logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 2 من 14 < 1 2 3 4 5 6 7 8 14 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:09 مساءً   [7]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل الثامنساد الصمت للحظات قبل أن يقطعه قهقهة براء الساخرة، اختفت ابتسامته فجأة وهو يتمتم موجهاً حديثه إلى سلاف: مالذي قلته للتو؟ هل شربتما شيئا اليوم؟نظر كلا من عادل وسلاف لبعضهما باستغراب بينما تابع و هو يكزّ على اسنانه: أتخبرونني أن والدة أميرة قامت من قبرها حيث دُفنت منذ ثلاث وعشرون عاما لتقتل زوجها ثم تعود لقبرها مرة أخرى؟- تحدثت سلاف محاولة إيصال فكرتها إليه وهي تمد يدها ناحيته بورقة ما: سيدي هذه نتيجة التحاليل واضحة ولا تقبل النقاش.استلّ الورقة من يدها ليقرأ ما دوّن فيها، عقد حاجبيه وهو لا يصدق ماقرأ، كيف يكون القاتل والدة أميرة المُتوفية؟في هذه اللحظة دخل جميل وهو يدندن بأغنية ما، ويحمل في يده حاسوباً محمولاً، لاحظ الجمود المسيطر على براء ورفيقيه، وقبل أن يسأل نفخ براء بضيق ثم تحدّث موجها كلامه إلى عادل وسلاف: لا اعلم، ولكن هناك امرٌ غريب في هذه الورقة، إذا كان عمار والدها الحقيقي فإذاً هي ليست مُتبناة، ولكن كيف تكون والدتها هي القاتلة وقد توفيت منذ زمنٍ طويل؟سكت لثانية فبدى كمن يفكر قبل أن يضيف: ربما يكون القاتل الحقيقي هو من وضعها لتضليلنا؟نطق جميل أخيرا بجملة تهكمية و هو يعبث بحاسوبه بصوت مسموع: أمنيتي أن يكون المجرم أمامي الآن، لأرى وجهه وأنا أخبره أنه ارتكب جريمة بلا داعٍ.سكت وهو يبتسم بسخرية ويحرك رأسه للجانبين، لكنه شعر بمن يراقبه فرفع رأسه ببطء ليجد كلاً من براء وعادل وسلاف ينظرون إليه باستغراب، خبت ابتسامته بينما نطق براء بما يشبه السخرية: هل لدى حضرتك أية معلومات قد تفيدنا دكتور جميل؟تنحنح جميل بخشونة ثمّ تحدث: آسف سيدي.ثم أخذ نفسا قصيرا وهو يقول: الحقيقة سيدي نعم، هناك ما أودّ مشاركتكم به.عبث بجهازه قليلا قبل أن يضعه على الطاولة لتظهر عدّة صور لخلايا الدم في الجسم، ثم بدأ حديثه بجدية: سيدي، لقد شككتُ في امرٍ ما منذ بدأتُ بتشريح الجثة في الأمس، لقد كان الطُحال متضخماً بشكل غير طبيعي، وهذا ما جعلني أُرسل عينةً منه ومن الدم للتحليل فوجدتُ أن الضحية مُصابٌ بمرض سرطان الدم الليمفاوي المُزمن، أو مايُعرفُ باللوكيميا.بدى الجميع متفاجأً من حديث جميل، عقد براء حاجبيه سائلاً: كم كانت المدة المتبقية له للحياة قبل أن يُقتل،؟ابتسم جميل بانتصار مُردفاً: وهنا المفاجأة الكبرى سيدي، الضحية لم يكن قد تبقّى له سوى عدة أسابيع، أقصد ليس أكثر من ستة أسابيع.وقف بشموخ وهو يكتف يديه أمام صدره بتفكير فقال بصوت خفيض: إذاً القاتل لم يكن على معرفة بمرض عمار!- أضاف جميل قائلاً: لا اعتقد هذا سيدي، يبدو أن القاتل من خارج القصر.ضيق عينيه وقد زمّ فمه بتفكير ثم سمع عادل يتحدث: المريب في الأمر أنه لاآثر لكسرٍ أو خلع في القصر، وأيضا الحرس والخدم لم يسمعوا شيئا غريباً، إذاً كيف دخل القاتل إلى غرفة عمار ليقتله ويخرج قبل أن يكتشف أمره أحد؟اردفت سلاف: إذا من المعقول أن يكون القاتل من داخل القصر؟اتسعت عيناه بصدمة وقد تذكر أمراً ما، نظر إلى سلاف يسألها: هل هذا هو لون الشعرة االأصلي؟أجابت الأخيرة باحترام ؛ لاسيدي، إنها مُلوّنة بصبغةٍ شقراء.ضيّق عينيه بتفكير ثم التفت نحو جميل ليسأله: أيها الطبيب، لنفرض أنني ابتلعتُ أدوية مهدأه أو منومه منذ ست وثلاثين ساعة تقريباً، فعل سيظهر ذلك في تحاليل الدم؟رغم استغراب جميل من السؤال إلا أنه أجاب بعملية: حسب نوعية الحبوب التي تناولتها، لكن بالمجمل قد يظهر ذلك في تحاليل الدم والبول أيضاً.- انفرجت أسارير براء قليلا وهو يهتف به: إذاً هيئ نفسك لتذهب معي.ثم التفت إلى عادل متحدثاً: وانت عادل اجلب سلاف واتبعني.ودون انتظار اي سؤالٍ منهم تحرك هو متجهاً نحو سيارته، وفي داخل رأسه ترنّ عبارات والدته (علاقتهما اكثر من علاقة فتاة ومربيتها)( ارتجافة خفيفة في يديها، اهتزاز حدقة عينها، علامات انسحاب المهدئات من الجسد)ابتسم بشرٍّ وهو يتوعد داخله، لوكان ما يفكر فيه صحيحاً.