رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الرابع عشر
في المعادي.
نظر معتصم الي ساعة الحائط امامه التي تجاوزت الثانية عشر ليلاً و لم تأتي زينة الي المنزل بعد، أتصل بها من هاتفه الثاني عدة مرات ولكن في كل مرة تأتي الجملة التي يكرهها الرقم الذي طلبته مغلق أو غير متاح ، و حاول الوصول إليها عن طريق تتبع السلسلة التي تطوق عنقها و لكن لم يحصل على نتيجة لأن زينة قد علمت بأمرها مسبقاً و تركتها في المنزل قبل خروجها، فكر في أن يذهب الي كاميليا أو يتصل بها لتخبره بعنوان المدعوة ثرية، و لكن خشي أن تشك بأمره و تتصل بثرية فتخبرها بكل ما حدث و تكشف حقيقة زينة أمامها و لن يعلم مصيرها وقتها سوي الله، شعر بعجزه التام بعد ما حدث..
سرعان ما أنتفض و أرتدي ملابسه و ذهب الي مركز الشرطة، فلقد كان يعلم مسبقاً أن زميله سعد سيكون موجود الليلة في القسم، و بعد مدة وصل الي المركز و توجه مسرعاً نحو مكتب سعد و دخل إليه، فتحدث سعد بفزع: - بالراحة يا معتصم مالك طب خبط الأول أقترب منه معتصم بسرعة و هو يتناول كرسي و جلس بجانبها قائلا:.
- فيه واحدة أسمها ثرية أرملة و عايشة في فيلا لوحدها و معاها خدم كتير و مشتركة في نادي في شبرا غالباً، تقدر توصل لعنوانها نظر سعد بإستنكار الي معتصم و تحدث: - أنت أهبل يا معتصم؟ انت مقولتش تقريباً أي حاجة مفيدة! أنا كده بدور على إبره في كومة قش، هدور في نوادي شبرا و بعديـ قاطعه معتصم بحدة شديدة قائلا:.
- إنجز يا سعد من غير رغي كتير و أبدأ شغلك، زينة كانت رايحة ليها تبع تحقيق من الصبح و مرجعتش لحد دلوقتي و تليفونها مقفول ضغط سعد على شفتيه بتفكير ثم تحدث: - هات رقم زينة أسهل ممكن أقدر أوصل ليها أخبره معتصم برقم زينة و بعد ما يقارب ساعة من القلق تحدث:.
- أخر مكان كانت فاتحة فيه تليفونها كان في القليوبية في شبرا، أستني هدور على صاحب العنوان ده علشان متروحش هناك على الفاضي من غير ما تتأكد و تضيع وقت و خلاص مرت نصف ساعة أخري قبل أن ينطق سعد: - الفيلا دي بأسم واحدة أسمها ثرية عصمت فؤاد أرملة فعلا و جوزها ميت من 10 سنين و الفيلا دي كانت من ضمن ورثها منه لأنهم مجبوش عيال تحدث معتصم بسرعة: - هات العنوان بسرعة.
كتب سعد العنوان في ورقة و اعطاها لمعتصم الذي أقترب منه بغضب قائلا: - المرة الجاية يا ريت تسبق السلحفاة يا حضرت الظابط و سرعان ما غادر المكتب مغلقاً الباب خلفه فتحدث سعد بضيق: - حد قالك إن مفيش مني 2 في الحاجات دي، ده أنا لسه بتعلم أنت تحمد ربك.
صعد معتصم الي سيارته بسرعة و أنطلق الي العنوان و تأكد من وجود سلاحه في السيارة، و بعد مدة طويلة نسبياً توقف بسيارته أمام منزل ثرية و هو يحاول إيجاد طريقة لدخوله، خرج من سيارته و أخذ يدور حوله كما فعلت زينة تماماً الي أن وجد هذه النقطة المنخفضة من السور، فتسلقها بسرعة و هبط الي الجانب الأخر، و أخذ يدور بحذر في المكان الي أن شعر أن الأرض تهتز من تحت قدميه، نظر حوله قبل أن ينحني ليتأكد من أهتزاز هذه النقطة ثم مرر يده عليها حتى وجد قرص حديدي سحبه ليرتفع باب خشبي تغطيه الحشائش الخضراء و يظهر من أسفله درج، أمسك معتصم بهاتفه و أرسل الي سعد رسالة، ثم هبط الي الأسفل بعد أن أغلق الباب خلفه، و على الفور تخللت أنفه رائحة بشعة و لكنه أستمر في الهبوط حتى وصل الي باب خشبي قديم و مرسوم أعلاه مربع من السلك الشائك و يظهر ما خلفه و لكنه لم يتمكن من النظر بدقة حيث كان المكان في الداخل تضيئه الشموع الصغيرة فقط، تعجب معتصم من هذا المكان المريب، و سرعان ما أرتفع صوت صرخات يعلمها جيداً، فلم تكن سوي صرخات زينة و لكن أمتزج معها صرخات فتاة أخري لم يتبين معتصم صوتها جيداً..
في الداخل.
كان هناك حوض أستحمام أبيض اللون و بجواره سلم خشبي متزن جيدا و يقف في نهايته رجل ممسكا بسكين، بينما فوق الحوض تماما كانت هناك سلسلة تهبط من سقف القبو معلقة بها فتاة مسكينة تصرخ بذعر و هي لا تعرف ماذا يحدث و لكنها متأكدة من موتها، و تقف ثرية مرتدية ثوب فضفاض من اللون الوردي و بجواره يقف أيمن و في يده سوطه، على حين كانت جثث الشابات في كل مكان و بجوارهم تقف حوالي تسعة فتيات آخريات مقيدين و مكممين يصرخون صرخات مكتومة من نهايتهم التي أقتربت بينما كانت زينة تصرخ بقوة و مازالت معلقة في الهواء و هي تردف برجاء:.
- لا متعمليش كده حرام عليكي هما عملولك أيه وجهت ثرية نظراتها الي أيمن الذي تحدث:.
- ثرية هانم بحكم حبها للقراءة و عشقها للجمال قرأت في مرة عن ملكة حافظت على جمالها من تجاعيد الزمن بإنها كانت بتستحمي يومين في الأسبوع بدم بنات عذاري و بتفضل في الدم ده ساعة على الأقل، و جربت الموضوع ده مرة بسبب و أنبسطت جدا بالنتيجة، و كملت في الطريق ده لدرجة أنها بقت بتستمتع بصرخات البنات و هما بيتعذبوا و بيتوسلوها متموتهمش نظرت لهم زينة و فكها يتدلي بذهول قائله بتعلثم:.
- بتقتلوا البنات علشان هي تحافظ على جمالها ثم صرخت بقوة شديدة: - انتو أكيد اتجننتم، انتو مجانين و السادية أتملكت من قلوبكم، صدقيني انا كمان هستمتع جدا بصريخك و انتي بتترجي البوليس يسيبك ولا بتعيطي بعد ما تاخدي إعدام أمسك أيمن بالذراع الحديدية بغضب و سحبها الي الخلف فهبطت زينة الي الأسفل متلقية ضربة اخري من السوط في يده و صرخت بقوة في حين تحدثت ثرية بعجرفة:.
- أنتي مميزة جداً يا زينة، جسم جميل، بشرة حلوه، جمالك نادر، علشان كده هتستني للحمام الخاص اللي هستخدم فيه دمك و ده هيكون بعد بكره و انا عايزة أحافظ على حياتك لوقتها، متثيريش غضب أيمن لأنه ممكن يقتلك قبل معادك و انا مش عاوزة ده بكت زينة و هي تنطق:.
- أنتي مجنونة و مخبولة، أنتي سنك طير عقلك تماماً و فقدتي حاجات كتيرة أوي قلبك و احساسك حتى جمالك فقدتيه يا ثرية، أنتي مش جميلة أبداً، أنتي مجرد واحدة عجوزة و باين السن جداً على وشك المقرف و على جسمك، التجاعيد معلمة في كل منطقة في وشك و مخلياكي أكبر من عمرك 100 سنة، أنتي مش جميلة أبداً و لا عمرك هتكوني جميلة بدم البنات دول، أبقي دوري على جمالك بقاا و انتي بتولعي في جهنم يا ثرية.
أٌقتربت ثرية من زينة بغضب شديد و أمسكت السوط من أيمن و هوت به على جسد زينة من جديد في نفس اللحظة التي دخل فيها معتصم الي القبو محاولاً التغلب على رغبته في التقيأ من رائحة الجثث و مما سمعه، و رفع مسدسه قائلا: - كله يثبت مكانه فوراً بدل ما هخلص عليكم كلكم هنا نظرت زينة الي معتصم بضعف شديد و قد أطلقت صرخة قوية أثر ضربة ثرية، فصرخ معتصم في ثرية قائلا:.
- أبعدي عنها يا ثرية بدل ما هزين وشك المقرف ده بخرم أسود بين عينك تحدثت زينة بصوت أقرب الي الهمس قائلا: - أقتلها يا معتصم سرعان ما ادركت ثرية معرفة زينة و معتصم فأمسكت بها من رقبتها و أخرجت سكين حاد من ثوبها الفضفاض و وضعته على رقبتها قائله: - سيب سلاحك حالاً بدل ما هطيرلك رقبتها توتر معتصم لثواني و سرعان ما رفع أيمن رفع مسدسه في وجه معتصم قائلا: - شكلك عايز موتها.
رفع معتصم يده سريعاً بإستسلام قائلا: - لا لا خلاص، أهوه المسدس ألقي معتصم بسلاحه على الأرض ثم دفعه بقدمه ليستقر أسفل قدم أيمن الذي أسرع إليه و معه حبل غليظ و قيد معتصم به في عمود خشبي ثم تحدث بسخرية: - دلوقتي نقدر نكمل اللي كنا بنعمله أبتعدت ثرية عن زينة و مازالت تمسك بسكينها و أشارت الي الرجل في الأعلي قائله: - أبدأ.
صرخت الفتاة المسكينة قبل أن يمسك هذا الرجل برقبتها و يذبحها مثل الخراف، فأغمضت زينة عينيها في خوف و تقزز، في حين شعر معتصم بالغضب مما يحدث أمامه و هو ضعيف و مكبل وعاجز عن فعل أي شئ من أجل زوجته..
و بدأت دماء الضحية الأولي في السقوط في حوض الأستحمام و هي مقلوبة فأصبح جسدها مثل مصفاة ينزل جميع الدماء عبر رقبتها أستمر هذا الأمر لخمس دقائق و قبل أن تنتهي دماء الفتاة تماماً حتى ضربت ثرية زينة بالسوط من جديد لتصرخ الأخري بوجع و هي تشعر أن جسدها قد لفحته النيران، في حين تحرك معتصم بقوة في مكانه قائلا بصراخ: - هقتلك و الله العظيم هقتلك يا ثرية.
نظرت ثرية ببرود نحوه و هي تشير لأيمن أن يحضر الفتاة الأخري، التي أقترب منها و حلّ القماشة التي كانت تغلق فمها فبدأت الأخري في الصراخ في رجاء ان يرحموها و لكن بلا فائدة فلقد حرك أيمن الذراع الحديدية الأخري لتهبط المسكينة الأولي التي ماتت ثم وضع مكانها الثانية لترتفع وسط صرخاتها و توسلاتها و لكن ما أن صعدت حتى أمسك الرجل برقبتها هي الأخري و ذبحها..
