logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 6 من 18 < 1 11 12 13 14 15 16 17 18 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية حبيبتي الكاذبة
  03-04-2022 05:35 مساءً   [40]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي والأربعون

آمر الرائد سليم، العسكري بأن يأتي بسهيلة، لكنه تفاجئ أنه آتي بمفرده، فسأله سليم بصرامة: أنا قولت إيه يا عسكري؟ فين البنت!
فقال العسكري بتوتر: هي عند حاتم بيه في المكتب
قطب سليم ما بين حاجباه وتابع بحدة: بتعمل ايه عند حاتم؟
تلعثم العسكري وهو يُجيبه: م معرفش يا فندم هو قالي إطلع بره!
هب سليم واقفا وقال وهو يتجه صوب الباب بغضب: تاني حاتم والقذارة تاني! ماشي يا حاتم..

أسرع سليم خطواته وهو يكور قبضة يده بعصبية تامة، وصل إلي مكتب حاتم ليفتح ويدلف وتتسع عينيه بصدمة، فكانت سهيلة مازالت تقاومه..
فهتف سليم بصوتٍ جهوري: حاتم!
إنقض عليه مرة واحدة ليجذبه ويدفعه بقوة ويتراجع حاتم للخلف وهو يلتقط أنفاسه..
فتنهدت الصعداء ونهضت تعدل من هيئتها، بينما قال سليم بغضب جلي: أنت مش هتبطل ال ***** بتاعتك دي؟ هو أنا عشان تغاضيت عن المرة الي فاتت هتكررها تاني يا حاتم!

قال حاتم بضجر: يا سليم آآ...
قاطعه سليم بقتامة: إسمي الرائد سليم! وآقف إنتباه وإنت بتكلمني يا حضرت الظابط!
تأفف حاتم ثم وقف إنتباه كما آمره، ليقول سليم بجمود: أنت موقوف عن العمل لحين تحويلك للتحقيق!
أنهي جملته ثم نظر إلي سهيلة وقال بصرامة مخيفة: تعالي!

خرجت خلفه من المكتب وهي منكمشة على نفسها وتشهق عاليًا بمرارة، ثم فتح سليم باب مكتبه ليدلف وينتصب جالسًا على مقعده، ثم أشار لها بيده وهو يقول بجدية: إقعدي!
جلست وجسدها يرتعش وهي تضم نفسها بذراعيها، بينما تمعن سليم النظر إليها ثم أردف مستفسرا: قوليلي بقي أنتي إيه حكايتك؟!

أخذت تتنفس سريعًا وهي تمسح دموعها براحة يدها، بينما أزاح هو علبة المناديل الورقية في إتجاهها لتنتش منديلًا وتجفف دموعها بإرهاق، فتنهد سليم وراح يسألها مجددًا: جاوبي عليا؟!
إبتلعت ريقها بتوتر، وقالت بخفوت: أن أنا معملتش حاجة، هو الي إعتدي عليا!
مسح سليم على وجهه بكف يده ثم قال بثبات: مش قصدي على حاتم، تقرير الطب الشرعي أثبت إنك لسه عذراء إزاي فهميني؟

إنفجرت باكية مجددا وتعالت شهقاتها فتعجب سليم لحالتها تلك، فقال بتساؤل جادي: أنا عاوز أفهم؟ وعاوز إجابة مش عياط، إخلصي عشان معنديش صبر!
آتاه صوتها خافت جدا: ه هي الي عملت فيا كده!
سليم بنفاذ صبر: مش سامع أي حاجه، على صوتك وبصيلي وأنتي بتكلميني
رفعت سهيلة وجهها إليه، ثم عادت تقول من بين بكاؤها المرير: هي الي عملت فيا كده وشغلتني معاها وأنا حاولت أحافظ على نفسي بس.

سليم بجمود وقد إرتفع أحد حاجبيه: هي مين دي؟!
أجابته بخزي وهي تطرق رأسها للأسفل: أمي!

توقفت سيارة أمير أمام البناية المتواجد فيها منزل سهير، فترجل من السيارة وكذلك فعلت أروى، فأسرعت خطواتها لتصعد الدرج ركضًا وإتبعها أمير..
وصلت إلي الشقة وطرقت الباب عدة طرقات سريعة، لكن دون جدوى والصمت مخيما على المكان، إزدادت قلقًا وهي تقول ببكاء: محدش بيفتح!، والظاهر إن مفيش حد جوه..
تنهد أمير وقال بجدية: يمكن الجيران إشتكوا فعزلوا من هنا لمكان تاني!

حركت أروى رأسها بيأس وهي تتابع مرددة: مش عارفه، مش عارفه بس كانت سهيلة هتقولي على الأقل إنما ليه تلفونها مقفول!
مط أمير شفتيه وتابع مردفًا: مش عارف، خبطي على حد من الجيران وإسأليهم..
أروى بضيق: مفيش جيران هنا كتير غير شقة بس في الدور الأرضي..
قال بنبرة جادة: يبقي تسأليهم، تعالي...!
هبطا الدرج حتى وصلا إلي الطابق الأرضي، فراحت أروى تطرق الباب، ليفتح بعد قليل رجل في عقده الخمسون وسأل بجدية: نعم؟

فقالت أروى بإيجاز: لو سمحت متعرفش حاجة عن الشقة الي فوق والناس الي فيها راحت فين!
مط الرجل شفتيه بإستنكار، ثم تابع بضجر: لا معرفش ويارب ما يرجعوا ده حاجة تقرف أعوذ بالله من دي أشكال، أنهي جملته ليصفع الباب في وجههما لتتسع عينا أروى وكذلك أمير، ثم أغلق عينيه بغضب وأعاد فتحهما قائلًا بتأفف: يلا نمشي..

خرج من البناية وإتبعته أروى ولقد إنسابت العبرات فوق وجنتيها بغزارة وهي تقول من بين شهقاتها: أنا عاوزة أختي سهيلة فين فيييين!
مسح أمير على رأسه بحيره ثم قال بهدوء: ممكن يكون إتقبض عليهم على فكرة!
لطمت أروى على صدرها، ثم هتفت بذعر: إيه! يا حبيبتي يا سهيلة معقولة، دي ممكن يجرالها حاجة!
أمير بتهكم: ولما تشتغل كده مجرلهاش حاجة؟ حد قالها تعمل القرف الي بتعمله ده! وجاية دلوقتي تزعلي عليها أنتي كمان..

قالت أروى بغضب: أنت متعرفش حاجة، متعرفش حاجة خالص، سهيلة إتعذبت عشان تحميني ولا أنا ولا هي لينا ذنب في الارف ده، كله من سهير أمنا هي الي عملت فينا كده، سهيلة غلطت بس حافظت على نفسها سهيلة متستاهلش كده متستاهلش أبدًااا!
عقد أمير ما بين حاجباه وتابع بتساؤل: حافظت على نفسها إزاي؟

فأجابته أروى وهي تجفف دموعها بأنامل يدها: يعني سهيلة لسه بنت زيها زي أي بنت بنوت لسه متجوزتش! وإتعذبت عشان تبقي كده وعشاني..
إندهش أمير حين علم بذلك، لكنه قال بجدية: إركبي..
ثم إستقل السيارة لتصعد بجواره قائلة بتوسل: أنا عاوزة أختي أرجوك ساعدني أنا مش عارفه ياتري هي فين دلوقتي!
أدار أمير محرك السيارة وقال بإيجاز: مفيش قدامنا حل غير إننا نروح نسأل في أقرب قسم للمنطقه دي يمكن إتقبض عليهم فعلا..!

ذهل سليم حين قصت عليه سهيلة حياتها بالكامل، وقالت له أن والدتها هي التي أجبرتها على هذه الحياة الفاسدة، تعجب سليم فأي أم فهذه الدنيا تفعل ذلك في فتياتها!
أنهت سهيلة حديثها وإنفجرت باكية مجددًا، ثم قالت بتوسل: الله يخليك مترجعنيش الزنزانة دي تاني، أرجوك مترجعنيش..

أشفق سليم على حالها، فع على مدار خبرته في مجال عمله أصبح يُفرق بين الصادق والكاذب، ولقد لمس الصدق في حديثها الصريح معه، فأردف بجدية: مش هرجعك الزنزانة، بس إهدي!
أومأت له برأسها، ثم قالت بخفوت: هو، هو أنا كده هتسجن؟
قال هادئًا: هو طبعا موقفك أنتي غير كل البنات الي جت معاكي بس عاوزينهم يشهدوا أن مكنش ليكي علاقة فعلا، زائد إنك مكنتيش في وضع مُخل فتفائلي خير إن شاء الله!

تنهدت سهيلة بإرتياح قليلًا، ثم قالت بتوتر: م ممكن حضرتك تخليني أكلم أختي؟.
صمت سليم لبرهه ثم تابع بجدية: ماشي، بس مينفعش تقوللها إنك هنا، لأن مينفعش تشوفك نهائي حاليا..!
إبتلعت ريقها وقالت بحذر: بس هتسألني أنا فين ولازم أطمنها
زمجر سليم قائلًا بحدة: دي التعليمات ياإما بلاش من المكالمة خالص!
أومأت سهيلة رأسها وقالت بخوف: حاضر..
أعطاها سليم الهاتف الخاص به، وهو يقول بتنهيدة: إتفضلي..