وقف يوسف في منتصف الدرج يضع إحدى يديه على خصره، والأخرى يعبث بهاتفه وبعد أن أرسل رسالةً ما إلى أحدهم نزل الدرجات المتبقية حتى أصبح في الصالة، جلس على إحدى الآرائك ينتظر حتى نزلت عليا تبحث عنه بعينيها، وما إن جلست أمامه حتى هتف بضيق: لقد حاولت الدخول إلى غرفة عمار، لكن الحارس الذي يقف أمامها منعني.أجابت عليا بتعب واضح في نبرتها: لا عليك بني، سندخل عندما تسنح لنا الفرصة لمَ العجلة؟استدار نحوها بجسده ليقول وهو يكزّ على أسنانه بغيظ: يجب أن نصل إلى تلك الحقيبة بأسرع وقت ممكن، لأن البقية هناك لن ينتظروني طويلاً.تنهدت عليا وهي تعيد ظهرها للخلف وهي تقول: حسناً إذاً، سننتظر حتى المساء ونفعل معه مافعلنا مع آمال، لا تقلق عزيزي قريباً ستحصل على الحقيبة وما في داخلها.نفخ بضيق وهو يعبث بشعره، أدار رأسه في أنحاء الصالة ليقول: و كيف حال أميرة الآن؟ إنني لاأراها كثيراً هنا؟ابتسمت لمجرد ذكر اسمها فقالت: إنها نائمة في غرفتها، لقد قضت الليلة الماضية وهي تبكي على والدها.ابتسم يوسف بدوره بسخرية متحدّثاً: لو تعلم حقيقة والدها لما ذرفت دمعة واحدة.ثم استقام من مكانه، فسألته عليا باستغراب: إلى أين أنت ذاهب في هذا الوقت المبكر؟أجابها وهو يلبس سترته الجلدية: يجب أن أرى سيمون في المنزل الذي استأجرته لعلّه يعرف مكان الحقيبة، لقد أمرت رجالي بأن يعذبوه حتى يعترف.تركها مكانها ثم اتجه إلى الخارج، اراحت رأسها على الكرسي خلفها لتغمض عينيها وهي تفرك صدرها بألم، مالبثت بضع دقائق حتى سمعت صوت الجرس، ثم سمعت بعدها صوت براء يأمر الخادمة بأن تنادي آمال.بلعت ريقها بارتباك وهي تراه يتقدّم ناحيتها وعلى وجهه ابتسامة خطيرة، وقف قبالتها وهو يرمقها بنظرات لا تُبشرُ بالخير مطلقاً، تقدمت نحوه آمال وعلى وجهها علامات الاستغراب لاستدعائها.نظر إلى آمال متحدّثاً و هو يشير إلى جميل خلفه: سيدة آمال، أرجو منكِ أن تذهبي ناحية السيد جميل هناك، وافعلي كلَّ مايأمركِ به.حركت آمال رأسها موافقة ثم تحركت نحو جميل ليبتعدا قليلاً عن مسمع ومرآى براء.التفت مجددا نحو عليا وهو يرمقها بنظرات متفحصه، جلس وهو يزمّ فمه بتفكير بينما هي تنظر إليه بتوترٍ شديد، حتى قطع هو هذا الصمت المريب قائلاً: إذاً سيدة عليا، أخبريني قليلاً عن والدة أميرة؟ازدردت ريقها بوجل وهي تتمتم بصوت خفيض: أتقصد السيدة ليلى ماهر؟ابتسم بسخرية وهو يهزّ رأسه بالإيجاب، فتابعت حديثها بارتجاف وتقطع: ل لقد توفيت السيدة ليلى أثناء ولادة أميرة طبيعيا.ضيق عينيه وهو يتأمل وجهها جيدا: لماذا ماتت؟ اقصد ماالسبب؟بلعت ريقها مجددا وهي تضيف: ل لقد أصابتها حُمّى النفاس بعد أيام قليلة من ولادتها.ابتسم بخبث وقد لمس أول خطأ منها، فعاد يسألها بمكر: هل تعرفينها جيدا.؟- أجابت بارتباك وهي تفكر في أسباب تلك الأسئلة: نعم، أعرفها جيداً.- سكت قليلاً قبل أن يسألها بغتةً: هل تشبه ابنتها كثيراً؟حاولت أن تُهدّأ نفسها وهي تجيبه: نعم، إنها تشبهها كثيرا.استحضر في ذهنه صورة وجه أميرة ولون عينيها، وبمقارنةٍ بسيطة اكتشف كمّ التشابه بين الوجهين، أعاد ظهره للخلف وصمت حتى سمع صوت سلاف خلفه فصاح بها بهدوء مريب: سلاف، تعالي لتأخذي عينةً من السيدة عليا.زاغت نظراتها بين وجهه وبين سلاف التي تتقدم نحوها بثبات، فهتفت بربكةٍ خفيفة: ل لماذا تريدون عينة مني؟ ألم تقل أن العينة ستؤخذ ممن تواجد في القصر ساعة الجريمة فقط؟نظر في عُمق عينيها الخضراوين وهو يهتف متجاهلاً سؤالها اصلاً: أخبريني سيدة عليا، هل هذا هو لون عينيكِ وشعركِ الحقيقي؟هدأت حركتها فورا وهي تنظر له بارتعاب، ضيّق عينيه أكثر وهو يخبرها: لقد وجدنا شعرةً ما لونها مُطابقٌ للون شعركِ.سارعت بالإجابة على سؤاله دون تفكير: لا، هذا ليس لون شعري الأصلي.لم تُدرك بغبائها أنها أعطته الإجابة على أغلب أسئلته، فاقترب منها بجسده قليلاً وهو يهتف بهمسٍ أقرب إلى صوت الفحيح: إذاً كما ظننتُ فعلاً، أنتي والدة أميرة الحقيقية، أليس كذلك؟تجمدت حدقتيها وهي تنظر في عينيه المُظلمتين، تسارعت أنفاسها باضطراب كبير وإحساس بالبرودة الشديدة زحف إلى جسدها، شعرت بتسارع دقات قلبها وهذا النغز الذي تعرفه جيدا ً بدأ بضرب صدرها بسرعه ودونما رحمة، ارتجف رمشيها عدة مرات قبل أن تتثاقل عينيها وتسقطُ مُغشيةً عليها، وآخر مارأته كان عينيّ براء تنظر إليها بانتصار، وآخر كلمة نطقتها قبل أن تسحبها دوامة لا متناهية من السّواد كانت ( أميرة).


