logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif رواية فرط الحب
  21-12-2021 12:34 صباحاً   [19]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل العشرونبعد عدة أيام أصر ريان على تجميع أسرته مخصصًا يومًا أسبوعيًا يجتمع فيه الأخوة الثلاث بشركاء حياتهم متأثرًا بخطاب شقيقه الذي لفت انتباهه إلي التقصير الأسري المحاط بدائرتهم وسلبية وجودهم في حياة بعضهم البعض فقط وقت الضيق والمصائب.فقرر أن يصلح الأوضاع بصفته الأخ الأكبر الذي يقع على عاتقه الاهتمام بترابطهم وقت الفرح قبل الشدة، وقد وضع خطة لتصويب أخطاءه نحوهم بإمساك لجام المسئولية في حياتهم والتعويض عن واجب أهمله عندما تخلى عنهم بسفره في أنانية بحتة باحثًا عن ذاته بعيدًا عنهما.نعم كان يرسل لهم الأموال التي يحتجانها ولكن ما فائدة الأموال وقد أُرهقت القلوب بالوحدة والأحزان؟ابتسمت "ريم" وهي تتذكر انفعاله أثناء حديثة عن "بيجاد" الذي يهمل زوجته ويدفعها بغبائه لأن تتركه، وقتها ودت "ريم" لو تخبره بانه لا يقل غباءً عن أخيه لكنها قررت الصمت راضية بالتغيير الطارئ على شخصيته القاسية في خطوة تترجمها في قاموسها بأنها خطوة طيبة كريمة لشخص أناني كان يبخل في الاعتراف حتى بمشاعره نحو أحبائه.ورغم قساوة الوضع إلا إن هناك جزء مظلم داخلها سعيد بانه لم يقتصرها وحدها بهذا البخل العاطفي حتى أشقائه لم يسلما منه، ويمنحها هذا الشعور مبرر لمسامحته أكثر وأكثر، ارتبكت عندما سعلت وسام لتعيدها للواقع بعيدًا عن سارق أفكارها فقالت في توتر منتبهة للصمت الحاد بينهم:-هجبلكم الفشار لحد ما ريان يوصل بالغدا.تحركت في خفة فضربت وسام مرفقها بجسد ليان التي تعطيها ظهرها وتلاعب عمر، هامسة بفم مقلوب في عدم رضا:-انتي بتهببي ايه، انتي كده بتحرجيها مش بتحسني الوضع بينكم.-انا عملت أيه ؟أنا سيباكم براحتكم وبلعب مع عمر.ضربت وسام يدها على رأسها بنفاذ صبر لتخبرها:-أكيد ريان لما عزمنا، مكنش عشان تلعبي مع عمر، حقيقي انا بدأت أشك في ذكاءك خصوصًا بعد اللي عملتي مع أحمد.وضعت ليان يدها فوق فمها بوجه شاحب تطلب منها الصمت لتوبخها:-وسام بلاش تندميني اني حكيت عن حاجة، وانتي عارفة كويس اني مقصدتش اللي قولته لأحمد.زفرت وسام في حنق وهي تعتدل على الاريكة تطالع الركن البعيد تتأكد من غياب ريم لتستكمل:-يا مزغودة انا مش قصدي أضايقك بس أنتي تصرفاتك بتطلع عكس مشاعرك ودي مشكلة كبيرة يا ليان.-خلاص بلاش كلام هنا أرجوكي.توسلت ليان وهي تضغط فوق عينيها في حرج فأكملت وسام:-ماشي بس حاولي تندمجي معانا أكتر، وأحمدي ربنا ان ريم بتتعامل مع الموقف كده، عارفه ده معناه أيه؟-أيه؟تحركت أعين ليان داخل مقلتيها بتفكير قبل أن تسألها في غباء، فضربت وسام أعلى رأسها مزمجره من بين أسنانها بنبرة خافتة:-صبرني يارب، معناه انها بتديكي فرصة عشان الحياة ترجع طبيعية، فحتى لو مرجعتوش زي الأول بس على الأقل هي عايزة تتعايش مع الموقف عشان خاطر أخوكي ولازم تظهري امتنانك مش تفضلي قاعدة زي اللوح كده.صمت كلاهما في ارتباك عندما خرجت ريم التي عكست ارتباكهما بسبب صمتهم المفاجئ الذي يفشي بأنها كانت محور حديثهما، قاطعت وسام التوتر الذي ملء المكان بين ثلاثتهم قائلة:-تسلم إيدك، ااه صحيح مكملتيش الست عملت ايه لما ريان طردها.جلست ريم جوارها محاولة تفادي النظر إلي ليان ثم ابتسمت بخفة متذكرة تهليل سونيا الذي عقب طردها من المنزل مجيبة:-ولا حاجة مشيت وبعدها خرجنا قضينا اليوم عادي.-مجنونة مش مصدقة انك عرضتي عليه عروسة فعلًا بعد ما كنتوا خلاص.قالت وسام وهي تضرب كف فوق الأخر، فبررت ريم في سرعة بابتسامة منتصرة:-لا والله ما حصل، أنا آه كلمتها بس كان من فترة لما هو استفزني وقالي عايز عروسة، بس هي اللي مجنونة وطبت علينا زي القضا المستعجل.-أحسن عشان يحرم يضايقك تاني!تدخلت ليان بابتسامة مترددة وقد عزمت على المحاولة والاندماج بينهما، فأرسلت لها ريم في أدب وهي تومأ رأسها بالموافقة.-أنا هكلم ريان أشوفه اتأخر ليه؟-قوليله اوعى ينسى يعدي على بيجاد يجيبوا معاه.قالت وسام في لهجة سريعة متلهفة فضحكت ريم محركة رأسها بالموافقة.وضع ريان الطعام داخل السيارة ثم تنفس الصعداء سعيد بتلقي طلبيته بعد أن تأخر المطعم كثيرًا في تسليمه، الهاهُ عن تذمره رنين الهاتف ليجيب سريعًا:-عارف اتأخرت بس المطعم كان زحمة، اديني نص ساعة وهكون عندكم انا استلمت الأكل خلاص.ابتسم وهو يتحرك بالسيارة قائلًا في صوت مُسكر ببحته الرجولية:-طيب مش عايزة تقوليلي حاجة تانية؟سقطت ملامح وجهه وهو يستمع لها ليخبرها في نبرة غليظة:-بيجاد أيه دلوقتي، حاضر يا ستي مش هنساه!صمت وارتفع طرف فمه في ابتسامه مسلية مستكملًا:-براحتك يا ريم اتقلي عليا كمان، أنا سايبك بس عشان بحبك.عض ريان شفتيه يعلم انه يعكس نفس حركتها فبرغم انه لا يراها لكن انفاسها المضطربة تصله وتؤكد له بأنه ان اغمض عينيه سيتمكن من تصور وجنتها الحمراء الخجلة واسنانها الصغيرة كاللؤلؤ تقبض على شفتيها تمنع كلماتها الحلوة عقابًا له، أخرجه صوتها الناعم من جنة خيالاته ليجيبها بنبرة تعكس الحرارة داخله لكنها نجحت في مداعبة قلبها:-مش هتأخر يا ام قلب حنين.ضحك عندما خرج أسمه من لسانها موبخًا في دلال طفولي قبل ان يغلقا الهاتف، كم يعشقها ويود لو يمحي الحياة وكل ذكرياتها ولا يبقى فيها سواهما ومشاعر حبهما.-ايه السنترال ده!تذمر في حنق عندما عاد رنين هاتفه من جديد لكنه تفاجئ برقم صديقه "بهاء" تعجب لكنه فكر بانه يريد في الاطمئنان عليه وعلى شقيقته بعد عودتهما وقد كان حاضرًا معهما في الخارج خلال أزمة شقيقته فأجابه في ترحيب:-اهلا يا بهاء، أخبارك إيه؟-الحمدلله بخير يا حبيبي، وأنت أخبارك إيه انت وأختك؟-الحمدلله كل حاجة تمام.-يارب دايمًا، أنا آسف لو بكلمك في وقت مش مناسب، بس علاء لسه متواصل معايا وسألته عن الظرف بتاعك وقالي ان اللي استلم الظرف هو أخو مراتك.انعقد حاجبا ريان في تعجب هامسًا:-أخوها؟بس ريم معندهاش أخوات!-مش عارف هو قالي ان أخوها اللي استلمه منه.قبض ريان على عجلة القيادة في قوة وعقله يصور له من يمكن أن يكون ذلك الأخ فسأل في حدة يحاول التحكم في غضبه المشحون:-ممكن ابعتلك صورة تبعتها لعلاء وتقوله هو ده اللي استلمها منه ولا لا؟-اه ممكن بس ابعت على طول قبل ما يقفل النت.-على طول اهوه متقفلش.ركن ريان سيارته على جانب الطريق في عجلة غير مبالي بأصوات السيارات المعترضة من حوله، عبث بهاتفه بضع لحظات طويلة حتى وصل لصورة من زفافه هو وريم يظهر في خلفيتها "أحمد" فأرسلها بأصابع مهزوزة وكأنه يخشى الإجابة قائلًا بصوت خشن:-بعتهالك.-تمام انا بكلمه اهوه هو لسه فاتح هبعتله الصورة حالًا، خليك معايا.ساد الصمت وزاد التوتر والغضب مع كل ثانية تمر حتى صدح صوت بهاء القائل في نبرة مؤكدة:-أيوة هو ده.جز ريان على أسنانه في غضب وظهرت ملامح الازدراء على طرفي فمه المثني للأسفل في مواكبه مع أفكاره المجنونة التي بدأت تتملكه.-ريان انت لسه معايا؟سأل بهاء في حيرة فأجابه ريان بصوت أجش محمول بالكثير من المعاناة:-متشكر يا بهاء، تعبتك معايا.-لا ابدًا تعبك راحة، انت كويس؟قال بهاء متعجبًا من التحول الذي طرأ على نبرة صديقه فأجابه ريان مطمئنًا إياه:-ايوة انا كويس بس مضطر أقفل عشان اتأخرت وهرجع اكلمك من تاني.-ماشي يا صاحبي، مع السلامة.-مع السلامة.أغلق ريان الهاتف ثم هبط من السيارة يجذب أنافس عميقة لتهدئه النيران المتصاعدة داخل صدره يحاول التحكم في تلك الذبذبات التي تحاول السيطرة على عضلات جسده المشنج.كان يحاول السيطرة على الوضع داخله ولكن التصورات التي تتلاحق داخل كنف رأسه عن سبب وجود أحمد مع ريم ذلك اليوم...أفكار بشعة بغيضة تجعله ثائر...ثائر كثور حليم يتفادى ضربات إنسان خسيس يرغب في غرس السيوف في بدنه...لكنه لا يجد مفر سوى بالغضب والاستسلام لرغبة غريزية مصوبة نحو تمزيق جسد ذلك الخسيس الجبان.ضرب ريان قبضته بمقدمة السيارة ثم اتجه يركب سياته في حده مشغلًا المحرك في رتمٍ واحد مع الغضب داخله لينطفئ سراج العقل ويزمجر في توعد مرعب:-أنت اللي فتحت على نفسك طاقة جهنم وريني ازاي هتلاعب الشياطين.وقف أحمد بوجه واجم يضغط أزار ماكينة الكاشير قبل ان يعطي زبائنه الباقي تاركًا "دعاء" ترافقهم للخارج، نظر لعقارب الساعة في بغض شديد كارهًا بطء حركة عقاربه واليوم الذي يطول وتطول معه جبروت هلوساته القاتمة.زمجرة محرك سيارة بالخارج لفتت أنظاره ثم اتسعت عيناه وهو يطالع ريان الغاضب يترجل ويقطع الطريق في حزم بعيون تضيق كالصقر.ارتفعت شفتيه في حقد تعميه طاقة سوداء من الكره مجسده نحوه متأكدًا ان قدومه ليس خيرًا فتلك النظرة التي يحدقه بها تعني انتهاء كل شيء فاندفع هو الأخر لمقابلته في منتصف الطريق بعيدًا عن الغوغاء داخل متجره.وقف الرجلان وجهًا لوجه ومن يمر بينهما يشعر بالطاقة الهمجية التي تمتلك جوارحهم، كان ريان هو البادئ قاطعًا الصمت بصوته الرخيم الذي يعكس الوعيد في أعماقه:-أسوأ حاجة في الدنيا ان الجبان يفتكر ان الرجولة لعب على الحبال.