رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن
صُدم ماجد حين تلقي رد فعل أمير، فقال عاقداً حاجبيه بعدم تصديق: - إيه؟ تنهد أمير وقال بجدية: الي سمعته يا ماجد، أنا متعودتش أظلم حد، وأنت الي حطيت نفسك في المُقارنة دي! حرك ماجد رأسه بعلامة النفي، وهو يقول: لأ، أنت معقول هتختارها هي وتبعيني أنا؟
زفر أمير أنفاسه بضيق وتابع بحدة: إيه الأفلام دي؟، ما تكبر دماغك وتعقل بقي! عاوز تفضل في الشركة أهلاً وسهلاً يا ماجد مش عاوز مع السلامة، إنما تجبرني أعمل الغلط وأمشي البنت عشان رفضت قذارتك دي، لأ طبعا كز ماجد على أسنانه، ثم قال بغضب جلي: ماشي يا أمير سلام! أنهي جملته وإتجه إلي الخارج، بينما تنهد أمير وعاد إلي مكتبه بصمت.
في بيت بسيط، بمنطقة شعبية من ضواحي مُحافظة الأسكندرية، جلست مايا بصحبة صديقتها المُقربة والتي تحكي لها كُل أسرارها، قصت عليها علاقتها بماجد، فهتفت صديقتها بحماس: - يابنت الأيه! عرفتي توقعيه، بس أنتي تضمني منين أنه فعلا هيتجوزك مش يمكن بيضحك عليكي! حركت مايا رأسها نافية وقالت بثقة: يا بنتي ماجد ده خاتم في صباعي، طالما عارف أنه أول واحد في حياتي فهيمسك فيا بإديه وسنانه!
ضحكت نيرمين بميوعه، ثم قالت من بين ضحكاتها: اه لو يعرف إنك مدوباهم ومشيتي مع أمة لا إله الإ الله! مش عارفه ساعتها هيعمل فيكي ايه! شاركتها الضحك وهي تقول: مش هيعرف أبدا نيرمين بتساؤل: وأنتي ماليه إيدك كده إزاي يعني..؟
ضيقت مايا عينيها وهي تقول بمكر: هقولك، أصله في أول علاقتنا كان عايز يلمسني كده على طول فطبعا أنا خدني الشرف أوي وسبكت الدور عليه قولتله أبدا ده أنا بنت ناس، وفين وفين على ما فتحتله سكه! فهو صدق بقي إنه هو أول واحد في حياتي! ضحكت نيرمين عالياً: - يخربيتك، ده أنتي الشيطان يتعلم منك!
في المساء. صدحت أصوات الزغاريد عالياً في محل ذهب بسيط عندما إنتقت سلمي محبسها وخاتم رقيق وإقتنعت بهما، فأطلقت السيدة نعمة الزغاريد فأضافت للجو بهجةً وسعادة، وكذلك فٙرحت كوثر لفرحة إبنتها الصغيرة وكذلك خالد، ف رغم بساطته إلا أنه يتميز بصفات رجولية جعلت له مكانه كبيرة في قلب سلمي، التي أحبته من الوهلة الأولي.
عادوا جميعا إلي المنزل فُرحين، لتتشارك معهم بقية الجيران الذين أحضروا فرقة صغيرة من المزمار البلدي، وفجأةً تعالت التصفيقات لتفرح القلوب لهذا الحدث البسيط ولكنه رائع مُبهج للغاية. إتسعت إبتسامة سلمي وهي تري أهل المنطقة يفرحون لها وبشدة، تلقت التهاني والمباركات من صديقاتها الفتيات. وما إن إنتهوا صعدوا إلي الأعلي، همس لها خالد وهو يصعد الدرج جوارها: - مبروك يا عروسة.
خفق قلبها لهمسته فتوردت وجنتيها خجلا، وإبتسمت لتسرع خطواتها وهي تحضن شبكتها الذهب وتضمها إلي صدرها كطفلة صغيرة حصلت على لُعبة تمنتها طويلاً..
دلفت كوثر بصحبة سلمي إلي الشقة بعد أن إتفقت كوثر مع السيدة نعمة على موعد الخطبة وكذلك عقد القران، وما إن دلفتا، وجدتا الدخان يملأ المنزل ورائحته تفوح، عقدت كوثر حاجباها، وقالت بإستغراب: إيه الدخان ده! تأففت سلمي وهي تكتم أنفها بيدها حتى لا تستنشق هذا الهواء المُلوث، فهتفت بحنق: ده أكيد ماجد أوف. إتجهت كوثر إلي غرفة ولدها ودلفت وإتبعتها سلمي وبالفعل وجدت ماجد يدخن بشراهة وشرود تام.