look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:09 مساءً   [8]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل التاسع- حسناً لقد تجاوز ذكاؤك توقعاتي بمراحل!هتف جواد بجملته هذه بدهشة بائنة في نبرته، مخاطباً براء الجالس أمامه مُغمض العينين، ابتسم بخفة وهو مايزال على وضعه، أردف جواد سائلاً إياه: إذا ماالذي حدث بعدما نقلتها إلى المستشفى؟تنهد براء بتعب وهو يتابع سرد قصته: تمّ إدخالها إلى العناية المركزة ثمّ خرج الطبيب المختص بعد قليل.Flash Back.كان براء يجول في رواق المستشفى أمام غرفة العناية المركزة، بعدما تمّ نقل عليا إليها رافضاً أن يحضر معها أحد خاصّةً أميرة، فقط اكتفى بإحضار عادل معه والذي كان يجلس على كرسي الانتظار في الرواق.خرج الطبيب من عندها فوقف براء أمامه هاتفاً بجديّة: أخبرني ما لديك أيها الطبيب؟اجاب الطبيب بعملية جادة: لقد أُصيبت بذبحة صدريّة، يجب أن تبقى تحت المراقبة.هز رأسه متفهما قائلاً: شكرا لك.ثم أردف بنبرة تحذيرية: لكنني لا اريد دخول أي أحدٍ من طاقمك الطبي إليها، سأجلبُ ممرضةً خاصّة، وأيضا سنحضر لها الطعام من الخارج، وهناك حارسان سيبقيا أمام غرفتها بشكلٍ دائم.عقد الطبيب حاجبيه متسائلاً باستغراب: ولمَ كلُّ هذه الإجراءات سيدي؟- أجاب براء بغموض: هي شاهدة أساسية في قضيّة هامّة، ولا آمن إلا أن تبقى تحت مُراقبتي.ثم تابع: أرجو أن تكتب لنا الأدوية اللازمة لها، وكذلك أنواع الطعام الذي يجب أن تتناوله وسنتولى نحن الباقي.رغم غموض كلماته التي تبعث على الريبة لكن لم يجد الطبيب بُدّاً من إطاعة الأوامر، فقال بنبرة رسمية: عامةً يجب أن تتناول الطعام الصحي والخالي من الدهون والزيت والزبدة، وسأكتب الأدوية اللازمة في ورقة وأرسلها إلى سيادتك.هز براء رأسه في استحسان، مشى الطبيب من أمامه خطوتين قبل أن يقف ليهتف كمن تذكر أمرا ما: وأيضا أرجو أن تنتبه لئلا يشمل طعامها على أي نوعٍ من أنواع المكسرات.التفت إليه براء ناظراً باستغراب، بينما تابع الطبيب: تحاليل الدّم لها تُظهر حساسية عالية تجاه المكسرات لديها.هز رأسه متفهما دون أن يُعقب تاركاً الطبيب يتحرك من أمامه حتى اختفى، تقدّم عادل نحوه ليسأله باستغراب: ماكلّ هذا التشديد براء؟همس براء وهو ينظر إلى غرفة العناية حيث ترقد عليا: حدسي يُخبرني أنها لم ترتكب جريمتها وحيدةً، وأن هناك من سيحاول أن يقتلها لئلا تشي به.رفع عادل حاجبيه بدهشة، ثمّ تطلع إليه براء آمراً: أُريدك أن تحضر لي عنصرين ليحرسا الغرفة ويمنعا أياً كان بالدخول إليها سوانا.حرك عادل رأسه موافقا قبل أن يردف: حاضر، وماذا بشأن الممرضة؟ ماذا ستفعل؟ابتسم بخفه وهو يربت على كتفه مُجيباً: لا تهتمّ، سأحضر ممرضةً موثوقة.ثم أردف بحزم: بعد أن تنتهي من هنا، أريدك أن تذهب إلى المعمل الجنائي، قمْ بمقارنة العيّنة التي أخذتها سلاف منها مع عينة أميرة، وكذلك بصماتها مع البصمة التي وُجِدتها على سترة عمار، وأخبرني بالنتيجة.عاد إلى المستشفى عقب خروجه منها بنحو ساعة، فبعدما أملى أوامره على العناصر الشُرَطيّة التي وقفت أمام غرفة عليا، اتجه نحو منزله حيث هاتف والدته ليطلب إليها تأمين ممرضة موثوقة فأخبرته أنه يستطيع أخذ بسمة، الممرضة التي تعمل في عيادتها فهي صبية ذكية ونشيطة.