثرها متعجبة تقطب جبينها لا تفهم ما يحدث، تحركت للداخل ابتسمت تسألهم متعجبة: - هي مايا بتجري كدة رايحة فين ضحك خالد بخفة ليتقدم منها يلف ذراعه حول كتفيها حرك حاجبيه مشاكسا ليقول ضاحكا:.
- قررت تبقي اللي قادرة علي التحدي والمواجهة زيك وتروح تشتغل، 24 ساعة وهتقولك زهرة شبابي بقت جرير وهتقعد من الشغل أنا عارف كورت قبضتها تصدمه علي صدره بخفة ابتسمت تقول واثقة: - علي فكرة بقي مايا شاطرة وأنا واثقة انها هتكمل في شغلها، يلا عشان نفطر.
تحرك خالد معها يتبعهم حمزة، خرجوا جميعا من غرفة المكتب، الي غرفة الطعام المجاورة لهم ليصادفوا في طريقهم لينا وهي تنزل بخفة من فوق سلم البيت الضخم تحمل حقيبة يد ودفتر محاضرات كبير، ابتعد خالد عن زوجته متوجها ناحية ابنته، وقف أمامه ابتسم يقطب جبينه يسألها متعجبا: - رايحة فين يا لينا رسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيها تنظر لساعة يدها نظرة خاطفة تتمتم علي عجل:.
- رايحة الكلية عندي محاضرات، عن إذن حضرتك عشان اتأخرت تحركت خطوة واحدة ليمسك بيدها يعيدها مكان ما كانت تقف، قطب ما بين حاجبيه يسألها متجهما: - كلية ايه يا لينا انتي مش حامل يا بنتي، أجلي السنة دي لحد ما تقومي بالسلامة قطبت جبينها مستنكرة ما يقول والدها حركت رأسها نفيا تردف سريعا: - لاء طبعا أنا مش هقعد محبوسة في البيت 9 ولا 8 شهور... ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه يكتف ذراعيه أمام صدره يحادثها مازحا:.
- أنا قعدت أمك 9 شهور علي السرير، كنت شغال عندها شيال، من هنا لهنا رايح جاي شايلها... تجهم وجه لينا ابنته تنظر لأبيها نظرات خاوية لتصيح فجاءة محتدة: - أنا مش ماما يا بابا وبطل تعاملني علي اني نسخة منها، أنا مش استسلامية ضعيفة بترضي بكلمتك عشان إنت بس قولتلها.
قطمت شفتيها تنظر لوالدتها نادمة علي ما قالت، تشعر بغضب مفاجئ اشتغل بدمائها، نظرت لوالدتها تعتذر لها بنظراتها عما قالت بينما اشتعلت عيني خالد غضبا عما قالت تلك الفتاة، قبل أن ينطق بحرف، اقتربت لينا من ابنتها تربت علي كتفها برفق تقول باسمة: - روحي يا حبيبتي وخلي بالك من نفسك، وبلاش تنطيط عشان انتي لسه في اول الحمل.
أنا آسفة، همست بها لينا بصوت ضعيف حزين لتتحرك تغادر المكان، بينما وقفت هي تراقب ابنتها الي أن غادرت، تحافظ علي ابتسامة لطيفة علي شفتيها، صحيح أن قلبها تفتت مما قالت ولكنها لم تقل سوي الحقيقة، فقط الحقيقة، اجفلت علي يد خالد توضع علي كتفها لتبتسم له ابتسامة باهتة تربت علي يده تقول بترفق: - ما تزعلش منها يا خالد، أنت عارف عصبية الحمل، ما أنا يا اما وريتك أيام زرقا، فاكر اوعي تكون نسيت.