نظرتا إلي بعضهما بإستغراب لحالته، فتحدثت كوثر بجدية: إيه الدخان ده كله يا ماجد في ايه وإيه الي رجعك من الشغل بدري كده؟ رفع ماجد بصره إليها ليجيبها بحنق: سبت الشغل صُدمت كوثر قليلاً ولكنها أردفت بتساؤل: ليه عملت إيه؟ زفر ماجد بضيق وتابع بحدة: من غير ليه سبته وخلاص هبقي أدور على زفت غيره!
صاحت به كوثر وهي تقول بإنفعال: أنت كمان بتقل أدبك؟ أكيد المدير طردك عشان سلوكك الزفت دي! جتك القرف كل شوية تفور دمي! نهضت ماجد وهو يسب ويلعن بغضب تام، ثم إتجه إلي باب الشقة وهو يقول بعصبية: أنا ماشي ده حاجة بقت تقرف خرج وأغلق الباب خلفه، لتهتف كوثر بصياح: في ستين داهيه! حاولت سلمي تهدئتها وهي تقول: معلش يا ماما متزعليش.
تنهدت كوثر بإرهاق وقالت وهي تلهث: روحي يابنتي غيري هدومك وإفتحي الشبابيك خلي الدخان المقرف ده يخرج من البيت!
كان يسير والشياطين تتلاعب أمام عينيه، يتوعد لها وبشدة، يقسم أنه سينتقم منها أشد الإنتقام، وسيجعلها تندم على تجرئها وفعلتها الحمقاء معه، إنه ماجد الذي يتفنن ويُجيد اللعب بالفتيات فكيف لها أن تصفعه بل وصديقه يُفضلها عليه بهذه السهولة! هكذا كان عقل ماجد تدور به الأفكار. آفاق من شروده على صوت هاتفه الذي صدح عالياً، ليجيب على مايا قائلاً بحدة: نعم! - وحشتني يا بيبي.
قالتها مايا بميوعة ودلال، فقال ماجد بحنق: مش فايقلك دلوقتي يا مايا! إعتدلت مايا في جلستها وهي تقول بتساؤل: ليه يا حبيبي مالك..؟ زفر ماجد أنفاسه ورفع وجهه للأعلي، وقال: مش قادر أتكلم دلوقتي يا مايا. مايا بتصميم: طيب إحكيلي إيه مزعلك يمكن تلاقي عندي الحل! فٙكر للحظة، من الممكن أن تساعده حقا وتعرض عليه فكرةٍ رائعة لينتقم من تلك التي تجرأت عليه!
فحسم القرار، وقال بهدوء: أوك هحكيلك، أصل النهارده في بت جديدة جات تشتغل سكرتيرة وحبت تعملهم عليا و... قاطعته مايا بتساؤل: تعملهم عليك إزاي؟ تنهد ماجد وقال بتوتر: يعني عاوزة تكلمني وكده بس أنا رفضت ما أنتي عارفه إني مبحبش غيرك! أومأت مايا رأسها بسخرية فهي تعلم أنه لا يترك أي فتاة في حالها أبداً، فقالت بتهكم: عارفة طبعا، كمل...
تابع ماجد: المهم لما رفضت راحت لأمير وإتبلت عليا ولما كدبتها، ضربتني بالقلم بنت *****! إتسعت عيني مايا وهي تتابع: إيه ضربتك بالقلم! طب وأمير عمل ايه؟ ماجد بضيق: صدقها وإستغني عني لما قولتله يا أنا يا هي في الشركة! لمعت عيني مايا بمكر، ودارت في رأسها أفكار شيطانية، فقالت مضيقة لعينيها: - طب بص بقي، إنت لازم تروح الشغل عادي جدا وتقول لأمير أنك مش هتسمح لها تفرق بينكم و...
قاطعها ماجد بحدة: أنتي إتجننتي ولا إيه أنا لا يمكن أروح الشركة تاني مايا بتنهيدة: إسمع بس!..
