logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .






look/images/icons/i1.gif رواية قيد الماس
  22-03-2022 08:02 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الحادي عشر

استمر الصمت الثقيل مخيما على جو الغرفة، حتى بعد رحيل ليام، انهارت ألكسندرا تماما وهي تمسك بيد ابنها النائم بسلام. عيناها مثبتتان على ملامحه الصغيرة وكأنها لن تراه مجددا...

أخيرا كسر أليساندرو الصمت وهو يضع يديه على كتفيها محاولا اخراجها من الصدمة القوية التي كانت تسيطر بالكامل على أعصابها، شعر أليساندرو بارتعاشها البالغ، يعرف جيدا أنه في مرحلة ما ستطلب منه المغادرة وتركها وحيدة، لكنه كان يرفض الرحيل دون أن يسمع الحقيقة، ألانا أو ألكسندرا. لا يدري بما سيلقبها الآن؟

ألانا خاصته التي كانت ستصبح زوجته قريبا متزوجة لسنوات؟ كل تلك الأيام واللحظات التي ظن أنهم تقاسموها كعائلة كانت تخفي عنه سرا كبيرا كالذي قام ليام ماكسويل بتفجيره.
كل تلك السنوات التي كان يأمل فيها أن يقنعها بالزواج كانت هي تتهرب منه بلياقة لأنها كانت فعلا زوجة رجل آخر، الغموض يلف كل شيء حولها وهو لن يبارح هذه الغرفة قبل أن يعرف الحقيقة كاملة...

اللعنة! كان يجب عليها اخباره! له الحق في معرفة كل شيء فهو كان عراب ابنها وأقرب شيء إلى أب بالنسبة للصبي، لا يستطيع استيعاب أن والد ماسيموس قد عاد، ان هنالك احتمالية ولو ضئيلة في أنه سيفقدهما معا، أحاسيسه كانت قوية لدرجة أنه لم يشعر بقوة ضغطه على كتفيها الرقيقتين إلى أن أنَّت من الألم، تغيرت ملامحه وهو يديرها إليه لينظر إلى وجهها الذي استحال شاحبا من الرعب والخوف.

هل هذه فعلا ألانا حبيبته؟ هل فعلا لم يعد لديه حتى الحق في امساكها بالطريقة التي يفعل الآن؟
- ألانا! تكلمي أنا أريد أن أعرف كل شيء!
كانت تنظر إلى عينيه. لكن أفكارها كانت بعيدة للغاية عن هذه الغرفة، عن لندن وعن بريطانيا بأكملها، وكأن الغمامة التي كانت على عينيها انقشعت فجأة وعاد الماضي إلى الظهور واضحا أمامها.
لقد ماتت شقيقتها الصغيرة ميرديث. وفرت هي منذ سنوات بطفل ليام!

شعرت مرة أخرى بمن يهزها بحنان لينتشلها من هوة الماضي. والتي فتحت فجأة دون سابق انذار...
نظرت إلى عينيه المصممتين لمعرفة الحقيقة وكان له مطلق الحق في أن يسألها. بعد كل هذه السنوات، كان يدين لها بأن تخبره من تكون، تنفست ألكسندرا بعمق محاولة ادخال الهواء الذي انعدم من رئتيها قبل أن تنظر إلى أليساندرو بعينين متوسلتين:
- من فضلك أليساندرو، ليس الوقت مناسبا للشرح. هل يمكن تأجيل هذه المحادثة لوقت آخر!

- لا ألكسندرا! قال بصوت واثق أظن أنه الوقت المناسب لأعرف كل شيء! وعليك أن تخبريني الآن!
اصطحبها للأريكة حيث يمكنهما التحدث دون المجازفة بأن تسقط أرضا، كانت ألكسندرا تعتصر أصابعها بطريقة عصبية، أمسك أليساندرو يديها وطوقهما بيده.
- الآن أخبريني بكل شيء! قال بحنان كبير ليهدئها.

- حصل هذا منذ 7 سنوات قالت وهي تبعد يديها عنه لكي لا تشعر أكثر بالذنب للطريقة التي عاملته بها كل تلك السنوات كنت أحتاج إلى المال استرسلت بصوت جاف.

ظهرت الدهشة على وجه أليساندرو للحظة قبل أن يعود للتركيز على ما تقوله: - في الماضي كانت لدي شقيقة صغيرة، للأسف لم أستطع أن أعيلها بطريقة مناسبة. وكان ليام هو الحل! عرض علي الزواج مقابل مبلغ كبير من المال وأنا كنت غبية ووافقت دون أن أهتم بقراءة بنود عقده السخي جدا. لم أظن لوهلة أنني كنت أبيعه طفلي! في الأخير توفيت شقيقتي بسبب جراحة متهورة. وسقطت الطائرة التي كانت تقلنا أنا وليام بسبب عملية اختطاف، فقدت لأيام في المحيط وحين عدت إلى الوعي أخيرا. كان هنالك أشخاص من المكتب الفيدرالي أتوا لزيارتي ووعدوني بحياة جديدة مقابل الابتعاد وللأبد عن ليام...

سكتت للحظة قبل أن تقول: - كنت قد علمت للتو بحملي بماسيموس. عرفت أنني لو عدت إليه كان أول شيء سيقوم به هو أخذه مني. لهذا وافقت!
رفعت راسها لتنظر إلى ملامحه والتي كان يصعب تخمينها، كانت ترغب في معرفة وقع ما تقوله عليه:
- إنها قصة هوليوودية بالفعل! ضحكت بمرارة لن ألومك إن لم تصدق أي كلمة مما أقوله...
زفر أليساندرو وهو يتأمل ملامحها المتألمة قبل أن يقول: - هل لديه أي دافع ليطالب بماسيموس الآن؟

- لديه كل الدوافع التي يمكنك تخيلها! ليام الآن يشعر بالخيانة ولن يوقفه شيء. حتى يسلبني ماسيموس. يا إلهي! لن أستطيع العيش من دون ابني!
وضعت رأسها بين يديها وانهارت في بكاء مرير. بينما طوقتها يدا أليساندرو بثبات، عيناه مثبتثان على سرير الطفل الذي عاش كل تلك السنوات يعتبره أقرب شيء إلى ابن، كيف له أن يترك ليام يأخده دون قتال؟

- حسنا. لا داعي لكل هذا القلق. دعيني أتكفل بالأمر قال بنبرة مطمئنة لن أدعه يأخذ ماسيموس منا هذا وعد!
في جناحه الفخم بالفندق،
كان جالسا بهدوء يستمع لصراخ أشلي المتواصل والتي أعمتها الغيرة بشكل غير منطقي، حين انتهت أخيرا تحدق إلى عينيه الباردتين، جعلتها نظرته تشعر بالخوف قبل أن ينهض ليقترب من حيث كانت تقف ويمسك بكتفيها يهزها:
- أشلي ما حصل البارحة كان صدمة بالنسبة لنا جميعا!

- أحقا أهذا ما تسميه صدمة! لقد تركتني ليام! تركتني في منتصف غرفة فارغة في قصر شبه مهجور! أحرقت هاتفك لساعات باتصالي! دون حتى أن تفكر في الرد علي! ألا تشعر بأي انزعاج لما حصل لي؟ ألا تهتم ولو لذرة أنني كنت وحيدة؟
- هيا لا تكوني ملكة دراما أشلي! لقد كان بجانبك على الأقل اثنان من أكفأ حراسي! هذا بالتاكيد ليس كأني تركتك لوحدك! وبالنسبة لاتصالاتك تعلمين أن الوقت لم يكن مناسبا للشرح!

تنفس بقوة ليعيد السيطرة على أعصابه التي كانت ستنفلت بمجرد ذكر اسمها مرة أخرى: - ألكسندرا تلفظ الكلمة بمرارة شديدة وكأنها ينفث كل حرف منها زوجتي كانت ميتة بالنسبة للجميع ولي لسنوات، لسنوات طويلة ظننت أنها قد غرقت في الحادث، لذا لا تلوميني إذا كانت طريقة تصرفي فظة ناحيتك أشلي! فهذا أقل ما يمكن حصوله لرؤية زوجة ميتة وهي واقفة أمامي!

خف غضب أشلي قليلا للنبرة المهدئة التي كان ليام يخاطبها بها. تلاقت نظراتهما، عيناها كانتا تطلبانه بالأمان، بالمواساة وبالتاكيد أن يخبرها بأنه لن يتركها، شعر ليام أنه عليه اخبارها بما قرره، لكنه لم يكن الوقت المناسب للحوار، أمسكها قريبا منه بثبات وهو يقول:
- لا داعي للقلق أشلي. كل شيء سيكون على مايرام.
حل الصباح أخيرا،.

فتحت ألكسندرا عينيها بثثاقل قبل أن تعود أحداث الأمس لتشعرها بالمرض، تنبهت إلى أنها لم تكن وحيدة. رفعت شعرها المتناثر حولها لتنظر إلى ليام بقامته المديدة والتي كانت تسد أشعة الشمس المتسللة من النافذة، صرخت ألكسندرا رغما عنها، وهي تنظر إليه يلتفت إليها وتصعقها النظرة المزدرية التي كان يرمقها بها...