أخذته منه بيد مرتعشه، ثم ضغطت أزراره وهي تزدرد ريقها بتوتر، ومن ثم وضعته على آذنها منتظرة الرد من شقيقتها..
في السيارة تفاجئت أروى بهاتفها يصدر رنين، فعقد أمير حاجباه وسألها: مين؟
فقالت بخفوت: مش عارفه رقم غريب..
أجابت على الإتصال وهي تضع الهاتف على آذنها: ألو مين..
فقالت سهيلة بلهفة: أروى
صاحت أروى بإشتياق: سهيلة، سهيلة حبيبتي إنتي فين؟

قالت سهيلة بصوتها الباكي: أنا كويسة يا حبيبتي متقلقيش عليا، بس حبيت أطمنك عليا مدوريش عليا أنا هبقي أكلمك لما أعرف
سألتها أروى بلهفه: يا سهيلة انتي فين وبتعيطي ليه بالله عليكي طمنيني وقوليلي أنتي فين أنا كنت هروح أسأل في القسم هو أنتي هناك؟

سهيلة بنفي ؛ لا يا أروى متروحيش، متخافيش عليا يا حبيبتي أنا كويسة مش هينفع أقولك أنا فين بس، بس بقولك إطمني لما تتيح ليا الفرصة أكلمك هكلمك على طول بس أنتي خلي بالك من نفسك!
أروى برجاء: قوليلي أنتي فين، الله يخليكي يا سهيلة متسبنيش كده، طب ليه مش عاوزة تقوليلي أنتي فين..
قالت سهيلة بإيجاز: معلش هقولك بعدين عشان خاطري متسألنيش دلوقتي بس أنا كويسة وهرجعلك قريب يا حبيبتي يلا سلام!

تفاجئت أروى أنها أغلقت الخط، فزفرت بضيق وهي تقول بحيرة: ليه مش راضية تقولي مكانها، ليه!
رد عليها أمير بإندهاش: يعني هي مش في القسم؟!
حركت أروى رأسها نافية وقالت بضيق: لأ ومش راضية تقولي مكانها، بس قالتلي إنها كويسة!
أومأ أمير برأسه وقال بجدية: كويس إنك إطمنتي..

في فيلا زياد..
قصت ماهيتاب على شقيقها علاقتها بذاك الشاب، كما أنها إعترفت بحبها له، فقال زياد بعدم إقتناع: الي بتعمليه ده إسمه هبل وقلة أدب، ده مش حب أبدا!
فصاحت ماهيتاب بتمرد: لأ حب ومش كل حاجه هتمانعوا فيها، أنا حرة أنت ملكش كلمة عليا يا زياد ومش عشان مراتك قالتلك هتيجي تشوف نفسك عليا!

أنهت كلامها لتتلقي صفعة قوية على وجهها، ليباغتها زياد بالثانية وهو يقول بغضب عارم: إخرسي، إخرسي يا سافلة يا قليلة الأدب! بتقوليلي أنا الكلام ده!
جذب خصلات شعرها بعنف وهو يقول جازا على أسنانه: ده أنا هدفنك هنا، وربنا لأربيكي يا ماهيتاب!
حاولت دارين تهدئته وهي تقول بخوف: يا زياد مش كده حرام عليك.

إلا أنه دفعها بيده وهو يقول بحدة: إخرسي أنتي يا دارين، ثم قال وعينيه تتوهج نارا: بتقولي ايه بقي يا ست ماهيتاب، مين الي ملوش كلمة عليكي، أقسم بالله لا في جامعة ولا نت ولا موبايل ولا خروج ولا دخول هسجنك هنا في الأوضة يا فاشلة
كادت أن تصيح به مرة أخري ليسكتها بصفعة مدوية وهو يقول صائحا: مسمعش حسك ده خالص، فاهمة ولا لأ؟!

إنفجرت ماهيتاب باكية فدفعها زياد لتهبط على الفراش، ثم فصل الحاسوب عن الكهرباء ونزع منه الأسلاك وأخذ الهاتف أيضا ليخرج من الغرفة وهو يقول بلهجة آمرة: دارين أخرجي من الأوضة..
دارين بإعتراض: لأ هقعد معاها شوية يا زي..
قاطعها بحدة: أنا قولت إيه؟

تنهدت دارين بنفاذ صبر وخرجت خلفه، تاركة ماهيتاب على حالتها البائسة تبكي بإنهيار، فدلفا إلي غرفتهما لتقول دارين بحنق: والله العظيم أنا غلطانة إني قولتلك أصلا! شوف عملت إيه ليه العنف ده حرام ع...
صاح زياد بغضب: هتخرسي ولا لأ يا دارين والله هقلب عليكي أنتي كمان!

صمتت دارين وجلست إلي جواره وراحت تربت على ظهره برفق وهي تقول بهدوء: طيب ممكن تهدي، أرجوك إهدي يا زياد حل الموضوع بالعقل مش بالعنف والضرب كده هي هتعند معاك
زياد بعصبية: خليها تعند وأنا هكسر عضمها!
دارين بجدية: مينفعش كده، لازم تفهم منها ليه عملت كده تواصل إنت مع الواد الي هي بتكلمه ده وخليها تسمع رده عليك يا زياد حل الموضوع متعقدوش أكتر متبقاش همجي!

أنهت جملتها لينظر لها بغضب وهو يقول: همجي! طب نامي يا دارين لحسن وربنا ما هيحصلك كويس
أومأت دارين برأسها وقالت بتفهم: هنام حاضر، آسفة يا زياد مكنش قصدي!
زفر زياد أنفاسه بضيق وهو يُفكر في إيجاد حل، فمنذ متي وماهيتاب بهذه الأخلاق والتطاول، لقد صُدم حين تلقي منها هذا الكلام!

في مركز الشرطة..
جلست سهيلة على الأريكة منكمشة على نفسها والإعياء واضحا عليها، لم يعرف سليم لما شعر بالإشفاق عليها وقد رق قلبه لها، فأنها قصت عليه معاناتها طوال سنوات متتالية، يعلم أنها أخطأت تماما في حق ذاتها حين صمتت عن كل هذا الهراء حين وافقت على فعل الكبائر من أجل والدتها التي ما كان منها إلا أن حطمتها تحطيما!
نهض عن كرسيه وإتجه إليها قائلًا بتساؤل: أنتي كويسة؟

أومأت له برأسها في صمت، بينما تعمق هو النظر في وجهها فكان ملئ بالكدمات أثر صفعات حاتم لها، تنهد بضيق وراح يسألها بثبات: جعانة؟
تفاجئت من سؤاله ذاك، فصمتت وحملقت به، فكرر هو بصلابة: ردي؟!
أومأت له وقد أطرقت رأسها بخجل، فقال هو بجمود: أنا خارج وراجع في إزازة مية هناك إغسلي وشك على ما أجي..
أنهي جملته وخرج مُغلقا الباب خلفه، فتنهدت سهيلة بحزن وهي تتحس وجهها بيديها ثم قالت بخفوت: يارب ساعدني!

بعد مرور نصف ساعة..
عاد سليم ومعه الطعام ثم وضعه أمامها على الأريكة وقال عابسا: كُلي!
إبتلعت ريقها بتوتر بالغ وفتحت الحقيبة البلاستيكية بيدين مرتجفتين، فجلس هو على كرسيه وهو يُتابعها بعينيه ثم قال بهدوء: تعرفي إني عمري ما عملت كده مع أي مسجون أو مسجونة ولو مأمور القسم شافني ممكن أتوقف عن العمل!

حملقت سهيلة به دون أن تتفوه بكلمة واحدة، فتابع هو رافعا أحد حاجبيه: في العادة محدش بيصعب عليا نهائي لان كلهم زبالة، بس أنا مصدقك وأنا نظرتي متخيبش!
ظلت سهيلة صامته وهي تستمع إليه، فقال بإيجاز: كُلي بسرعة عشان عاوز أستدعي الي إسمها سهير دي وأفهم إيه حكايتها هي كمان!

شرعت سهيلة في الطعام فكانت جائعة جدا، ومن حين لآخر كانت تختلس له النظرات فتراه محدقا بها فتتوقف عن الطعام ليأمرها بصرامة أن تستكمل، إلي أن إنتهت وقالت بخفوت وتوتر: آآ الحمدلله، ش شكرا..!
هتف سليم بصوتٍ قوي: يا عسكري..
آتي العسكري مؤديا التحية العسكرية: تمام يا فندم
قال سليم بجدية: هاتلي الي إسمها سهير من الحجز..
أومأ العسكري بطاعة وخرج ليعود بعد قليل جاذبا سهير معه..

إشمئزت سهيلة مُجرد أن رأتها فأصبحت تبغضها بشدة وإزدادت كرها فيها فوق كُرهها!
أشار سليم لها وهو يقول بحدة: إقعدي!
جلست سهير أمامه وهي تبتسم لسهيلة ببرود مستفز، فسأل سليم بجدية: إسمك وسنك!
أجابته بميوعة: سهير عبد الخالق ٥٥ سنة..
قال سليم بغضب: وأنتي بقي شغلتك الدعارة يا *****!
قالت بشراسة: لأ مش شغلتي أنا كنت عاملة حافلة وعزمت فيها كل معارفي.

قهقه سليم وقال ساخرًا: ده على أساس إنك كده هتنفي التهمة عن نفسك! ده أنتوا إتمسكتوا متلبسين وفي أوضاع مُخلة! التهمة لبساكي، لبساكي، الي عايز أعرفه منك دلوقتي، إزاي في أم في الدنيا تشغل بنتها معاها وتعرضها للقرف ده!
صمتت سهير طويلًا، ظلت تطلع إلي سهيلة بنظرات غريبة، حتى قالت بعد موجة من الصمت بهدوء مُريب: دي مش بنتي، لا هي ولا أختها!

إتسعت عيني سهيلة على وسعهما بصدمة جلية، ثم هزت رأسها بعدم تصديق، بينما ذُهل سليم وهو يقول بإستفسار: مش ولادك إزاي؟
قالت سهير بشراسة: واحدة جابتلهمي وهما صغيرين خالص كان عمرها تلات سنين وأختها كان عندها سنة! يبقي ده جزاتي إني ربتهم!

شعرت سهيلة في هذه اللحظة أن العالم يدور بها لقد طغي الذهول على ملامح وجهها يتبعه شراسة نبعت من عينيها ولم تشعر بنفسها إلي وهي تندفع نحوها بحركة مفاجئة لتخدشها في وجهها وكأنها تحولت إلي نمرة شرسة لقد عذبتها، عذبتها عذاب دام لسنوات منذ أن نشأت حتى الآن وهي تعاني بسبب تلك المرآة التي أوهمتهما أنها أمهما!، وبالأخير لم تكن لها صلة قرابة بهما نهائيا..!

