رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السابع عشردخل ريان إلى المنزل بأكتاف معبأة بالكثير من الإرهاق النفسي وذهنه لايزال مشتت في كل الاتجاهات.الحياة تضغطه بشكل كامل فمن طرف هناك أخويه المفتقدان للكثير من الحب والرعاية في حياتهما.ومن طرف أخر هناك ريم وعلاقتها بأحمد المخالفة لكل ما يؤمن به كرجل يعشق زوجته ويغار عليها.جز على أسنانه يحاول تنظيم أنفاسه ما ان تذكر زيارة أحمد خلسة في الصباح على أمل ترتيب أفكاره كي لا يخرج خاسرًا من معركة يجهلها فتلك العلاقة صارت كشباك العنكبوت تبتلع ضحاياها لتلتهمها بعد أن تتلاعب بحبال اعصابها وثباتها الانفعالي.جديًا هو غير قادر على تحليل أوفهم المغزى التي تريد زوجته ايصاله اليه بسماحها لرجل مهما كان بالحضور إلى منزلهما خاصة رجل يرغب في الزواج منها فمن يدري ربما ذلك الأحمد يخدعها من البداية ويرغب في كسب ثقتها تحت مسمى العجز والمرض.والاقبح هو التساؤل حول عدد زياراته السابقة خلال سفره فبالتأكيد حين حضر أحمد لزيارتها اليوم لم يكن يدري بوجود ريان، لقد كانت تلك الزيارة عفوية بل أبشع تلقائية.يشعر بالنقمة على الظروف التي منعته من الضغط على "ليان"، رغم انه كان قادر على إخراج منها الكثير والكثير مما تخفيه دون سبب واضح له ولكنها في الأغلب تحاول تصحيح أخطاءها بالتستر على خطأ ريم وربما هذا الغموض أو الإخفاء عنه هو الذي يأكله.انتبه لجسد ريم المستلقية في صمت فوق الاريكة بالردهة دون أن تلتفت لحضوره طالعها بتفحص وكأنها في عالم أخر لا تشعر بأحد من حولها ترى من يجسد ذلك العالم الخاص معها هو أم أحمد؟!أغمض جفونه يرفض الانسياق خلف منحنى أفكاره ثم ألقى بنظره فوق عمر الغافي في هدوء وسط ألعابه أمام التلفاز ليتجه في صمت نحو غرفته كي يغير ملابسه ومحور أفكاره رافضًا تسليم عقله لتلك الشكوك المحرضة لأنها ستكون المسمار الأخير في نعش زواجهما إذا كرر خطأه السابق بالانسياق ورا أوهامه.كاد يمزق أزرار قميصه بشده، فأصابعه تعبر عن مشاعره المختنقة في براعة، خلع القميص ودون شعور وجد نفسه يضغط فوق طيات القماش كمجنون يشعر بالبركان داخله يزأر رافضًا الخمود، قذف القميص المسكين اخيرًا بأنفاس لاهثة تكسر الصمت من حوله ثم اندفع للخارج دون هدف واضح أمام عينيه مغلقًا الباب خلفه.عاد جسد ريم للحياة على صوت الباب فاعتدلت تطالعه متعجبة متى عاد بالتأكيد، فكر ساخرًا وهو يتابع حركت شفتيها:-لقيت بيجاد؟-أيوة.-كله تمام يعني؟ابتسم في غموض ساخر ورأسه يميل لليسار قليلًا رافعًا حاجبه في تساءل:-انتي شايفه ان كله تمام؟رفضت ريم الإجابة عن السؤال المبطن بالكثير والتي يتكهن به حدسها فسعلت في خفة مغيرة الحديث قائلة بنبرة منهكة:-بعد اذنك دخل عمر على سريره، انا هاخد شور.اتجهت ريم للداخل حارصة على تخطيه دون ملامسته وعيناها ترفض ملاقاه عيناه المشتعلة بتفسيرات حارقة مهوسة حول تصرفها.وقفت ريم أمام الخزانة مستكينة كالصنم غير قادرة على أخذ فعل أو التفكير بشكل جيد، كانت تشعر كمن وُضع داخل حلة المغسلة وكل أحبائها يتسارعون للتفرج عليها تدور وتدور على أمل تنظيف روحها بشكل يتناسب مع وجهة نظرهم هم لا هي .أغمضت جفونها وهي تستشعر خطوات ريان المتقدمة نحوها فاحتلت كلمات أحمد ونظراته المتخاذلة مكنوناتها لتزداد حقدً وغضب على الذات بعد أن فرك فشلها في قسوة لامتناهية بوجهها.لقد صدق أتهام أحمد لأنها صارت أنانية لا تفكر سوى بأحلامها الوردية، وتلك الأنانية غرسها ذلك الأنسان الأناني الاكبر القابع خلفها.شعرت بأنفاس ريان الهادئة على غير العادة قبل ان تشعر بأنامله المتصلبة تمسك بطرف خصله هاربة من كحكتها الملتوية في عشوائية بمنتصف رأسها.حركت ريم رأسها بعيدًا عنه تشعر بالاشمئزاز للقبول والمتعة التي افرزتها لمسة صغيرة منه نحوها بينما غيرها يتألم ويذوب بلا ذنب في مصائب كانت هي بمثابة حبل النجاة لها.حرك ريان لسانه فوق شفاه السفلى يبلل جفافها بمرارة رفضها للمسته، لكنه لم يبالي واستمر على نفس المنوال يلامس ذراعها بطرف اصابعه متسائلًا بنبرة تخفي الكثير من الصقيع الداخلي الذي يغمر صدره:-مالك، مش طايقه لمستي ليه؟التفتت ريم تناظره بعيون خاوية وقالت بأنف مرفوع في شموخ واهي:-وانا من أمتى بطيق لمستك؟خرجت من صدره ضحكة ساخرة بينما يجلدها بتلك النظرة الصارخة " لقد فقدت القدرة على عد اللحظات التي تذوبين فيها بين ذراعي".ابتلعت ريم لعابها في توتر لكنها تمسكت بشجاعتها الزائفة، قائلة بنبرة أرادتها قوية لكنها خرجت مهزوزة غير واثقة:-أنا مش مبسوطة ومش راضية عن اللي بيحصل بينا.-عادي ما أنا كمان مش راضي.حدقته بنظرة جافة تحمل الكثير من اللوم وكأنها تستحضر كل ذكرياتهم السيئة معًا فلمعت عيناه في غضب قاتل لان ما يراه هو روح مسيرة فزوجته بلغت من الضعف بأن تترك لغيرها أن يتحكم بها بكل سذاجة فلم يستطع كبح غضبه أكثر ليردف باتهام من بين أسنانه:-أنتي انسانه ضعيفة.صُدمت ريم من كلماته التي ضربتها في مقتل لتبتعد خطوتين عنه تهرب من شعورها كالعصفور السجين بين أقفاص شخصيته القوية الواثقة ثم زمجرت في غضب منصب عليه:-ضعيفة عشان سمحت لواحد زيك يدخل حياتي من تاني بكل سهولة.رفع يده في وجهها مؤكدًا بنصف ابتسامه تشع منها الجنون والشك الذي يحاول اخفائهما دون جدوى:-لا يا ريم انتي ضعيفة عشان ده مش كلامك، ده كلام أحمد مش كلامك!-لا ده كلامي أنا بس أنت اللي مغرور مش شايف غير نفسك.صرخت تخفي مشاعرها المتخبطة وكلماته تؤجج اعتقاد داخلها ترفض حتى الاعتراف بوجوده فصرخ في وجهها وهو يحاصرها ويقربها منه ممسكًا بذرعها:-أحمد ده من هنا ورايح تنسيه وتنسي وجوده من حياتك نهائي، انتي سمعاني!طالعته في صدمه واندفعت تعكس عنف حركته تحاول الابتعاد عنه والانفلات من اصابعه المحكمة حول معصمها وهي تخبره دون اهتمام بفلتره الهياج المشتعل داخل صدرها من مشاعر متباينة بين كره ومسامحه:-أنت انسان أناني وعندك جنون السيطرة على كل حاجة حواليك، أحمد طول الوقت كان بينبهني قد ايه انت انسان اناني وانا كنت بدافع عنك بكل غباء.جذبها ريان نحوه في حركة عنيفة دون تفكير بضعف جسدها الهش يحصرها بينه وبين الخزانة بقوة ضاغطًا فوق كتفها هاتفًا بين أسنانه في اتهام مُخزي:-عايزة تعيشي دور الضحية عشان تبرري علاقتك بأحمد مش كده؟-مفيش حاجه غلط في علاقتي بأحمد عشان ابررها.صرخت وهي تهاجمه جسديًا وقد خرجت عن طور تعقلها منفجرة تحاول قطم أصابعه الممسكة بوجهها رافضة شعورها الخانق بانها عروس ماريونيت.فعكس ريان صخبها بشكل أعنف وهو يكبل ذراعيها في علامة أكس أمام صدرها ضاغطًا على جسدها للخلف وكأن شيطانه يهيأ له الراحة في تحطيمها، ليزمجر بنبرة انتقامية غاضبة:-علاقتك بأحمد كلها غلط، كلها غلط يا ريم مش حاجه فيها، انت كلك على بعضك انسانه مجنونه وتصرفاتها غلط في غلط.-انا مش مصدقه اني كنت بحبك في يوم واني مضطرة أتحمل وجودك في ذكرياتي طول العمر.همست كلماتها بنبرة مرتعشة وجسد مهزوز كم على وشك السقوط بنوبة هلع من نوع ما وهي تشعر كالسجينة بين أصابعه القاسية.