كان كنمر حبيس متحفز وعيناه الباردتان تلمعان بغضب، يا إلهي في أي جحيم هي الآن؟! وأين أليساندرو لينقذها من غضبه؟ فكرت وهي تنهض من السرير القريب من سرير ابنها والذي لحسن الحظ كان نائما للآن...
استجمعت ألكسندرا كل القوة التي تملكها للتحرك من السرير دون أن تخذلها قدماها، صوبت إليه نظرة باردة قبل أن تفتح باب الحمام وتغلقه أمام وجهه اللعين...

غسلت وجهها لأكثر من مرة. عادت لتنظر إلى المرآة محاولة استحضار المرأة القوية والواثقة والتي كانت عليها قبل أن يقتحم حياتها مجددا...
تنفست بعمق قبل أن تقرر الخروج أخيرا، فهي لن تظل مختبئة في الحمام إلى الأبد!
حين عادت إلى الغرفة لم يعد ليام واقفا قرب النافذة. كان الآن جالسا قرب ابنها. ضربها احساس مريع من الخوف وهي ترى كيف كان ينظر إلى ماسيموس...

بالتأكيد لم تكن مستعدة للسؤال الذي خرج عفويا من فمه: - ما اسمه؟
- ماسيموس ردت وهي تبلع ريقها بصعوبة
- كانت مارغريت ليعجبها الاسم كثيرا! قال بمرارة
تحركت ألكسندرا لتقترب أكثر من ابنها وهي تقول: - كان ليعجب ميريديث أيضا...
في المساء عاد أليساندرو ليهتم بخروج ماسيموس من المستشفى...
- هل أنت مستعدة ألكسندرا؟ قال وهو ينظر الى تعابير وجهها المبهمة
كانت شاردة لدرجة أنه أعاد السؤال مرتين قبل أن ترد...

لثاني مرة اليوم تسمع اسمها الحقيقي والذي كانت قد نسيته مع مرور السنوات، وضعت يدها على رأسها محاولة ايقاف الألم دون جدوى.
- أنا مستعدة.
اقترب أليساندرو من الصغير الذي كان مستيقظا، ووضع العلبة الكبيرة التي أحضرها بين يديه، ارتسمت على وجه ماسيموس أروع ابتسامة وهو يفتح هديته، قفاز بيسبول وبطاقات للاعبي اليانكيز...
- هذا رائع! قال الصبي وهو يمسك احدى البطاقات يتفحصها بسعادة.

ابتسم أليساندرو للصبي، وهو يربت على رأسه الذي علته الضمادات...
- أنت تستحقها أيها البطل!
ابتسمت ألكسندرا بدورها وهي تنظر إلى سعادة ابنها، تمنت لو تكون هذه السعادة دائمة، فقط لو لم تصر بغباء على ترميم القصر، فقط لو أنها أوكلت عملها لأحد المهندسيين التنفيذين، لما كانت إلتقت به، ولكانت تنعم بالراحة إلى جانب ابنها، ألا يكفيها أنها كادت تفقده؟ الآن بوجود ليام في الجوار أصبحت تشعر بالتهديد بالفعل...

- ألكسندرا هل نحن مستعدون للمغادرة؟ سأل أليساندرو وهو يساعد الصبي على ارتداء معطفه
وقبل أن تستطيع الاجابة، كان ليام يفتح الباب، لتلتقي عيناه بعيني ألكسندرا وتشلها المفاجئة...
- هل كنتم ستغادرون من دوني؟ قال ليام بسخرية لاذعة.

خطى إلى الداخل مقتربا من السرير حيث كان ابنه جالسا وكل اهتمامه على بطاقات البيسبول الملقاة بفوضى على السرير، رفع أليساندرو رأسه وتشابكت عيناه بعيني غريمه، للحظة ظل الصمت الخانق مسيطرا على جو الغرفة، قبل أن يقرر ليام كسره والاقتراب من السرير يتأمل بهدوء الطفل المنغمس في اللعب والذي من الواضح أنه لم يهتم كثيرا لدخوله...

أخيرا رفع ماسيموس رأسه محدقا للغريب الذي كان يحجب أشعة الشمس عنه، أظلمت ملامح ليام الوسيمة، وأصبح وجهه مهزوزا، الصدمة لرؤيته مستيقظا شلت حركته للحظات، لم تقوى ألكسندرا على الكلام، يداها كانتا تتحركان بتوتر...
- ليام أرجوك! هل يمكننا التحدث خارجا؟

تحولت عيناه المظلمتين من الصبي إليها ليحدجها بنظرة قاتلة، كان غاضبا للغاية وهي تعرف جيدا كيف يمكن للغضب أن يستحوذ على كل مشاعره ويجعله خارجا عن السيطرة، عضت على شفتيها بألم.
- علينا التحدث عن هذا بالخارج. أرجوك! مشيرة إلى الباب المغلق
لثوان بدا فيها وكأن ليام غير قادر على الرد، كان يبتلع الغصة المريرة في حلقه بصعوبة. حين تمالك نفسه أخيرا ووجد صوته:.

- أليس الوقت متأخر كثيرا ليكسي! قال ليام بتهكم وأعاد اهتمامه الكامل للصبي
شعرت ألكسندرا أنها أصبحت محاصرة بين الغضب الكاسح لليام ونظرات ابنها المستغربة، اقتربت من السرير وطوقت ماسيموس بذراعيها. خائفة من أن يبدأ بالاحساس بالمشاعر العنيفة التي كانت تجتاحهما، مذعورة من أن يقدم ليام على أي شيء خاطئ أو غير محسوب كإخباره بأنه والده...

لكن بدل ذلك كان الصبي مفتونا بالرجل الغريب، تأمله بدوره قبل أن يقول بعفوية طفولية:
- أنت تشبهني كثيرا!
تمنت ألكسندرا في هذه اللحظة لو كان ابنها ورث أكثر من جيناتها، في حين نظر إليه ليام بفخر وهو يقول:
- هذا صحيح!

كانت لحظة من المشاعر الخالصة، لأول مرة منذ أن إلتقت ليام البارد المتعجرف. كانت المرة الوحيدة التي تراه بمثل هذه الشفافية، وجهه الوسيم كان سهل القراءة ومن الواضح أنه كان ممتنا للغاية لكونه أبا...
شعرت رغما عنها باحساس صغير من الذنب يتسلل إلى قلبها. إن لم يكن اتجاه ليام فبالتأكيد اتجاه طفلها والذي حرمته من وجود والده رغم وجود أليساندرو الدائم...

حبست ألكسندرا أنفاسها وهي تجيل النظر بين ليام وابنها، عيناها ترجتاه بصمت أن لا يتفوه بكلمة، وهو بالتأكيد لم يفعل. انحنى ليصبح وجهه مقابلا لوجه ماسيموس، أمعن النظر في العينين الشبيهتين بعينيه قبل أن يبتسم للصبي وهو يسأله بحنان
- مرحبا. أنا ليام.
تركزت عينا الصبي على وجه والده والذي يراه لأول مرة: - أنت تبدو غاضبا جدا! هل أنت غاضب؟

زفر ليام قبل أن يعيد رسم ابتسامة على وجهه وهو يقول: - بالطبع لست غاضبا!
- أدعى ماسيموس...
أغلق ليام عيناه بسرعة وجز على أسنانه قبل أن يعيد النظر إلى الصبي.
- إنه اسم غير اعتيادي! علق محاولا إخفاء غضبه
- لقد سميت به تيمنا بجدي، إنه صقلي كعمي أليساندرو، أمي وعدتني أنها ستأخذني يوما إلى هناك، لكنها تعمل باستمرار، ربما هذه السنة قد نذهب...

كانت هناك لحظة من الصمت المؤلم، أخفض ليام عيناه وبعدها حول نظراته الغاضبة إلى ألكسندرا والتي ظلت متصلبة في مكانها وهي تشاهد تلك النظرات المحرقة المصوبة إليها، لقد رأته غاضبا في مناسبات لا تحصى، يشهد القدير أنها عرفت جيدا معنى أن يكون ليام ماكسويل غاضبا، لكن هذا الغضب المدمر الذي كانت تراه في عينيه كان مختلفا، وعلمت أن هناك المزيد في طريقه إليها...

ارتعش جسدها من الخوف قبل أن تنظر إلى أليساندرو برجاء...
- من فضلك. هلا انتظرتماني في الخارج وهي تشير إلى الصبي!
حرك أليساندرو رأسه بتفهم.
- ليام أنا.
- ليس الآن! قاطعها بحزم وهو يعيد انتباهه إلى ابنه
أمسك بإحدى الأوراق التي كان ماسيموس يلعب بها
- هل تحب البيسبول؟
- أنا سأكون لاعبا محترفا حين أكبر أجاب بثقة.

أشعت ابتسامة أبوية من وجه ليام وهو ينظر إلى القفاز وبطاقات اللعب قبل ان يقول: - ربما قد أخذك يوما ما إلى إحدى مباريات البيسبول. هل تحب اليانكيز؟
- أنا أعشقهم! قال ماكس بحماس
وأخيرا اقترب أليساندرو من ماكس الذي جمع بطاقاته...
- هل أنت مستعد أيها البطل؟ ما رأيك لو انتظرنا والدتك في السيارة؟
أومأ الصبي برأسه علامة على الموافقة وأعاد البطاقات والقفاز إلى العلبة قبل أن يحملها ويقترب من ليام مودعا...