أسرع سليم ليجذب سهيلة لكنها صاحت بها بغضب عارم: يعني كل السنين دي كنتي بتضحكي علينا ومعرفانا إنك أمنا، اه يا حقيرة ده أنا هقتلك هقتلك!
سعلت سهير بشدة فلقد أطبقت سهيلة على عنقها بحجم آلام السنين الماضية، فجاهد سليم أن يبعدها حتى أبعدها عنها بصعوبة بالغة، فوقفت سهيلة تلتقط أنفاسها وهي تهز رأسها بهستيرية! ظلت تردد بعصبية: حقيرة، حقيرة.

إبتدي صوتها يختفي رويدا رويدا إلي آن سقطت مغشيا عليها، فتلك صدمة عمرها!


look/images/icons/i1.gif رواية حبيبتي الكاذبة
  03-04-2022 05:35 مساءً   [41]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني والأربعون

أسرع سليم مُنحنيا بجزعه ليحمل سهيلة بين ذراعيه وهو يهتف عاليًا على العسكري، بينما آتي العسكري ليأمره سليم بأخذ سهير كما كانت على الزنزانة..
أخذ سليم يضرب برفقٍ على وجنتي سهيلة حتى أخذ زجاجة المياه ليفتحها ويقوم برش بضعة قطرات فوق وجهها، فبعد عدة دقائق من محاولاته في إفاقتها إبتدت تفتح عينيها ببطئٍ حتى إتضحت الرؤية أمامها حملقت به لثوانِ ولا تزال في حالة ذهولٍ تام!

آتاها صوته الأجش هامسًا: أنتي كويسة؟
إنفجرت باكية بمرارة وتعالت شهقاتها التي كادت أن تشُق صدرها من شدة آلامها!
تعجب سليم ولقد شعر بشكٍ في أمرٍ ما راوده الآن، عقد حاجباه ولقد إنتابته هو الآخر حالة من الذهول، أخذ يرجع بذاكرته لسنوات عديدة والصدمة حلت على ملامح وجهه فهل سهيلة وأروي هما، عند هذه اللحظة توقف عقله ليسألها بإستغراب تام: قولتيلي أختك إسمها إيه..؟

لم تجيبه بل ظلت تشهق ببكاء، فأمسك ذراعيها وهو يجبرها على الجلوس ليقول مُكررا بجدية: أختك إسمها إيه..؟!
أجابته من بين شهقاتها: أروى..
سهيلة وأروي! لا، أيعقل..!
تركها ليخرج من المكتب ذاهبا بأقصى سرعة إلي الزنزانة لتجيبه سهير على أسألته حتى يقطع الشك باليقين!
فُتح باب الزنزانة ليدلف مصوبًا نظره عليها حتى وقف أمامها، فوقفت هي بثبات..
قال سليم وعيناه لم يطرف لهما جفنا: سهيلة وأروي ولاد مين؟

صمتت لعدة لحظات فهدر بها صائحا: إنطقي!
حان الآن وقت الإعتراف فلا يوجد مجال للخفي أكثر من ذلك فإنها أدركت أنها النهاية لا محالة، وبالأخير أردفت بنفس الثبات: ولاد دكتور مشهور في القاهرة إسمه مصطفي كارم!
إتسعت عينيه وهو يزدرد ريقه، لقد تيقن الآن أنهما بنات عمه اللتين أختفتا منذ الصغر وعان الجميع من حينها وبالأخير فقدوا الأمل في إيجادهما ف خيم الحزن عليهم حتى الآن..

ساد صمت قاتلا في المكان لم يصدق سليم أنهما على قيد الحياة وبعد تلك الأعوام المتتالية تظهرا الأختان! فهل هذا حلم أم حقيقة؟!

لم يدري سليم بحاله إلي وهو يصفعها بقوة آلام السنين الماضية! ثم هدر بها بإنفعال: كل السنين دي وهما عندك! إزاي، إزاي قدرتي تخفيهم المدة دي كلها إزاي، إزاي، سينفجر عقله من الصدمة فكان أخر توقعاته أن يرى الفتاتان مجددًا بعد هذا العمر ولكن الآن عليه أن يعرف كيف أخفتهما وكيف تجرأت، فراح يسألها مجددًا بشراسة: إنتي الي خليتي الخدامة تخطفهم من البيت وتهرب؟!

أومأت رأسها وأجابته ببرود قاتل: أيوة أيوة أنا بس أنا ربتهم، ربتهم ودخلتهم مدارس كمان!
قبض على ذراعيها بعنف شديد هاتفًا بعنف أشد: دخلتيهم مدارس إزاي والإسم، إسم سهيلة في التقرير ملهوش علاقة بمصطفي كارم!
ردت بنفس البرود: زورت شهادات ميلاد وغيرت الإسم عشان محدش يعرفهم، وسمتهم على أي إسم.

صاح صافعا إياها مجددا وهو يسبها بعنف، ليجذبها من خصلات شعرها ويدفعها في إتجاه العسكري قائلًا بلهجة آمرة: حطهالي لوحدها في أي داهية ومتغبش عن عينك لحظة فاهم!
أومأ العسكري ولقد نفذ آمره، ليخرج سليم وهو يلهث ويمسح حبات العرق التي نبعت فوق جبهته بغزارة اثر إنفعاله الشديد، إتجه إلي مكتبه ثم دخل وراح يحملق بها، أهذه إبنة عمه سهيلة، سهيلة مصطفي كارم!

إقترب منها ولقد شرد بذهنه عندما كانت صغيرة تبلغ من عمرها ثلاثة أعوام فقط، وكان هو يبلغ عمره ثلاثة عشر عاما، يتذكرها عندما كان يمرح معها ويحملها رغم كونه طفل، نفس العينان العسليتان، ولون بشرتها ناصعة البياض!
ظل يتطلع إليها بصمت ولا تزال علامات الذهول طاغية على وجهه!
حتى مسحت سهيلة دموعها بإستغراب وهي تطالعه بتوتر، فإبتسم هو وقال في ذهول: زعلانة عشان طلعت مش أمك!؟

حركت رأسها لتردف بعصبية: زعلانة إنها دمرتني، زعلانة على العذاب الي شفته! و...
- سهيلة، قالها وكأنه يستشعر كل حرفا، ثم كرر بعدم تصديق: سهيلة وأروي!، معقول أنتوا عايشين بعد عشرين سنة أنتوا عايشين؟!
عقدت سهيلة ما بين حاجباها في إستغراب، فقال سليم بهدوء: سهير خطفتكم من أهلكم من عشرين سنة!، أنتي إسمك سهيلة مصطفي كارم!، ثم صمت ليستكمل: وأنا إسمي سليم محمد كارم!..

حدقت به ولم تفهم ماذا يقصد أو بالأحرى لم تستوعب، ما الذي يتفوه به ذاك؟!؟

إستأنف هو بتوضيح: زمان لما كنت صغير كنا عايشين كلنا في بيت كبير أنا وأبويا وأمي وعمي ومرات عمي وبنات عمي سهيلة وأروي، كانت مرات عمي بتشتغل وبتسيب سهيلة وأروي مع الدادة، وفجأة في يوم رجعت ملقتش الدادة ولا سهيلة وأروي، فضلت تدور وإحنا كمان ندور ملكمش أثر، الكل إتصدم مخلناش قسم بوليس إلا ودورنا فيه، ولا أي مكان قلبنا القاهرة حتة حتة وبرضو مفيش فايدة حتى عمي نزل إعلان في الجرنال إن الي هيلاقيكم ليه مكافأة كبيرة ولكن لا حياة لمن تنادي! وعدت شهور وسنين فقدنا الأمل وبعد عشر سنين من غياب سهيلة وأروي ماتت أمهم بحسرتها عليهم والاب عاش حزين العمر كله، على فراق بناته ومراته! وأنا حزنت وأبويا وأمي والبيت بقي كأنه مهجور وفقدنا الأمل في إننا نلاقيكم تاني!

لم يظهر أي تعبير على وجه سهيلة، فلم تستوعب من الأساس ما قاله! هل لهما أهل، أب و أم! وعاشتا محرومتانِ طوال عمرهما!
كرر سليم بتفهم لحالتها: طبعا مش قادرة تستوعبي أنا زيك وأكتر، بس دي الحقيقة أنتي بنت عمي، بنت مصطفي كارم أكبر دكتور في القاهرة..

في فيلا الأمير..
ما أن وصلا حتى تجاهلها أمير كعادته الأخيرة معها، مما سبب لها يأس وفقدان أمل في أنه سيسامحها يومًا ما، صعدت إلى غرفتها وإرتمت باكية على الفراش، فدلفت خلفها نجاة وهي تسألها بقلق: مالك يا حبيبتي، إطمنتي على أختك ولا لاء؟!
قالت أروى من بين شهقاتها: مش عارفة ه هي فين، قالتلي أنا كويسة بس مرضيتش تقولي مكانها!
فردت نجاة بإستغراب: طب وليه معرفتكيش مكانها، غريبة أوي!

ظلت أروى تبكي مرارًا حتى قالت نجاة بمواساة: معلش يا حبيبتي أكيد هترجع تتصل بيكي تاني وتعرفك مكانها، بس إنتي إهدي!
إعتدلت أروى وراحت تمسح العبرات عن وجنتيها ثم قالت بمرارة: هي ليه الدنيا بتعمل فينا كده، أنا تعبت
تنهدت نجاة قائلة: ربنا كبير وبكرة الحياة تبقي حلوة بس إحنا نقول يارب وبلاش يأس.

أسندت أروى رأسها على ظهر الفراش لتقول بيأس: لا أنا عارفة فين أختي ولا أمير هيسامحني، وأنا خلاص مش قادرة أتحمل نظراته القاسية ليا مش قادرة أتحمل إني إقعد معاه في مكان واحد وهو مش طايقني أنا تعبت، تعبت..

