رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابعترك يدها وقال بلهجة آمرة:إدخلي جوا.ف بعناد قالت وهي تتألم إثر قبضته:مش داخلة إلا لما يجيلي مزاج..لم يعلق على ما قالت، حتما هي تتألم لذا هو تفهم فقط اكتفى بنظرة ثاقبة لها ومن ثم استقل سيارته وانصرف وتركها بحالة يرثى لها، ولم تكد تتراجع للخلف لتصطدم بشخص ما، ف لاحت منها التفاتة وإذا ب نورهان تبتسم لها بودٍ، نظرت لها رنا باستغراب فأخيرًا وجدت شخص غير زهراء في هذا المنزل يبتسم، فما كان منها إلا أن بادلتها الابتسامة ف راحت نورهان تقول:أنا نورهان.وصافحتها الأخيرة قائلة:وأنا رناتابعت نورهان قائلة:.اتشرفت بمعرفتك يا رنا، ربنا يسعدك أنتِ ويزيد.ابتسمت رنا بحزن مع قولها:ياربعايزة أقولك إن يزيد فعلا إنسان كويس جدا وأنتوا لايقين على بعض أوي.رنا كاتمة غيظها:أوي فعلا.كادت نورهان تتكلم ولكن صدح هاتفها عاليًا يعلن عن اتصال، وقد كانت صديقتها دينا، فلم تتردد في الرد عليها حيث قالت:دينا إزيك؟تمااام..ثم صمتت لفترة قصيرة قبل أن تتابع بسخرية:.عايزة اعترف لك بحاجة يا نورهان بس بليز سامحيني أنا ماليش ذنب نهائي في الموضوع دا أنا تقدري تقولي عليا كدا ضحية..سألتها نورهان بفؤاد قلق:خير يا دينا حاجة إيه ومالكيش ذنب في إيه؟كأنها ألقت شيء من المتفجرات حين قالت لها الجملة دون تمهيد:أنا حامل من مازن، جوزك!وكأنها لم تسمع ما قالت فقررت:أنا مش بحب الهزار السخيف يا دينا لو سمحتي!ضحكة عالية رنانة ارسلتها لها صاحبها قولها الذي كان كالسكين البارد:.هي الحاجات دي فيها هزار برضوه يا نورهان؟ بس احلفلك بإيه يا قلبي أنا ماليش دعوة مازن اعتدى عليا بالقوة ودلوقتي بيهددني بالقتل لو حد عرف يرضيكي يا نونو؟الاشمئزاز، الصدمة، الغضب، شعور بالغثيان كل هذا مَر على نورهان في آن واحد، قد سقط هاتفها أرضا كما تساقطت عبراتها الكثيفة من عينيها، تعلم أنه يخونها ولكن خيانة كاملة؟! ومع مَن؟ صديقتها دينا!يا لحرقة قلبها الأحمق الذي أحب رجل مثل هذا، اللعنة على ذلك اليوم الذي جمعها به...اجتاحها إغماء مفاجئ فكادت تسقط لولا ذراعي رنا التي أمسكت بها جيدًا وهي تهتف بصدمة:نورهان، نورهان في إيه!لم تغب نورهان عن الوعي بشكل كامل بل كانت عينيها شبه مفتوحتان لكنها لم ترَ بوضوح جراء دموعها التي ملأت مقلتيها، ساعدتها رنا بكل قوتها في أن تجلس ثم أسرعت وأتت لها بالماء بينما الأخيرة كانت وكأنها بين الأمواج التي تتقافزها بلا رحمة...تضحك دينا بانتصار وهي تغلق المكالمة معها، تتناول رشفة من كوب العصير الموضوع بجانبها ثم تضعه مكانه مرة أخرى وتجري مكالمة أخرى!انتظرت قليلا حتى آتاها الرد من مازن، لتقول بنعومة:خلاص يا بيبي كل شيء هيتحل.مازن قائلا بضيق:تقصدي إيه؟!ضحكت بسعادة وقد أخبرته:لما تعرف الخبر اللي محضراه أكيد هتشكرني وهتعيش معايا أنا مش هي.ترك مازن ما يفعله وانتبه لحديثها قائلا بعصبية:ما تقولي تقصدي إيه واخلصي؟تابعت دينا وقد احتدت ملامحها:الهانم مراتك اللي أنت بتحبها الحب دا كله بتستغفلك وطول السنين دي كلها بتفهمك إنها مش بتخلف وهي بتاخد حبوب منع الحمل، لأنها طول الوقت شاكة فيك.تغضن جبينه واحمرت عيناه قليلا من فرط الغضب بينما يهتف:وإيه كمان يا كذابة؟أخبرته ضاحكة:.أنا اللي كنت بجيبهولها بإيدي يا حبيبي انت ناسي إني صاحبتها الأنتيم؟ مسألتش نفسك هي ليه على طول بتروح للدكتور مع مامتها مش معاك؟ عشان هي أصلا مش بتروح وبتستغفلك يا حبيبي.