logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 2 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة




look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:38 صباحاً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل الخامس

داخل سيارة كريم
كان قد تحول وجهه الي اللون الأحمر من شدة غضبه و هو يصرخ في داليدا بقوة قائلا:
- مش مشكلتي قال أيه عن جوز حضرتك ولا هتكون مشكلتي، ده شغل مش هقول ليه لو سمحت متدخلش في شغل جوز أمي و سيبه في حاله و فيه احتمالية أنه فاسد
حاولت داليدا أمتصاص غضب كريم و أردفت بهدوء:
- حبيبي ده عمك مش جوزي بس.

ضغط كريم علي المكابح بقوة فتوقفت السيارة و حمدت دليدا ربها أنها تضع حذام الأمان، نظر لها كريم و تحدث:.

- عمي بجد! و لما هو عمي أتجوزتيه ليه بعد موت بابا الله يرحمه، أو الأحسن أقول بعد ما أتقتل، أنتي بعد ما ولدتيني بسنة أتجوزتي خالد يا ماما، مفكرتيش ممكن أبنك ده لما يكبر يكون راضي عن اللي عملتيه ولا لأ، أنتي خدتي قرارك و خلاص، أول ما جوزك مات و مفيش 5 شهور و كنتي أتجوزتي، انا حتي بقيت حاسس أنك ما صدقتي و كنتي بتخوني بابا مع عمي
فركت داليدا يدها بتوتر مردفة:
- كريم أنت بتقول أيه يا حبيبي أعقل.

- أنا عاقل يا أمي، بس لو سمحتي سيبيني في حالي، قولتلك محتاج أعتمد علي نفسي و انتي مصممة تبعتي السخيف اللي بيراقبني ده ورايا، و جيتي و بوظتي خطوبة زينة، أنا ليه بقيت حاسس أنك واحدة تانية أنا معرفهاش
صمت كريم لثواني قبل أن يتنهد بعمق مردفاً:
- انزلي يا ماما
نظرت له بصدمة و تحدثت:
- أيه؟!
- أنزلي يا ماما، خدي تاكسي بعد أذنك يلا.

أقترب منها و فتح الباب لتنظر له داليدا بقلق تشعر أنها تنهي علاقتها بطفلها الذي تعشقه، حاولت أن تربت علي كتفه و لكنه أبتعد و نظر أمامه، فهبطت من السيارة بحزن و أغلقت الباب خلفها، لينطلق كريم بالسيارة مسرعاً

في المقطم في الشارع رقم 9.

جلس الجميع حول حسناء يحاولون تهدأتها و هي تبكي بقوة و جسدها يرتجف خوفا مما هو قادم، تخاف من ماضي إذا كُشف سيدمر حياة عائلتها بأكملها، أبعد عزيز زينة من جوار حسناء و ضم حسناء الي صدره بحنان قائلا:
- أهدي يا حبيبتي كله هيكون بخير، كلها سنتين و محدش هيقدر يعمل معاكي اي حاجة يا حسناء
أمسكت حسناء قميصه بقوة و أنفجرت في البكاء قائله:.

- المرة دي معرفوناش، المرة الجاية هيعرفوا و هيفتكروا اللي حصل، هيدوروا ورانا، هيعرفوا كل حاجة يا عزيز
جلس جاسر أمام قدمي حسناء علي الأرض و أمسك بيدها و قبلها بحب مردفاً:.

- ماما يا حبيبتي كلنا معاكي، أوعي تفتكري اننا هنسيبك أبداً، احنا ممكن نموت نفسنا علشانك، أنتي مصدر قوتنا خلينا أحنا كمان كده بالنسبالك، و أحنا أطفالك كنتي بتشيلينا علي كتفك و لما كبرنا شوية بقينا بنسند عليكي و أحنا ماشيين، جه وقتنا أحنا نشيلك و نسندك أرجوكي خليكي واثقة فينا اننا دايماً جنبك، و ربنا كمان جنبك و عارف أنك معملتيش حاجة غلط.

وقف عزيز و أتجه الي غرفته بين حيرة و تعجب من الجميع ثم خرج يحمل أربعة صناديق سوداء بشكل جذاب، و أعطي لكل منهم صندوق بما فيهم حسناء ثم تحدث بعد تنهيدة طويلة:
- أفتحوا الصناديق
فتح الجميع الصناديق في تعجب ليظهر مسدس في كل صندوق، نظروا الي بعضهم بتعجب ثم توحدت أنظارهم نحو عزيز الذي تحدث:.

- المسدسات دي هتلاقوا جنبها رخصة كل مسدس، بعد اللي حصل مع زينة أنا قررت يبقي لكل واحد فيهم سلاح يدافع بيه عن نفسه تحسباً لأي موقف ممكن نتعرض ليه
تحدثت ريهام برهبة شديدة:
- بابا لا، أنا مش هقدر أنت عارف أنا بخاف من الحاجات دي، أنا بترعب مش بخاف بس، بابا أنا مخرجة تليفزيون يعني يوم ما أسمع ضرب نار هيكون مسدس صوت و مش هيخوفني، أنا مش هقدر.

مدت يدها الي عزيز بالصندوق بعد أن أغلقت و لكنه ضمه الي معدتها قائلا:
- مفيش لا يا ريهام، لحد ما الأزمة اللي أحنا فيها دي تعدي لازم يكون ده معاكم، و إياك حد منكم يقول لأي مخلوق أنه معاه مسدس، ولا حتي معتصم يا زينة
نظر الي جاسر و تحدث:
- ولا حتي كريم يا جاسر، أنتو قربتوا من بعض أوي الفترة اللي فاتت، خليك حذر معاه لحد ما نعرف هو عايز أيه فاهمني.

أومأ جاسر برأسه بصمت، فتحدثت زينة بتشتت و هي تقف من مجلسها:
- أنا عندي بكره شغل، لازم أروح أنام، تصبحوا علي خير

تنهد كريم بقوة قبل أن يدق علي باب منزل عزيز و أسرته، و سرعان ما فتحت زينة فلا بد أنها كانت في طريقها الي العمل، حاولت رسم إبتسامة جميلة و أخفت صوتها المهزوز فأردفت:
- صباح الخير يا كريم
- مش صباح الخير ولا حاجة، العيلة كلها موجودة جوه؟
نظرت له بتعجب و أومأت برأسها و سألته:
- ليه؟!

- طب دخليني و جمعيهم بعد أذنك عاوز أتكلم معاكم كلكم
أبتعدت عن الباب و هي تشير الي الداخل قائله:
- طيب أتفضل و انا هنادي الكل
دلف كريم الي الصالون و جلس علي أحد الكراسي و خلال دقيقتان كان قد أجتمع الجميع أمامه فتحدث:
- أول حاجة أسف علشان جمعتكم كلكم كده مرة واحدة و جاي من بدري بس قولت ألحقكم قبل ما تروحوا الشغل
أبتسم عزيز و أردف:
- لا يا كريم عادي مفيش حاجة متعتذرش.

- لا لازم أعتذر لو مش علشان كده فعلشان اللي ماما عملته في خطوبة زينة، انا بجد أسف أوي علي اللي حصل بقالي يومين بحاول أجمع كلام علشان أقوله ليكم و زعلان جداً من السور اللي اتبني بينا بعد اللي حصل، جاسر مبقاش بيسأل ولا حد منكم كمان، حاسس أن حصل توتر ما بينا بسبب اللي حصل فأنا أسف جدا ليكم كلكم
أبتسم جاسر و أقترب من كريم مربتاً علي ظهره قائلا بمرح:.

- أستني ده أنت لسه هتعتذر لتالت مرة، واخدين جنب ايه يا ابني، هو انا مش قايلك بعد ما رجعت أنا و ريهام من الجونة و خلصنا التصوير اللي هناك فيه هنا شغل لفوق دماغنا ولازم الفيلم يخلص بأقصي سرعة، و زينة لسه مخطوبة يا في الشغل بتعمل مصيبة يا مع معتصم، و بابا كمان مشغول في البرنامج بتاعه و شغال علي تحقيق خالد الدهشـوري و كأنه تحقيق العمر كله.

صمت جاسر بعد أن أستوعب ما تفوه به للتو، و أوشك علي الأعتذار و لكن أوقفه كريم مسرعاً قائلا:.

- انا معنديش أي مشكلة مع برنامج عمي عزيز او مع تحقيقه عن خالد الدهشوري، ده شغلك و انا مليش دعوة بيه و ميهمنيش أصلا أي حاجة خالد بيعملها، حضرتك لو قدرت تدخله السجن لو هو فاسد فعلاً فأنا ممكن أساندك لو أحتاجت حاجة، خالد مش أكتر من جوز أمي، فنخلي موضوع خالد بلاش كلام فيه بحساسية، زيه زي أي موضوع ممكن نتكلم فيه
صمت كريم للحظات قبل أن يكمل:.

- أنا بس جيت أعتذر و اتأكد أننا أتصافينا جدا و معدش فيه أي مشاكل
ضربته زينة علي كتفه بقوة و مرح قائله:
- صافية لبن يا كيمو
أمسك كريم ذراعه بوجع قائلا:
- دراعي اتخلع يا زينة بالراحة
أقترب عزيز من كريم و احتضنه مردفاً:
- أنت واحد من العيلة دي يا كريم و ربنا يعلم معزتك عندنا قد أيه
.

أعيش بداخل قصة طويلة، تمتد بدايتها منذ زمن ليس ببعيد ولا بقريب، كان كل ما بها في البداية هادئاً حتي جاءت عاصفة أجتاحت القصة لتغير مسار كل الأحداث، و لكن عادت الأمور طبيعية نوعاً ما، و أصبحت الحياة مثل باقي البشر، حتي جاء ذلك اليوم الذي دُمِّرت فيه حياتي وحياة عائلتي، أقتربت النيران من البنزين، أو ربما أقتربت من فتيل قنبلة، ففي كلتا الحالتين سيصبح الأمر أشبه بأنفجار ضخم سيحرق الكثير و الكثير، سيحرق أناساً، أحلاماً، و ذكريات، أتمني وقتها أن أبتعد انا و كل من أحب عن هذه النيران، فأنا مثل كل فتاة ترغب في حياة مثيرة مليئة بالمغامرات، و لكن ليس مع خسارة من أحب، انا متمردة و أعشق أن أكون متميزة و منفردة، و لكن هذا لا يعني بالمرة بأن تكون قصتي ذات نهاية سيئة، أريد قصتي في كل مشهد منها أن تكون السعادة هي مصدرها، أريد ان أكتب رواية لأحكي بها عن ما أمُّر به أنا و من أحب، قصة مشوقة ربما ستجذب الكثيرين و لكن بعد أن يتم الجميع قرائته سنخاف من كونها حقيقية تماماً، سنتمني ان لا نصبح يوماً نحن أو أطفالنا في مكان من كتبت تلك السطور التي تجرح القلب و تؤدي بالعقل للجنون و الذهول من وجود اناساً مثل هؤلاء علي قيد الحياة، متمردة .

ضغطت علي زر النشر، ثم أغلقت حاسوبها و تنهدت بتعب، أمسكت بكوب قهوتها و بدأت في الأرتشاف منه، الي أن دق الباب و دلف منير قائلا:
- زينة، مستر عادل عاوزك
هزت رأسها بالموافقة و هي تشرب أخر ما في كوبها قبل ان تقلب الفنجان علي الطبق و تقف متجهة الي الباب و سألت منير:
- رايحاله اهوه يا رب يكون تحقيق جديد أو خبر حلو.

- لا هو مزاجه رايق شكل فيه خبر حلو و ميمنعش وجود تحقيق، اسيبك انا بقي علشان بجري ورا واحد هيقطع نفسي قريب بس هجيب أخباره يعني هجيبها

في التجمع الخامس بمنزل خالد.

دلفت داليدا من باب المنزل، لتجد المكان يعمه السكون كعادته، نظرت حولها لتجد خالد يجلس علي مقعد واضعاً قدماً فوق الآخري و في يده سيجارته البنية، سحب نفس طويل منه و أخرجه من أنفه علي هيئة دخان، ثم وقف متجهاً نحوها قائلا بهدوء شديد، لابد أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة:
- أنتي عارفة أنك عملتي مصيبة ولا لأ؟!
- أنا معملتش حاجة غلط، كان لازم يعرفوا أنهم لازم يخافوا مننا.

وضع خالد كف يده علي رقبتها و دفعها بقوة الي الباب و بدأ بخنقها بقوة قائلا بشحنة مرتفعة من الغضب:
- و لما تهدديهم يكون وسط الصحافة و الناس مش كده، ازاي تعملي حركة زي دي من غير ما تاخدي رأيي يا داليدا أزاي
وقعت حقيبتها الي الأرض فأمسكت بيده و حاولت إبعادها عنها و هي تشعر بالإختناق و تحول وجهها الي اللون الأزرق الخافت، و نطقت ببطئ:
- أنا أسفه، مش هعمل كده تاني.

أبعد يده عنها ثم أخرج سلاحه من بنطاله قائلاً بنبرة تحمل بين طبقاتها التهديد:
- أي حركة غبية تاني مش هتردد لحظة إني أفضي المسدس ده عليكي يا داليدا فاهمه
بدأت بالسعال بقوة و هي تضع يدها علي رقبتها و تهز رأسها بعنف دليل علي فهمها فتحدث خالد:
- متظهريش قدام الناس تاني أبداً غير لما أقولك و أشوف حل للفضيحة اللي عملتيها دي
أومأت برأسها من جديد مردفة:
- حاضر
- يلا علي أوضتك.

تركها لتصعد الي غرفتها، بينما عاد هو ليجلس علي المقعد و أمسك بهاتفه و ضغط علي بعض الأرقام، وضع الهاتف علي أذنه ليتحدث بنبرة حادة:
- نظملي مؤتمر صحفي يا فوزي بكره الصبح
- تحت امرك يا خالد بيه

قبل تسعة و عشرين عاماً
في حي الحلمية بالقاهرة
جلست جنات أمام ثرية والدتها بتوتر و هي تفرك يديها، فتحدثت ثرية:
- في أيه يا جنات
أبتلعت جنات ما في حلقها قبل أن تقترب لتجلس بجوارها مباشرةً قائله:.

- ماما، فيه واحد بيحبني و عاوز يتجوزني
نظرت لها ثرية بإهتمام قائله:
- مين ده يا بت؟!
- أسمه كامل يا ماما
- أيوه تعرفيه منين يعني زميلك في الشغل؟!
صمتت لثواني ليرتفع صوت ثرية مردفة:
- ما تنطقي يا بت مين ده؟
- صاحب الفندق اللي بشتغل فيه يا ماما
وقفت ثرية بفزع و هي تلطم علي صغدها و تحدثت بعد صرخة منخفضة مردفة:.

- يالهوي، صاحب فندق مين يا بت اللي بيحبك و عاوز يتجوزك ده بيلعب بيكي يا هبلة هيبصلك علي أيه ده لا من طينتنا ولا أحنا نشبهله في أي حاجة
- يا ماما أسمعيني بس
جلست ثرية و هي تضرب علي فخذ جنات بغضب مردفة:.

- لا هسمع ولا غيره، الواد ده تبعدي عنه خالص يا جنات، شاف فيكي ايه يا اختي مالك ولا جمالك، الناس دي بتلعب بالغلابة اللي زينا زي ما بيلعبوا بالفلوس، بيشربونا زي السجارة بالظبط حاجة حلوه بتمتعهم و أول ما تبدأ تمرر معاهم في الأخر بيرموها في الأرض و يدوسوا عليها بجذمهم، خليكي بعيدة عن الواد ده و ركزي في شغلك يا جنات يا و رحمه أبوكي الا مات و انا مش راضية عنه أقعدك من الشغل و بدل ما تخدمي الناس في الفندق تيجي تخدميهم هنا في بيوت الحي، هاه قولتي أيه؟!

تحدثت جنات و هي تحاول أكتساب عطف والدتها مردفة:
- ماما، حبيبتي أنتي، علطول بتدعيلي إن ربنا يرزقني بواحد أبن ناس و محترم يحافظ عليا و يعيشني عيشة كويسة بدل المرمطة دي، أهوه جه يا ماما و بيحبني أوي، أديله فرصة بس و النبي.

