logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 20 من 81 < 1 54 55 56 57 58 59 60 81 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:22 صباحاً   [169]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل السابع والخمسون

توسعت عينيها حتى كادت تخرج من مكانها حين رأته يتهاوي ارضا أمامها للحظات قليلة شلت الصدمة جسدها عجزت عن الحركة او حتى النطق، ما هي الا لحظات وصوت دقات الباب بطرقات سريعة قلقة تلاها صوت ابنتيها يصيحان خوفا:
- ماما، بابا، في ايه يا ماما، افتحي الباب
عند ذلك الحد انتفضت، فاق عقلها من تلك الصدمة لتهرع إليه سقطت على ركبتيها امامه تصرخ فزعة تحرك جسده بهستريا:
- عمر، عمر، عمر، رد عليا يا عمر..

نظرت لكفي يدها التي تملئها الدماء لتتوسع عينيها فزعا تنهار الدموع من مقلتيها بعنف، هل قتله، قتلت عمر!، صرخة فزعة من بين شفتيها لتهرع إلى باب الغرفة فتحت الباب بعنف ما أن طالعت وجه ابنتيها القلقتان، صرخت تصيح بجنون:
- عمر، عمر مات، ابوكوا مات، أنا موته، قتلته.

صرخت الفتاتين في ذعر يركضان لداخل الغرفة سارة انهارت تماما تبكي بلا توقف، استجمعت سارين بعض من تماسكها الواهي امسكت رسغ يد والدها لتتنهد براحة تصيح فيهم:
- بابا عايش أنا حاسة بنبضه...
تركتهم سريعا تركض ناحية اقرب هاتف وجدته تطلب رقم عمها.

في تلك الاثناء في منزل خالد السويسي، تحديدا في غرفة لينا السويسي، نظرت لينا بشفقة لتلك النائمة على فراشها آثار دموعها لا تزال تغرق وجهها، بعد جهد شاق استطاعت أن تفهم ما حل بها، يبدو أنها ليست التعيسة الوحيدة هنا، مايا وقصة حبها الغربية لأدهم، قعدت ساقيها على الفراش جذبت الغطاء تدثر به تلك النائمة جوارها، مسحت على شعرها بخفة، مسكينة مايا لم تخطي بحنان والدتها يوما واليوم تذق من كأس عذاب الحب، مدت لينا يدها تبسطها على بطنها هي، تفكر قلقة ترى أهي بالفعل تحمل طفلا منه، شعورها بالألم وذلك الغثيان وكرهها لرائحة عطره حتى، أيمكن أن تكن علامات على صغير ينمو بين احشائها، تنهدت حائرة تفكر كيف ستعرف، وإن صدق حدسها ماذا ستفعل؟

العودة لزيدان بعد ما فعل وعرفت ليست ضمن مخططاتها الحالية ولا القادمة، للحظة فقط للحظة ارتسمت على شفتيها شبح ابتسامة حزينة، تتذكر لمحة سعيدة من أيام أحلامها التي قضتها بصحبته، سرعان ما اندثرت تلك الابتسامة جذبها قاع الحزن بعيدا، تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيها اجفلت منها على صوت دقات على باب غرفتها حمحمت تسمح بالدخول، لتظهر والدتها من خلف الباب المغلق اقتربت من فراشها تحمل صينية كبيرة عليها قطع كعك وكوباي عصير، نظرت لمايا النائمة بحنو لتضع الصينية على الطاولة الصغيرة جوار فراش ابنتها تهمس لها بصوت خفيض خوفا من إيقاظ تلك الصغيرة:.

- اخيرا نامت صعبانة عليا أوي...
نظرت لينا لمايا تشفق على حالها لتعاود النظر لوالدتها تنهدت تهمس بخفوت حذر:
- عمو حمزة السبب، هما الاتنين عارفين انهم مش أخوات، وخلاص حبوا بعض، بدل ما يقربهم ويتجوزوا، بعدهم عن بعض بمنتهي القسوة
تنهدت لينا حزينة تحرك رأسها إيجابا تؤيد كلام ابنتها، تردف بصوت خفيض هامس:
- ابوكي بيقول هيتصرف في الموضوع دا، لأن الظاهر أن أدهم عمل غلطة كبيرة وعمك حمزة غضبان عليه...

ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتي لينا تتمتم مع نفسها متهكمة:
- بابا دايما بيتصرف في كل المواضيع
عادت تنظر لوالدتها بلعت لعابها متوترة تفكر قلقة أتخبرها أم لا، حمحمت تهمس متوترة:
- ماما أنا عايزة اقولك حاجة بس توعديني ما تقوليش لبابا ولا لزيدان، أرجوكي
حركت لينا رأسها إيجابا سريعا تنظر لابنتها في حيرة ترى ماذا تخبئ، مدت لينا يدها تمسد على بطنها بخفة تهمس متوترة:
- أنا حاسة إني حامل.

شهقة قوية خرجت من بين شفتي لينا توسعت ابتسامتها تهتف فرحة:
- بجد
امسكت لينا بيدي والدتها سريعا تهمس بتلهف:
- هشش، بس يا ماما بقولك حاسة مش متأكدة، مش عارفة اعمل ايه، اهم حاجة مش عايزة زيدان تحديدا يعرف ولا بابا
ابتعدت لينا برأسها للخلف قليلا تنظر لابنتها في حذر مدت يدها تمسك كف يد ابنتها تهمس لها في شك:
- اوعي تكوني ناوية تنزلي الجنين
حركت الابنة رأسها نفيا سريعا ترفض الفكرة رفض قاطع تنهدت تهمس بخمول:.

- لاء طبعا يا ماما، أنا صحيح مش طايقة زيدان ومش عايزة اشوف وشه لآخر يوم في عمري، بس دا روح، طفل مالوش ذنب، أنا مستحيل آذيه، دا ابني بردوا
تنهدت لينا بارتياح ترتسم على شفتيها ابتسامة سعيدة واسعة اقتربت من ابنتها تعانقها بحنو ابعدتها عنها تلثم رأسها بقبلة حانية تتمتم برفق:.

- يمكن الطفل دا، هو اللي يقربكوا من بعض بعد اللي حصل، مش متخيلة رد فعل ابوكي لما يعرف أنك حامل احتمال يقتل زيدان، المهم دلوقتي اشربي العصير وارتاحي وأنا بكرة وأنا جاية من المستشفي هجبلك اختبار، الله يرحمها دادة رحمة، كانت الوحيدة اللي ابوكي بيثق فيها وعمره ما سألها ابدا، هي خرجت من القصر تجيب ايه، باقي الخدم بيفتحلهم تحقيق، مش هنعرف نتأكد دلوقتي.

حركت لينا رأسها ايجابا لتعطيها والدتها كوب العصير وطبق الكعك، ربتت على وجنتها تهمس لها بحنو:
- ما تروحيش بكرة الجامعة لحد ما نتأكد، هروح اشوف الاكل عشان لازم تاكلي كويس، مش هتأخر عليكي.

خرجت لينا من غرفة ابنتها يعلو ثغرها ابتسامة كبيرة سعيدة، تتمني فقط لو يصدق حدس ابنتها، ذلك الطفل سيحضر معه فرحة كبيرة ستقضي على كل تلك الاوجاع التي عاشها الجميع، ضحكت بخفة تتخيل رد فعل خالد الغيور على ابنته، في شرودها اصطدمت في ذلك الحائط البشري، رفعت وجهها تنظر له تبتسم عقدت جبينها تقول مستفهمة:
- خالد هو ليه دايما لما البطلة تخبط في البطل، بيكتبوا اصطدمت في ذلك الحائط البشري...

ضحك تعالت ضحكاته الصاخبة يصدمها على جبينها براحة يده برفق يردف متهكما:
- عشان انتي هبلة يا حبيبتي، لسه لحد دلوقتي بتقري روايات...
عقدت ذراعيها أمام صدرها تنظر له حانقة تردف بإيباء:
- اهاا، واتفضل بقي اوعي من طريقي عشان اروح اشوف الأكل
تحركت خطوة لليمين ليعترض طريقها، تحركت لليسار ليفعل المثل وقفت تنظر له في غيظ ليميل برأسه ناحية اذنيها يهمس لها بعبث:
- آه يا روحي بتقري روايات محترمة اوي أوي.

توسعت عينيها حرجا نظرت له غاضبة لتهمس من بين اسنانها في غيظ:
- على فكرة بقي الرواية كانت ماشية محترمة جدااا، مش فاهمة أنت لما خدت اللاب ايه اللي حصل.

توسعت ابتسامته ينظر لها متهكما ليحتقنت وجهها غيظا تتذكر ذلك الموقف الذي حدث قبل فترة ليست بقصيرة كانت تقرأ رواية إنجليزية مترجمة، لم يكن بها ولا مشهد واحد منحرف، ما جعلها تندمج للغاية مع أحداث الرواية، جاء هو كالعادة يشاكسها في اللحظة التي جذب فيها جهاز الكمبيوتر المحمول ( اللاب توب ) يري ما تفعل، كانت البطلة بين أحضان البطل في مشهد لا يمت للاحترام بصلة، كادت تبكي من الإحراج وهي تحاول إقناعه بأن مثل تلك المشاهد لم تأتي قبلا ولكن خالد لم يكن ليترك تلك الفرصة ليضايقها كل حين وآخر، اجفلت من شرودها على يده تلتف حول عنقها يجذبها لصدره يغمغم ضاحكا:.

- يا بت ما أنا عارف أنا بس بحب اغيظك، البسوبسة بتبقي احلي لما وشها بيحمر
ضحكت لينا بخفة خجلة تضربه على صدره برفق، لتندمج ضحكاته بضحكاتها لحظات وصدح صوت هاتفه، مد يده الحرة يلتقط هاتفه، فتح الخط يضع الهاتف على أذنه ليسمع صوت سارين تصرخ فزعة:
- الحقنا يا عمو بابا بيموت
انتفض خالد فزعا يبعد لينا عنه يصرخ مذعورا على أخيه:
- أنا جاي حالا، دقايق وهكون عندكوا.

التقط مفاتيح سيارته يركض بملابس البيت تجاه سيارته خلفه لينا تهرول خلفه تصيح فزعة:
- خالد في ايه يا خالد، يا خالد طمني...

ولا حياة لمن تنادي لحظات وكانت السيارة تشق الطريق بعنف تأكل الرصيف أسفلها إلى منزل عمر، شقيقه الصغير، لا مبالغة في كلمة ابنه، في الطريق اتصل بأحد الأطباء الذي يعرفهم يمليه العنوان سريعا ما كاد يغلق الخط وجد هاتفه يدق من جديد تلك المرة برقم حسام لم يكن لديه حتى الوقت ليرد ولكن قلقه أن يكون أصابه هو الآخر مكروه فتح الخط سريعا ليسمع صوت حسام يهتف مرحا:.

- بوب يا بوب يا بوب، واحشني يا عمنا، إنت ليه محسسني أن أنت مش ضناك...
علت أنفاس خالد الغاضبة ليشتم ذلك الابله ابنه يصيح فيه:
- حسام مش وقتك هزارك، عندك حاجة قولها ما عندكش غور في داهية، في مصيبة وأنا مش فاضيلك
في لحظة تبدلت نبرة حسام المرحة إلى اخري حادة جادة غمغم سريعا قلقا:
- مصيبة ايه يا بابا حصل ايه، لينا كويسة..
قاطعه خالد يصيح متلهفا احتل الخوف نبرة صوته المرتجفة:.

- مش عارف يا حسام، عمك عمر، مصيبة، اقفل يا حسام، اقفل
اغلق خالد الخط يدعس المكابح بقسوة تحت قدميه، ليدرك في تلك اللحظة أنه خرج من منزله حافي القدمين...

على صعيد آخر ما أن اغلق حسام الخط انتفض سريعا يبدل ملابسه، خرج من غرفته يتوجه سريعا إلى الخارج لتستوقفه والدته تسأله متعجبة:
- رايح فين يا حسام أنت مش لسه جاي من الشغل
التفت برأسه لها يغمغم سريعا قبل أن ينزل:
- حالة مستعجلة يا ماما، اتغدي أنتي سلام.

قالها ليهرع إلى الخارج يغلق الباب خلفه توجه إلى سيارته، منزل عمه، منزل عمر اقرب إلى منزله كثيرا من والده ربما سيصل قبله حتى، تصارعت الافكار السوداء في رأسه، ترى أي مصيبة عند شقيق والده، عند الفتاة التي يحب، هل من الممكن أن يكن أحدهم تعرض لها مرة أخري، وتلك المرة سبق السيف العزل، تسارعت دقاته عند تلك الفكرة، مكابح سيارته الحديثة تكاد تصرخ من شدة ضغطه عليها، شقت السيارة الطريق تتنافس مع دقاته الصاخبة اي منهما أسرع، عند تقاطع الاشارة المقابلة لمنزل عمر، تقابلت السيارتين نظر خالد لحسام في دهشة كيف وصل بتلك السرعة، لم يعطِ الأمر أهمية أكثر، اوقف السيارة سريعا أسفل منزل شقيقه ليلحقه حسام، يركض خلفه لأعلي، وصل خالد لمنزل شقيقه ليهرع إلى الباب يضربه بقبضتيه بعنف، لهفة، خوف، لحظات وانفتح الباب ليبصر خالد وجه سارة الباكي، لم ينتظر لحظة اندفع يركض إلى غرفة شقيقه توسعت عينيه فزعا حين رأي بقعة دماء كبيرة على أرض الحجرة جال بعينيه في الغرفة سريعا ليجد عمر على فراشه، سارين جواره تمسك قطعة كبيرة من القطن تضعها فوق رأسه علها تسكت سيل الدماء المندفع، تالا تجلس على ركبتيها جوار الفراش تنظر ليديها الملطخة بالدماء في ذعر، اندفع ناحية شقيقه يصيح باسمه فزعا:.