-انا عمري ما حبقى ذكرى في حياتك.بصق حروفه في هدوء ينذر بشر انفعالاته أمام وجهها وكل نبضه في صدره تتمزق بفعل الغيرة الحارقة ومشاعرها تلك المبعثرة الرافضة تكوي مشاعره قبل رجولته، هدأت حركتها فقط لتخبره بشفاه جانبية مرفوعة نحوه بتقزز:-انت واهم نفسك بأيه؟هاه عايز تثبت أيه باقتحامك لحياتي من تاني ؟-انا بحارب نفسي ونفسك عشان مخسركيش، بحارب وبثبت لنفسي ان انتي اللي مصره تدمرينا وتخسرينا.-اخسرنا؟ريان انت اناني فعلًا للدرجة انك اندمجت في الأنانية دي ومبقتش قادر تميزها عن شخصك.خرجت كلماتها كالفحيح وهي تنفض ذراعيها منه وتضربه فوق صدره بكل ما تملكه من قوة وغضب مكبوت صارخة بجنون:-انا خسرتك وخسرت نفسي، أنا كنت بتمنى الموت عشان محسش بالوجع اللي انت كنت سبب فيه!ارتعش قلبه لاعترافها هذا بألم موجع عميق لم يتخيله يومًا، ألم أشد قوة من طلقات الرصاص لكنه همس مدافعًا عن بصيص الأمل داخله:-مهما قولتي من اتهامات فبردو مش هقول غير اني حبيتك وهحبك طول العمر، اللي بيتكلم ده سموم أحمد اللي انتي بنفسك ادتيه فرصة عشان يغرسها جواكي، فوقي لنفسك قبل فوات الأوان.انهى جملته وهو يبتعد بجسده عنها للخلف فهمست تنفس بقايا غضب كمن انتزعت روحها:-انت كذاب أنت عمرك ما حبتني ربع حبي ليك، أنا مكنش لازم أتمنى لنفسي الموت.ضاقت عيون ريان وهو يتابع انكماش ملامحها الثائرة بعمق جراحها قبل أن تقذف كلماتها كالسهام الحادة المغمسة في السموم لتستقر في جوف صدره بقولها:-أنا كان لازم أتمنى موتك أنت.جزت على أسنانه التي تتخبط في بعضها من شده انفعالاتها المضطربة وهي تشير للأرض أسفلها هاتفة في كره:-حياتي كانت هتبقى أسهل لو اتمنيتلك الموت، لو انت كنت موت أنا كنت هرتاح وهقدر أعيش.دبدبت بقدميهما كمن تلبسها الجنون تستكمل صراخها بوجه أحمر مفتقد الاكسجين ثم احتضنت رأسها بين أصابعها:-أنا بتمنى أنك تموت و و...تدرجت حده كلماته حتى صمتت تمامًا عندما توقفت عيناها فوق وجهه الصارخ بصدمته وعيناه المتألمة اللامعة بدموع العتاب التي يرفض كبريائه ذرفها رغم هول كلماتها التي ضربته في الصميم وجعلته كطفل صغير طردته والدته من رحمتها للتو.ألهذه الدرجة وصل كرهها له ...لدرجة تتمنى له الموت وترى فيه راحتها...أخفض انظاره عن عيناها الباكية والتي صار غير قادر على تحمل المشاعر داخلهما.فوقف كالأبله غير قادر على التحرك من مكانه او إبداء رد فعل ولكن انظاره ارتفعت نحوها مع ارتفاع بكاءها الحاد بشكل هستيري وشعر بصدره يضيق أكثر وأكثر لمعاناته وهي تقترب منه:-يارب .. يارب ..لا..قالت وسط بكائها الممزق لنياط القلب بينما تخفي وجهها بمعصميها قائلة بحرقة لا تصدق أنها تفوهت بهذا الجنون:-أنا أسفة، أنا أسفة، أنا أسفة مستحيل أتمنى لك الأمنية البشعة دي.رمت جسدها فوق صدره هامسة في حزن بصوت مبحوح وسط شهقاتها العالية:-انا انسانة بشعة، انت عندك ابنك عمر ازاي قدرت انطقها، انت لازم تكرهني.-أنا عمري ما هكرهك.همس وهو يضمها اليه يربت على رأسها وكأنه لم تنفجر به وتحطمه لأشلاء منذ ثوان ولكن ما باليد حيله فهكذا هو الحب معطاء حد الجنون.ضغطت ريم على كتفيه مفتتة بالذنب، تقربها أكثر منها وتخفي انينها الباكي في صدره ثم همست في صدق:-يارب كنت موت أنا قبل ما أوجعك بالطريقة دي...يارب أنا راضيه ... انا راضية...توالت كلماتها الهستيرية وقد سيطر عليها الذنب والصدمة صافعه رأسها القابع فوق صدره فجذ ريان على أسنانه ممسكًا معصميها قبل أن يضرب احدهما فوق جانب وجهه سارقًا شهقة معترضة من فمها، معترفًا:-عايزة تضربي اضربيني أنا، عايزة توجعي اوجعيني أنا مش همانع.خبط بمعصمها فوق جانب وجهه وعنقه بقوة ارعبتها فعادت من جنونها الهستيري صارخة في استنكار وخوف:-كفاية كفاية...أرجوك...-لا مش كفاية اضربي وطلعي شحنة الكره والغضب اللي جواكي...اضربي يا ريم بس اياكي تتمنى الموت لنفسك لانك ساعتها بتقتليني...اضربي عشان تطلعي كل المشاعر الوحشة وتنتهي الحكاية...صرخ بأخر كلماته وهو يضاعف حركه يدها فوق وجهه كأنه يعاقب ذاته على كل خطيئة وأذى ارتكبه في حقها ولم يتوقف إلا حين ارتمت ريم المرتعشة بين ذراعيه غير قادرة على حمل ثقلها لينشغل بإحكام ذراعيه حول جسدها المتراخي يثبت وجهها الباكي فوق صدره النابض بقوة متجهلًا جانب وجهه النابض من عنف صفعاته.حملها ليستقر بها فوق ساقيه على أحد المقاعد ويخفي جسدها المنتفض بين ذراعيه هامسًا بقله حيلة لا يبالي لما يدور داخل صدره من مشاعر أشد جنونًا واضطرابًا من مشاعرها:-بحبك يا ريم وربي المعبود بحبك.اشتدت دموعها المتساقطة في خجل وقهر ثم ضغطت بوجهها فوق صدره تخفي نهنهت بكائها وهي تحارب للالتصاق بجسده كأنها ترغب في الاختفاء داخل جسده وكأنها تختبئ وتشكي منه إليه.-أنا عايز مكاني الطبيعي كزوج في حياتك انا عايز قلبك وثقتك مش جسمك وخلاص، عايز مشاعرك وتفكيرك اللي بتمنعيه عني ومتعلقة بوجود أحمد بسببه.-ريان انا ماليش حد في الدنيا لا أب ولا أم ولا أهل، أحمد هو أهلي خصوصا لما انت اتخليت عني..أخبرته ريم بصوت متقطع أثر بكاءها ووجهها يترجم مدى ذعرها ورعبها من وحدتها في الحياة، فرد ريان في نبرة صادقة وهو يمسح عبراتها ويرفع ذقنها نحوه ممسكًا بنظراتها:-انا عمري ما سيبتك يا ريم، اه حصل سوء تفاهم فترة لكن أنا عمري ما سيبتك، لو اتخليت عنك مش هبقى قاعد قدامك هنا بطالب بحقي في اني أكون أهلك وأنتي اللي رافضة.-أنا مش رافضة، أفهمني أرجوك انا خايفة لدرجة اني مش عارفة انا عايزة ايه ولا المفروض اتصرف ازاي، انا ضايعة وتايهه في حياتي أوي ومحدش حاسس بيا واللي مريت بيه مقيدني.أعاد ريان رأسها للاستقرار فوق صدره ثم مرر أصابعه فوق وجنتيها الحمراء سامحًا لعيناه بالانتقال على وجهها المحتقن في حزن وأسى قبل أن يتنهد مؤكدًا لها:-أنا مش هضغط عليكي، انا هديكي مساحتك ووقتك بس من غير ما تبعديني عن حياتك، صدقيني مش هقدر أستحمل فكرة انك تبعديني عن حياتك.لمست نبرته الخافتة الصادقة قلبها فأخرجت زفير قوي تلاه شهيق أقوى تتمنى لو تلملم شتات ذاتها كي تستريح من هذا الضغط المقيت الجاثم فوق صدرها.وبدون تفكير أو وعي أعادت رأسها ليسقط فوق صدره مكتفية بالصمت الذي قابله هو بسكون راضي وقلبه يدق بتفاؤل فعل الأقل هي تتطلب قربه رغم اعترافها برغبتها في مساحة بعيدًا عنه.ريم لا تزال ريم تلك المرأة المفعمة بروح الطفولة الصافية التي حرمت من عواطف وعلاقات طبيعية، تشعر بالنقص وعدم القدرة على التأقلم في أمور قد نراها أمور عادية في حين ان ذلك الأمر قد يجعلها في أشد لحظاتها تشتتًا.ريم وقعت ضحية لشخص مستغل مريض نفسيًا يلعب على أوتار مشاعرها وانتمائها ويحركها بما يتناسب مع مصالحه وسيحارب بضراوة ليثبت لها ذلك عاجلًا أم أجلًا.-ادخلي غيري هدومك وتعالي شقتي وهوريكي طريقة أحلى صنيه بسبوسة في الدنيا..قالت والدة وسام فضحكت ليان لتهز رأسها في موافقة مرحة:-موافقة خمس دقايق وأبقى قدامك.