رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع عشر
في الزمالك كان تيسير يجلس في معمله في حين تسربت رائحة غريبة الي أنفه، نظر نحو باب المعمل ليجد معتصم يقف بجوار زينة و في يدهم منديل و على وجوههم كمامات تحميهم من هذه الرائحة، نظر لهم تيسيير بصدمة و أردف: -أنتو جيتو إزاي هنا!
شعر تيسيير برأسه يدور قبل أن يسقط فاقداً وعيه، في حين أقترب منه معتصم و و حمله الي أقرب مقعد ثم بدأ في تقييده بقوة في المقعد، و خرجت زينة لثواني قبل أن تدخل الي المعمل و خلفها عشرون من رجال الشرطة ثلاثة منهم خبيرين مفرقعات و و خمسة منهم من المعمل الجنائي جميعهم يرتدون كمامات تحميهم من أثر المخدر الذي نشروه في الغرفة، و بدأ الجميع في تفتيش المعمل و محاولة إتلاف القنبلة التي تمكن تيسيير من صنعها، في حين أقترب زينة من معتصم الذي يقف بجوار تيسيير و بدأ الأثنان في مراقبة ما يحدث بهدوء و هم يتذكرون ما فعلوه صباح اليوم للتخلص من هؤلاء الحمقي أولاً.
قبل بضع ساعات في المهندسين بشركة Deep كان كل من معتصم و خالد يراقبان الشركة من بعيد في محاولة لإيجاد ثغرة دخول لها بصفة غير رسمية و إيجاد مكان الحراس، و أستمرت هذه الحركة ما يقارب السبع ساعات حتى علم معتصم أنه يتم تغيير الحراس كل ست ساعات، فنظر الي خالد مردفاً: -أشمعني يغيروا الحراسة أربع مرات في اليوم هز خالد رأسه بجهل و أردف:.
-معنديش أي فكرة، بس أحتمال ان الحراس بيتدربوا كل يوم بإستمرار علشان يزيدوا من لياقتهم البدنية طبعا، فيبقي 6 ساعات حراسة و 6 تدريب و الباقي ممارسة حياة طبيعية أو شبه طبيعية هز معتصم مقتنعا ً بإجابة خالد، ثم تحدث: -بص ورا الشركة فيه فيلا، تفتكر دي تبع الشركة و الحراس هناك قضم خالد حاجبيه بتفكير قبل ان يردف: -بس عدد الحراس كبير أوي، أكيد محتاجين حاجة أكبر من كده هز معتصم رأسه نافياً و أردف:.
-خد بالك أنهم ودوا حراسات كتير لناس أكتر فعدد الحراس قل عن الطبيعي كتير، غير الجمهورية اللي محاوطة الشركة من كل مكان من فوق و من تحت و حتى في معظم البلكونات، يعني ممكن تلاقي النص أو التلت في الفيلا دي و أعتقد الفيلا ممكن تاخدهم نظر خالد بإعجاب من تحليل معتصم ثم سأله: -و ده تخمين و لا متأكد أبتسم معتصم في سخرية قائلا:.
-تقدر تقول تخمين متأكد منه، يلا نتحرك على هناك و يا رب ميكونش معاهم تعليمات بقتلنا.
تعالت ضحكات خالد الذي سار بجوار معتصم نحو الفيلا الخلفية للشركة، وجد بابها مفتوح على مصرعيه و يرتفع منها الضجيج بصورة واضحة، فدخل كلاهما و كان ما رأوه هو صدمة لهم جميعاً، فلا بد أن الحراس قد فقدوا السيطرة بصورة كاملة على عقلهم و أصبحوا يقاتلون بعضهم في وحشية و شراسة غريبة، و سرعان ما ارتفع صوت معتصم صادراً أمر للجميع بإلتزام الهدوء و النظام، فوقف الجميع في هدوء تام و نظام في صفوف، فتحدث معتصم بشفقة:.
-شباب أصغر و أكبر منى و مش قادرين يتحكموا في عقولهم بسبب مخبولة عايزة تحكم العالم هي و أبوها تحدث معتصم بصوت مرتفع هذه المرة قائلا: -اللي تبع أي هيئة أو منظمة عسكرية يقفوا قدام في صف منتظم أقترب الكثيرون في صفين منتظمين، فتحدث معتصم: -انتو مش هتسمعوا كلام حد غيري أبداً مفهوم تعالت أصواتهم في نبرة واحدة: -تمام يا فندم فأكمل معتصم:.
-ومش عايز مخلوق يعرف إني جيت هنا أبداً ولا أني شوفتكم، و أي أمر أخدتوه من حد غيري ميتنفذش أبداً، و دلوقتي قولي يا ابني فين باقي زمايلكم أجاب الشاب في رسمية واضحة: -في القبو يا فندم بيتدربوا و مدخله هي السلالم اللي في نهاية الممر أومأ معتصم برأسه في حين أردف خالد في غموض: -المجرمين يقدموا خطوة لقدام لم يتقدم واحداً منهم خطوة للأمام فنظر معتصم الي خالد قائلا:.
-أكيد منى سابت البوليس بس بذاكرتهم علشان يقدروا يساعدوهم في حصولها على اسلحة عسكرية ألتفت معتصم الي الجميع و تحدث: -كملوا تدريبكم بصورة طبيعية و أياكم و التعامل زي الحيوانات تاني خلال التدريبات.
عاد الجميع ليكمل تدريباتهم في صورة هادئة و سلسة، فتقدم معتصم مع خالد الي الطابق السفلي و صدم هذه المرة أيضاً فمن أمامه هم مراهقين لم يتجاوزوا العشرون من عمرهم بعد و كانو يتصارعون مثل الثيران المكسيكية، و من بينهم لاحظ معتصم وجهاً مألوفاً لديه من بينهم و سرعان ما تذكره، إنه زغلول مساعد ماندو، و سرعان ما سمع صوت أنثي ضعيف يتخلل أذنيه، فلا بد أن تلك المعتوهة منى هنا تراقب تدريبات الجميع، أمسك معتصم بزغلول بسرعة و أداره إليه قائلا:.
-أياك تسمع كلام حد غيري فاهم -فاهم يا فندم أبتعد به عن وسط الحشود المتصارعة و سأل معتصم: -فيه باب يخرج من هنا على الشارع ولا لأ؟! أومأ زغلول برأسه و أجابه: -أيوه يا فندم من السلالم اللي هناك دي هتطلعك للجنينة اللي حوالين الفيلا و منها تقدر تخرج أومأ معتصم برأسه و هو ينظر الي خالد و زغلول قائلا: -طيب يلا تعالو معايا.
خرج الثلاثة من القبو متجهين بسرعة شديدة الي سيارة معتصم التي تبتعد أمتار كثيرة عن الفيلا و ذهابهم الي مركز الشرطة في المقطم.. جلس أمام اللواء مجاهد بعد أن سرد على مسامعه كل ما حدث، و بعد دقائق من الصمت في محاولة إستيعاب الامر أردف: -أنت ليه مقولتش من الأول هز معتصم رأسه بيأس قائلا:.
-مكنتش اعرف أن الموضوع كبير للدرجادي، مكنتش عايز المخابرات و الصاعقة يتدخلوا، لأن تدخلهم هيعلن حرب ضد ناس بتاخد أوامر و تنفذها بس و ناس أبرياء كتير هيموتوا مكنتش عايز ده، بس لما وصلت لأبعاد الحكاية كلها و لقيت أن الموضوع أكبر منى كان لازم أجي أقولك لسيادتك تتصرف بس أرجوك بلاش الناس اللي ملهاش ذنب دي تموت وقف مجاهد خلف معتصم و ربت على كتفه قائلا:.
-هعمل كل اللي أقدر عليه يا سيادة النقيب متقلقش، و دلوقتي يا ريت تسيب الشاب ده هنا علشان هنعمل عليه بعض التحاليل و الأشعات و كمان هنكلم عادل و نستدعيه و نأكد صحة كلامك بأنه بقا مسموم أومأ معتصم برأسه ثم وقف أمام زغلول قائلا: -زغلول اسمع كلام الظابط الكبير ده فاهم و أعمل الصح متعملش أي حاجة غلط و خد بالك من نفسك على ما أجيلك تاني، ماشي -تمام يا فندم عودة الي اللحظة الحالية.
نظرت زينة الي معتصم بإبتسامة أنتصار فأشار معتصم حوله قائلا: -هتقتلي التعبان أقطعي راسه مش ديله نظرت زينة له بتوتر و أردف: -طب أحنا كده أثبتنا أن تيسيير و منى متورطين و معاهم صلاح -صلاح بمجرد ما يعملوله أشعة هيعرفوا أن فيه شريحة في دماغه و أنه مكنش في عقله و بعدين هيفرجوا عنه أردفت زينة بحزن شديد: -طب و باقي الحراس اللي اتحولوا أو أتجندوا أيه اللي هيحصل معاهم؟! رفع معتصم كتفيه بجهل و حيرة قائلا:.
-معرفش بالظبط، بس اللي أعرفه إني واثق أنهم هيرجعوا طبيعيين، و كده يبقي مش فاضل غير ألفريد ده يتقبض عليه في أمريكا بعد ما تيسيير و منى يعترفوا عليه أمسك معتصم بيدها قائلا: -التحقيق خلص و ده المهم، الباقي مش شغلنا، دلوقتي نقدر نحتفل بالإنتصار ده، و نستني محاكمة تيسيير و مني نظر مجاهد الي معتصم ثم أقترب منه بإبتسامة قائلا:.
-اللواء ممدوح مبسوط جداً باللي انت و مدام زينة عملتوه يا معتصم و بيتوعدكم بمكافأة كبيرة جداً على كشفكم للمؤامرات دي هز معتصم رأسه بالنفي قائلا: -احنا معملناش حاجة يا سيادة اللوا، صلاح هو اللي جه و قال لينا على كل حاجة و أحنا قولنا لحضرتك ربت مجاهد على كتف معتصم بهدوء و هو يقول:.
-انتو عملتوا يا معتصم، أنتو اللي كشفتم لعبة منى في الحراس و حكاية الشريحة، و انتم اللي تابعتم الموضوع من الأول و جبتوا البيان اللي قاله تيسيير من سنين و مسحه من غير مساعدة صلاح و ده كان دليل كفاية على كلامكم، لولاكم أنتم وصلاح كمان مكناش وصلنا لهنا يا سيادة الرائد أبتسم معتصم بفخر قائلا: -شكرا يا فندم دي شهادة أعتز بيها.
و سرعان ما قضب حاجبيه بتعجب و نظر الي زينة التي قفزت السعادة الي وجهها و قفزت لتحتل ذراعيها عنق معتصم قائلة: -مبروك الترقية يا سيادة الرائد أبتسم معتصم و نظر الي مجاهد بتساؤل الذي فسر له ما يحدث: -سيادة اللوا ممدوح أصدر امر بترقيتك و وصي بترقية زينة كمان و دلوقتي عن أذنكم هتابع اللي بيحصل و انتو تقدروا تروحوا ترتاحو.
تركهم مجاهد و أستمرت زينة في تعلقها بعنق معتصم الذي تعالت ضحكاته فور خروجهم قائلا: -هتفضلي متعلقة فوق كده زي السلسلة وضعت زينة قبلة قوية على خد معتصم الأيمن قائله: -مبسوطة يا معتصم مبسوطة و سرعان ما أحتلها القلق من جديد و هي تردف: -تفتكر هيقدروا يسيطروا على الموقف -انا واثق من كده اتطمني
في 12: 00 منتصف الليل بتوقيت مصر.
خرج عبدالله بصحبة ريهام من مطار القاهرة الدولي بعد إتمام جميع الإجراءات و أستقلوا سيارة أجرة متجهين نحو المقطم، فأردف عبدالله: -أهدي يا ريهام أنتي متلجة كده ليه؟! -متوترة شوية بس مفيش حاجة ضمها عبدالله الي صدره قائلا: -أهدي طيب متخافيش أنا جنبك.
ساد الصمت بينهما الي أن وصلوا أسفل منزل كامل، فأعطي عبدالله المال الي السائق ثم أخذ حقائبهم و أتجه الأثنان الي الشقة الخاصة بكامل، دق عبدالله الباب و هم يستمعون الي ضجيج قوي من الداخل، و سرعان ما فتح معتصم الباب لينظر بدهشة الي ريهام و عبدالله و سرعان ما قضب حاجبيه قائلا: -مكنتش تعرف عنها حاجة صح! ضرب عبدالله على كتف معتصم بقوة قائلا: -بعدين يا رخم مش وقته.
