عجبًا للنساء، يعرضن أنفسهن للبيع وبكل فخر.علام الافتخار!!!يقفن بشبه ثياب يتمايلن بإغواء من أجل المال..!تبًا لنساء الأرض جيمعا.. تبًا لهن..وكان هذا الحديث الدائر بداخله ..حينما وقف بسيارته أمام رصيف ما تقف عليه إحداهن تشير له بيدها تدعوه بابتسامة عريضة أن يأتي إليها...فيبتسم هو الآخر ولكن بتهكمية شديدة لم تدركها هي ..-حقيرة ..هذا ما تفوه به عندما أدار السيارة وأنطلق بها شاردًا فيما يخص شأنه كعادته دومًا ..يصل إلى البيت ..وتفتح البوابة الحديدية على مصرعيها لتمر سيارته الفارهة إلى الداخل ..داخل قصر البحيري.يترجل من سيارته ويتجه صوب الباب.ما إن يتخطى الباب بقدميه يجد ابنته في أحضانه مندفعة بعفوية، فيضحك ويحتضنها صامتًا مربتا على رأسها مرورا بظهرها بينما يقبل جبينها وهو مازال محتفظا بصمته المهيب ..فتقول الفتاة برقة:-وحشتني يا بابي جدًا ..أبعدها عنه قليلاً كي يتمعن وجهها كعادته ويقول باتزان:-أنتِ وحشتيني أكتر يا حبيبتي، ليه صاحية لحد دلوقتي؟امتعض وجهها قليلاً وقالت بتذمر:-يا بابي أنا مبقتش أحب أنام بدري، أنا كبرت بقى عندي 15 سنة بحالهم ومبقتش صغيرة على السهر يعني !-هو السهر دا مكتوب عليه للكبار فقط؟, النوم بدري صحي أكتر للصغيريين والكبار وكمان مش حضرتك عندك مدرسة؟تنهدت بضيق قليلا وهي تجيب عليه:-أيوة ..ابتسم لها مجدداً وراح يقول بهدوء:-تصبحي على خير يا جنات، يلا على أوضتك.هزت رأسها في طاعة وقالت قبيل أن تذهب:-وأنت من أهله يا بابي.انصرفت الفتاة وتنهد والدها وهو يضحك بخفوت، قبل أن يسمع صوت والدته التي جاءت من خلفه تهتف بصرامة:-البنت بتكبر يا يزيد ولازم تشد عليها شوية عن كدا!أجفل يزيد بضيق لكنه حاول أن يبقى هادئًا مع قوله:-مساء الخير يا ماما.-مساء النور يا حبيبي، أنا عارفة إنك بتضايق من كلامي خصوصا إنك راجع تعبان من الشغل لكن أنا قلبي عليك وعلى ولادك، كفاية أمهم عليهم اللي زي ما يكون بتبخ سم في ودنهم وتكرههم فيك ..يزيد باتزان تام:-معلش يا حبيبتي ممكن متكلمش في الموضوع دا دلوقتي، أنا حقيقي تعبان جدا وعايز أرتاح.-طبعا يا حبيبي ،إطلع إرتاح وأنا هخليهم يطلعوا العشا على أوضتك سامحني يا يزيد أنت عارف أنا بحبك قد إيه.-عارف، بعد إذنك.توجه فورًا يزيد إلى الدرج ومنه إلى غرفته بينما يخلع عنه سترته ويتجه إلى المرآة ينظر إلى هيئته بعينين حادتين ،ثم يبتسم بسخرية تامة ..كل من يراه يظن بأنه أسعد الناس ...وما ينقصه إذًا؟!رجل وسيم إلى حد كبير ذا شخصية قوية صلبة ..لديه من الأبناء إثنين ..وعائلة متكاملة ..ومن المال ما لا يعد ..ينظر الجمع إلى الظاهر منه فقط ..فهل نظر أحد إلى قلبه؟يبتسم مرة أخرى بسخرية عندما يجول بخاطره ذلك ..لا ينكر أنه يمتلك طباع صعبة التحمل ..لذا لم تتحمله زوجته وطالبت بالانفصال عنه وبالفعل انفصلت ..ثم تركت له ابنته جنات وأخيها الأصغر إياد .. وذهبت هي تشق الطريق بعيد عنه ..وكأنها غربت كما الشمس تغرب عن الدنيا وبقى هو في ليلٍ طويل !يحبها؟يسأل نفسه دائما هل مازال القلب يرغب قربها؟!أم أن كما يقولون دائما البعيد عن العين بعيد عن القلب !لا يعلم تحديدًا ..لكنه مشتت .. وللغاية!