رواية أسير عينيها الجزء الثاني (جنون عاشق) للكاتبة دينا جمال الفصل الثاني عشر
جلست بجانبه على طاولة الطعام الصغيرة من المفترض أنها تأكل عينيها شاردتين تفكر، عليها إخباره لن يغفر لها أن علم ولكنها تعرفه جيدا سيقتله لالالا لن تخبره، لن تدع ذلك المجنون يقترب منها ابدا، مجنون تردد في ذهنها صوته وهو يضحك بخبث اياد ضاحكا: هيا صغيرتي اركضي، اركضي قدر ما تريدين لن تستطيعين الهرب مني ابدا انتفض جسدها بفزع حينما شعرت بكف يد يربط على يدها ليسألها بدهشة يقطب جبينه بتعجب: مالك يا لينا.
ربطت على يده تتصنع الابتسام: مالي يا حبيبي أنا بس كنت سرحانة شوية رحمة: اهي يا ابني على الحالة دي من ساعة ما جيت ضيق عينيه بشك تقين الآن من أنها تخفي شيئا وسيعلمه، وضع معلقة الطعام من يده يهتف بجد: على فكرة أنا لقيت شغل توسعت عينيها بسعادة تهتف بحماس: بجد، ايه وفين خالد: في ورشة الميكانيكا الي قدام البيت رفعت حاجبيها بدهشة: هتشتغل ميكانيكي هز خالد رأسه إيجابا يهتف بهدوء: وماله الميكانيكي.
هزت رأسها نفيا تهتف سريعا قبل أن يسئ فهما: مالوش مش قصدي، انا قصدي انت يعني بتعرف في الميكانيكا أومأ إيجابا دون كلام لتكمل بحماس مبروك يا حبيبي، عارف احلي حاجة ايه خالد: ايه لينا: انك هتبقي قريب مننا الورشة في وش العمارة، واقدر اشوفك من البلكونة وانت بتشتغل تغيرت تعابير وجهه الي الجمود يهتف بنبرة حادة: طيب عشان نبقي متفقين لو روحتي ناحية البلكونة هكسرلك رجليكي الاتنين، مفهوم.
عقدت حاجبيها بخوف تهز رأسها ايجابا بسرعة، لا تعرف كيف يتغير في لحظة من شخص لآخر هتف بجد وهو يقم من على كرسيه: أنا قايم انام يلا عشان تناموا حملت لينا ورحمة الاطباق الفارغة ووضعوها في حوض الغسيل وذهبت رحمة الي غرفتها.
وذهبت لينا مع خالد الي غرفتهم، تسطح على الفراش يوليها ظهره وكأنها غير موجودة من الأساس، ظلت تنظر له بصمت ألم حزن، هي السبب فيما حدث له لذلك هو يعاملها بتلك الطريقة القاسية، ذلك ما كان يدور في ذهنها لتفيق من شرودها حينما شعرت بهطول ذلك السائل الدافئ من عينيها.
تبكي وهل تفعل شيئا غير ذلك دائما هي تلك الفتاة الضعيفة البائسة، وضعت يدها على فمها تكتم صوت انينها حتى لا يسمعها، مدت كف يدها تقبض على ذراعه، التفت لها بحدة لتتسع عينيه بفزع حينما وجهها الذي استحال لونه أحمر قاني دموعها تهبط بغزارة، جسدها ينتفض بشهقات مكتومة انتفض يسألها بلهفة: انتي بتعيطي ليه، انتي تعبانة في حاجة وجعاكي جذبها الي أن جلست بجانبه يسألها بجزع: مالك في ايه.
ردت بصوت بح من البكاء: أنا السبب، أنا السبب في اللي حصل عشان كدة انت بقيت بتكرهني ضحك رغما عنه يهتف بيأس: صحيح هم يضحك، جذب رأسها لصدره يربط على رأسها برفق: والله العظيم انتي هبلة، سبب في ايه يا عبيطة انتي دا مقدر ومكتوب دا اولا، ثانيا ما اقبلش على كرامتي اتجوز واحدة رامية نفسها عليا، لاء وابوها عايزيني اعيش تحت رحمتهم بفلوسي دول عالم هبلة قبضت بيديها على دفتي قميصه تهمس بحزن:.
اومال ليه بقيت بتعاملني بطريقة وحشة كدة مسح على شعرها برفق: لوليتا انتي عارفة أنا بحبك قد ايه وعارفة كمان انا بغير عليكي من اي حاجة انتي الماستي مش من حق اي حد يشوفك غيري، واحنا دلوقتي مش في بيتنا هناك ما حدش يقدر يرفع عنيكي فيكي انما هنا الف عين هتخدش ماستي.
انا خايف عليكي يا حبيبتي انتي عارفة أنا ما عنديش اغلى منك، اقولك حاجة أنا بخاف عليكي اكتر من خوفي على لينا الصغيرة انتي بنتي البكرية اللي لما بدأت تحبي كانت بتحبي في حضني ولما بدأت تمشي كانت بتسند على ايدي، انتي ما تعرفيش أنا بحبك قد ايه ضربته بقبضة يدها على صدره تهمس بخجل: على فكرة انت وحش عشان بتقول كلام حلو وما بعرفش ازعل منك وأنا نفسي مرة ازعل واكمل الزعل.
ضحك بمرح ليلثم رأسها بقبلة حانية تسطح على الفراش لتتوسد صدره همست باضطراب: خالد، ابقي غير كالون الشقة نظر لها من اعلي بشك: ليه هتفت بارتباك: هااا، لا ابدا زيادة أمان هتف بنبرة تحذيرية جادة: لينا لو حصل اي حاجة مهما كانت لازم تقوليلي عليها، عشان لو عرفت من برة هتزعلي مني ماشي يا حبيبتي.
هزت رأسها ايجابا بتوتر لتشعر بيده تمسد على منابت شعرها برفق لتنام رغما عنها بينما ظل ينظر لها بشك يهتف بحيرة؛ يا تري مخبية ايه يا لينا في صباح اليوم التالي قامت باكرا واعدت الفطور وحضرت ملابسه ثم بدأت توقظه برفق فأخذت خصلة من شعرها وبدأت تداعب بها انفه وهو نائم، فيهز رأسه بعصبيه نفيا لينا بصوت هامس: لودي، لودي اصحي يا حبيبي عشان تنزل شغلك.
فتح عينيه ينظر لها بخبث لتتورد وجنتيها خجلا تهمس بخجل: صاحي من النوم على قلة الأدب خالد ضاحكا: لا وانتي الصادقة، صاحي من النوم على وش اجمل حورية وهي بتضحك ابتسمت بخجل: يلا، قوم انا حضرلتك الفطار والهدوم جوة في الحمام رفع كف يدها وقبلها خالد مبتسما: ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي قام من على الفراش واغتسل وبدل ملابسه وذهب ناحية باب المنزل خالد: الباب ايه رددت سريعا: ما ينفتحش وانت برة.
ربت خالد على وجنتها برفق: شاطرة يا حبيبتي خالد: لو احتجتوا حاجة من تحت كلموني تمام هزت رأسها إيجابا، فقبل خالد جبينها وخرج من المنزل واغلق الباب خلفه، وبينما هو يستدير لينزل سمع صوت يهتف من خلفه بدهشة: خالد باشا؟ التفت خلفه ينظر للقائل ليعقد جبينه باستفهام: أنت مين إسلام: انا اسلام طه يا افندم، كنت شغال مهندس في شركة حضرتك، قبل ما تتقفل عليها انفتح الباب سريعا وخرجت والدة إسلام.
سعاد: إسلام صحيح ما تنساش تجيب ملح إسلام: دا خالد باشا يا ماما الاي حكيت حكيتلك عنه سعاد في نفسها: وخالد باشا دا بيعمل ايه هنا سعاد: ازيك يا ابني خالد مبتسما: الحمد لله يا امي إسلام: عايزة حاجة يا امي سعاد سريعا: آه ما تنساش الملح إسلام: حاضر دخلت سعاد واغلقت الباب ليهتف إسلام بفضول: هو ايه اللي حصل يا باشا وليه الشركة اتقفلت وانت بتعمل ايه هنا رد باقتضاب: أمر ربنا، قولي انت بتشتغل ولا بتعمل ايه.
إسلام؛ لا والله لسه يا باشا بدور على وظيفة خالد: على العموم، انا اشتريت ورشة الميكانيكا الي قدام البيت، لو عايز تعالا اشتغل معايا ورزقي ورزقك على الله اتسعت عيني إسلام بذهول يرفع حاجبيه بدهشة: معقولة يا خالد باشا هتشتغل ميكانيكي زفر بضيق: آه يا إسلام خالد باشا هيشتغل ميكانيكي عايز تيجي إنت حر مش عايز أنت بردوا حر إسلام سريعا: لاء طبعا هاجي مع حضرتك نزل هو وإسلام الي اسفل.
فتح خالد الورشة وبدأ إسلام يساعده في ترتيبها، مر بعض الوقت الي جاءت سيارة معطلة تحتاج الى تصليح ليخلع خالد قميصه يضعه بعيدا ومن ثم اتجه ناحية تلك السيارة يصلحها وإسلام يساعده ويناوله ما يريد.