بدأت زينة بالبكاء أثر ما يحدث أمامها، كل هذا خطأها هي، فإن استمعت لحديث معتصم في العمل سوياً لمَ حدث كل هذا و كانت ستتمكن من إنقاذ كل هؤلاء الفتيات مع معتصم، أما معتصم فلقد كان يجلس كالجماد و هو يشعر بعجزه التام فلأول مرة لا يعلم ماذا عليه أن يفعل و كيف يجلس هكذا ليري ملاك الموت يتخطف الأرواح أمامه واحدةً وراء الثانية، شعر برغبة قوية في البكاء و لكن دموعه قد جفت بعد مصرع الفتاة الأولي، مرت ربع ساعة و قٌتلت خمس فتيات أخريات و لم يتبقي سوي ثلاثة و زينة رابعتهم..
و لكن في هذا الحين، نظر أيمن الي الحوض الذي شعر أنه أصبح ممتلأ و تحدث: - كفاية كده لحد ما ثرية هانم تطلب تاني.
نظرت ثرية الي زينة نظرة أخيرة قبل أن تهبط السوط على جسدها مرة أخري فيرتفع صراخها مع صرخات معتصم الذي يتوعدها بضعف شديد، و أقتربت من حوض الأستحمام و بدون أي ذرة من الحياء خلعت ملابسها لتغطس في حوض الدماء أمامها، نظر معتصم لها بتقزز في حين شعرت زينة برغبة قوية في الغثيان و قد بدأت ثرية في تدليك ذراعيها الظاهرتين بالدماء ثم غطست الي اسفل برأسها لتصعد مثل شبح مخيف تملؤها الدماء من كل جانب فصرخت زينة في فزع و كذلك الأخريات، فتقدم أيمن من ثرية و ناولها كأساً من الزجاج لتبدأ في ملأه بالدماء ثم أبتلعته و عند هذا الحد لم يتمكن أي شخص من التحمل و بدأ الجميع في التقيأ بما فيهم معتصم..
شعر الجميع بحركة في الخارج من نفس الباب الذي دخل منه معتصم و أرتفع صوت الرصاص ليتنفض الجميع في فزع في حين وضع أيمن سلاحه على رأس معتصم قائلا: - شكلك بلغت البوليس ييجي يلحقك قبل ما تدخل، لعبت في عداد عمرك.
أرتفع صوت أيمن و هو ينادي الحراس الذين كانو يقفون خلف باب القبو تماماً في أنتظار إشارته، و دخلوا بسرعة و أحاطوا بثرية ليحموها، ثم أندفع الباب بسرعة و دخلت أفراد الشرطة و هي ترفع أسلحتها و يقودهم سعد الذي تحدث بهدوء: - سلموا نفسكم المكان كله محاصر، يعني يا تستسلموا يا هتتصفوا و سرعان ما أنقلبت الأحداث ليصبح الحراس الذين يحمون ثرية أنقلبوا ضدها و وجهوا إليها أسلحتهم، فتحدث أيمن في غضب:.
- أنتو بتعملوا ايه يا بهايم!؟ نظر له سعد ببرود ليكمل حديثه: - دول مش رجالتك، دول رجالتي أنا و دلوقتي سيب مسدسك بدل ما أبهدل هدوم معتصم بدمك.
و في حركة سريعة حرك معتصم قدمه في تجاه قدم أيمن الذي يقف بجواره فتعثر و وقع على الأرض و أسرع سعد يمسك بذراعيه و يضعهما خلف ظهره ثم زينهما بالأصفاد و كذلك فعل باقي رجال الشرطة مع ثرية المغرقة بالدماء و مع الرجل الذي قتل كل تلك الفتيات، و أسرع سعد بعد ذلك يحل وثاق معتصم و باقي العساكر يحلون وثاق باقي الفتيات، وقف معتصم بسرعة و أتجه نحو زينة و أمسك بوجهها في قلق قائلا:.
- أنتي أستحملتي كتير كفاية كده أشار معتصم الي سعد قائلا: - هات مفتاح القفل بتاع زينة، اكيد مع الحيوان اللي في الأرض ده رفع سعد أيمن و بدأ في تفتيشه حتى تمكن من العثور على المفتاح و ألقاه الي معتصم، و فتح الأقفال ثم حل وثاق السلسلة الحديدية من حولها لتقع زينة بين يديه و كأن ما كان يمنع سقوطها هي السلسة، أمسك بها سريعاً لتنطلق أهه خافتة من بين شفتيها و تحدثت بصوت خافت:.
- مش قادرة أستحمل حد يلمسني يا معتصم، و انا مش هيغمي عليّا زي ما بيحصل علطول بدأت في البكاء فتحدث معتصم بهدوء: - يبقي أستحملي يا زينة لحد ما نوصل للمستشفي حملها معتصم بسرعة يتخللها بعض القسوة فتأوهت زينة مرة أخري و هي ترخي ذراعيها تماماً، توجه معتصم الي سيارته و وضعها بداخلها ثم قاد بها الي مستشفي المقطم، فتحدثت زينة بضعف: - أنا اسفه على كل اللي حصل.
ثم تهاوت أثر سرعة السيارة برأسها على جسد معتصم الذي أسندها بسرعة و تحدث في برود و هدوء: - لما تبقي كويسة نبقي نتكلم
مرت ساعات منذ دخلوهما الي المستشفي بينما مرت دقائق على خروج أحد الأطباء الذي طمأن معتصم عن حالة زينة و أخبره أنها ستسعيد وعيها بعد دقائق، فهوي أخيراً الي أقرب مقعد و هو يضع رأسه بين كفيه، فوجد شخصاً ما يضع يده على كتفه، رفع بصره ليجد نصر الذي جلس الي جواره قائلا:.
- انا لسه جاي و الدكتور خارج من عندها و عرفت منه كل حاجة و طمني عليها، متقلقش هتكون كويسة هز معتصم رأسه بصمت شديد، فتحدث نصر من جديد: - انا هقوم أستلم الشفت بتاعي و أشوف الأشعة اللي طلبتها.
لم يجيبه معتصم من جديد، فنهض نصر الي مكتبه و أرتدي معطفه الأبيض و نظر الي مكتبه فوجد صور الأشعة عليه، أمسك بها و تأكد من أسم المريض، ثم أمسكها و وضعها على شاشة في غرفته و تأملها لثواني قبل أن يفتح عينيه على مصرعيهما و يردف: - مستحيل أمسك بصور الأشعة بسرعة، و أتجه نحو معتصم الذي وجده مازال في مكانه، فتحدث بسرعة و هو يحاول أن يستوعب ما حدث قائلا: - فيه حاجة غريبة أوي يا معتصم في الأشعة.
نظر له معتصم بإهتمام فأردف نصر:.
- هشرحلك كل حاجة و حاول تفهمني، و هحاول مدققش أوي في تفاصيل مش هتفهمها، الموضوع بإختصار إن فيه حاجة صغيرة في حجم الشريحة جوه مخ عوض، و في الغالب هي شريحة، و هي موجودة في الجزء اللي بيصدر منه المخ الاوامر لباقي أعضاء الجسم و كل الأوتار الحساسة مربوطة في الشريحة دي، و اللي معاه الجهاز اللي الشريحة دي متصلة بيه يقدر يدي أوامر لعوض و ينفذ كل أوامر بالحرف، يعني أحفظ يبقي حفظ، اعمل يبقي عمل، قول يبقي هيقول.
قاطعه معتصم بشرود قائلا: - و لو قاله أنسي يبقي هينسي أومأ نصر برأسه قائلا: - بالظبط، و بكده ده مبقاش بني أدم ولا بقي إنسان آلي، ده حاجة في النص بينفذ تعليمات زي الإنسان الآلي بجسم بشري نظر له معتصم بإهتمام و تحدث: - و لو الشخص المتحكم قال لصاحب الشريحة أسمع كلام الراجل ده مثلا في كل حاجة هيعمل كده؟ - أكيد، ده لو قاله أقتل نفسك هيقتل نفسه من غير تفكير صمت الأثنان للحظات قبل أن يتحدث نصر:.
- أنا مش فاهم إزاي ممكن يكون فيه حاجة زي كده! مكنتش أعرف إن العلم أتطور للدرجادي أنتفض معتصم من مكانه مردفاً: - العلم ده هيدمر العالم، هيخليه تحت إيد ناس معينة متحكمة في كل البشرية ألتفت معتصم الي نصر سريعاً و تحدث: - أنت تعرف حد أتكلم قبل كده عن حاجة زي دي؟ أومأ نصر برأسه و تحدث:.
- العلماء كتير و العلماء المجانين أكتر، فيه ناس كتير طلعت و قالت كلام كتير عن حاجات مستحيلة و إنهم قادرين يحققوها، زي مثلا الروبوت و إنهم ممكن يبدأوا بتصنيع روبوت يساعدهم في حياتهم سواء في البيت أو في الشغل أو حتى يقوم بمهنة ضباط المرور في الشوارع، بس حاجة زي دي هتهدد البشرية كلها، لإن الروبوت ده هيكون عقله عبارة عن ذكاء أصطناعي، زي الكمبيوتر كده بالظبط، محدش يقدر يغلب الكمبيوتر في لعبة، فما بالك بإنسان من الحديد أقوي منك و أذكي منك، أكيد هيكون نفسه يحكم العالم و يتخلص من البشرية مع مرور الوقت، دي واحدة من الأفكار المجنونة اللي العلماء أقترحوا وجودها بس الموضوع ده أترفض تماماً.
جلس معتصم على مقعده من جديد مردفاً بسخرية شديدة: - يعني أنا و مراتي اللي بتموت جوه دي المطلوب مننا نوقف علماء منعرفش هما مين غالباً هدفهم يسيطروا على العالم أقترح نصر بعد تخمين: - الخطوة الصح هي أنك تبلغ رئيسك باللي أنت عرفته و الموضوع وقتها هيكبر و فيه ناس خاصة هيقدروا يتعاملوا مع الموضوع ده نظر معتصم الي نصر و هز رأسه نافياً:.
- لا، لا صاعقة ولا قوات خاصة ولا مخابرات ينفع يتدخلوا دلوقتي، دي عناصر مهمة في البلد مينفعش يروحوا هدر، على الأقل لحد ما نحاول نوصل العلماء دول مين و وصلوا لأيه، محدش ضامن يكونوا جندوا كام واحد يا نصر، و مع تدخل أي عنصر من دول المتحكمين دول هيستدعوا كل المجندين يدافعوا عنهم، و ناس كتيرة أوي هتروح ضحايا في حاجة ملهومش ذنب فيها، و هيبقي بحر دم نظر معتصم أمامه من جديد و تحدث:.
- هنأجل أنهم يعرفوا شوية لحد ما نشوف هنوصل لأيه أنا و زينة ثم أعاد بصره حيث نصر و تحدث: - و انت يا نصر متتكلمش، لأن أي كلمة ممكن يعرفوها و المجانين دول صدقني مش هيترددوا ثانية أنهم يموتوك هز نصر رأسه بالموافقة، و وقف معتصم متجهاً نحو غرفة زينة، أغلق الباب خلفه و أقترب منها فوجدها قد فتحت عينيها بتعب، فسألها بنفس البرود الذي كان يحدثها به: - اناديلك الدكتور.