ضمها بين ذراعيه يخفي رأسها داخل صدره ينظر للفراغ شاردا، ابنته باتت قاسية القلب مثله تماما، هو كان فقط خائفا عليها يمازحها لم يقل شيئا لتنفجر هكذا، تنهد تعبا يبعد لينا عنه يرسم ابتسامة واسعة علي شفتيه، يلثم جبينها بقبلة طويلة ممتنة عاشقة يهمس لها بحنو: - بحبك يا اغلي من عمري وهفضل احبك لحد ما يخلص عمري ابتسمت تحرك رأسها إيجابا تقبل كلماته كمسكن قوي يداوي جروحها.
علي صعيد آخر وقفت سيارة الاجري أمام مقر تلك الشركة، نزل منها يعطي السائق نقوده، وقف امام تلك الشركة الكبيرة ابتسم يتنهد يحاول تشجيع حاله، لديه مقابلة لدي مدير الشركة حسب ما أخبره عمه سابقا، ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتيه حين تذكر كم الدعوات التي ظلت تمطره بها جدته العجوز الي أن غادر، حين وصل الي بداية شارعهم رآها لا تزال تقف في شرفة منزلهم تلوح له وداعا تبتسم له ببشاشتها المعتادة، التقط أنفاسها يشجع نفسه ليدخل مباشرة الي الشركة، أخبر الاستقبال في الأسفل أن لديه مقابلة عمل، لترشده لمكتب صاحب الشركة شخصيا، وقف أمام المصعد يطلبه يعدل من تلابيب حلته، دخل إليه ما أن وصل يطلب الطابق الأخير حسب ما أخبره مكتب الاستقبال، توجه الي مكتب صاحب الشركة وقف امام السكرتير حمحم يردف بهدوء:.
- أنا عندي ميعاد مع جاسر بيه نظر له السكرتير إلي الحاسب أمامه لحظات وتحدث بعملية: - حضرتك أدهم وحيد مختار.
حرك أدهم رأسه إيجابا سريعا ليشير له الرجل الي ذلك الباب الضخم المغلق، حرك أدهم رأسه إيجابا يتنهد ساخرا، هو من كانت تطلب الناس مقابلته، كان مدير الشركة والآن ماذا مجرد موظف يسعي لوظيفة يتمني الحصول عليها، تقدم من الباب يدقه، سمع الاذن بالدخول، ليدير المقبض ويدخل، الي داخل الحجرة، توسعت عينيه في دهشة حين رأي ذلك الرجل هو نفسه جاسر صاحب الشركة، والد رعد، الفتي الذي كان يريد اختطاف حبيبته منه، فاق من حالة الدهشة التي تملكته علي صوت جاسر وهو يقول مبتسما:.
- إيه يا أدهم هتفضل واقف عندك كدة، تعالا يا ابني اقعد حمحم يشعر بالحرج ليتحرك من مكانه متجها الي المقعد المقابل لمكتبه وضع الملف الخاص به علي المكتب ابتسم متوترا يردف بهدوء: - أنا كنت جاي عشان ال قاطعه جاسر قبل أن ينطق بحرف آخر، قام من مكانه يلتف حول مكتبه وقف جوار أدهم يربت علي كتفه، يقول مبتسما:.
- أنا عارف انت جاي عشان ايه، خالد شرحلي كل حاجة، وعارف أنك مهندس ممتاز، وهتساعدنا كتير في شغلنا، يعني أنت عارف احنا بتوع سياحة، شيلهات، قري، فنادق، وبنتحتاج مهندسين شاطرين زيك عشان يظبطولنا الدنيا، أمن، كاميرات، برمجة حسابات العملا، ومن دا كتير إنت فاهم طبعا.
ابتسم ادهم يحرك رأسه إيجابا سريعا، ليبتسم جاسر يربت علي كتفه من جديد كان علي وشك قول شئ، حين قاطعه رنين هاتفه، اعتذر من أدهم يجيب لحظات صمت قبل أن يجيب: - خليها تدخل طبعا.
