logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:48 صباحاً   [22]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثالث والعشرون

سطعت شمس يوم جديد، و غمرت المكان بأشعتها الذهبية، فسقط شعاع منها على عيني الصهباء التي وضعت كفيها أمام عينيها بتكاسل، و أعتدلت ناظرة حولها بتعب، و لكن لم تجد زوجها بجوارها، عقدت حاجبيها بإستغراب، و أمسكت هاتفها لتتصل به، و جاءها رده السريع، و قال معتصم:
-صباح الخير يا قمر
أبعدت الغطاء عن قدميها بعنف، و قالت بضيق:
-أنت فين يا معتصم؟ إزاي تنزل من غيري؟

أبتسم الآخير ليجيبها بنبرة لطيفة محاولاً إبعادها عن حالة الغضب التي ستسيطر عليها الآن:
-حبيبتي، أنتي طول الليل صاحية معرفتيش تنامي، و طالما نمتي يبقي مش هصحيكي، و أتصلت بمنير أخدت ليكي أجازة النهاردة و بكره
قاله جملته الأخيرة بتردد، فردت عليه زينة بنبرة تملؤها الشك:
-النهاردة و بكره ليه يا معتصم؟
تنهد معتصم بقلة حيلة، و أجابها:.

-لأني في مأمورية يا زينة، و يومين و هرجع إن شاء الله مش هتأخر عن كده، و مش عايزك تقعي في مصيبة و انا مش جنبك، و مفيش حد هيلحقك فأخدتلك أجازة
توجهت زينة نحو الصالون قائله بنبرة غاضبة:
-يعني مش بس سافرت من غير ما تقولي، لا كمان أخدتلي أجازة! بتقرر سيادتك بدالي! و أنا قبل ما أتجوزك كان مين بيلحقني؟ ولا كان بيجرالي أيه أصلا؟
ثم قالت بعناد شديد و هي تجلس فوق الأريكة:.

-أنا هغير هدومي و رايحة شغلي، و أنت بقا حر أقعد يومين أسبوع شهر سنة، خد راحتك ما أنت كده كده مش فارق معاك الجارية اللي أشتريتها في البيت
أبعدت الهاتف عن أذنها بسرعة ما أن أستمعت الي نبرته القوية و الحادة و هو يقول:.

-أياكي تخرجي من البيت يا زينة، أنتي عارفة أن سفري دلوقتي غصب عني، أنا في المنوفية و راجع بعد يومين، و أنتي متخرجيش، أنتي المشاكل مش بتستناكي تروحيلها دي بتيجي لحد عندك و انا مش عايز ارجع ألاقيكي ميتة، فاكرة كريم لما بعت رجالة طحنوكي في الشارع قبل ما نرتبط! ولا ثرية اللي خلت الحيوان بتاعها يشوه جسمك بالسوط و فضلتي تتعالجي شهور! ولا منى اللي جابت ناس تقتلنا في الشقة لولا أننا هربنا ولا ألفريد اللي خطفنا! ولا ال100 قضية و تحقيق اللي مسكناهم من لما رجعنا و كنا هنموت فيهم أكتر من مرة، البيت متخرجيش منه، و منير انا أكدت عليه و قالي مش هتدخلي حتى الجريدة لحد ما انا أرجع مفهوم؟

ثم أكمل بنبرة هادئة و حنونة:
-أنا بحبك و مش عايز أخسرك، أرجوكي راعي ده و متزعليش مني
أردفت زينة بغيظ و سرعة:
-أنا بكرهك يا معتصم، و هنزل الشغل وريني هتمنعني إزاي
أغلقت الهاتف في سرعة، و وقفت متجهة نحو غرفتها لتأخذ حمامها الدافئ قبل أن ترتدي ملابسها، و تتوجه نحو باب المنزل، حاولت فتحه ولكنها فشلت، فضربت الأرض بقدميها في غضب قائله:
-و كمان قافل الباب و عايز تحبسني يا معتصم.

نظرت الي هاتفها الذي أرتفع رنينه للمرة العاشرة، و كالعادة وجدته معتصم، أغلقت الأتصال و أغلقت الهاتف بأكمله، و وضعته في حقيبتها بإهمال، و بحثت عن مفتاح للباب و لكنها لم تجد أي نسخة أخري، وضعت يدها في خصلاتها لتسحب مشبك شعرها المعدني، و عالجت قفل الباب بسرعة و في مهارة، ثم أبتسمت بإنتصار و هي تعيد مشبك شعرها الي مكانه، و أغلقت الباب خلفها، و ألتفتت لتقف بصدمة تحتل كيانها عندما وقعت عيناها على أخر من تريد أن تراه في هذه اللحظة، صلاح.


أبعد معتصم الهاتف عن أذنه بغضب بعد أن سمع رسالة مسجلة أن هاتف زينة مغلق، ثم أتصل بجنات التي أجابته بسرعة قائله:
-أزيك يا معتصم؟ عامل ايه يا حبيبي؟
تنهد معتصم بهدوء، و أجابها:
-الحمدلله يا ست الكل، و انتي أخبارك أيه؟
-الحمدلله كويسة، خير في أيه على الصبح كده؟ مش عوايدك تتصل دلوقتي!
زفر معتصم بضيق و أجابها:.

-انا في مأمورية يومين في المنوفية، و سايب زينة في البيت و أخدتلها أجازة من الشغل علشان مش عايز أرجع ألاقيها في مصيبة، بس قالت أنها هتخرج و هتروح الشغل و زعقت و قفلت موبايلها، تقدري تتطمنيلي عليها و تخليها عندك اليومين دول بس
أبتسمت جنات من تصرفات صغيرتها و حيرة معتصم في أمرها كالمعتاد، و قالت:.

-حاضر يا معتصم، أنا هروح ليها بنفسي، و هجيبها تقعد معانا لحد ما أنت ترجع، و مش هخليها تعمل مصايب، هحاول يعني موعدكش
ضحك معتصم بخفة، و هتف:
-يكفيكي شرف المحاولة يا ست الكل، زينة دي عايزة تتكلبش في السرير و مش هتسكت بردوا، حاولي معاها
هزت جنات رأسها بالإيجاب و قالت:
-حاضر متقلقش، روح أنت شوف شغلك علشان ترجع ليها بسرعة، خد بالك من نفسك يا حبيبي.

-و أنتي كمان يا ست الكل، و خدي بالك على زينة، و سلميلي على جاسر و عمي
-يوصل يا معتصم، مع السلامة
أغلقت الأتصال، و نظرت أمامها بحيرة من امر أبنتها، ثم وقفت متجهة نحو خزانة الملابس مردفة بنبرة منزعجة:
-وربنا لو طلقك يبقي ليه حق

في أدغال البرازيل.

وقف سيرجي خلف شجرة، و قلبه يكاد يخرج من مكانه من شدة الخوف، بينما يقف عبدالله خلف شجرة أخري بجواره في صمت و هو يراقب هذا القط البري أمامهما، ينتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض عليهما، فهمس سيرجي بخوف:
-اللعنة عليك سنموت بسبب أحلامك و أحلام ريهام، أريد الخروج من هنا.

أصدر القط صوتاً يشبه زئير الأسد، قبل أن يقفز نحو سيرجي الذي صرخ و أبتعد عن الشجرة بسرعة، ثم صدر صوت أطلاق نار، و أنتصب سيرجي واقفاً أمامه قبل أن يلتفت ليجد القط يصدر مواء ضعيف، نظر الي عبدالله الذي يوجه مسدسه الي القط، ثم قال بدهشة:
-لقد كان معك منذ البداية و لم تقتله!
رفع عبدالله كتفيه بلامبالاة قائلا:
-أستنيت اللحظة المناسبة و أديني قتلتله
أقترب منه سيرجي بغضب، و صرخ:.

-أنت مجنون، في البداية تأتي للبرازيل حتى نذهب الي الأدغال، ثم تترك الفوج السياحي و المرشد و الأمن، و الآن نحن نسير في وسط الأدغال لا نعرف طريق العودة، و حياتنا معرضة للخطر في كل لحظة تمر، ما الحل الآن أيها العبقري؟
سار عبدالله أمامه و تجاهله، فذهب سيرجي ورائه و أكمل صراخه:
-أجبني ما الحل؟
ألتفت له عبدالله بحذر، و نطق بعد تردد صغير:
-هنرجع للطريق، و هناك هنلاقي عربيتي و هنرجع للفندق.

عقد سيرجي ساعديه بملل، و سأله من جديد:
-ياللبساطة، كيف لم أفكر في هذا؟ كيف سنعود و نحن نجهل الطريق؟
أبتسم عبدالله ببلاهة و أجابه:
-ما هو ده السر، أن أنا حفظت الطريق و أحنا جايين هنا، و عارف طريق الخروج من الأدغال!
وقف سيرجي معتدلاً، و نظر لها بصدمة و عدم تصديق، فعاد عبدالله خطوة للوراء قائلا بقلق:
-أحنا ممكن نرجع الفندق و بعدين تضربني عادي علفكرة، يلا نمشي.

ألتفت عبدالله ليكمل طريقه، فأمسك سيرجي بقميصه من الخلف، و أقترب ليهمس في أذنه بغضب:
-أقسم أنك ستندم على كل هذا القدر من الخوف و القلق الذي سببته لي
ثم تركه، و سار جواره في صمت، بينما كان عبدالله يحاول كتم ضحكاته حتى لا يهجم عليه سيرجي الآن، و بعد دقائق توقف في مكانه، و قفزت صورة ريهام الي رأسه، أرتفعت دقات قلبه في إشتياق، فنظر له سيرجي و سأله بقلق:
-ماذا؟ هل أنت بخير؟

نظر عبدالله حوله بتمني و أجابه:
-نفس الأحساس بتاع كل مرة، حاسس انها جنبي و حوليّا يا سيرجي، هي ممكن تكون عايشة؟ بس إزاي!
ربت سيرجي على كتفه بشفقة و قال:.

-لا تضيع عقلك بين صفحات الماضي، أنت تعلم جيداً انها ماتت، و لم تعد هنا بيننا، و لكن ربما أنت تشعر بروحها تحوم من حولك دوماً سعادةً بتنفيذ أحلامكما سوياً، ريهام ليست في هذه الدنيا، و لكنها هنا في قلبك تماماً، حافظ عليها بداخله، ولا تفسد عقلك من أجل أوهام لا أساس لها من الصحة
أشار الي صدر عبدالله الذي تنهد بوجع، و أكمل الطريق مع سيرجي في صمت..

عقدت زينة ساعديها أمام صدرها بضيق و قالت:.

-خير، صدقني لو فيه حد مش عايزة أشوفه في وشي دلوقتي هيبقي أنت، رجعت ليه أحنا مش كنا قفلنا صفحتك
أجابها صلاح بحنان، و هو ينظر الي عينيها تماماً:
-وحشتيني يا زينة، وحشتيني أوي
رفعت سبابتها في وجهه و أردفت بتحذير:
-لم لسانك و أتكلم عدل بدل ما أقطعهولك
أعتدل صلاح في وقفته، ثم قال برجاء:
-طيب ممكن ندخل نتكلم شوية، انا ما صدقت معتصم سافر يومين، عاوز أتكلم معاكي.

أمسكته زينة من قميصه بقسوة، و سألته و القلق يفطر قلبها:
-أوعي يكون سفر معتصم أنت ليك يد فيه!
هز صلاح رأسه بالنفي، و أجابها:
-لا و الله، أنا مراقبكم بقالي كتير، و أول ما عرفت انه سافر جيتلك علطول ممكن نتكلم بقاا
تركته زينة بسخرية، و أحاطته بنظراتها من رأسه الي قدميه قائله:
-لسه جبان و خسيس زي ما أنت، بس الفرق أنك نضفت شوية
ثم أكملت بحدة واضحة:.

-مليش كلام معاك، و لو هيكون فيه هيكون جوزي جنبي، فاهم ولا تحب افهمك بطريقة مش هتعجبك!
تمسك صلاح بالصندوق الذي يمسكه في غضب، و هتف بحدة:
-يمكن أه مليش علاقة بسفرية جوزك بس ده مش معناه أن فيه 2 بيراقبوه، و مستنيين مكالمة علشان يخلصوا عليه، تفتحي الباب بقاا و نتكلم دلوقتي، ولا أنا اللي أعاملك بأسلوب مش هيعجبك.

رفعت قبضته، و توجهت لكمتها الي فكه مباشرةً، و لكنه أمسك كفها بحدة، و قربها اليه أكثر قائلا:
-شكلك مستغنية عن جوزك و عن روحك، بقول يلا هنتكلم
حاولت زينة تحرير كفها من قبضته و لكنها عجزت تماماً عن هذا، بينما ألقي هو بالصندوق على الأرض، و أخرج مفتاح من بنطاله، و فتح الباب، ثم دفعها الي الداخل بعنف، و سحب الصندوق و دخل مغلقاً الباب خلفه، فنظرت له زينة بغضب قائله:.

-كمان مفتاح البيت معاك، انت عارف أنك دلوقتي في بيتي و لو قتلتك مش هاخد فيك 3 دقايق حبس
أقترب صلاح منها مرة أخري و قال بحب:
-عارف، ممكن نتكلم بقا، أنا مش عايز غير أننا نتكلم، و أوعدك أنتي و معتصم في أمان، أقعدي بقاا
جلس صلاح على الأريكة، بينما ظلت الآخري واقفة أمامه تعقد ساعديها أمام صدرها، ثم نظرت الي ساعة على الحائط و قالت:
-قدامك 5 دقايق، أتكلم و غور.

وضع صلاح الصندوق على الطاولة، و قال بإبتسامة:
-أول حاجة دي هدية بسيطة ليكي يا رب تقبليها
نظرت زينة للصندوق بملل، و قالت:
-مبقبلش هدايا، غيره
حاول صلاح تمالك نفسه، فرسم إبتسامة أخري و قال:
-حاضر يا حبيبتي
قاطعته زينه بنبرة حادة و قوية:
-لسانك!
زفر صلاح بضيق، و وقف قائلا:.

-بقولك أيه بقا، انا مش هسكت كتير، أنتي عارفة كويس أني بحبك و عايزك معايا، أتطلقي من معتصم و تعالي نتجوز، و هوفرلك كل اللي ممكن تحتاجيه، أنتي عارفة أني معايا فلوس أضعاف معتصم، و هخليكي عايشة أميرة
صفقت زينة بيدها مرة و تعالت ضحكاتها، بينما تراقبها نظرات صلاح الغاضبة، ثم قالت:
-أتجوزك! و أتطلق من معتصم صح! انت جاي تهزر ولا أيه؟ هتقول كلام مفيد ولا تبقي شرفتنا و أتفضل بره.

أمسك صلاح ذراعها بقوة، و قال بضيق:
-أنا مش بهزر، ولا بقول نكت، انا بقول بحبك و عايزك معايا، و برضاكي و من غيره هتكوني معايا و ليّا أنا يا زينة
دفعته زينة بقوة شديدة فسقط صلاح على الأرض، و قالت بنبرة مرتفعة و غضب:.

-لا يا أخويا فوق كده و صحصح، انا زينة السعيد، عارف يعني أيه! أنا لا كنت ليك ولا هكون، انا لواحد تاني لو تعرفه، أسمه معتصم، معتصم السيوفي، و الا أنت دلوقتي في بيته، يعني تقف كويس و تتكلم بإحترام، و إلا هوريك حرمه ممكن تعمل أيه فيك؟ و دلوقتي أتفضل بره و متورنيش وشك المقرف ده تاني، بدل ما هعملك فيه عملية تجميل، غور بره
وقف صلاح و قد تملك منه الغضب، و رتّب ملابسه، ثم أردف بنبرة متوعدة:.

-ماشي يا زينة، خليكي فاكرة أني جيتلك بالحسني و أنتي رفضتي، متبقيش تزعلي من اللي هيحصل
كاد أن يذهب، و لكن أوقفه صوتها الحاد و القوي تقول:
-أياك تفكر تمس معتصم بسوء، أنت في بيتي و أتهجمت عليّا و فيه كاميرات مراقبة في كل مكان في البيت، و على باب الشقة، يعني أي حاجة هتحصل لمعتصم هخلي عشماوي يمرجحك، يلا غور.

تركها صلاح و أنصرف غاضباً، و أغلقت هي باب المنزل، ثم جلست على الأريكة، و فتحت هاتفها، ثم أتصلت بمعتصم الذي أجابها بسرعة:
-أخيراً يا هانم
ظهر صوتها المختنق من رغبتها في البكاء، و هي تقول:
-خد بالك من نفسك
شعر معتصم بالقلق من نبرتها التي يعملها جيداً، فسألها:
-زينة مالك؟ حد عملك حاجة؟ انتي كويسة؟
هزت زينة رأسها بالنفي، و أنفجرت في البكاء و سردت له كل ما حدث، و صمت معتصم للحظات، ثم قال بحزم:.

