رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامس
صاحت سهيلة بغضب عارم وهي تهتف: - لا أنتي كذابة، أختي لا يمكن تعمل كده أبدا أقبل عليها سامي وهو يقول بحدة: - في ايه وايه الصوت العالي ده! أسرعت سهيلة تقول برجاء: يا سامي بيه، قولي أختي فين الله يخليك وايه الي حصل أروى لا يمكن تسرق أبدا! رمقها بنظراته الساخرة وتابع مُتجهما الوجه: لا عملت وأديها متلقحة في المكان الي تستاهله عشان تتأدب وتحرم تسرق الحرامية دي.
حركت رأسها نافية وقالت: لاء أكيد في حاجة غلط أرجوك يا باشا تعالي معايا نخرجها، دي أختي الوحيدة ومليش غيرها دفعها بيديه بعنف، ودلف إلي مكتبه ليتركها تبكي بشدة، ولا تعرف ماذا تفعل الآن وكيف تتصرف مع الموقف.. لم تيأس إنما ركضت لتدلف خلفه وهي تتوسله بأن يصفح عن شقيقتها، وما كان منه غير الطرد والإهانة! بل والسخرية أيضاً، فرحلت، رحلت تبكي على شقيقتها وتسير تُفكر كيف تنقذها..
في منزل السيدة كوثر... طرقت السيدة نعمة الباب تلك السيدة التي قاربت على الستون عام، ذات الملامح الهادئة رغم كبر سنها.. فتحت سلمي الباب، وهتفت بإبتسامة: إزيك يا طنط نعمة إتفضلي.. دلفت نعمة قائلة: أومال فين ماما يا سلمي؟ آتيت كوثر من خلفها قائلة في ترحيب: أنا هنا يا حبيبتي يا خطوة عزيزة قامت بعناقها، ثم جلستا فقالت كوثر سريعاً: إعملي شاي لخلتك نعمة يا سلمي أومأت سلمي برأسها وإتجهت إلي المطبخ..
بينما تحدثت نعمة موجهة حديثها ل كوثر بعتاب: بصراحة بقي كده يا أم ماجد أنا زعلانة منك جدا تنهدت كوثر طويلاً، ثم أردفت قائلة: ليه خير يا أم خالد إيه الي حصل بس؟ مصمصت نعمة شفتيها وتابعت بمزاح: شوفي ياختي الولية! ما أنتي عارفة إني زعلانة من إيه ومع ذلك ولا عملالي إعتبار يا كوثر مكنش العشم..
إبتسمت كوثر وتابعت بتفهم: يا حبيبتي أنتي إعتبارك على راسي والله يا أم خالد، بس أنا برضو أم ومن حقي أفرح ببنتي ويبقلها شقة زي مخاليق الله.. رفعت نعمة حاجباها وتابعت: ومين قالك إنه مش هيبقي بيتها؟ أنتي تفتكري إني ممكن أضايقها في حاجة! عيب يا كوثر ده أنا الي مربياها وبعتبرها بنتي وربنا شاهد على كلامي.
تنهدت كوثر ثم تابعت: عارفة والله يا نعمة، بس برضو ياختي أخاف أي حاجه تحصل ونرجع نخسر بعض خصوصا إنك غالية عندي والله جدا ومهما كان إحنا مش ملايكة وممكن يحصل أي حاجه في أي وقت نعمة بإمتعاض: ياختي تفائلي ومتسبقيش بالشر كده بقي! خليها على الله بس وكل شئ هيبقي تمام ها قولتي ايه!؟ بالله عليكي توافقي بقي يا كوثر، والله الواد خالد إبني بيعشق البت بنتك وأنا كمان عشمانة فيكي ومش معقولة هترديني كده...
ساد الصمت لحظات، وراحت تُفكر كوثر في تردد، قطعت ذلك الصمت سلمي حين توجهت إليهما تحمل الشاي وهي تقول بتوسل: وغلاوتي عندك يا ماما توافقي الله يخليكي.. وكذلك هتفت نعمة برجاء: ها بقي يا كوثر؟! أخيراً إبتسمت كوثر وتابعت بتنهيدة: ماشي يا أم خالد عشان خاطرك موافقة وعشان العيش والملح وصداقة العمر موافقة.. وكأن هذه الكلمات خرجت منها عن عمد حتى تنبها أنها ستعطيها اغلي ما تملك فلتحافظ عليها..!
إتسعت إبتسامة نعمة التي أطلقت زغرودة عالية بينما هتفت كوثر في خفوت: ربنا يسعدك يا سلمي يا بنتي إتجهت سلمي إلي أمها وعانقتها بفرحة عارمة وهي تقول: حبيبتي يا ماما ربنا يخليكي ليا..! دلف ماجد مندهشاً من أصوات الزغاريد المُنبعثة من منزلهم فقال بجدية: في إيه..؟ نهضت كوثر تقول بسعادة: كويس إنك جيت يا ماجد يابني عاوزين نقرأ فاتحة أختك بقي على خالد.
عبس ماجد بوجه وتابع حانقاً: فتحة! كده من نفسكم وأنا مليش كلمة ولا راجل البيت ده ولا إيه؟ تأففت سلمي وهي تعقد ساعديها أمام صدرها بإعتراض وعدم رضا، بينما تحدثت كوثر وهي تقول: ما إحنا فيها أهو ده لسه كلام بس يا ماجد وفيما قالت نعمة بتجهم: هو أنت عندك إعتراض على خالد إبني ولا حاجة يا ماجد؟
زفر ماجد بضيق ورمقها بنظرات جامدة ثم تابع بنبرة تحمل من الغرور والتعالي: على ما أعتقد إن إبنك معندوش شقة! ممكن أعرف هيسكن فين! رفعت نعمة أحد حاجبيها وتابعت في ثبات: هيسكن معايا يا ماجد سلمي بنتي وأنا مربياها وهحافظ عليها وده وعد مني لأمك وبعدين يعني أنا كلامي مع امك مش معاك أنا برضو ست كبيرة ولهجة السخرية دي محبهاش! أنا ماشيه يا أم ماجد ولينا كلام تاني!.. هتفت كوثر سريعاً: إستني طيب يا نعمة.