جحظت عيون أحمد وعض فمه من الداخل ولذاعه كلماته تضرب وتر حساس دون قصد:-لو هنتكلم عن الرجولة، فمش هسمعها من واحد ضاحك على واحدة ويقول بحبها عشان تربيله ابنه.مد ريان ذراعه يمسك بتلابيبه قبل ان يدفعه إلى شارع جانبي ملاصق للمتجر دافعًا بجسده في عنف نحو الحائط هاتفًا من بين أسنانه:-لو اتجوزتها عشان تربي ابني من غير ما احبها مكنتش استحملت وجودك ووشك النحس ده في حياتي!-أنت اللي اقتحمت حياتنا، من البداية أنا وريم نصيبنا لبعض وأنا أحق بيها منك.لا يدري كيف أتته تلك الشجاعة الوليدة ليتمكن بصراخ تلك الكلمات في وجه زوجها ولكنه يشعر كقنبلة موقوتة من التمرد والرغبة في إثبات الذات.كان مغمور في اكتشافاته الداخلية المعقدة لدرجة لم يرى قبضة ريان التي التقت بقوة بفمه لتتناثر الدماء من شفتيه في لحظتها.والألم الحاد الواثب في رأسه المرتطم بقوة في الحائط من خلفه منعه من رد القتال بشكل لائق لكنه حاول دفع "ريان" عنه دون جدوي فالأخير عاود بإمساك مقدمة ملابسة في قوة مزمجرًا في تحذير مباشر:-إياك تجيب سيرة مراتي على لسانك يا جبان بعد ما خدعتها.دوت ضحكة أحمد ليزيد ريان من خنقة في غل، قبل أن يخبره أحمد بخساسة حديثة العهد لم يعهدها داخله ابدًا:-ومين قالك أني خدعتها وانه مش بمزاجها...امم؟نقل ريان معصمه لعنق أحمد يمنع عنه الهواء في حركة هوجاء باصقًا حروفه في غضب:-والمفروض أني أصدقك مش كده فاكرني مغفل عشان أصدق واحد فاكر ان من الرجولة انه يخوض في عرض واحدة ست.ضحك ريان في سخرية مظلمة وهو يومأ رأسه خائبًا الرجا ممسكًا بعيون أحمد الغامضة مردفًا في خفوت كالفحيح:-كان جوايا ليك شويه احترام لوقفتك مع ريم لكن بعد ما عرفت انك اللي فتحت الظرف وخدت الجواب عشان ريم متعرفش اني ردتها لعصمتي فتقدر تروح انت وتخطبها، بقيت شايفك على طبيعتك ... مجرد انسان مريض نفسي ... قابل على نفسه إنه يتجوز واحدة وهي على ذمة راجل غيره يا عديم الرجولة!استشاط أحمد غضبًا عند سماعه لكلمات ريان المحتقرة وقد أثبتت له حروفه بأنه يعلم عن تفاصيله الكثير، شعر بالخيانة والغضب ورغبة قبيحة بالانتقام من ريم أخذت تكسو معالم نفسه، فضحك في غموض متوقفًا تمامًا عن المقاومة ممسكًا بعيون ريان في جمود ساخر ليدفعه ريان في حدة من جديد نحو الخائط يفرغ غضبه المشحون، متجاهلًا تساؤلات بعض العيون المارة بالطريق الرئيسي والمتعجبة من وضعهما المريب داخل الأزقة ثم قال في حدة:-وليك عين تضحك يا مريض...-مريض وماله...طالما ده اللي هيريحك وتقبل بوجودي في حياة ريم...-تقصد إيه؟سأل ريان الذي ابتلع شكوكه رافضًا الاعتراف بتلميحاته ولكن أحمد استغل انشغاله بالتفكير ودفعه عنه قليلًا قبل ان يعدل ملابسه رافعًا وجهها في نصف ابتسامة بغيضة متلاعبًا بعقلة:-مش غريبة ان كل اللي بتفكر فيه اني أخدت الجواب في حين ان السؤال الأهم أنا كنت بعمل أيه في بيتك ومع مراتك ؟صمت "أحمد" قبل أن تتسع ابتسامته المقيتة وهو يميل برأسه لليمين متابعًا جسد "ريان" المتحجر وعيونه الواسعة هامسًا في سعادة مرضية:-يا مغفل !انقض ريان نحوه كالحيوان البري الباحث عن مذاق الدماء ليتشابك الاثنان في عراك قاسي بالأيدي كأنهم يخوضون حرب شوارع ضارية.انتهى بريان فوق جسد أحمد أرضًا يلكمه دون توقف بينما أحمد مستمرًا بركل ركبته في جانب جسد ريان في قوة حتى التم حولهما المارة في هلع وتم تفريقهم بنجاح فهتف ريان في صوت مخيف من بين أنفاسه اللاهثة:-أبعد عني وعن بيتي وإلا يمين بالله ما هيكفيني فيك موتك ... أنت سامعني...!نفض أحمد أيادي من حوله ومرر لسانه على طرف فمه يتذوق دماءه قبل ان يخبره في تحدي:-مش هتقدر تبعدني عنها لأني مش هسيبها ولو على موتي.كاد يندلع الشجار من جديد ولكن مرور رجل من الشرطة وتدخله اجبرهم على التراجع وتم اقناعهم بالتفرق الودي.ابتعد ريان نحو سيارته وكل جسده ينتفض في جنون مرعب من كلمات أحمد الحارقة نعم لا يرغب في أن يتملكه الشك من جديد ولكنه رجل من لحم ودم ووجود أحمد داخل منزله مع زوجته في سفره ليس أمرًا طبيعيًا.انطلق بالسيارة غير مهتم بزئير المحرك الذي يحاكي الزئير الصامت داخل صدره وكل ما يرغبه هو مواجهة زوجته حتى تجد رجولته المجروحة بضعًا من السكينة ويرتاح قلبه.تعجب "بيجاد" عندما رفض شقيقه الكثير من اتصالاته وعندما تأخر تملكه القلق والتوجس فتوجه بمفرده إلى منزل ريان، ترجل من سيارته البسيطة يحكم إغلاقها قبل ان ينتبه لسيارة أخيه التي تدلف للشارع في سرعة جنونية غير عابئ بالأخطار.ركض نحوه وهو يترجم التشنج المسيطر على لغة جسده وجفونه الضيقة التي تكاد تتقابل في غضب هاتفًا:-ريان، في أيه؟نجح في ايقافه ثانية واحدة قبل ان يتجاهله ريان ويبدأ في رحلته للمبنى فلحق به راكضًا يجذب ذراعه يمنع تقدمه في تساؤل قلق:-في أيه يا ابني مالك زي المجنون ليه كده؟-أحمد هو اللي فتح الظرف وخد الجواب عشان ريم متعرفش اني ردتها لعصمتي.قذف ريان كلماته في اشمئزاز واستدار متابعًا تقدمه مستجيبًا لكل خلية تنتظر تبرير زوجته فأمسكه "بيجاد" من جديد داخل المبني:-ممكن أفهم انت ناوي على ايه وليه متعصب كده ما أنت عارف إنه سبب المصايب!دفع ريان جسد بيجاد من امامه في غضب ولكنه تمسك بموقفه دون ان يتزحزح هاتفًا من بين أسنانه:-قولتلك مية مرة متطلعنيش من حياتك وقولي الحوار من البداية خليني أساعدك.تحرك ريان نحو اليمين واليسار غير قادر على السكون والتوقف في مكانه وهو يشدق كلماته في سرعة وحده النصل:-اللي حصل اني روحت واجهته منكرش بالعكس ده وقف في وشي يضحك ويتبجح بانه كان في بيتي ويا عالم كان بيهبب ايه فيه.اتسعت أعين بيجاد مصدوم من التدني الذي وصل به أحمد، تابع حركة أخيه الجنونية وعذره فمن يسمع تلك الكلمات ويبقى هاديًا ولكنه أستطرد في نبرة متأنية:-ريان أنت لازم تهدا عشان بتسرعك ده من غير تفكير هتعيد نفس غلطتك الأولى وترجع للخانة صفر في علاقتك مع ريم، لازم يكون عندك ثقة في مراتك ولو مش عندك يبقى تبعد عنها نهائي وتريحها وترتاح.أمسك ريان برأسه يعصر الآلام داخلها قبل ان يخبر شقيقه في حده:-أنا مش ههدى قبل ما اتكلم معاها وافهم ايه اللي حصل بالظبط، اطلع خد البنات وعمر وروحوا، وسيبني معاها شوية.-طيب والجثة؟سأل بيجاد ساخرًا فرمقه ريان في تحذير قائلًا من بين أسنانه:-لو في جثة هتبقى جثتك لو مبطلتش استخفاف!ابتعد "بيجاد" خطوتين رافعًا يديه في استسلام لينطلق ريان راكضًا على الدرج كمن تلاحقه النيران، سب بيجاد حياتهم التي لا تخلوا من الأعباء وركض خلفه يتبعه وينفذ ما طلبه منه.فتح ريان باب المنزل في صعوبة بأصابع متصلبة في غضب ثم دخل يبحث عن ريم، انتبهت "وسام" لحضوره اولًا فاستقامت مبتسمة بترحيب ولكن تلك الابتسامة اهتزت وهي ترى نظراته السوداوية وسمعت صوته الرخيم:-فين ريم؟-في المطبخ..وقفت ليان تنظر إلي وسام في تساؤل متعجبة شقيقها الراكض نحو المطبخ دون أن ينتظر نهاية حروفها وشعر كلاهما بالخوف والتوتر خاصة عندما اندفع "بيجاد" خلفه بشفاه مضغوطة في خط رفيع وعيون قلقة قائلًا:-هاتي عمر ويلا بينا دلوقتي.-ريم...كادت تسقط الصحون التي تجهزها ريم للغداء من يدها عندما علا صوت ريان الغاضب من خلفها فاستدارت نحوه هامسة في خوف كغزال عالق وسط الزحام:-نعم، في أيه؟تجاهل ريان رعشة الخوف التي مرت بأطرافها قبل أن يلف أصابعه القوية فوق معصمها الصغير قائلًا من بين أسنانه:-تعالي معايا ..-ريان جَررني على فين والناس برا.لم يجيبها وانطلق للخارج ليوقفه بيجاد في محاولة أخيرة قائلًا:-براحة عشان هتندم.-برا كلكم دلوقتي حالًا وسيبوني لوحدي مع مراتي.شعرت ريم ان ساقيها على وشك خيانتها وتركها للسقوط، نظرت بتيه نحو بيجاد تريد ان تفهم ماذا يدور وفي ماذا أخطأت حتى يعود زوجها لطريقته البرية الهوجاء.لم ينتظر ريان خروجهم وجذبها خلفه يدفعها نحو غرفتهم قبل ان يحكم إغلاقه بالمفتاح.اندفعت ريم بضع خطوات للداخل وكاد يختل توازنها من عنف دفعته لكنها حافظت على توازنها والتفتت تنظر نحوه بوجه شاحب وقلب يدق في عنفوان ولسان ألجمه الخوف فصار لا يقدر على الاعتراض أو حتى السؤال.-أحمد كان بيجيلك البيت وأنا مسافر؟رمشت أكثر من مرة تحاول استيعاب كلماته داخل عقلها قبل ان تتحرك عينيها بتفكير داخل مقلتيها موشية عن الحقيقة لعينيه المتفحصة لأدق تفاصيلها دون أن تنطق، فأقترب ريان منها رغم إصرارها على التراجع من امامه هامسًا في نبرة هادئة:-كان بيجي ليه همم؟أبعدت نظراتها عن عيناه السوداء التي تخيفها كثيرًا في تلك اللحظة بنظراتها الحارقة وتلعثمت قائلة:-كان بيجي عشان أرضى أنزل.اقترب منها ريان وعندما مل من تراجعها المستمر مد ذراعه يجذبها نحوه في قسوة كاسبًا شهقة مرتعبة من بين شفتيها، أحكم ذراعه في قوة ألمتها حول خصرها مثبتًا إياها في أحضانه لكنها أصرت على ابعاد وجهها عن مرمى عينيه المتهمة لها بجريمة لا تعلم ما هي.شعرت ب "ريان" يرفع إصبعه يلفه حول إحدى خصلاتها المتمردة قبل يميل يستنشق عطرها مستشعرًا كأن الجنون قد تلبسه مشجعًا إياها على الاستكمال بصوته الغريب الهادئ بطريقه أثارت رعبها وهزت أطرافها أكثر وأكثر:-كملي، كان بيراضيكي ازاي وانتوا لوحدكم في بيتي..!