- بت يا جنات متلعبيش في دماغي، الواد ده لأ يعني لأ، دول ناس كبرات و احنا مش قدهم و لو كان بيلعب بيكي و مش بيحبك نروح نجيب حقك من مين يا بنتي، أنا عايزة مصلحتك يا بت أسمعي كلامي، و لو أنا وافقت و هو فعلا طلع محترم و بيحبك يبقي أهله مستحيل يرضوا بيكي أحنا أخرنا نشتغل في بيوتهم يا جنات مش نعيش فيها و نتجوزهم.

- ماما أرجوكي فرصة واحدة بس ليه، حتي خليه ييجي يقابلك و لو معجبكيش و مقتنعتيش بكلامه أبقي أطرديه
تنهدت ثرية مردفة بقلة حيلة:
- أنا عارفة أني هغلب معاكي، خليه ييجي يا جنات و أنا هجيب خالك رؤوف يقعد معانا، ما أحنا 2 ولايا بردوا لوحدنا
هزت جنات رأسها نافية بسرعة شديدة:.

- لا يا ماما لا خالي لأ، أنا أسفه ليكي أنه أخوكي بس ده هيجوزني ليه علشان يخليه يدفع مهر قد كده يحطه في جيبه، خالي جشع يا أمي و هيكسفنا قدام كامل، هيفتكرنا طمعانين في فلوسه، و بعدين لما ابويا مات يا أمي مين كان راجل البيت هنا مش أنتي؟! حد من أخوالي دول وقف جنبك؟ لا يا أمي سابوكي لوحدك و قالولك أتصرفي و رمونا في الشارع، أنا و أنتي كفاية و انا واثقة أنك نظرتك صح سواء وافقتي عليه أو رفضتي يا أمي.

صمت ثرية قليلاً و هي تفكر بكلمات جنات، فهي محقة شقيقها جشع و لن يهتم بأن يرمي بأبنتها في التهلكة من أجل المال، دعت ربها من داخلها أن تمضي الأيام القادمة علي خير و أن تُكتب السعادة التي حُرمت منها الي أبنتها قرة عينها و فلذة كبدها التي لن تسمح لأي شخص بأن يؤذيها
.

وقف صلاح الي جانب تيسيير والد زوجته المسقبلية و هو يلتقط كل ما يضعه تيسيير من مال علي مكتبه، ثم أغلق تيسيير الخزنة و نظر الي صلاح قائلا:
- لو أحتاجت أي حاجة تانية أبقي تعالي ليَّا، و دلوقتي أمشي أنا مشغول
أومأ صلاح برأسه مثل كلب مطيع لصاحبه و قد سال لعابه وهو يضع المال في حقيبته القماشية قائلا بسعادة:
- شكراً يا حمايا، أنا هروح أشوف مني.

أشار له تيسيير ليذهب، فخرج صلاح من المكتب و صعد الدرج نحو غرفة مني و فتحها و دلف، فوجدها تجلس علي الفراش ترتدي ثياب النوم التي تظهر جسدها و هي تمسك هاتفها و تبتسم، نظرت له و أعتدلت في مكانها و هي تمد يدها إليه ليمسك صلاح يدها و يقترب ليجلس بجوارها علي الفراش قائلاً و هو يتفحص جسدها بعينيه:
- ابوكي مليونير و انتي لهطة قشطة، أموت و أعرف عاوزة تتجوزيني ليه؟!

أحتضنته و قد ظهرت أبتسامتها الخبيثة و أردفت:
- علشان بحبك أوي يا صلاح
شعرت بيه يضع قبلات رقيقة علي رقبتها، لتمد يدها أسفل وسادتها و تحضر إبره مليئة بالمخدر و أقتربت بها من رقبته قائله بعذوبة:
- تصبح علي خير يا صلوحة
قبل أن يستوعب صلاح معني عبارتها كان قد شعر بإبرة تغرس في رقبته، عاد برأسه الي الخلف و تحدث بشرود:
- أنتي عملتي أيه؟!
وضعت رأسه علي الفراش و باقي جسده كذلك لتجيبه:.

- عملت اللي بقالي شهر بحاول اعمله و أخيراً هقدر يا صلاح
- أنا مش حاسس بجسمي
- و مش هتحس بعقلك كمان شوية و هتنام نومة طويلة شوية، لو كنت عايش و صحيت منها يبقي حظك حلو، أنما لو مت، فربنا يرحمك يا صلوحة
حاول صلاح أن يعتدل ولكن لم يعاونه جسده فتحدث بلسان ثقيل:
- أنتي عاوزة أيه يا مني و بتعملي أيه؟!

- هقولك قبل ما تروح في نوم طويل شوية، من 3 سنين جاتلي فكرة حلوه أوي، مبدأياً العقل بيدي أوامر للجسم و الجسم بينفذ فتخيل أعمل شريحة و أزرعها في جزء من عقلك هيساعدها تشتغل فيه، و بالشريحة دي تبقي تحت سيطرتي بالكامل، يعني اللي أقولك عليه تنفذه من غير نقاش، أقتل ده، انقذ ده، حب ده، أكره ده
صمت للحظات قبل أن تكمل بإبتسامة حماسية مريضة:.

- حاجة حلوه صح، جيش كبير أوي بياخد أوامره مني و بينفذها، العالم هيكون تحت أمري يا صلاح، التجربة دي هتبدأ معاك، هتتنقل من واحد للتاني زي الفيروسات الخطيرة بالظبط، محدش هيقدر يتحكم فيكم و لو حد جرب يعملك عملية يشيل عن طريقها الشريحة دي، هتلمس وتر حساس جداً جداً في المخ و وقتها هيبقي عندك خيار من الأتنين يا هتموت يا هتفضل عايش بتتنفس بس ولا بتاكل ولا بتشرب ولا بتحس، يعني روح في جثة ميتة يا صلوحة، و دلوقتي تصبح علي خير.

حاول صلاح أن يصرخ كثيراً و لكن بلا جدوي فلقد شعر ان العالم يدور به في نهاية المطاف ثم حلَّ بعدها ظلام ربما يكون أبدي بالنسبة إليه..

في المقطم شارع رقم 9
جلس معتصم بجوار زينة التي كانت تمسك بحاسوبها الخاص، و ما أن شعرت به حتي أغلقته و ألتفتت له مبتسمة فتحدث هو:
- جبت الكتالوجات، هتختاري أنتي ولا أختار أنا؟
- أسمها هنختار سوا، لا أنا هعيش لوحدي ولا انت كمان.

أبتسم معتصم بحب و قدم لها أحد الملفات في يده، لتبدأ في الأنتقال بين صفحاته و هي ترسم أول خطوة في حياتها الجديدة مع معتصم، الذي تحدث:
- أختاري أنتي المطبخ و أنا هختار الصالون و لو عجبتك حاجة وريني و انا كمان، علشان منضيعش وقت
أردفت بإبتسامة جميلة و خفوت:
- حاضر.

بدأت في النظر بما يدها و هي تنتقل بملل بين الصفحات فلا يعجبها شئ، حتي وجدت مرادها اخيراً، كان مطبخ صغير نوعاً ما من النوع الأمريكي، مفتوح علي الصالون و لونه الأبيض جذب أنظارها، بالإضافة الي بار صغير أمامه عدة كراسي طويلة منظرها خلاب، لقد راق لها هذا المنظر بحق و بدأت تتخيل نفسها بداخله تعد الطعام لمعتصم قبل أن يستيقظ و يذهب الي عمله..

نظرت الي معتصم الذي يدقق في الصالونات امامه، يريد أن يختار الأفضل من أجلها، تعلم أن المطبخ سيعجبه بالتأكيد فهي أصبحت علي دراية كافية بذوقه، و لكن ماذا عنه؟ هل سيتمكن من إيجاد صالون مناسب لذوقها!
نطقت اسمه بخفوت و هي تقرب الصورة منه قائله بإعجاب:
- ده عجبني أوي، أيه رأيك؟!

أبتسم و هو ينظر الي هذا المكان، أثار اعجابه هو الأخر، و شرد و هو ينظر له فيجد نفسه يعد الفطور لجميلته في أول يوم بعد زفافهما، ثم الكثير من الأيام بعد ذلك من أجل تدليلها، وربما عندما تحمل طفله أو طفلته سيجعلها أميرة و لن تبذل أي مجهود ستعتني بنفسها و بطفله فقط، ربما هو سيعتني بهما أيضاً، أحبَّ تلك الأفكار كثيراً، و لكن صوت زينة تنطق أسمه من بين شفتيها أيقظه من شروده..

تحدثت زينة بتردد، فربما لم يغرم بهذا المكان مثلما فعلت هي:
- وحش ولا أيه؟!
أمسك يدها و قبلها بحب شديد قائلا:
- حلو جدا، و وجودك فيه هيخليه ينور أكتر و يحلو أكتر
أبعدت يدها بخجل و هي تردف بكلمات تحاول بها أن تكون طبيعية:
- بقولك أيه، الكلام الحلو ده انا ممكن أتعود عليه خد بالك.

- و أنا أوعدك مش هبطل أقوله ليكي، لأنك يا زينة تستاهلي كل كلمة، الكلام ده طالع من قلبي علطول، و دخل علي ودانك و نفسي زي ما طلع من قلبي يدخل هنا، في قلبك أنتي كمان
في تلك الأثناء كان يشير معتصم الي قلبه، ثم منه الي أُذنها، و انتهي به المطاف يشير بإصبعه تجاه قلبها و قد أمتلأت عينيه بالشغف و الحب..

أخفضت زينة بصرها بخجل شديد و قد أحمرت وجنتيها بالإضافة الي أنفها كذلك، فتحدث معتصم في محاولة للتخفيف من إحراجها قائلا و هو يمسك بخصلاتها البرتقالية:
- الا صحيح يا زينة شعرك ده بجد ولا بروكة؟!
رفعت أنظارها و هي ترفع حاجبها الأيمن بتعجب ثم تحولت نظراتها الي غيظ مردفة:
- لا يا معتصم شعري يا رومانسي.

تعالت ضحكاته من طريقة حديثها التي تشبه الأطفال كثيراً عند غضبه، و وجد حسناء تدلف و هي تحمل بعض الكيك مع كوبان من الشاي قائله:
- ربنا يديمها ضحكة بينكم، يلا كلو و أشربوا الشاي، و انت يا ولا هتقعد تتغدي معانا عمك عزيز قال كده
رفع معتصم يده و هزها بالنفي قائلا:
- لالا مش هينفع النهاردة الجمعة و ده يوم أجازتي، عاوز أخد زينة و أغديها بره.

- عمك عزيز قال الغدا النهاردة و انت هتتغدي معانا خدها الجمعة الجاية يعني هي هتروح فين ما هي قاعدة أهيه
نظر معتصم الي زينة التي نظرت له برجاء لكي يوافق و يتناول الغذاء معهم في المنزل، فأومأ برأسه بإستسلام قائلا:
- خلاص تمام زي ما أنتو عايزين

في الأقصر و بداخل أحد المنازل التقليدية.

خرجت داليدا من الغرفة متأفأفة من هذا المكان الذي لم تعتد أن تجلس بمثله، تشعر بالرغبة الشديدة في التقئ، لم تري ما يكمن في داخل هذا المنزل الذي يحاوطه الحب من كل جانب و الذي يمتلأ بالذكريات بين أصحابه الحقيقيين الذين كانو يعيشون بداخله..
لم تري كم أن كل تلك الآثاث هي صناعة يدوية لا يحترف بها أي شخص، تلك المفارش الملونة بألوان رائعة تمتزج سوياً و توضع علي الأريكة تعطي روح طيبة للمكان..

و هذه السجادة التي تكمن في منتصف المكان، هي أيضاً صناعة يدوية و قد أمتزج بها اللونان الأحمر الناري و الأزرق الداكن، بالأضافة لتلك الألواح الخشبية التي يوجد عليها عدة علب زجاجية ملونة و محاطة بعصا خشبية و يوجد بداخلها زهور و بعض الماية و بعض الأقلام الملونة، و بعض الصور الفوتوجرافية التي تحيطها ألواح خشبية مربعة و مستطيلة حسب شكل و حجم الصورة..

لم تدرك المعني الحقيقي لكل ما يوجد حولها، فربما لم يزرع في قلبها حب شئ أو شخص سوي الشيطان، الكيان الشيطاني الذي يسمي خالد الدهشوري ..
رأت خالد و هو يقترب منها و يسير بجانبه رجل كبير في السن يرتدي جلباب أزرق فاتح و يربط علي رأسه العِمَّة، فتحدث خالد بضيق:.

- أنا بقالي هنا 3 أيام، خليهم يشدوا حيلهم شوية يا سلَّام، انا مش فاضي كل ده ورايا هم ما يتلم، شوف الشيخ ده هيقول أيه تاني، أخر معاد بكره، بعد كده همشي و هيتخصم ليكم فلوس كتير من أتعابكم علي وجودي هنا كل المدة دي
تركه و ذهب في أتجاه داليدا التي نظرت نحوها بخوف قائله:
- يا خالد أنا مش عايزة أقعد هنا أكتر من كده أنا تعبت من التراب، أنت عارف عندي حساسية منه.

- أنا مش فاضي يا داليدا، سيبيني في الزفت اللي انا فيه

أخرج جاسر مسدسه من مكمنه، و تحدث بجنون شديد و هو يوجه المسدس الي ذلك الشاب الذي يقف أمامه، أزدادت حبات العرق علي وجه جاسر و امتلأت عينيه بالدموع، و تبعثرت خصلاته و ألتصقت بجبينه قائلا:.

- مينفعش تفضل عايش أكتر من كده، أنا بكرهك يا مرتضي، و بكره أهلنا اللي ربطوني بيك و جابوك الدنيا و بقيت اخويا، أنت أزاي جشع كده، نسيت كل حاجة عملتها علشانك، نسيت شغلي اللي ضحيت بيه علشانك، كنت ظابط الكل بيحترمه، بس بسببك أنت بقيت واحد بيساعد مجرم، و بقيت مجرم زيك يا مرتضي بقيت مجرم زيك، انت شيطان عايش علي الأرض مش لازم تفضل عايش
رفع مرتضي يده بإستسلام و خوف قائلا:.

- أهدي بس يا يحيي و أسمعني، نزل المسدس ده، هتقتل أخوك الصغير
- ده عقابك علي كل حد قتلته أو سرقته، ده عقابك يا مرتضي و مش هندم يوم أني قتلتك
و بين لحظة و أخري ضغط جاسر علي الزناد، لتنفجر الدماء من رأس مرتضي و يسقط علي الأرض في الحال..
في نفس الوقت، أرتفع صوت ريهام مردفة:
- كاات
أقتربت فتاة من جاسر و أعطته مناديل، ليبدأ بتنشيف وجهه ثم أقتربت ريهام من جاسر مردفة:.

- أخيراً الفيلم خلص، ده انا كنت قربت أفقد الأمل، كده مفاضلش غير المونتاج و كام حاجة كده قبل عرض الفيلم
أبتسم جاسر و صمت و كذلك ريهام للحظات قبل أن تكمل بحنان:
- أنا مبسوطة أوي أننا أشتغلنا مع بعض يا جاسر و ان أول فيلم ليك كدور بطولة معايا
أحتضنها جاسر بحب مردفاً:
- ده علشان أنتي مخرجة شاطرة يا قلبي، ربنا يخليكي ليَّا
- و يخليك ليا يا جاسر
أبتعدت عنه لتكمل:.

- بص يا سيدي أستاذ معتز خالد المنتج، زمانه علي وصول قرر يحتفل معانا إن الفيلم خلص، يلا خد شاور و غير هدومك و تعالي علي الصالون
- اوكي ربع ساعة و هحصلك

أقتربت من غرفة الأستقبال بإبتسامة جميلة، و هي تمد يدها الي معتز منتج الفيلم قائله:
- منور يا استاذ معتز
أبتسم هو الأخر إبتسامة واسعة و هو يتأمل بنطالها القطني الواسع باللون البني و قميصها الأبيض، و أردف:
- بنورك يا أستاذة ريهام.

