logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:50 صباحاً   [25]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس والعشرون

كان ثلاثتهم يجلسون على الأرائك حول التلفاز يشاهدونه في صمت، فقالت عزة تقطع الصمت:
-زينة حبيبتي مش عايزاكي تزعلي منى، ده بيكون غصب عني
أبتسمت زينة في وجهها لتردف بحب:
-لا يا عزة ولا يهمك عادي، معتصم كان قالي على حالتك قبل ما تيجي أتطمني، و سوري على اللي عملته فيكي ده
هزت عزة رأسها بصمت بينما عادت زينة تجلس و معتصم يحاوط كتفها بذراعه و يداعب خصلاتها، فقالت عزة من جديد:.

-ما تغني يا معتصم، بقالي كتير أوي مسمعتش صوتك بتغني
نظرت زينة الي معتصم بتعجب و سألته:
-هو أنت بتغني يا معتصم؟
إبتسامة نصر من عزة لاحظها معتصم، فهي تريد أثبات أن زينة لا تعلم الكثير عن معتصم و سيسبب هذا ضيق كبير لها، فنظر لها بحدة و سرعان ما عادت ملامحها الخائفة من جديد، بينما يربت معتصم على خصلات زينة مردفاً:
-الكلام ده كان من زمان يا حبيبتي، انا مبقتش بغني و مش هغني.

نطق كلمته الأخيرة لينظر الي عزة التي أومأت برأسها في صمت، بينما نطق معتصم و هو ينظر نحو زينة بإهتمام و عشق مردفاً:
-هتعملي أيه في الرواية بتاعتك؟
-هراجعها تاني و أشوف لو فيه أخطاء إملائية أو نحوية و هظبطها، هتاخد معايا كام يوم و بعدين هقدمها لدار نشر كويسة و هنستني فترة لحد ما يردوا
لثم جبينها برفق و أردف:
-ربنا معاكي يا حبيبتي
كانت عزة تجلس في صمت و تحاول فهم ما يحدث إلي ان أردفت بغموض:.

-هو أنتي لما بتكوني قاعدة على اللاب كتير كده بتكوني بتكتبي رواية؟
هزت زينة رأسها في صمت، فعادت عزة تسأل بفضول:
-و دي أول رواية ولا فيه غيرها؟
رفعت زينة حاجبيها بتعجب و لكنها أجابت:
-لا أول رواية؟ فيه حاجة؟
تدراكت عزة فضولها سريعاً و هزت رأسها مع إبتسامة مردفة:
-أصلي بحب القراءة فكنت بسأل لو فيه حاجة تانية كتبتيها قبل كده أقرأها
-لا للأسف مفيش.

و صمتت زينة و صمتت معها عزة، و بقي الثلاثة يتابعان التلفاز بينما معتصم يداعب زينة و صغيره بداخلها، فأردف معتصم:
-تفتكري بنوتة ولا ولد؟
-حساه ولد، و أنت؟
هز معتصم رأسه بالنفي و هو يمرر يده على بطنها بحب:
-لا أنا حاسس انها بنوتة، عارف أن احساس الأم في العادي بيكون الأصح و الأقوي، بس حاجة غريبة جوايا بتقولي أنها هتكون بنت، و هتاخد كل حاجة منك
وضعت زينة يدها على وجنة معتصم لتردف بحب:.

-بس اللي أعرفه ان الحامل لما بتبص على حد كتير البيبي بيطلع شبهه، فأنا كنت بسيبك تنام و أبصلك، فأعتقد هيطلع شبهك أنت
أرتفع صوت عزة لتقاطع لحظتهم الرائعة بغيظ دفنته بداخل عيناها لتقول:
-طب ما تيجو نخرج بدل ما أحنا قاعدين كده، انا مخرجتش تقريباً من ساعة ما جيت هنا
هز معتصم رأسه بالنفي مجيباً:
-لا مش هينفع، زينة تعبانة و يا دوب بتروح الشغل و ترجع بالعافية و النهاردة أجازة خليها ترتاح.

سرعان من تذكرت زينة ذلك المدعو بسيف الذي أمسك بيدها، أبتسمت بسخرية و هي تتذكر ذلك المقال الذي أحضرته في نفس اليوم لأستاذ عادل و أخبرته ان ينشره و أن هذه هي حقيقته و بعد محاولات إقناع دامت لنهاية اليوم وافق على نشره بعد يومين، و هي في إنتظار نشر المقال غداً بفارغ الصبر..
ألتفتت إلي معتصم الذي ينظر لها بتعجب، و سألها:
-كنتي سرحانة في أيه؟

ضغطت على شفتها السفلي بتسلية و هي ترفع حاجبيها بمشاكسة، فأسند معتصم ذراعه على ظهر الأريكة ليسأل بفضول:
-عملتي مصيبة أيه جديدة؟
-زي ما قولتلك أتنقلت لقسم تاني في الجريدة بعيداً عن أي خطر و كان عندي مقابلة مع رجل أعمال أسمه سيف رشدي، و روحت أسأله على كام حاجة، و طلع واحد مش محترم فقولت أربيه و أعرفه يبقي محترم إزاي
عقد معتصم حاجبيه بغضب و سألها:
-مش محترم إزاي؟

-كان لسانه فالت شوية بس متقلقش، و بعدين أنت وراك راجل متعصبش نفسك
ثم أردفت بسرعة محاولة تغيير الموضوع:
-أمبارح لما أتصلت كتير بسيادتك و أنت مردتش كنت عايزاك تيجي معايا عند الدكتورة زي ما أتفقنا، فروحت انا لوحدي و طمنتني على البيبي و كتبتلي أدوية علشان تقلل من تعبي شوية
غلغل معتصم أنامله بداخل خصلاتها ليردف بأسف:
-متزعليش منى على اللي حصل إمبارح، و إن شاء الله هاجي معاكي المرة الجاية.

هزت رأسها مع إبتسامة جميلة لتتابع التلفاز من جديد في صمت بينما تتابعهم عزة بعيون تمتلأ بالشر بعد أن وجدت أخيراً ما ستفعله، إن لم تصل لمعتصم ستحرص على هدم سعادتهم تلك، فأردفت اخيراً:
-أنا هلبس و هنزل شوية أتمشي

جلس هذا الشاب الأسمر على مقعد وثير و ملامحه خالية من أي تعبير، و يقف أمامه رجل آخر يضع يديه أمامه بينما يخفض رأسه للأسفل مردفاً باللغة الهندية:.

-سيدي، سيستغرق الأمر عدة أيام حتى نعرف من هم، أنت تعلم أن رجال الشرطة المصرية أزالوا أي سجلات بأسم الواقعة و كأنها لم تكن يوماً
-أسرعوا إذاً قبل أن تنتهي رحلتي هنا، خلال يومان فقط يجب أن تكون كل المعلومات عن هؤلاء الخمسة أمامي و إلا فأستسلموا لمصير أبشع من الموت
-كما تأمر سيدي يوراج
-انصرف.

أنصرف الرجل بينما بقي الآخر يجلس على مقعده و هو يتذكر أخيه الكبير الذي أنتهي به المطاف مختفي و كان موقعه الآخير واشنطن، لو لم يكن يعلم عن خطته بالسيطرة على العالم لقال أنه ذهب في رحلة طويلة كعادته، و لكنه أخبره عن خطته مع الآخرين، و لقد صادف أختفائهم جميعاً عدا ألفريد الذي امسكت به المخابرات الأمريكية و أصبح أسير لديها منذ ذلك الحين، أما الباقيين فأختفوا تماماً، و بعد محاولات عديدة للوصول إلي مكانهم علم أن المخابرات المصرية تدخلت في الأمر، بل و علم أن من قاموا بإختطافهم خمسة ضباط، أربعة رجال و أمراة، و سيحصل لهم عاجلاً ام أجلاً سيفعل، و سيستعيد منهم أخيه أو فليتعفنوا في جحيمه الذي سيعيشون لحظاته كأنه دهر كامل و لن يجدوا من ينقذهم أو يشفع لهم..

هكذا توعد لهم بداخله قبل أن يقف متوجهاً نحو زجاجة نبيذ عتيقة يرجع تاريخها لعام 1866 ميلادياً و قال بلهجة ساخرة:
-سأستمتع بها و أنا أشاهدكم تتعذبون أيها الأغبياء

في الصباح التالي
دخلت المساعدة الي مكتبه بتوتر و دون أن تطرق الباب و هي تمسك بجريدة في يدها مردفة:
-ألحق يا مستر سيف، فيه مصيبة
أنتفض سيف عن مقعده بتوتر و سألها:
-مصيبة أيه أنطقي
قدمت له الجريدة لتقول بأسف:.

-الصحفية اللي كانت هنا و عملت معاك أنترفيو نزلت مقالها
ألتقط منها الجريدة بسرعة و بدأ في قرائتها و عيناه تشعان بالغضب و لقد صورت عدة كلمات منها: زير نساء – منحرف – متحرش – يعمل بطرق غير مشروعة – فاسد
صرخ بغضب و هو يلقي بالجريدة في وجه المساعدة:
-يا بنت الـ، أطلبيلي أستاذ أحمد المحامي، و هاتيلي رقم الحيوانة دي و وصليني بالجريدة
-حاضر يا فندم.

تركته لتغادر المكان بسرعة فهي تعلم ماذا سيفعل عندما سيغضب و سيكسر المكتب بأكمله فوق رأسها و لن يهدأ، و لقد فعل ما أن ذهبت حتى أمسك بطاولة مكتبه ليقلبها الي الجانب الآخر و بدأ بتكسير كل التحف الفنية و هو يتوعد لزينة بأشد عقاب، رن هاتف مكتبه ليرفعه الي أذنه و لقد كان عادل، فأردف سيف بجنون:.

-أيه الجنان اللي مكتوب ده؟ مين سمح للحيوانة دي تنشر حاجة زي دي، أنا هوديكم في داهية كلكم و هرفع عليكم قضية و هقفل الجريدة دي
-كنت رافض في الأول لحد ما جابت كل الأثباتات و الدلائل على كلامها و وقتها كان لازم أنشر، و لو حضرتك رفعت قضية فعلاً فأنت الشخص الوحيد اللي هيكون خسران مش هي، عايز ترفع قضية أتفضل بس احنا منشرناش غير الحقيقة، و دلوقتي عن أذنك مضطر أقفل.

أغلق عادل المكالمة ليصرخ سيف من جديد و هو يحطم الهاتف في الأرض، ثم دخلت المساعدة و في يدها ورقة مردفة بخوف:
-رقم الصحفية يا فندم
ألتقط منها الورقة بسرعة و أخرج هاتفه من جاكيته لينقر عليه عدة مرات قبل أن يضعه على أذنه، و ما ان أجابت زينة حتى صرخ بها:
-وحياة أمي ما هسيبك و هتندمي على المقال اللي كتبتيه ده
أبتسمت زينة بتسلية لتقول:.

-و انا مستنية حضرتك تندمني زي ما بتقول، أنا معملتش حاجة غير شغلي، الجريدة عندنا أسمها منارة الحقيقة، يعني أنا لازم أكون صريحة تماماً بخصوص أي تحقيق صحفي أتطلب منى و أكيد مش هنافق و هقولك كلام كدب علشان سمعة سيادتك
عاد سيف يصرخ من جديد:
-أنا هخليهم يحبسوكي، و هتعفني في السجن و هتوطي على رجلي تبوسيها علشان أساعدك و مش هعمل كده.

-بردوا أنا منتظرة حضرتك تعمل كل ده، بس يا ريت قبل ما تاخد أي خطوة تكون حذر جداً لأني معايا مصايب توديك في 60 داهية، ولا أقولك كده كده أنت رايح في داهية لأني قدمت كل اللي معايا للبوليس و بعد كده أقدر أقولك باي باي و اللي هيعفن في السجن هو أنت مش انا، و دلوقتي مضطرة أقفل أسفه جداً بس ورايا شغل
ثم أغلقت الهاتف في وجهه و تعالت ضحكاتها و هي تجلس امام معتصم في مكتبه، فأردف معتصم بفقدان أمل:.

-سيبتي الجرايم و المصايب و قولتي تشتغلي على الهادي طلعلك واحد متحرش و شغال في الممنوعات و معاكي اللي يثبت، صدقتي لما قولتي المصايب بتيجي لحد عندك، و دلوقتي قوليلي جبتي كل الورق ده إزاي؟ و لحقتي أمتي؟
-يعني أنا عرفت أجيبلك ورق شحنة المخدرات بتاعت خالد الدهشوري و مش هعرف أجيب ورق يدين صرصار زي ده، عيب عليك و الله يا معتصم أنت بالذات تشكك في قدراتي
ثم غمزت له في نهاية الحديث و وقفت مردفة:.

-و دلوقتي مشي إجراءاتك و طلع إذن النيابة و روح نضف البلد من البتاع ده، و أنا هرجع الجريدة بقا نشوف فيه أيه تاني
أقترب منها و قال بتحذير:
-خدي بالك من نفسك و بلاش مشاكل
ربتت على كتفه و أردفت:
-حاضر هحاول بس موعدكش، يلا باي يا قلبي
فتحت الباب لتجد منير و عبدالله أمامها كادوا أن يدخلوا، رفعت حاجبها بتعجب و سألت:
-بتعمل أيه هنا يا منير؟
رفع منير كتفيه بلامبالاة و أردف:.

-بقيت الصحفي اللي شغال مع معتصم في قضاياه
ألتفتت إلي معتصم لتسأله بضيق:
-مقولتليش ليه يا معتصم؟
أقترب منها معتصم و وضع قبلة على خصلاتها قائلا:
-حبيبتي طبيعي حد ييجي مكانك بعد ما سيبتي قسمك، و الحمدلله أنه منير أحنا عارفينه و راجل، مش أحسن ما كانت تيجي بنت تانية تشتغل معايا
عضت شفتيها بإقتناع فأبتسمت و أردفت:
-معاك حق، طيب انا همشي و أسيبكم تكـ
قاطعها صوت أنثي آخري تردف بحدة:.

-ممكن توسع الطريق لو سمحت
ألتفت لها منير و عبدالله بينما وقع بصر زينة و معتصم عليها، أقتربت الفتاة من معتصم لتردف بإبتسامة:
-أزيك يا سيادة الرائد
مدت يدها لتصافحه بينما بقي معتصم ينظر الي يدها تارة و إلي زينة تارة، و لكنه مد يده ليصافحها فصفعت زينة يده بسرعة قبل أن تصل الي يدها و أردفت:
-مين دي يا باشا؟
رفعت فكر حاجبها بتعجب و قالت بنبرة حادة:.

-أنتي أتجننتي ولا أيه يا بت أنتي؟ ما تحترمي نفسك بدل ما أرميكي في الحجز
بللت زينة شفتيها و كانت على أتم الأستعداد لضرب الفتاة و لكن أمسكها معتصم بقوة لينظر الي منير و يردف:
-أتنيلوا أدخلوا و أقفلوا الباب بدل ما القسم كله يتفرج علينا
و لقد فعل الأثنان بينما اخذ معتصم زينة لتقف خلف ظهره و بقي حائل بينها و بين الفتاة و أردف:.

-بس انتو الأتنين، زينة دي ملازم أول فِكر كانت معايا في عملية المنوفية، و أنتي يا ملازم فِكر ألزمي حدودك بعد كده دي زينة مراتي
أنتصبت فكر و وقفت بإحترام مردفه بغيظ:
-أسفه يا فندم
ضربت زينة معتصم على ظهره بخفة و أردفت بغضب:
-أسألها بتعمل أيه هنا؟
ألتفت معتصم نحو زينة ليقول بهدوء:
-زينة ممكن تقعدي بس و ترتاحي شوية و تسيبيني أفهم في أيه؟ لو سمحتي يلا روحي أقعدي أو أمشي.

هزت رأسها بالنفي و قالت بنبرة مرتفعة:
-لا مش ماشية هقعد أما نشوف أخرتها
تركتهم لتتوجه و تجلس على مقعد معتصم خلف المكتب فشاهدت الجميع أمامها بوضوح، فبدأ معتصم الحديث مردفاً:
-فهميني بقا بتعملي أيه هنا يا ملازم فِكر
-أتنقلت من المنوفية يا فندم لهنا و بقيت تحت وصايتك و متدربة في فريقك أنت و الصحفي منير و سيادة النقيب سعد.