لم تصغي إليها نعمة وتوجهت إلي الخارج صاعدة إلي شقتها مرة ثانية وقد غلت الدماء في عروقها... أغلقت كوثر الباب وإتجهت إلي ولدها قائلة بعتاب: مينفعش أبدا الست تمشي زعلانة من أسلوبك على فكرة! وعيب عليك تتكلم بالطريقة دي لا عملي إعتبار ولا أي حاجه! ماجد بلا مبالاه: أنا مقلتش حاجة غلط يا ماما! الواد ده معندوش شقة ومش عاجبني أصلا وأنا بقي مش موافق.! صاحت به سلمي، وقد نفذ صبرها:.
هو أنت مالك أصلا!، أنا عمري ما هاخد برأيك أبدا، أنت واحد مش بيفكر غير في نفسه وجاي دلوقتي تقولي مش موافق بأي حق بقي أن شاء الله! توافق ولا متوافقش أنا بحب خالد وهتجوزه غصب عنك.. إتسعت عيني ماجد وإقترب يباغتها بصفعة قوية هبطت على وجنتها وهو يقول هادرا بها: إخرصي يا بت أنتي! أنتي إتجننتي ولا إيه.
صرخت سلمي وهي تبكي بحرقة ولقد إرتمت في أحضان والدتها التي هدرت به بغضب عارم: كسر إيدك يا ماجد أنت إزاي تمد إيدك عليها! إنفعل ماجد قائلاً بحزم: وأكسر رقبتها كمان لو طولت لسانها عليا تاني مبقاش إلا سلمي الي مطلعتش من البيضة لسه!
بصعوبة بالغة وصلت سهيلة إلي مركز الشرطة وبصعوبة أشد تقابلت مع شقيقتها التي ألقت نفسها في أحضانها باكيةٍ بمرارة أخذت سهيلة تهدئ من بُكائها وهي تربت على ظهرها قائلة في إطمئنان: إهدي يا أروى، إن شاء الله هتخرجي من هنا بس إحكيلي إيه الي حصل يا حبيبتي وأنتي فعلا مديتي إيدك وسرقتي الخاتم ولا هما...
قاطعتها أروى بصياح وبُكاء هستيري: أنتي بتتكلمي إزاي يا سهيلة! أنا أسرق ليه وعشان إيه حرام عليكي أنتي كمان هتظلميني ليه... عانقتها سهيلة مرة ثانية، وقالت بضيق: مكنش قصدي والله بس بستفسر منك، أنا آسفة حقك عليا إهدي يا حبيبتي.. أخذت أروى تكفف دموعها بأنامل يدها، وتنفست بعمقٍ محاولة السيطرة على خوفها وتوترها... ربتت سهيلة على كتفها وقالت محاولة بث الإطمئنان داخلها:.
إن شاء الله ربنا هينجيكي منها يا أروى متخافيش أنا مش هسيبك والله.. حركت أروى رأسها بيأس وهي تقول: هخرج إزاي والتهمة ثابتة عليا بشهادة كل الموظفين، حسبي الله ونعم الوكيل سهيلة بتأنيب ضمير: آنا آسفة يا أروى أنا السبب وأنا الي خليتك تروحي تشتغلي عنده، بس متقلقيش أنا هخليه يجي يتنازل عن المحضر ويخرجك بإذن الله متخافيش أغلقت عينيها بألم وتابعت في حزن: معتقدتش هيتنازل أنا خلاص ضعت يا سهيلة، ضعت خلاص.
تنهدت سهيلة وهي تعطيها طعام إشترته لها، وقالت بحنان: طب أنا جبتلك أكل وهضطر أسيبك دلوقتي عشان اروح تاني للزفت سامي وإن شاء الله هاجي أقولك أنه إتنازل بس أوعديني تاكلي كويس ماشي..؟ أومأت أروى برأسها في صمت، بينما ودعتها سهيلة وإنصرفت متوجهة إلي شركة سامي مرة ثانية...
دلفت السيدة كوثر إلي داخل غرفة ماجد الذي كان مُستلقي بجسده فوق الفراش ويعبث بهاتفه بلا مبالاه، إقتربت تقول بحدة ؛ أنا بحذرك تمد إيدك على أختك تاني يا ماجد، والله ما هيحصلك كويس أنت سامعني ولا لاء؟ نهض ماجد جالساً فوق الفراش وقال بتجهم ؛: - يعني عاجبك إنها تقل أدبها كده ولا إيه؟
ردت كوثر بغضب: كل كلامها صح أنا بس الي مش راضية أبوظ صورتك قدامها وأقولها لا عيب متقوليش على أخوكي كده، لكن تقدر تقولي فين إهتمامك بيها كأخ؟ يعني فين دورك في حياتها! ولا حاجه بتعملها ليها ده المفروض إنت تعوضها عن حنان أبوها الي إفتقدته مش ولا كأن ليها حد وأن طايح في الدنيا يا دوبك تيجي تاكل وتنام كأنك قاعد في أوتيل! زفر بحنق، ثم أردف قائلاً: يعني أعمل إيه ما أنا بشتغل ليل مع نهار أعمل إيه يعني.
ضربت كوثر كفا على كف وقالت بتعجب: وأختك يا بني! أختك فين دي يتيمة عارف يعني إيه يتيمة يعني لازم تعوضها وتاخدها تخرجها وتفسحها عاوزها تحس إنك موجود في حياتها مش جاي في الآخر تضربها وتعمل نفسك راجل! لوي فمه بإستنكار، ثم تابع بحنق: أومال ايه! ما أنا راجل فعلا.