في شركة الأمير.. تأخر الوقت، وأصبحت أروى مُرهقة، وتتنهد بإنهاك من كثرة التعب، فطوال اليوم تأخذ المواعيد من هذا وذاك وتنظمها بالإضافة إلي عمل القهوة الكثيرة التي يتناولها أمير بكثرة.. دلفت إلي مكتبه، ثم وقفت تقول بثبات: حضرتك هتحتاج مني حاجة تاني.؟ حرك رأسه نافياً، وقال وهو ينهض من مقعده: لأ، كده خلاص نكمل بكرة إن شاء الله.
أومأت له برأسها وإتجهت إلي الخارج، بينما سار خلفها حتى هبطا درجات السلم سويا، خرجا ليتجه أمير إلي سيارته بينما وقف أروى تنتظر سيارة أجري، فهتف قائلاً بجدية: أنتي ساكنة فين؟ إزدردت ريقها بتوتر وتابعت بإرتباك: في *** تنهد وقال بهدوء: طب اركبي، الوقت إتأخر وغلط تروحي لوحدك دلوقتي! حركت رأسها بإعتراض: - مش هينفع عشان... قاطعها بحزم: خلاص براحتك ده مُجرد إقتراح!
أنهي كلامه وإستقل السيارة منطلقاً بها، بينما وقفت أروى مُتسعة العينين و مصدومة لردة فعله!
وصلت إلى هذه الشقة المفروشه ثم دلفت وأغلقت الباب خلفها، لتجلس بإرهاق وهي تخلع حذائها من قدميها، وتستند بظهرها على الأريكة فأتاها إتصال، فإلتقطت الهاتف وأجابت: - أيوة يا سهيلة سهيلة بلهفة: وحشتيني أوي يا أروى ضحكت أروى بخفوت وقالت بتنهيدة: هو أنا لحقت ده لسه أول يوم ليا هنا - ولو برضو، مش متعودة أبات من غيرك -تعالي عيشي معايا هنا يا سهيلة وسيبك من القرف الي عندك ده!
- ولو سبته وجيت وبعد ما تخلص مدة شغلك نترمي في الشارع ولا نروح فين؟ - نشتغل تاني ونصرف على نفسنا! - ربنا يسهل يا أروى، المهم سامي بيقولك إيه الأخبار؟ تنهدت أروى بضيق وقالت ؛: هو أنا لحقت! وأصلا يا سهيلة صاحب الشغل محترم جدا وأنا مش عارفه أعمل إيه، زائد أنه زكي ولماح وممكن يكتشف الكذبة دي! سهيلة بهدوء: حاولي تنجزي يا أروى وتجبيله الملف بأي طريقة عشان نخلص من الهم ده.
حركت أروى رأسها بحيرة، ثم أردفت: سهيلة أنا بفكر أعترفله بكُل حاجة! وهو يبقي يتصرف مع الزفت سامي!
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع
هتفت سهيلة بإعتراض: - لأ يا أروى بلاش الله يكرمك إحنا مش قد سامي ده يودينا ورا الشمس ومحدش يعرفلنا طريق جُره! زفرت أروى أنفاسها بحِنق، ثم تابعت مرددة: - ما هو ممكن أقول لأمير ده، ويمكن يتعاطف معايا ويدفع هو الشيك ده ويخلصني أو يتفاهم مع الزفت ده.
سهيلة بنفي: وأنتي تضمني منين أنه يعمل كده؟ زائد إن حتى لو عملتي كده سامي مش هيسيبك في حالك أبدا، بقولك إيه يا أروى ركزي الله يكرمك وإنجزي، وخلي الأيام دي تعدي على خير. أومات أروى رأسها بنفاذ صبر: - طيب طيب يا سهيلة، قوليلي أنتي عاملة إيه؟ سهيلة بهدوء: الحمدلله كويسه. أروى بتساؤل: إيه أخبار الواد الي بيكلمك ده.
إبتسمت سهيلة وقالت برضي: كويس، أنا حاسه أنه هو الي هينتشلني من القرف الي عايشه فيه ده يا أروى. تنهدت طويلاً وتابعت: يارب يا سهيلة ويارب ميكونش بيضحك عليكي. شردت سهيلة قليلاً ولكنها أردفت: أروى هو مش بيضحك عليا، عشان أنا لمحتله قبل كده بالجواز وهو قالي هيتجوزني. إبتسمت أروى قائلة: طيب كويس يا حبيبتي، ربنا يريح قلبك. سهيلة بتأمين: اللهم امين، وأنتي كمان يا أروى، يلا حبيبتي هكلمك تاني سلام. - سلام.