فما كان منه إلا أن اقفل مكالمتها بانهيار تام ويذهب مسرعًا إلى نورهان التي قد طعنته وأعمت عينيه كل هذه الفترة!في وجهتها إلى الموعد المحدد بينها وبين السيدة وردة، تسند رأسها على نافذة السيارة كقطة وديعة، شعرها يتطاير بفعل الهواء تارة ترجعه خلف أذنها وتارة أخرى للوراء..كانت شاردة طوال الطريق وعلى ثغرها ابتسامة رقيقة، حتى إنها لم تنتبه لنداء السائق وهو يخبرها بهدوء:وصلنا يا هانم.فيكرر بشيء من الدهشة:وصلنا حضرتك؟رمشت بعينيها وهي تعتدل لتخرج من السيارة فيلاحقها فرد الحراسة كظلها تمام، فزفرت بعنف شديد وهي تلتفت له وتقول بتذمر:خليك أنت هنا او خد لك جولة على ما أخلص أنا إيه رأيك؟يزيد به قالي غير كدا يا فندم مأقدرش أسيب حضرتك.زهراء بضيق:يعني إيه هتيجي معايا جوا وتقعد معانا كمان؟ثم واصلت بجدية:لو سمحت أنا حابة أبقى براحتي خليك هنا أو شوف هتعمل إيه وأنا لما أخلص هبلغك.صمت الرجل قليلاً ليقول بعد ذلك:تحت أمرك.ابتسمت برضى وسارت تتأنى في خطواتها في طريقها إلى الداخل، كانت السيدة وردة تجلس على إحدى الطاولات في انتظارها وما إن لمحتها ذهبت إليها وصافحتها بحرارة، جلست أمامها بهدوء فقالت السيدة ببسمة حانية:وحشتيني جدا أنا حاسة كأني اعرفك من زمان وحبيتك جدا والله.ابتسمت زهراء وأخبرتها:والله القلوب عند بعضها يا طنط وردة.قوليلي بقى تحبي تشربي إيه؟أجابتها:أي عصير فريش.استطاعت رنا أن توصلها إلى غرفتها وتُجلسها على الفراش، فيما قالت نورهان باختناق وهي تحاول النهوض مجددًا:أنا لازم أمشي من هنا دلوقتي حالا.رنا تحاول فهم ما يدور:استهدي بالله هتمشي تروحي فين؟, احكيلي إيه اللي حصل بس!تجمع الدمع في عينيها وذهبت إلى خزانة ملابسها تحاول جمع الثياب، فإذا بالباب يُفتح على مصراعيه ويدخل مازن بشراسة، انتفضت رنا وهي تنظر له بصدمة قبيل أن تُغادر الغرفة في سرعة، بينما أغلق هو الباب متجهًا إلى زوجته، تلك التي نظرت له من بين دموعها نظرة حملت الكثير منها الغضب والقهر..نعم إنه القهر الذي كان يحتل عينيها وجميع معالمها، كيف يقف أمامها الآن وعيناه في عينيها؟ كيف؟!طول السنين دي بتستغفليني يا نورهان؟نطق بها وهو يقبض على ذراعها بقوة، فتحاول دفعه وهي تقول باستغراب:بستغفلك؟ أنا اللي بستغفلك ليه خنتك ولا كل يوم بعرف واحد شكل زيك؟ يا بجاحتك يا أخي يا بجاحتك..هزها بعنف شديد وقام بلوي ذراعها بقسوة عارمة فجعلها تصرخ عاليًا، فيقول بهدوء قاتل:صوّتي، صوّتي كمان يا نورهان، أنا هخلي أيامك كلها سواد، أقسم بالله هخليكي تندمي على اليوم اللي شوفتيني فيه.ردت بصياح شديد فقد طفح الكيل منه:أنا ندمت من زمان على اليوم اللي شوفتك فيه، منك لله يا مازن منك لله..تركها ودفعها وكأنه تحول إلى مجرمٍ الآن، الشر يتطاير من عينيه وهو يرفع يده عاليًا ليهوى بها على خدها، صفعة قوية كأنها تلقتها على قلبها، سقطت على الأرض من شدتها، فنزل على ركبتيه وأمسك شعرها متسائلا بغلٍ سافر:مش عاوزة تخلفي مني؟ مفهماني إنك مش بتخلفي وأنتِ بتاخدي منع الحمل؟ إيه الجبروت دا يا شيخة!رغم بكاؤها إلا أن نظراتها كانت قوية، قوية للغاية وهي ترد:دا اللي انت بتحاول تقنع نفسك بيه عشان تداري على خيانتك ليا من يوم ما اتجوزتك، أنا محبتش حد قدك في الدنيا دي وأنت بتعمل معايا كدا؟ موتني لو راجل وعندك ذرة رجولة خليني أرتاح من وشك و...ابتلعت حديثها لأنه قد صفعها مرة أخرى ثم نهض بها وهو يلف شعرها على كف يده صارخا بوجهها:.اموتك؟ إزاي أنتِ نسيتي إني مأقدرش أستغنى عنك؟ مش هتخلصي مني بالسهولة دي يا حبيبتي اطمني..!قالت ببكاء شديد:أنت بني ادم مش طبيعي يا خسارة أيامي السودة اللي عيشتها معاك، أخرتها بتعمل فيا أنا كدا يا مازن بتهيني بالطريقة دي؟ بتخوني مع صاحبتي وجاي تحاسبني؟ عمري ما هسامحك أبدا وابقى افتكر اليوم دا كويس أوي..أرخى قبضته عن شعرها وكشر عن جبينه بغضب، لقد أخبرتها دينا عن خيانتهما لها، لكن لا بأس هي أيضاً قد خانته وحرمته من أن يكون أبا..هكذا أقنع حاله، فعاد يهتف بقسوة:من هنا ورايح هتشوفي معايا اللي عمرك ما شوفتيه وهعرفك البني ادم المش طبيعي دا هيعمل فيكي إيه، الأوضة دي من الساعة دي هي سجنك ومش بس كدا هي هتشهد على دموعك كل ليلة من اللي هعمله فيكي يا نورهان..!وقفت رنا أمام خالتها ابتهال وهي تلتقط أنفاسها وبالكاد أخبرتها بخوف:خالتي، إلحقي نورهان..ببرود تام ردت ابتهال:مالها؟أسرعت رنا في القول:تقريبا فيه مشكلة كبيرة بينها وبين جوزها وسامعة صوت صريخها هو بيضربها أرجوكي تعالي وقفيهابتسمت ابتهال برضى وراحت تقول بارتياح:اقعدي يا حبيبتي جنبي ومتدخليش فاللي ملكيش فيه!نظرت لها رنا بصدمة وهي تردد:.مدخلش في اللي ماليش فيه؟ إزاي يعني بقولك بيضربها وهتموت في أيده اعملي حاجة أرجوكي.هي تستاهل..أردفت رنا بعصبية تامة:إيه دا؟ مافيش في قلبك رحمة؟ اتقي الله ميصحش كدا أنتوا ايه اشتريتوا الناس ولا فاكرينهم عبيد عندكم؟بصرامة قاتلة ردت ابتهال:اخرسي يا بنت وبلاش تدخلي في أمور غيرك متبقيش قليلة الادب زيها واحترمي نفسك وأمشي غوري من قدامي على أوضتك استني جوزك هناك بلا قلة ادب..رنا وقد غليت الدماء في عروقها قائلة:أنتِ إزاي كدا؟ إيه القسوة دي والجبروت دا منكم لله يا شيخة...صاحت ابتهال بغضب لكن رنا فرت من امامها بعصبية وهي تحاول ضبط أعصابها، بينما حدجتها ابتهال بنظرات نارية وهي تقول بحدة عارمة:بنت مش متربية بس أنا هعرف أربيكي أنتِ كمان.التقطت هاتفها وأجرت اتصال على شقيقتها لتقول بجدية شديدة:أيوة يا إكرام أنا عاوزاكي تجيلي دلوقتي حالا!
رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الخامسدخل إلى المكان وهو يتلفت حوله باحثًا عن عمته، إلى أن لمحها بعينيه فكاد يبتسم لولا التي كانت تجلس قبالتها، تغضن جبينه قليلا وضغط على شفتيه وهو يخلع نظارته الشمسية عن عينيه، توجه إليهما وراح يرمق عمته بنظرة مغتاظة، فقالت السيدة وردة بابتسامة عريضة:معقول؟ وليد حبيبي هي إيه المفاجأة الحلوة دي؟ إيه اللي جايبك هنا؟نظر لها بصدمة مما تقول!, ألم تستدعهِ هي وبإصرار رغم أنها تعلم انشغاله الشديد هذه الأيام والآن ماذا تقول؟.توترت زهراء بشدة جراء مجيئه المفاجئ واقتحامه للمكان بهذه الهيبة الطاغية خاصته..رمشت بعينيها عدة مرات وهي تراه يسحب الكرسي المجاور لها ويجلس متنهدًا وهو ينظر لها بتمعن، ازدردت ريقها بخجل شديد وقد فركت كفي يديها معا بارتباك بالغ، فقالت عمته تقطع هذا الصمت المتوتر:.مش هتسلم على زهراء ولا إيه يا حضرت الظابط؟هز رأسه لها ثم توجه بالحديث إلى زهراء قائلا برسمية شديدة:إزيك يا آنسة زهراء؟أجابت على استحياء شديد:الحمدلله..فصمت وهو يعاود النظر إلى عمته التي ابتسمت بحب له ثم غمزت فاستفزته أكثر، نهضت زهراء فجأة وقالت بخجل:أنا هستأذن حضرتك أنا لازم أمشي دلوقتي.أسرعت السيدة تسألها بحزن:ليه كدا بس؟تحاشت زهراء النظر إليه وهي تتحدث مع السيدة قائلة:.عشان أنا اتأخرت آسفة لازم أمشي.