حركت رأسها وتابعت بسخرية: مش دي الرجولة، الرجولة دي ليها معني كبير أوي الراجل الي بجد هو الي يعرف يحتوي الي حواليه ويحسسهم بالأمان والحماية والسند ووقت ما نحتاجه نلاقيه! تنهد ماجد بضيق غير مبالي تماما بحديث والدته ولم يُحرك ذرةٍ واحدة بداخله، فتنهدت بيأس ونهضت قائلة: طبعا أنا هتعب نفسي بالكلام ومفيش فايدة عموما أتمني تحس على دمك شوية وتاني مرة لو مديت إيدك على أختك هتشوف وش تاني مني ماشي!
أومأ ماجد بنفاذ صبر وتابع: طيب طيب، قوليلي إمتي هناخد نصيبنا في ورث أبويا؟ عقدت كوثر حاجباها وتابعت بإستغراب: بتسأل ليه يعني؟! مط شفتيه ثم تابع: عادي عشان أشوف حالي وأتجوز بقي ولا أنا هفضل قاعد كده كتير رفعت أحد حاجبيها وتابعت: ممم تتجوز وياتري لقيت عروسة! تنهد ماجد وقد إستند بظهره على ظهر الفراش وقال: أيوة موجودة ومستنياني...! كوثر في تساؤل: مين دي؟ ماجد بهدوء: بنت إسمها مايا كانت بتشتغل في الشركة!..
وصلت سهيلة إلي شركة سامي وهي تلهث بشدة، صعدت إلي الطابق المتواجد فيه مكتبه، ثم وقفت أمام السكرتيرة قائلة بٱرهاق: عاوزة أقابل سامي بيه من فضلك! تأففت هدي ونهضت قائلة بحدة: أوف، أنتي تاني! بقولك إيه إمشي من هنا إحنا مش فاضينلك صاحت بها سهيلة مُصممة على مُقابلة سامي، فخرج على أثر صياحها وقال بغضب: إيه الي جابك تاني يا سهيلة!
توسلت إليه سهيلة وهي تقول برجاء: محتاجة أتكلم معاك لو سمحت يا سامي بيه بترجاك تنهد بنفاذ صبر وقال: طيب تعالي ورايا..! دلفت خلفه وأغلقت باب المكتب بينما جلس سامي واضعاً ساقيه فوق بعضهما، وقال بتعالي: - خير! إقتربت منه وقالت برجاء: ممكن تطلع أختي من الورطة الي أنت وحلتها فيها دي، حرام عليك هي عملتلك إيه! ضحك عالياً بسخرية وتابع: أنا معملتش حاجة هي الي سرقت وبتاخد جزائها!
سهيلة بإنفعال: لا أختي مسرقتش حاجة وأنت الي دبرت كل ده عشان تنتقم منها! أبوس رجلك طلعها وإنشالله حتى تدخلني أنا مكانها بس هي مش حمل بهدلة والله مطت سامي شفتيه للأمام وهو يحدق في الفراغ مُضيقا لعينيه بتركيز، وقد لمعت عينيه بمكر ثم قال بهدوء بعد ذلك: ممم موافق يا سهيلة بس بشرط! تحدثت سريعاً: شرط إيه!؟ نظر لها ثم تنهد بعمق وتابع مردفاً:.
في واحد بينافسني في شغلي، وأخد مني صفقه بملايين، وبما إن أختك عاوزة تخرجك يبقي تنفذ الي هقوله بالحرف الواحد! عقدت سهيلة حاجباها وتابعت في تساؤل: وأروي إيه دخلها في كده يعني..؟ أشعل سامي أحد سجائره، ثم أخذ نفساً عميقاً منها وزفره في هدوء وتابع: هقولك..!
- ماما، أنا هطلع عند طنط نعمة أعتذرلها عن أسلوب ماجد معاها! نطقت سلمي هذه العبارة وهي تكفف دموعها بأناملها.. كوثر بجدية: أنا هبقي أطلعلها بكرة يا سلمي سلمي بتصميم: لو سمحتي يا ماما هطلع أعتذرلها وأطيب خاطرها ممكن؟! زفرت كوثر بضيق وقالت: أنتي مصممة بقي، عشان حبيب القلب مش كده! لم تجيبها سلمي، فأردفت كوثر: ماشي يا سلمي إطلعي خمس دقايق بس فاهمة.
أومأت سلمي برأسها وإتجهت إلي خارج الشقة وصعدت إلي الأعلي حيث شقة نعمة وولدها خالد..! طرقت الباب، ثم وقفت تنتظر حتى فتح خالد الذي إبتسم قائلاً بإشتياق: سلمي، تعالي إتفضلي تنهدت سلمي وقالت بضيق: طنط فين؟ عقد حاجباه وتابع: مالك يا سلمي أنتي زعلانة مني ولا إيه حركت رأسها نافية، ثم قالت بحزن: لا أنا عمري ما زعلت منك يا خالد إبتسم وقال: طب زعلانة من مين؟
في مركز الشرطه.. قصت سهيلة على شقيقتها أروى ما طلبه منها سامي حتى إتسعت عينيها قائلة: نعم! سهيلة بنفاذ صبر: مفيش قدامك غير كده يا أروى يإما هتفضلي هنا على طول ومش هتخرجي حركت رأسها نافية وقالت بغضب: حسبي الله ونعم الوكيل فيه، هو ده شيطان ولا إيه! إزاي عاوزني أسرق من واحد شغله وفلوسه وأروح بكُل بساطة أدهومله! لا أنا لا يمكن أعمل كده أبداً!
زفرت سهيلة بحنق: يوووه يا أروى وإحنا مالنا ما يولعوا كلهم أنتي هتروحي تشتغلي في الشركة الي هو قالي عليها دي، وهتفضلي هناك لحد ما تعرفي مكان الورق والفلوس الي هيقولك عليهم الزفت سامي وتمشي من الشركة وخلصت الحكاية شغلي دماغك بقي! أروى بتصميم: لأ، أنا ضميري ميسمحليش أبدا أسرق سهيلة بغيظ: يعني هتفضلي محبوسة هنا و مش هتطلعي!
