-نصيبك الاسود! قالها بكل جديه و برود ليزم فهد شفتيه وهو يري الابتسامة تتسع على وجه صديقه بعدها بلحظه ليزفر بحنق ويردف... -ماشي دقايق وهننزل! تركه محمد متجها إلى اسفل ليغلق الباب بقله حيله، ويسند برأسه عليه، اتت حياه من الخلف... -في حاجه يا فهد؟! -المهمه دي لازم تخلص انا تعبت من الناس دي! ربتت على ظهره بضحك قائله... -وطي صوتك الناس تسمع! -ياااارب عشان يخلوا عندهم دم ويرحمونا شويه...
زادت ضحكاتها وهي تدفعه إلى المرحاض... -طيب اتفضل اجهز ويلا عشان ننزل! -طيب... عاد من امام باب المرحاض ليعطيها قبله قويه على فمها الصغير، قبل ان يدلف لأنهاء اموره... مر اليوم بسلام بغياب جميله وحياه في احدي غرفهم يتبادلون ما حدث معهم بسعادة... بالاضافه إلى جنون محمد وفهد بعدم معرفه مصدر هذا المفتاح!
في داخل احدي الشركات الكبيرة... -يا باشا اهدي شويه اعصابك! قال سامح بقلق لناجي الذي يكاد يجن من بطء رجاله... -اهدي ازاي! انا بقالي كتير صابر وانتم كلكم اغبيه! -يا فندم احنا حاطين مراقبه على الفيلا بس الزفت ابنه ده قافل علينا النفس! خبط بيده على سطح المكتب بجنون ليردف... -طيب والبنت دي، معرفتوش توصلوا ليها، انا قلت اخطفوها طالما انتو مش عارفين تجيبولي رقبه ماجد! اطرق سامح رأسه بتوتر ليردف...
-ما هو المشكله يافندم انه حاطط حراسه عليها زيها زيه بالظبط! اشعل ناجي سجارته والحزن والغل يغطي ملامحه... -معرفتوش هي مين! -بعت رجلتنا يسألوا عنها، مفيش حاجه مميزة والبت مقطوعه من شجره اهلها ماتوا من سنتين كده! جذب ناجي خصلات شعره بغيظ قائلا... -يعني مش هعرف اجيب حق ابني! لاااا ده لو اخر يوم في عمري هقتلك يا ماجد يا شناوي! توتر سامح من نوبه غضبه المستمرة منذ اخر اخفاق لهم ليردف...
-اكيد هنلاقي حل يا باشا انا عايزك تهدي! -لا الحل في دماغي، انا اللي هعرف اتصرف مش شويه عيال!
في الصباح الباكر... وقفت جميله تقدم الافطار مع حياه للجميع... ابتسمت جميله قائله لماجد بتحذير... -اوعي يا بابا تجهد نفسك حاول ماتضغطش على نفسك في الشغل! ابتسم لها ماجد ليردف... -حاضر يا جميله هانم متقلقيش... نظر لهم محمد بتأني وكأنه يقارن بين حياتهم السابقة بدونها والان وهي بها! وقف واتجه إلى الطابق العلوي يحضر هاتفه... نظرت لماجد بتساؤل لينفض كتفيه بعدم معرفه ويطمئنها بعيونه...
اغلق غرفته ليحضر الهاتف ليلتقي بصوره خديجه على الطاولة الصغيرة بجوار فراشه، امسكها بابتسامه حزينة قائلا... -مش عارف اللي بعمله ده صح ولا غلط، بس انتي عارفه انا بحبك قد ايه ولو غلط اتمني تسمحيني! تنهد وهو يضع الصورة ويفرك عيناه، يعلم انه يتصرف بأنانيه فجميله تستحق الحياة المرحة المبهجة... تستحق رجلا يحبها بلاقيود و يغرقها عشقا بمشاعره و يعوضها حنان افتقدته... رجلا بالتأكيد ليس هو!
اغمض عينيه متذكرا ما حدث بالامس بينهم!
فلاش باك... صرخ بحرقه وهو يشعر بقيود تغلغله، لا يراها امامه، اين هي؟!، هل حدث ما يخشاه؟! هل اقتنصها القدر منه مره اخري! ظل يصرخ باسمها والظلام الحالك يغمره و صوت صدي بكائها يعلو كل لحظه... -محمد، محمد، محمد...! فتح عيونه بحده على همساتها لتنتشله من الجحيم منتفضا معتدلا بعنف من كابوس كاد يوقف نبضات قلبه... وقعت جميله إلى الخلف بخضه، وعيونها تترقرق بالدموع...
جفل ورمش بقوه يصفي ذهنه لينتفض من الأريكة يجثو بجوارها قائلا بقلق... -انتي كويسه! هزت رأسها بالموافقة وعيونها الناعسة مخلوطة بدموع لتردف بتقطع... -انت كويس؟! -ايوة انا كويس، انتي بتعيطي ليه، قومي تعالي، ضهرك جراله حاجه؟! تركته يساعدها على الوقوف لتنظر اليه بحزن مزق داخله لتقول بحتميه... -انت كنت بتنادي عليا! عقد حاجبيه بعدم فهم قائلا... -مش فاهم! -وانت نايم كنت بتحلم و كنت بتنادي عليا...