-مامتك جايالك في الطريق يا زينة، هتروحي معاها عندكم و أياكي تخرجي من عندها لحد ما ارجع، و أنا هتصرف متقلقيش
تحدثت بنبرة ضعيفة و مرتجفة:
-خد بالك من نفسك علشان خاطري
أبتسم معتصم رغماً عنه و قال بحنان:
-حاضر، اهدي و بطلي عياط، أمسحي دموعك يلا، و قومي جهزيلك شنطة صغيرة علشان تروحي لمامتك، و أنا هفضل معاكي على الفون لحد ما هي تيجي و تروحوا.

هزت زينة رأسها بالإيجاب، و توجهت الي غرفتها لتبدأ بتجهيز حقيبة صغيرة، بينما يلقي معتصم على مسامعها عبارات مطمئنة حتى جاءت جنات، و أخذتها معها الي منزلها.

أغلق معتصم الأتصال أخيراً مع زينة، و زفر بضيق من صلاح، و شرد قليلاً يحاول التفكير في حل لإبعاد صلاح عنهما تماماً، و لكن قاطع شروده صوت أنوثي من خلفه، فألتفت محاولاً رسم إبتسامة، و سألها:
-خير يا فِكر؟ كنتي بتقولي أيه؟

رفعت فكر حاجبها الأيمن بتعجب، و عادت تكرر:
-بقول لحضرتك سرحان في أيه؟ النقيب شوكت و عصام مستنيينك من بدري
هز معتصم رأسه بتفهم، و توجه نحو الإثنان المتمركزان حول طاولة صغيرة، و قال بهدوء:
-أسف يا جماعة، كان معايا تليفون مهم، نرجع تاني للي كنا بنقوله
ثم نظر خلفه، و قال بحزم:
-أيه يا سيادة الملازم، هتفضلي واقفة كده!

أقتربت فِكر منهم و أعتذرت، و بدأ معتصم شرح المهمة و أبعادها، و تعاون الجميع لوضع أفضل خطة للهجوم على أكبر وكر للمخدرات في مصر..

أرتفع صوت جرس الباب، فتوجهت زينة لفتحه، و أبتسمت عندما وجدت كامل و جاسر أمامها، فدخل الأثنان الي المنزل و هم يطالعونها بنظرات تعجب من ملابسها المنزلية التي تجلس بها، و بعد أن جلس الجميع، سألها كامل بذهول:.

-أنتي بتعملي أيه هنا يا زينة؟ ولابسة كده ليه؟ أنتي أتخانقتي مع جوزك؟
أنقلبت ملامح زينة، و قالت بإعتراض:
-لا يا بابا بعد الشر، بس معتصم في مأمورية و قالي أجي أقعد عندكم هنا علشان مش عايز يرجع يلاقيني في كارثة
ثم نظرت الي جاسر بحماس، و سألته في فضول:
-عملت الأنترفيو؟
هز جاسر رأسه بالإيجاب في صمت، فعادت زينة تسأل:
-طب أيه الأخبار؟!
وقف جاسر في غضب، و قال بنبرة مرتفعة:.

-هيكون أيه يعني، عادي، كان يوم عادي جداً، ممكن بقاا توقفي فقرة الأسئلة دي لأني أتسألت بما فيه الكفاية النهاردة
أنكمشت زينة في مقعدها، و نظرت لجاسر بعتاب، و تركتهم و أتجهت الي غرفتها، فزفر جاسر بضيق و عاد يجلس على مقعده، و وجد كامل يربت على ظهره في حنان، و قال:
-أدخل أوضتك أنت كمان خد شاور و غير هدومك و أرتاح شوية، و أنا هبعت السواق يجيب أميرة و عماد من البيت، خلينا نقضي كلنا يومين هنا.

هز جاسر رأسه في صمت، و توجه نحو غرفته، بينما تنهد كامل بتعب من حال جاسر الذي ما زال متأثراً بقوة بعد موت ريهام، و توجه نحو المطبخ، فوجد جنات تستند الي الطاولة و التعب بادي على وجهها، أقترب منها بلهفة و قلق و سألها:
-جنات مالك؟ أنتي كويسة!
سحب مقعد بجوار الطاولة، فجلست جنات عليه بتعب، و أجابته:
-دوخة عادية يا كامل متقلقش، ما أنا بقالي يومين مش باكل كويس، وطي بس على الأكل ولا أقفل بدل ما يتحرق.

نفذ كامل ما قالته في صمت، ثم عاد إليها و سألها بعتاب:
-طب أنتي تعبانة، و زينة هنا مش بتعمل معاكي ليه؟
-و من أمتي أي حاجة أنت بتاكلها زينة بتمد إيديها فيها يا كامل؟ أنت عارف أكلك لازم اعمله بنفسي
أبتسم كامل بحزن و طبع قبلة صغيرة على كفها، و قال:
-طيب أبقي خليها تساعد بأي حاجة، متتعبيش نفسك يا جنات علشان خاطري
هزت جنات رأسها بالإيجاب، ثم سألته:
-جاسر كان بيزعق ليه؟

ربت على ظهرها بحنان، و أردف بشرود:
-متشغليش بالك أنا هتعامل، يلا قومي انتي أرتاحي و أنا هكمل الغدا
تركته جنات و غادرت المطبخ كما أمرها، و خلع هو جاكيت حلته الزرقاء، و وضعه على ظهر المقعد، ثم رفع أكمام قميصه القطني، و ألتقط هاتفه و أتصل بالسائق ليحضر أميرة و حفيده عماد، و عاد يغلقه ليكمل طهي الطعام بدلاً من زوجته..
.

أنتهي جاسر من أرتداء ملابسه، ثم خرج متجهاً نحو غرفة زينة، و دق الباب مرتان قبل أن يدخل، فنظرت له زينة بغضب، و قالت:
-أنا مش قولت قبل كده متدخلش غير لما أقولك
لكزها جاسر في ذراعها بخفة، و قال بمشاكسة:
-خلاص بقا متعمليش فيها زعلانة و مقموصة و مستنياني أصالحك
دفعته زينة عنها بحدة، و هتفت:
-لا و الله، طب أخرج بره بقاا.

أمسك جاسر ذراعها و حاول ضمها، و لكنها وضعت كفيها على صدره لتمنعه، و بعد عدة محاولات تمكن أخيراً، و قال لاهثاً:
-في أيه يا بنتي؟ كل ده علشان حضن! خلاص بقا متزعليش مني، أنا أسف يا ستي
أبعدته زينة عنها من جديد، و عقدت ساعديها أمام صدرها، و قالت بطفولة:
-لا مليش دعوة
وضع قبلة على خدها، و جلس امامها ممسكاً بكفيها و قال بحب:.

-متزعليش بجد، بس النهاردة كان يوم رخم أوي، و طلع فيكي، فكي بقاا مش عايزك زعلانة، أنا مليش غيرك
ضربته زينة على قدمه قائله بإبتسامة:
-خلاص سماح المرادي، أيدك على 500 جنيه بقاا
أنقلبت ملامح جاسر، و وضعه يده على أذنه قائلا:
-أيه ده مش سامع! السماعة شكلها بايظة ولا أيه؟
ضربته زينة على صدره، و ضحكت بخفة، ثم ضمته إليها بحب، فأبتسم جاسر و ضمها هو الآخر بإبتسامة...
.

مر يومان، و عاد معتصم الي القاهرة، و توجه مسرعاً نحو منزل كامل، و ما أن وصل حتى دق الباب بلهفة، فوجد زينة تفتح له، أبتسم بإشتياق قبل أن يحملها بين يديه، و تتعلق هي في عنقه بشوق، و قالت بحب:
-وحشتني أوي
دفن معتصم وجهه بين خصلاتها بحب، و أجابها:
-و أنتي كمان وحشتيني أوي
جاءهم صوت جاسر يقول بمشاكسة:
-طب مش على السلم كده، أدخلوا حضنوا جوه.

أبتسم معتصم، و كاد أن ينزل زينة و لكنها تعلق في عنقه بقوة، فقال بإحراج:
-أزيك يا جاسر
أبتعد جاسر عن الباب ليعطيهم فرصة للدخول، و أجابه:
-الحمدلله، حمدلله على سلامتك
-الله يسلمك
دخل معتصم الي المنزل، فأغلق جاسر الباب، و أردف:
-زينة جوزك جاي من سفر، أنزلي كفاية متتعبيهوش
أبتعدت زينة برأسها عن عنقه، و نظرت الي معتصم قائله:
-عايزني أنزل؟

أبتسم معتصم و هز رأسه بالنفي، فعادت تضمه من جديد بشوق، فسأل معتصم:
-فين بابا و ماما؟
أقترب جاسر يجلس على مقعد، و أجابه:
-نزلوا من بدري، خرجوا شوية سوا يغيروا جو، تعالي أقعد مفيش حد هنا، و أميرة نايمة جوه هي و عماد
هوي معتصم بجسده على أقرب مقعد، و زينة مازالت على قدمه تضمه إليها، فنظر معتصم بتساؤل على حالة زينة، و رفع جاسر كتفيه بجهل، فقال معتصم:
-حبيبتي مالك؟ أنتي كويسة.

أبتعدت زينة عنه، و أجابته:
-أه كويسة متقلقش، زهقت ولا أيه؟
وضع معتصم يده على خدها بحب، وأجابها:
-مزهقتش ولا حاجة، بس عايز أتطمن عليكي
أشار جاسر نحو غرفة زينة و قال:
-أدخل خد شاور و أرتاح شوية يا معتصم، و أنا هجيبلك هدوم، وأنتي يا زينة أعمليله أكل خليه ياكل.

هز الأثنان رأسهم بالإيجاب، و توجه معتصم نحو غرفة زينة، بينما توجهت هي الي المطبخ لتحضر له طعام خفيف، ثم خرجت بعد دقائق و توجهت الي غرفتها، و وضعت الطعام على طاولة صغيرة، و أقتربت من الحمام و دقت الباب بخفة، و سألت:
-انت نمت جوه ولا أيه؟

جاءها صوته يخبرها أن تدخل، فدخلت بتعجب، و وجدته يقف أمام المرآة، و يلف خصره بمنشفة، و يمسك بماكينة الحلاقة الأحتياطية التي يضعها في منزل كامل، فأقتربت منه و قالت بإعتراض:
-أنت بتعمل أيه؟
رفع الماكينة في يده، و قال بسخرية:
-سيادتك شايفة أيه؟
سحبت منه الماكينة و وضعتها مكانها، و جلست أمامه على رخام الحوض، و وضعت يدها على خديه قائله:
-أنت عارف اني بحب دقنك طويلة.

نظر معتصم الي نفسه في المرآة، و قال بتردد:
-طويلة! أنتي بتحبي دقني طويلة؟! أمتي ده!
أنكمشت ملامحها بذعر و قالت:
-نعم؟ هو أيه اللي امتي؟
نظر معتصم الي عينيها بذهول، و قال:
-لا فوقي كده، أنتي بتستعبطي صح؟ أنتي بتحبي دقني خفيفة
تكونت الدموع في عينيها، و قالت بنبرة مختنقة:
-بستعبط! أنا مش بهزر علفكرة؟
أستند معتصم على الحائط بتردد، و عقد حاجبيه بتعجب، ثم هتف:.

-لا ما أنا لسه لا أتجنيت ولا عندي الزهايمر! أنا بخفف دقني بإستمرار علشانك
لمح شبح إبتسامة على شفتيها سرعان ما أختفي، فأقترب منها ممسكاً ذراعيها بغيظ و قال:
-بتستعبطي عليّا أنا! طب وحياة أمك ما انا مخففها دلوقتي
تعالت ضحكات زينة، ثم تركها معتصم و خرج الي الغرفة، و دق الباب، فقال معتصم بغيظ:
-أدخل يا جاسر
دخل جاسر الي الغرفة، و نظر له بتعجب من هيئته، و سأله:
-مالك عفاريتك طالعة كده ليه؟

خرجت زينة من الحمام، و هي تحاول كتم ضحكاتها و لكن ما ان نظر لها معتصم حتى أنفجرت من جديد، فهز جاسر رأسه بتفهم، و قال:
-أه مقلب مستفز، عادي يا معلم المفروض تكون اتعودت، خد ألبس و أرتاح شوية
ثم وجه نظراته و حديثه الي زينة و قال:
-و أنتي بطلي رخامة، معتصم راجع تعبان أكيد
و توجه جاسر نحو الباب ليخرج، و لكن سرعان ما عاد ينظر الي معتصم، و قال بعدم رضا:
-وأبقي خفف دقنك، شكلك أوفر.

ثم تركهم و غادر الغرفة مغلقاً الباب خلفه، و كادت زينة أن تقترب من معتصم، لكنه تركها و توجه الي الحمام من جديد ليرتدي ملابسه، و خرج بعد دقائق صغيرة، و هوي بجسده على الفراش، فأقتربت منه زينة قائله:
-خلاص متتقمصش
أمسك معتصم كفيها، و أسقطها بجواره على الفراش في غيظ، و اعتلاها قائلا:
-أنتي عارفة أني لثواني تخيلت أنك مش بتهزري؟ و شكيت في نفسي!
أحاطت عنقه بذارعيها، قائله بحب:.

-متزعلش مني، خلاص بقا قلبك أبيض
تركها معتصم، و عاد ينام على الفراش في صمت، فوضعت زينة رأسها على صدره، و قالت بحزن:
-خلاص بقا يا معتصم ده مقلب صغير
أحاطها بذراعه ليطمئنها، فتمسكت هي اكثر بقميصه القطني، و قال معتصم بتعب:
-أنا منمتش بقالي يومين، و بجد عايز أنام، ممكن؟
رفعت زينة رأسها، و سألته بلهفة:
-طيب كُل حتى؟ أنت وشك أصفر و
قاطعها مربتاً على خصلاتها بحب، و هتف:
-بعدين، بجد عايز أنام.

هزت زينة رأسها بالموافقة، و أعتدلت على الفراش، فوضع معتصم رأسه على صدره، و ضمها بقوة، بينما أبتسمت هي و مررت أناملها بين خصلاته حتى غطي في نوم عميق..

بعد ساعات أستيقظ معتصم، و خرج مع زينة ليجلسوا مع باقي العائلة، و سرعان ما أستأذنوا ليعودوا الي منزلهما، و بعد نقاشات بسيطة، وافق كامل على ذهابهم، فتوجه الأثنان الي المنزل من جديد، و ما ان دخلا حتى جلسا على الأريكة بتعب، فأقتربت زينة برأسها من قدم معتصم، و نامت عليها، و سألته بفضول:
-كان في أيه بقا في المنوفية؟
عاد معتصم برأسه الي الخلف، و أجابها:.

-قبضنا على تاجر مخدرات كبير في مصر، و حرزنا حوالي 35 طن مخدرات
عقدت زينة حاجبيها بذهول، و سألته:
-كمية كبيرة أوي دي مش كده؟
هز معتصم رأسه في صمت، فأعتدلت زينة و سألته بحماس:
-جبتلي حاجة حلوه من هناك ولا نسيتني؟
وضع معتصم يده على رأسه، و قال بقلة حيلة:
-يا سلام، و هو أنا أقدر أنسي، أفتحي الشنطة و هتلاقي فيها الحاجة الحلوه يا نغة.

نظرت له زينة بتعجب، و جلست على قدمه، و رفعت وجهه ليقابل وجهها و سألته بحنان:
-مالك يا حبيبي؟ أنت مش مظبوط خالص
-بفكر في حل لزفت الطين صلاح ده غير إني أروح أقتله و أخلص منه
ثم قال بتذكر:
-أه صح، انا كلمت سعد بعد ما قفلت معاكي بشوية و قولتله ييجي يغير كالون الباب، و هتلاقي النسخ كلها في الشنطة بردوا أنا عديت عليه أخدتها منه، قومي بقا هاتي الشنطة اللي فيها كل حاجة دي.

أومأت زينة برأسها، و أحضرت الحقيبة عائدة بسرعة الي معتصم، ففتحها و أخرج منها حقيبة متوسطة و قدمها إليها، و فتحتها زينة بفضول فوجدت حقيبة ظهر صغيرة باللون الأبيض، فقال معتصم:
-دي الشنطة رقم 13 اللي أجبهالك، أسمع صوتك بتقولي معندكيش شنط هرميكي من البلكونة
وضعت قبلة عنيفة على خده الأيمن و قالت بفرحة:
-بحب ذوقك أعمل أيه!
رفع معتصم حاجبيه بشك و قال:
-ذوقي بس؟

أبتسمت زينة و كانت على وشك أن تجيبه بأنها تعشقه، و لكن قاطعها نظرات معتصم المتعجبة و المتجهة خلفها، فنظرت الي ما ينظر له، و أغمضت عينيها بضيق، فلقد كان الصندوق الذي أحضره صلاح لها، كم تمقت هذا الأبلة!
عادت تنظر الي زوجها من جديد، و وجدت في عينيه الكثير من التساؤولات، فتنهدت قبل أن تخبره أنها من صلاح، و سرعان ما فتحت عينيها بسرعة، و قالت بحماس:.