مشى ليام بخطوات واسعة إلى النافذة الكبيرة مديرا ظهره لها...
خيم على الغرفة صمت رهيب، لم تستطع ألكسندرا أن تتحمل الصمت لوقت طويل وأسئلة كثيرة تتدافع إلى رأسها لتحرق أعصابها.
- ليام.
- لا أريد أن أتحدث الآن! صدقيني كل ما أرغب به في هذه اللحظة هو اقتلاع رأسك من مكانه! فالأفضل لكلينا لو تصمتين!
حين التفت أخيرا، كان يبدو عنيفا قاسيا ومصمما على الانتقام.
- متى سينتهي هذا الكابوس؟ تسائلت بهمس.

أعادت النظر إلى وجهه المظلم وعينيه القاسيتين، تعبير الاحتقار الواضح على وجهه جعلها غير قادرة على التفكير بشيء لتدافع به عن موقفها، تنهدت ثم أغمضت عينيها حتى لا ترى تلك النظرة مجددا وركزت أفكارها على الطريقة التي ستحاول بها اقناعه لكي لا يخبر ماسيموس بالحقيقة.
- ليام. همست ألكسندرا بصوت ضعيف
قلص ليام المسافة التي تفصلهما بخطوات سريعة قبل أن يتوقف فجأة لينظر إليها بكراهية شديدة ويضم يديه بعصبية.

- ألم أكن واضحا بما فيها الكفاية ألكسندرا؟! لقد قلت أصمتي! لا أريد أن أسمع أي شيء من تفاهاتك! لا أستطيع النظر إلى وجهك دون الرغبة في خنقك! فلا تصعبي الأمر علي!
بعد هذه الكلمات القوية والتي ألقاها في وجهها دون أي شعور. أخيرا فقدت ألكسندرا السيطرة على مشاعرها وانفجرت للمرة الأولى منذ سنوات:.

- تبا لك أيها الوغد! أتظن أن لديك أي حق في احتقاري أو المطالبة بأي شيء؟! أنت خدعتني منذ البداية وبطرق ملتوية وحقيرة لسرقة طفلي! عاملتني كساقطة صغيرة مهملة لشهور! ثم تسببت في موت أختي! وتأتي اليوم لتلومني أنني غادرت! أوه! كان من الأفضل لي لو هربت كالجحيم منذ أول يوم وقعت عيناي عليك! كنت لأنعم بحياة مستقرة إلى جانب شقيقتي مريديث!

أتذكرها مريديث؟ التي كنت أنت سببا في موتها! تريد مني أن أشعر بالذنب لأنني أخذت ابني وهربت؟ أنت من عليه الشعور بالذنب لكل المعاناة التي جعلتني أمر بها! تبا لك ولأموالك ولاسم ماكسويل الذي جعلك تتحكم في حياتي!

وقف ليام ينظر اليها بذهول. فكرة أنها لازالت تلومه على موت شقيقتها جعلته عاجزا عن الرد، لم يستطع سوى أن يبعدها عن طريقه ويخرج من الغرفة صافقا الباب وراءه، بينما وقعت ألكسندرا على ركبتيها وهي تتجرع ألم الماضي الذي عاد بكل شياطينه للظهور...
بعد دقائق عديدة تلت خروجه. مسحت ألكسندرا وجهها الرطب بيديها قبل أن تحمل حقيبتها وتذهب للحاق بأليساندرو وابنها اللذان كانا ينتظرانها في السيارة...

تلك الليلة حين وضعت ماسيموس في السرير وجعلته ينام، قررت أخيرا العودة إلى غرفتها ونبش الماضي الذي جاهدت لسنوات لابقاءه مغلقا ونفيه إلى أبعد مكان من عقلها...
قبل 7 سنوات،
خطت ألكسندرا إلى داخل الشقة الصغيرة التي أوتها هي وشقيقتها قبل أن يقتحم ليام حياتها والتي كانت قد دفعت ايجارها لسنة كاملة واحتفظت فيها بكل الذكريات فهي كانت تأمل أنها ستعود إليها فور انتهاء عقدها اللعين...

تخطت البهو الصغير إلى غرفة المعيشة، ثم غرفتها مرورا بكل ركن صغير من الشقة والذي يحمل لها ذكريات لا تنسى إلى جانب شقيقتها الغالية، شعرت بقلبها ينقبض وهي تخطو إلى داخل غرفة مير.
أزاحت كرسيا وجلست على النضدد تتأمل صورهما المعلقة بجانب التسريحة كانت طفلة فاتنة وسعيدة، كيف فقدتها بتلك السرعة؟ كيف؟

عصرت قبضتها بألم وهي تنظر إلى كل أغراضها الشخصية، والتي أصر ليام على أنها لن تحتاجها بعد اليوم لذلك تركتها هنا كانت سعيدة بالحصول على أشياء جديدة، وحياة مثالية تفنن ليام في رسمها إلى أن رحلت عنها كليا، كانت تستجمع قوتها لكي لا تضعف وتستلقي فوق السرير الصغير الذي ضم يوما جسد شقيقتها وتبكي إلى أن لا يبقى هنالك دموع في مقلتيها.
لكنها لم تكن قادرة على سكبها وعملاء المكتب الفدرالي ينتظرونها خارجا...

بحثت في أدراجها وفي أدراج مير الى أن اهتدت أخيرا إلى ألبومهم العائلي والذي كانت تحرص عليه كإرث ثمين، وضعته بين أغراضها قبل أن تقفل غرفة مير، ثم المنزل وتتجه نحو السيارة السوداء والتي كانت في انتظارها لتقلها إلى عالمها الجديد...
عادت ألكسندرا إلى الواقع على صوت رنين هاتفها، قفزت بسرعة إلى الجانب الآخر من السرير والتقطت الهاتف، جاء صوته من الجهة الأخرى ليشلها عن الحركة وهو يأمرها بازدراء.

- أريدك جاهزة بعد نصف ساعة من الآن سآتي لأقلك!


look/images/icons/i1.gif رواية قيد الماس
  22-03-2022 08:02 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثاني عشر

أنهى ليام المكالمة التي تطلبت منه مجهودا خياليا لكي لا يظهر الحقد الذي كان يتغلغل بداخله ويغذي مشاعره بقوة نحو ألكسندرا، رمى الهاتف جانبا وعاد إلى التحديق في شاشة حاسوبه.

قطب جبينه وهو ينظر إلى المعلومات التي كانت بحوزته منذ البداية، في أي وقت غير الآن كان ليضحك بقوة على غباءه، فتح الشيفرة المعقدة والتي وضعها بنفسه وولج إلى البرنامج بكل سهولة. طبع الاسم الجديد الذي كانت تحمله، ولسخرية القدر كان هناك ملف باسم ألانا جيمس اسمها الجديد ضمن برنامج حماية الشهود الذي طوره بنفسه.

ابتسامة مظلمة عبرت وجهه وهو يفتح الملف وينظر إلى صورتها، كانت المعلومات أمام أنفه، لكنه فضل أن ينظر بعيدا أغلق قبضته بقسوة إلى أن ابيضت سلامياتها وهو ينظر إلى كل المعلومات التي ذكرها ملفها ومن بينها أنها كانت حاملا بطفله حين رحلت...
تلك الملاحظة الصغيرة التي ذكرها التقرير، جعلت شيئا بداخله يتغير، كانت على علم بحملها ورغم ذلك فضلت معاقبته بأسوء طريقة ممكنة وحرمته ابنه.

عاد ينظر إلى صورتها وكانت شياطين العالم تتراقص أمامه...

في غرفتها، ظلت ألكسندرا لدقائق تجيل بصرها في خزانتها الضخمة. أخيرا اهتدت إلى حلة سوداء مفصلة بعناية، ارتدتها على عجل حين نظرت إلى شكلها في المرآة شعرت بخيبة الأمل مجددا، كانت تشبه المتدربة الصغيرة التي وقفت بباب مكتبه منذ سنوات تستجدي وظيفة وهو ما كانت ترفضه، كان عليها أن تظهر كند له إذا كانت تريد تسوية عادلة مع رجل أعمال كليام، كان عليها أن تكون باردة بقدره وهذا ما لم تره وهي تحدق إلى انعكاسها في المرآة الطويلة لغرفة نومها، كل ما رأته فتاة صغيرة خائفة وغير واثقة، يا إلهي! كيف أصبح مظهرها مهما في هذه اللحظة؟ سبع سنوات منذ أن تركت ليام بنت فيها شخصية جديدة وصنعت لنفسها كيانا مستقلا وكل ذلك مهدد بأن يختفي بسببه!

منذ 7 سنوات،
حدقت ألكسندرا إلى جواز سفرها مجددا كانت غير واثقة مما تفعله، لكنها أعطته للشرطي في النهاية، أنهى معاملاتها وخرجت من باب المطار بهوية مختلفة، إلى حياة أخرى وكأنها ولدت من جديد، لطالما شعرت بأنها فرصتها لكي تتمكن من السيطرة على كمية الدمار الذي عاشته...
في ظرف سنوات قليلة جدا كانت قد فقدت والديها ومن ثم طفلها وأخيرا فقدت حبيبتها الصغيرة مير...