أخذتها نجاة في أحضانها وربتت على ظهرها برفق فإستكملت أروى ببكاء: والله أنا كمان إنجرحت زيه، إتجرحت لأني جرحته، أنا مخترتش حياتي، حياتي هي الي إتفرضت عليا، ويوم ما قابلته خوفت ومن خوفي كذبت، كذبت كتير أوي
ظلت نجاة تربت على ظهرها بحنان ولقد تأثرت بكلامها ذاك، فقالت بخفوت: هيسامحك، هيسامحك يابنتي قولي يارب...

ظلت سهيلة صامتة من أثر الصدمة، فقال سليم بهدوء: إتكلمي قولي أي حاجه!
آتاه صوتها خافت جدا بذهول تام: ي يعني أحنا لينا أب و، وعايش على وش الدنيا!
أومأ سليم برأسه قائلًا بتأكيد: أيوة عايش في القاهرة بس والدتكم هي الي ماتت من عشر سنين...
قالت سهيلة والدموع تنهمر من عينيها: أمنا! أنا مش قادرة أصدق إني ليا أم غير سهير وكمان ليا أب، أنا حاسه إني بحلم.

إبتسم سليم وقال هادئا: هي حاجة ميصدقهاش العقل إنما دي الحقيقة وبعد إعتراف سهير أكدتلي الي كنت شاكك فيه، أنا مصدوم زي زيك بس في نفس الوقت فرحان إنكم هترجعوا لعمي تاني، عمي تعب كتير في حياته، سبحان الله! ودلوقتي ربنا هيعوض صبره خير..
-بابا، قالتها سهيلة بخفوت لتستشعر معناها، هل لي أب!

قال سليم وهو ينهض: أنا مش هبلغه دلوقتي إلا لما أخرجك من هنا، وبعدين هاخدك عشان تشوفي أمي أنا، هو طبعا إحنا كلنا ساكنين في القاهرة بس أنا ٱتنقلت مؤخرا من شغلي على إسكندرية هنا وماما بتصمم تيجي تقعد معايا وبعدين تسافر القاهرة وهكذا!.
أومأت سهيلة برأسها محاولة إستيعاب ما يقوله، فأردف هو بإبتسامة: شوية وراجعلك!

ثم خرج تاركا إياها تحملق في الفراغ وهي تتمتم بخفوت: يعني سهير كانت خطفانه وإحنا لينا أب وأم!

في شركة سامي.
-خلاص نزلتله الإعتذار!
أردفت هدي السكرتيرة بتلك الكلمات..
ليومئ سامي رأسه بعصبية، وهو يهتف بحنق: أيوة إتزفت أما نشوف أخرتها إيه!
قالت هدي ببرود: وإفرض مرضيش يديلك الصور بعد كده؟!
صاح سامي بإنفعال: ده أنا أجيب خبره و...
قاطعه رنين هاتفه ليلتقطه ويجيب بحدة: خير؟!
فآتاه صوت أمجد وهو يقول بجدية: إزيك يا سامي!
سامي بهدوء: الحمدلله إيه أخبار الصفقه..؟

أجابه أمجد بتنهيدة: والله محتاج تمويل يا سامي الفلوس الي إدتهاني مش كفاية!
فرد عليه بعصبية: أنا حطيت فلوسي كلها في الصفقة دي!
أمجد ببرود: وأنا بقولك محتاج تمويل تاني، إعمل أي حاجه، خد قرض بضمان شركتك!
صمت سامي قليلًا ثم تابع بضجر: ماشي، هاخد القرض بس لو حصل وخسرت الصفقه دي عليا وعلي أعدائي ما هرحم حد يا أمجد!
أمجد بجدية: أعتبر ده تهديد؟!
صاح سامي: إعتبره زي ما تعتبره أنا مش بسيب حقي، سلام..

أغلق الخط وهو يزفر بضيق، فقالت هدي بثبات: أنا عاوزة أقولك على حاجة مهمة يا سامي!
نظر لها متساءلا بعينيه، فصمتت هي لبرهه قبل أن تردف بحدة: أنا حامل!
إتسعت عينيه وهب واقفًا قائلًا بصرامة: نعم ياختي؟! حامل من مين أنتي كمان!
صاحت هدي: منك أنت طبعا أنت إتجننت ولا إيه؟!
لوي سامي فمه بتهكم ثم تابع بغضب عارم: روحي إرمي بلاكي على حد غيري يا حبيبتي! شوفي الزبالة الي تعرفيهم غيري.

صرت هدي على أسنانها وراحت تنهره بشدة: محدش لمسني غيرك وأنت عارف كده كويس يا سامي والي في بطني ده منك أنت فاهم منك أنت!
جلس سامي على مقعده مرة ثانية ولقد اشعل أحد سجائره ثم أخذ نفسا عميقا ليزفره بشراسة، ثم قال بهدوء مخيف: أنا ملمستكيش وإثبتي إني لمستك وإن الي في بطنك مني!
لتقول هدي وقد ترقرقت العبرات في عينيها: يعني إيه الكلام ده، هتتخلي عني؟!

نفث دخان السيجارة من فمه ببرود قاتل، ثم قال بلا مبالاه: حطي عقلك في راسك يا روحي هتنزلي الجنين هنفضل مع بعض زي العسل، هتنشفي دماغك وتقوليلي إبنك والكلام الفارغ ده ولا أعرفك ومش بعيد كمان أتاويكي ولا حد يعرف عنك أي شئ! وأنتي عارفاني لما بقلب!
عقدت هدي حاجباها وهتفت بآسي: ياااه للدرجة دي إنت عديم الإنسانية يا سامي!
إبتسم ساخرًا وهو يحك صدغه بإبهامه غير مباليا بما تقوله!

لتقول هي بشراسة أنثي: ماشي يا سامي وربي وما أعبد لأوريك! أنهت كلامها وإتجهت خارج المكتب ركضا وهي في أشد حالات الإنهيار، ليضحك سامي عاليًا وهو ينفث دخان سيجارته كأنه يتسلي ليس أكثر!..

في اليوم التالي..
في شركة الأمير..
جلس زياد قبالته بعد أن آتي لزيارته، بينما كان أمير يقرأ الجريدة وهو يبتسم بإنتصار وهو يري الإعتذار الذي أنزله سامي له رغما عنه، ولم ينتبه لزياد الذي كان يشرد بذهنه وكأنه في عالم آخر..
فهتف بإستغراب: مالك يا زياد..؟
إنتبه زياد له وقال بشرود: ها..
قطب أمير ما بين حاجباه وتابع: ها إيه! بقولك مالك..؟

قال زياد وهو يفرك مقدمة رأسه بحيرة: ماهيتاب يا أمير، مش عارف أعمل معاها إيه دي بقت واحدة تانية بترد عليا وعاملة راسها براسي!
سأل أمير بجدية: وإيه الي وصلها لكدة..؟
قص زياد عليه ما حدث بالتفاصيل، فقال أمير متنهدا: ٱنسي الي فات وإبدأ معاها صفحة جديدة إملي وقت فراغها عشان متلجأش للحاجات دي تاني!

أردف زياد بحيرة: يعني أعمل إيه يا أمير اسيب شغلي وإقعد أرغي معاها، ماهي معاها دارين وكمان كل شئ متوفرلها يعني مش ناقصها حاجة نهائيا..!
قال أمير بإيجاز: طيب أنا محتاج سكرتيرة، إيه رأيك تنزل تشتغل ومنها تنسي أي حاجه في دماغها وبرضو هتكون تحت عيني!
زياد بحماس: فكرة حلوة، خلاص لما أروح هقولها وربنا يسهل..
أومأ أمير برأسه وقال بجدية: تمام!
نهض زياد قائلا بإيجاز: أنا ماشي بقي عشان عندي إجتماع مهم، يلا سلام.

ليخرج من المكتب وبعد قليل يدلف طارق قائلًا بهدوء: في واحدة بره عاوزة تقابل حضرتك..
أمير بتساؤل: مين دي؟
طارق بجدية: هدي سكرتيرة سامي!
رفع أمير حاجبيه بدهشة: سكرتيرة سامي ياتري عاوزة إيه دي!، خليها تدخل..
خرج طارق سامحا لها بالدخول، فدخلت بخطوات مترددة حتى وقفت قبالة مكتبه، فقال أمير متسائلا بحدة: خير؟
هدي بتردد: في حاجات كتير لازم تعرفها! ع عن أروى مراتك!

أشار لها بأن تجلس على المقعد المقابل، وبلهجة جادة قال: سامعك؟!
قالت هي بثبات بعد أن أطلقت تنهيدة حارة:
- أنا عارفة إن حياتك باظت أنا كنت متابعة في صمت، عارفة إنك إكتشفت إن أروى مراتك خدعتك لكن مش دي الحقيقة، الحقيقة إني كنت سبب من الدمار الي حصل لأروي يوم لما سمعت كلام سامي!، صمتت لبرهه ثم تابعت بتوضيح:.

- في يوم من الأيام أروى جات تشتغل عندنا في الشركة، زيها زي أي موظفة وفجأة سامي إتفق معايا أخلع الخاتم الدهب بتاعي وأشغِلها وأحطه في شنطتها ساعتها سمعت كلامه وفعلا حطيته وبعد كده بلغنا البوليس وأروي دخلت القسم متهمة في سرقة الخاتم، ولما سألت سامي ليه عملت كده، قالي إنه حاول يلمسها لما كان بيروح عندهم في الشقة لكن هي ضربته بالقلم وهو حب ينتقم منها!

صر أمير على أسنانه بشدة غاضبا وهو يستمع إلي حديثها، فاستكملت هدي وقد إنسابت دموعها ندما: ساعتها مكنش عندي أي إحساس بيها، وسمعت كلامه وطاوعته، بعدين هو قالي أنه ساومها عشان يطلعها من السجن يإما تشتغل عندك وتسرق الملف يإما هيخليها في السجن وينهي حياتها، وعشان يضمن حقه كتب عليها الشيك الي ادهولك ده وصور اختها كمان عشان تسكت وكان ديما يقولي إن محدش لمسها أبدا وإنها حبتك لما إشتغلت عندك بس هو كان عاوز ينتقم منك ومنها بأي طريقة!