أشارت له ليجلس بينما تخبره:
- ريهام بس من فضلك
جلست و وضعت قدماً علي الأخري بأنوثة، لتسأله:
- حضرتك مظهرتش ليه من البداية، كل تعاملنا كان مع أستاذ غريب مدير اعمالك
- في الحقيقة انا مش منتج بس انا بيزنس مان و بشتغل مع والدي و كان فيه سفرية مهمة تبع الشغل سافرتها من أكتر من شهرين و لسه راجع النهاردة من المطار علي هنا علطول لما عرفت أن الفيلم خلص، و كنت حابب أقابلك و أقابل أستاذ جاسر.

- جاسر بيغير هدومه و جاي علطول مش هيتأخر
صمت الأثنان لدقائق الي ان دلف جاسر الي غرفة الأستقبال بإبتسامة جميلة، و أقترب من معتز الذي وقف و مد يده ليصافحه قائلا:
- أستاذ جاسر صح؟!
تعجب جاسر و أبعد يده من بين يدي معتز و وضعها علي أذنه ليتحسس سماعته، أنزل معتز كفه بحرج و إستغراب مما فعله جاسر، لتقف ريهام و تقترب من جاسر لتضغط علي السماعة و تحدثت بإبتسامة جميلة:.

- مش تتأكد إنها مفتوحة ولا أنت ماشي ولا خلاص؟!
ضحك جاسر بخفوت قبل أن يمد يده الي معتز من جديد قائلا:
- لا ماشي وخلاص، أزيك يا أستاذ معتز
مد معتز يده و صافحه من جديد مردفاً:
- الحمدلله تمام، حضرتك أستاذ جاسر
- جاسر بس لو سمحت أتفضل
عاد الجميع ليجلسوا و تحدثت ريهام نيابةً عن جاسر قائله:
- معلش علي الموقف المحرج ده، بس جاسر عنده مشكلة في السمع من و هو صغير
سألها معتز بتعجب و هو ينظر الي جاسر:.

- هو أنتي تعرفيه من زمان؟!
- جاسر اخويا الصغير
- أخوكي أخوكي ولا زي أخوكي؟!
نظرت الي جاسر بإبتسامة و هي تهز رأسها بحيرة قائله:
- هو الأتنين، بابا و ماما أتبنوني أنا في الأول، بعد كده خلفوا جاسر و من بعده زينة أختي الصغيرة
- أتشرفت جدا بيكم، و غريب مبسوط أكتر بالتعامل معاكم و ان شاء الله مش هيكون أخر عمل ما بينا

في جريدة منارة الحقيقة
في مكتب زينة.

كانت تنظر بداخل إحدي الأوراق أمامها و هي تكتب هذا التحقيق لتبعثه الي عادل يقرأه قبل أن يتم نشره، و لكن فوجئت بمن يدق باب مكتبها، رفعت عينيها لتلتقي بمعتصم الذي يقف خلف الباب الزجاجي قائلا بإبتسامته:
- ممكن أدخل يا أستاذة زينة
وقفت و هي تشير له بالدخول قائله:
- يا أهلا أتفضل أدخل أكيد، أول مرة تيجي المكتب
- و يا ريت تبقي اخر مرة علشان مخسرش شغلي و لما نتجوز أقعد في البيت و تشتغلي أنتي.

تعالت ضحكاتها و هي تقترب منه، فضمها لصدره واضعاً قبلة صغيرة علي رأسها قائلا بحب:
- وحشتيني
- و انت كمان
دلف منير الي المكتب سريعاً و تحدث:
- زينة ألحقي معتز خالد الدهشوري رجع من اليابان
رفع نظره عن جهازه اللوحي، ليجد زينة تبتعد بسرعة عن معتصم، فتحدث منير بإحراج:
- أسف شكلي جيت في وقت غلط
أبتسمت زينة في محاولة لتخفيف الإحراج قائله:
- لا لا أبداً، تعالي انت جايب أخبار حلوه.

أمسكت بهاتفه و نظرت الي الخبر قائله بحماس:
- أبعتلي حسام بسرعة يعرفلي كان بيعمل أيه هناك و جاي هنا ليه بسرعة و لو ليه علاقة بأي حاجة في شغل خالد
- فوراً
سحب منير هاتفه و ذهب مسرعاً، فأقتربت زينة من معتصم من جديد و هي تسحب منه بعض الأوراق قائله:
- ده تقرير قضية القتل
أومأ معتصم برأسه قائلا:
- أياكي مخلوق يعرف أني جبته ليكي أوكي، أٌقرأيه و شوفي عايزة منه أيه، و لو محتاجة تانية قوليلي.

أغلقت عينيها قليلاً و تحدثت بإبتسامتها الواسعة:
- تعرف أنك بتوفر مجهود طويل أوي، و شغل مع ناس مش مضمونة من جوه القسم
حاوط ظهرها بذراعيه و قربها منه قائلاً:
- هو أنا حرمي المصون بترشي الناس علشان تعمل اللي هي عايزاه ولا أيه؟!
- تؤ تؤ، حرمك المصون بتساعد ناس محتاجة أن الحقايق تتكشف، و حقوقهم ترجع ليهم، الناس بتساعدني علشان أساعدهم
رفعت يديها و حاوطت بها رقبته فتحدث:
- بس ده مش هيعفيكي من الغلط.

- هو أه غلط بس مش أوي، أنا بوفر علي نفسي وقت، اللي أنا عايزاه هاخده بس هياخد وقت علشان ييجي أذن بيه
صمت للحظات قبل أن يغير الموضوع فدائماً ما ينتهي هذا النقاش بشجار بينهما، فتحدث:
- حلو أوي منظرنا ده في نص المكتب و الدنيا كلها إزاز من حوالينا و الكل بيتفرج
- أول حاجة كل واحد مركز في شغله، تاني حاجة مش انت اللي كتبت الكتاب علشان نبقي براحتنا
وضع قبلة خفيفة علي رأسها مردفاً بحب غريب:.

- عقبال ما تكوني في بيتي يا زينة الدنيا
دفعته بخفة و عادت الي مكتبها قائله:
- طب يلا روح خليني أشوف شغلي
أقترب من مكتبها و أستند عليه بكفيه قائلا:
- طب نتعشي سوا النهاردة ولا أيه؟!
نظرت له و هي تلتقط قلم من أمامها لتثبت به خصلاتها التي تسقط مثل شلال من العسل علي ظهرها قائله:
- أوكي عدي عليا في البيت علي 7 هكون جاهزة
- تمام، سلام

في الزمالك.

خرج من سيارته و توجه الي هذا المنزل التي تقطن به حبيبته و زوجته، أقترب من الحارس الذي تحدث بإبتسامة مرحبة:
- أؤمرني يا جاسر باشا
- الأمر لله وحده يا فواز، مدام أميرة جوه؟!
- أيوه يا فندم مخرجتش النهاردة خالص، و كانت تعبانة الصبح و جبت ليها دكتور
أرتفع صوت جاسر في غضب شديد قائلا:
- و لما هي تعبانة متصلتش بيا تبلغني ليه يا فواز، انا مش قايلك 100 مرة لو حصل ليها حاجة كلمني.

طأطأ فواز رأسه في إحراج قائلا:
- أسف يا جاسر باشا بس المدام قالتلي مقولكش
- بعد كده كلامي أنا اللي يتسمع و اللي حصل ده ميتكررش تاني
- تحت امرك يا باشا
تركه جاسر و أقترب من المنزل، أخرج المفتاح من جيب بنطاله و فتحه بهدوء و دلف مغلقاً الباب خلفه، ليجد تلك الجميلة تجلس علي الأريكة و بطنها منتفخ أمامها و تحطيها أطباق من جميع أنواع المكسرات و طبق يحتوي علي بعض قطع البيتزا..

أقترب منها بحب و لف يده حول رقبتها من الخلف قائلا:
- حبيبة قلبي اللي وحشاني أوي
نظرت له ببرود و صمتت و لم تلتفت له، ليلتفت هو و يجلس امامها علي الأرض قائلا:
- زعلانة و حقك تزعلي و لأني سايبك لوحدك كده، بس أعمل أيه غصب عني
- سافرت شهر شرم الشيخ و رجعت بقالك 10 أيام و دلوقتي أفتكرت تسأل عليا، طب علي الأقل كنت أسأل علي أبنك ده
أمسك بيدها و قبلها بحب قائلا:.

- و الله العظيم أنتي ظلماني يا أميرة، لأني تاني يوم جيت فيه من السفر علطول جيت علي هنا و سألت فواز قالي انك عند مامتك، و اتصلت بطنط سهير علشان أكلمك قالتلي أنك نايمة و تليفونك كان مقفول، فقولت أسيبك ترتاحي عندها يومين علي ما أخلص تصوير و هجيلك علطول أقعد معاكي لحد ما تولدي
أغرورقت عينيها بالدموع و تحدث بصوت متحشرج:
- بس ده مش سبب يا جاسر.

أعتدل ليجلس بجوارها علي الأريكة و هو يمسك بوجهها بين كفيه قائلا بحزن:
- عارف و الله و انا غلطان، بس ربنا يعلم بكمية المشاكل اللي موجودة عندي في البيت، تعالي في حضني يلا انتي وحشاني
ضمها بحب بين يديه فتحدثت هي بشوق شديد:
- وحشتني أوي يا جاسر متسبنيش تاني كل ده
- حاضر يا حبيبتي أوعدك، ممكن تهدي بقاا
أبتعدت عنه و هي تمسح دموعها و أبتسمت قائله:.

- حاضر، روح غير هدومك و تعالي قبل ما أخلص البيتزا كلها لوحدي علشان معملتش غدا و مش هتجيب دليفري تاني
تعالت ضحكاته و هو يبتعد عنها و يقترب من غرفتهما قائلا:
- حاضر دقيقتين مش هتأخر عليكي يا أميرة بيتي.



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:38 صباحاً   [5]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السادس

قبل تسعة و عشرين عاماً
أرتفعت يد مراد السعيد لتهبط علي خد كامل الأيسر، لينظر له كامل بصدمة، بينما تقف رقية في الخلف تضع يدها علي فمها بخوف علي ولدها و فلذة كبدها..
تحدث كامل و هو لا يستطيع تصديق ما قد حدث للتو:
-أنت ضربتني! مديت أيدك عليَّا علشان عايز أتجوز يا بابا
-أنا ضربتك علشان شكلك سكران يا كامل أو أتجننت خلاص، سبت كل بنات أصحابنا و شركائنا و عايز تتجوز من خدامة بتشتغل في الأوتيل عندنا.

أقتربت رقية بهدوء و وضعت يدها علي كتف مراد و تحدثت:
-مراد لو سمحت أهدي، البنت مش وحشة، و طالما بيحبوا بعض يبقي خلاص
نظر لها مراد بدهشة و تحدث:
-أنتي اللي بتقولي كده يا رقية
-أيوه يا مراد أنا اللي بقول كده، الغريب أنك ضربت كامل علشان عاوز يتجوز، أنت وقفت قدام أنكل الله يرحمه علشان تتجوز كوثر اللي كانت بتشتغل طباخة في البيت فاكر يا مراد، و لما رفض قلبك أتكسر، ليه عايز تكسر بقلب كامل كمان!

جلس مراد علي الاريكة بتعب و نظر الي كامل و رقية ليجلس كلا منهما، فجلس كامل و كأنه جماد ليتحدث مراد:
-أنا زمان كنت فاكر والدي مستبد و ظالم علشان بعدني عن كوثر، بس بعدين عرفت أنه كان معاه حق، المظهر الأجتماعي مهم قدام كل الناس، لا جنات هتقدر تطلع لمستواك ولا أنت ينفع تنزل لمستواها، و ده كان نفس اللي هيحصل معايا أنا و كوثر
نظر الي رقية التي كانت عينيها قد أمتلأت بالدموع التي تحاول كبتها و تحدث:.

-علشان كده أتجوزتك يا رقية، متجيش دلوقتي تطلبي مني انتي أو أبنك أني أخليه ينزل من مستواه و يتجوز خدامة، جنات كويسة و انا عارف ده، بس مش للجواز يا كامل، مش هتنفع تبقي ست البيت ده بعد رقية، زي ما كانت كوثر مش هتنفع تكون سته بعد ما أمي ماتت
هبطت دموع رقية أخيراً من مقلتيها، و حاولت كتم شهقاتها و لكن لم تتمكن من ذلك، فنظر لها مراد و سألها بتعب:
-بتعيطي ليه دلوقتي يا رقية؟!

نظرت له رقية و قد فاض بها الكيل مما يفعله مراد، صرخت في وجهه و أزدادت دموعها لتهبط كشلال من الألماس..
كانت تشعر أن قلبها قد فُطر للمرة المليون طوال تلك السنوات التي قضتها مع مراد، فتحدثت أخيراً بصوت مرتفع يقرب من الصراخ:.

-بعيط علي حياتي اللي ضاعت في حبي ليك يا مراد، أنا لما أتجوزتك كنت بعشقك يا مراد، انت عملت ايه يوم فرحنا فاكر، قولتلي أني محاولش حتي معاك، ان قلبك مع واحدة تانية، و أن جوازنا بس كان بسبب باباك و مظهرك الأجتماعي، عارف حاولت كام مرة معاك، قولت هييجي يوم و هتحبني فيه ما أحنا هنقضي عمرنا كله سوا، بس ولا مرة بصتلي يا مراد
صمتت للحظات و قد تحولت ملامحها الي الغضب و القرف لتكمل:.

-بقيت أداة لشهواتك، قدام الناس تمسك في إيدي و تعاملني زي البرنسس، مكنتش بسمع منك كلام حلو غير قدام الناس علشان مظهرك الأجتماعي، انما هنا في البيت لوح تلج قاعد معايا، لوح تلج كل ما أجي أتكلم معاه يقولي مشغول، كل ما أقوله يلا نخرج يقولي كلمي أصحابك و أخرجي، مكناش بنسهر غير لما تكون السهرة تبع الشغل، و نقعد نكدب قدام الناس و نقول قد أيه بنحب بعض و بنخرج و بنتفسح، كنت بتفهم الكل أننا مسافرين سوا و كنت بتسافر انت و بتسبني هنا محبوسة في البيت ممنوعة من الخروج علشان متظهرش قدام الناس بمنظر الكداب و انت تسافر و تشوف حالك.

وقفت لتتحدث بحزم و حدة شديدة ربما تتحدث بها للمرة الأولي أمام مراد:
-بس لحد كده و خلاص، انكل غلط أوي لما أجبرك علي الجواز مني، أنت قلبك أتكسر بعد كوثر، و انا قلبي كان بيتكسر كل السنين دي طول ما أنا بتنفس و بكدب قدام الناس، و مش هسمح ليك بأي شكل من الأشكال انك تخلي حياة أبنك جحيم زينا، أبني هيتجوز من البنت اللي أختارها، موافق يبقي كويس، رفضت يا مراد يبقي رأيك مش لازمنا في حاجة.

نظرت رقية الي كامل و تحدثت:
-خد معاد من أهلها يا كامل علشان نروح نتقدم ليها، و جنات هتبقي عروستك و مراتك قريب أوي.

في المقطم شارع رقم 9
أمسكت زينة بيد معتصم ليجلس بجوارها علي الأريكة، فنظر لها معتصم بتعجب و هو ينظر الي ساعته قائلا:
-في أيه يا زينة؟! جيباني من الشغل مخصوص؟
فركت يديها بتوتر و هي تشعر بصعوبة في التنفس، و تحدثت:.

-فيه حاجة مهمة لازم أقولك عليها، كنت مخبياها عليك، بس بابا قالي اني لازم أقولك ؛ لأنك كده كده هتعرف، بس يا معتصم أوعدني الأول تسمعني للأخر و أرجوك متعملش تصرف غلط يودينا كلنا في داهية
شعر معتصم بالقلق يسيطر علي قلبه، و كذلك عليها، فأمسك بيدها بحب و قبلها و هو يحاول أن يحافظ علي هدوئه قائلا:
-أهدي بس كده و فهميني في أيه يلا، أنا سامعك.