صمتت لحظه لتأخذ نفس عميق قائله... - انا هنا جنبك يا محمد، انت اللي مش شايفني!.. عجز عقله عن استجماع رد وهو يشعر بقلبه يدق غير جاهزا للخوض في هذا الحديث ليقول وهو يستدير لينام على الاريكة... -انا كنت بحلم، انا اسف اني صحيتك... توقف عندما شعر بذراعيها تحتضنه بسكون هز قلبه المنهك... مسك بيدها المنعقدة على صدره وجعلها تستدير لينظر لعيناها الحزينة الراغبة في مشاركه عذابه...
رفع يدها يقبلها بحنان ورقه قبل ان يتجه بها نحو الفراش قائلا... -نامي يا جميله متقلقيش... ليتسمتع إلى همساتها العذبة وهي مستسلمة ليده التي اعادتها إلى الفراش وجذبت الغطاء عليها مدثرا لها كالأطفال... -ممكن تنام على السرير بلاش نومه الكنبه دي اكيد هي اللي قلقه منامك... امسك بعيونها باحثا عن اي مقاصد مستتره ليبتسم على سخافته بالتأكيد صغيرته تتحدث بكل عفويه ولا تفكر سوي براحه الغير...
وقف مكانه لم يتحرك لتباغته بأمساك يده و جذبه بخفه نحو الفراش... فاجئها عندما سايرها وتوجه نحوها لتبتعد و تترك له مساحتها وهي تبتسم بخفوت وقلبها راضي عن موافقته عله يجد الراحه والسلام! اسلتقي بجوارها على جانبه ليصبح في مواجهتها واحكم الغطاء عليهم، ظل الاثنان ينظر ان إلى بعضهم البعض في صمت هادئ مريح للقلب والعقل... قبل ان يغمض عينيه منقذا نفسه من فياض مشاعرها المرسومة بعيونها...
انتظرت دقائق طويله وهي تراقبه مغمض العين وظنت انه خلد إلى النوم، مدت يدها بهدوء حتى لا تقلقه لتضعها على كفه الملقي امام وجهه و وجهها لتغمض عينيها براحه مناجيه النوم... شعر بلمسات اصابعها الناعمة تحتضن اصابعه بحب قشعر له جسده بحب دفين يولد كل دقيقه و هي قربه! هل يفتح المجال لقلبه ويعطي لنفسه الامل في الحياه بكل انانيه و تهور! انتهي الفلاش باااك...
قاطع تفكيره دخول فهد إلى غرفته، رفع حاجبه بتساؤل وهو يراه يستند إلى الباب عاقدا ذراعيه... -نعم؟! -نعم الله عليك يا ضنايا! -اه انت فايق بقي وعايز تهزر! ابتسم فهد بتهكم ليردف... -لا انا سايبك انت تهزر براحتك ومش عايز اتكلم! عقد محمد حاجبيه بملل قائلا... فهد انا مش بحب الكلام الكتير، عايز ايه انجز! تقدم منه فهد بثقه قائلا... -عايزك تعقل وتفوق بقي يا صاحبي... وقف محمد يعدل ياقته ليردف بملامح جامده...
-انا فايق و زي الفل، شايفني مجنون! -طبعا مجنون! واحد ربنا بيديله السعاده على طبق من دهب وهو لسه بيفكر يوافق ولا ما مايوفقش يبقي اكيد مجنون!. تخطاه بهدوء حاد قائلا... -امشي يا فهد انا مش ناقص الكلام ده دلوقتي! -دلوقتي بس ولا على طول لحد ما تطفش البنت من ايدك.. -حاجه متخصكش! -لا تخصني مش علشان انت صاحبي وبعزك بس، لا عشان خاطر البت الغلبانة اللي تحت دي، انا مش هسمح انك تأذيها بغباءك!
اقترب منه محمد بتهديد ورفع اصبعه بتحذير... -لاخر مره هقولها يا فهد متدخلش بيني وبين جميله، وياريت تركز في مهمتنا دي قد التركيز في حياتي! قاطع حديثهم جميله التي صعدت تري سبب التأخير باستعجال من ماجد... دلفت لتجد محمد وفهد ينظران شزرا إلى بعهم البعض وكأنهم في حاله تأهب للهجوم... ابتلعت ريقها بقلق قائله... -بابا بيقولكم انه اتأخر، في حاجه؟! -مفيش يا جميله!.. قالها فهد ليمر بجوارها إلى الاسفل...
نظرت إلى محمد قائله... -حصل ايه يا محمد! انفجر بها هاتفا بحده... -محصلش حاجه، بطلوا تتدخلوا في حياتي! انتفضت بصدمه لم تتخيل هجومه ليتركها سريعا متجها بغضب إلى اسفل... اخذت تجذب انفاسا هادئة لتمنع نزول دموعها، تعلم من البداية انها ستواجه صعاب معه... لن تبكي وتستسلم الان! ولكن ماذا تفعل كل كلمه تخرج منه تكون كالطعنات إلى قلبها... ابتسمت وهي تتذكر احدي اقول والدتها البديله لا يؤذي القلب الا محبه!
شركه الشناوي... ماجد بحده وهو يتحدث على هاتفه... -دخلي فهد يا عبد الرحمن... اغلق الهاتف وما هي الا ثواني حتى دلف له فهد... -ايوة يا ماجد باشا! -ايه يافهد صاحبك اتجن ولا ايه، انا سامع صوته عمال يشخط وينطر في كل الناس، العميل اللي لسه نازل من عندي بيشتكي يعني ايه رفض يطلعه الدور كله باي حراسه! حاول فهد تهدئته ليقول بهدوء محاولا اقناعه...