أبتعد معتصم عن الباب فدخلت ريهام و خلفها عبدالله فتهللت أسارير جنات و هي تقترب من ريهام و تحضنها بقوة و أكملت بكائها قائله: -الحمدلله يا رب الحمدلله، بناتي الأتنان رجعولي في نفس اليوم الحمدلله أغلق كامل الباب لينطق بحدة: -دلوقتي نقعد بقا و نعرف الهوانم الأتنين كانو مختفيين فين!
نظر الجميع الي كامل بقلق و شعروا بإنقباض قلوبهم، و لكن سرعان ما جلسوا جميعاً في الصالون فأستأذنت منهم أميرة لتذهب لطفلها الذي يبكي، و تركتهم وحدهم، نظر كامل الي عبدالله الذي يقف بتوتر، فأردف كامل و هو ينظر الي ريهام قائلا: -يا تري الكبيرة عاقلة كانت فين خمس شهور و قافلة موبايلها! أرتعدت ريهام بخوف، فعاد كامل سؤاله من جديد في حدة و كاد عبدالله أن يتحدث و لكن أوقفه كامل بإشارة من يده قائلا:.
-ولا كلمة لحد ما أقولك أتكلم و أشوفك جاي مع بنتي في نص الليل بتعمل أيه، دلوقتي انا عايز أسمع منها هي نظر كامل الي ريهام من جديد التي بدأت في سرد ما حصل بإيجاز قائله:.
-انا كنت حامل من معتز و مقولتش لحد و روحت أسكندرية علشان أشوف هعمل أيه، و هناك قابلت عبدالله و فضلنا سوا يومين تقريباً و في اليوم التالت أعصابي كانت بايظة و أخدت حبوب أجهاض كتير و صحيت في المستشفي و كنت أجهضت التؤام و عرفت أني كنت في غيبوبة يومين بسبب اللي حصل، و طلبت من عبدالله يساعدني أخرج بره البلد فترة علشان أريح أعصابي شوية و هو ساعدني و سافرت موسكو.
أحاطتها نظرات الجميع الصادمة مما تقوله فأردفت زينة بذهول: -أنتي مجنونة يا ريهام! بتقتلي عيالك! أجهشت ريهام في البكاء و هي تتذكر كل ما حدث لها ثم أردفت: -كنت عايزة أموت معاهم، أنا تعبت من اللي حصل فيّا وقتها و بعدين لقيت نفسي حامل من حيوان أغتصبني، أتصرفت بغباء وقتها بسبب اللي حصل و في المستشفي مقدروش يلحقوهم سألها كامل ببرود شديد:.
-و مجيتيش هنا ليه و قولتيلنا اللي حصل! هنعضك! هنضربك! هنقتلك! مجيتيش ليه و قولتي زي ما بتعملي علطول يا ريهام، و تبعدي 5 شهور من غير حتى ما تتصلي بالتليفون تطمنينا، انتي شايفة أن تصرفك ده طبيعي!؟ هزت ريهام رأسها بالنفي و تحدثت برجاء و أسف: -لا طبعا يا بابا انا غلطانة و عارفة كده كويس، و انا أسفه، بس كنت محتاجة فترة أرتب فيها أفكاري بعيد عن أي حاجة نظر كامل الي عبدالله و تحدث بنفس نبرته الباردة:.
-أولاً اعتذارك مش مقبول و ثانياً لما تعوزي ترتبي أفكارك تخلي واحد غريب يساعدك مش كده شعر عبدالله بالإحراج الشديد، فتحدثت ريهام:.
-أنا مش بعتبر عبدالله غريب يا بابا و من قبل ما أسافر اسكندرية احنا أتقابلنا أكتر من مرة، هو اللي لحقني قبل ما أموت وسط نار معتز، و أتقابلنا في فرح زينة و كنا مع بعض تقريباً طول اليوم، و أتقابلنا مرة كمان لما كان جايبلي رسالة من معتز أنه عايزني أكمل الفيلم و أنه أتنازل لغريب عن شركته، و بعدين أتقابلنا في أسكندرية و لحقني مرتين من الموت، أنا بثق في عبدالله يا بابا علشان كده طلبت منه يساعدني.
تجاهل كامل كل ما تفوهت به ريهام و لو يجيبها بل نظر الي عبدالله و تحدث: -انت عايز تقول حاجة! هز عبدالله رأسه بالنفي فأردف كامل بهدوء شديد: -تمام، شكرا على اللي عملته مع بنتي، بس أنا بعتذرلك لأن دي أخر مرة هتدخل فيها بيتنا، أنت كنت الظابط المسئول عن قضية اختفائها و كنت عارف هي فين و مقولتش لينا، فأنا مش بثق فيك و مش هدخلك بيتي تاني، أتفضل بره نظرت جنات بحدة الي كامل و أردفت:.
-كامل، اللي بتقوله ده مينفعش، الراجل في بيتنا و كتر خيره على اللي عمله مع ريهام نظر كامل الي عبدالله بنظرة أخيرة لينفذ ما قاله، و سرعان ما فتح عبدالله الباب بإحراج قبل أن يغادر و يغلقه خلفه، ثم تحدث كامل الي ريهام بدون أن ينظر لها: -مفيش خروج من البيت لمدة 5 شهور يا ريهام نفس المدة اللي بعدتي فيها نظرت له ريهام بإستنكار و لكن سرعان ما نظر لها كامل بحدة و أردف:.
-الجزاء من جنس العمل، و دلوقتي على أوضتك يلا نظرت ريهام الي جنات حتى تتحدث و لكنها أكتفت بالصمت، فغادرت ريهام الي غرفتها، فنظر كامل الي زينة و معتصم و تحدث: -و انتو؟! تنهد معتصم و بدأ في سرد كل ما حدث بإيجاز في حين ينظر له كلاً من عادل و جاسر و جنات في صدمة، فهز كامل رأسه بهدوء دون أن يعلق على ما قاله معتصم، فنظر معتصم الي زينة و تحدث:.
-هتفضلي قاعدة معاهم لحد ما اشوف حل للشقة ولا هتيجي تقعدي معايا في بيت العيلة القديم! أمسك زينة كف معتصم بإبتسامة قائله: -معاك طبعاً أومأ معتصم برأسه و هو يشد من قبضته على يدها، و جلس الجميع في صمت الي أن دخلت جنات الي غرفتها تاركةً الجميع و ثواني و لحق بها كامل الذي ما أن دخل الي الغرفة حتى أشارت له جنات في حدة:.
-أطلع بره الأوضة يا كامل، انا مرضتش أحرجك قدام العيال بره بس لحد ما تعتذر على اللي عملته مع عبدالله ده مش هتدخل الأوضة دي يا اما و رحمة أمي لهسيبلك البيت و أمشي أقترب منها كامل بهدوء و جلس بجوارها وأحاطها بذراعيه مقبلاً رأسها قائلا: -أنا أسف يا جنات حلو كده -الأسف ميكونش ليا أنا يا كامل هز كامل رأسه بالنفي قائلا:.
-مش هعتذرله، أنا وثقت فيه و هو حتى مكلفش نفسه يطمنا أن ريهام كويسة، متطلبيش منى حاجة أنا مش هعملها، انا تعبان و عايز أنام هتسيبيني أنام في الأوضة ولا أطلع بره تركته جنات و دخلت الي الحمام و قبل أن تختفي عن ناظريه أردفت بجمود: -أخرج بره.
ثم أغلقت الباب خلفها لينظر لها كامل بذهول فلم يكن يتوقع ما قالته أبداً، إنها المرة الأولي التي تفعل بها جنات هذا! و لكن سرعان ما أستجاب لرغبتها و خرج من الغرفة فوجد زينة تضع رأسها على قدم معتصم و أغلقت عينيها أستعداداً لبعض الراحة و معتصم يمرر يده في خصلاتها بهدوء و هو يستند برأسه الي الأريكة لينام هو الآخر، و لكن ما أن رأه الأثنان حتى أعتدلت زينة قائله بقلق: -فيه حاجة يا بابا! -هنزل أتمشي شوية.
جاءهم صوت معتصم الذي وقف قائلا: -أنا كمان عايز أتمشي مع حضرتك لو تسمح أشار معتصم الي زينة بهدوء قائلا: -أرتاحي شوية لحد ما أرجع و شوفي ماما لو عايزة حاجة قبل ما تنامي فهمت زينة ما يرمي إليه معتصم، فأومأت برأسها و ذهب معتصم مع كامل الي الخارج، و بعد دقائق من الصمت تحدث معتصم: -أنا أسف على أخر مرة أتكلمت فيها مع حضرتك كانت طريقتي وحشة جدا.
أومأ كامل رأسه بصمته فعاد معتصم الي صمته وسرعان ما وقف في دهشة عندما وجد امامه فرقة من حراس شركة حمدي بزيهم المشهور و يمسكون أسلحتهم في إيديهم.. نظر كامل الي معتصم، الذي وقف أمامه و أخرج سلاحه قائلا: -متتحركش يا عمي علشان مش هيترددوا لحظة أنهم يموتوك ثم أرتفع صوت معتصم الذي أحتلته نبرة الامر قائلا: -أرموا أسلحتكم حالاً.
ألقي الجميع بأسلحتهم ثم جلسوا على ركبتيهم رافعين أيديهم خلف أعناقهم كما أمرهم معتصم الذي أمسك هاتفه بسرعة و أتصل باللواء مجاهد قائلا: -سيادة اللوا، فيه قدامي فرقة من شركة Deep أزاي ده حصل؟! صمت للحظات يستمع لمجاهد ثم تحدث: -تمام يا فندم و يا ريت بسرعة أنا في المقطم شارع رقم 9 أغلق معتصم هاتفه و نظر الي كامل قائلا: -أرجع البيت بسرعة و أنا هفضل هنا لحد ما البوليس ييجي .
وقف معتصم أمام منى التي تحاول الإفلات من قيودها بيأس و أردف بغضب: -بقولك مين اللي أدي المجندين أمر بمهاجمتي؟! تعالت ضحكات منى الشيطانية التي تحدثت بجنون:.
-لو فاكر ان الموضوع كله هيخلص بمجرد ما تقبض علينا تبقي غلطان، ده لسه هيبدأ، فيه أكتر من فرقة واخدين أوامر مختلفة أنهم يهجموا على أماكن عشوائية في مصر و يقتلوا الناس علشان نخلي الأمن فيه خلل و ده عامل اساسي في نجاح خطتي، ولحد ما أنا أوقف كل الفرق دي عن الهجوم هيفضلوا يقتلوا في الناس من غير رحمه و في ثانية هتلاقي الشعب بينتهي ثم أبتسمت في خبث حية و هي تقول:.
-أو عندك فرصة تهربني و هخليك دراعي اليمين يا معتصم في العالم الجديد اللي ناوية أبنيه أمسكها معتصم من خصلاتها بقوة و أقترب منها مردفاُ بإبتسامته الساخرة: -اه العالم الجديد اللي بوابته طلعت ثقب اسود و مقدرتوش تبنيه أنتي و أبوكي، ولا العالم الجديد اللي هتسيطري عليه بريموت كنترول بيتحكم في عقول كل المجندين! أو يمكن بأنصاف البشر اللي لسه مش عارفة تخلي ولاؤهم ليكي.
نظرت له منى بصدمة قبل ان تنطق بتلعثم واضح: -انت عرفت كل الكلام ده منين؟! مستحيل تكون وصلت ليه لوحدك! جلس معتصم في المقعد أمامها بهدوء و أردف: -فعلا مكنتش لوحدي، تخيلي كان معايا مين! حمدي الصمدي، او نقدر نقول صلاح اللي قدر يسترجع سيطرته على عقله و بلغنا بكل حاجة و قدرنا نوقعك صرخت منى بقوة قائله: -هقتله و الله هقتله، و هقتلك أنت كمان يا معتصم و العقربة مراتك كمان.
قلب معتصم شفتيه في تهكم قبل أن يهبط كفه على خد منى بصفعة قوية خرج صوتها الي السائرين في الممر خارج المكتب، ثم وضع يديه على المكتب قائلا: -دلوقتي خلينا نتكلم بوشوش مكشوفة أقترب منها و هو يحل قيدها قائلا:.
