رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل العشرون
وقف السفير المصري في الولايات المتحدة الأمريكية في قلق و صافح خيري قائلا: -حمدلله على سلامة حضرتك، الدنيا مقلوبة في مصر بسبب أختفاءك أبتسم خيري في ود و جلس قائلا: -الله يسلمك يا سيادة السفير اتفضل جلس السفير و أشار خيري الي معتصم و زينة فجلسوا أيضاً، ثم بدأ خيري في سرد كل ما حدث و عندما أنتهي كانت نظرات الإعجاب تقفز من عيني السفير نحو معتصم و زينة، ثم أردف:.
-أنا هبلغ وزير الدفاع أن حضرتك عندنا هنا، و هتسافروا على أول طيارة على القاهرة تحدث معتصم بإعتراض قائلا: -أنا اسف يا فندم بس أنا مش هسافر غير لما الموضوع ده يخلص أو لما أنا أموت، أنا مش ههرب زي الجبان، و انا أكتر واحد ممكن تستفادو من وجوده هنا لأني عارف و حافظ كويس المكان اللي ألفريد مستخبي فيه و تقريباً عارف خطته، خلي سيادة اللوا يرجع و معاه زينة و أنا هفـ.
أمسكت زينة بكف معتصم قائله بإصرار عجيب: -أنا مش هتحرك من هنا غير معاك و رجلي على رجلك نظر خيري الي زينة و أردف: -مدام زينة، وجود معتصم هنا فعلاً مهم، بس وجودك أنتي هيمثل نقطة ضعف ليه و لباقي الفريق اللي هييجوا هنا رفعت زينة بصرها الي خيري و أردفت بلباقة: -انا أسفه يا سيادة اللوا، بس انا مش همشي غير مع معتصم، احنا بدأنا التحقيق ده مع بعض و هنكمله سوا.
نظر خيري الي معتصم بإستفسار ليعرف رأيه عن ما تقوله زوجته، فنظر معتصم الي زينة بثقة قائلا: -زينة هتكون معايا، أنا محتاجها جنبي تنهد السفير بموافقة و أستأذنهم و غادر الحجرة و بعد دقائق عاد مع حقيبة مستطيلة و فتحها على مكتبه قائلا: -ده الباسبور اللي سيادتك هتسافر بيه يا فندم قدم السفير جواز السفر الي خيري ثم أخرج مسدسان و اعطاهما الي معتصم وزينة قائلا: -و دول ليكم أنتم.
أومأ معتصم برأسه و سحب كلاً منهما سلاحه، ثم وضع أمامهما جوازي سفر قائلا: -دول باسبورات هتنزلوا بيهم في فندق في واشنطن بأسامي ماريا بات و جوردن جيمي أمسك السفير بسماعة هاتفه قائلا: -أبعتلي محرم يا علي ثم وضعها في مكانها قائلا:.
-محرم ده خبير في التنكر هيخلي شكلكم زي اللي في الصورة دي بالظبط، هتفضلوا في الفندق لحد ما سيادة اللوا يبعت ليكم فريق صغير يساعدكم، و ممنوع أي حركة غلط أو بدون حساب لأن ألفريد لو وصل ليكم مش هتفضلوا عايشين أبتسم معتصم قائلا: -مش هيوصل يا فندم، احنا اللي هنوصله مرّ يوم واحد، و أجتمع خمسة رجال و فتاة حول طاولة في منزل صغير، و بدأ الجميع في التعريف عن نفسهم: -أنا ملازم أول أشرف -أنا مقدم بركات.
-مقدم عزت نظر لهم معتصم و قدم نفسه: - رائد معتصم، ودي مراتي زينة صحفية أمسك بركات بورقة بيضاء كبيرة و وضعها على الطاولة، ثم أمسك بقلمه قائلا: -دلوقتي يا معتصم أنا عاوزك توصفلي المكان بالظبط من بره قبض معتصم حاجبيه بتفكير ثم بدأ الوصف و بركات يرسم حسب وصفه:.
-هما 3 مباني جنب بعض، أول واحد ناحية اليمين هو أكبر واحد فيهم، ممكن ييجي في حجم فندق كبير مثلا، من 5 أدوار و كل دور فيه 4 شبابيك كل واحد بيطل على جانب واحد بس، و ده زي ما ألفريد قال فيه الأسلحة العسكرية و دبابات حربية و طيارات كمان من أول الهليكوبتر لحد أحدث نوع من الطيارات الحربية، و فيه غواصات حربية كمان بس دي في الماية، فين بالظبط معرفش، المبني ده ليه باب واحد بس عليه 30 حارس مسلحين منهم 10حوالين المبني بيحرسوه، و بما أن فيه طيارات، فمن المتوقع أن السطح يكون فيه باب غير أن سقفه بيتفتح علشان الطيارات دي تطلع.
صمت معتصم قليلاً حتى أنتهي بركات من الرسم فأردف:.
-أيوه ده أقرب تخطيط ليه، المبني اللي في النص ده من دورين الدور الأول مليان أوض و كل أوضه عليها حارسين و أحياناً واحد، و كوريدور طويل بيودي على سلالم للقبو، و فيه أسانسير بيوديك على الدور التاني، الأسانسير ده لو فتح من غير ما الحراس اللي تحت يبلغوا بوجود حد هيطلع و ألفريد يبقي عارف، اللي فيه بيموت علطول لأن بيكون قدامه علطول مكتب ألفريد و المكتب ده قدامه 15 حارس برشاشات و عندهم قانون يقتلوا الأول و يعرفوا كان مين بعد كده، المهم أن الدور التاني ده كله بتاع ألفريد و مكتبه و عليه 15 حارس، و فيه بردوا شبابيك من كل ناحية و أكتر من واحد بس في الدور التاني بس، إنما الدور الاول مفيهوش ولا شباك، و الباب بتاعه إلكتروني الرقم بتاعه 55691#.
عاد معتصم الي صمته من جديد و مرت دقيقة قبل أن يردف: -المبني التالت ده من دور واحد بس و الأصغر ما بينهم فيه 3 أوض و غالباً التلاتة بيقتل فيهم اللي بيعترض طريقه بوسائله الخاصة نطق معتصم جملته الأخيرة بنبرة ساخرة، فنظر له عزت قائلا: -وسائل خاصة إزاي يعني؟ -بالكوكايين، طبعا ده جنب التعذيب هز عزت رأسه بتفهم، فأكمل معتصم:.
-و المبني ده فيه 3 شبابيك لكل أوضة و الجهة الأمامية عليها الباب و عليه 4 حراس، و التلت مباني في ساحة واسعة جدا عليها سور طويل و بوابة واحدة واقف عليها حارس في كابينة مضادة للرصاص و طبعا الزرار اللي بيفتح منه البوابة جوه و فيه لاسيلكي كمان علشان يبلغ لو فيه أي خطر يبلغ باقي الحراس، و في العادي قدام كل مبني عربية سودا مضادة للرصاص و فيه عربية كمان بره السور زيهم بالظبط.
أنتهي بركات من الرسم بعد دقيقتين، فنظر أشرف الي معتصم قائلا: -بس مش غريبة أن حضرتك عارف كل المعلومات دي مع أنك مروحتش كل المباني أبتسم معتصم بسخرية و أجابه: -ألفريد عنده مرض ظريف أسمه جنون العظمة بيخليه يحكي عن كل أنجازاته و أعماله قدام اي حد و محرمناش من معلومة عادت ملامح الحدة على وجه معتصم و تحدث:.
-أه صح، فيه ردار بيلقط أي طيارة بتقرب و لو مش تابعة لألفريد بيطلقوا عليها صواريخ مضادة للطائرات و بتنفجر في أقل من دقيقة من دخولها المنطقة، و فيه مكان تاني قريب من المباني دي فيه جيش كامل من الحراس اللي بيدينوا بالولاء بجنون لألفريد مدربين على أعلي مستوي أبتسم بركات بسخرية قائلا:.
-يا بن اللعيبة، عنده جيش هيقضي بيه على العالم كله و من وصفك أن عنده أسلحة و مدرعات حربية، يعني عامل لنفسه دولة جوه دولة نظر أشرف الي عزت و سأله بحيرة: -بس إزاي هيحارب كل دول العالم بالجيش ده علشان يسيطر عليه؟ تحدثت زينة هذه المرة و أجابته: -لأنه مش هينفذ الفكرة القديمة بتاعت منى و تيسيير نظر الجميع لها بإهتمام فأكملت:.
-ألفريد معاه أعوان من 7 دول مختلفة، منهم دولة أتكشفت اللي هي مصر، بس لسه فاضل 6، يعرف منهم علماء و ضباط مخابرات و وزراء كمان و قدر يسيطر على دماغهم علشان يساعدوه في مقابل يكون ليهم مراكز في العالم الجديد اللي ناوي يعمله بعد ما يسيطر على القديم سألها عزت: -أيوه بس أيه الخطة البديلة اللي عنده بعد ما مصر أتكشفت!
أمسكت زينة بقلم من أمامها و طلبت ورقة فأعطاها أشرف و بدأت الكتابة ثم أنتهت و سلمتها الي عزت قائله:.
-أول حاجة دول العلماء اللي هو متعاون معاهم، كل واحد من دول واخد جايزة نوبل في مجاله هما 10، و كلهم حالياً متجمعين في المبني اللي معتصم وصفه، و فيه واحد منهم شغال مع الأتحاد السوفيتي و بيصنع قنبلة ذرية جديدة و يحدد مداها من على بعد، و المعلومة دي على الرغم من سريتها الا ان دول كتير عرفتها و أعتقد من ضمنهم مصر، المهم أن العالِم ده هيصنع نفس القنبلة و ألفريد هيستخدمها و يرميها في دول أوروبا، فهتهاجم الأتحاد السوفيتي، و هيستغل العلاقات المضطربة بين إسرائيل و الدول العربية، و هيصنع طيارات مطابقة للطيارات الإسرائيلية و العربية و هيقصف بالطيارات العربية إسرائيل و بطيارات إسرائيل دول عربية فتقوم حرب ما بينهم، و طبعاً مع أنهيار أقتصاد معظم دول أفريقيا هيكون كده قدر يسيطر على أفريقيا و معظم أسيا، و في وسط أضطراب العالم كله من اللي بيحصل هيضرب ضربته و يحارب الكل بجيشه اللي هو فاكر أنه لا يقهر و اللي بقاله سنين بيكونه، فيه دول هتقاومه و هيضطر يحاربهم، و دول تانية هتستسلم ليه فهيضم جيشها على جيشه و هكذا.
صمت الجميع في حيرة مما قالته زينة، ثم أردف بركات في إصرار: -الجزاء من جنس العمل، لازم كلهم يموتوا و يتدمروا زي ما عايزين يعملوا أردف عزت بتفكير: -بما أن المباني دي هي النقطة الوحيدة اللي كل حاجة هتخرج منها نهاية العالم، فلازم يتدمروا هزت زينة رأسه نافية بأسف و هتفت:.
-مش هينفع أستخدام أي وسايل لتدميره، الطيارات و هتتكشف بسبب الرادارات، و أي محاولة لتدميره أصلا هتقلب واشنطن لبحر دم، لأن ألفريد حاطط قنبلة ذرية في مكتبه، قنابل ذرية تانية في أكتر من مكان في العالم و كلهم ليهم زرار واحد بس في مكتبه بمجرد ما يضغط عليه هيبدأوا ينفجروا بترتيب معين، و هو طبعاً مش هيضغط عليه غير لما يعرف أن فيه حد بيحاول يدمر القاعدة العسكرية الضخمة اللي عملها، فالقنبلة اللي في المباني كمان هتنفجر و أي حاجة جنبها هتنفجر، و ده معناه أن دي مهمة أنتحارية للي هيقوموا بيها و هتخلي معظم دول العالم في حالة أنهيار غير طبيعية بعد ما القنابل تنفجر.
نظروا جميعاً الي بعضهم في عجز عن التفكير، فأردف بركات في حماس و تشجيع: -هنلاقي حل، مفيش نظام أمن في الدنيا مفيهوش ثغرة تدمره جلسوا جميعاً في أماكن متفرقة، حتى نظر لهم معتصم قليلاً و أزدرد لعابه قائلا بقلق: -فيه طريقة، ممكن تنفع و لو نفعت فيه أحتمال 80% نموت، و لو فشلت هنموت بردوا نظر الجميع له بإهتمام فأردف: -حد دخل قبل كده عرين الأسد برجليه! مرت ثواني على الجميع قبل أن تقف زينة في اعتراض قائله:.
-لا و مش هتدخل هناك وقف معتصم هو الأخر و وضع أصبعه على رقبتها قائلا: -لازم تنامي شوية يا حبيبتي أبتعدت زينة في سرعة و رفعت قدمها في سرعة لتضربه و لكن تلقي معتصم ضربتها على ساعده في بساطة و تحدث: -زينة أهدي رفعت زينة أصبعها أمام وجهه في تحذير قائله: -أياك تحط أيدك على رقبتي تاني و تعمل الحركة اللي عملتها تاني.
شعرت زينة بشخص خلفها فألتفتت بسرعة و قابلها بركات برزاز بداخله مخدر، و سرعان ما وقعت فاقدة وعيها بين يدي معتصم الذي نظر إليه بغضب فتحدث بركات: -مدام زينة لازم ترتاح شوية لان أعصابها تعبانة و مفيش وقت للإعتراض.
-سيادة المقدم، أنا مراتي متتعاملش كده، أنا كنت هخليها تغيب عن الوعي فترة صغيرة نكون وصلنا لخطة محددة و لما تصحي هنقولها عليها، أنا مش بخطي خطوة من غير ما تكون هي عارفاها و موافقة عليها و مش هعمل دلوقتي حاجة غصب عنها، و زينة ليها أراء مهمة أنا لازم أراعيه في كل خطوة بعملها، بإختصار مش بشتغل لوحدي و أكبر دليل على كده هو وجودها معايا دلوقتي، حضرتك ضيعت وقت كتير بالمخدر ده.
حمل معتصم زينة بين يديه و أكمل: -انا مراتي حامل، يا ريت تاخد حذرك بعد كده في إستخدام المخدر توجه معتصم بزينة نحو غرفة، بينما ألتفت بركات بضيق الي الأخرين فتحدث عزت: -كان لازم يعني تتصرف من دماغك و تغلط صرخ به بركات قائلا: -الغلط الحقيقي هو وجود ست حامل في عملية زي دي و ظابط شرطة وقف عزت أمام بركات و تحدث:.
-الست و الظابط دول هما اللي بيسهلوا لينا حاجات كتير و بيوفروا وقت في التفتيش و المراقبة و البحث، و هما اللي ساعدو سيادة اللوا أنه يهرب، و معتصم هو اللي فكر، الذكاء و الشجاعة مش محتاجين راجل و يكون ظابط مخابرات فاهم تمتم بركات في ضيق: -فاهم يا فندم خرج معتصم و جلس بجوارهم و بدأ في سرد خطته عليهم، و ما أن أنتهي حتى نظر له أشرف بإنبهار قائلا: -هي الخطة حلوه جدا، بس بردوا أحتمال فشلها كبير.