هزت زينة رأسها بالنفي، فأمسك معتصم بمقعد و جلس بجوار فراشها في صمت، و طال صمتهما طويلاً جدا ما يقرب الساعتان و كلاً منهما ينظر في أتجاه مختلف و يملأ عقله الكثير و الكثير، وأخيراً بادرت زينة معتصم في الحديث قائله: - معتصم، أنا أسفه على اللي قولته، و أسفه إني خرجت من وراك، و أسفه إني مقدرتش إن ده شغل و إننا شركاء و لازم نكون مع بعض.
أنتفض معتصم من مقعده بغضب شديد و كأنه كان بإنتظارها لتتحدث، فصرخ بها قائلا:.
- و أسفه إنك خليتيني بموت في كل لحظة أتأخرتي فيها بره البيت و انا مش عارف أوصلك، و أسفه على موبايلك المقفول و أسفه على السلسلة اللي قلعتيها من رقبتك و أسفه إنك كنتِ نقطة ضعف قدامي و أسفه إن بسببك أنا قصرت في شغلي و أستسلمت و شوفت موت سبع بنات ملهوش مش أي ذنب قدام عيني و أسفه إنك حسستيني إني عاجز و ثرية و أيمن بيضربوكي بالسوط، انتي أسفه كتير أوي يا زينة، انتي لازم تبقي أسفه لأن بغبائك بدل ما ننقذ الكل و ننفذ مهمتنا، احنا خسرنا و سعد هو اللي نفذ المهمة دي، سعد اللي لولا إني بعتله رسالة بالباب اللي شوفته في الجنينة قبل ما انزل كان زمانا كلنا ميتين، صدقيني يا زينة أنا ماسك نفسي عنك بالعافية علشان مكسركيش و انتي في راقدة في السرير كده، بس أنا وعدتك بحاجة و رغم أني كنت واخد عهد على نفسي ممدش إيدي على واحدة ست بس أنتي تستاهليه يا زينة.
هبط كفه بقوة على خدها الأيمن فصرخت زينة بوجع و أمسكها معتصم من ملابس المستشفي و تحدث بغضب شديد: - عايزة تفضلي مراتي يا بنت الناس و زميلتي في الشغل يبقي تنفذي اللي هقوله، مش عاوزة يبقي تقدمي أستقالتك و تطلبي الطلاق فاهمه دخل الطبيب بسرعة الذي سمع صراخ زينة و كذلك سعد الذي جاء يطمأن عليها بعد ما حدث، فأسرع سعد يبعد معتصم عن زينة قائلا: - أهدي يا معتصم مالك!
أنفجرت زينة في البكاء و تعالت شهقاتها، فتحدث الطبيب بسرعة و غضب شديد: - أطلع بره يا أستاذ، حالاً أطلع بره بدل ما أطلبلك البوليس خرج معتصم بصحبة سعد الي الخارج فضربه سعد بقوة على صدره و تحدث بصوت خافت: - انت أتجننت يا معتصم، إيدك معلمة على وشها إزاي تضربها - لأنها تستاهل و أكتر من كده يا سعد و أبعد عني دلوقتي بدل ما أمد إيدي عليك انت كمان بدل ما أشكرك.
دفع معتصم سعد بعيداً ثم خرج من المستشفي و صعد الي سيارته و أنطلق بها مسرعاً في غير وجهه، و بعد ما يقارب الساعة أمسك بهاتفه و أتصل بكامل و أردف بدون أن يستمع إلي حرف واحد من كامل: - زينة في مستشفي المقطم التخصصي.
ألقي بهاتفه الي الخلف بدون أن يغلق المكالمة حتي، و أستمر في القيادة، ثم توقف في منطقة صحراوية و خرج من سيارته و وقف مستنداً على سيارته و في ثواني كانت مشاهد السبع فتيات يُذبحون قد أحتل تفكيره فضرب عربته بقدمه بقوة و أخذ يصرخ في محاولة للتخلص من الضيق و الإختناق الذي يشعر به و لكن لم يتمكن فجلس على الأرض مستنداً على عجلات سيارته و بدأ في البكاء، فلقد كان هذا اليوم أكبر من ما يمكن أن يتحمله معتصم..
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس عشر
في السابعة صباحاً في مستشفي المقطم التخصصي فتح معتصم باب غرفة زينة، فوجد الجميع بجوارها عدا ريهام، لم يلتفت لهم، و لكنه أغلق الباب بإهمال قبل أن يقترب ليجلس على أريكة في زاوية الغرفة في صمت تام و هو يضع قدماً فوق الأخري مستنداً بذراعه على الأريكة و كفه على خده الأيمن و هو يراقب زينة بنظرات صامتة و جامدة كالجليد..
نظرت زينة الي كامل في توسّل، فتنهد كامل قبل أن يقترب كامل من معتصم و جلس بجوراه على الأريكة و نظر الي زينة كما يفعل معتصم، و تحدث بهدوء شديد: - زينة غلطت بالكلام اللي قالته الصبح و غلطت لمّا مسمعتش كلامك، تقريباً أرتكبت امبارح أكتر من غلطة، بس ده ميمعنش أنك أنت كمان غلطت لمّا ضربتها بالقلم يا معتصم، أنا و انت عارفين كويس اوي أيه نظرة أي حد لأي راجل بيمد إيده على مراته!
نظر معتصم ببرود أعصاب تعجب منه الجميع و أردف: - حضرتك خلصت كلامك! أستاذ كامل أنت عارف إني بعتبرك زي بابايا الله يرحمه بالظبط، و كلامك أحطه على راسي من فوق، بس صدقني ضربي لبنتك بالقلم ده أقل حاجة ممكن تتعمل و ده كان مراعاة لرقدتها دي في السرير لم يلتفت له كامل و تحدث: - انت بتخليني أندم إني وثقت فيك و سلمتهالك.
- أنا اللي ندمان اني وثقت فيها و دخلتها حياتي العملية يا أستاذ كامل، حط نفسك مكاني و شوف سبع بنات بيتدبحوا قدامك بدون أي سبب و السبب الوحيد لعجزي هو خوفي إن بنتك تموت و المجنونة ثرية مكنتش هتتردد لحظة إنها تقتلها حتى لو هي عارفة إن دي وسيلة دفاعها الأخيرة أقترب جاسر منهما و هو يحمل مقعد و جلس أمام معتصم و كامل و تحدث:.
- معتصم، إحنا مقولناش إن زينة مغلطتش بالعكس هي نفسها معترفة بغلطتها دي و أعتذرت و معندهاش أي حل تاني بديل للإعتذار ممكن يرجع السبع بنات تنهد جاسر بقوة قبل أن يلتفت الي أميرة و زينة الجالستان على الفراش، و أردف بعينان تخللت إليهما بعض الدموع التي رفضت الهبوط تماماً بينما أرتسمت إبتسامة على وجه جاسر و هو يقول:.
- أنا عارف كويس اوي معني أنك تعمل المستحيل علشان حبيبتك و مراتك، لإن كريم لمّا دبر الحادثة انا كنت حاسس بقمة العجز و انا شايف أميرة جنبي بتموت هي و أبني، و لمّا قدرت أكلم الإسعاف مقدرتش أفضل صاحي أكتر من كده، بس لما أخدت البنج قبل العملية قالولي إني فضلت أقولهم يلحقوا أميرة و أبني أعاد نظره الي معتصم و أكمل:.
- كنت حاسس بالعجز زيك بالظبط و حبيبتي و حتة مني في بطنها بيموتوا، و كان السبب في كده ماما و بابا و اللي حصل زمان، و طبعا تهور زينة، كان ممكن أسيب أهلي و ميبقاش ليّا أي علاقة بيهم زي أي شاب دلوقتي و خصوصاً إنهم بيمثلوا خطر على حياتي و حياة عيلتي الجديدة سأله معتصم بنبرة خالية من التعبير تماماً: - أنت بتقولي الكلام ده ليه؟!
- عايز أفهمك إني حسيت بالعجز زيك لو مش علشان أنقذ سبع بنات فعلشان أنقذ أبني و مراتي، و مع ذلك فضلت جنب أهلي لحد اللحظة دي و أنا عارف أن كل خطوة بابا أو زينة بيخطوها في شغلهم ممكن تموتنا كلنا بس مع ذلك سوا، علشان احنا مش مجرد عيلة واحدة يا معتصم، أحنا روح واحدة و كيان واحد، أحنا لو واحد فينا وقع التاني بيسنده لحد ما يقف تاني، و لو واحد فيهم تعب كلنا بنحس بتعبه ده، مؤمنين بإن كل حاجة مقدرة و مكتوبة و إن ربنا جعلنا أسباب بس، و إن محدش بياخد أكتر من عمره، و بما إنك دخلت العيلة دي فالمفروض تكون زينا يا معتصم و ده اللي أنا كنت فاكر زينة قالتهولك، مش هتقدر تستحمل غلطات زينة و مش هتستحمل الخطر اللي هتتعرض ليه بسببنا و لو مش هتكون واحد مننا زي ما أحنا لبعض فأنا برجوك يا معتصم تخرج بره العيلة دي بهدوء، أنا مش عايز أهلي لأي سبب من الأسباب يتفرقوا أو يتأذوا، أحنا كفيلين ببعض جدا، مش هتقدر يبقي معندناش غير كلمة أسفين على اللي حصلك بسببنا.
صمت جاسر لبعض الوقت قبل أن ينطق:.
- أنت ظابط يا معتصم و عارف كويس إن الخطر دايماً حواليك و إنك معرض تبقي في أرض المعركة و صاحبك جنبك بيموت مثلا و انت لازم تكمل و بترمي نفسك في النار علشان بلدك و علشان تكشف كل فساد فيها و تخليها أحسن بلد في الدنيا، و دي كمان وظيفة زينة إنها تسحب الستارة علشان تنهي مسرحية كل واحد فاسد في مصر و تدب الرعب في قلوب كل اللي على شاكلته دي، سبع بنات مش رقم قليل يا معتصم و أنا عارف ده، بس بردوا مكنوش هيفضلوا عايشين لو أنت و زينة مروحتوش و هي دي الضريبة، ضريبة أنك تكشف فاسد، و دلوقتي انا عايز أعرف قرارك هتفضل معانا و لا هتخرج بره يا معتصم و تبعت ورقة طلاق زينة.
دق قلب زينة بعنف في إنتظار إجابته، في حين صمت معتصم لوقت كثير قبل أن يعتدل في جلسته و يستند بذراعيه على ركبتيه و يشبك أصابعه أمام جاسر و تحدث و هو ينظر في عينيه قائلا: - هخرج يا جاسر بس للأسف مش دلوقتي، قبل ما أجي على هنا كلمت المقدم مجاهد و طلبت منه يخرج زينة بره القضية اللي لسه هنشتغل فيها سوا و هو رفض، فمضطر أفضل مع أختك لحد ما نخلص القضية دي و بعدين هترجع بيت أبوها.
نظر معتصم الي زينة هذه المرة و رأي الدموع تسيل من عينيها و أردف بتهكم و سخرية واضحة: - أصلي مبعرفش أكون مع واحدة مفيش علاقة رسمية و شرعية بينا تخلينا نضطر نكون في نفس البيت سوا أغمضت زينة عينيها بوجع و هي تعرف انه يلمح لمَ فعلته مع كريم عندما سافرت معه الأقصر، ثم هبّ معتصم واقفاً و تحدث بلهجة قاسية: - عندك أعتراض على ده؟!