-أستني، هو مش وجود بصماته عليها يأكد أنها بتاعته، و هي هنا في البيت و أحنا مكناش في البيت، فهو كده أتهجم على بيتنا و
قاطعها معتصم بضيق و مازالت نظراته موجهة الي الصندوق، و هتف:
-هيخرج منها بسرعة يا زينة، ده محتاج مصيبة كبيرة علشان يفضل في السجن لحد ما يعفن.

ظهر الأحباط على وجه زينة، ثم نظرت الي الصندوق من جديد، و أقتربت منه و ألتقطته، ثم ألقته ببساطة شديدة في صندوق القمامة بجوارها، ثم عادت الي معتصم من جديد و جلست بجواره، فضمها الي صدره، و أمسكت هي بجهاز تحكم التلفاز و فتحته، فهمس معتصم بجوار أذنها تماماً:
-قومي غيري هدومك يا كسولة
أبتعدت زينة عنه بسرعة، و وجهت أصبعها أمام وجهه قائله بتحذير:
-متتكلمش بالطريقة دي في ودني، بتلغبط و قولت كده 100 مرة.

عاد معتصم يقترب منها من جديد و قال بنبرة ذات مغذي و عينيه تتركز أمام عينيها:
-طب ما تخليهم 101.

دفعته زينة بقوة، و قفزت مسرعة الي الغرفة لتبدل ثيابها، بينما زفر معتصم بضيق، و أمسك بجهاز التحكم و بدأ يغير المحطات بملل، حتى دق باب منزله، فنظر الي ساعة يده بتعجب، الوقت متأخر للغاية! من سيأتي الآن! و كان يعلم تماماً أنه لن يحصل على إجابة الا بعد أن يفتح باب المنزل، فأقترب و فتحه بهدوء، بينما كفه يتركز على سلاحه المعلق في حذامه، و أتسعت عينيه بدهشة عندما وجد أمامه أربعة: شقيقته الصغيرة نيرة، و زوجها مرتضي، و عمته الكبيرة شوقية، و أخيراً الأفعي ذات الوجه البشع و التي لم تكن سوي، عزة!

.



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:49 صباحاً   [23]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع والعشرون

جلس الجميع في الصالون بعد الكثير من الترحيب، و جلست نيرة بجوار معتصم الذي يحتضنها بإشتياق، بينما أضطرت زينة للجلوس بعيداً عنه بجوار شوقية عمة مرتضي، فتحدث مرتضي أخيراً ببعض الإحراج:
-أعذرني يا معتصم جينا مرة واحدة، بس نيرة قالت أنها عايزة تعملهالك مفاجأة
وضع معتصم قبلة قوية على خدي نيرة، و أبتسم بفرحة قائلا:
-دي أحلي مفاجأة في الدنيا
ثم نظر له و سأله بإهتمام:.

-بس مش قولت هتيجي على الشهر الجاي؟!
هز مرتضي رأسه و أشار نحو عمته مجيباً:
-أه بس ده كان علشان عمتو عندها شغل، بس اتفاجئت بيها بتقول انها أجلت كل شغلها و عايزة تنزل خلال يومين، و مقدرتش أقول لأ و خصوصاً ان بابا تعبان
-ألف سلامة عليه، أن شاء الله هيقوم منها بالسلامة
أمّن الجميع على دعائه، فقالت شوقية بإبتسامة:
-طب مش يلا نمشي ولا أيه؟ كفاية كده خلينا نروح البلد!
نظر لها معتصم بدهشة و قال:.

-إزاي بس مينفعش أنتو لسه واصلين؟ هترتاحوا و هتقعدوا هنا يومين، ولا أيه يا زينة؟
أبتسمت زينة بترحاب، و أردفت:
-أكيد طبعاً مينفعش تمشوا، هتقعدوا هنا يومين لأن أكيد نيرة واحشة معتصم جداً و عايز يقعد معاها كتير، و أنتو تعبانين و لازم ترتاحو من السفر و البيت هنا كبير الحمد لله هيقضينا كلنا
أكملت زينة حديثها مع شوقية و مرتضي لإقناعهم، بينما نظر معتصم الي شقيقته الصغري بحنان و سألها:.

-عاملة أيه يا حبيبتي؟ أنتي كويسة!
أبتسمت نيرة، و أجابته بسعادة:
-كويسة جداً يا أبيه، كفاية أني معاك دلوقتي، أنت كنت واحشني اوي
أحتضنها معتصم بقوة و تنهد قائلا:
-بس أنتي جنبي بردوا يا نيرة و لسه وحشاني و مش عارف أشبع منك
همست في أذنه بطفولة:
-طنط زينة هتقنعهم نقعد هنا يومين، و هنفضل سوا علطول، حتى لما نيجي ننام مش هسيبك
ثم أبتعدت عنه و تبدلت ملامحها لتقول بعتاب:.

-بس أنا جيت ليك أهوه، انت ليه مش بتيجي ليّا هناك في بيت مرتضي؟
وضع معتصم قبلة صغيرة على خدها، فحقق هدفه و أبتسمت له فأجابها:
-لأن ظروف شغلي مش مخلياني عارف اخد أجازة طويلة أروح فيها لحبيبة قلبي، أوعدك أول ما هقدر هاجي أقعد معاكي يومين في أمريكا، مبسوطة بقا دلوقتي؟

هزت نيرة رأسها برضا، ثم تمسكت بملابسه بقوة فضمها معتصم الي صدره بحنان، ثم نظر الي زينة التي أبتسمت بحب من علاقته بصغيرته، و أخيراً بعد محاولات كثيرة وافقت شوقية على بقائهم هنا ليومين، و خلال كل تلك الأحاديث لم تتفوه عزة بحرف واحد، كانت تراقب معتصم و زينة في صمت، فتحدث معتصم لزينة:
-هتقدري تقومي تعمليلنا عشا ولا أطلب من بره!
وقفت زينة بإبتسامة و قالت:
-لا طبعاً هقوم، عن أذنكم.

أمسكت شوقية كفها بإحراج و قالت:
-حبيبتي ملوش لزوم
ربتت زينة على كفها الممسك بخاصتها، و قالت بإحترام:
-إزاي بس، كفاية وجودك في بيتنا، أنا لو أقدر هعملك وليمة كاملة مش عشا بس
شكرتها شوقية بإبتسامة إعجاب، ثم طلبت من زينة أن تساعدها في إعداد العشاء، و بعد نقاشات خفيفة وافقت زينة، بينما نظر مرتضي الي معتصم و تبادلوا أطراف الحديث حتى نامت نيرة على صدر معتصم بتعب، فوقفت عزة مقتربة منهما و قالت:.

-هاتها هدخلها ترتاح
هز معتصم رأسه بالنفي و قال بحدة:
-سيبيها معايا، انا هدخلها بعد ما تتعشي
أنحنت عزة ناظرة الي وجه معتصم و قالت بإبتسامة ماكرة:
-نيرة لو صحيت مش هتنام تاني، سيبني أدخلها
خرجت زينة بإبتسامة مرحة لتقول لمعتصم:
-حبيبي العشا جاهز
صمتت فجأة عندما وجدت عزة تقف في مقابل معتصم و تنحني أمامه بتلك الطريقة، فأقتربت منهما و أبعدت عزة بهدوء قائله بنفس إبتسامتها المرحة:.

-أيه ده القمر الصغيرة نامت؟ تعالي حبيبي دخلها ترتاح في أوضتنا
أمسكت عزة ذراع زينة و قالت بإبتسامة لطيفة:
-مفيش داعي أنا هدخلها
ربتت زينة على ذراعها بإبتسامة مستفزة و قالت:
-لا إزاي يا طنط ميصحش، أرتاحي أنتي و معتصم هيدخلها، يلا يا حبيبي
أمسكت عزة ذراع زينة بحدة بدون قصد و قالت:
-أيه طنط دي؟ أنا في سن معتصم علفكرة
أبعدت زينة كف عزة عنها، و قالت ضاغطة على شفتيها ببراءة مصطنعة:.

-بجد! معلش مخدتش بالي أصل شكلك أكبر منه بكتير، أتفضلي أرتاحي
وقف معتصم حاملاً نيرة بين ذراعيه الي غرفته، بينما أبتسمت زينة بإستفزاز الي عزة و عادت الي المطبخ، فجلست عزة بجوار مرتضي الذي قال بحدة:
-أنتي هتقعدي هنا شهر، أي حركة مش مظبوطة و الله العظيم لأجيب عمك يجيبك من هنا فهماني يا عزة
ردت عليه الآخري و هي تشتعل غيظاً منه:
-فهماك طبعاً، بس انت عارف ده بيكون غصب عني
همهم مرتضي بسخرية ليردد:.

-أه طبعاً غصب عنك، و علشان كده المفروض تكوني في مصحة نفسية يسيطروا عليكي، بس مع ذلك أنتي هنا، فبلاش تروحي مصحة يا عزة.

لم تجيبه و لكنها صمتت بغضب، هي تعلم أن مرتضي يعرف بأمر خدعتها، و لكنها دائماً ما تنكر هذا أمامه و تحاول التصرف بعفوية، و أخيراً بعد أنتظار سنتين بعيداً عن معتصم ها هي في منزله و لمدة شهر كامل، عادت تفكر بإنزعاج من زينة، تري هل ستتمكن من التقرب من معتصم بعد زواجه على الرغم من عجزها عن ذلك قبل الزواج! و لم تفكر و لو للحظات أن كل ما تتمناه من المحرمات..
.

عقدت ساعديها أمام صدرها بغيظ و هو يقف أمامها لا يعرف ماذا يفعل، فهمس أخيراً:
-زينة بالله عليكي خليكي أعقل من كده، ده احنا لسه بنقول يا هادي!
أمسكته من قميصه بحدة و قالت:
-أياك تسمح ليها تقرب منك فاهم يا معتصم بدل ما أرميك من البلكونة
ضمها معتصم الي صدره بحب و همس:.

-طب وطي صوتك نيرة نايمة، و حاضر مش هخليها تقرب مني، أنتي وجودك جنبي اللي مخليني موافق على وجودها هنا أصلا، متبقيش عيلة بقا و تزعلي من أولها، أنا لسه معاكي و هفضل كده
أبتعدت عنه لتنظر الي عينيه و قد أغرورقت عينيها بالدموع رغماً عنها و تمسكت بياقة قميصه، و قالت:
-أنت مقولتليش أنها حلوه قبل كده، هي أحلي مني
رفع معتصم كفيه ليحيط بوجهها، و أقترب منها قائلا بنبرة حنونة:.

-أبداً، و الله العظيم أنتي أحلي منها بمراحل، أنا مش شايفها أصلا، أنتي وجودك بيخليني مش شايف غيرك يا زينة
قلبت شفتيها و هي على وشك البكاء لتسأله:
-إزاي عرفت تقاومها زمان؟ هي فعلا حلوه أوي!
أبتسم معتصم و هو يشعر أنه أمام طفلة، و لكنه أجابها:.

-عرفت أقاومها علشان دي مرات أبويا، علشان ده حرام سواء هو عايش او ميت، علشان مينفعش، علشان أنا مش دي اللي تشدني حتى لو كانت حلوه، أنا لو كنت أختارت الرخيص من زمان يا زينة مكنش زمانك جنبي دلوقتي، انتي غالية أوي، مينفعش تحطي نفسك في مقارنة معاها أصلا، و علفكرة هي مكانتش كده، بس غالباً امريكا نضفتها شوية بس ده بردوا مش معناه أنها ممكن تعجبني بأي شكل من الأشكال، أنا بحبك أنتي و بس، و مش هكون لحد أو مع حد غيرك أنتي فاهمه.

هزت زينة رأسها بإبتسامة و هبطت دموعها رغماً عنها، فأحتضنها معتصم بحنان قائلا:
-متعيطيش، و يلا أمسحي دموعك خلينا نخرج ليهم.

مسح دموعها بأنامله، و وضع قبلة صغيرة على خدها، ثم أخذها و خرجا، لتتوجه هي للمطبخ حيث شوقية، و قاموا بوضع الطعام على المائدة، ليقترب الجميع و يشرعوا في تناوله في جو هادئ و مرح، و بعد أن أنتهوا وقفوا جميعاً أمام بعضهم في حيرة من أمرهم بشأن الغرف، و بعد محادثات طويلة أردفت شوقية:.

-خلاص انا و عزة كل واحدة هتنام على سرير في أوضة الأطفال، و مرتضي هينام في أوضة الضيوف و جيبوا نيرة تنام معاه، و أنتو في أوضتكم زي ما أنتم
هزت زينة رأسها بالنفي قائله بإبتسامة:
-معتصم عايز نيرة تنام في حضنه النهاردة، هياخدها منك النهاردة يا مرتضي
ربت مرتضي على كتف معتصم بإبتسامة و قال:
-خلاص براحتك، و لو عايز ترجعها تعالي عادي.

هز معتصم رأسه مع إبتسامة، و دخل الجميع الي غرفهم، و سحب معتصم ملابس لنفسه بسرعة و توجه نحو الحمام، فأقتربت زينة بغيظ و دقت باب الحمام قائله:
-متستعبطش يا معتصم بتجري على الحمام! أفتح عايزة أخد شاور
أجابها معتصم بلامبالاة من خلف الباب:
-أنتي عارفة أنا بقالي قد أيه قاعد بهدوم الخروج لحد ما أتخنقت! أنا عايز أخد شاور، عايزة تدخلي اتفضلي أنا مش قافل الباب بالمفتاح
أردفت زينة بذعر:.

-أنت عارف اني مش هدخل
-خلاص أبقي خلي كسوفك ينفعك، و أستني لحد ما أخرج
ترددت زينة قليلاً في أخذ ملابس لها و تدخل، ثم أبعدت الفكرة عن رأسها و جلست على الفراش بصمت في أنتظاره ليخرج، ففتح معتصم الباب و خرج عاري الصدر، و أقترب من زينة ليحملها بين يديه قائلا:
-مش هتدخلي غير كده
تمسكت برقبته بقوة و قالت بنبرة هامسة:
-معتصم نزلني، بقولك نزلني بدل ما أعلي صوتي و أصحي أختك تشوف أخوها المحترم بيعمل أيه.

نظر لها معتصم بدهشة و هتف:
-بعمل أيه؟ سيادتك مراتي ولا أنتي ناسية! خليكي يا أختي ياكش تولعي
أنزلها الي الأرض، و تركها و دخل للحمام من جديد مغلقاً الباب خلفه، فقلبت هي شفتيها بإنزعاج، ثم عادت تجلس في صمت، حتى خرج بعد دقائق و توجه الي المرآة في صمت ليعدل خصلاته، فأقتربت منه بتردد و كادت أن تتحدث و لكن قاطعها معتصم بنبرة هادئة:
-مش وقته الكلام، روحي خدي شاور.

تركها مرة أخري ليتجه نحو شقيقته الصغيرة و يجذبها لتنام على صدره و قد توسطت الفراش بينهما، فوقفت زينة في دهشة هذه المرة الأولي التي ستنام بها على ذات الفراش مع معتصم و لكن كلاً منهما في أتجاه معاكس للآخر، أتجهت للحمام في سرعة و اغلقت الباب خلفها..

بينما تنهد معتصم بحزن، فهو يعلم أنها بالتأكيد تبكي كعادتها في الداخل شدد على أحتضانه لصغيرته و أغمض عينيه في محاولة للنوم، و لكن هرب النوم من بين مخالبه، و أقترب الشوق ليقف مكانه، هو يشتاق لها يريد أن يضمها الي صدره، لا أن يتركها تبكي وحيدة في الداخل..
أبتعد عن نيرة، و أقترب من باب الحمام و دقه بهدوء و قال:
-زينة، أخرجيلي.

مرت ثواني قبل أن تفتح الباب لتقفز معانقة عنقه بقوة، و حاصرت خصره بقدميها، دفنت رأسها في عنقه و أكملت بكائها، فربت معتصم على ظهرها بهدوء و هو يهمس بإعتذارات لا تنتهي، ثم أختتم قوله قائلا:
-ممكن تهدي و تبطلي عياط، أنتي عارفة أني بكره دموعك.
أبعدت رأسها عن عنقه و مسحت دموعها و مازلت متعلقة بعنقه ليردف بحب:
-هتدخلي تاخدي شاور ولا تنامي
-هدخل
كاد أن ينزلها و لكنها تعلقت به أكثر، و قالت بتردد:.