قد علمت السيدة وردة أنها أدخلتها في وضع محرج للغاية بدون قصد منها، فقالت بهدوء:خلاص حبيبتي مش هضغط عليكي بس لازم هنتقابل تاني.زهراء وهي تتحرك مُسرعة:إن شاء الله.برحت المكان فورًا واتبعتها نظرات وليد، راح يحدث عمته بغضب:إيه اللي عملتيه دا يا عمتي؟ ينفع كدا؟عمته وقد شعرت أنها ارتكبت خطأ كبير قائلة:هو أنا شكلي عكيت الدنيا على الآخر ولا ايه؟عكتيها بس؟دا أنتِ خلتيها خل على الأخر يا عمتي، البنت اتكسفت جدا ووشها جاب الوان أول ما شافتني..تنهدت بحزن وقالت:يابني أنا كان بودي بس إني أقرب البعيد أنا حاسة إنك معجب بيها و...عمتي أنتِ دخلتي جوايا واتأكدتي إني معجب يعني ولا دا تخمين منكأيوة دخلت واتأكدت ولو قلت غير كدا تبقى كذاب البنت دي مش هتلاقي زيها أنا نظرتي عمرها ما تخيب بقولك إيه يا ولد البنت زي القمر بذمتك مش حاسس إنك ميال لها؟نظر لها وابتسم ثم اقترب منها قليلا مع قوله:مش هريحك يا عمتي...بصراحة كدا يا عمو ياسر أنا بحب.قالتها جنات بخجل وقد باحت بما في داخلها، فضحك ياسر وقد قال لها:حبيبة عمو ياسر كبرتي وبقيتي بتحبي، ويا ترى مين بقى سعيد الحظ؟نظرت الفتاة حولها قبيل أن تقول بخفوت:مش هتجيب سيرة لماما؟قال بجدية:اوعدك.فأردفت بلا تردد وابتسامة ناعمة:هيثم.مين يعني دا؟أجابت بشرود:اتعرفت عليه من على النت وبنتكلم فون وواتس كمان.ابتسم لكنه قال.بس لازم تكوني حذرة حبيبتي لحسن يكون بيضحك عليكي، قوليلي أول بأول علاقتكم وصلت لحد فين عشان أبقى معاكي واعرف إذا كان بيضحك عليكي ولا لأ ماشي؟هزت رأسها موافقة:ماشي، شكرا أوي يا عمو ياسر، كان نفسي بابي يبقى زيك ويقدر يفهمني كدا.ضحكة ساخرة أطلقها ياسر مع قوله:بابي انسان كويس بس تقدري تقولي عليه دقة قديمة، المهم يا حبيبتي أنا جنبك.جالسا على الفراش بعدما أفرغ كل ما في داخله من شراسة كانت كالعاصفة، يسمع صوت تقيئها بالحمام وبكائها المتواصل، لكنه لم يشفق عليها قط، لم يعلم من أين جاء بكل هذه القسوة، فهو الآن يجلس ينتظرها لأن لديه حديث قاس مثله معها لن يتركها وشأنها أبدا من الآن فصاعدا هكذا توعد لها.خرجت الآن وهو تحاول الثبات وكتم شهقاتها المتتالية، فاشتبكت عيناها بعينيه الشرستين، راح ينهض ويتجه نحوها فيلتقط ذراعها بكف يدها ويرجع بها إلى الفراش مجبرًا إياها على الجلوس، وتكلم بعنف شديد:ليه كذبتي عليا وخلتيني مغفل، ليه مش عايزة تخلفي مني؟كانت تنظر له نظرة لم يرها من قبل في عينيها بصمت، فتجاوز ذلك وراح يسألها مجددا محاولا ضبط أعصابه:مش عاوزة تخلفي مني يا نورهان؟قالت بقوة ولم يرمش لها جفنا:.أيوة مش عاوزة أخلف منك، مش عاوزة أجيب أطفال أبوهم يبقى خاين وبتاع ستات ومش فالح في حاجة غير كدا.ها قد أشعلت النيران مجددا، امتنع عن صفعها بأعجوبة لأنه قد رأى أن وجهها تلون بالأزرق، لم تحتمل صفعة أخرى منه، إن جسدها هزيل لكن عينيها فيهما قوة غريبة كالكلام الذي يخرج من فمها وهو الذي قد ظن أنها ستظل القطة العمياء دائما التي لا تسمع ولا ترى إلا ما يريده فقط..تحدث ثانيةً بصرامة قاتلة:.يعني أنتي معترفة باللي عملتيه.وبدون وجع ضمير ومش خايفة منك ولا فارق معايا حتى إن جبت سكينة وقتلتني بيها دلوقتي، بصراحة كدا أنا كرهتك..نهض قائلا بسخرية:وماله، اكرهيني براحتك، أنا بوعدك بأيام سودة وصدقيني هعرفك قيمة اللي عملتيه كويس أوي.ردت بطريقة مماثلة عليه:وماله، واوعدك إني هعرفك إزاي هاخد حقي وأيامي السودة معاك هتبقى سودة برضوه عليك.