في شقة رشدي سميحة صارخة: بت يا شمس انتي يا مخفية جاءت تلك المسكينة تهرول رغم ما بها من آلام تهتف بخوف: نعم يا ابلة سميحة سميحة بغيظ: ساعة يا مضروبة على ما تردي همست بخوف: أنا آسفة والله بس رجليا وجعني أوي مصت سميحة شفتيها بتهكم: هنبدأ بقي شغل السهوكة، لاء يا حبيبتي مش عليا دا أنا سميحة انجري يلا على المطبخ تغسلي المواعين وتمسحي المطبخ وتغسلي البوتجاز وبعدين تعملي الاكل، يلا يا بت انجري من وشي.
هزت رأسها ايجابا بطاعة تتحامل على نفسها حتى لا تلاقي منهم ما لا يحمد عقباه بينما اخذت سميحة بغض الغسيل متجهه الي الشرفة لتنشرهم وقفت في الشرفة تضع ثياب رشدي على حبال الغسيل عندما وقعت عينيها على خالد فغرت فاهها امام عضلاته البارزة ووسامته الملحوظة وظلت تحملق فيه دون حياء الي ان جاءت دلال تهتف بتهكم دلال ساخرة: ما كنوش غيارين دول يا سميحة اللي هتفضلي تنشري فيهم النهار بطوله.
دلال: مالك يا اختي متنحة كدة زي ما تكوني شايفة مهند الي في مسلسل العشق الممنوع مصت دلال شفتيها بتهكم تدير نظرها لحيث تنظر سميحة لتتسع عينيها وتصاب بنفس الحالة دلال بهيام: هي دي الرجالة ولا بلاش مش المخفي على عينه الي عامل فيها راجل سميحة: بس اسكتي قفلي على السيرة العكرة دي وخليكي مع السيرة الحلوة دي.
دلال: على رأيك، شايفة يا بت العضلات دي مش المخفي على عينه الي عنده ارتخاء في عضلات عينيه الهي يتعمي البعيد سميحة بفضول: تفتكري مين دا يا بت دلال: ما اعرفش بس أنا كنت سمعت ان المخفي اللي اسمه رشدي أجر الشقة اللي تحتينا لواحد ومراته وحماته تقريبا، تفتكري ممكن يكون هو سميحة بضيق: تصدقي صح ممكن يبقي هو، ياادي الخيبة دا طلع متجوز، دي امها دعيالها في كل اذان عشان اتجوزت المز دا.
دلال: صحيح يا بت فين المخفية شمس سميحة: في المطبخ يا اختي بتعمل السم الهاري للمخفي دلال: انا حاسة انك بقيتي مدلعها يا سميحة سميحة: لا يا اختي والله ابدا دا انا مشرباها المر لحد كيعانها دلال: ايوة كدة عشان ما تتفرعنش وتفتكر نفسها ست البيت زيها زيينا سميحة: لا يا اختي ما تقلقيش، بس تعرفي والله ساعات بتصعب عليا من الي بيعملوا فيها المخفي، دا بيهري جتتها بالخرطوم لحد ما تسخسخ خالص عشان ما تعرفش انه...
قاطعتها دلال سريعا: ما خلاص يا سميحة احسن زمانه جاي ليسمعنا ويجي يطين عيشتنا سميحة: على رأيك يلا يا اختي نروح نشوف اللي ورانا احسن.
في شقة خالد اغلقت شيش النافذة كما طلب منها ولكنها أبقت جزء صغير مفتوح تستطيع رؤيته من خلاله عضت على شفتيها بغيظ عندما وجدت بعض الفتيان ينظرن اليه بحالمية ولكن ما جعل عينيها تشخص في صدمة عندما غمز لها بطرف عينيه في رسالة منه انه يراها حتى ان حاولت الاختباء خافت من رد فعله عندما يعود بشدة فتراجعت عن البلكونة وعادت للداخل سريعا في الورشة خالد: ها يا إسلام فهمت إسلام: الي حد ما.
خالد: بكرة هتاخد الشغل وتفهم لاحظ خالد نظرات اسلام الشاردة ناحية الطابق الرابع خالد: اسمها ايه إسلام بلا وعي: شمس ابتسم خالد بخبث، بينما تصنع اسلام الانشغال خالد: طالما بتحبها اوي كدة، ما اتقدمتلهاش ليه إسلام: يا ريت ينفع خالد: وايه المانع إسلام: أصلها متجوزة المعلم رشدي خالد مستفهما: ليه هي عندها كام سنة إسلام: 19 سنة خالد: طب ازاي إسلام: نفس القصة القديمة الجميلة الفقيرة والعجوز المتصابي.
هز خالد رأسه إيجابا متفهما ما يحدث إسلام: انا بس صعبان عليا الضرب الي بيضربهولها كل ليلة، عارف يا باشا هي لو كانت متجوزة واحد بيحبها ومحافظ عليها انا كنت هفرحلها جدا بس للآسف حظها وقعها في رشدي خالد: لو اتطلقت هتتجوزها إسلام بحماس: فورا خالد مبتسما: وعد مني، هتبقي ليك ارتفع أذان العصر في الجامع ليهتف إسلام سريعا: عند إذنك يا باشا عشان الحق العصر.
شردت عينيه بضيق من نفسه متي آخر مرة صلي فيها، هو دائم على صلاة الجمعة فقط ويهمل باقي فروضه، صحيح أنه اقلع عن ذلك المشروب اللعين منذ مدة طويلة ولكنه لم ينتظم في صلاته ابدا، ربما كان يتعلل بكثرة مشاغله، الكثير من الصفقات والكثير من القضايا ولكن ما حجته الآن، كان يبعد عن طريق الصلاح بإرادته ما كان يلهيه عن عبادته قد ذهب إدراج الرياح ماذا ينتظر بعد.
فاق من شروده على يد إسلام يلوح أمام وجهه: خالد باشا أنا... قاطعه بجد: أنا جاي معاك اتجه معه الي ذلك المسجد الصغير القريب من الورشة.
وقفا خلف الامام يصلي بخشوع لا حسابات لا أرقام لا صفقات لا شئ من تلك الحجج الواهية التي طالما تحجج بها ليترك فرضه حتى لا يأنبه ضميره، وقف خلف الإمام يسمع ما يتلو بخشوع كأنه يسمع القرآن للمرة الأولي في حياته، سجد ارضا، يهمس برجاء: يا رب أنا عارف إن أنا غلطان واني كنت بجري ورا الدنيا ورا شغلي ومصالحي، كنت بسمع حي على الصلاة واقول لما اخلص الصفقة اللي في ايدي هبقي اقوم اصلي عمري ما فكرت أن أنا ممكن اموت وأنا ماسك الورق اللي فضلت بيه دنيتي على آخرتي، يمكن دا عقابك ويمكن اختبار عشان ارجع للطريق الصح يا رب انت اعلم بحالي يا رب.
في شقة خالد بدأت الصغيرة تبكي بطريقة غريبة ولينا تحاول تهدئتها ولكن دون فائدة لينا بقلق: دادة رحمة، يا دادة جاءت رحمة مسرعة: خير يا بنتي لينا: لوليتا عمالة تعيط ومش راضية تسكت انا خايفة لتكون تعبانة وأنا اصلا مش معايا شنطتي حتي وضعت رحمة راحة يدها على جبين الصغيرة رحمة: الحمد لله مش سخنة، يمكن عندها انتفاخ، احنا محتاجين نعناع دق الباب فاعتقدت لينا انه خالد فذهبت وهي تحمل الصغيرة على يدها لعلها تهدأ.
لينا: مين سعاد بود: انا جارتك ام إسلام يا حبيبتي افتحي فتحت الباب فوجدت امرأة في نهاية الاربعينات بشوشة الوجه لينا: ، خير يا افندم سعاد: انا كنت جاية أسئل عليكوا، بما انكوا جيران جداد، نظرت ناحية الصغيرة الباكية تهتف بقلق مالها اسم الله عليها رحمة: بقولك يا اختي ما لقيش عندك شوية نعناع سعاد: عندي ثواني اجبلك دخلت سعاد الي شقتها وعادت بعد دقائق في يدها علبة صغيرة فيه اعشاب النعناع.
لينا مبتسمة: انا متشكرة جدا، اتفضلي حضرتك استريحي جلست سعاد على احد الارائك، بينما ذهبت رحمة الي المطبخ، جلست لينا على الكنبة الاخري تهدهد صغيرتها سعاد: ما تعرفتش بيكي لينا مبتسمة: آه، معلش انا اسفة انا لينا جاسم سعاد: انتي مش مصرية صح لينا: خليط، والدي مصري ومامتي لبنانية سعاد: انتي مرات خالد باشا صح عقدت حاجبيها باستفهام: ايوة، بس حضرتك تعرفي خالد منين.
سعاد مبتسمة: اسلام ابني بيشتغل في شركة الرحاب عند جوزك، قصدي كان قبل ما تتقفل ابتسمت بحزن تحرك رأسها ايجابا عادت رحمة ومعها كوب من الشاي للضيفة والأعشاب الدافئة للصغيرة اخذتها لينا منها وبدأت تطعم الصغيرة بينما بدأت تدور احاديث السيدات المشهورة بين رحمة وسعاد ولينا تشارك بكلمات قليلة لمدة عدة ساعات في الأسفل مط ذراعيه بألم يشعر بأن عضلاته تصرخ من الالم: كفاية كدة يا إسلام.