look/images/icons/i1.gif رواية فرط الحب
  21-12-2021 12:35 صباحاً   [20]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الحادي والعشرونارتفعت عيناها المذعورة نحو عيناه في صدمة من تلميحاته الواضحة كالشمس داخل حدقتيه المتسعة بشكل أكثر من اللازم مصرحة عن فداحة الوضع لكنها الحقيقة التي لا مفر منها، لم تجول ببالها مرة بأن حضور أحمد قد يكون له عواقبه الوخيمة ولكن كيف علم، قطع أفكارها صوته المنخفض كحشرجة حلقه:-سكوتك ده صعب أوي يا ريم.أسبلت جفونها في توتر ثم مررت لسانها فوق شفتيها هامسة في تلعثم بين أنفاسها المضطربة تحاول الهروب من أحضانه:-ريان أنت فاهم غلط أكيد.أومأ ريان رأسه عدة مرات قبل أن يطلق سراح شخصيته المظلمة، مانعًا هروبها وهو يدير جسدها ملصقًا ظهرها في صدره هامسًا في أذنها:-بتهربي مني ليه، مخبية أيه عني؟أغمضت ريم جفونها واستسلمت لدموعها قائلة في نبرة معترضة لكنها خرجت ضعيفة مهتزة:-أنا مش مخبية عنك حاجة واللي في دماغك ده غلط تفكر فيه، انت بعمل ليه كده؟-غلط، طيب قوليلي أيه الصح؟رفع ذراعه من أمام صدرها ليداعب في حنو زائف مقدمه عنقها قائلًا في صدق:-قوليلي لما واحد يقف يقولي انه كان في بيتي مع مراتي لوحدهم المفروض اتصرف ازاي.ظهرت الصدمة والاستنكار على وجهها قبل ان تهز راسها رافضة التصديق هاتفه:-أحمد عمره ما يعمل كده.دفعها عنه صارخًا في نبرة عنيفة تعكس الزوابع الضارية داخل صدره:-اخرسي متنطقيش إسمه تاني، ولو بينك وبين نفسك حتى!سندت ريم على الفراش تمنع سقوطها لا تصدق انه خرج عن طور صوابه، حاصرها ريان بجسده الضخم من جديد يرهبها أكثر مع كل حرف ينطقه.-انت بتقرب مني ليه كده؟!سألت فلطالما كانت غيرته المفرطة تخيفها ففيها طاقة مدمرة وفقدان سيطرة وقسوة ترعبها، أقترب ريان يحدقها بعيونه السوداء الغامضة الخاوية التي لا تعكس ما يدور في رأسه ليلاعبها بكلماته رافضًا ان يهتز بخوفها وعيونها المتسعة قائلًا في إصرار:-أيه، مش عايزاني أقربلك؟اندفع كالوحش غير مبالي بارتعاشها الباكي يحملها ويجبر ساقيها التي ترتعد تحت أصابعه على الالتفاف حول جسده مستقرًا بجسديهما فوق الفراش، فخرج صوت الريم التي كانت تصك اسنانها في قوة تمنع ارتطامها في بعضها مستنكرة في صوت مرتعش:-ريان بتخوفني ليه؟انت مخوفني عشان خاطري ما تخوفنيش!أمسكت عيونها الباكية التائهة بعيونه العازمة على الاستمرار في أفعالة الغامضة قبل يميل بجسدها القوي فوق جسدها دافعًا بها أكثر في الفراش ليزيد انتباها للفروقات بين جسدها الصغير وضعفه وبين جسده الصخم الذي يفوق قوه عنها كثيرًا، متعمدًا أن يترك لعقلها الصغير الغوص في سيناريوهات مرعبة فيرتعش قلبها بأسوأ التخيلات، لكنه عاد وسرق انتباهها من مخاوفها وهو يهسهس في خفوت:-ششش ششش مالك مش طايقة لمستي ليه، مانعة قربك مني ليه؟تحرك وجهه في ابتسامه تحمل معاني قبيحة رغم وسامة وجهه بينما يخبرها في غموض:-حاسبي لأفتكرك عايزة لمسة حد غيري!-اسكت، اسكت كفاية جنان حرام عليك، متقوليش الكلام ده مش هسمحلك تهني كده.ضربت يدها في صدره بضعف لكنه اوقفها بدفعهما جوار وجهها مزمجرًا:-جنان، كلامي وجعك؟شكي فيكي قاتلك؟ثبت ركبتيه حول ساقيها واندفع فوق جسدها بنصف أستقامه قبل أن يمد ذراعيه يعدل جلستها هي الاخرى بجذبه لمقدمه ملابسها بلا مراعاة لجسدها الرقيق حتى صارت تلامس صدرها بصدره صارخًا بصوت قوي وكأنه يقحم درسً صامت داخل عقلها:-ادخلي جوا عقلي وشوفي معنى الجنون، ادخلي شوفي الوجع والشك وشوفي كلام أحمد الفارس المغوار عامل فيا أيه ...!-أنا مش فاهمة حاجة؟هزت رأسها منفجرة في بكاءها المتواصل بصوت عالي، ضيق ريان عينيه رافضًا التراجع الآن وشياطينه ترفض الانصياع فأستكمل وهو يمرر إبهامه فوق شفتيها يضع تركيزه الوهمي فوق احمرارها:-عايزة تفهمي أيه أكتر، عايزة أفهمك اني عرفت ان أحمد هو اللي أخد جوابي من الظرف اللي بعتهولك واني واجهته فرماني بكلام زي السم يروح فيه رقاب، ولا عايزة أفهمك أني حيوان أناني وشكاك وبتهم الفارس بتاعك بالزور؟ظلت تطالعه في صمت فقط انفاسها المتلاحقة واهتزاز جسدها الطفيف يعبر عن مدى صدمتها وقهرها، ارتفع حاجبيه محدثًا صوت يشبه الضحكة متحاملًا على مشاعره التي تدفعه دفعًا لاحتضانها والإفصاح عما بداخله دفعة واحدة.زاد تشنجه وهو يضغط على وجنتيها بين أصابعه يتأكد بأن عيونها تواجهه وتجلس صف أول لمشاهدة الغضب الهادر داخل حدقتيه:-أحمد أخد الجواب عشان متعرفيش انك على ذمتي ويقدر يخطبك، ومش عارف هعمل أيه لو خدعتي نفسك عشان تدفعي عنه لأنه لما قالي انه بيجي البيت ليكي، أكيد مكنش من كرم أخلاقه؟حاولت هز رأسها بالرفض وعدم تصديق حياتها التي تنهار تحت قدميها تشعر بالحزن والرهبة بل أسوأ تشعر كالملعونة التي لا يبقى لها حبيب لكن ضغط ريان فوق فكها منع حركت رأسها وجعل قلبها يثب بين ذعر واستسلام في صدرها خاصة عندما مال يستقر بشفتيه فوق شفتيها المذمومة قائلًا في جفاء:-إياكي إياكي يا ريم تفكري في مبرر لأفعاله أنا بيني وبين الجنون شعره.-أنت عمرك ما هتتغير، هتفضل تشك فيا من غير ما تسمعني.-تستحقي؟أنتي تستحقي اسمعك وانتي مفضلة راجل تاني عليا؟وضعت كفيها فوق عيونها ورمت جسدها للخلف تستلقى بظهرها فوق الفراش كأنها تختبأ منه ثم قالت بشفاه مرتعشة في قهر لا تقدر على تحمل المزيد:-أنا مفضلتش حد عليك، ولو مش مصدق خلاص أعمل اللي عايز تعمله فيا ريح نفسك وريحني معاك.قالت جملتها بصوت عالي بين شهقات بكاءها تشعر باقتراب النهائية والانهيار وقلبها الصغير يتلوى في صدرها لا يتحمل وجسدها ينتفض وينتفض في كل ثانية.ساد الصمت ثوان ولم يتحرك ريان الجاثي فوقها لا بضمها ولا بالابتعاد عنها فظل يقيدها بقربه البعيد ويمزق قلبها ببطء.كان قلبه يعتصر داخل صدره يصرخ في اعتراض يريده أن ينتهي الأمر شفقتًا ورحمة بها وكاد يتخاذل وينصاع له بضمها لصدره واخبارها بانه يثق بها ولكن يجب عليه إنهاء الدرس بالطريقة الصعبة وإلا فلا نهاية للعقبات في حياتهما.بعد دقائق طويلة توقفت فيها عقارب الساعة تضامنًا مع حزنها، تحرك ريان ليجلس جوارها قبل ان يفاجئها بجذبه لجسدها ك يعدل جلستها.اتسعت عيناه لم تتوقع حده حركته تلك ثم هزت رأسها بتلقائية دون تفكير عندما وضع إصبعه فوق شفيه قائلًا بصوته الخشن من فرط انفعالاته:-اقفلي بؤك نهائي، مش عايز أسمع صوتك... نفسك اللي هتاخدي مش عايزة يطلع ... سمعاني؟وضعت كلا كفيها فوق فمها تمنع موجة جديدة من البكاء في حسرة ثم ارتفعت عيناها للهاتف الذي كان في قبضه يده ولم تنتبه بوجوده متعجبة عندما عبث بأزراره قبل أن يفتح المكبر ويرمقها بنظرات جليدية محذرة من افتعال أي صوت:-عايز أيه؟انعقدت تلك المنطقة في جبينها بين حاجبيها تتساءل لماذا يتصل بأحمد ولكن ريان لم يعطها وقت كبير للتفكير فتكلم بنبرة هادئة:-عايز اقولك أنك كداب، ريم قالتلي كل حاجة...يا جبان ده أنت مكنتش بتدخل بيتي حتى...كانت كلماته التي تخرج نبرة هادئة بلمحة من السخرية تتنافي مع الغضب والجمود المنبثق من عينيه، ولكن ما سرق أنفاسها قبل انتباهها غن تفاصيل ريان هو صوت ضحكات أحمد القاسية قبل كلماته المرعبة التي حطمت قلبها لأشلاء:-طبعا وأنت أكيد صدقتها ... مش قولتلك مغفل...-عايز توصلي أيه، ولا نسيت إنك عاجز وتلميحاتك دي مستحيلة؟-وهي بردو اللي قالتلك كده؟سأل أحمد الساخر، فساد الصمت وريم باقية التمثال تستمع في صدمه للحقد المقطر من نبرة صديقها من اعتبرته كل عائلتها خاصة حين أستكمل في حقارة:-يبقى أنت اللي عاجز لأن مش انا مراتي مرافقه غيري وراضي.-أحمد...!صرخت ريم مستنكره لاتهاماته المقززة، لا تصدق كيف وصل به الدناءة لأن يتهمها في حقارة وقسوة دون أن يفكر بعواقب افعاله بل أسوأ دون أن يفكر بعواقب أفعال زوجها الذي ستكون هي ضحيتها ما أن يستمع لتلك الكلمات المهينة لشرفها.-ريم...خرج أسمها بحروف مبعثرة متقطعة تعبر عن الاضطراب الذي تملكه وقد أكتشف خدعة ريان الذي تدخل أخيرًا بقوله الحازم:-ادعي ربنا إنك متجيش تحت إيدي عشان وقتها مش هرحمك.