-معلش يا ماجد باشا انت عارف ان المهم دي حساسة ودي مش اي مهمه دي بتتعلق بحياة حضرتك، وهو واخد الموضوع بجديه مطلقه! زفر ماجد بتعب قائلا... -والله ما انا عارف افرح ولا اتضايق! اتاهم صوت محمد الغاضب من الخارج ليقذف ماجد بالأوراق بيده... -لااا كده زادت عن حدها هو هيربيني عشان قلت هنزل شغلي ولا ايه! -اهدي بس يا ماجد باشا انا هطلع اكلمه... خرج فهد سريعا ليردف بغضب في اذن محمد... -هدي اللعب ابوك على اخره!
-انا في ساعات عملي يعني مفيش ابويا و ابوك! هز فهد رأسه بقله حيله... -انت قلت الصبح عايز اركز كده انت بتشتت تفكيرك وتفكيرنا كلنا! عقد محمد ذراعيه يطالع عمال صيانه التكيفات والحارس الواقف على رؤوسهم... تنهد فهد ليعقد ذراعيه هو الاخر ويقف بجواره بصمت... سمع محمد صوت المصعد لتضيق عينيه كعادته في انتظار الزائر... دلف احدي موظفيه قائلا للحارس الذي اوقفه... -ماكينه الاكسبريسو مش شغاله ممكن اعمل هنا!
راقبه محمد بحده وهو يري قطره عرق تصب من اسفل شعراته إلى عنقه مختبئة في قميصه وهو يعيد تعديل نظارته بشكل متكرر... لما قد يعرق احد الموظيف والمكيف الرئيسي في برود بالغ منذ الصباح الامر الذي استدعاهم لطلب عمال الصيانة... تحرك محمد نحوه فرمقه الرجل بتوتر قبل ان يسمع صوت معدن يقع بشده واحدي العمال يفترش الارض مصابا... هرع الحارس والجميع لإزاله الغطاء المعدني الثقيل الذي سقط بأعجوبة على جسده...
صرخ فهد بمحمد وهو يساعد العامل مع الحارس... -اتصل بالإسعاف بسرعه! رفع هاتفه يضغط على الارقام سريعا وهو يلقي نظره حوله ليكتشف اختفاء الموظف... نظر حوله بهلع وقلبه ينذره بوجود شيء خاطئ... اغلق الهاتف وهو يصيح بهم... -الراجل اللي كان هنا راح فين؟! رد الحارس بتوتر.. -مش عارف انا اتلهيت! تركهم محمد وهو يجذب سلاحه ويركض عائدا إلى مكتب والده... توقف قلبه لحظه وهو يسمع صوت طلقة نارية... وعلي اعتابه فهد والحارس...
حاول فتح الباب فوجده مغلق اخذ يصدمه بكل جسده هو فهد ثلاث مرات متتاليه بقوه ليردف فهد بحده... -في ريحه شياط!.. ليأتيه صوت الحارس من الخلف... -وفي نور غريب جاي من تحت الباب، المكتب بيولع!.. جز محمد على اسنانه بغضب وهو يشعر بالأدرينالين ينتشر في جسده ليصدم الباب اكثر من مره و معه فهد حتى نخع الباب الخشبي في مواجهتهم ليسقط فوق شعلات ناريه...
رجعوا خطوه إلى الوراء يروا النيران في مواجهتهم ومحمد يضيق نظره محاولا النظر وسط الدخان الاسود... ليري جثمان مستلقي على الارض بجوار الأريكة والباب...
سقط اطار الباب المشتعل... لينقذه من متاهته واعاصير افكاره صوت ماجد من بعيد... -انا كويس يا محمد متقلقش!.. ابتعد خطوتين وفهد يقول بذهول... -انت هتعمل ايه؟!.. لم يجيبه وانطلق كالطلقة يقفز بين شعلات النيران في الوقت الذي جاء به الحارس مع مطفأة الحريق واخذ ينشر البودر في ارجاء المكتب... وجد ماجد يختبئ في حمامه الخاص وبيده مسدسه... -انت كويس يا ماجد باشا!
هز رأسه يستند عليه ليخرج الاثنان معا تاركين الجميع يطفئ الحريق! جثا فهد يلتقط انفاسه بجوارهم ليضحك ماجد بسخريه... -نفسكم اتقطع من شويه الاكشن ده، عيب في حقكم! ليردف فهد بأنفاس مقطوعه وهو يتابع محمد يتجه إلى الرواق مره اخري... -النار دي حصلت ازاي... -الغبي نشن في الاسبوتات (لمبات)، عملت قفله كل الاسبوتات فرقعت و الشراره مع الطلقه نزلت نار على السجاده والورق شعلل في ثواني! هز فهد رأسه بتركيز...
-الحمدلله، اعتقد كده اكتفيت وتسمع كلام محمد شويه ومش هنخرج من الفيلا لحد ما نعرف مين ورا الحكايه دي! دلف محمد بغضب... -عمال الصيانه اختفوا زي ما توقعت كانت لعبه ولعبه مش سهله! وكأن ممدوح مسؤول التحريات والبحث في فريقه سمعه ليطلق الهاتف رنين معلنا عن وصول مكالمه... -الو... ابتسم بتهكم... -طبعا في الحكاوي ابطال لكن نشتغل ونركز مفيش... توقف عن حديث وهو ينتصت بتأني ليردف بهدوء...
-تمام انا جاي حالا، الفيلا يا ممدوح زود الحراسة عليها، هرجع ماجد بااشا و هكون في طريقي لوكيل النيابة، تمام بلغهم باللي حصل واطلب معاينه وفي جثه منهم جوا! قال فهد بتساؤل عندما اغلق الهاتف... -في ايه؟! -عرفوا المفتاح، طلع خزنه في محطه القطر! ليردف ماجد سريعا وهو يقف بحده لا يزال السلاح بيده... -طيب ومستنين ايه يلا بينا بسرعه! رمش محمد بهدوء قبل ان يردف...