إسلام بتعب: عندك حق يا باشا انا هلكت تحس ان عربيات مصر كلها باظت النهاردة على حظنا ابتسم بتعب: رزق بعتهولنا ربنا، حد يقول للرزق لاء.
ذهب الي الدرج الصغير الذين وضعوا فيه النقود واقتسمها بينه وبين إسلام.
ثم اغلق الورشة وصعد هو وإسلام الي اعلي إسلام: مش كتير التلت يا باشا خالد: لاء مش كتير إسلام: بس... خالد مقاطعا بجد: اسلام انت لسه ما تعرفش خالد السويسي، انا ما بحبش حد يجادلني، ماشي هز إسلام رأسه إيجابا وأكمل الصعود حتى وصل الطابق الثالث فوجدبدور تلعب عند مدخل الباب إسلام بدهشة: بدور، انتي ازاي تفتحي الباب وفين ماما بدور: عند طنط الي قدامنا.
ذهب خالد ناحية بدور يبتسم بحنان فقد ذكرته بدور بابنته سما الراحلة جثي على ركبتيه امامها واعطاها قطعة شوكولاتة خالد مبتسما: اهلا يا بدور أنا خالد بدور مبتسمة: ازيك يا عمو خالد ضاحكا: أنا كويس يا ستي، انتي عاملة ايه بدور: أنا كويسة خالد مبتسما: قوليلي بقي عندك كام سنة بدور: تمانية يا عمو خالد: لاء أنا كدة أزعل منك، ما تقوليليش يا عمو بدور باستغراب: اومال اقول ايه خالد مبتسما: قوليلي يا بابا خالد.
بدور: بس انا بقول بابا لبابا طه خالد مبتسما: خلاص يا ستي يبقي عندك اتنين بابا، بابا خالد، وبابا طه موافقة هزت بدور رأسها إيجابا بابتسامة بريئة: حاضر يا بابا اصابت تلك الكلمة قلبه مباشرة فاحتضن بدور بحنان وهو يردد بداخله: الله يرحمك يا سما ابتعد خالد عن بدور، قبل جبينها متجها الي باب الشقة ولانه علم أن هناك سيدة غريبة في بيته دخل يتحاشي النظر لهم احتراز من ان يكونوا بجلسون على راحتهم.
حمحم قبل أن يدخل ليعلمهم بدخوله خالد وهو ينظر في الاتجاه الآخر: سلام عليكم الجميع: وعليكم السلام خالد: احم، عن اذنكوا، تركهم ودخل الي غرفته سعاد: طب اقوم انا بقي عن اذنكوا، هبقي اجيلكوا بكرة رحمة: تنورتي يا ست ام إسلام سعاد: دا نوركوا يا حبيبتي ذهبت سعاد الي شقتها ورحمة الي المطبخ لتجهز طعام الغداء، بينما ذهبت لينا الي غرفتها ووضعت الصغيرة النائمة في مهدها فوجدته جالس على الفراش يدلك رقبته بألم.
فذهبت وجلست خلفه على ركبتيها وبدأت تدلك رقبته برفق لتسمعه يهتف بنبرة متحشرجة من الالم: الباب اتفتح وانا برة لينا: غصب عني يا خالد لوليتا ما كنتش راضية تبطل عياط، دادة رحمة قالتلي ان عندها انتفاخ وعايزين نعناع، كنت لسه هتصل بيك اقولك لقيت الباب بيخبط ثم قصت عليه ما حدث كاملا سألها بقلق: طب لوليتا عاملة ايه دلوقتي لينا: بقت كويسة جدا الحمد لله خالد: متأكدة تعالي نروح لدكتور زيادة أمان.
لينا: ما تقلقش هي والله بقت كويسة هز رأسه إيجابا فتأوه بألم غامت عينيها حزنا تهتف بحزن: شكلك تعبت اوي النهاردة خالد بألم: اوي، عضلات ضهري وجعاني من النومة تحت العربيات لم تتغير تعابيرها الحزينة لكنها قامت واعدت له حماما ساخنا لينا: ادخل يلا خد حمامك الماية السخنة هتفك عضلاتك شوية ذهب الي المرحاض واغتسل وبدل ملابسه ليجدها تنتظره وفي يديها العديد من العلب خالد: ايه دا كله.
أمسكت يده تردف برفق: مش ظاهرك واجعك تعالا بس تمدد على الفراش تضع من تلك الزيوت على ظهره تدلكه برفق ابتسم بامتنان: ربنا يخليكي ليا حبيبتي ابتسمت بحزن على حاله: ويخليك ليا هتف بسعادة: تعرفي أنا النهاردة صليت في الجامع اللي جنبنا العصر والمغرء والعشا والضهر صليته قضي، اول مرة أحس أن أنا نضيف كدة هتفت بحرج: نفسي أنا بردوا اصلي وانتظم في الصلاة.
شد على يدها يهتف باصرار: حاولي واحنا الاتنين نشجع بعض، عارفة أنا عرفت ان الجامع دا فيه دور تاني مصلي للسيدات فيه واحدة داعية بتدي دروس دين هي بتيجي بعد العشا ايه رأيك تحبي تروحي هزت رأسها ايجابا بحماس: احب جداا ابتسم بحنان: اوعدك هوديكي في اقرب وقت، ليبتسم بعبث، قوليلي بقي صحيح عرفتي تتفرجي عليا من ورا الشيش ضيقت عينيها بغيظ: لاء ما اعرفتش، بس كل ستات الشارع اتفرجوا عليك وعلي عضلاتك.
غمز لها بمكر: ما تطلعتش انا لوحدي اللي بغير يعني دق باب الغرفة ليهتف بصوت عالي نسبيا: نعم يا دادة رحمة؛ الغدا جاهز يا ابني خالد: جاي وراكي امسك يدها ليقوم معها ما كاد يتحرك حتى سقط مرة أخري على الفراش جسده يرتجف كأن إعصار ضربه يرتجف يتشنج عينياه شاردتين يتحركان في جميع الاتجاهات...
رواية أسير عينيها الجزء الثاني (جنون عاشق) للكاتبة دينا جمال الفصل الثالث عشر
سقط على الفراش جسده يرتجف كأن إعصار ضربه يرتجف يتشنج عينياه شاردتين يتحركان في جميع الاتجاهات رغما عنه قبض على كف يدها بعنف يهمس بصوت خرج من بين شفتيه: ا، ل، حق، نة.
جذبت يدها من يده بصعوبة تبحث بين حقائبهم الي أن وجدت تلك العلبة أسرعت تعد تلك الإبرة وهي ترتجف خوفا تنظر له كل لحظة لتجد جسده مازال يرتجف بعنف، هرولت ناحيته قبضت على ذراعه تحاول تثبيته، حقنت تلك المادة في وريده بصعوبة ليبدأ جسده يهدأ تدريجيا القت تلك الإبرة ارضا تحاوطه بذراعيها كالام حينما تخشي على طفلها من الخطر.
بدأت ارتجافه جسده تهدأ شيء فشيء الي ان توقفت تماما، مد يده يربط على ظهرها برفق يهتف بصوت منهك: انا كويس يا حبيبتي ما تخافيش قالها بعدما شعر بارتجافة جسدها ودموعها التي بللت قميصه من كثرتها، ضمها اكثر لصدره يدفن رأسها داخل صدره يربط على شعرها برفق وصدره يعلو ويهبط بسرعة بعد تلك النوبة الشرسة، وجدها فجاءة تبتعد عنه جلست على الفراش تصرخ بغضب: ما اخدتش الدوا صح.
جلست على الفراش يطرق رأسه بحرج كأنه طفل مذنب همس بحرج: نسيت قبضت على تلابيب ملابسه تصيح بغضب من خوفها: يعني ايه نسيت من أمتي وانت بتنسي الدوا بتاعك دا أنا مدياك العلبة قبل وقولتلك بدل المرة عشرة ما تنساش تاخد العلاج يا خالد، مين فينا بقي اللي بيتدلع بقي ابتسم بسعادة حينما شعر بخوفها الكبير عليه دني برأسه مقبلا يديها الممسكة بتلابيب ملابسه يهتف بابتسامة حب صادقة: بحبك.
توهجت وجنتيها خجلا لتقطب جبينها بغضب سريعا محاولة عدم التأثر بعاطفته الجياشة التي تلقيها رغما عنها في طفوان عشقه عبست بضيق تهتف بغيظ: بقولك ايه احنا دلوقتي بنتخانق ما تقولش كلام حلو واحنا بنتخانق سلط عينيه على زرقتيها يهتف ببطئ: ب، ح، ب، ك.
اخفضت عينيها خجلا لتفر من امامه سريعا بخجل سمعت ضحكاته تدوي خلفها، اتجهت ناحية طاولة الطعام جلست عليها لتجده يأتي بعد لحظات غمز لها بعبث لتشيح بوجهها خجلا، جلس بجانبها يتناول الطعام لتشرد في أول مرة رأت فيها خالد بتلك الحالة.
Flash back نزلت من على الفراش ارتدت خفها المنزلي الناعم وضعت يدها على بطنها المنتفخ تربط عليه برفق نزلت على سلم البيت ببطئ متجهه الي غرفة مكتبه وجدته كما هو منذ ساعات ينكب على كومة كبيرة من الأوراق التي لا تنتهي تخصرت تهتف بضيق: معقولة يا خالد بقالك يجي 7 ساعات قاعد في المكتب رفع نظره مت على الأوراق يبتسم بتعب عينيه مرهقة للغاية هتف بعتاب: ايه اللي نزلك من على السرير.