-عندك حل من أتنين، يا إما تعترفي بكل حاجة و نقدر نسيطر على اللي بيحصل ده، يا إما هتكسبي عدو جديد صدقيني هتستسلمي ليه في الأخر و هتنفذي الحل الأول، و خدي بالك كل ما ساعدتيني أكتر كل ما عقوبتك هتتخفف أكتر أنتفضت منى بسرعة عن المقعد و رفعت قدمها اليمني لتبادر معتصم بركلة قوية تحطم فكه و لكنه هبط الي الأسفل في مهارة قبل أن يلكمها بقوة في وجهها مسبباً أصوات تهشم عظام أنفها الواضحة قائلا بسخرية:.
-يبقي شكلك قررتي تلجأي للحل التاني شعرت منى بالألم الشديد في أنفها و لكن لم تهتم كثيراً بل أحتلها الغضب و حاولت تسديد لكمة قوية الي عنقه فتلقاها معتصم على ساعده و صفعها بقوة أرتدت أثرها متران الي الخلف قائلا بنفس النبرة الساخرة: -فرصة كويسة إني أجرب تدريبات خالد على أرض الواقع يا مني.
ركضت منى نحو و قفزت الي الأعلي لتحيط عنقه بقدميها و قبل ان تتمكن من الإلتفاف به الي الأرض كان معتصم قد هبط بها بقوة الي الأرض ليرتد جسدها بقوة مصدراً صرخة متألمة ضعيفة ثم وقف و تحدث: -معنديش استعداد أكمل للصبح و اتمني تغيري رأيك بالنسبة لقرارك وقفت منى من جديد و هي تشعر بأن عمودها الفقري قد تحطم، و عادت تنطلق نحو معتصم من جديد بعدة لكمات أستطاع هو صدها في براعة مردفاً: -بس أعتقد فيه أختيار تالت.
أمسك بذراعيها بقوة ثم حملها بين يديه كعصفور صغير و ألقاها بقوة على الحائط لتصطدم به بقوة ثم تهبط على الأرض و تفقد وعيها فأكمل معتصم: -و هو أني مضيعش وقتي في اللعب معاكي بدون فايدة أمسك بها معتصم و وضع جسدها المرتخي على المقعد و عاد يقيدها من جديد ثم توجه الي الخارج و أصدر الأمر الي العسكري بعدم إقتراب أي شخص من المكتب لحين عودته.. .
وقفت أميرة في شرفة المنزل و هي تستنشق الهواء ممسكة كوباً من عصير الفراولة، ثم وقع نظرها على والدها الذي خرج الي شرفته في البناية المقابلة، أستمرت في مراقبته بحنين شديد لمدة نصف ساعة، حتى رفع أشرف رأسه الي الأعلي و لمحها تقف فنظر لها بسخط قبل أن يدخل الي غرفته من جديد و يغلق الباب خلفه، و سرعان ما سمعت أميرة صوت جاسر من خلفها يقول: -أكيد هييجي يوم و يسامحك، مهما طالت مدة زعله منك.
وقف خلفها تماماً و أحاطها بذراعيه قائلا: -أول مرة أشوف فراولة بتشرب فراولة ما تجيبي شوية ألتفتت إليه أميرة في أبتسامة و قدمت له الكوب و لكنه وضع قبلة صغيرة على خدها قائلا بخبث: -لا كان قصدي حتة حاولت أميرة أن تهدأ من صوت ضحكتها ثم أحتضنت جاسر بقوة قائله: -أنت صاحي من النوم بعد الفجر يعني قلقان و ليك نفس تهزر بس.
-حسيت بفراغ جنبي و مش متعود على كده فقومت أشوفك، و بما إني صحيت هروح أتوضي و أصلي الفجر نظر لها و أشار بإصبعه نحوها بشك قائلا: -صليتي ولا كسلتي؟! -لا صليت متقلقش يلا روح انت
جلس صلاح على مقعده خلفه المكتب قائلا: -قولتلي خدرها و خدرتها، و بلغ البوليس و بلغت، و أنت قبضت على الأتنين بعد ما قدمت أدلة كفاية ضدهم، فيه أيه تاني بقاا جلس معتصم أمامه و تحدث:.
-أول حاجة أسف علشان صحيتك في الوقت ده و خليتك تيجي هنا، و تاني حاجة أنا عايز أسألك إذا كنت تعرف مكان جهاز التحكم بتاع مني صمت صلاح لثواني قبل أن يضع كلتا يديه على المكتب و شبكهما في رسمية شديدة قائلا: -و أيه المقابل؟! نظر له معتصم بتعجب و سأله: -مقابل أيه؟! الوزارة هتصرفلك مكافأة كبيرة عايز أيه تاني! هز صلاح رأسه نافياً و أردف:.
-لا ده كان مقابل المعلومات القديمة اللي ساعدتكم بيها، دلوقتي فيه حاجة تانية أنتي عايزها و عاوز مقابل ليها! نظر له معتصم و قد بدأ الشك يتسلل الي قلبه و سأله: -عايز كام يعني؟! وقف صلاح و أتجه ليجلس امام معتصم قائلا: -مش عايز فلوس انا هاخدها من الوزارة، انا عاوز حاجة تانية! نظر معتصم في عيني صلاح بتحدٍ واضح قائلا: -اللي في دماغك ده تشيله خالص لأنك بتحلم و مش هتطوله غير على جثتي.
عاد صلاح بظهره الي الخلف و هو يضع قدماً على الأخري قائلا بخبث: -ده اللي عندي، اخر حاجة تخص منى و اللي عملته مقابل حرمك المصون، زينة.
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الثامن عشر
كان معتصم يمضي في المنزل ذهاباً و أياباً و كان الجميع يجلس امامه، فتحدث زينة بنبرة هادئة: -معتصم اهدي شوية، توترك ده مش هيخليك تفكر صرخ بها معتصم قائلا بموجة شديدة من الغضب: -أهدي أيه يا زينة! الحيوان ده طلبك منى بمنتهي البجاحة اللي في الدنيا، قالي يا زينة يا الريموت تحدث كامل بشفقة على حال معتصم: -يا ابني أهدي زينة معاها حق، أقعد خلينا نفكر بهدوء.
جلس معتصم بجوار زينة و قبل أن ينطق أي شخص أرتفع رنين هاتف ريهام الذي كانت توصله بالتلفاز و سرعان ما ظهر أسم حبيبي على التلفاز، نظرت حولها بفزع بعد أن واجهتها نظرات الجميع مطالبة بتفسير و قبل أن تغلق الأتصال تحدث كامل بحدة: -أفتحي و ردي نظرت له ريهام برجاء قائله: -بابا لو سمحت -بقولك ردي يا ريهام نظرت ريهام الي الهاتف و أستجابت له و ردت ليظهر صوت عبدالله واضحاً و هو يقول:.
-ريهام أنتي وقعتي عقد فيلمك مع غريب أمتي؟! أنكمشت ملامح ريهام في ذهول و تجاهلت كل من حولها بعد هذا السؤال و أجابته: -فيلم أيه؟! أنا موقعتش حاجة! انا مخرجتش من لما رجعنا من موسكو جاءها صوت عبدالله المذهول قائلا:.
-يا بنتي و الله غريب منزل بوست على فيس بوك ببوستر الفيلم و بيأكد انه هيكون في السنيمات قريب جداً و عليه صورة جاسر أهيه و مكتوب تحت إنك المخرجة، غريب مستحيل يعمل حاجة زي دي من غير توقيع منك ثم قبض حاجبيه في تعجب و سألها: -انتي عاملة لحد توكيل يا ريهام؟! نظرت ريهام بغضب الي جاسر الذي أزدرد لعابه بصعوبة و لم يتحدث، فتحدثت ريهام: -أه، معلش يا عبدالله هكلمك بعدين صرخ بها عبدالله بقوة قائلا:.
-أستني أستني، بابا عايز يكلمك قبل ما تقفلي و مصمم نظرت ريهام حولها بتوتر بالغ و تحدثت: -عبدالله بجد مش وقته، أعتذرلي منه و هكلمك بعدين ظهر صوت عبدالله يملؤه الشك قائلا: -أنتي حد جنبك يا ريهام؟! لم يأتيه صوت ريهام، فأزدرد عبدالله لعابه و تحدث بصعوبة: -و فاتحة الأسبيكر لم يأتيه رد ريهام هذه المرة أيضا، و لكنه سمع صوت كامل الذي أردف:.
-فعلا يا عبدالله و أتمني يكون عندك تفسير منطقي يخلي ريهام تسميك على تليفونها حبيبي و إن والدك عايز يكلمها تحدث عبدالله في سرعة: -أكيد عندي، عندي و عايز أقابل حضرتك النهاردة قبل بكره نظر كامل الي معتصم و سأله في حدة: -عبدالله عنده كام سنة يا معتصم!
صمت معتصم و لم يجيبه فلقد علم الي ماذا يهدف، و لعن الحظ الذي جعل عبدالله يقع في حب من هي أكبر منه بعدة سنوات، فأعاد كامل سؤاله على عبدالله و لم يأتيه سوي الصمت، فتحدث كامل بنفس موجة الهدوء التي تحتله: -يعني عرفت ردي على أي حاجة هتقولها مظبوط -طيب أسمعني بس يا أستاذ كامل و بعدين أبقي خد قرارك لو سمحت و سرعان ما جاءهم صوت اللواء مجاهد قائلا برسمية:.
-أستاذ كامل، انا بستأذن حضرتك إني أجيلك زيارة في البيت في أقرب وقت مع عبدالله تنهد كامل بإستسلام فتدخل مجاهد في الأمر يغير من طريقته تماماً فتحدث: -تمام، تقدر تيجي في الوقت اللي يناسب حضرتك -النهاردة الساعة 8 بالليل مناسب؟! أجابه كامل بالموافقة قبل أن يغلق الأتصال و سرعان ما سحب هاتف ريهام بحدة و وقف أمامها و هي ترتجف و تحدث:.
-أوعي تفتكري إني علشان هقابل والده إن الموضوع ده هيتم فاهمه يا ريهام، و هتتعاقبي على إنك خبيتي موضوع مهم زي ده عننا، و التليفون ده أنسيه، و انت يا جاسر العقد مع غريب تتصرف و تفسخه بأي طريقه تقطعه 100 حتة، اختك مش هتخرج من البيت خالص بعد كده مفهوم، و إياك حد فيكم يعترض بدل ما يقعد جنبها وجه كامل نظره الي جنات ثم تحدث بقسوة:.
-لو خرجت من البيت بدون إذني هيكون بطلاقك يا جنات فاهمه، ولا حتى علشان تجيب طلبات البيت وضعت ريهام يدها على صدره و هي تحاول السيطرة على هذا الألم و الأعتصار الذي يسيطر على قلبها و سرعان ما استمعت الي عبارة والدها الذي بات يرددها كثيراً: -علي اوضتك حالاً.
وقفت ريهام لتسير نحو غرفتها قبل أن يصرخ معتصم بأسمها و يلتقطها بذراعيه و هي تفقد وعيها في الحال، فهبت زينة هي الأخري نحوها و كذلك جاسر و الجميع فيما عدا كامل الذي عاد يجلس مكانه في محاولة للسيطرة على أعصابه، في حين حمل معتصم ريهام بين يديه و وضعها على الأريكة و ركضت زينة لتحضر زجاجة عطر و أميرة لتحضر الماء، و جاءت الأثنتان في ذات الوقت، و بعد عدة محاولات لإفاقتها و إنعاشها، فتحت ريهام عينيها بتعب، فأقترب جاسر منها بحنان قائلا:.
-غمضي عيونك و أرتاحي يا حبيبتي سمعت ريهام صوت جاسر و تمكنت من تمييزه برغم عدم رؤيتها له بسبب تشوش بصرها، و لكنها شعرت به بعد ذلك يأخذها نحو غرفتها و وضعها على الفراش ثم تركها و خرج ليجلس مع الجيمع في الخارج فتحدث كامل: -ولا كلمة من أي حد، خلونا نرجع لموضوعنا الأول، صلاح
في واشنطن.
جلس ألفريد داووين رجل الأعمال الشهير خلف مكتبه و هو ينفث دخان سيجارته بحنق و يداه ترتعشان بقوة، ثم نظر الي مساعده الأول مارسيل و تحدث بلهجة فرنسية قوية: -أحضر لي تلك الصحفية و زوجها الضابط، لا بد من تلقينهم درس قاسي لمَ فعلوه هز مارسيل رأسه في طاعة و نطق بتفكير: -و لكن يا سيدي ماذا سنفعل؟ هل أنتهي الأمر عند هذه النقطة!