-بينا على فين يا باشا، حضرتك وفهد هتروحوا الفيلا، ومن هنا ورايح انا او فهد واحد منا هيكون زي ضلك، الناس دي قادره! زفر ماجد ولم يجادل... في اقل من نصف ساعه وصلوا إلى المنزل ليجدا حياه و جميله يضحكان وهما يتفحصان احدي المجلات، انتفضا بذعر عندما لاحظا هيئتهم... -ايه اللي حصل؟! قالت جميله و حياه في نفس الوقت، لتمسك حياه بذراع فهد بخوف تتفحص وجهه...
بينما وقف محمد بعيدا يتحدث في الهاتف، وجميله تتجه له بذعر تمسك بذراعه توقف تجوله وهو يتحدث ونظرت له بقلق وخوف بالغ... هز محمد رأسه يطمئنها ليقطع اتصاله عندما استمرت دموعها في التساقط... -مفيش حاجه يا جميله ممكن تهدي! وصل إلى اذانها سرد فهد لما حدث بالشركه والحريق، لتعض على شفتيها برعب قائله... -انت متبهدل اوي... قاطعها محمد بشيء من الضيق كم يكره دموعها تلك خاصا عندما يعجز عن اسكاتها...
-خلاص يا جميله قلتلك متعيطيش، انا لازم امشي دلوقتي... -اطلع استحمي طيب وغير هدومك! ليأتيه صوت ماجد الحاد... -اسمع الكلام مره في حياتك متتعبناش! زفر بحنق لم يرغب في مقاطعه تفكيره وحبال افكاره الان قائلا... -حاضر! صعد سريعا لتتجه جميله ببطء نحوهم وتمسك حياه يدها وكأنها تواسيها مبتسمه نصف ابتسامه... حاول ماجد تخفيف الموقف بمرح تعلمه فقط منذ دخولها إلى حياتهم...
-الله محدش هيسألني يعني ضربته قبل ما يضربني ازاي؟! نظرت له جميله وافكارها معلقه بالقاسي عديم الرحمة في الأعلى لتصبح مشتتة لا تعلم ايريد حبها ام لا! لتردف بصوت به كسره حزينه -فعلا ازاي! ربت ماجد على كتفها محاولا تجاهل حزنها لينسيها اياه وهو يسرد يطريقه سينمائيه قائلا...
-سمعت دربكة واصوات عالية قلقت فتحت درج المكتب اجيب سلاحي احتياطي ولسه بقوم من على المكتب لقيت حد معرفوش دخل بسرعه وقفل الباب، لسه هنطق لقيته بيلف وفي ايديه مسدس كاتم صوت، مسمتش عليه طبعا وضربته على طول! ضحك فهد وهو يرى هذا الجانب المرح لأول مره منذ معرفته به ليردف مساعدا بفخر... -لا وايه من اول طلقه! قالها فهد ليرد عليه ماجد بسرعه... -انا عجوز اه بس صايع قديم، مخدتش شاره اللواء من فراغ!
نظرت له حياه بضحك يشوبها الارتباك، فمعرفتها بموت شخص لا يزال يصيبها بالقشعريرة... نظرت لزوجها بتأني ولاحظ عضلات جسده المشنجة برغم الابتسامة المعلقة على وجهه... انتقلت بأبصارها إلى ماجد الضاحك لتشعر بقسمات وجهه وشفتيه المرتفعة تحاول النزول مع الجاذبية... شعرت بغصة لا شك انهم يعانوا مما يمرون به كل ليله ولكنهم اجادوا اخفاءه!
التقت عيونها المشفقة بعيون جميله الحزينة الواعية والتي ترسم ابتسامه ضعيفة على وجهها... رأت حياه تمد اصابعها تؤازر فهد الذي نظر لها بتعجب انتهي بعد لحظه ليبتسم لها بحب وحزن خفي... هزت جميله رأسها ترغب في الإفاقة مما يحدث حولها وشعرت بحاجه محمد لها... -انا هطلع اطمن على محمد! اراد ماجد الرفض ففي هذه اللحظات يميل الرجال وخاصا محمد إلى الانعزال والتركيز، ولم يرغب في اعطاءه فرصه لجرحها واحزانها...
ولكنها لم تنتظر وانطلقت بخطوات سريعة إلى اعلي... نظر ماجد إلى فهد ليقف وهو يستند على ساقيه... -طيب انا هدخل اوضتي عايزين حاجه... -لا يا باشا وانا كمان هطلع اغير و كده وانزلك تاني! -لو حابب تستريح يا فهد معنديش مشكله، انا قاعد في مكتبي! ابتسم فهد قائلا... -ارتاح من ايه بس هو انت خليتنا نعمل ايه احنا يادوبك فنشنا...
ابتسم ماجد لينتقل بصره منه إلى حياه الممسكة به وكأنه كل حياتها ليعطيها ابتسامه محبه خفيفة وهو يتمني لهم الخير والدوام ويدعوا الله من كل قلبه ان يلين قلب ابنه المغيم بالضباب الاسود وينير طريقه إلى الحب في هذه الحياه!