-تعالي ساعدني
أبتسم معتصم و قال متجهاً بخطواته للداخل:
-سهلة يا ستي

جاء الصباح و شعرت زينة بأشعة الشمس مسلطة على عينيها بالإضافة الي صوت مرتفع بجوارها، أغمضت عينيها بقوة و دفنت رأسها في صدر معتصم أكثر، فضمها معتصم إليه، بينما أبتسم بنعاس و هو ينظر نحو نيرة التي أستيقظت و قالت:
-يلا يا أبيه قوم
وضع معتصم قبلة صغيرة على جبينها، و قال بإبتسامة:.

-هتلاقي مرتضي نايم في أوضة جنب باب الشقة روحيله على ما أصحي طنط زينة
هزت نيرة رأسها بسعادة و أسرعت تركض للخارج، بينما وضع معتصم قبلة صغيرة على شعر زينة و أردف:
-حبيبتي، يلا قومي ورانا شغل الساعة 7
رفعت زينة رأسها بنوم و سألته:
-هو مينفعش أخد النهاردة كمان أجازة؟
هز معتصم رأسه بالنفي مع إبتسامة و هو يداعب خصلاتها البرتقالية بأصابعه، فأبتسمت و عادت تسأله:
-تفتكر فيه تحقيق حلو النهاردة!

رفع معتصم كتفيه بجهل، و أجاب:
-كان نفسي أقولك يا ريت، بس مش هقدر، عايز أخلص شغلي بسرعة و أرجع البيت مينفعش نسيبهم كتير لوحدهم
هزت زينة رأسها بتفهم فأكمل معتصم:
-هقوم أدخل الحمام و أنتي فوقي كده
لم يكمل جملته فلقد أنتفضت راكضة نحو الحمام و أغلقت الباب خلفها، فنطق معتصم بغيظ:
-علفكرة أنتي بتغشي
-و أنا عايزة أخلص و أخرج ألبس و أروح شغلي سوري حبيبي.

زفر معتصم في صمت، و وقف ليخرج ملابسه و يضعها على الفراش، ثم خرج ليجد شوقية تجلس في الصالة، فأبتسم و جلس بجوارها يتبادلان أطراف الحديث، بينما خرج مرتضي و هو يشعر بالنعاس و نيرة تسحبه من يده و أبتسامة جميلة ترتسم على شفتيها، و لم تمر دقائق قبل أن تخرج عزة هي الآخري من غرفتها و تنضم إليهم، فوقف معتصم بتعب و قال:
-عن أذنكم هشوف زينة.

تركهم ليدخل غرفته، و أتسعت عينيه عندما وجدها ترتدي قميصه مع حزام أبيض صغير أسفل الصدر، فأردف بغيظ:
-علفكرة ده قميصي و عايز أخرج بيه
مشطت خصلاتها مجيبة:
- هياكل منى حتة صح!
ثم أتجهت إليه و قفزت لتتعلق بعنقه محيطة خصره بقدميها، و قالت:
-هطلعلك قميص تاني و سيبلي ده
أحاط معتصم ظهرها بذراعيه ليمسكها بقوة و سألها:
-أنتي عارفة ده القميص رقم كام يا زينة! يا بنتي هدومي حرام عليكي.

هبطت زينة لتعود أمام المرآة و تقول:
-أنت اللي قمصانك حلوه أعمل أيه؟
تنهد معتصم بيأس من إعادة قميصه، فدخل الي الحمام بينما أبتسمت الآخيرة، و أخرجت قميص آخر من الخزانة و وضعته على الفراش، و ألتقطت ورقة و كتبت:
كل سنة و أنت طيب يا اغلي حاجة في حياتي .

ثم تركت الورقة على القميص الجديد و توجهت للخارج، و بعد دقائق خرج معتصم ليجد قميص غريب على فراشه، أقترب ليمسكه فوجد الورقة، أبتسم فور أن رآها، ثم تأمل القميص بإعجاب، و بدأ في أرتداء ملابسه

خرج معتصم من غرفته ليجد نيرة تركض نحوه و في يدها صندوق هدايا متوسط الحجم، فحملها بإبتسامة بسرعة بينما أبتسمت هي بسعادة طفلة و قالت:
-كل سنة و أنت طيب يا أبيه
وضع معتصم قبلة قوية على خدها ليقول بحب شديد:.

-و أنتي طيبة يا حبيبة قلب أبيه
أرتفع صوت زينة التي تجلس على الأريكة أمام الطاولة التي تمتلئ بالهدايا، ثم ربتت على الفراغ بجانبها في حماس لتقول:
-تعالي حبيبي هنا
أبتسم معتصم ليقترب منها و يجلس بجوارها تماماً لتبتسم و تهمس بحب:
-كل سنة و أنت طيب يا حبيبي.

وضع معتصم يده على مؤخرة عنقها ليقربها منه بعشق و يطبع قبلة خفيفة على رأسها بينما وضعت هي يدها على صدره، و أبتعد عنها من جديد قائلا بنبرة حانية و هو ينظر في عينيها:
-و أنتي طيبة و معايا دايما يا برتقالتي
صرخت نيرة بسعادة لتقول بحماس طفولي و هي تنظر لمعتصم:
-أبيه خد شوف هديتي، أنا عملتهالك
نظر لها مرتضي بإستنكار و قد أنقلبت ملامح وجهه إلي بعض الطفولة، فضحكت نيرة و أشارت بأصابعها قائله:.

-بس مرتضي ساعدني شوية صغيرين بس.

ضحك معتصم على برائتها و أمسك بصندوقها ليفتحه بفضول، فوجد كتاب بحجم الصندوق، أبتسم معتصم و هو يسحب هذا الكتاب، و فتحه ليجد صوراً له مع نيرة عندما كانت صغيرة، و في جميع سنواتها العشر الأولي، و تتسع إبتسامته رويداً رويداً كلما وقعت عينيه على إحدي الصور المجنونة التي كان يصورها لنفسه مع شقيقته الصغيرة، و في النهاية وجد صورة حديثة له بجوار صورة أخري لها تم دمجهم ببراعة، فمن يراه سيظن بالتأكيد أنهما ألتقطا هذه الصورة سوياً، أبتسم معتصم بتأثر، و نظر الي نيرة و أحتضنها بقوة قائلا:.

-حبيبتي، دي أحلي هدية جاتلي في حياتي
ضمته نيرة من عنقه بقوة و سألته بسعادة تحتلها:
-بجد عجبتك يا أبيه؟
نظر معتصم الي مرتضي بإمتنان ليقول:
-بجد يا عيون أبيه
أقتربت شوقية تمسك أهدي صناديق الهدايا على الطاولة لتقترب تقدمها لمعتصم قائله:
-كل سنة و أنت طيب يا معتصم
ألتقطها معتصم منها بإبتسامة، و اجابها ببعض الإحراج:
-و حضرتك طيبة، مكنش فيه داعي تعبتي نفسك.

أبتسمت شوقية في صمت، لتصفق نيرة بيدها و تخبر معتصم أن يفتح الهدية، ليفعل فيجد ساعة رائعة فضية اللون مع بعض القطع الماسية الصغيرة حول دائرتها، لينظر الي شوقية قائلا بإمتنان:
-ده كتير و الله، تسلم إيدك الساعة حلوه جداً
عادت شوقية تقول بحب:
-كل سنة و أنت بخير دايما يا ابني
وقف مرتضي ليقدم هديته هو الآخر و قال بمرح:
-المرادي دي كلها بتاعتي محدش ساعدني فيها.

ثم أخرج لسانه الي نيرة التي أغتاظت كثيراً، ثم نظرت الي معتصم الذي قابل عبوسها بإبتسامة و أردف:
-قولتلك دي أحلي هدية جاتلي و ممكن تجيلي، متزعليش، لسه بتاعتك أحلي واحدة.

أبتسمت نيرة برضا، و نظرت الي مرتضي هذه المرة و أخرجت له لسانها بإستفزاز، فضحك الجميع على طفولتهما سوياً، ثم فتح معتصم الهدية ليجد زجاجة عطر فرنسية فاخرة، أبتسم و شكر مرتضي، ثم نظر الي زينة الصامتة و تنظر الي عزة ببعض الغيظ، فأقتربت عزة و في يدها صندوقها الذي ألتقطته من الطاولة و قالت بإبتسامة:
-كل سنة و أنت بخير دايما يا حبيبي.

كانت نبرتها عادية و هادئة للغاية، و لكن كلمة حبيبي أشعلت النيران في قلب زينة، و كادت أن تقوم لتجذبها من خصلاتها البنية، و لكن أمسك معتصم يدها بهدوء، و رد على عزة بإقتضاب:
-و أنتي طيبة يا مرات أبويا، شكراً
ثم وضع هديتها على الطاولة بعدم إهتمام، و نظر الي زينة التي أبتسمت له و سألها بحاجبان مرفوعان:
-أيه بقا كل الهدايا اللي على الترابيزة دي؟
رفعت زينة حاجباها بتسلية، لتجيبه مشيرة إليهم:.

-دي كلها هدايا ليك مني
عقد معتصم حاجبيه قائلا بنبرة محذرة كعادته:
-مبذرة أنتي يا زوزو
أشارت الي نفسها و تصنعت ملامح عدم التصديق لتقول:
-أنا! أبداً، بس أصل كل ما بجيب هدية برجع ألاقي حاجة أحلي و عايزة أجيبها و جبت كل ده، هما مش كتير متقلقش
ضحكت زينة ليبتسم معتصم و يضع قبلة آخري على رأسها و قال بنبرة حنونة:
-ربنا يخليكي ليا يا حبيبتي
شعر بنيرة تمسكه بقوة من قميصه و قالت بغضب طفولي:
-لا أنا حبيبتك.

نظر لها معتصم بإبتسامة و أردف:
-و أنتي كمان حبيبة قلبي، بس بالراحة على القميص علشان طنط زينة لسه جيباهولي هدية، و لو أتقطع هترميني أنا و أنتي في الشارع
تعالت ضحكات الجميع على حديث معتصم بينما ضربت زينة معتصم على كتفه بخفة، فضمها الي صدره و كذلك ضم نيرة، و بعد دقائق أعتذر الأثنان منهما من أجل العمل، و وعدوهم بالعودة سريعاً بعد أنتهاء الدوام، و خرج الأثنان معاً..
.

دلفت الي الجريدة بخطواتها المرحة كعادتها تلقي السلام على كل من تقع عيناها عليه، حتى أنتهي بها الأمر أمام مكتب رئيس التحرير، لتفتح الباب و تدخل دون أستأذان مردفة بغيظ:
-كده يا منير تخليني قاعدة يومين في البيت
ما أن أنهت جملتها حتى أتسعت عينيها بدهشة عندما وجدت عادل هو من يجلس على المكتب و قد رفع عينيه للتو عن أوراقه، فأبتسم على حالها و أردف:.

-مش هجازيكي على عدم تخبيطك على الباب لأنك كنتي فكراني منير
أستمرت على صمتها للحظات قبل تقترب منه بسعادة بالغة و مدت يدها لتصافحه:
-حمدلله على سلامتك يا فندم
صافحها عادل بإبتسامته الهادئة ثم أشار لها ان تجلس، فنفذت بسرعة و عاد عادل يقول:
-الفضل كله ليكي أنتي و معتصم بعد ربنا يا زينة، بس يا ريت الموضوع ده يفضل مقفول، الكل عارف أني كنت محجوز في المستشفي علشان جالي أرتجاج قوي في المخ مفهوم.

هزت رأسها بتفهم لتجيب:
-أكيد يا فندم متقلقش
عاد عادل ينظر في الملفات أمامه و يعبث بهم بحيرة في حين تنظر له زينة بفضول حتى أخرج ملف باللون الوردي ليقول بإبتسامة:
-أتفضلي، تحقيقك الجديد بس المرادي لوحدك لإن معتصم هيكون وراه شغل تاني
ألتقطت الملف بإبتسامة و ضمته بين كفيها ثم نظرت الي عادل من جديد لتسأله:
-حاجة خطر ولا عادية؟

-لا مش خطر و مش عادية، أقرأي الملف و هتفهمي و عاوزه بعد يومين على مكتبي تمام؟
هزت رأسها بإبتسامة من جديد قبل ان تستأذن و تنتفض ذاهبة لمكتبها المشترك مع منير، و بعد بعض المشاجرات الخفيفة بينهما، جلست على مكتبها ممسكة بهاتفها و أتصلت بمعتصم الذي أجابها بإبتسامة:
-أيه يا عيوني؟
-مستر عادل رجع يا معتصم، معني كده أنهم لقوا حل للي بيحصل، كده كل واحد رجع لحياته الطبيعية صح؟ و محدش اتأذي!

أبتسم معتصم و أجابها بصوته العميق و بنبرة حنونة:
-بالظبط كده، قولتلك مش هيسمحوا للأعداد دي كلها تموت من غير ذنب، أتطمني كل أنصاف البشر اكيد أستعادوا حياتهم الطبيعية زي مستر عادل بالظبط، و أكيد سيطروا على الشرايح أو شالوها و رجعولهم ذاكرتهم و بردوا كل واحد رجع لحياته الطبيعية، أنتي كمان خلاص أنسي اللي حصل و متبصيش وراكي، خليكي في اللي جاي بس
-حاضر، بس عندي سؤال صغير علشان أقفله.

قهقة معتصم بخفة ليقول:
-عارف أنا السؤال الصغير ده، حبيبتي أنتي مفهوم الأسئلة الصغيرة عندك غريب، سؤال صغير يعني محتواه صغير و أجابته صغيرة، انما أنتي أجابات أسئلتك بتحتاج لشهور و سنين، بس مع ذلك أسألي انا سامعك
صمتت زينة للحظات قبل أن تقول بخفوت:
-تفتكر الموضوع خلص لحد هنا؟
تنهد معتصم بقوة بعد ان أستوعب سؤالها، ليجيبها:
-معرفش، و مش هنعرف غير في المستقبل، بس أتمني يكون انتهي لحد هنا يا زينة.

-دي مش إجابة يا معتصم
أعتدل معتصم في مجلسه و أمسك بهاتفه على أذنه جيداً و أجابها:.

-الشر مش هيخلص يا زينة غير لما الحياة تخلص، طول ما أحنا عايشين هيكون الشر محاوطنا من كل أتجاه، سواء أحتلال و محاولة أستيلاء على العالم، و سواء تجارة في الممنوعات و البشر نفسهم، و سواء قتل أو غيره، فبالنسبة للشر نفسه مش هينتهي، و محاولات صنع عالم جديد بردوا مش هتنتهي، بس اللي اتمناه ان المحاولة الجاية تكون مع ناس جداد بعد سنين طويلة أوي، أو أن المحاولة اللي فاتت تكون الآخيرة لإن الموضوع مرعب و مش أي حد ممكن يستوعبه.

ثم أكمل بصوت ممتلئ بالحب:
-بس اتطمني دايماً أنتي جنبك و مش هسيبك و هفضل أمانك
.

هبط شاب بلحية خفيفة و بشرة سمراء بالإضافة الي حاجبين سميكين و شعر ناعم شبه طويل من طائرته القادمة من بومباي عاصمة الهند، و خلفه ثلاثة رجال أحدهم يسحب حقائبه الخاصة بعد إتمام بعض الإجراءات، و سرعان ما أستقل الثلاثة سيارة سوداء كبيرة أمام المطار، ليمسك رئيسهم هاتفه و ينقر عليه عدة مرات قبل ان يضعه على أذنه ليردف باللغة الهندية:
-لقد وصلت الي مصر، هل تمكنت من الهروب؟

-ليس بعد و لكن في أقرب وقت، و لكنني أوصيت أحد رجالي أن يعتني بك، و سيقوم بجلب كل أدواتك الخاصة و كل ما تحتاجه لحين خروجي من هذا السجن اللعين، لن يطيل الانتظار، و سيبدأ الأنتقام قريباً يا صديقي
أبعد الرجل الهندي الهاتف عن أذنه ليأمر السائق بنبرة قوية:
-أذهب الي العنوان المدون لديك، هيّا تحرك
.

خرج من مكتب اللواء مجاهد في وسط النهار و هو يشعر ببعض الإرهاق نتيجة لتحقيق أستمر طويلاً بالإضافة الي عدم تناوله لطعام الفطور، أبتسم عندما تذكر شقيقته التي تكمن في منزله الآن، شعر بكف عريض يُضع على كتفه، فألتفت سريعاً لصاحبه، و أبتسامة سعيدة ظهرت على شفتيه عندما رأي صديقه المقرب عبدالله قد عاد أخيراً بعد أجازة طويلة دامت لشهور، عانقه بحرارة و بادله الآخر بإبتسامة، ليقول معتصم بعد أن أبتعد:.