أغلق ريان الهاتف يواجه ريم بعيونها الواسعة المتسعة يتابع انفعالاتها المتلاحقة ودموعها التي تتسابق فوق وجنتيها قبل ان تخبره في صوت باكي مقهور:-كداب والله العظيم كداب يا ريان، صدقني.مد أصابعه يلامس كتفها رغم ارتجافه جسدها في خوف من حركته المفاجئة وكأنها تظنه سينقض عليها في أي لحظة، ثم أخبرها في ثبات تام وصدق:-أنا مصدقك يا ريم.-مصدقني؟رفعت عيناها تنظر لعينيه في حيرة ثم سألت بنبرة لا تثق حتى في صوتها ولا في ما تسمعه من فمه ليخبرها ريان مؤكدًا وهو يقربها منه قائلًا بجدية:-أنا لو كنت شكيت فيكي لحظة صدقيني مكنتيش هتبقي عايشة وبتكلميني دلوقتي.انكمشت ملامحها في حزن وخوف وكلماته مبهمة غير واضحة لها، أهذه الكلام لمطمئنتها أم للتهديد!مسحت وجنتها لتعلن عما يدور في عقلها من إرهاق وغيظ:-أنا مش فاهمة حاجة، اومال بتعمل فيا ليه كده؟أبعد يدها عن وجهها وامسك بذقنها متعمدً النظر في عيناها المرتبكة قائلًا في صدق:-أنا معملتش حاجة صدقيني ده ولا حاجة من اللي كنت هعمله لو كنت سمعت الكلام ده وعلاقتنا لسه متوترة، ده ولا حاجة من اللي ممكن راجل يعمله في مراته لو سمع الكلام ده.هز رأسه يبعد عيناه عنها كي لا ترى المشاعر المخيفة التي تسيطر عليه وهو يهمس:-صدقيني مش عايزة تعرفي أنا كنت هعمل أيه فيكي وفيه يا ريم ومن غير حتى ما أسمعك، وبحمد ربنا ألف مرة اني وصلت لان ثقتي فيكي تفوق ثقتي في كلام أي حد في الدنيا.تسمرت ريم تتابعه في صمت قبل ترتمي فوق بين أحضانه تحتضنه بذراع والاخر تتقابل قبضته في ضعف فوق صدره، تتهمه بفم مائل للأسفل متفوهه ببكاء واتهام مزق قلبه:-يعني أيه مصدقني بجد أومال بتخوفني كده ليه من الأول، ليه يا ريان وجعت قلبي كده ؟!أعتصرها ريان نحوه يوقف قبضتها بأصابعه ويرفعها يقبلها في شغف مؤكدًا في إصرار:-عشان تفهمي أن اللي حصل مش سهل دي مصيبة وان وجود المريض النفسي ده في حياتنا هو أكبر مصيبة ومكنتيش هتصدقيني لو كلمتك بعقل.حركت رأسها برفض لا تزال تصرخ في بكاء تخرج الآلام قلبها فوق صدره ثم قالت في ذهول بين أنفاسها المتقطعة:-أنا مش مصدقة انه عمل كده فيا يا ريان ده كان زي أخويا.أبعدها ريان قليلًا ممسكًا بوجهها بين كفيه كي يقحم كلماته داخل رأسها، قائلًا في جدية:-لو ده مش اللي هيبعد أحمد عننا يبقى مش عارف ايه اللي ممكن يبعده، لو فضل جواكي ولو أمل انه يكون حياتك تاني، يبقى حياتنا كزوجين هتدمر.صمت يتابع ملامحها الحزينة قبل ان يستكمل في قوة:-فاهمة يا ريم هنتدمر انا مستحيل اتعايش مع فكرة وجوده جنبك ابدًا ومستحيل اسامحك لو اتنازلتي وسامحتي المجنون ده.قاومت ريم ذراعيه التي تصر على كشف وجهها له ترغب في الاحتماء بين ذراعيه كي تخفي وجهها ونفسها عن العالم أجمع بين صدره هامسة في ألم:-مش هسامحه ابدًا، مش هسامحه ابدًا يا ريان.أغمض جفونه يحاول غسل الغضب المكبوت داخلة بكلماتها تلك، سمح لها بالارتماء بين ذراعيه وزاد من ضمه لها ليهمس بين خصلاتها المبعثرة:-أنا بحبك يا ريم، بحبك بجد وهفضل طول العمر بندم على السنة اللي سيبنا بعض فيها.-وانا بحبك والله العظيم بحبك وعمري ما اتخيل نفسي مع حد غيرك.-وانا مش هديكي الفرصة تتخيلي انك تكوني لحد غيري، احنا هننسى اللي فات ونبدأ حياتنا من جديد ماشي يا ريم.هزت رأسها في موافقة وهي تزيد من لف ذراعيها حوله تشعر وكأنه الخيط الأخير وكل ما تملكه في حياتها فقد خسرت جميع من كان في حياتها وجميعهم خذلوها، حتى هو خذلها من قبل ولكنه يحارب من أجلها لأجل حبها ولأجل بقاء أسرتهما وهو الأمر الذي لم يفعله أحد من أجلها من قبل.الجميع يمكنه الذهاب والتخلي عنها هي لا تهتم وقادرة على البدء من جديد فقط غياب ريان أو ابتعاده عنها قادر على ارباك حياتها وكسر قلبها مكللًا حياتها بالخسارة الكبرى.-بحبك يا ريان والله بحبك...كررت همساتها الخافتة التي تكاد تكون غير مسموعة ولكن حواسه المتأهبة نحوها التقطت كل حرف محمل بحبها وعذاب آلامها فقابلها بقبلات أعلى رأسها وأنامله الخشنة تربت بنعومة فوق جسدها الصغير وخصلات شعرها ...دون أن ينتبه كلاهما لتلك الفناة القابعة خلف بابهم تشاركهم البكاء بقلب مفطور على ما آل إليه الوضع بين ريان وريم بسببها...وضعت ليان يدها فوق فمها تمنع صوت بكاءها بقلب مزق وهي تستمع لبكاء ريم يعلو وينخفض وشقيقها المرعب الذي أخافها حد الجنون قد هدأت نبرته وعادت محبة من جديد.حمدت الله انهما غافلان عنها وابتعدت عدة خطوات عائدة نحو غرفة عمر التي وعدت شقيقها بيجاد بالبقاء داخلها حتى يرضى الرحيل مع وسام وعمر مصرة على ان بقاؤها أمرًا ضروريًا في حالة وقوع مكروه وخروج الوضع عن السيطرة بين ريان وريم.وقد انصاع لها بيجاد لأنه يعلم بمدى ظلام شخصية شقيقه السابقة ويعلم بأن وجود ليان لن يغضبه كما سيغضبه وجوده هو.ولكن بيجاد لا يعلم أن شقيقهم الأكبر وجد الملاذ والراحة أخيرًا بين ذراعي ريم.اتجهت تجلس فوق فراش الصغير بقلب يدق بتلاحق تخونها مشاعرها بين غضب وبغض على الذات وغضب على أحمد لا تصدق أنه وصل لتلك المرحلة من الخساسة فيطعن في شرف ريم.هزت رأسها بعدم تصديق ترفض التفكير ببحة الألم التي خرجت من فمه باسم ريم عندما انكشف خدعة ريان، وداخلها اعتقاد يدمرها بأن لزيارتها الاخيرة دخل بالتحول المرعب في شخصية أحمد.ضربت قبضتها في ساقها بقوة متسائلة:أي آلم وأي فعل يبرر أسوأ ما في المرء بتلك الطريقة؟ما فعله أحمد لا يغتفر ابدًا داخل مجتمعهم الشرقي بل لا يغتفر ابدًا في عرف أي رجل عاشق لزوجته وكان من الممكن ان يكون سبب في أذى كبير لريم.شحب وجهها وهي تفكر بل كان يمكن ان يجن جنون شقيقها ويقتلها كما يفعل ضعفاء النفوس من الرجال في مواجهه تلك الشكوك البشعة التي كان يبثها أحمد كالأفعى على مسامعه.كان يمكن أن تخسر شقيقها من جديد وحينئذً ستكون الخسارة أبدية، عاد لذهنها صوت أخيها المرهق والألم الذي حملته نبرته وهو يخبر زوجته بأن أحمد سيبقى العقبة الوحيدة في علاقته بزوجته.-المجرم الجبان لا يمكن أسيبه ابدًا.مسحت عبراتها وتسللت في خفة للخارج لكن فضول قلبها القلق دفعها للاطمئنان مرة أخيرة على القابعين في غرفتهم محملين بالآسي، اقتربت تستمع لهم فوصلتها همسات ريم الخافتة:-دماغي بتوجعني أوي يا ريان.-اجبلك برشام صداع؟سأل ريان في خفوت وسمعت ليان خربشات تعلن عن رغبته في التحرك لكن صوت ريم المعترض اوقفه:-لا عايزة انام في حضنك، متسبنيش.عاد ريان يحتويها بين ذراعيه في حنان هامسًا في حب:-نامي ومتقلقيش عمري ما هسيبكارتعشت شفاه ليان وكادت تبكي شاكرة الله بأن الأمور انتهت على خير عكس المتوقع والفتت تتسلل للخارج عازمة على الذهاب للمتوحش المجنون الذي يحاول سلب شقيقها من حياته.جلس أحمد في الظلام داخل مخزن متجره كالصنم لا يزال في حالة من الصدمة والحزن ليس بسبب الخذل الذي سمعه من صوت ريم الغير مصدق لحقارته ولا بسبب انتهاء علاقتهم المتوقع بشكل تام فقط.بل اكثر ما يمزق أحشاءه انه تحول لأنسان بلا مشاعر ولا قيم، شخص عماه الانتقام فصار ينبش كالمجنون فيمن حول لا يفرق بين عدو وحبيب، هو ذاته يشعر بالخذل وللأسف لم يخذله أحد بل هو من خذل نفسه.كان انسان سلبي ضعيف ترك نفسه غارقه في الاستسلام والكره والحقد راضيًا بكل الضربات التي تتلاحق في حياته، وحين تأتيه ضربة من نيران صديقه خاطئة يتحول لقنبلة من الحقارة والدناءة.لقد نشأ حياته يتجرع المرارة والقسوة والخذلان دون أن يشتكي مرة...مرة واحدة حتى... لم يفعل...كان كشخص أعور مشلول يحركه والده لتلبية رغباته دون التفكير في توابع افعاله والآن شب ذلك الشخص ليصبح كالضباع إذا أتيحت لها الفرصة ستنهش في لحم قطيعها.علا صوت هاتفه فنظر بكره إلي رقم والده الذي يرفض تسجيله على هاتفه فلا يجد داخله القدرة على كتابة كلمة "أبى" ولو على شاشة افتراضية بل يرفض في اعتراض ان يعطيه قيمة داخل حياته المنكوسة.امتدت اصابعه في حزم ولأول مرة في حياته يتمرد ويغلق الخط في وجهه.