لم يلتفت معتصم لينظر الي زينة فكان يعلم تماماً انها كانت ستحرقه بنظراتها و لكنه عاد يسأل فكر:
-جيتي هنا بطلب نقل؟
-لا يا فندم أنا لقيت سيادة اللوا قالي من يومين أني اتنقلت من المنوفية لهنا، و سيادة اللوا مجاهد هنا قالي اني هبقي في فريقك
رفع عبدالله كتفيه ليقول لمعتصم:
-كده يبقي الاحتمال الاكبر توصية يا معلم، حد وصي أنها تتنقل هنا و تبقي معاك كمان
رد معتصم بضيق:
-و ده مين ده كمان و ليه؟

رفع عبدالله كتفيه بحيرة و أردف:
-معرفش، المهم أنا كنت جايلك علشان أقولك أني مسافر يومين كده هخلص شغل و أرجع علطول، فلو فاروق أحتاج حاجة خليك معاه
هز معتصم رأسه بالإيجاب فرحل عبدالله بينما أشار لفِكر و منير بالجلوس على المقاعد أمام مكتبه بينما أتجه هو إلي كرسيه الذي تجلس عليه زينة ليقول:
-زينة قومي على شغلك يلا كفاية تأخير
فتحت زينة حقيبتها بهدوء دون أن يلاحظها معتصم، الذي عاد يردف:.

-يلا يا زينة و نتكلم لما نروح
وقفت زينة و أقتربت لتقف أمام معتصم، و أخرجت مسدسها بسرعة من حقيبتها و وجهته نحو فِكر التي وقفت بسرعة و أخرجت سلاحها هي الآخري نحوها، و وقف منير يتابع الموقف في ذهول، فصرخت زينة:
-لو قربت منك و الله العظيم ما هستخسر فيها رصاصة
أشار معتصم الي فِكر بهدوء لتنزل سلاحها ففعلت، بينما نظر الي زينة و قال:.

-زينة أنا عارف انك متعصبة، و الحمل مزود الموضوع و مقدر و الله بس اللي بتعمليه ده غلط، مينفعش ترفعي مسدسك في وش ظابط، هاتي المسدس
لم تستمع إليه زينة بل أمسكت بمسدسها أقوي و عادت تقول:
-لو سلمت عليك هقطع إيديها، لو أتكلمت معاك في أي حاجة بره الشغل هقطع لسانها، لو حاولت بس تفكر فيك هقطع رقبتها و اللي يحصل يحصل، أنت المسئول دلوقتي عن حياتها و أنت و شطارتك بقا
ثم نظرت الي منير و أردفت بحدة:.

-متسبهمش لوحدهم أبداً، و تراقبهالي، عملت أي حركة غلط هتقولي عليها، لو عرفت أنك خبيت عني حاجة أنت عارف هعمل أيه يا منير و مجرب جناني
أومأ منير برأسه في صمت، بينما قال معتصم بحدة:
-خلصتي تهديد، هاتي المسدس بقاا
أنزلت زينة مسدسها لتضعه في حقيبتها و أردفت:
-مش همشي من غيره
أمسك معتصم بيدها ليسحبه من كفها و أردف بهدوء:
-لا الفترة دي هتمشي من غيره، لما تولدي أرجعي خديه تاني، انما و أنتي كده مينفعش.

وضع مسدسها بداخل أحد الأدراج فنظر لها وجد مقلتيها مملوؤتان بالدموع، فوقف امامها حتى يخفيها عن أنظارهم و أردف بهمس:
-متعيطيش مفيش حاجة هتحصل أوعدك
شهقة خائنة خرجت من حلقها و هبطت دموعها فأردفت زينة:
-ليه كل البنات الحلوين بيقربوا منك و انا مش حلوه، الأول عزة و دلوقتي البت دي
أمسكت بيديها لتنظر في عينيه و أردفت:
-هرجع حلوه و الله يا معتصم بعد الحمل و الله هخس
ضمها الي صدره ليقول بهدوء:.

-أهدي و كفاية عياط و جنان، أنا بحبك أنتي و قولتلك 100 مرة أنا مش بشوف بنات غيرك
أبعدها عنه ليهمس في أذنها:
-و بعدين فين الحلوه دي؟ دي ناقصلها شنب و تبقي راجل، مفيش واحدة حلوه في الدنيا دي كلها غيرك أنتي و الله
أبتسمت و مسحت دموعها لتقول:
-بجد؟
هز رأسه ثم وضع قبلة صغيرة على جبينها مردفاً:
-يلا على شغلك خلينا نشوف هتودي مين في داهية المرادي، و خدي بالك من نفسك، لو حصل حاجة كلميني.

هزت زينة رأسها بالإيجاب ثم تركتهم لتذهب فأردف منير:
-سيف أتصل بمستر عادل و مستحلفلك على قضية تشهير
ألتفتت له و غمزت بعينها اليمني مردفة بتسلية:
-و أنا مستحلفاله على قضية مخدرات، عايزاك تصورهولي بالشبكة اللي معتصم هيحطها في إيده
فتح منير عينيه بدهشة فتركتهم زينة و ذهبت، بينما ألتفت منير و ضحك قائلاً لمعتصم:
-هي جابت ملفات تدينه؟
أومأ معتصم برأسه و أردف:
-أه و ساعة بالكتير و هنروح نجيبه.

-يخربيت دماغها، جابت قرار الراجل من مقابلة واحدة
هز معتصم رأسه بفخر من زوجته، ثم سأل منير برسمية:
-دلوقتي بقا قولي وصلت لأيه؟
أردفت فِكر:
-مش المفروض يا باشا بردوا أعرف الكلام على أيه بما أني قاعدة
نظر معتصم الي فِكر و أنكمشت ملامحه ليقول:.

-لا للأسف يا فكر، القضية دي سرية شوية، و محدش شغال عليها غيري انا و منير و من قبله زينة، غير كده محدش يعرف عنها حاجة غير سيادة اللوا، انتي هتروحي تتمي إجراءات القبض على سيف رشدي، و دي كل المستندات اللي تدينه
جمع بعض من الأوراق امامه و قدمها له، ثم أخرج أسطوانة و أعطاها لها مردفاً:
-أياكي حاجة تقع منك ولا تضيع مفهوم
وقفت فكر و ألتقطت الملفات مردفة:
-تحت امرك يا فندم.

-خلصي و تعالي على هنا علشان نروح نجيبه
أومأت فكر ثم أستأذنت لتذهب، بينما نظر معتصم الي منير الذي بدأ في سرد كل ما عرفه عن هذا الهندي الذي يدعي يوراج .
.

خرجت زينة من قسم الشرطة و صعدت الي سيارتها لتتحرك، و لكن السيارة لم تفعل، و بعد محاولات كثيرة منها لم تتحرك السيارة، زفرت بضيق و هي تخرج منها و تصفع الباب بقوة، نظرت حولها في محاولة لإيجاد سيارة أجرة و لكن لم تجد، رفعت هاتفها و طلبت سيارة أوبر و أنتظرت قليلاً قبل أن تجد هاتفها يرن برقم غريب ففتحت ليقول:
-أستاذة زينة أنا جمال من شركة أوبر، حضرتك واقفة فين؟

-أنا قدام القسم بالظبط عند عربية حمرا، نوع عربيتك أيه و لونها؟

وقف امامها سيارة سوداء و فتح بابها ليخرج أثنان و يسحبانها للداخل بسرعة فوقع هاتفها أرضاً و حاولت أن تصرخ و لكن أنتهي بها الأمر فاقدة لوعيها بسبب المنديل المخدر الذي وضعه أحد الرجال على وجهها، و وقع هاتفها على الأرض و تحركت السيارة بسرعة لتبتعد عن القسم، و من بعيد رفع أحد الرجال هاتفه الي أذنه و هو يستقل سيارته ليلحق بسيارة المختطف، و ثواني و جاءه رد الطرف الآخر ليقول بقلق:.

-فيه عربية جت خطفت مدام زينة يا صلاح باشا
-خليك وراها و أعرفلي راحت فين، و أياك تضيع منك بدل ما أضيع عمرك
هز الرجل رأسه و أغلق المكالمة و لحق بالسيارة بسرعة، بينما على بعد أخر كان يقف شاب آخر رفع الهاتف الي أذنه ليقول بإبتسامة:
-الرجالة خدوها دلوقتي و زمانها رايحة لهناك يا باشا
ثم أغلق الهاتف بسرعة و صعد في سيارته ليسير في طريق معاكس و هو يدندن من الأغاني ما يحفظ غير مهتم لكل ما حدث..

و في ذات اللحظات أقترب سائق سيارة أوبر من سيارة زينة و قد شاهد كل ما حدث و دوّن أرقام السيارة، هبط مسرعاً ملتقطاً هاتفها من الأرض، ثم ركض تجاه قسم الشرطة و قال بلهفة لأول من قابله:
-لو سمحت، فيه عربية خطفت واحدة من بره دلوقتي
نظر له عبدالله بتعجب و إهتمام ليقول:
-دلوقتي حالا!

-أيوه يا باشا لسه حالاً أهوه، أنا سواق أوبر، و هي كلمتني كانت عايزة عربية و لما جيت أتصلت بيها تاني و قالتلي أنها واقفة عند عربية حمرا و قبل ما نكمل كان تليفونها وقع منها و شوفت عربية سودا بتاخدها، و خدت أرقامها، و ده تليفون البنت اللي اتخطفت
جذبه عبدالله بسرعة نحو مكتب فاروق ليقول بحدة:.

-فاروق شوف القضية دي أنا لازم أسافر دلوقتي، فيه واحدة أتخطفت من قدام القسم دلوقتي، أمشي في الإجراءات و أعرف مين دي، و أنت يا أبني أحكي للباشا اللي حكيتهولي.

ثم تركهم عبدالله بسرعة متجهاً نحو الخارج من أجل السفر بسرعة الي محافظة بني سويف فلديه بعض العمل هناك، و في الداخل كان الشاب قد سرد كل ما حدث على مسامع فاروق، و أعطاه هاتفها فألتقطه فاروق بسرعة و فتحه ليجد صورة زينة تحتل الخلفية، صرخ بأسمها بفزع و أنتفض عن كرسيه، فقال السائق ببعض القلق:
-أنت تعرفها يا باشا؟
أشار له فاروق أن يجلس و هو يغادر المكتب قائلا بحدة:
-خليك هنا أياك تتحرك لحد ما أجيلك.

ثم تركه بسرعة متجهاً نحو مكتب معتصم و التي كانت فِكر قد دخلته مرة آخري للتو فصدمها بعدم إهتمام و أردف:
-معتصم مراتك أتخطفت من قدام القسم دلوقتي
أنتفض معتصم هو الآخر و كذلك منير ليصرخ:
-أنت بتقول أيه يا فاروق؟
دخل سعد الي المكتب هو الآخر ليقول بقلق:
-معتصم، كاميرات المراقبة جابت زينة بتتخطف، حاولت أتتبع باقي الكاميرات بس معرفتش أتتبع العربية للأسف، بس ده نمرها.

ثم أخرج ورقة من بنطاله بسرعة، ليجلس معتصم على مقعده بهدوء و قال بتوعد:
-أقسم بالله لو كان سيف الكلب هو اللي عمل كده لهسففه التراب لحد ما يقول حقي برقبتي
أردف سعد في سرعة و قلق:
-هروح أشوف العربية دي تبع مين بسرعة
هز معتصم رأسه بالنفي ثم نظر الي فِكر بحدة ليقول:
-تروحي تجيبيلي سيف الكلب ده حالاً و خدي معاكي قوة و أنت يا سعد روح معاها أما زينة أنا هعرف اوصلها
ثم نظر الي منير و قال بإبتسامة سخرية:.

-متنساش طلب زينة، صورهولها بالكلبشات
ثم تركهم بسرعة ليخرج من المكتب متوجهاً إلي سيارته و لقد بدأ كلاً منهما بتنفيذ ما قال بعد أن اخذوا الأذن من اللواء مجاهد.
خرجت فكر مع سعد و منير و بعض العساكر من القسم متجهين نحو شركة سيف و دخلوا بعنف أفزع الجميع و قد بدأوا في الأنتشار بسرعة، بينما سأل سعد أحد الموظفين بحدة:
-مكتب سيف فين؟
-الدور التالت أول مكتب جنب الأسانسير يا فندم.

تركه سعد ليتجه مع الأثنان للدرج و صعدوه بسرعة و أقتحموا المكتب بعنف بين صرخات المساعدة، و لكنه كان فارغاً، فقالت فِكر بقسوة:
-فين سيف يا بت؟
أنهارت المساعدة في البكاء بضعف لتقول من بين شهقاتها:
-خرج من ربع ساعة، هو معملش حاجة صح؟
تجاهل سعد سؤالها ليسأل:
-خرج على فين؟
-معرفش
تركها الأثنان ليتوجهوا نحو الخارج بينما وقف منير أمام المساعدة ليقول بشفقة يتخللها بعض السخرية:.

-يا أختي الرجالة خلصوا ملقتيش غير ده تحبيه
رفعت المساعدة نظرها نحوه و لقد لمعت دموعها التي هبطت على وجنتيها و قالت بخفوت و حزن:
-أعرفه بقاله سنين و الوحيد اللي كان بيعاملني أني حاجة خاصة لازم يحافظ عليها
-ده لأنه شاف فيكي أخته الصغيرة، لأنه لو مكنش شافك كده مكنش سابك أنتي كمان من غير ما يحاول معاكي أو يتحرش بيكي، الله يكون في عونك أبدأي من جديد مع حد نضيف و أنسيه.

ثم تركها ليلحق بالباقيين في سرعة و لقد بدأت هذه الدورية في البحث أولاً في المنزل، و بعد ذلك في كل مكان قد يملكه سيف رشدي، بينما لم يعلموا أنه قد وصل لتوه الي عرينه الذي يسجن به زوجة صديقهم، زينة.

أنطلق معتصم بسيارته نحو ذلك الطريق الذي تسلكه السيارة التي تخطف زينة بينما يتتبعها عبر جهاز تحديد الموقع في سلسلتها، ضرب المقود بقوة فهو متأخر عنهم بأربعين دقيقة، زاد من سرعة سيارته و هو يتمني ان يخترق بابيها جناحان لتحلق في السماء و تسبقهم حتى ينقذ زوجته، و بعد ما يقرب من العشر دقائق توقف السيارة في مكان معين، زفر معتصم بضيق و هو ينطلق بسيارته بسرعة متمنياً بداخله أن يتمكن من إنقاذها، أرتفع رنين هاتفه و كان سعد ليجيبه بسرعة:.

-عملتوا أيه؟
-ملهوش أثر يا معتصم
-هبعتلك لوكيشن حصلني على هناك
ثم أغلق المكالمة و أرسل له موقع زينة و تمتم داخله كثيراً ان تكون على ما يرام هي و طفلهما حتى يصل..

دلف الي المكان بخطوات مسرعة و غاضبة، نظراته النارية متوجهة نحو تلك الجالسة على المقعد و مقيده تنظر له بسخرية شديدة و قد أبتلت تماماً أثر سكب رجاله الماء البارد عليها لتستيقظ من أثر المخدر، وقف أمامها تماماً و همس بصوت عميق:
-أهلا بمدام زينة، تصدقي وحشتيني من أول مقابلة
أتسعت إبتسامتها الساخرة و قالت بإستفزاز غير مهتمة لوضعها الحالي:.

-و تصدق انا خرجت من مكتبك بتمني أني مشوفكش تاني علشان بحس بالقرف من البص في خلقتك اللي شبه البرص دي
أرتفع كفه ليهبط على وجنتها بقوة و صرخ بها:
-وحياة أمك لوريكي اللي شبه البرص ده هيعمل فيكي أيه
لهثت بقوة أثر صفعته التي تركت أثرها على وجنتها، و كذلك بدأت شفتيها بالنزيف، و لكن هذا لم يمنعها من العودة و النظر في وجهه بملامح السخرية لتقول:.

-طب ما توريني، و يا ريت بسرعة علشان يا حرام البوليس بيدور عليك دلوقتي علشان يشبكوك
أمسكها من ملابسها بقوة ليقترب منها قائلا بسخرية هو الآخر:
-و أنتي فاكرة أن المقال الأهبل اللي انتي كتبتيه ده حد هيصدقه؟
ضغطت على شفتها السفلي في إستمتاع و براءة مصطنعة:.