أغلقت أروى الخط ثم نهضت لتحضر الطعام الذي جلبتهُ معها.
إرتياح!، شعر ماجد بالإرتياح عندما أخبرته مايا بفكرة جُهنمية للإنتقام من أروى، فراح يسير واضعا كتلي في جيب بنطاله، وهو يبتسم بشيطانية، غير مبالي بما سيفعله في فتاة، من الممكن أن تُقتل على يده، وتنكسر، وتعيش بائسة مدي الحياة!. وجد هاتفه يصدح عالياً فأجاب بعد أن تنهد: حبيبي وحشتيني. دق قلبها بشدة، وإرتسمت الإبتسامة على ثغرها لتلمع عينيها بحب ثم هتفت: - الحمدلله، بخير أنت عامل ايه؟
مسح على رأسه وهو يحدق بالفراغ: بخير يا حبيبي مش هشوفك بقي..؟ مازالت الإبتسامة العاشقة على شفتيها، لتردف بهدوء: تعالي وأنت تشوفني يا ماجد، بقالك كتير مبتجيش أصلا. - هجيلك بس أنتقم بالبت دي الأول. سهيلة بإستغراب وتساؤل: بتقول إيه..؟ تنحنح ماجد وهو يقول: قصدي مشغول شوية في الشغل ومحتاج أركز فيه أووي! إبتسمت مرة ثانية، بينما تلقت منه المُغازلات ليجعلها تذوب حبا فيه أكثر وأكثر.!
بعد مرور أسبوع. تأقلمت أروى مع عملها، ورب عملها أيضاً، فلاحظ أمير نشاطها وحماسها الدائم فأعجب بذلك لكنه بنفس الصلابة والجدية معها، هو فقط أعجب بأدائها في العمل، فكان يومياً يزداد إعجابها بعملها كُونها الفتاة الأولي في الشركة تعمل بهذه الجدية، فعرض عليها بعض الأيام أن يُوصلها إلي المنزل لكنها كانت ترفض، ولكنه كان معجب بهذا!
دلفت إلي مكتبه أثناء العمل لتضع الملفات أمامه وتنتظر التوقيع، فهتف أمير بجدية: كلمتي شركة **** وحددتي معاد؟ أومأت برأسها وقالت في ثبات: أيوة. تنهد طويلاً، وتراجع للخلف حيث إستند بظهره على ظهر المقعد، فقال وهو ينظر لها: إعملي حسابك هتيجي معايا المُقابلة دي! لأن ده نظامهم هناك لازم يتعرفوا على السكرتيرة الي هتتعامل معاهم.. أومأت رأسها في هدوء: تمام بس هي الشركة دي بعيدة عشان متأخرش بس.
أومأ لها برأسه وقال: بعيدة شوية، إبقي عرفي أهلك إنك هتتأخري اليوم ده! إزدردت ريقها بتوتر وتابعت بإرتباك: آآ لاء أصل أنا عايشة لوحدي! رفع أمير حاجباه بدهشة وتابع في تساؤل: ملكيش أهل؟ حركت رأسها نافية وقالت بنفس الإرتباك: أنا أهلي توفوا ومليش غير أخت واحدة مسافرة.. - وعايشة لوحدك من أمتي؟ سألها أمير بجدية، فأردفت بثبات مُصطنع: من فترة كبيرة بس أختي بتنزل أجازات كتير وبتعيش معايا.
تنهد أمير وقال: ممم تمام يا أروى شوفي شغلك. أخذت الملفات وتوجهت للخارج وصدرها يعلو ويهبض وكأن بداخلها صراع، كذبت ولم يكن مبدئها الكذب، ولكن ستقول له ذات يوم هذا ما قالته لنفسها أروى. آفاقت من شرودها حين آتاها صوته المُتهكم ؛: - أهلا! إلتفتت إليه لتنظر له بشراسةٍ لم يعهدها من قبل، هتفت بحِنق: أنت إيه جابك هنا؟! لوي فمه وتابع ساخراً: أنتي فكرتي نفسك صاحبة الشركة ولا إيه..؟
رمقته بنظرات نارية، وسارت متجهه إلي مكتبها، بينما قال ماجد بتوعد مُخيف: إتقلي عليا، إما دمرتك مبقاش أنا ماجد..! دلف إلي مكتب أمير، ليرفع أمير عينيه إلي مشدوهاً! هتف بإستغراب: ماجد! أومأ له بإبتسامة: أيوة يا صاحبي، معلش المرة الي فاتت كُنت مضايق وكنت غلطان إني قلت هسيبك وأمشي لكن إكتشفت أني مقدرش أبعد عنك عقد أمير ما بين حاجباه، ثم قال بهدوء: ماشي يا ماجد ولو إني مش عارف ليه مش مصدقك!