-أنت رجعت أمتي؟ و ليه مقولتليش كنت جيت خدتك من المطار؟
ربت عبدالله على كتف معتصم ليقول:
-أهدي بس ليجرالك حاجة، أنا رجعت أمبارح المغرب كده، و وصلت البيت على العشا، يادوب صليت و نمت و قولت أجي أستلم الشغل بقا كفاية لحد كده اجازة
نظر معتصم الي ساعته و ردد بسخرية:
-جاي تستلم الشغل الساعة 3 العصر؟ ليه شغال فين سيادتك؟ كنت أستنيت لبكره.

-أهوه اللي حصل، و بابا الله يسامحه أداني شفت مسائي هنا، يعني أنت ساعتين و تروح و أنا مواعيد عملي الرسمية هتبدأ كمان ساعتين
ضحك معتصم على حال صديقه، ثم أستأذن منه و تركه ليذهب نحو مكتبه، جلس على مقعد مكتبه، و كاد أن ينادي على العسكري و لكنه دق على الباب و دخل ليقول معتصم بتعب:
-جيت في وقتك، خلي عم عطية يعملي كوباية قهوة سادة
هز العسكري رأسه، ثم أقترب ليضع ملف على مكتب معتصم قائلا بلهجة رسمية:.

-الملف ده جه علشانك يا فندم
أمسك معتصم الملف بين كفيه يتفحصه بتعجب:
-مين اللي جايبه ده؟
-معنديش علم سعادتك
-طيب روح أنت أعمل اللي قولتلك عليه
ذهب العسكري و أغلق الباب خلفه، بينما فتح معتصم الملف بأعجوبة ليجد في صفحته الأولي صورة لطفل صغير، ذهب الي الصحفة التالية ليجد صورة له مع زينة في زفافهما، و ظل يمرر الصحفات بتعجب و هو يقرأ تلك العبارات المصاحبة للصور و يحاول ربطهما سوياً.

قمور أوي البيبي ده صح؟
بقالنا 9 شهور أهوه و أنت طلبت منى طلب و كان لازم أنفذه
أستعد للمفاجأة يا بيبي
لا مش هقدر أقول، شوف بنفسك
نظر بتعجب الي هذا الجهاز الصغير الملصوق بشريط لاصق شفاف، فحمله و علم ما هو بسرعة، ليظهر أمام عينيه خطان باللون الاحمر، صعق للحظات ثم ترك الجهاز من يده ليذهب للصفحة الآخيرة
مش فاهم صح؟ حسيتك، شوف التحاليل دي .

أمسك بالورقة أمامه ليجد أسم زينة يعتليها، فانتصب واقفاً في دهشة و هو يبحث بسرعة عن أختبار الحمل، فظهرت أمامه الكلمة التي أرادها، أبتسم بعدم تصديق و هو يردف بصوت مسموع و كأنه يخاطب أحداً ما:
-Pregnancy test: positive، ده بجد! أنا مراتي حامل! نهار أبيض انا هبقي أب.

وضع الورقة على المكتب سريعاً و أخرج هاتفه من جيب بنطاله ليتصل بزينة و لكنه أستمع إلي صوت هامس ينطق بإسمه، نظر خلفه ليجدها تخرج من وراء الستار بإبتسامة خجلة تحتل وجهها، أقترب منها بعدم وعي ليقف أمامها تماماً ويرفع وجهها بأنامله لتواجهه، فهتف بخجل و لكنها تنظر الي عينيه بحب:
-Happy birth day يا معتصم، دي هديتي الحقيقية ليك النهاردة.

أبعدت نظراتها عنه و لكنه أعادها إليه من جديد ليهمس أمام وجهها تماماً:
-أنتي بجد حامل يا زينة؟
-في الشهر التالت
أقترب أكثر ليلثم شفتيها بحب و عدم تصديق لكل ما يحدث حوله، فتعلقت هي بعنقه كعادتها، و طوقت خصره بقدميها، و تمسك معتصم بخصرها حتى لا تقع، و أتجه بها نحو مكتبه لتجلس زينة أعلاه، و فصل معتصم القبلة ليحتضنها بقوة مردفاً:
-ألف مبروك يا حبيبتي
أبتعد قليلاً و عاد ينظر الي وجهها ليقول بإبتسامة:.

-أنا فرحان لدرجة أني مش عارف اعمل أيه؟
وضعت يده على صدره تتحسس دقات قلبه السريعة لتردف بحب:
-و أنا ده كفاية عليّا أوي
-عرفتي أمتي؟
أعادت خصلة متمردة الي الخلف مرة أخري و أجابته بينما ما زالت تطوق عنقه بذراعيها و هو يقف أمامها ينظر أجابته:.

-لما بدأت أتخن شوية، أستغربت من ده و روحت لدكتورة تخسيس بس هي نصحتني أروح الأول عند دكتورة نسا و توليد، و روحت و عملتلي شوية تحاليل و عرفت أني حامل وقتها، و أن فيه حالات الحمل فيها بيكون مصاحب للتخن أو تضخم زي ما بيقولوا
-يعني عارفة من بدري و متقوليش ليّا يا زينة!
أردف جملته بعتاب شديد، لتمسك زينة وجهه بين كفيها بسرعة هاتفة:.

-و الله العظيم كنت بحاول ألاقي طريقة مناسبة و حلوه علشان أقولك، بس كل مرة كان بيطلع لينا مشكلة، و أخرها سفرك يومين للمنوفية، و قولت مفيش أحسن من يوم عيد ميلادك
ضحكت بخفة لتكمل:
-بس للأسف حتى ده كنت عملاله مخطط و فشل فشل زريع بعد ما أختك و جوزها و عمته و عزة جم
عادت تبتسم لتقول:.

-بس مش مهم، لأن مفاجأتهم ليك فعلاً فرحتك و ده أنا حسيته من أختك اللي واخدها في حضنك طول الليل و أنت خايف تصحي الصبح تكون حلم أو يمكن كنت عايز تشبع منها اليومين دول معرفش، بس اختك خلتني أشوف جنب جديد منك يا معتصم، جنب أنا حبيته جداً و عشقته زي ما أنا عاشقاك كلك
ألتقط قلم رصاص من أعلي مكتبه و أمسك خصلاتها و بدأ بتثبيتها بواسطة القلم مردفاً:
-يعني بقالك فترة طويلة بتبعديني عنك علشان الحمل؟

ضربته زينة بقوة على كتفه و قد تزينت وجنتيها بحمرة الخجل ثم أردفت:
-بطل قلة أدب يا معتصم، أه يا سيدي علشان الدكتورة قالت الحمل مش مستقر و كنت باخد أدوية كتيرة جداً علشان يثبت و حقن و كنت بروح ليها كتير جداً، ده موال طويل أوي
أحاط خصرها بيديه ليرفع أحد حاجبيه مردفاً:
-و كل ده من ورايا، حاسس أني المفروض اتضايق منك بس الفرحة مش مخلياني مفكر في أي حاجة وحشة
أبتسمت لتعيد ذراعيها يطوقان عنقه و تقول:.

-و أنا عارفة ان قلبك أبيض و مش هتزعل من برتقالتك
تنهد معتصم بقوة و كأنه قد تذكر شيئاً ما و أختفت معالم السعادة التي كانت واضحة على وجهه، فنظرت له زينة بتعجب لتردف:
-مالك يا معتصم وشك قلب كده ليه؟
عاد معتصم يبتسم مرة أخري ليقول:.

-لا يا حبيبتي مفيش، هنتكلم كتير لسه في الموضوع ده بس مش دلوقتي أولاً لأن ده وقت شغل و المكان مش مناسب خالص، و ثانياً بعد ما اللي في البيت يمشوا، و دلوقتي شوفي وراكي أيه و روحي يلا بسرعة و نتقابل في البيت أوكي يا حبيبتي؟
هزت رأسها مع أبتسامة، فساعدها معتصم على الهبوط الي الأرض، ثم مد كفه الي جيب بنطاله ليخرج محفظة النقود خاصته و يخرج منها مبلغ كبير و يعطيه الي زينة مردفاً:
-أطلبي الغدا من بره.

ألتقطت منه النقود لتضعها في حقيبتها، ثم رفعت ذراعيها تجذب وجهه لها و ولثمت شفتيه بخفة ثم تركته و أبتسامة عريضة تحتل وجهه، ليعود يجلس على مقعده و هو يتأمل أختبار الحمل أمامه و التحاليل، ليضحك أخيراً بسعادة، سيصبح أب بعد شهور!
و لكن دائماً ما تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، و لقد بدأت بالفعل عاصفة الدمار بالإقتراب منهم..



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:49 صباحاً   [24]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس والعشرون

مرّ يومين بسعادة تحتل قلوب الجميع من خبر حمل زينة عدا تلك الحرباء عزة ذات الألف لون، و رحلت نيرة بصحبة زوجها و عمته أخيراً بعد وداع قاسي على قلوب الجميع، و عادت الحياة الي مجراها العادي مع بعض المشاكل الطفيفة من عزة و التي لم تكن بالقوية كفاية للوقوف في وجه عشق معتصم و زينة..

توالت الأيام ليأتي صباح جديد أستيقظت زينة على رائحة شهية تتسرب الي أنفها الصغير، فتحت عيناها بصعوبة و هي تحاول الإعتياد على الضوء، ثم نظرت الي معتصم الذي يضع أمامها الفطور في هيئة رائعة، فأبتسمت زينة و أعتدلت على أتم الأستعداد لإلتهام وجبتها الشهية و ألتهام معتصم معها أيضاً، و قد فعلت، شرعت في تناول الطعام بشراسة دون أن تنطق بحرف واحد بينما ينظر لها معتصم بإستنكار حتى قال أخيراً بصوت مملوء بالسخرية:.

-ألف هنا على قلبك يا حبيبتي، هو ده مفهوم الفطار الخاص بتاع السرير بالنسبالك؟ أنك تلهفي الأكل كله كده من غير حتى كلمة واحدة
-جعانة يا معتصم أيه هتحرمني من الأكل؟

ضغط على شفتيه بغيظ ثم تركها لتأكل كما تشاء و خرج من الغرفة، و استمرت هي في تناول الطعام بجوع شديد حتى توقفت فجأة و تذكرت أن عزة في الخارج، و الآن معتصم معها! انتفضت بسرعة و أرتدت حذائها المنزلي راكضة للصالون فوجدت معتصم يجلس امام التلفاز بملل شديد و هو يمسك بجهاز التحكم، كادت أن تقترب منه و لكنها وجدت عزة تقترب و في يدها طبقان لتجلس بجواره و تعطيه طبق قائله بإبتسامة:.

-لقيتك عامل فطار لزينة و رجعت قعدت هنا و مكلتش معاها فحطيت ليك فطار معايا
ألتقطه معتصم منها بإبتسامة مجاملة ليضعه أمامه على الطاولة مردفاً:
-شكراً يا عزة تعبتي نفسك بس انا مش جعان
أقتربت منه عزة أكثر فأبتعد معتصم و كاد أن يقف و لكنها أمسكت بذراعه بقوة فبقي على حاله بينما أقتربت هي لتقول بلهجة لطيفة:
-معتصم علفكرة انا اتغيرت، مبقاش فيه داعي تحط ما بينا حدود و تعمل كل اللي بتعمله ده.

أبعد معتصم كفها عن ذراعه بهدوء لينظر لها مردفاً:
-الحدود هي أصح حاجة تتحط في أي علاقة ما بين راجل و ست
-بس انا مش أي ست، أنا في مقام مامتك دلوقتي
-متجيبيش سيرة أمي يا عزة، و أه أنتي المفروض في نفس المقام بس أنتي محترمتيش ده زمان ولا نسيتي؟ فاكرة أنا حصلي أيه زمان بسببك؟
أقتربت زينة لتنهي هذا الحوار سريعاً مردفة بإبتسامة:
-طنط عزة صباح الخير.

نظرت لها عزة بضيق لقد بدأت تكره زينة أكثر الآن بعد نطقتها لهذه الكلمة مرة أخري، فلم تجيبها و لم تنتظر زينة جوابها فأقتربت لتجلس بيهما و تلقي برأسها على صدر معتصم براحة، بينما أبتسم معتصم بصمت و هو يحيطها بذراعه و يداعب خصلاتها بأنامله، و مرت ثواني في صمت شديد حتى أنتصبت زينة فجأة في جلستها، لينتفض معتصم بقلق و يسألها:
-زينة حبيبتي مالك؟

لم يكد ينهي جملته حتى وضعت زينة يدها على معدتها بتعب و نظرت نحو عزة و أبتسامة ماكرة ظهرت على شفتيها بالرغم من تعبها الشديد، و سرعان ما تقيئت ما أكلته على عزة التي صرخت و أنتفضت بتقزز من نفسها، بينما تصنم معتصم في جلسته يتابع ما يحدث بذهول، و ما ان انتهت زينة حتى حملها بين يديه متجهان نحو المرحاض الملحق بغرفتهما، أوقفها معتصم أمام صنبور الماء و غسل لها وجهها، ثم أردف بقلق:
-أنتي كويسة يا زينة؟

هزت زينة رأسها بالإيجاب و أستندت برأسها على صدره و قد تملك منها التعب، فعاد معتصم يحملها و أتجه نحو الفراش و يضعها عليه برقة فأسرعت زينة تقول:
-معتصم ابعد الاكل ده ريحته بشعة أبعد
نظر لها معتصم ببلاهة، أليس هذا نفس الطعام الذي كانت تلتهمه منذ دقائق؟ ماذا حدث! و لكنه نفذ رغبتها و ألتقط الطعام ليضعه في المطبخ ثم عاد لها سريعاً و ساعدها في تبديل ثيابها ثم جلس بجوارها و سألها بتردد:.

-أنا عارف أنه سؤال غريب، بس ليه مكنتيش تعبانة خالص قبل كده؟
-كنت ماشية على أدوية تثبيت الحمل و غيره كتير فكانت مساعداني جداً، و بعد ما وقفتها و الحمل بقا طبيعي الدكتورة قالتلي هيحصل كده كتير و هبدأ أتعب، هروح ليها بكره تيجي معايا؟
أقترب ليلثم جبينها بحنان قائلا:
-أكيد هاجي معاكي، كان المفروض أكون معاكي من أول مرة أصلاً.

أبتسمت زينة لتخرجه من دوامة الحزن التي باتت تلازمه كلما تذكر أنها لم تخبره بحملها في وقت أبكر، و هتفت بمرح:
-بس الحرباية اللي بره دي كانت بتعمل أيه معاك يا حبيبي؟
أبتسم بسخرية عندما تذكر ما فعلته زينة بعزة منذ قليل ليجيبها:.

-الحرباية كانت جيبالي فطار بعد ما حبيبة قلبي بدأت تاكل و معبرتنيش بكلمة حلوه ولا صباح الخير حتي، أنتي كنتي مركزة في أيه ولا أيه و أنتي تعبانة كده؟ عجبك اللي عملتيه فيها بره ده؟
تعالت ضحكات زينة بشر و هتفت بخبث:
-عجبني جداً، أنتظر ما زال الوقت باكراً القادم أحلي يا عزيزي
ربت معتصم على كتفها بتشجيع ليقول:
-ربنا معاك يا وحش، بس بالراحة عليها عايزينها تخرج من هنا عايشة
.

دخلت الي مرحاض غرفتها و بدلت ثيابها بعد أن حصلت على حمام دافئ، وقفت أمام و وضعت مساحيق التجميل على وجهها و هي تتوعد لزينة بأشد عقاب على ما فعلته بها أمام معتصم، جلست على الفراش تحاول الوصول لحل لإكتساب ثقة معتصم و الإقتراب منه و لكنها فشلت تماماً، فلقد مرت أيام عدة و عندما تقترب من معتصم كانت زينة تأتي فوراً او تكون بجانبه من البداية.
يجب أن يبتعد معتصم عن زينة و لكن كيف؟!
.

دق باب مكتبه بخفوت ثم دخلت مساعده الشخصي في خطوات هادئة قبل أن يردف برسمية:
-أستاذ جاسر بره مستر غريب
وقف غريب في سرعة و هو يغلق زر جاكيت بدلته و قال بنبرة هادئة:
-دخله بسرعة
خرج المساعد الشخصي ثم دخل جاسر بإبتسامة بسيطة تحتل معالمه بينما يغطي اللون الأسود على ملابسه، مد يده ليصافح غريب ثم جلس امامه، ليبدأ غريب حديثه محاولاً جذب أنتباه جاسر:.