-أوعدني الأول علشان أبقي متطمنة، علشان أنت أي غلطة ممكن تروح فيها في داهية و أنا مستحيل أسمح بكده
أومأ برأسه بسرعة قائلا:
-حاضر حاضر اوعدك مش هتصرف أي تصرف غريب، ممكن تحكيلي بقا في أيه؟!
أغمضت عينيها لثواني ثم فتحتها و هي تأخذ نفساً عميقاً ثم أخرجته من بين شفتيها مردفة:
-أنت كنت سألتني قبل كده أيه سبب كرهي لخالد الدهشوري و أني أوفر شوية
أومأ برأسه و أردف مشجعاً زينة علي الحديث:.

-تمام و بعدين، قولي في أيه بلاش مقدمات يا زينة
ترددت زينة للحظات قبل أن تمد يدها ببطئ لتمسك بكفه الأيسر الذي يجاورها، ثم رفعت قميصها القطني حتي وصل الي أسفل صدرها و وضعت يده علي جانبها الأيمن و أغمضت عينيها بسبب أرتجاف جسدها من لمسته قائله:
-ده السبب يا معتصم.

مرر يده علي جرح قديم يظهر أثره بوضوح علي جسدها بقلق، أنخفض ليجلس علي الأرض أمامها و هو يجبرها علي الأعتدال ليظهر جانبها الأيمن بوضوح أمامه فمرر يده من جديد علي الجرح من جديد قائلا:
-أنتي ولا مرة قولتيلي أنك عملتي عملية، غير بعد ما رجالة خالد ضربوكي، بس ده مش تبع الضرب، أيه ده يا زينة أنطقي و أيه علاقته بخالد!
أنزلت يده و كذلك قميصها و جذبته ليجلس جانبها مردفة:.

-دي حكاية طويلة، محتاجة دماغ رايقة تسمعها، و حد عاقل يعرف يتصرف صح
-طيب فهميني و أنا وعدتك
صمتت للحظات قبل أن تتحدث:
-الحكاية بدأت من زمان أوي، لما بابا و ماما أتعرفوا علي بعض، معتصم، بابا أسمه الحقيقي كامل مش عزيز، و ماما اسمها جنات مش حسناء
أحتلت الصدمة وجه معتصم الذي تراجع للخلف في دهشة، لم يكن يتوقع هذا أبداً، فإن كان هذا هو بداية الموضوع فما هي أحداثه، تحدثت زينة بنبرة تملؤها الرجاء:.

-معتصم أرجوك أسمعني، بابا كان أبن مراد السعيد كان شريك في فندق سميرميس لو تعرفه اللي في جادرن سيتي، ماما كانت بتشتغل هناك في الروم سيرفز، قابلها و حبوا بعض، أصحاب بابا كان محمود سويلم مخرج البرنامج اللي بابا بيقدمه، و أحمد السلاموني شريك خالد الدهشوري، و كمان كان صاحب مصطفي الدهشوري أخو خالد، مصطفي كان بتاع بنات و إنسان مش محترم و كان نسخة من خالد حالياً و كان متجوز داليدا مرات خالد، بس في مرة كانت سكرانة فهي و خالد خانوه، و حملت في ولد و ده يا كريم.

قاطعها معتصم صارخاً بها قائلا:
-لحظة لحظة
أثار صوته العالي فزع زينة التي أنتفضت في مكانها و أغمضت عينيها، فتحدث معتصم:
-أنتي بتحبيني يا زينة ولا متجوزاني علشان أداري علي حاجات كتير أوي في حياتك، علشان أنا ظابط؟!
-أنا بحبك يا معتصم أقسم بالله بحبك
-امال محكتيش كل ده ليه من الأول؟! ليه بعد ما كتبنا الكتاب؟!
هبطت دموعها من جديد لتجيبه و هي تنظر الي الأرض:.

-علشان كنت نسيت كل ده يا معصتم، و علشان خوفت أقولك تسيبني، و بالنسبة لقولتلك ليه دلوقتي، لأني عايزة حياتنا تبدأ من غير لا كدب ولا حاجة مخبينها، و لما نتجوز و انت تشوف الجرح ده مش عاوزة أكدب عليك بخصوصه، انا لو بحكيلك الكلام ده دلوقتي ده لأني بحبك و واثقة فيك، الحكاية لسه فيها حاجات كتير أوي يا معتصم
تحدث معتصم بجمود شديد و كأنه قد تحول لتوه الي لوح من الثلج:
-طب كملي.

-بعد جواز ماما و بابا سافروا سوا تبع شغل في لبنان لبابا و رجعوا بعد سنة، لما رجعوا، مصطفي شاف ماما و بدأ يتعرض ليها و كانت بترفض تقول لبابا علشان ميتصرفش بتهور معاه و يفضح نفسه، لحد ما في مرة بعت ليها جواب مع حد قالها أنه مستنيها في شقة و مكتوب عنوانها، و هددها بريهام، و ريهام بابا و ماما أتبنوها قبل جوازهم يعني مش اختي الحقيقية و كان اسمها عايدة و غيروه، ماما خدت معاها سكينة و راحت هناك، و هناك حاول يغتصبها، ماما ضربته بالسكينة في ضهره، وقع علي الأرض بس كان لسه فيه الروح، وقتها سمعت صوت رصاصة و الرصاصة دخلت في نص دماغ مصطفي و مات، هي مقتلتهوش فيه حد تاني عمل كده، بس وجودها في بيته محدش هيصدق أنها كانت بتدافع عن نفسها وخصوصاً أن فجأة الجواب اختفي، ماما أتصلت ببابا و قالتله ييجي بسرعة، بس البوليس كان سبقه و وصل لماما، قبضوا عليها و قبل معاد تنفيذ الحكم بابا هربها و خدوا ريهام و مشيوا من البلد، بابا كان متفق مع واحد ياخد عربيته و يخليها تعمل حادثة و تولع فيبان أنهم عملوا حادثة و ماتو و هما بيهربوا، و قدر يطلع ورق مزور ليهم و من وقتها و أحنا عايشين هنا علشان محدش يشوفنا منهم و يشك فينا أننا لسه عايشين، بس بابا بقي مذيع مشهور و مع ذلك أي حد كان بيقوله أنه شبه كامل كان بينكر أصلاً معرفته بيه و كان خافي ماما عن الأنظار لحد ما تعدي 30 سنة علشان الحكم يسقط عنهم و لسه فاضل كام شهر و يخلص الحكم، 3 شهور و شوية و الموضوع كله يخلص.

مسح معتصم بيديه علي وجهه و تحدث:
-زينة أنتي عارفة أن اللي بتقوليه ده مصيبة سودا و كارثة، أمك لو طلعت من جريمة القتل بعد كام شهر، و ظهروا للناس أبوكي هيتحاكم بتهمة التزوير و أنتحال شخصيات لو كانت الأسماء دي لناس حقيقيين و ماتو مثلا و مطلعش ليهم شهادة وفاة
-عارفة يا معتصم، كلنا عارفين كل ده، بس كل اللي حصل ده أحنا ملناش ذنب فيه، أقسملك حد تاني هو اللي قتل مصطفي مش ماما.

رفع يده و أشار الي زينة قائلا:
-طيب تمام، ايه اللي حصل بعد كده؟!
-داليدا و خالد أتجوزوا و جابوا أولادهم دول، احمد السلاموني طبعا لسه معاهم زي ما أنت شايف في كل شغلهم القذر، و محمود أول ما عرف أن خالد و داليدا خانوا مصطفي أصلا مكنش مصدق و بعد عنهم فوراً، و مكنش مصدق أن ماما تعمل كده و خصوصاً ان مفيش أي دافع انها تقتله.

حل الصمت لدقائق، معتصم يضع يديه علي وجهه يخفي به ملامحه و زينة تجلس أمامه تراقبه و لا تعرف ماذا تقول، نظر لها معتصم و سألها:
-كل ده أيه علاقته بالجرح اللي في جنبك ده؟!

-من كام سنة روحت أعمل عملية في عيني علشان نظري، و طبعاً مفيش أحسن من مستشفيات خالد في مصر و مكناش لسه نعرف بكل اللي بيعمله ده، روحت هناك لوحدي علشان بابا و ماما و طبيعي مضيت علي ورق العملية، بس لما خرجت من العملية كنت حاسة بوجع في جنبي، و عرفت أنه سرق كليتي، و لما روحت للبوليس و أشتكيت عليه، طلع ورق بيثبت أني أتبرعت بكليتي لمريض الكليتين عنده فيهم تلف، و أني أخدت فلوس كمان علي كده و كل ورقه كان قانوني فمحدش وقف جنبي، من وقتها و انا بجري وراه و بحاول أكشفه.

عاد الأثنان لصمتهم، ثم وقف معتصم سريعاً و تحدث:
-أنا لازم أمشي
وقفت زينة هي الأخري امامه، و تحدثت بصوت متحشرج يرغب في البكاء من جديد بعد أن توقفت:
-معتصم أنت مقولتش حاجة؟!
-كفاية أنتي قولتي يا زينة، دلوقتي سيبيني أمشي و هبقي أكلمك
أمسكت بيده بخوف و تحدثت:
-مش هتسبني صح؟!
-لسه مش عارف، يا هتلاقيني قدامك لما أهدي، يا هتلاقي ورقة طلاقك، عن أذنك.

تركها معتصم و غادر المنزل، أما هي فجلست علي الأريكة و رفعت قدميها عليها و ضمتهما الي صدرها و بدأت في البكاء، لتأتي حسناء من الداخل بحزن قائله:
-أنا أسفه يا بنتي
وقفت زينة و أتجهت نحو حسناء و أحتضنتها بقوة مردفة:
-أوعي تتأسفي يا ماما أرجوكي، أنتي و بابا و أخواتي اغلي حاجة عندي، و لو هختار ما بينكم و ما بين حياتي و الله هختاركم أنتوا، و معتصم لو من نصيبي هيفضل معايا.

-بردوا أنا السبب، عزيز ساب حياته بسببي و أحنا مستخبيين هنا، كل حاجة مش في مكانها الصح يا بنتي، اللي أنتو عايشينها دي مش دنيا، ده كله فوق طاقتكم بسببي
أبتعدت زينة عنها و أمسكت وجه حسناء بكفيها مردفة:
-ماما أرجوكي أوعي تنهاري دلوقتي، كلها كام شهر و الموضوع هيخلص و مش هنبقي قلقانين من أي حاجة، أحنا منقدرش نستغني عنك
مسحت زينة دموعها بأناملها ثم مسحت دموع حسناء التي هبطت و تحدثت:.

-كفاية عياط أحنا عيلة فرفوشة من أمتي بنعيط و بننكد علي نفسنا
-لما الحمل بيتقل لازم الإنسان ينهار محدش بيشيل فوق طاقته
-و أحنا قد الحمل ده 100 مرة كمان، يلا روحي كملي الغدا و أنا هعمل حاجة و هحصلك يا حبيبتي.

أومأت حسناء برأسها و ذهبت الي المطبخ، بينما دلفت زينة الي غرفتها و أمسكت بحاسوبها، تشعر انها بحاجة لكتابة بعض الكلمات لتخرج كل ما بداخلها من بكاء، ففي النهاية ما الكتابة الا مشاعر مقيدة داخل أرواحنا تخرج علي شكل حروف تصف روح آخرى..

فتحت حسابها المزيف لتجد الكثير من الأشعارات و الرسائل عليه تخطت المائة، فتحته بتعجب، لتجد تعليقات كثيرة علي أخر ما كتبت و سؤالها لقارئيها عن رأيهم في تأليفها لرواية، و كانت الردود في غاية التشجيع علي الأقدام علي هذا الفعل، بالإضافة الي الكثير من الأشخاص الذين أرسلوا لها رسائل لتكتب روايتها الأولي، و آخرين قد أشاروا لها في منشوارت لتشجيعها، و أخيراً ضغطت علي صفحتها الشخصية لتصدم بزيادة عدد متابعيها الي 255 ألف متابع، تجاوزت الربع مليون متابع في فترة قصيرة للغاية، فهي لم تكمل السنة تكتب علي هذا الحساب، شعرت بسعادة تغمرها من كل جانب، و قد قررت بالفعل علي الأقدام علي تلك الخطوة لتبدأ في كتابة روايتها الأول..

و لكن قبل هذا بدأت في كتاب منشور أخير قائله:
لم أتوقع يوماً أن تصل كلماتي لقلوب الكثيرين منكم، ربما نمر بظروف مختلفة و لكن في النهاية تكون المشاعر ثابتة في بعض المواقف، أشعر بالسعادة تغمر قلبي علي كل هذا الحب الذي أحصل عليه في قلوبكم..
تحمست كثيراً لفكرة كتابة روايتي الأولي، و أعدكم أن تعيشوا مع شخصياتها و أن تجدوا أنفسكم بداخل أحدي الشخصيات التي كثيراً ما مرت علينا في حياتنا
من حب..
فراق..

صدمة..
إحراج..
و خيبة أمل و رجاء..
و لن تُنسيني الرواية أنكم ملاذي الأول و الأخير للتعبير عن مشاعري و سرد مواقفي و نصائحي، و قريباً أيضاً سيصبح للمتمردة أسم حقيقي تنادونها به إن أردتم، و لكن سأظل أحبذ لقبي الذي قربني منكم، متمردة
ما أن ضغطت علي زر النشر، حتي سمعت صراخ كريم يأتي من منزله فألقت بحاسوبها علي الفراش و أسرعت الي الخارج و كذلك حسناء، أقتربت زينة من الباب بقلق و دقت الباب قائله:.

-كريم أفتح
جاءها رده من الداخل قائلا:
-ألحقيني يا زينة، انا مش عارف أتحرك
حاولت حسناء دفع الباب بكتفها و لكن لم يفلح الأمر فتحدثت:
-يا ساتر أستر يا رب، أتصرفي يا زينة
خلعت زينة دبوس شعر من خصلاتها البرتقالية و بدأت في فتح الباب فتحدثت حسناء بدهشة:
-أنتي بتعملي كده من أمتي!؟
-بنتك حرامية قديمة يا أم زينة، روحي هاتي سكينة بس ليكون كريم معاه حرامي جوه ولا حاجة.

ركضت حسناء الي الداخل لتحضر سكين في حين فتحت زينة الباب و خَطَت بداخله في سرعة لتقع علي وجهها و تشعر بالماء يغمر وجهها و يدخل الي أنفها و رئتيها، لتعتدل بسرعة و قد أبتلت ملابسها و بعض خصلاتها فأعطتها منظراً جذاباً، نظرت الي كريم الذي يقف أمام باب غرفته و تحدثت بصدمة:
-نهار أسود! أيه غرق الشقة ماية كده؟!

في المقطم شارع رقم 9
خلع معتز نظاراته الشمسية و هو ينظر الي العمارة التي يسكن بها أخيه كريم، صعد علي الدرج حتي وصل الي الطابق الذي يقطن به كريم، وجد أحد الأبواب مفتوحة و الأخر مغلق، و سمع الكثير من الضجة قادمة من تلك الشقة المفتوحة بالإضافة الي الماء الذي يخرج منها، أقترب منها بفضول، فوجد ثلاثة نساء تعطيه ظهورهن، فحمحم ثم تحدث:
-لو سمحتوا!

ألتفتت إليه إحداهن ليصدم بأنها ريهام، نظر لها من رأسها الي قدميها، ثيابها المتسخة المبللة، خصلاتها المبعثرة علي وجهها و ملامحها بدون مستحضرات التجميل، فنطق بدهشة:
-ريهام!
أعطته ريهام ظهرها من جديد و تحدثت بخوف و صوت هامس:
-يا نهار أسود
ألتفت زينة و حسناء الي معتز و تحدثت حسناء بإبتسامة ودودة:
-أتفضل يا ابني، خير في حاجة؟!