صاح بها أمير ما أن أنهت كلامها وقد هب واقفا بغضب عارم: وجاية بعد كل ده تقوليلي الحقيقة، جاية بعد الدمار الي حصلنا من تحت راسكم دلوقتي تقوليلي، أنتوا ايه، اييييه شيطاين!
قالت هي بدموع نادمة: هو كان عامي عنيا بفلوسه بس هو كمان غدر بيا وضحك عليا وأنا لازم أنتقم منه، أنا آذيت أروى وربنا إنتقم مني!
صاح بها مجددًا بإنفعال: إطلعي برة براااااا براااا.

خرجت من مكتبه ولقد إزداد بكاؤها، ليرتمي أمير على المقعد ضائعًا فأغلق عينيه بشدة ثم نهض عن مقعده تاركا الشركة بأكملها..!

دلف سليم إلي مكتبه وبيده حقيبه بلاستيكية بها ملابس، فمد يده في إتجاه سهيلة وهو يقول بنبرة جادة: دي هدوم إشترتها إن شاء الله تطلع مقاسك إلبسيها عشان هنخرج النهاردة..
فقالت سهيلة بإرتياح: يعني خلاص مفيش سجن وهمشي
إبتسم وقال رافعا أحد حاجبيه بثقه: تبقي بنت عم الرائد سليم كارم وتتسجني دي حتى تبقي عيبة في حقي!
إبتسمت سهيلة بخجل، ثم قالت بخفوت: طيب والمحضر؟

أجابها بإيجاز: أنا شيلت إسمك من المحضر وكأنك مكنتيش معاهم أصلا كأن شيئا لم يكن!
تنهدت سهيلة بإرتياح شديد وهي تتفقد الحقيبه والملابس التي بداخلها، فأردف سليم وهو يتجه صوب الباب: أنا مستنيكي برة يا بنت عمي!
خرج مغلقا الباب خلفه، لتبتسم سهيلة غير مصدقة إلي الآن الذي يحدث من حولها، إبن عمي، وأبي!
أردفت بخفوت: أنا حاسة إني هتجنن خلاص، معقولة!

عاد أمير إلي الفيلا وهو في صراع مع قلبه وعقله، دلف باحثا عنها بعينيه في الردهة لكنها لم تكن متواجدة، فصعد درجات السلم داخلا إلي الغرفة التي إستقرت بها في الأيام الأخيرة أيضا لم يجدها، دلف إلي غرفته لعله يجدها ولكن دون جدوى، خرج ليتوجه إلي غرفة عمته ليدلف بعد أن طرق الباب وقال بثبات: فين أروى؟

كانت الصدمة له حين أخبرته بهدوء حزين: أروى مشت يا أمير، مشيت وسابت البيت بعد ما يأست وفقدت الأمل في إنك تسامحها!
إبتلع ريقه بمرارة وإحساس الضياع سيطر عليه، ليقول بخفوت: مشيت!، إزاي تسمحلها تمشي! ٱزاي!

ردت عليه بثبات: حاولت أمنعها معرفتش، قالتلي بلغيه إني بحبه وهفضل أحبه بس مقدرش أتحمل قسوته اكتر من كده، بصراحة البنت تعبت، كل يوم وهي بتطلب عفوك ومسامحتك وأنت قسيت أوي عليها يابني كان من حقها تعمل كده بعد ما شككت إن الي في بطنها مش إبنك كمان..

ظل صامتا وصدره يعلو ويهبط بألم، والحزن خيم على ملامح وجهه، لم يريد يوما الفراق حتى وإن كان غاضبا لا يسامح لكن النظرة لها كانت تهون الكثير وها قد رحلت، رحلت حبيبته التي أسماها هو في مخيلته حبيبتي الكاذبة، فرغم كذبها مازالت تمتلك قلبه وتتربع على عرشه!

بعد موجة من الصمت، فتحت نجاة أحد الأدراج وأخرجت منها ورقة مطوية ثم مدت يدها له وقالت بجدية: أروى سابتلك الرسالة دي وبتتمني إنك تقراها، ثم تركته وخرجت، ليجلس هو على طرف الفراش ويفتح الورقه بتلهف، ثم أخذت عينيه تنظر إلي كلامها التي خطت أناملها كتابته، إزدرد ريقه وهو يتلقي أول جملة كتبتها
أميري، حبيبي.

أقسملك إني عمري ما حبيت غيرك، عمر قلبي ما كان لغيرك أول همسة ولمسه كانت منك إنت، إنت الي طلعتني فوق لسابع سما وحسستني إني عايشة وإني إنسانة لي كيان ومشاعر وأحاسيس، كان نفسي لو الظروف تبقي أحسن من كده وأقابلك في وقت وزمان غير، بتمني لو كان عندي أهل تشرف وأنت تيجي وتطلبني زي، زي أي بنت في سني، لكن، لكن للأسف إتولدت في بيئة فاسدة فضلت أعاني وأعاني لحد ما لقيتك وكنت إنت طوق النجاة الي ربنا بعتهولي كنت الأمان والسند، فتتخيل إني كان ممكن أسيب طوق النجاة ده وأغرق من جديد؟ أو أعرفك حقيقتي فتسيب إيدي وأقع على جذور رقبتي؟، أنا أقسمت ساعتها إني مش هتخلي عنك، أقسمت إني همسك فيك بإيدي وسناني كنت عارفة إني بخدعك بس خوفت وكذبت، والنتيجة هي إني إدمرت ودمرتك معايا، سامحني ما أنا مكانش معايا حد يوجهني للصح والغلط فإتصرفت بعقلي المسكين، لحد ما وجعتك وإتوجعت عليك، بس إنت متعرفش أنا شوفت إيه في حياتي أنا وأختي، متعرفش إني كنت بشوف أمي في أحضان الرجالة وكل ليلة راجل مختلف عن الراجل الي قبله، كنت بسمع كلام صعب على أي طفلة إنها تسمعه وأشوف قذارة محدش يقدر يستحمل يعيش فيها، ولما كبرت بقيت أشتغل واتمرمط عشان أكل بالحلال وماكلش من الأكل بتاع سهير وياما قولت لسهيلة تعالي نهرب بس هي كانت خايفة نروح منرجعش ونتاوا ولا حد يعرف عننا حاجة وفعلا كان معاها حق ما احنا ملناش ضهر ولا سند بس حاولنا بكل جهدنا نحافظ على نفسنا وممشناش ورا التيار وخلاص، وعلي فكرة يوم ما قولتلك مليش أهل ما كنتش بكذب عليك لأن فعلا عمر ما حسيت أن سهير أمي ياما ضربتني ببشاعة عشان تخليني أشتغل معاها بالعافية بس كان ربنا مديني إرادة جامدة وعمري ما سمعت كلامها، أقسملك إني شريفة ما حد لمسني، أنا بحبك ومش زعلانة منك أنا زعلانة عليك وإخترت أمشي يمكن ترتاح وأنا كمان لأن نظراتك بتقتلني كل في اليوم ميت مرة سامحني، أنا غلطت بس كان غصب عني ودلوقتي أنا هحترم قرارك أيا كان، لو سامحتني هكون أسعد إنسانة في الدنيا ولو كان قرارك الإنفصال فأنا هخرج من حياتك للابد، أنا سبتلك الشبكة الالماظ عشان أنا مش عاوزة لا فلوس ولا ألماظ بس معلش أخدت الدبلة بس عشان هعيش على ذكراك وكل ما توحشني أحضن دبلتك الي لبستهالي بإيدك أيام ما كنت بتحبني.

لأول مرة يشعر أن العبرات ستنهمر من عينيه بغزارة لقد تأثر بكل حرفا كتبته له، شعر بوخزات تنغز قلبه المجروح، لا، لا ترحلي وتتركيني..
نهض مسرعا خارج الغرفة هابطا الدرج ليهتف بإختناق: عمتي، أروى راحت فين؟
حركت نجاة رأسها بالنفي وقالت بجدية: معرفش يابني
صاح أمير: يا عمتي قوليلي هي فين أنا مش مستحمل أرجوكي عرفيني مكانها..!

تعجبت نجاة لحالته فلم تتوقع أن تأثير رحيلها سيكون هكذا عليه، رق قلبها لحالته فقالت بتردد: طب عاوز تعرف مكانها ليه مش انت قولتلها بكرهك ليه دلوقتي عاوز تعرف مكانها!
قال بإصرار: فين أروى يا عمتي!
تنهدت نجاة بنفاذ صبر وأردفت: في البيت عندي، هي كانت ماشية بس أنا منعتها، وودتها البيت عندي..
إندفع هو خارج المنزل ليستقل سيارته وإنطلق بأعلي سرعة!..


look/images/icons/i1.gif رواية حبيبتي الكاذبة
  03-04-2022 05:36 مساءً   [42]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حبيبتي الكاذبة للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث والأربعون

صف سيارته أمام منزل عمته، وراح يترجل من السيارة وقلبه يخفق بعنف، دلف من مدخل البناية وصعد الدرج بتلهف، إلى أن وصل أمام الشقه ولم يتردد لحظه فطرق الباب بخفة..
صدره يعلو ويهبط أثر صراع الأيام الماضية..
بينما هي أسرعت نحو الباب تخشي أن لا يكون هو ومازال لا يسامح ولا يغفر!

إزدردت ريقها بصعوبة بالغة وفتحت الباب لتصطدم عيناها بعينيه المشتاقتين، خفق قلبها وإزدادت سرعاته ليسود صمت متوتر بينهما لا يجرؤ إحداهما على شقه! فقط لغة العيون تتحدث، عتاب ولهفه وإشتياق!
وأخيرًا تجرأت ونطقت إسمه الذي إشتاق هو لسماعه من بين شفتيها: ، آآ، أمير
في أقل من ثانية كانت بين أحضانه معتصرا إياها بين ذراعيه ليدفن وجه في عنقها مستنشقًا رائحتها بعمق مُغلقًا عينيه بإستمتاع..

