logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 5 من 11 < 1 4 5 6 7 8 9 10 11 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية خيوط الغرام
  19-12-2021 07:45 صباحاً   [28]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثاني

مشطت شروق خصلات فريدة لتتابع حديثهم العميق بمقدار عمق طفلة لا تزال في الخامسة من العمر:
-يعني أنا صح، هو كان المفروض ميستسلمش، بالعكس ده زي اللي ما صدق نغضب كام يوم!
هزت فريدة رأسها بنعم مؤكدة:
-ده حتى ماجابليش دوبي لما نسيته او فكر يطلعهولي!
زمت شروق شفتيها و هزت رأسها بموافقة قائلة:
-انسان مش طبيعي عمره ما هيثق فيا، لو بيحبني مكنش خبى عليا حاجة!
التفتت نحوها فريدة لتقول بحزن:.

-لا بابي أكيد بيحبك بس هو أناني يا مامي!
هزت شروق رأسها بتفكير قبل ان تتسع عيناها وتقول بقطعية ورفض:
-فيري! متقوليش على بابي كده، بابي مش اناني ده احن أب في الدنيا.
زفرت الصغيرة وضربت جبينها بكفها قائلة:
-يووه، انا رايحة العب يا مامي لحد ماتحددي موقفك!

مطت شروق شفتيها و للحظة شعرت بالشفقة علي نفسها للجوئها إلى طفلة ولكنها طفلته وهي مشتاقة له و تحن لكل ما هو منه، زفرت بغضب و ربتت على معدتها المنتفخة على أمل إيقاظ تلك الشقية التي تمتنع عن الحركة منذ غياب والدها، تنهدت وشعرت بشوق حار نحو ظافر فحكت جبينها بقوة و انتفضت من مكانها مقررة الانضمام للبائسات في الخارج، رأت سلمى تتثاءب وتخرج من الغرفة المقابلة لها فتأففت قائلة:.

-اول مرة اشوف واحده بتتلكك مع جوزها عشان تغضب وتنام، انتي بجد باردة ومستفزة!
هزت سلمي رأسها مرة لتقول بعدم استيعاب و سخرية:
-صباح الخير عليكي انتي كمان!
-مساء الورد يا روحي إحنا العصر، صبرني يارب على العموم تيم صحي من بدري منار اكلته و بيلعب مع الولاد في الاوضة.

تركتها شروق بأنف مرتفع واتجهت للشرفة للانضمام إلى منار المكتئبة، في محاولة لإبعاد تفكيرها عن زوجها الذي توقف عن الاتصال بها، صحيح إنها امتنعت عن الاجابة عليها إلا إنه أخطأ حين توقف عن الاتصال!
رجل أحمق، فكرت بغضب..
ذهبت ووقفت بجوار منار وساد الصمت بين كلاهما حتي انضمت إليهم سلمى متسائلة:
-اعملكم هوت شوكليت معايا؟

ألتفت الفتاتان و رمقاها بحده غاضبة قبل إعادة أنظارهم للأمام، ارتفع حاجبي سلمى لتقول بغضب طفولي وهي تخرج:
-إيه الستات النكد دي!
اتاها الرد الساخر من منار:
-متأسفين معلش، اصلنا متخصمين مع جوازنا وبعد الشر عنك يعني متضايقين و دمنا محروق!
رمت سلمي يدها للخلف في حركة غير مقتنعة بالسبب و قالت:
-لما انتوا مش قد القمص بتتقمصوا ليه!
التفتت منار لشروق حال اختفاء سلمى وهتفت:
-لا بجد مستفزة البنت دي!

-يا بنتي هي اصلا وخداها اجازة، مش متعاركة هي وجوزها دي بتتلكك عشان ترتاح من زن ابنها!

مال ظافر لأخذ هاتفه من المقعد وسأل مروان:
-أنت مش مروح ولا ايه؟
تعلقت عيون مروان بالشرفة حيث تقف الوقحة خاصته يكاد يقسم إنه يرى اشتعال مقلتيها لرؤيته من موقعه هذا، تلك السخيفة تظنه غر صغير سيركض خلفها لإرضائها، لمعت عيناه بخبث وهو يعيد انظاره لظافر ليجيب:
-لا انا رايح مشوار كده!
-اموت واعرف بتروح فين بقالك كام يوم!
ابتسم مروان نصف ابتسامته الجذابة ورد عليه:
-هتعرف قريب، عايز حاجة؟

-لا تسلم، مع السلامة!.
أغلق ظافر باب السيارة ثم جذب نفس عميق ومط جسده عسى أن تنفرد فقرات ظهره فالتقت عيناه بعيون زيتونية مهلكة طردت أنفاسه ببطء وهو يحترق تحت سلطانها.

تعلقت عيون شروق بعيون زوجها وشعرت بجسدها ينتفض بشوق له ولقربه، حاول إبعاد أنظارها عنه ولكن دقات قلبها المتتابعة وانخفاض روحها لأسفل منعها، شعرت بضعف شديد ووهن عندما أبعد أنظاره بملامح مبهمة واتجه نحو المبنى، التفتت تناظر برعب عندما هتفت منار:
-شوفي خد بعضه ومشي ازاي، دي رابع مره كل يوم يروح ظافر و يزيد و يمشي هو فاكر لما يخليني اغضب واسيب البيت هسيبه في حاله، طيب والله ما انا ساكته يا مروان!

ضربت منار قدميها في الأرض باعتراض، فهزت شروق رأسها في تعجب لتجيب:
-إهدي يا مجنونة إحنا في البلكونة وبعدين هو مخلكيش تغضبي أنتي اللي استعبطي وغضبتي!
ألقت شروق نظرة على باب المبني و حزنت حين لم تجد طيف مبتغاها، تنفست علي مهل وقد اصابها شعور قبيح يجبرها علي البكاء، اغمضت جفونها بحزن قبل ان تفتحهما وتقرر بلمعة في عينيها:
-انا هنزل أجيب حاجه من الشفة بسرعة!

حركت منار يدها بعدم اهتمام فتحدثت شروق بجديه:
-منار خدي بالك من العيال لحد ما اطلع!
أمسكت معدتها بعزم ثم رمت طرحة بيضاء تستخدمها للصلاة بإهمال فوق رأسها وهرعت إلى باب الشقة ومنه إلى أسفل حيث زوجها هادئ البال مقررة توبيخه و تعنيفه قدر المستطاع!