-طبعاً مش محتاج أقول قد أيه فيلمك الاول كان ناجح يا جاسر، و ده حالياً أترتب عليه حاجات تانية محتاجك تكون مركز و واعي في أتخاذ قرارتك الجاية و تفكر فعلاً أيه الصح و أيه الغلط و نشيل المشاعر على جنب شوية
حرك جاسر رأسه بملل من حديث غريب الطويل بدون فائدة فأردف:
-مستر غريب يا ريت تكون دايركت و تدخل في الموضوع علطول
حمحم غريب ببعض الإرتباك حاول إخفائه خلف جملته:
-تشرب أيه الأول؟

زفر جاسر بنفاذ صبر ثم رسم إبتسامة خفيفة على شفتيه قبل أن يقول:
-متشكر مش عايز أشرب حاجة، أنا حالياً لو عايز حاجة فهو أني أعرف سبب أستدعائك ليا في مكتبك النهاردة
تنهد غريب بيأس من محاولات تهربه من حقيقة الأمر، فشبّك أصابعه سوياً و ظهره ليتصق بالمقعد ليقول أخيراً:.

-الفيلم مرشح لجايزة أفضل فيلم السنادي في مهرجان الجونة السينمائي، و الحفلة هتكون بعد شهر، و لازم أنت و أستاذ عبدالله زوج مدام ريهام الله يرحمها موجودين في الحفلة دي
صمت جاسر لثواني و هو يتنقل بنظراته الي أرتباك غريب فعاد يسأله بشك:
-تمام عرفت ان فيه حفلة، في حاجة تانية حضرتك مخبيها؟
هز غريب رأسه و أستند بذراعيه على المكتب مردفاً:.

-أيوه، فيه فيلم جديد قصة و سيناريو و حوار لأستاذة عايدة الدمنهوري، و إخراج عماد سليمان، و تم ترشيحك تكون بطل الفيلم ده
أنخفض غريب قليلاً ففتح أحد أدراج مكتبه و سحب ملف كبير و وضعه أمام جاسر ليقول:.

-و ده السيناريو، جاسر أنا عارف انك ممكن ترفض تروح الحفلة بسبب إن ريهام مش موجودة، و كمان هترفض الفيلم ده، بس لو سمحت خد فرصة و فكر، القرار مش لازم يتاخد بالعواطف أبداً، ده مستقبلك بلاش تضحي بيه، أنت موهوب في التمثيل، خد فرصتك و فكر علشان الحفلة، و أقرأ السيناريو و بعدين قول رأيك بردوا، أستاذ عماد مخرج الفيلم كان مصّر يقعد هو معاك بس انا رفضت علشان ميسببش ليك أي إحراج لو رفضت، و قولتله أني هتعامل معاك، خد وقتك و لو وافقت تروح الحفلة يبقي في اليوم ده هعرف رأيك في الفيلم الجديد.

نظر جاسر الي الملف أمامه و قد أحتله هو الإرتباك هذه المرة، فعاد بنظره نحو غريب و قال بثبات:
-فيه حاجة تانية؟
هز غريب رأسه بالنفي، فسحب جاسر السيناريو و وقف مردفاً:
-تمام، هبلغ حضرتك بقراري بعد أسبوعين، بعد أذنك.
عاد غريب يقف ليصافحه من جديد ثم تحرك جاسر مغادراً المكتب في سرعة بينما جلس غريب على كرسيه و هو يدعوا الله أن يلهم جاسر الصواب..
.

جاءت شمس صباح يوم جديد، أستيقظ معتصم على حركة زينة بجواره و هي تدفن رأسها في صدره بقوة و خصلاتها البرتقالية تنتشر على صدره العاري، أبتسم بحب لها و أنخفض يضع قبلة صغيرة على وجنتها، ثم أبتعد عنها بهدوء حتى لا تستيقظ و أتجه نحو المرحاض، و خرج بعد دقائق ليشرع في إرتداء ملابسه المكونة من بنطال أسود و قميص أخضر، و مشط خصلاته بسرعة و نثر القليل من العطر على قميصه، و أقترب من زينة يلتقط هاتفها و يقوم بضبط منبه يوقظها بعد ساعة، و تحرك نحو الخارج ليذهب الي عمله..

فتح باب الغرفة و و تحرك خطوتان ليصدم بعزة التي تنام على الأريكة أمام التلفاز في قميص قصير للغاية و يظهر كل مفاتنها، غض بصره بسرعة و غضب و أستغفر و عاد متجهاً إلي غرفته ليقترب من زينة مردفاً بهدوء:
-زينة، حبيبتي قومي
فتحت زينة عينيها بتعب لتقول:
-فيه أيه يا معتصم على الصبح كده؟
أتضحت الرؤية أمامها لتنتفض بسرعة و هي تنظر له بتعجب و تقول:
-أنت لابس ورايح على فين من غير ما تصحيني؟

أمسك معتصم الغطاء يضعه على جسدها العاري إلا من قميص قصير شفاف و أبتسم قائلا:
-أول حاجة أنتي لسه ساعة على معاد صحيانك أنا رايح الشغل بدري، تاني حاجة مكنتش ناوي أصحيكي بس دلوقتي مضطر
تمسكت في الغطاء بخجل حاولت إخفائه و هي تنظر بعيداً عن معتصم و تسأله:
-مضطر أيه؟ عايز تفطر؟
هز رأسه بالنفي و تنهد قبل أن يقول بضيق:
-عزة نايمة بره على الكنبة و مش عارف أعدي، أخرجي دخليها أوضتها.

أنتفضت زينة و قد أحتل أوصالها الغضب و أصبحت شياطين الجحيم تتراقص أمام عينيها و إزداد غليان دمها و هي تزيح الغطاء عن جسدها و تنهض من على الفراش متجهة للخارج بعصبية، و لكن أمسكها معتصم من كفها ليقول بحب:
-أهدي يا برتقالتي متتجننيش عليها خليكي عاقلة، بهدوء روحي صحيها و خليها تدخل أوضتها، يلا يا حبيبتي ربنا يهديكي.

هدأت زينة قليلاً و ألتقطت أنفاسها و هي تتذكر أن كل ما تفعله عزة فقط لإثارة غضبها، رسمت إبتسامة صفراء على وجهها قبل أن تتوجه الي الخارج لتصعق عندما تجدها بهذه الملابس و وضعية نومها، عاد الغضب يسيطر عليها و هي تقترب منها و تسحبها من ذراعها بقوة فوقعت عزة عن الأريكة و صرخت ثم نظرت الي زينة بغيظ و سحبت ذراعها من كفها بقوة لتصرخ:
-أتجننتي يا زينة ولا أيه؟ في حد بيصحي حد كده؟

ردت زينة عليها هي الآخري بصوت مرتفع و هي تشد على قبضتها بقوة حتى لا تضربها:
-و فيه واحدة محترمة تلبس قميص نوم بالمنظر ده و تقعد بيه في الصالة و فيه راجل في البيت ولا يكونش مرضك هو اللي خلاكي تعملي كده
صمتت عزة لبرهة و إبتسامة داخلية نمت، فزينة إذاً تعلم بأمر مرضها، حاولت تغليف وجهها بالغضب فهتفت:.

-أنا محترمة غضب عنك فاهمه، و كل الموضوع إني مجاليش نوم إمبارح و خرجت أقعد قدام التليفزيون و نمت محستش بنفسي، و الراجل اللي في البيت ده في مقام إبني حتى لو من نفس سني أنا أرملة أبوه، فهو لو بيبص ليّا بطريقة تانية و شايف أني ممكن أغريه فدي مشكلته هو أو أنتي مش مالية عينه كويس
صمتت زينة و هي تراقب أنفعال عزة، فرسمت إبتسامة على وجهها و هي تقول:.

-أنا جوزي راجل و محترم و ميبصش لأرملة أبوه لإنه حرام أصلا يبصلك، و أنا مالية عينه كويس أوي أما أنتي فأنتي أقل من أنك تغريه أو تحركي فيه شعره، هو بس قرف من منظرك و قالي روحي دخليها أوضتها متعودش يشوف ناس رخيصة كده قدامه بالمنظر ده، و الكلمتين الحلوين اللي قولتيهم دول محتاجين أني أعرفك مين هي زينة السيوفي مرات معتصم باشا السيوفي.

سحبت زينة خصلات شعر عزة في كفها لتصرخ عزة و تسقط على الأرض بينما تجلس زينة فوقها و تنهال عليها بالصفعات و لم يسلم جسد عزة من أسنان زينة التي تركت أثراً واضحاً على جسدها حتى أنهارت عزة و فقدت وعيها، فأبتعد زينة عنها و بصقت فوقها قبل أن تجذب غطاء طاولة الطعام لتضعه على جسدها، ثم دخلت الي معتصم لتقول بنبرة باردة:
-أتفضل أخرج.

كان يجلس على الفراش و الغضب يحتل كيانه، فلقد أخبرها أن لا تتهور و تستخدم عقلها و لكنها لم تستمع له بل ضربت عزة لمدة طويلة قبل أن تتركها ثم تعود له بكل برود، وقف و لم يعيرها أي أنتباه و خرج من المنزل بأكمله دون أن يلتفت الي الوراء، زفرت زينة بضيق و هي تنظر الي تلك التي ترقد على الأرض لا حول لها ولا قوة بأي شئ حولها، نظرت الي الساعة أمامها ثم دخلت الي المرحاض و قد قررت الخروج من المنزل و الذهاب لوالدتها..

.

و في منتصف النهار كانت تخرج من الجريدة و تستقل سيارتها متجهة نحو عنوان محدد أمامها، و ما أن وصلت حتى ترجلت من السيارة و أخذ منها أحد الحراس المفاتيح ليضع السيارة في موقف السيارات بينما دخلت هي الي المبني الضخم أمامها و تطالعها كل العيون من حولها في إعجاب من هيئتها التي و على الرغم من شبابية ملابسها إلا ان هذا لم يكن عائقاً أمام جمالها، وصلت اخيراً الي مكتب مدير الشركة لتنظر الي المساعدة التي أبتسمت في وجهها و أردفت:.

-حضرتك مدام زينة السعيد؟
هزت زينة رأسها بإرهاق لتقول المساعدة من جديد:
-مستر سيف في إنتظارك أتفضلي
أبتسمت و شكرتها ثم توجهت نحو المكتب و دقت ثلاثة، ثم دلفت لينظر لها الشاب الذي يجلس خلف المكتب بإبتسامة ثم وقف هاتفاً:
-مدام زينة مظبوط؟
هزت رأسها و مدت يدها فصافحها بترحاب ثم اشار لها بالجلوس، فجلست و أخرجت دفترها و قلم بالإضافة الي جهاز تسجيل، ثم أردفت برسمية شديدة:
-حضرتك جاهز؟

-مش تشربي حاجة الأول؟
هزت رأسها بالنفي و شكرته ببرود قبل أن تعود لتقول:
-أعتقد نبدأ بقا
أومأ برأسه موافقاً فبدأت زينة بطرح الأسئلة عليه و هو يجيب عليها بإبتسامة جميلة تزين شفتيه، بينما حاولت هي أن تنهي لقائها معه سريعاً بعد أن لاحظت نظراته القذرة نحوها، و زفرت براحة ما أن أنتهي و وقفت مردفة بإبتسامة صفراء:
-ميرسي جدا يا مستر سيف، كنت مبسوطة جدا بالمقابلة دي، و دلوقتي عن أذنك.

توجهت الي الخارج دون أن تنتظر رد منه، و لكن شعرت بكفه يمسك بذراعها العاري بقوة، دارت لتواجهه و الغضب يحتل كل أنش من روحها و بدون مقدمات رفعت كفها الآخر لتسدد له لكمة قوية تراجع على أثرها عدة خطوات بألم و هو يضع يده على عينه اليمني لتردف زينة بنبرة مهددة:.

-في الأول لاحظت نظراتك القذرة و صرفت نظر عنها، و لاحظت إجاباتك المنحرفة في بعض الأسئلة و بردوا صرفت نظر، إنما تمسك إيدي تاني هقطعهالك فاهم، أنسي المقابلة دي، و أستني مقال محترم عن سيادتك في الجريدة بكره في الصفحة الأولي و بالبنط العريض، انا هوريك مين هي زينة السعيد
ثم غادرت المكان و صفعت الباب خلفها بقوة بينما بقي سيف ينظر نحو الباب ليقول بنبرة باردة:.

-بتمدي إيدك عليّا! كنتي الأولي و هتكوني الأخيرة يا زينة، و اللي حصل ده هيترد ليكي الضعف

أرتفع رنين هاتفه للمرة التي لا يعلم عددها و لكنه يعلم المتصل بالتأكيد، رفع الهاتف بتردد فربما أصابها مكروه! فأجاب على إتصالها بسرعة ليأتي له صوت صراخها و هي تقول:.

-أنت عارف انا كلمتك كام مرة؟ مخوفتش اكون في مصيبة و محتاجاك؟ مخوفتش يكون جرالي حاجة أنا أو أبنك؟ كل ده علشان ست عزة بتاعتك! روحلها أهيه عندك أهيه بس أنا مش راجعة البيت النهاردة يا معتصم، و متحاولش تدور علشان مش هتلاقيني، سلام.

أغلقت المكالمة قد أن ينطق بحرف واحد، فأبعد الهاتف عن أذنه و ضيق عينيه شاعراً بخنقة شديدة في روحه، نقر عدة مرات على الهاتف و عاد يضعه على أذنه ليجيب الطرف الآخر بعد ثواني، و التي لم تكن سوي جنات و بعد بعض التحية أردف معتصم بتعب:
-ماما معلش بس يا ريت لما زينة تيجي عندك بلغيني علشان شدينا شوية سوا الصبح و قالت مش هترجع البيت النهاردة.

-جاتلي الصبح يا معتصم و أتكلمت معايا يا حبيبي و قالت أنها هتعتذر ليك بعد ما عرفت غلطها بس كمان لازم أعرفك حاجة مهمة أوي يا حبيبي زي ما عرفتها
أعتدل معتصم و ترك القلم بيده ليقول بإهتمام:
-حاجة أيه يا ست الكل؟

-الست يا حبيبي في فترة الحمل بتكون هرموناتها بايظة شوية، يعني الغيرة هتكون الضعف الحب هيكون الضعف الزعل و الخنقة و العياط حتى فرحتها هتكون الضعف، علشان كده حاول تستحملها شوية، ده لسه أول بيبي و هي اكيد متوترة و خايفة شوية من التجربة دي حتى لو كانت طايرة من الفرحة، ساعدها حبيبي تعدي الفترة دي و أنت جنبها و متسبهاش زعلانة أبداً، و حاجة أهم بقاا أتعلموا مشاكل بيتكم متخرجش بره البيت.

تنهد معتصم و هو يعلم أنها محقة، زينة ليست على طبيعتها و يجب أن يتحملها فهي في تجربة جديدة و صعبة بالنسبة إليها، بالإضافة الي أنه اهمل أتصالاتها و لقد كانت تهاتفه حتى تعتذر و أثار هو غضبها أكثر..
سمع صوت جنات تنادي بأسمه، فقال:
-معاكي يا ماما، حاضر، هعمل كل اللي قولتي عليه، و ربنا يقدرني على بنتك و جنانها
-زينة فعلاً مجنونة بس بتحبك يا معتصم
أجابها معتصم بحب و تنهيدة حارة خرجت من بين شفتيه:.

-و أنا بعشقها يا ست الكل، أول ما تجيلك كلميني، و انا هخلص شغلي و أجيلها
-حاضر، روح أنت بقا خلص شغلك علشان تيجي بدري
أغلق معتصم الهاتف معها، ثم نظر أمامه بإبتسامة بعد أن جاءت صورة زينة أمام عينيه، و سرعان ما تحولت الإبتسامة لغضب شديد و هو يتذكر عزة و أخذ يلعنها و يسبها حتى دق الباب ثم دخل العسكري ليقول:
-أستاذ منير فتحي من جريدة منارة الحقيقة بره يا فندم.

نظر معتصم الي العسكري بتعجب و لكن أذن له بدخول منير، الذي دخل و إبتسامة جميلة ترتفع على شفتيه و صافح معتصم ثم جلس، ليقول منير:
-طبعا مستغرب أنا جاي هنا ليه؟
-بصراحة أه، أنت منور طبعاً بس حاسس بحاجة مش مظبوطة، جاي ليه؟
عقد منير ذراعيه على صدره ليقول برسمية:.

-زينة طلبت أنها تاخد هدنة شوية من القضايا الخطر و تنتقل صفحة الفن أو أي حاجة تانية، و فعلاً مستر عادل أستجاب لطلبها لأنها حامل و نقلها في صفحة البيزنس، و علشان كده أنا جاي بديل ليها
-بديل ليها في أيه؟ فيه قضية جديدة يعني؟
دق الباب و دخل العسكري الذي أعلن عن وجود عبدالله في الخارج، فأذن له معتصم بالدخول و دخل يصافح الجميع و جلس مقابل منير و وضع ملف على مكتب معتصم مردفاً:.