ابتسمت بانتصار: الدكتورة قالت انتي بقيتي في السابع اتمشي كتير عشان الولادة تبقي سهلة ابتسم بتعب ليربط على ذلك الكرسي الأسود بجانبه، اتجهت ناحيته جلست على ذلك الكرسي المريح لينحي بجذعه يخرج ذلك المسند الصغير من أسفل الكرسي حتى تمد قدميها عليه، ربط على بطنها برفق: هتعودي لوليتا على السهر من دلوقتي لينا: لوليتا زعلانة منك عشان سايبها لوحدها كل دا.
ابتسم بارهاق: معلش يا حبيبتي كان ورايا شغل كتير، يلا بقي نطلع فوق عشان ما تبرديش هزت رأسها إيجابا قامت امامه تمشي حينما فجاءة سمعت صوت ارتطام قوي بالأرض نظرت للخلف بذعر لتصرخ بفزع حينما وجدته ملقي ارضا يرتجف بشدة يجز بأسنانه على لسانه حتى كاد يدمي لسانه عيناه شاردتان تتحركان بسرعة.
ظلت تصرخ وتصرخ لا تعرف ماذا تفعل، توقف عقلها عن التفكير للحظات وسرعان ما استعادت رباطة جأشها وامسكت هاتف مكتب خالد واتصلت بجاسم تخبره ما حدث وهي تبكي لينا صارخة: بابا الحقني خالد بيموت جاسم؛ بجد، قصدي أنا جايلك حالا لينا باكية: بسرعة يا بابا ارجوك اغلقت الخط وذهبت اليه وجدت ارتجافة جسده بدأت تهدأ ولكنه ما زال يجز على لسانه بعنف، فمزقت قطعة من فستانها ووضعتها بين أسنانه ليصطك عليها تمسد على شعره برفق.
لينا باكية: اهدا يا خالد، اهدا يا حبيبي بدأ جسده يهدئ تماما حتى فقد الوعي بعد تلك النوبة الشرسة بدأ بكائها يزداد وهي تحاول افاقته ولكن دون فائدة دخل جاسم مسرعا بالمفتاح الذي معه وخلفه الطبيب، فسمع صوتها قادما من غرفة المكتب ما ان رأته لينا صرخت: بابا الحقني خالد بيموت اسنده جاسم والطبيب ووضعوه على الاريكة الكبيرة التي في الغرفة وبدأ الطبيب يفحصه وهي تبكي وجاسم بجانبها يحاول تهدئتها انهي الطبيب الفحص.
جاسم: خير يا دكتور الطبيب: ما تقلقوش دي نوبة تشنجات عصبية واضح انه بيتعب اعصابه كتير، ياخد الدوا دا يوميا بانتظام والا النوبة دي هتاهجمه تاني لينا باكية: يعني ما فيش خطر على حياته الطبيب: لا لا ما تقلقيش، هو بس ياخد الدوا وهيبقي كويس، هو بس ياخد الدوا بانتظام وانا هكتبلك اسم حقنة يأخدها لو جتله النوبة دي فجاءة تاني كتب الطبيب الدوا على الروشتة اخذه منه جاسم وودعه.
وعاد للينا وجدها جاثية بجانبه تمسد على شعره بحنان ودموعها تنساب من عينيها، نظر لخالد بغيظ على الرغم من تلك الألم البداية على وجهها من اثار الحمل الا انها تجلس بجانبه بتلك الطريقة بدأ خالد يفتح عينيه ببطء يشعر بألم قوي يجتاح جسده تاوه بألم ينظر حوله باستفهام: ااااه، ايه الي حصل ابتسم جاسم باصفرار: حمد لله على السلامة نظر له مستفهما: هو ايه الي حصل.
جاسم: ما اعرفش ابقي اسأل لينا، وجه كلامه لابنته يهتف بحنو: عايزة حاجة يا حبيبتي هزت رأسها نفيا وهي لا تحيد بنظرها عن ذلك المسطح أمامها ليتنهد جاسم بغيظ ليذهب ويتركهم ولف وجهه ناحيتها فوجدها بحالتها تلك هتف بحدة وهو يقوم سريعا: انتي ايه الي مقعدك كدة قومي غلط عليكي القعدة دي امسك يدها يجذبها برفق لتجلس بجانبه.
ربط على شعرها برفق: انا اسف يا حبيبتي اني خضيتك موضوع التشنجات دا كان بطل يجيلي من مدة كبيرة مش عارف ايه الي رجعه تاني ظلت صامته تنظر له بألم لف ذراعه حول كتفيها: ساكتة ليه يا حبيبتي نظرت له بعيون دامعة خائفة وهي تتذكر كيف كان قبل قليل ولم تنطق ضمها إلى صدره يمسد على شعرها بحنان خالد: ما تخافيش يا حبيبتي والله انا كويس اهدي خلاص.
ظل يمسد على شعرها الي ان هدأت بعض الشئ فابتعدت عنه ببطي لاحظ كم فستانها الممزق ليسألها بدهشة: مين الي قطع فستانك ردت بتلقائية: انا خالد: ليه اخبرته بما فعلت ليبتسم بامتنان: ضحيتي بفستانك عشاني بسطت كف يدها على وجهه تهمس بحب: انا مستعدة اضحي بحياتي عشانك هتف سريعا: بعد الشر عليكي يا حبيبتي.
همست بذعر: خالد انا خايفة اوي، خايفة انك تمشي من الدنيا دي وتسبني انا مش هستحمل، الموت عندي اهون من الفكرة دي، انت مش هتسبني صح انا مش هقدر اعيش من غيرك ابتسم لها بحنان قرص وجنتها برفق ليقول بمرح ليخفف من حدة التوتر السائدة: ما تقوليش كدة يا حبيبتي ان شاء هتموتي انتي الاول لكزته في صدره بغيظ: يا رخم خالد ضاحكا: ايوة كدة فكي بقي، ربنا يجعل يومي قبل يومك يا حبيبتي.
نظرت له بحزن وهزت راسها نفيا، كادت أن تتكلم عندما وضع اصبعه على شفتيها همس بصوت عذب: هشششش، عارفة احلي حاجة فيكي ايه، انك بتحلي اي شيء عنيكي تيجي فيه قمر دا ايه الي تتساوي بيه ثم رفع يدها وقبلها خالد: يلا بقي قومي انتي تعبتي النهاردة ولازم تنامي قامت معه وهي ممسكة بيده بشدة ولكنه فجاءة انحني بجذعه وحملها بين ذراعيه لينا: نزلني يا خالد انت لسه تعبان.
خالد بثقة: انتي فكراني عجزت ولا ايه، لا يا ماما دا انا لسه في عز شبابي، اااه يا عصوصي ضحكت ضحكات عالية، فحملها الي اعلي ووضعها على الفراش وضمها بين ذراعيه كل منها يشعر بالأمان في حضن الاخر فاستسلما للنوم فاقت من شرودها عندما وضع يده على كتفها خالد: بقالي ساعة بنادي عليكي لينا: هااا، معلش كنت سرحانة شوية خالد: وسرحانة في ايه بقي ان شاء الله لينا بابتسامة صفراء: في حبيبي ابتسم بثقة: اللي هو أنا طبعا.
ابتسمت بخبث تهتف بمكر؛ هو أنت بس اللي حبيبي امسكها من تلابيب ملابسها من الخلف يهتف بتوعد: نعم يا اختي! ابتسمت ببلاهة تهتف سريعل؛ أنا قصدي أنك حبيبي وقلبي وروحي وعمري مش حبيبي بس ترك ملابسها يهتف بغرور: ناس تخاف ما تخشيش.
ميكانيكي! شهقت بفزع لطمت بيدها على صدرها محمد: ايوة يا عمتي، انا عرفت انه أجر شقة صغيرة في السيدة زينب واجر ورشة الميكانيكي الي قدام البيت عنده وبيشتغل فيها هو وواحد من العمال الي كانوا شغالين في الشركة زينب باكية بحرقة: ، منك لله يا رفعت على المرمطة الي ابني فيها، بسببك انت والمخفية بنتك محمود بحدة: انا مش فاهم هو ابوك اتجنن يا محمد محمد غاضبا: مش ابويا، انا مستحيل يكون ابويا الراجل دا.
زينب باكية: انا عايزة اشوف ابني يا محمد محمود: انت عارف عنوان الشقة محمد: ايوة يا عمي محمود: خلاص بكرة الصبح نروحله.
في صباح اليوم التالي استيقظ وبدل ملابسه كاد أن ينزل لينا: خالد استني خالد: خير يا حبيبتي همست بحرج: احم، ما فيش فلوس وعايزين نجيب حاجات للبيت خالد: الفلوس تحت مخدة السرير قبل وجنتها وخرج من البيت مغلقا الباب خلفه فوجد إسلام أمامه إسلام: صباح الخير يا باشا خالد: صباح النور، يلا عشان نشوف شغلنا نزلا الي أسفل وفتحا الورشة خلع قميصه وبدأ يصلح تلك السيارة التي أجلها نزل أسفل تلك السيارة ليصلحها...