دلف معتز الي المنزل و هو يشعر بالصدمة تحتل كيانه، هل هي محتالة! عاد من صدمته عندما شعر بأسفل بنطاله قد بَلَّه الماء، فتحدث:
-ريهام، لفي لو سمحتي
ألتفتت له ريهام بإحراج شديد و خجل قائله:
-فيه حاجة يا أستاذ معتز
نظرت حسناء و زينة اليهما بتعجب، من هذا و من أين تعرفه؟
أجابها معتز و مازالت عينيه تتنقل بين ملابسها و وجهها:
-أنتي بتعملي أيه هنا؟!

خرج كريم من غرفته و هو يحمل دلو و عصا في نهايتها قطع من القماش، نظر الي معتز بسعادة بالغة و أقترب منه و ضمه الي صدره قائلا:
-معتز، وحشتني أوي، جيت أمتي و عرفت عنواني منين؟!
أبتعد عنه معتز و قد زادت صدمته الضعف، فما هذا المنظر الذي يظهر به شقيقه، فأجابه معتز بتلعثم و شرود:
-أنا لسه جاي من السفر امبارح، و كلمت ماما و قالتلي عنوانك، هي و بابا لسه في الأقصر.

أنصت كريم الي كلماته بتعجب، فما الذي تفعله والدته و زوجها في الأقصر، ثم تحدث سريعاً و هو يقدم معتز الي الجميع قائلا:.

-طيب يا سيدي أعرفك، مدام حسناء جارتي و تبقي زوجة أستاذ عزيز مذيع برنامج دقايق من الحقيقة، و بناتها الأتنين، الكبيرة ريهام و هي مخرجة تليفزيون لسه متخرجة من كام سنة، و زينة صحفية في جريدة منارة الحقيقة، و فيه كمان جاسر و ده ممثل مبتدأ بس مش هنا حالياً و ده معتز أخويا اللي قولتلكم عنه، و أعتقد غني عن التعريف بما أن زينة تعرف كل حاجة عن خالد الدهشوري
أطمأن معتز قليلاً تجاه ريهام، ثم تحدث:.

-أهلا و سهلا، أنا عارف أستاذة ريهام، لسه كنا أمبارح سوا بعد ما خلصنا تصوير الفيلم
كانت تلاحقه نظرات الصدمة من ريهام التي تحدثت بتوتر:
-أنت أسمك معتز خالد، معتز خالد الدهشوري
أومأ معتز برأسه بتعجب، بينما نظرت ريهام الي زينة و حسناء، اللتان حاولا أن يكونا طبيعيتان قد المستطاع، فأقتربت زينة من معتز بإبتسامة قائله:
-أهلا وسهلا يا أستاذ معتز، مبسوطة جدا إني شوفت حضرتك
-أنا أكتر يا أنسه زينة.

أمسكت زينة بيد كريم و فتحتها لتضع بداخلها العصا التي كانت تنشف بها الأرض قائله:
-عن أذنك بقا، كملوا أنتو عندي شغل مهم
نظرت لها حسناء بتعجب من سرعتها قائله:
-متسربعة علي أيه، و شغل أيه أنتي النهاردة أجازة!
-تحقيق مهم يا ماما هكمله، ممكن أرجع بعد يومين
أسرعت زينة خارجة من المنزل بينما تحدثت حسناء بصوت مسموع:
-يومين أيه! زينة، أنتي يا بت
ثم نظرت الي كريم بعدم فهم و تحدثت:.

-تحقيق أيه يا كريم ده؟ تعرف حاجة عن الموضوع ده!
شرد كريم قليلاً و هو يتذكر ما حدث للتو، ثم تنهد متحدثاً بقلق:
-زينة رايحة الأقصر، لما عرفت أن ماما و خالد هناك
نظر له معتز بتعجب مردفاً:
-طب و هي رايحة هناك تعمل أيه؟ و هي مالها و مالهم!
-ده موضوع طويل يا معتز هحكيهولك بعدين
نظر كريم الي حسناء و ريهام مردفاً بإحراج:.

-أنا أسف جداً علي التعطيل اللي عطلته ليكم بسبب غبائي و أني نسيت أقفل الماية قبل ما أنام، بس انا هغير هدومي و أروح مع زينة، مينفعش تروح لوحدها هناك
تحدثت حسناء لتوقفه مردفة:
-ريح نفسك أنت، اكيد هي هتتصل بمنير و تروح معاه هناك، ما هو متابع التحقيق ده معاها
-لا يا طنط منير عنده تحقيق تاني بيتابعه، و هي هتروح لوحدها، خليني أبقي معاها كفاية اللي حصل ليها اخر مرة
نظر كريم الي معتز بأسف و أعتذر قائلا:.

-أنا اسف جداً جداً يا معتز، بس مش هينفع أسيب المجنونة دي تروح لوحدها، لو عايز تعرف في ايه ممكن تسأل ريهام و هي هتحكيلك أكيد، و نتقابل لما أرجع ماشي
-خلاص ماشي، بس و شغلك
-كنت واخد أسبوع أجازة ناوي أروح شرم، بس يلا مفيش نصيب.

ركض الي غرفته سريعاً، أخرج قميص باللون الأبيض و به بعض النجوم السوداء، و بنطال من خامة الجينز باللون الأزرق، و حقيبة ظهر وضع بها بيجامة زرقاء و مستلزماته الشخصية، و بديل أخر لملابسه، ثم خرج الي الجميع مرة أخري، فكانت ريهام في الشرفة مع معتز، بينما تقف حسناء تنشف الماء وحدها فأقترب منها كريم بإمتنان قائلا:.

-أنا اسف جدا يا طنط بجد، حضرتك روحي أرتاحي و انا هبعت واحدة تيجي تنشف البيت، بس خلي المفتاح معاكي علشان لما تيجي
ربتت حسناء علي كتفه بحنان قائله:
-متقولش كده يا كريم، مش أنت قولت أننا زي أهلك، سيبنا بقاا نقوم بدورنا و كفاية أنك رايح مع المصيبة اللي أسمها زينة دي و هتلغي رحلتك
-شكراً ليكي جدا، أبقي سلميلي علي عمو و ريهام بقا لما تخلص مع معتز.

ركض الي الخارج و دق علي باب منزل زينة، التي فتحت له بعد ثواني و نظرت له بتعجب و سألته:
-أنت رايح فين يا كريم!
-لقيت نفسي فاضي قولت أحط نفسي في مصيبة معاكي
أرتدت حقيبة ظهرها و علقت الكاميرا علي رقبتها مردفة:
-مش هينفع تيجي معايا، أول حاجة دول أهلك، و تاني حاجة وراك شغل
قاطعها و هو يرفع يده أمام وجهها مردفاً:
-وتالت حاجة مش هتعرفي توصلي لعنوانهم بسرعة من غيري
أنكمشت ملامحها تفكر، فأكمل:.

-و بعدين مش أنتي لسه عربيتك في الصيانة بعد ما خبطتيها؟ يبقي محتاجة عربية و عربيتي تحت أمرك
خرجت من المنزل و أغلقت الباب ورائها قائله:
-أقنعتني، يلا بينا.

في الأقصر
أرتفع رنين هاتف داليدا، نظرت الي الشاشة لتجد أسم كريم يظهر عليه، ألتقطت الهاتف و أجابته:
-لسه فاكر أن عندك أم
-يعني أنا متصل بيكي يا ماما و وحشاني علشان نتخانق
صمتت داليدا لثواني فأكمل كريم بضحكة خافته:
-وحشتيني يا داليدا هانم
شعرت بقلبها يتراقص من كلماته التي لم يخبرها بها منذ زمن طويل، فأجابته بحب شديد:
-و انت كمان وحشتني أوي يا كريم.

-أنتي فين يا ماما؟! أنا روحت البيت و أنتي و خالد مكنتوش هناك
أنقبض قلبها بخوف، ماذا تخبره! أنها في الأقصر حتي تحصل هي و زوجها علي قطع آثار ليبيعوها لرجل فرنسي..
سمعت صوته يكرر أسمها بتعجب، فأجابته بسرعة:
-معاك يا كريم، أحنا في الأٌقصر
-بتعملوا ايه هناك
أخرجت بعض الكلمات لم تعرف ماذا سيكون تأثيرها عليه، هل سيصدقها أم لا! و لكن سرعان ما تذكرت السبب المستعار الذي جاءت مع خالد من أجله فأردفت:.

-واحد صاحب خالد يا حبيبي، بنته هتتجوز و عزمنا علي الفرح، هيكون بكره بالليل، و اليوم اللي بعده هيكون فيه حفلة تنكرية
-طب بقولك أيه يا ماما، أنا أخدت أجازة من الشغل و كنت ناوي أجي أقضيها معاكو، أبعتيلي اللوكيشن أجيلكم
أزداد توترها، فكيف سيأتي الآن؟ ماذا عن عملهم الذي لا يعلم عنه كريم شئ! و لكن أستمعت من جديد الي صوته مردفاً:
-تمام يا ماما ولا ايه؟!
-حاضر يا حبيبي، هبعتهولك حالا علي واتساب.

في أستوديو برنامج دقائق من الحقيقة
صرخ محمود في وجه عزيز مردفاً:
-أنت أتجننت يا عزيز إزاي متقوليش إن ده حصل
أمسك عزيز ذراع محمود بعنف و همس بغضب:
-و أديك بتندمني إني قولتلك يا محمود في أيه!
هدأ محمود قليلاً و هو يسحب ذراعه من بين يدي عزيز مردفاً بصوت هامس:.

-عزيز، لو موضوع خالد الدهشوري هييجي علي حياتك يبقي بلاش يا عزيز، أنت فاهم يعني أيه العربية المرة دي ولعت، المرة الجاية ممكن بيتك و ممكن أهلك يجرالهم حاجة، و أنا مش هسمح بده أبداً علي حساب البرنامج و القناة
هز عزيز رأسه بالنفي و قبل أن يعترض أو ينطق بكلمة واحدة قاطعه محمود بحدة:
-لا يا عزيز ولا كلمة، هننزل إعتذار علي التليفزيون و بيدج الفيس بوك و تويتر و أي حاجة ليها علاقة بالسوشيال ميديا.

وقف عزيز هو الآخر و نطق بحدة معارضة:
-لا يا محمود، مش علشان هنحافظ علي حياتنا علي حساب حياة الناس الغلابة اللي مش عارفين يجيبوا حقوقهم، محمود دي وظيفتنا و لو كل واحد خاف علي نفسه يبقي نقعد في بيوتنا بقاا
-يا عزيز أحنا مش قد خالد الدهشوري و شره
جلس عزيز من جديد و أشار الي محمود ليجلس هو الأخر، فجلس محمود و هو يزفر بضيق، فتحدث عزيز:.

-من كام أسبوع كده زينة بنتي كانت بتتابع تحقيق تبع خالد، و كانت معاها جوزها و هيقبضوا عليه بتهمة تجارة المخدرات، بس خالد كشفهم، بعت رجالة و ضربها و فضلت في الجبس أسبوعين، و لسه متصلة عليَّا قبل ما أكلمك و أقولك أن عربيتي ولعت، عارف رايحة فين يا محمود؟
أومأ محمود برأسه مؤكداً جهله، فأكمل عزيز و هو يشبك أصابع كفيه ببعضهما:.

-راحت الأقصر بعد ما عرفت أن خالد هناك، راحت تكمل تحقيقها و مش راضية تسكت غير لما تكشف خالد و فساده، متجيش دلوقتي و تطلب مني أعتذر و أقفل الموضوع يا محمود علشان خايف علي نفسي أرجوك
تنهد محمود بقلق و أردف:
-عزيز أنا لو قولتلك كده فده علشان أنا خايف عليك و الله، انت أكتر واحد متضرر، أنا عارف خالد كويس كنا أصحاب زمان، و ده مش معناه أنه مش ممكن يضرني، لا عادي ده خان أخوه، ممكن ميأذنيش أنا!

-خلاص يبقي سيبها علي الله و زي ما تيجي تيجي، خلينا نعمل اللي علينا يا محمود، علشان بعد كده منزجعش نندم و نقول يا ريت كنا كملنا.

في منزل تيسيير و أبنته مني في الزمالك
أقترب تيسيير من مني التي تقف أمام صلاح الذي تحطيه الأجهزة الطبية من كل جانب في غرفة سرية داخل غرفتها، بعد أن أتمت له العملية، فتحدث تيسيير:
-لسه مفاقش ولا أيه؟!
هزت رأسها بالنفي، و هي تراقب الأجهزة الطبية مردفة:.

-كل تحاليله و أشعاته تمام، و مؤشراته الحيوية كويسة جدا و مفيش أي ضرر من أي نوع، حتي أن الأشعة مأظهرتش أن ممكن يكون دخل غيبوبة، معرفش في أيه؟! و لا مش راضي يفوق ليه!
-ممكن تكون التجربة فشلت زي اللي قبله
نظرت مني الي والدها بحدة و هي تقول:
-أوعي تقول كده تاني، و بعدين ده لسه تاني يوم بعد العملية، أنا بستني أسبوع و لو مفاقش يبقي هيموت
عادت بنظرها نحو صلاح و قد أمتلأت عينيها ببصيص من الأمل و أردفت:.

-أنا متأكدة أن المرة دي هتظبط يا بابا، و التجربة هتنجح، هنعمل جيش يا بابا، هنقتل اللي قتلوا ماما، هنجيب حقها، هناخد مصر كلها و نخليها تحت أمرنا، و بعدين هنملك العالم كله، مش هبطل أختراعات ولا تجارب، هحسن العالم كتير، هلغي كلمة حب من الدنيا دي، هقضي علي كل الفساد، هعرف أستغل كل مورد، صلاح بس يفوق و كله هيتحل و هعمل اللي نفسي فيه
ربت تيسيير علي كتفها لتلتفت له و أبتسمت.

في المقطم شارع رقم 9
في منزل كريم
أنتهت ريهام من سرد ما واجهته زينة من صعاب من أجل كشف حقيقة والده، فنظر لها معتز بهدوء و أردف:
-أنا والدي معملش أي حاجة غلط يا ريهام، ورقه كله سليم، خالد الدهشوري راجل محترم يا ريت تعرفي ده كويس أنتي و أختك و اهلك كلهم
-أستاذ معتز، عارفة أن الموضوع مش سهل ابداً، بس زينة أوريدي وصلت لحاجة تبعه و شحنة مخدرات
قاطعها معتز بصراخ غاضب:.

-و طلعت غلطانة يا ريهام، و طلعت شحنة أدوات طبية مظبوط ولا أنا غلطان
-خالد الدهشوري بعت رجالة يضربوها في نفس اليوم، و فضلت في المستشفي كام يوم و فكت الجبس قريب
-مين قال انهم رجالة بابا مثلا؟! هما راحو قالولها، ما يمكن هي عملت أي مصيبة ضربوها بسببها
تحدثت ريهام لتنهي النقاش الذي قد زادت حدته كثيراً، فلم يسمح أياً منهما للآخر ان يخطئ في حق عائلته:.

-معتز لو سمحت، ده شغل زينة، و هو لو بيعمل حاجة غلط هيتكشف، مش بيعمل يبقي زينة غلطانة، مفيش داعي لكل الخناق ده، و أحنا أصلاً ملناش علاقة بالموضوع ده شغل زينة، يعني تحقيق و قضية جت ليها و هي لازم تعرف حقيقتها
-أنا لازم أمشي، بعد أذنك
تركها معتز و خرج من الشرفة، نظر الي حسناء التي تقف في منتصف الصالة تنظر له، ليتجاهلها و يكمل طريقه الي الخارج..
نظرت حسناء الي ريهام و تحدثت:.

-احنا بردوا بنتكلم عن باباه، و مش بسهولة هيصدق عنه حاجة
-ده أذا مطلعش بيشتغل معاه يا ماما، يا ريتني كنت عرفت هو مين من الأول كنت رفضت أشتغل معاه، ربنا يسترها.

