logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 5 من 14 < 1 7 8 9 10 11 12 13 14 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:24 مساءً   [34]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل الخامس والثلاثون

انتهى حفل الخطبة البسيط أخيراً، غادر موكبهم عائداً إلى العاصمة بجميع من قدموا فيه ماعدا سمر التي بقيت مع عائلتها على أن تعود بعد يومين، فاقترحت أميرة على ملك بأن تحضر لتبات عندها بدلاً من أن تبقى لوحدها.

جالسةٌ إلى جانبه في طريق العودة وقد سيطر عليها القلق والتوتر، فهو لم يتحدث معها منذ أن حادثته تلك السيدة في شأن خطبتها، كانت تنظر إليه بتردد وتنفخ بملل كل لحظة، لم تعد تحتمل هذا السكون المُريب، فالتفت نحوه بجسدها تسأله: مالأمر؟ لمَ كلّ هذا الوجوم؟

رمقها بنظرة بطرف عينه ثم عاد ونظر للأمام دون إجابة، ابتسمت بمكر وقد علمت سبب جموده، فحمحمت لتسأله مجدداً بنبرة حاولت جعلها جدية: إذاً براء، لقد رأيت إحدى السيدات قد تقدمت لتتحدث معك.
سكتت للحظة تتفحص انفعالاته قبل أن تضيف بحذر: ماالذي أرادته منك؟

طالعها لأكثر من ثانية بتفحص شديد فيما هي تُجاهد ابتسامتها الماكرة والتي لاحظها بذكائه، نظر للأمام من جديد وقد ابتسم بخبث هو الآخر فأجابها ببرود: لقد طلبت أن تخطبك.
ضغطت على شفتيها لتمنع ضحكتها ثم أضافت باستغراب مُصطنع: تخطبني أنا.؟
همهم مشيراً بالإيجاب فعقبت وهي عاقدةٌ حاجبيها: وماذا أجبتها؟
تنهد بعمق وسكت لثوان ليزيد من فضولها ثم أجابها بتهمل وهو يمط شفتيه: أخبرتها أنني سأسألك ثم أجيبها.

صدمها جوابه فعلاً، توقعت أن ينفجر فيها، أن يصرخ في وجهها ربما، لكن أن تكون هذه إجابته وبكل برود؟ لا لم تتوقعها أبداً.
مرّت عليها ثوانٍ وهي ساهمةٌ في ملامحه بشرود، فلم تلحظ ابتسامته الماكرة ولا نظراته المُتسلية، البلهاء أعتقدت أنها ستثير غيرته لكنه قلب الطاولة عليها، نعم عزيزتي، إياكِ واللعب مع ضابط شرطة!

تحدث براء وهو يتصنع عدم الإكتراث: لا تقلقي، لقد سألتُ والد ملك عنه وقد أخبرني بأنه شابٌ خلوق، بالإضافة إلى أنه طبيب.
رفرفت بأهدابها وهي تهمس بعدم استيعاب: وهل توافق أن أُخطبَ له براء؟
رفع كتفيه بإجابة لامُبالية: ولم لا، إن كان شاباً ذو أخلاقٍ حميدة ومركزٍ مهم وعائلته...

لم يكمل عندما انقضت عليه بغتةً لتضربه على ذراعه وكتفه مُحاولةً الوصول إلى وجهه صارخةً فيه: أيها الأحمق، ومن قال لك أني أريد أن اتزوجه، أيها الأبله...
لم يعد يستطيع السيطرة على ضحكاته وهو يتحاشى ضرباتها، كاد يفقد السيطرة على السيارة لولا أنه تدارك الوضع واصطفّ على جانب الطريق بسرعه، يحمدُ الله أنه تذيّلَ الموكب وإلا لحدث
اصطدام لامحالة.

أمسك بكلتا يديها ليكبلهما سوياً صائحاً بها: وهو يقاوم ضحكاته: أهدأي يا مجنونه!
تلوت بين يديه وهي تهتف به بعصبيه: لا أريد، اترك يدي، من أعطاك الحق لتقرر حياتي ها؟
أجابها بوجهٍ جاد: ألستِ من أرسلها إليّ وأخبرتها بأنني ابن عمك ويجب أن تطلبكِ مني؟
رمشت عيناها وازدردت ريقها بحرج وقد خبت مقاومتها شيئاً فشيئاً، فتحدثت بتوتر: أنا، انا...
لم تستطع المتابعه فعبست كطفلةٍ مُذنبة وأجفلت عينيها للأسفل.

راقت له ملامحها وهي تحاول أن تبرر فعلتها كالأطفال، لكن ملامحه لم تَلِنْ وهو يسألها مجدداً بجفاء: لمَ فعلتِ هذا أميرة؟
لم تستطع أن تجيبه لإنها ببساطة لاتعرف الإجابة، نظرت إليه بتردد وهي تُجاهد في تحرير يديها منه لكنها فشلت، فهمست بضعف وهي على وشك البكاء: اترك يدي.
آلمه منظرها فتركها لتعود مكانها وهي تفرك معصميها دون أن ترفع ناظريها إليه.

كان عادل مُسابقاً لسيارة براء، فلاحظ توقف سيارته على جانب الطريق، عقد حاجبيه بريبة في البداية فلاحظت سلاف ذلك، استدارت لتنظر إلى سيارة براء ثم أعادت نظرها إلى عادل لتهمس له: لاتقلق عليه، إنه معها.
نظر إليها بعدم فهم ليسألها: ماذا تقصدين؟
رمقته بنظرة مُتهكمة وهي تُعلق: لاتخبرني أنك لم تنتبه لملاحقة براء لأميرة طول النهار؟
عقد حاجبيه اكثر مُجيباً: بالطبع لاحظت ذلك، لاتنسي أنه يراقبها.

صاحت باستنكار: فقط؟
نفخ بنفاذ صبر: لا أفهم مقصدك سلاف، هلا وضحتي لي؟
اقتربت منه قليلا وهي تهمس له بثقة: أقصد يا عزيزي أن صديقك قد وقع في الغرام.
رفع حاجبيه بدهشة بائنة ناظراً لها فأشارت له بالإيجاب، ثم أعاد نظره إلى الأمام وهو يحلل حديثها في عقله، نظراً لكل تلك التقلبات التي مرّت على براء منذ بداية الجريمة خاصةً فيما يتعلق فيها، لربما إذاً سلاف على حق!

تأملها لبعض الوقت بتسلية طفيفة، فيما هي لم ترفع رأسها بعد، ثم عاد وسألها من جديد بنبرة هادئة لكنها حازمة: لمَ فعلتِ هذا أميرة؟
رفعت عينيها بتردد فيما أضاف: لمَ أخبرتِ تلك السيدة بأن تطلبكِ مني؟
أرادت أن تصرخ في وجهه بأنها فعلتها لتثير غيرته لكنها لم تستطع، فتولت عيناها تلك المهمة.

قرأ في غاباتها حباً صادقاً، الآن أصبح متيقناً من هذا لكن هذا لايكفيه، بيد أنه لايستطيع إجبارها على الإعتراف لأنه ببساطة لن يتمكن من مُبادلتها الإعتراف مادام يوسف طليقاً.
مرت لحظات حتى يأس من إجابتها فأشاح بوجهه عنها، أشعل المحرك وكاد أن يتحرك عندما همست: أردت أن أُغيظك.
شرد أمامه ليتحدث بلطف دون أن ينظر إليها وقد لانت ملامحه: وأنا كذلك.

تجعد جبينها بعدم فهم في حين تابع: أخبرتُ السيدة بأنك لا تستطيعين الزواج الآن.
أدار المقود لتتحرك بهم السيارة على الطريق ولم يتابع حديثه، فسألته بخفوت: والسبب؟
طالعها بتسلية هامساً: وهل يهمك السبب؟
ابتسمت بفرح وهي تشير له بالنفي، اشاحت بوجهها للأمام ففعل المثل، ثم زاد من سرعته ليلحق ببقية السيارات وقد اقتربت الشمس من المغيب.

وصل الموكب إلى العاصمة مع غروب الشمس، ثم تفرقوا ليمشي كلاً منهم في طريق مختلف، أخذ سمير خطيبته إلى منزلها لتجلب بعض الأغراض ثم يوصلها بعدها إلى قصر أميرة، بعد أن رفضت دعوته لها على العشاء مُتعللةً بتعبها طول النهار على أن تعوضها له في الغد فوافق على مضض.

دلفت سيارة براء إلى القصر، فنزلت أميرة بعد أن شكرته، فيما ترجل هو الآخر ووقف مُستنداً على السيارة ينتظر دخولها، سارت بضع خطوات ثم التفتت إليه لتسأله بتردد: هل، هل تودّ الدخول؟
ابتسم وهو يعتدل في وقفته هامساً لها: وهل ترغبين بدخولي..؟
رددت بسرعة وعفوية: أجل أحب أن تدخل.
انتبهت لنفسها ولهفتها فأخفضت انظارها بخجل، اتسعت ابتسامته وهو يتقدم نحوها ثم أشار لها بيده لتدخل ويتبعها.