-سيادتك المقدم باعتلك الملف ده يا معتصم و بيقول أن القضية اللي كنت بتشتغل عليها هتكون معايا أنا
سحب معتصم الملف ليقول بتعجب:
-ده مش بيحصل غير لما يكون فيه قضية قديمة ليّا أتفتحت تاني أو فيه حاجة مهمة
رفع عبدالله كتفيه بجهل بينما قال منير:
-مستر عادل قال أن دي قضية قديمة كانت زينة مسكاها معاك، و فهمني كل حاجة عن اللي حصل في واشنطن.

أنهي جملته و حمحم و هو ينظر نحو عبدالله، ففهم معتصم مغذي نظراته بينما أردف عبدالله بإستغراب:
-واشنطن أيه؟
هز معتصم رأسه بالنفي مردفاً:
-متشغلش بالك أنت، روح و هجهز الملف و أبعتهولك
اومأ عبدالله ثم ذهب بسرعة، فنظر منير الي معتصم ليقول بإهتمام:.

-مستر عادل بيقول أن فيه معلومات بتقول أن سائح هندي جه مصر بغرض السياحة، و بعد التدقيق في معلوماته الشخصية عرفنا أنه أخ عالم هندي من العلماء اللي أتمسكوا في واشنطن
أغلق معتصم عينيه بتعب ليقول:
-لأ أنا مش قادر تاني القضية دي، يا رب ميكونش جاي يخلص علينا ولا جاي يكمل خطة أخوه و باقي المجانين دول
صمت منير للحظات قبل ان يكمل بتردد:
-مش هتصدق بيشتغل أيه؟

ردد معتصم بسخرية شديدة و هو ينظر الي صورة الشاب الهندي:
-خير يا تري؟ كاهن في معبد؟!
-لا بيشتغل في السحر الأسود و العياذ بالله، و عنده عفاريت و جن في كل حتة، اللهم أحفظنا
نظر معتصم الي منير بسخرية و ضحك بخفة ليقول:
-أنت بتصدق في الخرافات دي؟
-شوف كام واحد قال نفس الجملة دي قبلك و عرف أنها مش خرافات و عاشها كمان، و بعدين السحر مذكور في القرآن، و الهند معروفة أنها بلد السحر الأسود.

تجاهل معتصم توتر منير بل و حديثه بأكمله فسأله بحدة:
-تمام، أيه بقا دورنا احنا دلوقتي هنعمل أيه؟
-دورك أنت مراقبته و دوري انا تجميع معلومات عنه علشان نعرف هو هنا في مصر في الوقت ده بالذات بيعمل أيه؟
-و لو أن الموضوع سهل بس طالما أتربط بقضية واشنطن يبقي فيه خطر، هظبط ملف قضية عبدالله و أديهوله و هننزل سوا تمام
.

دلفت الي حجرته فكان يجلس كحاله في كل يوم، شاحب الوجه كالموتي و شفتيه بنية و الهالات السوداء تحيط بعينيه، و شارد الذهن، أقتربت لتلتقط كرسي و تضعه أمامه ثم جلست أمامه بإبتسامة مردفة:
-عارفة أني أتأخرت عليك بقالي كتير بس كان غصب عني، الشغل كتير و معتصم هيموتني معاه
صمتت لحظات قبل أن تبتسم لتقول و هي تحيط بطنها بكفيها:.

-كريم، عندي ليك خبر حلو أوي، أنا حامل في الشهر التالت، هكون ماما قريب و معتصم هيكون بابا، مسئولية جديدة هتتضاف لحياتنا، على قد ما فرحانة أن حتة منى بتكبر جوايا على قد ما خايفة من التجربة دي، و خايفة انا أو البيبي يجرالنا حاجة، بس ان شاء الله مش هيحصل حاجة وحشة
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغضب و أردفت:.

-أتخانقت مع معتصم، تخيل زعلان منى علشان الحرباية مرات أبوه اللي حاطة عينيها عليه، واحدة حيوانة و سافلة ومتفهمش حاجة لا في الأدب ولا في الدين، فضربتها، أنا مغلطتش هي كانت تستاهل و لو كان ينفع كنت قتلتها، هو بقا يتخانق معايا ليه أنا مستاهلش كده، أتصلت بيه كتير أوي و مردش، و لما رد زعقتله و قولتله أني مش هاجي البيت النهاردة و هبات بره
ثم أبتسمت بخفة لتقول:.

-أسمحلي بقا أكون ضيفة تقيلة على قلبك النهاردة هنقعد سوا طول اليوم هعوضك علشان مجتش الأسبوع اللي فات، و الأسبوع الجاي هجيلك مع معتصم ماشي
صمتت و هبطت بنظراتها الي الأرض بحزن و كادت أن تبكي و لكن حاولت أن تتماسك فأردفت:.

-هتفوق أمتي يا كريم و تخرج من هنا؟ هتخرج من هنا فعلاً ولا هتخرج من هنا على السجن؟ أنت ليه عملت كده ضيعت نفسك ليه؟ كنت عايزاك معايا، كنت معتبراك أخويا يا كريم و صاحبي، كنت فاكرة لما اتخانق مع معتصم هاجي أشتكيلك و أنت هتروح تتخانق معاه علشان زعلني، أنت ليه حرمتني من كل ده بسبب غبائك، ليه كده يا كريم؟ مبسوط أنت كده دلوقتي و مرتاح و انت متغيب عن الواقع كله كده، أتكلم يا كريم، قول أي حاجة أرجوك.

وجه كريم نظراته الواهنة نحوها، ليقول بصوت متلعثم و كأنه مفقود في صحراء شاسعة منذ سنوات:
-متتأخريش تاني عليّا
أبتسمت زينة و أنتفضت عن الكرسي غير مصدقة ما قد سمعته للتو، هل تحدث؟ هل قال انه لا يريدها أن تتأخر في زياراتها المتكررة في كل أسبوع؟ هل قال هذا بحق! أمسكت وجهه بين يديها و هبطت دموعها بسعادة و هتفت:
-كريم أنت أتكلمت بجد، كريم رد عليّا؟

عاد كريم الي صمته و لم يجيبها، حاولت كثيراً معه ليتحدث و لكن باتت كل محاولاتها فاشلة، فعادت تجلس على مقعدها بفقدان للأمل، و بدأت في سرد الكثير و الكثير، ولم تكن تعلم أن الشخص الذي امامها يسمعها بكل جوارحه و الأهم من كل هذا، بـقلبه!
.

مرت الكثير من الساعات و لم تذهب زينة الي منزل أهلها في المقطم و لم تعد الي منزلها في المعادي، و كان القلق يسيطر على كل انش في جسده و هو يفكر في مئات الأحتمالات السيئة لمَ قد حدث معها، أنتفض اخيراً و قد تذكر سلسالها الذي لا تخلعه أبداً و معه أرقام جهاز تحديد المواقع الذي بداخله، فخرج من منزل أهلها بسرعة و فتح هاتفه ليري أين هي الآن و صعق عندما وجدها تستقر في مستشفي الامراض العقلية، و التي يقطن بها كريم!

صعد الي سيارته ثم أنطلق بها بجنون نحو المستشفي، وصل بعد دقائق ليترجل بسرعة و يدخل نحو غرفة كريم مباشرةً و التي يعلم مكانها عن ظهر قلب، فوجدها تنام على المقعد أمام الفراش بينما كريم ينظر لها في صمت تام، فتح معتصم باب الحجرة بغضب و أقترب من كريم و سدد له لكمة قوية و صرخ به:
-أبعد عينك عن مراتي.

أستيقظت زينة بفزع فألتفت لها معتصم و حملها بين ذراعيه بدون أن يوجه لها كلمة واحدة، و لكنها صرخت عندما وجدت كريم يرقد على الفراش و أنفه تنزف:
-معتصم أنت أتجننت؟ ضربته ليه حرام عليك، نزلني، بقولك أبعد عني نزلني.

أستجمعت كل قوتها في محاولة لدفعه حتى ينزلها و لكن كانت المحاولة فاشلة، فصمتت في إنتظار زوجها لينفجر مثل القنبلة في وجهها، فتح باب سيارته و أنزلها عليه بقسوة و شد حزام الأمان ثم صعد هو الآخر خلف عجلة القيادة و أنطلق بالسيارة بسرعة وسط صمت تام من الطرفين، قطعه صوت زينة المرتجف لتسأله:
-ضربت كريم ليه يا معتصم؟
-مسمعش صوتك لحد ما نوصل
ضربته بقوة على كتفه بقبضتها و صرخت بغضب:.

-هو أيه اللي متسمعش صوتي حد كان قالك أن أنا الجارية اللي أشتريتها
أبعد كفها عن كتفه و جذبها بقوة من خصلاته و عيناه يفيضان بالغضب، و لقد شعرت بهذا فعلاً عندما أسودت عيناه بسرعة و من نبرته العميقة عندما قال:
-بالظبط كده، و لآخر مرة بقولك مسمعش صوتك لحد ما نوصل.

ثم تركها بقسوة كما أمسكها تماماً، فنظرت امامها و صمتت متذكرة آخر مرة كانت عيناه غاضبة بهذا الشكل عندما صفعها في المستشفي بعد أن ذهبت لثرية بدون علمه و تسببت في موت سبعة بنات أمامه و هو يجلس مكتوف اليدين من اجلها..

دقائق آخري و كانت سيارتهم تقف امام العمارة التي يقطنون بها، فهبط معتصم و توجه الي بابها ليفتحه و ينتزعها من كرسيها بين ذراعيه من جديد و توجه بها نحو المصعد و ضغط على الطابق الذي يقطنون به و ساد الصمت حتى وصلا فدق الباب بقوة و ثواني و فتحت عزة الباب متفاجأة بالمنظر أمامها، و إبتسامة داخلية نمت على شفتيها فهي تعلم معتصم جيداً عندما يغضب، و لا بد أن زينة أساءت كثيراً إليه..

تجاهلها و دخل غرفتهما فتعلقت زينة بعنقه بقوة و أغمضت عيناها بخوف لتردف:
-مترمنيش جامد على السرير أنا حامل.

توقف فجأة أمام الفراش و كأنه قد تذكر للتو فقط أنها حامل و أنه عاملها بقسوة، تمالك أعصابه و عواطفه ليضعها برفق على الفراش ثم تركها و توجه نحو المرحاض ليغلق الباب عليه بقوة بينما كانت هي تنظر إلي الباب و ذهنها منشغل بالتفكير، ماذا حدث من أجل كل هذا؟ هل لأنها تركت المنزل و لم تذهب لعائلتها؟ أم بسبب غيرته المرضية من كريم الذي لا يعي الحياة حوله؟

لم تستمر حيرتها طويلاً فلقد خرج من المرحاض و يلف خصره بمنشفة سوداء، ثم توجه نحو خزانة الملابس متجاهلاً إياها تماماً حتى لا يفقد أعصابه، فأقتربت هي منه ببعض التردد لتضع يدها على ظهره و لكنه أنتفض بسرعة و أبتعد عنها و نظر لها بجمود مردفاً:
-إيدك متتحطش عليّا مفهوم
عادت تقترب بهدوء لتحاول فهم ما يحدث فأردفت برقة:
-حبيبي بس فهمني حصل أيه مالك؟ دي مش أول مرة نزعل سوا و انا أسيب البيت!

أقترب معتصم من وجهها جداً ليردف و أنفاسه الساخنة تلفح وجهها:
-علشان مفيش واحدة محترمة بتسيب بيت جوزها و تبات بره من غير ما تعرفه هي فين يا محترمة
ثم نظر الي مقلتيها ليكمل:
-أبعدي
تسرب الخوف و الذعر الي جسدها من نبرته القاتلة، فأرتجف جسدها و هي تعود للخلف عدة خطوات لتبتعد عنه كما قال، و لكنها سألته من جديد بنبرة واهنة:
-أنا زعلت منك علشان أتصلت بيك كتير و مردتش عليّا علشان كده.

-مش عايز أتكلم يا زينة، علشان لو أتكلمت هقول كلام مش هيعجبك
ذهب تجاه المرحاض من جديد لكنها توقفت أمامه بشجاعة لتقول:
-عايزة أسمع هتقول أيه؟ مينفعش نعمل خناقة كبيرة كده من غير ما أعرف سببها
ألقي معتصم بالملابس من يده لتسقط على الأرض أسفل قدميه بينما تقدم ليمسك ذراعها بقوة صارخاً بنفاذ صبر:.

-سببها أن لو كل واحدة جوزها مردش عليها سابتله البيت كان زمان نص الستات ميتة أو مطلقات، سببها أني أقولك متعمليش كذا تقومي عملاه من غير تفكير، قولتلك متمديش إيدك على عزة و عملتي، مردتش عليكي و لما رديت سيادتك عليتي صوتك و قال أيه هتسيبي البيت و قفلتي المكالمة قبل ما أرد، سببها أني أكلم ماما أقولها لما تجيلك قوليلي علشان أجي أصالحها و بعد كام ساعة ألاقيها بتقولي زينة مجتش، سببها لما أعرف انتي فين تكوني عند كريم اللي انتي عارفة أني مستحمله بس علشانك، سببها أن أجي ألاقيه بيبص عليكي و أنتي نايمة قدامه، سببها انك علشان زعلتي منى روحتي لراجل غيري يا زينة و كنتي هتباتي معاه، علشان أنتي غبية و متهورة و مش بتفكري في الحاجة قبل ما تعمليها، قلبتي الدنيا علشان عزة قالتلك كلمتين و أنا عيني وقعت عليها غصب عني، أنما شايفة طبيعي تروحي لكريم و تنامي هناك و قافلة تليفونك كمان، لولا أبني اللي في بطنك ده كان زماني طلقتك دلوقتي.

شد على ذراعها أكثر ليقول بنبرة قاتلة و هو ينظر الي مقلتيها اللاتي أمتلأن بالعبرات:
-متخلنيش أوصل لمرحلة أكره حبي ليكي يا زينة لأني علشان بحبك بفوتلك غلطات كتير جدا، و أوعي ييجي في بالك أني هسمح لحبي ليكي يضعفني تاني، و متخلنيش أستعمل معاكي أسلوب أنا نفسي كارهه، تنسي كريم ده لا هتروحي زيارات كل أسبوع ولا تجيبي سيرته أصلا مفهوم
هزت رأسها بالنفي لتقول من بين دموعها التي شقت طريقها الي وجنتيها:.

-كريم تعبان و هو مظلوم في كل اللي حصله في حياته
-قدامك فرصة أختاري يا أنا يا كريم، و لأخر مرة أنا مش هسمح ليكي تقللي من كرامتي أكتر من كده
-معتصم أنا معملتش حاجة
تركها ليدور حول نفسه و يصرخ:
-ما دي المصيبة، أنك شايفة أن اللي بتعمليه ده طبيعي، أنتي مش شايفة نفسك غلطانة.

أنتفضت في مكانها و تحول بكاءها الصامت الي شهقات مرتفعة كادت أن تذهب بعقل معتصم الذي تركها ملتقطاً ملابسه ليرتديها في المرحاض ثم غادر المنزل بأكمله، فبقت هي في مكانها تكمل بكائها، ثم بدلت ملابسها بسرعة و أمسكت بحاسوبها المتنقل لتجلس داخل أرجوحتها في الشرفة، و بدأت الكتابة على حسابها المزيف:.

كتبت كثيراً عن الحب، و كانت دائماً حالتي المزاجية المتقلبة هي سبب في تعدد أرآئي، أخبرتكم مرة أن الحب هو الدواء و السقم، و مرة آخري انه افضل شعور على الإطلاق، و تارة ثالثة أنه لا وجود لهذا الحب سوي في القصص الخيالية التي نقرأها لنخرج بها من واقعنا، و ها انا هنا مع نظرية جديدة بتجربة جديدة و لكن هذه المرة سيكون الحديث عن، الإحتيـاج.

الإحتياج المادي يمكن مداواته بالمال حتى و إن كان المال صعب المنال، و لكن الإحتياج المعنوي لا يمكن مداواته بكل كنوز الأرض، ولن يتمكن أعظم السحرة من مداواة هذا الأحتياج، و لا لأكبر حب أن يفعل، جملة بسيطة أصبح يرددها شباب مواقع التواصل الإجتماعي الأهتمام مبيتطلبش ، و كانت تتناقل على ألسنتهم كمزحة و لكن إن تأمل كل منهم حقيقتها سيجد أنها أكثر جملة واعية و مؤلمة في الحياة.

فأنت لن تذهب و تخبر أحدهم أن يهتم بك، أو أن يحبك، أو انك حزين و تحتاج الي عناق حار، لن تطلب من أحد أن يشعر بقلبك المفتت بسببه، ولا أن يعيد روحك التي سلبها، لن تخبر أحدهم أنك تتمني منه أن يفعل الكثير من أجلك، أن تكون أنت كل حروبه، لن تخبره أنك تتألم في غيابه، أو أنك تتمني منه أن يعطيك فرصة ثانية لأنه يحبك، لن تطلب أن يفهمك أو يشعر بما تشعر به، أن يشاركك أحزانك كما يفعل في سعادتك، لن تخبره لأنه و ببساطة الأهتمام مَطلب لا يُطلب!