رمش ماجد بعينيه، ثم قال بتوتر: ليه يعني - مش عارف نطق بها أمير، ليبتلع ماجد ريقه بإرتباك ويقول: أنت نسيت إننا واكلين عيش وملح مع بعض ومش ممكن أسيب حد يفرق بنا مهما كان، وعلي العموم أنا بعتذرلك على الي حصل..! مط أمير شفتيه للأمام، ثم تابع بنبرة جامدة: أنا من رأيي يا ماجد إن للإعتذار يكون للشخص الي أنت غلطت فيه مش ليا.. إتسعت عيني ماجد الذي قال بحدة: يعني ايه الكلام ده إن شاء الله؟!
حك أمير صدغه بإبهامه وتابع: يعني تعتذر ل أروى ده يكون أفضل ليك ومن الرجولة كمان.. حرك ماجد رأسه نافياً وتابع: لأ مستحيل ده يحصل! وضع أمير ساقاً فوق الآخر ثم قال بجمود: تمام يا ماجد، بس عشان تبقي عارف إن لو إتعرضتلها أنا الي هقفلك بجد وساعتها يا ماجد ومتزعلش مني هدوس على الصداقة برجليا وهيكون أخر المطاف بينا..! رفع ماجد أحد حاجبيه قائلاً: لدرجة دي!
أومأ له وتابع بحدة: وأكتر كمان، أنت عارفني أعز الإحترام ومن واجبها عليا كمديرها أحميها صح ولا إيه؟ كز ماجد على أسنانه، ثم قال وهو يضغط على شفته السفلي: صح، ممكن أشوف شغلي بقي..! أومأ له وهو يشير بيده إلي الباب، توجه ماجد للخارج وعينيه تُطلق شرار من كثرة الغضب، هل سيخسر صديقه بالفعل إذا إقترب منها؟! ولكن لا قسما سأنتقم وستترجيني أيتها الحمقاء لأصفح عنكِ! هكذا ماجد كان يتوعد لها..!
بعد مرور ساعتان من الزمن. إنصرف ماجد من الشركة بعد أن هاتف شخص ما، وبينما توجهت أروى إلي مكتب أمير لتقول بهدوء: أستاذ أمير ممكن أروح دلوقتي؟ أنا رتبت كل حاجة على اللاب توب.. تحدث أمير وقال: ماشي روحي. إبتسمت له إبتسامة صغيرة وقالت: ماشي عن إذنك..
إنصرفت من أمامه ليستعجب أمير من إبتسامتها له هكذا، فتحدث وهو يرفع حاجبيه بدهشة: مالها دي!، لكنه لم يعرف أنها إستمعت إلي حديثه مع ماجد فإزداد في نظرها حجما وهيبةً! ظهرت شبح إبتسامة على شفتيه تلقائيه، ونهض لينظر من النافذة، فلمحها وهي تخرج من البوابة الرئيسية، فقرر أن يُتابعها بعيناه وهي تقف تنتظر سيارة أجري...!
بالفعل مرت من أمامها سيارة أجري، (تاكسي) فأوقفتها وإستقلتها لتنطلق بها السيارة، فدخل أمير من النافذة وهو يُحدث نفسه: غريبة أوي عايشة لوحدها وبالأخلاق دي! معندهاش أهل تقولها راحة فين وجاية منين ومع ذلك محافظة على نفسها!
هكذا كان يحدث نفسه بإعجاب، نهض من مقعده ليتجه إلي الخارج ليمر على الموظفين بنفسه، فدلف إلي غرفة ماجد ليجدها فارغه، فعقد حاجبيه وهو يحدث نفسه: راح فين ده؟! من أولها بيمشي من غير إستأذان، أوف! كاد أن يخرج ولكن أستوقفه رنين هاتفه المُلقي على الأرضية الذي سقط منه وهو يسير سريعاً.