خلع ظافر قميصه بحدة وغضب والقاه بعيدًا ثم ألقى بجسده المنهك على أحد المقاعد بالصالة مفكرًا في من سرقت النوم من مضجعه بتجاهلها إياه، هز ساقه في حركة لا إرادية وأخذ يعصر عقله لحل ما يدور بينهم ولكن عليه كسب ود أبناءه أولاً فقد اكتشف إن لإرضاء زوجته سيكون عليه طلب المباركة من هؤلاء الشياطين الثلاث ناكرين الجميل، لا ينكر إن اختيارهم لشروق ازعجه واشعله بالغيرة لإخراج الجميع له من الحسبان حتي هي، أليس هو من يشقى طوال اليوم ويبعثر ماله على الألعاب الحمقاء وتلك الأفلام الكرتونية الملعونة، زفر بغيظ متمتمًا:.

-ماشي يا ولاد الكلب هتروحوا مني فين، ابقوا شوفوا مين هيعبركم بحاجة بعد كده!

استغفر الله كثيرا وباله يتعجب مما حدث بينهم متسائلًا ماذا فعل ليثور عليه الجميع بتلك الطريقة، كل مبتغاه كان مراعاة مشاعرها وقت حملها المذبذب بهرموناتها السخيفة تلك ولكن ما يضايقه فعلاً بعد تلك الأيام هي قدرتها على تركه كل تلك الأيام بينما هو يتقلب كالسمكة علي المقلاة شوقًا لها ولجودها بجواره، خرج من أفكاره علي طرقات الباب فأرتفع حاجبه بتعجب وتوجه لفتحه بملل.

تفاجأ ظافر بزوجته أمامُه بقامتها الهشة القصيرة مقارنةً بجسده الرجولي الصلب، ارتبكت أنفاسه نوعًا ما و نظراته المعاتبة تتأمل ملامحها و يتفحصها كأنه يطمئن عليها ويشبع شوقه لها.

اضطربت شروق وطارت كافة خططها لمشاجرته مع الريح، التقت أبصارهم للحظات، عيون خضراء أشعلتها عيون كالعسل المحترق، تنثر الشوق والاشتهاء وتتناقل بين عشق وعتاب، ووجدت نفسها كالمغيبة، حركتها مشاعره لتتناسى حملها وتتحرك شفتيها بهمس خافت:
-يا غُلبي يا أني يا أمي!
انهتها وقفزت بين ذراعيه تضمه بقوة متعلقة بعنقه كأنه مصدر الحياة، خبأت رأسها بين صدره ورأسه ودست أنفها هناك تحاول استنشاق رائحته.

تغلب ظافر على صدمته و شد ذراعيه حولها بقوة ومحبة فائقة وأخذ يقبل جانب رأسها بشوق ليقول معاتبًا:
-وحشتيني أوي!

لم تجيبه بكلمات لكنها اكتفت بضم شفتيه بشفتيها في شوق مُضْنٍ، وسمحت لأناملها باستعادة مكانتها الخاصة بين خصلاته السوداء القصيرة في حرية تامة بينما قبض هو على خصلاتها من أسفل حجابها الذي انزلق بين أصابعه وتحرك بجسده يدور بها بحذر ثم ترك لجسده مهمة إغلاق الباب عندما ارتمى خلفه يستند عليه لايزال منغمس بالشعور الذي تمنحه له يداها.

ابتعدت شروق لتلثم كل ما تطوله من وجهه و عنقه متجاهلة ضربات جنينها المتحمس لقرب والده بعد فراق أيام، رفعها ظافر محاولاً تجنب انتفاخ معدتها قدر الإمكان ورفض الانصياع لفضوله المثار حول هذا التحول في تصرفاتها فشوقه لها كان أقوي من تساؤلاته، تحرك سريعًا إلى مملكتهم الخاصة وتركها تتلاعب بمشاعره بهجومها الفياض المحب لقلبه حتى أكتفى بمداعباتها وقرر اقتحام مشاعرها بما يرضي قلبيهما.

دار بينهم صراع فريد من نوعه، صراع يُذهب العقل في نشوة مخمور، صراع يذيب القلب غير معترف فيه بغالب أو مغلوب...

جلست منار وسط الأطفال في محاولة لتهدأ دون جدوى، فزفرت ووقفت بحدة لتقول لسلمى:
-انتوا مش عايزين حاجة من تحت، انا هتجن عايزة انزل قبل دماغي ما تطق!
أبعدت سلمى تركيزها عن كتاب تقرأه وقالت:
-عايزين عيش بس اعتقد.
هرعت منار نحو الباب قبل ان تكمل سلمى جملتها وهي تسحب حذائها وحقيبتها المعلقة خلف الباب واردفت في عجل وهي تغلق الباب خلفها دون انتظار رد:
-هنزل اجيب بسرعة، خدي بالك من العيال لشروق تقتلك!

تأففت سلمي لتترك كتابها وتثبت عينيها على المشاكسون الأربع!

دقائق ودلفت منار بابتسامة واسعه إلي المخبز الذي عملت به يومًا وكان سببًا في لقائها بأروع رجل مزعج قابلته في حياتها.
-مساء الخير يا حاج هلال، أخبار صحتك إيه دلوقتي انت والحجه!
ابتسم العجوز بسعادة لرؤيتها، وربت على يدها الممتدة لتحيته ورد عليها:
-مساء الورد يا غالية، الحمدلله على كل حال رضا!
-عايزة عيش والبسكوت أبو ينسون ده لو عندك طازة!
-عيوني ليكي يا بنتي!

-الله أومال فين الواد السئيل اللي بيشتغل هنا!
انغمس العجوز في تغليف احتياجاتها وهو يشكي همه لها:
-راح يتغدى الله يهده او يهديه، واديني مستني الباشا بقالي ساعتين عشان يقعد بدالي و اروح اسحب الحواله اللي ابني بيبعتها لعلاج أمه ربنا يهديه ده كمان، والمكان اللي بسحب منه قرب يقفل خلاص!
عبست وهي تستلم طلبيتها ثم سألت بشفقة:
-هو المكان ده بعيد يعني؟
-مش اوي ربع ساعة مواصلات!