نفضت مشاعرها المتألمة واغلقت جدارا فولاذيا حول تلك الحقبة من حياتها دون أن تمنح نفسها فرصة للتفكير به ولو للحظة، كانت ترتعش فقط من فكرة أنها يمكن أن تخذل نفسها لو قررت العودة من تلك البوابة هربا إليه، لربما لن يكون سعيدا برؤيتها ولربما يسلبها الهدية الثمينة التي تحملها بداخلها فبعد كل شيء كان بينهما عقد مبرم، وهو يعتبر هذا الطفل من أملاكه فهو دفع ثمنه بسخاء...

تلك الفكرة جعلت كل جسد ألكسندرا يرتعش بقوة، أحاطت بطنها بحمائية وخطت نحو الشارع المرصف نحو أول سيارة أجرة، وتركت كل الماضي ورائها...
عادت ألكسندرا إلى التحديق مرة أخرى في المرآة، هذه المرة كان الثوب الذي اختارته مناسبا على الأقل أشعرها بالثقة لمواجهة ليام، فستان متكلف ومظلم أخفى ورائه هشاشة لا توصف...

تنهدت أخيرا وهي تضع آخر اللمسات لتخفي الشحوب الذي كسى وجهها ببعض مساحيق تجميل، رفعت شعرها على شكل كعكة متزمتة، حين كانت ترتدي حذائها سمعت طرقا على الباب اعلانا عن قدومه...
في الجهة الأخرى من مدينة الضباب، وقف ليام بوجهه العابس ينظر إلى المطر الغزير الذي كان يهطل على المدينة، مزاجه مكفهر يشبه الجو الماطر بالخارج، تنفس بقوة وهو يعود إلى مكتبه ويفتح المجيب الآلي...

طوال الساعات التي قضاها بالمكتب مع الفريق القانوني لمجموعته بلندن والذين أجمعوا في الأخير أنه بوجود ألكسندرا في بريطانيا كان من الصعب على ليام الفوز بحضانة الطفل...
- الأمور لا تجري بنفس الطريقة هنا سيد ماكسويل! قال المحام بهدوء
- إذا جد طريقة! صرخ ليام بنفاد صبر هذا ما أدفع لكم لتفعلوه!
بعد خروج محاميه عاد ليام لفتح ملف ألكسندرا، ليحدق إلى وجهها في الصورة ببرود قبل أن يتخد قراره...

كان المطر قد توقف، حين وصل ليام إلى البناية حيث كانت تسكن، وقف بالجانب الآخر من الرصيف وقد ضاقت عيناه المظلمة عليها بازدراء...
نزلت ألكسندرا الدرجات القليلة التي كانت تفصلهما، لتحدق فيه بعينين كساهما الرعب، أرادت أن تبدو غير مبالية دون جدوى فتلك النظرات التي يصوبها إليها ليام تشعرها بأنها نكرة، نظرات كساها الرفض والجمود.
أخيرا فتح ليام باب السيارة لها، لتخطو ألكسندرا إلى داخل نحو مصيرها المحتوم...

دار ليام للجهة الأخرى برشاقة فهد، فتح باب السائق وولج إلى الداخل قبل تهدر سيارته الفارهة بمحركها العنيف تنهب شوارع لندن المبتلة...

أخيرا توقف ليام على بعد أميال من المدينة، فتحت الكسندرا عينيها على المكان بدهشة، طوال الطريق كانت بعيدة بأفكارها تفكر بكل تلك الأشياء السيئة التي مرت بها منذ إلتقت ليام، كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لتشحن عزيمتها للتصدي للكراهية التي كانت تطل من عينيه واللتان تحول برودهما المعتاد إلى حمم من اللهب الخام، فتحت فمها لتحتج، لكنه كان الأسرع وأوقف احتجاجها وهو يشير إلى البوابة الكبيرة...

- لا أعتقد أنك لم تتعرفي على المكان، فهو كان مقر عملك لشهور! علق ليام ببرود وهو يصحبها نحو قلعة الدوق أندرو
من بين الأماكن الكثيرة التي تخيلت ألكسندرا أنها ستشهد لقائها هي وليام، لم تتصور أنها ستعود إلى نقطة البداية، ويتحدثان عن الماضي هنا...
- أي غرفة؟ قال ليام وهو يشير إلى ألكسندرا التي شلتها الصدمة للحظات.

تنفست ألكسندرا أخيرا، وهي تشير إلى الغرفة بآخر الرواق، ففي الأخير كانت هي الغرفة الوحيدة الجاهزة من بين كل الغرف، فتح ليام الباب بوجه عابس قبل أن يجعلها تمر أمامه، ضربته رائحتها المألوفة، تلك الرائحة التي عشقها في الماضي، حركتها البريئة والغير متعمدة تلك، جعلت فك ليام يتصلب، جز على أسنانه رافضا الثأثر قبل أن يصحبها إلى الأريكة الجلدية الموضوعة في أحد أركان الغرفة...

سحب ليام كرسيا وجلس بارتخاء، كان يقيمها في فستانها الأسود المظلم والذي أعطى ملامحها نظرة بائسة، وجهها الشاحب أضفى عليها منظرا طفوليا، ابتسم بغرور مستمرا في تأملها إلى أن شعرت بالاختناق، أخيرا قررت الامتثال لأوامره وجلست تضع كفيها في حضنها لكي لا تبدو خرقاء وهي تحاول ايقاف الارتعاش الذي كان مسيطرا على كامل جسدها النحيل...

ظل ليام مستمتعا بتأملها ترتعش أمامه كفأرة صغيرة حوصرت في مكان ضيق، أخيرا قرر التخفيف من معاناتها وهو يقول بصوت مليء بالغطرسة:
- أتعرفين لماذا جلبتك إلى هنا اليوم؟
رطبت ألكسندرا شفتيها بلسانها محاولة الرد...

كانت كل حركة تقوم بها عبارة عن تعذيب لحواسه، أدار وجهه للجهة الأخرى محاولا تحاشي الاغراء الذي كان يعصف بكامل جسده، كانت عدوته الآن، لكن مشاعره كانت تكاد تعصف بعقله، أفكار مجنونة، في أن يقفز إليها ويمتلكها فوق تلك الأريكة اللعينة ويمحو تلك النظرة الخائفة من على وجهها...

عصر على قضبته القوية محاولا طرد الأفكار الجامحة التي تغزو مخيلته، ألكسندرا مايلز ليست سوى حثالة لا تختلف كثيرا عن المرتزقة التي تزوجها منذ سنوات...
عاد ليصب نظراته الساخطة عليها والتي جعلتها تشعر مجددا بالعجز، مسحت يديها المبللتين بالعرق وهي تقول:
- اسمع ليام، بشأن الماضي، أظن أن عليك أن تعرف أنني كنت مجبرة على العقد الذي وقعته...

كانت نظراته متصلبة، وجهه كان قاسيا لا يظهر أي تعاطف، أكملت بصوت خافت: - أرجو أن نرمي بأحقاد الماضي وراء ظهورنا، ونفعل ماهو الأفضل من أجل ماكس...

مرت دقائق طويلة من الصمت لم تكن تسمع سوى صوت تنفسها المضطرب، أخيرا قرر ليام كسره، رمقها باشمئزاز وهو ينتفض من مكانه ليصل إليها بخطوات سريعة، وضعت ألكسندرا يديها على وجهها لتحمي نفسها من غضبه الكاسح، ربما لم يكن الوقت مواتيا أمس، أما الآن فهي تحت رحمته في مكان مهجور بالكامل...
لامت نفسها كثيرا لموافقتها على رؤيته دون أن تخبر أليساندرو، رفعت رأسها وتشابكت نظراتهما، كان يسخر منها:.

- هل تظنين أنني سأضربك ألكسندرا؟ تحدث بصوت ملؤه الاستهزاء ليس بضرب النساء أشعر بأني رجل! هنالك طرق كثيرة كارا!
وقبل أن تفهم المعنى من كلامه أمسك ذراعيها وسحبها إليه. ثبتت يديها على صدره لتمنعه من سحبها أكثر لكن كانت مقاومة واهية بالنسبة لقوة ذراعيه وصلابة صدره...

كان طويلا، أكثر حتى مما تتذكر، بالكاد تمكنت بكعبها العالي من الوصول إلى شفتيه، شعرت بزفراته الحارقة على شعرها، قبل أن يفتح العقدة التي ترفعه ويسحبها بهدوء شديد، وانهمرت كتلة الشعر النارية لتغطي ظهرها بالكامل...

لم يسمح لها بالاعتراض، رفع وجهها لتقابل عينيه بلونهما الأزرق الحاد كالماس، ودون قول المزيد قربها إليه إلى أن التصقت بجسده الصلب، كان يضغط على ذراعيها بقوة جعلتها تأن بصوت ضعيف. هل كان يعرف مقدار القوة التي يملكها؟ أم كانت هذه طريقته لمعاقبتها؟

أخفض رأسه بهدوء وأخد شفتيها في عناق قاس، ارتجفت ألكسندرا بقوة وذراعيه تمسكانها دون أن تسمحا لها بالابتعاد، كان قريبا إليها وبطريقة حميمة جدا، أمكنها أن تشعر بدفء صدره، وهو شيء لم تعرفه منذ أن اختفت من حياته، لكنه كان نفس الشخص المستبد القاسي وهي لم تعد تلك الفتاة الساذجة التي أحبته...