هز ألفريد رأسه بالنفي و عاد ليأخذ نفساً طويلاً من سيجارته قبل أن ينطق ببرود القطب الشمالي:.
-هؤلاء الحمقي لا يعلمون أن الأخطبوط لا يتم السيطرة عليه عن طريق أمساك إحدي أذرعه، لأنه يمتلك أخري سيتمكن من إحاطة أعناقهم بها و أعتصارها حتى الموت، ربما كانت بداية السيطرة على العالم كانت في مصر، و لكنها ليست النهاية، فمازالت هناك سبعة دول أخري و من كل دولة عالم قد ناقشوا الخطة بأكملها مع منى و تيسيير، و سيبدأون بتنفيذ ما تم في مصر، و وقتها لن يتمكن أحد من كشف الخطة أبداً.
تحولت لهجته الي الحدة بقوة و أردف: -أفعل ما أمرتك به يا مارسيل خرج مارسيل من المكتب، فرفع ألفريد يده الي الهاتف و ضغط على بعض الأرقام ثم وضعه على أذنه و بعد ثواني أتاه الرد فتحدث بأنجليزية ركيكة: -أنتقل الي الخطة باء عزيزي مايكل، فلقد كشف المصريين أنهم أكثراً ذكاءاً مما توقعنا أجابه مايكل من الطرف الأخر ببعض الحنق مخلوط بالسخرية و هو يقول:.
-لن نستمر طويلاً يا صديقي قبل أن نلقنهم درساً ليتعلموا إغلاق عقولهم بعد الآن و أن يطيعوا الأوامر فقط أغلق مايكل الأتصال، فنظر ألفريد أمامه و تحدث بصوت ساخر بلهجته الفرنسية: -ربما يجب أن نبدأ بتعليمهم الآن يا مايكل ضغط ألفريد مرة أخري على بضعة أرقام قبل أن يضع الهاتف على أذنه و يتحدث في نفس اللحظة فلقد أتاه الرد سريعاً: -أريدكم في مكتبي بعد نصف ساعة على الأكثر.
ثم أغلق الهاتف ليضعه أمامه على الطاولة و أردف بصوت مسموع: -سنترك مهمة أختطاف الصحفية و زوجها لمارسيل، و نتجه الي ما هو أكثر أهمية
دخلت زينة الي مكتب صلاح الذي وقف بسرعة و أتجه نحوها قائلا بسعادة: -زينة، وحشتيني وضعت زينة يدها أمام صدره تماماً و أردفت بحدة شديدة و بلهجة أقرب الي الحزن: -ولا كلمة يا صلاح قبل ما أخد منك جهاز التحكم عقد صلاح ساعديه أمام صدره قائلا بلهجة حادة هو الآخر:.
-أنا قولت لمعتصم اللي أنا عايزه في المقابل رفعت زينة أصبعها أمام وجهه و تحدثت بغضب يملأ كيانها و كادت دموعها أن تهبط على وجهها: -أسمع يا صلاح، أنا جوزي طلقني بسببك و بسبب شرطك الحقير اللي زيك، فيا هتقبل تديني الجهاز دلوقتي أوصله لمعتصم تحت و بعدين نطلع نكمل كلامنا يا هتلاقي إيدي نازلة تعملك عملية تجميل في وشك، أختار عاد صلاح الي مقعده ليجلس عليه بفتور و ببرود و أردف:.
-و أنا أيه يضمنلي أنك مش هترجعي ليه تاني رفعت زينة كفها الأيمن امام وجهه و هبطت الدموع من عينيها قائله: -الضمان أني قلعت دبلته و طلقني عند مأذون شرعي في المهندسين جنب مكتبك علطول، محتاج ضمان تاني ولا أسيبك و أمشي و تولع أنت و الجهاز اللي معاك وقف صلاح ليقترب منها بشك يتخلل قلبه و أردف: -ده مش ضمان كفاية يا زينة مسحت زينة دموعها بسرعة عن وجهها ثم تحدثت بلهجة تملأها الضيق و التقزز:.
-تقدر تاخد الضمانات اللي انت عايزها بعد ما أوديله الجهاز، هو قاعد تحت في عربيته هات الجهاز و أديه لواحد من رجالتك يوصلهوله.
هز صلاح رأسه بموافقة، فهذا حل مناسب بالنسبة إليه طالما زينة تقف أمامه و خاصةً بعد دموع الانهيار هذه التي سقطت على وجهها، فأتجه نحو اللوحة و أبعدها فظهرت خزانته السرية و كتب أرقامها ثم أخذ منها الجهاز و أعاد كل شئ الي مكانه قبل أن يقترب من مكتبه ليرفع سماعة الهاتف و لكن سرعان ما أستمع الي صوت زينة الحاد المملؤ بالسخرية قائله:.
-شاطر يا صلاح، و دلوقتي أي خطوة هتلاقي رصاصة داخلة في دماغك و محدش هيعرف أن حمدي الصمدي مات لأن المسدس كاتم للصوت رفع صلاح رأسه بحدة الي زينة فوجدها تقف و تمسك في يدها مسدسها فرفع يده في أستسلام بسرعة و ذعر و تحدث: -زينة، بطلي جنان، انتي عارفة أنك لو قتلتيني البوليس هيعرف و هتتسجني هزت زينة رأسها نافية و أردفت:.
-واخدة أذن من البوليس نفسه اني اموتك في حالة أتهورت يا صلاح، و أعتقد أن بعد تجربة مع الموت رقدتك في السرير أسبوع في غيبوبة و صحيت منها شبه ميت و أنت مش قادر تسيطر على نفسك و جسمك، هتخليك تفكر كتير قبل ما تعمل حركة غبية تخليك تخسر حياتك تاني مدت يدها لها و أردفت بحدة: -الجهاز أمسك صلاح الجهاز بين يديه بقوة و سألها: -أنتي و معتصم أتطلقتوا ولا دي مجرد خطة رفعت زينة كفها الأيمن من جديد و أردفت:.
-أنت شايف أيه؟! نظر صلاح الي كفها من جديد و لم يجد خاتم زفافها، فمد يده لها و أعطاها الجهاز الذي ألتقطته بسرعة و دسته في حقيبتها و هو يقول: -شايف أنكم أتطلقتوا بجد، و ده معناه إن فيه فرصة أننا نكون مع بعض أقتربت زينة من صلاح فلم يعد يفصل بينهما الا ما يقل عن المتر و أردفت بلهجة ساخرة:.
-و أنا شايفة أنك لسه غبي يا صلاح من لما كنت في الحارة معانا، لأن المتجوزين بيلبسوا الدبلة في الشمال و الا أنت شوفتها دي اليمين.
نظر لها صلاح في دهشة ثم الي يدها اليسري التي تمسك بالمسدس، وما أن وضع عينيه على خاتمها حتى وقعت يدها هي الأخري على عنقه بقوة فهبط على الأرض فاقداً الوعي، ثم وضعت زينة مسدسها في حقيبتها و أنطلقت الي الخارج بدون أن يعوق أحد طريقها، و جلست على المقعد المجاور لمعتصم في سيارته التي انطلقت بسرعة بعيداً عن الشركة و أردفت بإبتسامة: -تم يا سيادة الرائد أخرجت الجهاز من حقيبتها و أردفت بسخرية:.
-كنت خايفة ليكون بقي ذكي بعد اللي حصل منه، بس للأسف لسه الغباء بيجري في جسمه زي الدم أبتسم معتصم و هو يضم زينة الي صدره في حب و تحدث: -تصدقي الشغل معاكي ممتع أكتر من أي حاجة تانية في الدنيا أمسكت زينة في قميصه و تحدثت بمرح: -أه شغل فضلنا مستخبيين فيه 5 شهور أبعدها معتصم عنها في سخرية و حدة مردفاً:.
-أه أصله كان بمزاجي، مش كله كان بسببك انتي واللي عملتيه في قضية ثرية اللي كانت هتموتك و جسمك فضل 3 شهور بيوجعك و كل شوية الجروح بتلتهب أكتر لحد ما بقيتي كويسة و كنت كل ما بخرج بتصرخي و تقوليلي مش هتروح في حتة من غيري، صح ولا لأ يا هانم، و أخر شهرين معرفناش نخرج علشان خالد أصر على وجودنا في المخزن كزيادة أمان و معرفناش نعارضه خصوصاً بعد ما كنت هموت مرتين كمان، و قال أن اللي بره شغالين على القضية و قضيناهم تدريب، صح ولا أنا غلطان ما تردي.
صرخت زينة في وجهه بغضب و أردفت: -أيوه هتفضل ماسكهالي العمر كله، أنت مش هتبطل بقا تفكرني باليوم ده علفكرة أنا كنت هموت عارف يعني أيه، يعني المفروض تحاول معايا أنسي اللي حصل مش كل شوية تفكرني بيه -لا لازم تفتكريه، علشان تعرفي نتيجة قراراتك المتهورة بتعمل أيه، زي بالظبط أتعلمتي انك مينفعش تثقي في أي حد بعد كريم عادت زينة لتصرخ من جديد في ضجر و هي تقترب منه و بدأت تضغط على رقبته بقوة قائله:.
-بطل يا معتصم يا هخلي روحك تطلع و ربنا أنا مجنونة و أعملها أقترب معتصم من نهاية الرصيف بسرعة و ضغط على مكابح السيارة لتستقر بجوار الرصيف تماماً، و سرعان ما حمل زينة كعصفور و وضعها على قدميه بعد أن أغلق جميع النوافذ أزال كفيها عن رقبته ليقيدهما خلف ظهرها ثم نطق بغيظ و هو يضغط على شفتيه بقوة: -تفتكري تتعاقبي إزاي على قلة الأدب دي.
حاولت زينة أن تحل قيد ذراعيها و لكن كان هذا شبه مستحيل بسبب قوته و ضيق المكان بالإضافة الي الجلوس على قدمه، فأعاد معتصم جملته عليها من جديد في حدة، لتخفض بصرها في إستسلام و هي تكاد تبكي من الغضب، فترك معتصم ذراعيها في هدوء، و وضع يده في خصلاتها ليقرب وجهها منه و تلامسك انوفهم، فتحدث معتصم في حنان قائلا: -متزعليش، انتي عارفة مش بقدر على زعلك، أوعدك مش هجيبلك سيرة المواضيع دي تاني.
لم ترفع زينة نظراته و لم تتحرك أنش واحد فتحدث معتصم في حب بالغ: -بحبك يا برتقالتي، خلاص متزعليش مني رفعت زينة عينيها إليه و قد تحول بريق عينيها الي الحب، فضمته بقوة إليه و هي تمسك بكتفي قميصه و هي تضربه بقوة عليهما قائلا: -متزعلنيش تاني أبتسم معتصم و هو يبادلها عناقها بقوة و هو يقول: -مقدرش
في واشنطن.
جلس ألفريد على طاولة الأجتماعات يرأسها في حين وقف بعض الرجال الأشداء حول الطاولة، و جلس آخرون يبدو عليهم الوقار حول طاولة الإجتماعات، فأردف ألفريد ببساطة في لهجة أنجليزية: -يجب أن نقم بأختطاف رئيس المخابرات الحربية في مصر ضم الجميع حواجبهم في صدمة و ذهول في حين أردف باولو :.
-هذا الأمر ليس بهذه السهولة يا ألفريد، فالمخابرات المصرية في غاية الذكاء و المكر، و رجالها يمتازون بعشقهم لوطنهم و لأستقراره بالإضافة الي شهامتهم التي تجعل كلاً منهم على أتم الأستعداد للتضحية لحياته من أجل الأخر، هذه المهمة مستحيلة وافق الجميع باولو الرأي و أعترضوا على ما قاله ألفريد، الذي تجاهل كل حديثهم و أكمل:.
-و لدي خطة مناسبة لإحضاره الي هنا يا سادة، و ستقومون بتنفيذها في الحال، او سأجعل رجالي يصنعون من أجسادكم مصفاة للرصاص أنتفض الجميع في خوف، فالجميع يعلم بطش ألفريد، و تحدث أكثرهم حكمة كاميلو : -أخبرنا يا ألفريد، ما هي خطتك؟! أشار ألفريد الي مارسيل الذي وضع أمام كلاً منهم ملف صغير ثم عاد الي موقعه في حين أردف ألفريد:.