التفتت ليان بابتسامه خفيفة نحو الغرفة لتغيير ملابسها وهي تشعر بخفة حركتها وكأن جبال قد انزاحت من فوق كتفيها، أما والده وسام فنظرت لأبنتها في غيظ متسائلة:-ممكن أفهم سيباه كل ده لوحده في الاوضة ليه؟مصيبة لتكوني مستنياه هو اللي يعتذر.زفرت وسام وهي تنظر نحو السماء تدعو الثبات ثم ردت في هدوء:-انا سيباه يهدى شوية يا ماما وهدخل اعتذرله، ممكن تهدي وتسبيني اتصرف انا عارفة انا بعمل ايه!-وربنا ما حد هيجلطني غيرك، يا بت الواد بيحبك اتلحلحي وجبيه سكه ليطفش من فقرك.-ماما قومي ولديني أحسن عشان خلاص بقيت على أخري.قالت وسام مستنكره من بين اسنانها تطلب فقط ان تتركها والدتها وشأنها وقفت تتجه نحو الغرفة التي يحبس بها بيجاد نفسه من مغادرة ريان ثم نظرت خلف ظهرها تطالع والدتها المتفحصة المحركة ذراعيها بحركة دفع وهميه تحثها على الدخول.قلبت وسام عيناها في غيظ طفولي من تصرفات والدتها الغير منصفة وفتحت الغرفة في عزم.التقت عيناها بعيون "بيجاد" المتعجبة ما ان دخلت فانشغلت بإغلاق الباب خلفها دون تبرير ثم انتقلت عيناها فوق جسد "بيجاد" الذي تجاهلها وعاد لاستكمال استعداداته للخروج فهمست بصوت ضعيف:-أنت خارج؟-أيوة.اجابها باقتضاب دون تطويل، فابتلعت شعورها بالأحراج والتطفل فهي زوجته، لتتساءل في اصرار من جديد:-أنت رايح فين؟رمقها في حده ليجيبها في جمود:-حاجه متخصكيش.اقتربت منه بتروي وتأكدت انه يستشعر قربها عندما تصلبت عضلات جسده المشنج فوقفت على أطراف أصابعها تربت بيدها فوق كتفيه تنفض غبار وهمي وانتهت تلامس ذراعه هامسة في حب وعتاب:-مش هتسامحني؟أغمض "بيجاد" جفونه يكبح مشاعره الجياشة التي تتلهف في شوق نحوها وركن داخله يخشى فتح أبواب اللوم والعتاب بينهما فهو لا يزال في زاوية مظلمة يحقد على ذاته في كره لأنه صفعها وتسبب في أذاها في لحظة غضبه.فابتعد عن لمستها كالملسوع يخبرها بقناع من البرود:-انتي معملتيش حاجه اسامحك عليها، اللي حصل حصل وانتهى.-اللي بينا عمره ما هينتهى، قولي عايز أيه وأنا هعمله وبلاش تموتني ببرودك ده.أجبر أصابعه على حمل عطره المفضل يرش ملابسه محتفظًا بهالة تجاهله كعقاب له ولها لتهتف في غضب أنثوي:-أنت رايح تقابل واحدة مش كده؟اتسعت عيناه في المرآة يرمقها في تعجب قبل ان يلوي وجهه مؤكدًا على حالتها الميؤوسة من الجنون فرد متهكمًا:-متقلقيش الست اللي هقابلها مش هخبيها في اوضة نومي...-حرام عليك يا بيجاد هفضل لحد امتى اقولك أنا اسفة وسامحني، بلاش تلعب عليا انت عارف ومتأكد اني عملت كده عشان خايفة عليك.لامست وجهه وهي تقترب منه تسعى لتحطيم مقاومته وسيطرته فانتفض بأنفاس متوترة تحولت للغضب عندما تذكر تقربها الأخير منه التي استغلته لتهريب الرجل من براثنه، فوقف يخبرها في وجوم وصدق:-طالما الخوف مبرر لتصرفاتنا الغلط، يبقى متزعليش من تصرفي.عقدت حاجبيها في توجس بينما تمنعه بجسدها من تخطيها والخروج من الباب لتسأله في نبرة خافتة متوترة:-قصدك أيه؟-انا وانتي مش هنكمل مع بعض، عشان أنا للاسف خايف عليكي انتي وابني من نفسي...!اتسعت عيناها لتهدر في شراسة غير مبالية ببطنها المنتفخ بينهما وهي تقترب محذرة:-خايف علينا تاخد خطوة إيجابية مش تهرب مننا، بلاش حجج واهية وقولي مين اللي لفت عليك وفكرها انها هتقدر تسرقك مني.لمعت عيناه في تسلية غامضة قبل أن يبتسم ساخرًا:-حيلك حيلك، بلاش العصبية الزايدة دي، حاولي تسيطري على غضبك عشان منضطرش نعالجك بعد كده.انهى جملته بابتسامه مغيظة ضربتها في مقتل ليدفعها في كتفها بخفة من امامه مغادرًا فركضت خلفه تحاول اصلاح الوضع خاشية من مغادرته وعدم عودته مرة أخرى:-طيب هتيجي تتعشى معانا؟عاملها بتجاهل مقصود لا يفهم مبرره لكن جزء كبير داخله مستمتع بتذوقها من نفس سلاح الجفاء التي قتلته به مرارًا ليخبرها في اعتيادية بدون مبالاة:-لا أنا هتأخر محدش يستناني.أغلق الباب خلفه لترتسم ابتسامه فوق صدغيه في رضا وهو يستمع لدبدبت قدمها الصغيرة ووصله غمغمتها الغاضبة.هبط على الدرج وهدأت خطواته في الدور السابق لهم بينما يصله صوت باب المنزل يفتح ويغلق قبل أن تطرق زوجته باب والدتها.اتسعت ابتسامته أكثر في تشفي وكاد يسقط أرضًا في محاولته لكبح ضحكاته عندما هتفت والدتها في وجهها:-دخلا عليا بالحزن والدموع يا مجاب الغراب لامه، ادخلي يا روح أمك ادخلي.
رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثامن عشربعد عدة أيام مرت طويلة للغاية على الجميع، كسر رتابتها الروتينية عمر الراكض في حماسة طفولية إلى الشرف حيث يجلس والده بمفرده سارحًا في أفكاره متأملًا ضوء القمر عسى أن يخفف الحيرة التي تعتمره:-بابي بابي.ألقى ريان سيجاره من فوق سور الشرفة بعيدًا عن طفله قبل ان يلتفت نحوه مجيبًا بنبرة حازمة:-عمر قولت مية مرة متجريش في الشقة.-سوري يا بابي.رد عُمر بنبرة خجلة بينما يميل بوجهه للأعلى كي ينظر إلى والده فارع الطول مستكملًا في توتر:-عايز اتفرج على الكرتون بتاعي معاك.-أيوة يعني عايز أية دلوقتي؟سأله ريان في بلاهة غير متوقع مطلبه الغير مسبوق فلما بحق السماء سيشاهد معه الرسوم المتحركة:-الكرتون بتاعي يا بابي!-ما أنت عارف يا عمر أنا مش بحب صوت الكرتون روح اتفرج مع ريم.التفت عمر خلفه في توجس ثم اقترب يجذب سروال والده في غيظ معترفًا من بين أسنانه:-يا بابي ركز ريم هي اللي قالتلي نادي بابي وقوله انك عايز تتفرج معاه على الكرتون.-وريم عايزاني اتفرج معاك على الكرتون ليه؟حرك ريان كتفيه وذراعيه مستغربًا مما يخبره إياه طفله ليخرج سؤاله مخلوطًا بنفس البلاهة السابقة، فضرب عمر بكفه فوق رأسه يكاد يجذب خصلاته من غباء والده قائلًا:-عشان أكيد عايزة تقعد معاك هي كمان.اتسعت أعين ريان الذي مال في لهفة نحو صغيره يخبره في نبرة حانقة:-عمر ركز وفهمني من الأول وبهدوء كده أيه اللي قالته بالظبط ؟هز عمر رأسه بالموافقة ليسترسل في اخبار ريان:-أنا كنت بتفرج على التلفزيون ولما انت مكنتش راضي تتغدى هي فضلت متضايقة ومأكلتش كويس، فبعد ما أكلنا بصتلي وقالتلي أعمل ان انت واحشني واقولك تطلع تتفرج معانا، فهمتني يا بابي؟سأل عمر بعيون متسعة وتنفس بارتياح حين حرك ريان رأسه بالموافقة ليهمس زافرًا:-اوف اخيرًا، يلا بينا؟ابتسم ريان ومال يخبط مقدمة رأسه بمقدمه رأس صغيرة الذي لا يطاق في خفة مؤكدًا في نبرة تغرقها السعادة والأمل:-يلا بينا.تركه ريان يمسك بأصابعه يجذبه خلفه في خطوات راكضة وابتسامه خفيفة تحتل وجهه فقد تعمد طوال الأسبوع الماضي الابتعاد عن مرمى مساحتها الشخصية والبقاء في غرفته كي يتركها تعيد ترتيب أفكارها في سلام دون أي ضغوط قد تنسجها في خيالها في حالة وجوده حولها.وقابلت ريم تصرفاته في رضا ضمني فقد كانت هادئة على غير العادة تميل للصمت حتى انها أغلقت هاتفها بشكل نهائي واكتفت بتقبل مكالمات وسام كل حين والأخر من خلال هاتفه.شعر برغبتها في الانعزال عن العالم الخارجي فأعطاها مرادها بتجنبها تمامًا إلا وقت تناول الوجبات لكنه لن ينكر انه كان كالمراهق يسمح لنفسه باختلاس نظرات نحوها يتفحصها بشوق في الخفاء أثناء انشغالها بإطعام لعمر.