على صعيد آخر جاءت سيارة محمد ومعه محمود وزينب ووقفا امام البيت ونزلا من السيارة محمد: هو دا البيت ثم اشار ناحية الورشة المفتوحة وتقريبا دي الورشة رشدي: اي خدمة يا بهوات، انتوا مين محمد: الرائد محمد محفوظ مكافحة المخدرات شحب وجه رشدي خوفا فرت الدماء من عروقه بلع ريقه يهتف بتلجلج: خير يا باشا محمد: مالكش دعوة انت خليك فى حالك هز رشدي رأسه إيجابا بخوف وعاد الي قهوته تقدم محمد ومعه والدي خالد من الورشة.
محمد بصوت عالي: السلام عليكم إسلام: وعليكم السلام مين حضرتكوا وقبل ان يجيب محمد خرج خالد من اسفل السيارة بعدما سمع ذلك الصوت المألوف له فشهقت زينب بفزع وضعت يدها على فمها من الصدمة قام خالد ووقف امامهم ينظر لهم بهدوء: وعليكم السلام، خير اقترب محمد ليعانق صديقه فابتعد خالد عنه يهتف بابتسامة صغيرة: بلاش عشان ما تتوسخش جذبه من ملابسه يعانقه: انت انضف مني والله يا خالد ربت على ظهر صديقه بامتنان.
محمود: ايه يا ابني الي راميك على المرمطة دي ما بيتك موجود خالد: عايزني اعيش عالة عليك يا ولدي ثم نظر ناحية والدته بابتسامة صغيرة، ازيك يا امي، عاملة ايه زينب باكية: مش كويسة طول ما انت في الحالة دي خالد مبتسما: مالها الحالة دي ما انا زي الفل اهو زينب: لأ يا خالد مش كويس، بقي العقيد خالد السويسي يشتغل ميكانيكي محمود بضيق: واخرتها يا خالد خالد: مش انا الي يتلوي دراعه يا حج.
محمود: طب يا ابني ارجع معانا بيتك، دا بيتك يا خالد، شيل فكرة انك هتعيش عالة دي، طب بص تعالا اشتغل معايا في المصنع شردت عينيه يهتف بغموض: صدقني أنا خايف عليكوا، خليني بعيد أحسن اتفضلوا يلا معايا نطلع شقتي وجه كلامه الي إسلام الذي يقف يعقد حاجبيه باستفهام لا يفهم شيء مما يدور حوله خالد: اسلام خلي بالك من الورشة على ما أجي هز رأسه إيجابا: حاضر يا باشا خرج من الورشة بصحبة محمد ووالديه راقبهم رشدي باستغراب.
رشدي في نفسه: ايه علاقة الظابط بالواد المهندس ومين الراجل والست دوول بس شكلهم اغنيا اوي دي كفاية العربية الي ركبنها تقدمهم خالد الي شقته ودق الباب لينا من الداخل: مين خالد: انا خالد يا لينا افتحي فتحت الباب سريعا ولكن خالد رده بجسده عندما رأى ما ترتديه خالد: معايا ناس هزت رأسها إيجابا ودخلت الي غرفتها سريعا دخل خالد اولا ثم افسح المجال لعائلته خالد: اتفضلوا البيت بيتكوا، معلش لو مش قد المقام.
اطل الحزن من عيني زينب وهي تري هذه الحالة المتدنية للشقة التي يسكن فيها ابنها خالد: دادة رحمة يا دادة رحمة: ايوة يا ابني خالد: معلش حطي الغدا للضيوف وشوفيهم يشربوا ايه هزت رحمة رأسها إيجابا بابتسامة صغيرة نظر لهم يعتذر: خمس دقايق وجاي تركهم ودخل الي غرفته الصغيرة فوجد صغيرته تطعم صغيرتها بزجاجة الحليب لينا: مين الضيوف الي معاك داعب وجنة طفلته الصغيرة: دول والدي ووالدتي ومحمد.
ابتسمت بسعادة: ماما زينب دي وحشتني اوي خالد: طب يلا قومي غيري هدومك وانا هاخد لوليتا معايا على ما تخلصي هزت رأسها إيجابا، فاخذ خالد الصغيرة وخرج من الغرفة محمد مبتسما: اهلا أهلا ست لوليتا بنفسها هات بنت اخويا ياض ابتسم خالد واعطاها برفق لمحمد الذي جلس يداعبها وهي تضحك محمد مبتسما: بقولك ايه يا لوليتا، ايه رأيك لما تتكبري تتجوزيني.
نظرت له الصغيرة باندهاش وهي تلعب بيديها في الهواء، الي ان ارتطمت يدها بوجه محمد كصفعة دون قصد تحسس وجنته يهتف بألم: لاء بنت خالد بصحيح خالد ضاحكا: احسن بتعاكس بنتي قدامي يا حيوان محمد: انت عارف انا لو عندي ولد خالد: كنت هتعمل ايه يعني محمد: ولا اي حاجة خالص تعالت ضحكات الجميع، خرجت لينا وهي ترتدي فستان ازرق طويل بلون عينيها وحجاب ابيض ذهبت واحتضنت زينب وجلست بجانبها: ماما زينب حضرتك وحشتيني اوي.
زينب مبتسمة: وانتي كمان يا حبيبتي وحشتيني اوي أوي، مش عايزة تيجي تنوري بيتك بقي انتي وجوزك ابتسمت تهمس بخجل: الي يشوفه خالد يا ماما انا معاه مكان ما يروح محمد غامزا: ايوة يا عم بسط خالد يده في وجه محمد: اعطيله خمسة تعالت ضحكاتهم مرة اخري الي ان جاءت رحمة ووضعت المشروبات خالد بجد: قولي أخبار الشغل ايه تنهد محمد بحزن: ماشي الحال، بس انا مش عارف اشتغل من غيرك.
خالد ضاحكا: انت ليه محسسني اننا واخدين بعض عن حب محمد ضاحكا: والله انت رخم، غور يالا ابتسم بثقة: ما تقلقش يا ابني أنا راجع مش خالد السويسي اللي بتكسر بالسهولة دي، اخبار البت لوجين ايه محمد مبتسما: كويسة هبقي اجبهالك معايا المرة الجاية هتف بضيق يهز رأسه نفيا؛ لاء يا محمد ما تجيبهاش هنا تركهم وخرج الي الشرفة نظر له الجميع بحزن محمود: طول عمره دماغه ناشفة زينب: لينا حبيبتي، انتي عارفة ان خالد بيحبك اوي صح.
هزت لينا رأسها إيجابا لتكمل زينب بإلحاح زينب: حاولي تقنعيه يا بنتي انه يرجع بيته عشان خاطري يا حبيبتي حركت رأسها ايجابا: حاضر يا ماما هحاول خرج محمد يقف بجانبه خالد: ما تجبهاش يا محمد، المكان دا نظر محمد له بحزن: حاضر يا خالد، انا اسف يا صاحبي خالد: انت عبيط ياض بتعتذرلي ليه، انت ذنبك ايه في الي حصل محمد: ، ذنبي اني ابنه يا خالد خالد: لا تزر وازرة وزر اخري يا صاحبي.
محمد: طب يا ابني اسمع كلام عم محمود وروح اشتغل معاه في المصنع نظر له خالد بهتف بجد: أنا خايف عليه صدقني قطب جبينه باستفهام يهتف بفضول: من ايه خالد بجد: من اللي ورا رفعت، رفعت طرف الخيط مش هو اللي مخطط لكل دا رد محمد سريعا: أنا بردوا شاكك في جاسم.
هز رأسه نفيا بهدوء: ولا جاسم، انا ما انكرش اني شاكك فيه بس دي مش دماغ جاسم، دي دماغ اعلي حد بيلف الحبل حواليا، شخص عارف كل معلومة عني، حاططني دايما تحت عينيه، فاكر المخزن اللي لينا كانت مخطوفة فيه.
هز محمد رأسه إيجابا باهتمام ليكمل خالد: فاكر لما قولتلك أنا شوفت راجل لابس اسود واقف جنب المخزن، أنا لسه فاكر شوية ملامح منه، الراجل دا شوفته يوم ما سبت الفيلا كان واقف بعيد بيتكلم في التليفون تعبيرات كانت بتقول أن هو بيبلغ حد تاني اللي بيحصل اتسعت عيني محمد بدهشة؛ دا كدة يبقي الموضوع كبير اوي، بس تفتكر مين الشخص دا.
هز رأسه نفيا يهتف بضيق: مش عارف بس مصيري هعرفه، صحيح أنا بكلم سراج بقالي كام يوم موبيله مقفول عايزك توصله بأي طريقه محمد بجد: تمام قاطع كلامهم مجئ رحمة تخبرهم ان الطعام قد اعد جلس خالد ومحمود ومحمد على تلك الطاولة الصغيرة، بينما ذهبت زينب ولينا ورحمة الي غرفة لينا ووضعوا الطعام على صينية على الفراش زينب: قوليلي يا حبيبتي، عاملين ايه لينا: الحمد لله يا ماما احنا كويسين.
زينب: طب بذمتك عارفة تعيشي في المكان دا بس جاوبي بصراحة هزت رأسها نفيا: بس انا مستحيل ابعد عن خالد، انا معاه مكان ما يروح زي ما قولت لحضرتك زينب: حاولي يا بنتي عشان خاطري تقنعيه يرجع بيته هزت رأسها إيجابا، ففتحت زينب حقيبتها واخرجت حفنة نقود زينب: خدي دول يا حبيبتي شخصت عينيها بذعر تهز رأسها نفيا سريعا: لا لا ما اقدرش.