- عمر، عمر، رد عليا يا عمر، في ايه يا سارين، مين عمل فيه كدة
في تلك اللحظات تقدم حسام سريعا من فراش عمر امسك رسغ يد عمه ليتنهد يزفر بارتياح:
- الحمد لله عايش
وجه انظاره ناحية سارين يغمغم سريعا:
- عندكوا صندوق إسعافات.

حركت رأسها ايجابا سريعا لتهرول تحضر له ما يريد بدأ حسام يحاول إسعاف الأمر بكل ما يعرف إلى أن يأتي الطبيب المختص، وسارة وسارين تقفان بالخلف يدعوان في صمت، الذعر يأكل قلب كل منهن، صوت رنين جرس الباب هرعت سارين تفتح لتعد بعد لحظات بصحبتها الطبيب، ما إن دخل الطبيب نظر لذلك العدد الغفير يردد في هدوء:
- ممكن تتفضلوا كلكوا برة، بعد اذنكوا
أمسكت سارين بيد شقيقتها تخرجها من الغرفة ليصيح خالد غاضبا:.

- لاء طبعا أنا مش هسيب أخويا...
توجه حسام إليه سريعا يحاول إقناعه بالعدول عن رأيه:
- بابا ارجوك، أنا هفضل مع عمي، خد مرات عمي واتفضل، عشان خاطره هو.

زفر خالد يأسا ينظر لأخيه قلقا ليحرك رأسه إيجابا على مضض، تحرك ناحية تالا يجذب يدها وقفت كأنها مخدرة من أثر تلك الصدمة جذبها لخارج الغرفة، بقي حسام مع الطبيب بعدما أعلمه أنه الآخر طبيب، وقف خالد يكاد يصرخ من القلق، دقات قلبه تتسارع، توجه ناحية ابنتي اخيه يغمغم قلقا:
- حصل ايه، مين عمل فيه كدة، ما تنطقوا.

حرك سارة رأسها نفيا فزعا يخنقها بكائها لا تقدر على النطق بحرف، بينما نظرت سارين ناحية والدتها ولم تجب، نظرة حادة غاضبة، نظرة لاحظها خالد جيدا، ليتوجه ناحية زوجة اخيه قبض على رسغ يدها بعنف يصيح محتدا:
- عمر حصله ايه، انطططقي
حركت رأسها نفيا بعنف تبكي بهلع تنساب دموعها دون نظرت له تصيح بهستريا:.

- أنا ما كنتش اعرف انها هتيجي فيه، هو، هو خاني، مش عايز يطلقني، كنت عايزة اخد حقي ما كنتش اعرف انها هتيجي فيه، والله ما كنت أعرف
اشتعلت عيني خالد غضبا تنصل عقله من اي عقل، تفكير، منطق، شد على اسنانه بعنف ليقبض على ذراعي تلك الواقفة يصيح فيها غاضبا:
- قسما بعزة جلالة الله لو أخويا جراله حاجة، لهدفعك دم أهلك كلهم، قصاد دم أخويا...

لفظها من بين يديه بعنف لترتطم في الحائط خلفها بقسوة وقف هو يكاد دمه يفور قلقا على شقيقه، دقائق طويلة ثقيلة مفزعة، وخرج حسام نظر ناحية ابيه حمحم يهمس مرتبكا:
- احم، با، قصدي حضرتك تعالا لو سمحت
اندفع خالد لداخل الغرفة ليغلق حسام الباب خلفه، بينما وقفت تالا هناك تضم كفيها تنساب دموعها دون توقف تشعر بالضياع، الخوف، احتضنت نفسها بذراعيها تغمغم مع نفسها:.

- ما تموتش يا عمر، ما تموتش عشان خاطري، أنا ما كنش قصدي، أنت دبحتني بخيانتك ليا، كان في نار مولعة في قلبي، ما كنش قصدي...
مرت نصف ساعة تقريبا منذ أن دخل خالد إلى الغرفة، ليخرج بعدها خالد وحسام والطبيب، حمحم الطبيب بهدوء يحادث الجميع:.

- واضح أن الخبطة اللي جات على رأس أستاذ عمر كانت قوية بشكل كبير، أثرت على مراكز حساسة في مخه، ونحمد ربنا انها ما عملتلوش فقدان ذاكرة كامل، اللي حصل أن أستاذ عمر نسي آخر 5 سنين في حياته، هو فاكر أنه متجوز وفاكر أن عنده أطفال، بس بيقول أن بناته لسه صغيرين في ابتدائي، المهم احنا لازم نمهدله الموضوع واحدة واحدة، وخدوا بالكوا كويس صحته النفسية مهمة جدااا، اي زعل اي ضغط حالته هتتدهور وهيحصله انتكاسة ممكن توصل لغبيبوبة، أنا ديت ورقة الادوية لدكتور حسام، وهعدي عليه بعد يومين اتطمن عليه عن اذنكوا.

توجه حسام بصحبة الطبيب للخارج، بينما وقف خالد ينظر لتالا في حدة، اقترب منها يشهر سبابته أمام وجهها يهتف من بين أسنانه محتدا:
- سمعتي الدكتور قال ايه، عمر فقد خمس سنين من حياته، اللي حصل كله هو مش هيفتكر منه حاجة خالص، اي زعل هيدخل في غيبوبة، وأنا مش مستعد واحد فئ المية اني اجازف بخسارة اخويا، عمر لو حصله حاجة يا تالا هدفعك التمن غالي...

توجه ناحية غرفة اخيه لتتبعه الفتايات وتالا، كان هناك على فراشه يجلس عمر يلتف على رأسه ضمادة بيضاء كبيرة ينظر للفراغ، دخل خالد يجلس أمامه على الفراش ليتوجه عمر إليه سريعا يسأله بوهن:
- يا خالد أنا مش فاهم حاجة، يعني ايه فقدت جزء من الذاكرة أنا فاكر كل حاجة، انت اخويا خالد، متجوز وعندك بنت، صح وتالا مراتي، اهي، مين البنتين دول
ضيق عمر عينيه ينظر للفتاتين يتفحصهم بنظراته ليغمغم متعجبا:.

- شبه سارة وسارين بس اكبر...
عاود النظر لأخيه يسأله متوسلا:
- فهمني يا خالد
تنهد خالد حزينا على حال شقيقه، مد يده يربت على يد شقيقه برفق يغمغم بحنو:
اهدي يا عمر وأنا هفهمك، أنت عملت حادثة بالعربية وأنت راجع من الشغل، الدكتور بيقول أنك فقدت جزء من ذاكرتك آخر خمس سنين في حياتك مش فاكرهم، سارة وسارين في ثانوية عامة السنة دي، عندهم 18 سنة مش 13.

توسعت عيني عمر في ذهول ينظر لابنتيه وزوجته بدهشة ليعاود النظر لأخيه يغمغم في هلع:
- طب وأنا هفضل على طول كدة مش فاكر اللي حصل السنين اللي فاتت
حرك خالد رأسه نفيا يحادث عمر كأنه فقط طفل صغير:
- لا يا حبيبي الدكتور قال، ان حالتك هتتحسن إن شاء الله وهتفتكر كل حاجة، دي فترة مؤقتة، والحمد لله أنك فاكر إنت مين وفاكر بيتك ومراتك وبناتك...

ارتسمت ابتسامة صغيرة قلقة على شفتي عمر حرك رأسه إيجابا بخفة ليتأوه متألما من رأسه، اقترب خالد يعدل الوسادة أسفل رأس شقيقه، يحادثه برفق:
- ارتاح، احنا جنبك ما تهجدش نفسك...
توجه عمر بانظاره ناحية ابنتيه، ينظر لهم يبتسم سعيدا طفلتيه كبرا، حثهما بنظراته أن يقتربا منه لتقترب الفتيات منه بحذر ابتعد خالد يفسح لهم ليرتميا بين أحضان عمر عانقها عمر بوهن للحظات طويلة ابتسم يغمغم في مرح باهت:.

- كبرتوا أوي، اوعوا تكونوا اتجوزتوا كمان وأنا مش فاكر
ضحك خالد بخفة دس يديه في جيبي سرواله يردف ضاحكا:
- لا يا سيدي بس سارين كتب كتابها بعد بكرة، بس شكلنا هنأجل بعد اللي حصل دا
قطب عمر جبينه في دهشة ينظر لابنته ولشقيقه مذهولا ليغمغم متعجبا:
- كتب كتابها على مين، قصدي مين العريس
عثمان ابن على، غمغم بها خالد بهدوء، ليدخل حسام في تلك اللحظات يغمغم في ثقة هو الآخر:
- وأنا وسارة مقري فتحتنا.

توجهت انظار الجميع ناحية حسام رماه خالد بنظرة حادة غاضبة ليبتسم حسام في براءة يكمل حديثه في سماعة الاذن الخاصة بهاتفه:
- يعني أنت متجوز بنت خالتك أنا قارئ فتحتي على بنت عمي اسمها سارة، طب يا شريف هكمل كلامنا بعدين
اغلق الخط يضع السماعة الصغيرة في جيبه نظر له يبتسم قطب جبينه متعجبا ينظر للجميع مستفهما حين رأي الجميع ينظر ناحيته:.

- في ايه يا جماعة بتبصولي كدا ليه، أنا آسف إني دخلت وأنا بتكلم في الموبايل بس كان معايا مكالمة مهمة
ظنه الجميع مجرد سوء فهم الا خالد، نظر لابنه يتوعده، ذلك الصغير يتلاعب بالكلمات جيدا، سيريه أنه هو من وضه ذلك القاموس قبلا.

على صعيد آخر، في غرفة حمزة لم يزر النوم جفنيه، وقف في شرفة غرفته ينظر للحديقة المظلمة، يأكل القلق قلبه، ترى كيف حاله، خائف عليه كأنه فقط طفل صغير، تنهد بحرارة قلقا، التقط هاتفه يطلب ذلك الرجل لحظات وسمع الطرف الآخر يجيب سريعا:
- حمزة باشا، اوامرك يا باشا
مسح حمزة كفه بكف يده تنهد تعبا يردف بخواء:
- اخباره ايه
سمع صوت الطرف الآخر يردف سريعا:
- قدامي اهو يا باشا، قاعد في المحل بتاع جدته..

حرك حمزة رأسه إيجابا ليردف في وعيد حاد:
- خلي بالك منه ما تخليش حد يتعرضله، لو حصله حاجة أنت المسؤول قدامي، فاهمني طبعا، سلام.

أغلق الخط يدس الهاتف في جيب سرواله، سمع صوت همهمات لطفل، صوت طفل يتلهف للحصول على شئ، نظر جواره سريعا ليجد بدور تحمل سيلا الصغيرة تقف في الشرفة المجاورة له، الصغيرة بجسدها كأنها تحارب ذراعي والدتها للوصول إليها، ارتسمت ابتسامة حانية على شفتيه ينظر للصغيرة، لتتحرك عينيه تلقائيا ناحية بدور، خفق قلبه دقات اخري ضعيفة شاركت دقات قلبه، بدور بعد كل تلك المدة ها هي أمام عينيه، عاد ذلك الشعور الغريب يربت على قلبه، يهدئ قليلا من نيرانه المحترقة، حمحم يهمس بصوت خفيض متوتر:.

- ممكن اتكلم معاكي كلمتين تحت في الجنينة.

بلعت لعابها الجاف اضطربت حدقتيها لتحرك رأسها إيجابا، دخلت إلى الغرفة وقفت أمام مرآتها تضبط حجابها جيدا، نظرت لانعكاس صورتها في المرآه ليعلو ثغرها بشبح ابتسامة صغيرة متوترة تنهدت تهدئ نفسها فتحت باب الغرفة لتراه يقف بالقرب منه شبت الصغيرة ناحيته سريعا فلم يعترض بالعكس تماما فتح ذراعيه يلتقطها بين احضانه وقفت بالقرب منه تراه يحتضن ابنتها بحنو يغمض عينيه قطبت جبينها متعجبة حين رأت قطرات دموع تتساقط من مقلتيه، لم تعرف ما العمل للحظات وقفت هكذا تنظر له دون كلام، قبل أن تحمحم بصوت خفيض:.

- أنت كويس
فتح عينيه يمسح دموعه المتساقطة رسم ابتسامة كاذبة على شفتيه يحرك رأسه إيجابا توجه إلى أسفل لتتبعه، إلى احدي الطاولات الصغيرة في الحديقة توجها، جلس أمامها صامتا للحظات، يداعب الصغيرة الجالسة على قدميه، وهي تنظر لهم تبتسم شاردة، رفع وجهه لها تنهد يردف:
- عاملة ايه...
اخفضت رأسها تحركها إيجابا تهمس متوترة:
- الحمد لله كلنا كويسين.

مسح وجهه بكف يده يبعد الاجهاد عن قسماته اقترب قليلا من الطاولة بجسده يغمغم في هدوء:
- بدور أنا قدامك اهو، صدقيني لو انتي رافضة الموضوع او حاسة بأي حساسية ما فيهاش اي مشكلة ارفضي دا جواز يا بدور...
كانت على وشك أن تجيب حين صدح صوت غاضب يأتي من خلفها يصيح بشراسة:
- والله عال يا ست بدور وكمان هتتجوزي ويا ترى بقي هتستني لما العدة تخلص، ولا أخوه الباشا هيظبطله الورق.