غير مستقر نفسيًا على الإطلاق .. ويُحدث نفسه ثانيةً ترى هل نفد حبه داخل قلبها ؟؟؟فصول رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأولرواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الأوليزيد البحيري؟ دا شخص أصلاً لا يُطاق يا حبيبتي.هكذا تحدث ياسر وهو يكاد يلتصق بها التصاق محاصرًا إياها بذراعيه في مكتبه وابتسامة ماكرة تشق ثغره، تبتلع سيرين ريقها وتجيبه بتلعثم:عشان كدا انفصلت..ابتعد عنها مبتسما وراح يفتح ثلاجة مكتبه الصغيرة ملطقتا منها زجاجة مياه ثم تجرع نصفها قبيل أن يقول غامزًا:خير ما عملتي..هندمت سيرين تنورتها السوداء القصيرة وكنزتها الصيفية البيضاء بيدين مرتعشتين وشعرها الأسمر الطويل أيضاً قبيل أن تأخذ حقيبتها وتقول بتوتر:أنا لازم أمشي اتأخرت يا ياسر.ابتسم مجددا وقال:كانت زيارة جميلة زي صاحبتها!ابتسمت بخجل وأشارت له مودعة ثم انصرفت على الفور..بينما جلس ياسر على مقعده وهو يحدق في الفراغ ساخرًا وهو يتابع:ملكش في الطيب نصيب يا حاج يزيد!طرقات قوية على باب المنزل جعلتها تركض بلهفةٍ وهي تهتف منزعجة:حاضر يا ماما حاضر، نفسي اعرف مش بتفتحي بالمفتاح ليه!فتحت في سرعة الباب على مصراعيه فإذا بها تشهق بقوة عندما رأت الطارق، حيث لم يكن والدتها وكان محمود الذي راح يبتسم لها ابتسامة يغلفها الحب والود، بينما يهمس وهو يحاول الاقتراب منها:وحشتيني، جدًا!تنهدت بارتباك وهي تتلفت يمنة ويسرة فيما تقول بحنق:.إيه اللي جابك هنا يا محمود؟ أنت بجد مش طبيعي أمي لو جات وشافتك هقولها إيه؟!قوللها إني بحبك وعايز أتقدملك، هتقوللها إيه يعني؟هي بتوتر بالغ:لو سمحت أمشي بالله عليك الناس هتاكل وشنا..محمود بضيق شديد:ما اللي ياكله يطفحه سم يا ستي أنا مبعملش حاجة غلط يا رنا، رنا أنا بحبك!رنا وقد تورد وجهها خجلا على إثر هذه الكلمة:.وأنا كمان بس اللي بتعمله دا غلط يا محمود، لو سمحت أمشي دلوقتي، وأنا أوعدك هحاول أمهد لماما وبابا الموضوع بس عشان خاطري أمشي قبل ما حد يجي...وأخيرًا منحها ابتسامة هادئة وأشار لها بإضافة قبلة هوائية قبل أن ينصرف ويترُكها في حالة هُيام..أقفلت الباب واستندت عليه زافرة الهواء من بين شفتيها وقد رُسمت على ثغرها ابتسامة عذبة هادئة عاشقة، تكاد تتنفس عشق محمود بدلا من الهواء المحيط بها، الشاب الأسمر المكافح الذي أسرها منذ الوهلة الأولى..اتجهت إلى المرآة فورا وتأملت حُمرة وجهها وهي تتحسسها بأناملها، كما تأملت ملامحها الهادئة وبشرتها البرونزية الرائعة ثم فكت رباط شعرها لينسدل على ظهرها بشكل جذاب..أفاقت من شرودها ذاك على صوت الباب وهو يقفل مرة أخرى فلاحت منها التفاتة إلى الخلف فوجدت والدتها إكرام أتت لتوها من السوق تحمل عدة أكياس بلاستيكية من الخضراوات والفاكهة..أسرعت رنا لتأخذهم منها وتدخلهم المطبخ وهي تقول مبتسمة:حمدلله على سلامتك يا ماما..الله يسلمك يا رنا، ولعيلي على كوباية شاي لحسن الصداع مش قادرة منه وهاتيلي شنط الخضار أنضفها وأنا قاعده..يأتيها صوت ابنتها من داخل المطبخ:حاضر يا ماما.وتأهلت رنا في الداخل كي تبدأ حوارها مع والدتها بخصوص محمود..