و أعتقد أن هذا هو قمة الأحتياج المعنوي، بل قمة المعاناة، لن يتمكن أحد من مداواة جروحك إلا شخص واحد حتى و لو حاول معك الآلاف، إحتياج لشخص واحد لا يعوضه الآخرين، إحتياج لن ينتهي إلا بإنتهاء حياتك أو بإهتمام الطرف الآخر فيلبي أحتياجك، و إن كانت لكل المشاكل حلول، فلا أعتقد أن للأحتياج حل آخر سوي الأهتمام.
متمردة .

ضغط على كلمة النشر ثم صمتت لثواني و هي تجفف دموعها من جديد، ثم فتحت ملف روايتها لتكملها فلقد شارفت على الإنتهاء..

جلس بجوار عبدالله بتعب و هو يفرك رأسه في صمت بينما يتأمله الآخر بملل، فرفع معتصم نظره ليقول بسخرية:
-ما تاخدلك صورة
عاد عبدالله بظهره ليلتصق بالمقعد و يعقد ساعديه أمام صدره قائلا بتعجب:
-و الله يا معتصم مبقتش عارف أنت ذكي ولا غبي
-قصدك أيه؟

-قصدي أنك سايب مراتك زعلانة في البيت و جاي قاعد معايا، سايب حبيبتك حتى لو هي سبب الخناق، كنت بتزعقلها علشان سابت البيت و معرفتش هي فين، و أديك بتعمل نفس اللي هي عملته، سبتلها البيت و جاي عندي
أنتفض معتصم واقفاً بذعر ليقول:
-أنا سبت البيت بسبب تصرفاتها اللي مبقتش فاهمها، و سبته وجاي عند صاحبي مروحتش عند واحدة البيت.

-مبقتش فاهم أيه؟ أنت متخيل أن زينة مش بتحبك؟ دي بتعشقك و بتموت فيك و أنا و أنت عارفين كده كويس، و هي أه فعلا غلطت بمرواحها عند كريم، بس هي زينة تعرف مين تروحله؟ منير و كريم و أهلها بس، هتروح لأهلها كل يوم تشتكي ليهم ويقعدوا يأنبوها! ولا هتروح لمنير البيت أو تقعد معاه في كافيه! هي عملت اللي شايفة أنه أصح حاجة، راحت لواحد كانت بترتاح معاه في الكلام، و هو مش عايش معانا أصلا ده عايش في عالم خاص بيه، راحت تفضفض مع جثة، أه غلطت بس دي طريقتها و ده تفكيرها و كلنا عارفين زينة أتربت إزاي و أنها كانت متدلعة بسبب اللي حصل ليها من تحت راس خالد الكلب، أنت بقا مع كل غلطة هتزعق و تسيب البيت ولا تقعد معاها و تفهمها بتحب أيه و مش بتحب أيه؟ تكلمها بهدوء و تفهمها غلطها كأنها بنتك ولا تقل بأدبك عليها و تضربها بالقلم زي ما ضربتها في المستشفي قبل كده؟ هتعلمها ولا هتعاقبها من غير ما تتعلم يا معتصم، أنت بتحبها يا معتصم؟

نظر له معتصم بسخرية و لم يجيب، فعاد عبدالله يسأله من جديد، فنظر له معتصم بإستنكار مردفاً:.

-أنت أهبل ولا أيه؟ أكيد بحبها متخيلتش السؤال ده يطلع منك! أنا بصرف نظر عن غلطات كتير ليها، و مكمل معاها لأني بحبها و بعد 9 شهور جواز جاي تسألني بحبها ولا لأ! و عايزني أقولها أنا بحب أيه و مش بحب أيه؟ و أيه اللي أنا متقبلة و أيه اللي عايزها تغيره لأنها مش حاجة حلوه؟ عايزني أرجع أعرفها على نفسي تاني بعد كل ده!

-9 شهور أيه يا معتصم! اه ممكن تكون فعلاً أتجوزتوا من 9 شهور، بس لو ناسي فيه 5 شهور منهم قضيتوهم هربانين من القتل تحت إيدين مجانين، يعني لو هنحسب فترة جوازكم الطبيعية هيكون 4 شهور و قبلها 4 شهور تعارف و خطوبة، تفتكر 8 شهور بس كفيلة أن كل واحد فيكم يعرف أيه اللي التاني بيحبه و يحاول يأقلم نفسه عليه! طيب هسألك سؤال أيه أكتر حاجة مش عاجبة زينة فيك؟
عقد معتصم حاجبيه بتعجب و لوي ثغره، فأكمل عبدالله:.

-مش عارف صح! لأنك محاولتش تسألها؟ لأن محصلش موقف يتطلب انها تقولك أنها محبتش ده وقتها! او يمكن هي معندهاش الجرأة تقولك هي مش عاجبها أيه؟ طب يا تري عارف زينة بتعمل أيه دلوقتي أو نفسها في أيه؟
-بعد كل خناقة بتحبس نفسها في الحمام و تعيط و بعدين بتروح تكتب في البلكونة
-طيب هي بتكون مبسوطة بعدم وجودك جنبها و هي بتعيط أو بعد العياط؟
صمت معتصم من جديد و لم يجيب فأردف عبدالله بسخرية:.

-يعني أهوه بتعمل زيها، عارف انها بتكون عاوزاك جنبها بعد الخناق و مع ذلك أنت سايبها و جيت عندي، هي سابت البيت و انت سبت البيت، بأي حق عايزها تفهم و أنت أصلا مش عارف هي مش بتحب فيك أيه يا معتصم؟ ولا مقدر أنها محتاجاك دلوقتي، تعرف أن هييجي وقت تندم فيه على كل لحظة كان قدامك فيها فرصة معاها و في حضنها و انت ضيعتها بغباءك، أنا دلوقتي بتمني أن ريهام ترجعلي دقيقة واحدة بس، و الله عايزها دقيقة واحدة بس أقولها قد أيه كنت بحبها و كنت هفضل معاها علطول و مستحيل أسمح لحد يفرق ما بينا مهما حصل، بس انت دلوقتي اللي بتبعد عنها بمزاجك.

-عبدالله، أنا مش جايلك علشان تأنبني؟
صرخ عبدالله في وجهه مردفاً بدموع تهدد بالنزول:.

-أمال جاي ليه؟ فاكرني هقولك أنت صح و هي وحشة؟ لا يا معتصم لو حد وحش فهو أنت، أنت لأنك سايبها لوحدها و قاعد معايا هنا، مش مهم مين السبب في الخناق، مش مهم مين اللي المفروض يعتذر لأن أي خناقة الطرفين بيكونوا غلطانين فيها، أول ما أنت هتعتذر هي هتعتذرلك و هتعيطلك و تقولك أنها هبلة علشان سابتك زعلان، و هي لو أعتذرت انت كمان هتعتذر و تقولها أنك أسف علشان سبتها و مشيت و توعدها ان ده مش هيتكرر تاني، كل واحد فيكم عارف أنه غلطان بس بيكابر علشان ميعتذرش الأول، خليك انت الشجاع و روح قولها أسف و عاتبها و صالحها و نام في حضنها، بدل ما هي هناك بتعيط و أنت هنا بتاكل في نفسك، فوق بقا يا معتصم قبل ما تضيع من أيدك.

تركه عبدالله ليدخل الي غرفته و يصفع الباب خلفه بقوة، و سمع معتصم صوت بكائها و أنهياره، و أقترب يدق على الباب بتردد فأردف عبدالله بتعب:
-سيبني دلوقتي يا معتصم، انا محتاج أكون لوحدي شوية، لو هتبات هنا روح نام في الأوضة التانية، بس نصيحة منى أرجع لمراتك، تصبح على خير.

زفر معتصم بضيق و حزن على حال صديقه الذي لم يتخطي ما حدث مع معشوقته بعد، فتركه ليسقط بجسده على الأريكة في صمت شديد، إبتسامة صغيرة نمت داخله وهو يمسك بهاتفه و يفتح حسابها المزيف و قد صدق إحساسه، نشرت مقال جديد منذ ساعتين، بدأ قرآته و هو يفتح عينيه من الدهشة و الذهول، هل هذا هو ما تشعر به حقاً! هل عدم وجوده الي جوارها مؤلم الي هذا الحد الذي شعر به من وصفها! سحب مفاتيح سيارته و هو يلعن نفسه بداخله، ثم أنطلق بها نحو المنزل بسرعة، وصل بعد دقائق و دخل بسرعة فوجد عزة تجلس أمام التلفاز، تجاهلها ليدخل غرفته و لكنها نادت بإسمه، فزفر بضيق و ألتفت ليجدها تقف أمامه بإحراج شديد مردفة:.

-معتصم هو حصل أيه؟ أنا صحيت لقيت نفسي عاملة كده؟!
أشارت الي وجهها و ذراعاها الممتلآن بعلامات زينة الدموية، أبتسم إبتسامة صفراء في وجهها ليقول:
-الشغل ده مش عليّا يا عزة، أنا فاهمك و أنتي عارفة كده كويس
أقتربت منه أكثر لتسحبه من ياقة قميصه بهدوء و تقترب من وجهه قائله بنبرة رقيقة:
-بس زينة متعرفش، هي عارفة اني تعبانة، قولها أني مكنتش في وعيي
نظر معتصم حوله بهدوء ثم عاد ينظر في وجهها ليقول ببرود:.

-البيت فيه في كل ركن كاميرا مراقبة، أي حركة غلط منك زي اللي انتي عملتيها الصبح أو قربك منى بالشكل ده دلوقتي هاخدهم لعمك، و دلوقتي ابعدي زي الشاطرة.

أنتفضت بسرعة مبتعدة عنه بفزع من فكرة أن يعيدها عمها إليه بالقوة، سيقتلها حتماً من أجل أفعالها المخجلة، أو ربما يزوجها الي عجوز آخر، ابتسم معتصم بسخرية على رد فعلها ثم تركها ليتجه نحو غرفته، فتح الباب و أغلقه خلفه، و جال بنظراته في الغرفة ليجدها تجلس داخل أرجوحتها في الشرفة، أبتسم و خلع ملابسه ليرتدي بنطال مريح و بقي عاري الصدر، ثم أقترب ليفتح الشرفة و يقف أمام تلك التي تركز تماماً في حاسوبها و لم تعيره أي أنتباه، نطق أسمها بهمس و شعر بتصلب عضلات وجهها و توقفت عن النقر على لوحة المفاتيح، بل و يشعر بدقات قلبها التي تعالت بسرعة شديدة، أقترب أكثر ليدخل الي الأرجوحة بجوارها، و جلس خلفها محيطاً خصرها بقدميه، و طوق بطنها بذراعيه واضعاً ذقنه على كتفها في هدوء يستنشق عبير عنقها..

أبتلعت لعابها بتوتر و حاولت تجاهله و هي تعود لتكمل ما كانت تفعله و لكنه بدأ في الكلام لتتوقف عن الكتابة و هي تشعر بقلبها كاد يخترق صدرها للخروج بسبب سرعة نبضاته و هو يقول:.

-أنا أسف لو قولتلك كلام غبي و زعلك مني، و أسف علشان خليتك تكتبي الكلام الغبي ده أو تحسي بالإحساس ده، و أسف علشان مراعتش أن حملك مخليكي بتتأثري بسرعة و علشان كده مستحملتيش كلام عزة و ضربتيها، بس مش أسف على ضربي لكريم ولا على زعلي منك لأنك روحتيله تشتكيله مني، لو زعلتك تعاليلي انا و قوليلي انت زعلتني، و أنا و الله هعاقب نفسي علشانك و هعملك كل اللي نفسك فيه لو معاكي حق، بس متسبنيش يا زينة و لا تسيبي بيتنا، متبعديش و تروحي لأي حد تاني لأن الموضوع ده بيجنني بجد، انا عايز مراتي ليا لوحدي، تزعل معايا و تضحك معايا و تشتغل معايا و تعيط معايا و تموت معايا، عايز كل ده لأني بحبك بجنون يا زينة، و غيرتي عليكي مش بإيدي، تعالي نفتح صفحة جديدة، صفحة كل واحد يعرف فيها التاني بيحب أيه و بيتضايق من أيه و نحاول نتخطي أي حاجة تزعلنا أو تخلينا نتخانق، تعالي نفهم بعض أكتر و نحب بعض أكتر، قولتي أيه؟ هتبدأيها معايا ولا هتفضلي زعلانة منى و مخصماني و واجعة قلبي عليكي علشان زعلانة بسببي.

صمتت، و لكن ضربات قلبها لم تهدأ، و عقلها لم يهدأ عن التفكير في كل كلمة قالها و هي تحاول حفظها في ذاكرتها جيداً، سمع صوت أناملها التي تنقر فوق الأزرار أمامها، فنظر الي الشاشة ليجدها تخط نهاية روايتها الأولي بجملة واحدة:.

سنظل معاً و إلي الأبد، حتى و إن أجتمع العالم كله لتفرقة أتحادنا و التحام أرواحنا لن يتمكن، لأنني لن أسمع بأن يعيق أي شخص الطريق الذي أتخذه قلبي لعشقك بعد أن تعلم بين يديك معني هذا الشعور، أحبك و ليحترق العالم في الجحيم .

ثم كتبت كلمة النهاية في منتصف نهاية الصفحة، وقامت بحفظ الملف و أغلقت الحاسوب لتلقيه بعيداً ثم ألتفتت لتطوق خصر الذي يجلس مقابلها و تعانقه بقوة مطوقة عنقه بذراعها و دفنت رأسها بداخله و بدأت في البكاء بخفوت، بينما الآخر يضمها بقوة و هو يهمس بكلمات الإعتذار و العشق في أذنها و يضع قبلاته الهادئة على عنقها حتى أنتهي بكائها تماماً فحملها متوجهاً الي الداخل فنظرت الي وجهه و ضمته بكفيها مردفة بترجي:.

-متسبنيش تاني زعلانة و تمشي، متسبش البيت يا معتصم
-حاضر يا حبيبة قلب معتصم، أوعدك مش هعمل كده تاني بس كفاية زعل
هزت رأسها بالإيجاب و عادت تضمه من جديد بحب و أناملها تمررها بخفة على مؤخرة عنقه مردفة:
-مش ناوي تحلق دقنك دي، أنا بكرهها طويلة
وضعها على الفراش برقة مبتسماً و أردف:
-عارف أنك بتحبيها خفيفة، بس أنتي اللي تستاهلي علشان بعد كده تعملي مقالب تشككيني في ذاكرتي تاني.

وضعت يدها على وجنته و عضت شفتها السفلي في إستمتاع:
-بحب أغيظك، يا سلام دي أحلي حاجة في الكون شكلك و انت متغاظ كده
رفع حاجبه الأيمن بإستنكار مردفاً:
-طب علفكرة أنتي كلامك ده بيغيظني
-عارفة و قاصدة
-مفيش كريم تاني يا زينة
هزت رأسها بالإيجاب مردفة:
-حاضر مفيش كريم تاني، بس هيكون فيه بالنسبالك، هتروح أنت كل أسبوع زي ما أنت تطمن عليه وعلي حالته و كده هكون أنا بره الصورة خالص، ممكن ولا ده طلب كبير؟

زفر بضيق حاول إخفاؤه و أردف:
-أنتي مهتمة جامد ليه يا زينة؟

-مش مهتمة على قد ما هو صعبان عليّا يا معتصم، أتصدم في مامته و عمه اللي طلع أبوه، كان دكتور شاطر و ناجح و أنت عارف كده كويس، كان ممكن يبقي كويس و عايش طبيعي لو حد قاله الحقيقة، و عذراه يا معتصم، أنا لو بابا و ماما جرالهم حاجة و عرفت مين اللي أذاهم ده أنا أكله بسناني، هو بس ملقاش اللي يقوله غلط، لأنه عاش في عالم كله غلط، علشان كده لو سمحت خد بالك أنت منه و أهتم بيه، أعتبره أخوك الصغير.

-زينة كريم أكبر مني
ردد جملته و هو يقلب عيناه بسخرية، فضحكت بخفة و هتفت:
-بس انت عقلك أكبر منه، هاه قولت أيه؟ موافق على طلبي؟
تنهد بقلة حيلة و أومأ برأسه، فأبتسمت زينة و صفقت بيدها.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 4 من 10 < 1 3 4 5 6 7 8 9 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1530 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1126 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1165 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 963 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1734 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، عاشقي ، المخاطر ،











الساعة الآن 10:51 AM