جلس على إحدى الآرائك فيما جلست أميرة على أخرى قريبة، توجهت آمال إلى المطبخ لتتركهما وحدهما، ليسود الصمت للحظات شعر بأنها فقط تريد أن تتحدث معه، لكنها لم تجد بعد حديثاً لتبدأ به، فسألها هو: أخبريني أميرة؟
رفعت رأسها موليةً إياه كل اهتمامها فأردف: مالمهنة التي كنتي تحلمين أن تمارسيها عندما كنتِ صغيرة؟

زمت فمها بتفكير ثم أجابت: أتعلم؟ كنت دائماً ماأحلم بأن أصبح كاتبةً روائية وكنتُ أشعر بأنني موهوبة، لكنني لم أجد الوقت الكافي لأنمي موهبتي.
ابتسم بخفه وهو يردف: وهل جربتي الكتابة من قبل؟
أشارت له بالإيجاب فأضاف: هل أستطيع أن أقرأه؟
بدى التردد على مُحياها فتابع بتشجيع: هيا، لربما أكون أنا أول المعجبين بقصصك.

ابتسمت باتساع وهي تقف لتتجه إلى الدرج مُسرعةً، غابت لبضع دقائق ثم حضرت وهي تحمل في يدها دفتراً صغيراً وجلست بجانبه لتناوله إياه، أشار لها نافياً: لا أميرة، أريدك أن تقرأيها أنتِ.
ترددت بدايةً لكن نظراته لها كانت مُشجعةً، أخذت نفسا عميقا ثم فتحت دفترها لتقرأ له قصة كانت قد كتبتها منذ فترة ليست بالطويلة.

وقف يوسف أمام صندوق أفعاه الأليف، والتي وقفت قبالته بكبرياء مُتخذةً وضعية الهجوم، وقد كان خلفه أحد رجاله والذي كان مُكلفاً بمُراقبة أميرة، بعد أن أخبره بشأن مغادرة براء برفقة أميرة وغيابهما اليوم بطوله.
سأل رجله بهدوء مخيف: إذاً، لقد كانت برفقته طوال اليوم؟

أشار له الرجل إيجاباً دون أن يتحدث، فشرد في ذكرى قريبة، عندما طلب إليها إن يخرجا في رحلةٍ ترفيهية فرفضت مُتعذرةً بجامعتها وشركتها، والآن تخرج معه بكل أريحية.
تنفس بعمق وهو يهمس لنفسه: وكأنه لم يكفني التوبيخ الذي نلته من المجلس الأعلى، لتأتيني أخبار هذا اللعين لتزيد شقاءي.
سكت للحظة ليتابع: أعتقد أنها لم تفتح هديتي إذاً، وإلا لضاعف براء عدد الحرس حولها.

ضيّق عينيه لثوان ثم التفت نصف التفاته نحو الرجل ليحدثه من فوق كتفه: اذهب فوراً إلى خالد وأخبره بأن يتجهز، في الغد سننهي كل شئ.
أشار له بالطاعة ثم خرج، ليترك يوسف وهو يتأمل أفعاه، حرك رأسه لتقلده، انشق ثغره عن ابتسامة شيطانية وهو يحدثها: لقد حان دورك عزيزتي، هل انتي جاهزة؟
وكمن فهم كلماته، أخرجت الأفعى لسانها لتحركه أمامها وكأنها تخبره بأنها مُستعدة لفعل كل مايلزم، لتُريح صاحبها.

أنهت أميرة تلك القصة القصيرة والتي روتها لبراء، نظرت إليه بابتسامة خجولة هامسةً: ما رأيك؟
ابتسم باقتضاب وهو يتمتم: حسنا، إنها قصة رائعة ومفرداتها جميلة، لكن برأيي ينقصها الإحساس.
رفعت حاجبيها بدهشة من حديثه فسألته: ماذا تقصد؟
أمال رأسه للجانب وهو يتحدث: أتعرفين ماهو المكون السري في روايات وقصص الأدباء والكُتاب المشهورين؟
حركت رأسها للجانبين بإنكار، فأجابها: الألم.

بدى عليها عدم الفهم فيما أردف: يجب أن تشعري بالألم لتكتسب رواياتك إحساساً مُرهفاً يقتحم مشاعر القارئ.
عقدت حاجبيها بعدم فهم فتسائلت: أتقصد الألم الجسدي؟
أشار نافياً بابتسامة صغيرة هامساً: لا، أقصد ألم الفقدان، أو ألم الحب بمعنى أدق، فهل سبق وأن شعرتي بألم الحب أميرة؟
رمقته بنظرة متفحصه لعدة لحظات ثم سألته بغتةً: وهل جربت أنت هذا الإحساس؟
حرك رأسه إيجابا بشرود لتضيف: أخبرني كيف كان؟

طالعها بغموض للحظة، وفي اللحظة التالية امتدت يده لتقبض على عنقها بكلِّ قوته، اتسعت عيناها بصدمة من فعلته إلا أن حديثه تالياً زادها صدمةً عندما أردف: أخبربني بمَ تشعرين أميرة؟
لم تستطع أن تجيبه بسبب قبضته القوية، شعرت فعلاً بالاختناق فنظرت إلى عينيه تتوسله لكنه لم يأبه، بل تابع حديثه: هل تشعرين بالاختناق؟

أشارت له بالإيجاب وهي تفتح فمها تُجاهد بالتقاط أنفاسها، رفعت يديها لتحاوط يده التي تقبض على عنقها تحاول أن تحررها، فصاح بها وهو يضغط على أسنانه: هل تريدينني أن احرركِ؟
أشارت إيجاباً وهي تربت على يده بكفيها، فتابع: هل تستطيعين أن تُحرري نفسك ما لم أحرركِ أنا؟

حركت رأسها بإنكار وهي تشعر فعلاً بأنها على حافة الموت خنقاً، حررها فجأةً ليضمها إلى صدره بقوة هامساً لها في أذنها بنبرة مُعذبة: هذا هو شعور الألم من الحب أميرة.
لم تستوعب بعد أنه تركها، سعلت في صدره وهي تشهق بقوة، حتى أتتها كلماته تلك فتنبهت حواسها كلها معه، في حين أضاف بخفوت: يجعلكِ تشعرين بالاختناق، تُجاهدين لتأخذي أنفاسك لكنك لا تستطيعين، تتوسلين للتحرر منه لكن توسلاتك ودموعك ستكون بلا فائدة.

لمَ تشعر بأنه عاشقٌ مُعذب مُلتاع؟ ظلت تفكر في كلماته التي ولجت قلبها دون سابق إنذار، وهي تزدرد ريقها بصعوبة جمّة.
بينما هو يحاصرها بين أضلعه ويغمض عينيه بألم، هل حقاً تسأله إن كان قد تألم من الحب؟ لو أنك فقط تعلمين أنكِ سبب كل عذابي ياأميرتي، لو؟

تمالك نفسه ليبعدها عن أحضانه وهو يتأمل وجهها وتلك العلامات التي سببها لها على رقبتها، ازدرد ريقه بصعوبة وقد بان الألم واضحاً على مُحياه وهو يهمس لها: أعتذر إليك.
طالعته باستغراب شديد فيما تحدثت بأولى كلمات خطرت على ذهنها بعفوية: لمَ أشعرُ بأنك تسكن جدران ذكرياتي؟

توسلتها عيناه بألا تتابع لكنها لم تفهم إشارته فأضافت بهمس خافت: حتى إذا غلبني سلطان النوم أراك تحتلُّ أحلامي؟ لمَ أهربُ دائماً من عالمي لعزلتك؟ من نفسي إلى أحضانك؟ مني إليك؟
ظلّ للحظات يرمقها بنظرات غير مفهومة لها، رفع يده يريد أن يلمس وجنتها فيما أغمضت عينيها وهي تنتظره أن يفعلها، لكنه لم يتجرأ، لم يستطع أن ينكث عهده لنفسه بألا يلمسها حتى يتخلص من يوسف.

كوّر يده ثم انتصب واقفا في اللحظة التالية، ففتحت عيناها بصدمة، رفعت رأسها لتراقبه وهو يتمتم: أراكِ في الغد.

ثم خرج دون أن يضيف كلمة أخرى، مما زاد من استغرابها منه ومن تصرفاته، مررت يدها على شعرها ودفنت وجهها بين يديها، انتبهت بعد لحظات قليلة على صوت هاتفها مُعلناً عن رسالة قصيرة، بحثت عن الهاتف في حقيبتها لتفتحه فإذا بها برسالةٍ من براء، قد كتبَ فيها(( رقيقةٌ أنتي، كبتلةِ ياسمين تفتحت هذا الصباح، أخشى أن ألمسها فأؤذيها))).

أرسل إليها تلك الكلمات التي خطّها قلبه قبل أنامله، أغلق الهاتف ثم أعاد ظهره للخلف وهو يضغط برأسه إلى الكرسي خلفه، ماذا يجري معك براء؟ لم تعد تتحكم بقلبك ولا بتصرفاتك؟
فتح عينيه وهو يزفر باختناق جليّ، لم يعد يحتمل الانتظار بعيداً عنها، لقد كانت هنا وبين أحضانه لكنه لم يستطع أن يصرخ ويخبرها بحبه الدفين لها، يقسم أنه كان بُعيد شعرةٍ عن الاعتراف لكنه لم يستطع!

تنفس بعمق وهو يدير رأسه ليرى ملك وهي تدخل إلى القصر، أدار سيارته خارجاً و هو ينتوي الذهاب إلى منزل والده لحاجته للثياب النظيفة، فهو لم يعد إليهم منذ أن عرفها عليهم.
بينما هو يقود السيارة شعر بصوتٍ مُريب فيها، ركنها على جانب الطريق ثم نزل ليتفحصها، لم يعرف ماعلّتها لذا اتصل بعادل ليأتيه ويسحبها معه إلى أقرب محل تصليح سيارات.