إنحني أمير بجسده ثم نظر في الشاشة ليجد رقم غير مسجل، فعاود الإتصال تكرارا، ولا يعرف لماذا أصابه الفضول، ففتح الخط ووضع الهاتف على أذنه بصمت ليأتيه صوت شخص ما: - أيوة يا ماجد أنا خدت البت من قدام الشركة وخدرتها في العربية وجيالك بيها على شقة ****، أنت هناك ولا لسه؟.. إتسعت عينا أمير بشدة، وتجهمت ملامح وجهه ثم أغلق الخط وهو يركض إلي الخارج...
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر
يقود سيارته بجنون لا يعلم لماذا هو خائف إلي هذا الحد عليها، يريد أن ينقذها الآن بأي طريقة، ضرب المحرك بيده وهو يلعن ذاك الذي يسمي ماجد: - طيب يا ماجد الكلب إما وريتك! عقد حاجباه فجأة وهو يحدث نفسه بتساؤل: ياتري فين الشقة دي! زفر حانقا، ثم شرد بذاكرته قليلاً حين تذكر شيئاً ما! فلاش باگ. - وأنت مأجر الشقة دي ليه يا ماجد..؟
سأله أمير بجدية، فقال ماجد: عادي لما أحب أنفصل عن الناس بروح فيها وأقعد مع نفسي شوية.. رفع أمير أحد حاجبيه وتابع: أوعي تكون بتجيب ستات فيها أنا عارفك رمرام! حرك ماجد رأسه نافياً وتابع بتوتر: لأ طبعا أنت مجنون يا أمير أنا أعمل كده! باگ.. آفاق أمير من شروده وهو يزيد من سرعة القيادة وهو يقول بغضب: أكيد هي الشقة دي يا إبن ***.
وصل ذلك الرجل الذي إنتحل شخصية سائق تاكسي، الي هذه الشقة والتي تقع في منطقة تكاد تكون مهجورة. ترجل من السيارة وحمل أروى بين ذارعيه، وصعد بها إلي الأعلي، وقف أمام الشقة وطرق الباب بقدمه وإنتظر حتى فتح ماجد الذي إبتسم بإنتصار فأخيرا سينتقم وفريسته أمام عينيه الآن! دعك يديه في بعضهما، وهو يعض على شفته السفلي بشهوه، ثم قال بوقاحه: ناولني!
مد الرجل يديه إليه بها فإلتقطها ماجد بين ذارعيه ومن ثم دلف فتحدث الرجل سريعا: بقولك أنا إتصلت بيك و... لم يمهله فرصة ماجد للتحدث بل ولم يسمعه من الأساس حيث أغلق الباب بقدمه وهو يقول: بعدين بعدين! ثم إتجه ماجد إلي الداخل ووضعها على الفراش الرديئ ذو الاتربه، ثم تفحص جسدها بعينيه بتلذذ قذر...
وصل أمير أخيرا وترجل من السيارة بسرعة شديدة، ما إن ترجل وجد الرجل يدلف إلي التاكس فركض نحوه جاذبا إياه من ملابسه وهو يقول بشراسة: يا إبن ***، هي فين ودتها فين، أنهي جملته بلكمه قوية ليصرخ الرجل بشدة: ااااه هي مين أنت مين يا عم أنت كز أمير على أسنانه وهو يقول بغضب جلي: أنطق ماجد في أنهي دور إخلص! صمت، ليلكمه أمير مرة ثانية بقوة أشد، ليصرخ الرجل وينطق سريعا: في الدور الرابع شقة...
تركه أمير سريعا وهو يدفعه بعنف، ثم ركض بكل ما لديه من سرعة صاعداً الدرج بأنفاس لاهثه وقلبه يكاد أن يتوقف..! وقف أمام الباب ليطرق بعنف بل ويحاول كسره، حيث كان يتراجع للخلف قليلاً ثم يعود مندفعا بقوه إلا أن ماجد أصاب بالهلع حين سمع صوته يسبه ويلعنه وهو يتوعد له.
هب ماجد واقفاً، الذي كان يستعد للإنقضاض على أروى لكنه لم ينعم بهذه اللحظة، فتوجه ناحية الباب والرعب بداخله يزداد، ماذا يفعل الآن ؛ كيف آتي أمير إلي هنا وكيف عٙرف مكانه بالطبع إذا فتح الباب سيحطم أضلاعه وأسنانه ليتركه حُطام إنسان! أصبح الباب على وشك التحطم من أمير الذي يحاول كسره بكل ما أوتي من قوة، فمد ماجد يده ليفتح ف لا مفر الآن..