عضت شفتيها بتفكير قبل ان تعرض بصدق:
-خلاص انا هقف هنا بدالك لحد ما ابن التيت ده يجي وانت روح شوف مصلحتك!
ضحك الحاج هلال ليقول:
-يا بت اهمدي انتي مرات راجل قد الدنيا متبقيش زي الدبور اللي بيزن علي خراب عشه!
شاركته الضحكات وهي تقول بأنف مرفوع وإصرار:
-ما أنا راجل قد الدنيا بردو ومش برجع في كلمتي، يلا يا عم الحاج بقى متعطلناش شوف مصلحتك عشان اخلع أنا!
هز الرجل رأسه بنفي قائلاً وهو يدفعها للخارج:.

-لا مالوش لزمة، اتكلي انتي على بيت جوزك!
-يووه طيب يمين بالله ما انا متحركة من هنا...
دفعته بخفه نحو الخارج لتضيف:
-خلص مشوارك بسرعة لو مش عايزني اقف هنا كتير!
ضرب العجوز كف على الأخر قبل ان يقول باستسلام:
-أمرنا لله، ربنا يستر ويجيب العواقب سليمة!
ضحكت منار ولوحت له وهو يبتعد قائلة:
-خد بالك من نفسك وبطل برطمه عليا!
استدار نحوها ليوبخها ولكنه اكتفى بهزة من رأسه قبل ان ينتبه لطريقة مرة أخرى.

ركن مروان سيارته في مكانها المعتاد وبكل احترافيه حاول القاء نظرة على شرفة زوجته وشعر بخيبة أمل لعدم تواجدها فقد اعتاد ملاعبتها بتلك الطريقة يأتي لإيصال أصدقاءه ثم يذهب ويتجول بسيارته مدة من الزمن قبل أن يقرر العودة فيجدها تقف هناك تغلي وترمقه بنظرات غاضبة يكاد يشعر بها تنغرس في جسده، ترجل من السيارة بخيبة أمل وأحكم إغلاقها لكنه توقف مكانه بتساؤل حين وصله صوت مناوشات لا يخطأ صاحبها أبدًا...

وقفت منار تضرب قدمها بغيظ وهي تراه يعود من مكان الله وحده يعلم أين وبرفقة من، أبعدت خصلاتها بحده للخلف وعقدت ذراعها تتوعده في سرها حتي قاطعها شاب مزعج:
-ياست الحسن ركزي معايا بقولك عايز بقسماط!
حركت عينيها إليه باستنكار لتجيب بملل:
-والبيه مشلول ماتمد إيدك تاخد من اللي متعبي ده!
رمقها الشاب من اسفلها إلى اعلاها بحاجب مرفوع ليقول بسخرية:
-فعلاً الحلو مايكملش، قمر بس لسان زفر عايز القطع!

غامت عيونها شرارة وقد تغلب عليها طبعها الحاد لتقول بسخرية:
-طيب يلا يا خفة من هنا عشان ام لسان زفر دي ممكن تلم عليك الناس وتعلمك الصح!
لوى الشاب فمه باستخفاف واتجه إلى الداخل لاختيار ما يحلو له من الأكياس المعبئة بينما أعادت منار عينيها نحو زوجها لتتفاجأ به يقترب منهم بغضب يتناثر من مقلتيه، انحسرت الأنفاس في صدرها برعب والتفتت نحو الشاب لتقول سريعاً:
-شطبنا، شطبنا يلا اتفضل من هنا!
-طيب الحساب!

-مش عايزين اعتبرهم على حساب الفرن، اتكل على الله بقى متودناش في داهية!
ظهر التعجب بشكل واضح علي وجه الشاب ليقول بحنق:
-انتِ هتبقششي عليا ولا ايه!
-اشارت خلفها للوحش الغاضب القادم بقوة نحوهم وقالت بحدة:
-اللي جاي ورا ده يبقى جوزي بص لوشه كويس وقرر هتفضل ولا هتمشي!

انتقلت انظاره نحو مروان الدي يفضل بيه وبينهم خطوات قليلة وتنحنح حين ألتقط تلك النظرة المنذرة بالشر في عينيه ليتنبأ عقله سريعاً بحدوث ما قد لا يعجبه، فقال بخفوت وهو يتخذ قراره بالمغادرة:
-انا ايه اللي جابني اشتري من هنا!



look/images/icons/i1.gif رواية خيوط الغرام
  19-12-2021 07:45 صباحاً   [29]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الثالث

وصل مروان اللحظة التي غادر بها الفتي وقال من بين أسنانه لظهرها المتصلب أمامه ليتأكد بأنها تعلم بوجوده:
-انتي واقفة بتهببي أيه هنا!
عضت شفتيها واغمضت جفونها بقوة وهي تستشعر سوداوية حروفه قبل ان تستعيد رباطة جأشها وتستدير ببطء تحسد عليه مقررة مجاراة الوضع بقولها:
-ايه ده مروان، انت بتعمل ايه هنا!
مال رأسه لليمين بنفاذ صبر وأردف بغضب:
-انا سألتك سؤال؟ بتعملي أيه هنا يا منار، متختبريش صبري!

طالعت أنظاره بتحدي وانف مرفوع لتجيب:
-ليه في حاجة؟
اقترب منها خطوة مهددة وهو يشير بيده في وجهها:
-في إنك خرفتي وواقفة في نص الفرن بتبيعي للناس!
لمعت عيونها بانتصار لأنها أثارت اهتمامه وجنونه أخيرًا كما أثار جنونها بتجاهله فعلى الأقل استطاعت إخراجه من صمته حتى لو كان بدافع الغضب، تنهدت بملل واعتيادية وهي تشير حولها:
-زي ما انت شايف اهو حاجة تسليني!

دلفت سيدتان مسنتان فأشارت لهم منار للمنضدة المفروشة بالمخبوزات قبل ان تعيد وجهها نحوه بابتسامة قاتلة:
-على العموم شكرًا لاهتمامك وسؤالك!
اعاد ابتسامتها بطريقة مرعبة هزت ثباتها ليقول بهدوء حاد:.

-الاستهبال حلو أكيد، بس مش معايا يا منار، بصي هو اختيارك أنا على أخري ومش شايف غير سواد قدامي فمعاكي خمس ثواني بالظبط قبل ما انسى انك في الشارع و اخدك من شعرك اللي فرحانة بيه ده و اطلعك شقتنا فوق وانتي ومبررك بقى، هنتكلم ولا هقتلك أول ما يتقفل علينا باب!