انضم يزيد في الصباح إلى طاولة الطعام المُجهزة من أطيب المأكولات وشاركاه كلا من جنات وشقيقها إياد كما انضمت أيضاً والدته أيضًا قبل أن تقول بجدية:صباح الخيرصباح النور.جاءها الرد من الثلاثة على الفور، بينما يقول يزيد وهو ينظر إلى إياد:أخبار الدروس والمدرسة إيه يا إياد؟أجاب إياد وهو يتناول بعض اللقيمات:تمام..يزيد بجدية تامة:تمام دي يعني هتطلع 2 اعدادي ولا هنعيد زي السنة اللي فاتت؟إياد باحراج:.مش هعيد يا بابا مش هعيد..أما نشوف يا سيدي، ها وأنتِ يا أنسة جنات؟ابتسمت جنات برقة وقالت:متقلقش يا بابي أنا هبسطك..بادلها يزيد الابتسامة أيضًا واردف:عارف إنك شاطرة، طالعة لأبوكي مش زي ناس!نظر له إياد بضيق وراح يستكمل طعامه بصمت، فيما قالت والدته ابتهال بصرامة:افضل أنت دلع كدا في بنتك وابنك لأ، أنت كدا بتفرق بينهم..تنهد يزيد ورد عليها بهدوء:.دي مش تفرقة، بس ممكن كلامك دا يلفت نظر إياد لحاجات متخطرش على باله أصلا فلو سمحتي يا ماما لآخر مرة بقولك لو عاوزة تقولي حاجة تبقى على انفراد مش قدام الأولاد، تمام؟صمتت متنهدة بحنق، وقالت جنات متجاهلة حديث جدتها:بابي ممكن طلب؟هز يزيد رأسه بصمت وهو يرتشف من قدح القهوة خاصته، فقالت جنات بحذر:مامي كلمتني امبارح قبل ما أنام واتفقنا نروح أنا وإياد نبات عندها كام يوم..تجهمت قسمات يزيد على الفور وقست عيناه وهو يرد ردا قاطعاً:لأ، مافيش بيات غير هنا تحت عنيا أنا وأنتي عارفة كدا كويس أنتي وأخوكي!أيوة يا بابي بس دي مامي يعني وحضرتك مش من حقك تمنعنا عنها!تملكت العصبية من يزيد حين قال:وهو أنا منعتكم عنها؟! ولا هي اللي رمتكم؟ الهانم عاوزة وقت ما يجلها مزاجها تشوفكم تشاور وانتوا تجروا ووقت ميجلهاش مزاج محدش بيسمع صوتها، لأ والف لأ وكلامي يتنفذ بالحرف الواحد سمعتوا؟انسابت الدموع من عيني ابنته حيث لا مجال بعد هذا النقاش في الموافقة، قال كلمته الأخيرة وانتهى الأمر، فنهضت راكضة إلى الأعلى واتبعها أخيها أيضاً، فقالت والدته وقد لوت فمها بعدم رضى:آدي آخرة الدلع يا سي يزيد...نهض يزيد آنذاك بعنف عن المقعد ومن ثم دفعه بقدمه بقوة قبل أن ينصرف غاضبا إلى عمله، وفي الخارج حيث حديقة القصر تقابل يزيد مع شقيقه مازن الذي قال قاطبًا ما بين حاجباه:مالك يابني في إيه؟!لم يجب يزيد عليه واستقل سيارته منطلقا بها على أعلى سرعة ممكنة، توجه مازن إلى الداخل ليتفاجئ بوالدته تهتف معنفة إياه ككل ليلة:يا أهلا بالبيه اللي كان بايت برة طول الليل أهلا!مسح مازن على رأسه في صمت غاضب ولم يمنحها الفرصة في التحدث مجددا حيث أسرع في خطواته إلى الدرج ليصعد إلى غرفته مباشرة تاركة والدته تهتف بنزق:مافيش واحد فيكم مريحني أبدااا!دخل مازن إلى غرفته التي كان الظلام يحيطها كليا، تعجب لذلك وللغاية، عجيب أن زوجته مازالت نائمة لم تكن هذه عادتها قط، الساعة الآن الحادية عشر صباحا، ربما مريضة، وعند هذا الخاطر اندفع نحو الفراش وجلس جوارها واضعا يده على ذراعها وهامسا:نور، حبيبي، نورهان؟ اصحي ايه النوم دا؟!تقلبت نورهان في الفراش والتفتت له لتنظر له بنعاس مع قولها:أنت جيت امتى؟دلوقتي..نهضت جالسة ونظرت له نظرة بالطبع وصلته المغزى منها، لكنه بقي ثابتا ناظرا إلى عمق عينيها المعاتبتين بشدة..