فتح الباب ليندفع أمير مسدد له لكمه قوية دون مقدمات جعلته يترنح ويسقط أرضاً في الحال، إنقض أمير عليه جاذبا إياه من تلابيبه وهو يقول بصياح: اه يا واطي يا ابن ***** حاول ماجد الدفاع عن ذاته وهو يقول بصراخ: إستني بس أنا آآآ.
قاطعه أمير حين ضربه بمقدمة رأسه في أنفه لتتسع عيني ماجد وهو يري الدماء تسيل من أنفه على الفور ويتهاوي جسده، فتركه أمير وهو يبحث بعينيه عن أروى بينما سقط ماجد على الأرض وهو يرمش بعينيه وكأن ما يراه ضباب فقط.. دلف أمير إلي الغرفة ليجدها نائمة بثيابها على الفراش فتنهد الصعداء، فماذا كان حدث إذا تأخر دقيقةٍ واحدة!
إقترب منها ليحملها بخفة بين ذراعيه لتسقط رأسها على صدره ويتجه بها للخارج ولكن وقف ليبصق على ماجد وهو يقول بتوعد: والله ما هرحمك يا ماجد بس إصبر! خرج بها من الشقة هابطاً الدرج، ثم إتجه إلي سيارته ليدخلها برفق في المقعد الخلفي، ويغلق الباب، ثم إستقل السيارة وإنطلق بها...
حين تعمّ الفرحة، نري القلوب ترفرف، والعيون تلمع بسعادة هكذا كان حال الجيران الذين تجمعوا في منزل السيدة كوثر والسيدة نعمة، فغداً سيكون عقد قران الحبيبان، وأخيراً سيتجمعا ف الحلال وما أجمل الفرحة حين تكون حلالا!
كانت تتمايل بدلال بين صديقاتها الفتيات على أنغام الموسيقي الشعبية وشفتيها متسعتان بإبتسامة سعيدة، حتى إختفت تلك الإبتسامة وهي تري عبوس وجهه ينظر لها بتوعد، فتوقت عن الرقص وإتجهت إليه قائلة بحنق: مالك يا خالد في إيه؟ صر خالد على أسنانه ثم تابع بحدة: مش عارفه في ايه؟ عمالة ترقصي وتتمايصي قدام الناس ولا عملالي أي حساب!
زفرت بضيق وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها ولوت فمها بغضب، فأردف مُكملا حديثه: قسما بالله يا سلمي لو ما بطلتي رقص وزفت ده لكون... قاطعته وهي تقول بتذمر: في ايه هو أنت هتزعقلي وتمشي كلامك عليا من دلوقتي! ما تضربني أحسن بقي.. رفع أحد حاجبيه وهو يقول بجدية: بكرة هنكتب وبعدها هكسر عضمك يا سلمي! إتسعت عيناها وهي تطالعه بغيظ، لتهتف بصرامه: أنت بجد هتعمل كده! والله أروح أقول لأمي..
عقد حاجباه بجديه مُصطنعه: مفيش ماما، من بكرة في خالد! ثم غمز لها ليقول بغزل: خالد وبس! لوت فمها بتذمر وغضب طفولي، لتردف بحنق: خالد الي هيضربني صح؟ حرك رأسه نافياً وتابع بمزاح: ضرب خفيف يا لوما! أومأت رأسها بتهكم: اه هتكسر عضمي بس صح ضحك عالياً ليقول من بين ضحكاته: ده لو رقصتي تاني، إنما لو سمعتي كلامي ها، ولا بلاش هقولك بكرة بقي!
وصل أمير إلي منزله، فترجل من السيارة وحمل أروى صاعدا بها الدرج، ما أن وصل أمام الشقه وقف قائلاً بحنق: يووه هفتح الباب إزاي دلوقتي!
تنهد طويلاً ثم نقلها بحذر إلي كتفه ليحمله بذاعٍ واحد ثم بيده الأخري أخرج المفتاح من جيب بنطاله وفتح الباب ودلف مغلقاً الباب خلفه بقدمه، وضعها على الأريكة المُريحة، ثم إنتصب ليخلع سترته ويلقيها دون إكتراث، ثم جلس على مقعد قبالتها مستنداً على ظهره، لينظر لها قائلاً في نفسه: - أعمل فيكي إيه دلوقتي! أوووف..