تسمرت مكانها في ذهول وارتبكت ملامحها بشكل ملحوظ لتهمس متوترة:
-متتكلمش معايا كده أحسن لك، أنا مش صغيرة!
مال بجسده نحو اذنها كي يتجنب الفضائح قد المستطاع وخبط أصبعه بجانب رأسها ليقول بحده:
-اثبتي علي موقف مش انتي بردو الصغيرة اللي اتحوزت العجوز المهكع...
طالعته بصدمه وعجزت عن الإجابة وهو يتلاعب بكلماتها ولكنه أكمل بعنف:.

-علي العموم هوفر عليكي التفكير انتي صغيرة وعقلك أنتهت صلاحيته وانا اللي هعيد إنتاجه من دلوقتي!
-انا...
حاولت التحدث فأوقفها بأن هتف بغضب غير قادر علي تمالك أعصابه:
-يلا!..
انتفضت بذعر ولكنه لم يتوقف ووجه حديثه للسيدات محاولاً تنظيم انفاسه المفرطة من غيظه:
-لو هتاخدوا حاجه اتفضلوا عشان هنقفل!

امسك بذراع منار يدفعها بجواره إلى الخارج وجز علي اسنانه وهي تحاسب السيدتان، دفعها للخارج بإهمال وهم لغلق الباب حين أتي الصبي الخاص بالمخبز أخيرًا لتقول منار بصوت مهزوز:
-متقفلهوش مجدي هيوقف لحد ما الحاج هلال يجي!

لم يجادلها او يلتفت نحوها بل اكتفى بجرها خلفه إلى الداخل، علت دقات قلبها بذعر وهي تتابع العرق يتصبب من وجهه الأحمر وأسفل رقبته ليبلل ياقة قميصه، كدليل قوي على قسوة انفعالاته في تلك اللحظة.

علا صوت تلاحق أنفاس ظافر وشروق على الصمت حولهم وكلاهما نائم بين ذراعي الأخر بعد رحلة متبادلة من غرام عذب المذاق، استدار على جانبه ليقربها منه اكثر ويقبل فمها بقوة وجوع وكأنه لم يتناول وجبة دسمة مصدرها هي، لكنه تفاجأ بها تكشر وجهها وتدفعه بخفة حتي ابتعد عنها وخرجت من بين ذراعيه، بدأت تلملم ثيابها وترتديها سريعًا فتساءل بذهول:
-رايحه فين؟
-رايحه لولادي طبعًا!
-أفندم؟

اعتدل بنصف جسده العاري ليضيف بحدة:
-يعني ايه مش فاهم!
زاد احمرار وجهها الأحمر من الأساس لتقول بتلعثم:
-انا لسه زعلانة على فكرة ومتفتكرش إنك باللي عملته ده هتضحك عليا!
ارتفع حاجبيه في ذهول ليقول بنبرة حانقة:
-نعم يا أختي، أنا اللي عملت!
استدارت نحوه بحده وهي ترتدي أخر قطعة من ثيابها لتتهمه:.

-أيًا يكن يعني، انا مش هسامحك غير لما تفتح قلبك ليا وتفهم إنك متجوز ومفيش أسرار بين راجل و مراته وتراعي مشاعري ولا انت فاكرني لعبة في إيدك!
دفع الغطاء بحدة وهم بارتداء ملابسه هو الاخر ليردف بلهجة غاضبة:
-واللي حصل بينا ده مش في بند الاهتمام والمشاعر؟!
وضعت ذراعيها حول خصرها لتقول بإصرار متجاهلة مقصده عن عمد:.

-ده غير انك اخترت تتجاهلني ومعبرتنيش انا او عيالي، بذمتك في اب ينام من غير ما يطمن على عياله!
اندفع ليقف امامها متهمًا بحدة:
-انهي عيال دول، اللي مش طايقني وخلوكي تغضبي!
-انت اللي خلتني اغضب متجبهاش في العيال الي ميوعوش لحاجة!
دافعت في غضب وابتعدت للخارج ليهتف:
-عيال ده احنا العيال...
اتبعها بانزعاج ليقول وكأنه تذكر امرًا للتو:
-وبعدين تعالي هنا افهم ايه من اللي حصل ده، انك كنتي بتستغليني!

ارتبكت وهي تلتقط حجابها بجوار باب المنزل لتقول بتلعثم:
-ده مش أنا طبعًا!
-اومال أمي!
-لا بنتك هي اللي عملت كده!
طالعها باستنكار ليقول:
-استغفر الله العظيم واتوب اليه، انتي هتكفرينا يا ست انتي!
جزت على أسنانها بخجل واضح لتدافع وهي تفتح الباب:
-انت وحشت اللي في بطني عشان كده لعبت في دماغي!
ضحك بسخريه ليقول بتهكم:
-طيب والله حلو جدًا إن في حد انا بوحشه!

ضيقت عيونها التي لمعت بدموع لا مبرر لها لتقول:
-طبعًا ما أنت أهم حاجة عندك بنتك وعيالك!
ضرب كف على الأخر بذهول ليقول بنبرة مجنونة:
-لا إله إلا الله، هو انا مش من شوية كنت مفتري ومش بهتم بعيالي دلوقتي بقيت مش مهتم غير بعيالي، ده ليفيل جديد للنكد عشان ابقى معاكي على الخط بس!
ارتعشت شفتيها لتهطل دموعها وهي تقول:
-متشكرة يا محترم!
جذب ظافر ياقة ملابسه وكاد يمزقها بنفاذ صبر ليقول بلهجة مشتتة:.

-أنتي بتعيطي لية دلوقتي، أنا كلمتك يا ستي!
أجابته ببحه وبكاء مكتوم وهي تتجه للخارج وتفتح الباب بعنف:
-لا مبتتكلمش كفاية أنك حارق دمي انا واللي في بطني طول الوقت، عن اذنك!

لم يجيبها وقد استوقفهم مشهد صعود مروان الجاذب لزوجته خلفه دون أن يلقوا السلام حتى، جاور ظافر زوجته وتبادلا الأنظار بتساؤل وتعجب قبل ان تتخلي شروق عن فضولها وتتذكر غضبها وتتركه متجهه إلى أعلى، عبث ظافر بخصلاته بغيظ قبل ان يقرر توجيه جام غضبه على مسبب المصائب في حياتهم.