فقد أصبحه وقته المفضل لمراقبتها هو وقتها مع صغيره لأنه الوقت الوحيد الذي ينبت الأمل داخله ويغذي مشاعره بالصبر، فيشعر خلاله بأن ريم مازالت هي ذاتها التي تزوجها وأحبها.بحثت عيناه عنها أول شيء ما أن لامست قدمه الردهة فسعل بخفة معلنًا عن وجوده وكأن تشنج جسدها وترقبها غير كافيان لأقناعه بانها تعلم تمامًا بوجوده.حاول كبح جموح توقعاته وامنياته فحتى وان طلبت ريم وجوده لا يعني هذا بأنها تسامحه أو تعود إليه، فهو لا يريد أن يتحطم قلبه من جديد بتسرعه لأن وقتها سيخرج تمامًا عن طور السيطرة كالحمم البركانية السائلة حين تنساب فتحرق اليابس دون أن يستطيع أحد ايقافها.-مساء الخير.أجابته ريم أسرع من اللازم:-مساء النور.حاول "ريان" عدم قلب عينيه ساخرًا من الآداب الحديثة لمجرى حياتهما ثم جلس فوق الأريكة التي تحتل ريم طرفها البعيد واتبعه عمر في المنتصف، سيطر على ابتسامه تحاول الارتسام على وجهه متظاهرًا بالانشغال بالتلفاز عندما نظر لها عمر يتفاخر بإتمام مهمته فتكتفي هي بعض شفتيها تخرسه بوجه أحمر.ذلك الطفل اللعين السمج كم يحسده علي علاقته العفوية معها!فكر ريان ثم تنهد في صمت فجزء منه منزعج لأنه يصر على قتل الأمل داخله، لكنه يعاند مبررًا بانها قد ترغب في مجالسته لأنها تشعر بالملل؟فمتى كانت أخر مرة خرجت بها؟امم، على ما يتذكر كان ذلك قبل سفره بأيام أي ما يقارب أكثر من أسبوعين، تدخل ذلك الجانب الهائم بها يعرض خدماته في حماسة فربما عليه عرض الأمر عليها ورؤية أين سينتهي بهما الحال؟سند مرفقه جواره وابهامه يتنقل فوق شفتيه كعادته عند الغرق في التفكير غير منتبه لصغيره الذي مال يسند برأسه فوق خصره يحتضنه نحوه بتلقائية يتطلب قربه وحنانه.كانت عيون ريان معلقة بالشاشة أمامه وأصابع يده الأخرى تلاعب رأس صغيره في عفوية، ألقى نظرة خاطفة جواره على ريم فوجدها تحدق به بلمعة كان يخشى تفسيرها لكنها أبعدت نظرها في حرج نحو الشاشة.تابع الاحمرار الذي ابتلع وجهها واصابعها التي تفرك في توتر فوق ساقها وعاد بتفكيره لتلك اللمعة المشتاقة التي لمحها في عينيها ترى هل يتخيل الأمر لأنه يتمناه ام...صمتت أفكاره ثم ضاقت عيناه بعد ثوان وقد صدح في عقله اعتراف سابق لها في بداية زواجهما حين وقفت في إحدى المرات تطالب في طفولية بحقها في العناق مثلها مثل عمر لتعترف وقتها أنها كالأطفال تشعر باللهفة لتبادل المشاعر خاصة عندما ترى الاحبة يعبرون عن مشاعرهم.رمق عمر القابع في أحضانه قبل ان يلقي نظره أخرى نحوها، عض شفتيه في توتر وقلق مما هو قادم عليه لكن الحاجة في عينيها حسمت الأمر فرفع ذراعه نحوها يداعب خصلاتها ملامسًا جانب وجهها.تسمرت ريم بأعين متسعة لكنها نظرت نحوه نظرة ذهول تحولت إلى توق قبل ان تغمض جفونها في خجل محركة وجهها كالقطط في كفه.أخرج ريان أنفاسه المحبوسة ثم حرك أصابعه بين خصلاتها يفرك رأسها في حنان وتابع في حب وفخر عنقها يميل نحوه.بلل شفتيه ثم بكل ثقة جذب ذراعها يقربها منه هو وصغيره الذي انزاح نحو مقدمة الأريكة في صمت، لكن عيناه السوداء فضحت السعادة المتلألئة داخلهما في رضا عن هذا الاجتماع الأسري، انتهى جسدها خلف عمر ورأسها يستند فوق صدره بتوجيه من أصابعه.كانت اضطراباتها حول طبيعة مشاعرها تتبخر مع كل لحظة تمر بينهما، كانت كمن وضع عقله داخل صندق تغلقه بإحكام رافضة التفكير وترغب فقط بالشعور الأمن الذي يوفره لها قرب زوجها وابنها، ذابت جواره على الاريكة وصدره وذراعه القوي حولها يشعراها بوجودها على قيد الحياة من جديد وبمدى صواب وجودهما سويًا.وقفت ليان تطالع الزينة التي أسرفت في وضعها لإخفاء آثار الكدمات المغطية لوجهها، وتنهدت في أسى لن تنكر بأن مظهرها قد تحسن واقترب من الاختفاء ولكن أثرها المحفورة في صدرها لا يشفى ولا يختفي.-احنا مش عايزين مشاكل الله يرضى عليكي ساعة بالكتير وتروحي.قطع أفكارها صوت والدة وسام المحذر فحاولت ليان رسم ابتسامه ممتنه على وجهها لتطمئنها بنبرة مؤكدة:-والله مش هتأخر، بيجاد مش هيشك وهو عارف اني بايته معاكي، والمفروض ان ربنا هينفخ في صورتهم انهارده وهينشغلوا عننا.انهت ليان جملتها بخيبة أمل تتقطر من نبرتها فقد أثبت شقيقها بأنه عنيد كالحجر، يرفض الانحناء أمام جميع محاولات زوجته للصلح، حتى أنها شعرت بالغضب وكادت تخبر وسام بإهماله خاصة وقد بدأ الأمر يؤثر على المسكينة بشكل جدي.-من بؤك لباب السما يا بنتي، ربنا يهديكي يا وسام ويهديلك جوزك يا بنت بطني.-متقلقيش يا طنط ان شاء الله هيتصالحوا قريب، بيجاد عمره ما طول في خصامه لحد.-ان شاء الله يا بنتي، بس الحق يتقال هو كان لازم يخاصمها شوية ويربيها عشان تحرم تخرب على نفسها وبيتها تاني، عارفة لولا أنها مبقتش تاكل زي الأول وخايفة على اللي في بطنها مكنتش كلمت بيجاد الصبح يخف عليها شوية.ضحكت ليان وهي تقترب لاحتضانها قائلة في مرح:-والله أنتي زي العسل يا طنط، ولو كان عندك ولد مكنتش سيبته غير وانا متجوزاه عشان تبقى حماتي الحلوة بزيادة.-لا يا ستي انا مش عايزة أبقى حماتك، أنا هبقى حمى حبيب القلب ان شاء الله.اخبرتها والدة وسام بثقه وهي تدلك ساقها المتألمة قليلًا باعتياديه فتمتمت ليان في تهكم:-حبيب القلب مش واخد باله ولا هياخد باله أصلًا.تجاهلت نظراتها المتسائلة واقتربت تقبل وجنتها قائلة:-مع السلامة عشان متأخرش أكتر من كده وأي حاجه تحصل أنا معاكي على التلفون.-ربنا يصلح حالك وينورلك طريقك يا بنتي.حركت ليان كفها ترمي السلام مرة أخيرة قبل أن تغلق الباب في خفة وتتسلل في سرعة للأسفل، تنهدت في راحة ما أن التقت قدماها بالشارع الرئيسي لتوقف أول سيارة أجرة تقابلها.عضت شفتيها متسائلة للمرة الألف هل تتخذ القرار الصحيح ؟تذكرت حديثها مع وسام منذ أيام وهي تسأل عن أخر أحوال ريان وريم لتخبرها بتوتر الوضع، متذكرة كلماتها التي كانت ترمي باللوم في حدة وبغض على شخص "أحمد" لتنهي صدمتها بخبر إصابته بعجز ما، ولكنها وبكل غباء وطفولية ترفض التصديق بأن هناك خطب في حب حياتها.مالت برأسها على الزجاج تتذكر حياتها ثم ابتسمت في خفة لا تزال تتذكر اليوم الذي انتقلت فيه ريم وخالتها للعيش فوقهم وقتها كان ريان يعمل بالخارج ولم يكن يخطر في بالها ان تكون ريم من نصيب أخيها في يوم من الأيام.تحسرت على أعوام من الصداقة التي توطدت فدمرتهم ليان بغبائها، وتشعر بالذنب كلما فكرت في الماضي فهي لا تزال تتذكر يوم ايقظتها ريم الباكية لتخبرها بأن خالتها التي سافرت في عطلة قررت الاستقرار بالخارج دون أي إنذار.ضحكت في سخرية مريرة فقد تساءلت وقتها كيف يمكن لشخص أن يتخلى عن شخص من عائلته خاصة شخص في سن ريم وتعجبت للأنانية التي جعلت خالتها تستحوذ على ما يملكونه من أموال قليلة، متحججة بحاجتها للأموال في غربتها واعدة بأن تعيدها يومًا ما.عضت شفتيها في شفقة فقد كان ذلك أخر اتصال من خالتها فبل أن تنقطع أخبارها إلى الأبد، لكنها تحسد عزيمتها وحربها الغريزية من أجل البقاء وكيف تقبلت بالأمر الواقع سريعًا لتخرج يوميًا باحثة عن عمل.