قبل سنوات طويلة كان هذا العناق ليجعلها سعيدة، سعيدة جدا، لكن ذكرياتها العنيفة والمؤلمة لآخر لقاء لهما جعلتها تخشى أي اتصال جسدي، تعلمت وبالطريقة الصعبة كيف يمكن للرجل أن يكون بربريا وراء قناع التحضر الزائف...
تصلبت بين ذراعيه فجأة وأصبح جسدها كقطعة جليد، عبس ليام ودفعها عنه وهو يجيل النظر من جسدها المرتجف إلى عينيها المحتقنتين بالدموع.
- ماذا كنت تعتقد أنك تفعل بحق الجحيم؟! صرخت فيه بهياج.

- تجربة! رد ليام ببساطة بالنسبة للمرأة التي كانت تذوب للمستي أنت تبدين كارهة بشكل غريب!
- أنا لا أرغب مطلقا بك! قالت ألكسندرا باختناق وهي تحيط جسدها بذراعيها لتوقف رجفتها
- نعم. لقد لاحظت! قال متهكما ربما لمساته تجعلك تشعرين بشكل أفضل! أضاف بازدراء مشيرا إلى علاقتها بأليساندرو
- حياتي الشخصية ليست شأنا من شؤونك!
- أحقا؟! قال لكنني أعتقد العكس! أنت مازلت زوجتي! صرح ليام ببساطة.

- أنا لست زوجتك! صرخت باحباط لم أكن يوما! أنت اشتريتني! ما كان بيننا مجرد صفقة حقيرة. لكن الآن لم يعد هنالك ما تستطيع فعله ليام! لن تستطيع سلبي ابني مهما حاولت! تريد أن نلعب بالطريقة الصعبة! حسنا. يمكننا الذهاب إلى المحكمة، أريد أن أراك وأنت تشرح السبب الذي دفعني للهرب منك، ليست حياتي التي ستصبح تحت المجهر فأنا كما قلت منذ سنوات لست سوى نكرة تحمل طفلك! لكنك على عكسي! أنت من ستعاني الاحراج أمام كل معارفك وأصدقائك وطبقتك المخملية!

ضحك ليام بمرارة وهو ينظر إلى الثورة الضعيفة التي كانت تشنها ضده.
- إنه سيناريو جميل علق باستخفاف من المؤسف أن لدي واحد أفضل!
لم تستطع ألكسندرا فهم البريق الغامض في عينيه، حتى وهي تسمع وقع أقدام ثقيلة على الأرضية الخشبية الثمينة، تلاه دخول رجال الشرطة بزي رسمي.

لم تستيقظ من صدمتها إلا حين شعرت بالمعدن البارد على معصمها، والشرطي يتلو عليها حقوقها ويطالبها بالتزام الصمت، كانت عيناها مفتوحتين بذهول وهي تراقب ليام الذي خطى نحوها بخطوات واثقة قبل أن ينحني ليهمس في أذنها بهدوء:
- استعدي ألكسندرا اللعبة قد بدأت للتو!
حدقت ألكسندرا بذهول في الغرفة التي اقتادها إليها الشرطي قبل أن يحرر معصميها ويغلق الباب ورائها دون كلمة...

كانت الغرفة باردة، احتوت على كرسين وطاولة، بينما علت مرآة زجاجية كبيرة الجدار ورائها، لابد أنهم يحدقون إليها الآن فكرت وهي تسحب أحد تلك الكراسي وتجلس بصمت.
مرت بضع دقائق وهي تحدق إلى المرآة بوجه ميت قبل أن يفتح الباب ويدخل أحد المحققين، فتح الملف الذي كان يحمله، حدق إليها لبضع ثوان قبل أن يقول:
- سيدة مايلز أنا من دائرة الهجرة البريطانية، وأنا مكلف بترحيلك خارج البلاد...

ألجمت الصدمة ألكسندرا ظلت تنظر إليه بعينيها الكبيرتين المليئتين بالاستغراب، قبل أن تلاحظ أنه يناديها مايلز. هذا الاسم لم تسمعه منذ سنوات عديدة.
- سيد؟
- يمكنك أن تناديني بالمحقق دارسي.
- أظن أن هناك خطأ ما الاسم الذي أحمله هو ألانا جايمس وبالتأكيد لا يمكن أن أرحل من البلاد، لأنني بكل بساطة مواطنة بريطانية.
- أحقا! قال المحقق وهو يتفرس ملامحها بعينين غير واثقتين.

- أدعى ألانا جايمس هذا هو اسمي، ألكسندرا مايلز هو الاسم الذي كنت أحمله في الماضي...
- ولماذا تغير اليوم؟ قال المحقق بعدم مبالاة
زمت الكسندرا شفتيها وهي تقول: - عليك التحقق من المكتب الفيدرالي الأمريكي فأنا موجودة على لائحة حماية الشهود لديهم...
- إذاً أنت تقولين أنك مهددة سيدة مايلز، هل هي عصابة؟ قاتل مأجور مثلا؟ علق المحقق بسخرية وكأنه لا يصدقها.

- يا إلهي! وضعت ألكسندرا يدها في شعرها بعصبية أنا سألتزم الصمت إلى أن تتحقق بنفسك من كلامي!
- حسنا قال المحقق وهو ينهض ليترك الغرفة
وبقيت ألكسندرا حبيسة لساعات أخرى...
بعد مرور ساعات،
ظنت أنها لن تنتهي وهي تجوب المساحة الصغيرة بتوتر، فتح الباب مرة أخرى تحركت ألكسندرا في اتجاه المحقق وهي تصرخ بعصبية بالغة:.

- هل رأيت؟ لايوجد سبب مقنع لاحتجازي! هل يمكنني الذهاب الآن! ابني قد خرج للتو من المستشفى أنا أطالبك بالافراج عني حالا!

عاد المحقق ليجلس بكل هدوء وهي يشير إلى الكرسي الآخر، مشت ألكسندرا بعصبية وجلست تنظر إلى الرجل البارد وهي تطرق بأظافرها على الطاولة، ظل صامتا لفترة وهو يقلب محتويات الملف أمامه، الصمت تلاعب بأعصابها وجعلها في قمة الانفعال، لكنها فضلت التزام الصمت لكي لا تزيد الوضع سوءا أكثر مما هو عليه بالفعل...

أخيرا قرر أن يتكلم وعاد ليناديها بالسيدة مايلز: - يؤسفني أن أخبرك أنه لا وجود لاسم مماثل على برنامج حماية الشهود، لقد أنهيت للتو مكالمة مع لانجلي وهم لا يعرفون أي شيء عن ألانا جايمس!
- بالطبع! قالت ألكسندرا وهي تعصر أصابعها بعصبية.

لابد أنه الوغد! فكرت وهي تنظر إلى الباب دون تصديق، ما الذي يحاول فعله بها الآن؟ هل سيجعلها تدخل السجن لكي يحصل على الوصاية؟ يا إلهي! قد تموت إذا تجرأ وفعلها، اللقيط السافل! أهذه هي لعبته؟
أخيرا وجدت ألكسندرا القوة لتتكلم. خرج صوتها باهتا رغما عنها: - أريد الاتصال بمحامي، لن أقول شيء آخر بدون حضوره!
حرك المحقق رأسه بفهم قبل أن ينهض من الكرسي، وقبل مغادرته التفت إليها و نبرته مليئة بالتحذير:.

- هذه ليست لعبة سيدة مايلز، تزوير أوراق رسمية وانتحال شخصية عقوبتها قد تصل إلى 5 سنوات في سجن مشدد، فكري جيدا في ذلك!
أشارت برأسها علامة على الفهم قبل أن تدفن وجهها بين يديها...
- يا إلهي! ما الذي فعلته الآن؟!

مرت ثمان وأربعون ساعة من الاحتجاز قبل أن يتمكن أليساندرو من الوصول إليها، كانت في حالة من الصدمة حين أخبرته أنها محتجزة، صدمته لم تكن أقل منها وهو يتلقى خبر احتجازها، يبدو أن زوجها السابق كان يتحرك حتى أسرع مما تصور، خلال اليومين اللذان قضتهما ألكسندرا في مخفر الشرطة، حاول أليساندروا بكل السبل اخراجها ولو حتى بسراح مؤقت، لكن دون جدوى، كان ليام يسد كل الأبواب المفتوحة أمامه، وظلت ألكسندرا رهن الاعتقال، وأخيرا تمكن أليساندرو من رؤيتها، سارعت ألكسندر إلى الارتماء بين ذراعيه وهي تبكي بحرقة:.

- كيف حال ماكس؟ سألت من بين دموعها
- إنه بخير. لا تقلقي لقد مررت أمس إلى المنزل واصطحبته هو وروز. أخبرته أنك سافرت لأمر طارئ.
- وكيف تقبل الأمر؟ سألت بذعر
- غضب قليلا، لكن بالنهاية، تعرفين كاثرين، لقد تمكنت من السيطرة على قلقه وإلهائه.
شكرته بامتنان وهي تنسحب من بين ذراعيه لتجلس كانت قواها منهارة
- كيف حالك ليكسي؟ قال وهو ينظر إلى شكلها الهش والخائف
- لست على مايرام.