-هذا الملف يحتوي على كل تحركات رئيس المخابرات الحربية، و بعد تدقيق شديد وجدنا ان أفضل طريقه لجذبه الي صيدنا هو في ذلك اليوم الذي يقضيه مع أحفاده في أحدي الحدائق بمدينة الزمالك، فلا يوجد من هو يرافقه في تلك الرحلة أبداً، و أثناء لهوه مع الأطفال، ستقومون بجذب أحدهم بحيلة ما و عندما يكتشف اختفاءه و يبدأ بالبحث سيخبره أحد رجالنا بأنه قد رأي طفلاً ذاهب نحو البحيرة الإصطناعية في هذه الحديقة و سيهرع الي هناك في سرعه وقتها سيجد 10 من رجالنا في أنتظاره و خلفه أثنين سيقومون بحقنه بمخدر قوي، و سيتم نقله الي أمريكا في سفينة متجهة نحو فرنسا، و من هناك ستمكن من إحضاره الي أمريكا في سهولة.
أردف باولو في حنق: -و كيف تتوقع أن يقوم أحد رجالنا بجذب طفل في وجود رئيس المخابرات الحربية، سيكتشفهم بالتأكيد أجابه ألفريد في سخرية: -ليس إذا كان هناك حفلاً يُقام في هذه الحديقة و يحتوي على الكثير من الأطفال و آبائهم، بالإضافة الي كثرة عدد أحفاده فهم تسعة أطفال، لن يتمكن من مراقبتهم في نفس الوقت، صدقني يا عزيزي باولو ستنجح هذه الخطة بلا شك، و إن فشلت فهناك خطة أحتياطية بالطبع و سأخبركم بها .
جلس معتصم على فراش منزله القديم بتعب و أردف: -كده يبقي احنا سيطرنا على كل حاجة، و مفاضلش غير المتخصصين اللي هيوقفوا الشرايح عن طريق الجهاز جلست زينة بقلق على هذا المقعد بجوار الفراش و تحدثت: -بس مش هيقدروا يرجعولهم ذكرياتهم.
-متنسيش يا حبيبتي أن اكترهم ضباط و ذاكرتهم لسه محفوظة، و الباقيين أعتقد دي فرصة حلوه ليهم أنهم يبدأو من جديد و الدكاترة هيحاولوا معاهم علشان يستوعبوا الموضوع، و هيرجعوهم لأهاليهم و هيدولهم شوية صلاحيات زي أنهم يرجعوا يدرسوا تاني مثلا على نفقة الدولة، أو يوفرلهم شغل كويس و مناسب، هيساعدوهم يا حبيبتي، مستحيل يسيبوهم كده.
نظر لها معتصم و هو يشعر بالتعب يحتل كل جزء من جسده فوجدها تنظر حولها بنوع من القلق، فأعتدل قائلا: -مش عاجبك المكان ولا أيه؟! أومأت برأسها نافية في سرعة و تحركت لتجلس جواره قائله: -هو أيه ده اللي مش حلو البيت يجنن يا معتصم، بس أنا ممكن متعودتش عليه، أو حاسة بقلق، مش عارفة بس ده ملوش علاقة بالبيت ضمها معتصم الي صدره و تحدث:.
-مفيش قلق ولا فيه أي حاجة أهدي أنتي بس، أيه رأيك تاخدي شاور! هتسترخي شوية في البانيو و هترتاحي أومأت زينة برأسها موافقة، فأتجه معتصم نحو الحقيبة الصغيرة معهم و أخرج لها ملابسها، و أستدار قائلا بإبتسامة جميلة: -أرتاحي أنتي و أنا هجهزلك الحمام.
تركها و أتجه نحو الحمام و ملأ الحوض بالماء و بعض الصابون السائل برائحة البرتقال الذي تعشقه زينة، بالإضافة الي تلك الصابونة التي تضعها بداخل الحوض فيمتلأ بالفقاعات، و تأكد من وجود المنشفة في مكانها و وضع الملابس بجوارها، ثم خرج و على وجهه إبتسامة سرعان ما ذهبت عندما وجد شخص ما يقف خلف زينة تماماً و يقيدها و يده على شفتيها و أنفها ممسكاً بمنديل قطني، و سرعان ما هوت زينة بين يدي هذا الرجل و على وجهها علامات الفزع، فرفع معتصم سلاحه قائلا بعصبية مفرطة:.
-أبعد عنها بدل ما مش هخلي البوليس ميعرفش يلم فتات دماغك من على الحيطة أبتسم الرجل في سخرية و تحدث بالإنجليزية قائلا: -سأحافظ على أن أفعل نفس الشئ بك يا رائد معتصم نظر معتصم خلفه بسرعة و وجد آخر يقف و كان على وشك إطلاق النار و لكن الآخر غرس في رقبته إبره، فتهاوي معتصم مثل زينة تماماً..
في تمام الساعة الثامنة مساءاً.
دق باب منزل كامل، فأقترب منه و فتحه و أستقبل مجاهد و مؤمن، و جلس الجميع في الصالون، فأقتربت جنات في إبتسامة مغتصبة حاولت أن تكون طبيعية قدر الإمكان و هي تحمل في يدها ثلاثة أكواب من العصير و قطع من الكيك و أردفت: -نورتونا تحدث مجاهد في أدب و لباقة: -البيت منور بأصحابه يا أم زينة جلست جنات بجانب كامل، و أردف مجاهد بجدية و رسمية شديدة:.
-احنا هندخل في الموضوع علطول يا أستاذ كامل، انا جاي أطلب أيد ريهام لأبني عبدالله أعتدل كامل في جلسته و نظر الي عبدالله و أردف: -و أنا كمان هتكلم علطول يا أستاذ مجاهد، ابن حضرتك لو تعرف هو الظابط المسئول عن قضية أختفاء ريهام، و طول الخمس شهور اللي فاته كان عارف مكانها و مقالش حاجة لا ليّا ولا لغيري كاد عبدالله أن يتحدث و لكن فضّل ألا يقاطعه أثناء حديثه فأكمل كامل:.
-و أنا مبقتش بثق في عبدالله لأنه مراعاش ربنا في شغله و مهتمش بحرقة قلوبنا على بنتنا، أزاي عاوزني أثق فيه و أسلمه بنتي أجابه مجاهد في محاولة لتلطيف الأجواء بعد عبارات كامل الصريحة و هو يقول:.
-حضرتك معاك حق أكيد، عبدالله غلط باللي عمله، بس ده مش معناه أن حضرتك تفقد ثقتك الكاملة فيه، و عبدالله على الرغم من انه غلط بس انا شايف أن غلطه ده صح، أنا لو مكانه كنت عملت نفس اللي عمله، ريهام كانت خارجة من حادثة مش سهلة و تقريباً دمرت حياتها و جت من بعدها بقت حامل، راحت أسكندرية مخصوص علشان أعصابها تعبانة و هناك أنتحرت و لولا ستر ربنا كان زمانها ماتت، و طلبت منى أساعدها تخرج بره البلد تروح عند دكتور متخصص في موسكو و تعرفه من لما كانت بتدرس هناك، و طلبت منى مقولش لأي مخلوق، أكيد مش هروح أقول لأهلها لأني كده هبقي بدمر أول خطواتها في العلاج و هتبقي فقدت الشخص الوحيد اللي هي بتثق فيه حالياً و ممكن لا قدر الله كانت حاولت تنتحر تاني او تسيب البلد و تمشي لوحدها و محدش هيعرفلها طريق أبداً غير لما ترجع براحتها، كل دي عوامل تخلي عبدالله ميقولش لحد عن ريهام و يستناها لوحدها تقرر ترجع أمتي و تقول لحضرتك أمتي.
هز كامل رأسه بعدم أقتناع و أردف: -أنا أسف يا أستاذ مجاهد بس ده مش سبب مقنع أبداً بالنسبة ليّا أنه يعمل اللي عمله نظر عبدالله الي مجاهد الذي أذن له بالحديث، ثم نظر الي كامل و أردف:.
-طيب يا عمي بعد أذنك أسمعني، ريهام كانت فهمت مشكلتها و هي أنها لسه عايشة في تجربتها القديمة و قررت تاخد خطوة في علاجها، انا مكنتش أقدر أقولها لا انا همنعك تاخدي خطوة من غير أذن أهلك، ريهام كانت زهقت و تعبت من نظراتكم ليها، بقت حاسة أنها ناقصة حاجة أو فيها عيب ده غير نظرات الشفقة اللي في عيونكم و أنتو صعبان عليكم بنتكم الكبيرة يحصل فيها كده، يا عمي اللي حصل ده متعبش ريهام بس كلكم تعبتم و خصوصاً حضرتك لأن عيلتك كلها كانت في خطر، كان لازم تروح لدكتور متخصص انت كمان تتكلم معاه و يخرجك من الصدمة دي، حضرتك لو بصيت لنفسك قبل اللي كريم عمله و اللي بعده هتلاقي فيه فرق كبير أوي ما بين الشخصيتين، بقيت حريص و حذر و بتخاف على أولادك بطريقة تخوف، أنا مش بقولك متخافش عليهم ده طبيعي أنت أبوهم، بس أنا أسف أني أقول أن ده مبقاش مجرد خوف ده بقي وسواس، ريهام مبقتش بتخرج من غير ما حد يكون وراها يراقبها صح ولا لأ! و كذلك زينة و معتصم انت دايماً حاطط حراسة وراهم، و معتصم علفكرة عرف و نزل مرة ضرب الحارس ده لحد ما عرف أن حضرتك اللي باعته فأعتذرله و قاله ياخد باله من زينة دايماً طول ما هو مش جنبها، و جاسر حضرتك معتبره الأضعف ما بينهم مع أنه الراجل لأنه حساس أوي و ده مش عيب بردوا، بس حضرتك حاطط جهاز جي بي أس في عربيته و معين مراقبه حواليه و حوالين بيته و مراته كمان، و حوالين أي لوكيشن تصوير هو فيه و مراقب تليفونه، كل ده صح ولا لأ يا عمي!
صمت عبدالله قليلاً قبل أن يكمل بأسف:.
-للأسف حضرتك في التجربة اللي حصلت دي تقريباً أتأثرت أكتر من ريهام نفسها و محتاج تفتح قلبك لحد و تحكي و تعيط و تصرخ و تقول أن بيتك كان هيتهد على شعرة، و أن ولادك بقيت حاسس دايماً انهم في خطر، ده مش غلط ولا هيقل من حضرتك، الأعتراف بالحقيقة و الأعتذار في الغلط ده شجاعة مش ضعف أبداً، و حضرتك محتاج تعترف انك مخنوق و خايف دايماً على ولادك و محتاج تعتذر على مراقبتك ليهم من غير ما هما يعرفوا لأن حضرتك كده بتتجسس على أدق تفاصيلهم و على حياتهم الشخصية و ده غلط، ولاد حضرتك كبروا و محتاجين دعمك و حضرتك كمان كبرت و محتاج دعمهم، بلاش تخليهم يتخلوا عن دعمك و عن حضنك و عن أمانك لمجرد أنك محاصرهم، جاسر مثلا لو عرف اللي حضرتك عامله معاه هييجي يحكيلك أيه و أنت عارف كل حاجة عنه! هيحس بأمانك إزاي و هو حاسس أنك عارف اللي بتقوله ده كويس و مش بتفكر معاه بصوت عالي علشان يحل مشاكله لا أنت بتكون حلتهاله خلاص.
أختلفت لهجة عبدالله كثيراً فقد تحولت الي التوسل و الرجاء فهتف:.
-أرجوك ريهام ما صدقت أنها خرجت من اللي كانت فيه و بقت بتبص للحياة بشكل طبيعي تاني و أنها تقدر تكمل حياتها، رجعت تحس أنها طبيعية، بلاش خوفك يرجعلها خوفها و تعبها، أنا دلوقتي بررت لحضرتك أنا ليه مقولتش لحضرتك عن ريهام و قولت كمان كل اللي جوايا و اللي كان نفسي أقوله بطريقة أحسن من كده و أسف لو قولت حاجة غلط وسط كلامي أو أسلوبي مكنش كويس، و أسف كمان علشان خبيت موضوع ريهام بس أنا لحد اللحظة دي شايف أن سفرها جاب نتيجة كويسة فأنا مش شايف أني غلطان، انا مش هفاتح حضرتك في موضوع جوازي منها تاني دلوقتي لأن حضرتك الأول محتاج تفكر في الكلام اللي انا قولته ده كويس و بعدين تقرر، بس أنا عرضي بجوازي منها لسه ساري أن شالله ل100 سنة قدام، و معتقدش يا عمي أن فرق السن ما بينا ممكن يعمل عائق كبير في علاقتنا لأننا متفاهمين جداً و أنا بحب ريهام و علشانها أعمل أي حاجة حضرتك تؤمر بيها.