ضغط على أسنانه وانصرف فورًا من أمامها فلو بقي ثانية واحدة أخرى ربما يتصاعد الغضب فيحدث الأسوء على الإطلاق...أتت السيدة إكرام كما أمرتها شقيقتها، وتملكها الغضب الشديد بعدما أخبرتها ابتهال بالذي فعلته ابنتها ولم ينال رضاها ذلك بالطبع، ف الآن هي تتوعد لها بالعقاب القاسي، كما ناداها أحد الخدم وأتت لهم على مضض، هي تعلم ما الذي ستفعله والدتها كعادتها دائماً هي ووالدها، وقفت أمام والدتها وهي تقول بهدوء:نعم يا ماما.فقالت إكرام بحدة شديدة:إزاي يا بت تردي على خالتك بالطريقة دي؟ إيه مش همك حاجة؟رنا بلا تردد:.أنا مغلطتش فيها هي اللي شكلها كدا بتغلط في كل اللي حواليها.توسعت عيني ابتهال وهي تهتف بانفعال:لا دا أنتِ كدا عاوزة تتربي بقى.وبدون تردد نهضت إكرام كي تصفعها لولا أن رنا ابتعدت عنها بعصبية وقد صاحت:لسة مصرة يا ماما تعامليني كأنك بتعاملي حيوان مش بنتك وزي ما بتأمرك هتنفذي لكن أنا خلاص مبقتش تحت رحمتك أنا دلوقتي متجوزة يعني مش هينفع تضربيني.يزيد بيه وصل.هكذا هتف واحد من الخدم وهو يتوجه نحو الباب، فكان سماع هذا بالنسبة لرنا كفيل بأن يشعرها بالأمان لا تعلم لماذا رغم توتر علاقتهما، توترت إكرام وهي تنظر إلى شقيقتها الثابتة كالجبل.دخل يزيد الآن من الباب وقد ألقى السلام فلم ترد والدته وقد قالت بقسوة:كويس إنك جيت، أظن مش هيرضيك اللي حصل!يزيد وهو يقول بجمود:إيه اللي حصل؟أسرعت بحكي كل شيء ولم تكتف، فقد أضافت أشياء أخرى لم تحدث، فاتسعت عيني رنا وهتفت منفعلة:محصلش!ابتسم يزيد لأنه يكتشف دائما أن والدته لم ولن تتغير ستظل كما هي، أشار يزيد لرنا حيث بسط يده لها مع قوله:اتفضلي أنتِ اطلعي فوق.ظلت واقفة بتردد فسمعته يتحدث مرة أخرى:مش هكرر كلامي تاني.توجهت إلى الدرج بهدوء وابطأت خطواتها حينما سمعت ابتهال تقول:هو دا اللي ربنا قدرك عليه؟هز رأسه قائلا بهدوء شديد:.أيوة هو دا اللي ربنا قدرني عليه، واللي حضرتك منتظراه أكيد مش هيحصل هي مش رنا كانت من اختيارك برضوه؟ ولا أنا مش واخد بالي؟ مش أنتِ اللي جيتي قولتيلي إن دي بنت كويسة وهتسعدني؟ أوعي ترجعي عن كلامك لان أنا اقتنعت خلاص بكلامك وفات اوان كل اللي أنتِ ناوية تعمليه..ابتسمت رنا برضى شديد وهي تسمع هذا الكلام من أعلى الدرج، كاد يتحرك لكنه نحى ببصره إلى السيدة إكرام قائلا بصلابة تامة:.تاني مرة لما تتصل بيكي عشان تيجي تعاقبيها متبقيش تسمعي كلامها، لأن دا لو حصل عواقبه مش هتكون كويسة أبدا ودا انذار...ومن ثم تركهما وصعد الدرج على عجل ففرت رنا بسرعة شديدة إلى الغرفة لكنه لمح طيفها قبل أن يتبعها إلى الداخل، دخل ورائها وأغلق الباب قائلا بجدية:محدش قالك إن التصنت حرام؟صُدمت من جملته وبرقت عينيها قليلا ولم تستطع الرد عليه، اقترب منها وقال:.سكتي يعني؟ ما شاء الله شايف لسانك أطول منك ومبتسكتيش لحد، ردي عليا بقى لو تقدري!كشرت عن جبينها وهي تقول بخفوت:في إيه هو أنت عاوز تزعقلي وخلاص؟ أنا عملت لك إيه؟ مش كنت لسة بتدافع عني دلوقتي؟راح يقول بصرامة:اه بدافع بس متسوقيش فيها وأنتي فهماني طبعا.ماشي بس أنا مسوقتش فيها و..قاطعها بقوله:أنا عارف إيه اللي حصل، ولعلمك كل اللي بيدور هنا وأنا مش موجود بيوصلي.تساءلت:بيوصلك إزاي؟أجابها ببساطة:.مش شغلك...نظرت له حانقة مع قولها:بتعاملني كدا ليه؟ وهل هتفضل المعاملة دي على طول ولا...ششششقاطعها مرة أخرى قائلا ببرود:أنا تعبان وعاوز أنام شوية امنعي الصوت.لا بجد عيشة ولا في الأحلام حضرتك يا إما نايم يا إما بتزعقلي يا إما متجاهلني قلتلك لو هتفضل كدا كتير يبقى طلقني أحسن...