جلست ملك وهي تشعر بالغرابة بعد أن قرأت الرسالة التي أرسلها براء لأميرة، بعد أن قصّت على مسامعها
ماحدث بينهما.
رمشت عيناها وهي تقول لأميرة: لاأعلم، ولكن ماأراه وقرأته في هذه الرسالة، إنه غزلٌ صريح!
رفعت انظارها لتقابلها متحدثةً بهمس: أعلم هذا.

ثم مدت يدها إلى حقيبتها لتخرج الرسالة الأولى التي أرسلها إليها بالأمس لتعطيها لملك، والتي زاد استغرابها من تلك الكلمات التي تقرأها، التفتت إلى أميرة قائلةً: أميرة، إن كلماته هذه اعتراف منه بأنه يحبك!
اجفلت عينيها للأسفل لتجيبها بشرود: أعلم، لكنني لا أفهم السر وراء عدم اعترافه لي صراحةً.
أغمضت عينيها بقوة لتضيف: أنا تائهة ملك، أشعر بأنني ضائعة.

ربتت ملك على كتفها بدعم هامسةً لها: لا تفكري في الأمر كثيراً أميرة، من المؤكد أن له عذره، اصبري قليلاً وأنا متأكدة من أنكِ ستفوزين في النهاية.
أشارت لها بالإيجاب، ثم استندت عليها لتصعد إلى غرفتها علّها تستطيع أن تنام، ولو أنها على يقينٍ من أنها لن تفعل!

من المؤكد أن صعودها إلى غرفتها كانت فكرةً بمنتهى الغباء، لم تستطع النوم لإنها ببساطة ماإن تغمض عيناها حتى تقتحم مخيلتها صورة عينيه بعد أن ضمها إليه، ونبرة صوته المُعذبة.
زفرت باختناق وهاهي تجلس في الصالة الكبيرة وحدها، بعد أن هجرها النوم فهجرت الفراش بدورها، فكرت وفكرت وفكرت، لكنها لم تصل إلى نتيجة.

مسحت على وجهها عندما شعرت بحركة خفيفة آتيةٌ من الدرج، تطلعت لتتفاجأ بملك وهي تنزل الدرجات مُرتديةً ملابس العمل، تفاجأت الأخيرة بها أيضاً فهتفت بسؤال: لمَ أنتِ جالسةٌ هكذا أميرة؟
تمعنت في وجهها اكثر وهي تضيف: لم تنامي، صحيح؟
أشارت لها بالإيجاب لتسألها بدورها: إلى أين انتِ ذاهبة في هذا الوقت المُبكر ملك؟

اقتربت منها وهي ترسم ابتسامة بسيطه على شفتيها قائلة: هناك شُحنةٌ ستصل اليوم ويجب أن أكون هناك لحظة تسليمها، أم أنكِ نسيتي؟
أغمضت عينيها للحظة قبل أن تردف: نعم بالفعل، لقد نسيتُ أمر تلك الشحنة تماماً.
تحدثت ملك وهي ترفع حقيبتها على كتفها: ادخلي إلى غرفتكِ عزيزتي، أريحي جسدك قليلاً ولا تنسي أن هناك اجتماعاً يجب أن تحضريه.

تنهدت بتعب ثم اهدتها ابتسامةً لم تصل إلى عينيها، راقبت ملك حتى خرجت ثم قررت الصعود إلى غرفتها، فمازال الوقت باكراً على كلِّ حال.
صعدت الدرجات بتأنٍ، لكنها توقفت أمام غرفة والدها، اشتاقت إليه بشدة فتقدمت ناحية الباب لتفتحه، تنفست بعمق وهي تقاوم دموعها بينما عيناها تتفحص الغرفة، خطت ناحية السرير الكبير، كان على الطاولة الصغيرة بجانبه صورةٌ كبيرة لها ولوالدها وهو يضمها إلى صدره بحنان.

حملت الصورة وهي تبتسم بحزن، ضمتها إلى صدرها وهي تتوسد السرير، نامت على جانبها الأيمن للحظات وهي تزيد ضمّ الصورة إلى صدرها، أغمضت عيناها بقوة ثم انقلبت على ظهرها، فتحت عيناها لتطالع السقف الخشبي بشرود لعدة لحظات، لكنها انتبهت على أمرٍ غريب.
كان في السقف فوق السرير مُباشرةً شقٌ رفيع، عقدت حاجبيها باستغراب ثم اعتدلت في جلستها ورمت الصورة على السرير بإهمال.

ناظرت الشق بتفحص جليّ، ثم وقفت فوق السرير، مدّت يدها للأعلى لتتفاجأ بأن يدها لامست السقف، تلمست الشق بحذر، انتبهت لتوها بأن الشق ممتدٌ ليأخذ شكل مربع، تجعد جبينها وهي تمدُّ يدها الثانية لتضغط على المربع فتفاجأت به ينضغط للأعلى، أصابها الخوف فتراجعت للخلف مُحررةً إياه.
فُتِحَ المربع لتعلم لتوها بأنه منفصلٌ عن باقي الخشب الذي شكل السقف، تحررت ثلاثة أضلاعٍ منه، في حين بقي الضلع الرابع مُعلقاً بالسقف.

توسعت عيناها وهي ترى أمامها حقيبةً جلديةً سوداء صغيرة، ازدردت ريقها بتوتر وهي تقترب منها بحذرٍ شديد.


look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:25 مساءً   [35]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل السادس والثلاثون

كأنَّ القلوب تتقاسم الألم وتتعاضد عن بُعد؟
لإنه هو أيضاً لم يزره سلطان النوم طيلة الليلة الماضية، خرج إلى شرفة غرفته ليستند على السور الحديدي وهو يفكر، يعلم أنه صدمها وربما آلمها عندما لم يعترف بحقيقة مشاعره رغم كلّ ماقرأه في عينيها، لكنه لا يستطيع يريد أولاً أن يمسك بيوسف ليستطيع البوح لها دون أن يخاف من أنها ستعرف الماضي يوماً.

مادام ذلك اللعين طليقاً ستبقى الظروف غير مواتية لتحقيق حلمه وأن يجتمع معها تحت سقف واحد، وجوده خارج القضبان يقلقه، خاصة أنه لايعرف لما يخطط له، فقط يعلم أنه سيظهر، ، وقريباً.
نفخ بضيق وهو يعتدل في وقفته ليدخل عائداً إلى الغرفة، يشعر بأن اليوم مميز لكنه لايعلم السبب، لذا قرر مفاجأتها في الشركة.

أبدل ملابسه ليرتدي ثياباً شبابية، مُتمثلةً بقميص أزرق وبنطال من الجينز الأزرق، ليتخلى ولأول مرة عن بذلته الرسمية.
خرج من الغرفة ليصادف زينب وهي تعد الإفطار في المطبخ، ابتسمت له ببشاشة هاتفةً: صباح الخير عزيزي.
بادلها بابتسامة مقتضبة صائحا: صباح الخير.
قطب جبينه وهو يردف بجدية: امي، أريد أن استعير سيارتك لليوم فقط.
عقدت حاجبيها باستغراب لتسأله: لماذا؟ أين هي سيارتك براء؟

تحدث و هو يسير ناحية الطبق الخزفي ليتناول منه تفاحةً يقضمها: لقد تعطلت البارحة وانا في طريقي إلى هنا.
خرجت لتجلب له المفتاح من دبوسٍ مثبت في الصالة وهي تهتف بمزاح: خذها عزيزي، لكنها بالطبع ليست كسيارتك الحديثة.
ابتسم بخفه وهو يقترب منها ليقبلها على رأسها هامساً بنبرة لم تعهدها منه: ادعِ لي أمي، عسى أن يريح الله قلبي.

بدى القلق على ملامحها حالما سمعت كلماته، و لم يمهلها أن تسأل فتحرك من فوره خارجاً، شعرت بقلقها يتزايد فرفعت يديها للأعلى وهي تدعو له بعاطفةٍ صادقة.

جالسةٌ على حالها ذاته منذ مايقارب الساعة أمام حاسوبها المحمول، تحاول فك شيفرة الولوج إلى القرص المدمج الذي وجدته في الحقيبة، وقد تناثرت حولها الكثير من الأوراق والمستندات باللغة الإنكليزية، قرأتها فلم تفهم منها شيئاً، بعضها كان يحمل أسماء شخصياتٍ عربية وأجنبية تعرف معظمها.

وجدت أيضاً بعض الأوراق التي تحدثت عن مجموعة ما تسمى بالكوبرا نسبةً إلى رئيسها، ومستندات كثيره اخرى لم يتسنى لها الوقت لقراءتها عندما لمحت هذا القرص الوحيد، اسرعت لتجلب حاسوبها لتشاهد محتواه، لكنها الان جالسه امام كلمه السر المؤلفه من أربعه أحرف دون أن تعرفها.

نفخت بضيق وهي تدخل أحرف اسم والدها لكن أتتها النتيجة خاطئة، أدخلت اسم ليلى والدتها المفترضة وأيضا خاطئة، اسمها مؤلف من خمسة حروف لكنها جربت إدخاله إلا أن الآجابة ذاتها.
لاتعلم لمَ اتجهت نحو التفكير بأن هذه الحقيبة سبب قتل والدها، وربما ستجد فيها اسم قاتله لو بحثت جيداً.