أغلقت أروى عينيها بألم، وضغطت على شفتيها بحيرة، فماذا تفعل، هل توافق؟ أم ترفض وتظل في هذا السجن وتُعاقب على جريمة لم تفعلها!
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس
روادتها الأفكار وتخبطت داخلها ماذا تفعل الآن؟! حسمت القرار ووافقت على عرض سامي فليس أمامها إختيار آخر، فإذا رفضت ستظل حبيسة في هذا السجن..! قطعت شرودها سهيلة حين قالت: ها يا أروى قولتي إيه..؟ تنهدت بعمق وأومات برأسها وهي تقول بحزن مُوافقة بس أخرج من الزفت ده! أومأت سهيلة رأسها بسعادة وهاتفت سامي على الفور، وأبلغته بموافقة أروى...
فبعد ما يقارب النصف ساعة حضر سامي فأسرعت سهيلة تقول: ها يلا بقي عشان تتنازل ضحك بسخرية وأضاف: وأنا بقي أضمن منين إني لما أتنازل تعمل الي قولت عليه..! صاحت أروى بنفاذ صبر: يعني أعملك إيه، أنت إيه شيطان كز على أسنانه بشراسة وحدجها بنظراتٍ قاسية، ثم قال بغضب وهو يرفع سبابته أمام وجهها: - إلزمي حدودك، وٱعرفي إن حياتك كلها في إيدي وفي ثانية واحدة أدمرك! إنفعلت أروى وقالت بإختناق: ياريت تخلص وتقول عاوز إيه!
حك صدغه بإبهامهُ، ثم تابع ببرود تام وهو يخرج من جيب سترتهُ، ورقة مطوية، ثم أخرج قلم ووضعهم على الطاولة الصغيرة: - إمضيلي هنا! قطبت أروى ما بين حاجباه في إستغراب، وتابعت مرددة في تساؤل: إيه ده؟. ضحك بإصفرار، ثم تابع بهدوء مستفز: ده شيك ب ١٠٠ ألف جنيه، متخافيش ده هيبقي ضمان ليا عشان لو فكرتي تلعبي بديلك كده ولا كده أنهي حياتك في لحظة!
تجهمت ملامح وجهها، ثم هتفت بصياح: هو أنا عملتلك إيه عشان تعمل فيا كده حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا شيخ! ضحك بلا مبالاه ثم أضاف بإستفزاز: حظك الأسود رماكي في طريقي، ويا تعملي الي بقولك عليه يا همشي وخلصيني بقي عندي شغل.. تحدثت سهيلة قائلة بإمتعاض: بس إحنا متفقناش على كده يا سامي بيه! أنت قلت هتتنازل وهي هتنفذ الي قولته إيه لازمته بقي الشيك ده!
زفر سامي بحنق وتابع بنفاذ صبر: هو ده الي عندي، خلصوني بقي! ضغطت أروى على شفتيها بغضب وعيناها تزوغ بحيرة وتترقرق فيهما العبرات... لم يُبالي سامي بحالها فأردف بإبتسامة ماكرة: لو مش عاوزة تمضي خلاص، خليكي هنا وأمشي.. رفعت بصرها إليه وهي تكز على أسنانها، تود أن تفتك به وتخنقه حتى تخرج روحه في الحال وما كان منها غير المُوافقة، وقامت بالتوقيع على الوصل...
فإبتسم سامي بإنتصار وتنهد بإرتياح، ثم قام بالأتصال على السكرتيرة ( هدي ) لتأتي وتتنازل عن المحضر، وبالفعل حضرت وتنازلت وتم إخلاء سبيل أروى، ثم إصطحبها سامي بصحبة شقيقتها سهيلة إلي الشركة...
في شركة الأمير... - اااه، لأ بجد تعبت ياعم أنت هو مافيش غيري في أم الشركة دي! أردف ماجد بتلك الكلمات بتعب وهو يجلس على الكرسي المُقابل لأمير.. ضحك أمير وقال: حظك كده، ربنا يسهل بقي ونلاقي سكرتيرة كويسة مش أنت نزلت إعلان خلاص؟ أومأ ماجد رأسه بحنق: أيوة نزلت الزفت، حليني بقي على ما نلاقي واحدة تدخل دماغك وتعجبك.. تابع أمير أعماله على الحاسوب وهو يقول بجدية: هنلاقي إن شاء الله، بس الصبر..!
لوي ماجد فمه وهو يُتابع: أدينا صابرين..! وبعدين كلها شهر ولا شهرين وهتجوز وهاخد أجازة طويييلة.. عقد أمير ما بين حاجباه وهو يقول مُستغرباً: هتتجوز!. إبتسم ماجد وقال: آه إيه مش وش جواز رفع أمير أحد حاجبيه وتابع: ومين دي بقي الي هتتجوزها؟. تنحنح ماجد بحذر وقال: إحم، مايا إتسعت حدقتا أمير وقال بعدم تصديق: مين؟ ماحد مكرراً: مايا، في إيه أمير بإشمئزاز: أنت أهبل يا ماجد! هتتجوز واحدة شمال أنت شكلك إتجننت..!
ماجد بنفي: لأ، هي مش شمال ولا حاجة زي ما انت فاهم، إحنا بنحب بعض.. رفع أمير حاجبيه معا وتابع ساخرا: والله! وهو في واحدة محترمة تسمح لحد يتعدى حدوده معاها ويقرب منها زي ما انت كنت بتعمل! ثم إن من إمتى يعني وأنت بتحبها أنت كُنت بتقول إن دي هفوات وخلاص! تنهد ماجد وقال: أيوة فعلا الأول كانت هفوات، بس إكتشفت إني بحبها ولازم نتجوز..!