لتدخل عليها يومًا تفاجئها بحصولها على عمل بأحد المتاجر الخاصة ببيع الملابس، كما انها تتذكر زيارتها المتطفلة بشكل دوري لريم في عملها خاصة وقد أذهلتها العلاقة القوية التي ربطتها بصاحب العمل التي صورته لها ريم بانه ذو شخصية ملائكية شديد الوسامة.ارتسمت على شفتيها ابتسامه خفيفة فخيالها متعلق بأول مرة رأت فيها أحمد يوصل ريم في إحدى المرات متذكرة كيف ذابت في عشق صامت خسرت بسببه الكثير.-يا ريتني ما شوفتك يومها.تمنت في خفوت فمنذ رأته وهي تحاول الاقتراب منه ولفت انتباهه لسنوات دون جدوى فتركيزه ونظراته كانت خاصة بريم، فريم وحدها كانت هي محور اهتمامه والمستمعة الوحيدة بنظراته المحبة وبنظرات الفخر من عيناه البنية الرائعة المزينة بلمحات من الحزن في غموض.زفرت في غضب فهي تتفادى التفكير في تلك الذكريات لأن بعدها ستبدأ مباراتها مع جلد الذات، فقد وقفت الظروف ضدها وقتذاك:بداية من قلبها الممزق برفض أحمد المباشر بالاحتكاك بأي إمراه عدى ريم وحقدها المباشر نحوها.تلاه وفاة زوجة ريان المفاجئة ودعوته لها للسفر شهور قليله كي تهتم بصغيره حتى يعود لمصر، لتكلل فشلها بأن تتعرف خلال ذلك الوقت القصير على أسوأ شخص في حياتها "نادر" جار ريان الذي التقته صدفة ودأب على التلاعب في مشاعرها بابتسامته المبهجة وكلماته السائلة بحلاوة زائفة وكيف ظلا على تواصل طيلة فترة وجودها في مصر.غبية... كيف ظنت انها ستستبدل حبها لأحمد وتنساه من خلاله بل كيف تركته يخدعها ويزيد من غضبها على من حولها ويشجعها في حقد على فعل ما فعلته بريان وريم.-وصلنا يا أنسة.ارتبكت ليان المنغمسة في ذكرياتها قبل ان تحرك رأسها باضطراب وتحاسب السائق لترتجل، وقفت على بُعد خطوات من مكان عمل "أحمد" ونبضاتها تنبض داخل صدرها كطبول الحرب تناشد الاستعداد، حتى الآن لا تعي سبب حضورها ولكنها شعرت برغبة شديدة في ذلك.اقتربت تتابع خروج فتاة طويلة جميلة نسبيًا تحمل حقيبة صغيرة تلتقطها وعي تحاول إغلاق الباب الزجاجي خلفها قبل ان تبتعد.نظرت ليان من خلال الزجاج دون أن ينتبه لها ذلك الجالس فوق مكتبه يعبث بغرض ما بين أصابعه...يا الله كم يذبحها ذلك الحزن الصارخ المتناثر من وجهه المتجهم يبدو لها حزين ضعيف أكثر مما تتذكر، بل أقبح هو الآن يبدو وحيدًا ... وهي أدري البشر بهذا الشعور المرير.استجمعت شجاعتها وشخصيتها الزائفة التي رافقتها في غربتها ثم دفعت الباب الزجاجي لتدلف وتقابل صدمته اللحظية برؤيتها بابتسامة كبيرة على وجهها.وقف أحمد من مكانه في ذهول من حضور ليان وأول ما جال في خاطره أن ريان قد ارسلها له ولكن لماذا؟ضغط على أسنانه بحاجب مرفوع وهي تتبختر في خطواتها تطالعه بابتسامتها البلهاء تتقدم منه حتى وقفت أمامه قائلة بكل غرور:-مفاجأة حلوة مش كده؟ارتفع جانب وجهه في سخرية ليجيبها في حده مقصودة:-حسب سبب الزيارة، ومن خبرتي البسيطة مع مصايبك السودة أكيد مش خير.رمى كلماته قاصدًا خيانتها لريم فهو لا يزال حاقد عليها لتسببها بالأذى لريم، صوت داخله ارتفع ساخرًا متهمًا لذاته بانه يفعل المثل بها.لكنه قرر التجاهل وصوب بصره نحو تلك اللاهية من اليمين لليسار تتفحص الملابس بكل ارتياحيه فسأل في نبرة مغلفة بنفاذ الصبر:-عايزة أيه يا ليان؟-انا؟!مش عايزة حاجة.قالت بأعين متسعة في براءة ولهجة ساخرة فقال في غيظ:-يبقى اخوكي اللي عايز، هو اللي بعتك ليا مش كده؟نظرت له وكأنه مجنون واتجهت نحوه تستقر أمامه عاقدة ذراعيها أمام صدرها قائلة في فخر:-معقولة تفتكر ان ريان هيبعتني ليك، مكنتش أحسبك بالسذاجة دي.-سذاجة؟سأل مستهجنًا وقاحتها فاتسعت ابتسامتها لتتكئ على مكتبة قافزة فوقه باعتياديه تتخذه كمقعد لها قبل ان تطالعه مجيبة في ثقة:-طبعا ساذج لو فاكر ان ممكن تكون مصدر ازعاج في علاقه ريان وريم، تبقى أكيد ساذج، انا اخويا بيحب ريم وعمره ما هيسبها ولو بالطبل البلدي.عض أحمد فوق لحم فمه من الداخل يمنع كلماته البذيئة التي زاد عليها رغبته في صفعها خاصة حينما اطلقت ضحكتها الرنانة وكأنها تستمع بوجود مرح خفي في كلماته وهي تميل برأسها مظهره آثار كدماتها التي تظهر الزينة المطلية فوقها محاولاتها المستميتة لإخفائها، قاطعت تفكيره من جديد حين قالت:-للأسف تقدر تقول ده سلو عيلتنا لما بنحب حد مش بنعرف نطلعه من حياتنا فبيكون أسهل بالنسبة لينا لو حطناه جوه المصيدة.ضاقت عيناه وهي ترمقه بنظرات غامضة وكأن كلماتها لها معنى عميق ويتوجب عليه فهم تلميحاتها، تحرك نحوها في غيظ رافعًا أصبعه في وجهها هاتفًا:-أنا مش عارف أنتي جاية ليه ومش عايز أعرف بس لو...-هي عينيك بني فاتح ؟قاطعته ليان التي تغوص داخل عيناه في جراءة لم يتوقعها فجعلته عاجزًا عن استكمال كلماته، هربت الدماء إلى وجنتيه خجلًا لكنه عاد في سرعة لصوابه شاعرًا بالغضب على نفسه وعليها.ألا يكفيه خزي الرذيلة السابقة ليتأكد لعقله بأن النساء خط أحمر داخل حياته؟راقبت ليان تحول مشاعره على ملامحه الرجولية الرائعة وكادت تقفز لتلحقه كي تمنع هروب خطواته للخلف.-اااه...تأوهت وهي تشعر بقدمها تنزلق وهربت منها شهقة حين التفت ذراعيه حولها يسندها نحوه في قوة كرد فعل يمنع سقوطها.سرت القشعريرة في جسده ما ان التصقت به فتوتر كتلميذ هارب من الفصل محاولًا الابتعاد لكنها تعمدت لف ذراعيها حول خصره تقربه منها في مجون هامسة في مشاغبة:-الله ما أنت حلو اهوه.لا يصدق ان تلك الوقحة هي ليان التي كانت تحاول الاختفاء بجوار ريم متى حضرت ولا يصدق تلك الذبذبات التي تملكت جسده المتصلب بفعل لمساتها الحارقة.-انتي...فشل في تجميع جملته حين مررت يدها في اصرار فوق صدره باحترافيه متعمدة اشعال نيران حرص هو على قتلها داخله منذ زمن متشجعة بعد أن شعرت ببوادر استجابته الجسدية نحوها لينهي انتصارها حين دفعها في عنف قائلًا بأنفاس مضطربة:-أنتي بتعملي ايه؟لمعت عيناها المسبلة في مشاعر غامضة قبل أن ترفع شفتيها في غضب واشمئزاز غير مبرر، تعجب لهذا التحول الطارئ عليها لتتسع عيناه وهو يستمع إلى كلمات زلزلت الارض تحت ساقيه:-للدرجة دي بتحب لريم لدرجة أنك تتهم رجولتك بالعجز؟كانت وقفته المتجمدة كالتمثال تتنافى مع اشتعال صدره بالبغض والخذلان لا يصدق أن "ريم" الذي وثق بها بأخطر أسراره أخرجته بسهولة لجميع حولها، هل يعرف ريان بالأمر؟هل يسخر منه ويضحك عليه في غيابه؟-اطلعي برا.همس بها في خفوت ووجه شاحب وحين حاولت الاقتراب منه صرخ بها دافعًا جسدها للخارج في عنف:-برا وإياكي تيجي هنا تاني.حاولت ليان ان تجاري دفعاته القوية كي لا تقع على مؤخرتها حتى أخرجها من المتجر عنوة مغلقًا الباب في وجهها ثم يهرع في عنف وجسد مشنج كمن يرغب في قتل أحد ما نحو باب المخزن الداخلي المتجر ليختفي عن مرمى أبصارها القلقة نهائيًا.زفرت ليان وداخلها شعور بأن ثورته المجنونة تلك ليس لأنها اكتشفت خدعته ولكن لصدقها...!