رواية نيران الحب والقسوة الجزء الثاني للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادساقترب منها ما إن أنهت جملتها، أربكها قربه فتراجعت قليلًا للخلف، كان يتأملها عن قرب ووجه جامد، ملامحه صلبة ايضًا، تحدث بعدما رفعت وجهها إليه فتقابلت عيناها بعينيه، أخبرها بثبات:الست الوالدة لسة تحت لو مش عاجبك العيشة هنا تقدري تمشي معاها، هو أنا حابسك ولا مكتفك؟صُدمت من كلامه هذا فحملقت به بحزن شديد، عاد يخبرها مجدداً:.لا تكوني فاكرة إني ميت في جمالك ولا حاجة؟ كل شوية طلقني طلقني، أول مرة اشوف حد غلطان وكمان مستفز وبجح زيك.لقد أوجعها بكلامه وأخرسها تماما، ماذا ستخبره الآن؟ أتخبره بأنها تريد البقاء معه وتتوسله بأن يبدأن معا من جديد أم تخبره أنها رأت معه الأمان الذي كانت تبحث عنه طيلة حياتها..نكست رأسها قليلاً وتحاشت النظر إليه، فابتعد يزيد وقد علم أن حديثه ترك أثرا بها كما يعلم حقيقة مشاعرها تجاهه فإءن عينيها تحكيان ما لم ينطقه لسانها هو يعلم جيدًا أولها وأخرها وما تخبئه داخل قلبها المُنهك..تمالكت الآن نفسها ورفعت رأسها ثانية فوجدته قد أبدل ملابسه وهو الآن يتجه إلى الحمام...فأسرعت تقول في تلهف:ممكن أسألك سؤال؟توقف عن سيره والتفت لها متأهبًا لما ستلفظ به، فسألت فورًا لكن بخوف شديد:أنت شوفت المحادثات والصور؟هز رأسه مع قوله:أيوة شوفت، كل حاجة.أغمضت عينيها بشدة كمن سقط عليه ماء مثلج، أو كمن تلقى صفعة مفاجئة، وكان يتابع تعابير وجهها بهدوء شديد في صمت تام، انحدرت دمعة من عينها تأخذ مجراها على وجنتها لم تستطع منعها أبدا، لا ينكر أنه الآن يشفق عليها فقد تحولت بسرعة من حالتها القوية أو ما تظهره إلى حالة ضعيفة جدا هزيلة وضائعة أيضًا، مشتتة للغاية لا تعلم ماذا تفعل وتفكر ترى كيف يراها الآن؟وناوي تسبني؟فاجئته بسؤالها فلم يرد عليها بالطبع، ألم يعدها بأنه سيفعل ما لم يجعلها تشعر بالراحة؟وحين طال صمته تكلمت ثانيةً:أنت شايفني إيه دلوقتي؟أيضاً لا رد صمت تام أهلكها، فتحركت قليلاً وتقربت منه إلى أن وقفت أمامه وقد قالت بنبرة خافتة:.أنا مش وحشة زي ما أنت شايفني والله دا الشخص الوحيد اللي عرفته ومكنتش أعرف إنه كدا، والصور دي مكنتش بتصورها له مخصوص عادي بتصور زي أي حد وكلهم بالحجاب وأكيد أنت خدت بالك لما شوفتهم صحيح كان ليا صور معاه بس برضوه كنا بنبقى في مكان عام أنا عارفة إن دا غلط بس..قاطعها قائلا:وأنا مش عاوز أسمع الكلام دا، وماليش دعوة بيه أنا سبق وقولتلك مش دا سبب غضبي سبب الغضب هو الكذب..هزت رأسها إيجابا وقد قالت بوداعة حتى إنه تعجب لذلك:أنا آسفة، وبطلب منك السماح دلوقتي، ممكن تسامحني؟دقات خفيفة تضرب قلبه الآن وهو يرى التغير الشديد الذي هي عليه الآن، تصاعدت دقات قلبه حين مسكت يده بين كفيها وضغطت عليها برفق في تمسك شديد، ثم أضافت وهي ترتجف:حابة أعيش معاك ونبدأ من جديد.شعر بكل كلمة تخرج منها، بارتجافة جسدها وصوتها وبرودة يديها الصغيرتين اللتين تمسكان بكف يده في شدة وضغطت عليها بتوسل..بماذا يخبرها هو أيضاً الآن هل يحتويها بين ذراعيه ويتخلص من عقدته هو الآخر؟ أم يخبرها بأن شعورها هو شعوره بالضبط وقد قالت كل هي كل الذي يريده ويعجز عن قوله؟ما هذا الذي وضعته به الآن؟