استيقظ يزيد بخضة على صوت طرقات قوية بعد أن غفي لا شعوريًا ما أن وصل إلى البيت، صاح وهو يستعيد توازنه:
-طيب طيب في إيه، انا جاي اهوه!
ليتمتم في حنق واضح وثقة:
-انا عارف الخبطة الغبية دي، استر يارب!
فتح الباب ليدلف ظافر الغاضب وهو يطالع هيئته الناعسة ويهتف بحده:
-طبعًا نايم ومش في دماغك الدنيا، يارب نص برود الراجل ده ومراته في حياتي عشان هتجلط!

قال جملته الاخيرة وهو يرفع كفيه للسماء فيتأفف يزيد قائلاً:
-ماتهدى ياعم الطوفان وبراحه عليا!
اغلق يزيد الباب عندما توجه ظافر بصمت الي احد المقاعد يجلس ثم رد عليه بتعب:
-وهتيجي منين الراحة، يزيد أنا هتجن بجد مش عارف استحمل الوضع ده، العيال وحشوني ومفيش كلب فيهم سأل فيا!
ضحك يزيد فرماه ظافر بنظرات حارقة محذرة فتنحنح قائلاً:.

-طيب اهدى بس، وبعدين أنا عايز أعرف ايه التحول اللي حصل لعيالك ده، مش انت كنت بتشتكي انهم على طول خايفين أن شروق تسيبكم لو انت زعلتها، أيه اللي حصل!
ضرب ظافر علي ساقه اليسرى ليقول بنبرة مغتاظة:
-الثقة حصلت، الثقة إنها مش هتسيبهم خلى خوفهم ينتهي وفي الأخر بعد ده كله يقلبوا عليا أنا، أنت لو شوفت الواد الصغير كان بيبصلي ازاي كنت قومت ضربته بالحزمة علي وشه!

انهي جملته بغل ليحمحم يزيد محاولًا تلطيف الوضع بقوله:
-وحد الله يا ابني ده عيل صغير، أنت من امتى وانت عنيف كده!
-من ساعة ما اكتشفت ان كل هم البشوات امهم لكن ابوهم اللي بيتعب ويشقى مش مهم!
ضحك يزيد ليخبره برزانه غير معهودة:
-يا ظافر يا حبيبي كل الأطفال في الفترة دي بيتعلقوا بمامتهم...
ثم صمت لتعود إليه روحه المرحة بقوله:.

-وبعدين ابن مين أنت في مصر عشان عيالك يحبوك هاه، ده الزبله ابني لو فتح عينه شافني ومشفش امه الدنيا بتتشال وتتحط ويبقى علي صرخه واحدة كأنه شاف تنين او بيعاقبنا مثلاً!
وضع ظافر يده على وجنته وهو يتفحص صديقه بتأني ليقول بابتسامة مشاكسه:
-لازم يتصرع لما يشوف الخلقه دي!
مال جانب فم يزيد ليرد عليه بنبرة متهكمة:
-ملقوش في الورد عيب!

ضحك ظافر ثم فرك عينيه بارهاق وساد الصمت المريح بين الاثنان قبل أن ينتفض ظافر بفكرة ليخبره بعيون لامعة:
-جتلي فكرة هايلة، أنا هعرف ازاي اخليهم يبعدوا عن امهم عشان اقدر اصالحها!
وقف يزيد هو الأخر ليضيف بحماس:
-حلو أوي!
-أهم حاجة ترجع مراتك وبطلوا استعباط إلا لو عايزها نبقي فوق وأنا بصالح مراتي!
أخبره ظافر بحزم وهو يشير بأصبعه في وجهه فضاقت عيون يزيد لمقصده وتساءل:
-طيب ومنار؟

ابتسم ظافر بمشاكسه ليؤكد:
-لا أنسى صاحبك اتجنن خلاص ومن خبرتي اللامتناهية اقدر أقولك إنها مش هتطلع من بيتهم تاني قريب!

لوى مروان ذراعها وقرص على أذنها بغيظ ما أن أغلق باب منزلهم ليهتف بحدة:
-انطقي قصدك أيه باللي بتعمليه ده!
تأوهت بغضب أكثر منه آلم لتصيح هي الأخرى:
-الله وأنا كنت عملت أيه يعني ده عمل إنساني!
-أيه وجعتك!
سأل مروان بسخرية وهو يكبل ذراعيها أمامها ويجرها للداخل نحو المطبخ فسألت بذعر وهي تثبت قدميها بالأرض:
-انت واخدني المطبخ ليه؟
حرك يده الأخرى في حركة تدل على الصبر وهو يقول من بين أسنانه:.

-متخافيش مش هخلص عليكي دلوقتي!
-حوش حوش وده من ايه ان شاء الله يا مسكر، انا محدش يقدر يتعرضلي!
قالت بسخرية تناقض الخوف الفائح من جسدها فأقترب إليها ليقول بهدوء مريب:
-مسكر؟ حلو أوي يبقي انا فكرت صح لما قولت هبتدي بقص لسانك!
دفعته بخضه وركضت للخلف خطوات قليلة لترد بحدة:
-بطل تخوفني انا مش عبيطة ولا عيلة صغيرة!
اقترب خطوتين وهو يحرك ساعده للأمام بشكل دائري ويخبرها:.

-حلو أوي يعني انتي ست ومكلفة ومسئولة مش كده!
نظرت له بصمت ولم تجب فصاح بصوت عالي أفزعها:
-انطقي يا ست الستات، اديني مبرر لوقفتك في الفرن كده قدام اللي يسوى واللي ميسواش!
-ماله الفرن ان شاء الله، ما انت جايبني من هناك ولا بقى وحش دلوقتي وبنتعاير بيه!
هز رأسه بعدم صدق وقال:.

-انتي مصدقة اللي بتقولي ده؟ هاه فهميني ليه على طول بتفكري بالطريقة دي ومش عايزة تفهمي إن وضعك اختلف، فرن ولا شركة حتى أنا مش هقبل ان مراتي تشتغل!
هتفت هي الأخرى بمدافعه وهي تقترب خطوة مهاجمه منه:
-ومين قال اني كنت بشتغل انا وقفت بدافع إنساني الواد اتأخر و الحاج هلال كان لازم يروح يقبض الحواله عشان علاج مراته ولا هي القيامة قامت يعني!