-أخس عليّا هو أنا مقولتلكش، مش جهاز التسجيل اللي كنت بسجل الأنترفيو بتاعك منه فيه كاميرا كانت موجهة ناحية وشك طول القاعدة، يعني اللي انت قولته متصور صوت و صورة و لما مسكتني و انا خارجة بردوا متصور، و مش بس كده، أنا قولت لازم أخلي موضوعك سخن و جميل كده ينزل في الصفحة الأولي و بالبنط العريض فدورت وراك، و بصراحة لقيت اللي بيحبوك كتير أوي، و أبن حلال منهم قالي هيجيبلي ورق يوديك في 60 داهية لأنه مش قادر يوديه للبوليس علشان خايف، فقولت أقوم أنا بالواجب، و كل شحنة مخدرات دخلت البلد و خرجت منها تحت أسمك متصورة صوت و صورة، و كمان الورق موجود يثبت.

تركها سيف بسرعة و شعر و كأن ماس كهربائي أشتعل في جسده، و بدون شعور بدأ في صفعها بقوة عدة مرات متتالية و هو يسبها بأحقر الألفاظ، ثم أبتعد عنها و هو يشد على خصلاته بيده و يفكر جيداً في خطوته التالية، فنظرت له زينة و بصقت الدماء من فمها على وجهه مردفة:
-متحاولش تفكر، البوليس زمانه جاي على هنا، و ألبس يا بطل قضية خطف كمان.

مسح وجهه بعنف و نظراته موجهة لتلك الشيطانة التي تجلس امامه، فنظرت زينة الي السلسال في عنقها لتقول بإستمتاع:.

-أصل السلسلة الحلوة دي فيها جي بي أس، و أرقامه مع جوزي اللي هو ظابط و أنت خطفتني من قدام القسم عنده، و أنا كنت بكلم سواق أوبر، و رجالتك الأذكياء خطفوني بعد ما قولتله أنا فين، فزمانه شاف كل حاجة و راح يبلغ في القسم، و أكيد تابعوا كاميرات المراقبة و عرفوا أنا مين، و جايين على هنا دلوقتي علشان يقبضوا عليك
فتحت عيناها بإستمتاع غريب بصدمته لتقول بضحكات مرتفعة:.

-تصدق صعبت عليّا، معلش بقاا تعيش و تاخد غيرها، ده لو خرجت من السجن يعني
أغلقت شفتيها لبرهة قبل أن تعود و تفتحها لتقول بإشتياق:
-وحشتني يا معتصم
و في اللحظة نفسها شعر سيف بفوهة مسدس موجهة نحو رأسه و أرتفع صوت قوي من خلفه يقول:
-هتيجي معايا بالطريقة السهلة ولا أخلص المسدس ده في دماغك و أقول دفاع عن النفس و محدش هيشهد ضدي.

رفع سيف ذراعيه بإستسلام و عيناه لم تفارق عينا زينة، كان ينظر لها بحقد قوي و توعد لها بعقاب عسير عاجلاً أم آجلاً، ضربه معتصم بقوة في قدمه ليسقط على وجهه، و يخرج معتصم أصفاده يكبل ذراعيه خلف ظهره، ثم صرخ بقوة:
-تعالي يا فِكر
فُتح الباب لتدخل الفكر و برفقتها ثلاثة من العساكر يرفعون سلاحهم نحو سيف الساقط على الأرض ليردف معتصم:
-خديه على بره.

تحرك معتصم خطوة واحدة ثم عاد ينظر الي سيف الذي ما زال ينظر نحو زينة بنظراته القاتلة، فرفع قدمه و هوي بها بقوة على وجه سيف ليقول بغضب:
-دي علشان مديت إيدك عليها و خطفتها
أقتربت فِكر لترفع سيف و ساعدها العساكر الثلاث ثم خرجوا معه من المكان، فأقترب معتصم بإبتسامة من حبيبته متأملاً وجهها الممتلئ بالكدمات الحمراء، أمسك وجهها بين يديه و أردف:.

-علطول مودية نفسك في داهية و لازم بعد كل تحقيق تروحي المستشفي
أغمضت زينة عيناها مردفه بإبتسامة جميلة و متعبة:
-صدقني هوديك أنت كمان المستشفي لو مفكتنيش و حضنتني
أنخفض معتصم أمامها و أخرج سكينة صغيرة من حذائه و بدأ بقطع الحبال عن يدها ثم قدمها، و حملها بين ذراعيه ليضمها بقوة و فعلت هي المثل و دموعها تهبط أخيراً، دفنت رأسها في عنقه و هتفت من بين شهقاتها:
-كنت متأكدة أنك هتيجي.

-بلاش عياط، الحمدلله أزمة و عدت
أبتعد عنها ليجفف دموعها برقة حتى لا يؤلم وجهها، فقالت زينة بطفولة:
-شكلي وحش؟
أمسك وجهها بين يديه و هو يقبل كل أنش فيه كإجابة عن سؤالها و تمسكت هي بقميصه بقوة فعاد معتصم يحتضنها بقوة مردفاً:
-حمدلله على سلامتك، يلا نروح.

أنحني بجزعه ليحملها بين يديه، فـدفنت رأسها في عنقه براحة أخيراً و قد حصلت على أمانها، و لكن فُتح الباب فجأة ليدخل منه صلاح بسرعة و تصنم معتصم في مكانه ينظر له يغضب شديد يحتل أوصاله حتى أنه لم يشعر بضغط كفيه على جسد زينة، أقترب منهما صلاح ليردف بهدوء حاول أصطناعه:
-أنتي كويسة يا زينة؟
ألتفتت زينة و نظرت له بتعجب، و سؤال وحيد أحتل فكرها كيف جاء الي هنا؟ :
-اكيد كنت كويسة قبل ما أشوفك يا صلاح.

أبتعد معتصم خمس خطوات عن صلاح و أنحني لينزل زينة مردفاً بإبتسامة صفراء:
-معلش يا حبيبتي أستني هنا
أمسكت زينة بكفه و قالت بتحذير و قلق:
-بلاش تهور يا معتصم
هز الآخير رأسه في صمت و عاد يقترب من صلاح و سأله:
-يا تري انت كنت مع سيف و ساعدته؟ ولا جاي هنا تلحق زينة؟
صمت صلاح و هو ينظر نحو زينة، فأبتسم معتصم و أردف:.

-يبقي جاي تلحقها، و ده معناه أنك عرفت أن حد خطفها، فكده يا أنت معين حد يراقبها يا ليك عيون في القسم و بردوا قالولك أنها أتخطفت
عاد صلاح ينظر له و لم يجيب، فأكمل معتصم و لقد بدأ هدوئه يتحول الي سراب:
-ده غير انك اتهجمت عليها في بيتي لما كنت مسافر و قولتلها أنك بتحبها، و دي مراتي و أنا مقبلش حد يبقي حاطط عينه عليها و أسيبه عايش.

أنهي معتصم جملته بلكمة قوية أطاحت بجسد صلاح بعيداً و سقط على الأرض، فصرخت زينة بقلق مردفة:
-معتصم بلاش علشان خاطري يلا نمشي من هنا
تجاهل معتصم توسلها، ليقترب من صلاح و يمسكه من ملابسه ليقف من جديد أمامه بجسد مترنح، فأردف معتصم بسخرية:
-و الله عيب عليك ده أحنا لسه بنسخن
و عاد يلكمه من جديد، ثم ضربه بركبته في معدة صلاح عدة مرات و تركه يسقط من جديد و هو يتقئ دمائه، و قال صلاح بصعوبة:.

-هتندم يا معتصم على كل اللي بتعمله ده، و الله العظيم لأندمك و أخليك تترجاني أشفعلك و مش هسيبك، هخلي زينة بنفسها تطلب منك الطلاق و تترجاني أتجوزها
جلس معتصم فوق معدته و لكمة لكمة أخري مردفاً:
-و ماله خلينا نستني اليوم ده لما نشوف اخرك أيه
و عاد يلكمه من جديد و قد أعماه الغضب و أصبح وجه صلاح كخردة بالية تماماً، فشعر بكف صغير على كتفه، ألتفت إلي زينة التي تبكي و أردفت من بين شهقاتها:.

-كفاية علشان خاطري، عايزة أروح
عاد معتصم ينظر الي صلاح بشراسة و تأمل ما فعله به برضا تام، قبل أن يصفعه بقوة و تلاها بلكمة قوية ثم وقف حاملاً زينة من جديد مغادراً المكان في صمت مهيب و تاركاً صلاح يحاول مقاومة الظلام الذي يتخلل رأسه بإبتسامة ماكرة أعتلت شفتيه و لقد أقسم أن يفِ بوعده مع معتصم قبل أن يغادر وعيه و يفقده..

أقتربت من حاسوب زينة بسرعة و فتحته، و انتظرت ثواني قبل أن تخرج أسطوانة من بنطالها و تضعها في القرص الخاص بها، ثم أبتسمت بشر و هي تري حاسوب زينة يحذف كل ما فيه بتلقائية ثم أغلق تماماً، فعادت تسحب الأسطوانة من مكانها ثم خرجت من الغرفة و أغلقت الباب خلفها و كأنها لم تفعل أي شئ، و قد نست تماماً أمر كاميرات المراقبة التي أخبرها عنها معتصم و التي صورت بوضوح ما فعلته، و لكن بماذا سيفيد العقاب بعد أن أنتهي مشروع شهور طويلة و كأنه لم يكن يوماً!



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:51 صباحاً   [26]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع والعشرون

أرتفع صوت زقزقة العصافير و هي تحلق في السماء أمام شمس اليوم الجديد، أستيقظت زينة لتشعر بصدر النائم أسفلها يرتفع و يهبط و بدقات قلبه المنتظمة، أرتفعت بوجهها لتنظر في وجهه بإبتسامة جميلة على شفتيها المجروحة أثر ما حدث في اليوم السابق، فتح عينيه بإنزعاج من صوت المنبه بجواره، فوقعت عيناه على تلك التي تتأمل ملامحه، أبتسم و هو يعتدل ملتقطاً هاتفه ليغلق المنبه و هتف:
-صباح القمر، صاحية من أمتي؟

ألصق ظهره بالفراش من خلفه، ثم سحبها ليضع رأسها على صدره العاري بينما يمسد خصلاتها بهدوء لتجيبه:
-لسه صاحية أهوه على صوت المنبه
أبعدها عنه ليشير نحو المرحاض بكسل و أردف:
-طيب يلا قومي أنتي على الحمام، انا هعمل كام مكالمة بسرعة على ما تخرجي.

أومأت برأسها بعد أن منحته قبلة على خده ثم تحركت نحو المرحاض لتبدأ بالإستحمام، بينما فتح هو هاتفه و نقر عدة مرات ثم وضعه على أذنه لثواني منتظراً إجابة الطرف الآخر ثم قال:
-عملت أيه؟
أجابه منير الذي يظهر على صوته النعاس الشديد:
-لسه مفيش جديد، مش عارف ألاقي أي حاجة مفيدة أو مهمة، معملش أي حركة غريبة، رايح و جاي في البلد و الأماكن السياحية و خلاص و مش لاقي أي حاجة عنه الكام شهر اللي فاتو.

أبعد معتصم الهاتف عن أذنه لثواني و تنهد قبل ان يعيده ليردف:
-طيب روح أنت يا منير أرتاح شوية أما نشوف أخينا ده ناوي على أيه، و أنا هنزل مكانك
أغلق المكالمة و وقف متجهاً نحو المطبخ ليخرج بعض الوجبات الخفيفة من الثلاجة ليصنع بعض الساندوتشات، ثم أخذها و عاد الي الغرفة ليجدها تخرج من المرحاض بمنشفة تخفي جسدها و آخري تجفف بها خصلاتها، جلس على الفراش و في يده الطبق و أردف:
-تعالي كلي يلا.

أقترب رجل ذو جسد ضخم و حليق الرأس مرتدي بدلته السوداء و نظارته السوداء، وضع نظراته في الأرض أمام هذا الأسمر الهندي الذي يجلس امامه ليردف باللغة الهندية:
-وجدناهم سيدي، علمنا من يكونوا، و لكن لم نجد شقيقك السيد بيان بعد
أبتسم يوراج بشر ظهر في عيناه و قد شعر أن لحظة الأنتقام أقتربت، أقتربت و بشدة، نظر الي الذي يقف أمامه ليقول بحدة:
-أجلب لي كل المعلومات بشأنهم.

-حسناً سيدي، و لكن هناك شئ غريب علمناه عنهم
عقد يوراج حاجبيه بتعجب و قد ظهر الإهتمام على ملامحه و أشار للآخير بالكلام فأكمل:
-ثلاثة منهم ضباط في المخابرات المصرية، و واحد ضابط في الشرطة و الآخيرة صحفية في جريدة مشهورة تسمي منارة الحقيقة .

أومأ يوراج برأسه بعد تفكير دام لدقائق ثم أشار للرجل أن يذهب، بينما دخل هو الي غرفته الممتلئة بالسواد من كل جانب بالإضافة الي بعض الرموز العجيبة على الحائط، أقترب من خزانة بالية ليخرج كيس صغيرة مصمت، بالإضافة الي واحد آخر يبدو أنه محشو بالأحجار الصغيرة، فتح الكيس الأول ليبدأ بالرسم على الأرض البيضاء بالمسحوق الأسود بداخله، أنتهي ثم فتح الكيس الآخر ليضع بعض الأحجار في أماكن معينة بينما يتمتم في خفوت بلغة غريبة بكلمات أغرب..

عاد للخزانة من جديد ليخرج شموع طويلة بيضاء، وضعها داخل الدائرة التي رسمها ثم وزعها بعشوائية في أركان الغرفة كلها، توجه بخطواته نحو الخزانة للمرة الآخيرة ليسحب كيس أسود، فتحه فظهر مسحوق أبيض اللون، أقترب ليقف داخل دائرته ثم نظر للرمز الأول على الحائط المواجه له، و سحب بعضاً من المسحوق لينثره بحدة على الحائط بينما تمتم بكلمتين ليس لهما معني، فظهر دخان قوي امام الحائط بينما أبتسم يوراج بإنتصار ليردف بنبرة ماكرة:.

-لقد بدأ المرح للتو
.

مر يوم آخر قبل أن يقترب الليل من الحلول، و خرجت زينة من المرحاض بعد أن أخذت حمام ساخن ليدفئ جسدها، تجولت بنظرها في الغرفة تبحث عن شريك حياتها الذي يخطف أنفاسها دائماً بإبتسامة جميلة على شفتيها، فوجدته يجلس في الشرفة على أرجوحتهما الخاصة و شارد الذهن، أقتربت منه بخطوات هادئة لتقف أمامه، و سرعان ما عاد الي أرض الواقع ليبتسم في وجهها إبتسامة باهتة، نظرت له بتعجب و كادت أن تسأله عن ما حلّ به و لكن قاطعها بعد أن جذبها لتسقط بداخل الأرجوحة، ضمها الي صدره بقوة ليطبع قبلة على رأسها، فوضعت هي كفيها على صدره لتبعده بتعجب من تصرفاتها، و نطقت رافضة:.

-لا حركاتك دي مش هتمنعني أسألك مالك؟ سرحان في أيه؟
حاول صنع إبتسامة على وجهه و لكن قاطعته بحدة مباغتة في هجوم:
-و متضحكش و تحاول تتوه، بقول مالك يا معتصم
عقد حاجبيه بتعجب و رفع كتفيه مردفاً:
-مالك يا بنتي داخلة فيّا زي القطر كده ليه؟
-علشان وعدتني مش هتخبي عني حاجة
ربت على خصلاتها و قد أرتسمت إبتسامة حقيقية على شفتيه و هتف:.

-حبيبتي مش عايز أقلقك، ده شوية مشاكل في الشغل، التعامل معاكي أسهل من التعامل مع منير بكتير
أبتسمت بدون إرادة منها، و سرعان ما أخفت إبتسامتها لتقول و هي تضرب كتفه بعنف:
-أنت بتستعبط علشان متقولش فيه أيه صح؟
أمسك بكفها الذي ضربه و أداره ليصبح خلف ظهرها، فأقتربت هي أكثر منه بينما سيطر الخجل على ملامحها، أقترب أكثر منها هامساً بأنفاسه الساخنة التي تقتحم ملامحها بدون سابق إنذار:.

-و الله ما فيه حد بيستعبط غيرك، قولي عايزة أيه و عمالة تعملي في مقدمات كتير ملهاش علاقة
ضغطت على شفتيها بإحراج أنه كشف أمرها، حاولت تحرير ذراعها و لكن فشل الأمر، أمسك بوجهها ليرفع نظراتها إليه و أردف:
-يلا قولي يا زينة علطول مالك؟
حرر ذراعها من كفه، لتعقد هي ذراعيها على صدرها مردفة بنبرة متوترة:.