وضعت يدها فوق عينيها التي تحرقها بدموعها لكنها ترفض الاستسلام للبكاء الآن فالتفتت هي الأخرى تجرر أذيال الهزيمة وتعود أدراجها للمنزل.أما أحمد فقد وقف في منتصف المخزن ينتفض وينتفض كمن تملكه مس كهربائي من نوع ما يشعر بالخيانة والطعن من أقرب شخص له.شعر كالمهرج ... لا بل شعر بالعجز الحقيقي الكامل أمام ليان...مجرد فتاة مدللة حقيرة تجعله يشعر بالعجز التام وهي تخبره بمعرفتها بأخطر أسراره وباتهامها الذي كان سيعتبره قاسيًا مهينًا لرجولته بشكل حقيقي لو لم يكن اكتشافه لخيانة ريم أقسى وأكثر إهانة.شعر بحلقه ينكمش حنى ضعفت قدرته على التنفس وزادت ارتعاشه جسده دون وعي فقد كان في عالم أخر أسود قبيح يصرخ ويصرخ داخله لينتهي به الأمر كالمجنون يدور ويدور في عنف يدمر المكان والسلع من حوله في همجية كبتها كثيرًا داخل صدره وكل ما حوله كان متجسد أمام عينيه في صورة والده وليان...في مكان أخر وقفت "وسام" داخل غرفتهما منتظرة انتهاء "بيجاد" من حمامه الطويلة وقلبها يثب في صدرها بتوتر تخشى رد فعله على ما تنوي فعله.حركت أصابعها فوق قميصها الساتاني القصير بلون الخوخ المفضل لديها تتأكد من تناسق هيئتها تحاول استحضار انوثتها التي تخفيها بطنها المنتفخة في سخرية.ثم مالت تجذب أحمر الشفاه تمرره فوق شفتيها في اضطراب حين توقف صوت الماء، مرت لحظات قبل ان ينفتح الباب معلنًا عن خروج بيجاد الذي يحكم المنشفة حول خصره متجاهلًا قطرات الماء المنسابة فوق أكتافه وصدره العريض العاري.توقف في مكانه لحظة حين لمحها لتظهر صدمته جلية على ملامحه وهو يبتلعها بنظراته الحامية قبل أن يستبدلها بقناعه الثلجي ملتفتًا بعيدًا عنها في إهمال.ابتلعت جرحه لغرورها الأنثوي في صمت وهي تراقب جسده المنشغل بإخراج ملابسه من الخزانة وعقلها يفور في غل بسبب خروجه المنتظم وترغب في معرفة إلي أين يذهب ويتركها كل يوم في نفس الميعاد .-وحشتني.همست في ضعف وصدق فأغمض جفونه يحاول التمسك بقرار التجاهل وعدم التسرع والتأني في تحركاته.لكن رؤية جسدها الرائع النحيل بعد أن فقدت القليل من الوزن بدأ يعبث بحبال مخططاته خاصة عندما لفتت والدتها انظاره لما يؤرقه ليتأكد بانه لم يكن يتوهم الأمر فهي تضعف دون مبرر.-بيجاد ممكن نقعد نتكلم شوية، انت بجد وحشتني.-مش هينفع انا خارج.أخبرها بنبرة هادئة خالية من المشاعر فشعر بأناملها الرقيقة تلاقي عضلات ظهره في اعتراض قائلة:-مش كفاية خصام.التفت نحوها يبعد عن أصابعها السحرية التي تتلاعب بثباته الانفعالي وتفجر عشقه لها داخله مجيبًا في رتابة:-أنا مش مخاصمك يا وسام ما احنا بنتكلم اهوه.جذبت القميص الذي يحاول ارتداءه في حدة من بيد يديه هاتفه في اعتراض:-لا مخاصمني يا بيجاد، وبعدين أنا من حقي أعرف انت بتروح فين كل يوم ومش عايز تقولي!انكمشت ملامحه في انزعاج وحاول جذب القميص من يدها مجيبًا في حده:-حاجه متخصكيش.لن يخبرها الآن انه يحضر اجتماعات الشفاء الذاتي الخاصة بصديقه والذي كان حضوره لها عدة مرات بمثابه صدمه لمكنوناته وداخله، ليعترف من خلالها اخيرًا وسط تجارب الغير بإن هناك مشكلة داخلة وعليه حلها أولًا.هو لا يدأب على معاقبتها كما تعتقد هو فقط يتجاهلها حتى ينجح في الوصول إلى نقطة من السلام الداخلي ودرجة من السيطرة على الذات قبل ان يتواجها.فكل ما يخشاه هو أن يفقد سيطرته مجددًا ويؤذيها بشكل جدي في لحظة من لحظات غضبه الجنوني.-هاتي القميص متعصبنيش.قذفت بالقميص فوق فراشهم في عناد ليرمقها في غيظ قبل ان يتجه في صمت لسحبه لكنه تفاجأ بجسدها يندفع في جسده ليفقد كلاهما التوازن ويسقطان فوق الفراش وهو يحاول الإمساك بجسدها في ذعر خوفًا عليها.-بتعملي ايه يا مجنونة!اعتدلت وسام تستند فوق كتفيه لتحيط جسده بساقيها على جانبي خصره متجاهلة ملامحه المصدومة ثم مالت تمسك بوجهه بين كفيها وتسرق أنفاسه في قبلة شرسة لاهبة جعلته ينسى الحياة قبل افكاره، التفت ذراعاه بقوة حولها يقربها منه ليرد لها قبلتها الحارة في شوق عارم مجنون وحارب كلاهما للسيطرة على أنفاس الآخر بضراوة قاتلة واصابع كلاهما تتمسك ببعضهما البعض في تطلب وحاجة، ذابت وسام بين أحضانه في شوق محب وقلب مرتعش لقربه.لكنها تململت في اعتراض عندما أبعد فمه عنوة عنها ثم انتقلت أصابعه من ضمها الى دفع جسدها حتى صارت مستلقيه فوق ظهرها بينما يطل هو عليها بأنفاس متلاحقة ومشاعره الغاضبة تحاول إخفاء رغبته الهوجاء المشتعلة بوضوح داخل عيناه.دفعته وسام في قوة ازاحته ليجلس جوارها هو الآخر يتابعها في غيظ ثم عض على شفتيه وقد تشنج جام جسده في غضب عندما باغتته وسام بقولها الغاضب:-انت مبقتش تحبني مش كده.-لما كنتي بتبعديني عنك ورافضة اني ألمسك مكنتش بقف أقولك مبقتيش تحبيني كنت بحترم رغبتك.أخبرها "بيجاد" متهكمًا وهو يستقيم لاستكمال ملابسه وكأن الاعصار العاطفي بينهما لم يكن على وشك الاندلاع فهتفت وسام في استنكار:-تقصد تقول انك فقدت رغبتك فيا ك ست، على فكرة الحمل ده كان بسببك انت فما تلومش على شكل جسمي دلوقتي.حركت اصبعها في وجهه وعيونها تنساب في دموع القهر من رفضه فضرب كف فوق الأخر في تعجب قائلًا من بين أسنانه:-انا عندي مشوار ومش فايق نهائي لجنانك ده.وبالنسبة لحملك اللي أنا كنت سبب فيه فمعلش أنا هبقي أصلح غلطتي.-ماشي يا بيجاد، انت حر اعمل اللي تعمله!قالت في عناد بأنف شامخ ثم عدلت ردائها في غضب وهي تندفع متخطيه اياه راكضة للخارج للاختباء من امامه قبل ان تبدأ رحلة انهيارها.زفر بيجاد في غضب شديد وشعر بصدره يضيق وللحظة كان سيخلع ملابسه ويتخاذل عن الحضور ولكن مشاعره المضطربة أجبرته على إكمال ملابسه والذهاب كي ينفس عن جزء من غضب يتملكه من أعلاه لأسفله.
رواية فرط الحب للكاتبة دينا ابراهيم الفصل التاسع عشرفي اليوم التالي وقت تناول الفطور جلس ثلاثتهم على مائدة الطعام في سكون فتنحنح "ريان" وهو يقلب طعامه عارضًا على ريم وعمر:-ايه رأيكم نخرج انهارده؟لمعت عيون ريم قبل عمر ليجيب كلاهما في آن واحد:-بجد، هنروح فين؟ابتسم ريان سعيد برد فعلهم الحماسي ثم حرك كتفه يترك الامر مفتوحًا أثناء تناوله قطعة من الخبز في فمه مردفًا:-انتوا عايزين تروحوا فين؟-الملاهي!هتف كلاهما في سرعة خطفت ابتسامه من شفتيه المكتنزة، ليقفز عمر من مقعده مصفقًا في سعادة راكضًا كي يقبل والده هاتفًا:-أنا بحبك أوي يا بابي ... مواه.ضحك ريان ليخبره بابتسامته الجانبية الجذابة:-وانا بحبك، يلا بطل دلع وافطر عشان نلحق ننزل.تحرك عمر في سرعة فرفع ريان نظراته الشقية نحو ريم المبتسمة تلك الابتسامة المشعة كشروق الشمس ثم قال في نبرة مشاكسة:-وبحب ريم كمان.-وريم كمان بتحبني وبتحبك.ضحكت ريم التي احمر وجهها في خجل لسرعة استجابته عمر واجابته عنها، فأعترض ريان في مرح:-وليه مش بتحبني أنا الأول وبعدين بتحبك انت.-عشان أنا ابنها طبعا لازم أكون الأول.أجابه عمر في ثقة بكتفين مضمومين كأنه يؤكد كلماته، فضحك ريان ممسكًا بيد ريم مدافعًا عن مكانته داخل قلبها مردفًا في مشاغبة:-ريم قولي لعمر انك بتحبيني أنا الأول!