ألقى الهاتف في الأرض بجوار علبة الدواء التي تداعب عيناه أمامه حيث يتربع في الأرض ويستند بإرهاق على الحائط، يشعر بالوحشية وعدم الانسانية ويشعر بالكره والنقم على الذات.ماذا يفعل في هذه الحياة وماذا أخذ منها ليبقى فيها؟قطع تفكيره البائس صوت دقات متتالية فوق الباب الصاج الذي يغلف الباب الزجاجي للمتجر وأول ظن جال في تفكيره أن والده بالخارج فارتبكت ضربات قلبه المتسارعة لكنه جلس صامتًا يرفض الإجابة على الطرقات المتلاحقة بإصرار.سمع صوت محاولات لفتح الباب الحديدي فسب بألفاظ نائية إصرار الطارق الذي لا يبالي بالباب الحديدي الشبة منغلق كما أمر دعاء بأن تغلقه للمنتصف وهو يطرد الجميع من أمامه.حاول تجاهل الدقات المتعالية ولكنه كان يشعر بها داخل رأسه فجز على أسنانه قبل أن يثبت مستقيمًا متجهًا في غضب نحو الباب.فتح الباب الزجاجي ومال بنصف جسده يرفع الباب المنغلق نوعًا إلى أعلى وما أن التقت عيناه بوجه ليان الغاضب حتى جز على اسنانه يعكس ضيقها وهو يفتح الباب هاتفًا:-جايه عندي ليه؟عايزة ايه تاني انتي واخوكي بعد اللي عمله فيا؟-انت انسان وقح واناني وليك عين تتهم اخويا بعد اللي انت عملته!هتفت ليان وهي تندفع للداخل في اتهام مدافعة عن أخيها، فابتعد أحمد للدخل متجاهلًا دخولها هاتفًا في حقد:-لو جايه تشمتي فيا، فمتشكر يا ستي اقفلي الباب وراكي وانتي ماشية في داهية.-انت ازاي بقيت كده، انا مش قادرة أصدق اللي عملته في ريم، انت عارف ريان عمل فيها ايه؟تصلبت قدميه ثم التفت نحوها بأعين ضيقة خائفة وكانه يخشى نقل السؤال الذي يعذب أعماقه على لسانه فاندفعت ليان تخبره من بين أسنانها وهي تهز رأسها في خيبة أمل:-اللي انت قولتله كان ممكن يدمر حياة ريم، كان ممكن يأذيها لكن حب أخويا أقوى من سمومك!أبعد عن أخويا ومراته ومتفكرش انك هتقدر تفرق بينهم ابدًا وصدقني وقتها أنا اللي هخلص عليك بإيدي!خرجت منه ابتسامه ساخرة دون ان يعير كلماتها أي اهتمام ثم اتجه إلى نهاية المتجر للاختباء بالمخزن المظلم الخالي من الإضاءة سوى من شعلة إضاءة خافته، قائلًا في لا مبالاة:-اقفلي الباب وراكي.-يا خسارة بجد، مش مصدقة اني فكرت فيك في يوم.تصلب جسد أحمد الذي كان ينحني للجلوس ولكنه استكمل جلسته في صمت دون أن يلتفت لحديثها المريب، فاندفعت تجثو جواره هامسة ضاربة كتفه في قوة دون اهتمام برد فعله:-اوعدني على الأقل إنك هتبعد عنهم.-اطلعي برا وابعدي عن حياتي، وده أخر تحذير ليكي صدقيني.دوى صوت صفعة مدوية كاسرة الصمت المجفل في المكان، شعر أحمد بألم طفيف بجانب وجهه ولم يشعر سوى بأنفاسه العالية قبل أن يمسك تلابيب ملابسها متشدقًا في قسوة تخفي الكثير:-يمين بالله لو مشيتي من قدامي لكون مكسر جسمك!هاجمته ليان العابسة التي قلدت قبضته بإمساك مقدمة قميصه تواجهه في عنف بينما تقذف كلماته في تحدي:-اضربني مش هتكون أول مرة راجل يمد إيده عليا.دفعها بعيدًا قبل ان يندلع ضوء هاتفه فيصرخ في غضب هادر مجنون وهو يمد أصابعه يسحب دوائه متغافل عن الهاتف لتسقط ليان للخلف في هلع من حركته المفاجئة وصوته الحاد ليوجه أحمد بعدها وجهه وصراخه نحوها في قوة:-سيبيني في حالي، كلكم سبوني في حالي... اطلعي برا برا...زحفت للخلف مرتين تتابع جنون انفعاله وهو يفتح الدواء وكأن فيه الخلاص يبتلع حبة منه قبل ان تعتدل وتتجه في رعب للخارج.وقفت ليان على باب المتجر تلتقط أنفاسها لا تصدق الحالة التي رأت بها أحمد، ولا تصدق انه برغم حقدها وغضبها منه إلا إن قلبها يتألم ويصرخ لآلامه التي تظهر كالشمس في صراخة وداخل عيناه الحزينة.صدق من قال لها يومًا بأن الحب لعنة وويل لمن تصيبه فهي لن تحله ولن تتركه ابدًا كالثأر.-عايزة أيه؟دلوقتي عرفتي تكلميني، سيبني في حالي انتي كمان.انتفضت ليان ولوهلة نظرت خلفها وقد ظنت أن أحمد يختصها بصراخه ولكنه لا يزال في المخزن يحادث أحد ما في الهاتف على ما يبدو، مستكملًا في نبرة حاقدة محترقة:-متقوليش أبوك، متقوليش الكلمة دي تاني، روحي قوليله ميتصلش بيا تاني واني مش عايز حاجة منه انا مش هتجوز حد عايز ياخد مني المحل والبيت يجي من بكره ياخد اللي عايزة بس ابعدوا عني وارحموني.اختلطت جملته الأخيرة مع بكائه الحارق الذي استقر بشكل مباشر في صدرها فملئت الدموع عيناها تشعر بقلة حيلة وعدم فائدة.-ارحموني، أنا تعبت ... تعبت...كان يهمس في بكاء للا أحد بعد أن أغلق الهاتف فمال يحتضن رأسه بين كفيه في حزن يهز كيانه، تنفست ليان في ألم وتأوه ثم اقتربت ببطء منه تتابع جلوسه على الأرض غارق بين أحزانه ودموعه وآهاته الباكية تخالف خشونة وقسوة صوته الخشن.كانت تلك التأوهات خارجة في صدق من احشاء قلبه مباشرة إلى قلبها الأحمق المريض بحب ذلك الابله الاكثر مرضًا منها...انتفض أحمد عندما أحس بوجودها ثم مسح وجهه من عبراته بمعصمه قائلًا في ارهاق نفسي وقد خارت قواه نوعًا ما بفضل المهدئ ناطقًا أسمها التي نست فخامته من على لسانه:-يا ليان ... يا ليان، ارحميني...التقط ملامحها الباكية ونظراتها المشفقة فهز رأسه في رفض معترفًا في ضعف وهو يسند بجسده للحائط:-أنا قذر واحقر بني آدم الدنيا ومستحقش منك دمعه، بتعيطي عشان مين عشاني انا ...أنا مستحقش الشفقة اللي في عنيكي!كانت ليان بقربه في خطوات بسيطة تضع يدها فوق كفيه المشبوكان فوق معدته لتنكمش ملامحه في رغبة صارخة بترك عبراته دون خجل فأنفجر في قهر:-أنا أذيت ريم وخسرتها وخسرت نفسي معاها، انا حياتي ضايعة ومتدمرة من زمان هي متستحقش اني اعمل فيها كده.ارتفعت أصابعها المرتعشة تحاوط وجهه رغم رفضه للمستها ورفضه أي نوع من المواساة فهو لا يرى أحقيته فيها، قررت تجاهل رفضه المغيظ لقربها وكلمات شقيقها التي تتهمه بالخلل النفسي تتلاحق في ذهنها ولكنها تتحلى بالكثير من العزيمة ولن تستسلم وستمضي في قرارها.فهذا حق الجميع عليها وحق حبها لأحمد ايضًا والذي باعت قضيته مع أول عقبة دون أن تحارب من أجل حبها لا بل هو حق نفسها المسكينة التي كانت ضحية لقرارات خاطئة كثيرة لكنها ولأول مرة تتذوق الصواب في قرارها حتى وان كانت ستخوض متاهات مع اشقائها.انتبهت لأحمد الذي يميل بجسده وكأنه يرغب في النوم فالنوم لطيف حتى يستيقظ ويدرك إنه لا يزال وحيدً بائسً، ضاقت عيناها في توتر متسائلة:-مالك يا أحمد؟-أنا تعبان ونفسي أنام ومش قادر انام...بس أنا استاهل والله العظيم استاهل.ارتعش قلبها في شفقة رغم غضبها عليه وعلى أفعالة البائسة لا تعلم كيف تحمل الشعور ونقيضه بين ضمه إليها وصفعة من جديد، لكنها جزت على اسنانها هامسة في حزم:-تتجوزني؟التفت نحوها في صدمة ثم أبعد أصابعها عن وجهه في حده وحاول التأني في فحص ملامحها قبل ان يخبرها في غضب:-اسمه ايه ده كمان؟ولا دي لعبة منك انتي واخوكي عشان تقعدوا سوا تضحكوا على أحمد المغفل مش كده...-ده اسمه انقاذ، انت عارف ومتأكد ان ريان عمره ما هيسيب ريم وان ريم كانت فرصتك عشان تخلص من موضوع والدك.كان أحمد يتابعها في صمت منذهل من معرفتها بأمر والده ولا يجد في داخله القدرة على الغضب من ريم لإفشائها كل أسراره لكنه سأل في خفوت:-انتي عرفتي منين؟-مش مهم عرفت منين، المهم اني بديك فرصة تعيد ترتيب حياتك.ارتبكت عيناه وهو ينظر حوله بعقل بطيء يرفض الاستجابة لكلماتها لكنه نظر إلى وجهها يتفحصها لأول مرة منذ زمن فهي لا تزال تلك الفتاة الجميلة اليافعة بوجه طفولي وملامح حادة كأخيها، تتمتع بذقن مرفوع وشفاه غليظة وأخيرًا عيون سوداء حادة تتلبس القسوة رغم البراءة القديمة والضعف الجديد المختبئان خلف قناعاتها.ضحك أحمد بينما يهز رأسه في تساؤل متعجب:-وانتي هتستفادي أيه؟-حاجتين مهمين أوي بس مش لازم تعرفهم دلوقتي ومتنساش ان كل واحد ولي شياطينه، قولت أيه تتجوزني وتتخلص من عقدة حياتك ولا تفضل تجري ورا ريم اللي ريان عمره ما هيتخلى عنها؟نظر لأصابعها الممتدة بينهما ثم عض فمه من الداخل بازدراء على الذات لأنه على يقين من خطأ القبول، ولكنه يبلغ من الضعف والاستسلام الدرجة التي تجعله يمد أصابعه يقابل أصابعها في موافقة...