-فيه حاجتين، بابا كلمني النهاردة و قالي أن كمان أسبوع حفلة البرنامج، و أنا بصراحة نفسي أروح بس قولتله هشوف معتصم الأول، و مش عارفة ممكن نروح إزاي و عزة هنا، غير كده طبعاً مش عارفة أنت هتكون مشغول ولا لأ
أبتسم في وجهها حتى يزيل توترها قليلاً و داعب خصلاتها البرتقالية بأنامله قليلاً و أردف بحب:
-طب دي أول حاجة، أيه بقا تاني حاجة؟

أحرز هدفاً بحركاته تلك ليزيل عنها التوتر قليلاً قبل أن تبتسم بفخر و تردف:
-جاسر قال أن فيه حفلة بعد أسبوعين في الجونة علشان الفيلم بتاعه مرشح لجائزة أفضل فيلم السنادي، و قالي تعالي مع معتصم بس بردوا قولتله هشوفه الأول
هز معتصم رأسه بتفهم لحاجة شقيقها لها في هذا اليوم، فتنهد بحيرة وهو يفكر في حل للذهاب بدون عزة و لكن لم يجد، فأردف بإبتسامة:
-ربنا يسهل، هحاول أظبط الوقت علشان نحضر الحفلتين.

أحاطت وجهه بكفيها و السعادة تملأ قلبها:
-انت احلي زوج في الدنيا، ربنا يخليك ليّا يا معتصم
أمسك بكفها الأيمن من وجنته ليقربه من شفتيه طابعاً قبلة صغيرة عليه و هتف:
-و يخليكي ليّا يا حبيبة قلب معتصم
أبتعدت عنه لتقف خارج الأرجوحة مصفقة بكفيها:
-هروح أعمل عصير برتقال بسرعة و أجيب اللاب و أجي نظبط الرواية سوا، عندك مانع؟

هز رأسه بالنفي مع إبتسامة جميلة أظهرت وسامته بشدة، لتركض زينة للخارج لتحضر البرتقال، بينما عاد معتصم لشروده من جديد و هو يفكر في هذا الهندي الذي أقتحم حياته و حياة زوجته من جديد ليعيد إليهم أيام قاسية من الماضي، تنهد بحرقة عندما تذكر أن زينة أصبحت حامل بطفله أو طفلته، فأصبح قلقه عليها مضاعف الي مائة ضعف، دلك جبينه بتعب يحاول إخفائه حتى لا تلاحظه زينة، أنتظر لدقائق قبل أن تقترب زينة منه في كفيها كوبان من عصير البرتقال، ألتقط الكوبان بينما ركضت هي مرة أخري للداخل لتحضر حاسوبها، عادت بسرعة لتقبع داخل الأرجوحة و خلفها معتصم الذي أحاطها بذراعيه، فتحت حاسوبها و أنتظرت لثواني بينما تعالت ضحكاتها من غزل معتصم لها و مداعباته، أنتفضت فجأة ما أن فتح الحاسوب فوقع العصير على معتصم، لتقول بلاوعي:.

-أيه اللي حصل؟ فين الفولدرات اللي كانت هنا؟
قال معتصم ببعض العصبية:
-أيه يا زينة اللي عملتيه ده مش تحاسبي؟
لم تجيبه زينة بل لم تسمعه من الأساس بينما أناملها تنتقل بين الأيقونات أمامها تحاول فهم ما قد حدث، شعر معتصم بشئ خاطئ فوضع يده على كتفها و سألها بقلق:
-مالك يا زينة؟
ألتفتت له و قد أجهشت في البكاء فجأة لتحتضنه بقوة، للحظات ظل معتصم على وضعه و همس:
-زينة أنا مليان برتقال.

تمسكت بقميصه أكثر و دفنت رأسها في صدره و أرتفعت شهقاتها بينما تقول:
-معتصم، كل حاجة على اللاب أتمسحت، معرفش حصل كده إزاي؟
أبعدها عنه ليمسك بوجهها و يمسح دموعها بيده المبتلة من أثر البرتقال ليردف:
-أهدي بس كده، اللاب مش هيعمل كده من نفسه، أكيد فيه حاجة غلط حصلت
هزت رأسها بالنفي و تمسكت بقميصه أكثر لتقترب و تضع رأسها في عنقه بقوة هاتفه:.

-و الله ما عملت حاجة قفلته أخر مرة عادي، و دلوقتي يا دوب أتفتح و أنت شوفت أيه اللي حصل
أبتعدت عنه من جديد لتنظر في عيناه بعيناها التي تذرف دموعاً كثيرة و أكملت:
-عليه كل شغلي، كل حاجة خاصة بالجريدة أو الرواية، عليه حتى صور فرحنا و الخطوبة و كتب الكتاب و في شهر العسل، و كل ده ضاع في ثانية كده
عاد يحيط وجهها بكفيه من جديد ليقربها منه طابعاً قبلات عديدة على أجزاء كثيرة من وجهها مردفاً:.

-طيب متعيطيش، كفاية عياط أنا هتصرف أهدي بس
جفناها، جبهتها، وجنتيها، شفتيها، أنفها، خصلاتها، قبّل كل أنش في وجهها ليحاول إسكاتها و لكن كانت محاولاتاه فاشلة، وقف بسرعة و دخل الي الغرفة يبحث عن هاتفه، ثم عاد لها بسرعة ليقول و هو يعبث بهاتفه:
-أهدي و الله هتصرف، لو مبطلتيش عياط مش.

لم يكمل حديثه لأنها أوقفته و توقفت عن البكاء و حاولت كتم شهقاتها بكفها و أغمضت عيناها بقوة حتى لا تذرف دموعاً أكثر، و سرعان ما أتصل معتصم بسعد ليخبره بما حدث، قال سعد بعدم فهم:
-مفيش لاب بيمسح نفسه لوحده، أكيد فيه حاجة حصلت، بص انا دخلت المجال ده بس مش هفيدك أوي، هبعتلك لوكيشن لمحل قريب منك جداً، و صاحبه هو اللي بيدربني، وديله اللاب و خليه يشوف ماله و لو هيقدر يرجعه، و أنا هكلمه أقوله.

شكره معتصم كثيراً قبل أن يغلق ثم نظر الي تلك التي تجلس ببراءة شديدة تحاول كتم بكائها و أردف بإبتسامة:
-خلاص بقا كفاية عياط، هروح أخد شاور و هاخد اللاب و أنزل و إن شاء الله كل اللي عليه يرجع
فتحت عيناها بسرعة لتردف بشك يتخلله بعض الأمل:
-بجد يا معتصم؟
أومأ لها برأسه مع إبتسامة جانبية نمت على شفتيه، لتقترب منه و تعانقه بقوة فضمها هو إلي صدره بحنان و أردف:.

-بقيتي برتقالة بجد، ريحتك و طعمك بقي برتقال
ضحكت رغماً عنها عندما بدأ بإلتهام وجنتيها بخفة لتضحك، و لقد فعلت، تركها بسرعة ليحصل على حمام دافئ سريع قبل أن يذهب في محاولة لإصلاح مشكلتها..

دخل معتصم الي متجر ملئ بالأجهزة الإلكترونية ليقابله رجل يدير ظهره له، حمحم معتصم ليلتفت له الرجل بإبتسامة بينما حاول معتصم السيطرة على ملامحه المعجبة بوشوم هذا الرجل التي تملأ ذراعه، سأله الرجل:.

-أنت الرائد معتصم مظبوط؟

أومأ معتصم برأسه مع إبتسامة ثم مدّ يده ليصافحه، ففعل الآخر و بعد بعض التحية و التعارف جلس الرجل و الذي يدعي دانيال على طاولة بينما يقف معتصم خلفه، فتح دانيال الحاسوب و بعد دقائق من التفحص عقد حاجبيه بتعجب و وقف بسرعة ليأخذ بعض الأسطوانات من رف موضوع على الحائط، و بقي يعمل لنصف ساعة حتى أبتسم و نظر نحو معتصم الذي أبتسم ما أن لاحظ واجهة اللاب التي تضعها زينة قد عادت بالإضافة الي الكثير من ملفاتها التي تكمن على سطح المكتب، أشار دانيال لمعتصم أن يجلس بجواره ففعل بتعجب و سأله بفضول:.

-أيه اللي حصل بقا؟
تنهد دانيال و أمسك بعلبة سجائره ليخرج واحدة و حاول تقديم آخري لمعتصم و لكنه شكره، ثم أجابه أخيراً بعد إشعال سيجارته:.

-كان فيه فيروس قوي على الجهاز مسئول أنه يمسح كل حاجة على الجهاز و يرجعه لسه جديد، بس فيه مشكلة بقا، إن الفيروس ده مش هييجي من موقع و مش هينزل من على النت، من يومين فيه واحدة جت هنا و قالت أنها عايزة تمسح كل حاجة على اللاب بتاعها و ترجعه زي ما كان في الأول بالظبط، في الاول أستغربتها و بعدين لقيتها مصرة أنها عايزة فيروس للجهاز، بالمختصر يدمر اللاب تماماً، فأديتها فيروس زي اللي نزل على لاب المدام ده بالظبط، و هي ممشيتش و أخدته غير لما أتطمنت أنه مستحيل اللي على اللاب يرجع أبداً مهما حاولنا.

عقد معتصم حاجبيه بحيرة و عاد يسأل و قد تسلل القلق و الشك الي قلبه:
-مين دي اللي جت عايزة فيروس؟ و إزاي أنت رجعت كل اللي على اللاب مع إنك قولت مش هيرجع
سحب دانيال نفس طويل من سيجارته أخرجه على مراحل من بين شفتيه، ليجيب:.

-الفيروس ده بتاعي أنا اللي عملته، و طبيعي اي فيروس بعمل أنتديود، و بصراحة لما لقيتها عايزة فيروس زي ده خوفت تكون هتعمل مصيبة بيه ولا هتمسح بيه لاب شخصية مهمة في البلد و كل شغله عليه، علشان كده قولتله أنه مستحيل يرجع لأنها لو كانت راحت لأي حد تاني كان هيديلها فعلا فيروس مش بس هيمسح اللاب ده هيدمره و مش هيتفتح تاني و يحول كل اللي عليه للاب تاني خاص بالهاكر اللي عامل الفيروس بشكل تلقائي.

قاطعه معتصم بإبتسامة مردفاً:
-فأديتلها فيروس ليه أنتديود علشان أنت عارف أن صاحب اللاب لو راح لأي حد حكاله اللي حصل هيقوله عليك فهيجيلك و هترجعله اللاب عادي و لا كأن حاجة حصلت
أبتسم دانيال ليومأ برأسه في صمت، و بدأ حديث طويل بينهما من بين تعارف قوي لأسئلة و إجابات عن مجال دانيال حتى أرتفع رنين هاتف معتصم، نظر ليجدها زينة فأبتسم و أستأذن دانيال ثم رد فأردفت:.

-معتصم أنت أتأخرت كده ليه؟ قلقتني عليك؟! مش عايزة اللاب بس تعالي يلا
عقد حاجبيه و أرتفع صوت نبضات قلبه ليسألها:
-مالك يا زينة حصل حاجة؟ تعبانة؟
-تعالي خد عزة المستشفي
صرخ عليها بعدم وعي:
-مستشفي ليه؟ ما تنطقي يا زفتة هتنقطيني بالكلام
أجهشت زينة في البكاء و تعالت شهقاتها و أردفت:.

-بتزعقلي ليه؟ كنت براجع كاميرات المراقبة علشان حسيت أن اللي عمل كده في اللاب حد، و لقيتها هي اللي دخلت أوضتي من يومين و عملت كده يا معتصم و لما واجهتها قالتلي أنها فعلا عملت كده و إن اللاب مش هيرجع تاني ولا اللي كان عليه فمقدرتش امسك نفسي و ضربتها جامد لحد ما أغمي عليها
-طيب أقفلي، أقفلي أنا جاي.

أغلق معتصم الخط ليقف و يشكر دانيال و بعد مشادات رفض دانيال أخذ أي مال نظير خدمته لمعتصم و تبادلوا أرقام الهواتف، ثم سحب معتصم الحاسوب و ذهب في سيارته متجهاً نحو المنزل بسرعة، دخل ليصدم بجسد عزة يفترش الأرض و ظهر أن ذراعها و قدمها قد كُسرت، توجه لغرفته ليجد زوجته تجلس محتضنة دمية كبيرة و تبكي، تنهد بتعب قبل أن يردف بعتاب:
-ينفع كده يا زينة؟ كسرتي دراعها و رجليها.

أبعدت زينة رأسها عن الدمية لتصرخ في وجهه ببكاء:
-أنت مشوفتهاش كانت بتكلمني إزاي، قالتلي اني وحشة جدا و مش عارفة أنت أتجوزتني على أيه؟ قالتلي إني راجل و بلبس لبس رجالة، قالتلي إنك هتسيبني دلوقتي أو بعدين، و قالتلي إن شغلي اللي فرحانة بيه أهي بوظته حتى الرواية باظت، و قالتلي إني هجهض البيبي، لأن عصير البرتقال اللي في التلاجة كان فيه دوا يخليني أجهض، و أنا كنت شربت كوباية قبل ما تقولي.

أقترب منها معتصم بسرعة ليحتضنها بقوة و ينثر قبلاته على رأسها في قلق مردفاً:
- يعني متصلة بيا تقوليلي علشان الزفتة اللي بره و مقولتيش انك بتسقطي! تعالي يلا المستشفي قريبة من هنا، هيعملولك غسيل معدة و مش هتحصل حاجة وحشة
تمسكت بقميصه بقوة لتكمل بكائها على صدره و قالت:
-الوقت أتأخر، أنا بسقط يا معتصم.

أزالت الغطاء بيد مرتعشة و مازالت تبكي من الألم، بينما وقف معتصم بصدمة عندما وجد الفراش غارق في دماء زينة، توقف لثواني من الدهشة و شعر بوخزة قوية في قلبه، حملها بسرعة بين كفيه ليخرج بها من المنزل و يتجه نحو المستشفي بينما يمسك هاتفه ليتحدث الي منير كي يأتي لمنزله و يأخذ عزة لذات المستشفي، وصل بعد دقائق بسيطة ليحمل زينة بين ذراعيه بسرعة و يتجه للداخل، و أخذوها منه بسرعة بينما وقف الطبيب معه لثواني فسرد له معتصم ما حدث بسرعة و تركه ليدخل لزوجته يحاول إنقاذها، و إنقاذ طفله إن تمكن.

مرّت نصف ساعة قبل أن يشعر بمنير الذي جاء ليقف أمامه و يسأله عن ما حدث، فتجاهله معتصم محاولاً التماسك و سأله:
-جبت عزة لهنا؟!
هز منير رأسه بالإيجاب و صمت، و أنتظرا الأثنان نصف ساعة آخري حتى خرج الطبيب من غرفة زينة ليتوجه نحو معتصم بإبتسامة منهكة:.

-المدام زينة بخير الحمدلله إحنا سيطرنا على النزيف و عملنالها غسيل معدة، و الحمدلله قدرنا نلحق الجنين بس لسه حالته مش مستقرة أوي و هنساعده بالأدوية لحد ما كل الأمور ترجع طبيعية، تقدر تدخل ليها و حمدلله على سلامتها.

بكي، نعم لقد بكي بحق من شدة السعادة ليحمد الله كثيراً و شكر الطبيب آلاف المرات قبل أن يتوجه بسرعة لغرفة زينة، جلس على مقعد بجوارها و أمسك بكفها يقبله و تهبط عبراته عليه في إنتظارها تستيقظ، تركها ليتوجه نحو المرحاض ليتوضئ و يصلي شاكراً ربه على هذه الهدية..
.

فتحت عيناها ببطء و تجولت بها في تلك الغرفة الهادئة حولها في محاولة منها لإدراك الواقع، حتى علمت أنها في مستشفي، شعرت بكف قوي يحيط بخاصتها و يضع قبلة هادئة عليه، التفتت إلي الفاعل لتجده زوجها المقرب الي روحها أكثر من أي شخص آخر، أقترب من وجهها و همس في أذنها:
-حمدلله على سلامتك أنت و البيبي يا برتقالتي.