لم تصدق هي أنها بين ذراعيه بالفعل، هل سامحها!؟.
إنفجرت باكية وهي تتشبث به بشدة تخشي إبتعاده مرة ثانية، تعالت شهقاتها بمرارة وهي تهتف بلا وعيٍ منها: أن أنا أسفه، أنا أسفه!
فما كان منه إلا أن تقدم بها للأمام خطوة حتى يتمكن من غلق الباب بقدمه، وعاد ليضمها ٱلي صدره رابتًا على ظهرها برفق..
لقد إشتاقت إلى لمسته الحانية ونظرته العاشقة فهل عُدت لي يا أميري من جديد، هل مازلت تحبني هل انت بالفعل تعانقني!

ليأتيها صوته متأوها بخفوت: اه يا أروى وحشتيني، وحشتيني اوي..
ثم أبعدها عنه برفق وأخذ يمسح دموعها بتنهيدة حارة، فرفعت هي يديها تقبض على كفيه وهي تقول مُتسائلة من بين بكاؤها: س سامحتني؟
تطلع إلى عينيها ليقول بإبتسامة حانية عاشقة: مسامحك، مسامحك يا أروى، مسامحك من قلبي..
ألقت بنفسها في أحضانه مرة ثانية معانقة إياه بقوة ثم تفوهت بخفوت: م مش مصدقه، آآ أنت سامحتني و، ورجعت تحبني ومش بتكرهني!؟

قال هامسًا: عمري ما كرهتك رغم كل الي حصل، مكانتك في قلبي زي ما هي!
رفعت حاجبيها بدهشة وتراجعت للخلف قليلًا لتسلط عينيها على عينيه وهي تقول بحزن: بس، بس أنت قولتلي إنك بتكره...
وضع سبابته على شفتيها مانعا إياها من الحديث، ليقول بجدية: كنت بقول أي كلام عشان كنت مجروح منك يا أروى مكنتش عارف أنا بعمل ايه ولا عاوز إيه، كنت ضايع!

أنا آسفة!، قالتها بصدق وندم نابع من قلبها الحزين، فإبتسم هو وإحتضن وجهها بين كفيه ليمسح بإبهامة تلك الدموع الحارقة..
ثم قال بتنهيدة مؤلمة: أنا كمان قسيت عليكي بس كان غصب عني، لو كنتي قولتيلي كنت هقف جنبك وبرضو هحبك! بس خلاص أنا مسامحك وهننسي الي فات يا، يا حبيبتي!
إبتسمت بإتساع لسماعها هذه الكلمة الغالية على قلبها، حمدت ربها مرارا بداخلها على هذه النعمة التي كادت أن تضيعها من بين يديها..

عانقته مرة ثانية بحنان بالغ والفرحة تغمر قلبها، إستنشقت رائحته الرجولية وهي تمرمغ رأسها في كتفه لتتفاجئ به يحملها وتشتدد ذراعيه عليها هاتفًا بإشتياق: وحشتييييييني
أبعدت هي رأسها عن كتفه وراحت تسند جبينها على جبينه قائلة بمشاكسة: مش أكتر مني ده أنا كنت هموت عليك يا أميري..
غمز لها بحب ولينتهي وقت الكلمات ليأخذها في عشقه الخاص، عشق الأمير فقط..

إستقلت سهيلة سيارة سليم الذي جلس إلى جوارها وقاد السيارة منطلقا بها..
فقال بمرح وهو يُطالعها بإعجاب: الحمدلله الهدوم طلعت مظبوطة عليكي..
أومأت رأسها بخجل وهي تقول بإمتنان: شكرا جدا على مساعدتك!
رفع أحد حاجبيه قائلًا بعتاب: مفيش شكر بينا أكيد أنا نفسي أساعدك أكتر من كده، أنا لحد دلوقتي مش مصدق الي حصل بقي أنتي سهيلة! وقاعدة جنبي كده عادي!

ضحكت سهيلة بخفوت: أنا أصلا مش قادرة أستوعب لحد الآن لدرجة حاسة إن حد هيصحيني وافوق من الي أنا فيه ده!
رد عليها متنهدا وهو يتابع الطريق: فعلا ربنا قادر على كل شئ الحمدلله، تعرفي أول ما شوفتك حسيت بحاجة غريبة معرفتش ايه هي لأنك شبه والدتك جدا فقولت دي شبه مرات عمي الله يرحمها بس بصراحه مجاش في بالي إطلاقا إنك بنتها سبحاااااان الله!
إبتسمت سهيلة بحزن: الله يرحمها.

قال سليم متساءلا بدهشة: هي أختك فين صحيح؟
أجابته سهيلة بهدوء: أروى إتجوزت رجل أعمال من إسكندرية هنا!
أومأ برأسه وقال بتعجب: ياه هي كبرت كده كانت صغيرة جدا ساعتها ولسه بترضع كمان، اكيد هتتصدم زيك لما تعرف
سهيلة بتأكيد: أكيد ومش هتستوعب زي ما أنا مش مستوعبة
ضحك قائلًا: ولا أنا!

في منزل السيدة نعمة..
جلست السيدة كوثر على طرف فراش نعمة بعد أن آتت لتطمئن عليها حينما علمت من إبنتها أنها مريضة وملازمة للفراش..
قالت نعمة بخجل واضح في نبرة صوتها: والله ما عارفة أودي وشي منك فين يا أم ماجد، كتر خيرك يا حبيبتي على زيارتك ليا!
إبتسمت الأخيرة بتفهم ثم أردفت بعتاب: عيب يا أم خالد إحنا جيران وعشرة عمر والنبي وصي على سابع جار!

ردت نعمة: بس أنا معملتش كده أنا بعت العشرة الي بينا، سامحيني ياختي معرفش عقلي كان فين ساعتها
أردفت كوثر بجدية: مجراش حاجة يا أم خالد، ياما بيحصل والنفوس ترجع تهدي تاني، ربنا يهدينا جميعا
نعمة بتأمين: اللهم امين، ثم أكملت بتنهيدة: صحيح الصديق وقت الضيق وأنتي ونعم الصديقة يا كوثر ربنا يباركلك أنتي وبنتك مسبتونيش في محنتي
هزت كوثر رأسها وقالت: ربنا يشفيكي يا أم خالد.

ساد الصمت قليلًا، ثم أردفت نعمة بتساؤل: وماجد عامل إيه هو ومراته؟!
أجابتها كوثر بإمتعاض: أهم كل يوم خناق ليل ونهار لما بقيت مش قادرة أستحمل دول كأنهم أعداء وسبحان الله كان هيموت ويتجوزها دلوقتي لا هو طايقها ولا هي طيقاه!
نعمة بهدوء: ربنا يهدي سرهم..
كوثر وهي تومئ برأسها: يارب.

وصلا سليم وسهيلة إلى الشقة التي إستأجرها مؤخرًا حينما إنتقل من عمله إلى الأسكندرية..
دلف من مدخل البناية وإتبعته سهيلة بخطوات متمهلة مرتجفة ف لا تزال مصدومة لم تستوعب!
صعدا إلى أن وصلا أمام الشقة ليفتح سليم الباب بالمفتاح ويدلف قائلًا بهدوء: إدخلي..
إبتلعت سهيلة ريقها ودلفت بحذر، وما أن أغلق سليم الباب هتف مناديا على والدته: ماما، يا أم سليم أنتي فين؟!

آتاه صوتها الحنون من الداخل: أنا هنا يا حبيبي في المطبخ جاية أهو
أردف سليم بمزاح وهو ينظر إلى سهيلة: بسرعة عشان معايا ضيوف، ثم أخفض صوته ومال قليلًا على سهيلة ليتابع: النهاردة اليوم العالمي للصدمة، أنهي جملته ليضحك بمرح
لتأتي بعد ذلك والدته من المطبخ قائلة بإبتسامة: ضيوف مي...

تفاجئت بسهيلة وحملقت بها بصدمة، وكذلك سهيلة التي فغرت شفتيها بذهول وهي تطلع إليها، أنها هي، هي المرأة التي إلتقت معها على شاطئ البحر ذات مرة! هل هذه زوجة عمها؟! يا لها من صدفة!
أخيرًا نطقت نبيلة وقد إرتفعا حاجبيها بدهشة وهي تتفوه بخفوت: أنتي!
بينما قال سليم بإستغراب: إيه ده أنتي تعرفيها يا ماما؟

هزت نبيلة رأسها بإيجاب: أيوة أنا شوفتها قبل كده على البحر لما قولتلك أنا نازلة أتمشي وهي ساعتها كانت بتعيط وشكلها كان حزين أوي!
رفع سليم حاجبيه بدهشة وتابع: سبحان الله إيه الصدفة دي، ثم تابع بإبتسامة: إنتي عارفة دي مين؟
حركت نبيلة رأسها ببلاهة، ليردف سليم بثبات: إحم، دي سهيلة بنت عمي!

لم يظهر أي تعبير على وجه نبيلة التي نظرت إلى سهيلة المبتسمة لتعاود النظر إلى سليم وهي تسأله بتعجب: سهيلة مين وعمك مين؟!
ضحك سليم عاليًا ثم أردف من بين ضحكاته: إيه يا ماما الصدمة أثرت على الذاكرة ولا إيه، عمي مصطفي هو أنا عندي كام عم! دي سهيلة وأختها أروى إلى إتخطفوا من زمان من وهما لسه صغيرين!

شهقت نبيلة بصدمة وإنفرجت شفتيها بذهولٍ تام بينما إتسعت عينيها على وسعهما وتطلعت إلى سهيلة بتركيز مُتأملة ملامحها الهادئة التي تُشبه ملامح أمها الراحلة إلى حد كبير، ولكن كيف، كيف! لا لا يعقل أبدا!
آفاقت من شرودها على صوت سليم وهو يقول بتوضيح: أنا كمان إتصدمت زيك يا ماما بس أنا إتأكدت إن هي سهيلة
قالت نبيلة بإرتجافة: آآ، أيوة، بس، بس إزاي..