look/images/icons/i1.gif رواية فرط الحب
  21-12-2021 12:36 صباحاً   [21]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثاني والعشرونفتح ريان جفنيه بصعوبة ومط ذراعه بصعوبة أكبر بسبب تلك المستلقية بأريحية فوق صدره، ليمسك اخيرًا بالهاتف الذي يرن دون توقف وكان سببًا في إيقاظه:-ألو...أجاب ريان ما ان لمح أسم شقيقه الذي سارع يؤنبه:-ساعة عشان ترد يا بارد، المهم عاملين ايه طمني؟-أيوة انا اللي بارد، احنا كويسين ومش بنرد عشان كنا نايمين، المهم عمر عامل ايه؟سأل ريان بصوت منخفض وهو يحاول النظر للنافذة متعجب بأن الظلام قد حل وانهما قد ناما لساعات طويلة دون شعور.-الحمدلله قاعد مع خالتي اكل وبيلعب اهوه، يعني ريم كويسة ولا عملتلها حاجة؟طمأنه بيجاد قبل ان يسأل في نبرة محاطه بالتوجس، فأجابه ريان في ثقة:-انا مستحيل كنت أأذيها يا بيجاد من يوم ما فهمت غلطتي وانا واخد عهد على نفسي اعاملها زي بنتي يعني ريم زيها زي يا عمر، يوم ما تغلط هقومها وبمزاجي، عمرك شوفتني بأذي عمر حتى لو قسيت عليه؟سأل ريان في تهكم بصوته الرخيم فأجابه بيجاد في رضا:-ربنا يصلحلكم الحال.-متشكر على اتصالك يا بيجاد بيه واتمنى ان اللي حصل ده ميخليش عقلك ينسى كلامنا اللي كنت فيه غلطان من رجليك لراسك ووعدتني فيه انك هتتكلم مع وسام.-فاكر فاكر أنا عارف أنا بعمل ايه متضغطش عليا.تذمر بيجاد من اهتمامه متذكرًا حديثهما، وتعجب بأن ريان يتذكره رغم ما يمر به، ولكنه في داخله كان سعيد ممتنًا للغاية.-طيب أنا هقفل اكمل نومي وبكره هكلمك.انهى ريان المكالمة بصوت خافت خشن لا يزال متأثر بنومه يخشى ايقاظ ريم المستلقية فوق صدره في ثبات عميق، المسكينة تحملت فوق ما تحتمل ولكن للضرورة أحكام.تنهد فقد كانت الساعات القليلة من نومه محملة بمظهر جسدها المرتعد وصوت بكاءها الذي يلامس مشاعره بطريقة أرعبت باطنه فحولها لكوابيس في منامه.مال برأسه يتفحص وجهها تبدو كالطفلة التي تاهت عن ذويها بأثار دموعها الجافة التي الصقت رموشها المغمضة بوجنتها، مرر اصابعه فوق وجهها يلامس نعومتها الدافئة فخرجت انفاسه في رضا وهي تنكمش في جسده باحثة عن أمان احتواءه.أغمض عيناه في تعب ولكن صغيرته كان تعبث على أوتار رجولته بحركتها المفرطة فزفر محاولًا إبعادها في خفة كي لا يقلقها، فأخر ما قد ترغب فيه بعد هذا الإرهاق العاطفي أن يوقظها على جنون وحش عواطفه الجياشة الذي يعبث في ذهنه كي يلتهمها في نفاذ صبر...ولكنه سينتظر فلم يبقى إلا القليل وهي تستحق ذلك الانتظار بعد ما حدث بالأمس فقد كان درسًا قاسيًا لكلاهما.هي كي لا تثق في رجل سواه وتقتنع بأنه اقرب لها من نفسها وان علاقة الزوجة بزوجها يجب ألا تتخطى دائرة خصوصياتهم.وهو كي يتأكد بأن الثقة ليست مجرد صفة رمزية ولكنه حق مكتسب وعن جدارة يجب ان يتحلى به شريك العمر.كان منشغلًا في تحليلاته النفسية العميقة وهي عادة اكتسبها مؤخرًا ويشعر بالفخر بها فقد كانت مفتاح لحل أغلب مشاكله، ولم ينتبه لتلك النائمة بين ذراعيه تحارب كي تحافظ على انفعالاتها وتوهمه بنومها.وقلبها هو المتمرد الوحيد بضرباته التي ترفض الهدوء فمنذ سمعت "ريان" يخبر "بيجاد" بانها "طفلته" وهي تشعر بسعادة وبهجة غريبة تغمرها، اقتربت منه دون وعي تحاول التحكم في ابتسامه واسعة ستفضح انشراحها الزائد بكلماتها فتعود وتشعر وكأنها طفلة قتلها الحماس بالفعل.تشعر بالخجل وانها غير قادرة على مواجهته فهي ان فتحت جفونها ورأت ملامحه الحادة الوسيمة ستنهال عليه بقبلاتها المشتاقة.جزء منها يدفعها لفعل ذلك تمامًا ولكن جزء أحمق مزعج أخر يذكرها بوعدها لنفسها بأن تجعله يأتي لها جاثيًا.ولا تعتقد أن ارتماءها نحوه في تطلب يلبي هذا الوعد الأحمق، فكرت في انزعاج وتساءلت لما بحق السماء عليها ان تشعر بتأنيب الضمير وبأنها ستخترق عهدًا ما لقد كان مجرد وعدً تافهً لا معنى له ولكن لما تشعر بأنها مدينة لنفسها بذلك.شعرت به يعدل جسدها لتستلقي على جانبها بدلًا من توسد نعيم صدره وللحظة شعرت كجرو صغير ركله مالكة لأبعاده لكنها تنهدت براحه عندما شعرت بأنفاسه الدافئة تواجهها لتتأكد بأنهما يستلقيان وجهها لوجه وذراعه يعود للقبض على خصرها الصغير في تملك.كادت تهرب منها ابتسامه لكنها تحركت تخفي ملامحها في صدره ليغمغم في اعتراض تعجبت له حتى سمعته يهمس منزعجًا:-كنت متأكد مفهاش نوم طول ما الهانم بتتمرمغ في حضني زي القطط.اتسعت ابتسامتها وكادت تهلل في انتصار لأنها تسيطر على مشاعره وحواسه كما يسيطر هو عليها عضت شفتيها في خجل وقد فهمت لما يحاول ابعاد جسدها عنه واعطتها تلك المعرفة دفعة بتنفيذ مخطط مجنون لمع في عقلها للتو.رفعت اناملها تمررها حول خصره متثبته بعضلات ظهره المشنجة للمستها، شعرت بالوقاحة والدلال ... بل أسوأ شعرت بالقوة لأنها تستطيع ان تؤثر في زوجها ذو الشخصية الجامدة...امم فليريني ذلك المفترس مدى قوته حين يتم التهامه من قبل فريسته...فكرت في مشاغبة وهي تتعمد التحرك والالتصاق بجسده كل بضع دقائق ولوهلة شعرت بالإحباط لأنه يرفض قربها...تقصدين يرفض التحرش بكي وأنتِ نائمة... تهكم ذلك الصوت الساخرة داخلها لكنها فكرت في غيظ ومنذ متى يحترم نومها وسكينتها...زفر ريان بنفاذ صبر يحاول جاهدًا السيطرة على انفعالاته ولكن تلك المشاكسة ذات الجسد الناعم الصغير تهاجمه دون هوادة، تحركت تُهديه ظهرها في حنق كأنها غاضبة في نومها بلا مبرر فتمتم ريان في نفاذ صبر من بين اسنانه لا يبالي بنومها:-يابنتي بقى اهمدي فرهدتيني، خليني محترم بدل ما التحرش يبقى للركب وانتي نايمه!فاجأته بدفع كتفها للخلف في صدره باعتراض قبل أن تستند على مرفقها تطالعه للخلف في غيظ قائلة في استنكار:-وانت من امتى بتحترمني، ما تتحرش وأنت ساكت!برقت الدهشة من مقلتيه المتسعة بشدة لم يتخيل في أجمح أحلامه بان يسمع تلك الجملة من فم طفلة الريم خاصته، ارتبكت ريم في خجل لتخبره في تلعثم:-انا اسفة نام ... نام...اعتبر نفسك مسمعتش حاجة.-تعالي هنا يمين بالله ما حد نايم.هتف ريان وهو يمنع هروبها متهمًا بمشاكسة مستمتعًا باللوم الأحمر القاني الذي سيكر على وجهها وعنقها:-بدل ما انتي عماله تفركي كده، نبهيني انك بتحاولي تغريني !قبل عنقها في شغف فغمغمت بكلمات غير مفهومة خَجِلة لكنه لم يرحمها واستكمل هامسًا:-عري كتف مثلًا او حته من القرقوشة لكن فرك القطط ده إيه علاقته بموضوعنا!-أنت بترخم عليا ليه!قالت بعيون تفيض بالتأنيب ولمحة شقاوة، فعدلها حتى صارا وجهًا لوجه ملامسًا وجنتها الحمراء معترفًا بابتسامته الصلفة:-كده عشان بحب لونك الأحمر ..وعيونك لما بتبقى واسعة زي عيون الريم دي ...تناست خجلها بصعوبة وجارت مشاكسته بأن مررت أناملها ببطء قوق جانب وجهه الخشن بذقنه الأسود المُهذب، تحاول استحضار ميوعتها من جديد هامسة في شجاعة زائفة:-وانا بحب عيونك السودة الخبيثة اللي زي ...تركت جملتها المغيظة مفتوحه وهي تتابع عيناه الضيقة المتوعدة في ترقب لبقية جملتها لكنها تنهدت مبعدة أصابعه قائلة في مكر تعلم ان حروفها ستشعل غيرته:-عيون واحد كده بس بلاش لتتقمص.زمجر باعتراض وهو يحاصرها بجسده قبل أن يلثم فمها الغارق في ضحكاته حتى اختفت تلك الضحكات، أبتعد ورمقها بعيون تلمع بكبرياء مستمتعًا بتأثيره الرجولي عليها ليخبرها في ثقة وغلاظة:-العبي غيرها أنا عيوني حصري ليا أنا وبس.-أنت مغرور...تذمرت في طفولية وهي تلكز كتفه فخرجت ضحكاته قبل يحاول عض يدها في مشاكسة متهمًا إياها بكل سرور:-وانتي شقية...حركت جفونها في دلال أنثوي قائلة ببحه مختلطة بثقل مشاعرها:-شقية بس بتحبني...!أجابها بعمق بَحتهُ المحترقة بعاطفته الضارية نحوها:-بحبك وبموت فيكي كمان.أغمضت جفونها تستمتع بكلماته وتمتصها في ظمأ داخل نفسها ليقاطعها ريا بسماجته المعتادة:-لو نمتي مش هيهمني بردو، أنا بقالي سنة مستني اللحظة دي.وضعت كفها فوق رأسها تحركه بانزعاج واضح قبل ان تحدقه بنظرة مغتاظة قائلة من بين أسنانها:-ضيعت اللحظة الرومانسية، حرام عليك يا ريان... اوف...علت ضحكاته المستمتعة بملامحها الحانقة عليه ولم يجد ردًا سوى بأن يخبرها بعيون لامعة مقدامة:-يبقى نعوضها.-لا متعوضش.-لا والله أعوضها حالًا...