نظرت له زينة برجاء و قبل أن تتمتم بعبارات لتكتسب عطفه كان قد أعاد عليها سؤاله بحدة، فهزت رأسها نافية، و نظر معتصم الي كامل قائلا: - أعتقد كده انا عملت اللي عليّا و زيادة و مش هرجع بنتك بعد أسبوعين من جوارها علشان الناس متتكلمش عليكم، و ياريت دلوقتي مدام جنات تساعدها تغير هدومها لأني مضيت على إذن الخروج و أنا ههتم بيها في البيت.
تركهم معتصم مغادراً الغرفة فأنفجرت زينة في البكاء على صدر جنات التي بدأت تربت على كتفها في حنان بينما أرتفع صوت كامل في الغرفة قائلا: - جنات، ساعدي زينة تلبس ألتفت كامل و خرج من الغرفة و ورائه جاسر الذي تحدث بضيق حزين: - معتصم معاه حق في كل كلمة قالها حتى لو كانت طريقته وحشة في الكلام بس هو معاه حق جلس كامل على مقعد في الممر و بجانبه جاسر ثم أردف:.
- عارف يا جاسر أنه معاه حق، و اللي معتصم شافه أمبارح جرح كرامته لو مش كظابط فكراجل، أضطر يستسلم علشان زينة متموتش في حين أن سبع بنات ماتوا قدامه، حد غيره كان عمل اكتر من مجرد قلم على وشها نظر الي جاسر ليكمل: - انا مش شايف معتصم غلطان في أي حاجة يا جاسر، بس بردوا مكنش ينفع مدافعش عن زينة قدامه دي بنتي أمسك جاسر كف كامل و قبله بإحترام و حنان قائلا:.
- خلاص يا بابا متتعبش نفسك بالتفكير في اللي حصل ولا اللي هيحصل، خلينا نستني كل حاجة تيجي زي ما هي مترتبة.
ضمه جاسر بقوة فهو كان يعلم أن والده في حاجة الي عناق ليهدأ من روعه قليلاً، و من بعيد وقف معتصم ينظر لهم بعيون تملأها الدموع، فكم يتمني وجود والده بجواره الآن ليضمه إليه و ينفجر معتصم في البكاء غير مبالي بما حوله، مسح دموعه التي هبطت في سرعة و أقترب منهم و تخطاهم و هو يدق الباب فأتاه الرد و سرعان ما دخل ليجد زينة قد أنتهت من أرتداء فستان طويل واسع فجسدها لا يستحمل أي لمسات حتى من الملابس، أقترب منها معتصم و هو يمسك بكوب القهوة الخاص به في برود و يرتشف منه، ثم سحب الكرسي المتحرك في الغرفة و فتحه مقترباً به منها، ثم وضع كوب القهوة خاصته على طاولة الأدوية و أقترب أكثر من زينة و أمسك بذراعها و لفه حول عنقه فأستندت عليه لتقف لثواني قبل أن تجلس على الكرسي المتحرك الذي بدأ معتصم بدفعه الي الخارج و خلفه الجميع، و بعد ثواني كان الجميع في المصعد الذي هبط الي الطابق الأرضي و منه الي سيارة معتصم التي جلست بها زينة، في حين أستأذن معتصم من الجميع و أنطلق بسيارته نحو المنزل..
في الأسكندرية خرج عبدالله من الشاليه الخاص به في الصباح الباكر متجهاً الي البحر و وقف أمامه و تنفس بعمق و كأنه ينعش رئتيه بالهواء البارد الذي يدخل إليهما، نظر بعفوية على جانبيه، فوجد ريهام تقف على بعد أمتار منه بين مياه البحر و هي تضم شالها الي كتفيها و شاردة تماماً، أقترب منها بهدوء و أبتسم قائلا: - صباح الخير، صاحية بدري كده إزاي؟! لم تلتفت له ريهام بل أجابته بإيجاز: - منمتش من أمبارح.
أمسك عبدالله بكتفيها لينظر إليها في دقة و سرعان ما أنتبه الي شحوب بشرتها فتحدث بقلق: - مالك يا ريهام؟ لم تتمكن ريهام دموعها من الإنطلاق فأنفجرت من عينيها بقوة و هي تنظر له بأسف قائله: - مقدرتش، انا أسفه مقدرتش صرخ بها عبدالله بقوة فأنتبه لهما كل من في الشاطئ: - مقدرتيش أيه يا ريهام عملتي أيه؟ رفعت كفها المرتعش لتظهر علبة دواء سحبها منها بسرعة و نظر إليها و سرعان ما نظر لها بصدمة قائلا:.
- كل دي حبوب إجهاض أخدتيها، هتموتي و تموتي عيالك معاكي يا متخلفة أنحني عبدالله مسرعاً بجذعه و هو يحملها بين يديه و أنطلق بها ركضاً و خرج من الشاطئ الي الطريق و أوقف إحدي سيارات الأجرة التي أنطلقت بهما نحو أقرب مستشفي فسألها عبدالله بقلق: - اخديهم أمتي؟ لم تجيبه ريهام بل أكتفت بالصمت فعاد عبدالله يكرر عليها السؤال في حدة و صراخ و لكن لم يتلقي منها أي إجابة، فأمسكها بقسوة من وجهها قائلا:.
- اللي عملتيه ده حرام عارفة يعني أيه حرام! مبقاش فيه أي فرق ما بينك و بين الحيوان اللي أسمه معتز، هو كان بيقتل و انتي قتلتي ولادك و أقسم بالله لو طلعتي من المستشفي سليمة ما هتردد لحظة إني أكلم أستاذ كامل بنفسي و أقوله على كل اللي حصل.
ظهر الألم فجأة على ملامحها فلانت ملامح عبدالله بسرعة و هو يشاهدها تضع يدها على بطنها المنتفخ و سرعان ما بدأت في الصراخ بوجع، و لكن كانا قد وصلا الي المستشفي، فحملها عبدالله من جديد بعد ان اعطي السائق بعض المال، و سرعان ما أستقبله منها الممرضون و قص عليهم ما حدث و بعد دقائق كانت ريهام في غرفة العمليات لتجهض طفليها اللذان لا ذنب لهما في كل ما حدث!
في الزمالك جلست مني على فراشها في المنزل و هي تنظر بدقة الي الأوراق الخاصة بشركة حمدي، و سرعان ما قضبت حاجبيها بشك و هي تقرأ أسم زينة و معتصم على الأوراق، و تمتمت في داخلها: - مش دي نفس البنت اللي صلاح حكالي عنها أنها رفضته، أيوه هي زينة كامل السعيد، هي نفسها زينة عزيز بس بعد ما أكتشفوا الحكاية بتاعت أهلها و أساميهم رجعت أصلية جزت على أسنانها في ضيق شديد و أردفت:.
- أكيد عرفت أن فيه حاجة، ما هي مش معقول مش هتعرف أبن حتتها اللي بقالهم سنين عايشين سوا، و أنه مش فاكر أنه صلاح ألتقطت هاتفها لتتحدث الي أحد رجالها الذي سرعان ما أجابها قائلا: - معاكي يا مني هانم - أحمد، فيه واحدة أسمها زينة كامل السعيد عايزة أعرف كل حاجة عنها بكل المعلومات التافهه اللي ممكن تعرفها عنها قدامك يومين بس فاهم - حاضر يا مني هانم كادت ان تغلق و لكنها تذكرت عادل فأردفت:.
- عادل لسه نايم يا أحمد و متوصل بالأجهزة! - أيوه يا هانم، و الدكاترة لسه متابعينه في معمل حضرتك و لو حسوا بأي حاجة غلط هيكلموني فوراً و أنا هقولك.
أغلقت مني الهاتف و هي تجذب قلم أحمر من جانبها و أحاطت أسم زينة و معتصم و الحارسان اللذان أرسلهما صلاح بدائرة كبيرة حتى لا تنسي امرهما مطلقاً، و أكملت بحثها في باقي الأوراق الي أن خرج حمدي من المرحاض و هو يرتدي ملابس مريحة، فأشارت له مني بيدها ليقترب منها، فجلس بجوارها و أمسكت هي بأحدي الورقات و أردفت: - قولي أيه اللي حصل بالظبط مع زينة و معتصم دول.
أمسك حمدي الورقة و سرعان ما تذكر كل ما حدث و بدأ في سرده على مسامع مني التي أنفجرت حمرة وجهها من شدة الغضب ثم تحدثت بشرود: - اللي هقولك عليه تنفذه بالحرف يا حمدي فاهم أومأ حمدي برأسه بدون تردد فبدأت مني في سرد ما تريده على مسامع حمدي الذي أجابها: - اعتبريه حصل يا حبيبتي أبتسمت مني بحب و أحتضنته بقوة قائله: - مش عارفة كنت هعمل أيه من غير وجودك جنبي.
أحاطها حمدي بذراعيه و ارتسم الجمود على وجهه و هو يتحدث: - انا موجود علشان أنتي موجودة معايا يا مني لو أن منى قد نظرت الي وجهه و هو يلقي على مسامعها تلك الجملة التي أثارت قلبها لكانت أقسمت انها لم تخرج من بين شفتيه، ملامح وجهه الجامدة كانت في غاية الغموض، و سرعان ما أبتعد عنها حمدي وعادت الأبتسامة ترتسم على شفتيه و أردف: - قومي هاتي الأكل أنا جعان أوي.
تحدث مني بعد تردد طفيف و هي ترسم أبتسامتها على وجهها قائله: - مع إن دي شغلانة الخدم، بس علشان خاطر عيونك أعمل أي حاجة و سرعان ما تركته و توجهت الي الأسفل لتحضر له الطعام فأمسك حمدي بالورقة من جديد و أردف: - زينة كامل السعيد، بكره تتكتبي على أسمي
جاء المساء سريعاً في منزل معتصم و زينة في المعادي.
كانت زينة تجلس على الفراش بدون حركة، بينما أنتهي معتصم من وضع الدواء على جروحها ثم وضع عليها غطاء خفيف، و تركها ليغسل يده ثم عاد و جلس على الأريكة بجوارها فتحدثت زينة بلهجة ضعيفة: - معتصم هاتلي هدومي جاءها رده البارد الذي يقتلها: - مش هينفع تحطي حاجة تقيلة على جسمك على الأقل دلوقتي أستني لما المرهم ينشف - بردانة مش قادرة أستحمل.
نظر لها معتصم و هو يري بوضوح أرتجاف جسدها، و تذكر أرتجافها المستمر و هي ترتدي ملابسها الثقيلة، فما حالتها الآن و هي بدون ملابس و فقط غطاء خفيف عليها، أمسك معتصم بجهاز تحكم صغير بجواره و ضغط على أزراره لتشتغل المدفأة، فتحدثت زينة: - مش هتعرف تقعد كده الدفاية بتخنقك وقف معتصم و أرتدي حذائه المنزلي و هو يتجه نحو الشرفة قائلا: - هخرج أقعد بره فتح باب الشرفة فجاؤه صوتها المتوسل و هي تردف:.
- خليك جنبي لو سمحت، مش هطلب كتير بس خليك جنبي نظر لها و أجابها بقسوة متعمداً: - و طالما دي رغبتك فده سبب قوي إني محققهاش، أتمني تكوني مبسوطة بنتيجة تصرفاتك المتهورة يا مدام زينة.