في الطريق نحو الأقصر
أرتفع رنين هاتف زينة، ألتقطته و أجابت سريعاً فقد كان معتصم:
-ألوو يا معتصم
-أنتي فين يا زينة؟
تنفست ببطء أو ربما توقفت أنفاسها قليلاً، فلقد ذهب عن خاطرها أن تخبر معتصم بسفرها، و الأكثر من هذا هو وجود كريم معها، فهي تعلم كم يكره وجودها جانبه، و لكنها قررت أن تخبره الحقيقة قائله:
-أنا رايحة أكمل تحقيق خالد يا معتصم، رايحة الأقصر، و معايا كريم.

نظرت الي كريم الذي بادلها النظرات بتوتر و قد سمع صراخ معتصم بها علي الهاتف لأنها لم تخبره بذهابها و بوجودها معه بل و وصفه ب الزفت ، فحركت زينة شفتيها أمام كريم هامسة:
-أنا أسفه سوري
أشار له بيدها لتكمل كلامها معه، فتحدثت:
-يا معتصم أهدي لو سمحت، أنا جت ليَّا فرصة أعرف كل بلاوي خالد الدهشوري، أنا متأكدة أنه في الأقصر علشان حاجة تانية.

-و انتي مجنونة رايحاله برجلك تاني، و فاكرة أيه؟ أن سي كريم ده هيساعدك، دي أمه و ده أبوه
-ده مش أبوه يا معتصم ده جوز مامته، و أنا واثقة في كريم كفاية إني
قاطعها معتصم مردفاً:
-أنك أيه يا زفتة أنتي كمان، أنتي عارفة أنك ممكن تبقي رايحة معاه في داهية دلوقتي، هتفتحي دلوقتي الواتساب بتاعك و تبعتيلي اللوكيشن و تسيبي الجي بي أس مفتوح و هنربط التليفونين ببعض علشان أوصلك، فاهمه يا زينة.

-حاضر حاضر فاهمه، ممكن تهدي بقاا! أقفل يلا و انا هبعتلك اللوكيشن
أغلقت زينة الخط، ثم أغلقت الهاتف بأكمله قبل أن ترسل لمعتصم عنوانها، فأوقف كريم السيارة و نظر لها بعدم فهم و تحدث:
-أنتي مبعتيش ليه اللوكيشن ليه يا زينة
-معتصم لو جه مش هيخليني أخد راحتي في شغلي يا كريم خصوصاً بعد اللي حصل آخر مرة، هيفضل يقولي متعمليش كده، فيه خطر عليكي، مش هتطلعي سليمة، متقربيش أوي، أستني هاجي معاكـ.

قاطعها كريم بسرعة و أردف:
-أستني بس، و مين قالك أني لو لقيتك هتروحي في داهية مش همنعك زيه
-هو جوزي يعني مش هعرف أقوله لا و خليك في حالك، أطلع بقاا
أنطلق بالسيارة من جديد و تحدث:
-خليك في حالك هااه، أنا زي العقدة في المنشار يا زينة مش هتعرفي تخلصي مني و مستحيل أسيبك لوحدك في مصيبة علشان كام كلمة هتقوليهم
-أتفائل أنت بس بدل بوز التشاؤم ده، شغل أغاني عايزين نفرفش.



look/images/icons/i1.gif رواية عاشقي المخاطر
  12-12-2021 07:39 صباحاً   [6]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية عاشقي المخاطر للكاتبة حنين محمد الفصل السابع

في سيارة معتز
أمسك بهاتفه ما أن خرج من المقطم و تحدث:
- بابا، زينة عزيز الصحفية جيالك الأقصر هي و كريم، خد بالك منها
أغلق الهاتف و نظر في الطريق امامه و هو يفكر في حيلة للتخلص من زينة و عائلتها، فأمسك هاتفه من جديد و أرسل رسالة صوتية أخري الي رجله المخلص جاويش مردفاً:
- جاويش، كل المعلومات عن الصحفية زينة عزيز و أهلها تكون عندي خلال 48 ساعة فاهم.

مرت عدة ساعات في الأٌقصر
وصل كريم الي الموقع الذي أرسلته له داليدا، أبتعد عنه قليلاً و تحدث:
- هنعمل أيه؟!
نظرت زينة حولها و أردفت:
- لازم ألاقي فندق أو بيت قريب أقعد فيه لحد ما يمشوا
- طب ما تيجي تقعدي معانا كلنا في البيت أعتقد كده هتكوني أقرب
نظرت له بسخرية و أردفت:
- مامتك عارفة شكلي، و أكيد خالد كمان عارفني مش هينفع
- ما أنا مش هينفع أسيبك لوحدك بردوا.

- و أنا كمان أكيد مش هقعد معاك في مكان واحد يا كريم مينفعش، كفاية أن معتصم هيقطم رقبتي لما ارجع
رفع كريم يده في شكل قبضة و أردف:
- يا بت هو انا جبت خالص سيرة أننا نقعد في نفس المكان
- طب و بعدين!
- أستني أنا هتصرف
أمسك بهاتفه و أتصل علي داليدا، أجابته بعد ثواني فتحدث بأسف:
- ماما حبيبتي، أنا أسف جدا، بس جاتلي حالة طارئة في المستشفي و لسه خارج من أوضة العمليات، شكلي مش هعرف أجيلك النهاردة.

هزت داليدا رأسها لخالد الذي يجلس امامها و أردفت بحزن مصطنع:
- بجد يا حبيبي! طيب خلاص، شوف أنت شغلك و لما تقدر تيجي أبقي تعالي و لو رجعنا التجمع تاني هبقي أتصل أعرفك يا حبيبي
- ماشي يا ماما، سلام دلوقتي
أغلق كريم الخط و نظر الي زينة التي نظرت له بعدم فهم قائله:
- طب و بعدين! ليه عملت كده!

- دلوقتي لازم ندور علي فندق نقعد فيه يومين، هناخد أوضتين جنب بعض علشان لو حصل اي حاجة ماشي، قالتلي فيه فرح بنت واحد صاحب خالد، يعني لو أتنكرنا و دخلنا محدش هيعرفنا، و فيه حفلة تنكرية كمان، بس مش بالمعني، بندخل فيها بمسكات علي العيون بس، هندخل كمان ممكن يكون فيه سبب ورا الحفلة دي
صمتت زينة للحظات تفكر قبل أن تومأ برأسها موافقة، فأنطلق كريم بالسيارة الي أقرب فندق و سألها:
- هتعملي أيه مع معتصم؟

- هقوله أن الفون فصل أول ما قفل و مكنش معانا شاحن أو باور بانك
- مش مقنعة أوي و كمان مينفعش تكدبي عليه
- خلاص هبقي أقوله الحقيقة لما نرجع، بس دلوقتي لازم يبقي بعيد شوية.

في المقطم بمنزل عزيز
تعالت أصوات الدق علي باب المنزل، ليتجه عزيز نحوه بقلق و تحدث:
- مين اللي بره!
ظهر صوت معتصم ناطقاً بأسمه، ليفتح له عزيز بهدوء و أردف:
- ينفع الطريقة اللي بتخبط بيها علي الباب دي يا معتصم
- أنا اسف يا عمي، بس اللي زينة عملته و انتو وافقتوها فيه ده مينفعش
أبتعد عزيز عن الباب و أشار لمعتصم ليدخل قائلا:
- طب أدخل خلينا نتكلم.

دلف معتصم و أغلق عزيز الباب و دخل خلفه، جلسا الأثنان علي الأريكة فتحدث عزيز بلباقة:
- معتصم، مش معني أن انت اتجوزت زينة يبقي هتعترض علي شغلها، دي طبيعتها ممكن تغيب بره البيت و ممكن تعرض نفسها للخطر و تسافر و تروح و تيجي و انت تعرف بالصدفة، كل حاجة بتيجي مرة واحدة عندها مش بيكون عندها وقت أنها تقول لحد، مش أنت جاي علشان كده
حمحم معتصم و أردف:.

- أيوه يا عمي، بس أنا عرفت بالصدفة، كلمت جاسر أسأله عن حاجة، و سألت عن زينة بالصدفة لقيته بيقولي أن ريهام قالتله أنها سافرت الأقصر
- أتصلت بيا أنا كمان و هي في الطريق يا معتصم و قالتلي و انا أبوها اللي لسه مسئول عنها لحد ما تبقي في بيتك
صرخ معتصم بصوت عالً و بدون شعور:
- و ليه تسافر مع سي زفت كريم، خصوصاً بعد ما حكتلي كل حاجة لسه بتثق فيه
صمت معتصم قليلاً ثم تحدث بتلعثم:.

- أنا أسف يا عمي أني عليت صوتي عليك بس ده من قلقي عليها و الله، زينة سافرت مع كريم يومين من غير ما تقولي، و هي عارفة كويس أن أبوه هو سبب كل المصايب و أنه راجل شراني، تفتكر صدفة انه ييجي يسكن جنبكم أكيد لا يا عمي، و كمان قولتلها أبعتيلي اللوكيشن قالتلي أوك و مبعتتش حاجة و بعدين قفلت تليفونها
- يا معتصم، أنا فاهم قلقك، بس كريم بقاله فترة جنبنا و معانا و جوه بيتنا و مشوفناش منه حاجة وحشة.

- هتشوف يا عمي و الله هتشوف، أنا مش متطمن ليه من قبل ما أعرف أي حاجة، كريم فاكر أن مصطفي هو أبوه و قدام القانون مدام حسناء هي اللي قتلته، كريم جاي ينتقم، أتصل بكريم يا عمي و قوله يرجعها لو سمحت
- مش هترضي ترجع يا أبني
- حاول يا عمي لو سمحت، زينة لو جرالها حاجة أنا مش هقدر أعيش من غيرها و مش عارف أوصل ليها ساعدني أرجوك.

في الأقصر
خرجت من الحمام بعد أن حصلت علي حمام دافئ و أرتدت ملابسها المكونة من بنطال ضيق من القماش باللون الأسود، بالإضافة الي قميص قطني بحمالات باللون الزيتي و أعتلته بقميص أبيض فتحت أزراره و رفعت أكمامه، أتجهت نحو المرآة و أمسكت بفرشاتها و بدأت بتمشيط خصلاتها البرتقالية المموجة، ثم رفعت شعرها علي هيئة ذيل حصان..

أتجهت الي حقيبتها و أخرجت منها كاميراتها و منظار صغير و علقتهما في رقبتها، و غادرت غرفتها متجهة نحو منزل داليدا و خالد الذي أشار نحو كريم، ألتفتت حوله عدة مرات بعد أن وضعت قبعة شبابية فوق رأسها حتي تمكنت من إيجاد مكان مناسب لمراقبتهم، ثم اتجهت الي منزل صغير متهالك بجانبهم، دقت بابه و لكن لم يجيبها أحد، فجاءت إليها سيدة بإبتسامة ودودة قائله:
- خير يا بنتي عايزة مين؟!

- أهلا بحضرتك، أنا كنت مسافرة و عربيتي عطلت فودتها عند ميكانيكي قريب و قالي هتطول شوية و كنت بدور علي مكان أقعد فيه فلقيت البيت ده و علي الشارع علطول علشان لما الميكانيكي يعدي من الشارع أشوفه و أنزله، حضرتك تعرفي مين صحاب البيت دول؟!
أشارت السيدة الي صدرها بترحاب قائله:
- أنا يا بنتي، اتفضلي تعالي، بس معلش البيت مترب شوية لإني مش قاعدة فيه
- لا عادي ولا يهمك، شكراً جدا ليكي يا طنط.

فتحت السيدة باب المنزل و دلفت، أقتربت الي الشرفة التي تريد أن تقف بها زينة التي تسير خلفها حتي دخلتا الي الشرفة..
تقدمت زينة السيدة و هي تنظر من الشرفة فظهر أمامها منزل خالد جيداً ذو النوافذ المفتوحة، فألتفتت الي تلك السيدة اللطيفة و شكرتها:
- متشكرة جدا لحضرتك
ربتت السيدة علي كتفها بود و أردفت:
- أنا خالتك عفاف يا بنتي، و تاني مرة متكدبيش علي ست كبيرة علشان عارفين الحركات دي كويس أوي.

أتسعت عيني زينة ثم أخفضتهما بإحراج، فأكملت عفاف:
- شكلك يا تبع البوليس يا تبع الصحافة، و الكاميرا و المكبر دول أكيد عايزة تراقبي حد و ده أحسن مكان بالنسبالك
- أنا فعلا صحفية، بس علشان طبيعية شغلي مكنش ينفع أقول لحضرتك
- علي العموم يا بنتي البيت فاضي أهوه وقت ما تعوزي تعالي و ده مفتاحه خليه معاكي، و انا بيتي جنبك اهوه علطول، أبقي نادي عليَّا بس و أنا هنزل أخد منك المفتاح.

أمسكت زينة يدها بإمتنان مردفة:
- أنا بجد مش عارفة أشكرك أزاي
- هتشكريني لمَّا تعدي عليا بعد ساعتين نتعشي سوا
- خلاص تمام ساعتين و هكون عند حضرتك
ألتقطت زينة المفتاح من عفاف التي غادرت سريعاً، أمسكت زينة بمنظارها و بدأت في مراقبة المنزل، وجدت داليدا تجلس في الشرفة و هي تضع كمامة طبية علي وجهها، فابتسمت زينة بسخرية، ثم بدأت تتجول بمنظارها داخل المنزل حتي وجدت خالد يخرج من المنزل مع رجل مسن..

أمسكت كاميراتها علي الفور و بدأت في تصويره عدة صور مع الرجل، و أستمرت في المراقبة ساعة، حتي وجدت كريم يطلق صفارة أسفل الشرفة، فنظرت له فتحدث:
- بتستغفليني و بتخرجي من غير ما تعرفيني ليه يا زينة؟!
وضعت سبابتها علي شفتيها قائله:
- أسكت هتفضحني
ألقت المفتاح له ليلتقطه بسهولة ثم تحدثت:
- أطلع و أقفل الباب وراك
ثم عادت الي منظارها تراقب خالد من جديد الذي أبتعد عن النافذة و أقترب من غرفة النوم..

وجدت كريم يدق علي كتفها قائلا:
- هو أنا جاي معاكي طيشة يا زينة؟ انا قولتلك أيه؟!
- كريم لو سمحت أنا دلوقتي بشتغل أرجوك ده مش وقت كلام
أمسك بذراعها بقوة و جعل وجهها أمامه قائلا:
- يا بنتي عبريني، معتصم و أبوكي مغرقيني أتصالات و انا مش عارف أرد ولا لأ
عضت علي شفتيها بغيط و أردفت بحدة:
- أنت أتجنيت يا كريم، يعني أنا قفلت تليفوني و انت مقفلتوش.

- و لما أقفله اتواصل مع أهلي علشان تراقبيهم لحد ما يمشوا أزاي يا هانم
عادت و وضعت عينيها امام منظارها و أردفت:
- متردش عليهم
- هيقلقوا عليكي
ألتفتت له بوجهها قائله بحدة:
- كريم، انا قولتلك مش عاوزة شغلي يبوظ لو سمحت، خليني أركز، و متهتمش ممكن
نظر لها بخيبة أمل و تركها و دلف الي المنزل قائلا:
- أنتي حرة، انا جعان و هروح أجيب أكل، هتاكلي أيه؟!

أخرجت بعض المال من جيب بنطالها أتجهت نحو كريم و فتحت كفه و وضعت المال بداخله قائله:
- شوف بيشتروا أكل أيه و هات، بس متجيبش حاجات كتير علشان أنا هتعشي كمان ساعة مع صاحبة البيت
أمسك كريم بكفها ليضع به المال قائله بغضب:
- أتجنيتي ولا أيه يا زينة! خلي فلوسك معاكي
- هتاخد الفلوس و لا مش هتجيبلي أكل أختار
- زينة لو سمحتي أنا
أمسكت هي هذه المرة يده و ضمت قبضته بكفيها قائله:.

- كريم لو سمحت، انا عارفة أن انت الراجل و كرامتك و كل الكلام ده، بس أنا مسئولة عن نفسي، خد الفلوس و روح جيب أكل و عصير لإني فعلا حاسة بهبوط و محتاجة أكل و عصير
تركها و غادر و هو يردف بصوت مرتفع:
- محدش هيجيبلي المرض غيرك يا بنت عمي عزيز.