زينب: اسمعي الكلام، عمك محمود كان عايز يديهم لخالد بس انتي عارفة خالد عنيد ومش هيرضي ياخدهم، خديهم يا حبيبتي وخليهم معاكي واصرفي منهم من غير ما خالد يعرف.
همست باضطراب: ماما زينب أرجوكي قدري موقفي خالد لو عرف ان انا اخدت من حضرتك فلوس، هيقلب الدنيا، وبعدين احنا الحمد لله لسه معانا فلوس، خالد شايلهم على جنب زينب: كام يعني لينا: 8 الالف جنية.
زينب: ودول هيكفوا ايه ولا ايه ايجار الشقة دي ولا مصاريف البيت ولا الكهربا ولا علاج الاعصاب بتاع خالد ولا لبن لوليتا ولا علاج منع الحمل بتاعك، دوول ما يكفوش شهرين على بعض، اسمعي الكلام بقي وخدي الفلوس، عشان خاطري يا بنتي خليني ابقي مطمنة عليكوا.
فتحت زينب يد لينا ووضعت بداخلها النقود نظرت لينا الي رحمة نظرة متوترة خائفة فردت عليها رحمة بنفس النظرة فكلتاهما يعرفن ان ردة فعل خالد ان عرف ستكون سيئة للغاية ربطت زينب على يدها لتطمئنها اخذت لينا النقود واخفتها في احدي الحقائب الكبيرة بعد مرور بعض الوقت، قام محمود وزينب ومحمد وودعوا خالد ورحلوا.
وتوالت بعدها الايام دون جديد، مر اكثر من اسبوعين، تعرف فيهم خالد على طه والد اسلام وتوطدت علاقة لينا بسعاد وبدور وخصوصا خالد الذي اعتبرها تعويضا عن ابنته الراحلة واحبها كابنته وأصبح يأتي لها بالحلوى كل يوم هي ولوليتا الصغيرة في أحد الأيام نزل خالد لورشته مع إسلام كالعادة، وذهبت والده إسلام الي لينا ومعها الصغيرة بدور لينا مبتسمة: اهلا و سهلا يا طنط اتفضلي دخلت سعاد ومعها بدور.
لينا مبتسمة: اهلا أهلا ببدر البدور كلهم بدور: ابلة لينا، فين النونة، فين بابا خالد لينا مبتسمة: بابا خالد في الورشة تحت والنونة نايمة جلست سعاد وبدأت تثرثر كعادة الست المصرية الأصيلة مع رحمة ولينا تشارك بكلمات قليلة كعادتها الي ان استيقظت الصغيرة، فذهبت لينا واخذتها من مهدها وعادت اليهم فبدأت بدور الصغيرة تلاعبها والصغيرة تضحك ولينا تنظر لهم بابتسامة.
الي ان دق باب المنزل، ذهبت لينا وهي تحمل الصغيرة فوجدت امرأة، اصابتها بالذعر، عجوز بشرتها سوداء مجعدة تتشتح بالسواد من رأسها الي اخمص قدميها، نظرة عينيها خبيثة ماكرة لينا بصوت متردد: مممين حضرتك.
رواية أسير عينيها الجزء الثاني (جنون عاشق) للكاتبة دينا جمال الفصل الرابع عشر
ذهبت لينا وهي تحمل الصغيرة فوجدت امرأة، اصابتها بالذعر، عجوز بشرتها سوداء مجعدة تتشتح بالسواد من رأسها الي اخمص قدميها، نظرة عينيها خبيثة ماكرة لينا بصوت متردد: مممين حضرتك نظرت تلك السيدة ناحية لوليتا الصغيرة نظرات خبيثة ماكرة لاحظتها لينا لتخفي الصغيرة في حضنها كأنها تحميها من تلك النظرات هتفت بحدة حينما لاحظت نظرات العجوز الماكرة: انتي مين يا ست انتي وعايزة ايه.
تحدثت العجوز بصوت اجش: أنا قبضة، الست أم إسلام عندك، خبطت عليها ما لقتش حد، وسمعت صوت البت بدور جاي من عندك، هي عندك مش كدة هزت رأسها ايجابا بحيرة لتسمع صوت سعاد تهتف من خلفها بترحاب: اهلا أهلا يا قبضة خير يا حبيبتي نظرت قبضة للينا توجه كلامها لسعاد: عيزاكي في موضوع مهم يا ست ام اسلام.
سعاد مبتسمة بود: حاضر يا اختي اتفضلي معايا، وجهت كلامها للينا، معلش يا حبيبتي هشوفها عايزة ايه وارجعلك لتصيح بصوت عالي، يلا يا بدور لينا: خليها على ما حضرتك ترجعي سعاد: ماشي يا حبيبتي مش هتأخر، يلا يا قبضة، اخذت سعاد قبضة ودخلت الي شقتها تاركة الباب مفتوح، بينما عادت لينا الي شقتها مرة اخري.
كانت بدور تلعب مع لينا والصغيرة عندما هبت فجاءة تصيح بحماس: عارفة يا ابلة بابا جابلي لعبة حلوة اوي امبارح ثواني اروح اجيبها ونلعب بيها انا ولويتا.
هزت لينا رأسها إيجابا بابتسامة واسعة فذهبت بدور مسرعة الي شقتها لأن، ذهبت الي غرفتها واحضرت تلك اللعبة الصغيرة مرت جوار غرفة الصالون التي تجلس فيها والدتها مع تلك السيدة لتسمع ما جعل الدماء يتجمد في عروقها خوفا، اتسعت عينيها بذعر، القت تلك اللعبة من يدها، لتفر هاربة من المنزل نزلت تركض على درجات سلم البيت ومن البيت للشارع لسوء الحظ كان إسلام داخل الورشة لم يراها ولحسن الحظ لمحها خالد وهي تركض، فهتف سريعا وهو يخرج من الورشة: إسلام خلي بالك من الورشة هروح اجيب سجاير.
إسلام من الداخل: حاضر يا باشا هرول خلفها يحاول اللحاق بها ولكنها كانت تركض سريعا وكأنها تهرب من شئ خرجا من الشارع ومن الحي بأكمله وهو يحاول اللحاق بها، نادي عليها بصوت عالي: بدور التفت خلفها بخوف لتجده هو لتبدأ بالركض مرة اخري ولكن هذه المرة كانت تركض تجاهه، احتضنت ساقه تبكي بخوف هبط على ركبتيه بجانبها يربط على شعرها برفق هتف بحنو: مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه وكنتي بتجري ليه كدة.
ظلت تبكي وتشهق في بكاء حارق، مسح دموعها يربط على ظهرها برفق: اهدي يا بدور مالك يا حبيبتي حد زعلك ردت من بين شهقاتها: ماما، ماما، عايزة تدبحني قطب جبينه باستفهام مما تقول ليهتف بمرح: هتلاقيكي عملتي شقاوة، يا حبيبتي ماما بتهزر معاكي مش هتدبحك ولا حاجة هزت رأسها نفيا بعنف تحدث بصوت باكي: لاء هتدبحني، هتوديني للست العجوزة، عشان تدبحني، نهلة صاحبتي في المدرسة، مامتها، ودتها للست العجوزة ودبحتها وماتت.
امسك كتفيها ببعض الحزم يهتف بجد: بدور براحة وفهميني عشان مش فاهم منك حاجة بدأت تقص عليه ما سمعت لتشخص عينيه بذهول، لا يصدق ما يسمعه حقا، ابتسم برفق ليطمئها خالد مبتسما: ما تخافيش يا بدور ما تخافيش يا حبيبتي، بابا مش هيسمح لحد يإذيكي ابدا، تعالي معايا سألته ببراءة: هنروح فين قرص خدها الممتلئ برفق: عند ابلة لينا هتفت بذعر تلوح بيدها رفضا: لا لا ماما هتشوفني وتاخدني عشان الست تدبحني.
ربت على شعرها بحنان: ما تخافيش يا حبيبتي ما حدش هيعرف انك هناك والا اقولك تعالي هوديكي مكان حلو هيعجبك اوي امسك يدها متجها بها الي احدي حدائق الأطفال لتتناسي خوفها.
رجوعا الي الحارة انهت سعاد محادثتها مع تلك السيدة لتعود لشقة لينا لتسألها لينا بابتسامة صغيرة: اومال فين بدور سعاد: هي مش هنا لينا: لاء، قالتلي انها هتروح تجيب لعبة من عندكوا وترجع وما جتش سعاد: ، طب استني اخش اشوفها.
دلفت سعاد الي شقتها مرة اخري فوجدت تلك اللعبة ملقاة ارضا التقطها لتصيح بصوت عالي تنادي على ابنتها: بدور بت يا بدور بدور انتي يا بت يا بدور من غرفة لاخري تبحث وتنادي لتشهق بخوف لطمت بيدها على صدرها: يالهوي البت راحت فين عادت مهرولة الي لينا تهتف بفزع: بدور مش في الشقة قطبت لينا حاجبيها بقلق: اومال راحت فين جلست سعاد ارضا تنوح وتبكي: بنتي، بنتي راحت فين، روحتي فين يا بدور.