مط أمير شفتيه للأمام، وقال بجدية: أنت حر، بس مش هي دي الي هتعمر معاك وإبقي إفتكر كلامي.. لم يبالي ماجد بحديثه ولم يقتنع ف في إعتقاده أنه مُتزمد لا يعرف الحب، إذا فلن يأخذ بكلامه.
في شركة سامي... جلست أروى على مضض قبالته وجوارها شقيقتها سهيلة.. بينما وضع سامي ساقيه فوق بعضهما وقال بثبات: - طبعا عشان تروحي تشتغلي عند الزفت أمير يبقي لازم حياتك ال **** دي تتغير كُلها..! هبت أروى واقفة قائلة بصرامة: كفاية غلط بقي وإحترم نفسك! قامت سهيلة بتهدئتها حتى جلست مرة ثانية بينما سامي لم تهتز منه شعرة وظل على وضعه المستفز مُبتسماً بسخرية.. زفرت أروى وهي تكاد تموت قهراً..
تحدث سامي مرة ثانية: إسمعي الي هقولك عليه، أولا هتنتقلي من البيت الزبالة بتاع امك ده وهتروحي تعيشي في شقة في ***، هي بالإيجار ومفروشة ده اولا ثانياً بقي لازم لبسك ده يتغير وتلبسي لبس محتشم لأن صاحبنا مبيشغلش عنده أشكالك دي! ضغطت على أسنانها والدماء تغلي بعروقها تهدد بالإنهيار في الحال، فلقد إستكفت إهانة ولم تعد قادرة على التحمل أكثر من ذلك..
ولكنها صمتت وإستمعت لما قاله سامي حيث سرد عليها كُل شئ يريده، وأنهي حديثه حين قال لها: الي بقولك عليه لو محصلش متلوميش إلا نفسك، أنا عايزك تكسبي ثقته لحد ما يقولك على كل حاجة وقسما بالله لو لعبتي بديلك لتكون نهايتك على إيدي، ومن بكرة هتروحي الشركة وتعملي الي قولت عليه... ثم أخرج مفتاح من جيب بنطاله وقال: ده مفتاح الشقة..
أخذته منه يد مُرتجفة وعقلها سينفجر من كثرة الضغوطات، ثم رحلت بصحبة شقيقتها دون أن تتفوه بكلمة واحدة، وبدأ الصراع داخلها، لماذا يحدث معي كل هذا، وكأني خُلقت لأعاني ويتحطم كياني، ف إلي آين أنا ذاهبة هل سأكمل رحلة عذابي، أم سيكون هذا فراري..!
هكذا راحت الأفكار تتردد داخلها حتى وصلتا إلي المنزل، ذاك المنزل الذي شهد عذابهما معا ذاك المنزل الذي حطما الأختان تحطيماً، وبقيّ من كل منهما حُطام أنثي ف هل سيأتي اليوم الذي تجدا الأثنان من يرمم تلك الجراح ويداويها، أم سيرحلا في متاهات الحياة وضواحيها!
أبدلت سهيلة ملابسها وجلست على الفراش بإرهاق وكذلك فعلت أروى، وبينما فتحت سهير الباب ودلفت قائلة في غضب: - أنتوا كنتوا فين..؟! زفرت أروى بضيق ولم تجيبها فأجابتها سهيلة بجدية: كان في مشكلة وحلناها خلاص.. - مشكلة إيه.؟ تأففت سهيلة: أوف، مش لازم تعرفي خلصنا بقي! صرت سهير على أسنانها وقالت: طب قومي ياختي يلا شوفي شغلك - لأ أنا تعبانه ومش متزفته النهاردة - نعم! لأ بقولك إيه...
قاطعتها سهيلة وهي تقول بحدة: قسما بالله ما هقوم واعلي ما في خيلك اركبيه ها.. إتسعت حدقتي سهير التي ضغطت على شفتيها بغيظ وقالت وهي تتجه إلي الخارج: ماشي يا سهيلة، ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها زفرت سهيلة بضيق وقالت بإختناق: يارب توب عليا بقي من القرف ده..! - قولتلك تعالي نهرب مسمعتيش كلامي، عاجبك حالنا المهبب ده! بوظتي نفسك وبوظتيني معاكي يا سهيلة أردفت أروى بتلك الكلمات وعينيها تتلألأن بالعبرات..
فيما تنهدت سهيلة وقالت: أكيد هيجي اليوم الي ربنا هيتوب عليا فيه يا أروى وهنعيش زي مخاليق الله.. أروى بتهكم: ممم ومين بقي الي هيرضي يتجوز واحدة سلمت نفسها لرجالة كتير؟ ها! أنتي شكلك بتحلمي يا سهيلة فوقي! فوقي يا سهيلة ترقرقت العبرات في عينا سهيلة وهبت واقفة قائلة بإنفعال: لأ، لا يا أروى أنا مسلمتش نفسي لحد أنا لسه بنت والله العظيم بنت يا أروى.
وقفت أروى، ونظرت لها بعدم تصديق : إيه! بنت إزاي؟ والرجالة الي كنتي، آآ قاطعتها سهيلة وهي تقول بدموع: أنا مكنتش برضي اسلم نفسي لحد يا أروى أنا أخري حضن أو أرقص وأضحك وأتمايع وخلاص لكن كنت بفضل أشربهم زفت خمرة لحد ما يسطلوا ويبقوا مش دريانين بالدنيا وأهرب، أختك لسه بنت يا أروى صدقيني إزدردت أروى ريقها وإبتسمت بسعادة، ثم هتفت قائلة: أنا مش مصدقه، طب ليه معرفتنيش ده؟
- مش فارقه يا أروى كده أو كده أنا ضايعه بس على الأقل نص الهم ولا الهم كله، المهم أنتي يا أروى، أنتي أهم حاجه لازم تعيشي غيري تنهدت أروى بعمق وأردفت: هعيش إزاي إنتي ناسيه إني داخلة على بلاوي يا سهيلة إبتسمت سهيلة وهي تكفف دموعها: إن شاء الله ربنا هينجيكي وهيقف معاكي وكله هيعدي على خير... أومأت أروى، وإتجهت إلي الباب لتوصده جيدا ثم إتجهت إلي الفراش وجلست.. - أروى! نطقت بها سهيلة والتوتر بادي عليها..