حملت المستندات لتعيد قراءتها مجددا عندما قُرِع الباب، لتظهر آمال من خلفه وهي تحمل في يدها هاتف أميرة والذي نسته في الصالة، تقدمت نحوها وهي تهمس: إنها الآنسة ملك.
وضعت الهاتف على أذنيها ليأتيها صوت ملك اللائم: أين أنتِ أميرة؟ سيبدأ الاجتماع بعد قليل؟
زفرت بخفة وهي تمرر يدها على شعرها وقد نسيت أمر الاجتماع، فهتفت بعجلة: لقد نسيته بالفعل.
وقبل أن تسمع توبيخها أردفت: سأكون عندك خلال وقتٍ قصير أعدك.

أغلقت دون أن تسمع ردها، رمت الهاتف على السرير لتقوم فوراً بجمع الأوراق والمستندات في الحقيبة بإهمال، أغلقت حاسوبها ومازال القرص المرن داخله، ثم حملته مع الحقيبة واتجهت صعوداً إلى غرفتها وأبدلت ثيابها بسرعة، فارتدت بدلة عملية مؤلفه من بنطال قماشي رمادي وسترة بنفس اللون أسفلها قميص أبيض، وقد تركت شعرها مُنسدلاً على كتفيها.
خرجت مُسرعةً لتتجه إلى الشركة وبالطبع، حرسٌ مُتخفٍ خلفها.

وصل براء إلى شركتها لكنه لم يدخل إليها، فقد عَلم من رجاله أنها لم تحضر بعد، فصعد إلى شقةٍ مقابلها كان قد استأجرها ليراقب مدخلها، وقد وضع أحد رجاله هناك، إضافةً إلى رجلين آخرين وضعهما على المدخل الخلفي.

وقف خلف الزجاج المُعتم وهو يراقب بانتباه وتركيز شديدين، شاهد أحد رجاله المُتخفيين وهو ينزه كلبه في الشارع المقابل للشركة، ثم شاهد سيارتها وهي تصطف في موقفٍ خاص بالشركة، ابتسم تلقائياً وهو يتأمل هيئتها العملية.

ركنت سيارتها ثم ترجلت منها، وقفت لثانية وهي تبحث عن هاتفها لتتأكد من أنها لم تنسه، عندما لفت نظرها رجلٌ ما يلبس بدلةً رياضية ينزه كلبه، ابتسمت وقد عرفت أنه أحد رجاله المكلفين بالمراقبة، حملت هاتفها وهي تدلف إلى الشركة، طلبت رقمه وماهي إلا ثوانٍ حتى أتاها رده: صباح الخير.
أجابته بلؤم: صباح الخير حضرة الضابط، لديك مُراقبة فاشلة بالمناسبة.
استغرب مقالها فأردف بحاجبين مُنعقدين: ماذا تقصدين؟

أخبرته وهي تمشي في رواق الشركة: الرجل المُرابط أمام الباب، حقاً براء؟ ينزه كلبه في شارعٍ مُزدحم بدل أن يأخذه إلى حديقه ما؟
ابتسم بسعادة لنباهتها في حين أضافت: حقاً توقعت منك أداءً أفضل!
ليجيبها بصدق: حقاً أبهرتني بذكائك!
ابتسمت وهي تفكر في أن تخبره بأمر الحقيبة، لولا أن أتاها صوتٌ يناديها تعرفه جيداً.

سكتت أميرة فجأةً وهي تحدّق في نقطة في الفراغ، رمشت عينيها وحررت دموعاً مُتحجرة على طرف عينيها، ظلت شادية تطالعها بإشفاقٍ كبير ولم تنبس بحرف حتى لاحظت ارتجافة جسدها فهمست لها بحذر: أميرة، تنفسي ببطء.

زادت ارتجافتها وهي تستدير نحوها بكامل جسدها وغاباتها التي مازالت تدمع لتخبرها بنبرةٍ بدت الارتجافة واضحةً فيها: أتعلمين؟ تلك كانت آخر مرة حادثته بها وأنا اشعرُ بالسعادة المُطلقة، تلك الأيام هي كلّ ماتبقى لي من ذكرياتٍ جميلةٍ معه.
همست الأخرى بتفهم: أعلم حبيبتي، على مهلك.
بللت شفتيها وازدردت ريقها لتقول بشفتين ترتعشان بشدة: بسببها أنا أتنفس الآن، وبفضلها قاومتُ فكرة الانتحار طويلاً.

حاولت شادية امتصاص الحالة التي وصلت إليها أميرة، فحدثتها كأنما تحدث ابنة الخمس سنوات: حبيبتي، الانتحار ليس حلاً أبداً.
ردت عليها بحدة طفيفة وجسدها يختلج: كيف؟ كيف تقولين هذا وأنتِ لاتملكين تجربة كيف؟
ابتسمت بتحفظ وهي تهمس: أنتِ تعلمين أنني طبيبة، أي أنه قد مرّت عليّ حالات كثيرة.
بادلتها بابتسامة ساخرة وهي تحرك رأسها بعنف وتحاوط جسدها بيديها: لا، حالتي فريدة ولن تقابلي مثلها ابداً.

امتدت يدها لتحرر كفها الأيمن والذي كان بارداً كالثلج، لتهمس لها بدعم: أعلم عزيزتي، حالتك فريدة من نوعها، لكن طبيعة البشر واحدة.
هدأ ارتعاش جسدها رويداً رويدا وكأنها كانت بحاجةٍ إلى من يمسك يدها هكذا، تطلعت إلى شادية بعينيها الدامعة، بللت شفتيها لتهمس بنبرةٍ ضعيفة مبحوحة: أنا مُتعبة، في صدري بركانٌ من الألم.

رفعت رأسها فجأة نحو السماء وهي تنادي بحشرجة بكائها: ياآلله، كلّ هذا الوجع كثيرٌ على قلبٍ واحد، فهل أنا مُجبرةٌ على تحمل كلّ هذا الألم؟
صمتت بغتةً، عضت على شفتها السفلى بوجعٍ حقيقي، أصدرت أنيناً مكتوماً وقد أغمضت عينيها بقوة، زاغت أنظار شادية لمرآها فهمست بوجل وهي تفرك يدها: أميرة، ما بكِ؟ ماذا تريدين؟ حدثيني أرجوك لاتكتمي الألم داخلك.

شهقت بخفة وهي تفتح عينيها ببطء شديد لتهمس لها بنبرةٍ تكاد تُسمع: أحتاج عناقاً بسيطاً، احتاج صدراً حنوناً لأبكي عليه فقط.
رغم تفاجئها بطلبها إلا أنها فتحت لها ذراعيها، فرمت أميرة بنفسها في أحضانها لتبكي، وهي تصرخ بقهرٍ، بألم، ، وبوجع.
همست شادية وهي تمسح على شعرها، مُقاومةً تلك النغزات الخفيفة التي تضرب ظهرها: تابعي أميرة، تابعي لترتاحي.

استدارت نحو صاحب الصوت، إنه العم ( غالب) الرجل الأربعيني الذي يعمل مُستخدماً في شركتها، اقترب منها بحذر وتثاقل وهو يهمس لها: أنسه أميرة ساعديني أرجوكِ.
استغربت هيئته بشدة، فخمنت أنه في أزمةٍ مالية ويريد عونها ربما، فأنهت المحادثة مع براء: اسمع براء، سأهاتفك بعد خمس دقائق.
أغلق الهاتف وهو مُقطبُ الجبين، انتظر مكانه وهو يراقب مدخل الشركة بتركيز شديد.

وضعت الهاتف في حقيبتها وهي تستدير نحو غالب لتسأله ببشاشة: ماالأمر عم غالب؟ هل تحتاج إلى المال؟
هزّ رأسه نافيا وهو يرفع يده إليها بهاتف هامساً بضعف: تحدثي.
ساورها القلق خصوصاً مع هيئته التي تبعث على الارتياب، أخذت الهاتف من يده وضعته على أذنها ليأتيها صوتٌ ساخر: كيف حالك حبيبتي؟
اتسعت عيناها واهتزّت ملامحها وهي تهمس بصدمة: يوسف؟!

تكاد تسمع ابتسامته السامة وهو يتحدث بتهكم: تؤتؤتؤ، يوسف؟ منذ متى وأنت طوال عمرك تنادني جو؟
استعادت ثباتها لتجيبه بنبرةٍ قوية: ماذا تريد؟
أجاب دون تردد كمن ينتظر سؤالها: أنتِ!
تجعد جبينها بعدم فهم ليضيف: خلال عشرون ثانية ستخرجين من الباب الخلفي للشركة، ستجدين سيارة سوداء بانتظارك هناك.
ابتسمت بسخرية وهي تعقب على حديثه: لاشئ يجبرني بأن أطيعك وأنفذ ماتريد، ومن ثمّ هناك رجال براء يراقبون المدخل الخلفي.

شعر بالحنق والغضب عندما ذكرت اسم براء، توهجت عيناه بخبث وهو يفكر فيما أعده له، فأتاها صوته الواثق: لاخيار آخر أمامك أميرة، وإلا بضغطة زر ستنهار شركتك فوق رأس كلِّ من فيها.
تحولت نبرته إلى التهكم وهو يضيف: اسألي العم غالب!
تلقائياً توجهت عينيها نحو غالب الذي ابتلع ريقه بصعوبة وهو يزيح طرف سترته الرثة، ليظهر من تحتها قنبلة موقوتة تُحاوط خصره تكفي لهدم ثلاثة مبانٍ على الأقل.