وقف محمد تحت سيلان الماء البارد على رأسه مرورا بكل جسده وهو يستند بذراعيه على الحائط امامه ويدير رأسه من اليسار إلى اليمين ويتمني لو يتخلل هذا الماء داخله ويزيل كل افكاره... اخذ يفكر في هذا الشخص الذي يحاول سلبه والده ويتوعد داخله انه لن يتوقف حتى يقبض عليه بيديه ويا حبذا لو انتشل روحه تلك... لتستدير عجله افكاره إلى جميله ونظراتها المرتعبة اليوم...
كان منغمس في نفسه واهوائه وظن انه الوحيد المتأذى من هذه الحياه، بالفعل كان قد تناسي كل ما يقيده عنها ويترك لنفسه عنان حبها... دون مراعاه بانها مثله تماما تبحث عن استقرار انعدم من حياتها منذ الصغر، تبحث عن اطمئنان و أمان لن يستطيع هو توفيره لها ابدا، وهو معرض في كل لحظه بعمله بالإصابة او الموت في احدي مهامه!
اغلق الماء و احاط منشفه على نصفه السفلي متجها إلى الخارج، وجد جميله تجلس على الفراش تمسك كلتا يداها امامها و تنظر إلى فراغ بحزن، لتفيق سريعا وتقف ناظره له بلهفه... فتحت عيناها بارتباك انتهي سريعا لتزداد عينيها اتساعا بخضه وهي تري ذلك اللون الازرق الغاضب يغطي معظم جانبه الأيمن... -ايه ده؟ وجهه نظرة لما تشير وابتسم بتهكم فهو لم يلاحظ وجودها من الاساس يكفيه آلامه الداخلية لتنسيه آلام جسده...
لم تعطيه جميله فرصه الإجابة وانطلقت نحوه تلامسها بأطراف اصابعها... جز على اسنانه فحتي في ابشع لحظاته، لمساتها الرقيقة كفيله بإشعال جام جسده و التحكم فيه... سعل بخفه وهو يبعد كفها الصغير الذي غرق في كفه الكبير قائلا... -متقلقيش دي كدمه!
ابتعد من امامه و لاحظت جميله انه لا يلتقي بعيونها فحاولت تجاهل الامر بانه مجرد خيال رافضة ذلك الشعور السيء داخلها بانه يبعدها عنه فهي ليست قويه اطلاقا كما تخبرها حياه هي اضعف من ذلك بكثير، وحده يستطيع تحطيمها إلى اشلاء بأقل حركه!.. اتبعته بقلق لتردف... -طيب ثواني هجيب مرهم مسكن للالم... -لا انا مش حاسس بيه اساسا! عقدت حاجبيها ليزداد قلقها... -يعني ايه مش حاسس بيه، كده مش طبيعي انا لازم اجبلك دكتور!
اوقف تقدمها من الهاتف قائلا بضيق... -خلاص يا جميله قلت مفيش حاجه، انزلي انتي متشغليش بالك بيا! اخرج ملابسه ليلقيها بإهمال على الفراش ليجدها اختفت من امامه... ارتدا ملابسه الداخلية والجينز ليجدها خارجه من الحمام الخاص بمرهم ملطف... امسكت التي شيرت من يده تلقيه بإهمال قبل ان تجلس على الفراش وتجذبه ليقف امامها...
ارتعش قلبه وهو يراها تلطف جراحه باهتمام بالغ ورفق، كيف سيتحمل بعادها عنه؟، سيعود ظلال رجل كما في السابق! ارتفعت انظارها لتلتقي عيونهم وكأنها سمعته وتتوسل اليه بعدم الابتعاد ليلعق شفتيه بتوتر خفي وينظر بعيدا... زمت شفتيها وهي تستشعر قرب دموعها، لتردف باستسلام... -انا تعبت يا محمد؟! اعاد نظره لها بعدم فهم ليردف... -من ايه؟ -من اللي بتعمله ده!
لم يجيبها رافضا الخوض في هذا الامر محاولا التحرك بعيدا لكنها استمرت ضاغطه وهي تمسك بيده... -انت كل حاجه في حياتي، انت عارف كده كويس اكتر من اي حد، انا مفيش ليا حد غيرك، كفايه بعاد كده! اغمض عينيه وشعر بغصة تقف في حلقه على صوتها المنكسر ليردف بجمود... -انا منفعش أكون حياة حد يا جميله، لازم تفهمي كده عشان متتعبيش... اطرقت رأسها لتردف بعناد... -لا انت حياتي يا محمد!.
وقفت امامه تنظر إلى عيونه المتهربة لتردف بإصرار مقررة اظهار كل اوراقها... -انا بحبك ؛ من صغري وانا بحبك، واكيد باين اوي اني بحارب عشان الحب ده! نفض يده بشده وكل جسده يقشعر من اعترافها وقلبه ينبص ويعتصر في ان واحد من قراره ليردف بحده... -ده مش حب، انتي بس متعلقة بيا عشان كنا صغيرين ومتربين سوا! ليأتيه صوتها العالي نسبيا...
-لا حب يا محمد، حب وانت متأكد من كده، بس انا خلاص تعبت، انت بتحبني ولا لا؟!، كل اللي حصل بينا اليومين اللي فاته اداني امل وقلت بيحبني عشان ترجع تاني تنزل بيا الارض واقول مش بيحبني! رفض الإجابة وهو يرتدي باقي ملابسه بسرعه ولكنها هزت رأسها بعنف لتردف بحده وهي تبكي.. -بتحبني ولا لا! القي ما بيده بحده وهو يستدير نحوها ليجدها على بعد خطوة منه قائلا بحده مماثله... -ايوة بحبك، بحبك يا جميله...