نظرت لها أروى وتابعت بإهتمام: نعم يا سهيلة في إيه؟ تنهدت سهيلة وقالت: أروى هو أنا فعلا ممكن حد يحبني ولا يكون بيضحك عليا لو قالي كده! أروى بتساؤل: ليه، هو في حد قالك أنه بيحبك؟
أومأت سهيلة رأسها ببطئ وتابعت بخفوت: أيوه، في مرة من المرات قابلت واحد وقعدت معاه شوية كان دمه خفيف وإرتاحت ليه، فقالي إنه بيحبني فالأول مصدقش لكن جه تاني وتالت عشان يشوفني بس وبصراحة بقينا بنتكلم في التلفون كتير وأنا حاسة إني بدأت أتعلق بيه.. عقدت أروى حاجباها وقالت: مش عارفه يا سهيلة بس خليكي حريصة معاه ولو صادق خير وبركة ولو بيكذب في داهية وعشان كده متتعلقيش بيه ولا تثقي في حد يا سهيلة.
تنهدت سهيلة وقالت: ماشي أروى بتساؤل: هو إسمه إيه ده؟ إبتسمت سهيلة وقالت: ماجد...
في صباح اليوم التالي.. نهضت أروى وإغتسلت ثم إرتدت ملابس واسعة عن ذي قبل ورفعت شعرها للأعلي كذيل حصان، ثم إتجهت إلي خارج المنزل بتوتر وإرتباك، فلقد بدأت الرحلة ولا تعلم ستربح ام تخسر وكيف سيكون مصيرها مع ذاك الأمير وصلت بعد مرور ساعة إلي شركة الأمير، صعدت إلى الأعلي وتساءلت أين يوجد مكتب أمير، فتوجهت إلي حيث قالوا، وطرقت الباب بيد مُرتجفة فآتاها الصوت: إدخل.
دلفت، فوجدت ماجد يجلس على المكتب، إبتلعت ريقها ووقفت أمامه قائلة بثبات: حضرتك أستاذ أمير؟ رفع ماجد بصره إليها وإبتسم بإعجاب ثم قال بنظرات متفحصة: لا مش أنا، بس ممكن أبقي أنا لو حبيت يا جميل.. أروى بجدية: نعم! رفع ماجد حاجبه وقال في نفسه: ممم شكلها هتتعبني بس على مين! آفاق من شروده حين قالت: فين أستاذ أمير لو سمحت عاوزة أقابله.. ماجد بتساؤل: ليه..؟
أروى بتوتر: أنا عاوزة أشتغل وجيت بناء على الإعلان وإنكم عاوزين سكرتيرة ممكن أقابل بقي أستاذ أمير..؟! - خير! قالها أمير وهو يدلف من باب المكتب بجدية تامة...
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السابع
صمتت أروى حينما إستمعت إلي صوته وحملقت به بإرتباك، فكرر أمير بصوته الجوهري وهو ينظر لها: - خير..؟ إبتلعت ريقها بتوتر بالغ، وهي تطالعه بإنبهار طغي على ملامحها، فلم تتوقع أنه هكذا، كان توقعها أنه رجل أعمال يتخطي الأربعون من عمره، والآن تري شاباً وسيماً في كامل أناقتهُ، هل هذا هو صاحب إمبراطورية الأمير؟!
هكذا كانت تحدث نفسها، ولكنها أفاقت حين إستمعت إلي صوتهُ الصارم للمرة الثالثة: بقول خير؟ أنتي مين وعاوزة إيه؟ إنتبهت إليه، وهي تتنحنح بحرج، ثم قالت بثبات: أنا إسمي أروى، وشوفت الإعلان بتاع شكرتكم، وعاوزة أشتغل. وضع أمير ساقاً فوق الآخر وهو يطالعها بنظرات جامدة بينما إستند إلي ظهر المقعد وهو يقول بنبرة تحمل من السخرية: تشتغلي إيه..؟ تلعثمت قليلاً ثم ردت: سكرتيرة..!
مد يده في إتجاهها وهو يقول بجدية: وريني ملفك. أومأت برأسها وفتحت حقيبتها وأخرجت منه ذلك الملف الذي أعطاه لها سامي. إقتربت ثم وضعته أمامه على سطح المكتب وتراجعت خطوة للخلف، فقال أمير وهو ينظر إلي الأوراق بتمعن: إنتظري بره شوية. عقدت حاجباها بضيق، وتنهدت بعمق ثم توجهت إلي الخارج محدثة نفسها: أستر يارب شكلي هروح في داهيه، الله يخربيتك يا سامي!
تفحص أمير الأوراق فكانت جميعها على ما يُرام كما رتبها سامي وقام بتزوير المؤهل بإحترافية تامة حيث كانت شهادة بكالوريوس تجارة وهي لم تحصل عليه، هي فقط تخرجت من ثانوي فني ولكن لديها قدرات في العمل على الحاسوب فكانت تأخذ كورسات من قبل.. إنتبه أمير على صوت ماجد الذي قال بتساؤل: ها ورقها تمام؟
أومأ أمير برأسه قائلا بجدية: تمام، بس طبعا هتفضل إسبوع تحت النظر مع إني عارف إنها زي، زي الي قبلها ومش هتكمل أسبوع كمان..! زفر ماجد بضيق وتابع: يا ساتر عليك! ما تتفاءل بقي! ضحك أمير بسخرية وتابع: أتفاءل إزاي يابني وأنت موجود! ما هو أنت السبب أصلا في كل الي بيمشوا من هنا.. تنحنح ماجد بحرج ثم قال: يووه، طب إنجز بقي..! تنهد أمير، ثم تحدث بجدية: أوك، أخرج إندهلها..