احضر بسمة من عيادة والدته كما أخبرته، ثم عاد بها نحو المشفى ليسمع صوت صياح فتاة ما في الرواق، وبكلّ سهولة استطاع تمييز هذا الصوت المميز والتي لم تكن سوى أميرة، تقف أمام غرفة عليا لتأمر الشرطيان بأن يسمحا لها بالدخول إليها، إلا أن طلبها هذا قوبل بالرفض القاطع منهما، حيث اخبراها بمنع الزيارات عن عليا إلا بأمرٍ مباشر من الضابط المسؤول عن القضية.- أشار إلى نسمة بأن تدخل إلى غرفة العناية حيث ترقد عليا، و صدح صوته بخشونة: مالذي يحدث هنا؟التفتت إليه لتصيح به بحنق: هل استطيع أن اعرف بأي حقٍ يتم منعي من زيارة مربيتي؟وبأمرٍ مِمّن؟،ابتسم بخفه وهو يقف بشموخ، مجيباً بما يشبه السخرية: إنها أوامري انا آنسة أميرة، وأما عن السببفهذه أسرار خاصة بالتحقيق.نظرت إليه وهي تعقد حاجبيها بضيق: لكنني فقط أريد الاطمئنان عليها لا أكثر.كان قد أصبح يقف أمامها عندما اجاب بلا مبالاة: اطمئني هي بخير، لكنني لن أسمح بزيارتها حالياً.التفت ليذهب لكنها استوقفته كلماتها عندما هتفت بجزع: أرجوك، انا فقط أريد أن أراها حتى ولو من بعيد.استدار نحوها مجددا وهو يضيق عينيه بشكٍ قائلاً: ولماذا انتي مُهتمّة بالاطمئنان عليها إلى هذه الدرجة.؟- أردفت وهي تجاهد بحبس دموعها: لم يتبقى لى سواها، أرجوك.نغزات حادّة بدأت تضرب قلبه وهو يتأمل عينيها الدامعتين، ورغم أنه كاد يلين لها إلا أنه رسم الجمود على وجهه وهو يردف: آسف، لكنني لن أسمح لأحد برؤيتها الآن.استدار هذه المرة ليمشي مبتعدا عنها عدة خطوات، قبل أن تصيح خلفه بغضب: هناك قوانين في هذا البلد سيادة الضابط، و قوانينكم تحترم حقوق الإنسان، واسمح لي أن أخبرك أن ماتفعله هذا اسمه حماقة!التفت أليها يرمقها بنظرات غير مفهومة، تقدم نحوها بثبات حتى وقف أمامها وتعابير وجهه غامضة، تأملها للحظات دبت الرعب داخلها، قبل أن ينشقّ ثغره عن ابتسامة خبيثة، وهو يهمس أمام وجهها بنبرة هادئة لكنها تحمل تهديداً مبطناً وعينيه المظلمتان لا تحيدا عن خضراوتيها قيد أنملة: لو أنك حبيبتي لأريتك الحماقة الحقيقية كيف تكون.أرجعت رأسها للخلف وهي تشعر بنبضاتها الهادرة بقوة من آثر اقترابه، وظلام عينيه يحوي ألف حكاية، لا تنكر أنها شعرت بالخوف من تهديده المُبطن، لكنها لم تستطع النطق بحرف واحد وهي تشعر بأن صوتها قد اختفى نهائياً.وهو أيضا لم يكن بحالٍ أفضل منها، فقد تأمل خضراوتيها بتمعّن شديد ليدركه ذلك الإحساس من جديد، إحساس بأنه يعرف تلك الواقفة أمامه أكثر من أي شخص في الدنيا.انتبه أنه شرد في غاباتها اكثر من اللازم، فعاد إلى الخلف خطوتين قبل أن يستدير خارجاً من المستشفى بأكملها، تاركاً إياها خلفه تحاول لملمة مشاعرها التي بعثرتها كلماته المقتضبه.عادت إلى قصرها وهي تجرُّ أذيال خيبتها، لم تستطع رؤيتها حتى ولو من الزجاج العازل، دلفت إلى الصالة الكبيرة حتى جلست على إحدى الآرائك وهي تمسحُ دموعها التي انهالت بغزارة، لم تعرف لها أنيساً سواها، وهي من ربتها كأنها والدتها الحقيقية.دخل يوسف إلى القصر هو الآخر، بعد أن أخبره حارس الأمن في الخارج بخبر نقل عليا إلى المشفى، وجد أميرة في الصالة وهي تسند رأسها إلى كف يدها وبدت كأنها شاردة.سار أليها بخطىً حثيثة يسألها: مالذي حدث أميرة؟نظرت إليه وهي تتنهد بسقم، فأجابته ببرود: لا أعلم، كان الضابط يتحدث إليها وكانت بخير، فجأة سقطت أرضاً ونقلها إلى المشفى رافضاً أن يصحبها أحدنا.ثم اعتدلت في جلستها لتهتف بضيق بارز في نبرتها: وعندما ذهبت لأراها في المشفى فوجئتُ بأن الضابط منع أياً كان بزيارتها.عقد حاجبيه وهو يفكر، هل من الممكن أن يتعرّف إليها براء؟استفاق من شروده على حركة أميرة، حيث استقامت لتصعد إلى غرفتها علّها ترتاح.