تنهد معتصم و عاد بظهره الي الخلف و أردف: -مقدمناش حل تاني، و هنبدأ تنفيذ بعد ما زينة تفوق لأنها هتكون معايا، و وجودها معايا هيخدع ألفريد أكتر هزت عزت رأسه بتفهم و ساد الصمت بين الجميع، ثم وقف بركات قائلا: -فين العربية اللي أخدتها من هناك! -السفارة محتفظة بيها، تقدر تسأل سيادة السفير.
أومأ بركات برأسه ثم خرج من المنزل ليبدأ الجزء الاول من المخطط الذي رسمه الجميع في دقة، و مرت ساعات بين تدريبات و معلومات يتلقاها معتصم من عزت و أشرف، ثم تحدث عزت: -انا عارف أن كل ده كتير على عقلك حالياً بس حاول تستوعب على قد ما تقدر هز معتصم رأسه نافياً و هتف: -لا يا فندم أنا تمام و فهمت كل حاجة سمع معتصم زينة تنطق بأسمه فألتفت بسرعة و وجدها تقف على باب الغرفة فأقترب منها قائلا:.
-مالك يا زينة مش مظبوطة كده ليه؟! أمسكت زينة بذراعه بضعف و أردفت: -دماغي بتلف و الدنيا حوليا بتسود نطق عزت من بعيد: -ده تأثير المخدر، قوم يا أشرف أعملها كوباية قهوة و هي هتفوق بعدها.
أتجه أشرف نحو المطبخ و أمسك معتصم زينة و جلس معها على الأريكة الصغيرة في الصالون ثم أقترب من أذنها سريعا و همس ببعض الكلمات فأومأت برأسها في صمت، و أنتظروا دقائق قبل أن يأتي أشرف ثم أرتشفت زينة القهوة و عاد إليها تركيزها، و بدأ معتصم في سرد الخطة عليها، فأومأت زينة بإبتسامة قائله: -فاكر لما قولتلك أنا مستعدة أروح معاك حتى لو لجهنم امسكت كفه بقوة و أردفت: -اعتقد جه وقت التنفيذ.
دخل بركات الي المنزل و تجاهلت زينة وجوده قدر المستطاع، فتحدث: -العربية تحت البيت، اللاسيلكي شغال و رجعتلك وجهتها للمكان اللي كنت فيه و أخدت عنوانه أومأ معتصم برأسه ثم وقف مع زينة و توجه الأثنان الي الخارج فأردفت زينة: -أول مرة أشوف ناس رايحين لعزرائيل برجليهم و مش خايفين أبتسم معتصم في ثقة و أردف: -أحنا أه رايحين لعزرائيل، بس مش أحنا اللي المفروض نخاف لأن عزرائيل هيقبض أرواح ناس تانيين .
خرج سيرجي من غرفة جاسر بحزن و تحدث باللغة العربية الفصحي: -لقد كانت الصدمة شديدة على عقله، أعتقد أنها كانت الأقرب إليه و لهذا سيستغرق وقت طويل في العلاج، و خاصة مع عدم قدرته على الذهاب الي المصحة أومأت أميرة في وجع و تحدثت: -طيب أعمل أيه؟!
-حاولي ان تصلي بحديثك الي قلبه، فعقله الآن مشغول في محاولة أستيعاب وفاة شقيقته، أحضري بعض صور ريهام و أعطيها له فسيظهر هذا أنكِ تعيشين نفس الوجع الذي يحاصره و بالتالي سيتحدث إليكِ من جديد، و ستقومين انتِ بمحاولة لإخراجه من تلك الدوامة التي يحيط بها، بحبك له و بحبه لطفله الصغير، أعلم أنكِ تواجهين الكثير الآن و لكنني مشغول في محاولة إخراج عبدالله من حالة إكتئاب حادة قد تؤدي بحياته.
تركها سيرجي و ذهب، فدخلت هي الي غرفة ريهام التي يقطن بها جاسر على فراشه، فوجدت المرآة في وجهها و ظهرت علامات ضربه لها بوضوح، شعرت بإختناق شديد و ضيق و حزن مما يعاني منه جاسر، فأقتربت منه و هو ساكن كعادته، ثم وضعت رأسها على قدمه و تحدثت: -عايزة أرتاح شوية، محتاجة لده أوي دلوقتي، محتاجة ليك يا جاسر.
لم يستمع جاسر الي حديثها بسبب عدم إرتدائه لسماعته، و لكن أنتفض جسده بقوة عندما شعر بدموعها تسقط على قدمه و بجسدها ينتفض و يرتعش في خوف على الفراش، ظل ينظر لها في صمت تام لدقائق، فكانت هناك حرب بداخله أطرافها عضوان مهمان في جسده، و توقف كلاهما فجأة عن المبارزة و عاد كأنه طفل صغير، لا يعلم ماذا عليه أن يفعل عندما يجد أحد يبكي على قدمه أو أمامه، فأستمر على صمته و هو يشدد الضغط على وسادة ريهام.
أنتهت أميرة من بكائها، فأعتدلت و مسحت دموعها ثم نظرت الي جاسر في قوة ظهرت في عينيه و صرخت في وجهه: -فوق يا جاسر، أنا مش هقدر أستحمل كده كتير، مش هقدر أشوفك أنت و أهلك كده كتير و قلبي بيتقطع عليكم، مش هقدر أستحمل الحمل ده لوحدي، مش هقدر يا جاسر ضربته بقوة على صدره و صرخت:.
-انا حامل يا جاسر، حامل و مش هقدر أربيه لوحدي، مش هقدر أولد و انت مش معايا، مش هقدر أخد بالي من طفلين لوحدي، مش هقدر على بعدك يا جاسر فوق بقا حرام عليك كفاية سايبني لوحدي في الحالة دي قوم رفع جاسر كفه بسرعة و صفع أميرة من جديد بقوة و صرخ بها بهستيريا: -أخرجي بره، سيبوني في حالي، سيبوني لوحدي، اخرجي بره، محدش يقرب منى ولا يلمسني.
ثم عاد يصرخ من جديد بأسم ريهام و يبكي كطفل صغير، في حين كانت أميرة ترقد على الفراش غائبة عن الوعي و تخرج الدماء من فمها كالشلال، و مرت دقائق و أستمر صراخه، حتى دخل كامل الي الحجرة و وجد أميرة فاقدة الوعي على الفراش و جاسر يصرخ بقوة و كأنه يجاهد لسماع صوته ليصل الي ريهام التي ينادي عليها، و لكن لا حياة لمن تنادي، و ما أن رأي كامل، حتى أنتصب في حقد و أقترب منه قائلا:.
-أنت اللي قتلتها، أنت اللي عملت فيها كده، ريهام ماتت بسببك أنت، أنت لازم تموت كان كامل يستمع الي حديث جاسر بوضوح، و لكن الآخر عجز عن سماع كلماته فجلس على الأرض يبكي و يصرخ بقوة من جديد حتى فقد وعيه على الأرض و وقف كامل يبكي على هذه الحالة التي أصبح بها منزله اللطيف، و طلب سيارة أسعاف في سرعة لتنقل أميرة و جاسر الي المستشفي. .
أقترب معتصم بصحبة زينة بسيارة الحرس نحو مقر ألفريد من جديد و ما أن أقترب من البوابة حتى رفع الحراس مدافعهم و صاح أحدهم بالإنجليزية: -أخرجا من السيارة و أرفعا أيديكما حيث يمكنني أن أراهم خرج الأثنان و رفع كفيهما الي الأعلي، فنظر لهما الحراس بتعجب من عودتهم، بينما أردف معتصم: -نريد مقابلة ألفريد، أخبره بهذا و أنا على يقين من موافقته.
أمسك الحارس بجهازه اللاسلكي و أردف ببعض العبارات قبل أن يستمع الي أذن دخولهما، فأشار الي الحارس الأخر بجواره ثم نظر الي معتصم قائلا: -ستقابلانه، و لكن سيتم تفتيشكم جيداً أومأ معتصم بالموافقة و أقترب منه حارس و أخر من زينة فأشار إليه بتحذير و تحدث: -لن يلمسها أحدكما، أحضرا أي فتاة هنا لتقوم بتفتيشها.
أضطرب الحارس من نبرة معتصم و لكن سرعان ما أرسل عبر جهازه الي أحدي الفتيات لتأتي لتفتيش زينة و بعد دقائق كانا يقفان أمام ألفريد الذي يجلس في مكتبه بحيرة شديدة حاول إخفائها، ثم سألهما بسخرية: -هل خرجتما من الجحيم لتعودا إليه بهذه السرعة؟ أجابته زينة بإبتسامة جدية و بنبرة حادة: -جئنا إلي هنا من أجلك ثم نظرت الي معتصم و أكملت: -و من أجلنا نحن أيضاً.
نظر لها ألفريد بإهتمام، فأٌقترب معتصم من مكتبه ألفريد و جلس على مقعد و جلست زينة في مقابله على مقعد أخر و تحدث معتصم: -لقد عدنا بعد تفكير طويل ثم أردف بنبرة مترددة قليلاً، ثم حسم أمره قائلا: -أنت على حق، خطتك غير قابلة للفشل تحت أي عوامل، و لهذا نحن هنا، نريد أن نصبح من رجالك و أن يكون لنا مناصب جيدة في عالمك الجديد نظر لهما ألفريد بشك يحتل قلبه منذ أن علم بوجودهما و تحدث: - و كيف أصدقك؟
أجابه معتصم بسخرية: -و من المختل الذي يعود الي عرين الأسد مرة أخري بعد أن خرج منه رد ألفريد عليه ببرود و هو ينفث دخان سيجارته: -و لكن هذا ليس دليلاً كافياً أجابت زينة هذه المرة: -نعلم، و لقد جئنا الي هنا بدليل لولائنا لك أنصت إليها الفريد بإهتمام، لتكمل: -لقد أرسلت المخابرات المصرية ثلاثة من رجالها ليتخلصوا منك و من خطتك العبقرية الغير قابلة للفشل أبتسم ألفريد في غرور، فأبتسمت زينة لتكمل:.
-و لقد طلبا مساعدتنا للوصول إلي هنا، و نحن لم نعطهم الكثير من المعلومات رغم كل ما سردته على مسامعنا يا مستر ألفريد، و لقد وضعوا خطة لإقتحام المكان بمساعدتنا حتى نأتي و نشتتك و سننفذ هذه الخطة في المساء نظرت زينة الي معتصم الذي أكمل بدلاً عنها: -سنخبرك بالخطة بأكملها، و إن تمكنت من إلقاء القبض عليهم في الأماكن التي سنخبرك بها و في الوقت نفسه، هكذا نكون قد أثبتنا ولائنا إليك.
صمت لثواني و هو يستشعر بتردد ألفريد، فأكمل بسرعة: -و ليس ثلاثة رجال فقط، بل مصر على أستعداد لترسل كل رجالها من أجل إخماد حملة بناء عالم جديد، و يتناقشون حول محاولة ضم الولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد السوفيتي و بعض الدول الآخري، فهذا الأمر يعني الجميع يا مستر ألفريد، و أنت لا تمتلك كل السلطات في هذه الدول بل معظمها فقط، لهذا لن تستطيع أن تواجه كل هذه الجيوش الضخمة ثم أكمل بنبرة غامضة:.
-و هنا تماماً يأتي دورنا يا مستر ألفريد، سننقل إليك كل خططهم التي سيخبرون بها بإعتبار أننا أكثر من يعرف المكان و يعرف خطتك و سيحتاجون بلا شك الي مساعدتنا عاد الي أبتسامته الجذابة و هو يمد يده الي ألفريد قائلا: -و الآن هل تري أن لديك منصب يناسبني أنا و زوجتي في عالمك الجديد أبتسم ألفريد بإقتناع قائلا:.
-دعني أعترف بذكائك يا معتصم، و لكن هذا لا يمنع من وجود بعض الشك الذي سنقضي عليه بعد أن نمسك بالظباط الثلاثة أتسعت إبتسامة معتصم و زينة، و جلس معتصم على كرسيه بإسترخاء و بدأ في سرد الخطة كلها على مسامع ألفريد بأدق مواعيدها، ثم وقف قائلا بتعب: -و الآن هل نجد لديك حجرة خالية لي و لزوجتي، فنحن في حاجة بعض الراحة، و كما أخبرتك من قبل زوجتي حامل و تحتاج دائماً الي الراحة أبتسم ألفريد قائلا:.
-بالتأكيد يا معتصم ألتقط ألفريد سماعة هاتفه و تحدث عبره لثواني قبل أن يغلقه و يدخل حارس الي الغرفة، فأشار ألفريد الي معتصم و زينة قائلا: -خذهم الي الجناح رقم 7 و أحرص على رعايتهما أومأ الحارس و وقف معتصم مع زينة و أتجهوا مع الحارس نحو جناحهم الجديد فهمس لها: -أكيد فيه أجهزة تصنت و كاميرات في الأوضة ولا تصرف غلط أو هنتصفي.
تعلقت زينة في ذراع معتصم بقوة و أبتسمت له، ثم دخل كلاهما الي الجناح، فجلست زينة على الفراش و بجوارها معتصم و نام كلاهما على الفراش في صمت شديد، ثم بدأوا في التحدث عن أشياء مختلفة، حتى ذهبوا في نومٍ عميق، بينما قد بدأ المقدم بركات مع عزت و اشرف في تنفيذ خطتهم المتفق عليها..
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الحادي والعشرون
كان الظلام قد حلّ بالفعل عندما بدأ كلاً من عزت، وبركات، و أشرف بالتحرك من بداية الصحراء التي تحيط بمباني ألفريد في أتجاهات مختلفة، و أستغرق الأمر عشرين دقيقة قبل أن يصلوا الي نقاط معينة تم تحديدها، و قد لاحت لهم الأنوار من بعيد، أستلقوا على بطونهم بسرعة واضعين أسلحتهم فوق ظهورهم، و في ملابسهم، و أكملوا المسافة حتى وصلوا الي بُعد خمسين متر قبل البوابة بعد نصف ساعة، سحب بركات بندقيته، و وضع منظارها أمام عينه اليمني و أنتظر..
لم يطل أنتظاره سوي خمس دقائق، و حارس يقترب من المبني الصغير الذي يقف بداخله حارس البوابة، و بعد ثواني فُتح الباب، و خرج منه الحارس الآخر، و في هذه الأثناء أطلق بركات رصاصته، و أصابت أحد الحراس، و لم تمر لحظة و كانت رصاصة مسدس آخر أصابت الحارس الآخر، و استقطته بجوار زميله..
و على الجانب الآخر، أنتفض عزت بسرعة راكضاً بخفة نحو السور العالي، نظر له للحظات، ثم أخرج قفازات خاصة للتسلق من حقيبته، و بدأت المرحلة الثانية لدخول المباني الثلاثة، تسلقه عزت بخفة و مرونة، ثم نظر الي الداخل فوجد الجو هادئ للغاية، و الحراس في أماكنهم كالصنم، جلس على حافة السور للحظات يسترد وتيرة أنفاسه، ثم نظر الي الأسفل، و قفز..