اقترب منها هو أيضًا حتى صارا وجهًا لوجه وقال بغضب يرفض تبريد الدم المشتعل في عروقه:
- هو انتي راجل؟
-انا بمية راجل!
ردت بإصرار وعناد، فأبتعد عنها حتي لا يفقد اعصابه ويصفعها مثلاً وقال:
-ليه كل تصرفاتك بتدل إنك مش حاسة إنك متجوزة راجل!
صاحت بعنف وهي تشد خصلاتها بتمرد:
-انا مش بفكر كده طبعا!
-انتي مش بتفكري اصلاً!

صاح بنفس العنف ثم صمت يحاول استعادة هدوءه دون جدوى فكل خلية داخل جسده تنتفض وتفور بجنون منذ رآها في المخبز تشاحن رجل أخر غيره، شعوره بالغيرة يسيطر على تفكيره ويرفض اعطاء فرصة للعقل، قطعت منار تفكيره حين همست بنبرة خافته:
-انت اللي رافض تحسسني بأني ست!



look/images/icons/i1.gif رواية خيوط الغرام
  19-12-2021 07:46 صباحاً   [30]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
نوفيلا نيران في خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل الرابع

ارتفع حاجبي مروان ليقول بهدوء نسبي وهو يستند على قطعة من الأثاث خلفه:
-انا مش بحسسك إني ست؟، طيب اتكلمي وطلعي اللي في قلبك يمكن افهمك!
كانت أنفاسها مضطربة بخوف طفيف لما سيحدث بعد اعلانها لما تشعر به ويخالجها منذ شهور ولكنها ضربت كل التوتر في عرض الحائط وقالت:
-انت اللي رافض تخلف مني!
تفاجأ مروان ورمش أكثر من مرة يحاول استيعاب ما ترمي إليه ليقول متعجب وهو يشير إلى صدره:.

-انا رافض اخلف منك، لا ده أنتِ أكيد اتجننتي رسمي!
أصرت علي موقفها واقتربت منه تحصر جسده الكبير بين جسدها الصغير و قطعة من الأثاث خلفه وردت عليه مؤكدة:
-ايوة جنني عشان تبرر أفعالك، مش من يوم ما اتجوزنا وانت على طول رافض اننا نخلف دلوقتي ومأجل!
-مأجل اسمها مأجل الخلفة فترة مش رافض الخلفة منك!

قال وهو يحرك ذراعيه في ذهول من تفكيرها ولكنها اتهمته وهي تميل للخلف وتمرر سبابتها امام جبينها في حركة أشلت تفكيره للحظة بأنها تردح له فعليًا:
-ضحكتني يا عيوني اسمها مأجل عشان مش عايز تخلف مني عشان عارف اننا مننفعش لبعض واننا مش هنكمل صح ولا لا!

فرغ فاه مروان عندما اتبعت جملتها بمثل أقل ما يقال عليه بذئ، لا يصدق ما يطلقه لسانها السليط كمسجون بلا سجان، ساد الصمت بينهم دقائق لا يزال مروان في حالة من العجز عن الرد عليها فما فعلته للتو يتطلب ردًا من نوع أخر بعيدًا عن الكلام لكنها اتخذت صمته كموافقه على اتهامها وأكملت:
-ماترد عليا ولا كنت فاكرني هبلة وصغيرة بجد ومش هفهم دماغك!

ضاقت عيون مروان وفكر جديًا ما الذي يمنعه عن تربية تلك الوقحة، ثم ارتفع جانب وجهه في سخرية ليقول:
-انتِ ودي تيجي بردو صاحبة العقل الخارق هفتكرها هبله وصغيرة؟ لا وبجد مستغربة انا مأجل الخلفة لية!
-مأجلها لية؟
-عشان مش هجيب عيال امهم متخلفة لسة متربتش عشان تعرف تربيهم، ولسة مكملتش سن الرشد اللي مستنيه عشان كل كلمة هتنطقيها من بعده هتتحاسبي عليها...
انفرج فمها بأستنكار لتجيب:.

-سن رشد ايه انا عقلي يوزن بلد من دلوقتي ثم مين دي اللي متعرفش التربية!
-ولا شوفتي في حياتك ساعة واحده تربية حتى!
رفعت قدمها بغل لتسقط فوق قدمه وسط ذهوله وهي تهتف بأعتراض وغضب:
-أومال اتجوزتني لية!
-عشان اتنيلت و حبيتك!
صرخ بغضب وهو يميل ليحملها على أكتافه وقد فقد جام سيطرته علي الذات أخيرًا فصرخت مستنكرة:
-انت بتعمل ايه نزلني حالًا بدل ما ابهدلك!

-ده انتِ مش هتشوفي بهدلة وبس لا ده انتِ مش هتشوفي الشمس بعد عمايلك دي!
ظلت تضرب قبضاتها على ظهره باعتراض حتي وصل إلى الغرفة البعيدة في المنزل، انزلها وحاول تركها وحيدة والخروج فلمعت عبنيها بفهم لمقصده وهتفت:
-المفروض انك هتحبسني ولا ايه مش فاهمة!
اقترب منها بطريقة مرعبة وهو يقبض كفه انام وجهيهما قائلًا:
-اختاري احبسك ولا أمد إيدي عليكي واقطع لسانك!
-محدش يقدر!

هتفت بها بأنف مرفوع وحاولت تخطيه فأوقفها يجذبها للداخل قائلًا بحزم:
-لو رجلك خطت برا الاوضة دي مش هيحصل طيب عشان تبقي فاهمة!
-انت بتعمل ليه كده، مش من حقك!
-اومال حق مين؟ لو مش حق جوزك إنه يربيكي عشان مش متربية يبقي حق مين هجيب واحد من الشارع يربيكي!
-انا متربية غصب عنك وانت مش ابويا عشان تتعامل معايا كده.
هز رأسه بتفكير وهو يلتقط أنفاسه العالية ليخرج هاتفه مقررًا:.

-صح يبقى أنا اتصل بأخوكي وهو يجي يشوف أخرتها معاكي!
اتسعت عيناها بذعر واوقفت انامله من التحرك علي شاشه الهاتف قائلة:
-انا برفض اللي بتعمله ده عشان تبقى فاهم!
اخرج كفه من بين اصابعها بحدة ليقول:
-ما هو انا مبقتش فاهم فهجيب اللي يفهمني!
عضت منار علي شفتيها وظهر الخوف بشكل واضح على وجهها لتقول بنبرة باكية أخيرًا مستسلمة للذعر داخلها:
-عشان خاطري يا مروان متتصلش بيه!