سحب أليساندرو كرسيا قريبا منها ليجلس وكذلك فعل محاميه، تأمل شحوبها وعينيها الدامعتين بألم، لقد حاول بكل طاقته هو وفريق المحامين لديه من ايجاد حل سريع لاخراجها
- لدينا خياران. قال المحامي وهو ينظر إلى حالتها المزرية بتعاطف الاقرار بأنك ألكسندرا مايلز، وفي هذه الحالة عليك فعلا مغادرة البلاد لأنك ستصبحين في نظر الشرطة مهاجرة غير شرعية ونكون قد حللنا الموضوع، أو أن تصري على هويتك الحالية...

وفي هذه الحالة سيبقى علينا أن نثبت أنك فعلا ألانا جايمس، الشيء الذي أنا لست واثقا من سلامته كقرار، ففي حال فشلنا في اثبات ذلك، قد تصبح القضية أكثر تعقيدا، وقد تتهمين بالاحتيال والتزوير وفي الغالب ستسجنين...
- ماذا لو تزوجتها؟ قال أليساندرو فجأة
سكت المحامي قليلا قبل أن يقول: - هذا غير وارد!
ردت ألكسندرا بصوت خافت: - أنت تعرف جيدا أنني لازلت متزوجة منه!

- لو أثبت أنك زوجته هذا قد يضيف تعقيدا آخر نحن في غنى عنه الآن شرح لها المحامي باقتضاب
- لكن لابد من وجود حل! صرخ أليساندرو بنفاذ صبر
- الحل الوحيد المقبول، هو أن على السيدة مايلز مغادرة البلاد لمدة سنة على الأقل، سنقوم وقتها بطلب أوراق للهجرة بشكل سليم.
- ماذا عن حياتي؟ سألت بتشكيك هل سأفقد كل شيء بهذه البساطة؟ اسمي وعملي وكل ما بنيته خلال سنوات؟! يا إلهي! إنه كابوس!

وضع أليساندرو يده على كتفها وسحبها إلى صدره.
- توقفي ألكسندرا! كل شيء على مايرام سوف أجد طريقة لحل سوء الفهم هذا لا تقلقي! هل يمكنها على الأقل الخروج بكفالة مالية؟ سأل أليساندروا محاميه
- ليس قبل انتهاء التحقيق، السيدة مايلز قد تبقى هنا لأيام اضافية!


look/images/icons/i1.gif رواية قيد الماس
  22-03-2022 08:03 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية قيد الماس للكاتبة عفاف مغنوي الفصل الثالث عشر

نائمة فوق السرير الأبيض الصغير لزنزانتها القاتمة، تركها أليساندرو لتفكر في ضرورة اعترافها بهويتها الحقيقية، وهو ماكانت ترفضه بشدة منذ قليل، عودة هويتها الحقيقة كان يعني اعترافا صريحا منها بأنها زوجة ليام، كانت سترحل إلى الولايات المتحدة لتخوض حرب وصاية شنيعة على ملعبه، حيث كانت ألكسندرا مايلز الأمريكية الصغيرة النكرة وهو ليام ماكسويل المهندس الشهير التي تستعين به الحكومة الأمريكية لحفظ ملفاتها السرية، وبالطبع تدمير ملفها الخاص...

لامت نفسها كثيرا وهي تنظر إلى سقف زنزانتها الاسمنتي بلونه الرمادي الكئيب، كان عليها أن تحتفظ بأي شيء يدل على العقد الذي وقعته منذ سنوات...
كيف كانت بهذا الغباء وكيف سمحت لنفسها بأن تتخيل أنها في مأمن من ليام وإلى الأبد.
اليوم هي بين نارين، إما أن تعترف بأنها ألكسندرا مايلز وبالتالي تخوض حربها معه، أو أن تفضل البقاء وتواجه السجن...

وضعت يديها في الكتلة النارية لشعرها والتي أصبح لونها شاحبا، لقد مر اليوم أسبوع على حبسها وليس هنالك من أمل في اطلاق سراحها قريبا مالم تتخد قرارها...
تنهدت بحزن وهي تتقلب على السرير محاولة التفكير بايجابية، فبقائها هنا بعيدا عن ماكس كان سيصيبها بالجنون...
قبل 7 سنوات،.

أمسكت يد قوية بيد ألكسندرا الخائفة بينما ممرضتان تدفعان بالعربة نحو غرفة الولادة، كان العرق يتصبب من جبينها بغزارة، موجات الألم الغير محتملة قد انتهت للتو، سمحت لها الراحة الأنية التي تشعر بها أن تنظر الى صاحب اليد الكبيرة، فكه مزموم بشدة يبدو عليه التوتر رغم أنه يحاول اظهار العكس...
ابتسم لها بمحبة وشعرت برغبة كبيرة بالبكاء وهي تتخيل ليام يمسك يدها ويحثها على أن تكون قوية.

- لا تتركنني ألساندرو! قالت وغلبها الألم مجددا
عصرت على يده بقوة وهي تصرخ، كان الألم يتزايد مع كل نفس تأخذه، حاولت إحدى الممرضات أن تسحب يد أليساندرو من يدها دون جدوى كانت تتشبث به بقوة لم يظن أنها تملكها، أخيرا توقفت الممرضة عن المحاولة وهي تمنحه رداء معقم لتقول:
- أظن أنك ستحضر الولادة معنا!

أشارت ألكسندرا برأسها علامة على الموافقة وهي تنظر إلى أليساندرو برجاء. ابتسم لها ابتسامة محفزة وهي يمسك بيدها بثبات، قبل أن يضربها الألم قويا مرة أخرى، بينما دخل الطبيب الذي طمئنهما أن كل شيء على مايرام، بجهد كبير قاوم أليساندرو الموقف وهو ينظر إلى ملامح ألكسندرا المعذبة وهو يحثها على التنفس بعمق...
أخيرا خرج صوت الصغير إلى الوجود...

ابتسمت ألكسندرا من بين دموعها وهي تطلق صراح يده أخيرا لتأخد طفلها المدرج بالدماء بين ذراعيها...
- إنه رائع! قالت ألكسندرا وهي تلثم يديه الصغيرتين
ابتسم أليساندرو وهو يقبل جبينها وينظر إلى الطفل الصغير، يومها وعدها أنه لن يتركها أبدا وأنه سيظل إلى جانبها مهما حدث...

تنفست ألكسندرا بعمق، كانت ذكريات السنوات الماضية تهاجمها بعنف منذ أن عاد، مسحت دمعتين تسللتا رغما عنها، وعادت تتقلب في سريرها في محاولة يائسة للنوم...
في الجهة الأخرى من المدينة،
كانت أشلي قد انتهت من ترتيب ملابسها للرحيل، نظرات ليام كانت مبهمة وهو يحدق في شاشة حاسوبه، أخيرا رطبت حلقها وهي تقول:
- ليام، أنا سأرحل، ليس هناك هدف من بقائي!

رفع ليام رأسه عن حاسوبه وحدق إلى ملامحها باهتمام قبل أن يقول: - أنا أيضا ليس هناك من سبب يدفعني للبقاء سنرحل الليلة أشلي!
لم تجادله ولم تحاول معرفة ما الذي يخطط له، أشارت برأسها علامة على الموافقة وانسحبت إلى الحمام بهدوء...
بينما عادت عينا ليام للتحديق في حاسوبه...

في السيارة التي كانت تنقلهما إلى المطار، ظل ليام بعيدا جدا، كان وجهه متجهما يدل على تفكير عميق، أخيرا قررت أشلي قطع الصمت وهي تمسك يده، انتفض ليام من لمستها ورفع رأسه لينظر إلى عينيها مستفسرا:
- لقد مر أسبوع ليام. وللآن نحن لم نتحدث عن مصير علاقتنا، تنفست بعمق خائفة من النهاية الحتمية لهذه المحادثة لكنها كانت مضطرة.

فركت يديها باضطراب، حيث كانت خاتم الخطوبة يلمع، أخيرا سحبته بحركة عصبية ووضعته في يد ليام، الذي ظل صامتا لبعض الوقت يتأمل الماسة المتلألئة في ضوء السيارة، قبل أن يضعها في جيب سترته باهمال...
أعادت أشلي بعض خصلاتها النافرة وراء أذنها وهي تحاول أن تظهر بمظهر قوي...

- أظن أنه ليس الوقت المناسب لنكون معا، حين تنتهي من كل هذه الفوضى سأكون بانتظارك! سكتت قليلا وهي تلتفت لتتأمل الشارع المرصف بعينين لامعتين.

ظل جو من الصمت مخيما على الطريق، وحتى بعد أن استقلا الطائرة من عاصمة الضباب نحو نيويورك، تعمد ليام الابتعاد عن طريقها وقررت أشلي تصنع النوم هربا من الألم الذي ينهشها، ليام لم يعترض على فسخ خطوبتهما بل شعرت أنه كان موافقا ولو بشكل ضمني على قرارها، هو حتى لم يطلب منها التمهل أو التفكير في الأمر، أخذ الخاتم منها ببساطة ودون أي اعتراض، ربما كانت علاقتهما من البداية ضربا من الجنون، ليام لم يعبر لها عن حبه يوما. تلك الحقائق الكثيرة التي كانت تضرب رأسها وشريط من الذكريات السريعة يعبر مخيلتها عن علاقتهما جعلها تشعر برغبة في البكاء مجددا.