ساد الصمت بين الجميع، فوقفت جنات بإبتسامة و هي تقول: -انا هنادي ريهام أحسن أكيد نفسها تشوف حضرتك يا أستاذ مجاهد زي ما حضرتك كنت عاوز تكلمها نظرت جنات الي عبدالله و غمزت له بعينها فنظر لها بإمتنان قبل أن تتجه نحو غرفة ريهام فأستأذن كامل منهم و اتجه نحو الشرفة ليفكر بهدوء، فنظر عبدالله الي مجاهد الذي أشار له ليذهب ورائه، و أطاعه عبدالله و ذهب وراء كامل و تحدث بهدوء و أدب:.
-عمي، أنا بجد مش عايز حضرتك تزعل منى على الكلام اللي قولته لو كان سبب لحضرتك أي أحراج أو زعل أستند كامل الي سور الشرفة و لم يلتفت له و لكنه سأله: -انت عرفت منين أني براقبهم! تحمحم عبدالله بإحراج و تحدث:.
-معتصم قالي على اللي بيراقب زينة، و انا كنت مع جاسر مرة في عربيته و احنا خارجين من القسم و لقيت عربيتي واقفة مش راضية تتحرك، فخدني في طريقة و هناك لاحظت الجهاز اللي ورا المراية الأمامية و هو بيعدلها بس مرضتش أقوله و بصراحة دورت و عرفت أنك مراقب تليفونه كمان و لاحظت عربية ورانا دايماً، و هو قالي أنه حاسس دايماً ان فيه حد وراه و مراقبه في كل مكان و من ضمنهم بيته و لوكيشن التصوير بس بيحاول يكدب نفسه و أنا قولتله أنه مفيش حاجة و ان الراجل ماشي عادي ورانا و هو أقتنع خصوصاً أن كان فيه أكتر من واحد بيراقبه بعربيات موديلات و ألوان مختلفة، أما ريهام فلما كنا في أسكندرية و قالتلي أنها محتاجة مساعدة، فهي كانت عارفة ان حضرتك معين حد يراقبها و كانت عايزاني أساعدها تهرب منه، ده كل اللي حصل.
أومأ كامل في صمت، فعاد عبدالله ليتحدث من جديد و لكن أرتفع صراخ جنات و هي تنادي على ريهام، فركض كامل اللي الداخل و كذلك خرج جاسر من غرفته و أميرة و دخل الجميع الي غرفتها، فأقترب كامل من جنات و ريهام و سألها بقلق: -ريهام مالها يا جنات بكت جنات و أردفت: -مش بترد عليّا يا كامل ألحقني و متلجة أقترب عبدالله من ريهام بسرعة في لهفة و بدأ يهزها بقوة قائلا: -ريهام، ريهام قومي.
وضع يده على وجهها فوجدها باردة كسيبريا تماماً، أمسك يدها في سرعة و بدأ يتحسس نبضها فلم يجد، وقع على الأرض بجوارها قائلا بعدم تصديق: -ريهام، ريهام أصحي.
أقترب جاسر هو الأخر منها و تحسس نبضها بيد مرتعشة ثم أبتعد عنها بسرعة و كأن صاعقة قد أحتلت كيانه و ردد أسمها بصدمة و هبطت دموعه من عينيه و أرتكز في زاوية الغرفة ينظر لها بصدمة و هو يضم ركبتيه الي صدره في عدم تصديق، و أقتربت أميرة منه و جلست بجواره على الأرض و ضمته بقوة و هي تنظر الي ريهام و تبكي بصمت هي الأخري، و وقعت جنات على الأرض و هي تصرخ بقوة بينما وقف كامل مثل صنم لا يتحرك أبداً و مجاهد ينظر الي ريهام في شفقة، فالمرة الاولي التي يراها تكون جثة هامدة على هذا النحو!
أقترب عبدالله منها و أمسك يدها بيد مرتعشة و وضع يده على شعرها و بدأ في البكاء مثل طفل صغير قائلا:.
-ريهام، حبيبتي علشان خاطري ردي عليّا، أنا مش هقدر على بعدك و الله، قومي و هاخدك من هنا و هنمشي و نسيب الناس دي كلها، بس متسبينيش لوحدي أنا ما صدقت لقيتك، قومي مش كنتي عايزة تفرحي و تلبسي الفستان الأبيض، قومي و هعملك فرح كبير أوي و الله، مش قولتيلي مش هنبدل مكان الدبل غير في الفرح حتى بعد ما أتجوزنا، قومي يلا علشان نبدلها، قومي انتي وعدتيني هنفضل مع بعض و مش هتسيبيني لوحدي خالص، هتخلفي بوعدك معايا بدري أوي كده ليه.
صرخ عبدالله بقوة منادياً عليها، و لكن لا حياة لمن تنادي، فلقد أنتهي الامر ماتت زوجته و حبيبته قبل أن تبدأ حياتهم و سعادتهم سوياً، و كُتب للأخر أن يعيش في حزن حتى يلقي حتفه مثلها تماماً..
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل التاسع عشر
في المقابر.
وقف الجميع بعد دفن ريهام لا يرتدون سوي الأسود و لكن تغيب جاسر عن الحاضرين، في حين تستند جنات الي أميرة التي تقف بجوارها و حجابها يزين وجهها و هي تحاول التماسك من أجل حماتها و والدتها الثانية التي أكتفت بالصمت و قد شحب وجهها و أصبحت أكبر بعشر سنوات على الأقل، خيم الحزن على قلبها بعد موت أبنتها الكبري، بينما يقف كامل أمامهم قليلاً بزيهم الأسود و هو يرتدي نظاراته الشمسية التي تمنع الجميع من رؤية عيناه الحمراء من شدة البكاء و الهالات التي أحاطت جفونه، و الي جواره وقف مجاهد يضع يديه أمامه في هدوء في ملابسه السوداء و هو يراقب فلذة كبدة و قلبه يعتصر ألماً لحزن ولده الوحيد و الذي تركته له حبيبته بعد موتها.
في حين كان يجلس عبدالله على ركبتيه أمام القبر الذي تم دفن ريهام فيه، و ثيابه السوداء ظهرت بها بقع واضحة أثر الغبار الذي تراكم عليها، بالإضافة الي وجهه الذي تحول الي وجه عجوز في الخمسين من عمره و علامات الحزن و البكاء ظاهرة بوضوح على وجهه و أخذ يتمتم في خفوت:.
-خذلتيني ليه و ضحكتي عليّا، سيبتيني ليه بتخبط من بعدك يا ريهام، بقاا معقول ده حصل بجد ولا ده حلم وحش، وحش اوي، مش مصدق أني دفنتك بإيدي، مش مصدق أنك لبستي الأبيض بس مش الفستان، لما شيلتك مكنش علشان أطلعك على بيتنا بعد الفرح، ولا علشان أنتي ولدتي و تعبانة عاوزة مساعدتي، شيلتك لأخر مرة و شوفتك لأخر مرة، ملحقتش أودعك، محضنتكيش و بادلتيني، معيطناش سوا و ضحكنا سوا، ملعبناش و جبنا أولاد، مسافرناش في كل مكان زي ما كنا عاوزين، مبقيتيش المخرجة المشهورة اللي كان نفسك تكونيها، سيبتي الدنيا كلها ليه.
بكي عبدالله بقوة و أكمل و هو يحاول السيطرة على شهقاته قائلا: -طيب لو كنت زعلتك كنتي قوليلي و انا هعاقب نفسي، لو حد تاني زعلك كنتي قوليلي و انا هضربهولك، ليه تسيبيني لوحدي كده، أنا كنت محتاجك في حياتي، أنا عشقتك يا ريهام ليه كده! أرجعيلي، أبوس أيدك أرجعيلي أو خوديني معاكي، انا مش هقدر أفضل في الدنيا دي لوحدي ضرب عبدالله بقبضتيه بقوة على الرمال أمامه و وضع رأسه عليها قائلا ببكاء و أنهيار تام:.
-خوديني معاكي يا ريهام انا محتاجك، انا بحبك أوي، بحبك أوي و الله العظيم أقتربت سيارة من المقابر و توقفت خلف الجميع مسببة عاصفة ترابية بسيطة، و خرج شاب أشقر الشعر و عيناه زرقاء و بشرته خمرية جميلة، و نظر في وجوه الجميع، ثم نظر الي هذا المنهار أمام القبر و أقترب منه في هدوء و تحسس كتفه بيد مرتعشة، فنظر له عبدالله بعيناه الباكيتان، و ما أن رآه حتى أزداد بكائه قائلا: -سيرجي، ريهام ماتت، ريهام سابتني.
أحتضنه سيرجي بقوة و أردف بلغة عربية فصحي بسيطة: -أهدأ يا رجل، لا تنهار هكذا نظر له عبدالله و لم يتوقف لحظة واحدة عن البكاء قائلا: -أنت قولتلي أنها بقت كويسة و أنك قدرت تخرجها من الحالة اللي كانت فيها، طيب ليه ماتت دلوقتي، لما روحنا المستشفي الدكتور قالت أنها ماتت بسبب سكتة قلبية رفع كتفيه بحيرة و بكاء حار يفطر القلب و أكمل: -طب ليه يا سيرجي، ليه؟!
-هذه نهايتها و نهاية مشوارها في هذه الدنيا، الله لم يكتب لها أن تحيا أكثر مما حيت، لا تصعب الأمر يا عبدالله، بكائك لن يفيدها كثيراً بقدر ما سيفيدها دعائك لها، لا تكن ضعيف أبداً، بل كن قوياً من أجلها و أكمل حياتك التي بدأتها معها في أحلامكما، حقق كل ما تمنيتماه سوياً و أذكرها دوماً و تخيلها الي جوارك تشاركك السعادة في تحقيق هذه الأحلام، و أنا سأظل الي جوارك حتى تصبح بخير.
تركه سيرجي للحظات قبل أن يأتي و في يده صندوق خشبي متوسط الطول مزخرف بشكل جميل و جلس أمامه قائلا: -أعتقد أن هذا سوف يساعد كلاكما يا عبدالله فتح سيرجي الصندوق، و نظر عبدالله الي داخله فوجد مصحف يزينه كلمة القرآن الكريم مزخرفة بطريقة رائعة، مد عبدالله كفه المرتعش ليمسك بالمصحف و هو يحاول أن يتوقف عن البكاء، فأردف سيرجي:.
-سأجعل الجميع يغادرون الآن و لتبقي أنت هنا تقرأ القرآن و تدعوا لها، و عندما تنتهي ستجدني في سيارتي لن أغادر من دونك علي الأرجح لم يستمع عبدالله الي حديثه، بل فتح المصحف و بدأ في القراءة بصوت خافت مرتجف و هو ينتفض في جلسته فوق قبرها، بينما أتجه سيرجي نحو الجميع و تحدث: -هل لي أن أتعرف بكم؟ نظر مجاهد له و نطق بخفوت معرفاً الجميع الي سيرجي، الذي تحدث في هدوء معرفاً عنه نفسه:.
-انا أدعي سيرجي و أنا الطبيب النفسي الخاص بريهام رحمها الله، أتمني ان أتحدث معكم لوقت أطول، و لكن الجميع هنا يحتاج الي الراحة، وجودكم هنا واقفين تحت أشعة الشمس لن يفيدكم، عودوا الي المنزل أرجوكم لم يتحرك الجميع أنش واحد فتحدث مجاهد: -سيرجي معاه حق، يلا نروح ملهاش لازمة وقفتنا، يلا يا كامل مراتك تعبانة و هتقع من طولها نظر كامل الي جنات و أقترب منها و لكنها تراجعت في ذعر مردفة:.
-أوعي تقرب منى يا كامل هبطت دموعها من جديد و هي تشير له بإصبعها محذرة أياه من الأقتراب، فتحدثت أميرة و هي تربت على كتفها قائله: -يلا يا ماما، يلا يا حبيبتي نمشي.
أتجهت جنات مع أميرة نحو سيارة جاسر و جلست أميرة خلف عجلة القيادة و جنات الي جوارها و أنطلقت السيارة، ثم تبعهم كامل مع مجاهد في سيارة كامل بعد أن أخذ سيرجي منه رقمه، و أتجه سيرجي الي سيارته و فتح بابها و جلس على المقعد الأمامي خلف عجلة القيادة و أخرج قدميه من السيارة و جلس يراقب عبدالله و يتمتم في داخله بأدعية كثيرة من أجل ريهام، حتى حل الظلام فأغلق عبدالله المصحف بعد أن عجز عن القراءة في الظلام و أقترب منه سيرجي و جلس أمامه قائلا:.