قفز من أرتفاع ثلاثة عشر متراً، و هبط ثانياً ركبتيه ليخفف من صدمة السقوط، و سرعان ما أعتدل و ركض بسرعة نحو تلك الكابينة الصغيرة، و وجد أن الجثث أختفت! صمت لوهلة، ثم نظر الي الداخل فوجد أشرف يجلس داخل الكابينة، و يشير له بأنامله أن كل شئ على ما يرام، فعاد عزت يركض من جديد نحو المبني الثالث..
و من داخل الكابينة، تحررت أنامل أشرف ليبدأ بالعبث في كل وحدات التحكم في المباني الثلاثة، و أبتسم بعد دقائق و قد أتم مهمته، ثم أخرج سكين صغير و قطع أحد الأسلاك، فأنقطعت الكهرباء عن المكان بأكمله، و تحول الي كتلة من الظلام، وربما بعد قليل الي جحيم!
في داخل المبني الثاني فتح معتصم باب حجرته بقلق كبير، و نظر الي الحراس اللذين رفعوا أسلحتهم، فتحدث بالانجليزية: - أريد أن أقابل مستر ألفريد الآن، لقد بدّل المصريين خطتهم أخرج أحد الحراس جهازه اللاسلكي و ضغط على زر أخضر، ليخبر السيد ألفريد بما قاله معتصم، بينما خرجت زينة هي الآخري بقلق و تعلقت بذراع معتصم مردفة: - ماذا حدث!
لم يجيبها معتصم، بل أنتظر حتى أشار له الحارس بالذهاب أمامه، و رفع سلاحه خلفه و خلف زينة، و كذلك باقي الحراس، و صعدوا على الدرج، و قام الحارس بتعريف نفسه، و إخبار زملاؤه في الطابق الثاني بأنهم قادمون، و بعد دقيقتين كان معتصم و زينة يقفون في مكتب ألفريد، الذي قال بذعر: - هل تعلم شئ عن ما يحدث هنا يا معتصم؟! هز معتصم رأسه بالإيجاب و قال:.
- نعم يا سيدي، يبدو أن المصريين قد كشفوا خيانتي لهم، فصنعوا خطة وهمية حتى آتي و أخبرك بها، و لكنني أعلم الخطة الحقيقية أيضاً جلس ألفريد خلف مكتبه، و أشار له ليجلس مع زينة، فجلس معتصم و قال بقلق و هو يفرك يديه: - سأخبرك بها مستر ألفريد، و لكن أخرج جميع الحراس زيادة للأمان، و أختار حراسك الأوفياء فقط ليقوموا بتدمير مخطط المصريين، فربما لديهم هنا جواسيس.
صمت ألفريد بتردد، و هو ينظر الي حراسه التي تظهر وجوههم بسبب كشافات الهواتف المحمولة، فأكمل معتصم بإقناع: - لا تقلق يا مستر ألفريد، أنا هنا مع زوجتي الحامل، و سيكون في الخارج عشرات الحراس، ماذا سأفعل! أرجوك أسرع قبل أن يصل المصريين الي هنا، و وقتها ربما سيتبخر حلمك بتربع عرش العالم، و سنكون جميعاً موتي بلا فائدة.
و قد كان معتصم مقنعاً بحق، و أستطاع لمس أحد أقرب الاوتار في قلب و عقل ألفريد، الذي أشار لحراسه بالخروج، و بدأ معتصم بسرد ما لديه، ثم توسعت عينيه فجأة و صرخ: - أحذر مستر ألفريد أنهم قادمون خلفك من النافذة.
صرخ ألفريد هو الآخر و سقط على الأرض بفزع، فقفز معتصم برشاقة عبر المكتب، و أمسك بألفريد مبعداً أياه تماماً عن المكتب، فقط يقف به في منتصف الحجرة، و يقيد يديه خلف ظهره بقبضتيه، بينما أبتسمت زينة و أقتربت من ألفريد، فصرخ ألفريد بغضب: - أيها الأوغاد، أنكم مخادعين خلعت زينة خاتمها، ثم ضغطت على الجزء المنتفخ منه، فخرج سن حاد من الجانب الآخر، و قال معتصم بسخرية:.
- بل أنت هو الأحمق يا ألفريد، ربما كانت فكرتك لأحتلال العالم جيدة، و لكنها ليست مثالية و هذا ما يحتاجه شخص ما للسيطرة على العالم أجمع، المثالية، و جميعنا نعلم أن لا وجود لها صرخ ألفريد من جديد: - أين أنتم يا حراس، تعالوا إلي هنا رسمت زينة ملامح الحدة على وجهها، و وقفت على بعد متر من ألفريد موجهة إليه خاتمها، و قالت:.
- لن يسمعك أحد و انت تعلم هذا جيداً، كما ان رجالنا الآن يسقطون خاصتك كذباب مقرف، و الآن أنتهي أمرك يا ألفريد، أين زر القنابل؟ نظر لها ألفريد بسخرية، و أجابها بإستفزاز: - أنتظري لا أتذكر جيداً، ربما في ضغط معتصم على ذراعيه من الخلف بقوة ليقاطعه، فعاد ألفريد يصرخ، بينما قال الأول بتحذير: - أياك أن تخطأ أو سأقتلع لسانك وجهت زينة لكمة قوية الي فك ألفريد، ثم عادت تقول بحدة:.
- حسناً دعني أخبرك الأمر بطريقة أخري، أنت الآن بين قبضتنا، و ثلثمائة رجل من رجالنا بالخارج، بالإضافة الي ألف و نصف آخرين من رجال جيش و مخابرات الدول الآخري بجانبنا، و المسافة من هنا الي مبني تدريب حشراتك اللعين ساعة كاملة، لذا فجيشك لن يأتي في الوقت المناسب أبداً، بل لن يأتي أبداً ثم نظرت الي خاتمها بسخرية، و نظرت الي ألفريد الذي ظهر الخوف واضح على معالمه، و أكملت:.
- و أنت تقف في منتصف الحجرة و تبتعد تماماً عن أي أزرار لإطلاق قنابلك الحقيرة، و هذا الخاتم بيدي هو أحد تحف المخابرات المصرية، هذا السن يحتوي على سم من نوع خاص جداً، بمجرد غرسه في دمك، سيبدأ بالتجول مسبباً آلام قوية، و بعد دقيقة ستفقد السيطرة على لسانك و أطرافك، و بعد ساعة ستشعر بآلام أكبر في عمودك الفقري و صدرك، و بعد ثلاثة ساعات ستتأثر الأعصاب، و ستنهار كل أجهزة جسدك خلال ست ساعات، ست ساعات كاملة من المعاناة.
ثم عادت ملامحها الي الحدة من جديد لتقول: - و الآن، سأسألك من جديد، و أياك و خداعي، فلقد أنتهي أمرك، أين الزر؟! صدع صوت أنفجار قوي في المكان بل و ظهر لونه البرتقالي الناري، فأبتسم معتصم و قال: - يبدو أن الجحيم قد أشتعل في عرينك أيها الأشيب، أين الزر؟! بكي ألفريد بإنهيار و كاد أن يسقط على ركبتيه و لكن ذراعي معتصم الممسكة به منعتاه، فأقتربت منه زينة بغيظ و قربت خاتمها من رقبته قائله:.
- حسناً ربما تفضل العذاب، فلا حاجة لنا بالزر على أي حال صرخ ألفريد بقوة، و أبتعد بخوف، و أشار بعينيه الي مكتبته الفضية، و قال: - سنجدين كتاب قديم للغاية، غلافه أحمر اللون ناري، لا يحتوي على عنوان، في الصف السادس العمود الرابع، بداخله الزر توجهت زينة نحو المكتبة بسرعة، فأسرع معتصم ينبهها: - خدي بالك ليكون كمين، و يكون هو نفسه الزرار، أول ما تشديه ممكن يفجر كل القنابل.
أومأت زينة برأسها، و أخرجت دبوس شعرها، و أقتربت من الكتاب المنشود، و نظرت الي صفحاته المرصوصة من الأعلي، ثم بدأت بتقليبها بهدوء بدبوسها حتى تتأكد من كونها صفحات حقيقية، أمسكت الكتاب بخفة، و نظرت الي معتصم، و تشاهد الأثنان، ثم فتحت زينة الكتاب و أغلقت عيونها بقوة، و بعد ثواني فتحتها، و قد سيطر الفرح على قلبها و هي تري تجويف بداخله الزر الأحمر، نظرت الي معتصم و أشارت له بيدها، فضغط معتصم بأنامله على رقبة ألفريد، ففقد الآخر وعيه بسرعة و رقد على الأرض..
ثم أخرج معتصم حزام بنطاله، و فك لفاته الخيطية القوية، و بدأ بتقييد ألفريد، بينما أقتربت منه زينة، و أعطته قطعة قماشية وضعتها على رأسها للزينة، فوضعها الآخر على فم ألفريد، و أستمع الأثنان الي صوت تهشم الزجاج خلفهما، فنظرا بسرعة و واجههم عزت الذي أمتلأ جسده بالجروح، و ربما رصاصات، و الدماء لا تظهر من ملابسه السوداء، و لكن وجهه ملطخ، و رغم ذلك كان يقف شامخ، ثم أبتسم و قال:.
- نجحنا، سيطرنا على المكان كله، من حسن الحظ أن الحراس هنا مش كتير، و المخدر اللي نشرناه في الجو خلي الكل يغمي عليهم و يقعوا زي الغربان، و أفترض أن أنتو كمان نجحتم مش كده! هز معتصم رأسه مع أبتسامة، بينما ضمت زينة الكتاب الي صدرها بخفة، فأقترب عزت بقدم متعرجة نحو مكتب ألفريد و بدأ تفتيشه، و أقترب معتصم يساعده بشفقة على حاله، فأبتسم عزت أخيراً من جديد و قال:.
- دي كل المخططات، و كل الورق و الأبحاث، كل حاجة وقعت في إيدينا، فاضل بس مكان القنابل دي، و ده هنعرفه لمّا فريق متخصص ييجي يشوف الأجهزة اللي هنا، أكيد هيلاقي عليها أماكن القنابل بالظبط.
قاطعه صوت طلق ناري أمامه، ثم سقطت زينة صارخة و ما زالت تتمسك بالكتاب، فنهض معتصم بسرعة و توجه الي ألفريد الذي يحاول سحب الكتاب من بين ساعدي زينة، و ضربه بقوة في وجهه، فصرخ الآخر بوجع مبتعداً من جديد، ثم هجم عليه معتصم من جديد و كال له عدة لكمات، قبل أن يقترب عزت هو الآخر، و قال: - قوم شوف مراتك، سيبه ليّا صرخ ألفريد بقوة و غضب:.
- لن أسمح لكم بتدمير كل ما حلمت بفعله منذ سنوات، عناصر جيشي ستأتي الي هنا بالتأكيد و قاطعه عزت بلكمة قوية في فكيه، و قال: - لقد دمرناه بالفعل أيها الوغد ثم أبتسم بسخرية و أكمل:.
- و جيشك سيتفرق الآن، فصديقي هناك في هيئتك الحقيرة في الأسفل، يملي عليهم أوامره الجديدة، بتفرقهم، و نسيانه، و ولائهم الشديد لك سيجعلهم يطيعونك حتى و إن كان هذا ضد رغباتهم، لقد أصبحت وحيداً حقيراً يا صاح، و ستظل كذلك حتى يتم إعدامك، المباحث الفدرالية على وشك الإقتراب من هنا، و بعض رجال الجيش، و رجال آخرين من المخابرات و الصحافة ردد ألفريد بصدمة و هو ينظر الي معتصم: - ماذا! إذن من هنا؟
لكمه عزت مرة أخري في أنفه، و أجابه مكملاً بسخرية: - أربعة رجال و أمرأة عزيزي ألفريد.
صرخ ألفريد بقوة أكثر و حسرة، و هو يتحرك محاولاً تحرير نفسه، و هو يسب معتصم بأبشع الألفاظ، بينما الأخير يجلس على الأرض، و تضمه زينة بقوة و تبكي بصمت بعد أن أصيبت في قدمها، فضربه عزت لكمة أخيرة و فقد وعيه، ثم أمسك بزجاجة صغيرة، و جرّع ألفريد منها، و وقف خالعاً قميصه فظهرت الدماء واضحة في جسده تنهمر ببطء بعد أن غطت صدره بالكامل، و أقترب من قدم زينة، و عقد قميصه عليها بقوة فأنتحبت زينة بقوة و تمسك بمعتصم أكثر، فقال عزت:.
- متخافيش، ده جرح صغير و مش في العضم، هتكوني كويسة و عاد الي مكتب ألفريد من جديد، فدخل بركات مقترباً منهم بإبتسامة، و قال: - ألف سلامة، هتكوني كويسة أن شاء الله ثم توجه نحو عزت و قال بإحترام: - الفريق وصل يا سيادة المقدم، و بدأوا يصلحوا عطل الكهربا، و دقايق و هيكونوا هنا، و البوليس الأمريكي كمان جه، لازم نختفي، أما العلماء فكلهم فاقدين الوعي، و في الطيارة مستنيين خروجنا.
هز عزت رأسه بتفهم، و وقف بعد أن أخذ كل الأوراق التي قد يحتاجها، و قال لمعتصم: - يلا يا معتصم لازم نمشي قبل ما حد يوصل لهنا، شيل مراتك.
أومأ معتصم برأسه، و حمل زينة بين ذراعيه، بينما أقترب منهم بركات و أخذ منها الكتاب، و توجه ثلاثتهم الي الخارج في صمت و حذر نحو المبني الأول، و صعدو الدرج نحو الطابق الآخير، و أشار لهم بركات نحو طائرة، فصعدوا جميعاً على متنها، و كان أشرف يجلس على كرسي القيادة في انتظارهم، و ما أن صعد الجميع حتى قام بإغلاق الباب إلكترونياً، و بدأت رحلة الصعود بالطائرة ثم توجههوا بها الي قلب الصحراء، و من خلفهم أرتفعت الصيحات غاضبة، و أخرج رجال الشرطة أسلحتهم و بدأوا بإطلاق نيرانها على الطائرة، و لكن لحسن الحظ كانت مصفحة، فقالت زينة:.
- هما ليه بيضربوا علينا نار؟! أجابها أشرف بهدوء: - لأنهم ميعرفوش أحنا مين عادت زينة تسأل من جديد: - طب و ليه ميعرفوش أحنا مين؟! ربت معتصم على شعرها بحنان و أجابها هذه المرة: - دي قوانين المخابرات يا حبيبتي، أرتاحي شوية لحد ما نوصل البيت و أخرجلك الرصاصة هزت زينة رأسها بصمت، و عادت ترتاح على صدر معتصم، بينما نظر لهم عزت بإبتسامة، و سأل معتصم: - هو ألفريد نزل فيك شتيمة ليه؟!