شهقة فزعة خرجت من بين شفتي بدور التفت خلفها سريعا لتبصر أسامة زوجها السابق يقف هناك بالقرب منها عينيه تقدح شررا، ابتلعت لعابها مذعورة ليردف أسامة يصيح غاضبا:
- وقاعدة تقوليلي بابا بابا، واخو بابا عايز يتجوزك ليه، أنا كنت عارف انهم ناس (، )
يكون في علمك لو اتجوزتيه، أنا هاخد العيال، المحكمة هتحكملي بيهم
هب حمزة واقفا اعطي الصغيرة لوالدتها ليندفع
ناحية ذلك الارعن قبض على تلابيب ملابسه يصيح فيه:.

- ما تتكلم عدل يا حيوان أنت، ما تخلنيش ادفنك مكانك
في اللحظة التالية قبضة اخري تجاور قبضته نظر للفاعل ليجد زيدان، ابتسم زيدان ينظر لحمزة في هدوء:
- توسخ ايدك ليه يا خالي ما أنا موجود
لكمة تلاها اخري وسقط أسامة أرضا تحت قدمي زيدان، مال زيدان ناحيته يقبض على تلابيب ملابسه يبتسم ساخرا:
- هو أنا مش قولتلك مش عاوز اشوف خلقتك تاني، أنت غاوي تضرب صح...

ابتعد زيدان عنه يصيح باسم أحد الحراس ليخرج أسامة من البيت، ليتوجه زيدان إلى للداخل، نظر حمزة لبدور لتحتضن الأخيرة صغيرتها احتضنت صغيرتها تهرول للداخل سريعا، ليزفر حمزة يصدق على جملة أن المشاكل لا تأتي فردا...

على صعيد آخر، كانت لينا في غرفة ابنتها ظلت جوارها حتى تأكدت من انها تناولت طعامها بأكمله، عقلها شارد في تلك المكالمة التي أتت إلى خالد، ترى من وماذا حدث ليهرع هو بملابس البيت فزعا بتلك الطريقة، جلست تتحاور مع ابنتها إلى أن سمعوا اصوات شجار عنيفة تأتي من الحديقة، وقفت لينا أمام ابنتها تهمس لها محتدة:
- ما تتحركيش من مكانك طالما بطنك وجعاكي كل شوية يمكن يكون الجنين مش ثابت.

زفرت لينا السويسي يآسه ليتها لم تقل لوالدتها، بينما توجهت لينا الشريف إلى الشرفة تشاهد ما يحدث، توسعت عينيها في دهشة وهي تسمع صوت صياح أسامة، حمزة يريد الزواج ببدور، وها هو زيدان جاء، من الجيد أن لينا لم تخرج لتري زيدان وهو يبرح الرجل ضربا لكانت كرهته اكثر، وقفت تنظر للحديقة لدقائق قبل أن تسمع دقات على باب الغرفة، توجهت تفتحه لتجد زيدان يقف خارجا يحمل علبة حلوي كبيرة، مد يده سريعا يمسك كف يدها يقبله ابتسم يغمغم:.

- مساء الورد على احلي وردة
ضحكت لينا بخفة تقرص وجنته بخفة، ليتحرك هو برأسه يبحث بعينيه داخل الغرفة يقول قلقا:
- هي لينا صاحية ولا نايمة كانت تعبانة الصبح وأنا عايز اطمن عليها
ابتسم لينا مرتبكة تفسح له المجال ليدخل...
اقترب من فراش زوجته لتتوسع عيني لينا غضبا ما أن رأته بينما مال هو يضع علبة الحلوي على قدميها ابتسم يقول:
- الشوكولاتة اللي بتحبيها، عاملة ايه دلوقتي لسه تعبانة.

اشاحت بوجهها بعيدا عنه أمسكت علبة الحلوي تلقيها على الطاولة المجاورة تنهد هو يبتسم يآسا نظر للينا زوجة خاله يقول مبتسما:
- ماما معلش ممكن فنجان قهوة
حسنا هي ليست بغبية لتفهم أنه يريد أن يحادث زوجته بمفردهم، كيف ومايا من الأساس تنام في الغرفة ابتسمت له تحرك رأسها إيجابا لتأخذ طريقها للخارج، بينما اقترب هو منها جلس على الفراش امامها، لاحظ انكماشها ليقول ضاحكا:.

- اكيد مش هعمل حاجة ومايا بنت عمك نايمة جنبك، دي صوتها مسلسع وممكن تفضحنا
ارتسمت ابتسامة صغيرة للغاية على شفتي لينا سرعان ما اخفتها ولكن سريعا التقطتها عينيه ليردف سريعا:
- ضحكتي اهو، ضحكتي شوفتك ما تخبيهاش
زفرت في غيظ لتلتفت بوجهها له عقدت ذراعيها امام صدرها تغمغم حانقة:.

- أنت عايز ايه دلوقتي يا زيدان، جاي ليه، هو أنا مش قولتلك مش عايزة اشوفك تاني مد يده يبعد تلك الخصلة الثائرة عن وجهها يعيدها خلف أذنيها تنهد يهمس لها بعشق:
- جاي اطمن عليكي، حتى لو انتي مش عايزة تشوفيني، ما قدرتش امنع قلبي انه يجي يشوفك، انتي كويسة دلوقتي.

حركت رأسها ايجابا تحاول حبس أنفاسها لما يضع الكثير من ذلك العطر المقزز، اغلقت شفتيها تحاول منع نفسها من التقئ مرة أخري امامه ولكن كثرة الطعام التي أكلتها لم تسعفها تماما انتفضت من مكانها تهرول تجاه المرحاض وقفت أمام الحوض تتقي بعنف، ليهرع إليها وقف جوارها في المرحاض يصيح قلقا:
- لا كدة الموضوع ما يتسكتش عليه، كدة في مشكلة.

صمت للحظات يرتب عقله ما يحدث لتتوسع عينيه في دهشة اقترب منها يقبض على ذراعيها برفق ينظر لها مذهولا:
- أنتي حامل مش كدة!

على صعيد آخر بالأسفل، توجهت لينا إلى المطبخ تصنع لزيدان القهوة، تحاول الاتصال بخالد اخيرا اجاب، فتح الخط لتبادر سريعا بقلق:
- أنت فين يا خالد، طمني ايه اللي حصل، الو، الو، خالد
لحظات طويلة من الصمت قبل أن تسمع صوت انثوي لا تعرفه تماما يرد في توتر ظاهر:
- خالد بيتعشي!



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:23 صباحاً   [170]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل الثامن والخمسون

في منزل عمر السويسي، تحديدا في غرفته.

خالد يجلس امام اخيه على الفراش يربع ساقيه يتحدثان في ذكريات قديمة يتضاحكان، سارة تجلس على يمين عمر بالقرب من باب الغرفة وسارين تجلس على يساره، أما تالا تجلس على الأريكة بالقرب من فراشهم، تنظر لعمر قلبها يحترق من خيانته لها، خيانته التي لن يتذكرها، نيران تلهب قلبها تحرق اوصالها، كيف استطاع بتلك البساطة أن يلقي سنوات قضوها معا ويلقي بنفسه بين أحضان أخري والآن هي المجرمة في حقه، هو حتى لن يتذكر ما فعل، تمنت في تلك اللحظة لو كانت صدمت تلك المزهرية برأسها هي لكانت نست ما فعله والافضل من ذلك نسته هو تماما، حسام يجلس بالخارج، بعد أن قال ما قال اقترب منه خالد يهمس له بصوت خفيض يتوعده:.

- اطلع استناني في الصالة يا بيه وعلى الله تمشي هنفخك اكتر ما هنفخك
التفت عمر برأسه ناحية سارة ابنته يقول مبتسما بخفة:
- ايه يا سوسو عمو عندنا بقاله اكتر من ساعة ما قدمتلهوش كوباية ماية حتى...
حركت سارة رأسها إيجابا سريعا تحركت من جوار ابيها تقول مبتسمة بحماس:
- أنا عاملة عصير جديد تحفة، ثواني اجبلك يا عمو
ضحك خالد بخفة يصدم أخيه على كتفه يتمتم متهكما:.

- دا على اساس أن أنا ضيف، يا جدع دا أنا جيلك بالترنج وحافي...
اعتدل عمر في جلسته بصعوبة يشير إلى دولاب الملابس يتمتم بصوت خفيض مجهد:
- الدولاب قدامك اهو، أنت مش غريب يا خالد
ضحك خالد بخفة قبل أن يقم من مكانه يردق مبتسما:
- يا حاتم يا طائي، أنا اطول واعرض منك هدومك مش هتخش فيا، هبقي زي مسعودي في المتزوجون...
ضحك عمر بخفة يتمتم من بين ضحكاته الخفيضة:
- وأنت كدة كدة متجوز لينا، بدل ما أنت لودي تبقي مسعودي.

ضحك خالد يشارك شقيقه للحظات في الضحك، لتغيم عيني خالد قلقا سحابة خائفة استوطنت مقلتيه وفكرة أنه كاد يفقد شقيقه تعتصر قلبه، يكره وبشدة كلمة الموت اخذت منه كل غالي وعزيز، خرجت تنهيدة طويلة من شفتي خالد ليقترب من أخيه يعانقه برفق يتمتم بصوت خفيض حاني:
- ما تقلقنيش عليك كدة تاني، أنا خلاص اتطمنت عليك هقوم امشي أنا بقي
ابعد أخيه عنه يحتضن وجهه بين كفيه يتمتم مبتسما:.

- خلي بالك من نفسك ولو احتجتني في اي وقت كلمني، وما تروحش الشركة لحد ما ترتاح خالص، على موجود ما تقلقش.

ادمعت عيني عمر يحرك رأسه كأنه فقط طفل صغير يعانق أخيه سنده بعد والده كم كان أحمق حين ظن أن شقيقه يتعامل معه كأنه فقط طفل صغير، نظر لشقيقه بامتنان وفخر، يراه كجبل شامخ يحمل الجميع فوق اكتفاه، تحرك خالد من جوار شقيقه ليجد سارة تدخل إلى الغرفة وجهها باهت عينيها متسعتين، ملابسها ملطخة ببقعة عصير كبيرة، تحمل أكواب عصير فراولة، مدت يدها ناحية عمها بأحد الأكواب ليبتسم لها يسألها برفق:.

- ايه اللي واقع على هدومك دا يا سارة
أصفر وجهها تنظر خلفها نظرة خاطفة لتعاود النظر لعمها ابتسمت متوترة تقول في ارتباك:
- هاا، لا لا ابدا أنا كنت بفرغ العصير وقع على هدومي، اتفضل حضرتك
ابتسم لها يشد على أسنانه حانقا بالطبع ابنه الأحمق من فعل ذلك ربت على خصلات شعرها برفق، يردف مبتسما:
- مرة تانية يا حبيبتي...

تركها وغادر لم يجد حسام في الصالة ووجد كوب عصير فارغ على الطاولة مكان ما كان يجلس هو ليتوعد له غاضبا، خرج من منزل أخيه ليجد حسام يقف بالأسفل جوار السيارة ابتسم باتساع ما أن رآه ليقول:
- ايه يا عمنا أنا افتكرتك هتبات فوق، عايزني في حاجة ولا أخلع أنا عندي مستشفي الصبح
نظر خالد لحسام من اعلي لأسفل نظرات حادة ثاقبة، توقفت عينيه عند حذائه ليغمغم في برود:
- اقلع الجزمة.

قطب حسام جبينه متعجبا يتمتم مع نفسه قلقا:
- هو هيمدني ولا ايه
لم يدم تعجبه كثيرا حين نظر لقدمي والده ليجدهما عاريتين لا حذاء ولا حتى جوارب، سريعا كان يخلع حذائه، يضعه أمام قدمي والده وقف جواره ليستند خالد بيسراه على كتف حسام حين مال يرتدي حذائه، رغم سعادته شعوره بقلبه تتدافق دقاته من الفرح رفع رأسه ينظر لحسام يقول باشمئزاز:
- ذوقك مقرف شبهك.

ابتسم حسام في اتساع تحولت ابتسامته لضحكة خفيفة، توجه خالد لسيارته ما أن استقلها وجد حسام يجلس جواره، تمهد الأخيرة يقول في هدوء:
- بابا بعد إذنك، أنا كنت ولازالت رافض موضوع جوازك أنت وماما، بس خلاص انتوا اتجوزتوا، ممكن حضرتك تيجي تشوفها ولو عشر دقايق وتمشي...
تنهد خالد تعبا شعوره بالذنب ناحية تلك الفتاة لم ينفص بل يزيد، حرك رأسه إيجابا ليبتسم حسام تحرك ليغادر ليجد خالد يقبض على ذراعه يقول:.

- سيبك عربيتك وسوق أنت، وابقي تعالا بكرة خد عربيتك
حرك حسام رأسه إيجابا يتبادل هو وأبيه الأماكن، ادار حسام محرك السيارة متوجها إلى منزله يدق باصابعه على أطراف المقود يدندن لحن قديم، بينما خالد شارد ينظر للأمام ارتفع جانب بابتسامة صغيرة ماكرة يتمتم مع نفسه ساخرا:
- دا احنا عيلة عايزة الحرق بجاز.

Flash back
دخل خالد إلى غرفة عمر بصحبة حسام ليجد الطبيب يلف شاش طبي حول رأس عمر اقترب سريعا من الطبيب يسأله قلقا:
- طمني يا دكتور
ابتسم الطبيب بهدوء يضع لاصق طبي عند طرفي الشاشة ليحكم إلصاقه، أردف في هدوء:
- ما تقلقش الفازة كانت خفيفة والخبطة ما كنتش قوية لدرجة انها تأذيه
نظر خالد إلى أخيه الذي ينظر للفراغ يبدو متوترا قلقا، ليعاود النظر لحسام يردف بهدوء:.