توجه ماجد إلي الباب وفتحه ليهتف بإسمها، فدلفت أروى تسير بثبات حتى وقفت أمامه.. إستند أمير بمرفقيه على سطح المكتب وقال بنبرة جامدة: مبدئياً موافق يا آنسة أروى، هتشتغلي أسبوع تحت نظري أنا شخصياً، إعملي حسابك إني معنديش سماح في أي حاجة غلط! أنا بطرد على طول يعني حضرتك لازم تكوني عارفة إن لو صدر منك أي شئ معجبنيش هتكوني بره الشركة فوراً تمام..؟
أومأت أروى برأسها وقلبها ينتفض خوفاً، ثم قالت بخفوت: تمام.. أشار لها أمير يده، وقال: إتفضلي، وماجد هيعرفك كُل حاجة..
خرجت بصحبة ماجد وإتجها إلي الغرفة اللاصقة لمكتب أمير، ثم دلفا وقال ماجد بغزل: بص بقي يا جميل، ده مكتبك هتنظمي مواعيد أمير كلها عندك هنا في الدفتر ده وعلي اللاب توب ده، ثم قام بالشرح المفصل لما ستفعلهُ وأنهي حديثه حين غمز لها قائلاً بمرح: وأي حاجة أنا تحت امرك يا قمر، وإعملي حسابك بقي هتتفحتي قهوة.. قطبت أروى ما بين حاجباها وتابعت بإستغراب: إزاي!
ضحك ماجد قائلاً: أصل مديرك بيعشق القهوة وأنتي بقي هتتولي الحكاية دي! أومأت برأسها في صمت، بينما قال ماجد بصوت منخفض: ممم شكلنا هنعمل أحلي شغل مع بعض.. أروى بتساؤل ؛: نعم؟ حرك ماجد رأسه نافياً وقال: لا أبدا بكح، ثم إتجه إلي الخارج وأغلق الباب خلفه، بينما جلست أروى على المكتب وقلبها يخفق بشدة خوفاً من ذاك الأمير ف البداية ليست مُبشرة وهو ليس سهلاً فإذا عرف بتلك اللعبة القذرة كيف سيكون رد فعله..!
- إزاي أخوكي يتجرأ ويمد إيده عليكي..؟ قال خالد هذه الجملة بعصبية تامة وهو ينظر إلي سلمي، التي قالت بتنهيدة: أهو الي حصل بقي يا خالد هعمل إيه يعني.. زفر خالد، ثم تابع بحنق: يعني فيها إيه لو كنا متجوزين وأنتي عايشة معايا دلوقتي، مكنش حد قدر يمد إيده عليكي وكان بقي ليا رد فعل وحش مع أخوكي ده! إبتسمت سلمي وقالت بخجل: هانت بقي يا خالد إبتسم هو الآخر وتابع: الصبر يارب..
إستمعا إلي صوت والدتها كوثر وهي تنادي عليها بصوتٍ عالِ فركضت سلمي صاعدة السلم بخوف، بينما ضحك خالد قائلاً: ولا لما يكون بنسرق والله.. صعد خلفها وهو يسمع تعنيف والدتها لها.. كوثر بملامح متجهمة: هو أنا مش قولتلك متنزليش يا بت أنتي؟ أومأت سلمي برأسها بصمت بينما وقف خالد قائلاً بهدوء: أنا آسف معلش أنا كنت نازل وهي كانت بتنفض السجادة فوقعت منها ونزلت تجبها فنزلت أشلها عنها، سماح المرادي.
تنهدت كوثر وقالت بعتاب: يعني يا خالد لو حد طالع ولا نازل يقول علينا ايه يابني خالد بجدية: أنا بخاف على سلمي وعلي سمعتها أكيد يا طنط بس الكل عارف إني شبه متقدملها.. كوثر بجدية: تمام، وأنتي إتفضلي إدخلي جوه.. دلفت سلمي سريعاً بينما قال خالد: النهاردة إن شاء الله هفضي نفسي بليل عشان نجيب الشبكة.. إبتسمت كوثر وقالت: مبروك مقدما يا خالد خالد بحذر: بس أنا ليا طلب عندك بقي! كوثر بتساؤل: طلب إيه ده؟
تنهد خالد وقال بهدوء: نكتب مع الخطوبة ورجاااءاً مترفضيش بقي، أنا والله بحب سلمي ووعد مني مش هخذلك كوثر بتردد: لأ، بلاش لو سمحت يا خالد منضمنش الظروف يابني خلينا شبكة وبس أغلق خالد عينيه ثم أعاد فتحها وقال متنهداً: صدقيني مفيش أي حاجة هتحصل غير إنها هتبقي على ذمتي ومراتي، وعشان كلام الناس وقدامهم تبقي مراتي رسميا وطالما أول ما أجيب العفش هنتجوز تبقي مفرقتش وعموما حضرتك فكري وأنا مُنتظر..!
في شركة الأمير. دلفت أروى إلي مكتبه وهي تحمل القهوة، ثم وضعتها على سطح المكتب وقالت بإبتسامة: القهوة. أومأ لها بعبوس دون أن يتفوه، مما أدى إلي إحراجها، فتنحنحت قائلة: أي شئ تاني حرك رأسه نافياً وهو يشير لها بيده بمعني أن تخرج، فإتجهت إلي الخارج ووجهها مُحتقن بالدماء وتسب وتلعن داخلها، ما هذا الغرور والتعالي بالطبع سأعاني معه، وكيف سأكسب ثقته؟
كانت تحدث نفسها حتى دلفت إلي مكتبها مرة ثانية، في حين دلف ماجد خلفها ليقول بغمزة: - القمر ماله، زعلان ليه؟ زفرت أروى بضيق ثم نظرت إلي الحاسوب متجاهلة إياه، بينما كز ماجد على أسنانه من تصرفها فهذه الفتاة الأولي التي وضعت ذلك الحاجز ولم تعنيه أي إهتمام. نهض بإصرار متجها إليها فمن هذه حتى ترفضه! وضع يده على شعرها ليمسد عليه بينما هبت أروى واقفة لتقول بحدة: أنت بتعمل إيه!