تركها و خرج الي الشرفة و أغلق الباب ورائه ثم توجه نحو الأرجوحة ليصعد في داخلها فوجد حاسوبها مغلق بجواره، نظر إليه بتردد قبل أن يترك الأوراق بجانبه و يسحبه و خلال ثواني كان قد فتحه، و قد قرر قراءة روايتها التي لم تكتمل بعد فلن يستمر معها حتى تنتهي منها، بدأ في البحث عن الملف حتى وجده و قد أطلقت زينة عليه أسم في منتصف الطريق ، ما أن رأي معتصم أسم روايتها حتى شعر بقبضة فولاذية تعتصر فؤاده و تحدث في هدوء:.
- شكلك كنتي حاسة بنتيجة تصرفاتك يا زينة فتح الملف و بدأ في القراءة مستمتعاً بكل سطر يقرأه و أستمر على هذه الحالة قرابة الثلاثة ساعات بدون ملل، ثم نظر الي أخر سطر قد كتبته زينة.
للقدر دائماً آراء أخري، و لكنني لن أمنحه مبتغاه أبداً، سأحارب القدر بأسلحة من الإصرار على تفادي كل المشاكل مع نصف روحي، لن أفقده مهما حدث، فنحن لا نجد حبنا الحقيقي سوا مرة واحدة في هذه الدنيا و إن كنت لا أستطيع أن أحافظ عليه و التشبث به فأنا لا أستحقه .
تنهد معتصم بقوة و هو يحاول فهم تلك الكلمات، هل هي مكتوبة من داخل قلب زينة ام من داخل قلب الشخصية التي عانت الكثير مع نصفها الآخر، ترك الحاسوب بجواره، ثم خرج من الشرفة ليحصل على كوب من القهوة، و لكن صعق عندما لم يجدها على فراشها، صرخ بأسمها بقوة و قد ظهر على نبرته القلق الشديد و بدأ في البحث عنها في كل مكان، قبل أن يتجه الي المطبخ فيجدها تخرج منه ببطئ شديد أثر جروحها و هي تستند الي الحائط و لكنه تمكن من التوقف بسرعة قبل أن يصطدم بها، ثم تحدث بذهول:.
- انتي أيه اللي قومك من السرير؟! قومتي أزاي أصلا أنتي مجنونة! و كمان لبستي إزاي و ليه! انا قولتلك أيه يا زينة - ناديت عليك كتير بس أنت مردتش فقومت أجيبلي كوباية ماية و لبست لوحدي لأن المرهم نشف أمسك معتصم بيدها لتحيط عنقه قبل أن يرفعها بين يديه متوجهاً بها نحو غرفتهما و نظر الي الساعة و أردف بذهول آخر: - عدي تلت ساعات! وضعها على الفراش ببطئ قبل أن ينطق:.
- زمان جسمك كله مولع نار دلوقتي من حركتك دي رفع أصبعه أمام وجهها بتحذير قائلا: - أياكي تقومي من السرير تاني بدل ما و الله أكلبشك فيه بعد كده أومأت برأسها في هدوء فألتقط معتصم الدواء من الطاولة الصغيرة جوار السرير و أردف: - حتى لما قومتي تجيبي ماية مجبتيش علشان العلاج أخرج أحد الأقراص و قربه الي فمها و لكنها أغلقته سريعاً فنظر لها بتعجب و أردف: - أفتحي بؤك عدي نص ساعة على معاد الدوا يلا.
هزت رأسها بالنفي، فأبعد عنها القرص و جلس بكامل جسده على الفراش قائلا بهدوء شديد: - مش عايزة تاخدي الدوا ليه! - لأنك مش بتديني الأدوية كده سرعان ما فهم معتصم ما تقصده فتنهد و تحدث: - متتعبنيش من أولها و أفتحي بؤك، و لا أجيبلك مدام جنات تديهولك أومأت برأسها نافية و أردفت بإبتسامة سخرية ضعيفة:.
- بالمناسبة مسمهاش مدام جنات أسمها ماما و مسموش أستاذ كامل أسمه بابا، لما تبقي تطلقني أبقي قول اللي نفسك فيه أردفت بحدة بالغة و قد تحولت ملامحها تماماً: - و أياك يا معتصم لأي سبب كان تكلم أهلي زي ما عملت في المستشفي كده فاهم تركها معتصم بدون جواب و اتجه خارج الغرفة و سرعان ما عاد مع كوب من الماء و عاد ليجلس امامها و عاد ليمد يده لها بالقرص فهزت رأسها نافية، فتحدث معتصم بنفاذ صبر:.
- في الساحل كنتي بتاخدي قرص واحد بس لما يكون عندك صداع، أنما أحنا كده مش هنخلص النهاردة دول أربع أقراص لم تجيبه بل أكتفت بالصمت و هي تنظر له في انتظار قراره فوضع الدواء الي جانبها مع الماء ثم تحدث ببرود مزيف: - لمّا تلاقي نفسك مش قادرة تستحملي الألم و محتاجة المسكنات و الأدوية دي أنتي هتاخديهم لوحدك.
كان على وشك الذهاب الي الشرفة من جديد و لكن سمع طرقات على الباب فأقترب منه و فتحه و وجد امامه شاب مراهق صغير فسأله معتصم بإبتسامة جميلة: - فيه حاجة؟! - اه ماندو باعتلك التليفون ده معايا سحب منه معتصم الهاتف و دس يده في جيب بنطاله و أخرج النقود و وضعها في كف الشاب قائلا: - شكراً و أشكرلي ماندو أمسك المراهق بيد معتصم بقوة و أردف بتعجب: - أستني بس يا أستاذ، ماندو مقالش أنه ليه فلوس معاك؟
- دول مش علشان ماندو هو أخد حسابه دول ليك أنت علشان وصلت لحد هنا هز المراهق رأسه بالنفي و عاد ليتحدث و لكن قاطعه معتصم: - مفيش ولا كلمة، أسمع الكلام و خد الفلوس دي، لو مش محتاجهم عينهم لحد ما تحتاجهم، أسمك أيه بقاا؟! أبتسم المراهق بأحراج و هو يتمسك بالمال قائلا: - سليم و بيقولولي زغلول - ماشي يا زغلول و متنساش تسلملي على ماندو - الله يسلمك يا باشا.
ذهب سليم من أمامه في حين عاد معتصم مرة أخري الي الداخل و هو يفتح هاتفه و توجه نحو الشرفة بتجاهل لزينة التي أشتعلت النيران في قلبها بحزن من تلك المعاملة الجافة و القاسية التي يعاملها بها معتصم.. جلس في مكانه من جديد بين الأوراق و هو يمسك بأحدها و بدأ في قرائتها بهدوء و في يده قلم يخطط به أسفل بعض العبارات، و بعد ساعة أمسك بهاتفه بتعب و أتصل بسعد الذي أجابه سريعاً: - حمدالله على سلامة التليفون.
- الله يسلمك يا ظريف، أسمع فيه واحد أسمه صلاح عبدالحميد صبري كان قاعد من كام شهر في المقطم و بعدين نقل من المطقم وراح لبيت أبو عروسته، عايز كل حاجة عن محل السكن الجديد و كل اللي حصل من وقتها لحد النهاردة و أي حاجة عن العروسة و أبوها تفيدني، تعرف ولا أيه؟! أومأ سعد برأسه قبل أن يجيبه: - طيب معاك أسم مراته دي ولا لأ؟! - أه أسمها مني تيسيير ماذن الشافعي، محدش يشم خبر عن الموضوع ده يا سعد فاهمني.
- تماام متقلقش، يلا سلام أغلق معتصم الأتصال، ثم تثائب بتعب و بدأ في العبث قليلاً بهاتفه فوجد رسالة زينة على الواتساب، أستمع إليه و كان محتواها:.
- انا اسفه يا معتصم، أنا غلطت لما كلمتك كده متزعلش مني أنا بحبك و مش عايزة أزعلك، أنا بس مش بحب التيم ورك أوي أو مش متعودة عليه كنت فاكرة هي مرة واحدة وقت خالد الدهشوري، بس وجودك جنبي مستحيل يكون حاجة وحشة حتى لو في الشغل، كفاية الأمان اللي بحس بيه و انت في ضهري، أنا فعلا روحت عند بيتها و بحاول أدخله، هبعتلك اللوكيشن، بحبك.
تنهد معتصم بحيرة في محاولة لإتخاذ قراره، أرسلت له بعنوانها قبل أن تدخل و أعتذرت، و لكن سقوط هاتفه منعه من رؤية الرسالة أو الذهاب إليها في وقت أبكر لإنقاذها من المأزق التي وضعت نفسها به هي و باقي الفتيات، وضع هاتفه في جيب بنطاله ثم أمسك بأوراقه و بدأ في جمعها و كذلك حمل حاسوبها المتنقل و دخل الي الغرفة و وضع كل شئ في مكانه، ثم أقترب من زينة و نظر الي الدواء جوارها فكان كما هو، تنهد بغضب من عنادها و أردف:.
- أنا هروح أجيب أكل علشان تتغدي و تاخدي الدوا، بطلي عند شوية بتعرفي ولا لأ.
خرج من الغرفة و سرعان ما عادت ملامح الألم تحتل وجهها فهي تشعر و كأنها تجلس على رمال صحراء حارقة و أشعة الشمس فوقها منذ ساعات تحرق جسدها بحرارتها، مرت نصف ساعة أخري و جاء معتصم حاملاً الطعام، جلس بقربها و بدأ في إطعامها و هي تستجيب له بهدوء، و سرعان ما ظهرت دموعها التي هربت من عيونها من فرط ألمها، فأمسكت زينة يد معتصم أمامها قائله: - مش عايزة، انا هنام.
و سرعان ما تحرك لتنام و أنفلتت من بين شفتيها أهات خافتة تعبر عن تألم كل جزء من جسدها، و لكن سمعها معتصم الذي ساعدها على الجلوس على الفراش من جديد و هي تنظر له بتعجب، ثم أمسك بالدواء و وضعه بين أسنانه ليقترب منها في هدوء ثم نظر لها في أنتظارها لتأخذها، و لم تخيب ظنة فقد أقتربت و ألتقطتها بأسنانها من بين خاصته و بسرعة شديدة لفت ذراعيها حول عنقه و ضمته إليها بقوة تألم لها جسدها فرفع معتصم يدها على ظهرها بهدوء قائلا:.
- خدي الدوا الأول و انا قدامك أهوه مش هطير أردفت ببكاء صامت ظهر في نبرتها و دموعها التي هبطت على رقبته: - انا أسفه أبعدها معتصم عنه في هدوء و أبتسم لها بحنان قائلا: - طيب خدي الدوا الأول و بعدين نتكلم هزت رأسها بالموافقة و ألتقطت منه كوب الماء و تجرعت باقي الأقراص على نفس المنوال، ثم سحب هو منها الكوب و نام على الفراش، ثم وضع رأسها على صدره و أحاطها بلطف حتى لا يؤلمها، و أردف:.
- أنا اسف علشان ضربتك، مكنش لازم أعمل كده، أوعدك هحاول مكررهاش تاني مهما أتغابيتي ضحكت زينة بخفوت و رفعت نظرها له قائله: - بحبك يا معتصم و الله بحبك، اوعي تبعد عني أنا روحي فيك - أنا جنبك متخافيش أرتفع رنين هاتف معتصم الذي زفر بضيق و هو يخرج هاتفه من جيب بنطاله فوجد رقم خاص، أعتدل بسرعة و أجابه: - أيوه! - أخرج من بيتك قبل الفجر انت و مراتك أو هتموتوا.