هتفت سريعا لتهدأها: يمكن نزلت لخالد واسلام الورشة امسكت سعاد هاتفها واتصلت بإسلام سعاد باكية: ايوة يا اسلام إسلام بقلق: مالك يا امي بتعيطي ليه سعاد باكية: بدور عندك تحت ردد بدهشة: بدور، لاء مش عندي صاحت باكية: بدور ضاعت يا اسلام، بدور مش لاقيها، بنتي انا عايزة بنتي هتف إسلام بفزغ: يعني ايه ضاعت هي مش كانت في الشقة، انا ما شوفتهاش نازلة سعاد باكية: انا عايزة بنتي يا إسلام رجعلي بنتي، كلم ابوك ودورا عليها.
اسلام سريعا: حاضر، حاضر ما تقلقيش ان شاء الله هلاقيها بس دوري عليها عندك كويس يمكن عاملة مقلب ومستخبية اغلق إسلام الخط ترك الورشة راكضا الي دكان أبيه هتف بنبرة سريعة متلهفة، يتنفس بصعوبة من الركض: الحق يا حج مش لاقيين بدور انقبض قلب طه قلقا يهتف بفزع: يعني ايه مش لاقينها قص اسلام عليه ما قالته له والدته انطلق كل منهم يبحث في اتجاه.
بينما وفي الاعلي كانت سعاد تقلب البيت على بدور كأنها فأر صغير، حتى انها كانت تبحث في ادارج الدولايب الصغيرة عنها امسكت لينا هاتفها واتصلت بخالد تستنجد به لينا بلهفة: الو، ايوة يا خالد الحقنا بدور مش لاقينها هتف بهدو: حد جنبك تعجبت من سؤاله نظرت حولها فلم تجد احدا: لاء ما فيش خالد: ما تخافيش بدور معايا لينا بلهفة: معاك، معاك ازاي وانتوا فين وهي اصلا خرجت ازاي واسلام ما شفهاش.
خالد: هحكيلك كل حاجة لما اجي، اهم حاجه دلوقتي، مش عايز اي حد يعرف ان بدور معايا سألته بتعحب: ليه خالد: هفهمك كل حاجة لما اجي، ما تنسيش يا لينا ما تقوليش لحد لينا: حاضر، حاضر مع السلامة خالد: سلام اغلقت الخط تتنهد بارتياح عندما علمت ان الصغيرة مع خالد ولكنها تعجبت بشدة لما رفض أن تخبرهم بانها معه لينا في نفسها: ، انا مش فاهمة حاجة خالص ااااه من دماغك يا ابن السويسي هتجنني، بس الحمد لله ان بدور بخير.
ظلت سعاد تصرخ وتنوح وتبكي وهي تنادي على بدور وبجانبها رحمة تواسيها وقفت لينا بعيدا تنظر لها بشفقة بصعوبة سيطرت على فمها حتى لا تخبرهم، تعرفه جيدا لا تخفي شيئا الا لأمر هام وخطير هتفت في نفسها: يااارب ترجع على طول يا خالد حل الليل دون جديد ودون أثر للصغيرة بدور اتصل خالد بإسلام خالد بقلق: أيوة يا اسلام، لقيتوا بدور، لينا اتصلت بيا وقالتلي أنها تاهت.
تنهد بتعب: لاء يا باشا لسه انا هتجنن عليها عارف هي راحت فين ولا عاملة ايه نظر خالد لبدور الصغيرة التي تقفز وهي ممسكة بيده، تأكل المثلجات بسعادة خالد: إن شاء الله هي كويسة ما تخافش، انا هتصل بواحد زميلي في الداخلية اخليه يساعدكوا اسلام بلهفة: يا ريت يا باشا، هيبقي جميل في رقبتي هشيلهولك العمر كله خالد: ما تقولش كدة يا ابني، أنت زي اخويا، وبدور زي بنتي، صحيح انت فين.
اسلام: انا بدور في المستشفيات، وابويا بيدور في الأقسام خالد: لو عرفت اي جديد طمني إسلام: حاضر يا باشا، مع السلامة اغلق خالد الخط، نظر لبدور حينما قالت بنعاس: بابا خالد انا تعبت وعايزة انام ابتسم يربط على شعرها برفق: حاضر يا حبيبتي هنروح دلوقتي اتصل بلينا فأجابت سريعا لينا بلهفة: ايوة يا خالد انت ما جتش لحد دلوقتي ليه وفين بدور خالد ضاحكا: يا بنتي اخلصي من شخصية وكيل النيابة دي بقي.
هتفت بضيق: انت كمان بتهزر يا خالد، طنط سعاد هتموت من القلق على بدور خالد: هي عندك لينا: لاء راحت شقتها من شوية خالد: طب انا قدامي عشر دقايق وابقي عندك افتحي باب الشقة من غير ما تنطقي ولا كلمة هتفت سريعا: حاضر، حاضر بس ما تتأخرش اغلقت الخط متجهه ناحية باب المنزل فتحت جزء صغير منه لتجده يدخل في لحظات يغلق الباب خلفه سريعا، أسرعت تضم الصغيرة تهتف بعتاب: كدة يا بدور، كدة تقلقينا عليكي.
هتف بحزم: خدي بدور تنام يا لينا، هي تعبانة وعايزة تنام، وما تسأليهاش عن حاجة هزت رأسها إيجابا، امسكت بيد الصغيرة دخلت الي غرفتها جلست بجانبها الي ان نامت فانسحبت بهدوء وخرجت من الغرفة وجدته جالسا على الاريكة يدخن احدي سجائره وينظر امامه بشرود لينا بهدوء: خالد رفع نظره نظراته جامدة هادئة، ألقي السيجارة يسحقها تحت حذائه، اشار لها أن تذهب وتجلس بجانبه، فعلت ما طلب، هتف بهدوء: هفهمك كل حاجة.
نظرت له باهتمام وهو يخبرها ما قالته له بدور لتشخص عينيها بخوف وضعت يدها على فمها لتمنع شهقتها الفزعة من الخروج: مش معقول طنط سعاد تعمل كدة في بدور، لاء طبعا مش معقول خالد: الست الي جاتلها هي السبب لينا: الست دي شكلها مرعب، وكانت بتبص لوليتا بصات تخوف.
هب يهتق بحدة: وحياة امها لاندمها على اللحظة اللي بصت فيها لبنتي، الست دي نهايتها على ايدي هي الي بتزرع في دماغك الستات الافكار القذرة دي وعشان الستات الي عايشين هنا غلابة بيصدقوها أمسكت بذراعه تهدئه: طب احنا مش هنقول لمامتها انها هنا خالد: لاء، لما اتكلم مع اسلام وعم طه الأول لينا: ماشي يا حبيبي، مش هتيجي تنام خالد: روحي انتي نامي جنب بدور وأنا هنام هنا، تصبحي على خير لينا: وأنت من اهله.
دخلت الى غرفتها، جلست بجانب بدور تمسد على شعرها بحنان، اشفقت عليها مما سمعت وحدث لصديقتها، لتجد فجاءة جسد الصغيرة يتنفض بشهقات باكية وهي نائمة: لاء، لاء الحقني يا بابا هتدبحني، هتدبحني انتفضت لينا تهدئها سريعا: بدور حبيبتي، اهدي يا حبيبتي دا كابوس اخذتها بين ذراعيه بحنان تمسد على شعرها، سمعت دق على باب الغرفة خالد: لينا، ممكن ادخل لينا: تعالا يا خالد.
فتح الباب ودخل متجها ناحيتهم فخرجت بدور من حضن لينا وارتمت بين ذراعيه بدور باكية: بابا خالد، مش تخليهم يدبحوني خالد: ما تخافيش يا حبيبتي، ما حدش هيقدر يلمس شعرة منك وانا موجود، ما تخافيش يا حبيبتي، ما تخافيش يا سما! بابا مش هيخليهم ياخدوكي مني تاني شخصت عينيها بذهول، هل يظن ان بدور هي ابنته سما المتوفية.
ظلت بدور بحضن خالد الي ان نامت فوضعها برفق على الفراش وضع عليها الغطاء وخرج من الغرفة وسط ذهول لينا وصدمتها تأكدت لينا ان بدور نائمة فخرجت من الغرفة تبحث عنه فوجدته يقف في الشرفة يدخن السجائر، كادت ان تدخل عندما تذكرت تحذيراته الصارمة بشأن خروجها للشرفة فوقفت خارجا لينا: احم، خالد لف رأسه اليها، ثم عاد ونظر امامه يتفحص الشارع والبيوت حوله بعينيه ليقول خالد: ادخلي يا لينا ما فيش حد في الشارع.
دخلت ووقفت بجانبه تنظر إلى الشارع الفارغ من المارة، وتلك الورشة المقابلة لهم وهي مغلقة، وجهت نظرها لخالد الذي يقف هادئا يدخن سيجارته لينا: مش انت قولتي انك هتبطل السجاير خالد: بعدين، انا مخنوق ومحتاج حاجة اخرج فيها غضبي وهنا ما فيش بوكس ( ملاكمة) اخذت نفس عميق تستعد لما ستقول: خالد، بدور مش خالد مقاطعا: بدور مش سما، انا لسه ما اتجننتش تلعثمت بارتباك: اصلك انت يعني.
خالد مقاطعا: قولتلها يا سما عارف، انا ما قدرتش احمي سما يا لينا، لو كانت سما عايشة كانت بقت قد بدور دلوقتي، كان نفسي اخدها في حضني وهي عايشة كان نفسي أسمعها بتقولي بابا فرت دمعه هاربة من عينيه مسحها سريعا يهتف بحرقة: عارفة، كل ما افتكر ان الكلاب دول عروا جسم بنتي دبحوها نار بتجلد كل حتة فيا.