كادت ان ترتسم ابتسامه على شفتيها ولكنها توقفت وهي تستمع إلى جملته التاليه... -بحبك بس احنا مينفعش نكون لبعض... ارتعشت شفتاها بحزن وهي تطرق رأسها مستسلمه لدموعها... -عشان لقيطه مش كده! تسمر مكانه بصدمه ليجذبها من خلف عنقها بغيظ يجبرها على النظر اليه قائلا... -انتي اتجنيتي؟، متقوليش على نفسك كده، انا عمري و لو للحظه واحده جه الكلام الفارغ ده في بالي!.. دفعته بعيدا عنها بغضب..
-هي دي الحقيقة انا كنت بحاول اخدع نفسي واقول انك غير!، لكن انت اكتر حد عشت معايا وعارف اني اترميت من وانا في اللفة في الدار لاني بنت ح... اقترب منها يضمها وهي تقاومه ليشد قبضته على فكها يجبرها على النظر اليه قائلا بحده... -انتي مجنونه! انا هعتبر نفسي مسمعتش الكلام المتخلف ده وحسك عينك اسمعك تقولي على نفسك كده! ابعدت يده من حول فكها لتقول من بين اسنانها... -اومال مش عايزني ليه!
-عشان انتي محتاجه حد احسن مني، انتي عايزة استقرار و حب و سعادة وانا مقدرش احرمك من ده كله... -بس انا بعيش كل ده معاك! هز رأسه بعنف لتأتيه مكالمه على هاتفه ظل يحيطها اليه بذراع وبالأخرى وضع الهاتف على اذنه... -الو... صمت لحظه وهو يغمض عينيه يناجي تركيزه المشتت ليردف... -حاضر انا جاي على طول، مع السلامه... زفرت جميله باختناق لتفاجئه باحتضانها اليه و دفن وجهها في صدره، ليلتف ذراعه حولها دون تفكير...
مرت ثواني مرت كالسنوات بينهم لتبعد رأسها وهي تنظر اليه بإصرار وثقه قائله بخفوت... -الخيار في ايدك ولو مش هتكمل، دي حريتك، انا هاخد حاجتي وارجع بيتي تاني و... قاطعها بحده... -مش هتروحي حته يا جميله، الوقت مش مناسب للكلام ده كله... هزت رأسها وهي تبعد جسدها بالقوة عن ذراعيه لتردف برأس مرفوع... -تمام اكيد المهمة هيجي عليها يوم وتنتهي وساعتها كل حاجه هتكون انتهت!
نظرت لعيونه الغاضبة نظره ذات معني قيل ان تتركه وتخرج من الغرفة... جذب خضلات شعره بحده، هذا ما كان ينقصه الان، عنادها!
انصرف محمد بعد ان ابلغ ماجد ولاحظ تجاهل جميله التام له... وقف مع زميله يبحثان عن رقم الخزنه المتفقه مع المفتاح في يدهم... ليصلوا اليها في النهايه، ارتسمت ابتسامه واسعه على وجهه وبرقت عيناه عندما رأي كل الاوراق والشرائط المسجلة بالداخل... تم تجميع كل الأدلة والانتقال إلى مقر الشرطة...
مرت ساعات طويله ليكتشفوا ان كل ما بأيديهم يوقع سامح الموظف السابق لديهم بكونه الذراع الايمن لاحد رجال الاعمال الذي ذكر اسمه مره الا ان الأدلة لا تكفي للقبض عليه! فكل التسجيلات اوامر يطلقها سامح لرجالهم، ومنها الاوامر باختطاف جميله او قتل ماجد! جلس محمد يفكر بتأني مع زملائه ليردف بحده... -كده المكان اللي مستخبي في ايدينا، هنقبض عليه امتي! -بعتنا طلب وهيجلنا اذن المداهمه بالكتير الصبح!
ليردف محمد بذهول... -احنا لسه هنستني للصبح! -يا محمد باشا انت فاهم الحاجات دي والبروتوكول ؛ حضرتك تقدر تروح دلوقتي وكل حاجه هتكون تحت السيطرة! -عايز اكون في المداهمه... -بلاش الافضل انك ماتفارقش ماجد باشا، لان التهديد عليه كبير ومهمتك انك تحافظ عليها ؛ بس تقدر تيجي معانا لما يترحل...
هز راسه بالموافقة وقرر الذهاب وعدم التدخل اكثر خاصا وهو يشعر باقتراب وقوع ذلك الناجي علوان الذي لم يستمع لاسمه من قبل وقرر سؤال ماجد عنه...
في فيلا الشناووي... دلف ليجدهم جميعهم في انتظاره، رمق جميله التي لم تعطيه اي اهتمام منشغله بأحدي المجلات مع حياه... ليردف فهد بترقب... -هاه عملتوا ايه! -ساعات ويقبضوا عليه!.. اتسعت عين حياه لتسأل... -لقيتوا المجرم! -اه عرفنا مين، بس لسه ملقناش دليل قاطع عليه، كبير اوي في الدولة و عنده حصانه! توجه بنظره إلى ماجد ليردف بهدوء وتأني.. -مين ناجي علوان ده وعايز ايه منك!
عقد ماجد حاجبيه يتذكر ذلك المجنون من ثلاث سنوات وهو يهتف بغضب ويتوعد قتله! تنهد ماجد وهو يهز رأسه ويجلس على مقعده قائلا... -راجل غبي، مفيش فايدة فيه، بينفذ تهديداته التافهة! ليقاطعه فهد هذه المره قائلا... -عمل ايه؟! -مش هو اللي عمل ابنه كان جاسوس تبع الدولة هنا وكان معاه جنسيه الدولة التانيه بس بعد كده اكتشفنا انه جاسوس مزدوج... نظر إلى محمد العاقد ذراعيه بغضب، ليستكمل...