لوي ماجد فمه بتهكم، ثم تابع بلا مبالاه: بعدلك شعرك ولا أنتي بقي هتعمليهم عليا ولازم أتحايل لحد ما تقعي يا قطة! قطبت أروى حاجبيها وتابعت بغضب: أنت بتقول إيه أنت مجنون صح؟! ضحك ماجد ببرود: أنا أبقي مجنون لو سبت الجمال ده! دفعته أروى بيدها ليتراجع للخلف وهي تقول: أبعد عني أنت حيوان ولا إيه! ساد الصمت في المكان، بينما وقف أمير على باب المكتب مُتابعاً للموقف دون أن يشعرا به الأثنان..
إقترب ماجد مرة ثانية منها قائلاً بغضب: إيه يا بت أنتي يا *** هتعملي نفسك شريفة وتعمليهم عليا لأ فوقي أنت شكلك شمال أصلاً! أثارت كلماته غضب أروى وبشدة وغلت الدماء في عروقها ولم تدري بحالها إلا حين هبط كف يدها على وجه ماجد الذي إتسعت عينيه على وسعهما غير مصدقاً لما فعلته في التو، ولم يختلف حال أمير عن حاله، حيث أنه إتسعت عينيه بذهول تام.
لم تكتفي أروى بل أمسكت فنجان قهوتها وسكبته في وجهه فأثارت غضبه وبشدة فتلونت عينيه بحمرة الغضب ورفع يده ليرد لها الصفعة ولكن أوقفه صوتهُ الصارم حين قال بصوتٍ عالِ: ماجد! إلتفت ماجد إلي مصدر الصوت، وهو يقول: أمير؟ إقترب أمير منه وهو يقول بحدة وغضب: على شغلك يا ماجد! صاح ماجد قائلاً بحنق: أمير البت دي لا يمكن تفضل هنا دي مدت إيديها عليا!
أصبحت قسمات وجهه أمير أكثر حدة وخرج صوته أكثر غضب: بقولك على شغلك يا ماجد وحسابك معايا بعدين زفر ماجد وهو ينظر إلي أروى بتوعد، ثم قال وهو يكز على أسنانه: وحياة أمي ما هعديهالك أصبري عليا! صاح به أمير: برا خرج ماجد، والشياطين تتلاعب أمام عينيه، فإذا وقعت في يده لن يرحمها هذا الذي كان يدور داخله.. أخذت أروى تلتقط أنفاسها وهي تطالع ذاك الأمير الذي وقف بطلته المُشرقه أمامها ناظراً إليها.
تحدثت هي وقالت بتوتر: آآ، والله العظيم ما عملت حاجة هو الي إتهجم عليا وأنا كنت بدافع عن نفسي. - تعجبيني! هتف بها أمير بثبات، ثم تابع حديثه: برافو عليكي، تصرف معقول منك جدا وعجبتيني، لأنك لو مكنتيش إتصرفتي كده كان زمانك برا زي الي قبلك..! تنهدت بإرتياح وظلت صامتة، بينما تابع أمير: كملي شغلك وإن إتعرضلك ماجد تاني تعاليلي!
أنهي جملته وخرج مُتجهاً إلي مكتب ماجد، بينما جلست أروى وهي تبتسم فها قد بدأت تنال إرضاء الأمير..!
هب ماجد واقفاً وقال بصرامة: البت دي لازم تمشي من هنا يا أمير، أنت سامع ولا لاء؟ صاح به أمير: أنت كمان هتديني أوامر؟ وتقولي أعمل إيه ومعملش ايه؟ إذا كان في حد لازم يمشي فهو أنت يا ماجد، أن تحمد ربنا إنك لسه موجود وده أصلا عشان خاطر العشرة الي بينا وبس! زفر ماجد بحنق وتابع ؛: على فكرة هي الي مش كويسة وكانت متجاوبة معايا و...
قاطعه أمير بحدة: أوعي تكذب! أنا واقف من بدري ومتابع الحوار، ودي أول أول واحدة تصدك، لكن ازاي بقي كرامتك نقحت عليك، ولازم توقعها بالعافية مش كده؟ أشاح ماجد بوجهه إلي الجهة الأخرى بينما تابع أمير بصرامة: لأخر مرة يا ماجد بقولك إحترم نفسك وسيب بنات الناس في حالها ماجد بتهكم: وهما دول ولاد ناس، دول ولاد **** ضرب أمير كفا على كف وقال في غضب: ما تخليك أنت إبن ناس ومحترم! ايه صعبة دي؟
تجاهل ماجد حديثه، فقال بضيق: أمير يا أنا يا هي في الشركة دي البت دي لازم تمشي يعني لازم تمشي! رفع أمير أحد حاجبيه قائلاً بجدية: يعني غلطان وبتتشرط كمان! هي شركة أبوك يا ماجد؟ حرك ماجد رأسه نافياً وقال: لأ، بس أنت مترضاش لصاحبك بالإهانة! تنهد أمير بعمق وقال بنفاذ صبر: ده رد فعل طبيعي وعايز الحق؟ عجبني والبت طلعت كويسة وده عز الطلب! ماجد بتصميم: يا أنا يا هي يا أمير..!
حك أمير صدغه بإبهامه، ثم قال بهدوء: يبقي هي يا ماجد!