زفر أنفاسه بضيق، ثم قام ليحملها ويتجه إلي غرفته واضعا إياها على الفراش ثم جذب زجاجة عطره وأخذ يفيقها حيث وضع قطراتٍ منها على ظهر يده وقربها من أنفها ولكن لا يوجد إستجابة!، فنهض وجلب زجاجة مياه ليلقي عليها بعض القطرات ثم ضرب وجنتها برفق فلم تفيق، هز رأسه بحيره وهو يقول: طب هتفوقي إمتي!
مرت ساعة واحدة. ظل أمير جالساً أمامها حتى غفيّ، بينما بدأت أروى في الإفاقة رمشت بعينيها عدة مرات وهي تحاول التركيز وإستيعاب ذلك المكان، نظرت حولها بريبة حتى وقعت عينيها على أمير فإنتفضت بذعرٍ صارخة بإهتياج! إنتفض أمير على صراخها وهي يقول بذهول: في إيه في إيه! حركت رأسها بهستيريه وهي تشير له بيدها صارخة: إبعد عني متقربش أنت إيه حيوان، إبعد!
إتسعت عينا أمير على وسعهما، ثم تجمد مكانه وهو يهتف بصدمة: أنا حيوان! أومأت برأسها وهي تتراجع للخلف بظهرها ثم قالت بشراسة: أنت طلعت مش محترم وزي صاحبك وعاملي فيها محترم! رفع حاجبيه مشدوها، ثم إقترب قليلا وهو يقول بغضب: أنتي فاهمه غلط آآ... قاطعته وهي تنهض من الفراش قائلة بصياح وإهتياج: اه يا وقح انت عملت فيا ايه ده أنا هوديك في ستين داهية!
إقترب منها سريعا فدفعته صارخة بصوتٍ عالِ: إبعد عني متقربش يا حيوان لم يتحمل أمير إهانتها للمرة الثانية فصفعها بقوة وهو يقول بغضب جلي: إخرسي، أنتي مجنونة ولا إيه.. إنهمرت الدموع من عينيها، لتقول من بين شهقاتها: وكمان بتضربني والله ل... كتم فمها بيده وهو يقول بحدة: أنتي مجنونة اقسم بالله! أنا الي نقذتك يا متخلفة كان زمانك ضعيتي دلوقتي!
إتسعت عينيها بدهشة، ليزيح هو يده وظل ناظرا لها يلتقط أنفاسه اللاهثه.. تحدثت بصوتٍ متقطع مبحوح: آآ ض ضعت إزاي، وأنقذتني من مين أغلق عينيه محاولا السيطرة على إنفعالاته، ثم قص عليها ما حدث وكيف آتي بها إلي هنا، لتضع يدها على فمها وهي لا تصدق ما يقوله! فتحدثت ثانيةً: ك كان ع عاوز يغتصبني! أومأ لها وجلس، على المقعد وهو يقول: أيوه، فهمتي أنتي هنا ليه! كنت هوديكي فين يعني وأنا معرفش طريق بيتك..؟
تنفست الصعداء، وجلست بإرهاق مرة ثانية على الفراش لتبتلع ريقها بخجل وندم على تصرفها الأحمق وإهانتها له بعد كل ما حدث ودفاعه عنها! لتنظر له بعد ذلك وتقول بخفوت: آآ أنا أسفة أنا فكرتك... قاطعها بحدة: فكرتيني حيوان مش كده؟ إزدردت ريقها ثم هتفت بتلعثم: آآ أعذرني أنا فجأة لقيتك قدامي كده بدون مقدمات فخفت ومحستش بنفسي..
تنهد أمير وهو ينظر لها بغيظ ويضغط على شفتيه، يريد أن يقوم ويصفعها مرة ثانية على فعلتها الحمقاء التي أذهلته وأصابته بالذعر..!
على الجانب الآخر. نهض ماجد بصعوبة عن الأرضية وهو يتوجع بشدة، ورأسه ستتفجر من كثرة الألم.. - اااه يا دماغي نطق بها ماجد وهو يتحسس رأسه ويمسح الدماء عن أنفه المتورمة، سار إلي الحمام ثم أخذ يغسل وجهه بالماء وما أن إنتهي قام بتجفيفه، ثم خرج ليهبط درجات السلم ويستقل أي سيارة يجدها أمامه.. بصعوبة وصل إلي المنزل، وما إن دلف هبت كوثر واقفة قائلة بصدمة: - ايه ده يا ماجد مين عمل فيك كده...؟