عادت زينة الي الشرفة، و بدأت في البحث عن خالد و داليدا و لكن لم تجد أياً منهما، المنزل بأكمله مكشوف أمامها و لكن لا يمكنها العثور عليهما، توجهت بأنظارها نحو الشارع لتبحث عنهم او عن سيارتهم إن ذهبوا و لكن لم تجد أي سيارة و كذلك هم غير موجودين في الشارع، عادت الي المنزل لتتأكد من عدم وجودهم فلم تجدهم..

خرجت من المنزل بسرعة شديدة و توجهت نحو منزلهم بدون أن يراها أحد، دلفت من أحدي النوافذ و بدأت تتجول داخل المنزل بحذر، وجدت سجادة مرفوعة و يظهر من أسفلها قرص حديد في ما يشبه الباب الخشبي، حاولت فتحه و لكن لم تفلح..

تأفأفت بضيق فلا بد أنه مغلق من الداخل، و لكن سرعان ما وجدتها فرصة مناسبة للبحث عن أي شئ في المنزل، بدأت في تفتيش الأدراج و الخزانات، رفعت مراتب الأسرة و أبعدت الصور المعلقة عن الحائط و أسفل إحداها وجدت أخيراً مرادها..

خزنة مشفرة بخمسة أرقام، بدأت في التفكير في عدة أحتمالات، و لكن باتت جميعها فاشلة، لا تعلم لماذا ولكن كتبت تاريخ وفاة مصطفي، اليوم التي بدأت حياة الجميع في التحول لتصبح كالجحيم علي الأرض.

ففُتحت الخزنة، أتسعت شفتيها في أبتسامة و هي تمسك بجميع الأوراق بدون أن تقرأها و بدأت في أخذ صورة لكل ورقة عن طريق كاميراتها، ثم صورت مسدس خالد الموجود في الخزانة، لفت نظرها عقد من اللؤلؤ في خزنته، هي متأكد أن وراءه سر، ألتقطت له عدة صور و سرعان ما أعادت كل شئ الي سابق عهده و أغلقت الخزنة و ألتقطت لها صورة من الخارج ثم وضعت الإطار الذي يحتوي علي صورة كبيرة في مكانه و ألتقطت له صورتان، فتحت حقيبة ظهرها و أخرجت منها ميكروفون صغير الحجم و وضعته خلف إطار صورة علي الحائط، و سرعان ما خرجت من المكان كما دلفت اليه..

أسفل منزل خالد الدهشوري في الأقصر
وقف هو و داليدا بجوار عدة رجال يحفرون في الأرض بقوة و عزم و بجانبهم دجال ذو لحية سوداء طويلة، و رئيس الرجال، نظر خالد الي الشيخ و أردف:
- انت متأكد أن فيه آثار تحت! لو مطلعش فيه حاجة في الآخر هدفنك مكان ما حفرنا
رد عليه الدجال بأسلوب هجومي:
- أسيادنا قالوا فيه هنا آثاار يبقي فيه، أوعاك تشكك فيهم تاني بدل ما يلطوك بسوء يا دهشوري
صرخ به خالد بحدة:.

- أتلم يا نصاب أنت بدل ما وربنا ما هتطلع من هنا خالص
صرخ أحد العمال قائلا بفرحة شديدة تغمره:
- ألحق يا باشا فيه باب
فصرخ رئيس العمال فواز بصوت مرتفع قائلا:
- أحفروا و أوعوا تفتحوه بدل ما نموت كلنا، المقبرة دي بقالها سنين مقفولة يعني أكيد الهوا اللي فيها ممكن يقضي علينا كلنا في لحظة، فيه متخصصين هجيبهم و هيجيبوا منها كل الآثار و هيطلعوها علي البيت التاني اللي في أخر النفق يا خالد بيه.

أومأ خالد برأسه مع أبتسامة مريضة قائلا:
- ماشي يا فواز، انا هطلع دلوقتي، و بالليل نتقابل في الفرح يا فواز و تقولي عملت أيه أنت و الرجالة
ثم نظر الي الدجال و تحدث:
- تعالي يا فواز عاوزك علي جنب
أقتربه منه فواز و أبتعد الأثنان عن الجميع، فتحدث خالد:
- الدجال ده ميخرجش من هنا عايش، هنفتح المقبرة هناخد دهب و نحط جثة فاهم يا فواز
- تحت أمرك يا خالد بيه
أعاد خالد نظره الي الدجال قائلا:.

- خليك معاهم هنا يا عم الشيخ علشان لو عايزين منك حاجة تانية، يلا يا داليدا خلينا نطلع محدش عارف الزفتة زينة دي بتعمل أيه دلوقتي.

في منزل السيدة عفاف
أمسك كريم ذراع زينة بعنف قائلا:
- أنتي كنتي فين؟ انتي عارفة كنت هموت من القلق إزاي! انتي مجنونة!
أبعدت ذراعها عنه بقوة و أردفت:
- في أيه بطل تمسكني كده، أنا لقيت داليدا و خالد أختفوا، روحت البيت أشوف راحو فين
صرخ بها بصدمة و غضب شديد أدي الي احمرار عينيه قائلا:
- أنتي جنانك ده هيوديكي في داهية، حد يروح للنار برجله.

- انا رجعت سليمة أهوه يا كريم و واقفة قصاد عينك و هما مكنوش هناك
سردت له كل ما حدث منذ دخولها الي المنزل الي أن غادرت ثم ضمت ذراعيها الي صدرها و أردفت:
- شوفت أن خالد ده زبالة و داليدا هانم ماشية وراه زي العامية
- أتكلمي كويس عن أمي يا زينة، أكيد فيه حاجة غلط احنا مش فاهمينها بس
رفعت يدها أمام وجهه لتنهي النقاش و أردفت:.

- ولا كلمة زيادة، ده شغلي و أنا اللي مهمتي أعرف في أيه و مفيش أيه، و لو هما مش بيعملوا حاجة وحشة اكيد هنعرف ولا أيه؟!
صمت كريم للحظات قبل أن يومأ برأسه و هو يعطيها طعامها قائلا:
- أتفضلي أكلك اهوه و هتلاقي عصير جوه، معرفش بتحبي أيه فجبت عصير برتقال
- بحبه، شكراً، ساندوتشات ايه دي؟!
- ملقتش غير فول و طعمية قريبين و مرضتش أبعد أكتر علشان متوهش.

أقتربت من الشرفة من جديد و هي تأخذ قضمة من ساندوتشها قائله:
- حلو، هنروح الفرح النهاردة بالليل بعد العشا مع خالتي عفاف صاحبة البيت، و هخليها تدبر لينا لبس
- ما نروح كده
- هنا صعايدة يا كريم، يعني فيه لبس معين للفرح، أول ما نروح بالبناطيل و القمصان دي هنتكشف علطول..
ألتقط منها المنظار و تحدث:
- خلاص ماشي، كلي و انا هشوف ايه اللي بيحصل هنا!
- أوكي ميرسي.

في الزمالك
أرتفع رنين هاتف جاسر، فاستيقظت أميرة بسرعة، نظرت الي هاتفه و وجدت معتصم يتصل به، فقامت بهزه عدة مرات، فأعتدل جاسر و نظر لها بتعجب، ثم أمسك بسماعته و أرتداها و فتحها، فتحدثت أميرة:
- جوز أختك بيتصل يا حبيبي
ألتقط جاسر الهاتف و اجاب معتصم قائلا:
- ألوو يا معتصم
- أنت فين يا جاسر
- مسافر مع أصحابي يومين، فيه حاجة؟!

- لا مفيش بس كنت عاوز نخرج نتمشي شوية، أنكل عزيز قال أنك مش في البيت، بس خلاص طالما مسافر يبقي نأجلها
مسح جاسر عينيه بأصابعه قائلا:
- معلش بقاا يا معتصم، أسبوع بالكتير و جاي ان شاء الله و نقعد نتكلم
- لا عادي يا معلم روح كمل نومك أنت
- ماشي يا باشا، سلام
أغلق جاسر الهاتف و نظر الي أميرة قائلا:
- أنا عايز أسألك عن حاجة
وضعت أميرة يدها علي صدره فنام علي الفراش و توسدت هي صدره قائله:.

- أسأل يا حبيبي
- هو انا أمتي هقول لأهلي أني متجوزك! أبننا خلاص شهر و هيتولد، مينفعش ييجي يلاقي أمه و أبوه متجوزين في السر
أنتفضت أميرة بقلق و خوف قائله:
- مش هنقولهم خالص يا جاسر مينفعش، أول ما يعرفوا أنا مين هيــ
قاطعها جاسر الذي جلس و أمسك بيدها بحب قائلا:
- هيــ أيه يا أميرة؟ هو أنتي يعني مش عارفة بابا و ماما و أخواتي.

- أهلي لو عرفوا مش هيسيبوني عايشة، و أهلك مش هيوافقوا بيا، انا جبت العار لأهلي
ضمها الي صدره بحنان قائلا:
- انتي معملتيش أي حاجة غلط
أبتعدت عنه و هبطت دموعها و هي تشعر أن قلبها يتقطع إرباً قائله:.

- لا عملت، هربت من بيت أهلي علشان هيجوزني غصب عني، هربت و أتحاميت في حبيبي، و جابلي بيت و كتبه بأسمي و اتجوزته و دلوقتي حامل منه، لو فيه حاجات كتير هتيجي في دماغهم، فصدقني أول أحتمال هو أننا غلطنا سوا و انا علشان كده مرضتش أتجوز غيرك، أرجوك مش لازم حد يعرف يا جاسر، أنا أبويا ومراته و اخويا ساكنين في البيت اللي فوقيكم
ضمها جاسر الي صدره من جديد فلفت يديها حول رقبته و بدأت في البكاء، فتحدث:.

- يمكن لو أنا كنت طبيعي و معنديش اعاقة كانو وافقوا عليَّا
أبتعدت أميرة عنه بسرعة و وضعت يدها علي شفتيه مردفة:.

- أياك تقول كده تاني يا جاسر، أنت عارف كويس أوي أن دي حاجة متعيبكش، أنت أرجل من ناس كتير أوي عرفتهم في حياتي، واحد غيرك كان أستغل ظروفي و خد مني اللي هو عايزة و رماني في الشارع أنت مش كده، هما مرفضوش علشان كده، ده لأن عبود أبن عمي كان متقدم ليَّا و بالجوازة دي كان عمي هيكتب لأبويا 10 فدادين، و هو كان مستحيل يستفيد نفس الإستفادة دي من جوازنا، حتي لو انت و أهلك أغنياء بس عارفين أنكم أذكياء و مش هيعرفوا يضحكوا عليكم.

- أميرة انا مش هفضل متجوزك كده في السر، أبني هييجي و الناس كلها عارفة أنك مراتي و أنه ابني، و أهلك انا هقف قصادهم و هحميكي منهم و قولتلك الكلام ده بدل المرة مليون قبل كده
أقتربت من أذنه و تحدثت:
- دلوقتي وقت النوم خلينا نعرف ننام و منشغلش بالنا بحاجات تانية و الصبح نتكلم، بحبك يا أحلي حاجة حصلتلي في حياتي.

أزالت السماعة من أذنه و وضعتها علي الطاولة بجانبها، و أعادت نظرها له فوجدته يبتسم لها بحب ثم نام علي الفراش و وضع رأسها علي ذراعه و ضمها بخفوت حتي لا يزعجها هي و طفله..

في الأقصر في منزل عفاف
أنتهت زينة من تناول طعامها فألتقطت المنظار من كريم الذي تحدث بملل:
- مفيش أي حاجة حصلت
- طيب انا هكمل، روح كل أنت
- تمام بس هدخل الحمام اغسل وشي علشان الجو حر أوي
أومأت برأسها بالموافقة، فتركها كريم و ذهب الي الحمام، و سرعان ما عاد و بدأ في تناول طعامه..

مرت 10 دقائق و أرتفع صوت الدق علي باب منزل عفاف، فنظر كريم الي زينة بقلق و أمسك بقبعته و وضعها علي رأسه منزلاً طرفها ليخبئ معظم وجهه، ثم توجه الي الخارج و فتح الباب ليجد عفاف أمام الباب و في جوارها صنية مغطاة بقماشة بيضاء، حملتها عن الأرض و تحدثت:
- زينة موجودة
- أيوه، حضرتك عفاف صاحبة البيت؟!
- أيوه أنا يا ابني
- طيب أتفضلي أتفضلي.

دلفت عفاف و في يدها الطعام فوجدت زينة تخرج من الشرفة قائله بإبتسامة:
- تعبتي نفسك انا كنت لسه جيالك دلوقتي
- مفيش تعب ولا حاجة يا بنتي، يلا علشان تاكلوا أكيد مكلتوش.

أقترب عفاف من الشرفة و دلفت إليها، وضعت الطعام علي طاولة بها و جلست علي أحد الكراسي الأربعة الموجودة، و أزالت القماشة البيضاء ليظهر الطعام، فأشارت الي زينة و كريم ليقتربا، فأقتربت زينة بإحراج فهي تشعر بإمتلاء معدتها بعد أن تناولت الساندوتشات و لكن جلست بجانبها، لن تاكل كثيراً..
فنظرت عفاف الي كريم قائله:
- قرب يا ابني يلا
- لا يا خالتي متشكر أنا مش جعان.

- و النبي ما يحصل، يلا يا أخويا قرب أنت هتكسفني ولا أيه، ما تتكلمي يا بنتي
نظرت لها زينة بإبتسامة قائله:
- أسمي زينة يا طنط
ثم وجهت نظرها الي كريم قائله:
- تعالي يا كريم يلا هتكسف طنط ولا ايه دي كفاية أنها سيبانا عندها
أبتسم كريم بمجاملة و جلس الثلاثة يأكلون، ثم لاحظت زينة أن عفاف لا تأكل، فنظرت لها بشك و وقفت زينة قائله:
- حاطة أيه في الأكل؟!

أبتسمت عفاف أبتسامة صفراء، فوقف كريم هو الأخر، و أسرعت زينة و أمسك بالسكين الموجود مع الطعام و وضعته علي رقبة عفاف قائله:
- بقولك حطيتي أيه؟ انطقي بدل ما أطير رقبتك
أبتلعت عفاف لعابها بصعوبة و هي تشعر أنها ستموت و كانت علي وشك ان تتحدث و لكن وجدت أن أثر المنوم الذي وضعته في الطعام قد بدأ يظهر، فكلاً من زينة و كريم بدأ في الترنح، و أسقطت زينة السكين و هي تضع يدها علي رأسها قائله:.

- لا لا مينفعش ده يحصل دلوقتي
نظرت الي عفاف و تحدثت بوعيد:
- هقتلك يا عفاف أياً كان حاطة أيه، لو منوم فمسيري أصحي و لو سم فهييجي اللي هياخد حقي منك، أصلي كنت شاكة فيكي في الأول و صورتك و بعت الصور لحد معرفة و قولتله لو مكلمتوش خلال يومين يخلص عليكي
وقف عفاف و دفعت زينة لتسقط علي الأرض و ثواني و فقدت وعيها، ثم لحق بها كريم و وقع علي الأرض بجانبها.

في المقطم في منزل عزيز
دقت ريهام باب غرفة عزيز و حسناء، و ثواني و فتح لها عزيز الباب و هو يفرك عينيه بخمول و في نفس الوقت يشعر بإضطراب قلبه، و تحدث:
- فيه حاجة يا حبيبتي؟!
- بصراحة مخنوقة يا بابا و عايزة أنزل أتمشي، بس الفجر خلاص كلها ساعة و يأذن مش هقدر أخرج لوحدي دلوقتي و جاسر مسافر
أبتسم عزيز و تحدث:
- خلاص يا حبيبتي روحي غيري هدومك و انا هغسل و ألبس و أجيلك نخرج نتمشي شوية.