اتسعت عيناها بهلع حينما رأتها، وسمعت غالب يهمس لها: أنا آسف، لكنهم يحتجزون زوجتي وابنتي الوحيدة.
رفرفت اهدابها بفزع من انحطاطه إلى هذه الدرجة، أيعقل؟ هل هناك من يفكر هكذا؟
طالعت غالب بنظرات مُرتعبة وهي تسمع صوت يوسف وجملته الأخيرة: عشرون ثانية فقط.
ثم أضاف بسخرية: ولا تقلقي بشأن رجال براء، فقط تم التعامل معهم.

اتبعه صوت صفير الهاتف، نظرت حولها إلى الرواق الخالي، الجميع الآن في مكاتبهم، لم تُطِلِ الانتظار عندما همس لها غالب برجاء: أرجوكِ آنسة أميرة ما من وقتٍ كافٍ، سيقتلون زوجتي وابنتي، وستنفجر القنبلة وسيُقتل كلُّ من في الشركة، هو فقط يريد أن يتحدث معك، أتوسل إليكِ أنقذينا.

هزت رأسها موافقةً إياه فهي تعلم أن يوسف يحبها ولن يؤذيها، سارت بخطوات حثيثة نحو المدخل الخلفي وفي ذهنها خاطرةٌ وحيدة، أن تنقذ الشركة بمن فيها!
شعورها بالمسؤولية منعها من أن تتجاهل تهديداته ليس فقط حفاظاً على حياتها هي، بل حفاظاً على حياة الجميع.
وهذا بالضبط ما راهن عليه يوسف الذي ابتسم بمكر ماإن رآها تقبل نحوه بوجهٍ واجم، فتح باب السيارة ليأمرها دون أن ينظر إليها: اصعدي.

ناظرته بازدراء بائن وهي تعقد يديها مُجيبةً بتحدٍّ: يجب أن أضمن تعطيل القنبلة أولاً.
استدار نحوها وهو لاينكر شعوره بالاستغراب من نبرتها الثابتة، رمقها بنظرة متفحصه فلم تهتزّ فيها شعرة ليعرف أن من أمامه الآن لاتشبه تلك التي تركها منذ اسبوعين.

أشار لها بالإيجاب واكتفى بإشارةٍ منه لأحد رجاله والذي كان يجلس إلى جانب السائق، أماء له الرجل ثم نزل من السيارة حتى أصبح بجانب غالب، رفع سترته لتكشف عن خاصرته فبان عدد من الشرائط الكهربائية الرفيعة، فصل الأسلاك المُتشابكه ببعضها ثم امتدت يده للخلف لينزع الحزام الذي حاوط خصر غالب.

جرى الأخير نحو يوسف لكن اعترضه الرجل الآخر مُمسكاً به من ذراعيه، حاول غالب التحرر منه لكنه لم يستطع نظراً بقوة الرجل الجسمانية فبدأ يتوسل إليه: أرجوك سيد يوسف أتوسل إليك حرّر ابنتي وزوجتي؟
أجابه وهو ينظر إلى الأمام ببرود: بعد ساعة ستعودان إلى المنزل.
صاح غالب بضعف وهو يقاوم الحارس ليصل إليه علّه يلين: لقد نفذتُ كل ماأمرتني به، لمَ ستبقيان مُحتجزتين؟ أتوسل إليك مُرهم أن يحرروهما؟

حدجه يوسف بنظرة مُزدرية مُردفاً: بالطبع لئلا تشي بي، والآن عُد إلى الشركة وإياك أن تتحدث لأحدٍ عما حصل.
ثم أعاد نظره إلى الأمام آمراً إياها بحزم: اصعدي.

ضغطت على شفتيها بقوة وهي تفكر في مساعدة غالب، لكنها تعلم أنها الآن في موقف ضعيف تخاف أن يؤذي زوجة غالب وابنته إن هي عاندته، لذا التفتت إلى غالب لتضع يدها على ذراعه هامسة باطمئنان: لاتقلق عم غالب، سأحرص على أن يصلا للمنزل بعد ساعة من الآن، انت ادخل ولاتتحدث مع أحد.

ثم التفتت نحو الحارس الذي يحول بين غالب ويوسف فأرخى يده عنه واتجه إلى السيارة، فيما أومئ غالب لها برأسه وهو يقاوم دموعه: حاضر ياابنتي، لكن أرجوك لا تنسِني.
اهدته ابتسامة لطيفه وهي تشير له ليعود إلى الشركة، راقبته حتى دخل ثم عادت بنظرها إلى يوسف، تنفست بعمق قبل أن تدخل إلى السيارة، ثم تحرك سائقها بعجل.

كان كلّ همّ يوسف هو أن يبتعد بأميرة عن الشركة والقصر وأي مكانٍ يكون فيه أحدٌ ليراقبها، فهو يعلم أن لافرصة له في مواجهة براء في ملعبه وبين جمهوره، لذا خطّط لأن يستدرجه إلى أرضٍ يكون هو المُسيطر فيها.
التفت نحوها ليراها واجمةٌ عاقدةً حاجبيها، حدّثها بصيغة الأمر: اعطني هاتفك.

استدارت إليه تناظره باستصغار، زفرت بخفة وهي تعبث بحقيبتها لتخرج الهاتف وتناوله إياه باستخفاف ثم أشاحت بوجهها عنه، ابتسم بخفة وهو يخرج من جيبه إبرةً ما غرسها في يدها بخفة، تغضّن وجهها بحمرة الألم الذي أصابها فالتفتت لتطالع وجه يوسف المُبتسم بانتشاء، سحبت يدها بعنف وهي تصيح به: مالذي فعلته؟
أبصرت مكان الإبرة لتتابع وقد ثَنَت حاجبيها بشك: مالذي غرسته في جسدي؟

أسند ظهره للخلف وهو يعبث بهاتفها مُستطرداً ببرود: لاتقلقي عزيزتي، إنه مُنوّم فقط.
زاغت عينيها وهي تشعر بثقلٍ بات يضرب رأسها، تراخت أجفانها وماهي إلا ثوانٍ حتى استغرقت في نومٍ إجباري، وقد استند رأسها إلى الكرسي خلفها.
نظر يوسف إليها وتنهد بخفة، ثم رفع هاتفها ليفتحه ولم يكن مُقفلاً برمز، ابتسم بغدر وقد وجد رقم براء.

لم يكن مُطمئناً من إغلاقها الهاتف بسرعة، لكنه أيضاً قرر الانتظار لدقيقتين ربما لأنه مطمئن البال من ناحية رجاله الذين يحرسون الشركة، ضيّق عينيه بانتباه وهو يراقب المدخل الرئيسي، لا أحد دخل او خرج ابداً مذ دخلت هي، قرر الاتصال بالحراسة على المدخل الخلفي، مرت ثانية، اثنان، ثلاثة، ولا رد.

لم يعد يحتمل، حدسه ينبأه بمكروه ما قد حصل، أغلق الهاتف ومضى خارجاً من الشقة بسرعة، عدا راكضاً إلى الشركة، لكنه وقف عند الباب عندما أتاه اتصالها، تنفس الصعداء وهو يفتح الهاتف مُنادياً دون وعيٍّ منه: حبيبتي!
أنفاسٌ كريهة وصلته عبر سماعة الهاتف، ليأتيه صوت يوسف الساخر: حبيبتك نائمةٌ بجانبي الآن.

شخصت أبصاره بذُعر، إزدرم ريقه بصعوبة وهو يحاول السيطرة على انفعالاته ليفكر بعقلٍ سليم، سأله بصوته الأجش بنبرة ثابتة كالجبال: أين أميرة؟
أنفاسه الرزيئة تضرب أذنه بلا هوادة، تعمّد أن يطيل الصمت بينهما ليحرص على استجابةٍ تامةٍ منه.
أعملَ براء عقله في محاولةٍ منه لرسم خطةٍ سريعة لينقذها، لكن خططه راحت أدراجه الرياح حينما أتاه أمر يوسف الصارم: سأرسلُ إليكَ عنواناً، ستأتي إليه وحيداً ودون مُساندة وإلا...

إجترع غصةً مريرة شقت صدره، ليس خوفاً من تهديده ولكن خشيةً عليها، فيما تابع الآخر: أحد رجالي سيراقبك، لو شكّ بأنك حادثت أي أحد من اصدقائك لن تكون النتائج حميدةً بالمرة، حضرة الضابط.
بثقة وعزيمة ودون تردد أجابه وهو يتجه نحو سيارته ليصعدها: أرسل العنوان.

رمى الهاتف بعد أن أغلقه على الكرسي بجانبه بإهمال، قاد سيارته بسرعة مهوّلة وعقله لايكفّ عن العمل والتفكير فيمايخطط له يوسف، حسناً في النهاية هو الكوبرا فعليك توقع أي شئٍ منه، دون أن يحترم أي أصول أو أعراف!

ثوانٍ ووصلته الرسالة، قرأ العنوان فأصابه الذهول، مكان مقطوع في منطقةٍ شبه جبليةٍ تبعد عن بيروت مسافة نصف ساعة تقريباً، لم يفكر مرتين بل ضغط دواسة البنزين لتطير سيارته بسرعة فائقة، الآن بدأ يقلق مما قد يتصرفه يوسف، فهو وعلى الرغم من خبرته الطويلة في الجرائم والمجرمين إلا أن يوسف حالةٌ مُتفردةٌ بالنسبة له، محتالٌ كبير بعقلٍ ذكي وغريزة قتلٍ باردة، هي لاشكّ مزيج مخيف ليجتمع في أي بشريّ.