ضغطت ريم على اسنانها في ابتسامه خجلة وكادت تخبره بالعكس لكنه اوقفها بهجومه على جانب جسدها مدغدغًا إياها محذرًا:-أحسن لك تقوليله انك بتحبيني انا الأول.صرخت ريم ضاحكة وحاولت الابتعاد عنه لكنه وقف يلاحقها راكضًا خلفها مستمر في هجومه بإصرار وابتسامته كبيرة مستمتعة:-كفاية، بحبك انت.. ايوة ايوة بحبك انت كفاية هموت...قالت ريم بنبرة متقطعة بين ضحكاتها، فصرخ عمر وهو يحاول إنقاذ ريم الغارقة في ضحكاتها من أصابع أبيه هاتفًا:-أنت بتغش بتغش...مش محسوبة بتحبني أنا ... انت بتغش..ترك ريان زوجته وجثا يلتقط عمر كي يدغدغ جانبيه حتى انفجر ضاحكًا هو الآخر لينتفض جسده الصغير بين أصابع أبيه القائل في زمجرة:-داهيه لتكون بتحب ريم اكتر مني، قول ياض بتحبني انا الأول ولا ريم..-بحبببك، بحببك اااه الحقيني يا ريم.جثت ريم جوارهما تلتقط أنفاسها وسط ضحكاتها العالية ثم مدت ذراعيها تختطف عمر من ذراعيه لأحضانها.لكن سرعان ما صرخ كلاهما في ذعر ومرح حين لمعت عيون ريان في عزم ومشاكسة قبل أن ينتفض على كلاهما يدغدغ الحياة من قلبيهما...قطع مشاكساتهم رنين الباب فوقف ريان يلتقط أنفاسه أمرًا بابتسامه واسعة:-ادخلوا غيروا هدومكم وأنا هشوف مين.وقف كلًا من ريم وعمر يعدلان ملابسهم بأنفاس متقطعة ووجه أحمر، رمقته ريم بحنق طفولي فخرجت منه ضحكة خفيفة ليتحرك سريعًا مبتعدًا عن سحر عينيها عندما دق الباب من الجديد هاتفًا:-أيوة ... ثواني...فتح الباب فقابلته سيدة تبدو في اواخر الثلاثين من العمر ترتدي سروال من الجينز الضيق التي ترتفع ثنايا أطرافه لمنتصف ساقيها حرفيًا وترتدي بلوزة تميل من فوق كتفها وتكشف عن جزء من صدرها في وقاحه بمعنى أخر هي ترتدي ملابس لا تناسب عمرها او جسدها أبدًا، وجديًا هو لا يرغب في تفحص وجهها المطلي بأطنان من مواد الزينة، خرج من بؤرة فحصها على صوتها الرفيع المتسائل:-هو مش ده بيت ريم؟-ايوة هو، مين حضرتك؟سأل وهو يعقد ذراعيه امامه لا يعجبه ابدًا أن زوجته على معرفة بتلك المرأة المريبة فأجابته في تعجب:-أومال انت تبقى مين؟-أنا ريان جوزها.رمشت مرتين تطالعه من أعلاه لأسفله في صدمه وفم مفتوح لتخبره بلهجة مريبة يشوبها الرقة الحادة المصطنعة:-ااوه أنت ريان طليق ريم.ضاقت عينيه وشعر بمؤشر غضبه يرتفع فان تأكدت ظنونة سيجن جنونه على زوجته الحبيبة ولتريه كيف ستتمكن من الهروب من بين براثنه، جز "ريان" على أسنانه متسائلًا بشكل ساخر:-العروسة مش كده؟ارتفع حاجب المرأة منبهرة في إعجاب بصراحته ووضوحه ثم مدت أصابعها ترحب به قائلة:-أسمي سونيا، ريم حكتلي عنك قبل كده، بس مكنتش متخيلة اني هشوفك انهارده والا كنت جهزت نفسي أكتر من كده.قالت سونيا بابتسامه متقطعة سخيفة مثلها، بينما كل ما يدور في عقل ريان هو ماذا كانت لتفعل ان علمت بوجوده أكثر من ذلك ولما بحق السماء تحضر له ريم سيدات مريبة بأخلاق أكثر ريبة فهو لن يتمكن حتى من النظر إليهم ناهيك عن الزواج بإحداهما، أو ربما هي تتعمد إحضارهم لأنها متأكدة من رفضة.تلك المشاغبة الصغيرة الذي سيستمتع كثيرًا بصفع مؤخرتها كالأطفال...!سعل بخفة عندما نظرت له سونيا متعجبة من وقوفه هكذا دون رد فعل فسأل يحاول استيعاب الموقف:-ريم عزمتك مش كده؟-مش اوي الحقيقة هي كلمتني من فترة وكنت بحاول اتواصل معاها بس تلفونها كان مقفول، وبالصدفه كنت معديه لقتني تحت بيتها قولت أطمن عليها.تغاضت عن إخباره بأنها ظلت منذ أسابيع متحمسة للتعرف على طليق ريم الذي ستوفق بينها وبينه بنفسها على حد قولها وقد علها الانتظار عندما انقطعت أخبار ريم فقررت الحضور بنفسها للاطمئنان.وكم هي سعيدة لحضورها وأسعد لما تراه أمامها من رجل جذاب مثير، لمعت عيناه الحالمة قبل ان تسأله في غنج لا يليق بعمرها:-احنا هنفضل على الباب كتير؟أعاد ريان رأسه يحاول إخفاء اشمئزازه من طريقتها ونظراتها الوقحة لكنه تمتم:-اتفضلي.انزاح ريان من امامها بشفه مزمومه في غضب وتفكير، ربما عليه تمالك عضبه فتلك ال "سونيا" تخبره بأن زيارتها جاءت دون ميعاد ولكن فكرة اتفاق ريم معها منذ البداية يلعب على اوتار أعصابه وتزيده حنقًا.سعل ثم التفت نحو سونيا التي وقفت تتفحص المكان حولها متسائلًا:-هو انتي تعرفي ريم منين؟-من المحل، زبونه عندهم بس حقيقي ريم كلها ذوق هي وأحمد.انكمشت ملامحه في تقزز عندما سمع أسمع أحمد ولكن قاطعهم خروج ريم التي اتجهت للخارج عندما وصلها صوت أنثوي لتتسع عيناها وهي ترى سونيا تحادث ريان في انسيابيه.-سونيا!-ريم قلبي، وحشاني يا صغننه.تسمرت ريم في مكانها فتوجهت نحوها سونيا التي احتضنتها، دون ان تنتظر اجابتها، انتقلت نظرات ريم المتوجسة نحو ريان الذي وقف يحدق في وجهها الشاحب بجمود ليخبرها ساخرًا وهو يجز على أسنانه:-واضح انك فرحانه أوي لدرجة مش قادرة تردي على صاحبتك.-اه ... طبعا... وحشتيني بردو.تابع اشارات ارتباكها كالصقر فعاد الأمل ينغرس في صدره ولمعت عيناه في فكره شيطانية خاصة عندما ضاقت عيون ريم في حده لمقوله سونيا الغير واعية عما يدور بينهما:-شوفتي جيت في الوقت المناسب، عشان اقابل ريان ازاي دي أكيد اشارة من ربنا بالقبول...قهقهت على مزحتها بينما قلبت ريم شفتيها في غيرة واضحة وشعر ريان بأنها ستدق عنق السيدة فأبتسم في تشفي مردفًا في سماجة مبالغ فيها:-شوفتي سخرية القدر يا ريم، اشارات الرضا والحظ دلوقتي...اشار بأصبعه للأعلى كناية عن ارتفاع اسهم كلاهما في سخرية فحدقته ريم بنظرة قاتلة متعجبة من الابتسامة المغيظة المرتسمة على وجهه لا تعلم انه ينوي أن يرد لها الصاع صاعين.اقترب ريان من سونيا التي وقفت تتابعه بأعين سعيدة حالمة وكأنها ترتب اجراءات الزفاف في عقلها فقال في امتنان مخادع متحاملًا على نفسه:-انا مبسوط أن ريم رشحتني لواحدة جمالها مبهج زيك كده.لامست سونيا وجهها كناية عن خجلها الزائف لتضحك تلك الضحكة المستفزة والتي تجعله يرغب في فض طبلة أذنه بنفسه، فتجيبه بلهجة مسرورة راضية:-ميرسيي لذوقك أوي انت مش بس جان في نفسك لا وجنتل كمان، قدرتي تسبيه ازاي بس يا ريم؟قلد ريان نفس ضحكتها وهو يضع اصبعه أسفل ذقنه متسائلًا في تسلية واستمتاع أكثر مما ينبغي:-ايوه صح تسيبي واحد زيي ازاي يا ريم؟جزت ريم على أسنانها وبدأ عنقها يميل للون الأحمر من الغضب فقالت في حدة:-انا مسبتهوش!نظرت لها سونيا بعيون واسعة لتسأل في حده:-قصدك أيه؟-قصدها ان أنا اللي سيبتها، محدش يقدر يسيبني عشان انا جان وجنتل.قال ريان في ثقة بالغة قاطعًا حربهم النسائية فهتفت ريم دون شعور:-وحياة أمك، لا بقى على فكرة ده جوزي.-جوزك يعني ايه جوزك، انتي هتستعبطي ولا احلو في عينك دلوقتي!هتفت سونيا مستنكرة وهي تلوي أصابعها امام عينيها في حركة شعبية بحته لتتسع أعين ريان قبل أن ينفجر ضاحكًا خاصة عندما ابتعدت ريم خطوتين للخلف في ذهول.لكنه أعجب بشجاعتها حين أصرت على موقفها وهي تقترب من ريان تمسك ذراعه لتقربه منه مؤكدة حروفها في قوة:-لا محلوش في عيني ولا حاجة هو اللي مقدرش يطلقني ولا يبعد عني.-لا مش للدرجادي...