تذكرت، نعم تذكرت كل ما حدث قبل ساعات، طفلها يموت! وضعت كفيها على معدتها بسرعة تتحسسها و قد تجمعت العبرات في عيناها و لكن شعرت بالأخير الذي يبعد خصلاتها عن رقبتها ليدفن وجهه بها مردفاً براحة شديدة و قد بدأت أنفاسه الساخنة تخدر جسدها:
-البيبي كويس يا زينة، و انتي كمان كويسة الحمدلله.

هبطت دموعها و بكت بقوة و هي تحمد الله على أن طفلها على ما يرام، أستمرت في البكاء لفترة بينما هو يحتضنها بخفوت و يحاول تهدأتها بعبارات مطمئنة، و بعد دقائق رفعت رأسها لتقابل عيناها عيناه لتقول بوجع شديد:
-مش هقدر يا معتصم، انا قولتلك هفضل معاك و في وضهرك بس مش هقدر
سيطر القلق على قلبه من كلماتها تلك ليمسح دموعها و يردد بعدم فهم:
-مش هتقدري أيه فهميني؟

-مش هقدر أفضل قاعدة معاها في نفس البيت بعد ما كانت هتقتل أبني، مش هقدر أقاومها و هي بتحاول تغريك و بتقرب منك، مش هقدر أهدي نفسي و هي بتستفزني و مضربهاش، مش هقدر أشوفها قدامي بعد ما كانت هتضيع كل حاجة و أولهم أبني، خليها تمشي يا معتصم خليها تمشي علشان خاطري
أجهشت في البكاء من جديد بينما هو زفر براحة، فلقد كان يظن أنها تريد تركه و الطلاق، لعن تفكيره الأحمق الذي ألم قلبه، ثم قال بنبرة حنونة:.

-مش هتدخل البيت تاني خلاص و الله، و مش هسامحها على اللي عملته ده أبداً، سيبيني أنا هعاقبها بطريقتي، و بعدين مرتضي لسه متصل بيا من شوية و قال أنهم هيقعدوا السنادي كلها في سوهاج مع باباه، و أحتمال ينقل كل شغله لمصر و يرجع يستقر هنا، فمتقلقيش مفيش عزة تاني و مفيش زعل تاني
أمسكت بكفه الذي يتحسس به وجنتها بحنان لتقول بهلع و كأنها كانت تغرق و قد وجدت طوق النجاة:
-بجد يا معتصم، بجد هتمشي.

أومأ برأسه مع إبتسامة بينما وضعت هي رأسها على صدره بإرتياح و ضمته بيدها في قوة، فُتح الباب فجأة ليدخل كامل مع جنات بالإضافة الي جاسر و أميرة، و بعد قليل فُتح مرة أخري لتدخل منه فِكر برفقة سعد و منير و فاروق و عبدالله، كان الجميع هنا ليطمئن عليها، كانت سهرة لطيفة مع الجميع تمكنوا بها من تهدأة زينة و نشر السعادة في قلبها.

وقف معتصم فجأة ليشعر بكفها الذي لحق يده بسرعة ونظرات الأستفسار فيه عيناها، أبتسم لها و قال:
-هروح أتطمن عليكي من الدكتور و أشوف هينفع تخرجي أمتي، مش هتأخر يا حبيبتي
نظر الي جاسر و أردف بلهجة آمرة:
-خد بالك منها لحد ما أرجع متخليهاش تقوم من مكانها
وقف جاسر و أدي التحية العسكرية بمزاح قائلا:
-علم و ينفذ يا فندم.

تعالت الضحكات فيما بينهما، فتركهم معتصم و غادر الغرفة بإطمئنان، فنظرت جنات نحو عبدالله و أردفت بإبتسامة:
-عامل أيه يا حبيبي؟
رسم عبدالله إبتسامة واسعة على شفتيه و أجابها:
-الحمدلله أنا كويس
ضربه فاروق على كتفه قائلا بغيظ:
-واحد سافر كام شهر و لف العالم و يادوب راجع على الشغل هيكون عامل أيه يعني، أخبار سيرجي أيه صحيح؟
ضغط عبدالله على شفته السفلي بغيظ هو الآخر و ضرب فاروق في وجهه مجيباً:.

-و الله عينك دي هي اللي خلتني أخد طلقة في كتفي في عملية أمبارح
عاد كامل يسأله نفس سؤال فاروق بإهتمام:
-صحيح فين سيرجي؟ رجعت لوحدك ليه؟
-رجع إيطاليا علشان شغله و وعدني أنه هيحاول ينزل مصر قريب بس أنا لسه على أتصال بيه
قاطعهم رنين هاتف عبدالله، فأبتسم عندما وجد أسم سيرجي أمامه ليقول:
-أهوه جيبنا في سيرة القط
رد على مكالمته و هو يخرج من الحجرة مردفاً:.

-عن أذنكم يا جماعة، أهلاً بالندل يومين كاملين مش بتتصل ليه؟
قالت زينة و هي تذهب ببصرها وراء عبدالله الذي يغادر الغرفة:
-نفسي أعرف إزاي علاقته بسيرجي أتوطدت كده في كام شهر، بقوا أصحاب أوي، لأ أخوات
أبتسم كامل ببعض الحزن مجيباً:
-متنسيش إن سيرجي كان أقرب شخص لريهام لما كانت في إيطاليا، فعلشان كده هو قريب منه، حد من ريحتها و بيفكره بيها علطول
تمتمت جنات بحزن دفين:.

-يا ريتها كانت لسه موجودة، أكيد كان حاله أختلف كتير، ربنا يرحمك يا ريهام، و يعينك يا عبدالله و يرزقك ببنت الحلال
أمّن الجميع على دعائها بحزن، ثم وقفت فِكر و أستأذنتهم لتخرج ثم غادرت الغرفة بسرعة، بينما أستمر الجميع في تبادل الحديث فيما بينهم.
.

دخل معتصم الي غرفة عزة محاولاً السيطرة على أعصابه، وجدها تجلس على الفراش في برود عجيب بينما أمامها طعام تأكل منه بذراعها السليم، ما أن رأته حتى ابتسمت بقوة مردفة:
-عرفت تيجي أخيراً بعد ما مراتك خلصت عياطها
سحب معتصم كرسي في نهاية الغرفة ثم أقترب ليجلس عليه بجوار فراشها واضعاً قدماً فوق الآخري و أردف بإبتسامة:
-أنا سايب مراتي بتضحك و مبسوطة قبل ما أجيلك.

توقفت عزة عن مضغ الطعام الموجود في فمها بتعجب و هي تنظر الي ذلك الوسيم الذي أكمل:
-البيبي و كويس جداً، و اللاب رجعت كل اللي كان عليه و أنتي مسحتيه بما فيه روايتها، أهلها و أصحابها كلنا جنبها
فتحت فمها لتضحك بسخرية و أردفت:
-أنت بتهزر صح؟
تجاهل سؤالها ليكمل:.

-مرتضي أتصل بيّا من شوية، قالي انه هيقعد السنادي في مصر مع باباه و أحتمال ينقل كل شغله هنا، معني كده إنك هترجعي تاني على سوهاج و هتقعدي في بيتهم الفترة دي
رفع حاجبه الايسر مردفاً:
-قولت طبعاً مينفعش تمشي كده و أسيبك من غير عقاب على اللي عملتيه في مراتي و محاولتك قتل أبني، فضلت أفكر و أفكر لحد ما وصلت لحاجة من 2، الأول إني أبلغ عنك و الكاميرات هتثبت إنك حاولتي تقتلي إبني و تلبسي كام سنة في السجن.

نظر الي ملامحها المصدومة بإستمتاع ليكمل:
-بس لقيت إني كده هكون رحيم جداً معاكي، و انا اللي يأذي مراتي أكله بسناني، و علشان كده أتجهت للحل التاني
أتسعت إبتسامته بخبث و مكر و أقسمت عزة أنها رأته كالشيطان تماماً و هو يقول:
-كل اللي عملتيه من لما دخلتي بيتي هيروح لعمك، كله يا عزة، و خلينا نشوف بقا هو هيتصرف معاكي إزاي
نظر الي ساعة يده بإهتمام ليكمل:.

-أنا بلغته من كام ساعة و زمانه على وصول هنا، هو لسه مكلمني و قالي أنه داخل على المستشفي و معاه نيرة و مرتضي
أمال رأسه للجانب قليلاً و هو يدلك رقبته بتعب مصطنع:
-و بصراحة متشوق أوي أعرف هيعمل أيه بعد ما قولتله على كل اللي انتي عملتيه
صرخت عزة بفزع و حاولت أن تتحرك لتمسك بمعتصم و لكنها لم تتمكن فبكت و هي تقول:
-معتصم قول أنك بتهزر، أوعي تكون عملت كده بجد، عمي هيقتلني يا معتصم و الله هيقتلني.

أقترب منها ممسكاً بذقنها و أقترب بوجهه لها أكثر قائلا:
-عارف، و هشرف على كده بنفسي.

رفع كفه و هبط على وجنتها بقوة في صفعة قوية أحدثت صوتاً مرتفعاً، بينما أنتفضت عزة تبكي و تتوسل معتصم أن يساعدها و لكن لا حياة لمن تنادي، و جاءت الريح بما تشتهيه سفن معتصم و تمقته سفن عزة ليدخل والد مرتضي الي الغرفة و الغضب يتصاعد من عيناه بعد ما سرده له معتصم و أكّده ولده مرتضي، ليقترب من عزة بينما أقترب معتصم من نيرة ليحملها بسرعة و يخرج بها من الغرفة مع مرتضي و يغلق الباب خلفه و توجه بها نحو غرفة زينة حتى لا تسمع ما سيحدث بين والدتها و حماها.

دخل الي غرفة زينة حاملاً نيرة على ذراعه و مرتضي بجانبه، أبتسم ليعرف الجميع عليهما، بينما تركته نيرة و أسرعت نحو زينة لتجلس بجوارها قائله بإبتسامة:
-ألف سلامة عليكي يا زينة
نظر معتصم نحو شقيقته بحدة و أردف بنبرة هادئة:
-نيرة، قولت قبل كده اسمها طنط زينة
عقدت زينة حاجبيها بغضب و صرخت:
-أيه طنط دي؟ شايفني كبيرة للدرجادي علشان تقولي طنط، خلاص بقيت وحشة.

رفع معتصم ذراعيه بإستسلام لنوبات جنونها التي أعتاد عليها و نظر نحو نيرة ليقول:
-مفيش طنط، قولي زينة علطول هي خربانة خربانة
عادت الإبتسامة على وجه زينة و هي تحتضن نيرة بينما تعالت ضحكات الجميع عليهما، جلس مرتضي مع الجميع و وجد صعوبة بسيطة في التعرف عليهم جميعاً و لكنهم أعتادوا عليه بسرعة حتى أستمع الجميع لصوت صراخ و بكاء عزة، لتنتفض نيرة تنظر لمعتصم مردفة بخوف:.

-أبيه، ماما بتعيط ليه؟ أنا عايزة أروحلها
أقترب منها معتصم و أحتضنها بهدوء مقبلاً خصلاتها و أردف:
-ماما تعبانة يا حبيبتي و الدكتور بيكشف عليها فعلشان كده بتعيط، هتخلص و هنروح ليها
نظر نحو مرتضي الذي أقترب من نيرة ليجلس على ركبتيه أمامها مردفاً بإبتسامة:
-أيه رأيك نروح نجيب أكل؟ أنتي جعانة صح؟

هزت رأسها بالإيجاب، فمد مرتضي لها بيده لتمسكها و أبتعدت عن معتصم و ذهبت من الغرفة مع زوجها، بينما نظر الجميع نحو معتصم بإستفسار ليتنهد مردفاً:
-متشغلوش بالكم أنتم، موضوع و بيتحل

قبل دقائق.

نظر عبدالله الذي يتحدث الي سيرجي نحو فِكر التي خرجت من الغرفة تتسلل نحو ممر آخر بحذر، فأغلق الهاتف مع سيرجي و وعده بإعادة الإتصال عليه مرة أخري، ثم توجه خلف تلك المريبة التي لم يرتاح لوجودها منذ أن رآها، وقعت عيناه عليها و هي تخرج هاتفها و تنقر عليه عدة مرات قبل أن تضعه على أذنها لثواني ثم أردفت:
-صلاح باشا، زينة في المستشفي، كانت هتسقط و معتصم جابها على هنا.

صمتت لثواني بينما صُدم هو، هي جاسوسة لدي صلاح! عاد يتابعها و هي تجيب:
-أه يا باشا هي دي، ماشي أنا همشي أنا علشان محدش يشك فيا، هرجع القسم
أغلقت الهاتف و وضعته في بنطالها ثم دارت لتخرج لتصدم بعبدالله الذي يقف خلفها موجهاً مسدسه نحو وجهها، وضعت يدها على حزام سلاحها و لكن لم تجده، تباً لها كيف تنسي حمله معها الي هنا، نظرت الي عبدالله بترقب و هي تنتظر ماذا سيفعل، فأردف الآخر:.

-مكنتش مرتاح ليكي من لما شوفت وشك، قولت وراكي حاجة خصوصاً بعد ما أتنقلتي للقسم من المنوفية بتوصية
ثم أمرها بحدة:
-أديني ضهرك حالاً بدل ما أفرغ المسدس ده في راسك
-أنت مش هتعمل كده
هز رأسه بالنفي قائلا بسخرية:
-لأ هعمل، يلا زي الشاطرة أديني ضهرك
-متوديش نفسك في داهية يا عبدالله، انا مليش دعوة و معملتش حاجة غريبة، هو قالي أتجسس على معتصم و زينة بس، فأنا معملتش حاجة غلط ولا أذيتهم.

أنحنت بسرعة تلتقط سلاحها الأبيض من حزام قدمها و صوبته نحو صدر عبدالله ليخترق قلبه بدون رحمه بينما أعتلت شفتيها إبتسامة أشبه بالشياطين سرعان ما أختفت و هي تراه يضغط على زناد مسدسه لتخترق رصاصته رأسها و تسقط فاقدة روحها قبل أن تصرخ، و تبعها عبدالله الذي يشعر بروحه تسلب منه في هدوء و قد تلخطت الأرضية البيضاء بدمائه، إبتسم و هو يري ريهام أمامه تنظر له بإبتسامة جميلة، همس بإسمها بخفوت، و مازال يشعر بدمائه تخرج من صدره كالشلال و ألم شديد في منتصف صدره.


كان الجميع يضحك بقوة حتى أستمعوا الي صوت أطلاق النيران لتصرخ أميرة و جنات و زينة بينما وقف الآخرين و أخرجوا أسلحتهم من مكمنها بسرعة بما فيهم جاسر و كامل اللذان تلازمهما أسلحتهما المرخصة دائماً، اقترب معتصم من الباب مصوباً مسدسه إليه و مردفاً:
-فاروق تعالي معايا، و أنت يا سعد خليك هنا مع الباقيين.

خرج معتصم برفقة فاروق ينظرون الي جميع من يقفون أمام أبواب الغرف و الذعر بادي على وجوههم ليردف معتصم بنبرة مطمئنة:
-متقلقوش أحنا بوليس، ادخلوا الأوض لو سمحتم
و أطاعوه بدون مناقشة، و لمح فاروق الدماء في نهاية الممر تخرج من ممر آخر مظلم، ليشير له نحوه، فأقترب كلاهما واقفين بجوار الحائط بينما الدماء تسير من أسفلهم، و أنتظروا لثواني قبل أن يقول معتصم:
-مفيش أي صوت، مفيش حد.

و ألتفت بسرعة موجهاً سلاحه فلم يجد سوي جثتان أمامه، و الممر فارغ و مظلم بعض الشئ، أتسعت عيناه و هو يري عبدالله ينزف بقوة أسفله و ينتفض متألماً، أقترب منه بسرعة و الدموع هبطت بدون شعور ليقول:
-عبدالله في أيه؟ عبدالله رد عليّا مالك
بكي عبدالله هو الآخر من الألم و أجابه بحروف خرجت بصعوبة:
-فِكر جاسوسة عند صلاح، كنت هقبض عليها بس ضربتني بالسكينة، و مكنش قدامي حل تاني غير أني أقتلها، أنا آسف.

صرخ معتصم في فاروق الذي هبط هو الآخر ممسكاً بكف عبدالله:
-قوم هاتله دكتور بسرعة يا فاروق قوم
و نفذ فاروق، ماذا سيفعل صديقه يموت أمام عيناه؟ أمسك معتصم بكف عبدالله بقوة مردفاً:
-عبدالله خليك معايا، الدكتور هييجي و هياخدوك و هتبقي كويس.