صمتت قليلًا لتندفع نحوها بحركةٍ واحدة معناقة إياها بقوة وهي تهتف بحنان: يا حبيبتي يابنتي معقولة أنتوا عايشين، أنتوا عايشين على وش الدنيا!
أبعدها عنها برفق وهي تتأملها مرة ثانية بدقة وتهتف بإبتسامة: إزاي، إزاي مأخدتش بالي أول مرة شوفتك فيها وأنتي شبه أمك كده، يا سبحانك يارب، أنتي سهيلة بشحمك ولحمك، يا حبيبتي يابنتي.

ضحك سليم على كلمات والدته العفوية، ليقول مازحًا: طب خليها تقعد وتاخد نفسها يا ماما الأول..!
سحبتها نبيلة معها إلى الصالون، لتقول بتساؤل: إنت لقيتها إزاي يا سليم
سليم متنهدا بمرح: أتغدي الأول وبعدين أعترف يا باشا!
ضحكت سهيلة بخفوت وهي تطرق رأسها للإسفل بينما إحساس الدفئ والأمان يتسرب إلى قلبها المجروح المُنهك ليجعله يطمئن قليلًا بأن القادم أجمل!

وقفت في المطبخ تدندن بسعادةٍ لا توصف وهي تتنقل في أنحاءه بخفة الفهد تطهي طعاما له مخصوص، بينما الإبتسامة ترتسم على شفتيها دون وعيٍ منها كلما تذكرته وهو يحملها ويهبط بها الدرج قائلًا بهمسٍ أذابها: يلا على بيتنا يا رورو..
ضحكت بخجل وأكملت ما تفعله بحب لتتفاجئ بنجاة تهتف بمراوغة: سيدي يا سيدي محدش قدك يا رورو، ربنا يسعدك ويهديلكم الحال يا حبيبتي.

إبتسمت أروى: يارب يا عمتو أنا فرحانة أوي أوي ومش مصدقة نفسي خالص، وحاسة إني بحلم!
ربتت نجاة على كتفها ثم قالت بهدوء: لا دي حقيقة والحمدلله أمير رجع لطبيعته دورك بقي إنك تحافظي على علاقتكم دي وتكوني إتعلمتي من الخطأ وتبقي شاطرة لو متكررش تاني
حركت أروى رأسها بعلامة النفي قائلة بصدق: أنا لو هموت مش هكذب تاني!، ثم أكملت ببراءة: ياه أنا حرمت، حرمت.

ضحكت نجاة ثم تركتها لتستكمل طهو الطعام بمساعدة السيدة سحر ..
حتى إنتهت أخيرًا وأخذته معها وصعدت إلى غرفتهما، لتدلف وتراه مازال بملابسه ممدًا بها فوق الفراش، فعبست قليلًا وسألته بهدوء: ليه مش غيرت..
أجابها بإرهاق وهو يعتدل جالسًا: مش قادر يا أروى حاسس إني مُرهق جدا.

وضعت أمامه صينية الطعام التي تجمع بين الأكلات المُفضلة له، معكرونة بإضافة اللحم المفروم والبشاميل، وفراخ صنعتها خصيصا له وقطع لحم أيضا كما يُحب..
ثم راحت تربت على ظهره برفقٍ وهي تقول هامسة: حبيبي، لازم تاكل كويس وتنام كويس والإرهاق هيروح أنا عملتلك الأكل الي بتحبه كله
إبتسم لها وجذبها من يدها ليجلسها إلى جواره، ثم همس: يبقي تاكلي معايا يا رورو.

أومأت برأسها بسعادة وهي تقول مُبتسمة: حاضر، ثم أخذت تطعمه بيدها بينما هو يلتقط منها الطعام بنهمٍ وهو يقول بحزمٍ هادئ: كده برضو تسبيني من غير مكرونة بشاميل المدة دي كلها!
ضحكت برقة وهي تتابع بمرح وتطعمه مرة ثانية: بس عمتو كانت بتعملها بدالي وكمان أنت مكنتش عاوز تاكل من إيدي..!
توقف عن الطعام لحظةٍ وهو يتابع بمزاح: بصراحة المكرونة بتاعة عمتي ملهاش طعم حاجة كده أستغفر الله.

كتمت أروى ضحكاتها وهي تقول بجدية: عيب يا أمير لو سمعتك تزعل منك!
ضحك هو وتابع: كنت باكلها غصب عني عشان مزعلاهاش كتر خيرها عمتي قامت معانا بالواجب وزيادة
أومأت أروى برأسها وتابعت بتأكيد: اه ربنا يباركلها طيبة أوي وعاملتني كأني بنتها بالظبط
قال أمير بجدية مصطنعة: طيب يلا كُلي بقي ولا هنقضيها رغي!
عبست أروى بوجهها قبل أن تردف بتوسل: لأ بالله عليك مش تقلب عليا تاني!

ضحك وهو يطعمها بيده قائلًا بمرح: حاضر يا رورو
إبتسمت بإتساع وهي تبتلع الطعام: وحشتني كلمة رورو منك يا أميري
بادلها إبتسامتها بإبتسامة حانية قبل أن يردف بمرح: هغرقك دلع من هنا ورايح..

تشاركا الضحكات إلى أن إنتها من تناول الطعام ولملمت أروى الأطباق لتهبط بهم إلى المطبخ، بينما نهض أمير ليبدل ثيابه ويغتسل وما إن إنتهي توجه إلى الفراش متسطحا عليه بإرهاق، فدلفت أروى مرة أخري قائلة وهي تغلق النور: نام يا حبيبي وانا هنزل أقعد مع عمتو نجاة..
أشار لها بيده وهو يُضيق عينيه قليلًا، فذهبت له ليجذبها من يدها قائلًا بجدية: نامي جنبي.

إعترضت أروى قائلة: بس أنا مش كابس عليا النوم يا حبيبي نام إنت وإرتاح عشان مش أزعجك!
قال بنفي ولهجة آمرة: أنا عاوزك جنبي يلا إطلعي بقي متتعبيش قلبي عاوز أنام..
صعدت إلى جواره لتتفاجئ به يجذبها برفق حيث أراح رأسها على صدره وذراعيه عانقتاها ليطبع قبلة أخيرة فوق خصلات شعرها ويغلق عينيه بإستمتاع وثوانِ معدودة وكان في سُبات عميق..!

قص سليم على والدته ما حدث أثناء تناولهم لوجبة الغداء، بينما تأثرت نبيلة جدا وأردفت بحزن: يا حبيبتي ده أنتي إتعذبتي أوي الله ينتقم منها دي لازم تتسجن العمر كله يا سليم أوعي تخرجها من السجن!
سليم بتأكيد: هنقضي بقية حياتها في السجن طبعا!
نظرت نبيلة إلى سهيلة وتابعت بحنان: ساعة لما شوفتك لو كنتي حكتيلي كان زماني خدتك معايا من وقتها بس إنتي مشيتي وسبتيني!

إبتسمت سهيلة وتابعت بخفوت: كنت خايفة أحكي لحد معاناتي لادبس في مصيبة جديدة
أومأت نبيلة بتأكيد: صح معاكي حق تخافي ولسه أروى لما تعرف، ياخبر أنا مش مصدقة نفسي، قوليلي هي أروى شبهك كده؟
حركت سهيلة رأسها بالنفي قائلة بإبتسامة: مش أوي هي مختلفة في الشكل، هي سمرة وعيونها خضرة!
نبيلة بإندهاش: يعني زي مصطفي، أبوكي كده بالظبط!

شردت سهيلة في هذه الكلمة أبوكي ما أجملها كلمة لم تعرف لها معني نهائيًا ورغم صدمتها هي مشتاقة، مشتاقة وبشدة لذاك الرجل الذي يُسمي ب آباها!

في فيلا زياد..
عاد من عمله ليدلف ويجد المكان ساكن هادئ، إستغرب قليلًا فيوميا تركض إليه زوجته دارين تحتضنه وتمزح معه، فهتف مناديا عليها بتلهف، إلا أنه سمع صوت شهقاتها يأتي من قرب فإلتفت لمصدر الصوت ليجدها تبكي بإختناق وهي تجلس على إحدي الآرائك في الردهة، تعجب بشدة لحالتها وركض نحوها بقلق ليجثو على ركبتيه أمام الأريكة قائلة بلهفة: دارين حبيبتي مالك، بتبكي ليه؟

لم يأتيه رد منها فعاد يسألها مجددًا بقلق بالغ: يا دارين في إيه ردي عليا..؟
رفعت وجهها لتنظر إليه وهي تقول من بين بكاؤها: ك كنت، ف فاكرة إن إني حامل بس، بس مطلعش في حمل، أنهت جملتها وإنفجرت باكية مجددًا ليصر زياد على أسنانه بغيظ لقد ارعبته وإنقلع قلبه عليها بسبب تافه مثل هذا من وجهة نظره!

زفر أنفاسه وجذبها إلى أحضانه بعنف وهو يقول بحزم ؛: بتستهبلي يا دارين، موتيني من القلق وفي الآخر تقوليلي مطلعتش حامل!
لكمته دارين في صدره بقبضتها الصغيرة وهي تقول بعتاب من بين بكاؤها: وده مش سبب كافي يخليني أبكي ولا أنت مش عاوز تبقي أب؟!

مسح على شعرها بهدوء ثم رفع وجهها إليه ليطبع قبلة هادئة على جبينها، ثم قال هامسًا: يا حبيبي عاوز طبعا بس انا مستغرب بتبكي ليه إحنا مكملناش تلات شهور يعني لو محملتيش الشهر ده هتحملي الشهر الجاي أو الي بعده، هو أنا يعني مسافر لا سمح الله ولا حاجة!
أنهي جملته ليضحك عاليًا بينما هي إنهالت عليه باللكمات المتتالية في صدره وهي تهتف بغيظ: يارخم، يا قليل الأدب، مخصماك!