أُغلق الهاتف بسرعة فأنتفض معتصم واقفاً و سحب حقيبة سفر صغيرة وضع بها أحتياجاتهم الهامة بين أسئلة زينة القلقة، ثم أغلق الحقيبة و وضعها على الأرض و رفع يدها ليسحبها خلفه و أقترب من زينة قائلا بقلق: - قومي بسرعة و هفهمك في الطريق مفاضلش كتير، كلها 10 دقايق على الفجر نهضت زينة بألم حاولت تجاوزه و أستندت على معتصم الذي خرج مسرعاً من المنزل و قاد سيارته منطلقاً بلا هدف..
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس عشر
في المقطم بمنزل كامل جلست جنات على فراشها تبكي بحدة و حولها كلاً من جاسر و أميرة و امامها كامل، سيطر الحزن على المنزل بأكمله بعد أن مضت خمسة أشهر منذ أختفاء معتصم و زينة و أغلاق هواتفهم و كذلك ريهام التي لم تعود من الأسكندرية بعد أسبوع كما قالت..
أبلغ كامل الشرطة عن الثلاثة و لكن لم يتمكنوا من إيجادهم حتى هذه اللحظة، أرتفع رنين هاتف جاسر الذي مسح دموعه و أجاب على الرقم المجهول و بعد ثواني من التعارف علم جاسر أنه غريب المنتج، فتحدث جاسر بتعجب: -خير يا أستاذ غريب في حاجة؟! -أنا بحاول أوصل للأنسة ريهام من فترة طويلة و هي تليفونها مقفول أنتبه جاسر بإهتمام الي حديثه و أردف: -و لقيتها؟! -لا، انا جبت رقم حضرتك قولت أنت ممكن توصلني ليها!
تنهد جاسر بحزن و يأس و أردف: -ريهام مختفية بقالها فترة يا أستاذ غريب، انا عارف أنك خسرت كتير في الفيلم ده بس أنا مستعد أعوضك المبلغ اللي أنت عايزه تحدث غريب بلهجة سريعة: -لالا يا جاسر، أنا هنزل الفيلم، أنا بس منتظر ريهام توافق و تمضي و أكيد هينزل، الموضوع كله مسألة وقت بس -أنا بكرر أعتذاري ليك يا أستاذ غريب أنتبه جاسر فجأة و تحدث بسرعة:.
-لحظة واحدة، انا عارف هي ممكن ترجع إزاي و الفيلم ينزل إزاي من غير ما تكون موجودة صمت جاسر لثواني يستمع الي غريب الذي شجعه على الحديث فأردف: -ريهام عملالي توكيل، انا أقدر أمضي مكانها و الفيلم ينزل، و أول ما ينزل هي هترجع أكيد علشان تعرف أيه اللي حصل و إزاي نزل من غير إذنها! صمت غريب يجمع كلماته و يحللها ثم تحدث بخفوت: -بس هي كده هتتضايق -بس هترجع بردوا و ده اهم اننا نعرف هي فين.
أقتنع غريب بكلمات جاسر و سرعان ما حدد معه معاد للمقابلة، و أغلق الخط و نظر جاسر الي الجميع و سرد عليهم ما حدث فأردف كامل بيأس: -يا رب ترجع هي و أختها بقاا، قلبي واجعني عليهم و انا معرفش هما فين ولا حصلهم أيه ربتت أميرة على كتف كامل بحنان قائله: -ان شاء الله هيرجعوا يا بابا أتطمن
في مخزن مهجور في المعادي.
وقف كلاً من مدرب الفنون القتالية خالد العياط ومعتصم و زينة التي حولت لون خصلاتها للبني حتى لا تكون ملفتة للأنظار، بعد أن أستمروا لساعة كاملة في تدريب قاسي على ما تعلموه خلال الخمسة الأشهر الماضية حتى تمكن الأثنان من هزيمة خالد أخيراً، جلست زينة على الأرض بتعب و هي تلقي بعصاتاها الخشبية على الأرض و كذلك فعل الباقيين، و تحدث خالد بهدوئه المثير للأعصاب: -هتفضلوا هربانين كده كتير؟! أجابه معتصم بتعب:.
-احنا مش هربانين أحنا بنحمي نفسنا من منى الشاذلي هي و أبوها، و بعدين ما انت عارف أننا أخدنا أجازات وهمية من شغلنا و شغالين على القضية من بعيد، أنت ناسي التليفون اللي جالي و من بعدها البيت كله أتضرب بالنار و مكنش فيه حتة سليمة وضعت زينة يدها على قدمها و بدأت تدلكها في تعب قائله: -يا رب بس نخلص القضية دي قبل ما نتقتل، أنا حاسة بنار في رجلي.
أقترب منها معتصم و بدأ هو في تدليك قدمها بإحتراف و تحدث الي خالد: -المهم انت بتوصل كل اللي بنقولك عليه لسعد و منير -أه متقلقش، و الاتنين بيقولوا أن منى و تيسيير مفيش عليهم أي دليل نظرت زينة بتعب الي معتصم و أردفت: -أحنا محتاجين ورق نكتب فيه اللي وصلناله يمكن نقدر نربط أي حاجة ببعض و نشوف حل بقاا وقف خالد و أحضر لهما أوراق بيضاء كثيرة و معها عدة أقلام قائلا: -خدي انا جبتهملك.
أمسك زينة الأوراق و بدأت في كتابة عدة عبارات و كل واحدة محيطة بدائرة تيسيير عالم في الهندسة الكمية و منى عالمة في الكيمياء و دكتورة جراحة شريحة الأوامر في العقل و أستحالة خروجها من غير موت أختفاء بيان تيسيير من 9 سنين عن تغيير العالم حمدي الصمدي تحت تأثير منى بالكامل مكالمات و رسايل من مجهول
محاولة قتلنا .
اختفاء أعداد كبيرة من الشباب و 40% منهم من أفراد الأمن المركزي و الصاعقة و الشرطة المصرية زيادة التعيينات في شركة Deep نثرت زينة الأوراق على الأرض فترك معتصم قدمها و بدأ في فحصهم بعينيه بدقة شديدة و كذلك خالد، و بعد ما يقارب النص ساعة تحدث خالد: -دكتور زين اللي قولتلكم عليه واخد دكتوراه في جراحة المخ و الأعصاب زمانه على وصول، ممكن لمّا ييجي يساعدنا أجابه معتصم بقليل من القلق:.
-انا واثق فيك يا خالد و في أي حد تبعك، بس معرفش ليه قلقان تحدثت زينة و قد تملكها الشعور بالعجز: -أنا حاسة إن البلد هتروح في داهية، احنا بقالنا 5 شهور مختفيين مش عارفين نوصل لأي حاجة ضدهم حتى مع مساعدات سعد و منير، أكيد تيسيير و منى جندوا ناس كتير معاهم و زرعوا الشريحة في عقولهم و بقوا تحت سيطرتهم، و احنا كل ما بنظهر بيحاولوا يقتلونا.
صمت معتصم للحظات يراجع ما قالته زينة و سرعان ما ظهرت الصدمة على وجه مردفاً: -دي تبقي مصيبة لو ده حصل فعلا ً تحدث خالد بقلق شديد: -هو أيه ده يا معتصم!؟ أمسك معتصم بإحدي الورقات و أردف: -الناس اللي مختفية دي و من ضمنهم الشرطة و الصاعقة، أكيد اتجندوا و بقوا تحت تأثير منى و تيسيير هزت زينة رأسها بصدمة قائله: -كده عيونهم بقت في كل حتة سيطروا على البلد.
أرتفع صوت دقات على باب المخزن و أنطلق خالد ركضاً و يتمني أن يكون القادم هو زين صديقه، و ما ان أقترب حتى سمع صوت زين الذي أردف: -أفتح باب جهنم الشيطان وصل فتح خالد الباب سريعاً و سرعان ما أحتضن زين بقوة قائلا: -وحشتني أوي يا عم كل دي غيبة دفعه زين و دخل ساحباً حقيبته و أردف: -وحشتك! هي دي كلمة سر يا ابو وحشتك جهنم و شيطان ليه لوسيفر قدامك.
أغلق خالد باب المخزن بمرح و هو يضع يده على كتف زين و دخل معه قائلا: -زعلان من شيطان و جهنم! ده أنت كلها كام شهر و لا كام يوم و تلاقي جهنم على الأرض من اللي بيحصل أقترب زين ليجد معتصم و زينة واقفين، صافحهم بأدب قبل أن يجلس الجميع و بدأ خالد بتعريفهم، ثم سرد كل ما حدث على مسامع زين الذي قضب حاجبيه و هو يحاول أستيعاب الأمر، ثم تحدث: -طيب فين صورة الأشعة بتاعت الحارس ده.
سحب خالد حقيبته من خلفه و أخرج منها الأشعة و بدأ زين في التطلع إليها قائلا بذهول: -البنت دي مجنونة أكيد! أي محاولة إننا نخرج الشريحة من رؤوس الكل تقريباً مستحيلة من غير ما الإنسان ده يموت ثم عاد يقضب حاجبيه بتفكير ثم أردف: -كتخمين، اي حد أتزرعت في دماغه الشريحة دي مش فاقد وعيه بشكل كامل نظر الجميع له بعدم فهم فأكمل زين ببساطة:.
-الشريحة مش مسيطرة بشكل كامل على المخ، يعني المجند بيكون بينفذ اللي بيتقاله بالحرف في حين أن شخصيته الحقيقية لسه جواه بتفكر و مش قادرة تسيطر على الجسم، يعني بيكون مزدوج شخص له تفكيره مش بيخرج و شخص بينفذ الأوامر بدون تردد فكر معتصم قليلاً و نظر الي زينة التي نظرت له في نفس اللحظة و تحدثت بسرعة: -طيب هو ممكن الشخصية الحقيقية اللي مكبوتة جوه دي تطلع للحظات أو دقايق أومأ زين برأسه قائلا:.
-ده احتمال وارد أكيد جاء دور معتصم ليتحدث قائلا: -معني كده أن اللي بيبعت لينا الرسايل و بيتصل ده ممكن واحد منهم وقف خالد و بدأ في الدوران في المكان ثم توقف فجأة قائلا: -و ده نفس اللي وقّع أسمهان يوم فرحكم، حد يعرف زينة و معتصم كويس و مجند، يعني صلاح اللي هو دلوقتي حمدي الصمدي، تفكيري صح ولا أيه؟!
تثبت تفكير الجميع عند هذه النقطة فها هم قد وصلوا الي أول خيط ليكشفوا اللعبة الخاصة بمني و تيسيير، و سرعان ما وقف معتصم و ذهب خلف أحد الصناديق الكبيرة في المكان و بدأ في تغيير ملابسه، فتحدثت زينة: -هنروح لصلاح صح؟! أجابها معتصم بالإيجاب في سرعة و خرج بعد ثواني و قد بدل ملابسه ثم توجه نحو زينة و رفعها عن الأرض و تحدث: -هنحاول منتأخرش ممكن نوصل لحاجة لو شوفناه أمسك خالد معصم معتصم بسرعة قائلا:.