أغمض عينيه وكأنه في حرب وهو قد يُهزم بها، لا ليس بهذه السهولة، لقد سحب يده من بين يديها وذهب بسرعة إلى الحمام فأطاح بأحلامها وآمالها أرضا، تدفقت دموعها وشعرت بالخجل والإحراج الشديد أيضاً، فتراجعت بظهرها بخيبة أمل وخرجت من الغرفة، وقفت تمسح دموعها بظهر يدها وتهندم هيئتها سارت بهدوء ونزلت الدرج فوجدت أن والدتها لم تذهب بعد وتجلس بصحبة شقيقتها، تجاهلتهما وأكملت سيرها متجهة إلى الحديقة، جلست على إحدى المقاعد الرخامية بحزن وشردت قليلاً، إلى أن وجدت زهراء قد أتت بابتسامتها المعتادة..سلامو عليكووووقالتها زهراء بمرح وهي تجاورها، فابتسمت رنا بإيجاز وهي ترد عليها السلام، فيما قالت زهراء بقلق:مالك يا رنا؟ في حاجة حصلت ولا إيه؟رنا بتهكم:في حاجات حصلت مش حاجة واحدة يا زهراء في البيت الغريب دا..احكيلي إيه اللي حصل؟رنا بضيق شديد:أخوكي مازن بهدل نورهان وضربها جامد جدا..شهقت زهراء وهي تضع يدها على فمها قائلة:يا خبر ضربها طب لييييه؟معرفش جالها مكالمة ومن بعدها تعبت جدا وفجأة بدون مقدمات لقيت أخوكي داخل وعينك ما تشوف إلا النور بقى.ليه كدا بس يا مازن طب ومحدش حاش عنها؟رنا متابعة:هو كان قافل الباب ورحت قولت لخالتي فرحت إنه بيضربها ويزيد مكانش موجود مقدرتش اعملها حاجة.سالت مجدداً:طب وهما فين دلوقتي؟أجابت رنا:لا هو ولا هي خرجوا من الأوضة لحد دلوقتي.ياربي منك يا مازن معرفش ليه بيعمل كدا بجد ربنا يهديه...صمتت قليلًا ثم قالت برفق:.طب ويزيد عامل إيه معاكي؟راحت تبكي وتبكي، دموعًا كثيرة وكأنها كانت تنتظر هذا السؤال، أسرعت زهراء باحتضانها وهي تسألها بلهفة:حصل إيه بس احكيلي طيب؟أخبرتها رنا من بين دموعها:حاسة إني ماليش حد خالص وإن الدنيا ضاقت بيا.يا حبيبتي إزاي تقولي كدا اومال أنا بعمل إيه؟ ويزيد كمان؟ابتعدت عنها قليلاً وكررت الكلمة:يزيد؟ يزيد مش هيسامحني ولا ناوي يعيش معايا أنا إتأكدت خلاص..ليه ب...قاطع زهراء مجيء جنات التي قالت برقة:هاي يا عمتو.ردت زهراء بهدوء:حمدلله على السلامة حبيبتي.تحركت جنات وهي ترمق رنا بنظرات ساخرة من أسفلها لأعلاها لكن رنا تجاهلت ذلك، لكن زهراء نهضت خلفها باندفاع وقالت بغضب:أنتي يا بنت مش قلت لك كدا عيب واحترمي الناس اللي أكبر منك؟عمتو بليز فكك مني..زهراء بعصبية شديدة:إيه فكك دي يا جنات خليكي مؤدبة!كان قد حضر يزيد وتساءل على الفور قائلاً:في إيه يا زهراء بتزعقي ليه؟زهراء متنهدة:مافيش كنت بتكلم مع جنات في حاجة متشغلش بالك..بينما قالت جنات بضجر:يا بابي عمتو زهراء مش عاجبها إسلوبي وهي دي القضية..يزيد وقد رفع أحد حاجبيه:القضية؟, طبيعي ميعجبهاش إسلوبك يا جنات ولا يعجب حد خالصتأففت جنات وهي تنظر إلى الأعلى ثم تعود وتنظر إلى والدها قائلة بإيجاز:اوكى يا بابيتابع يزيد بجدية وهو يتحرك إلى الداخل مجددًا:تعالي معايا، عاوزك.ذهبت جنات معه وقد انتابها شيء من القلق، دخل إلى غرفة مكتبه وقال بصوت أجش:اقفلي الباب وراكي.أقفلته جنات واقترب كي تجلس على الكرسي المقابل له، بينما أشعل يزيد سيجاره وهو يسألها برفق:كنتي فين يا جنات؟ابتلعت ريقها وأخبرته:مش أنا قولتلك يا بابي إني عندي درس و..قاطعها بهدوء:.مكرهش في حياتي قد الكذب والكذابين فبلاش يا جنات تخليني أعمل معاكي تصرفات مش هتعجبك وهتتعبيني وتتعبي نفسك معايا الصراحة أحلى وأريح صح ولا إيه؟نكست رأسها قليلاً وأجابت:صح.طب قولي بقى.لم تجد شيء تقوله سوى الحقيقة لذا قالت:بصراحة رحت لمامي.بس أنا حددت مواعيد وقلت هتمشي عليها أنتي وأخوكي فليه بقى تتصرفي من دماغك وكمان تروحي من غير ما أعرف؟