كاد يستكمل ريان اجاباته الساخرة لكنها قرصته في غضب هاتفة في نبرة محذرة عالية:-ريان احترم نفسك متجننيش.-هو في ايه بالظبط، انتي بتهددي عشان يبقى معاكي، وبعدين مالك كده يا حبيبتي ولا أنتي مش متحمله المنافسة.-نعم، منافسة ايه يا وليه يا قرشانه، ده انتي قد أمي!رفع ريان كفه موقفًا لسان سونيا المتأهب للرد قائلًا في غيظ موجه نحو ريم:-لا خليها عنك المرة دي.التفت ريان نحو ريم يمسك أذنيها بين كفيه يمطهما في الخارج في غضب مردفًا بنبرة مستنكرة:-ولما هي قرشانه وقد أمك بتجبيهالي ليه ما هي قرشانه وقد امك بتجبهالي ليييه!-افندم انتوا بتهزروا، وديني وما أعبد ما انت راجعلها انت هتتجوزني يعني هتتجوزني...زمجرت سونيا في صوت غليظ تظهر جانبها الحقيقي فانتفضت ريم تختبئ خلف كتفه تنظر نحوه في ذعر ليوبخها من بين اسنانه ناظرًا للخلف:-عجبك التهزيق ده من عجل البحر، سونيا ازاي دي فهميني!-عجل البحر وربنا ما هسيبكم.انقضت تهاجمهم بحقيبتها فتفادى ريان ضرباتها بكفيه قائلًا في ذهول:-استني، استني بس يا مدام سونيا هفهمك.-أنسة يا خويا، أنسه، اتفضل فهمني!-بصي اتفضلي حضرتك دي ريم معاكي ربع ساعة حاولوا تتفاهموا بهدوء سوا، وانا هروح أغير هدومي عشان رايحين الملاهي.جذب ريم المصدومة من خلفه ليضعها أمامها مباشرًا قبل ان يتحرك هاربًا، فصرخت ريم وهي تركض تلاحقه تختبئ في جسده، فامسكها يبعدها عن مرمى حقيبة سونيا التي كادت تتقابل مع رأس ريم، ليخبرها ريان في جدية:-لا ده انتي ولية قليلة الأدب بقى، وانا عمال اقول ست ومينفعش أمد إيدي على ستات بس شكلك كده مش هتتهدي غير لما تاخدي على دماغك.-لا ونبي مد ايدك عليا عشان اقطعهالك.-اما انتي وليه سئيلة بصحيح هو الجواز بالعافية مقالتلك بحبها ومتمسك بيها يلا امشي من هنا وورينا عرض كتافك قبل ما اروح فيكي في داهية.دفعها ريان جسدها الممتلئ دفعًا نحو الباب قبل ان يدفعها بشكل نهائي للخارج مغلقًا اياه في حده بوجها قائلًا في غيظ وهو يتقدم من زوجته:-دي ست دي، جيبالي حيزبونه اتجوزها.وضعت ريم كفيها فوق فمها ورغم ما حدث إلا انها انفجرت ضاحكة، وضع ريان يده حول خصره في حزم ثم نظر لها في اتهام وغضب قبل ان يومأ رأسه بقلة حيله ويتنهد مشاركًا إياها ضحكاتها في استسلام خاصة وهما يستمعان إلى صوت سونيا المبتعد في اعتراض.-بابي الست المجنونة مشيت؟جاء صوت عمر الذي يمد رأسه من خلف باب غرفته ليحرك ريان رأسه متهمًا صغيره في خيبة أمل:-ولما أنت عارف انها مجنونة سايبنا ومستخبي ليه يا ابن الكلب!-الله، أنا طفل صغير مينفعش أتضرب معاكم.أشار ريان نحو عمر مخبرًا ريم في انزعاج:-شوفتي دلعك اهو طلع خرع يعني مش لمض وبس لا لمض وخرع.-أحسن هو عنده حق، مش دي اللي انت سعيد اني رشحتك ليها!قالت بشفاه مقلوبه ساخرة وهي تتجه بأنف مرفوع نحو عمر تحتضنه ليهز ريان رأسه في ذهول من غضبها قائلًا:-انتي اللي جبتهالي مش انا انتي حولة !-خلاص الموضوع انتهى ممكن نروح الملاهي بقى.قال عمر وهو يفتح ذراعيه يفض شجار وهمي لتخبره ريم مقلده نبرات سونيا الضاحكة:-هلبس أهوه وأكيد بابي معندوش مشاكل اني اتأخر لانه مش بس جان ده كمان جنتل.تحركت في خطوات عسكرية نحو الباب ثم اطلقت سراح ابتسامتها ما ان اغلقت الباب خلفها ودقات قلبها تتراقص مستمعة بضحكاته المدوية التي تلاحقها.جلست والدة وسام في الردهة تنتظر وصول بيجاد من العمل فوقفت تحيه بنظرات معاتبة، اقترب منها يقبل رأسها قائلًا دون تأجيل:-عارف وحقك، انا مقصدتش أزعلها هي اللي بتستنتج تخاريف من دماغها.جلست والدة وسام في مكانها وقالت مؤكدة على تفهمها لموقفه:-عارفة يا ضنايا ومقدرة بس دي حامل بردو ومش حمل البهدله دي كلها، دي مكلتش لقمة من إمبارح.رمى بيجاد بجسده على الأريكة جوارها يفرك رأسه الحليقة حديثًا ليسأل في حيرة:-طيب أعمل أيه؟انا بعمل اللي هي طلبته مني من البداية وهي بردو اللي مش مدياني فرصة أصفي ذهني.-تصفي ذهنك من ايه بس يا حبيبي، ما انت ما شاء الله عليك زي الفل اهوه.ابتسم بيجاد ثم ربت فوق يدها الممسكة بقبضته معترفًا في صدق:-لا يا خالتي مش زي الفل، بما أوصل اني امد ايدي على مراتي الحامل ابقى مش زي الفل.-ما هي بردو...رفع بيجاد كفه يقاطع مبرراتها متمتمًا في خجل:-ملهاش مبررات يا خالتي كان ممكن ارمي عليها يمين الطلاق وامشي وساعتها كنت هبقى مرتاح، مكنتش هحس ان في جبل من الذنوب على كتافي بسببها.زمت شفتيها مشفقة عليه قبل ان تقترح:-طيب ما تقعد معاها وتقولها الكلمتين دول وطلعوا كل اللي في قلبكم.ارتفع جانب وجهه في سخرية وهو يستقيم معللًا:-للاسف يا خالتي مينقعش اللي في قلبي صعب أوي وكتير، ومش هعرف اترجمه من غير ما اجرحها او اراعي شعورها.-طيب بص ادخل اقنعها تاكل ومش لازم تصالحها.هز رأسه بالموافقة بعد تفكير ليسأل:-هي فين؟-في اوضتكم.-طيب معلش لو هتعبك ممكن تجبلها الأكل وأنا هتصرف.حرك كتفيه في حركة إحماءيه قبل ان يندفع في مرونة وهدوء إلى الغرفة، اعتدلت وسام من جلستها فوق الفراش لتسند جسدها للخلف قبل ان تتفحصه بحاجب مرفوع في غموض يفوح برائحة الشك.وقف يبادلها نظراتها الحادة قبل ان يرفع نفس الحاجب في تحدي ويبدأ في خلع ملابسه مكانه دون ان يتجنبها كما دأب في الأيام السابقة.ارتبكت وسام بسبب نظراته الغريبة الغامضة التي يطالعها بها أثناء خلعه لقميصه، لمعت عيناها وهي تتابع عضلات جسده الرائعة ليقطع جموح أفكارها المخجلة طرقات الباب.فتح بيجاد في هدوء مستلمًا صينيه الطعام من والدتها ثم أغلق الباب بعد أن شكرها متجهًا في صمت نحو وسام التي تتابعه بحاجب لا يزال مرفوع في تعجب خاصة حين جلس على طرف الفراش بجوارها كاسرًا قواعد التجاهل خاصته واضعًا الصنية فوق فخديها لتخبره في اعتراض ضعيف:-أنا مش جعانه!لم يعيرها أي اهتمام وبدأ يتناول الطعام في نهم وكأنها غير موجودة انفرج فمها في ذهول ليباغتها بدس قطعة من الطعام في فمها.تريد الاعتراض والرفض والتمسك بغضبها متذمرة ولكن طبول قاعات الأفراح التي يطلقها قلبها مسحت المتبقي من كرامتها، مضغت الطعام في صمت دون اعتراض فهي متلهفة للشعور بقربه حتى وان كان يدس الطعام في فمها في سكون مبررة قبولها بخانة الهرمونات فهي تستحق التدليل حتى وان كان بالإجبار.-عايزة ملوخية.همست في دلال تحاول كبح حمرة الخجل فاتجهت اصابعه في لهفة يقطع الخبز ويغمسه في الحساء الأخضر قبل ان يرفعها أمام فمهما لتلتقطه في رضا ودون أي تذمر منه.في الحقيقة لقد كانت تستمتع بلمساته أكثر مما ينبغي والاكثر باهتمامه بها فهي تعلم داخلها انه يهتم ولا يزال يعشقها كما تفعل هي ولكنه يكابر في غباء.تمامًا كما كانت تفعل هي سابقًا حتى انتهى بها الحال مضيعة أفضل أيام عمرهما في الخصام والتكهنات المتشائمة سارقة منهم فرصة العيش في هناء متناسية عن عمد بأن كل ما يحدث في الحياة سيتم بمشيئة الله ودعواتهم.تعلقت عيونها في عتاب عيونه الجامدة ولكنها طمئنت قلبها وهي ترى لمعة الحب التي يختصها بها داخلها فمهما حاول إخفاءها فهي لن تخطأ في تفسيرها والتعرف عليها أبدًا.