- معلش يا دكتور، محتاج اتكلم مع عمر دقيقتين، في بلكونة في الاوضة تقدر حضرتك تستناني فيها دقايق
قطب الطبيب جبينه متعجبا من طلب ذلك الرجل ولكن ماذا يفعل، ما يعرفه عنه أنه رجل ذو نفوذ كبير، حرك رأسه إيجابا يتحرك بصحبة حسام إلى الشرفة في غرفة عمر، ليجلس خالد أمام أخيه الذي بلع لعابه مرتبكا، قبض خالد على تلابيب ملابس عمر يهمس لها محتدا:.

- أنا اللي هفتحلك دماغك، لو ما نطقتش وقولتلي ايه اللي خلي تالا تعمل كدة، قالتلي كلام ما فهمتوش فيديو وخاني ومش عايز يطلقني، فهمني
حرك عمر رأسه إيجابا يخفض رأسه لأسفل بخزي يقص على أخيه ما حدث طوال الفترة الماضية، ادمعت عينيه ما أن انهي كلامه يردف بخزي:
- أنا ليلتلها كنت مخنوق، من كتر الخناق، سمعت كلام شيطاني وروحت للزفتة ناردين وشربت و...

لم يقدر على نطقها فقط سالت دموعه في صمت، رفع خالد وجه اخيه بقبضة يده وفي لحظة هوي كفه على وجه أخيه، صفعه قوية شعر عمر بأن نصف وجهه الايسر تهشم من يد أخيه وضع يده موضع صفعه اخيه ليقبض خالد على ملابس أخيه شد على أسنانه يهمس بصوت غاضب:
- وزنيت يا بيه، كاتك الأرف، أنا قولت عمؤ كبر وعقل وعرف غلطته، القرف لسه بيجري في دمك، والله تالا معاها حق أنها تفتح دماغك...

أخفض عمر عينيه يحرك رأسه نفيا ليهمس بخفوت مخزي:
- حقك تصربني، حقك تموتني كمان، بس والله يا خالد أنا ندمت، ومن ساعة ما عرفت حقيقة الزفتة دي، وأنا بعدت عن كل القرف دا، وبحاول أصلح علاقتي بتالا، أنا بحبها اوي يا خالد، بس السكينة كانت سرقاني، المشكلة دلوقتي أن تالا مصممة على الطلاق، مش هقدر اطلقلها، وحياة لينا عندك يا خالد ساعدني، ورحمة ابوك ما تسبني، أنا مش هقدر اطلقها.

تنهد خالد تعبا يمسح وجهه بكفي يده يفكر جيدا بأن يتبري من تلك العائلة ويهرب بعيدا عن الجميع، جلس للحظات يفكر لتطرق في رأسه تلك الفكرة الخبيثة حرك رأسه إيجابا يعقد خطوطها داخل عقله لتكتمل الحلقة أمام عينيه تنهد ينظر لأخيه يردف حانقا:.

- ماشي يا عمر هساعدك، بس دي آخر مرة، قسما بالله لو عرفت أنك عملت اي حاجة تاني، هطلقها منك ورجلك فوق رقبتك، وهاخد البنات ومش هتشوفهم تاني، لاء ومش بس كدة هتجوزها، واسيبك تتعذب وأنت عارف إن مراتك بقت في حضن أخوك.

تنهد عمر حانقا ينظر في حقد يود لو ينقض على رقبته يخنقه على ما قال، تنهد يكتم غضبه يحرك رأسه إيجابا على مضض ليبتسم خالد ساخرا، ينظر لأخيه متهكما كم من السهل إغضاب ذلك الأحمق، اقترب من عمر يهمس له في خبث:.

- اسمع يا سيدي، أحنا هنتفق مع الدكتور يقول إن الخبطة عملتلك فقدان جزء من الذاكرة، أنك مثلا نسيت آخر خمس سنين في حياتك، وإن حالتك خطر وإن الزعل غلط عليك، طبعا تالا هتحس بالذنب وخصوصا أنك المفروض مش فاكر عملتك السودا، في الفترة دي بقي إنت تحاول تصلح النيلة اللي نيلتها...
ابتسم عمر في حماس يحرك رأسه إيجابا بخفة وقد كان ما خطط له خالد بالتحديد
Back.

عاد من شروده لترتفع شفتيه بابتسامة ساخرة يردد مع نفسه:
- بس على الله البيه يعرف يمثل وتالا ما تقفشوش من اول ما يفتح بوقه...
التفت عاد برأسه لذلك الجالس جواره يسوق بتهمل شديد ترتسم على شفتيه ابتسامة حالمية واسعة، ليضيق عينيه ينظر له متوعدا ليمد يده دون سابق إنذار يصفعه على رقبته من الخلف انتفض حسام في جلسته قطب جبينه يتمتم حانقا:
- ليه الغدر دا يا حج.

ابتسم خالد ساخرا ليعاود صفعه من جديد يتمتم متهكما:
- يا برئ، خاطب سارة بنت عمك ها، وعامل من بنها، قمة البراءة اللي في الدنيا
مسد حسام رقبته برفق التوي جانب فمه بابتسامة صغيرة واثقة التفت برأسه ينظر لوالده للحظات عاود النظر للطريق يردف في هدوء واثق:.

- بص يا بابا اي واحد مكاني كان حرفيا وأنا آسف في الكلمة هيرفض يعترف بأبوبتك بعد كل اللي عرفه لكن أنا لاء، أنا اصلا كنت ولازالت معجب جدا بشخصية حضرتك من كلام زيدان عنك، ولما قابتلك الهيبة بردوا يا باشا، انبهرت أكتر بشخصيتك وحبك لمراتك وبنتك، لما عرفت أنك أبويا، اتصدمت من أن حياتي كلها كانت كذبة، كنت بقاوح الشعور اللي جوايا إني جزء منك، بحاول أبعد عن حياتك بأي شكل، يوم ما جبتني القسم كانت القشة لما ايدك اتجرحت وبدأت تنزف، كنت هموت من الخوف ليحصلك حاجة، ما قدرتش اقاوح أكتر، أنت أبويا لو طلبت مني ارمي نفسي في النار هعملها، مستعد انفذ كل اللي تطبله، الا إني أبعد عن سارة، أنا أولي بيها من جميع النواحي، أنا آسف مش هبعد عنها، الا لو هي رفضت وجودي في حياتها وطلبت مني أبعد ساعتها هبعد، غير كدة لاء.

حين انهي كلامه كانت السيارة قد وصلت إلى منزل شهد، نظر خالد لحسام يتمتم ساخرا قبل أن ينزل:
- ابقي شوف مين هيجوزهالك
نزل خالد ليتبعه حسام يتمتم ساخرا:
- المأذون طبعا..
توجه خالد لأعلي بصحبة حسام، تقدم حسام يفتح الباب لتتقدم شهد سريعا تغمغم بتلهف:
- كدة يا حسام كل دا تأخير..

وصمتت وقعت عينيها على الذي دخل توا خلف حسام لتصمت فقط ارتسمت على شفتيها شبح ابتسامة مريرة باهتة، كانت تظن أنها بزواجها منه تنتقم لنفسها منه ولكن مؤخرا ادركت انها تنتقم من نفسها فقط، ابتعدت قليلا عن الباب رفعت وجهها تنظر له تتمتم متهكمة:
- طب الحمد لله انك لسه فاكرنا...
حمحم حسام يحاول كسر حدة التوتر السائدة اردف سريعا بمرح:.

- ايه يا ست الكل ما فيش عشا ولا ايه، عصافير بطني بتصوصو ولا انزل اتعشي عند طنط ندي
ابتسمت شهد بخفة تحرك رأسها إيجابا توجهت ناحية المطبخ ليقبض خالد على تلابيب حسام يقربه منه يهمس له محتدا:
- مين طنطك ندي دي ياض
ابتسم حسام بزهو يعدل من تلابيب ملابسه يهمس بولة مرح:
- آه على طنط ندي وطبيخ طنط ندي وبنت طنط ندي
رفع خالد حاجبيه متهكما ينظر لابنه ساخرا ليتمتم قائلا:.

- وعاملي فيها سوما العاشق، يا ابو عين زايغة، خد ياض
دس يده في جيب بنطاله يبحث عن حافظته الجلدية ولكن عذرا لا شئ، تنهد يردف حانقا:
- وكمان مش معايا المحفظة، قلب نفسك كدة يا حبيب ابوك وانزل هاتلي قميص وبنطلون وعلى الله يا حسام تختار الألوان العرة اللي بتلبسها
ابتعد حسام عن أبيه ابتسم مغترا بحاله يقول في إباء زائف:
- وكمان هصرف عليكوا، يلا اهو الواحد بيزكي، يا نهار اسوح.

قالها ليفر راكضا من أمام أبيه فتح باب المنزل يتوجه لأسفل، تنهد خالد تعبا وجوده هنا حقا يشعره بالاختناق، أخرج الهاتف من جيبه يضعه على الطاولة متوجها إلى المرحاض، مر في طريقه على المطبخ حيث تقف شهد رآها توقف للحظات ليراها تمسك شريط أقراص قطب جبينه متعجبا حين رآها تضع قرصين في كوب العصير، لمح بعينيه طرف شريط الاقراص ليبتسم ساخرا منوم كانت تستخدمه لينا قديما، شهد تخطط لجعله يبيت هنا الليلة، حمحم بخفوت لتنتفض على صوته تخفي الشريط تبتسم متوترة تردف:.

- فففي حاجة يا خالد
ابتسم لها بهدوء يحرك رأسه نفيا ليأخذ طريقه للمرحاض أغلق الباب خلفه لتطل برأسها من المطبخ تنهدت تهمس مع نفسها حائرة:
- يا ترى شافني، كان سألني لو شافني...

توجهت إلى المطبخ تنظر للكوب للحظات لتمسكه تسكب ما فيه في الحوض القت الكوب تأخذ طريقها للخارج، رأت هاتفه هناك على الطاولة، فضول هو فقط فضول انثي أمسكته تفتحه لتري صورة للينا وهي تضحك شدت على الهاتف بعنف ترغب في كسره حاولت فتح الرقم السري ليفتح، كتبت اسمه هو أولا فلم يفتح، بلعت لعابها تكتب اسمها، لتنفتح الشاشة على صورة أخري لها وهي بين احضانه، الضحكات تعلو وجه كل منهما، تحركت تفتش في الصور الخاصة به، لتشتعل نيران قلبها وهي ترى مئات لا مبالغة في كلمة آلاف الصور لها، ولها وله ولهما معا مع ابنتهما، وذلك الشاب زيدان، كان قلبها يحترق بالكاد منعت دموعها من الانهمار، لتنتفض حين شعرت بهاتفه يرن، لتظهر صورة أخري لها واسم لوليتا يضئ أمامها، لحظات تنظر للهاتف نظرت حولها هنا وهناك خالد لا يزال في المرحاض ارتفجت يديها وهي تفتح الخط تضع الهاتف على اذنيها فسمعت صوت لينا تهتف قلقة:.

- أنت فين يا خالد، طمني ايه اللي حصل، الو، الو، خالد
لحظات طويلة من الصمت تستمع فيها إلى صوت غريمتها، نيران تلتهب في اوصالها بصعوبة فتحت فمها لترد بتوتر ظاهر:
- خالد بيتعشي
عقدت الصدمة لسان لينا وهي تسمع صوت امراءة غريبة تجيب على هاتف زوجها، استجمعت شتات نفسها لتصيح غاضبة فيها:
- وأنتي مين وازاي تردي على موبايل جوزي، الو ما تنطقي، أنتي مين.

بلغ الغضب بشهد مبلغه كادت أن تصيح فيها وتخبرها أنها زوجته حين شعرت بالهاتف يُجذب من يدها بعنف، رفعت وجهها للفاعل ليصفر وجهها حين رأت خالد يقف أمامها يرميها بنظرات حادة غاضبة، اغلق الخط يضع الهاتف في جيب سرواله، ليقبض على رسغ يدها جذبها تقف امامه شد على أسنانه يصيح غاضبا:
- اديني سبب واحد يخليكي تردي على موبايلي، وخصوصا وأنتي شايفة اسم لينا.

نزعت يدها من يده بعنف عادت خطوة للخلف تنظر له حاقدة لتصيح بقهر:
- أنا مراتك زيي زيها، ااا
قاطعها قبل أن تكمل بسط يده أمام وجهها يحرك رأسه نفيا بخفة اقترب منها تلك الخطوة التي ابتعدتها ليصبح امامها مباشرة مال برأسه ناحيتها يحركها نفيا بخفة سلط عينيه على عينيها يهمس لها بهدوء حذر:.

- فاكرة، أكيد لسه فاكرة، قولتلك هحققلك اي حاجة تتمنيها، كل اللي نفسك فيه، أنا مستعد أعلمه، اعتبريني مصباح علاء الدين، بس انتي سيبتي كل دا واصيتري اني اتجوزك وكان شرطي واضح، هنتجوز في السر من غير ما لينا تعرف صح ولا لاء، انتي اللي اختارتي يا شهد، وأنا لسه عند كلمتي، لو حابة نتطلق واعتبريني بردوا مصباح علاء الدين وهحققلك كل اللي نفسك فيه، فكري يا شهد.

تركها التفت ليغادر ما كاد يتحرك خطوتين يفكر في حل لتلك المصيبة سمعها تهتف من خلفه:
- أنا مريضة قلب
توسعت عينيه في دهشة التف لها سريعا ليجدها تتحرك ناحية التلفاز رفعت المفرش لتخرج ظرف لتحاليل طبية، اقتربت منه تضع الظرف في يده مسحت دموعها المتساقطة رغما عنها لتقف أمامه ابتسمت تردف متهكمة:.