زفر بضيق وهو ينظر إلى الأعلى بعينٍ ضيقة، سينقذ عليا بالطبع، لكنه أولاً يجب أن يحصل على تلك الحقيبة، فبالرغم من تعذيبه لسيمون لساعات الا ان الأخير لم يعترف بمكانها حتى مات تحت التعذيب.فكر لعدة دقائق حتى توصل إلى نتيجة مفادها أن يعطي الحارس الذي يقف أمام غرفة عمار منوما حتى يستطيع الدخول إلى الغرفة ويبحث عن ضالته، ثمّ بعدها سيتخلص من براء ويخرج عليا بأقل الخسائر.مساءً، دخل إلى المستشفى وفي داخله ألف سؤال لاإجابة لها إلا لديها، وقف الحارسان باحترام عندما رآياه يتقدم نحوهما، فتح الباب فجأة ليرى عليا وهي تجلس نصف جلسةٍ وتستند برأسها على حافة سريرها الأبيض، تكتف يديها أمام صدرها وتلبس ثوب المستشفى ذو رقبة ّ مفتوحه، وبعض وصلات جهازٍ ما يُصدِرُ صفيراً رتيباً ماتزال على صدرها.انتبهت عليا لدخوله حاولت أن تعتدل في جلستها وهي تحاول أن تكون طبيعية، وسحبت الرداء من خلف ظهرها ليغطي رقبتها وبداية صدرها.أشار إلى الممرضة الجالسة على كرسي قريب منها لتخرج، جلس براء على الكرسي وهو يرمقها بتفحص جلي، وهي تشيح بوجهها عنه، تحدّث أخيرا بما يشبه السخرية: حسنا، والآن سيدة عليا؟ هل تستطيعين الحديث معي أم سنؤجله اليوم أيضا؟أخذت نفسا عميقا ثم زفرته ببطء لا تعرف كم إستطاع أن يعلم لكنها قررت أن تمشي معه على مهل، تنهدت بخفة قبل أن تومأ برأسها إيجابا.اعتدل في جلسته ليسألها بغتةً: لماذا قتلتي عمار؟ازدردت ريقها بوجل وهي تتمتم بتعب: لم أقتل أحدا سيادة الضابط.ابتسم بتهكم وهو يضيف: وانا صدقتك، لكن هلّا شرحتي لي بعض النقاط التي لم أستطع شرحها.أمعن النظر إليها ليقول وقد اختفت ابتسامته الساخرة: كيف وضعتي حبوب منوم لآمال؟لقد قمنا بتحليل دم لها فاكتشفنا أنها أخذت حبوباً مُنوّمة ليلة مقتل عمار، فهلّا أخبرتني كيف حدث هذا؟تنهدت بتعب وهي تُنكر: لم أضع لها أية حبوب.ضيق عينيه وهو يقترب منها أكثر قائلا بوجه اكتسب جديّةً قاسية: سيدة عليا لن تستطيعي الإفلات بفعلتك هذه أعدك، لذلك أنا أنصحك بأن تعترفي فهذا قد يخفف عقوبتك.ابتسمت بخفة وقد نسيت نفسها، اعتدلت في جلستها لتجمع شعرها كله على طرف واحد من جهة اليسار حيث بانت رقبتها وعظم الترقوة لديها، فجأة امتدت يده لتمسك بيدها بعنف، تطلعت إليه بحاجبين مُنعقدين مالبثت أن ارتخت تعابير وجهها وهي ترى نظراته المُصوبة على عظم الترقوة لديها.ازدردت ريقها بتوتر وهو يتفحص تلك العلامة التي برزت على عظمها من الطرف الأيمن.جحظت عيناه بشدّة وهو يرى تلك العلامة المميزة، دوائر ثلاثة فوق بعضها، الأولى أصغر من الثانية والثانية أصغر من الثالثة، ولونهم أسود مظلم.تسارعت أنفاسه بغضب وهو يرمقها بنظرات كرهٍ واضحة، سألها بجمود مخيف: أنتي هي حياة، أليس كذلك؟شدّد على يدها حتى كاد أن يكسرها، غير آبهٍ بذلك الصفير المتعاقب على جهاز فحص القلب، تطلعت إليه بنظرات زائغة وقد بدأ جسدها بالارتجاف بشدة، رفرفت بأهدابها وبدأت تفقد وعيها، في هذه اللحظة دخل الطبيب يصرخ في براء ليتركها ويخرج من الغرفة.وقف بتثاقل عندما صرخ به الطبيب مجددا داعياً إياه للخروج، ودون أن تحيد عينيه عنها انحنى صوب أذنها ليهمس لها بنبرة ذات مغزى: لاتحاولي الهرب مجدداً، حتى الموت لن يُنقذكِ هذه المرة.رمقها بنظرة أخيرة قبل أن يتحرك خارجاً من المشفى، متجهاً نحو منزله بسرعة البرق، تصحبه ذكريات مريرة لوجوه كثيرة، ووجه والدته الحقيقية المُتألم والمنكسر كان أبرزها.