لحظات وسمعا صوت دقات علي باب الغرفة سمح جاسر للطارق بالدخول، لينفتح الباب دخلت تلك الفتاة تبتسم متوترة، سرعان ما تجمدت الابتسامة علي شفتيها تنظر لذلك الجالس جوار المكتب، صدمة توسعت علي أثرها حدقتيها بعنف، فتحت عينيها واغلقتها عدة مرات علها فقط تحلم او يهيئ لها ولكنه للأسف كان واقع، وها هو أدهم يجلس أمامها، والآخر لم تكن حالته أفضل تماما، اشتقاها حد الموت، لا يصدق أن يراها ها هي هناك تقف، بالكاد منع نفسه من أن يركض إليها يعتصرها بين أحضانه يخبرها كم اشتاق إليها، يخبرها أنه نادم، آسف يعشقها، لحظات وتبدلت نظراتها الي أخري بادرة خاوية، أصابته بالدهشة حمحمت تهمس بهدوء:.
- أنا آسفة ما كنتش اعرف أن حضرتك عندك حد... ابتسم جاسر لها تقدم ناحيتها يقول باسما: - تعالي يا مايا، احنا خلصنا خلاص حمحم يعلو بصوته قليلا: - كررريم لحظات وجاء ذلك الشاب الجالس في مكتب السكرتير، اشار جاسر الي أدهم يحادث ذلك الشاب: - باشمهندس أدهم هيشتغل معانا من النهاردة في قسم مهندسين الكمبيوتر والبرمجة، يا ريت تعرفه المكان.
حرك كريم رأسه إيجابا سريعا، ليقم أدهم من مكانه اقترب منها يريد أن يحادثها حتي لو تم فصله، ابتسم ما أن بات أمامها، فتح فمه ليتحدث ليصفر وجهه في صدمة حين رآها تشيح بوجهها بعيدا عنه لا ترغب في أن تراه!، كور قبضته يشد عليها بعنف ليتحرك للخارج، بينما وقفت هي مكانها بالكاد تمنع سيل دموعها، أدهم هنا، أرادت أن تهرب من اشتياقها لطيفه بانغماسها في العمل، لتجده هو نفسه في العمل.
حمحمت تحاول ان تهدئ التقطت نفسا يليه آخر وآخر لتنظر لجاسر تحاول الابتسام تردف بنبرة خافتة مختنقة: - احم ازاي حضرتك يا انكل ضحك جاسر بخفة يتوجه عائدا الي مقعده يقول مازحا: - هنا لا في انكل ولا عمو، أنا جاسر باشا صاحب الشركة، وانتي الانسة مايا المهندسة الجديدة، اتفضلي اقعدي يا باشمهندسة عشان نبدأ ال interview.
ابتسمت مايا ابتسامة صغيرة لتتوجه جالسة مكان ما كان يجلس أدهم، ليخترق انفها رائحة عطره التي تعرفها جيدا والتي اشتاقتها في كل لحظة، نظرت لجاسر تحاول الإجابة بثبات زائف عن كل تلك الاسئلة التي يسألها بجدية، الي أن جاء ذلك السؤال: - شايفة نفسك فين كمان خمس سنين ارتسمت ابتسامة صغيرة واثقة ترد: - مكان حضرتك توسعت عيني جاسر في دهشة للحظات لينفجر في الضحك وقع علي عقد عملها في الشركة أعطاها الأوراق يردف ضاحكا:.
- ماشي يا ستي، اتفضلي علي مكاتب المهندسين، كريم هيوصلك وقبل أن يضغط زر الجرس الملتصق بمكتبه، سمع دقات علي باب المكتب تلاها دخول رعد ابنه، الذي اصابه حالة من الذهول حين رأي مايا تجلس في مكتب أبيه، نظر مدهوشا ليتمتم متعجبا: - مايا انتي بتعملي ايه هنا حمحم جاسر محتدا يرمي رعد بنظرة نارية ليتنهد الأخير حانقا ماذا فعل ليغضب والده الآن، نظر لوالده ابتسم في لباقة يردف بهدوء:.