- أنا مريضة قلب، وحالة القلب ما عدش ينفع معاها علاج لازم عملية ونسبة نجاحها مش مضمونة فما تقلقش أنت هتخلص مني قريب، قريب اوي كمان
اقترب منها يمسك ذراعها يسألها سريعا:
- وليه ما قولتليش، ليه سايبة نفسك تموتي، عشان حسام حتى مش عشان اي حد في الدنيا، حسام بيحبك، حسام روحه فيكي، ما فكرتيش فيه وانتي بتنهي حياتك...
ادمعت عينيها ليهطل سيل دموعها تغرق وجهها حركت رأسها نفيا بخفة تهمس بصوت خفيض ضائع:.

- ربنا وحدة أعلم إني ما بفكرش غير فيه، خايفة من الموت بس عشانه عرفاه مش هيستحمل بعدي عنه، حسام كل حياتي عمرك ما هتلاقي في طيبته ولا في حنيته، خليك جنبه لما أنا أمشي، مش عايزاه يتكسر ببعدي عنه
تنهد بحرقة يشعر بالشفقة عليها وعلى طفله وعلى نفسه وكأنه في دوامة مغلقة من المشاكل تأتي له من كل حدب وصوب، زفر أنفاسه يردف بهدوء:.

- ما تقوليش كدة يا شهد، هتعملي العملية وبإذن الله هتخفي وتعيشي، عشان حسام وعشان نفسك
ابتسم لها ابتسامة أخيرة يربت على وجهها برفق قبل أن يغادر ويأخذ معه الأوراق الخاصة بحالتها، عائدا إلى منزله.

في منزل خالد السويسي، في غرفة لينا السويسي
وقعت كلماته عليها وقع الصدمة، صدمة الجمت لسانها توسعت عينيها تنظر له مذهولة كيف عرف، هل اخبرته والدتها ولكن متي، ربما تواصلت معه قبل أن يأتي وأخبرته، أهذا هو السر الذي طلبت منها حفظه، رفعت وجهها تنظر له حانقة تردف محتدة:
- حامل ايه، ايه الهبل دا، لاء طبعا...
التفتت تعطيه ظهرها متوجهه ناحية الحوض ليمسك بذراعيها يلفها إليه ابتسم يقول ساخرا:.

- لاء مش هبل، أنا مصاحب اخوكي بقالي سنين وفي السنين دي كان معظم الستات اللي بتتصل عندها نفس أعراضك دي بتبقي حامل...
اشتعلت أنفاسها غضبا تشتم حسام في نفسها، رفعت وجهها لذلك المسمي زوجها لتدفعه بعيدا عنها تصيح فيه غاضبة:
- قولتلك مش حامل مش زفت، وابعد عني بقي، وامشي اطلع برة
رفع حاجبه الأيسر مستهجنا غضبها الزائد كتف ذراعيه أمام صدره يتمتم ساخرا:
- وانتي متعصبة كدة ليه ولا دي عصبية الحمل.

شدت على اسنانها تغرز اظافرها في كف يدها تود لو تنقض عليه وتغرز اظافرها في رقبته ولكنها حقا تخشي الاقتراب من رائحته من جديد، لن تتحمل موجة تقئ أخري جسدها لم يعد به شئ، ابتعدت عنه تخرج من المرحاض تحاول استعادة هدوئها حتى لا يشك بها، قطبت جبينها متعجبة حين خرجت ولم تجد مايا نائمة، ربما استقيظت على صوتها وهي تصرخ مما يفعل وخرجت من الغرفة، وقفت في منتصف الغرفة تحاول تهدئة دقات قلبها المتسارعة، هي وهو في غرفة واحدة آخر موقف جمعهم في ذلك الوضع كانت مأساة حقا، التفتت له تشير إلى باب الغرفة تهتف بهدوء تام:.

- لو سمحت اطلع برة، أنا تعبانة وعايزة أنام
ابتسم في خبث لتراه يقترب منها هو للأمام وهي للخلف تبتعد عنه تتسارع دقات قلبها خوفا منه، خلع قميصه يلقيه بعيدا لتتوسع عينيها هلعا، خاصة حين اقترب وقف على بعد خطوتين منها ابتسم يردف ببراءة:
- على فكرة أنا قلعت القميص عشان ريحته ما تخنقيش وما تخنقش الجنين، مش عشان قلة الأدب اللي في دماغك.

توسعت عينيها في غيظ قطبت جبينها تنظر له غاضبة اشهرت سبابتها أمام وجهه تصيح فيه بشراسة:
- قولتلك أنا مش حامل، وأنت اللي دماغك قليلة الادب مش أنا، واتفضل اطلع برة أنا تعبانة وعايزة أنام
ابتسم في خبث ليرتمي بجسده على الفراش يفتح لها ذراعيها يغمغم مبتسما:
- ايوة فعلا هما الحوامل بيحبوا يناموا كتير تعالي يا حبيبتي يلا نامي.

اسبلت عينيها تنظر له في دهشة، ذلك الرجل مختل عقليا بكل ما تعنيه الكلمة من معني، التقطت الوسادة المجاورة له تلقيها عليه بعنف تصرخ فيه:
- امشي اطلع برة، أنا قولتلك أنا مش حامل، مش حامل، هو بالعافية، عايزني انام في حضنك، دا أنا أنام في حضن عقرب ولا أنام في حضنك
رفع حاجبه الأيسر مستهجنا ما تتفوه به جلس على الفراش يربع ساقيه تجاهل كل ما يقول ابتسم يقول ببرود تام:.

- ما تتعصبيش يا حبيبتي العصبية غلط على اللي في بطنك، مش بتتوحمي على حاجة غريبة مانجة موز، رنجة، انتي عارفة حسام قالي كدة أن واحدة جاتله كانت بتتوحم على اسمنت هتموت وتاكل اسمنت، اجبلك جبس.

أحمر وجهها يكاد ينفجر من شدة غضبها وهو يجلس بارتياح على فراشها يستفزها ببروده، قاطع تلك اللحظة صوت رنين هاتفها الملقي جواره على الفراش التقطه ينظر للاسم ليتجهم وجهه المبتسم، غضب قاسي احتل قسماته حين أبصر اسم معاذ يضئ على شاشة هاتفها، فتح الخط يضع الهاتف على أذنه ليسمع صوت معاذ يقول:
- مساء الخير يا لينا اخيرا رديتي بتصل بيكي من الصبح ما بترديش، عاملة ايه طمنيني عليكي...

شد زيدان قبضته على الهاتف يكاد يعتصره بين أصابعه رسم ابتسامة ساخرة على شفتيه يردف متهكما:
- لينا في حضن جوزها يا حبيب قلب بابا وماما، واحسنلك تبعد عنها، عشان المرة الجاية اللي هلمحك فيها هسفرك رحلة مجاني للآخرة...
واغلق الخط في وجهه يلقي الهاتف بعيدا رفع وجهه للينا ليجدها تنظر في دهشة فمها مفتوح يكاد يلامس الأرض ما هي الا لحظات وانفجرت تصرخ فيه:.

- أنت ايه يا أخي، مين اللي اداك الحق ترد على موبايلي، وكمان بتهدده مش كفاية اللي عملته فيه، إنت ايه لا دم ولا إحساس
قام من فراشها متهجا إليها قبض على ذراعيها بكفيه يقربها منه ابتسم يقول بهدوء:.

- مش قولتلك ما تتعصبيش العصبية غلط على اللي في بطنك، على ما نكشف ونتآكد انتي حامل ولا لاء، اما بقي بالنسبة لمعاذ فأنا مش مركب قرون قدامك عشان اسيب راجل غريب بيكلم مراتي، عيزاني اعمل ايه اديكي الموبايل واقولك لينا خدي يا حبيبتي معاذ عايز يطمن عليكي، أنا جوزك شرعا وقانونا، ليا الحق اخدك البيت دلوقتي حالا، انا بس سيبك لحد ما نفسيتك تهدي، اللي حصل رغم اني ما كنتش في وعي الا أنه صعب، وأنا مديكي كامل الحق لزعلك ومستحمل كلامك اللي زي السم لحد ما تهدي وتروقي وتصفي وبعدين هنرجع زي الأول.

اقترب يقبل جبينها يمسد على خصلات شعرها برفق لتدفعه بعيدا عنها انسابت دموعها تشعر بكل كلمة قالها حقيقة تقيدها بقيد من حديد ساخن، حركت رأسها نفيا بعنف تصيح من بين دموعها:
- احنا عمرنا ما هنرجع زي الأول...
ابتسم يلتقط قطعة شوكولاتة يدسها في فمها برفق لثم وجنتها بقبلة خاطفة يغمغم بحنو:
- فعلا احنا هنرجع أحسن من الأول كمان، أنا وانتي وابننا او بنتنا.

رفعت وجهها تنظر له بحقد ليقطع تلك اللحظات صوت حمزة يصرخ باسم زيدان من أسفل خرج زيدان يركض وخلفه لينا توجها لمصدر الصوت شهقت لينا فزعا حين رأت والدتها أرضا فاقدة للوعي، صرخ زيدان باسمها فزعا ليتوجه إليها يحملها بين ذراعيه يركض لأعلي إلى غرفتهم، دخل إليها لتساعده لينا على وضعها على الفراش تفك حجابها برفق تخلع حذائها، توجه زيدان يجلب زجاجة عطر خاصة بخاله يرش على يده اما لينا التقطت زجاجة المياة تمسح على وجه والدتها برفق تهمس لها خائفة مذعورة:.

- ماما فوقي يا ماما، ماما ردي عليا...
اقترب زيدان منها رش بعض العطر على كف يده يضعها بالقرب من أنفها، لينا تكاد تبكي من الخوف تمسك يد والدتها تشد عليها...
لحق بهم حمزة يصيح قلقا:
- أنا هتصل بالدكتور، هو خالد فين، دا وقت يختفي فيه
بتفوق اهي استني يا خالي، هتف بها زيدان متلهفا حين بدأت لينا تحرك عينيها ببطئ شيئا فشئ تفتحهما ببطئ شديد، تتأوه بصوت خفيض هرعت لينا تجلس جوارها تصيح متلهفة قلقة:.

- ماما انتي كويسة، حصل ايه...
ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتي لينا تحرك رأسها إيجابا تحاول طمئنه ابنتها، اقترب زيدان منها يمسك كف يدها يلثمه بقبلة طويلة خائفة، كاد قلبه أن يتوقف قلقا حين رآها بذلك الشكل، تنهد يهمس بارتياح:
- الحمد لله أنك بخير، كدة تخضينا عليكي
ابتسمت في ارهاق تمد يدها تربت على رأس زيدان تهمس بإجهاد:
- ما تخفش يا زيزو أنا كويسة، أنا بس دوخت، حسيت بهبوط ودوخت.

انتفضت لينا عند ذلك الحد تنظر لوالدتها تعاتبها لتهتف سريعا:
- عشان ما كلتيش قعدتي تأكلي فيا وما كلتيش، أنا هنزل اجبلك عصير واكل
وقبل أن تعطيها فرصة للرد تحركت تنزل لأسفل، حمحم حمزة حرجا ينظر أرضا:
- حمد لله على سلامتك يا لينا، أنا هروح اتصل بخالد اشوفه فين.

رحل هو الآخر ليبقي زيدان جوارها جلس على ركبتيه جوار فراشها يمسك بكف يدها يقبله، رفع وجهه ينظر لعينيها الشاردة ملامحها المجهدة الحزينة ادمعت عينيه كأنه فقط طفل صغير يهمس لها مرتبكا خائفا:
- خلي بالك من نفسك عشان خاطري، مش هستحمل يحصلك حاجة، فاكرة لما قولتيلي وأنا صغير اعمل لنفسك ذكريات عشان تفتكرها وتضحك لما تكبر
ابتسمت تحرك رأسها إيجابا لتتساقط دموع خفيفة من عينيه ابتسم يردف من بين دموعه:.

- ما عرفتش اعملها لوحدي، كنتي دايما جنبي بتحاولي تخلي حاجة ذكري سعيدة عشان افتكرها، فاكرة لما اتأخرت بليل وانتي قولتي لخالي دا راح يجيبلي سكر
خرجت ضحكات ضعيفة من بين شفتيها تردف:
- وخالك فتح دولاب المطبخ لقي يجي خمسين كيس سكر، ولما رجعت بيسألك فين السكر قولتله رميته في البسين عشان تبقي ميته مسكرة، خالك يومها كان هيغرقني أنا وأنت في البسين.

كانت دموعها تتسابق مع ضحكاته ينظر لها يحرك رأسه كأنه طفل صغير، مدت يدها تسمح دموعه المتساقطة ليردف بعدها قائلا بامتنان:
- فاكرة أيام ما كنت في ثانوية عامة، وكنتي بتفضلي سهرانة معايا طول الليل، لما كنت بتعب وبتبقي دايما سهرانة جنبي، لما كنت بتأخر مع أصحابي وخالي يتعصب وخلاص هيضربني، وتجري تقفي قدامي تحوشيه عني، ماما عشان خاطري أنا هموت لو حصلك حاجة.

اسندت كفيها على الفراش لتنتصف جالسة، جذبته تحضتن رأسه تمسد على خصلات شعره بحنو تهمس له برفق:
- أنا كويسة يا حبيبي والله كويسة، ما تعيطش بقي خلاص
أبعد رأسه عنها يمسح دموعه بكفي يده يحرك رأسه إيجابا كأنه فقط طفل صغير، في تلك اللحظة دخل خالد مندفعا إلى الغرفة هرول إليها يخفيها بين ذراعيها يصيح فزعا:.