-متعيطش يا معتصم، أنا رايح لريهام، ربنا أكيد عارف إني مش هقدر أبعد عنها كتير و أنها وحشتني فأخدني ليها، انا شوفتها، و مبسوط إني رايحلها، بس زعلان علشان هسيبك، خد بالك من نفسك يا معتصم و من زينة
أمسك معتصم كفه بقوة أكبر و أقترب منه سانداً جبهته الي خاصة عبدالله و أصبحت دموعه تهبط على عيني الآخر ليردف بشهقات:
-أنطق الشهادة يا عبدالله.

أنتظر لثواني قبل أن يتمكن من نطقها بخفوت ثم أبتسم مرة آخيرة في وجه معتصم قبل أن يغلق عيناه للأبد بينما أزداد بكاء معتصم و هو يري رفيق دربه و أخيه يفقد روحه بين يديه و من أجله، جاء فاروق بسرعة برفقة بعض الممرضين و طبيب، فنظر نحو معتصم الذي يبكي بينما عبدالله هادئ في مكانه، أستند الي الحائط هو الآخر بتعب و هبطت دموعه من جديد بينما يضع يده على شفتيه يكتم شهقاته و هو ينظر الي جثمان زميل فريقه و صديقه الذي حمله الممرضين على الفراش المتنقل، و أنتهي به الأمر يجلس على الأرض في فوضي و يبكي بقوة و يتابع معتصم الذي يسير مع الممرضين يبكي و مازال ممسكاً بكف عبدالله.

جاء صباح اليوم التالي، كان الجميع يقف أمام القبر المفتوح أمامهم بملابس سوداء و نظارات سوداء، أقترب مجاهد من جثمان صغيره المتوفي حديثاً و المكفن، و كذلك أقترب معتصم و سعد و فاروق و حملوه جميعاً متجهين للأسفل ليدفنوه، دقائق و عادوا ليغلقوا القبر، وقفوا لدقائق بين أدعية الإمام لعبدالله، و بدأ الحاضرين في الذهاب رويداً رويداً حتى أنتهي الأمر بمجاهد أمام القبر و خلفه معتصم و على جانبيه فاروق و سعد.

ألتفت مجاهد لينظر لهم، وجد الحزن يكتسي ملامحهم بالرغم من أن نظاراتهم السوداء لم تظهر عيونهم، فأردف بنبرة حادة:
-عبدالله خلاص الله يرحمه راح لمكان أحسن، المنظر اللي انتو التلاتة فيه ده مش عايز أشوفه كتير، أنا رايح على القسم و أنتو ورايا مفهوم
-مفهوم يا فندم.

أجابه الثلاثة بنبرة قوية بعد أنتصابهم أثناء الوقوف، تركهم مجاهد ليتجه نحو سيارته و لكن وجد زينة تنزل من سيارتها و تقترب منه بإبتسامة حزينة و في يدها باقة من الزهور الحمراء، أبتسم لها هو الآخر فلقد كانت مثل الزهور تماماً برأسها البرتقالي و ملابسها السوداء، سحبت زينة أحدي زهورها لتقدمها له مردفه:
-البقاء لله يا عمو
ألتقط منها مجاهد الزهرة بإبتسامة حاول إخفاء الحزن منها:.

-و نعم بالله يا زينة، روحي يا حبيبتي شوفي معتصم
أومأت له برأسها لتتركه و تتجه نحو حبيبها، وجدته يتوسط صديقاه، فأقتربت محتضنه ظهره بقوة، ألتفت لها كلاً من سعد و فاروق ثم تركاها مع معتصم ليغادر الأثنين، تركت ظهر معتصم ثم تحركت بخطواتها نحو قبر عبدالله وضعت أمامه الزهور بإبتسامة حزينة ثم همست:.

-معتصم قالي انك شوفت ريهام، وأنك مبسوط علشان رايح ليها، أبقي سلملي عليها و قولها أنها وحشتني أوي يا عبدالله
شعرت بحجابها يسقط عن رأسها ليسرع معتصم و يضعه من جديد فألتفتت له بأعين مليئة بالدموع و أردفت:
-مش متعودة أسفه
أكتفي بأن يومأ لها برأسه بتفهم لتلتفت زينة نحو القبر من جديد و ترفع يداها لتبدأ بقراءة الفاتحة و الدعاء لعبدالله بهمس، ألتفتت نحو معتصم من جديد لتقول بعد أن هبطت دموعها من مقلتيها:.

-ممكن نروح لريهام
شعر بالحزن يحتل فؤاده على حال صغيرته، أقترب ليضمها لصدره بقوة فأجهشت الآخيرة في البكاء بقوة و لم تتوقف حتى أخذها نحو قبور عائلتها حيث دُفنت ريهام، و أنهارت أكثر أمام قبر شقيقتها الكبري التي أشتاقت لها كما لم تفعل من قبل، ألتفتت نحو معتصم لتمسك بقميصه بقوة بينما هو يحاوط كتفيها بكفيه لتقول:
-أنت مش هتعمل زيهم صح؟ مش هتمشي يا معتصم
أومأ برأسه مقبلاً رأسها بخفوت:.

-مش همشي يا زينة، إن شاء الله مش همشي
أمسكت بنظارته السوداء لتبعدها عن عيناه التي أنتفخت من كثرة البكاء، أقتربت لتضع قبلات على عيناه، ثم وضعت جبينها على خاصته لتكمل بكائها ممسكة بوجهه بكفيها، أردف معتصم أخيراً:
-خلاص يا زينة، يلا نمشي يا حبيبتي كفاية عياط.

وقف معتصم ثم أنحني ليحملها بين ذراعيه فعانقت عنقه و دفنت رأسها به، أخذها لسيارته، وضعها على المقعد ثم جلس هو خلف عجلة القيادة لينطلق نحو منزلهم ثم أتصل بأحدهم ليحضر سيارتها من المقابر.



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:51 صباحاً   [27]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثامن والعشرون والأخير

أستيقظ معتصم في الصباح الباكر ليدخل للمرحاض آخذاً حماماً دافئاً، ثم خرج مرتدياً حلّته العسكرية البيضاء، نظر على أنعكاس زينة في المرآة التي أنتفضت من نومها بفزع، و سرعان ما ركضت نحو المرحاض لتفرغ ما في جوفها بتعب، أسرع لها ليقف خلفها محيطاً جسدها الملقي على الأرض، رفع خصلاتها جميعها في قبضته، و أنتظر بجوارها حتى أنتهت، حملها بين ذراعيه ليتجه بها نحو المرحاض و غسل لها وجهها، خرج بها ليتجه نحو الفراش، وضعها عليه برفق ثم تأمل ملامحها الشاحبة بحزن ليسألها أخيراً:.

-حبيبتي، بقيتي كويسة؟
نظرت نحو عيناه بمقلتيها الدامعتين و ملامحها التي تشبه الجرو الصغير لتجهش في البكاء فجأة فأحتضنها معتصم بقوة محاولاً بثّ الطمأنينة في قلبها، فأردف بسرعة:
-زينة، زينة خلاص كفاية عياط علشان خاطري، حبيبتي كفاية متتعبيش قلبي بالله عليكي
رفعت وجهها من صدره لتبدأ شهقاتها بالتعالي و هي تحاول التحدث:.

-مش قادرة، كل يوم تعب و أكتر من اليوم اللي قبله، و الدكتورة بتقولي طبيعي، أنا حاسة إني بموت يا معتصم، مبقتش عارفة أنام حتى ولا أرتاح، حتى أنت مش سايباك في حالك و مرمطاك معايا، و شغلي اهملته جداً لدرجة أن مستر عادل قالي هيديني أجازة لحد ما أخلف
جلس معتصم في مقابلها محيطاً وجهها بكفيه و هو ينظر نحو مقلتيها الحزينتين ليردف:.

-زينة، عدي أسبوعين بس على موت عبدالله، و أنا غصب عني متغير معاكي و زعلان، حتى أنتي زعلانة علشان ريهام الله يرحمها، و ناسية أدويتك و مش بتاخديها بإنتظام، و تعب الحمل مأثر على تركيزك في الشغل و بعدين أنتي كان المفروض تاخدي أجازة من الشغل أو ما عرفتي بالحمل، حبيبتي أنتي مبقيتيش خفيفة و قادرة تتحركي و تتنططي زي ما بتعملي في العادي
وضع قبلة هادئة على رأسها ثم أقترب من أذنها ليهمس بنبرة مطمئنة:.

-هرجع من الشغل النهاردة بدري و هجيب الغدا من بره، و بعد كده هاخد بالي اكتر منك و من أدويتك أوعدك، بس في المقابل عايزك أنتي كمان تساعديني و تاخدي بالك من نفسك و من البيبي و أنا مش موجود، و كمان تبدأي تظبطي الرواية بتاعتك و تشوفي الأكونت بتاعك اللي بقالك فترة مش بتفتحيه ده و تكتبي حاجة جديدة ماشي؟
أبتعد عن أذنها ليعود ينظر نحو عيناها مردفاً بإبتسامة جميلة:.

-هستني النهاردة أفتح النت و أنا في الشغل و ألاقي مقال حلو من مقالاتك، يلا أوعديني
هزت رأسها بالإيجاب لتحيط جسده بذراعيها دافنة رأسها في صدره، فأحاطها هو الآخر بذراعيه هامساً بالكثير من الإعتذارات بسبب إهماله لها الفترة الماضية، أبتعد عنها ليترك الحجرة بينما دلفت هي الي المرحاض لتحصل على حمام دافئ..

توجه نحو المطبخ ليبدأ في إعداد سندوتشات سريعة لها مع بعض الخضراوات، أنتهي منهم ليتجه نحو الغرفة من جديد و يضعهم على المنضدة في منتصف الغرفة، نظر في ساعة الحائط ليجد ان مازال أمامه بعض الوقت، أسرع بترتيب الفراش و جمع ملابس زينة الملقاة في كل مكان من الغرفة فكانت في حالة فوضي كعادتها، توجه نحو الأريكة ليحمل طبق الذرة المحمصة المتبقي به القليل منه بالإضافة الي كوب العصير الفارغ، أقترب من المرحاض من جديد ليلقي بالملابس امامه مردفاً:.

-حطي هدومك دي في الغسالة، و بطلي ترجعي من بره ترمي هدومك على الأرض أنتي مش عايشة في زريبة
صرخت زينة عليه بغيظ من خلف الباب:
-الله يرحم لما كنت أنا اللي بلم وراك هدومك في اول الجواز، و بعدين أنا واحدة حامل و بتعب من أي حاجة
-سلميلي على الحجج و الأعذار.

تركها ليتجه نحو المطبخ و يضع الطبق و الكوب في الحوض ثم أتجه نحو الغرفة من جديد و خاصةً نحو ( الكومدينو ) ليفتح درجه الأول و يخرج علبة الأدوية الخاصة بزينة، أخرج بعض الأدوية منها و أعاد العلبة في مكانها مردفاً:
-زوزو، الفطار على السرير و معاه كوباية ماية و الدوا بعد الفطار كمان أهوه، و ظبطت ليكي الأوضة فيه بس طبق و كوباية جوه أغسليهم أنتي، أنا همشي يا حبيبي عايزة حاجة؟

-عايزة سمك تونة على الغدا يا معتصم
نظر الي باب المرحاض بسخرية و تحدث و كأنها أمامه تماماً:
-مش عايزة سلامتي يعني؟
-و سلامتك يا حبيبي علشان تعرف تجيبلي السمك
-ربنا على الظالم

خرج من منزله بإبتسامة ثم رفع المفتاح الإلكتروني لسيارته و قبل أن يضغط على الزر وجد من يقف امامه، أبتسم و هو يجد عزت امامه، فأردف:
-أزيك يا عزت
-الحمدلله يا معتصم، و أنت و زينة أخباركم أيه؟

عقد معتصم ذراعيه أمام صدره ليقول بنبرة عبثية:
-علي حد علمي أخباري بتوصل ليكم أول بأول و علشان كده أنت هنا دلوقتي، ولا جاي زيارة؟
أبتسم عزت من ذكاء معتصم ليضربه على كتفه مردفاً:
-لا جاي في شغل، حاجة ليها علاقة بمهمة واشنطن
-وسيادة اللوا عارف؟
هز عزت رأسه بالإيجاب لينظر معتصم في ساعة يده مردفاً بتفكير:
-طيب انا قدامي حوالي نص ساعة، تعالي نقعد في أي كافيه قريب و قولي في أيه؟
-طيب يلا.

و توجه كلاهما نحو مقهي راقي قريب، و بعد جلوسهم و طلبهم مشروبات بدأ معتصم الحديث:
-لو جاي علشان أخو العالم الهندي ده فأنا مراقبه و بحاول أعرف كل تحركاته و لو فيه أي حاجة غلط
قاطعه عزت و هو يومأ برأسه نافياً:.

-لا يا معتصم، انا جاي علشانه فعلاً بس مش علشان مراقبتك ليه، انا عارف أنك واخد مهمة مراقبته و أنك تفهم غرضه من وجوده في مصر، بس لأ أنا جاي في حاجة تانية، عندي معلومات مؤكدة بتقول أن يوراج الخمس شهور اللي فاتوا كان بيدور و بيحاول يعرف أنهي دولة اللي اخدت أخوه، و طبعاً ده بطرق غير قانونية أو زي ما احنا الأتنين عارفين عن طريق شغله في السحر الأسود بالعفاريت و الجن.

-و طبعاً وصل لإنهم هنا و علشان كده هو في مصر، وبردوا بطرقه دي يقدر يوصل هو فين
هز عزت رأسه بالنفي و أكمل:
-لا مش هيقدر، و السبب مش هقدر أقوله ومش عايزك تزعل منى بس
قاطعه معتصم و هو يومأ برأسه بتفهم:
-أنا فاهم يا عزت، المعلومة اللي مش معايا مستحيل حد يقدر ياخدها مني، و مش زعلان و ده اللي في مصلحة الكل
ضحك عزت بخفة و هو يعقد ذراعيه أمامه مردفاً:.

-أحنا لينا قعدة تانية بعد دي أعرف انت ليه مدخلتش حربية لما أنت فاهم كل حاجة كده و ما شاء الله ذكي، بس خلينا دلوقتي في المهم، يوراج بدأ ضربه من بعيد لبعيد، عرف أن أحنا الخمسة كنا مسئولين عن حبس العلماء كلهم، أمبارح بركات كان راجع بيه و ماشي في شارع لوحده حس ان فيه حد وراه بس ملقاش حد
-أوعي تقول أن موضوع العفاريت ده بجد!
أومأ عزت برأسه بأسف قائلا:.

-للأسف أه، بركات سمع صوت في دماغه بيسأله عن العالم الهندي و حسّ أنه بيتوهم لحد ما بدأ صداع جامد في دماغه و كأنها بتتعصر، و بعد كده وقع على الأرض و محسش بأي حاجة غير لما لقي أخته اللي متجوزة فوق راسه في نفس الشارع و عيونها بيضا تماماً و معاها سكينة و كانت نازلة بيها على قلبه، لولا انه قام بسرعة و حاول يوقفها بس فجأة أخته اللي كانت ضعيفة بقت بتضربه بغباء و عرف كده أن حد مسيطر عليها و أن غالباً ده جن، فبدأ يقرأ قرآن لحد ما لقاها بتضعف و وقعت في الأرض في الآخر مغمي عليها و صحيت مش فاكرة أي حاجة.

نظر له معتصم بعدم أستيعاب لما قاله عزت ليقول:
-يعني أنت عايز تفهمني أن حالياً كلنا ممكن نموت بسبب واحد مجنون بيلعب بالعفاريت و الجن و بيدور على اخوه!
جاء النادل حاملاً قهوتهم، ليضعها على الطاولة ثم رحل ليتحدث عزت:
-خد بالك من زينة و من نفسك، و أحنا أن شاء الله خلال الكام ساعة اللي جايين هنجيب يوراج و نحاول نوقف اللي هو بيعمله.

-طيب أنا عندي شغل مهم و فيه شحنة مخدرات هتتسلم النهاردة بالليل لازم أروح على أسكندرية، و زينة اليومين دول هتقعد في البيت و مش هتخرج
-خلاص تمام أنت مارس شغلك عادي و أنا هحط عليك و على زينة حراسة يتدخلوا في حال حصل أي حاجة بس خليك حذر
أمسك معتصم بفنجان قهوته ليرتشف منه القليل مجيباً بشرود:
-ربنا يسترها
.