قال ريان في اصرار وابتسامه واسعة سارقًا منها ابتسامة صادقة منهي الحديث بينهما بضم جسدها إليه يعتصره في خضم مشاعره الجياشة وهو يلثم فمها الوردي الصغير في نهم وشوق شديد بعد أن جن جنونه وهي تبادله شوقه دون خجل، تخضب جسده برعشة طفيفة بجنون لهفته فكان كالمخبول المصاب بالفتنة يفرغ شحنة غرامه داخل قلبها المستبد..بل كان كلاهما خاضعين كالأسرى لغرام يتنقلون فيه بين آهات عشق وتوسلات الحنين حتى أشفق عليهم القدر وكافئهم بالأمان بين أحضان الحبيب..ليبدأ رحلته معها في التعويض فلديهم الكثير والكثير لتعويضه براحة الباب ليتأكد لهما بأن المرء لا يشعر بعمق ولذة الحب إلا بعد أن يتذوق ألام الفراق.على الجانب الآخر داخل منزل والدة وسام، وضع عمر جهازه الالكتروني جانبًا قبل ان يتهم عمه في تذمر:-كنت عايز أكلم ريم وبابي.-يا حبيبي ريم نايمة وبابا هيكمل نوم، بكره الصبح انا هوديك بنفسي.أخبره بيجاد بنفاذ صبر فتمتم عمر في انزعاج:-يا ريتني فضلت مع عمتو ليان.-اه عشان أنا مفتري ووحش، امشي ياض كمل لعب وبلاش لماضة.ضحكت وسام ووالدتها قبل ان تخبره وسام في سخرية:-واد بيفهم.رمقها بيجاد محذرًا قبل أن يبتعد متخذًا مجلس بعيدًا عنها، رمقتها والدتها تعنفها وهي تمرر شفتيها لليمين واليسار في خذلان واتهام قبل ان تنادي عمر الصغير:-تعالى ندخل ننام يا حبيب تيتا الا انا عندي السكر.اتجه عمر بكل تلقائية ممسكًا بيدها دون اعتراض وكأنه لا يطيق الوجود مع عمه، ضاقت عيون بيجاد مغمغمً بكلمات مبهمة مستنكرًا أفعال الصغير ناكر الجميل كوالده، لكنه رد في حنان موجة لوالدة وسام:-تصبحي على خير يا خالتي.-وأنت من أهل الخير يا قلب خالتك.أجابته والده وسام في بهجة وسرور قبل ان تجحظ عيونها المحذرة صوب وسام تدفعها بعيونها لإنهاء الوضع المذبذب بينها وبين زوجها.قلبت وسام حدقتيها داخل مقلتيها في غيظ ونفاذ صبر وكأن الأمر بيدها وليس بيد ذلك العنيد المزعج الذي يرفض كل طرق تحايلها عليه.ذهب الزوجان لمنزلهما في الشقة القابلة ولم يعترف بيج بوجودها او يلتفت لها مرة، تابعته ينظر إلى ساعة يده بشفاه مذمومة وكأنه تأخر على موعد ما...اشتعلت نيران الغيرة داخلها من جديد وفضولها يقتلها لمعرفة سبب مقابلاته الغامضة ومع من؟لكنها اتبعته إلى الغرفة بكل هدوء تتابعه يتجه مباشرة إلى خزانة الملابس يخرج منها ما يبغي قبل ان يلقيها بإهمال فوق الفراش ويتجه في صمت نحو المرحاض.دبدبت قدماها في غيظ ما ان اغلق الباب لا تطيق تصرفه الدائم بعدم المبالاة ناحيتها ماذا فعلت لتستحق هذا العقاب القاسي ؟نعم اخطأت ولكنه ايضًا اخطأ كما أن خطأها كان نابع من عشقها له، جلست بيأس فوق الفراش تفكر في حيلة تجبره بها على البقاء في المنزل حتى لمعت عيناها في شيطانية.وقف تطالع الغرفة حولها في سرعة تبحث عن غرض مناسب ثم توجهت نحو علاق الملابس الخشبي الذي سيؤدي بالغرض.جلست أرضًا تعبث بثوبها تكشف عن ساقيها ثم مدت يدها تمسك بطرف الفراش وبالأخرى امسكت بطنها في حماية مما هي مقدمة عليه وفي لحظة مجنون ودون مزيد من التفكير دفعت ساقها بالعمود الخشبي ليسقط جوارها مباشرة وتخرج منها صرخة مدوية.صوت ارتطام داخل المرحاض ثم واحد... اثنان ...ثلاثة...انفتح باب المرحاض معلنًا عن بيجاد المرتعب العاري سوى من ملابسة الداخلية، ركض نحوها هاتفًا:-أنتي كويسة، حصلك حاجة انطقي طمنيني البتاع ده خبط بطنك؟انهى جملته في هلع وهو يستمع لتأوهاتها الباكية في احترافيه قبل ان ترفق به أخيرًا قائلة في نبرة مغرقة بالألم:-لا بس اتخضيت وقعت على ضهري جامد أوي وجالي مغص انا خايفة على النونو اللي في بطني.-يا نهار اسود يا نهار اسود... قومي اوديكي للدكتور بسرعة.هتف بيجلد في قلق وذعر بينما يحرك ذراعيه بعشوائية لا يدري من أين يبدأ:-لا استنى، مش هينفع قومني على السرير الأول عشان ضهري مش هيستحمل اي حركة او هزة دلوقتي.أخبرته في سرعة وارتباك فحملها بين ذراعيه بملامح متشنجة يسيطر عليها الخوف والقلق قبل ان يضعها في خفة متناهية فوق الفراش جالسًا جوارها متسائلًا في تلعثم قلق:-طيب اجيب دكتور البيت، أنتي حاساه بيتحرك جوا.انهى جملته وهو يحاول رفع ثوبها للأعلى في عفوية يريد رؤية الضرر وتلقائيًا وضعت وسام يدها فوق فخذيها في ذهول وشعرت بالخجل والشفقة عليه وعلى تصرفاته الغير منطقية فقالت في نبرة خافتة:-لا متقلقش النونو هيكون كويس انا حاسه بيه بس ضهري يا بيجاد هو اللي هيموتني.في لحظة سريعة عدل جسده جوارها ثم مد اصابعه تلقائيًا خلفها كي يدلك ظهرها في خفة وملامحه تبثها بخوفه ومعاناته الشديدة لمعاناتها، أسبلت جفونها تخفي مشاعر الحب المهيب التي تشع من عيناها وتركت لنفسها الحق كي تميل تستند برأسها على كتف ذراعه الممدود خلفها فيمسد هو في عفوية خصلات شعرها بيده الأخرى هامسًا في حيرة وألم وكأنه يتوجع بوجعها:-لسه تعبانه؟-لا بقيت أحسن، ضهري ارتاح وانت بتعمل كده.قالت في نبرة بريئة هادئة ليقاطعهم رنين هاتف بيجاد الذي ابتعد صون معدودة متجهًا نحو الهاتف يطالع من المتصل قبل أن يغلقه بشكل نهائي دون اجابه.كبحت وسام ابتسامه نصر حين عاد بجوارها من جديد يحتضنها في سلاسة وتلقائية وكأنه لا يمارس قوانينه الغاضبة عليها ثم أعاد حركة يده في خفة وحنان فوق ظهرها، تركته يدللها لما يقارب الساعة في صمت مريح بينهما قبل ان يقطعه بيجاد المستلقي جوارها مستشعرًا الغباء:-المفروض تشربي عصير أو حاجة، انتي وشك اصفر اوي تقريبا من الخضة.حركت رأسها في موافقة وحين حاولت الاعتدال علا صوته في ذعر:-لا لا إياكي تتحركي انهارده نهائي، ونحمد ربنا انها جت لحد كده!اختض جسدها من نبرته العالية ولكنها قالت في سرعة:-لا انا هعدل نفسي وبس متقلقش يا بيجاد انا بقيت كويسة اصلًا.تنفس عدة مرات يناشد رباطة جأشه قبل ان يتجه لإحضار العصير، ابتسمت في سعادة وقلبها يتراقص في ابتهال لان مخططها نجح ونجحت في إبقاءه في المنزل بل أكثر هدمت اسواره التي بناها بينهما في اتفاق صامت.دقائق وعاد حاملًا كأس من العصير ووقف جوارها حتي اجبرها على انهاءه بشكل كامل طالع العمود لذي لا يزال مفترش الأرض بما عليه من ملابس، اتجه ينقله إلى أبعد زاوية بالغرفة ثم انتبه لهيئته العارية فجذب سرواله القطني يرتديه.تابعته وسام بشفاه ممطوطه في اعتراض وهو يتجه للطرف الآخر البعيد من الفراش متخذه مجلسًا له بينما يفرك رأسه وكأنه يعاني من صداع كانت هي سبب له بالتأكيد.رمقته وسام بنظرات غامضة قبل ان تتحرك في بطء لتجلس جواره ملاصقة له عن عمد ثم قالت في نبرة هادئة منخفضة:-بيجاد.همهم في إرهاق وصب اهتمامه فوق وجهها الصغير منتظر استكمالها لكلماتها فعضت شفتيها هامسة في دلال:-عايزة اتصالح زي الناس اللي بتتصالح دي.ارتسمت بسمة صغيرة على فمه غير قادر على السيطرة على انفعالاته أمام عيونها التي تتوسل له ببراءة في نقيض مريب بين لغة العيون ولغة لسانها الذي يرغب بشدة في اقتصاه لكنه جاراها بقوله الساخر:-تقصدي انتي اللي تصالحيني؟-تؤ تؤ انت صالحني.اخبرته بجديه وهي تتعلق بذراعه سانده رأسها فوق كتفه عنوة متهمة بتعنت:-ومتنساش اني حامل والزعل ده مؤثر على نفسيتي وصحتي وأكلتي اللي بقت قد أكلت العصفورة.انفجر بيجاد ضاحكًا فرفعت وجهها تطالع ملامح وجهه المشرق في سرور رغم التعب الصريح في عينيه فتنهدت قائلة:-بحبك...شعر بيجاد بالاسترخاء وبعدم رغبة في محاربة مشاعره أكثر فكل ما يرغب فيه حرفيًا هو الشعور بقرب زوجته التي اشتاق إليها كثيرًا فهمس دون تأخير وهو يناظرها بابتسامه جانبية تزين طرف فمه الأيسر:-وأنا بحبك وبحب أمك.دوت ضحكتها الرنانة المكان وهي تضغط بذراعيها حوله في سعادة غامرة، تنهد ومال يبثها بقبلة عميقة صادقة دامت بضع ثوان قبل ان يبتعد فأحاطت وسام كفيها حول رأسه تخشى ابتعاده في رفض تعيد شفتيه لشفتيها في توق.طالت قبلاتهم التي تصرخ بمكنونات قلبهما الصادقة والصريحة ولكنه ابتعد عندما شعر بأصابعها تتحرك فوق جسده متطلبه الكثير فهمس وسط مشاعره الجياشة:-مينفعش عشان ضهرك وال...-لا انا ضهري زي الفل!-يا وسام...اعقلي...قال ضاحكًا يحاول ابعاد فمه عن مرمى شفتيها التي تقابل ما يمكنها ان تصل إليه من وجهه فشهقت شهقة اعتراضية وهي تميل نحوه تستوطن فوق جسده ثم قالت في غيظ:-معلش يا خويا انا مسامحه فيه..ابتلعت ضحكاته الرجولية بفمها الصغير في اصرار بينما تركها هو في رضا ولهفة تعبث داخله الفساد وفي المقابل تركت له وسام حرية رفع جسدها بتأني وسط أنفاسهم اللاهثة قبل ان يستقر بها في أحضانه مقبلًا إياها بشغف حارق يرضي بلمساته الراغبة شوق ووله مجنون بها.