قهقه معتصم ضاحكاً بقوة، و هتف: - لأننا قولناله أن فيه جيش بره كامل هينسف المكان كله و هيقتل رجالته، و عرف أن مفيش أمل فأستسلم خلعت زينة خاتمها و قرطيها، و مدت يدها بهم نحو عزت قائله: - خدوا حاجتكم الغريبة دي، حد يحط السم في خاتم، و قنابل في حلق! بتهينوا أنوثة الستات ألتقطهم عزت و نظر لهم بإبتسامة، و أردف: - الظروف بقا بتضطر الواحد يعمل كتير أوي أرتفع صوت بركات يسأل أشرف: - وصلنا لفين!
أجابه أشرف و هو يتابع الأحداثيات أمامه: - خلاص هبدأ عملية الهبوط دلوقتي و بعد دقيقتين أستقرت الطائرة على سطح الأرض أمام عدة سيارات سوداء، و فتح أشرف الباب، فأندفع عدة رجال للداخل ينقلون العلماء، بينما خرج الآخرين نحو سيارة آخري نقلتهم نحو البيت الآمن.. و أنتهت المهمة أخيراً.. أنتهت بالنجاح..
مرت ثلاثة أشهر.
جلست زينة داخل أرجوحتها المحببة الي قلبها، و على قدميها حاسوبها المتنقل، و هي تكتب نهاية لكتابها، و أقترب منها معتصم بكوب من البرتقال، و جلس داخل الأرجوحة خلفها تماماً، و ضمها بيديه واضعاً الكوب أمام شفتيها، و وضع قبلة صغيرة على خدها الأيمن هامساً بحب: - أحلي عصير برتقال لأحلي برتقالة في الدنيا ألتفتت له زينة بحب، و قالت برقة:.
- و أنت أحلي حاجة في حياتي، انا بجد مش عارفة كنت هعمل أيه لو أنت مش معايا يا معتصم، بنخرج من مصيبة نلاقي غيرها طأطأت رأسها بإبتسامة حزينة، و أكملت: - رجعنا من جهنم لقينا فيه نار والعة في بيتي، ريهام ماتت، جاسر تعب و أميرة كمان في المستشفي، بابا و ماما أحاط معتصم وجنتها اليسري بكفه في حنان، و قاطعها قائلا:.
- حبيبتي، متفكريش في أي حاجة وحشة، ريهام الله يرحمها ده كان عمرها، جاسر الحمدلله بقا كويس و لسه بيتحسن، و أميرة كويسة و أهي وصلت للشهر الخامس، و باباكي و مامتك بقوا زي السمنة على العسل، و عبدالله كمان سيرجي واخد باله منه كويس، و خرجه من اللي كان فيه، و بقوا أصحاب أوي و سيرجي بيشارك عبدالله في كل رحلاته اللي بيروحها و هو بينفذ أحلام ريهام، و أحنا أهوه بيتنا و رجعناه بعد ما أتوضب من تاني و رجع زي الأول و أحسن، و شغالين سوا ولا أحلي من كده، متفكريش في حاجة وحشة، فكري في حاجة حلوه زيك.
تركت زينة حاسوبها بجوارها، ثم جلست على قدمي معتصم قائله بمشاغبة: - حاجة حلوه زي أيه بقاا؟! مكرونة بالبشاميل مثلا! و جنبها بيبسي و تشيز كيك برتقال، هقوم أعمل الغدا أمسكها معتصم بقوة، و عادت تجلس هي من جديد، و نظرت له بتعجب و سألته: - أيه! سبني أقوم أعمل الغدا! ألتقط معتصم إحدي خصلاتها البرتقالية و حركها بين أنامله بخفة، و هو يراقب عينيها بعينيه، و أردف برقة:.
- زينة، أحنا بقالنا 8 شهور متجوزين! تفتكري ممكن نتأخر أيه أكتر من كده وضعت زينة كفيها على صدره لتستند إليه بتعجب، و سألته: - نتأخر في أيه؟ مالك يا حبيبي! قول علطول تنهد معتصم بقوة، و سألها بحب:.
- مش هنخلف يا زينة؟ نفسي يكون في بطنك حتة مني، و أشوفك مقلبظة كده و بتتوحمي على حاجات غريبة، و نروح للدكاترة و نشوف صورة البيبي في بطنك، و بعدين لما ييجي يدوشنا بصريخه و عياطه، يكبر شوية و يروح الحضانة و المدرسة، نفسي في أبن منك يا زينة تمسكت زينة بقميصه القطني بقوة، و قد سيطرت عليها السعادة، و هتفت:.
- حلو كلامك ده، و صدقني انا كمان نفسي و أكتر منك، بس خوفت أسألك تكون أنت مش عايز دلوقتي لأننا لسه مكملناش سنة ضمها معتصم الي صدره بحب، و أردف: - مين مجنون يكون بيعشق مراته زيي، و ميكونش نفسه في عيل منها أبتعدت زينة عن صدره، و قالت ببعض الخجل حاولت إخفائه: - لا بقولك أيه أنا بضعف من الكلام ده، هروح أعمل الغدا علشان جعانة خرجت من الأرجوحة، فأبتسم معتصم و قد فهم ما حل بها، و قال:.
- طيب روحي، و جهزي بطاطس محمرة كمان عقدت ساعديها بشك، و أردفت: - انت مش هتيجي تساعد ولا أيه؟ غمز لها معتصم بعينه بمشاكسة، و رد بإستفزاز: - مساعدة بردو ولا معاكسة وقلة أدب فتحت زينة عينيها على وسعهما، و أمسكت وسادة داخل الأرجوحة، و قذفته بها، فتعالت ضحكاته و سحبها داخل الأرجوحة من جديد، و أعتلاها ممسكاً بوسادة أخري و ضربها في وجهها قائلا: - حد يضرب جوزه حبيبه كده.
ثم ترك الوسادة، و بدأت أنامله تتحرك على رقبتها و معدتها و جانبيها، فتعالت ضحكات الآخيرة و حاولت إبعاده مردفة: - خلاص يا معتصم خلاص، مش هعمل كده تاني أنحني معتصم إليها أكثر، و أبتعد بأنامله مردفاً بحب: - بحبك يا برتقالتي، قومي نحضر الغدا يلا.
خرج معتصم من الأرجوحة، و أرتدي حذائه المنزلي، ثم سحبها من قدميها لتخرج هي الآخري من الأرجوحة، و حملها بين يديه نحو الداخل، ثم الي المطبخ و بدأ كلاهما بتحضير الطعام، و ترتفع ضحكاتهم من حين الي آخر قريب... .
سارت أميرة نحو جاسر الذي يجلس امام التلفاز، و يحمل طفلهما يهدهده في خفة حتى نام بين يديه، ثم جلست بجواره و وضعت كفها و رأسها على ذراعه في صمت، فتوقف جاسر عن تحريك الطفل، و وضعه على قدمه المتربعة، و احاط أميرة بذراعه بحب، و وضع قبلة على رأسها، فرفعت الأولي رأسها، و همست أمام شفتيه: - بحبك رفع جاسر كفها، و قبّله بحب مردداً: - و أنا بعشقك، شكراً.
شكرها و صمت، لم يعلم تماماً على ماذا يشكرها تحديداً، وقوفها بجانبه طوال فترة مرضه رغم ما فعله بها، اهتمامها بعائلته، عدم معاتبته على كل ما حدث، طفلهما القادم، لا يعلم، ولا يظن أنه سيعلم، فلقد فعلت الكثير من أجله و ها هي في النهاية تعود الي صدره ليضمها، مازالت تشعر بأنه أمانها رغم كل ما حدث.. حمدالله كثيراً على وجودها بجواره، و على أختياره الصحيح للمرأة التي ستشاركه ما تبقي من عمره.. .
توقفت سيارة معتصم بغتة ما أن ضغط على مكابحها، و نظر الي جميلته التي تجلس بجواره شاردة، فسألها بقلق: - زينة حبيبتي، أنتي كويسة؟! هزت زينة رأسها بالإيجاب في صمت، و كأنها لم تشعر أن السيارة قد توقفت أمام الجريدة، فأمسك معتصم كفها ضاغطاً عليه بدعم، و سألها من جديد: - مالك؟ نظرت له بحزن، و تنهدت بقوة مردفة:.
- بفكر في اللي حصل قبل كده يا معتصم، كل الناس اللي منعرفش أيه مصيرهم لحد دلوقتي بعد ما سلبوا عقولهم و حياتهم، و اللي أتحولوا تماماً، و محدش قال أي حاجة عن الموضوع ده، و كأنه محصلش، و كأن العالم مكنش هنتهي خلاص و كنا هنموت أبتسم معتصم، و أقترب بأنامله من وجهها، و ورفعه إليه لتواجه عينيه خاصتها، و قال معتصم: - أنتي إزاي مفتهمتيش اللي حصل! حبيبتي تفتكري هما ليه أخدوا العلماء و سابو ألفريد!
كمشت ملامحها بتفكير، ثم هزت رأسها بجهل، فأكمل معتصم:.
- دي كانت خطة أولي بالنسبة ليهم، يعني هما عارفين منى و تيسيير كانو عايزين يعملوا أيه، يعني الناس دي هما اللي هيعالجوا كل الناس اللي فقدوا ذاكرتهم و آدميتهم في الفترة اللي فاتت، أما بالنسبة مقالوش حاجة، ده لأن من قوانين المخابرات هي ان الظابط يدخل البلد يأدي مهمته و يخرج من البلد دي من غير ما مخلوق يعرف هو جنسيته أيه، و أحياناً من غير ما حد يعرف أنه عمل حاجة أصلاً، لأنهم بيدخلوا يعبثوا في دولة و مش بيمشوا بقوانين، علشان كده لو حد كان عرف أننا مصريين كان هيحصل مشاكل كبيرة بين مصر و أمريكا، و ده بإختصار.
سألته زينة بقلق: - يعني كل حاجة بقت كويسة؟ رفع معتصم كفيها الي شفتيه، و قبلهما بحب مردفاً: - كله بقا كويس، مش فاضل غيرك أنتي تكوني كويسة و تبطلي تفكير، كله تمام أبتسمت زينة، و هزت رأسها موافقة، و هتفت: - أنا هنزل، يلا روح على شغلك هبطت زينة من السيارة، و توجهت نحو الداخل، و قابلها منير بإبتسامة جميلة مردفاً: - يا مرحباً، نورتينا يا زينة هانم بقيتي تيجي لينا زيارات.
جزت زينة على أسنانها بغيظ مردفة: - معلش يا فندم، بخلص اللي ورايا وضع منير يده على أذنه مقترباً من زينة، قائلا بإستفزاز: - معلش يا أيه؟ مش سامع! عقدت زينة ساعديها بضيق، و أردفت: - مش هقولها تاني، و متستفزنيش يا منير، أنت بس رئيس التحرير مؤقتاً لحد ما أستاذ عادل يرجع تعالت ضحكات منير، و دخل الي مكتبه و خلفه زينة، و جلس كلاً منهما، فأمسك هو بملف أحمر اللون و وضعه بين يديها قائلا بجدية:.
- طب ندخل في الشغل بقا، هتحتاجي معتصم معاكي، ده تحقيق جديد، عايزك تقدمي فيه مقال من الألف للياء، حاجة جامدة هتعجبك، و أنا هكلم اللوا مجاهد هزت زينة رأسها بصمت، و عينيها تتابع حروف الملف بشغف كبير، ثم رفعت عينيها قائله بإنبهار: - منير، الكلام ده وقع في أيدك إزاي؟ دي قضية الموسم أبتسم منير، و أردف: - هتبقي فعلا كده، يلا قومي بقاا على القسم و راجعي الملف مع معتصم.
تركها منير و توجه خلف مكتبه و رفع سماعة الهاتف، بينما تركته زينة، و أستقلت سيارة أجرة نحو قسم المقطم، و خرجت منها بعد أن نقدت السائق أجرة، ثم توجهت مسرعة نحو مكتب معتصم، حياها بعض الضباط بإبتسامة من معرفتهم السابقة بها، ثم نظرت الي العسكري، و قالت بمرح: - بلغ سيادة الرائد إن زينة كامل صحفية من جريدة منارة الحقيقة عايزة تقابله.
أبتسم العسكري و هو يتذكر المرة الأولي التي جاءت بها الي هنا تطلب مقابلة معتصم، ثم فتح الباب مردفاً: - معتصم باشا مستنيكي، و قال أول ما تيجي تدخلي علطول، و دقيقة و هيكون البرتقال عند حضرتك دخلت زينة الي المكتب، ثم أمسكت بمقبض الباب قائله: - شاطر يا عبدربه بتحفظ بسرعة أغلقت الباب خلفها، ثم توجهت لمعتصم الذي ينظر في الأوراق أمامه بتركيز، فجلست على المقعد في مقابله، و سألته بتعجب: - بتعمل أيه؟
رفع معتصم نظره عن الأوراق، و أجابها بإبتسامة: - قضية جديدة يا ستي، بس غريبة شوية رفعت زينة الملف، و وضعته أمامه تماماً مستندة عليه بكفيها، ثم هتفت بحماس: - أنا جايبة تحقيق سخن على الآخر، قضية نصب، تخيل كام واحد أتنصب عليه؟ أبتسم معتصم واضعاً كفه على خده، و قال بتخمين مزيف: - 5 آلاف مثلا! أنقبضت ملامح زينة، و سألته بذعر: - عرفت إزاي؟ هي دي القضية اللي معاك؟
هز معتصم رأسه بالإيجاب، و عاد ينظر في الأوراق بتركيز، ثم سحب أربعة ورقات، و مد يده الي زينة قائلا: - خدي أعمليلك منظر و أقرأي دول، الأخبار الحلوه هتلاقيها عندي سحبت منه زينة الأوراق مردفة بضيق: - أحنا شغالين سوا، مش المفروض نتناقش لوح معتصم بذراعه أمامه مردفاً: - يا بنتي هنتناقش في أيه؟ مش لازم نقرأ و نفهم و بعدين نتناقش! وضعت زينة الأوراق على المكتب، و قالت بحزم: - أنا قرأت الملف كله في الطريق.
قاطعها معتصم ضارباً في بعضهما، ثم أردف:.
- يلا نتناقش، هااه هنقول أيه؟ هقولك أنا، قضية نصب عن طريق النت، واحد عمل شركة وهمية، و نزل إعلان على النت بمكان الشركة و الأجر و مواعيد العمل، و أرقام التليفونات، و قال الأنترفيو هيكون أمتي، و اللي راحو يقدموا أخدوا من كل فرد 500 جنيه علشان يونيفورم الشركة، و بلغوهم يرجعوا بعد أسبوع علشان يبدأو الشغل، و الناس لما راحت عرفت أن المكتب ده كان متأجر، و أنهم أتنصب عليهم صمت لثواني قبل أن يردف بحدة:.