لتقول وقد تحررت من صمتها:أنا نايمة لحد دلوقتي عشان فضلت مستنياك طول الليل على أمل إنك هتيجي بس كالعادة يا بتيجي الصبح يا بتيجي وش الفجر!كان ارتباكه ملحوظ حين رد عليها:أكيد مشغول يعني مش هقعد طول الليل برا وخلاص!كسى الحزن عينيها الآن وملامح وجهها كليا مع استطرادها:.واحد عنده معرض سيارات ايه اللي يخليه يشتغل لوش الصبح؟ يعني شغال شغل حر تقدر توقف في الوقت اللي أنت عاوزه!غلطانة طبعا أنا بتعامل مع ناس كتير جدا وكلهم من فئة مبتنامش بليل أصلا وأنتي عارفة يا نور!نظرت له واطالت النظر إليه:مش مصدقاك يا مازن، حقيقي مش مصدقاك خالص أنت بتضحك عليا زي عادتك، بس صدقني يا مازن هيجي اليوم اللي مش هتلاقيني فيه و...لم تكد تكمل حديثها حيث قبض بعنف على ذراعها وشدها إليها بعنف أشد مع قوله الشرس:هتبتدي تزعليني يا قلب مازن وهقلب عليكي صدقيني، هتبدي تخرفي بكلام أنا مش بحبه بس عشان بحبك أنتِ بحاول افوتلك، كلمة مش هتلاقيني يا مازن، هسيبك أو طلقني يا مازن دي تتلغي تماما من قاموس حياتك مفهوم يا قلب مازن؟!تألمت بشدة من قبضته فقالت وقد انهمرت دموعها:سيبني!تركها متنهدا ونهض عن الفراش بينما أشعل أحد سجائره بعصبية وهو يهتف:آخر مرة تنطقي بكلام ميعجبنيش وبطلي نكد لأن لصبري حدود..!التزمت الصمت وأخذت تجفف دموعها وهي تحاول النهوض من على الفراش بينما يصلها صوته وقد اقترب منها مجدداً:بلاش تخليني اتصرف بطريقة همجية تاني معاكي ممكن؟حاولت دفعه كي تلج إلى الحمام لكنه أمسك بها مجددا وهو يخبرها:مافيش فايدة فيكي، بطلي عند يا نورهان ونكدددد!ممكن تسيبني؟هتروحي فين؟هي بضيق:أكيد هدخل الحمام يعني!ابتسم ودنا منها مقبلا وجنتها باشتياق وأخبرها:ممكن تفطريني؟ وهنا مش تحت..ويكمل غامزا:أنا وأنتِ بس!تخضبت وجنتاها فورا واسرعت إلى الحمام مغلقة الباب خلفها، فعلم أن غضبها قد تبخر كالعادة...وكعادة الزهراء دوما تجلس وحيدة في غرفتها، حيث أنها ترى في هذه الوحدة راحة نفسية لم تجدها مع أفراد البيت..هُنا بعيدا عن امتعاض والدتها الدائم وغضب يزيد ولا مبالاة مازن..لكنها لم تسلم أيضا من مشكلاتهم المستمرة..يرن هاتفها الآن يعلن عن اتصال أحدهم، تنظر إلى الشاشة لتجد المُتصل سيرينأجابت عليها على مضض ووصلها غضب الثانية في جملتها:.ينفع اللي يزيد بيعمله دا يا زهراء؟ إزاي يزعق لجنات ويمنع ولادي عني؟ قوليلي إزاي؟!زهراء وقد زفرت بضجر:وأنا ذنبي إيه مسالتيش يزيد ليه يا سيرين؟كدا برضوه يا زهراء دا كلامك معايا؟معلش يا سيرين بس أنتي ويزيد مش حاسين بنفسية الاولاد المدمرة دي وعايزة الصراحة أنتي الغلطانة مش يزيد، انتي اللي سبتيهم وسبتي يزيد بمنتهى البساطة بتتكلمي في إيه مش فاهمة؟!نفس كلام أخوكي للأسف كلكم فصيلة واحدة تحبوا تعيبوا في غيركم وبس!ضحكت زهراء ساخرة قبل أن تقول:واضح إن الكلام معاكي هيدخلنا في مشاكل أكتر، سوري يا سيرين مضطرة أقفل..وبالفعل أغلقت الخط والقت الهاتف قائلة بضيق:متخلفة!وبعدها..فُتح الباب بقوة ودخل منه إياد الذي هتف برعب تام:عمتو عمتو الحقي جنات واقعة ومش بترد خالص عليا!..تاااابع اسفل