وصل بعد عشرين دقيقة بالضبط بسبب السرعة الفائقة التي قاد سيارة والدته بها، شعر بشئٍ من الجزع فلأول مرة في حياته المهنية يذهب إلى مكانٍ ما ليلتقي مُجرماً دون أن يضع خطة واضحة، لم يستطع أن يتصل بأيٍّ من أصدقائه للمساندة عندما لمح رجل يوسف الذي بقي يراقبه حتى وصل إلى هنا.

تفحص المكان بعينيه، منطقةٌ مقطوعه ذات صخورٍ كبيرة، أغلق السيارة ثم تقدم عدة أمتار، لاحظ منزلين أشبه بكونهما كوخين حجريين صغيرين، متباعدين قليلاً يفصل بينهما مئة مترٍ أو ربما أقل، لاحظ أن أحدهما يبدو بالياً قد مرَّ عليه الزمان، أما الآخر فقد كان جديداً، لاحظ ظلاً يتحرك بجانب المنزل العتيق، أعملَ بصيرته بتفكير، لوكان هو في مكان يوسف لاختار المنزل الرّث لأن القادم من بعيد سيخمن وجوده في المنزل الجديد، سحب مسدسه الذي لايفارقه وتقدمَ بخطىً بطيئة مُتمرسة.

شعر بخفقاته قد تجاوزت الألف، ليس ارتعاباً بل وجلاً من مصيرها هي دوناً عنه، تقدم حتى أصبح بمحاذاة المنزل، استند على الحائط القديم، أغمض عينيه لثانية ثم فتحهما وهو يُخرجُ رأسه ببطء ليرى غريمه في الطرف الآخر، فجأة شعر بلسعة حشرة على رقبته، لم يأبه بها بل صوّب مسدسه نحو الرجل الذي كان يمشي أمام المنزل وقبل أن يطلق رصاصته تثاقلت أجفانه ومادت به الأرض، شعر بثقلٍ رهيب في رأسه، آخر ما رآه هو وجه الرجل الآخر يتقدم منه وعلى وجهه ابتسامةٌ لعينة، بعدها ابتلعته دوامةٌ سوداء غاب فيها..


look/images/icons/i1.gif رواية أشلاء
  24-03-2022 11:25 مساءً   [36]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية أشلاء للكاتب علي اليوسفي الفصل السابع والثلاثون

بحرٌ غاضب أمواجه مُتلاطمة، الرياح عاتية وهو هناكٌ مُكبلٌ إلى سارية سفينة قديمة بالية راسيةٌ على الشاطئ، تعالى صوت صراخ من بعيد، الصوت مألوفٌ له لكن عقله المُخدر لا يُسعفه لمعرفة صاحبه، مهلاً! الأمواج لمَ هي سوداء؟
ارتجف قلبه بشدة ربما بسبب الرياح الباردة، شئٌ ما أملسٌ بارد يلتف حول قدمه، أخفض عينيه ليراها إنها أفعى كوبرا، لكن مهلاً! من أين أتت تلك الأفعى؟

تعالى صوت الصراخ من جديد، ليتعالى معه ارتفاع الأمواج لتصبح كالجبال، عقله يناديه: أنت تحلم براء، استيقظ.
حاول تحريك جسده لكن لا فائدة، يشعر بجسده بثقل الجبل، فضلاً عن الأغلال التي تحاوطه.
أمره عقله مجدداً: هيا براء، استجمع ماتبقى من قوى جسدك المُنهك، هناك موجةٌ عالية قادمةٌ إليك لتغرقك، هيا عُدَّ معي، واحد، اثنان،.

شهق بقوة وهو يشعر بالمياه تغرقه، نفض الماء عن وجهه وتنفس بسرعه عدة مرات، ليفتح عينيه بصعوبة، فيراه ماثلاً أمامه بابتسامته القبيحة، جالسٌ على كرسيٍّ خشبي وقد رمى إبريق الماء الفارغ على الأرض، تمالك أنفاسه حتى انتظمت، إزدرم ريقه ليسيطر على انفعالاته وعاين المكان بسرعة.

غرفة كبيرة بعض الشئ لا أثاث فيها سوى طاولة بعيدة عنه عليها بعض الأسلحة وأشياء أخرى لم يتبينها، والكرسي الذي يجلس عليه يوسف بكبرياءٍ قلَّ نظيره، لها بابان ونافذةٌ وحيدة و، لحظة واحدة! ما هذا خلفه؟
تحرك بعنف ليدرك أنه مربوط إلى أنبوب حديدي، مُثبت في السقف والأرضية في منتصف الغرفه تماماً، ومكبلٌ بجنازير حديدية ويفترش الأرض.

تركه يوسف عدة ثوانٍ حتى يدرك وضعه ثم تحدث بنبرة ساخرة: أرى أنك بدأت تفقد مهارتك حضرة الضابط؟!
ناظره بثبات الصقر لينطق بصوتٍ قوي واثق: أين أميرة؟
لايُنكر أنه آثار استغرابه، لم يأبه لنفسه ولا بما قد يحصل له، كلّ ما فكر فيه في تلك الأثناء كان هي فقط، أميرة.
ابتسم بخبث وهو يقف متجهاً إلى الطاولة وهو يتحدث: لقد قرأتُ ذات مرة عبارةً رائعه، إن كنتَ تريد التغلب على عدوك يجب أن تفكر بعقله لا بعقلك.

توقف أمام الطاولة ليحمل بين يديه بندقية ما، ثم نظر إلى براء من خلف كتفه مُضيفاً: وهذا مافعلته أنا وتغاضيتَ عنه أنت.
أنهى حديثه واستدار نحو براء رافعاً البندقية مُردفاً: أتعلم ماهذه؟
رمقه براء بنظرات متفحصه وهو يشعر بأنه غير قادرٍ على فهم يوسف أو توقع خطواته التالية، وكمن قرأ أفكاره ابتسم بغدر هامساً: إنها بندقية تخدير، يستخدمها الصيادون في تخدير الحيوانات واصطيادها حيةً، تماماً كما فعلتُ معك.

فهم مقصده حينما تذكر تلك اللدغة الخفيفة في رقبته وقد ظنها حشرةً ما.
وضع البندقية مكانها، ثم رفع في يده إبرةً طبية، مملوءة بسائل أبيض شفاف، تقدم ناحيته وهو يشير للحقنه قائلاً: وهذه، أتعلم ماهي؟
ربما هو لايعلم ماهيّتها، لكن راوده الشك في شأنها، أنت تتعامل مع الكوبرا إذاً عليك توقع شيئٍ غير مُبشرٍ إطلاقاً.

في تلك اللحظة دخل رجلٌ ما مع أميرة فتحفزت حواسه كلها معها، هلعت عندما رأته مُكبلاً هكذا فصرخت: براء؟!
كادت تركض نحوه لولا يدُ الرجل التي امتدت لتحول بينها وبينه، ابتسم يوسف بخبث وهو يقترب منه أكثر حتى وصل إليه، انحنى صوبه قليلاً ليكشف عن ذراعه، ثم غرس الإبرة فيها وهو يُراقب تعابيره، لكن لم تهتزّ فيه شعرة ولم يُظهر حتى آلمه، بل بقي يناظرها كأنه يحفر ملامحها في ذهنه.

صرخت بفزع وهي تقاوم الرجل صائحةً بيوسف: مالذي تفعله يوسف؟ ما هذا السائل الذي تحقنه في ذراع براء؟ أجبني؟
أنهى ماكان يفعله، ثم وقف بكبرياء والتفت نحوها مُجيباً بكل بساطة: إنه سمّ كوبرا، مخفف!

نفخت ملك بيأسٍ شديد وهي تسمع تلك الرسالة التي تخبرها بإغلاق الرقم الذي تطلبه، مسحت على رأسها بإحباط، بحق الله أين ذهبت أميرة؟ هؤلاء العملاء هنا في غرفة الاجتماعات بانتظارها وهي حتى لاتتكرم وترد على هاتفها!

وضعت إحدى يديها على خصرها والثانية التي تحمل بها الهاتف أسبلتها وهي تطرق بها على قدمها، ضيقت عينيها ثم اتجهت إلى العملاء في الغرفة واستأذنت منهم، خرجت إلى مكتبها المجاور بسرعة، ماإن دخلت حتى بدأت تبحث في دفترٍ صغير لها عن رقم قصر أميرة، طلبته ماإن وجدته وانتظرت ثوان حتى ردت عليها آمال، لتصيح بها من فورها: آمال أعطني أميرة بسرعه.
أجابتها آمال بتهذيب: الآنسة أميرة قد غادرت منذ ساعة آنستي.

تجعد جبينها بشكّ وهي تمشي ناحية النافذة الزجاجية سائلةً بنفاذ صبر: ماذا تقولين؟ لكنها لم تصل إلى الآن؟
ألقت نظرةً إلى الأسفل فشاهدت سيارة أميرة مُصطفةً في موقف الشركة، أغلقت الهاتف دون أن تتحدث، إذاً آمال صادقة وأميرة بالفعل قد جاءت إلى هنا والدليل سيارتها، لكنها ليست في الشركة وإلا لجاءت فوراً!