ألقت نظرة أخيرة على الجسد القوي والذي كان يعطيها ظهره، بدا بعيدا بأفكاره وحتى متشنجا، أغمضت عينيها وانغمست في كرسيها الكبير تنشد القليل من الراحة...
في الجهة الأخرى من المحيط،
كان أليساندرو قد أنهى اتصالا جديدا مع المحامي الذي يتولى قضية ألكسندرا، كان يريد بكل الوسائل أن يدفعها إلى تقبل هويتها الحقيقية، مستحيل أن يتركها تدخل السجن، وهذا ماكان سيحصل إذا ماقررت التشبث بعنادها.

محاميه كان صريحا وهو يخبره أن المحاكمة ستكون في الأسبوع المقبل، إذا ما ظلت ألكسندرا على رأيها ولم تقبل بشرط المدعي العام...
كانت الصفقة تقضي بترحيلها إلى الولايات المتحدة وإلا ستتهم بالاحتيال...
تنفس أليساندرو بقوة محاولا التنفيس عن غضبه المتزايد من كل ما يحدث. يشعر للمرة الأولى أنه ضعيف وغير قادر على حماية المرأة الذي يحب، ليام ماكسويل كان قاسيا جدا في حقها...

من يدخل زوجته السجن بحق السماء؟! قال وهو يضع يده في شعره الأسود اللامع بعصبية يا إلهي ما الذي يحدث لي!
لطالما كان أليساندروا شخصا قويا وعقلانيا لم يكن يتسرع في اتخاد أي قرار، لكنه في ظل الظروف الجديدة كان يشعر بالتوتر وضرورة العمل بسرعة، فخصمه كان يتحرك بسرعة فائقة، لقد أدخلها السجن في ظرف يومين من عودته...

أخيرا أخرجه من أفكاره القاتمة صوت الخادمة التي أتت لتخبره بأن كاثرينا وماكس بانتظاره على العشاء...
حرك رأسه وصرف الخادمة بحركة من يده ليعود لتأمل صورة ألكسندرا الموضوعة على مكتبه، كانت سعيدة وماكس بين ذراعيها...
أقسم أنه لن يجعل هذه الابتسامة تختفي مهما كلفه الأمر، أغلق النور الجانبي لمكتبه وخرج متجها نحو غرفة الطعام...

كان ماكس جالسا بحزن، بالكاد نظر إلى أليساندرو حين وصل، ابتسم أليساندرو وهو يقترب ليجلس إلى جانبه، حرك شعر الصبي بفوضوية. لكن الصبي ظل واجما، بالعادة كان يفرح بمثل هذه المضايقات بل يستقبلها بمرح طفولي، لكن اليوم كان الطفل في مزاج هادئ جدا جعل ملامح أليساندرو تتصلب، نظر إلى شقيقته نظرة استفسار لتبتسم له وهي تنظر إلى الصبي بحنان:
- لقد كان يسأل عن ألكسندرا قالت كاترينا بحزن.

زفر أليساندرو بعمق محاولا السيطرة على مشاعره قبل أن يلتفت إلى الصبي ويقول: - أهذا كل ما في الأمر ماكس؟ هل تشتاق إلى أمك؟
رفع الصبي رأسه لينظر إلى أليساندرو والذي تصلب فكه من منظر عيني الصبي الحزينتين:
- لقد رحلت! هي حتى لم تودعني!
اقترب أليساندرو من ماكس وركع على ركبتيه لينظر في عينيه: - أنت تعرف أن أمك تحبك أكثر من أي شيء في الوجود، أليس صحيحا؟
أومأ الصبي موافقا...

- إذاً أنت تعلم أنَّ والدتك تعمل على مشروع مهم، لهذا كان عليها أن تسافر سريعا...
- هي لم تتصل بي!
- ستتصل بك. هذا مؤكد قال أليساندرو في محاولة لجعله يهدئ ما رأيك لو نحاول الاتصال بها غدا؟ موافق؟
حرك الصبي رأسه علامة على الموافقة.
بعد العشاء،
وضع أليساندرو ماكس في السرير...
- هل تريد أن أقرأ لك قصة قبل النوم؟ سأل ليساندرو بعطف أبوي
حرك الصبي رأسه علامة على النفي قبل أن يضع رأسه على الوسادة ويغمض عينيه.

زفر أليساندرو بقوة للمنظر المؤلم، فالصبي كان يشعر بما يحدث حوله، وكان هذا كفيلا بجعله مضطربا وحتى خائفا، أغلق الباب ورائه بعد أن قبله على جبينه، عاد إلى غرفة المكتب ليفكر في الخطوة الثانية، يجب عليه أن يزور ألكسندرا غدا.
في قصره بأورنج كاونتي كاليفورنيا،
عاد ليام بعد رحلة طويلة قضاها بين طائرته الخاصة والهيليكوبتر، كان منزعجا ومتعبا لكنه لم يكن حزينا بالمرة...

تفقد جيب سترته، سحب خاتم الخطوبة ذي الماسة الضخمة والتي لم تعن له شيئا في مطلق الأحوال قبل أن يرمي به على سطح المكتب باهمال...
بحث عن صورة ألكسندرا وأخرجها من درج مكتبه، كانت الصورة من يوم زفافهما بكابري، ظهرت متألقة بفستانها الأبيض، تأملها، كانت تبتسم.
ضربته موجة من الذكريات وهو ينظر إلى الصورة، كانت فاتنة، مغرية بشعرها الحريري والذي كان يتطاير حولها...

وضع الصورة مجددا في الدرج واقترب من الرف ليأخد كأسا ويملأها بالبراندي قبل أن يقترب من الشرفة المطلة على التل الصخري ينظر إلى أمواج البحر بعقل شارد...
لقد عادت ألكسندرا إلى الحياة!
بل كانت حية لسبع سنوات...

هو فقط الغبي الوحيد الذي صدق موتها، لكن هذه المرة لن تهرب منه بهذه البساطة! لسنوات ظل يبحث عنها غير قادر على الاعتراف بموتها وحين قرر أخيرا المضي قدما بحياته، ظهرت كالجحيم لتعيد فتح كل الجروح القديمة، ويعود جرحه الدامي للنزيف مجددا...
نظر بعنف إلى السائل العنبري الذي كان يتلألأ بفعل ضوء القمر، قبل أن يسيطر عليه الغضب ويلوح بالكأس من على التل...
كانت تخدعه! اختطاف الطائرة كان فرصتها للهرب!

مخادعة! سارقة! هذا ما أنت عليه ألكسندرا مايلز! وأنا سأجعلك تدفعين الثمن!
بعد الأفكار السوداء التي طغت عليه لم يستطع ليام النوم كالعادة، فقرر أن يعذب نفسه، ارتدى ملابس الركض وذهب ليعدو على رمال الشاطئ الباردة...
حل الصباح أخيرا،
فتح ليام عينيه بتكاسل، كل عضلة من عضلات صدره تعذبه بألم رهيب، كان قد ركض على الشاطئ لساعات ثم عاد ليكمل تعذيبه في القاعة الرياضية. إلى أن شعر أخيرا بالتعب...

حرك يديه المتيبستين قبل أن يقفز من الفراش نحو الحمام، ليحد من ألمه الجسدي...
حين خرج، كان البخار الساخن قد تكفل بتليين عضلاته والحد من ألمه، ارتدى ملابسه بسرعة وسيطرت عليه فكرة مجنونة في الذهاب إلى كابري...
لم يكن يعرف ما عليه أن يفعله الآن بعد أن زج بها في السجن وتركها هناك، هل يأخد الطفل منها ويرحل ببساطة...
للجحيم! لا! ألكسندرا سرقت منه! عليها أن تدفع الثمن! والسجن كان أقل مما تستحقه!

أخيرا ارتدى سترته ورفع هاتفه ليتصل بطاقم الحراسة لتجهيز وسيلة نقله، سيعود إلى لندن!
في مخفر الشرطة،
جلست ألكسندرا تنظر إلى أليساندرو بعينين غائمتين، كانت قلقة وحتى مرتبكة وهي تتأمل المحامي والذي كان ينظر إلى الأوراق أمامه باهتمام بالغ...
أخيرا رفع نظره عن الأوراق ووضع نظارته جانبا، لم تتوقف ألكسندرا عن التململ وهي تنظر إليه بترقب حذر...
- ما الذي سنفعله الآن؟

- ليس هناك الكثير لنفعله. ألكسندرا أنت عليك قبول الصفقة مادامت متاحة...
- هل تعي أنك تريدني أن أتخلص من هويتي؟ هل تعرف ماذا يعني هذا بالنسبة لي؟

سكتت قليلا محاولة ايجاد كلمات مناسبة لتشرح وضعها: - أنا وقعت عقدا منذ سنوات طويلة، ألكسندرا مايلز وقعت عقدا على التنازل عن ابنها لصالح ليام ماكسويل، مستحيل أن أقبل بعرضهم! لأنني بهذا سأتنازل عن ابني! بحق السماء! هل تقول أنه يجب علي أن أتخلى عن حقي بماكس بكامل ارادتي! أنا أفضل السجن عوضا عن ذلك!