اخرجه صوتها الباكي من إصراره فترك الهاتف لحظة وتفحص ملامحه ودموعها المتلألئة داخل مقلتيها فقال بنبرة مرهقة:
-بتعيطي لية؟
-عشان هيضربني وهو ايده تقيلة اوي!
-محدش يقدر يضربك!
قال مروان باستنكار من أفكارها، فأكملت بإصرار:
-يبقى أنت عايز تجيبه عشان تتلكك وتطلقني!
ضرب مروان الهاتف علي جبينه بنفاذ صبر وقال من بين اسنانه:.

-أبوس إيدك بطلي تفكري عشان اعصابي على أخرها، أنا قولت هطلقك؟ ما اهو أنا لو عايز اطلقك كنت طلقتك في لحظتها لما كنتي واقفة بتتمرقعي في الفرن!
علا صوت بكائها وأخفضت أبصارها بخجل للأرض دون إجابة فزفر مستغفرًا الله قبل ان يقول بهدوء مصطنع:
-لما أنتِ عارفة إنك غلط بتقاوحي لية؟
-انا اسفة!
قالت بين شهقات بكائها بخفوت فقطع الخطوة الفاصلة بينهم يحارب رغبته في ضمها إلى صدره قائلًا:.

-أنا مش عايزك تتأسفي يا منار، أنا عايزك تفهمي إني بحبك وعمري ما هعيش من غيرك، أنا عايزك تطلعي الأفكار الغريبة اللي كل يوم بتفاجأيني بيها دي!

فاجأته عندما انهت الشعرة الفاضلة بين جسديهما وأحكمت ذراعيها حوله في خوف من فقدانه وأخفت وجهها وبكائها في قميصه دون أن تجيب، زفر بحدة وهو يستغفر الله ويطلب عفوه عنه ثم أخذ يربت على ظهرها بحنان ويخبرها بكلمات طيبة تحتاجها بشدة في هذا الوقت حتى هدأت حده بكائها، دقائق ورفع ذقنها أخيراً ثم همس بنبرة حانية:
-تعالي أغسلي وشك!

هزت رأسها بصمت تام واتبعته وبعد ان جفف وجهها بالمنشفة أمسك يدها مرة أخرى وجذبها نحو الأريكة بالخارج وأجلسها بجواره، حمحم بتفكير في طريقة يبدأ بها حديثة في أسلوب مناسب لها ثم استطرد بهدوء:
-سؤال مهم، اللي حصل إنهارده، حصل لية؟
رمشت عدة مرات ومررت طرف كمهل على أنفها الأحمر قائلة بارتباك:
-مش عارفة؟
أغمض عيناه وقال بهدوء:
-ده سؤال ولا إجابة!

-مش عارفة، أنا مكنتش أقصد اني أقف من الأول بس لما لقيتك استعبطت كنت عايزاك تاخد بالك مني و تصالحني وخلاص!
-اصالحك؟ انتِ اللي غلطانة اصلًا وغضبانة من غير سبب!
قال سريعًا بصوت عال قبل أن يصمت حتي لا يخرج عن إطار هدوءه، فقالت مؤكدة:
-لا بسبب ولا نسيت الحيوانة اللي كانت بتلف عليك ومكلفتش نفسك تقولي!
امسك مروان يدها ليؤكد:.

-اديكي قولتي حيوانة، ومن غير زعل انتي شايفة نفسك عاقلة أوي هاجي اقولك علي حاجه زي دي وانتِ هتعديها!
رمقته بنص عين لتقول معترضة:
-مش مبرر على فكرة!
ابتسم تلقائيًا رغمًا عنه ليقول:
-خلاص يا ستي، أنا أسف وغلطان، حلو كده؟
هزت رأسها بنعم قبل ان ترتمي بأحضانه فاستوقفها قائلًا:
-استنى بس الموضوع كبير أوي سعادتك!
نظرت له بعيون بريئه ليتنهد وهو يسمح لها باحتضانه قائلًا:
-بس مفيش مانع نكمله وأنتِ في حضني!

-خلاص بقى هو لازم!
كادت تهرب ضحكته من محاولتها للهرب من العقاب وتثور حين يقول طفلة، حمحم ثم أكمل بجدية:
-لازم نتكلم عشان نفهم بعض، يمكن الغلط الاكبر عندي إنك وصلتي للأفكار دي ولازم نقعد ونفهم أكتر طبيعة علاقتنا اللي أنتِ مش فهماها!
تأففت ولكنها لم تعترض فأستكمل حديثة قائلًا:.

-بصي يا منار أنا لما قولت نأجل الخلفة كان عشان خاطرك أنتِ مش عشان خاطري انا، لو عليا انا واحد كلها سنتين ويبقى عندي اربعين سنة!
عدلت رأسها على صدره ونظرت له بتساؤل فهز رأسه بموافقة على مطلبها الصامت بالشرح مستكملًا:
-انا كنت عايزك أنتِ تعيشي حياتك الأول سنتين أو تلاته عشان متجيش بعد كده تكرهيني وتندمي انك اتجوزتيني في يوم، الأطفال مسئولية وتضحية وهم كبير لازم نكون قده!

ابتعدت عن صدره في اعتراض لتقول مستنكرة:
-أنا عمري ما اكرهك او اندم أني اتجوزتك، أنت أحسن وأحن راجل في الدنيا وعمري ما كنت احلم انك تتجوزني!
ابتسم ليقول بمشاكسة:
-الله، ما أنتِ بتقولي كلام زي الفل اهوه، أومال روحتي اتقمصتي مع شروق لية و ومفتكرتيش الحاجات دي وقتها!
ابتسمت بخجل وغضت شفتيها ثم قالت بتلعثم:
-هي كذا حاجة في بعضها خلوني زي المجنونة ومش حاسه غير انك بتضيع مني!