-مالك يا لينا، حمزة بيقولي اغمي عليكي، انتي كويسة يا حبيبتي، حصل ايه، حصل ايه يا زيدان وازاي ما اتصلتوش بالدكتور، وأنت قاعد هنا بتنيل ايه...
ابتعدت لينا عن صدر خالد تنظر له بجفاء نظرات فارغة من اي مشاعر ليحمحم زيدان، خرج من الغرفة يغلق الباب خلفه
ليحتضن خالد وجه لينا يسألها فزعا:
- مالك يا لينا، فيكي ايه يا حبيبتي، أنا هكلم دكتورة.

التقط هاتفه يرغب في الاتصال بأحد الأطباء لتجذب لينا منه الهاتف رفعت وجهها تنظر له نظرات خاوية تردف:
- أنا كويسة ما فيش داعي تكلم حد
ابتسم لها قلقا يعاود عناقها من جديد يشدد على ضمها لصدره توسعت عينيه يبلع لعابه حين سمعها تردف فجاءة:
- مين اللي ردت على موبايلك يا خالد
ابعدها عنه يرسم ابتسامة صغيرة على شفتيه فتح فمه ليتحدث لتبادر هي تقول راجية:.

- من غير كذب، عشان أنت الفترة اللي فاتت بقيت بتكذب عليا كتير
اختفت الابتسامة من فوق شفتيه ينظر لعينيها مباشرة ليري فيها صراخات صامتة نظرات مزيج من الألم والعذاب، ليعاود الابتسام من جديد يقول في هدوء:.

- دي والدة تالا، عمر عمل حادثة بالعربية وكان هيدخل في غيبوبة وفقد جزء من الذاكرة، بس الحمد لله فاق بس الجو هناك كان بشع الكل خايف متوتر، عمر كان فاق بقاله مدة بس بسبب الحادثة وذاكرته اللي ضاعت دي حالته النفسية كانت زفت جدا، والدكتور قال لازم يتغذي، فقعدت معاه ااكله لما موبايلي رن ما كنتش عارف أمسكه واللي كانت جنبي والدة تالا، لأن تالا كانت منهارة حرفيا، ردت عليكي وبتقولك خالد بيتعشي روحتي داخلة فيها شمال الست اتخضت، راحا قافلة السكة وقالتلي خد كلمها إنت، دي بتزعقلي.

قصة محكمة بها كم كبير من المعلومات المفزعة، توسعت عينيها فزعا عمر، حادث، فقد ذاكرته، والدة تالا، ستطلب تالا تتأكد منها مما يقول، اجفلت من شرودها على يده تتحرك أمام وجهها يردف بعدها:
- على فكرة احتمال سارين وعثمان نعمل فرحهم هنا، بس لسه مش متأكد.

حركت رأسها ايجابا عادت لشرودها عقلها يرفض تصديق ما قال، ولكن قلبها يرفض وبشدة خالد يفعل شيئا سئ، خالد يخفي شيئا، قلبها يعرف هو ليس فقط شعور، أما هو كان في عالم آخر، يفكر شهد سيساعدها تجري الجراحة وتصير على خير ما يرام وسيطلقها وينتهي الكابوس للأبد او هكذا خطط وظن!

على صعيد قريب في غرفة بدور تجلس على فراشها تبكي تنهار دموعها بلا توقف لما عاد، بعد ما فعل لن تنسي، صحفت كثيرا، لأجله لأجل أطفالها لأجل منزلها أن يستمر يبقي تستمر الحياة، عشرات المرات رأت فيها رسائل ومحادثات له مع سيدات، كلمات مقززة تقرئها تطعن قلبها تبعثر أنوثتها وتصمت، كم مرة أهان حبها كلماته الجارحة مزقت انوثتها الحزينة، كان يعاملها بأنه حيوان لا يشعر يأخذ حقه منها بقسوة ووحشية والآن عاد، تبقي فقط أيام وتنتهي العدة، أيام وتصبح حرة، حمزة رجل جيد يحترم آدميتها يحبه الاطفال ماذا ستريد أكثر اجفلت من شرودها على صوت رنين هاتفها رقم غريب لا تعرفه ترددت كثيرا ولكنها في النهاية اجابت توقف نابضها حين سمعت صوته البغيض:.

- اهلا اهلا ببنت الباشا اللي رايحة تتجوز أخوه، بصي بقي يا بدور هانم جواز من غيري مش هيحصل ويكون في علمك بقي انا هردك انتي لسه في عدتي..!



look/images/icons/i1.gif رواية أسير عينيها
  25-12-2021 02:23 صباحاً   [171]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل التاسع والخمسون

في فيلا خالد السويسي، تحديدا في غرفة بدور
كلماته افزعتها زعزعت ثباتها المزعزع من الأساس كشجرة صغيرة في مهب ريح صلصال عاتية لا تقدر على مجابهتها، جف لعابها تسارعت أنفاسها وضعت يدها على فمها تكتم صوت بكائها، فكرة العودة إليه هي أسوء ما يمكن أن يحدث، تكرهه تمقته بعد كل ما فعل بها يريد أن يعيدها ليكمل حلقة تعذيبه لها، ارتجف نابضها خاصة حين سمعت صوته البغيض:.

- شيلي من دماغك فكرة أنك تتجوزي واحد غيري، ماشي يا بيدو
في تلك اللحظات شعر بدمائها تفور تغلي من الغضب، مر امام عينيها شريط طويل سريع لحياة بائسة خاوية حتى من المودة، الحب، تهدجت أنفاسها تشد أسنانها تهمس بشراسة:
- أنت ايه يا أخي شيطان عايز مني ايه تاني، ما كفش اللي عملته فيا سنين وجاي دلوقتي تهددني، أنا عندي اموت نفسي ولا ارجع على ذمتك تاني.

تعالت ضحكاته الساخرة، شعرت بأنه يستخف بكلامها يلقيه بعيدا في القمامة، ضحكاته كانت كسوط مشتغل يجلد روحها المنطفئة، لحظات وسمعته يهمس متلذذا:
- الله، دا احنا كبيرنا وصوتنا بقي بيعلي وبنهدد، اسمعي بقي يا بيدو، لو اتجوزتي هاخد عيالي حقي، المحكمة هتحكملي بيهم، وساعتها مش هخليكي تشوفيهم تاني لآخر يوم في عمرك.

توسعت عينيها ذعرا تسارعت دقات قلبها تشعر بجسدها تجمد من الخوف من مجرد فكرة أن يبتعد عنها الأطفال صمت هو للحظات قصيرة ليعاود همسه الخبيث:.

- بس لو عوزاني ما اخدهمش وما اردكيش لعصمتي، انا عايز فلوس، خالد باشا ما خلاش حيلتي حاجة، مش باقي غير اني اشحت في الشوارع، فشخللي جيوب الباشا وهاتلي 250 ألف جنية، دول يعتبر فكة عنده، معاكي أسبوع قبل ما العدة تخلص لو الفلوس ما جتش هردك يا بدور واطلبك في بيت الطاعة، وهاخد العيال واحرمك منهم صدقيني أنا اقدر ااذيكي بأبشع الطرق فخلينا حلوين، وهاتي الفلوس أحسن، سلام يا يبدو.

اغلق معها الخط لتتهاوي جالسة على الفراش تنظر امامها فزعة مرتعدة، من أين ستحضر له كل تلك الأموال، تعود إليه يأخذ طفليها، لالا لن يحدث، خالد هل تطلب منه تلك الأموال بأي سبب ستبرر له أنها تريد ذلك المبلغ الضخم...

انسابت دموعها ترثي حالها، تشعر بأنفاسها تختنق، توجهت إلى شرفة غرفتها عل هواء الليل العليل يسكن تلك النيران، لحظات وبدأت تسمع صوت بكاء خفيض قطبت جبينها متعجبة التفتت حولها لتري تلك الفتاة ابنه حمزة مايا، تجلس على أرض الشرفة المجاورة تنظر للحديقة تحديدا إلى باب المنزل المغلق، نظراتها متلهفة حزينة معذبة كأنها بانتظار أحد ما، وقفت تنظر لها تشعر بالشفقة قلبها يؤلمها، لما تبكي تلك الفتاة، حمحمت بصوت خفيض تجذب انتباهها، التفتت مايا برأسها تنظر لبدور للحظات لتتحرك من مكانها تدخل إلى غرفتها دون أن تنطق حرف واحد...

وقفت بدور في حيرة من أمرها، أتتغاضي عن الأمر فقط وكأنها لم ترى شيئا فيكفي ما بها على أي حال، أم ربما تلك هي عاطفة الأمومة التي جعلتها تخرج من غرفتها متوجه إلى غرفة مايا، وقفت أمام باب غرفتها حائرة مترددة تنهدت، رفعت يدها تدق الباب عدة دقات خفيفة متتالية لم تحصل على اجابة، لينخر القلق قلبها من أن يكن أصاب الفتاة مكروها، حركت مقبض الباب برفق أطلت برأسها لتراها هناك تجلس على الفراش تضم ركبتيها لصدرها تبكي، دخلت بدور إلى الغرفة تغلق الباب خلفها بهدوء، العجيب لم تنظر ناحيتها حتى، توجهت بدور ناحية فراش مايا، وقفت جوار فراشها للحظات بلعت لعابها تسألها:.

- مايا أنتِ كويسة
لم تجد اي استجابة من تلك الجالسة لتتنهد تسخر من حالها ومن ذلك السؤال الأحمق التي سألته توا، الفتاة تبكي بحرقة كأنها فقدت عزيزا للتو وهي تسألها هل هي بخير، جلست جوارها على طرف الفراش، لتمد يدها تمسد بحنو على خصلات شعرها، تسألها قلقة:
- مالك يا مايا، بتعيطي ليه طيب، قوليلي يمكن اقدر أساعدك.

بحركة بطيئة آلية حركت مايا رأسها نفيا تسابقت شهقاتها تسبق دموع عينيها ارتجف جسدها من عنف بكائها تتمتم بحرقة:
- تساعديني، مش هتقدري، هو بس اللي كان بيساعدني، هو كان دايما جنبي، بيحبني، زي ما انا بحبه، بس دلوقتي خلاص مشي، بابا مشاه بعيد، بيقولي عمره ما هيسامحه، طب ليه، ليه دخله حياتي من الأول، ليه علق قلبي بيه، أنا بحبه أوي، حاسة اني هموت من غيره.

انفطر قلب بدور على تلك الصغيرة الباكية كلامها التي تصرخ به بحرقة اوجع قلبها عليها، لم تشعر سوي وهي تجذبها إلى أحضانها تعانقها تسمح على رأسها لتنفجر مايا تبكي وتتعالي شهقاتها تمسكت بأحضان بدور تصيح بحرقة:
-أنا عايزة ماما، اشمعني أنا، كانت هتقوله ما تبعدوش، كانت هتخدني في حضنها وتبطبطب عليا، اشمعني لينا وسارة وسارين وكلهم، وأنا لاء، أنا عايزة أدهم خليه يرجعلي أدهم.

انهمرت دموع بدور تشدد على احتضان مايا تربت على رأسها كأنها طفلة صغيرة، لدقائق طويلة إلى أن بدأ يخبو بكاء تلك الصغيرة، تشعر بأنفاسها تهدئ ابعدتها عنها برفق لتجدها تغط فئ نوم عميق تنهدت حزينة على حالها، حانت منها التفاتة سريعة ناحية باب الغرفة لتجد حمزة يقف هناك يراقب ما يحدث في صمت، للحظات تقابلت عينيها مع عينيه رأت في مقلتيه الكثير، صمت لسانه وصرخت عيناه، تنهدت حزينة على حاله وحالها وحال تلك الفتاة الصغيرة، بلعت لعابها مرتبكة حاولت أن تمدد جسد مايا على الفراش لتشعر بها تشد بيديها على عناقها ترفض تركها، سمعت صوت الرخيم يهمس في تلك اللحظة:.

- معلش خليكي حولها النهاردة وأنا هاخد خالد وسيلا يناموا في أوضتي
حركت رأسها إيجابا تنظر له متوترة ليعطيها شبح ابتسامة متعبة خرج يجذب الباب خلفه، لتحتضن تلك الصغيرة تربت على رأسها برفق.

في الأسفل خرجت لينا من المطبخ تحمل صينية طعام عليها الكثير من الطعام تحركت لتصعد بها إلي أعلي لتسمع صوته يهتف من خلفها:
- استني عندك
شدت على أسنانها تتنفس بعنف، التفتت له لتسبل عينيها في دهشة ذلك الوقح لما لم يرتدي قميصه إلي الآن رأته يقترب منها التقط الصينية من يدها يرسم ابتسامة واسعة بريئة على شفتيه يتمتم في حزم:
- ازاي تشيلي حاجة تقيلة وانتي حامل، مش خايفة على اللي بطنك.

اخذ منها صينية الطعام ليحمر وجهها غضبا انفجرت تصيح فيه:
- أنت يا ابني ما بتفهمش قولتلك مش حامل مش حامل، اسجلهالك، يا رب اتسخط قرد لو كنت حامل
تعالت ضحكاته تشق المكان، تحرك خطوتين متجها إلى أعلي التفت لها توسعت عينيه في دهشة يتمتم سريعا في عجب:
- الحقي يا لينا طلعلك ديل.