وضعت يدها في شعرها تحاول السيطرة على ثورتها، أخيرا رفعت ألكسندرا عينيها إلى ألساندرو والذي ظل واقفا ينظر إليها بوجه جامد.
- بحق السماء! لا تتصرف هكذا أليساندروا! أخبرني كيف سأتحول من ألانا إلى ألكسندرا بهذه البساطة!
عقد أليساندرو يداه فوق صدره الصلب وهو يتأملها، رؤية ماكس يعاني بتلك الطريقة رغم صغر سنه قد قلبت كل الموازين، لم يعد يفكر في نفسه لكن في حياة الطفل الصغير والتي أصبحت معقدة بالفعل...

إذا ما زج بألكسندرا في السجن، كيف ستكون حالته النفسية؟ الأسوء أن يطالب به ليام ويحرم من ألكسندرا إلى الأبد، الكثير من الأفكار كانت تغزو عقله وهو ينظر إلى ملامحها الجميلة المعذبة...
زفر بعنف قبل أن يقترب ليجلس إلى جانبها، أمسك يديها يمسدهما بحنان قبل أن يقول:
- ليس الأمر كأنني لا أتفهم كل ما تمرين به، لكن فكري بماكس. إنه يتعذب كثيرا، إنه يسأل عنك، لقد مر أسبوع ألكسندرا! تعلمين أنه يحبني كوالده!

زفر بقوة وهو يقول: - عليك التفكير بماكس قليلا، أنت خائفة من أنك ستفقدينه، حسنا بقائك هنا لن يساعد بشيء! ألكسندرا عليك الاعتراف بهويتك الحقيقة، ثم سنتعامل مع كل شيء آخر حين نصل إليه...
كانت كلمات أليساندرو تغزو عقلها بقسوة، ماكس يشتاق إليها، وهي كانت تتألم من أجله دون أن تفكر بأنه يشعر بكل ما يحدث معها، لطالما كان صبيا يتمتع بالذكاء والملاحظة لابد أنه يشعر بأن وراء غيابها سببا مهما.

تنفست ألكسندرا بعمق وهي تغرس رأسها في صدر أليساندرو القوي، طوقها بذراعيه بينما يمسد ظهرها بحنان.
- فكري في الأمر صغيرتي، لنحاول اخراجك من هنا، وبعدها سنفكر في الخطوة التالية.
رفعت رأسها إليه، قبل أن تقول بصوت باكٍ: - غدا أليساندرو! في الغد سأخبرك بقراري النهائي!
في المساء، كانت ألكسندرا جالسة بهدوء على الفراش الصغير لزنزانتها حين أتى الحارس ليخبرها بأن لديها زائرا...

وبما أنه لم تكن تتوقع زيارة من أليساندرو قبل الغد. ظلت لدقيقة تفكر فيمن قد يأتي لزيارتها، قبل أن تنهض وتتبع الحارس دون كلمة...
في غرفة التحقيق كان ليام واقفا ينتظر دخولها بهدوء مريب، طوال الطريق إليها كان قد أعد خططه بوضوح تام، لم يكن لديها مفر من ماكان سيعرضه، فهي لن تستطيع البقاء في السجن لمدة أطول قبل أن تنهار تماما، ولم يكن في مزاج ليشعر بالشفقة عليها...

حرك كتفه بضيق، فتح الباب في تلك اللحظة وظهرت ألكسندرا بعينيها الكبيرتين واللتان كانتا تحدقان فيه بذهول قبل أن تتحول نظراتها إلى كره شديد مسلط نحوه، حاولت التراجع لكن الحارس أغلق الباب بسرعة تاركا إياها وجها لوجه مع السبب في وجودها وراء القضبان...
كتفت يديها فوق صدرها محاولة الظهور بمظهر قوي: - ليام ماكسويل العظيم! لأي سبب قد أنال شرف الزيارة اليوم؟!

حدق ليام إلى وجهها بتسلية وهو يقترب من الطاولة الصغيرة التي توسطت الغرفة، سحب كرسيا ليجلس مستمرا في التحديق بملامحها والتي ظهر عليها السخط، أجاب بصوت قاس:
- أنت حقا تملكين الكثير من الشجاعة! بعد كل ما فعلته بي تجرأين على الوقوف والنظر إلى دون حتى الشعور بالقليل من الندم على ما فعلته أيتها السارقة الصغيرة النكرة!

- إياك! قالت ألكسندرا وهي توجه أصبعا متهما إلى وجهه إياك أن تنعتني بالسارقة مرة أخرى! أنت من عليه الاعتذار! أنت سعيت لتدميري! قالت ألكسندرا بمرارة
ابتسم ليام بسخرية مستمرا في النظر إليها وهو يقول: - أعترف أنه كانل لك نفس التأثير الجميل عليَّ زوجتي العزيزة!

نهض من مكانه مقتربا من حيث كانت تقف قبل أن يتكلم بصوت هادئ وخطير: - أو تعلمين شيئا؟ أنا وحتى بعد كل ما فعلته كنت كريما جدا معك ألكسندرا! جلست في ذلك القصر اللعين أنتظر أن تعتذري، لكنك ظللت ترددين عباراتك التافهة وحججك التي لا ترقى لاقناع طفل، أنت من جلبت هذا على نفسك!

- أوه توقف عن لعب دور الضحية ليام! الدور لا يليق بك! صرخت ألكسندرا بسخط لقد استدرجتني كنت تعرف جيدا ما تفعله وأنت تقودني إلى ذلك الفخ لأنك وببساطة خططت له جيدا! أنا فقط غبية لأني سمحت لنفسي أن أسقط في شركك! كان علي استشارة جيش من المحامين قبل أن آتي لمقابلتك، فأنا تعلمت بالطريقة الصعبة أي وغد تكون!

رفع حاجبه باستهزاء واقترب ليمسك خصلة من شعرها الناري: - لأي قطة متوحشة تحولت! أين هي الانتهازية المفلسة الصغيرة التي تزوجتها؟ لقد أصبحت. سكت قليلا ولمعت عيناه ليقول مختلفة وهذا يروق لي. لطالما أحببت التحدي!
- ما الذي تريده مني! صرخت ألكسندرا بنفاذ صبر
- أريدك أنت! قال ليام بصوت خطير
- ماذا؟
وتحولت الدهشة في عينيها إلى صدمة بالغة.

- كما سمعت، أريدك بالكامل في سريري الملكي الكبير بشعرك المتوهج وعينيك اللتان تملأهما الصدمة! أريدك وهذا ما لن أفاوض عليه! عليك الاختيار بين أن تكوني لي في سريري أو أن تختاري السجن وحيدة!
- إذاً أفضل السجن! قالت ألكسندرا بصوت قاطع
- أحقا! رد ليام بسخرية إذاً أنت تفضلين القيود الرمادية لسجن بلفورد على قيودي الخاصة!
- وما الفرق؟ أجابت ألكسندرا بازدراء كلاهما قيود!
- قيودي من ألماس! قال ليام بعجرفة.

- لكنها ستظل قيودا رغم ذلك!
رفعت ألكسندرا رأسها لتتأمل ملامح وجهه الوسيم والساخر. سكتت للحظة تحاول أن تجد الكلمات المناسبة، كان قربه يشعرها بأنها مشتتة وضئيلة. بينما عاد ليكون المسيطر على حياتها، تماما بالطريقة التي كان يفعل من قبل، تخلت عن حذرها لتسأله بسذاجة:
- هل أنت دائما شرير إلى هذه الدرجة؟
- أنا فقط أصل إلى أهدافي بسرعة ميا بيلا!

- لكنك لن تصل إلى أي هدف الليلة! قالت موضحة فأنا مصرة على الذهاب إلى السجن بدل اقتراحك!
- لا أظن هذا!
قال ليام وهو يقترب منها إلى أن أصبحت بين جسده القوي وظهرها إلى الاسمنت البارد، تسارعت أنفاس ألكسندرا وهدر قلبها بقوة داخل صدرها، كانت ترتعش وقد سيطرت عليها حمى قربه، لابد أنه السجن الذي يجعلها ضعيفة أمام اغرائه، كانت عينا ليام غائمتان من الرغبة حين أحنى رأسه وانقض على شفتيها بقبلة مدمرة...

للحظة كانت ألكسندرا تشعر بأنها بعيدة فعلا عن الواقع، إلتفت يداها غريزيا حول عنقه مطالبة بهذا الوضع الحميم والذي كان يخرج بسرعة عن السيطرة، ضغطها بقوة على جدعه الصلب حتى شعرت أنها غير قادرة على التنفس، جذبته نحوها بالمثل في تلك اللحظة العمياء من العاطفة المتوحشة والتي اختزنت سنوات من العفة والحرمان، نسيت من يكون ليام، كان جسدها الخائن فقط من يتذكره...

أخيرا توقف ليام عن تقبيلها. تراجع خطوات إلى الوراء لينظر إلى وقع قربه المدمر عليها، كان لايزال تنفسه متقطعا وعيناه مليئتان بالرغبة.
- أنت لي! لي فقط! زمجر من بين أنفاسه
كانت قدما ألكسندرا من القطن مستندة على الجدار في محاولة واهية للسيطرة على رعشة جسدها المجنونة، وفي ردة فعل غير متوقعة اقتربت من ليام لتنزل يدها على وجهه بصفعة قوية جعلته يترنح من الصدمة...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 7 < 1 2 3 4 5 6 7 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 2072 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1523 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1546 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1396 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2604 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، الماس ،











الساعة الآن 01:37 PM