-بس هو قال لو اتحميت فيهم مش هيقدروا يعملولي حاجه وفعلا مكنش ينفع يلجئ بجنسيته التانيه لينا و نأذيه، وبما اننا اكبر شركه حراسه طلب ان الحراسة تكون من عندنا خاف يكون الحرس تبع الحكومه صرف تخلص عليه... ابتلع ريقه وهو يهز رأسه...
-بس للاسف ؛ الدولة التانيه قررت تتخلص منه و زي اي حد في الدنيا الشركة وقعت في المهمة دي مفيش حد كامل، وبالفعل قدرت الدولة دي تسم المايه اللي كان بيشربها مع انها كانت بتوصل في صندوق مبرشم... قاطعه محمد ليردف... -انا مش عايز اعرف ابنه ؛ انا عايز اعرف هو عمل ايه و اعرف ليه متقوليش حاجه زي دي؟! زفر ماجد بحنق ليردف بحزم... -انا مش مجبر اني احكيلك كل حاجه في حياتي انا ابوك مش العكس...
ليردف محمد بين اسنانه... -في شغلنا ده مفيش اب وابن كان المفروض بصفتي الضابط المسؤول بحمايتك اني اعرف ان في حد بيهددك و ان تهديداته مش تافهة ولا حاجه ده قدر يخترق حراستنا مرتين! وقف ماجد بحده قائلا... -اتكلم عدل يا ولد يا انا مش هحكي اي حاجه!.. تدخل فهد يمسك محمد ليسكته ليقول لماجد... -معلش يا باشا هو قلقان بس، كمل بعد اذنك! جلس ماجد بحنق مره اخري...
-بس كده الولد مات وابوه اللي هو ناجي علوان رجل اعمال كبير اوي في البلد، اتهمني اني تواطأت مع حكومتنا عشان نتخلص من ابنه! لتردف حياه ببراءة... -يعني مش الدولة اللي قتلته غريبه، المفروض كانت تخلص عليه مش تحميه ده جاسوس خاين! ليردف ماجد بتأكيد..
-لا الدولة كانت محتاجه خيط عشان تضغط على الدولة التانيه ومتفضحهاش لأننا كشفنا انه عميل مزدوج الاول هما خدوا وقت ولما عرفوا قرروا يتخلصوا منه فورا عشان كده لجأ لينا بكل قرفه وزبالته!.. لتردف جميله بذهول... -انا مش مصدقه ان ممكن حد يخون بلده! ليستكمل فهد بتهكم...
-هما مش شايفين كده واللي يغيظك انه غني، انا اعرف ناس طول ماهي قاعده تسب البلد ويشتكوا منها والمشكله فيهم هما، ناس ضعيفه كلها يأس معندهاش امل، لكن تيجي في الجد تلاقيهم هما اول ناس بيدافعوا عن اسم بلادهم وبيندموا على كل كلمه وحشه اتقالت على بلدهم! ليقاطعم محمد بحده... -وبعدين كمل حضرتك! رمقه ماجد بتحذير ليردف... -هددني استريحت وقف في الشركة يهدد و يتوعد انه هينتقم لابنه!
جز محمد على اسنانه بغضب وصدره يعلو و يهبط من شده انفاسه قائلا... -وحضرتك مفتكرتش تقولي الكلام ده قبل كده! تدخلت جميله هذه المره لتردف بحده... -الله في ايه يا محمد، اكيد نسي يعني انت بت... قاطعها محمد بحده قائلا بصوت عالي نسبيا.. -جميله لو سمحتي حاجه متخصكيش! عقدت حياه حاجبيها لتردف بعيون مشتعلة... -انت بتزعقلها ليه! ليردف فهد سريعا بحده... -متدخليش انتي يا حياه...
انتقلت انظارها الغاضبة إلى زوجها الذي ينظر لها بحده لتردف جميله قبل ان يشتعل الحوار... -خلاص يا حياه هو عنده حق... نظرت بحده إلى محمد لتردف... -هي فعلا حاجه ماتخصنيش... ضيق عينيه اكثر مستعد للمشاحنة اذا نطقت بما يظنه ستنطق به ولكنها فاجئتهم بصعودها إلى غرفتهم... هز ماجد رأسه بخيبة امل ليرفع اصبعه في وجهه... -غبي، حقيقي اغبي انسان في العالم! رمي ذراعيه في الهواء بقله حيله قبل ان يتجه إلى غرفته!
نظرت حياه إلى فهد بحده قبل ان تبتعد صامته إلى غرفتهم بالأعلى... بقي فهد ومحمد وحدهم ليوجه فهد حديثه اليه... -انت اللي بتخسر يا محمد!.. -تاني يا فهد! -محمد انت اخويا، انا خايف عليك، انت بتخرب حياتك بأيدك وانا مش عارف اعمل حاجه!.. زفر محمد بحنق ليردف... -متعملش حاجه انا طالع انام!.. تركه ليصعد وعقله مشغول بفتاته العنيدة التي تصر على افقاده عقله...