-أنت أتجننت ولا أيه!؟ يا معتصم منى بتدور عليكم و عايزة تموتكم -و احنا مش هنفضل مستخبيين كده زي الفيران كتير و مش قادرين نعمل حاجة، مش هي عاوزانا، أحنا هنروح ليها برجلينا وقف زين و أردف: -ده الأفضل كل لحظة بتعدي و أحنا ساكين محدش عارف بيحصل فيها أيه.
ركض معتصم و كذلك زينة الي الخارج في سرعة، صعد هو خلف عجلة القيادة و هي في المقعد الخلفي، و أنطلق بسرعة نحو منزل صلاح و رفع زجاج السيارة الأسود حتى لا يتعرف عليهم أحد و كذلك بسبب تبديل زينة ملابسها في الخلف و عندما أنتهت أنتقلت للمقعد الأمامي خلفه و هي تمسك بهاتفها الجديد و تفتح المسجل ثم وضعته أمامها و نظرت الي الخلف و أحضرت سلاحها و سلاح معتصم و تأكد من إمتلاء مخزنيهما ثم وضعت خاصته في حزام بنطاله و كذلك فعلت في سلاحها، فأردف معتصم:.
-جاهزة ولا احنا رايحين للموت؟! أبتسمت زينة في سخرية قائله: -لو هنروح للموت فهيكون من نصيبهم، احنا مش هنموت قبل ما نكشفهم -القتل بمسدس مرخص في غير ملكيتك جريمة قتل عادية يعاقبك عليها القانون يا قلبي تحدثت زينة في نبرة تملؤها الغموض و الخبث: -بس إصابات طفيفة محدش هيقدر يفتح بؤه والا كل أسرارهم هتتفضح -و هما أيه يخليهم متأكدين إن معانا أسرارهم.
-بعتوا اللي يقتلنا من خمس شهور، وكل ما نظهر يحاولوا يقتلونا، تفتكر ليه غير علشان عرفوا أننا كشفناهم! أومأ معتصم بإقتناع بإجابة زينة، ثم أمسك هاتفه و ضغط على بعض الأرقام و أتاه الرد بعد ثواني فأردف معتصم: -أستاذ حمدي الصمدي مظبوط؟! -أيوه مين حضرتك -حد بتدور عليه، و عارف مكانه فين في نفس الوقت -انا مش فاهم حاجة! -هقابل حضرتك في كافيه جراند اللي في المهندسين بعد نص ساعة.
أغلق معتصم الخط ثم اغلق الهاتف ثم ركز في الطريق أمامه، و مرت نصف ساعة و وصل الي المقهي، فخرج من السيارة و تبعته زينة الي الخارج و دخلا الي المقهي و بدأت رؤوسهم تدور بحثاً عن حمدي الذي كان يجلس في منتصف المقهي، فأقترب الأثنان منه و جلسا فسرعان ما تحدث حمدي بدهشة: -زينة و معتصم! نظر حوله بسرعة ليراقب المكان ثم عاد بنظره اليهم و سألهم في خفوت: -أنتو أتجننتم بتعملوا أيه هنا!
نظرت زينة الي معتصم بتعجب فأردف معتصم: -صلاح أنت اللي بتـ هز صلاح رأسه بسرعة نافياً و أشار الي شفتيه ليصمت الأثنان في تعجب، فأخرج ورقة و قلم دوّن بهم عبارة أسفل الطاولة، ثم وقف قائلا في رسمية و هو يزرر جاكيت بدلته: -سبق و قولتلك أنا حد غير، انا أسمي حمدي الصمدي، و على العموم فرصة سعيدة مد صلاح يده و صافح معتصم ثم ذهب سريعاً فقبض معتصم يده بسرعة ثم وقف قائلا: -يلا نمشي بسرعة.
أتجه معتصم و زينة الي السيارة، فتح معتصم قبضته و قرأ الورقة ثم تحرك بسرعة قائلا: -مني مراقباه بطريقة ما، و أداني عنوان و معاد نقابله هناك شبكت زينة يديها بإسترخاء قائله: -حلو أوي، شكل صلاح قدر يسيطر على نفسه بشكل كامل -هنقابله الفجر.
هزت زينة رأسها بصمت و أستمر معتصم في القيادة بدون هدف الي ان جاء الفجر فذهب الي حيث العنوان المتفق عليه و هناك وجد سيارة صلاح و هو واقف وحيد أمامها فأقترب منهما صلاح و جلس في الخلف قبل أن يهبط الأثنان و تحدث: -العربية بتاعتي أكيد متراقبة أنما دي لا، دلوقتي بقا فهموني عايزين أيه بالظبط و إزاي تظهروا كده فجأة منى هتموتكم! سأله معتصم مباشرة و تجاهل حديثه:.
-انت اللي كنت بتبعت الجوابات من لما كنا في شهر العسل صح!
-أيوه يا سيدي أنا، هحكيلكم كل حاجة، منى في اليوم اللي عملتلي فيه عملية زراعة الشريحة في راسي حكتلي كل حاجة عنها و بالتالي لما صحيت بعد العملية حسيت أني عايش بس مليش سيطرة على نفسي و ان حد تاني مسيطر عليا، حاولت أتغلب على الموضوع ده و في الأول كنت بقدر أسيطر عليه لدقايق بس كنت ببعت ليكم فيه خيوط توصلكم، و دلوقتي بمثل على منى إني لسه زي ما انا و أن الشريحة مفقدتش سيطرتها عليا سألته زينة بتعجب:.
-طب و ليه بتنفذ كل اللي هي عايزاه؟ و ليه متبلغش البوليس باللي هي بتعمله؟! أقل حاجة بتعمل عمليات جراحية غير رسمية بدون إرادة الناس! دي قتلت مامتك أنت عارف! هز صلاح رأسه في ضيق و تحدث: -أيوه عارف، قتلتها لما بدأت تسأل كتير عليا بعد ما أختفيت في معمل منى بعد العملية و كنت في غيبوبة فقتلتها ومش بس كده دي جربت عليها دوا هي صنعته بحيث يحافظ على الجثة من غير ما تتحلل زي التحنيط كده بس مش بيستمر كتير!
نظرت زينة الي معتصم الذي أردف: -و ده كده بيفسر كلام الدكاترة إن الجثة ميتة من زمان بس التحليل بدأ من فترة صغيرة أكمل صلاح متجاهلاً أستنتاجهما:.
-أنا مش هقدر أقول للبوليس حاجة، لأنه لو أتقبض عليها أو لاً، هي معاها جهاز تحكم في كل الشرايح دي و بضغطة واحدة بس ممكن تفجر رؤوسهم كلهم و منى مجنونة تعمل كده من غير تردد، و بنفذ كل اللي هي عايزاه علشان متحسش إني متغير أو إني رجعت طبيعي وقتها ممكن تقتلني و أكيد انا مش عايز ده صمت صلاح للحظات و كأنه قد تذكر شيئاً ما لتوه و أكمل:.
-في مرة دخلت عليهم المكتب بعد ما الشريحة فقدت سيطرتها، و سمعت و عرفت حاجات مهمة و خطيرة جداً، تيسيير بيبني بوابة، بوابة لعالم تاني هو بناها أصلا بقاله كتير بس بيعمل واحدة أكبر، البوابة دي في البداية كان فاكر أنه من خلالها ممكن يوصل لعالم تاني و يعمره، بس أتضح إن البوابة دي زي الثقب الأسود كده بالظبط بيبلع أي حاجة و مش بترجع، علشان كده قرر إن كل الضحايا نتيجة الثورة اللي ناوي يعملها في العالم علشان يسيطر عليه هيرميهم في البوابة دي، بس أستقرار البوابة دي مش ثابت، يعني لو حطيتي أيدك جواها مش هتبلعها و تقدري تشديها تاني لبره عادي، إنما لو رميتي جواها أرنب مثلا مستحيل يرجعلك لأن وقتها البوابة بتبلعه.
ظهرت الصدمة على وجهي معتصم و زينة فأكمل صلاح و هو يحاول أعتصار عقله حتى لا ينسي أي معلومة:.
-اه صح، منى عملت حاجة غريبة أوي، قرروا يستغلوا منصب عادل مديرك في الشغل يا زينة و تيسيير اتنكر في هيئته شهور و بعدين عادل رجع تاني بس مش راجع عادي، ده راجع نص حيوان و نص بني آدم، منى حقنته بحاجة تخلي فيه صفات حيوان سام جداً أسمه تقريباً وحش جيلا، و حقنت ناس كتير بأكتر من حاجة و بقي فيه في مخزنها مجموعة كبيرة من أنصاف البني أدمين و الحيوانات السامة و المفترسة، زي المستذئبين كده مثلا، و الحارسين اللي كانو مع عادل طول الوقت دول، ده لما عادل رجع جابهم علشان لو عمل اي حركة غلط خربش واحد مثلا أو عض واحد أو حد شرب أو أكل بعده هيتسمم بسرعة و دول كانو موجودين علشان يمنعوا حاجة زي دي تحصل و طبعاً كانو تبع شركتي و بعدين عادل حصله بيات شتوي زي الحيوان اللي أتحول ليه بالظبط فرجع تيسيير تاني متنكر في شخصيته.
و أكمل صلاح أخيراً:.
-و فيه واحد أسمه ألفريد تقريباً فرنسي، ده بيساعدهم و نفس اللي حصل في مصر هيبدأ يحصل في أمريكا بعد فترة و من أمريكا هيتنقل على فرنسا و كوريا و ألمانيا و اليابان و الصين و الهند و بعد كده مش فاكر أيه الترتيب بس لحد ما يسيطروا على العالم يعني، و تيسيير هيبدأ الموضوع ده بقنبلة ذرية هتضرب فوق المحيط الهندي في طيارة هليكوبتر فيها واحد من أفراد الصاعقة المجندين، كل اللي هما قرروه ده هيبدأ يحصل بالترتيب خلال شهر.
نظر معتصم أمامه و هو يحاول إستيعاب الأمر و كذلك زينة التي تحدثت بلاوعي:.
-يعني أحنا المطلوب مننا نوقف 2 علماء مجانين عايزين يسيطروا على العالم و هما عندهم مجندين هيكونوا واخدين أوامر بالقتل فوراً، و مجندين تانيين هيتفقوا على البشر لأنهم حيوانات و بشر ده غير ثقب أسود و قنابل ذرية، و طبعا مش معانا أي وسيلة نقدر نوقف بيها اللي بيحصل ده، و لو القيادات العالية في الدولة عرفت هتقلب حرب و بنسبة كبيرة هيكون الفوز ليهم و العالم كله هيتحول لبحر من الدم، الموضوع غلب مذبحة هتلر لليهود و مذبحة محمد على أحنا قدام تطورات علمية أحنا منفهمش فيها أي حاجة و لازم نحاربهم لوحدنا.
تحدث صلاح بتوجس: -انا لازم أمشي دلوقتي وخدوا الورقة دي هتلاقوا فيها كل العنواين اللي ممكن تحتاجوها علشان توصلوا لأي حاجة، زي مثلا معمل منى و معمل تيسيير التاني لأن الاولاني ورا المكتبة اللي في مكتبه، و مكان أنصاف البشر دول، و طبعا أنتو عارفين إن المجندين عندي في الشركة، انا مش هقدر أفيدكم بأكتر من كده أياكم تتصلوا بيا تاني لأي سبب، و لو قدرتوا تنجحوا وقتها هيبقي لينا مقابلة تانية اكيد.