ضمت جنات شفتيها معا في صمت، فنهض يزيد متجها لها وأوقفها أمامه متابعا:جنات مش حابب إنك تتغيري وتتخلي عن براءتك خليكي بنت جدعة ومؤدبة ورقيقة وكل الصفات الحلوة تكون فيكي وابعدي عن أي حاجة وأي حد يشوه دا كله، المرة دي أنا هعتبر دا محصلش ومش عاوز أخوفك مني بس أنا في الغلط مبرحمش وعقابي هيكون شديد كمان خلينا اصحاب احسن وأنا مستعد أسمعك حتى لو هتحكي إيه بالذي لكن كذب لأ يا جنات كذب لأ, تمام؟تمام يا بابي.كادت تتحرك لكنه أوقفها متابعا:إسلوبك مع رنا...تنهدت بضيق وكادت تتكلم لكنه استكمل بجدية:يتغير، في إسلوب أحسن من اللي بتتكلمي بيه ومتخليش حد يملى دماغك بكلام فارغ تمام؟تابعت بضجر:تمام..لقد غفت وهي جالسة على الأريكة، وحين فتحت عينيها وجدته نائم هو الأخر على السرير، يبدو أنه ينام يعمق شديد، قامت من مكانها واتجهت إلى الباب كي تفتح لكن وجدته مغلق منذ أن أتى، كيف ستتخلص منه الآن؟راحت تمشي إلى بنطاله المُعلق على الشماعة وبحثت عن مفتاح الغرفة بالفعل وجدته فالتقطته بفرحة وأخذته ثم اتجهت إلى الباب كي تفتحه وتهرب حتى إنها لم تنتبه أنها بملابس البيت لكن لا يهم الآن ما يهم هو الفرار ولو كلفها الكثير..ما أن وضعت يدها على المقبض حتى قبض هو على يدها بقوة وأرجعها للخلف فأغمضت عيناها بألم ويأس..فقرب فمه من أذنها قائلا بوعيد:اتقلي يا نورهان لسة التقيل جاي ورا.دفعته بعيدًا عنها مع قولها الشرس:ربنا ياخدني أو ياخدك عشان أرتاح.حاسبي على لسانك بدل ما اقصه.اعمل ما بدالك أنت ولا تفرق معايا ولا حتى اللي هتعمله، يعني هتعمل إيه أكتر من اللي عملته؟تابع قاصدًا اهانتها:الله يرحم أيام ما اتجوزتك مكنش ليكي صوت أنا اللي نضفتك وعملت منك هانم بس هرجعك تاني زي الخدامين.صرخت فيه بحدة عارمة:.اخرس أنا أنضف من ألف زيك طول عمري نضيفة وإن كنت شايفني فقيرة فأنا أهلي عمرهم ما حرموني من حاجة، يا خسارة لو كنت أعرف إنك هتعايرني في يوم من الأيام كنت سبتلك الدنيا من زمان يا مازن!الساعة الواحدة بعد منتصف الليل..الجو شديد البرودة وهناك أمطار خفيفة ورياح عنيفة تهب، وهي مازالت تجلس في الحديقة لا تريد الذهاب إلى غرفته، وهو بالطبع لا يريدها هكذا قالت في وليجة نفسها، وإلا لما تركها في الحديقة ونام هو بالأعلى دافئا في فراشه، كيف هانت عليه كيف تركها هكذا..وعلى الجانب الآخر كان قد انتهى يزيد من أعماله في غرفة مكتبه وذهب إلى الغرفة بارهاق لكنه تفاجئ بأنها ليست بالحجرة، فتراجع وعاد إلى الأسفل مجددا ليبحث عنها وهو يردد بخفوت:مجنونة..خرج إلى الحديقة وكما توقع بالضبط ها هي تجلس وترتجف من شدة البرد!هل فقدت عقلها هذه ام ماذا تفعل!وقف أمامها وهو يهتف بها:اتجننتي ولا إيه؟ إيه اللي مقعدك هنا؟وكان ردها عليه بمثابة صدمة حين قالت:خليك في حالك!ضغط على نواجذه وقد شدها إليه قائلا بقسوة:إحنا هنلعب مع بعض ولا إيه؟ ادخلي جوا.فتابعت ببكاء شديد:ادخل جوا فين؟ أنام فين؟ أنا مش عاوزة ادخل معاك لو سمحت سيبني في حالي.زفر بحدة وجذبها إليه أكثر ثم سار بها إلى الداخل رغم مقاومتها، ظلت تقاومه بينما يهمس لها:شششش اثبتي!لو سمحت ابعد.كشر بشدة وهو يخبرها:أنتي فاكراني بتحايل عليكي ولا إيه؟اصحي!تابعت بأنفاس متهدجة:.طيب سيبني في حالي أنا عارفة إني ماليش مكان معاك أساسا.طب امشي معايا.صممت على رأيها بينما قالت:مافيش حاجة إسمها امشي معايا، أنا ليا مكان معاك ولا لأ لو سمحت جاوبني!صمت متنهدًا بعمق ومن ثم تابع بتوتر:امشي معايا!