توسعت عينيها فزعا ذيل! نظرت بهلع لملابسها ليحتقن وجها غيظا الأحمق كان يخدعها التفتت تنظر له في حقد خاصة حين بدأت ضحكاته تعلو أكثر فأكثر وهو يأخذ طريقه إلى غرفة والديها، توجهت هي إلى غرفتها، بينما اخذ هو الطريق المعاكس لغرفة خاله ترتسم على شفتيه ابتسامة حالمية صغيرة، هل يعقل أن تكن فعلا تحمل بطفله مجرد الفكرة تجعل أجراس الفرح تدق في قلبه تغزو كيانه كله، رجفة لذيذة تعصف بجسده وقف أمام غرفة خاله ليمسك الصينية بيد واحدة مد يده الأخري يدق الباب بهدوء، لحظات وفتح خالد الباب ابتسم زيدان ببراءة يردف:.

- الأكل يا خالي
توسعت عيني خالد ينظر للواقف أمامه في دهشة، قبض على يده يصيح فيه محتدا:
- كاك خوت في دماغك إنت يا حيوان فين قميصك ماشي كدة ازاي
توسعت ابتسامة زيدان ينظر لخالد بهدوء مستفز، قطب جبينه يحاول تذكر أين نسي القميص:
- هو القميص فين صحيح، آه في أوضة لينا.

في أوضة مين يا حبيب ابوك، أنت ايه اللي وداك اوضتها يلا، صاح بها خالد غاضبا، عروق يديه ورقبته نفرت غضبا، مما جعل زيدان يدفع الصينية لخالد يعود خطوتين للخلف وقف على بعد منه يردف مبتسما:
- الله يا خالي ما هي مراتي، أنا بقولك ايه اللي بيوديك أوضتك.

احمرت عيني خالد غضبا يرغب في الانقضاض على ذلك الأحمق وخنقه حتى الموت، كاد أن يلقي صينية الطعام أرضا في تلك اللحظة خرجت لينا من الغرفة تنظر لخالد وزيدان متعجبة:
- في ايه بتزعقوا ليه
دفع خالد لها الصينية شمر عن ساعديه يتمتم متوعدا:
- خدي دي، وحياة أمك لاخليك تحصل ابوك
فر زيدان يركض ليتبعه خالد يصيح فيه بأن سيقتله ليهتف زيدان ضاحكا وهو يركض بعيدا:
- الحق عليا يعني اني عايز اخليك جدو.

هرع زيدان إلى غرفة لينا دخل يغلق الباب خلفه بالمفتاح وقف خلف الباب يلهث بعنف بينما خالد خلفه يطرق على الباب بعنف يصيح فيه:
- افتح يا حيوان، والله لاطلع روحك في ايدي
خرجت لينا من المرحاض في تلك اللحظة وقفت تنظر لزيدان ترفع حاجبها الأيسر مستهجنة ما يفعل وصوت والدها يعلو، ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها، اقتربت من الباب إلى أن صارت قريبة منه لتصرخ بصوت عالي كأنها مذعورة فزعة:.

- الحقني يا باااااابااااااا، لا لا يا حيوان ابعد عني...
توسعت عيني زيدان مصدوما مما تفعل لتكمل هي تمثليتها المتقن:
- لا يا زيدان لا لا لا، حرام عليك أنت مش بني آدم
صمتت حين تناهي إلى اسماعها صوت والدها يقول ساخرا:
- ما تنسيش بقي تبقي تقطعي هدومك عشان لما اكسر الباب اصدق أنه اغتصبك ورا باب الاوضة
انفجر زيدان ضاحكا ليصفر هي وجهها حرجا، لما يجب أن يكون والدها ذكيا، لما لم تنطلي عليه خدعتها ببساطة...

ابتعد هو عن الباب يلتقط قميصه اقترب منها إلى أن صار أمامها مباشرة غامت عينيه بسحابة سوداء حزينة متكدرة يهمس:
- انتي ما كنتش بتمثلي انتي كنتي بتفتكري نفس الكلام اللي قولتيه في نفس الليلة، يا رتني ما سمعت كلامك ونزلت، كان يكفيني اشوف في عينيكِ كلمة بحبك، لو اللي حصل دا ما كنش حصل كان زمنا أسعد زوجين في الدنيا.

رفعت مقلتيها تقابل عينيه للحظات طويلة ليري الدموع تتجمع بسرعة وعنف تغزو مقلتيها، تنساب على وجهها مد يده يمسح دموعها يهمس لها بصوت خفيض حنون:
- قوليلي طيب أنا أعمل عشان تسامحيني وأنا مستعد أعلمه مهما كان، يا لينا والله العظيم كانت لعبة من حد عايز يآذيكي ويأذيني، تعالي ننسي اللي حصل نقفله خالص ما نفتكروش، ونبدأ أنا وانتي صفحة جديدة من أول السطر، قولتي إيه.

طال صمتها حتى بني قلبه الأمل انها قد تسامح تغفر تنسي ذنب ليس له فيه ذنب، رفعت يدها تبعد كفه عن وجهها اولته ظهرها تهمس بهدوء قاسي:
- امشي يا زيدان، أنا لا عمري هنسي ولا هسامح، ولا هعرف أبدا صفحة جديدة، احنا حكيتنا خلصت لحد كدة، أنا لولا أن بابا واقف على بعد باب بينا كان زمان قلبي وقف من الرعب أنا وأنت في أوضة واحدة، صدقني أنت عمرك ما هتتخيل العذاب اللي أنا حاسة بيه.

اغمض عينيه يشد عليهما بعنف قلبه يصرخ ألما، توجه إلى نافذة غرفتها يقفز للخارج، راقبته وهو يتوجه إلي سيارته لتدمع عينيها حين التقطت بمقلتيه قبل ان يرحل لتهمس بصوت خفيض متالم:
- صعب والله صعب مش هقدر انسي.

توجهت إلي باب الغرفة تفتحه لتجد والدها يقف امامه رأي خالد عينيها الدامعة وجهها الشاحب، فلم يعارض قلبه حين جذبها يحتضنها برفق بقيت صامتة جامدة لم تنطق بحرف ليتنهد هو يربت على رأسها برفق تنهد يهمس لها بحنو:
- لينا، زيدان بيحبك هو بس...
صمت حين خرجت من بين احضانه وقفت أمامه تنظر لعينيه تسارعت أنفاسها بقهر لتردف محتدة:.

- أنا مش ماما يا بابا، مش هسامح عشان بس هو بيحبني، ما حدش فيكوا حاسس بيا، أنا بموت بدل المرة ألف وما حدش حاسس ولا شايف، كلكوا شايفين أن زيدان بيحبني وأنه غلط غصب عنه وأن سامحيه يا لينا خلاص، طب وأنا، أنا الضحية هنا، أنا اللي اتعذبت واتقهرت، حسوا بيا بقي.

قالتها لتندفع إلى غرفتها تصفع الباب خلفها سمع صوت نشيجها الحار من خلف الباب المغلق، ليشعر بيد توضع على كتفه نظر خلفه ليجد حمزة يقف جواره، ابتسم الأخير له يشجعه ليرد خالد له الابتسامة تنهد يحرك رأسه إيجابا يهمس مع نفسه:
- كل حاجة هتبقي كويسة، فترة وهتعدي زي غيرها.

في منزل عمر السويسي، توجهت سارة وسارين إلى غرفتهم بعدها اطمئنوا على والدهم، ليعتدل عمر في جلسته ينظر لتلك الجالسة على تلك الأريكة بعيدا عنه ابتسم لها يردف بشوق:
- قاعدة بعيد ليه يا تالا، تعالي هنا، انتي وحشاني اوي حاسس اني ما شوفتكيش بقالي كتير.

رفعت وجهها تنظر له يريدها أن تقترب، لا عقلها ولا قلبها ولا جسدها يرغب في التواجد في نفس المكان الذي هو فيه بعدما رأت، ولكنه لن يتذكر، والطبيب حذرهم من اي ضغط، بصعوبة شاقة جرت ساقيها تتحرك ناحية فراشهم جلست جواره لتتوسع عينيها في دهشة حين شعرت به يعانقها، يضمها إليه يشدد على احتضانها، لتسمعه يردف بصوت خفيض راجي:.

- أنتي وحشاني يا تالا وحشاني اوي حاسس إني بقالي سنين ما شوفتكيش، عشان خاطري يا تالا ما تبعدنيش عنك وعن البنات، بحس إن أنا غريب بينكوا، دايما مركزة معاهم وسيباني خالص، أنا بحبك اوي وبحبهم اوي اوي...

كلماته كخناجر تنغرز في قلبها هي المذنبة الآن هي من فعلت ذلك حين ابعدته عن حياتهم فعلت به وبهم هذا، أغرقت الدموع وجهها شعورها بالذنب على حاله يقتلها، وشعورها بقلبها يتمزق من خيانته التي لا يتذكرها يحرقها حية، ابتعدت عنه تمسح دموع عينيها ترسم شبح ابتسامة مزيفة على شفتيها تردف:
- أنا هروح اجبلك تاكل اكيد جوعت.

تحركت تخرج من الغرفة لتراه يبتسم لها كطفل صغير، تحركت للخارج متوجهه إلى المطبخ لتصادف سارين فئ طريقها تحمل قنينة مياة من المطبخ، وقفت سارين تنظر لوالدتها للحظات نظرات حادة غاضبة لا مبالغة في كلمة كارهة، كادت والدتها أن تقتل والدها، تحركت سارين إلى غرفتها لتسمع تالا تهمس باسمها تناديها، التفتت سارين لوالدتها تهمس لها بصوت خفيض غاضب:.

- ممكن ما تتكلميش معايا خالص، كنتي عايزة تموتيه، عاجبك اللي حصله دا، بابا مش دايما هو الغلطان بس حضرتك اتعودتي ترمي الغلط عليه وهو يسكت وما يعترضش، بابا لو كان حصله حاجة كنت هكرهك وعمري ما هسامحك لآخر يوم في عمري.

القت ما القت لتتوجه إلى غرفتها تصفع الباب خلفها وقفت تالا في حالة صدمة لا تصدق ما قالته ابنتها توا استندت بيديها على حافة طاولة المطبخ خلفها لتنحني برأسها قليلا للأمام تبكي في صمت، هي ليست المذنبة، لما يتهمها الجميع، وقفت تسمح دموعها توجهت تعد طعاما سريعا له اخذته تعود لغرفتهم، وضعته أمام عمر على الفراش حمحمت تجلي صوتها من بحة البكاء التي سيطرت على نبرتها لتهمس بخفوت:
- الأكل.

كهرباء نافرة ضربت جسدها حين شعرت بيده تمتد يرفع وجهها لتقابل مقلتيها عينيه، ليمد يده الأخير يمسح بقايا الدموع من فوق وجهها يسألها قلقا:
- أنتِ كنتي بتعيطي ليه
حركت رأسها ايجابا بخفة تبتعد برأسها للخلف تسمح دموعها بعنف حمحمت تردف بخفوت:
- لا أبدأ ما فيش، الأكل اهو يلا كل
ابتسم كطفل صغير يتدلل، ربع ذراعيه أمام صدره اتسعت ابتسامته يردف ببراءة:
- اكليني
رفعت حاجبيها تسخر مما يقول لتردف متهكمة:.

- ما تاكل أنت هو إنت اتشليت
امتعضت ملامحه ينظر لها باشمئزاز ضرب كفا فوق آخر يردف متحسرا:
- مش هتتغيري يا روحي طول عمرك رومانسية فاكرة لما كنا مخطوبين حاولت ابقي رومانسي واقولك هتأكليني بأيدك امتي يا حبيبتي، فاكرة قولتيلي ايه لما ايدك تتشل ابقي اكلك بأيدي.

خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها رغما عنها تتذكر ذلك الموقف الذي حدث في فترة خطبتهم، ليت الحياة لم تنجرف بهم إلى ما هم عليه اليوم، اجفلت من شرودها على صوته يتمتم مصمما:
- بس بردوا انتي اللي هتأكليني
ربعت ذراعيها أمام صدرها تنظر له ساخرة لتردف مستهجنة:
- وإن ما اكلتش
توسعت ابتسامته يتذكر ذلك المشهد من الفيلم ليبتسم يقول بإجهاد أجاد تصنعه:.

- حيث كدة بقي أنا كدة عندي دوخة وزغللة وكرشة نفس وعايز اكلم مدير الأمن، مش الظابط كان اسمه خالد بردوا
توسعت عينيها تنظر له في دهشة لتخرج ضحكاتها رغما عنها، شخصية عمر المرحة كانت اهم الأسباب التي اوقعتها في عشقه وها هي تعود من جديد وهي حقا تخشي سقوطها من جديد
في غرفة الفتيات القريبة منهم تجلس سارة على فراشها تنظر امامها مغتاظة تكاد تنفجر من الغضب مما فعل ذلك الأحمق
Flash back.

خرجت من غرفة والدها متجهه إلى المطبخ لتضع لهم ذلك العصير المميز الذي صنعته اليوم الفراولة والتوت الأحمر والحليب والعسل، مرت في طريقها على غرفة استقبال الضيوف ( الصالون ) لتجده يجلس هناك ابتسم لها، ابتسامة واسعة بلهاء ما أن رآها لم تعره انتباها فقط رفعت رأسها قليلا للاعلي بإباء تحركت ناحية المطبخ ليضيق عينيه ينظر في أثرها مغتاظا، تلك الصغيرة تتجاهله هو الذي قضي ساعات طويلة ليعد لها ملخص سهل للمذاكرة وهي الآن تتجاهله، نظرت حوله هنا وهناك الجميع في غرفة عمه علت شفتيه ابتسامة ذئب مفترس، تحرك من مكانه بخفة متجها إلى المطبخ رآها تقف هناك تمسك دورق كبير به عصير أحمر اللون هتف فجاءة دون مقدمات:.