look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:10 مساءً   [9]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل العاشركان يوسف قد زرع جاسوساً له في المشفى لينقل إليه اخبار عليا هناك، أخبره الرجل أنّ براء قد عيّن رجلين ليحرسا الغرفة ويمنعا أياً كان من الدخول إليها، وكذلك جلب لها ممرضة خاصة بها لا تخرج من الغرفة أبدا ولا تختلط بأحد.كان يجوب الحديقة ذهاباً وإياباً وهو يفكر في طريقة لتخليصها مما هي فيه عندما رنّ هاتفه، تطلع إلى الشاشة ليجد جاسوسه يتصل به اجاب بنبرة هادئة: أخبرني ما لديك بسرعة؟نقل إليه الرجل ماحدث من دخول براء إلى عليا بعد استفاقتها، ثم دخلت بعد قليل في نوبة قلبية عنيفة كادت تخسر حياتها على آثرها لولا تدخل الأطباء، كذلك أخبره بخروج براء من عندها كالمجنون.حدّق يوسف في نقطة في الفراغ بعدما أغلق هاتفه، ضيّق عينيه وهو يفكر، الاحتمال الأكبر لما حدث أن يكون براء قد تعرّف إليها، إذاً اقتربت لحظة انكشاف الحقائق.رفع رأسه بكبرياء وابتسامة شيطانية عرفت طريقها إلى ثغره وهو يهمس بشرّ: إذاً حان الوقت لاستخدام نفوذي.زادت ابتسامته شراسة وهو يضيف: أولا سأخرج عليا مما هي فيه، ومن ثمّ سأتخلص منك، للأبد.- دلف براء إلى منزلهم وأغلق الباب بقوة، خرجت والدته زينب لترى حاله المُشعث، عيناه حمراوان أنفاسه لاهثة وكأن غضب الكون تجمع فيه، صرخ بصوت جهوري أرعبها: أين والدي؟ألجمتها الصدمة من منظره، فصرخ من جديد وهو يعيد تكرار سؤاله، انتفضت لتقول له بصوت مرتجف: في غرفته!اتجه إلى الغرفة مهرولاً وقفت زينب تُشيعه بعينيها، خشيت أن يُلحِق مكروهاً ما بوالده دون أن يعي من شدة غضبه، فتبعته فورا.فتح غرفة والده بدون استئذان، كان الدكتور محمد عادل يقرأ القرآن الكريم، صدّق وأغلق المصحف ثم وضعه بكلِّ هدوء بجواره على السرير، ثمّ نظر إلى ابنه الذي مايزال واقفاً عند الباب، وهو يرمقُ والده بنظرات نارية.استغرب والده من هيئته المُزرية، فسأله بلهفة الوالد: مابك براء؟ لمَ حالك هكذا؟ضغط براء على فكّه حتى كاد يتهشّم، نفر عِرقٌ بارز من جانب رأسه، وكانت زينب ماتزال واقفة تشاهد بحذر.اندفع براء فجأة نحو والده، فتح دُرْج الطاولة المجاورة لوالده ليخرج قلما ودفتراً صغيراً تحتفظ بهما زينب لكتابه الحاجات الضرورية للمنزل، أخرجهما ثم بدأ يرسم شيئاً ما على الدفتر، تبادل محمد عادل وزوجته زينب النظرات المستغربة، ثم أعاد نظره إلى ابنه الذي رفع أمامه ورقة ليصرخ به: بمَ يُذكركَ هذا؟اتسعت عيناه بشدة وهو يرى مارسم ابنه، علامة مميزة عبارة عن ثلاث دوائر مُرتبه عمودياً ومتفاوتة بالحجم، أعاد نظره إلى براء هامساً: مالذي ذكّركَ بهذه العلامة بُني؟- صرخ براء مرة أخرى بصوت عالي: سألتك بمَ تُذكرك هذه العلامة؟ أجبني؟ازدرد ريقه بصعوبة وهو يتأمل حال ابنه الثائر، ليهمس بصوت خفيض: مادُمتَ تذكرت هذه العلامة فإذاً تذكرتَ صاحبتها، أليس كذلك؟- صاح براء مجدداً: لم أنسها يوماً لأتذكرها، ولكن سؤالي هل تتذكرها أنت؟لم يجب، بل بقي يرمق ابنه بنظرات دمجت مابين الأسى والرجاء، بادله براء بأخرى غاضبة قاسية، وأنفاس لاهثة متسارعه، اقتربت زينب بحذر، لتهمس وهي تحاول تهدأة براء، فوضعت يدها على ظهره: اهدأ عزيزي، هذا لن ينفع...- قطعت كلماتها وعادت إلى الخلف عندما انتصب براء واقفاً فجأةً ليرمي الطاولة الخشبية بكل محتوياتها على الارض وهو يصرخ بألم: سألتك فأجبني، بمَ ذكّرتك هذه العلامة؟وقف أمام والده وصدره يعلو ويهبط بسرعه من فرط الغضب، ابتلع أباه ريقه بصعوبة ليتمتم بخفوت وهو يطالع وجه ابنه بآسىً: يذكرني بمن دمرت أحلامنا.ارتخت أساريره قليلا، ليرتسم الأسى على قسماته و بان الألم في سوداوتاه ليهمس بضعف وهو يهز برأسه إيجابا: نعم، هذا صحيح.جثى براء على ركبتيه أمام سرير والده، منكساً رأسه للأسفل واضعاً قبضتيه المكورتين على ركبتيه، مسح والده على رأسه بعطف، مما جعل براء يجهش بالبكاء بقوة وهو يرتمي في أحضان والده، ليبكي كالأطفال.