- صباح الخير يا باشا، السكرتير قالي أن حضرتك عايزني نظر جاسر لرعد للحظات في برود ليخرج صوته حادا: - أنت متأخر ربع ساعة بحالها، ودخلت من غير ما اقولك، اتفضل روح وصل آنسة مايا لمكتب مهندسين قسم الديكور، وترجعلي حرك رأسه إيجابا في هدوء تام، ليصطحب مايا لخارج الغرفة، ابتسمت هي ما أن خرجوا من المكتب تنظر لرعد: - ازيك يا رعد عامل ايه التفت لها برأسه ابتسم يحرك رأسه إيجابا يسألها متعجبا:.
- الحمد لله كويس، بس انتي بتعملي ايه هنا وفين أدهم احتل الحزن مقلتيها تنهدت حزينة تهمس له متألمة: - هحكيلك بس مش دلوقتي ابتسم لها في هدوء يحرك رأسه إيجابا ليردف برفق: - علي العموم أنا موجود فئ أي وقت حبيتي تحكي او احتاجتي اي مساعدة... ابتسمت له ممتنة ابتسامة واسعة تحرك رأسها إيجابا تردف: - ميرسي اوي يا رعد.
ابتسامة رآها ذلك الواقف هناك، ابتسامة فتت قلبه، نهشت روحه، وهو يقف هناك ينظر لها عاجزا عن حتي الذهاب إليها.
تحججت بأنها ذاهبة لشراء بعض الأشياء الخاصة واخذت طريقها الي أحد البنوك تصرف منه ذلك الشيك، اعطته الشيك الصغير للموظف وقفت مكانها جسدها بالمكات يرتجف تحاول ان تطمئن قلبها، ستعطيه النقود وينتهي كل شئ الي الأبد، دقائق فقط واحضر لها الموظف النقود وضعتهم في الحديقة التي جلبتها معها، لتخرج من البنك، أخرجت هاتفها تتصل برقمه لحظات وأجاب لتردف فجاءة: - أنا جبتلك الفلوس إنت فين خلينا نخلص بقي.
اخبرها بأن تخرج من الشارع هو ينتظرها عند نهايته، اغلقت الخط تأخذ طريقها إلى نهاية الشارع رأته يجلس في سيارته وقفت بجاورها ليخرج هو من السيارة نظرت له نظرات طويلة مشمئزة كارهة لتردف: - فلوسك اهي ومش عايزة اشوف وشك تاني، فين ورقة التنازل احنا اتفقنا اديك فلوس تتنازلي عن حضانة الأولاد توسعت ابتسامته الخبيثة نظر لحقيبة النقود في يدها لمعت عينيه ليعاود النظر لها يقول في هدوء خبيث:.
- طب اركبي الورقة لسه عند المحامي، نروح ناخدها نظرت له في حذر تشك فيه لا يمكنها أن تثق فيه بعد الآن اردفت تسأله بحذر: - وأنا اضمنك ازاي ضرب كف فوق آخر ضحك ساخرا يقول متهكما: - هخطفك يعني يا بنتي الفلوس معاكي، بقولك تعالي نجيب الورقة من عند المحامي، مش عايزة خلاص انتي حرة.
نظرت له في حذر للحظات لتفتح باب السيارة تجلس فيه، ربما هو حكم العادة فتحت الباب الامامي ليبتسم هو في خبث شرير، استقل السيارة جوارها يغلق النوافذ العازلة للرؤية نظر لها يقول مبتسما: - عشان التراب انتي عارفة احنا في الخريف.
اشاحت بوجهها دون ان تنطق بحرف تحتضن حقيبة النقود بقوة، لتتوسع عينيها في فزع حين شعرت به يضع منديل فوق انفها وفمها حاولت مقاومته والصراخ ولكن يبدو أن وضع الكثير من المخدر عل ذلك المنديل لحظات وبدأ جسدها يرتخي، حتي فقدت الوعي تماما التقط حقيبة النقود من يدها، يلقيها علي الأريكة الخلفية نظر لجسدها في خبث يهمس متوعدا: - سوري يا بيدو بس أنا لسه ما خدتش حقي منك ولا من خالد باشا ابوكي!