- مش هو ده اللي أحنا عارفينه! تعرفي أيه أنتي تاني؟! صمتت الآخيرة لثواني، و قالت بنبرة أقرب للخفوت و الهمس: - هو فيه حاجة تانية المفروض أعرفها ضرب معتصم على المكتب بكفيه في قوة، و قال بصوت مرتفع: - أمال انا بقول أيه من الصبح! دق الباب، فأذن معتصم للعسكري بالدخول، فوضع العصير أمام زينة، و أدي تحيته العسكرية، فسأله معتصم: - النقيب متولي جه يا أبني!
- لا يا باشا لسه، أول ما ييجي هبلغه علطول ييجي لحضرتك أومأ معتصم برأسه بتفهم، ثم أشار للأخير أن يذهب، و عاد ينظر الي زينة التي تنظر له بغيظ، فأبتسم قائلا: - متلويش بوزك و أنتي اللي غلطانة، أستني خمسة و هبقي معاكي و هفهمك، و الورق اللي معاكي ده معظم أقوال المجني عليهم، أقرأيه يمكن توصلي لحاجة سحب قلمين من علبة أمامه، و وضعهم أمامها مردفاً:.
- أتفضلي أدي قلم لشعرك علشان ترفعيه، و التاني علشان تعلمي على المهم، محتاجة حاجة تانية؟ هزت رأسها بالنفي، و سحبت القلم الأول عاقدة خصلاتها حوله، فأكمل معتصم و قد عادت أنظاره الي الأوراق: - لو العصير أتدلق على الورق هرميكي من الشباك ضحكت زينة بخفوت، و هي تمسك بعصيرها، فرفع معتصم نظره، و مازالت رأسه تنحني على الأوراق، ألتقطت عينيه مشهد ضحكتها الجميلة، فأبتسم ثم عاد الي عمله..
دق الباب من جديد بعد دقائق، و دخل العسكري يخبر معتصم بوجود متولي، فأذن له الأخير بالدخول، و بعد دخول متولي، و تأديته للتحية العسكرية، جلس في المقعد المقابل لزينة، فتحدث معتصم: - بص يا متولي، فيه كام قضية نصب كده جم ليك من حوالي شهر، و مقدرناش نوصل للي عملوا كده، و النهاردة فيه قضية جديدة معايا ثم بدأ معتصم بسرد ما حدث على مسامع متولي، و أنتهي مكملاً:.
- و بما انك اللي كنت ماسك القواضي دي، يبقي عندك أي ملاحظات أو حاجة ممكن تقولها لينا! أنا جبت كل الملفات من الأرشيف، و قرأتهم بس دلوقتي محتاج ملاحظاتك أنت صمت متولي لثواني، ثم رسم إبتسامة على شفتيه قائلا: - بصراحة يا باشا معنديش، و إلا كنت قدرت أوصل لحاجة نظرت له زينة بتعجب، و سألته: - إزاي يعني؟! مفيش معلومة واحدة ممكن تساعدنا! مفيش حتى طرف خيط قدرت توصله و بعدين وقفت و معرفتش في أيه؟
هز متولي رأسه بالنفي، ثم أردف: - كان نفسي أساعدكم يا باشا أبتسم معتصم بتفهم و أشار الي الباب قائلا: - تمام يا متولي، لو أفتكرت أي حاجة قولنا، أتفضل تركهم متولي و غادر المكتب بسرعة، بينما تلاحقه نظرات الأثنان، و سرعان ما تحول بصرهم الي بعضهم، و أردفت زينة بإستغراب: - فهمني بقا أيه علاقة ده بقضيتنا! عاد معتصم بظهره الي الخلف في أسترخاء، و أجابها:.
- الشهر ده حصلت 4 عمليات نصب، و دي كانت الخامسة، و المجني عليهم في كل مرة قالوا أن اللي بينصبوا دول 5 أشخاص، 3 رجالة و بنتين، و تقريباً بياخدوا نفس الخطوات، يعني مثلا في العملية الأولي، أجروا شقة من صاحبها، و عملوا عقد تمليك مزيف للشقة دي، و عملوا إعلان على النت إن الشقة دي للبيع ب100 ألف جنيه، و طبعا سعر زي ده لقطة، و كام واحد جه يشتريها منهم و عملوا معاه عقد، 153 واحد، يعني سرقوا 15 مليون جنيه، و بعد أسبوع واحد بس من إيجار الشقة فسخوا العقد، و أختفوا.
ثم تعالت ضحكاته بقوة، و أردف: - و تاني عملية، عملوا جمعية خيرية مزيفة، و بردوا نشروا عنها على النت، و عملوا صداقات وهمية مع 13 رجل أعمال و ناس مهمين في البلد، و أقنعوهم يتبرعوا للجمعية بتاعتهم و أخدوا منهم تقريبا 28 مليون جنيه، و الناس لما راحو يتبرعوا بعد أسبوع لقوا المكان فاضي تماماً و كأنه بيت مهجور، و كل الأثاث و الكراسي و الشاشات و كله أختفي رفعت زينة حاجبيها بإنبهار، ثم أردفت بإعجاب:.
- لا حلو، دماغهم شغالة، بس إزاي مقدرتوش تقبضوا عليهم لحد دلوقتي، مش معقول مفيش أي حاجة تودي لأي مكان هز معتصم رأسه بالإيجاب، ثم أنحني ليستند على المكتب بذراعيه، ثم أردف بحماس: - و تخيلي ليه؟ هزت زينة رأسها بفضول، فأكمل معتصم و هو ينظر الي وجهها تماماً: - لأن الظابط اللي بيتابع قضيتهم هو الفرد السادس في العصابة دي.
رفعت زينة حاجبيها بدهشة، و أنطلقت شهقة من بين شفتيها، و سيطرت الصدمة تماماً عليها، فصمتت..
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثاني والعشرون
أنت بتقول أيه نطقت زينة هذه الجملة و الصدمة تبرز على وجهها، فعاد معتصم يقول بإبتسامة: -طب بس أهدي كده، زي ما سمعتي متولي معاهم، و غالباً دي هتبقي أسهل مهمة أنا أخدتها ضمت زينة حاجبيه بتعجب، و سألته: -إزاي! تنهد معتصم بإرتياح، و أجابها: -خليت سعد يهكر تليفونه، و بكده هنسجل أعتراف كامل صوت و صورة ليه مع الناس دي بمجرد ما يشوفهم و يتكلموا، طبعا بإذن نيابة، و هيتقبض عليهم ببساطة جداً.
وقفت زينة بغضب، و ضربت المكتب بكفيها بقوة، مردفة بغيظ: -تحقيق زي ده، أنت تخلصه في جملتين ليه يعني! حرام عليك كنت عايزة قهقه معتصم ضاحكاً بقوة، و قاطعها سائلاً: -عايزة أيه يا هبلة؟ عايزة تقعي في مصيبة ولا كارثة! و تفضلي تجري من هنا لهنا لحد ما تدوري على اللي حصل، أنا ريحت دماغك ثم أكمل بجدية: -و بعدين شكي في متولي مش اكيد، ده مجرد شك بس قوي شوية، يعني لو محصلش حاجة هنكمل تحقيق عادي لحد ما نوصلهم.
قلبت زينة شفتيها، و كادت أن تبكي قائله: -يا رب يطلع مش هو عاد معتصم يضحك من جديد، و هو ينظر إليها بتسلية مردفاً: -عايزاهم يرجعوا يضحكوا على الناس تاني و يسرقوهم! هتكوني مبسوطة كده! سحبت زينة حقيبتها و أرتدتها مردفة: -متقولنيش كلام مقولتوش، أنت عارف أني مش في نيتي، همشي أنا يا ريتني ما جيت وقف معتصم، و أقترب منها ساحباً إياها نحوه بقوة، و رفع ذراعيه ليحيطها بهم، و همس بحب:.
-زينة، متزعليش، أحنا عارفين إن كل ما قدرنا نوصل للمجرمين أسرع بيكون أفضل هزت زينة رأسها بالنفي، و أردفت بضيق: -مش زعلانة يا معتصم، بس متضايقة، أول ما مسكت الملف من منير لقيت 5 آلاف واحد منصوب عليهم من نفس الشخص، أفتكرت هيكون تحقيق كويس و هيطول كمان، بس اول ما جيتلك هنا لقيته خلص قبل ما يبدأ أصلا رفع معتصم كتفيه بلامبالاة مردفاً:.
-هييجي غيره، يعني هو أحنا هنقعد في بيوتنا، خلاص بقا متزعليش، يلا روحي الجريدة، و لو وصلت لحاجة هكلمك هزت زينة رأسها بإستسلام، و أبتعدت عنه، و خرجت من المكتب، فعاد هو خلف مكتبه، و بدأ يجمع الأوراق و يضعها في الملف أمامه..
أقترب غريب ليجلس أمام جاسر، و أبتسم بحزن مردفاً: -أزيك يا جاسر هز جاسر رأسه، و أردف بنبرة خالية من التعبير: -الحمدلله يا أستاذ غريب حمحم غريب بإحراج، و أعتدل في مجلسه، و شبك أصابعه مردفاً:.
-جاسر، أنا مقدر جدا أن مدام ريهام قبل ما تموت مكنتش عايزة الفيلم ده، و كمان مقدر جدا علاقتك القوية بيها و حزنك على فراقها، و الحقيقة إن الموضوع ده ضايقني أنا كمان جداً، بس الفيلم نزل من شهرين، و كان ناجح بشكل كبير جداً، و الصحافة و الإعلام عاوزين يعملوا أي لقاء معاك، و أنت رافض كاد جاسر أن يتحدث، و لكن أوقفه غريب برجاء مردفاً:.
-متتكلمش أرجوك أسمعني، ده أول عمل ليك يا جاسر، و كان أول عمل لريهام الله يرحمها، لو سمحت، أنت فعلا لازم تطلع في أي انترفيو، و لو واحد بس على الأقل، جاوب على الأسئلة و أتكلم شوية عن الفيلم و اللي حصل فيه وخلاص ثم تنهد بقوة، قبل أن يكمل:.
-الفيلم مرشح لأكتر من جايزة، و بالنسبة لأنه فيلم كل اللي شغالين عليه مبتدئين فده نجاح كبير جداً، فيه مجلة مشهورة عايزة تصور معاك، و أنا وافقت بالنيابة عنك، و الإنترفيو هيكون بعد بكره الساعة 5، و هبعتلك اللوكيشن، لازم تحضر، المرادي بس يا جاسر أرجوك.
أقتربت أميرة و وضعت المشروبات على الطاولة، ثم جلست بجوار جاسر ممسكة كفه بقوة، تنهد الآخير و نظر لها بحيرة، فهزت أميرة رأسها بالإيجاب مع إبتسامة، فعادت نظرات جاسر نحو غريب، و قال: -مش هصور أي انترفيو غيره يا أستاذ غريب لو سمحت أحترم رغبتي زي ما أنا هحترم رغبتك المرادي وقف غريب بإبتسامة، و مد يده ليصافحه مردفاً: -كده يبقي متفقين، مبروك يا جاسر وقف جاسر مصافحاً غريب بمجاملة، و قال:.
-الله يبارك في حضرتك.
أقترب المساء، فنظر معتصم الي ساعة يده، و تنهد بتعب عائداً برأسه الي الخلف في إرتياح، و سرعان ما عاد يرتب مكتبه، ثم خرج من الغرفة متوجهاً نحو مكتب سعد، و فتح الباب مطلاً برأسه، و سأله بتعب: -فيه أي حاجة جديدة؟! هز سعد رأسه بالنفي مردفاً: -لا لسه، بس هجيبلك أمه متقلقش -علي الله، أنا مروح سلام أغلق معتصم الباب من جديد، و توجه نحو سيارته، و أنطلق بها الي المنزل بتعب..
صفع باب المنزل خلفه بقوة، و وضع مفاتيحه على الطاولة، و نادي بأسم زينة عدة مرات في تعجب، ثم أقترب من غرفتهما، فوجدها تنام على الفراش بعمق، أقترب منها بتعب، و صفعها بخفة على وجهها عدة مرات، فهمهمت بنعاس، فتنهد بغيظ و صفعها بظهر كفه في قوة، فأنتفضت من نومها، و نظرت حولها بعدم إدراك، و سرعان ما نظرت الي معتصم، و صرخت: -أيه يا معتصم الغشومية دي؟ خلع معتصم قميصه في برود، و أردف: -جعان، قومي حطيلي أكل.
ركضت نحوه الآخيرة بغضب، و قفزت الي عنقه من الخلف متعلقة به، و أحاطت خصره بقدميها، و ضربته بقبضتها الصغيرة عدة مرات على مؤخرة عنقه مردفة: -أنت مصحيني من النوم بالضرب علشان جعان، طب كل، كل سحبها معتصم من منامتها، و بدّل موقعها فأصبحت أمامه وجهاً لوجه، و تمسك هو بخصرها حتى لا تسقط و إن كانت تحيط خصره بقدميها، و أردف بتعب:.
-تعبان يا زينة بجد و عايز أكل، انا مكلتش حاجة من الصبح، و أنتي عارفة مش بعرف أكل من غيرك أبتسمت زينة ببلاهة، و رفعت عينيها قليلاً، و قالت بتفكير: -أيه ده هو أنت بتثبتني؟! أقترب بوجهه منها، و ثبت أنفه أمام أرنبة أنفها بحب مردفاً: -تؤ تؤ، أنا بقول الحقيقة أنزلها الي الأرض مكملاً خلع ملابسه، و قال: -و بعدين ماتش الأهلي و الزمالك النهاردة الساعة 9 عايز أكل و أنام ساعتين قبل ما أقوم أسمعه.
ضحكت زينة بشر، و قالت بمشاكسة: -ده أحنا هنقطعكم النهاردة أشار لها معتصم نحو الباب، و قال ببرود: -يلا يا بوابة على المطبخ، ده أنتو فريق الا حتة، بلا نيلة كسبانين بيتحفل عليكم خسرانين بيتحفل عليكم تركها و دخل الي الحمام صافعاً الباب خلفه، فصرخت زينة بغيظ: -علي الأقل فريقنا لعيبته عندهم أنتماء للفريق، مش انتو اللي اللعيبة بتجري ورا ال money عاد معتصم يفتح باب الحمام، و قال بتعجب:.
-مين اللي بيتكلم، يا بت أحنا خدنا منكم كهربا عقدت زينة ساعديها أمام صدرها مردفة بإستفزاز: -و رمضان باعكم وراح بيراميدز أنتصبت في وقفتها بسرعة، و قالت: -أحنا بنتكلم في أيه! هروح أعمل الأكل و ركضت للخارج بسرعة، فهز معتصم رأسه بفقدان أمل، و عاد الي الحمام من جديد..