أعملت عقلها لثوانٍ لتخمن أنها ربما مع براء، مع وجود كل هؤلاء الحرس لا احتمال آخر، لكنها يجب أن تطمئن، لذا عبثت بهاتفها وهي تطلب رقم سمير، ثوانٍ حتى أتاها صوته: حبيبتي! لا شك أن يومي سيكون جميلاً لمجرد سماع صوتك.
قاومت ابتسامةً سعيدة تشكلت على ثغرها، ورغم أنه أخجلها بغزله لكنها تمالكت نفسها لتحدثه بلوم: أرجوك سمير لستُ بمزاجٍ جيدٍ للغزل الآن، هل تعرف أين براء؟

استغرب سؤالها عنه، فعقد حاجبيه بريبة و هو يسألها: لمَ تسألين عنه ملك؟
نفخت بضجر وهي تخطو لتجلس على مكتبها: أريد أن أعرف إن كانت أميرة معه أم لا، سيارتها أمام الشركة لكنها ليست هنا الآن، وهناك اجتماعٌ مهم للغاية يجب أن تحضره هي.
إحساسٌ بعدم الراحة سيطر عليه حينما سمع حديثها، أميرة ليست في الشركة كما أن براء لم يحضر إلى القسم، فأخبرها بحاجبين مُنعقدين:
سأهاتف براء لأتأكد منه ثم سأخبرك.

أغلق الهاتف مع خطيبته ليطلب رقم براء فوراً، لتأتيه الرسالة الصوتية بإغلاق الهاتف، تصاعد شعوره بالقلق حتى تمكن منه، لم ينتظر أكثر حمل مُتعلقاته الضرورية ثم خرج من مكتبه متوجهاً للأسفل، استقرّ خلف المقود، متجهاً إلى الشركة.

جحظت عيناها بذعر شديد ثم وجهت أنظارها إلى براء الذي لم تهتزّ ملامحه أبداً، بل ابتسم لها ببساطة وكأن السمَّ لم يدخل جسده هو، لقد توقع فعلاً دنيئاً من يوسف، ربما هذا ماساعده على تخطي الصدمة بسهولة.
ازدردت ريقها بوجل وهي تصيح به: أيها المجنون؟!لمَ فعلتَ هذا؟
وقف أمامها ليحدثها بصرامة: أميرة، إياكِ والصراخ في وجهي ثانيةً.

ثم أشار للرجل الآخر فتركها وولّى مُدبراً من حيث جاء، رفع مُسدساً حقيقياً في وجهها قائلاً: في هذا المسدس رصاصتان، أفرغيهما في قلب براء.
تصنمت في مكانها وهي تتفحص ملامحه بصدمة حقيقية، هذا ليس صديق طفولتها، ولا حليفَ الشيطان، بل الحقيقة إنّ الشيطان يقف عند الزاوية الآن وهو مدهوشٌ من تصرفاته بل ويُصفق له بإعجاب.

رفرفت بأهدابها وهي لاتعي ماطلبه، لتقول بصدمة جلية: ماذا تقول أيها المختل؟ كيف لي أن أقتله،؟ هل جننت يوسف؟
عقد حاجبيه بضيقٍ مُصطنع مُعقباً: تؤ تؤ تؤ، ماهذه الألفاظ النابية حبيبتي؟
ثم أضاف بسخرية: أرأيتي؟ هذا هو تأثير براء السئ عليكِ؟
لم تستوعب بعد سخريته، كيف له أن يكون بهذا البرود وهو يطلب إليها قتل أحبُّ البشر إليها؟ لو أنه طلب منها قتل حشرة لما استطاعت.

أخرجها من شرودها عندما امتدت يده ليضع المُسدس في يدها إجباراً مُضيفاً: لو كنتي تحبينه بصدق يجب أن تقتليه، اريحيه من عذابه، فالسم مخفف لكنه مازال فعالاً، وحسب خبرتي أمامه ساعة واحدة، وربما ساعة ونصف لو كان محظوظاً قبل أن يختنق ويموت.
رفعت عينيها الدامعه إليه وهي تحرك رأسها بإنكار وهي تسأله بضعف: لماذا؟ لماذا تريدني أن اقتله أنا؟ لمَ تريد قتله أساساً؟

طالعها بقسماتٍ مُرتخية ليجيبها: أريد قتله لنستطيع الهرب حبيبتي، وأريدك أن تقتليه بيدك لتثأري منه، أليس هو سبب افتراقنا وابتعادنا عن بعضنا.؟ أليس هو من خدعك بحبه؟
ذبلت عيناها وهي تبتلع ريقها بارتباك قائلة: لاأفهمك؟
مدّ يده ليتلمس وجنتها الدامعه مُعقباً بهمسٍ مريض: أجل حبيبتي، أليس هو من راودك عني وأقنعكِ بأنه يحبك؟
اكتسبت نبرته قتامةً مخيفة وهو يضيف: لكنه كاذب، هو فقط يريد أن ينتقم منك.

تجعد جبينها بعدم فهم فيما صرخ براء من خلفه: إياكَ أن تجرؤ حتى يوسف.
وجهت أنظارها إليه لتراه كالضرغام يُجاهد سلاسله ليتحرر منها، نظرت إلى يوسف مُجدداً لتسأله ماذا تقصد يوسف؟
صرخ مٌجدداً بعزيمة: يوسف إياك وإلا صدقني لن يكفيني ألف رصاصةٍ في جسدك.
ابتسم بخبث مستديراً نحوه قائلاً بشماته ساخرة: حقاً؟ وأنت في هذه الحال؟ أنت ميتٌ يا رجل!
صرخت بصوتٍ عالٍ مُقاطعةً إياهما: عماذا تتحدثان؟ أفهماني؟

التفت يوسف إليها متحدثاً بإصرار: براء لايحبكِ أميرة، بل يريد أن ينتقم لما فعله رجال والدك بوالدته قديماً.

وصل سمير اخيراً إلى الشقة المقابلة للشركة، والتي كان براء قد استأجرها ليتخذها مكاناً للمراقبة، صعد الدرجات مسرعاً حتى وصل إليها، قرع الجرس وماهي إلا ثوان حتى فتح له العنصر المكلف بالمراقبة الباب، ليدخل سمير من فوره سائلاً إياه إن كان قد رأى أميرة عندما صفت سيارتها: نعم سيدي، لقد رأيناها عندما حضرت ودلفت إلى الشركة.
انتبه لكلمته رأيناها فسأله بجدية: تقصد من ب رأيناها؟

أجابه الشاب العشريني: أنا وحضرة الضابط براء، لقد كان هنا عندما دخلت وحادثها أيضاً، ثم بعد دخولها بقليل نزل خلفها لكنه قبل أن يدخل الشركة أتاه أتصالٌ ما، بعدها ركب سيارته وقادها بعجالة، لقد رأيت كل هذا من خلال مراقبتي...

لم يسمع سمير باقي حديثه عندما راوده إحساسٌ غير مُطمئن بالمرة، أميرة دخلت إلى الشركة لكنها ليست هناك، براء هاتفه مُغلق بعد أن أتاه اتصالٌ ما، كل هذه المُعطيات توضح أمراً واحداً، هناك أمرٌ خطير يحصل.

نزل من الشقة مسرعاً آمراً العنصر بأن يتبعه، دخل الشركة واتجه إلى الباب الخلفي فورا، بحث عن رجال براء المُكلفين بالمراقبة لكنه لم يجدهم، زفر بضيق لظنه أنهم قد تركوا أماكنهم، وماكاد أن يلتفت حتى صاح الشاب الذي كان برفقته: سيدي انظر!
التفت إلى حيث أشار ليجد رجاله مُكبلين بجانب حاوية قمامة قريبة بعد أن تمّ ضربهم، اتسعت عيناها بصدمة ثم ركض إليهما، حرر فم أحدهما ليصرخ به: من فعل بكما هذا؟

أجابه الرجل بأنفاسٍ لاهثة: إنهم رجال يوسف منذ ساعة كانوا هنا، وقد أخذوا الآنسة أميرة معهم.
وقف مصدوماً وهو يحلل ماسمعه، أميرة مخطوفة وبراء ذهب ليحررها لامحالة، شدّ على شعره بغيظ كيف له أن يصل إلى صديقه؟ متأكدٌ أنه يحتاج للعون لكن كيف السبيل؟ هاتفه مغلق أي أنه لايستطيع تعقبه، ربما نفذ شحنه أو أنه في منطقةٍ لاتغطيها شبكات الاتصال.
صرخ بقهر وهو يضرب الحاوية بقدمه صارخاً: برااااااء.

رفرفت بأهدابها وهي تشعر بأنها صماء فعلياً، لا تفقه من حديثه حرفا، فصاحت به بإصرار: ماذا تعني بهذا؟ماشأن والدي بوالدة براء؟
ابتسم بخبث مجيباً: سأخبرك حبيبتي، والدك السيد عمار المبجل، ماهو إلا رجل عصاباتٍ وتاجر مخدرات.
شهقت بخفة من حديثه ليردف غير آبهٍ بتعابيرها المصدومة: لقد خدع والدتك الحقيقية ليتزوجها.
قاطعته بدهشة هامسةً: والدتي الحقيقية؟

رفع رأسه بترفع مُعقباً: نعم، والدتك الحقيقية ليست ليلى، بل هي عليا.
اتسعت عيناها بدهشة، فيما أردف الآخر: خدعها باسم الحب وتزوجها، ثم سرق مالها وخطفها هارباً بها إلى أميركا، ذاقت منه ألوان العذاب حتى استطاعت أن تهرب منه عندما علمت بحملها بكِ، لجأت إلى عائلة براء وعندما وجدها والدك أرسل رجاله إليهم، فقاموا بضرب والده حتى أصيبَ بالشلل، واغتصبوا والدته.