ربطت على كتفه بحنان: خالد، ما تحملش نفسك فوق طاقتها انت ما كنتش تعرف اصلا أن عندك بنت، الغلط مش عليك الغلط على رحاب عشان ما قالتلكش هتف بحدة: لاء انا الغلطان، انا ما اعرفتش احميها، طفلة عندها سبع سنين اتخطفت واتدبحت وسرقوا أعضائها، انتي متخيلاها وهي بتصرخ وهي بتعيط متخيلاها وهما بيقطعوا هدومها وبيعروا جسمها، انتي عمرك ما هتحسي بالنار الي جوايا تركها وخرج من الشرفة جلس على الأريكة يخفي وجهه بين كفيه.
ذهبت خلفه جلست على ركبتيها بجانبه ارضا هتفت برفق: فاكر يا خالد لما قولتي انتي مش بس مراتي، انتي حتة مني صدقني يا خالد انا حاسة بالنار اللي جواك، بس الي أنت بتعمله في نفسك دا مش هيرجع الي راح سما في مكان أحسن بكتير من الدنيا دي سما في مكان ما فيهوش خوف ولا ألم ولا حزن رفع وجهه لها فرأت تلك الدموع الحبيسة بعينيه، مدت يدها تمسك بكف يده تقبلها.
لينا بحنان: عشان خاطري بلاش الدموع دي أنت قولت قبل كدة مش خالد السويسي الي يعيط، عشان خاطري ما تعملش في نفسك كدة هبط امامها يلقي برأسه بين ذراعيه يضمها بشدة شعرت ان عظاهما تكاد تتفتت من عناقه الساحق ولكنها تحملت ولم تنطق خالد بألم: اوعي تسبيني يا لينا، اوعي في يوم تفكري تسبني حتى لو انا قولتلك كدة، انتي الحاجة الوحيدة الحلوة الي في حياتي هتفت بحنان وهي تمسد على شعره: عمري ابدا ابدا ما هسيبك يا خالد.
ارتفع أذان الفجر في الجامع القريب من البيت لينا مبتسمة: الفجر بيأذن ايه رأيك نصلي جماعة ابتعد قليلا عنها يقبل جبينها بامتنان: ربنا يخليكي ليا، يلا قومي اتوضي هزت رأسها إيجابا، قامت متجهه الي المرحاض، توضأت وارتدت اسدال أزرق بلون عينيها خرجت له وجدته انتهي من الوضوء ويقف في الغرفة يفرد سجادة الصلاة همست بخفوت: احم، انا خلصت.
رفع عينيه ينظر لها مطولا صدقا لم يستطع أن يحيد بعينيه عن هالة البراءة التي طغت المكان وجد لسانه يتحرك يهتف بعشق وقف البدر متفاخرا قال من يضاهيني جمالا أنا المنير في ظلام الليل لا جمال بعد جمال نورِ فلما رائكي رجع خائبا وقال هي بدر البدورِ اخفضت عينيها خجلا وجنتيها على وشك الانفجار من الخجل همست بخجل: ممكن تبطل تكسفني بقي هتف بحالمية: ابعدي سحر عينيكي عني وأنا أبطل اكسفك.
همست بغيظ من الخجل: يوووه بقي ما فيش فايدة فيك خالد ضاحكا: خلاص خلاص، يلا عشان نصلي وقف اِمامًا لها، بدأ يصلي وهي خلفه، إلي أن انتهوا همست بسعادة: تقبل الله ابتسم برفق: منا ومنكم، ايه رأيك لما المشكلة دي تخلص نطلع نعمل عمرة نبدأ من جديد لينا بسعادة: بجد هز رأسه إيجابا يؤكد كلامه: بجد يا حبيبتي ايه رايك هتفت بسعادة: موافقة جدا جدا جدا جدا.
خالد مبتسما: تتحل المشكلة دي وترجعلي فلوسي وهنطلع نعمل عمرة على طول، يلا بقي روحي نامي شوية لينا مبتسمة: حاضر تصبح على خير خالد مبتسما: وأنتي من اهله ذهبت الى غرفتها خلعت اسدالها، استلقت بجانب بدور تبتسم بسعادة اغمضت عينيها لتنام لتعاود فتحهما سريعا هبت من على الفراش متجهه ناحية حقيبتها الكبيرة واخذت ذلك المعطف الكبير، ذهبت ناحية الفراش واخذت احدي الوسادات وغطاء، حملتهم بصعوبة وخرجت له.
فوجدته ممدا على الارض يضع ذراعه تحت رأسه، كانت تعرف انه لن يستطيع النوم على الاريكة فهي صغيرة جدا عليه لينا: احم، خالد فتح عينيه ينظر لها باستفهام: ايه الي انتي جيباه دا لينا: اكيد مش هسيبك تنام على الأرض خد مني الحاجة دي لو سمحت عشان تقيلة اقام والتقط منها الغطاء والوسادة بينما اخذت المعطف وفردته على الارض واخذت منه الوسادة ووضعتها عليه ثم وضعت الغطاء عليه لينا مبتسمة: يلا تصبح على خير.
خالد: استني يا لينا مش دا البالطو الفرو بتاعك الي انتي بتحبيه، دا انتي ما بتخليش حد يلمسه، ازاي تفرشيه على الأرض اقتربت منه تشب على أطراف أصابعها همس بخجل: انا بحبك أنت اكتر من اي حاجة في الدنيا، لتقبله على خده وتفر هاربة الي غرفتها خالد ضاحكا: بحبك يا مجنونة في صباح اليوم التالي استيقظت بدور، قامت تنظر حولها باستغراب فوجدت لينا نائمة بجانبها بدور: ابلة لينا، ابلة لينا.
فتحت عينيها تبتسم بنعاس: صباح النور يا بدور بدور مبتسمة ببراءة: صباح الخير، فين بابا خالد نظرت لينا الي الساعة فوجدتها لا تزال الثامنة لينا: بابا خالد، نايم برا تعالي يلا نروح نصحيه خرجت لينا وبدور من الغرفة فوجدتا خالد نائم على الأرض تقدمت لينا منه بهدوء وجلست بجانبه وامسكت خصلة من شعرها تداعب بها انفه، كانت تظن انه نائم ولكنها وجدت نفسها فجاءة تجذب بشدة فسقطت بين ذراعيه.
فتح خالد عينيه وابتسم بمكر: تعالي بقي اتسعت عينيها بفزع: خااالللد مممما ينفعش اقترب منها حتى كاد ان، حينما سمع صوت يهتف بحدة من خلفه: كدة عيب يا بابا انتفض خالد فزعا يبعد لنا عنه خالد مبتسما بتوتر: احم، بدور حبيبتي عاملة ايه نمتي كويس ذهبت بدور اليه وهي عاقدة ذراعيها امام صدرها تهتف بحزم: عيب يا بابا ولد يبوس بنت، ماما قالتلي كدة عيب اخفض رأسه بندم مصطنع: أنا آسف يا بدور مش هعمل كدة تاني.
قاطعهم صوت طرقات على الباب خالد بجد: لينا خدي بدور وخشي الاوضة هزت رأسها إيجابا واخذت بدور ودخلت غرفتها بينما ذهب خالد وفتح الباب ليجد اسلام يقف حالته رثة عيناه حمراء من قلة النوم تجمعت الهالات السوداء تحتها تبدو ملامحه في قمة الارهاق والتعب اسلام بتعب: صباح الخير يا باشا انا اسف اني صحيتك بدري، انا بس كنت عايز اسأل حضرتك عن صاحبك الي قولتي عليه عرف اي معلومة عن بدور.
خالد: ادخل يا اسلام انا عارف بدور فين وكأن الحياة عادت له بتلك الجملة نظر الي خالد بلهفة: عارف، طب هي فين، كويسة هي كويسة خالد: هي بخير ما تقلقش المهم هات الحاج طه وتعالالي على هنا من غير ما تقول ولا كلمة لو عايز بدور ترجع إسلام سريعا: حاضر، حاضر دلف خالد الي المنزل وترك الباب مفتوحا دقائق ودخل طه بلهفة طه بلهفة: خير يا ابني اسلام بيقولي ان عندك اخبار كويسة خالد: اقعد يا حاج وهفهمك كل حاجة.
جلس طه على احد الاريكتين بجانبه إسلام وجلس خالد على الاريكة المقابلة لهم خالد: هي الست ام اسلام عاملة ايه دلوقتي اسلام: ما نمتش طول الليل وعمالة تعيط خالد: ليه كان سؤال غريب مفاجئ نظرا له بدهشة فوجداه ينظر لهما بهدوء ينتظر الإجابة طه: عشان بنتها عارف يعني ايه بنتها ضاعت ومش عارفة هي كويسة ولا لاء عايشة ولا لاء ام اسلام بتحب بدور أكتر من نفسها خالد: طالما بتحبها اوي كدة ليه كانت عايزة تسلمها للموت.
طه بدهشة: موت، موت ايه الي انت بتقول دا، الكلام دا مستحيل خالد: بص يا عم طه من غير كلام كتير، الست سعاد والدة بدور كانت عايزة تعمل عملية ختان لبدور.