مرّ صلاح على كل بيوت الأزياء الكبيرة، و تنقل بنظراته بين كل الملابس، الي أن وقع بصره على فستان باللون الأحمر، قصير و ضيق للغاية، و أحتل الدانتيل الأكتاف و الرقبة، و أختفي الظهر تماماً، نظر للفستان بإعجاب، ثم أشار للموظفة، التي أبتسمت له بترحاب قائله: -أقدر أساعد حضرتك إزاي؟ أشار صلاح الي الفستان، و قال: -عاوز الفستان ده لو سمحتي هزت الموظفة رأسها بإبتسامة قائله:.
-أختيار موفق يا فندم، الفستان ده لسه نازل من ساعتين بس و وان بيس ثم أشار الي أحد الأقسام بجوارها قائله: -فيه هناك أكسيسوريز لو حضرتك عاوز حاجة مع الفستان هز صلاح رأسه بالموافقة، و أردف: -لفيهولي بطريقة شيك بعد أذنك، أه و متنسيش تشيلي بطاقة السعر.
أومأت الموظفة برأسها، و تركته متجهة نحو الفستان، بينما أبتعد الأخير نحو قسم المجوهرات، ليبدأ بإختيار بعض القطع الماسية، ثم عاد الي الفستان، و قدم بطاقته الأئتمانية الي الموظفة، و غادر المكان بعد دقائق حاملاً الفستان و المجوهرات، و أتجه نحو سيارته، ثم أنطلق بها بعيداً..
جلست زينة ترتدي قميص قطني يحمل علم نادي الزمالك، و جلس معتصم الي جوارها بقميص آخر يحمل علم نادي الأهلي، و بدا الحماس على وجوههما، فقد كانت المبارة مشتعلة بحق، الي أن صرخ معتصم: -جون، معلم الله عليك يا أبني ثم نظر الي زينة التي تشتعل بجواره غضباً مردفاً: -مش سامع صوتك ليه يا بوابة؟ أشارت زينة نحو التلفاز و هي تشاهد إعادة الهدف، و صرخت بغضب: -علفكرة الجون ده أوف سايد، و الحكم ده معاكم.
عض معتصم على شفتيه بغيظ، و جذب زينة من خصلاتها، و قال: -حكم أيه اللي معانا! ده حكم أسكتلندي، بس أنتي اللي الحقد ماليكي أمسكت زينة قميصه بعنف، مردفة بنبرة تحدي: -هنشوف يا زوجي العزيز مين هيضحك في النهاية تركها معتصم و سحب كوب المشروب الغازي التي ترتشفه مردفاً: -طب هاتي ده و حطيلك واحد تاني، بلعي الخسارة بدل ما تتحشر جواكي و تموتك ثم قهقه بسخرية، فأمسكت زينة بكوب آخر و سكبت لها مشروب، و قالت بغضب:.
-علفكرة من يضحك أخيراً يضحك كثيراً عاد معتصم يضحك من جديد بإستفزاز، و عاد كلاهما يتابع المباراة بحماس، و بعد دقائق كثيرة، صرخت زينة بحماس: -يلا، يلا جون بقا و النبي الشوط الأول هيخلص، هوبا جون بينما صرخ معتصم على الجانب الآخر: -لا يا شناوي حركت زينة حاجبيها بتسلية، و قالت بإستفزاز: -بعد أيه يا أبو جبل! شوفت الجمال!
دفعها معتصم بكفه من وجهها، فعادت زينة تضحك، و جلست على ركبتيها بجوار معتصم، و بدأت تداعب وجهه بأناملها في أستفزاز مردفة: -قموصة يا ناس قموصة عاد معتصم يدفعها، فسقطت على الأريكة، و أردف الأول: -علفكرة ده تعادل عادي يعني، و لسه فيه شوط تاني أنتو مكسبتوش صفقت زينة بيدها، ثم حركت كتفيها بأنوثة مردفة بنبرة ساخرة: -هنكسب يعني هو المكسب هيروح فين.
أعلن المعلق نهاية الشوط الأول، ففتح معتصم ذراعيه، و أختبئت زينة بينهما بحب، و ضمته بقوة، فأبتسم الآخير، و قال معتصم بحب: -مش هتروحي تشوفي بابا و ماما ولا أيه؟ بقالك كتير مروحتيش ليهم هزت زينة رأسها، و أردفت بحزن: -فعلا معاك حق، أنا زعلانة أوي أني مشغولة عنهم، بس الشغل الفترة اللي فاتت كان صعب أوي و مكناش بنفضي غير على النوم، و يا دوب النهاردة رجعت بدري شوية نمت و أدينا قاعدين.
مرر معتصم أنامله بين خصلاتها بحنان قائلا: -طب متزعليش، هنعدي عليهم بكره نقعد معاهم شوية، مش عايز بوز بقاا، أنا بحبك فرفوشة أعتدلت زينة، و جلست على قدميه في مواجهة وجهه، و سألته: -يعني أنا لو بقيت نكدية و وحشة مش هتحبني؟ ضحك معتصم بخفة، و أمسك بخصلاتها المتمردة، و قال:.
-يعني أنا لو محبتكيش بكل حالاتك هحب مين مثلا! أنا عرفتك في قضية مخدرات يا زوزو، مع خالد فاكراه! و قضينا أيام سودا سوا، و بعد ما خلصت القضية أستحملت طلبك الغريب بزيارة كريم كل أسبوع مرة على الأقل، و بعدين قابلنا منى و تيسيير و دي كانت مصيبة أكبر، بس الحمدلله عديناها سوا، شوفتك و أنتي نكدية و متضايقة و قرفانة من اللي حواليكي كلهم، و وأنتي متبهدلة في الصحرا مع كريم، و خالد بيضربك و أحنا بنتدرب.
عاد يضحك من جديد، و أكمل بحب: -أنا شوفتك كلك! كل جوانبك، و صدقيني حبيتها كلها، أنا عشقتها كمان، و مستعد أعشق كل حركة غبية و غريبة بتعمليها ثم أكمل بنبرة تعب مزيفة: -بس لو تقلتي أكتر من كده مضمنش أوي أني هفضل أحبك أنقلبت ملامح زينة المبتسمة بسرعة، و أنتفضت مبتعدة عن معتصم، و وقفت أمامه قائله بذعر: -تقلت! هو أنا تخنت يا معتصم أمسك معتصم يديها ليطمئنها مردفاً: -لا يا حبيبتي أنتي زي القمر زي ما أنتي.
دفعت يده عن يدها، و سألته من جديد و هي تكاد تبكي: -متكدبش عليّا، أنا بجد تخنت! مبقتش عجباك! بقيت وحشة! وقف معتصم و أحتضنها بحنان، و قال: -طب أهدي بس و بطلي عياط، يخربيت دي كلمة قولتها أنا كنت بهزر جلس معتصم على الأريكة، و جذبها لتجلس على قدمه كما كانت، و أحاطها بذراعيه، فعادت زينة الكرة برجاء مردفة: -معتصم، قولي بجد أنا تخنت! وحياتي عندك ما تكدب!
هز معتصم رأسه بهدوء، فأمتلأت عينيها بالدموع بسرعة، فأحاط هو وجهها بكفيه، و أردف: -مش هكدب، أنتي اه تخنتي شوية، يمكن علشان بقيتي بترجعي من الشغل تاكلي و تنامي علطول، و مبقيتيش بتنزلي الجيم معايا و بتكسلي، بس و الله العظيم أنتي لسه زي القمر، و أنا مش متضايق أبداً، أنا ميهمنيش غير راحتك، و بحبك زي ما أنتي كده.
أحاطت زينة عنقه بكفيها، و خبئت رأسها به، و أجهشت في بالبكاء بدون توقف، فضمها معتصم الي صدره بقوة و قلق مردفاً: -بتعيطي ليه يا زينة؟ يا بنتي متخنتيش للدرجادي يعني، و الله زي القمر لسه، أهدي أبتعدت زينة عن رقبته، و أردفت من بين شهقاتها: -أنت مبقتش تحبني علشان أنا تخنت، و هتطلقني و تسبني علشان بقيت وحشة فتح معتصم عينيه بدهشة، و أردف بعدم تصديق:.
-يا بت هو أنتي بتسمعي الكلام على مزاجك! بقولك أنا بحبك كده، أه تخنتي بس ده عاجبني انا مش معترض! و بعدين هو أنا ندل أوي كده علشان أسيبك لمجرد أنك تخنتي شوية صرخت زينة في وجهه ببكاء: -كل الرجالة كده صرخ معتصم في وجهها بغيظ، و ضربها على رأسها مردفاً: -و لو كل الستات زيك كده كان زمانهم متطلقين، مفيش حاجة أسمها كل الرجالة كده، راجل عن راجل بيختلف ثم أمسك خصلاتها بقوة، و أكمل:.
-و بعدين أنتي أش عرفك أن كل الرجالة كده! جربتي حد أنتي قبلي! هزت زينة رأسها بالإيجاب مردفة: -أه كنت بحب واحد في إعدادي، بس كان بتاع بنات و مصاحب البنات كلها نظر لها معتصم ببلاهة مردفاً: -إعدادي! اللي هو من ييجي 10، 15 سنة كده صح! الصبر من عندك يا رب، بطلي عياط أنا بحبك و الله بحبك و مش متضايق أبداً وضع كفيه على خصرها، و حركها بمشاكسة: -روقي بقاا، مش كفاية العياط اللي هتعيطيه لما تتغلبوا.
ضحكت زينة بخفة، و مسح معتصم دموعها، ثم أحتضنها بقوة، و دقائق و بدأ الشوط الثاني من المباراة، فأخذ كلاً منهما مكانه، و بدأوا بمشاهدة المباراة في إستمتاع و شعلة من الحماس الي أن أنتهي بالتعادل، فنظرت زينة الي معتصم الذي أردف بلامبالاة: -الحظ خدمكم و أتعادلتم معانا عقدت زينة حاجبيها بضيق، و أشارت الي الكارثة التي حلت بالمكان مردفة:.
-طب أحنا أتفقنا أن اللي يخسر يغسل المواعين و ينضف المزبلة دي، مين بقاا اللي هيعمل ده دلوقتي! ضحك معتصم و أردف بحنان، و قد بدأ بتجميع الأطباق و الأكواب مردفاً: -هنعملهم سوا يا حبيبتي يلا توجه نحو المطبخ، و لكن شعر بكفها أمسك بذراعه، ألتفت لها بتعجب، فأردفت بإحراج: -عايزة أرجع أنزل الجيم أبتسم معتصم، و قال بحب:.
-سبق و قولتلك، أنا يهمني راحتك، هجددلك بكره أشتراك الجيم و هننزل سوا بعد كده، و هجدد النت كمان و كفاية مسلسلات أنا بصرف على مسلسلاتك أكتر ما بصرف عليكي، أحنا بنجدد الباقة 3 مرات في الشهر عادت زينة الي الأريكة تنظفها بضحكة مردفة: -أقعد أشتكي كده و في الآخر بتيجي تتفرج معايا تعالت ضحكات الآخير المتجه نحو المطبخ، فأبتسمت زينة و هي تتابعه بعينيها مردفة بحب: -ربنا يخليك ليا يا معتصم.
هبط عبدالله من على متن الطائرة المتوجهة من إيطاليا نحو البرازيل، أستنشق الهواء بعمق، ثم رسم إبتسامة جميلة على شفتيه، و بجواره سيرجي متجهان نحو المطار، و بعد دقائق كان الأثنان خارج المطار، أشار سيرجي الي سائق أجرة، و صعد على متن السيارة مع عبدالله، بينما بدأ السائق بوضع حقائبهم فوق السيارة، ثم أنطلق بهم الي حيث الفندق الذي أخبره سيرجي بأسمه، ثم نظر الي عبدالله مردفاً:.
-هذه محطتنا الأخيرة، سنعود من البرازيل الي مصر ألتفت عبدالله الي سيرجي، و أبتسم مردفاً: -عارف، شكراً بجد يا سيرجي على وجودك معايا لحد دلوقتي، مكنتش متخيل أننا ممكن نبقي أصحاب أوي كده ربت سيرجي على قدم عبدالله قائلا بإمتنان: -أنا الذي يجب أن أشكرك، لقد كانت ريهام أفضل صديقة لي عندما كانت تدرس في إيطاليا، و تحقيق جزء من أحلامها بجوار حبيبها و زوجها، هذا أفضل ما قد أحصل عليه في حياتي.
أبتسم عبدالله بمرح و أردف: -فكرة أنك صاحب مراتي الله يرحمها دي مش مضيقاني مش عارف ليه؟! ثم صمت للحظات قبل أن يكمل بتفكير: -ممكن لأنك كنت معاها و هي تعبانة و أخدت بالك منها، ممكن لأننا لما نزلنا مصر أنت وعدتها تيجي بعدنا علطول و تتعرف على أهلها و تحضر فرحنا، و لما جيت و هي مكنتش موجودة عرفت توصلي و كنت علطول معايا، مش عارف يا سيرجي بس أنت بجد ليك مكانة كبيرة أوي في قلبي.
أبتسم سيرجي في سعادة مردفاً: -أنا سعيد لسماع هذه الكلمات منك لوي عبدالله شفتيه بجنون مردفاً بسخرية: -و صدقني هتبقي سعيد أوي لما تعرف اننا جايين البرازيل علشان هنروح الأدغال أختفت إبتسامة سيرجي، و نظر الي عبدالله بقلق و صمت، بينما تعالت ضحكات الآخير على حال صديقه..
جلست زينة بجوار معتصم أمام والديها، و قد أرتسمت إبتسامة جميلة على شفاه الجميع، و تبادلوا أطراف الحوار، حتى دق باب المنزل، و ذهب كامل ليفتح و تفاجئ بجاسر مع أميرة، و بعد كثير من السلام، جلسوا جميعاً سوياً، و حمحم جاسر قبل أن يقول: -أستاذ غريب جالي أمبارح، و قالي أني لازم أطلع انترفيو بكره مع مجلة مشهورة علشان الفيلم ثم صمت لثواني قبل أن يكمل بصوت مختنق: -و خصوصاً مع عدم وجود ريهام.
تحدث زينة بحنان و هي تنظر الي شقيقها بإبتسامة: -حبيبي، ده طبيعي خصوصاً بعد نجاح الفيلم، ركز يا جاسر، ده كان حلمك و حلم ريهام، متتخلاش عنه بعد ما وصلتله هبطت دموع جاسر رغماً عنه، و أجابها بحزن: -مكنش حلمي لوحدي، كان حلمها معايا، مبقاش ليّا نفس أعمل أي حاجة من غيرها، أتفقنا نبدأ سوا، و هننجح سوا، النجاح مبقاش ليه طعم من غير فرحتها تنهدت جنات بقوة هذه المرة، و رفعت نظرها لجاسر و قالت:.
-يمكن معاك حق، بس الفيلم ده أنتو تعبتوا فيه سوا، و كان كل حلمها أنها تنجح، و تبقي مخرجة مشهورة و ناجحة، و أنك انت كمان تبقي ممثل مشهور، و الحلم أتحقق، هي لو موجودة فعلاً كانت هتكون فرحانة، هي فرحانة يا جاسر صدقني، روحها حوالينا و فرحانة، أفرح أنت كمان، أخرج من الدوامة دي، و حقق حلمك و حلم أختك، وصل إسمها للناس كلها، خلي دايماً أسمها مربوط بإسمك، و الناس كلها تعرفها.