- صرخ براء بقوة مُقاوماً إحساساً خفيفاً بالتنمل في أطرافه: أيها الوغد الحقير أخرس.
كانت هي في حالة صدمة بائنة، رمشت بعينيها لتسقط دمعة يتيمة من غاباتها وهي تحرك رأسها بإنكارٍ هامسةً: لا، مستحيل.
مطّ يوسف شفتيه قائلا بلا مبالاة وهو يرفع كتفيه: بإمكانك أن تسأليه.
وجهت أنظارها إليه لتطالع وجهه المُنهك لتسأله بضعف: هل، هل هذا صحيح.؟

لم يستطع أن يجيبها، بل طالعها بقسماته المُجهدة وعينيه التي اغرورقت بالدموع وهو يزدرد ريقه بصعوبة.
ابتسم يوسف وهو يقترب منها مُردداً: نعم أميرة، كلّ ماسمعته صحيح.
صرخ به براء بحقد: أيها الحثالة، لوكنت رجلاً لواجهتني كالرجال، لكنك وغدٌ جبان.
ابتسم يوسف بخطورة وهو يمشي ناحيته هامساً بنبرة مخيفة: أنا رجل ياصديقي، لكنني لاأسامح من امتدت يده ليلمس مايخصني لذا انتقامي سيكون غير مألوف.

وقف أمامه مضيفاً بهمس كفحيح الأفعى: ، أميرة لي وحدي، أنا من حميتها منذ أن كان عمرها سبع سنوات وأنا من يعرف عنها كلّ شئ.
راقبت حركات يوسف لتكتشف أنه مريضٌ مهووس وللأسف بها هي.

أدمعت عينيها وهي تعيد نظرها إلى براء تراقب حركاته هو الآخر، التفت نحوها بعينيه الدامعتين فالتقت غاباتها الماطرة بليله الحالك، تحدث يخبر يوسف دون أن يقطع اتصال نظرهما: هل نظرتَ إليها لأول مرةٍ وعمرها ساعة واحدة فاخترقت قلبك وشعرت بأنها تخصك وحدك؟
عقد يوسف حاجبيه بعدم فهم وهي أيضاً لم تكن في حالٍ أفضل، فيما تابع براء وهو يتمعن في غاباتها: هل علّمتها كيف تحبو؟ ثم ساعدتها على أن تتعلم المشي؟

وضعت يدها على فمها لتخفي تلك الارتجافة الشديدة في شفتيهاوقد زاد سيلُ عبراتها، ليضيف هو بنبرة متحشرجة: مازال يتأملها بحب: هل أخذتها من يدها إلى شجرة الزيتون الكبيرة لتعلمها كيف تتسلقها، ثم تقف أنت أسفل الشجرة مُراقباً إياها خوفاً من انزلاقها إلى الأرض؟ لتلتقطها بيداك عندما تسقط وأنت تشعر بأن قلبك هو من سقط؟

شهقت بخفة وقد تذكرت الآن أمر ذاك الحلم الذي تراه في أحلامها يومياً، ابتسمت له بهدوء وهي تميل رأسها عندما فعل المثل مُعقباً: هل سبق وأن علمتها كيف تلعبُ الغميضة، ثم تكشف نفسك لها لتضحك مُعتقدةً أنها من وجدتك فقط لتستمتع بضحكتها الرنانة؟
كلُّ هذا الحب الذي تقرأه في عينيه من المُحال أن يكون كذباً، لكنها ماتزال تحت تأثير الصدمة.

تنفس براء بعمق وهو يُعيد أنظاره نحو يوسف الذي كوّر قبضته بغضب هامساً: لم تفعل شيئاً من هذا معها صحيح؟ إذاً فأنت لاتعرف عنها شيئاً.

جلس سمير على الرصيف وهو واجمٌ شاردٌ في نقطةٍ في الفراغ، لقد أمر أحد رجاله بتعقب هاتف براء ليصدق ظنه بأنه قد تمّ إقفاله ولن يستطيع تعقبه مالم يفتح، أغمض عينيه بعجز وهو يضرب على رأسه هامساً بسخط: براء أيها الغبي، كيف لي أن أجدك الآن؟

عَلِمَ جميع من في الشركة والقسم بالأمر، حضرت ملك لتواسيه لكنها وجدته على هذه الحال، تقدمت ببطء حتى وضعت يدها على كتفه وهي تتمتم: سمير، لاتجلس هكذا، فكر في طريقة لتجدوهما؟
رفع رأسه إليها هامساً بضعف: لا أعلم ملك، لقد توقف عقلي عن التفكير، أين هو الآن حقاً لاأعلم.
في تلك الأثناء أوقف عادل سيارة براء التي كان يقودها قربهما ترجل منها دون أن يغلقها راكضاً صوب سمير ليصيح به: أخبرني سمير هل توصلت لشئ؟

رفع سمير نظره إلى عادل، مالبثت أن اتسعت عيناه بصدمة وهو يرى سيارة براء، انتفض من مكانه ليسأله باستغراب: أين وجدت سيارة براء؟
أجابه عادل وهو مُقطب الجبين: لقد أحضرتها لتوي من محل التصليح، فقد تعطلت البارحة وقد هاتفني براء لأسحبها له.
تروّى سمير وتفكّر، شرد في خاطرة ما ثم صاح بالعنصر الذي كان مُكلفاً بالمراقبة ليصرخ به: أخبرني، ما نوع السيارة التي كان يستقلها الضابط براء؟

سكت الشاب كمن يتذكر، ثم صاح: إنها من نوع أودي فضيةُ اللون.
ارتخت تعابير سمير بانتصار، إنها سيارة السيدة زينب، شقت ابتسامةٌ سعيدة شفتيه وهو يلتفت إلى عادل آمراً إياه: اطلب قوة مُداهمة فورية، وابعث قوة حماية إلى المستشفى حيث ترقد عليا.
كاد يتحرك من مكانه قبل أن تقبض ملك على ذراعه متحدثة: إلى أين تذهب سمير؟
ألتفت نحوها مجيبا بابتسامة متسعه: سأذهب لننقذ براء وأميرة.

قبل يدها بعجلة ثم تحرك ليستقلّ سيارته، هاتف أحد رجاله ليطلب إليه أمراً، ثم شرد فيما طلبه منه براء قبل فترةٍ بسيطة.

Flash Back.
ألقى الرجل من يده بعد أن أدماه حرفياً، فلم يُبْقِ في وجهه وجسده بقعةً سليمة بعد أن انهال عليه بالضرب المُبرح حتى كاد يُزهق روحه بين يديه لولا عادل الذي تدخل وهدّأه بالإجبار.

مسح الدم عن يديه بمنشفةٍ مُبلله وهو يلهث بخفة، وبالرغم من كمِّ الضرب المُميت الذي تلقاه الرجل إلا أنه لم يَبُحْ له بشئٍ مُفيد سوى اسم الشخص الذي جنده في هذه العصابة، أو بالأحرى مافيا، وأنّ الشخص الذي أصدر الأمر المباشر بقتله يدعى بالأفعى الكوبرا.
خرج من الغرفة يتبعه سمير وعادل، استدار نحوهما ليكلم عادل أولاً: عادل اسمعني، أذهب مع فرقةِ مداهمة واحضروا وائلاً هذا.

أومأ له بالإيجاب وتحرك من فوره ليُنفذ الأوامر، بينما تابع سأله سمير بجدية: مالذي تنتويه الأن براء؟
رمقه بنظرة غامضة ليسأله بدوره: أخبرني أولاً، هل حدثت المُدير؟
أومأ إيجاباً وهو يخبره: نعم، وقد اقنعته أن تبقى معي في القضيه وقد وافق بشرط ألا تتهور.
أشار له متفهماً، سكت لثانية قبل أن يضيف: اسمعني سمير، اطلب من أحد رجالك الثقة جهاز تتبع مع الشيفرة الخاصة به.

عقد حاجبيه بعدم فهم ليردف براء: لقد حاولوا قتلي اليوم، إذاً لاشئ سيردعهم عن آذية عائلتي إذا ماشعروا بأنني أُشكل خطراً عليهم.
أشار له سمير موافقاً ثم أردف: اعتبره تم، وأين تريد أن تضعه؟
صمت لثانية كأنه يفكر ثم اجاب: في سيارة والدتي.

عاد سمير إلى واقعه ليضغط على دواسة الوقود وهو يشعر بانتشاءٍ عجيب، صدح هاتفه برسالةٍ نصية، قرأ العنوان المُدون فأصابه الذهول للحظة، مالبث أن تدارك نفسه ليبعثها إلى عادل مرفقةً بجملة: اتبعني إلى هناك مع قوة كبيرة.
ضغط بيديه على المقود، وهو يأملُ فقط، بأن يصل في الوقت المناسب.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 5 من 14 < 1 7 8 9 10 11 12 13 14 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1969 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1445 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1450 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1255 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2427 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أشلاء ،












الساعة الآن 07:51 PM