-هيا يا عبدالله، دعنا نعود الي المنزل، لقد حلّ الظلام، و لقد أنشغلت عن كل صلوات اليوم وقف سيرجي و مد يده الي عبدالله الذي أمسك بيده و توقف و أتجه الأثنان نحو السيارة التي أنطلقت في سرعة و أخرج سيرجي هاتفه و أتصل بمجاهد الذي أرسل له العنوان على تطبيق الواتساب، فأسرع سيرجي الي هناك.
أقتربت أميرة من جاسر الجالس على فراش ريهام يحتضن وسادتها بقوة، و جلست امامه قائله بحب:.
-جاسر، حبيبي أتكلم مينفعش كده، قول أنك زعلان و مخنوق و عيط و صرخ، أعمل كل اللي نفسك فيه متفضلش ساكت حاولت سحب الوسادة من جاسر و لكنه قابلها بصفعة قوية ألقت بها أرضاً و عاد يحتضن الوسادة بقوة من جديد و هو يردد بصراخ: -مش عايز أسمع حاجة و مش عايز أتكلم، مش عايز حاجة خالص سيبوني في حالي محدش يقرب مني، كفاية خلاص، الوحيدة اللي كانت بتفهمني راحت خلاص سيبوني.
خلع جاسر سماعته بعنف و ألقي بها على الأرض و عاد ليضم الوسادة الي صدره بقوة بصمت شديد، بينما كانت تجلس أميرة على الأرض و قد سيطر عليها الحزن و بكت بقوة، زوجها لا يستمع إليها مطلقاً، و شقيقته توفاها الله، و والديه في حالة يثري لها، و طفلها يبكي كل ساعة على الأقل، كيف ستقوم بكل تلك الأمور في الوقت ذاته..
عادت لتقف عن الأرض، و أتجهت الي الخارج نحو كامل الذي يجلس على المصلاة في الأرض و يمسك بالقرآن الكريم و يقرأ منه، فجلست أمامه بهدوء، فصدّق كامل و نظر لها، فتحدثت أميرة بحنان: -عمي، أنت مكلتش حاجة من أمبارح، لازم تاكل علشان تقدر تكمل، هجيبلك أكل ماشي؟
نظر كامل الي خدها الذي ظهر عليه آثار أصابع جاسر الحمراء، فتحولت نظراته الي الشفقة و هو يومأ برأسه بالإيجاب، فهذه الصغيرة ستتحمل مسئولية المنزل بسكانه حتى تنتهي هذه الأزمة على خير، خاصةً مع أختفاء زينة و زوجها تماماً، فتوجهت أميرة الي المطبخ لتحضر بعض الطعام، في حين تعالي صوت هاتف كامل الذي أمسكه و أجابه في سرعة مردفاً: -لقيت زينة؟! جاءه الرد من الطرف الآخر يعتصر قلبه و تحدث بأسف قائلا:.
-للأسف لا يا كامل باشا، ملهومش أي أثر و معرفش إزاي ده حصل، أنا أسف تنهد كامل بحزن شديد قائلا: -طيب دور عليهم تاني يا ابني و لو وصلت لحاجة قولي.
أغلق كامل الهاتف و نظر الي الباب أمامه و التي تجلس جنات على الجانب الآخر منه، و تذكر أتهامها له بقتل أبنتها الكبري، و هو لم يتمكن من الأعتراض فهي على حق، ضميره يقتله في كل لحظة عندما يتذكر كلمات الطبيب الذي أقرّ أن السكتة القلبية جاءت نتيجة الحزن الشديد، كان عبدالله محق فخوفه على أطفاله، قتل أحدهم و الآخر أصبح في حالة يثري لها و الأخيرة لا يعلم عن مكانها شيئاً..
نظر كامل الي أميرة التي تقترب منه و تضع الطعام على الطاولة الصغيرة أمامه و تحدثت بحنان: -يلا يا عمي كل أومأ كامل برأسه و هتف و هو ينظر الي الباب قائلا: -هاكل، بس شوفي جنات، مكلتش حاجة من أمبارح هي كمان و مخدتش أدويتها ربتت أميرة على كفه قائلا: -متقلقش يا عمي، هأكلها و هتاخد الدوا، أنت كمان خلص أكل علشان الدوا.
في واشنطن فتح الحارس الباب بقوة و ألقي بجسد زينة على الأرض، فأقترب منها معتصم بسرعة و هو يحملها عن الأرض بين يديه ليضعها على قدميه و أغلق الحارس الباب، فتحدث معتصم بحزن قائلا: -عملوا فيكي أيه يا زينة؟! أنتفض جسد زينة بين يديه و قربت ذراعيها من عنقه لتحتضنه بقوة ثم بكت قائله: -الحيوان أداني حقنة كوكايين يا معتصم، و ضربني كتير أوي.
أغمض معتصم عينيه في غضب و هو يشعر بالعجز، فلقد فعل الوغد ألفريد مع زينة تماماً ما فعله معه، فهو يدخل هذا السم الي عروقهم حتى يتألموا بالبطئ حد الموت عندما يحتاجا إليه، بالإضافة الي وسائل تعذيبه الحقيرة التي تؤدي الي أخماد أجسادهم تماماً متعاونة مع مفعول الكوكايين.. وضع معتصم يده على شعرها بحب و أردف: -أهدي يا حبيبتي، هيعدي، كل ده هيعدي يا زينة بس اهدي أبتعدت زينة عنه و أردفت ببكاء و حدة قوية:.
-لازم في مصر يعرفوا ان الموضوع مش واقف على منى و تيسيير بس و أن لسه ألفريد و اللي معاه بيكملوا في اللي بدأوه منى و تيسيير، أحنا لازم نخرج من هنا و نقولهم يا معتصم حتى لو هنموت بعد كده.
أومأ معتصم برأسه و أعاد رأسها الي عنقها لتكمل بكائها، في حين كان هو يتأمل هذا المكان المحبوسان به، كان المكان بأكمله مغلق لا يوجد سوي نافذة صغيرة للغاية على بعد خمسة أمتار عن سطح الأرض، و باب خشبي أمامهم مغلق بأحكام و خلفه يقف عشرات الحراس، بالإضافة الي بعض الصناديق الحديدية بجوارهم و زجاجات من الخمر، فتحدث معتصم:.
-أهدي يا زينة، أحنا لازم نلاقي طريقة نخرج بيها من هنا، لو فضلنا نعيط كده مش هنعرف نفكر، و الجرعة التانية هتخلي مقاومتنا ضعيفة جداً قصادهم وعقلنا مش هيشتغل أبتعد زينة عنه و جففت دموعها بكفها قائله:.
-هنخرج من هنا إزاي؟! مفيش غير شباك بعيد حوالي خمسة متر عن الأرض و لو عرفنا نطلع للشباك مش هنعرف نعدي، فيه حديد و صغير جداً لو فيه غراب كبير شوية مش هيعرف يعدي منه، غير كده باب وراه ولا عشرين تور أمريكي هنعملها إزاي تمتم معتصم بخفوت: -هنلاقي حل، لو فكرنا.
أمسك معتصم بزجاجة من زجاجات الخمر و فتحها و خلع قميصه و وضع عليه بعض الخمر و بدأ في تضميد جروح زينة التي تألمت في صمت و هي تمسك في ذراعه و عندما أنتهي نظر لها بتفكير و ضم حاجبيه، و ما أن لبس أن أردف: -فيه فكرة ممكن تخرجنا و لو خرجنا ممكن منعرفش نهرب و وقتها هنموت، قولتي أيه؟! أردفت زينة بلا تردد: -معاك في أي حاجة.
نظر معتصم الي كل الصناديق الحديدية و الخشبية التي تحتوي على الخمر، ثم شرح الأمر كله على زينة التي أردفت بقلق: -بس دي كلها مجرد أفتراضات، و بعدين احنا منعرفش أحنا فين! ربت معتصم على كتفها بهدوء قائلا: -بس احنا عارفين طريق الخروج و كل عقباته يا زينة، هنحاول.
وصل الي أذنيهما صرير الباب و هو يفتح ثم دخل ثلاثة حراس مع رجل كبير في العمر و وضعوه بجوار معتصم و زينة ثم خرجوا، فأقترب معتصم في قلق من الرجل قائلا بلهجة أنجليزية قوية: -ما هي جنسيتك! أجابه الرجل باللغة العربية و قد ظهر عليه التعب و المرض: -أنا مصري يا معتصم، و عارفك أنت و مراتك!
نظرت زينة إليه بحيرة و جلست أمامه و كذلك معتصم الذي أحضر قميصه و زجاجة الخمر و بدأ في تطهير جراح العجوز أيضاً و تحدث في هدوء: -أنت مش في حالتك الطبعيية، يا واخد مخدر قوي يا الحيوان اللي جابك هنا حط السم ده في دمك هز العجوز رأسه بالنفي قائلا بتعب من رأسه الذي يحاول السيطرة عليه بكل طاقته: -سم أيه! أنا واخد مخدر نظر له معتصم بإهتمام و سأله: -مين حضرتك! و جيت هنا إزاي و ليه!
نظر له العجوز و بدون تردد أجابه: -أنا اللوا خيري مصطفي بشري مدير المخابرات الحربية في مصر أتسعت عيني زينة و معتصم في ذهول فسألته زينة: -و حضرتك بتعمل أيه هنا! و إزاي قدروا يخطفوك! أعتدل خيري في جلسته و أجابهما:.
-أستغلوا اليوم اللي بخرج فيه مع احفادي و خطفوني، أما جيت هنا إزاي، فحسب معلوماتي و اللي قاله ألفريد هو أني روحت في سفينة متجهة لفرنسا و أول ما خرجت بره المياه الإقليمية لمصر، كان فيه هليكوبتر مستنياني فوق البحر المتوسط و خدتني من على السفينة لواشنطن نظر معتصم الي زينة و ردد:.
-واشنطن! لو خرجنا من هنا لازم نروح على السفارة المصرية علطول، محدش هيقدر يقرب مننا وقتها، بس مش هينفع نمشي من هنا قبل ما نخلص على ألفريد و اللي معاه و نمنع الجنان اللي في دماغهم ده ربت خيري على كتف معتصم و أردف بإبتسامة: -غريبة أن ظابط قوي زيك موجود في الشرطة و مش موجود في الصاعقة أو المخابرات أردف معتصم بإحراج: -دي شهادة أعتز بيها يا فندم.
نظرت زينة الي معتصم بتعب شديد ظهر على ملامحها فلقد شحب وجهها فجأة و أنتفضت، فأمسك بها معتصم بقوة في قلق و سألها: -زينة مالك! أمسكت زينة بقميص معتصم بيدها المرتعشة و صرخت في قوة: -مش قادرة يا معتصم بموت أنهارت زينة في البكاء و أكملت: -حاسة إن روحي بتطلع منى و وجع فظيع في جسمي.
أغمض معتصم عينيه و هو يتذكر كيف كان الأمر بعد مرور بعد الوقت من سريان هذا السم في عروقه و الآلام الشديدة التي تعرض لها و جاهد لإخفائها، فوضع معتصم أصبعيه على رقبة زينة و تحدث بهدوء: -أسترخي يا حبيبتي سقطت زينة فاقدة وعيها بعد ثواني فظل معتصم يربت على ظهرها و سأله خيري بقلق: -مالها يا معتصم! تحدث معتصم في غضب شديد ظهر بريقه في مقلتيه و اجابه:.
-ألفريد حقنّا بكوكايين، و غالباً معاه مواد تانية لأن وجعه مش طبيعي، و ده معناه أننا لازم نخرج من هنا قبل الحقنة التانية لأن وقتها مش هيكون فينا طاقة ابداً نعمل أي حاجة و هنموت هنا، و على ما المخابرات تحقق في إختفاء حضرتك و يوصلوا لحاجة هيكون عدي يومين على الأقل، و هنكون خلاص اخدنا الحقنة التانية نظر خيري حوله في محاولة لإكتشاف المكان، و أردف:.
-هندرس المكان و هنلاقي حل و نخرج من هنا قبل بكره كمان بس لازم نهدي و نفكر بالعقل نظر له معتصم و تنهد قبل أن يخبره بمخططه فأردف خيري بإعجاب: -الوضع اللي أحنا فيه محتاج مجازفة زي دي، ولازم نعملها، و هنستني لحد ما ييجي الوقت المناسب.