هو جاسر رأسه بصمت، و بجانبه جلست أميرة تحتضن ذراعه بحب، فنظر معتصم إليهم بإبتسامة مردفاً:.
-أنت أخوها و أتربيت معاها و بتعمل كده، مش عايز تحقق ليها حلمها! عبدالله معرفهاش من فترة طويلة، و اهوه بينقل من بلد لبلد و بيحقق كل أحلام ريهام حتى و هي مش معاه، و بيساعده سيرجي، هو حاسس بروحها حواليه، و حاسس إنها مشركاه فرحته، اعمل كده أنت كمان، مش يمكن لما تفرح تحس بيها حواليك فرحانة، روح بكره الانترفيو، و أفرح، و أتكلم عنها كتير و عن الفيلم، و قد أيه هي كانت مبسوطة، و كان نفسها تبقي حاجة كبيرة، حققلها أحلامها يا جاسر.
نظر له جاسر بأسي، و قال بنبرة منتحبة: -صعب، صعب أوي هز معتصم رأسه بإعتراض و تحدث بحدة: -هو أيه اللي صعب! أنت أصلا مجربتش يا جاسر، جرب و بعدين أحكم صعب ولا سهل، جرب و بعدين شوف مرتاح ولا لأ! -حاضر هجرب، أصلا غريب وافق على الانترفيو خلاص، مينفعش أنا أعترض و هو بكره عاد الصمت الي الجميع، فقالت أميرة بمرح: -بس هو أنتي قلبظتي كده ليه يا زوزو؟! نظر لها معتصم بضيق، و صرخ: -ليه كده، ليه!
قلبت زينة شفتيها ببكاء، و سألتهم: -هو أنا بقي شكلي صعب أوي كده! نظرت لها أميرة بتعجب، و أردفت: -مين قال صعب! انا بقول قلبظتي؟ مليتي بقيتي قمر، مقولتش أن شكلك صعب دي أبداً أشار معتصم الي أميرة بإبتسامة قائلا: -و شهد شاهد من أهلها، وربنا زي القمر أبتسمت جنات، و قالت بحب لزينة:.
-حبيبتي أنتي فعلا بقيتي احلي كتير، فاكرة لما كنت بقولك كلي و أشربي الحاجات اللي بجيبهالك علشان تتخني شوية! هو ده اللي حصل، أحلويتي أكتر نظرت زينة الي معتصم بشك، و قالت: -يعني مش وحشة؟! أمسك معتصم كفها، و رفعه الي شفتيه و قبله بحب، و هتف: -قطع لسان اللي يقول كده أنتي زي القمر في كل حالاتك أمسك كامل أطراف الحوار هذه المرة، و قال:.
-فيه حفلة كبيرة محمود عاملها الشهر الجاي، لو عايزين تفكوا تعالوا، هتكون بمناسبة إن البرنامج عدي عليه 15 سنة أبتسمت زينة بتسلية، و أردفت بحماس: -حفلات أنكل محمود دي بتكون جامدة نظرت الي معتصم و سألته بشك: -هنروح ولا ايه؟ رفع معتصم كتفيه بلامبالاة مردفاً: -عايزة تروحي روحي نطقت زينة بضيق، و قلبها يشتعل غيظاً منه: -أنا بقول نروح علفكرة! -لما ييجي معادها يبقي ربنا يحلها.
نظرت له زينة بتعجب و صمتت، و مرت بضعة دقائق قبل أن يستأذن كلاً من زينة و معتصم، و توجهوا نحو المنزل، و ساد الصمت بينهما طوال الطريق، و لكن ما أن وصل الأثنان الي المنزل، صرخت فيه زينة بغضب: -ممكن أفهم يعني أيه اللي حصل هناك ده! نظر لها معتصم بحدة، فصمتت زينة من جديد بعد ان سري الرعب أوصالها من نظرته، و تحدث هو بهدوء: -صوتك ميعلاش يا زينة، الهزار هزار و الجد جد، و أيه اللي حصل هناك يا تري؟
أقترب من الأريكة و ألقي بجسده عليها سريعاً، فنطقت زينة بغيظ: -ليه موافقتش نروح الحفلة دي! نظر لها معتصم بسخرية شديدة و نطق: -أيه ده هو أنتي بتاخدي إذني بجد! سوري مخدتش بالي ثم وقف مكملاً بجدية: -أنا رايح أغير هدومي و أتخمد عادت زينة تصرخ من جديد بعصبية من لامبالاته: -معتصم أنا بتكلم متسبنيش و تمشي ألتفت معتصم بحدة، و سحبها من ذراعها في قوة، و أقترب منها مردفاً بنبرة قاتله:.
-أنا قولت صوتك ميعلاش، و المرة الجاية مش هقولها بلساني أنتفض جسد زينة، و شعر هو بخوفها، فزفر بضيق، و أبتعد عنها متوجهاً نحو غرفتهم في صمت، فجلست هي في الصالون بحزن، و هي تحاول أن تتذكر ما حدث قد أغضبه منها، و لكن لم يصل عقلها لشئ، زفرت بضيق هي الآخري و هي تتذكر لحظاتهم السعيدة التي يغمرها بها معتصم بحبه و عشقه لها.. توجهت الي غرفتها في صمت، و بدلت ملابسها ثم دقت باب الحمام، و أردفت بنبرة مرتجفة:.
-عايزة الحمام لم يجيبها معتصم، فعادت هي تجلس على الفراش، و مرت دقيقة قبل أن يخرج و هو يلف خصره بمنشفة، و أخري يجفف بها خصلاته، ألقي عليها نظرة سريعة، ثم توجه الي خزانة الملابس تحت نظراتها، فكرت زينة للحظات أن تقترب منه لتعلم ما به، و لكن سرعان ما تراجعت و أسرعت الي الحمام و أغلقت الباب خلفها، بينما أرتدي معتصم ملابسه بسرعة، و توجه الي فراشه و ألقي بجسده عليه في صمت..
شرد ونظراته تتركز على سقف الغرفة، يعلم جيداً انها دخلت الي الحمام لتبكي بحرية كما تفعل دائماً، زفر بضيق من فكرة غضبهم، و لكن حاول صرف الفكرة عن رأسه لينام، و أغمض عينيه بسرعة ما ان شعر بها تخرج، فتح عينيه قليلاً فوجدها تحمل حاسوبها المتنقل، و تتجه نحو الشرفة، فعلم أنها ستخرج كل مشاعرها في الكتابة الآن..
أنتظر دقائق قبل أن يمسك بهاتفه، و يدخل الي حساب فيسبوك المزيف الخاص بها ليري آخر منشوراتها، و أبتسم عندما رأي أنها قد نشرت مقال للتو، كان يعلم أنها ستفعل بالتأكيد، تنهد بقوة قبل أن يبدأ في القراءة. الحب غريب للغاية، تركيبة متناقضة، كل شئ به مضاعف بكثرة، الحب مضاعف، الحزن مضاعف، الغيرة مضاعفة، و الشوق مضاعف، يحلق بنا فوق السحاب، و في لحظة واحدة يسقطنا الي الأرض مهشماً مشاعرنا و قلوبنا..
لقد مرّ الحب على الكثير، و أستمر اكثر، و أنتهي أكثر و أكثر، تري كيف تمكن العشاق من المضي قدماً رغم المشاكل و الصراعات، و لحظات الحزن و الشوق، هل كان حقاً بتلك القسوة التي هو بها الآن! أم أنه كان أنقي و أصفي من هذا بألف مرة، و تغيرت فقط نفوس البشر و تصرفاتهم، فلوثوا معها كل معاني الحب السامية؟ نظر معتصم الي زينة التي تجلس في الأرجوحة بغيظ، و وقف متجهاً نحوها و أردف بنبرة خافتة:.
-الله يخربيت اللي يزعلك، أنا لو سيبتك كده لتفكيرك هلاقيكي خلعاني بكره زفر عدة مرات لينظم أنفاسه قبل أن يرسم إبتسامة حانية على شفتيه و هو يقف أمام أرجوحتها، و قال: -الجو برد عليكي، تعالي يلا ثم أمسك بحاسوبها المتنقل و أغلق شاشته قائلا بنبرة يملأها الغيظ: -و قولنا 100 مرة متكتبيش حاجة و انتي زعلانة، او مشاعرك مأثرة عليكي لا في الرواية، ولا على الأكونت.
ألقي بحاسوبها في الأرجوحة من جديد، و سحبها من قدميها، و هزتهما هي بإعتراض في محاولة للتخلص من قبضته قائله بحزن: -لا أبعد، أبعد مش بكلمك حملها معتصم بين ذراعيه بغيظ، و دخل الي الغرفة مردفاً: -علفكرة أنا اللي زعلان متقلبيش الطرابيزة عليا! دفعته زينة من صدره بقوة، فتركها تقف على الأرض، و وقفت أمامه قائله بغضب:.
-زعلان ليه سيادتك هاه! و بتزعقلي و بتقولي وطي صوتك! و بتقولي المرة الجاية مش هتتكلم بلسانك، كتك قطع لسانك ضغط معتصم على شفتيه بغيظ، و رفع قبضته للأعلي بتهديد و أردف: -شوفي لسانك أنتي بدل ما أقطعهولك بجد، و أتمسي على المسا يا زينة ضربته زينة على صدره بقوة، فأبتعد معتصم خطوة الي الوراء، ثم عادت تضربه من جديد و هي تصرخ في وجهه، و يعود هو الي الوراء خطوة أخري، و يقول بغضب:.
-يا بنتي بلاش تخليني امد أيدي عليكي يا زينة، يووه حملها بسرعة بين يديه، و ألقاها على الفراش خلفه، و أعتلاها واضعاً ركبتيه على الفراش بجوارها، و ثبت كفيها فوق رأسها، بينما نظرت هي بصدمة إليه من سرعة حركته، فلم يكمل ثانية واحدة تقريباً، و سألته بتلعثم: -أنت عملت كده بسرعة إزاي!؟ أجابها معتصم بغيظ شديد و هو يشد على قبضته المحيطة بكفيها: -ده الأدرينالين هينفجر في دماغي بسببك مش أكتر.
صمتت زينة لثواني، قبل أن تتغلغل الدموع الي عينيها، و نظرت الي عينيه قائله بعتاب: -زعلان منى ليه؟ تنهد معتصم، و تركها ليقف أمام الفراش و أجابها بهدوء: -لأن مينفعش اللي انت عملتيه هناك يا زينة، باباكي أقترح نروح الحفلة، و أنتي في ثانية قولتي ان الحفلات دي بتكون حلوه جدا، و قولتيلي هنروح ولا أيه! ثم أكمل بضيق و هو يضع يديه في جيب ملابسه مردفاً:.
-اللي هو أنتي مقررة أنك تروحي، و بتسأليني لأكون معترض، مقولتيش قدامهم مثلا خلاص هنشوف ظروفنا أنا و معتصم و بعدين هنقرر، لا أنتي قررتي و معملتيش حسابي أصلا نظرت له زينة بذعر، و قالت بإنزعاج: -بس أنت مكنتش هترفض يا معتصم يبقي أحنا عملنا خناقة ليه؟ -و مين قالك أني مش هرفض! مين قال أني فاضي أو عايز أحضر حفلات! الحفلة لسه الشهر الجاي! عارفة ممكن أيه اللي يحصل من هنا للشهر الجاي يا زينة!
تحدثت زينة بضيق، و قالت: -وقتها ممكن نقول أن جد في الأمور جديد! و نعتذر، أنت بتقول إفتراضات يعني مفيش حاجة أكيدة، يعني أنت عملت خناقة من مفيش يا معتصم سألها معتصم بهدوء: -الحفلة دي هتكون أمتي يا زينة؟ انكمشت ملامح زينة بتعجب و أجابته: -الشهر الجاي! عاد معتصم يسألها في حدة: -الحفلة هتكون أمتي يا زينة! أمتي بالظبط! توقيت أو تاريخ! رفعت زينة كتفيها بجهل، و أردفت بلامبالاة:.
-معرفش بس أياً كان مش هتفرق قاطعها معتصم بحدة: -وأنا قولتلك أيه يا زينة من أسبوعين و أنا بكلم نيرة أختي! عقدت زينة حاجبيها بتعجب، و حاولت تذكر ما قاله، و لكنها عجزت عن ذلك، فنظرت له بضيق، فأكمل هو بسخرية:.
-نسيتي! تفتكري أي حاجة بس اللي معتصم يقوله لأ! قولتلتك يا هانم أن نيرة هتيجي مع جوزها لأهله مصر، و هيقعدوا شهر لأن والده تعبان، وأن مرات بابا هتيجي تقعد عندنا الشهر ده، و أنها هتيجي الشهر الجاي، هنعمل أيه بقا وقتها! هنسيبها طول النهار قاعدة لوحدها لأننا في الشغل، و طول الليل لأننا في خروجات و حفلات سيادتك بتقرريها نيابةً عني صمتت زينة للحظات محاولة أستجماع كلمات مناسبة، قبل أن تقول:.
-أفتكرت، بس عادي، مامتك ممكن تيجي معانا صرخ بها معتصم بحدة و غضب: -قولتلك 100 مرة مش مامتي، مرات بابايا، و تيجي معانا بأنهي صفة! إذا كان مش هتروح عند أهل جوز نيرة على الرغم من أنها بنتها، و هتيجي تقعد هنا، تروح حفلة تبع والدك و برنامجه ليه يا زينة؟ دي جاية هنا بالعافية عقدت زينة ساعديها بضيق، و قالت:.
-معتصم سوري بس انا مبقتش فاهمه حاجة ولا شايفة أي حاجة تستدعي كل ده، مش بتعتبرها مامتك، و جايبها عندنا البيت، و هي مش موافقة تروح تقعد عند أهل جوز نيرة، و جاية تقعد هنا بس مش هينفع تخرج و تشوف أهلي و تتعرف عليهم و تخرج معاهم، حتى الفرح لا هي ولا أختك حضروه أنا مش فاهمه حاجة، و طول ما انا مش فاهمه هفضل شايفة أن مفيش مشكلة و أنك أنت مكبر المواضيع، أنا طبعا معنديش أي أعتراض على وجودها هنا أكيد هي مرحب بيها دايماً، بس فيه حلقة مفقودة في النص انا مش فاهماها.
جلس معتصم على الفراش، و وضه وجهه بين كفيه بتعب، و زفر بضيق قبل أن يقول بإستسلام: -هقولك يا زينة أيه الحلقة المفقودة! أقعدي أشار لها لتجلس بجواره، و لكنها جلست على قدميه و أحتضنته بقوة مردفة: -قول أبتسم معتصم بحزن، ثم بدأ يسرد لها كل ما حدث من البداية:.