- حليتي كويس في امتحان الاحياء
اجفلت تشهق فزعة من صوته الذي جاء فجاءة دون اي مقدمات، قبضت بيدها على الابريق في يدها بعنف كاد يسقط منها بسببه نظرت له بحدة ابتسمت تردف باستفزاز:
- أنت مالك أنت حليت كويس ولا مش كويس هو إنت من بقيت عيلتنا، وبعدين التلخيص بتاعك زفت ويقرف أنا ما بصتش فيه اصلا، ولو سمحت يا دكتور ما تتدخلش في اللي ما يخصكش والا والله هقول لعمي..

قالت ما قالت لتعود تكمل صب العصير في الاكواب امسكت بالصينية لتتقدم ناحيته وقفت أمامه تمد له صينية الصغير بينم وقف ينظر لها في غيظ وهي تقف أمامه ترفع رأسها لأعلي في غرور تنظر له وكأنه شئ لا يذكر، مد يده يأخذ كوب عصير الفراولة من على سطح الصينية الممسكة بها ليميل برأسه ناحيته قليلا يهمس باستمتاع:
- ماشي يا سارة بس افتكري كويس العين بالعين والسن بالسن والبادي الاسود عليكي تحفة، تحفة اقسم بالله.

توسعت عينيها في ذهول مما يقول لتوجه انظارها سريعا لما ترتدي للحظات احمرت وجنتيها ضحكت بخفة على كلامه الغريب لتراه يبتسم في خبث يعاود الحديث من جديد:
- وهيبقي احلي بقي لو فيه تاتش احمر
قالها ليلقي ما في الكوب على ملابسها لتشهق في ذعر تتوسع عينيها على آخرهما تنظر له في دهشة مما فعل بينما ابتسم هو باتساع يلوح لها وداعا قبل أن يغادر، نظرت لملابسها فزعة لتصيح مذهولة:
- دا مجنون.

سمعت صوته من الخارج يغني بصوت شبه منخفض سئ للغاية:
- فكرته مجنون ما توقعته يكون حبيبي ونصي التاني اللي راح حبه بجنون
Back
عادت من شرودها لتخرج ضحكة خفيفة من بين شفتيها، لا تصدق أن ذلك الرجل طبيب في الثلاثينات من عمره، اختفت ابتسامتها يحلها محلها نظرات متوعدة برد الصاع صاعين على ما فعل.

بينما على الفراش المجاور لها كانت سارين تجلس تنظر امامها مباشرة عينيها حمراء تشعر بغضب عارم يجتاح جسدها، والدها كان جوارها منذ بداية انهيارها إلى ان بدأت تقف على قدميها، تحملها تفهمها احتواها في لحظات كانت فيها على وشك الانهيار، والآن تأتي والدتها تريد قتله!

عند ذلك الحد انفجرت دمائها لو لم تكن والدتها لا تعرف ماذا كانت ستفعل بها على أقل تقدير كانت قتلتها، ما حدث سبب شرخ كبير بين تالا شرخ لن يتادوي قريبا!

في صباح اليوم التالي في منزل رشيد الشريف في أسيوط، في باحة المنزل الكبيرة امام التلفاز تجلس شروق زوجة رشيد تقطع بعض الخضراوات تشاهد أحدي برامج الطبخ التي لن تعد مما يقولون شيئا ولكنها فقط ستشاهد بإندماج وتركيز شديد غير مبرر، خرجت شاهيناز من غرفتها، توجهت إلى غرفة جاسر لا أحد الغرفة فارغة توجهت إلى غرفة سهيلة لتجد بابها مفتوح والغرفة أيضا فارغة، أين ذهبا، توجهت تنزل إلى أسفل لتلمح شروق والدة تجلس هناك ابتسمت في خبث لتضع يدها خلف ظهرها تكمل طريقها ببطئ وملامح مجهدة، توجهت ناحية شروق لتجلس بجهد شاق جوارها، التفتت شروق تنظر لشاهيناز ابتسمت تنظر لبطنها المنتفخ لتمد يدها تربت عليه برفق تسألها بحنو:.

- عاملة ايه يا بنتي...
وكانت فرصة ذهبية لشاهيناز التي ادمعت عينيها نكست رأسها لأسفل تهمس بصوت خفيض مختنق:
- مش فارقة يا ماما، لا أنا ولا اللي في بطني نفرق مع حد..
نظرت شروق لشاهيناز بشفقة لتترك ما في يدها اعتدلت في جلستها تربت على كتفها تنهدت تردف برفق:
- ليه بتقولي كدة يا بنتي، لاء طبعا انتي واللي في بطنك تفرقي معانا كلنا.

حركت رأسها نفيا بخفة لتنهمر دموع التماسيح رفعت وجهها تنظر لوالدة زوجها تبكي بحرقة تردف بقهر:.

- لا يا ماما أنا ما افرقش مع حد حتى جاسر ما افرقش معاه، بيحاسبني على ذنب ماليش ذنب فيه، أنا ما قولتوش اتجوزني هو السبب، أنا كنت مروحة من شغلي زي كل يوم فجاءة لقيت حد بيحط ايدي على بؤي ورش على وشي حاجة اغمي عليا لما فوقت الصبح شوفت الكارثة واحد ما اعرفوش اغتصبني، عارفة يعني ايه اغتصبني، لو رجعت لاهلي هيدبحوني، كان اهون عليا اموت نفسي والا اني ارجع لأهلي بعد اللي حصل، جاسر قالي هتجوزك، وافقت ما كتش قدامي حل تاني، وعيشت معاه شهور زوجة في السر ما بشوفش غير كل كام شهر مرة، وكنت ساكتة وراضية، وبعدين جه فجاءة قالي أنا هطلقك عشان هتجوز، اتقهرت بس بردوا سكت ورضيت، في نفس اليوم اغتصبني تاني وحملت منه، أنا عارفة أنه مش طايقني وأنه مخليني على ذمته بس عشان خاطر اللي في بطني، بس أنا ذنبي إيه، قوليلي انتي أنا ذنبي ايه، ليه كلكوا بتكرهوني.

ادمعت عيني شروق حزنا وقهرا على ما لاقت تلك الفتاة المسكينة!، لتجذبها اليها تحتضنها بحنو تربت على رأسها برفق تحادثها:
- بس يا حبيبتي ما تقهريش نفسك عشان خاطر اللي في بطنك وأن كان على جاسر، أنا هشوفلي صرفة معاه على اللي هو بيعمله دا
توسعت ابتسامة شاهيناز الخبيثة لتخفيها سريعا تعاود البكاء بحرقة من جديد.

على مقربة منهم في تلك الحظيرة الصغيرة التي تضم الابقار وحيوانات الجاموس، كانت سهيلة تحاول إحضار بعض الحليب من احداهم ليقترب جاسر منها نظر لها بولة يتنهد بحرارة:
- اكتر جاموسة بحبها
رفعت سهيلة عينيها تنظر له بشراسة ليربط بيده على ظهر الجاموسة المجاورة له:
- الجاموسة دي اكتر جاموسة بحبها هنا
ما كاد ينهي جملته شعر بألم قوي حين صفعته الجاموسة بذليها بعنف نظر للجاموسة بغيظ ليصيح فيها:.

- هي حصلت تضربيني كمان، طب انتي طالق
اصدرت الجاموسة صوتا عاليا ليرفع حاجبيه مدهوشا يردد حانقا:
- ومش هامك كمان، طبعا ما دي غلطتي أنا اللي سايبلك الحبل
صمت للحظات لتتوسع عينيه فزعا يصيح مذعورا قبل أن يركض:
- يا نهار اسود دا حبلها سايب فعلا اجري يا سهيلة.

تحرك يركض فارا بنفسه بسرعة مدهشة كأنه احدي فائزي مسابقي الركض العالمية توسعت عينيها فزعا لتترك ما في يدها تركض خلفه، دخلت من باب المنزل الداخلي المطل على المطبخ لتجده يقف هناك يلتقط أنفاسه، اقتربت منه تصدمه على صدره بعنف تصيح فيه:
- بتسبني وتجري
تأوه متألما وضع يده مكان لكمتها يشعر بها تؤلمه بعنف ليتمتم مع نفسه بصوت خفيض حانق:
- دي بتنطح أكتر من الجاموسة.

نظر لها يبتسم باتساع برئ تحرك ناحية الثلاجة يخرج ما فيها يتمتم متحمسا:
- ايه رأيك اعملك صينية مكرونة بالسي فود
حركت رأسها نفيا لتنكمش قسمات وجهها تردف بإستياء:
- لا يا عم أنا حاسة انئ تخنت خالص، من كتر الاكل
توسعت ابتسامته ليلتقط السكين يقشر حبات البصل يتمتم ضاحكا:
- مين دي اللي تخنت انتي زي الفل، اقعدي كلئ طبق البطاطس دا على ما اخلص المكرونة.

توسعت ابتسامتها لتجلس على المقعد تلتقط طبق البطاطا المقلية تأكل باستمتاع تصيح فيه:
- ابقي زود البشاميل على المكرونة
ضحك باستمتاع يحرك رأسه إيجابا ليلمح بطرف عينيه شاهيناز تجلس مع والدته بالخارج لتسود حدقتيه غضبا، يرميها بنظرات نارية مشتعلة.

على صعيد آخر على سطح المنزل بعيدا عن الاصوات والزحام، مكتب ومقعد تجلس صبا تذاكر دروسها تنهدت شاردة شعورها تجاه مراد هو خاطئ بكل المقاييس ولكن ماذا تفعل، تشعر بقلبها يدق دقات غريبة سريعة جسدها يرتجف ما أن تراه، تنهدت مشتتة لتجفل على صوت دقات هاتفها نظرت لاسم المتصل لتجد غيث ابن عمها فارس، تنهدت تزفر أنفاسها حانقة غيث المتسلط يتصل، عمها فارس رجل عاقل عقلانئ متفاهم اما هو فرأسه يابس كالصخر مغرور يشعرها بأنه أكثر شخصية هامة في العالم، هي حتى لا تعرف لما يتصل بها الآن حتى، ظلت تنظر لهاتفها دون أن ترد، ليعاود الاتصال من جديد نفخت ضجرة تفتح الخط:.

- خير يا غيث بيه، اقدر اعرف سر مكالمة حضرتك الغالية ايه
سمعت ضحكات الخشنة تأتي من الطرف الآخر لتسمع صوته يردف مغترا بحاله:
- طبعا مكلمتي غالية، أنا مش اي حد بردوا، دا أنا غيث الشريف، المهم عشان وقتي الثمين ما يضعش، بتصل بجاسر ما بيردش وأنا عايزه ضروري هو فين
تنهدت تلجم لسانها بصعوبة من أن تمطره بوابل من السباب تنهدت تكبح غيظها:
- دور عليه وما تتصلش بيا تاني.

أغلقت الخط في وجهه تنظر للهاتف حانقة كان ينقصها بجوار الفيزياء المعقدة غيث أيضا، اجفلت تشهق فزعة حين سمعت صوته:
- كنتي بتكلمي مين
رفعت وجهها سريعا تنظر لمراد الواقف أمامها لتعود تلك الدقات الغريبة تقتحم قلبها تلعثمت تحاول تجميع جملة مفيدة:
- هااا، ددا ابن عمي، كان بيتصل بجاسر بس موبايله ما بيردش
حرك رأسه إيجابا ليجذب مقعد يضعه بالقرب منها ظل صامتا بضع لحظات تنهد يقول في حزن:
- أنا مسافر بكرة.

توسعت عينيها فزعا تنظر ناحيته سريعا تردف متلعثمة:
- هتساااافر، هتسافر ليه، مش هترجع تاني يعني
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه اخفاها سريعا تنهد يهمس بحيرة:
- مش عارفة يا صبا هرجع أمتي، وهرجع لمين اصلا، أنا كنت جاي لجاسر عشان مشكلة في الشغل، واهي خلاص اتحلت، ماليش مكان هنا، أنا ضيف تقيل يا صبا.

قال ما قال بحزن دفين عميق تحرك ليغادر لتقف سريعا تهرول ناحيته وقفت أمامه لا تعرف حتى ماذا تفعل او تقول تفرك يديها المتعرقة متوترة خائفة بلعت لعابها الجاف تهمس متلهفة:
- ما تقولش كدة يا مراد، أنت مش ضيف تقيل ابدا، ما ينفعش تسافر وتسيبنا، صدقني جاسر هيزعل، وماما وبابا
توسعت ابتسامته ليمد يده يود ملامسة وجهها لتبتعد للخلف حمحم يهمس لها بشغف كاذب:
- وانتي من الناس اللي هتزعل.

اشتعلت وجنتيها خجلا لتخفض رأسها ارضا تحرك رأسها إيجابا ليبتسم ابتسامة واسعة اظهرت أنيابه التي تشبه أنياب ذئب مفترس يتنكر على هيئة حمل برئ لافتراس تلك الصغيرة، حتى إذا ما وجدوا دماء على فرائه الأبيض دافع عن نفسه قائلا هل للحمل أنياب ليسفك بها الدماء...

تركها وغادر يستعد ليكمل الجزء الثاني من خطته لتقف هي مكانها تتنهد في حالمية، لحظات وسمعت صوت دقات هاتفها تنهدت حانقة عادت لطاولتها لتزفر بغيظ غيث من جديد، فتحت الخط ترد بامتعاض:
- نعم في ايه تاني خير
لحظات صمت طووووويلة قبل أن تسمع ما جعل قلبها يتوقف من الفزع:
- مين مراد!

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 20 من 81 < 1 54 55 56 57 58 59 60 81 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1980 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1463 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1473 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1291 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2476 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أسير ، عينيها ،











الساعة الآن 01:42 PM