مرت ساعتان و أستيقظت زينة التي ظلت بين يدي معتصم و ينتفض جسدها بإستمرار، حتى دخل الي الغرفة ثلاثة من الحراس و أغلقوا الباب خلفهم، ثم وضعوا طعام أمام الثلاثة و تحدث أكثرهم ضخامة في قوة قائلا بالإنجليزية: -أشرعوا في تناول طعامكم الآن أمامكم خمسة دقائق فقط ثم سنأخذه و نخرج من هنا.
أومأ الجميع و بدأوا في تناول طعامهم الموضوع في أطباق بلاستيكية بمعالق بلاستيكية، فوقفت زينة في سرعة و رفع أحدهم مدفعه الرشاش أمامها، فرفعت يديها في أستسلام قائله في تعب بادي على وجهها باللغة الإنجليزية: -انا حامل، و أشعر بالغثيان سأتقيأ.
نظر الحارس الأول الي الثالث و أمره بأخذ زينة في نهاية القبو، فذهبت زينة بتعب و الحارس خلفها، بينما نظر معتصم و خيري الي الحارسين الآخرين، و كانو يتابعون الحارس الثالث، فأسرع معتصم و ضرب بقدمه المدفعان في أيديهما ليسقطا أرضاً، و قبل أن يشعروا بالذهول، شعر الأول بقبضة قوية تحطم فكه، و الثاني بيد فولاذية تضربه في معدته و قبل أن يطلق صرخة ألم كان معتصم قد تبعها بقبضة قوية في وجهه تهشمت عظام أنفه على أثرها، ثم جمع معتصم قبضتيه في قبضة واحدة ليسقط بها على رأسه بقوة، ثم هوي بكفه على عنق الثاني فأطلق خوار الثيران قبل أن يسقط على الأرض فاقد الوعي، بجوار صديقه الذي تمكن خيري من إسقاطه، و تأكد الإثنان من عدم إصدار أي صوت يجذب الحراس ثم أقترب معتصم بسرعة من الحارس الثالث الذي يقف خلف زينة و لكن وجدها توجه إليها ضربة قوية من قدمها الي وجهه ثم لكمة سريعة في معدته، و أخيراً وجه إليه معتصم ضربة قوية على عنقه أفقدته وعيه مثل زملائه.
أسرع كلاً منهما يرتدي ثياب الحراس و ألتقطوا مدافعهم فتحدث معتصم بصوت هامس: -يلا بسرعة مفيش وقت هيدخلوا في أي لحظة لو أتأخرنا عن الخروج خلال دقيقتين.
توجه معتصم نحو صندوق الخمر الذي وضعه اسفل النافذة و فتح غطائه ليكشف عن زجاجات الخمر التي تحتوي في فوهتها قطع من قميص معتصم الذي قطّعه، و سرعان ما أمسك معتصم بقطعتين من الحديد و بدأ في حكهم بسرعة حتى أشتعلت النيران في قطعة كبيرة في يده و أقتربت زينة و في يدها زجاجتين آخريتان في فوهتهما القماش و أشعلت النار بهما من القطعة الصغيرة و ألقت بهم سريعاً نحو الباب الخشبي، في نفس الوقت الذي ألقي معتصم القطعة الكبيرة نحو الصندوق، فأحترقت جميع القطع الصغيرة به و أبتعد الجميع الي الجانب الأخر من الغرفة و ثواني و دوي أنفجار هائل في الحائط أسفل النافذة و سقط الحائط.
أندفع باقي الحراس منذ أن سمعوا كسر أول زجاجتين، و شعروا بالحرارة تلفح ظهورهم، و ما أن تمكنوا من الدخول حتى سيطر عليهم الغضب من عدم وجود الأسري و أندفعوا الي الخارج نحو الحائط المفتوح، و في نفس اللحظة خرج معتصم و خيري و زينة من خلف ثلاثة صناديق ضخمة و ركضوا الي الخارج، و نظر معتصم الي الحراس القادمين و صرخ بالإنجليزية محاولاً أخفاء وجهه: -تعالو بسرعة، لقد هرب الأسري من المعتقل.
لم ينتبه الجميع أن من يقفون أمامهم هم نفسهم الأسري بل أندفعوا الي داخل القبو، في حين أنطلق الثلاثة الي الأمام و صعدوا الدرج، فوجدوا ثلاثة حراس أمامهم كانو يعلمون أماكنهم جيداً فأطلقوا الرصاص عليهم، ثم ركضوا بسرعة نحو الباب الرئيسي و هم يطلقون النيران على كل من يعترض طريقهم حتى وصلوا الي الباب الرئيسي فتحدث خيري بقلق: -أنا مش فاكر الباسورد ضغط معتصم على بعض الأرقام قائلا:.
-المغرور ألفريد لو كان عمل اللي عمله في المبني ده كان زمانا معرفناش نوصل للباب ده ولا نعرف الباسورد، بس إصراره على إن التعذيب و الحقن تكون في المبني الصغير اللي جنب ده هما اللي ساعدونا فتح الباب خلال ثانية من أنتهاء معتصم من كتابة الأرقام في حين كان كلاً من زينة و خيري يؤمنان ظهره، ثم أنطلق الثلاثة نحو البوابة لينظر لهم الحارس بشك و رفع سلاحه قائلا: -ماذا بكم تركضون هكذا!
صرخ به معتصم بقوة قائلا: -اللعنة عليك، افتح الباب لقد هرب الأسري و يجب أن نلحق بهم في السيارة و باقي الحراس يبحثون عنهم في الجانب الشرقي ثم أردف في قوة واضحة و ثقة: -لو لم نتمكن من إعادة هؤلاء الأسري سأخبر السيد ألفريد بأنك المسئول عن كل ما حدث، و لكن يتردد لحظة واحدة في تزيين رأسك بثقب تخرج منه الدماء.
قبض الحارس حاجبيه في ذعر فهو يعلم جيداً أن هذا سيكون مصيره إذا ما تمكنوا من الهرب و سرعان ما فتح البوابة الرئيسية و صعد الثلاثة على متن السيارة الموجودة أمامها و أنطلق معتصم في سرعة نحو أقرب الطرق، فتحدثت زينة في فرح: -أنا مش مصدقة أننا قدرنا نهرب هز معتصم رأسه بالنفي قائلا: -أحنا لسه مهربناش، و لحد ما نوصل السفارة المصرية وقتها نقدر نقول أننا نجحنا خلعت زينة الخوذة عن رأسها قائله بتعب:.
-أنا أتخنقت من البتاعة دي على الرغم من أنها السبب أن محدش يكشف وشنا تحدث خيري بسرعة في لهجة أمر: -ألبسيها دي أمان ليكي أرتدها زينة مرة أخري في ضجر بينما رفع معتصم زجاج النوافذ في سرعة و تحدث: -البوابة اتفتحت تاني و واضح أنهم أكتشفوا أننا ضحكنا عليهم نظرت زينة الي الخلف و رأت سيارتان تنطلقان بسرعة خلفهما فتحدث خيري: -العربية مصفحة و هتحمينا فترة مش قليلة من الرصاص، بس أمسكي سلاحك للأحتياط.
ضغط معتصم على دواسة الوقود بقوة فأزدادت سرعة السيارة بشدة و بدأ في أتخاذ مسارات منحنية ليتفادي سيل الرصاصات الذي ينهمر على السيارة، في حين سمع أحد الحراس عبر جهاز في السيارة يقول في سخرية: -انه يتجه نحو عمق الصحراء و لن يتمكن من تجاوزها الا بعد أن ينفذ وقوده و نحاصره، كان عليه أن يتخذ المسار الغربي لسيارته حتى يتمكن من الخروج الي الطريق.
نظر معتصم الي جهاز اللاسلكي في سيارته و فتحه قائلا بنبرة سخرية: -شكراً لك أيها الوغد على تلك المعلومة المهمة و سرعان ما ألتف معتصم بسيارته ربع دورة و أنطلق بسرعة نحو الغرب فتحدثت زينة بصوت مرتفع عن صوت الرصاص: -هو مفيش أحتمال انه يكون بيقول كده علشان يحاصرنا نظر معتصم الي جهاز الملاحة في السيارة و فتحه بسرعة قائلا: -لا، هو معاه حق ضغط خيري على بعض الأشياء في جهاز الملاحة ثم كتب جملة و تحدث:.
-ده طريق السفارة المصرية هنا، أمشي فيه نظر معتصم الي جهاز الملاحة ثم زاد من سرعة السيارة فتحدثت زينة بعد دقيقة: -لقيت شنطة فيها قنابل أمسك بها خيري في سرعة و فحصها قائلا: -دي من النوع اللي بتتأثر بالثقل نظر خيري الي سقف السيارة و تحدث: -أفتح السقف يا معتصم أجابه معتصم بقلق: -بس ده خطر عليك يا فندم -نفذ الأمر يا سيادة الرائد.
فتح معتصم السقف في سرعة، فأخرج خيري القنبلة الأولي و نزع فتيلها، ثم خرج من السقف في مفاجأة أدهشت السيارتين خلفهما، و ألقي القنبلة الأولي فأصابت هدفها بدقة و أصطدمت بقوة في السيارة الأولي التي أنفجرت و أنحرفت قليلاً لتصطدم بالسيارة الثانية، فأستغل خيري حالة الإرتباك و ألقي بالثانية على السيارة الباقية، ثم هبط مسرعاً و أغلق معتصم السيارة تماماً و أنطلق بسرعة، و مرت ربع ساعة في امان، و لكن أرتفع صوت اللاسلكي في السيارة ليظهر صوت ألفريد الذي تحدث بغضب:.
-لمَ لا تجيبون على أجهزة اللاسلكي أيها الأوغاد، و كيف لم تخبروني أنهم نجحوا في الفرار؟ أمسك معتصم باللاسلكي و أردف بالأنجليزية: -لقد فقدنا اجهزتنا أثناء تبادل النيران يا سيد ألفريد، و لكننا الآن نطاردهم و هم يقتربون من قلب الصحراء و أنا على ثقة أن وقود سيارتهم سينفذ و وقتها سنحاصرهم و نحضرهم إليك صرخ ألفريد في قوة:.
-أحضروهم أحياء أو أموات لا فارق لدي، و ستعاقبون على عدم إخباري بما حدث إذا لم تتمكنوا من إحضارهم، أقسم أن أقطع أطرافكم واحدة تلو الأخري إن لم تعثروا عليهم حاول معتصم أن يظهر الرهبة و الأرتباك في صوته قائلا: -لا تقلق يا سيدي، سنعود بهم جثثاً هامدة -سأرسل إليكم طائرتين نحو الصحراء سيصلون أسرع و سآمرهم بإطلاق صواريخهم نحو سيارتهم اللعينة ما أن يجدوهم -كما تريد يا سيدي و نحن لن نتوقف عن مطاردتهم.
أغلق معتصم اللاسلكي و أنطلق بسرعة أكبر نحو السفارة المصرية، و شعرت زينة أن السيارة ستطير في الهواء من السرعة التي ينطلق بها معتصم، و بعد عشرة دقائق تحدث ألفريد عبر اللاسيلكي: -أين أنتم؟ سائق الهليكوبتر لم يعثر عليكم بتاتاً أتاه صوت معتصم الساخر قائلا: -و كيف سيعثرون على رجالك وعلينا يا ألفريد؟ إن كانوا رجالك قد قضوا نحبهم منذ نصف ساعة في سياراتهم صرخ ألفريد في قوة:.
-أيها الوغد المخادع، أقسم أنني سأقتلك شر قتل، سأجعل أطرافك تتجمد حتى الموت أيها الحقير -لقد سمعت الكثير منك و لكن في الحقيقة لم أجد مثلك يبرع في إلقاء التهديدات، و الآن الي لقاء ليس ببعيد أيها الوغد أغلق معتصم جهاز اللاسيلكي تماماً، فصرخ ألفريد في مارسيل الواقف أمامه قائلا: -لقد خدعنا، مر الرجال بالبحث عنهم في جميع أنحاء واشنطن، أريدهم موتي قبل فجر غد هل تفهم؟
أجابه مارسيل في أرتباك ثم خرج من المكتب و ذهب لإلقاء الأوامر على ما يقرب الخمسون حارس لينطلقوا بسرعة باحثين عن الهاربين.