خرج صلاح من السيارة و توجه الي سيارته و غادر المكان، في حين أطبق معتصم بقوة على الورقة في يده قائلا: -لازم نفكر و نتحرك بسرعة قبل ما يستعدوا لكل حاجة ويبدأوا تنفيذ ده بيقول فاضل أقل من شهر أنطلق معتصم هو الآخر مسرعاً بسيارته نحو المخزن، و وصل بعد نصف ساعة و دق الباب و عندما شعر بأحدهم خلف الباب أردف: -أفتح باب جهنم الشيطان وصل.
فتح خالد الباب فدخل معتصم و خلفه زينة و أغلق خالد الباب و جلس الجميع، فتحدث زين بقلق: -أنتو مش مظبوطين! وشكم أصفر ليه و بترتعشوا! بدأ معتصم في سرد كل ما قاله صلاح على مسامع خالد و زين و كان الصمت و الذهول حليفهما، و جلس الجميع ما يقرب من الساعة في سكون و صمت تام كلاً منهم يحاول أستيعاب ما قاله صلاح و التفكير في حل لتلك الكارثة التي حلت على الجميع...
في موسكو.
كانت ريهام تجلس في أحد المقاهي الفاخرة و هي تحتسي قهوتها، و سرعان ما تصاعد رنين هاتفها، فأبتسمت و أجابت بمرح قائلا: -لسه فاكر أن فيه واحدة مكلمتهاش بقالك يومين أبتسم عبدالله و أردف: -أصل عبدالله قال يخلص كل الشغل اللي وراه علشان عاملك مفاجأة سألته ريهام بفضول شديد بعد أن تجرعت بعض القهوة قائله: -مفاجأة أيه يا تري!
شعرت ريهام بأحدهم يضع قبلة خاطفة على خدها الأيسر و ألتفتت لتعاتبه و لكن وجدت عبدالله امامها و في يده باقة رائعة من الزهور الحمراء فأبتسمت بفرحة شديدة قائله: -أنت قدامي بجد ولا أنا بحلم أقترب عبدالله و وضع قبلة أخري على خدها الأيمن و تحدث: -كده يبقي أيه! طوقت ريهام عنقه بيدها في فرحة شديدة و تحدثت: -وحشتني أوي اوي أختل توازن عبدالله للحظات قبل أن يعتدل و هو يرفعها من خصرها و يضمها إليه قائلا:.
-و انتي كمان أوي أوي أنزلها عبدالله و قدّم لها الزهور قائلا بعذوبة: -احلي ورد لأحلي وردة في الدنيا ألتقطت منه ريهام الباقة في فرح شديد و سرعان ما أنكمشت ملامحها في ضيق و عادت تجلس مكانها فجلس عبدالله على المقعد مقابلها قائلا بإستغراب: -مالك صدرتي البوز ليه؟! -متصلتش بيا بقالك يومين ليه يا عبدالله مش يمكن مت ولا حاجة! رفع عبدالله أحد حاجبيه في تعجب ثم تعالت ضحكاته فنظر الجميع إليه وأردف:.
-أنتي قالبة بوز علشان مكلمتكيش و انا قاعد قدامك دلوقتي صمتت ريهام و لم ترد عليه فوقف عبدالله و ألتفت خلفها ثم ربت على كتفها برقة فألتفتت ريهام بتعجب، فتحدث عبدالله برقة: -أنا أسف جدا لو هضايقك بس أنتي أحلي واحدة عيني وقعت عليها في يوم من الأيام، تسمحيلي أنول الشرف و أقعد معاكي.
حاولت ريهام إخفاء إبتسامتها و هي تشير له بالجلوس، فعاد عبدالله يجلس من جديد و مد إليه قبضة يده مظهراً الخاتم في أصبعه قائلا: -أعرفك بنفسي، عبدالله مجاهد جوز حضرتك، و حضرتك أسمك أيه؟! مد له ريهام يدها قائله برقة بالغة: -مدام ريهام السعيد مرات حضرتك أمسك عبدالله يدها بحب و وضع قبلة عليها قائلا: -أحلي مدام ريهام في الدنيا سحبت ريهام يدها من كفه بخجل قائله: -أيه الأخبار في مصر؟ تنهد عبدالله و أردف:.
-الدنيا كلها مقلوبة عليكي و على زينة و معتصم -هما لسه ملقوهمش! هز عبدالله رأسه نافياً بأسف قائلا: -لا لسه أمسك عبدالله بيدها من جديد ليكمل: -حبيبتي، باباكي و مامتك هيموتوا من الخوف عليكي، أنتي سليمة الحمدلله كلميهم و طمنيهم عليكي كفاية وجع قلبهم على زينة و مش عارفين عايشة ولا بعد الشر جرالهم حاجة تحدثت ريهام بفزع قائله:.
-بعد الشر يا عبدالله، بس لا أنا مش عايزة اكلم حد، و مش عايزة أرجع، كفاية اللي حصلي في مصر أنا مش مسعدة أواجه حد باللي حصل ولا بحملي و إجهاضي اللي أنا زي الغبية كنت السبب فيه ولا قادرة أواجه حد بأنك جوزي و دي أصعب حاجة ثم أكملت بسخرية شديدة: -مش بس أتجوزت من ورا أهلي، ده انا أتجوزت واحد أصغر منى ب 5 سنين قضب عبدالله حاجبيه في ضيق قائلا: -أنتي ليه فاكرة أني دي حاجة وحشة يا ريهام!
أمسك ريهام يده بحب و أردفت: -عبدالله، جوازي منك أحلي حاجة حصلتلي في حياتي كلها، بس الناس مش هتبص ليها كده، هيبصوا على السن و هيقولوا لفّت عليه لحد ما وقعته علشان يداري على اللي حصلها، هيقولوا كتير أوي يا عبدالله انا مش قده وقف عبدالله و أخرج بعض المال وضعه على الطاولة ثم سحب ريهام و بدأو في السير و تحدث عبدالله في محاولة لإقناعها:.
-أنا أبويا عاوز يشوفك يا بنتي، عاوز يشوف أبنه اتهبب و أتجوز مين، و لو على الناس و جوازك مني، احنا مش هنعرفهم حاجة و هنتخطب عادي و بعدين نتجوز و لما ييجي وقت كتب الكتاب يبقي ربنا يفرجها يا ريهام، و الناس مش هيعرفوا فرق السن ما بينا و لو عرفوا فدي مش حاجة عيب ولا تعيبنا يا ريهام تحدثت ريهام بيأس: -و لما أرجع هقول أيه لأهلي! بنتكم هربت علشان كانت حامل و سقطت.
-و ليه تقوليلهم، خلي اللي حصل بينا يفضل ما بينا يا ريهام، أنتي اتغابيتي لما أجهضتي و هما أصلا مكنوش يعرفوا بحملك، يبقي ليه يعرفوا ده كله، بلاش نزعلهم منك لأي سبب، و باباكي متفهم و هيتفهم أنك كنتي محتاجة تريحي بعد اللي حصل سحبها عبدالله الي صدره بقوة قائلا بعنف: -يا بت وافقي يا بت بدل ما أضربك ضربته ريهام بقوة في كتفه قائله:.
-أنت أمتي هتستوعب إني مش مجرمة من اللي بتمسكهم و تعاملني على أني ست و بنتعامل برقة أمسك عبدالله يدها و قبلها بحب قائلا: -حلو كده يا أجمل ست على وش الأرض هزت رأسها بالإيجاب فضمها عبدالله الي صدره في حب قائلا: -أنا أخذت أجازة تانية يومين كده هنقضيهم هنا و بعدين نرجع، يلا تعالي بقاا وريني بيتك يا سنيوريتا ريهام
في الزمالك.
سرت القشعريرة جسد منى التي وقفت بسرعة و هي تطالع الحارس أمامها في ذهول و نطقت بعدم تصديق: -أنت قولت أيه دلوقتي! أجابها الحارس في جمود: -مقولتش حاجة يا مدام مني أعادت منى سؤالها عليه: -أنت عندك كام سنة؟! أجابها الحارس بعد ثواني في رسمية شديدة و جمود يسيطر عليه: -لا يوجد إجابة لهذا السؤال، بداية الذاكرة من أربعة أشهر و ثلاثون ساعة جلست منى على فراشها بصدمة و هي تضع كلتا يديها على شعرها و تحدثت:.
-كل حاجة ضاعت، أكيد فيه حد سأل سؤال غريب و جاوبوه كده، أكيد أتكشفوا و مستنيين يكشفوا مين اللي عمل كده، لازم أبدأ بأسرع وقت في خطتي انا و بابا أشارت الي الحارس أن يخرج و هي تصرخ بغضب شديد: -اطلع بره و متدخلش هنا تاني خرج الحارس في حين فُتح الباب و دخل صلاح الذي سمع ما دار بينها و بين الآخر قبل قليل، فأقترب منها في هدوء و هو يمسك بذراعيها في حب قائلا: -مالك يا حبيبتي متعصبة ليه؟!
نظرت منى الي صلاح ثم سألته هو الآخر: -أنت عندك كام سنة يا صلاح؟! تحدث صلاح بإبتسامة جميلة قائلا: -حبيبتي انا حمدي الصمدي مش صلاح و عندي 35 سنة طردت منى الفكرة من رأسها فهي التي أخبرت صلاح بسنه المزيف هذا ليقوله للجميع إن سأله أحدهم، فوضعت رأسها على صدره في تعب و ضعف قائله:.
-كل اللي خططتله هيفشل يا حمدي لو مقدمناش معاد تفجير القنبلة في المحيط و لو بابا مجهزش البوابة تستقبل الضحايا، و مش هنلحق نسيطر على أنصاف الحيوانات بحيث يحاربوا عدونا مش يحاربونا أحنا، مش هنحلق نحط ليهم كلهم شرايح في المدة الصغيرة دي و نسيطر عليهم ربت صلاح على خصلاتها بحنان و أردف: -أنا معاكي قوليلي عايزة أيه و أنا هعملهولك.
أبتعدت منى عنه و بللت شفتيها ثم وقفت و أخذت تعدوا في الغرفة ذهاباً و أياباً في تفكير حتى أقترب منها صلاح و ضمها الي صدره قائلا بتمثيل متقن: -توترك ده مش هيخليكي تعرفي تفكري، أسترخي يا حبيبتي أسترخي حملها صلاح بين يديه قبل أن يضعها على الفراش و سحب منديلاً قطنياً من أسفل الوسادة و فتح طيته ثم تحدث بإبتسامة عذبة: -هروح أغير هدومي و أجيلك علطول، حاولي تهدي أعصابك.
تركها صلاح و ذهب سريعاً الي غرفة الملابس، في حين بدأت تشعر منى بهدوء و ارتياح غير طبيعي جعلها تنام في حالة من الأسترخاء و الخمول، نظر لها صلاح من الغرفة و أبتسم و أقترب منها و هو يضع يده على أنفه و يزيل المنديل القطني بجوارها قبل أن يطويه من جديد و يضعه أسفل صنبور الماء في الحمام لتختلط به المياه و تخفي أي أثر للمخدر بداخله، ثم عاد الي الغرفة و بدل ملابسه و عاد لينام بجوار منى سابحاً بتفكيره الي أجمل من رأت عينيه على وجه الأرض، و أكثر من عشقها قلبه الصهباء التي حولت لون خصلاتها للبني ..