تفحص وجهها بدقة قبل ان يمرر إبهامه علي وجنتها بحنان قائلًا:
-حلو نركز على الحتة المهمة دي كان في ايه في بالك وصلك او وصلنا لكده!
نظرت لأسفل بحرج فرفع وجهها نحوه يشجعها علي الحديث بطلاقة لتستكمل:
-أنا كنت عايزة نونو زي شروق و سلمى كنت عايزة احس إني ليا لازمة وإني ام...
قاطعها متسائلًا:
-ومقولتيش لية؟
-أقول ازاي وانت قايل مش هنخلف دلوقتي!
-وهو انا كلامي سيف خلاص أخلاقك منعتك في دي إنك تعترضي؟

صمت حين حدجته نظرة غاضبة فتنهد قائلًا:
-تمام مش هجادلك كملي وبعدين!
قال بنبرة سلسلة كي لا يتحول نقاشهم إلى شجار فردت عليه سريعًا:
-وكمان انت فضلت تعمل حاجات غلط وتحسسني إنك بتصرف عليا وعلى اخويا!
-أحسسك إني بصرف عليكي؟ ما انا بصرف عليكي فعلًا!
ضاقت عينيها بحنق وقالت بحدة:
-انت فاهم قصدي!

-ماشي يا ستي، لكن إيه بصرف على اخوكي دي، بطلي سودويتك دي من ناحيته، الراجل بيشتغل وبيبني نفسه ايه المشكلة لما اضمنه مرة أو اتنين!
سأل متعجب من حدتها نحو شقيقها رغم علمه بأنها تكن لشقيقها حب كبير فأجابته بصدق:
-معنديش مشكلة معاه ده اخويا بس إحنا حكايتنا من الأول بدأت بسوء تفاهم ومش عايزاه يبقى فاهم إنك مجرد راجل غني بنستغله وأنا خايفة عليك!

احاط دقنه بأصبعين وسبابته يتحرك علي وجنته بتفكير ليقول بثقة:
-لا متخافيش عليا أنا مش غبي وبفهم الناس كويس أوي واعتقد كون اخوكي يعدل الفكرة دي من دماغه أو لا فدي مهمتك انتِ!
حركت رأسها ويداها بعدم فهم فأكمل:
-انتِ اللي تقدري تحسسيه انتِ بتحبيني وسعيدة معايا بجد ولا مجرد راجل غني بتستغليه!
شعرت بتغير طفيف في نهاية جملته فرمشت في تفكير تحلل الوضع التي وقعت به قبل ان تقول بخفوت:.

-أنا بحبك أنت وعمري مافكرت في فلوس انا بتكلم على أساس موقف حصل وكنت عايزة اطلعنا منه كده!
مرر كفه بحنان علي خصلاتها يعيدها خلف اذنها قبل أن يرد عليها بنبرة صادقة:
-زي ما أنا بحبك بجد وعمري ما فكرت ان كنتي فقيرة او غنية، لازم تفهمي إن مجرد تفكيرك كده إهانة لشخصي كله مش لمشاعري بس!
وضعت يدها فوق كفه المحتضن لوجنتها وحركت رأسها لتقبل باطن يديه قائله بنبرة حرجة:
-أنا أسفة!

اقترب منها يقبل وجنتها بحب يكفي لغمرهما سويًا ثم قال بلهجة صادقة:
-أنا اللي أسف إني موضحتش ليكي كل الحاجات دي!
لكنه أبتعد فجأة ليقول بحاجب مرفوع:
-الحمدلله صفينا كل الأمور اللي عملت أزمة في حياتنا، نرجع بقى لمشكله قلة الأدب واللسان الطويل!
احمر وجهها لتقول بابتسامته خجلة:
-انت اللي اجبرتني على فكرة، أنا من يوم ما اتجوزتك ما غلطش غلطة انت اللي بتجبرني اطلع اسوء كوابيسي!

-ده اسوء كوابيسي أنا يا حبيبتي مش كوابيسك أنتِ، الأسلوب اللي اتعاملتي بيه معايا مرفوض نهائي أنا لولا إني مراعي المرحلة الزفت اللي إحنا فيها كنت بسطرت بوقك بلسانك ده!
عضت على شفتيها بدلال وهي تمرر كفها الصغير على أعلى ساقه وبالأخرى على صدره بقلة حياء لا تفشل في إذهاله وقالت بصوت هامس لعوب جزئيًا:.

-أنا كلي ملكك يا سيد الناس أعمل اللي انت عايزة فيا مش هقولك لا، حقك عليا لو لساني ده يتجرأ عليك انا اقطعه بنفسي!

ظل يطالعها في صدمة من قدرتها الخارقة علي تحويل مشاعره لما يحلو لها في لحظة، وجزء داخله منقسم بين ضحك و بكاء علي حاله وعلي قدرتها في إخراج أسوء الالفاظ من فمها ثم سرعة قدرتها على ترتيب كلمات ساحرة تبخر غضبه وتبدله بشوق عارم لها، خرج من أفكاره على حركة شفتيها الرقيقة كجناحي فراشة على جانب فمه، ثم التقت أبصارهم ثوان ليميل نحوها يخطفها في قبله متناسيًا كل ما خطط له من عقاب، بادلته منار نفس عمق مشاعره وقبضت على طرفي قميصه تقربه منها، تحركت يديه بدون أذن منه ليرفعها وتستقر فوق ساقيه قبل أن تمارس أنامله حقها في إحراق جسد زوجته بنار العشق، تحركت أصابعها سريعًا لخلع ملابسه عنه في لهفة لقربه لكنه قبض على كفيها وهو يميل بها علي الاريكة ويثبتها أعلى رأسها قائلاً بوعد مستتر بين أنفاسه المتقطعة:.

-أول درس لإصلاح الذات هو التحكم في الانفعالات!

حاولت تركيز انظارها الغائمة نحوه وهي تطالعه كأنه مجنون لا تستوعب نصف جملته أو موقفها من وضعهم، ارتفع جانب شفتيها في حركة غريبة وقبل ان تتساءل أو تعترض، كان يغطي شفتيها بشفتيه مرة أخرى، استسلمت غير مهتمة بأي تبرير مستسلمة لكل ما يريده أو يرغب به حتى ولو لم تفهم نصف ما يرمي إليه، فهي على ثقة بأنه سينقلها في دوامة عاطفية عميقة وخطيرة بشكل يستحيل فيه علي أحدهم أن يتحكم في انفعالاته...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 5 من 11 < 1 4 5 6 7 8 9 10 11 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1541 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1127 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1173 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 970 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1749 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، خيوط ، الغرام ،












الساعة الآن 12:56 PM