بعد مرور ثلاث أيام عصيبة ...فللأسف لم يهنأ الشقيقان كثيرًا ما ان انتهت تلك اللحظات الجميلة المخطوفة من حياتهم البائسة ففي صباح اليوم التالي اكتشفوا اختفاء شقيقتهم ليان، عندما احضر بيجاد ابن شقيقه متسائلًا بعفوية عن ليان ليناظره ريان ببلاهة مجيبًا بانها ليست في منزله وانها من المفترض ان تكون معه هو.لا يوجد وصف يوصف الذعر الذي تملك ريان حين اخبره بيجاد بأنها كانت قد قررت البقاء للاطمئنان عليه هو وريم، ليهرعا حول المنزل كالمجانين يبحثون عنها قبل ان ينطلقا بحثًا عنها في الطرقات وفي كل مكان يظنان بأنها قد تكون فيه.وها هما الآن وبعد جالسين كالبؤساء ينهشهم القلق والحزن يحاولون التكهن بمكان ليان وبمن قد تلجأ إليه.-كله من غباءك، تلفونها فصل تتصل بيا تسأل؟!قال ريان متذمرًا ملقي بالذنب على عاتق بيجاد الذي أسرع في مدافعة:-انا كنت فاكر الشحن خلص ومعهاش شاحن مثلًا، ثم انا اتصلت وانت اللي كنت مخمود مش ذنبي.-وبعدين بقى قولنا لا ذنبك ولا ذنبه اكيد ليان مضغوطة شويه وراحت مكان تهدي أعصابها وانا متأكدة انها هتتواصل معانا قريب.وكأن القدر يصدق على كلمات وسام المنفعلة التي تحاول تهدئه الأخوين منذ الصباح، ليصدح صوت هاتف ريان برقم شقيقتهم فجذبه مجيبًا سريعًا في لهفة وقلب يدق في عنفوان:-ليان انتي فين ؟-اهدى يا ريان انا بخير!اتاه الرد سريعًا في خجل ليقاطعها بقوله المنفعل:-انتي بخير الحمدلله، طيب ممكن بعد اذن سموك أعرف انتي فين عشان اجي اكسر دماغك يا بنت الجذمة، انتي فين!صرخ ريان نهاية جملته في غضب حاد فجذب منه بيجاد الهاتف صائحًا في اعتراض:-احنا مش حمل شغل مراهقين، انتي عارفة احنا كنا هنتجنن ازاي عشان مش لاقينك، انطقي على طول أنتي فين؟-ممكن تدوني فرصة أتكلم!زمجرت ليان في نفاذ صبر وتوتر فاندفعت ريم تربت على ذراع ريان تحثه على سماع شقيقته وقبل ان ينفجر بيجاد في وجهها أعاد ريان الهاتف منه مشغلًا مكبر الهاتف قائلًا في نبرة حادة ثابتة:-اتكلمي...-أنا اسفة بجد اني قلقتكم بس كنت خايفة اتصل بيكم كنت محتاجه وقت عشان اقدر اقول اللي هقوله ده.ضرب بيجاد كف فوق الأخر قائلًا في حده غير مصدق وقاحتها:-ادخلي في الموضوع يا حيوانة مش بتفتتحي مهرجان انتي.-اسكت يا زفت انت كمان خليها تتنيل، اتكلمي...صاح ريان قبل أن يوجه أمره الحازم لشقيقته، سمعوا انفاسها المضطربة قبل ان تصلهم كلماتها المنطوقة في خفوت بصوت مهزوز يشوبه الخوف:-أنا اتجوزت، وقبل ما تشتم او تتعصب ارجوكم سامحوني وافهموا الموقف.نزل الخبر كالصاعقة على مسامع جميع من بالغرفة فساد الصمت عدى من صفعات وسام المرتعبة المتلاحقة فوق وجنتها وشهقة ريم المذعورة وعيناها معلقة بزوجها الذي يكاد ينفجر كالبركان.ارتعش قلب ريم تمامًا كقلب ليان حين قال في صوت محشرج خشن يحمل بين طياته الكثير:-اتجوزتي؟-ايوة، من يومين...ابتلعت ريقها ما ان إجابته في حرج وتأنيب ضمير ليسأل دون توقف يحاول تحمل الجنون والهموم التي تلقيه شقيقته عليه:-مين؟-أحمد.جز ريان على أسنانه وارتفعت انفاسه الغاضبة أكثر يحاول اعتصار عقله يحاول تذكر اي أحمد في حياة شقيقته، وباطنه المريض يرفض البته تصديق ظنونه السوداء عن شخص ذلك الأحمد ليخبرها في صوت هادر ينذر بشر محتوم:-أحمد مين؟-أحمد يا ريان.. أنا...أنا اسفة..اجابت بصوت مخنوق بين شهقات بكاءها، فهتف بيجاد بأقسى الشتائم بينما وضعت ريم كفيها فوق فمها في ذهول لا تصدق ما تسمعه وتخشى من ذلك الخواء الذي يفوح من عيون زوجها مع نبرته المختومة بهدوء يملئه الريبة:-أتجوزتيه برضاكي ولا غصب عنك؟ضغطت ليان على حروفها في صدق رغم انتفاض جسدها بانفعالاتها المتناقضة:-كنت راضية... هبعتلك صورة القسيمة في رسالة.-لو خايفة تقوليلي انه اجبرك...حثها ريان بصوت غامض وكأنه يتوسل لها بأن تخبره بأنها مزحه ما أو ان أحمد قد اجبرها بالفعل لكنها حطمت قلبه الممزق بردها المؤكد:-ريان انا اتجوزت أحمد لأسباب كتير انت مش هتفهمها او تستوعبها مهما قولت.رج صوت ريان المكان في غضب مستنكرًا:-افهم ايه ! ...افهم انك استغفلتينا وحطيتي راسنا في الطين ولا افهم انك شيطانه مصرة تدمريني.اختض جسده في غضب مجنون وقدماه مثبته في مكانه غير قدر على الالتفات نحو أحد لكنه استطاع ان يهتف في بيجاد يطالبه بحصر صوته العالي لأنه على وشك الوقع في حفرة مظلمة من الجنون لا يعلم نهايتها ليستكمل في قسوة شديدة موجهة لشقيقته:-دونًا عن كل الخلق اختارتي أحمد عشان تحطميني، بتنتقمي مني؟فهميني رسالتك اللي عايزة توصلهالي؟اتاه صوت ليان المختنق ببكائها وبرغم ما فعلته لتهيأ نفسها للقادم ولكن قلبها لا يزال يعتصر غير قادرة على تحمل خيبه الأمل والخذلان المقطر من صوت شقيقها المتألم:-يا ريان عشان خاطري افهم والله ما اقصد اني أذيك بالعكس انا بعمل ده علشانك.-علشاني لا كتر خيرك أوي.قال في تهكم قبل ان يستكمل من بين أسنانه يشعر بلهيب خيانتها يكوي نفسه من الداخل قائلًا في قسوة:-سامحتك قبل كده، لكن المرة دي انا لا يمكن اسامحك ابدًا ولو بموتي يا ليان، انتي بعملتك دي اختارتي نهايتنا، ولازم تنسي ان ليكي أخ اسمه ريان.أغلق الهاتف دون أن يسمع حرف أخر منها فهتف به بيجاد الغاضب:-كان المفروض تسمعها أكتر من كده، مش يمكن التاني اللي ضحك عليها.رمى ريان بهاتفه في غضب ثم أشار نحو بيجاد صارخًا غضبه المكبوت:-لو زعلان روح كلمها انت برا عني، لاني من انهارده أنا معنديش إخوات بنات.-ريان أرجوك أهدى أكيد في حاجة غلط.حاولت ريم التدخل تشعر بالهلع وكأنها في حياة من الجحيم فقاطعها بيجاد في حدة:-ايوة في غلط وانتي هو الغلط ده، وانت ايش ضمنك ان مراتك متفقة معاه عشان ينتقموا من ليان بعد اللي عملته في ريم.وقفت ريم المصدومة تطالع اتهامات بيجاد في صمت لا تصدق انه قد يفكر حتى بالأمر، قطع افكارها صوت زمجرة زوجها الغاضب:-اخرس، اختك هي اللي راحت لأحمد برجليه مراتي ملهاش ذنب!تدخلت وسام تجذب بيجاد للخارج وقلبها يرتعش خوفًا من احتدام الأمر بين الأخوين أكثر لكنها قالت مؤكدة:-ريم ملهاش دخل يا بيجاد بلاش تخلي عصبيتك تأثر على تفكيرك من تاني.-في حاجة مش مظبوطة ازاي تتجوزه هو مش في عدة طلاق؟!صرخ سؤاله في انفعال نحو ريان الذي أجابه في حقد وندم مؤكدًا:-ريان متطلقه من اكتر من أربع شهور، انا سافرت جبتلها ورقتها من طليقها مش أكتر عشان بيبتزها بيها وياريتني ما روحت.كاد يصيح بيجاد بكلمات أخرى ولكن وسام دأبت على شد ذراعه في تحذير فجذب ذراعه منها في عنف واعتراض قبل ان يلتف خارجًا من المنزل بينما تحاول وسام اتباعه واللحاق به في صعوبة.التفت ريان يدور حول المكان يشعر بحبال اعصابه تنقطع ليركل طاولة خشبية كانت جواره في محاولته باهته لفض شحنة السواد العارم داخله مسقطًا كل ما عليها من أغراض زجاجية ليتناثر الزجاج في صوت مفجع اكسبهم صرخة من عمر الجالس بمفرده داخل غرفته فهتفت ريم تطمئنه:-متقلقش يا حبيبي دي المزهرية وقعت، خليك جوا عشان متتعورش.كان ريان يسب ويلعن بصوت عالي غير مبالي بالزجاج المحطم تحت نعل حذائه فاقتربت منه ريم الخائفة بان يستمع ريان لاتهامات بيجاد ويصدقها، قائلة في خوف وتوتر:-أنت بتفكر في إيه؟اوعى تكون فاكر اني ليا دخل، انا مستحيل اعمل كده مهما ليان عملت فيا.التفت نحوها يحدقها بنظرات قاتلة قبل أن يخبرها بصوته العالي بينما يتجه لباب المنزل:-مش بفكر في حاجة نهائي .. نهائي...وبذلك خرج هو الآخر، تاركًا ريم حائرة وحيدة وقد تملكها الحزن والأسى من جديد ولكنها تعاود وتلوم ذاتها بأنها من ألقت بنفسها داخل دائرة الشك والشبهات بتمسكها بعلاقتها مع أحمد واستمرارية وجوده في حياتها.شعرت بحزن أثقل قلبها فهناك أخطاء نتعلم منها ولا نكررها وهناك أخطاء تلتصق بنا مدى العمر.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 4 من 9 < 1 2 3 4 5 6 7 8 9 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1008 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 836 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 749 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 732 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 966 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، الحب ،










الساعة الآن 02:25 AM