-أنا قولتلك أن بابا و ماما ميتين و ان عندي مرات أب و أخت منها بس، بس دي مش الحكاية كلها فعلاً، مرات بابا أسمها عزة، و أنا بابا جابني لما كان عنده 21 سنة، و ماما ماتت و هي بتولدني، و بعد 17 سنة بابا أتجوز، مكنش كبير أوي على الجواز، مكنش لسه جاب الأربعين أصلا، بس المشكلة في البنت اللي اتجوزها، اتجوز واحدة قدي في السن، و كان زميلتي في المدرسة و بعدين قعدت أنتفضت زينة بقوة، و أبتعدت عنه بصدمة قائله:.
-نعم! يعني اللي هتيجي تقعد هنا دي عندها 29 سنة! هز معتصم رأسه بصمت، و أعاد زينة الي صدره، و أستند بذقنه على كتفها مردفاً: -خلفت منه نيرة، و كانت علطول في خناق مع بابا لأسباب تافهه، لدرجة أن بابا تقريباً جاله كل أمراض الدنيا بسببها سكر و ضغط و قلب، بصراحة هي محرمتوش من مرض تنهد بقوة، قبل أن يكمل:.
-و أنا دخلت شرطة، و بقيت بنزل البيت أجازات بس، و لما نزلت مرة بابا كان تعب جداً و كان تقريباً راقد ادوية و تعب و خلاص، و هي وقتها بدأت تبصلي بطريقة تانية، بدأت تحتك بيّا و تتعمد تلبس لبس ملفت في وجودي، و وصل بيها الموضوع في مرة أنها تيجي اوضتي و أنا نايم، و عرضت نفسها عليّا أنتفضت زينة من جديد، و أبتعدت عنه و قبل أن تردف بحرف واحد، امسك معتصم كفيها مكملاً:.
-رفضت و بعدتها عني، و مرضتش اقول لبابا، كان تعبان جداً و مكنش متحمل صدمات أبداً، و نيرة كانت صغيرة و بابا مش بيقوم من السرير، و أجازاتي بقت سجن بالنسبالي و وصلة عذاب مش بتخلص غير لما برجع الكلية، لأنها أستغلت تعب بابا و أن نيرة صغيرة، و بدأت تقرب و تحتك بيا في وقت و أي مكان و هي ضامنة أني مش هتكلم، و أنا على قد ما أقدر كنت ببعدها و كنت بقعد بره البيت كتير، بس برجع تاني لبابا يحتاج حاجة لأنها تقريباً مش مهتمية بيه أبداً، حتى نيرة مكنتش مهتمة بيها و كانت هتوقع نفسها من البلكونة مرة، و ده كان كفيل أن خروجي يقل كتير و أضطر أفضل في البيت، فكنت بدخل علطول أقعد مع بابا في الأوضة، و هو كان بيتضايق لما بيحس انه مذنبني جنبه، فكان بيخرجني ساعات غصب و بتوصل للخناق علشان أخرج.
ثم ضحك بحزن، و قال بطريقة مسرحية: -لحد ما المكشوف ظهر، و بابا كان خارج من أوضته يجيب ماية، و شافها بترمي نفسها في حضني، و بتقول كلام رخيص شبهها، و مش بس كده دي شقت هدومها نصين في اليوم ده عاد يضحك من جديد و أكمل: -و شافت بابا، تخيلي عملت أيه؟ نظرت زينة الي عينيه و لمحت الحزن في عينيه، فوضعت يدها على خده بحزن هي الآخري و أردفت: -عملت أيه؟ هبطت دموع معتصم رغماً عنه، و قال:.
-طلعت تجري عليه و تعيط، و تقوله معتصم كان بيحاول يقرب منى و قطع هدومي، و إن دي مش اول مرة أعملها، و إني حاولت كتير جداً قبل كده معاها و إنها كانت بترفض تقرب مني، بس مكنتش بتقول لبابا علشان متطلعنيش وحش قدامه و بابا يتعب و يزعل، بس خلاص بقا فاض بيها الكيل و تعبت من تحرشي بيها ضحك معتصم بهم، و أردف بعدم تصديق:.
-و صدقيني انا لو مكان بابا كنت صدقتها، تمثيلها كان ممتاز، و بابا صدقها طبعاً، ضربني بالقلم، و زعق و عيط و طردني من البيت، و أنا مقدرتش أقوله حاجة، هصدمه في مراته و عرضه و شرفه! طب إزاي! هيصدقني إزاي أصلاً يا زينة؟ هيستحمل ولا لأ؟ فسبت البيت و مشيت، جيت قعدت في القاهرة في بيت العيلة القديم، و فضلت سنة بحالها لا بشوف بابا ولا أختي، ولا أعرف حاجة عنهم، لحد ما في يوم لقيته جاي هو و نيرة و عزة.
نظر الي زينة التي أقتربت بأناملها لتمسح دموعه، و أبتسم مكملاً:.
-قالي أن عزة بدأت تعمل حركات غريبة، و بقت تصحي مش فاكرة اللي حصل قبلها بيوم، و تتصرف و تنسي، و هكذا، و لما راحوا لدكتور، قالهم أن عندها شيزوفرينيا و واضح انها وراثية لأن أبوها كان عنده نفس المرض، و ده كان سبب كفاية لتصرفاتها معايا، بل بالعكس دي قالت لبابا أنها كانت بتحلم بحاجات غريبة أنها بتقرب منى و انا بصدها و كده، و مكنتش عارفة أنه بجد و بيحصل على أرض الواقع، و رجعت حننت قلب بابا عليّا تاني، فعلشان كده جم ليّا القاهرة، و هي أعتذرت كتير اوي مني، و أنا صدقتها، و بابا أصر يرجعني البيت، و لما اعترضت عزة قالت أني مش عايز أجي علشانها، و لسه زعلان منها، و رجعت تلعب في دماغ بابا تاني علشان أرجع البيت، و نجحت و رجعت البيت، بس بردوا كليتي كانت رحمه ليا منها، و من تصرفاتها.
سألته زينة بتعجب: -تصرفاتها! و هي فايقة ولا و هي مش في وعيها! تعالت ضحكات معتصم بسخرية و قال:.
-ده و أنا بحكيلك صدقتي! مكنش عندها شيزوفرينيا ولا حاجة يا زينة! كل ده كان تأليف علشان ترجعني البيت، و أتفقت مع الدكتور على ده، و رجعت لنفس قذراتها تاني و انا مبقتش قادر أستحمل، و خصوصاً مع تعب بابا أكتر، و خلصت كليتي و رجعت البيت بقيت شبه مقيم فيه، انا لو مش في الشغل أبقي في البيت مع بابا و نيرة، و فضلت سنين عايش في القرف ده و محدش يعرف، نيرة كبرت و بقت أنسه، و بحكم عادات العيلة، كان لازم تتجوز، كان عندها 10 سنين بس يا زينة و عايزين يجوزوها، وقفت لبابا و قولتله هي لسه صغيرة، و قعدت معاه و حاولت أقنعه، و كان تقريباً شبه أقتنع بس كان محتاج أتكلم معاه مرة أخيرة في الموضوع ده و مكنش هيجوزها و الله، جت بقا عزة و لعبت في دماغه تاني علشان يخلالها الجو معايا، و قالتله أن فيه واحد عاوز يتجوز نيرة و ياخدها و يسافر، و عرفت تقنعه، و لما قابلت العريس كان شاب أصغر منى عنده 20 سنة، أتفقت معاه نتقابل بره و فعلاً أتقابلنا و قولتله أن نيرة لسه صغيرة و أني مش عاوزها تتجوز دلوقتي، و بابا رافض، و طلبت منه هو اللي يرفض الجواز.
عقدت زينة حاجبيه بغضب و أكملت: -و طلع واطي و رفض هز معتصم رأسه بالنفي و مرر يده على خصلاتها بحب و قال:.
-هو رفض بس مش واطي، هو أسمه مرتضي، و سمع عزة جت لأبوه اللي يبقي عمها تقوله أن بنتها كبرت و هي عايزة تجوزها، و أبوه كان هيجوزها لواحد صاحبه عجوز، فمرتضي قال يلحق البنت، و راح لأبوه قاله أنها عاجبها و عايز يتجوزها، و طبعاً أبوه عايز يفرح به و هيفضله على صاحبه، فوافق و راحوا خطبوها، و مرتضي وعدني أنه هيخرج بيها بره البلد، و هتفضل معاه و هياخد باله منها كويس جداً، لحد ما تكبر و يكتبوا عقد رسمي و هيعملها فرح كمان و هيكمل جوازهم وقتها.
أبتسم لزينة التي ظهر في عينيها الإعجاب لمرتضي، وقال:.
-انا فاكر قالي بالنص، أختك تحرم عليّا لحد ما تبقي فاهمه و واعية، و توافق على جوازنا و لو رفضت هرجعهالك معززة مكرمة، و دي كانت فرصة بالنسبالي، لو رفضت مرتضي هييجي حيوان ياخدها مننا و مش هيراعي انها طفلة أبداً و هينتهك برائتها، فوافقت و مرتضي كان جدع و راجل جداً، و نفذ وعده لحد اللحظة دي، و كل ما بكلم نيرة بتكون مبسوطة أوي بوجودها معاه، و نيرة سافرت، و بقيت لوحدي مع عزة و بابا في البيت، كنت عايز أسيب البيت و قولت لبابا كده و إني هاجي القاهرة، رفض جامد و قالي أنه حاسس انه بيموت و محتاجني جنبه، ففضلت، بس بقيت أتجنب عزة على قد ما أقدر، لدرجة أني ساعات علشان أخلص منها بحطلها منوم في كوباية شاي ولا عصير، و كانت بتتخمد و أخلص منها كام ساعة قبل ما تصحي، و بعد جواز نيرة بكام شهر بابا مات، و عزة كانت ملهوفة على الورث، بس أكتشفت أن بابا قبل ما يموت كتب كل حاجة بأسمي، و وصي أني أدي لنيرة نصيبها أول ما تكمل 18 سنة.
أبتسمت زينة و قالت بحماس: -احسن تلاقيها كانت هتموت من قهرتها، بس ليه راحت مع نيرة تعيش معاها! أبتسم معتصم هو الآخر و أجابها:.
-كانت عايزة تفضل في البيت، و لما قولت إني هسيب البيت و هاجي القاهرة كانت مصممة تيجي معايا بردوا، بحجة انها ملهاش غيري دلوقتي و مش معاها فلوس و انتي فاهمه الشويتين دول، بس مرتضي قالها أنها هتروح معاه هو و نيرة، و أن معتصم شاب دلوقتي و هيعوز يكون براحته في بيته، و دخل أبوه في الموضوع و فعلاً وقفلها و قالها يا تقعدي في بيت جوزك لحد ما نجوزك، يا تروحي مع مرتضي و بنتك، و أضطرت وقتها تروح مع مرتضي، بس مرتضي كان واخد أحتياطاته كويس، و كانت عمته الكبيرة قاعدة في البيت معاهم في أمريكا، و في وجودها مستحيل عزة هتعمل حاجة ليه هو كمان، لأنها عارفة أنها لو أتقفشت عمته هتقول لأبوه و ده أسمه عرض و شرف و هيقطعوا رقبتها، و قاعدة هناك بقالها سنتين.
أنكمشت ملامح زينة، و سألته بتردد: -طب ليه متفضلش قاعدة هناك مع عمته لحد ما هما يرجعوا من السفر؟ تنهد معتصم بضيق و أجابها:.
-لأن عمته نازلة معاهم يا زينة، و هي رفضت تماماً أنها تروح البيت مع مرتضي، و أتحججت بأنها تعبانة، و مبقتش واعية أغلب الوقت، و مش عايزة تعمل مشاكل هناك، و عمته و نيرة طبعاً صدقوها، فمرتضي قالي و نيرة قالتلي خليها تفضل عندي، و بقالها فترة بتحاول تقنعني لحد ما قولت تمام، و كده كده أنتي معايا يا زينة و مش هتسمحي ليها تتمادي، و بكده مش هزعل نيرة صمت قليلاً و نظر في وجهها بغيظ مردفاً:.
-عرفتي ليه بقا لازم نكون في البيت علطول ومعاها! لأني مآمنش انها تفضل هنا لوحدها من غير مصايب، و لا ينفع أسيبك تخرجي و تسيبيني معاها، ولا هينفع نعرفها على أهلك لأني معرفش هي ممكن تعمل أيه مع أهلك و تتصرف إزاي، فهاه، قررتي أيه؟ هتستحملي الشهر ده معايا! ولا هتروحي الحفلة؟ ضغط زينة على شفتيها بتسلية، و أقتربت من معتصم أكثر، و قالت و هي تنظر في عينيه بقوة:.
-و حياتك عندي يا حبيبي لأخليها تخرج من هنا ندمانة على كل حاجة عملتها زمان، و مش بس كده دي مش هتقرب من البيت تاني أصلا، و هتكره اليوم اللي عرفت فيه مرات معتصم السيوفي، و هتتمني الأيام تجري و تخرج من هنا بقاا غمز لها معتصم بمشاكسة مردفاً: -مفيش بوسة كده بقا على الماشي دفعته زينة بقوة، و أبتعدت قائله بأستفزاز: -فيه نوم و أكل، تحب تاكل معايا ولا مع الملايكة.
خلع معتصم حذائه المنزلي بغيظ، و ألقي بجسده على الفراش واضعاً الوسادة على وجهه، و هتف بحنق: -لا و على أيه، الملايكة أحسن من شياطين الأرض، أقفلي الزفت و أنتي خارجة ضحكت زينة بخفوت، ثم أخذت وضع الأستعداد، و ركضت نحوه و قفزت فوقه، فصرخ معتصم بفزع و وجع، و قالت زينة: -بهزر معاك يا صاصا أمسك معتصم وسادته بعنف، و ضربها بقوة على وجهها عدة مرات قائله: -هزرتي و كسرتي عضمي، قومي بقا أقفلي الزفت و أتخمدي.
و عاد يضع الوسادة على رأسه بغيظ، و شعر بها تمنع ضحكاتها، فصرخ بغضب: -بطلي يا زينة بدل ما أقوم أحطك في الغسالة أنطلقت ضحكة خفيفة من بين شفتيها و هزت كتفه مردفة: -طب خدني في حضنك أبعد الوسادة عن وجهه و أردف بسخرية: -كان فيه و خلص، بح وضعت زينة رأسها على كتفه بدلاً من الوسادة بسرعة، ثم ألتصقت به بقوة و نامت ممسكة بقميصه القطني، و تخبئ رأسها في صدره، فتنفس معتصم بعمق و أحاطها بذراعه، و همس:.
-و الله هتجننيني، قومي أطفي النور مش بعرف انام فيه رفعت زينة نظرها إليه و قالت بنبرة هامسة: -أنا في حضنك، معقول هتفكر في النور و مش هترتاح و أنا جنبك و تنام علطول أبتسم معتصم، و ضمها بقوة الي صدره، و خلال دقائق كان كلاهما قد غطي في نوم عميق، في أنتظار مجهول، مجهول يقترب!