ازدردت زينب ريقها بخوف، وهي ترى حال براء وكأنه عاد إلى نقطه الصفر، عاد كما قابلته للمرة الأولى قبل ثمانية عشر عاماً.!أغلقت الباب خلفها تاركةً إياه مع والده الذي بكى لبكائه، وكأنه يلوم نفسه على ذنبٍ لم يقترفه.نفرت دمعه خائنة من عيني براء، ليفتحهما فجأة فقال وهو يطالع السقف: لقد حاولت ان أنساها وأنسى ماحصل كثيراً، أقسم أنني فعلت لكنني لم أستطع.طالعه جواد بحزن صادق، بينما نفخ براء بضيق وهو يشعر بجبلٍ يجثم على صدره، أغمض عيناه مجددا لينتفض واقفا في اللحظة التالية، وهو يقول لجواد: يكفي هذا لليوم، أشعر بأنني متعب للغاية.ابتسم جواد ليجاريه وهو يقف معه، ربت على كتفه قائلاً: لاتضغط على نفسك براء، دع ذكرياتك تخرج بسلاسة، بابي مفتوح أمامك دائماً متى أردت أن تتكلم تعال.هز براء رأسه متفهما، ثم استدار ليخرج من المنزل يتبعه جواد، فتح الباب ليلتقي ب (ليليا) وهي تكاد تقرع الجرس، فُزعت عندما فُتِحَ الباب فجأة فعادت إلى الخلف خطوة واحدة، وضعت يدها على صدرها لتهدأ قبل أن تردف بلوم: براء! لقد أرعبتني.ابتسم براء بخفه وهو يردّ عليها بمشاغبة افتقدها الجميع: وانت ماذا تفعلين امام باب منزلنا؟ أكنتي ستقرعين الجرس وتهربي كعادتك عندما كنتِ صغيرة؟زمّت فمها وعقدت حاجبيها بامتعاض طفلة، فأردفت بتهكم: لا أيها الظريف، كنت آتيةً إلى خالتي زينب.كانا يتكلمان متناسياً كلاهما جواد، والذي وقف كالمغيب بفم مفتوح وهو يطالع وجه ليليا المستدير، شعرها الأسود الطويل والعيون الدعجاء واسعة المقلتين شديدة السواد، كان جمالها عربياً خالصاً.تنحّى براء ليسمح لها بالدخول، لكنها عقدت حاجبيها من هذا الغريب الذي تراه واقفاً ليسدّ عليها المدخل، نظرت إلى براء الذي وضع يده على كتف جواد لينتبه له الأخير، أردف الأول معرفاً إياهما ببعض: ليليا هذا جواد شقيقي، هل تذكرته؟ابتسمت ليليان باقتضاب وحركت رأسها بالإيجاب، بينما تابع براء موجهاً حديثه إلى جواد: وهذه ليليا ياجواد، ابنة السيد رضوان الذي كان يسكن الطابق الرابع قديماً، لا بدّ أنك تذكرتها؟لم يجب جواد بل كان سارحاً في ملكوتٍ آخر، يتأمل تلك الملاك الواقفه أمامه وهل يوجد ملاكٌ يسير على الأرض؟رفعت ليليا حاجبيها باستغراب من شرود جواد، وانتبه براء أيضا فوضع يده على كتف جواد مجدداً لينتبه إليه، فقال بتلعثم: اا، انا آسف.ثم مدَّ يده نحو ليليا وهو يرحب بها بابتسامة متسعه: اهلا بكِ ليليا، أنا أذكركِ بالطبع.بادلته ليليا بابتسامة مقتضبة، ثم تحرك ليفسح لها مجالاً للدخول، وظل هو واقف في مكانه يتأملها بشغفٍ جديدٍ عليه.لاحظه براء فابتسم بخفه وقد قرأ في عيني شقيقه بذرة غرامٍ عُذري.زمّت شادية فمها بتفكير، ثم وضعت كوب الشاي على الطاولة أمامها بعدما لاحظت صمت ليلى المُطول كأنها تُعايش تلك الأحداث من جديد، ضيّقت عينيها بلؤم لتسأل ليلى بغتةً: إذاً الضابط لم يسمح لكِ بالدخول إلى مربيتك؟تنهدت ليلى وهي تجيب بتلقائية: لا، لم يسمح لي ولم يخبرني عن السبب...اتسعت حدقتاها بصدمة عندما استوعبت كيف أخطأت أمامها نظرت إليها وهي تزدرد ريقها بارتباك عندما لاحظت ابتسامةً منتصرة تلوح على شفتي شادية، فأردفت: إنها قصتكِ أنتي، أليس كذلك؟طالعتها ليلى بوجل وهي تحرّك شفتيها تحاول الحديث لكن لا جدوى فصوتها اختفى، أطرقت أرضاً وهي تغمض عيناها لتسأل شادية بضعف: كيف علمتي أنها قصتي؟اتسعت ابتسامة شادية أكثر وهي تشبك يديها ببعض، ثم أجابت بنبرة واثقة: لقد عرفتُ أنها قصتك منذ الوهلة الأولى، عزيزتي لقد أخبرتك أنني طبيبةٌ نفسيّة، أي أنني أُجيدُ قراءة حركات الجسد.نظرت إليها ليلى بعدم فهم، فأضافت: نعم، لقد علمتُ من خلال حركات جسدك، هلعكِ عندما رأيتني أقرأ الأوراق اول مرة، ارتجافة جسدك ونظراتك الخائفة، وأخيرا عندما طلبتُ إليكِ أن تقرأي لي الرواية.دمعت عينا ليلى فحاولت أن تأخذ نفساً عميقاً قبل أن ندخل في نوبة بكائها المعتاد، بينما تابعت شادية: حينما طلبتُ إليك أن تقرأيها لي شعرتُ بترددكِ، وضعتي الأوراق في حجركِ وزادت سرعة أنفاسك، ارتجف جسدكِ وكأنكِ على وشكِ قراءة حكم إعدامك.