أمسكت بكوبها الكبير الممتلئ بالشاي و الحليب لترتشف رشفة كبيرة منه ثم أعادت وضعه في مكانها و هي تكمل قراءة روايتها من البداية، لقد كانت على تلك الحالة لأربعة ساعات متواصلة تقرأها و تصحح أخطائها و تضيف بعض الجُمل، و اخيراً وصلت بعد ساعة آخري الي كلمة النهاية لتبتسم و تحفظ الملف و تريح ظهرها على الأريكة بتعب، وضعت كفها على بطنها المنتفخ قليلاً لتبتسم مردفة:.

-لما أنت لسه مجتش و تاعبني أمال لما تيجي هيحصل أيه؟
نظرت الي الساعة، لوت ثغرها و ألتقطت الدواء من جوارها و أخذته مع قليل من الماء، و انتفضت فجأة و هي تشعر بشئ يضرب بطنها من الداخل، تعالت دقات قلبها و هي تشعر بركلة أخري صغيرة، أحتوت بطنها بكفيها و تساقطت دموعها بسعادة و هي تستشعر ركلات صغيرها، أمسكت بهاتفها بسرعة لتهاتف معتصم و الذي ما أن أجابها حتى صرخت بسعادة:.

-معتصم، أبننا أتحرك، و الله اتحرك، ضربني في بطني أنا حسيت بيه، هو عمال يضربني، أنا، أنا مش عارفة أقول أيه بس مبسوطة أوي
أبتسم معتصم من سعادتها ليردف بسخرية:
-ايه ده بجد؟ سوري يا مامي بس بابا حس بضربات بنته من أمبارح مع أنها جواكي أنتي، بس كنتي نايمة زي الجموسة ليلة أمبارح و أنا كنت بتكلم مع بنتي شوية لحد ما لقيتها بترد عليّا
-أخس عليك يا معتصم يعني أتحرك من أمبارح و مقولتش ليّا.

قلب معتصم عيناه بنفاذ صبر مردفاً:
-علفكرة هتكون بنوتة بطلي تعامليها على أنها مذكر
-أحنا لسه منعرفش و أنت مش راضي تخلينا نعرف غير لما أولد، متأكد منين بقا؟
-أحساسي بيقولي كده، و أنا بصدق أحساسي في كل حاجة
أبتسم ليكمل بحب:
-مبروك يا قلبي
-الله يبارك فيك يا معتصم، بقولك أيه أوعي تنسي السمك و أنت جاي، تونة هااه!
-حاضر و الله حجزتلك و 3 ساعات و هبقي عندك مع الأكل، اي حاجة تاني يا كوين زينة!

-أه متتأخرش عليّا يا كينج
أغلقت المكالمة لتنظر في حاسوبها و تفتح حسابها المزيف لتجد مئات من الرسائل المرسلة تفحصتهم لتجد الكثيرين يتسائلون عن سبب غيابها، أبتسمت لتبدأ في كتابة منشور جديد:
مررت بأسابيع عصيبة تلك الفترة، ما أن تنتهي مشكلة حتى تظهر كارثة أخري لتلحق بها و في نهايتها كان ملاك الموت قد أصدر قراره بقبض روح أحد المقربين الي قلبي..

و اخيراً بعد مرور تلك الأسابيع المميتة من وجهة نظري حدث شئ جديد، رائع، عظيم، لا أعرف تماماً كيف يمكنني وصفه و لكنه أحساس الأمومة الذي أعيشه للمرة الأولي، شعرت بركلات طفلي الأولي في معدتي، و أقسم أنني كنت أتأوه من الألم بسبب الحمل، و لكن الآن أشعر أن هذا لا شئ في مقابلة أن يأتي طفلي للحياة على خير، بل أنا على أستعداد لخوض تلك التجربة و هذا الوجع آلاف المرات في مقابل أن أشعر بما شعرت به اليوم..

متمردة
قامت بنشر المنشور ما أن أنتهت حتى تبتسم براحة و هي تبعد الحاسوب عن قدميها، تذكرت فجأة أن ترسل روايتها الي أحد دور النشر، فأمسكته من جديد لتبدأ بالبحث عن تلك الدار التي تعشق كل ما تنشره من كتب، و بعد دقائق كانت تضغط على كلمة إرسال في موقع الدار لتبتسم أخيراً و هي تشعر أنها تخط بخطوتها الأولي في الحياة.

أرتفع رنين هاتفها ليخرجها من تلك السعادة التي كانت تشعر بها، وجدته رقم غريب، أجابت بتعجب:
-ألو، مين؟
-زينة، زينة أنا كريم، ألحقيني يا زينة
أنتفضت من مكانها بسرعة لتشعر بألم قوي في ظهرها و لكن حاولت أن تظهر طبيعية و هي تسأله:
-كريم بالراحة فهمني في أيه؟ أنت جبت التليفون ده منين و أتكلمت أمتي؟
-هحكيلك كل حاجة بس تعالي خديني من هنا
هزت رأسها بالإيجاب و هي تتجه نحو خزانتها مردفة:.

-طيب طيب انا جاية، أبعتلي اللوكيشن و أنا جاية علطول
أغلقت المكالمة لترتدي فستان واسع يتناسب مع حملها و بدت رائعة به، رفعت خصلاتها للأعلي في هيئة ذيل حصان أرتدت حذائها الرياضي و ألتقطت حقيبتها و هاتفها لتخرج من المنزل بسرعة متوجهة نحو هذا الموقع الذي أرسله إليها كريم بسيارتها.

خرج صلاح من الشركة الخاصة به و حراسه، صعد الي سيارته بينما أشار لحراسه مردفاً:
-محدش ييجي ورايا.

أغلق الباب و نظر الي السائق مردفاً:
-علي البيت يلا
أنطلق به السائق نحو المنزل بينما إبتسامة شر أرتسمت على وجهه مردفاً:
-كده يبقي كله كمل، فاضل التنفيذ بس و هتكوني في حضني قريب يا زينة و بمزاجك
أرتفع رنين هاتفه ليلتقطه و وجد مدير أعماله جابر ، أجابه بملل:
-خير يا جابر
صمت للحظات و هو يتسمع له قبل أن يقول بحدة:.

-أنا قولت تنفذ يبقي تنفذ و أنت ساكت يا جابر و دلوقتي حالاً يلا، و أقسم بالله لو ما نفذت لهخليك تعفن في السجن
عاد الي صمته من جديد بعد أن أغلق المكالمة و هو ينظر أمامه ببرود، و مرت ثواني قبل أن تصطدم سيارة كبيرة بسيارة صلاح التي أنقلبت عدة مرات حتى أستقرت بسقفها على الأرض بينما في الداخل صلاح ينزف الدماء من أماكن عديدة في جسده و فقد وعيه، أو ربما حياته!
.

أنتهي من سرد الخطة ثم وضع يده على رقبته بتعب و هو يدلكها، فأردف فاروق بعملية:
-تمام، كل حاجة هتكون جاهزة قبل معاد التسليم، و احنا هنكون هناك على الساعة 12، عن أذنك هخلص شوية إجراءات الأول
-ماشي يا فاروق روح.

غادر فاروق المكتب فأقترب معتصم من مكتبه بتعب و جلس على مقعده ممسكاً بهاتفه فوجد أن زينة أتصلت به ثلاثة مرات بدون رد، تنهد و اعاد فتح الصوت ليتصل بزينة، و لكن توقف و أبتسم ليفتح الفيس بوك و يدخل الي حسابها المزيف و يبدأ في قراءة منشورها الآخير بإبتسامة، أنتهي و كاد أن يتصل بها و لكن قاطعه أتصال عزت له، عقد حاجبيه بتعجب و قلق و أجابه.
.

ضغطت على المكابح بقوة لتتوقف سيارتها و سرعان ما غادرتها لتلتفت حول نفسها في محاولة لإيجاد كريم في هذا المكان الخالي من البشر، دارت فجأة لتصدم بكريم يقف خلفها تماماً و يحدق بها بعيناه العجيبة، حاولت كتم صرختها أثر إخافته لها لتردف بقلق:
-كريم أنت كويس صح؟ قولي أيه اللي حصل و أيه المكان الغريب ده؟
أرتدت فجأة الي الخلف و هي تراه يرفع سكينه الحاد و عيناه مصوبتان نحوها لتقول بخوف:.

-كريم أنت أكيد مش هتعمل كده صح؟ كريم ردّ عليّا مالك بس و انا عملتلك أيه؟
أبتسم كريم إبتسامة واسعة أفرجت عن أنيابه الحادة للظهور، و لوهلة شعرت زينة أنها تنظر نحو مصاص دماء، و أردف كريم:
-عملتي كتير، انتي سبب بعدي عن أهلي، و جه وقت تدفعي التمن أنتي و عيلتك كلها، بس قبل كل ده لازم أسألك سؤال، فين مكان العالم الهندي بيان؟
عقدت زينة حاجبيها بدهشة و هزت رأسها بعدم فهم مردفة:.

-عالم مين و هندي أيه؟ أنا معرفش انت بتتكلم على أيه؟
-هعيد السؤال للمرة الآخيرة يا زينة
قاطعته بصراخ و هي تكاد تموت خوف من أقترابه منها و سكينته الحادة في وجهها:
-معرفش مين ده و الله، معرفهوش يا كريم أعقل و خلينا نتفاهم
قبل أن ينطق كريم بكلمة واحدة كان يقف خلفه رجلين يصوب كلاً منهما سلاحه نحو ظهره، فأردف أحدهم بهدوء:
-سيب السكينة من إيدك.

تراجعت زينة في خوف بينما لم يعيرهم كريم إهتمام بل أقترب أكثر من زينة التي كادت أن تبكي من شدة الخوف على طفلها و زوجها، فعاد الشاب يقول بحدة:
-أقف مكانك و سيب السكينة بدل ما هخلص عليك
-مش قبل ما أخد حقي منها.

هجم كريم على زينة بسكينة فصرخت الآخيرة بينما أنطلقت طلقات نارية من مسدس الشاب لتستقر في قدم كريم ليسقط على الأرض في الحال و قد أنفجرت الدماء من قدمه، بدأ الشاب الآخر بتلاوة القرآن بينما يقترب من زينة ليأخذ بيدها بعيداً عن كريم الذي بدأ جسده في الإرتعاش و الإنتفاض صارخاً بلغة غير مفهومة، حتى هدأ تماماً بعد دقائق ليسقط فاقداً وعيه.

علي الجانب الآخر كانت زينة تحارب بكل طاقتها لتبعد هذا الذي يرتل القرآن بصوته العذب عنها و هي تصرخ و تبكي و قد تملك الخوف منها تماماً حتى لم تعد تعرف عدوها من صديقها، أقترب منهم شاب ثالث بطالة مهيبة رغم صغر سنّه ليشير للشاب الأول بحمل كريم بينما أقترب من زينة ليمسك بيدها مبعداً أياها عن الآخر و قال:
-مدام زينة، مدام زينة أنا النقيب أشرف فوقي أنتي كويسة.

تسلل صوته الهادئ و المألوف الي أذناها، لتفتح عيونها الممتلئة بالدموع و تمسحهم بسرعة ناظرة الي هذا الشخص أمامها، و هنا فقط أبتسمت و عادت تبكي من جديد في آن واحد مردفة:
-أنت أشرف صح، أنا أعرفك، كنا مع بعض في واشنطن
ربت على كتفها بهدوء مردفاً:
-بالظبط، ممكن تهدي بقا و تتفضلي معانا
-هنروح فين
أردفت بسؤالها ليحرك أشرف رأسه قائلا:
-مكان أمان ليكي، و معتصم هييجي على هناك يلا بينا
.

وقف أمام باب المكتب الذي تقطن خلفه زوجته يحاول تنظيم أنفاسه، دق الباب بخفوت و أنتظر أذن الدخول الذي جاءه سريعاً ليفتح الباب بسرعة و يدور بعنياه داخله باحثاً عن من سرقت كيانه بالكامل، و لم تمر لحظات من دخوله ليشعر بها تتعلق في عنقه و تجهش في البكاء، ضمها بقوة الي صدره دافناً وجهه في خصلاتها و أردف بنبرة مطمئنة:
-أهدي يا زينة، عدت على خير يا حبيبتي، الحمدلله عدت على خير.

أبتعدت عنه بينما مازال يحيط وجهها بكفيه، فأكملت بكائها و هي تردف من بين شهقاتها:
-كريم يا معتصم، هو كان ماسك سكينة و عاوز يقتلني، معرفش ليه عمل كده، معقولة كل ده كان بيمثل علشان ميتسجنش، طيب ليه عمل كده أنا أعتبرته أخويا الكبير، أنا رفعت عنه قضايا كتير كانت ممكن تخليه يعيش حياته كلها في السجن اول ما يخف، كنت بزوره كل أسبوع علشان ميكونش لوحده، ليه عمل كده يا معتصم، ليه كان هيقتلني.

رفعت كفيها لتحيط وجهه هي الآخري و أزداد بكائها لتكمل:
-انا خوفت يقتل أبننا يا معتصم، و بعدين يقتلك أنت و بابا و ماما، أنا خايفة يا معتصم خبيني أنا خايفة
كانت هذه آخر كلماتها قبل أن تنهار بالكامل لتفقد سيطرتها على جسدها و كادت أن تسقط على الأرض و لكن ذراعي معتصم منعاها و ضمها الي صدره بقوة لتكمل بكائها و هي ترتجف خوفاً، أرتفع صوت اللواء خيري مدير المخابرات :
-معتصم، أقعد و قعّد مراتك يلا.

-حاضر يا فندم
حملها معتصم بين ذراعيه ليضعها على الأريكة التي كانت تجلس عليها و جلس بجوارها بينما ذراعيه مازالا حولها، فتنهد خيري مردفاً:
-كريم حصل ليه نفس اللي حصل لأخت بركات، و دلوقتي هما خدوه و هيرجعوه المصحة، و هتضطروا تفضلوا معانا كام ساعة تحت عنينا لحد ما الموضوع ده يخلص
-ممكن أسأل على حاجة يا فندم؟
أومأ خيري برأسه متفهماً و أردف:.

-عارف يا معتصم هتسأل على أيه؟ أحنا هنقدر نسيطر على يوراج و هنحبسه و هنخلص كمان من عفاريته دي، متقلقش أنت و متشغلش بالك، خد بالك من زينة بس الكام الساعة الجايين دول علشان الحمل
ضغط خيري على زر أسفل مكتبه ليدخل بعد لحظات أحد الضباط الي المكتب فأردف خيري:
-خد معتصم و زينة على مكتب النقيب أشرف و ميخرجوش من هنا غير بأمر منى شخصياً.

أدي الضابط تحيته العسكرية مصحوبة بالعبارة التقليدية تمام يا فندم ، ثم ألتفت نحو معتصم و زينة و أشار لهما نحو الخارج، فوقف معتصم و حاول مساعدة زينة في الوقوف و لكن خانتها قدماها من جديد، فأنحني ليأخذها بين ذراعيه و خرج متقدماً الضابط الذي بدأ يرشده على مكتب أشرف، وصل الجميع بسرعة ليتركهم الضابط و يتحرك بعيداً، بينما دلف معتصم و زينة و رحّب بهما أشرف بإبتسامة.
و بعد عدة دقائق سأله معتصم بحيرة:.

-أنت كنت هناك إزاي يا أشرف؟
-أعتقد سيادة المقدم عزت قالك أنه هيعين حراسة على مدام زينة من بعيد و ده اللي حصل
-و موضوع يوراج ده هيتقفل النهاردة
أبتسم أشرف و أردف بثقة:
-طالما سيادة اللوا قالك هيخلص النهاردة يبقي النهاردة أتطمن
ثم إبتسم بلطف و سألهم:
-تحبو تتغدوا أيه بقا؟ أعتقد محدش فيكم أتغدي و مدام زينة محتاجة غذا علشان البيبي، ألف مبروك.

أبتسم معتصم و هو يري طريقة أشرف البسيطة لمحاولة إخراج زينة من إنهيارها، فأجابه:
-الله يبارك فيك، عقبالك، بالنسبة للغدا ييجي هنا عادي؟
-هنطلب أوردر من أي مطعم و نديله عنوان أقرب مكان من هنا و هروح أستلم الأوردر
هز معتصم رأسه بتفهم و نظر نحو تلك الصغيرة بين يديه ليضع قبلة حنونة على خصلاتها و سألها:
-حبيبتي تتغدي أيه؟
رفعت عيناها ببراءة شديدة و خاصة مع تلك الدموع التي تملأهما، لتقول كجرو صغير:.