دائما ما يرتبط وجودها بألم داخله في البداية كان الم تركها لحمايتها من لعنه تحل على محبيه وعندما يستسلم لقدره، يظهر الم اخر بأنانيتة وسلبها استقرار تستحقه... وكأن القدر يتفنن بعطائه سلبيات وتحذيرات تنهيه عن الاستمرار في تلك العلاقة! ولكن شيء بداخله يرفض الابتعاد و يحن إلى وجودها بقربه دائما فقد صارت كالإدمان في جسده، تطالب بها عينيه و روحه دائما!
دلف فوجدها نائمه وتضع الغطاء على رأسها متظاهرة بالنوم... تنهد وتوجه يأخذ حماما باردا قبل يخرج و يتجه إلى النوم بجوارها... التفت اليه بحده قائله... -انت بتعمل ايه ان شاء الله؟! -هتشمس شويه عشان الشمس حلوة اوي هنا! قالها وهو يستلقي ويضع الغطاء... -ده استظراف بقي! -سيبني انام يا جميلو بكره يوم صعب وعايز ارتاح!.. زفرت بحنق وغطت رأسها مره اخري متحايله على النوم... مرت اكثر من ساعتين وفشل كلاهم في النوم...
فتح عينيه بقله حيله وادار رأسه اليها فوجدها تعطيه ظهرها وهي غارقه في النوم، تنحنح بخفوت واقترب منها بهدوء تام... شعرت جميله به يقترب وقررت استكمال تمثيلها والتظاهر بالنوم غير قادره على التحكم في دقات قلبها البائس الذي يدق له مستسلما حتى بعد ما حدث! شعرت بشفتيه تقبل شعر رأسها من الخلف قبل ان تحيطها ذراعه القوية وتقربها من احضانه...
حبست انفاسها للحظات بتوتر ولكنه لم يتحرك بعدها، شعرت بيده تثقل عليها لتتأكد انه خلد للنوم! ابتسمت رغما عنها فحتي في عناده لا يستطيع التخلي عنها، زادت ابتسامتها بأمل لتضيق عينيها بخطه جديده ستلجأ لها... فان كانت قد فشلت في استعادته بقربها فلا بد ان بعادها و تجاهلها له سيكون افضل وسيله لاستعادته... حان الوقت لحرمانه مما تركته بسذاجة يذوق!
في مكان اخر... وضع ناجي كلا كفيه على رأسه بحسره قائلا لسامح... -فشل، بردو فشل، كل مره بتفشلوا! -يافندم انا مش فاهم هو بينجي ازاي من كل هجوم والتاني! انتفض هاتفا بغضب... -عشان كلكم اغبيه! تنحنح سامح قائلا بخفوت... -بس يافندم دي كانت خطتك! صوت صفعه مدويه انتشر في ارجاء المكان ليقف سامح مشدوها ممسكا بوجنته، لينظر له ناجي بعيون مشتعله...
-لكن انتو اللي نفذتهم، بس خلاص المره دي انا جبت اخري انا اللي هخطط وانا اللي هنفذ!.. رمي بجسده بحده على مقعد مكتبه يشعل السيجار الخاص به قائلا بعد عده نفخات منه... -تعمل تلفون لكل الرجاله عايزهم يتجمعوا عندي بكره بليل! تمالك سامح نفسه واهانته ليردف بتساؤل... -مش في المكان بتاعنا! -لا يا سامح في فيلتي، عشان الخطة والتنفيذ هيتم فورا من هناك... عقد سامح حاجبيه ليردف... -حضرتك ناوي على ايه...
نظر له ناجي باشمئزاز ليردف... -بكره هتعرف، اتفضل غور من قدامي! زفر سامح تحت انفاسه ليبتعد إلى الباب متجها إلى مكان اختباءه ذلك المكان الذي يدير منه كل اعماله المشؤومة...
فيلا الشناوي في اليوم التالي... ظل فهد يجوب المكان منذ الصباح بقلق ينظر إلى هاتف محمد الموضوع على المكتب كل ثلاث ثواني... ليردف محمد بغيظ... -يا اخي اقعد بقي خيلتني! -اتأخروا اوي، انت ازاي مش قلقان كده! هز محمد رأسه بقله صبر قائلا... -متقلقش زمانهم مسكوه... -انا قلقان يكون هرب! -يوووه اسكت بقي يافهد انا مش ناقص... وقف متجها إلى المطبخ ليهتف فهد بتعجب... -انت رايح فين؟! -رايح اعمل قهوه! ايه في مشكله؟!
-لا روح يا خويا! زفر محمد ودلف ليقف لحظه وهو يري جميله تتنقل تطهو الطعام... سعل بخفه فتوقف اقل من ثانيه لتعيد حركتها متجاهله وجوده تماما... شعر بحنق و غضب يكوي داخله من تجاهلها هذا... ولكن لماذا الم تكن تلك رغبته! وقف بجوارها فابتعدت سريعا، توجه إلى رف العلب بقربها فزفرت وحملت ما بيدها إلى الجانب الاخر... خرجت منه ضحكه غيظ ليردف بحده... -في ايه بالظبط!
نظرت له بطرف عينها بتكبر و لم تجيبه، زاد غضبه فاتجه نحوها وحينما حاولت تكرار ابتعادها امسكها بحده يقربها اليه! -ايه ده انت اتجننت؟! -انا اللي اتجننت، ممكن افهم انتي مالك ؛ بتعملي ليه كده! حاولت نفض ذراعها فزمت شفتيها عندما فشلت و نظرت له بشراره قائله... -بعمل ايه بالظبط؟! -جميله، متلفيش و تدوري ؛ انا كل ما ادخل مكان تطلعي منه و لو وقفت جنبك بتبعدي، هو انا هكلك لا سمح الله!