سكتت شادية تراقب حركات ليلى، التي أخذت نفسا عميقا و زفرته عدة مرات كأنها تمنع نفسها عن البكاء، بدت كمن يتبعُ آليةً لذلك لتخمّن أنها ربما لجأت إلى طبيبٍ ما قبلاً، فسألتها: هل زُرتِ طبيباً نفسيّاً من قبل؟حرّكت رأسها بالإيجاب لتضيف بهمس خافت: نعم، وقد نصحتني أن أكتب قصتي.ابتسمت شادية ثم أردفت بمرح وهي تمدّ يدها لتخرجها من حالة الكآبة التي سيطرت عليها: حسنا ً إذاً.لنتعارف من جديد، شادية عزيز، اسكن في المنزل المقابل.ابتسمت الأخرى بدموع لتمدّ يدها وتعرفها على نفسها هذه المرة: أميرة، أميرة الفايد.زادت ابتسامتها وهي تشعر أنها قامت بإنجازٍ ما عندما دفعتها للتخلي عن اسمها المستعار وتنطق باسمها الحقيقي بصوتٍ عالٍ، أحسّت أنها على الطريق الصحيح لشفاء أميرة من آلامها الواضحه في عينيها، تعلم أنها تمرّ بأزمة ثقة، ربما لهذا هي تختفي خلف أسماء وهمية، أو ربما يوجد سببٌ آخر مجهولٌ لها.- وكذلك أميرة شعرت بالغبطة لتمكّنها من تخطي عقبة نطق اسمها كأنها تنطق بكلمة بذيئة، أخيراً شعرت بقليلٍ من الارتياح يجتاح خلاياها، ربما يساعدها هذا على تخطي تلك الكوابيس التي مافتأت تنغص عليها منامها.كانت ليليا فتاة اجتماعية جداً، فبعد مغادرة براء انخرطت بسرعة في الحديث مع جواد الذي كان يقضي أكثر الحديث يستمع لها ويطالعها بنظرات غير مفهومة، ويشعر بأحاسيس غير معروفة وجديدة بالنسبة اليه.منذ دخول ليليا إلى المنزل، قدّمت لها زينب بعض الشاي والكعك، جلست لتحادثها قليلاً قبل أن تستأذن لتدخل إلى زوجها مُتعلّلة بالاطمئنان عليه، لتترك جواد وليليا وحدهما يتذكران بعض المواقف من طفولتها، حيث كانت فتاة شقية للغاية.ضحك جواد بصوت مسموع وهو يذكرها بموقفٍ ما حصل منذ زمنٍ بعيد: أتذكرين عندما كنتِ تلعبين بالدراجة أمام المبنى وكسرتي حوض الأزهار الموضوع أمام الباب الرئيسي؟اتسعت عيناها بدهشة وهو يذكرها بأحد مواقفها المُحرجة، فهتفت بضحك: نعم أذكر هذا، يومها اتّهمتُ أبن صاحب الدكان بأنه من كسره!أبتسم جواد وهو يُعقبُ على حديثها: نعم، وقد نال ذلك الصبيُّ المسكين يومها جزاءً مؤلماً لذنبٍ لم يقترفه، وبعدها وشيتُ بكِ إلى والدك.غطت وجهها بيديها بحرجٍ لتهز رأسها للجانبين وهي تتمتم: أرجوك لاتُذكرني، فقد عاقبني بشدة ذلك اليوم، لقد كنتُ كاذبة في ذلك الوقت.مدّ يده ليمسك يديها ويحرّر وجهها الملائكي ليقول بنبرة ذات مغزى: لا، فقط كنتي شقيةً جداً، لدرجة أن جميع من في المبنى كان سيتركه من أجلك أنتي.رفعت رأسها ليتأمل جمال عينيها عن قرب، شرد في تلك العيون الحور كأنه ينظرُ إلى عيني المها، رفرفت بأهدابها وهي تشعر بإحساس جديد يجتاحها عندما لامس يديها، ربما هي اجتماعية لكن لم يلمس أحدهم يدها من قبل سوى براء عندما كان يساعدها في دروسها.تنحنحت وهي تسحب يديها من بين يديه وتخفض رأسها بحرج، انتبه جواد أنه شرد في عينيها وربما سبّب لها الحرج أيضا، فحمحم مُجلياً صوته ليسألها بارتباكٍ طفيف: إذاً، لقد أخبرتني أمي أنك تعيشين في منزل عمك حالياً؟!حركت رأسها موافقة وهي تضيف: أحيانا أذهب إلى هناك، وأحيانا أخرى ابقى في منزلي.استقامت من مكانها وهي تعتذر بأدب: لقد تأخر الوقت، يجب أن أصعد إلى منزلي، .ثم مشت نحو الباب وهو خلفها، صعدت الدرج تُشيعها نظراته حتى اختفت.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 14 < 1 2 3 4 5 6 7 8 14 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1410 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1006 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1047 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 867 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1587 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أشلاء ،










الساعة الآن 10:36 AM