-عايزة سمك تونة

أستيقظت من نومها و قد عقدت حاجبيها بإنزعاج من صوت الهاتف، نظرت الي ساعة الحائط أمامها بتعجب أنها منتصف الليل! أمسكت هاتفها لتري من المتصل و قد كان سيرجي تتذكر عندما كانت تحتفظ برقمه من أجل معالجة جاسر بعد وفاة ريهام، تنهدت بتعجب و قد أجابت مردفة:
-السلام عليكم.

-و عليكم السلام، انا أعتذر على الإتصال في هذا الوقت، و لكن أنا قلق بعض الشئ على عبدالله و لا يوجد معي سوي رقم هاتفك و هاتف والده مغلق ايضاً
صمت للحظات قبل أن يكمل بقلق:
-تحدثت إليه منذ أسبوعين و أخبرني أنه سيعيد الإتصال بي و لكنه لم يفعل، و حاولت الإتصال به مراراً و كان هاتفه مغلق، هل هو بخير؟ هل لديكِ أي أخبار عنه؟

أزاحت أميرة غطاء الفراش عنها بتعب و حزن، راقبت جاسر الذي ينام على الفراش، ثم توجهت نحو الشرفة و هي تقول بحزن:
-سيرجي، أنا مش عارفة اقولك أيه و الله بس
تحدث سيرجي بسرعة:
-هل أصابه مكروه؟ أّصُيب في مهمة!
-تقريباً، هو أتصاب فعلا و الإصابة كانت خطيرة، و للأسف عبدالله مات قبل ما الدكاترة يلحقوه
صمت سيرجي لثواني يحاول أستيعاب ما قد تفوهت به للتو، ليقول بحروف مبعثرة و متلعثمة:.

-مات! أنـا سأغلق الخط، و أسف على الإزعاج من جديد
-سيرجي دقيقة
و لكنه كان قد أغلق الخط بالفعل، فأبعدت الهاتف عن أذنها و هي تلتقط نفساً عميقاً شاعرة بما قد حدث لقلب سيرجي الآن، شعرت بكف يوضع على كتفها، ألتفتت لتجد جاسر الذي ينظر لها بتعجب و سألها:
-كنتي بتكلمي مين دلوقتي كده؟
نظرت إليه بحزن قبل أن تحتضنه بقوة دافنة رأسها في صدره، فأحاطها بذراعيه في هدوء في إنتظار إجابتها التي جاءته سريعاً:.

-سيرجي كان بيتصل لأنه مش معاه رقم حد غيري، كان بيسأل عن عبدالله
رفعت رأسها لتنظر إلي جاسر و أردفت بنبرة مرتعشة:
-و عرف أنه مات، قفل علطول
مرر جاسر أنامله في خصلاتها المتحررة ليقول بإبتسامة حزينة:
-محتاج وقت يستوعب بس، سيبيه يستوعب و هيرجع يتصل بيكي علشان يعرف مكان قبره لما ينزل مصر
هزت رأسها بتفهم لتبعد رأسها عن صدره مردفة:
-صحيت إزاي؟ انت نايم من غير السماعة؟

-حسيت بيكي و أنتي بتقومي من جنبي، فلبستها و جيت أشوف مالك، يلا تعالي ننام أرتاحي شوية قبل ما عماد يصحي و يصحيكي معاه الليل كله
.

أرتفع رنين الساعة لتعلن عن الساعة الخامسة فجراً، و كانت تلك الصهباء تجلس على فراشها بخوف و هي تنظر حولها في إنتظار زوجها الذي ذهب لإتمام إحدي مهماته و لم يأتي بعد، امسكت هاتفه و أتصلت به للمرة الثلاثين و لكن تأتيها تلك الرسالة المسجلة التي تكرهها الرجل الذي طلبته مغلق أو غير متاح الآن ، أغلقت الهاتف و ألقته الي جوارها بتعب، وضعت كفها على بطنها المنتفخ و قالت بتعب:.

-يا تري بابا فين؟ أتأخر أوي علينا مش كده!
نظرت الي جهاز تحكم التلفاز بجوارها و الكتاب الي جوارها، و سألت بحيرة:
-مسلسلات ولا الكتاب؟
أنقلبت شفتيها بضحكة ساخرة لتقول لنفسها:
-علي أساس أنك هتجاوب يعني و كده
صمتت للحظات و قد أتخذت قرارها مردفة:
-أحنا نسيب الكتاب لما بابا ييجي نقرأه سوا و نتفرج على التليفزيون.

أمسكت بجهاز التحكم لتقوم بتشغيل التلفاز و تغيير قنواته بملل حتى توقفت فجأة عند صورة صلح التي تحتل الشاشة و تبدأ بقراءة الخبر:
مصرع رجل الأعمال المشهور حمدي الصمدي و المعروف بأسم صلاح صاحب شركة deep في سيارته بالقرب من الدائري، و قد أكدت عناصر الشرطة أنه حادث و ليس بفعل فاعل .

قرأت زينة الخبر عدة مرات و مازالت غير مصدقة ما يحدث، لا تعلم حتى بماذا تشعر هل تفرح بموته لأنها أخيراً ستتخلص منه، أم تحزن فمازال شاباً في ريعان شبابه، قاطع حيرتها صوت غلق الباب الخارجي، أبتسمت و هي تري معتصم يدخل الي الغرفة بإجهاد يظهر على وجهه في زيّه العسكري، أبتسم عندما وجدها في إنتظاره فهي لا تنام إن كان في مهمة، أقترب واضعاً قبلة سطحية على شفتيها و هو يشرع في خلع ملابسه..

أمسك بجهاز التحكم لتغلق التلفاز بينما هو يخلع ملابسه لتسأله:
-أتأخرت كده ليه قلقتني عليك؟
-معلش يا حبيبتي الإجراءات و سنينها، هاخد شاور و أجيلك علطول
سحب ملابسه من الخزانة و توجه نحو المرحاض و لكن توقف عندما سألته:
-أعملك عشا خفيف؟
ألتفت بإبتسامة مردفاً:
-بصراحة جعان جداً، لو مش هتعبك حاجة في السريع، لو مش قادرة هخرج أنا أعمل سندوتشات و أرتاحي أنتي
أبتسمت و هي تقف عن الفراش مردفة:.

-لا كفاية الفطار، أنا هعمل عشا خفيف و نتعشي سوا، خد شاور بسرعة و أخرج
تركته لتغادر الغرفة متجهة الي المطبخ ببطنها المنتفخ أمامها لتقول بصوت مسموع:
-شوفتي أبوكي خايف عليكي قد أيه و مش بيخليني أتعب نفسي علشانك، نجهز عشا أيه بقا؟ عايزة تاكلي أيه يا
صمتت فجأة و أنقلب ثغرها بتفكير عندما تذكرت أنهم لم يختاروا الأسماء بعد، فأكملت:
-هنبقي نشوفلك أسم حلو مع بابا، دلوقتي هنعمل العشا الأول.

و بدأت في إعداد العشاء الخفيف مع كوبان من عصير البرتقال الذي لا ينتهي أبداً، حملت الطعام الي الفراش و جلست بجواره في إنتظار معتصم، ليخرج بعد دقائق و يقترب منها بإبتسامة مردفاً:
-أنتي بترديهالي علشان عملتلك فطار الصبح؟
أقتربت منه محيطة عنقه بذراعيها و قالت:
-لا، أنا بدلعك علشان أنت جاي تعبان و يادوب تاكل و تنام، بس بكره الدور عليك تدلعني
أنحني ليحملها بين ذراعيه و يضعها على الفراش قائلا:.

-أنتي تؤمري يا كوين زينة، قوليلي أخدتي دواكي؟
هزت رأسها مع إبتسامة، ليبتسم هو الآخر مردفاً:
-طيب يلا ناكل علشان أنا جعان جداً
بدأ كلاهما بتناول الطعام لتقول زينة بتذكر:
-صحيح، أحنا مخترناش أسم للبيبي
أبتلع معتصم ما في جوفه لينظر له بإبتسامة قائلا:
-أحنا نعمل أتفاق، لو ولد أنتي تسميه و لو بنت أنا هسميها روضة
أمسكت زينة بكأس البرتقال لتقول بتفكير:.

-و لو ولد هنسميه عاصم علشان يبقي واخد من أسمك، عاصم معتصم السيوفي
أبتسم معتصم لها و غمز مردفاً:
-لا المرة الجاية و عليكي خير، أنتي هتجيبي بنوتة و هتشوفي
-هنشوف يا سيادة الرائد
-قلب سيادة الرائد من جوه
أقترب مقبلاً وجنتها بحب، و عاد يكمل طعامه، و بعد دقائق عادت هي تقول:
-سمعت الأخبار؟
-أه، لو قصدك على صلاح فأه عرفت أنه مات
أبتسمت زينة رغماً عنها و قالت:.

-مش قصدي شماته و الله ربنا يرحمه، بس مش شايف أن كل حاجة وحشة بدأت تبعد عننا، و كأن الحظ أخيراً أبتسم لينا، صلاح مات، و عزة رجعت مع عمها البلد، و نيرة أختك و مرتضي هيستقروا في مصر، خلصنا من يوراج و أي حاجة تربطنا بمهمة واشنطن، جاسر عنده حفلة في الجونة كمان يومين أحتمال كبير يتكرم فيها عن الفيلم بتاعه، بابا و ماما ربنا يخليهم كويسين، و أحنا منتظرين نونو صغير، بجد الحمدلله كل حاجة بقت كويسة.

أنتهي معتصم من طعامه، لينظر نحو زينة و هو يحاول ان يتذكر:.

-كنتي كاتبة في روايتك الحياة كالميزان المتزن، أحدي الكفّتان السعادة و الآخري الحزن، لا يزداد أحدهما عن الآخر بمثقال ذرة ، و هرجع أقولهالك، الدنيا كانت مقفلة معانا بقالها كتير، و دلوقتي أهيه بتفتح في وشنا، محدش عارف ممكن بكره يكون مخبي لينا أيه، و علشان كده لازم نستغل كل لحظة نحمد ربنا و نشكره على السعادة دي، و ندعي أنها تستمر فترة أطول، حتى لو كانت الدنيا سودا قدامك أوعي تستسلمي يا زينة، و خليكي بتشكري ربنا و تسأليه السعادة قريب فاهماني؟

أبتسمت لتقترب و تحيط عنقه بذراعيها مردفة:
-لو الدنيا كلها مفهمتكش يا معتصم، أنا بفهمك مش بس بفهمك لأ، أنا بحسك، بحس بكل كلمة بتقولها و قصدك بيها، أحنا قدام بعض كتب مفتوحة و يمكن دي أحلي حاجة ممكن تحصل في أي علاقة
-طب بما أني كتاب مفتوح فأكيد حاسة أني تعبان جداً و هموت و أنام، يلا ولا أيه؟

تركها ليمسك بالطعام و يغادر الغرفة ثم عاد بسرعة و أغلق الأنوار ثم أتجه نحو المرحاض ليجدها تغسل أسنانها، أمسك بالفرشاة الخاصة به و أستند الي الحائط يراقبها، لتنظر له بتعجب و تسأله بحروف مضحكة:
-بتبصلي كده ليه؟
-بحبك بعيوني، مراتي و أنا حر فيها، أبصلك أحضنك أبوسك
رفعت كفها أمام وجهه لتقول بنفس النبرة المضحكة أثر وجود المعجون في فمها:
-الدبلة بقت ضيقة عايزة أوسعها
صرخ معتصم في وجهها مردفاً:.

-يا بنتي ليه كده، عايشين لحظة رومانسية دبلة أيه و زفت أيه، أقولك حاجة أنا رايح أغسل سناني في الحمام التاني، أشبعي بقا بالدبلة و المعجون
ثم تركها ليغادر المكان بينما هي أبتسمت و تعالت ضحكاتها و هي تهمس لنفسها:
-قلب أمه، صعبت عليّا يا صاصا
ثم عادت تضحك من جديد و هي تكمل غسيل أسنانها بإستمتاع متذكرة كلماته التي كانت لها أثر غريب على قلبها، تنهدت بقلة حيلة من عشقها لصاحب الزّي الميري..
.

ركض نحو غريب الذي يقف في إنتظاره و هبط دموعه بلا توقف و هو يضع نفسه بين ذراعيه ليبكي كـطفل في أحضان والده، أرتفع صوت شهقاته لتدل على ندمه على كل فعل قبيح قام به، نظر غريب للضابط ليومأ له بتفهم و يتركهما سوياً..
أبتعد غريب عن معتز بهدوء و أردف:
-أهدي شوية و أقعد خلينا نتكلم
جلس معتز على مقعده و الندم يتآكله، نظر نحو غريب بملامح مثيرة للشفقة خاصةً بعد قضائه فترة لا بأس بها في السجن، ليردف برجاء:.

-أرجوك يا غريب أنا محتاج مساعدتك، أنا عايز أخرج من هنا، مش قادر أستحمل أكتر من كده، غلطت و ندمت و الله العظيم ندمت على كل حاجة عملتها زمان، الناس اللي أتأذوا بسببي و اللي ماتو بسببي، حتى ريهام ندمت على اللي عملته فيها و الله، أنا مش عارف أنام
أجهش في البكاء من جديد و هو يتذكر كل ما يحدث له منذ أن أستيقظ ضميره معاتباً أياه على كل ما فعله ليكمل:.

-بشوف أرواح الناس اللي أتقتلوا بسببي في كل حتة حوليّا، حاسس أني أتجنيت، أنا بشوفهم بجد يا غريب، هما عايزين يقتلوني زي ما قتلتهم، و ريهام، ريهام بتجيلي كل يوم بالليل و بتقطع في لحمي
ربت غريب على كتفه بشفقة و أردف:
-معتز، دي مجرد هلاوس، مفيش حاجة من دي بتحصل، دماغك بتصورلك الحاجات دي.

صرخ معتز بعدم تحمل لكلمات غريب التي تحرقه ليقطع قميص السجن و يظهر صدره أمام غريب الذي وقف في ذهول و فزع من هول العلامات الدموية التي تحتل جسد الآخير..
نظر معتز الي غريب بكسرة ليقول:
-مش هلاوس يا غريب، أرجوك خرجني من هنا، انا بموت كل ليلة و أنا لوحدي و مش معايا حد غيرهم، و بقيت بروح المستشفي مرة كل أسبوع بسبب ريهام، حتى الناس اللي محبوسين هنا مش سايبني في حالي، خرجني من هنا مش هقدر أستحمل أكتر.

سقط على ركبتيه ليكمل بكائه بينما لازال غريب ينظر له بدون أن ينطق بكلمة واحدة، فقط مصدوم مما يمر به معتز، هو يعلم أنه يهلوس، ولكن لا يعلم سبب تلك العلامات في جسده، أخرجه من شروده صراخ معتز و هو ينظر نحوه و يقف بفزع مردفاً:
-غريب وراك، كلهم وراك يا غريب، عايزين يقتلوني، ألحقني منهم يا غريب، خرجني من هنا، أقتلهم، خليهم يبعدو عني.

بدأ معتز ينهار تدريجياً و هو ينظر في الفراغ خلف غريب و قد تحولت ملامحه الي الرعب، صرخ غريب هو الآخر ينادي الي الضابط، فدخل الآخير الي المكتب بسرعة و هو يشير الي حراسه نحو معتز ليأخذوه..
و لكن ربما كان للقدر رأي آخر حيث كانت أقدام معتز تتراجع الي الخلف و هو يصرخ و يقسم أنهم حوله يريدون قتله، وضع غريب يده على كتف الضابط ليصرخ:
-معتز هيقع من الشباك، حد يلحقه.

أقترب العساكر من معتز بسرعة ليمسكوا بكفيه و يحاولوا إبعاده و لكن بلا جدوي، تلوي بين أيديهم آلاف المرات قبل أن يفلت من بين كفوفهم و يتوجه نحو الشباك بدون وعي و يلقي بنفسه من الطابق الحادي عشر و يسقط صريعاً مسطراً نهايته المأسآوية..
الفصل التالي
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الختامي

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1530 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1126 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1165 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 963 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1734 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، عاشقي ، المخاطر ،











الساعة الآن 10:51 AM