ظل يضحك وهو يضمها إليه بشدة حتى سكنت بين ذراعيه وتكلم هو بجدية بعد أن هدأ من نوبة الضحك: متخافيش يا دودو ربنا كريم وهيرزقك يا حبيبي بلاش الدراما دي مش لايقة عليكي يا مجنونة!
حركت دارين رأسها نافية وقالت بمشاكسة: إشمعنا أروى ما هي حامل أهون إشمعني أنا؟
- أهون ده الي هو إزاي معلش؟

ضحكت دارين أخيرًا وقالت: هو كده يا رخم يا زيزو!، ثم تابعت بجدية تامة وهي تُشير له بسبابتها: تعلالي هنا، صليت العصر ولا لسة؟!
حملق زياد بها ثم قال بخفوت: لسه بصراحة يا دودو، هقوم أهو أصلي.

أمسكت طرف آذنه وقالت بحزم: بص بقا لو أخرت الصلاة تاني هخاصمك إسبوع، هتقولي ما هو يادارين عندي شغل هقولك الشغل مش أهم من الصلاة ماشي؟، عشان ربنا قال فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون{الماعون: 45}، يعني خليك كده ساهي عن الصلاة وغير مبالي بيها يا ويلك يا زياد من ربنا يا ويلك
إتسعت عينا زياد وقال بمرح: دخلتيني النار وإرتاحتي يا دارين؟
دارين بجدية: متهزرش يا زياد أنا بكلمك جد دلوقتي!

إبتسم لها وراح يُقبل جبينها بهدوء ثم قال متنهدا: حاضر يا دودو اوعدك أخر مرة، ربنا يسامحني هصلي في وقت الصلاة على طول إن شاء الله...
إبتسمت دارين وهي تقول بسعادة: أيوة كده برافو عليك يا حبيبي
عانقها زياد بقوة قائلًا بحب: متجوز جوهرة يا ناس! يخربيت جمالك...

في المساء..
في محافظة القاهرة تحديدًا بفيلا مصطفي كارم وأخيه الأكبر محمد كارم..
دلف بسيارته بعد أن فُتحت البوابة الحديدية ليصفها ويترجل منها بوقار فكان طويل القامة ذو هيبة محتفظا بروحا شبابية رغم سنه الذي قارب على الستون! وشعره الاشيب يعطيه وقارا خاص..
دلف بعد أن أخذ العامل منه حقيبته ليجلس على أحد المقاعد بإرهاق، بينما أقبل عليه أخيه محمد قائلًا بإبتسامة: حمدلله على السلامة يا مصطفي.

بادله مصطفي الإبتسامة مرددا: الله يسلمك يا محمد، سليم ونبيلة مش ناويين يرجعوا ولا إيه؟
أجابه محمد بهدوء: لما سليم ياخد أجازة هيرجعوا على طول
أومأ مصطفي برأسه قائلًا بتنهيدة: على خير، البيت من غيرهم ملوش طعم بصراحة، سليم ده إبني الي مخلفتوش هو الي هون عليا إختفاء بناتي!
رد محمد بإبتسامة: ربنا يباركلك ويعوضك خير يا مصطفي.

تفاجئ مصطفي بهاتفه يصدر رنين ليجيب عليه قائلًا وهو يضحك بتعجب: جبنا في سيرة القط جه ينط! لسه بنجيب في سيرتك يا سليم باشا!
رد سليم ضاحكا: ياتري بالخير ولا بتقطعوا في فروتي يا عمي؟
أجابه مصطفي بجدية: بالخير طبعا يا حضرت الرائد عيب عليك!
تنهد سليم ثم قال بثبات: عمي أنا عاوزك تيجي إسكندرية بكرة بأي طريقة عاوزك في موضوع مهم ومستعجل جدا!
مصطفي بقلق: ليه يابني في إيه؟

سليم بنفي: مينفعش أقولك في التلفون أرجوك يا عمي تيجي بكرة مسألة مهمة ولازم تيجي ماشي؟
تزايد القلق في قلب مصطفي الذي قال: أنت قلقتني جدا طب فهمني حد إتعرضلك ولا إتخانقت ولا فيك ايه، طب أمك كويسة يا بني!؟
سليم بإطمئنان: كله تمام يا عمي والله أنا عاوزك في موضوع تاني هستناك بكرة إتفقنا يا دوك؟
تنهد مصطفي وقال بنفاذ صبر: آمرك يا سليم بيه أما نشوف أخرتها معاك إيه!

قال سليم ضاحكا: تمام، يلا تصبح على خير وسلملي على بابا، أنهي جملته ليغلق الخط ويتعجب مصطفي بشدة فماذا يريد يا تري؟!

صباح يوم جديد يحمل في طياته مفاجآت كثيرة..
بالفعل ذهب مصطفي من الصباح الباكر إلى الأسكندرية بصحبة شقيقه محمد، حتى وصلا ليستقبلهما سليم مرحبا بهما بإبتسامة واسعة، فأردف مصطفي بتساؤل جادي: إنطق في إيه يا سليم؟!
قال سليم بتفهم: إدخل يا عمي طيب، إدخل يا بابا!

بالفعل دلفا الأخان ولم يكف مصطفي عن الكلام وهو يتساءل ما الذي يحدث، ليتوجهوا جميعا إلى الردهة ويجلسوا ويقول سليم بجدية: في حد مهم جدا لازم تشوفه يا عمي بس إمسك أعصابك!
صمت مصطفي بإستغراب ليهتف سليم بمرح: سهيلة تعالي!
تعجب مصطفي بشدة إنها على إسم صغيرته التي إختفت منذ عشرون عاما فمن تلك التي تسمي سهيلة!
خرجت سهيلة بخطوات متمهلة وجسدها يرتجف بشدة، بينما قال سليم بهدوء: قربي يا سهيلة.

إقتربت سهيلة وهي تبتلع ريقها وأخيرًا رفعت رأسها لتتشابك عينيها مع عيني مصطفي الذي إنتفض قلبه وكأنه تحرك من مكانه، ليهب واقفًا بصدمة جلية وعقله يحدثه بذهول: أهذه زوجتي الراحلة ولا من ياتري! إنها صورة منها ما الذي يحدث؟
إزدرد ريقه بصعوبة بالغة وهو يُطالعا بذهولٍ تام بينما تساقطت العبرات من عينا سهيلة بدون وعيٍ منها!
نهض سليم قائلًا بتوضيح: دي سهيلة بنتك يا عمي! سهيلة الي اختفت من عشرين سنة هي وأختي!

إزدادت عينيه إتساعا وقد فغر فاه بصدمة جلية، من، من، إبنتي!
كذلك إنصدم محمد الذي نظر إلى سهيلة بذهول بعينان متسعتانِ!
ليستكمل سليم بهدوء: صدفة غريبة بس دي حقيقة ودي بنتك يا عمي، بناتك لسه عايشين وعلي قيد الحياه يا عمي لسه فيهم نفس وعايشين!
إشتبكت عينيه بعينيها مرة ثانية يا إلهي إنها عينان إبنتي الصغيرة سهيلة، إنها صورة تبك الأصل من زوجتي!

إندفع نحوها بحركة واحدة رافعا كفوفه ليحتضن وجهها بينهما وقد ترقرقت العبرات في عينيه وهو يتفوه بعدم تصديق: بنتي، بنتي! س سهيلة، لا، أنتي عايشة
شعرت سهيلة بإحساس غريب جدا عندما لمست يديه وجهها لم تفسره لكنه إحساس رائع مطمئنا جدا!، إرتجفت وبشدة أثر لمسته وإزدادت بكاءًا فوق بكاؤها، أبي، هل أنت أبي؟!

عانقها بقوة آلام سنوات تعذب بل ورأي العذاب ألوانًا لقد تمزق قلبه وجعا أثر غيابهما عنه، شعرت سهيلة أنها تعتصر بين ذراعيه وهو يهتف بإشتياق: بنتي، حبيبتي، لا أنتي عايشة على وش الدنيا!
إختلطت الدموع لقد تأثر الجميع بذلك الموقف الحزين، لحظة لم يتخيلها ولا خطرت على بال أحدهم!

إستمر العناق لحظات طويلة إلى أن إبتعدت عنها مقبلا كُل إنش في وجهها ليعود ضاما إياها إلى صدره مرة ثانية وهو يردد: بنتي، ألف حمد، ألف حمد وشكر ليك يارب ألف حمد وشكر ليك يارب
عاد يبعدها عنه سنتي وهو يقول بحنان: أنا أبوكي، أبوكي يا سهيلة!
- ب بابا قالتها بنحيب لترتمي في أحضانه باكية بمرارة، ليربت على ظهرها وهو يضمها أكثر: قلب أبوكي يابنتي قلب أبوكي يالله مش مصدق! إزاي لقيتها يا سليم؟!

مسح سليم دمعة حارة أفلتت من عينه ليجيبه بثبات: موضوع يطول شرحه ركز أنت مع بنتك وبعدين نتكلم!
سأل مصطفي بقلق: فين أختك، أروى فين، مش معاكي ايه؟!
أجابه سليم بإبتسامة: هي لسه متعرفش أي حاجه بس هي كويسة ومتجوزة وعايشة هنا في إسكندرية!
مصطفي بذهول: متجوزة!، طب أنا عاوزها، عاوزها يا سليم أرجوك هاتهالي!
أزمأ سليم: حاضر يا عمي بس إنت إستريح وإقعد مع سهيلة شوية..

جذبها مصطفي معه إلى أن جلسا على الأريكة وهو يمسح على شعرها ويقبل رأسها بحنان بالغ، حتى أنه قبل يدها بلهفة ثم قال وهو يتأملها: ياخبر شبه أمك أوي أنا إتخضيت قولت مراتي رجعت تاني للحياة ولا إيه!
ضحك الجميع بمرح ليعود يسألها بجدية: ياتري كنتوا فين يابنتي السنين دي كلها إحكيلي يا حبيبتي عاوز أسمع صوتك..!

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 6 من 18 < 1 11 12 13 14 15 16 17 18 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 2072 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1523 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1549 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1396 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2610 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، حبيبتي ، الكاذبة ،











الساعة الآن 05:14 PM