ذهبت ريهام و أرتدت ملابسها سريعاً و أنتظرت عزيز في الصالون الذي حضر بعدها بثواني و غادرا الإثنان المنزل سوياً متجهين نحو الشارع الرئيسي سائرين بلا هدف..
و بعد مرور عدة دقائق من الصمت، وجهت ريهام نظرها الي عزيز و أردفت:
- فاكر يا بابا الإحساس اللي كان بيجيلي قبل ما أي حاجة وحشة تحصل؟!
وضع عزيز كفيه في جيوب بنطاله و ألتفت لها بإبتسامة مردفاً:.

- طبعا فاكر، جيتي مرة و انتي في أولي أعدادي قولتيلي أنا خايفة يا بابا و مخنوقة و حاسة بحاجة وحشة، بعدها علطول أتطردت من الشغل، و مرة تانية لما أمك عملت حادثة، أنتي مؤشر المصايب بتاعنا يا ريهام
حاولت رسم إبتسامة مزيفة علي شفتيها و لكنها فشلت، و ظهر الإرتباك و الخوف مرسوماً بدقة علي وجهها و هي تقول:.

- المؤشر بتاعي أشتغل تاني يا بابا، المشكلة أنه المرادي علي أعلي درجة ممكنة، حاسة برعب فظيع، عندي أحساس أننا عايشين في كابوس وحش أوي، لالا مش كابوس، احنا جوه لعبة ألغاز، و أحنا حتي لسه محلناش أول لغز منها
نظر عزيز حوله، ثم أقترب من الرصيف و جلس عليه مردفاً:
- انا مش فاهم حاجة يا حبيبتي، تعالي أقعدي و اهدي و قوليلي في أيه؟

أقتربت و جلست بجانبها وقتها شعر بتقلص ملامح وجهها و أضطراب أنفاسها و شعر ببرودة شديدة تخرج من جسدها، ثم أردفت:.

- أنا بقالي فترة حاسة بالموضوع ده، بس النهاردة حاسة اني هموت مخنوقة بسبب إحساسي، مش عارفة أتنفس كأني محبوسة جوه كابوس، بعيط من غير أي سبب، متخيل أنك محبوس ما بين أربع حيطان و كل شوية بتصغر المسافة ما بينهم و مفيش باب تخرج منه، انا حاسة بكده، حاسة أننا كلنا جوه الأوضة دي و مش هنعرف نخرج منها يا بابا غير و احنا ميتين.

أجهشت في البكاء بقوة فضمها عزيز بسرعة الي صدره و بدأ في تلاوة آيات من القرآن الكريم بقلق علي فتاته الكبري التي يعشقها، ثم أردف:
- أهدي يا حبيبتي، إن شاء الله كله هيكون بخير
تمسكت ريهام بقميصه بقوة و بكت أكثر مردفة:
- هنموت يا بابا، من لما أتفتح موضوع خالد الدهشوري تاني و أنا حاسة إنه هيموتنا، هو و أبنه، معتز في صف أبوه، و هو عارف أن زينة في الأقصر يعني أكيد قاله.

أبعدها عزيز عنه بسرعة و أنتفض قائلا:
- انتي بتقولي أيه؟ مين اللي قاله!
هزت رأسها و سردت عليه ما حدث في الصباح ليتحدث عزيز:
- و إزاي متقوليش ليَّا يا ريهام و انتي عارفة أن أختك في خطر، معتز ده تقريباً دراع خالد اليمين يعني أكيد عارف عن كل شغله القذر
خبأت وجهها بيدها و قد تعالت شهقاتها فأصبح عليها من الصعب أن تتحدث و لكن أردفت بتلعثم واضح:.

- أتصلت بيها كتير أقولها بس تليفونها مقفول، مكنتش عارفة أقولك إزاي؟ مكنتش عارفة انام قبل ما اقولك اللي أنا حساه ده و إن زينة بنسبة كبيرة في خطر حتي لو معاها كريم
أخرج عزيز هاتفه و أتصل علي معتصم و أردف:
- خسارة الوقت اللي ضيعتيه يا ريهام
- انا أسفه
شعر بوخذه قوية في قلبه تجاه تلك الصغيرة، فهي ليس لها ذنب في ما يحدث، جلس الي جوارها من جديد و ضمها الي صدره مجدداً مردفاً:.

- أوعدك يا حبيبتي كل حاجة هترجع كويسة تاني و زينة كمان هترجع كويسة، أهدي أنتي بس و أتطمني
أجابه معتصم بسرعة و قلق و هو يقول:
- خير يا عمي، وصلت لعنوانها
تنهد عزيز قبل أن يردف كلماته التي لن يسامحه عليها معتصم قائلا:
- فيه سلسلة في رقبة زينة فيها GPS مربوطة بالتليفون بتاعي، هشوف اللوكيشن و أبتعهولك حالا
صمت معتصم لثواني قبل أن ينطق بتلعثم:
- انا مش فاهم، مقولتليش ليه من الأول؟!

- مكنتش عايزك تتدخل في شغلها اللي بتحبه، و لإنها متعرفش إن السلسلة دي فيها جي بي اس
حاول معتصم السيطرة علي هدوئه قدر المستطاع قبل أن ينطق:
- شغلها صح! مراتي مع راجل غريب و شغلها، الراجل ده ممكن يموتها و شغلها، أبعت العنوان يا عمي علي ما ألبس.

أغلق معتصم الخط بدون أي كلمة وهو لا يعرف إن كان موقفه ضد عزيز صحيح أم لا، و لكن كل ما يعلمه أن زوجته في خطر حالي يجب أن ينتشلها منه، أرتدي ملابسه سريعاً، و ألتقط هاتفه و فتح موقع زينة، ثم أتصل بعبدالله الذي أجابه بعد محاولتين للإتصال قائلا بصوت يملؤه الخمول:
- في أيه يا جاسر بالليل كده؟!

- أنا عارف إني أول مرة هستغل أنك أبن رئيسنا في الشغل، بس أنا مسافر دلوقتي و مش هقدر أستني للصبح علشان أطلب أجازة، قول لسيادة المقدم و إن فعلا الموضوع مهم
أنتفض عبدالله عن فراشه مردفاً بقلق:
- مالك يا معتصم انت كويس؟
- أنا كويس متقلقش، بس أعمل كده
وقف عبدالله عن فراشه متوجهاً خارج غرفته قائلا:
- هقوله حالاً، خد بالك من نفسك بس
- حاضر، لا إله الا الله
- محمد رسول الله.

أغلق معتصم الخط، و هبط من منزله و أنطلق بسيارته نحو مدينة الأٌقصر..

فتحت عينيها ببطء و هي تشعر بالضباب يسيطر علي نظرها، و رأسها يؤلمها بقوة أثر المنوم، و بعد دقائق أتضحت أخيراً الرؤية أمامها، كانت تجلس علي الأرض و يديها مكبلتان خلفها في عمود خشبي اللون، و المكان من خلفها ملئ بالأخشاب أيضاً، نظرت الي كريم الذي يجلس بجوارها علي نفس وضعيتها مكبل في عمود خشبي و تحدث:
- يا صباح الخير بالليل
أعتدلت قليلاً في جلستها و هي تنظر له بإستنكار قائله:.

- أنت بتهزر و أحنا مخطوفين يا كريم
رفع كريم كتفيه بلامبالاة أدهشت زينة قائلا:
- أديكي قولتي مخطوفين، يعني مفيش حاجة نعرف نعملها غير إننا نغني و نرغي يا نسكت لحد ما حد ييجي يقعد علي الكرسي الخشب اللي قدامنا ده يقعد يهلفط بأي كلام و مش هنمشي غير بمزاجهم يا إما أنتي هتموتي
مدت قدميها و ضربته بقوة في قدمه قائله:
- طبعا ما أنت مش خسران حاجة و حاطت إيدك في الماية الباردة ما هو جوز أمك.

ضغط علي شفتيه بغيظ قائلا:
- متمديش رجلك تاني بدل ما أخليهم يقطعوهالك
ردت عليه و هي تنظر حولها في كل مكان في محاولة للخروج من هنا:
- طب أخرس بقاا خليني أشوف هنعرف نخرج إزاي
شعرت أن يديها مقيدة بشريط لاصق قوي، فتحسسته بيدها لتتأكد، ثم نظرت الي العمود الخشبي المربوطة به و تحدثت بسخرية:
- يا أخي خالد دهشوري عبقري في كل حاجة قذرة زيه، ما عدا الخطف، مين مجنون يربط بلزق في عمود خشب.

بدأت زينة في عمل إحتكاك قوي و سريع بين الشريط اللاصق و العمود الخشبي رأسياً، حتي شعرت أن الشريط قد قطع منه جزء، فتحدث كريم:
- طيب يا ذكية هانم، لو فكينا نفسنا هنخرج إزاي من هنا؟ مفيش مخرج غير الباب الحلو اللي هناك ده و أنا متأكد إننا لو فتحناه بس مش هنطلع من هنا فينا الروح لا أنا و لا أنتي، فبطلي مشاغبة بقاا علشان منموتش
نظرت له زينة بقوة و ما زالت تحاول قطع الشريط اللاصق قائله:.

- طالما خطفونا يبقي فيه مغذي تاني من الفرح و الحفلة اللي هنا دول مش عاوزينا نعرفه يا كريم، و انا لازم أعرف في ايه فاهم، و دلوقتي أنت معايا ولا لأ؟
فتح الباب الموجود في بداية المخزن و دلف منه عجوز قوي البنيان، يسيطر الشعر الأبيض علي رأسه و يعتلي شفتيه شارب كبير أبيض، و في يده عصا يستند عليها، أبتسم إبتسامة سمجة و تحدث بلهجة صعيدية:
- طولتوا عاد علي ما صحيتو، غفران، غفران.

نظرت زينة الي كريم و أردفت:
- غفران مين يا كريم!؟
- غالباً بيحضر عفريت يا زينة
دلف رجل طويل للغاية و عريض المنكبين يرتدي جلباب رمادي اللون و شاربه الأسود طويل و مخيف للغاية..
نظرت زينة الي كريم بخوف و أردفت:
- شكل كان معاك حق.

نظر الإثنان ليتابعا الحوار الصغير بين العجوز و الشاب و الذي أنتهي بكلمة واحدة من العجوز نفذ قبل أن يخرج و يتركهما وحيدان مع غفران، الذي فتح صندوق خشبي و أخرج من علبة بلاستيكية كبيرة حمراء اللون و بدأ في سكبها في جميع أنحاء المخزن..
صرخت زينة بهلع قائله:
- لالا مستحيل
بينما تحدث كريم ليهدأ من روعها بصوت خافت:
- أهدي يا زينة هنخرج من هنا بس أهدي، فكي نفسك يلا بسرعة.

بدأ كلاً منهما بحك قيودهم في الخشب بهدوء حتي لا يلاحظهم غفران الذي أنتهي و عاد ليقترب من الباب، و أخرج قداحة و فتحها ثم تركها و خرج سريعاً من المخزن الذي أندلعت بداخله النيران بسرعة شديدة..
صرخت زينة بقوة و هي تزيد من سرعتها لفك قيدها فتحدث كريم ليهدأ من روعها بصوت مرتفع:
- أهدي يا زينة أهدي، هنخرج من هنا و الله هنخرج بس أهدي.

- النار في كل مكان يا كريم، هنخرج ازاي، و الدخان هيخنقنا، هنموت يا كريم
أومأ برأسه نافياً بقوة قائلا:
- زينة هنخرج بس كل ما هتتوتري اكتر كل ما هتبقي فرصتنا في الخروج أقل، أهدي كده و شغلي دماغك مش دي شغلانتك.

بعد ثواني أنتهي كريم من فك قيده ثم أزال الشريط اللاصق تماماً عن يده و أقترب من زينة المرتجفة و قطع قيدها الذي لم يتبقي به الكثير بيده، فوقفت زينة سريعاً و هي تلقي نظرة سريعة في المكان، أعادت نظرها سريعاً الي كريم و تحدثت بفقدان أمل:
- مفيش حل للخروج غير المخاطرة
أشارت بيدها الي الباب قائله:
- الباب بيولع، يعني لو خرجنا منه هنتحرق ده شئ أكيد، و كمان لو خرجنا ممكن نلاقي رجالة مستنيانا بره.

بدأت زينة تسعل بقوة من أثر الدخان الذي أوشك علي ملئ المكان، ثم تحدثت:
- لازم نخرج من هنا، قولت أيه؟!
أمسك بيدها و ركض بها بين النيران و هو يحميها بين يديه من النيران قائلا:
- قولت يلا ما احنا كده كده ميتين
نظرت زينة الي عصا طويلة بجوارها، أمسكت بها بسرعة ثم دفعت بها الباب الذي قد أمسكت به النيران هو الآخر فوقع سريعاً علي الأرض، و أنهار السقف بجوار كريم الذي أمسكها من ذراعيها قائلا:.

- يلا يا زينة بسرعة مفيش وقت هنموت.

سحبت زينة نفساً عميقاً قبل أن تركض مسرعة خارج المخزن و قد أحاطتها النيران من جانبيها و أسفلها الباب ما زال مشتعلاً، و ما أن خرجت حتي بدأت في حك حذائها في رمال الأرض لتطفئ أي نيران قبل أن تندلع في حذائها، بينما كان لكريم الحظ الأسوء، فلقد أنهار عليه جانبي الباب و هو يخرج، فأندلعت النيران في ملابسه و صرخ بقوة و هو يشتعل امام زينة التي وضعت يديها علي فمها بصدمة شديدة، و لكن سرعان ما وقع كريم علي الأرض و غمر نفسه بالرمال صارخاً بوجع:.

- ساعديني
أقتربت منه زينة بسرعة و خلعت قميصها لتبقي فقط ببلوزة سوداء ذات حمالات، ثم ملأت قميصها بالرمال و بدأت في إلقائها علي جسد كريم ثم ملأته مرة أخري و وضعته علي النيران التي تبقت في ذراعه الأيمن و مررت القميص عليها بسرعة، فأحترق القميص و هبطت النيران و انطفأت أخر نيران في جسد كريم، ليسكن جسده علي الأرض أخيراً و أغمض عينيه بعد أن فقد وعيه..

نظرت زينة حولها بخوف شديد، كانت الرمال و الفراغ يحيطان بها، ولا ينير الظلام الذي يسيطر علي المكان سوي نيران مخزن الخشب، أمسكت بيدي كريم و بدأت في جره علي الرمال بعيداً عن المخزن، ثم أمسكت بذراعه و حاولت إيقافه و وضع ذراعه حول لرقبتها لتحمله و لكن كان هذا الأمر مستحيلاً بالنسبة إليها...

أنتظرت عدة ساعات حتي أنتهي الحريق في المخزن و هي تحاول إفاقة كريم بلا جدوي، ثم أقتربت من المخزن المحترق في خوف من أن تشتغل النيران بكثرة من جديد و بدأت في البحث عن قطع من الخشب كبير، و تمكن من إيجاد واحدة شبه كبيرة، و سحبتها الي الخارج و لكن صرخت فجأة بخفوت و هي تنظر الي أصبعها الذي ينزف دماً، نظرت الي سبب جرحها فوجدت مسماران علي جانبي لوح الخشب، أبتسمت بعد أن مر علي عقلها فكرة، فأسرعت الي الداخل من جديد و هي تتذكر وجود حبل طويل بجوار الصندوق الخشبي الذي احضر منه غفران البنزين، دعت ربها أن تجده و لقد أستجاب..

أمسكت بالحبل و عقدته في المسمارين من الجهتين ثم سحبت اللوح عن طريق الحبل نحو كريم، و بصعوبة شديدة تمكنت من وضع كريم علي اللوح و هي تلهث من التعب، ثم سحبت اللوح من جديد عن طريق الحبل، لم يكن الامر سهلاً و لكنها حاولت، الي أن وصلت الي غابة صغيرة مليئة بالأشجار، تمكنت من الاختباء بين أشجارها هي و كريم حتي يحل الصباح عليهما..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 10 < 1 2 3 4 5 6 7 8 10 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1530 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1126 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1165 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 963 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1734 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، عاشقي ، المخاطر ،











الساعة الآن 10:36 AM