رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل الخامس
وصل ياسر إلى الفيلا ليجد والدته بإنتظاره فتقدم قائلاً بمرح: - اية يا رورو قاعدة زعلانة كدا لية تحدثت انتصار بلهجة تدل على الحزن مشيرة بإصبعها قائلة: - بقى كدا يا ياسر مش عايز تحضر حفلة عيد ميلاد اختك ؟ رجع ياسر بظهره للخلف ووضع يديه على رأسه قائلاً بإبتسامة: - والله كنت حاسس، يعنى انتى يا ماما جيبانى من الشغل علشان تقوليلى مش هتحضر حفلة اختك لية ؟
اجابته والدته بصرامة: - ايوة يا ياسر دى اختك الوحيدة بردو ولازم تبقى معاها فى يوم زى ده ضحك ياسر وخبط بيده على يده الاخرى قائلاً: - هو عيد ميلاد ولا جواز يا ماما ! انا مش هحضر علشان اللى بنتك بتلبسه ده، انتى شوفتى الفستان اللى هى عايزة تلبسه ! شيرى من ساعة ما دخلت الكلية وهى بتعمل اللى هى عيزاه ومحدش بيعترض واتدلعت زيادة عن اللزوم، انا مسمحش لأختى تلبس كدا.
قاطعته انتصار قائلة: - بس ابوك مش معترض وانا مش معترضة، اختك حرة تعمل اللى هى عيزاه، دى صغيرة ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه قائلاً: - ما دى المشكلة، ان بابا وانتى مساعدينها على كدا وده اكبر غلط، انا بقيت بمشى جنبها مكسوف من نظرات الناس، اية يعنى اننا من الطبقة الغنية ! ده يسمحلنا نعمل اللى احنا عايزينه ؟ بنتك بتلبس لبس مبين معظم جسمها، انا بشوف كلام الناس من عنيهم وهم بيقولوا اخوها ده مش راجل، انا مقولتش انها تتحجب بس تحترم لبسها.
نطقت والدته بحزن محاولة استعطافه: - يعنى لسة عند رأيك انك مش هتحضر عيد ميلادها ! وقف ياسر مستعدا للرحيل قائلاً: - لا يا ماما، مش هحضر حفلة كله بيبص على جسم اختى فيها
ظلت تراودها احلام كثيرة حتى استيقظت على صوت تعرفه جيداً بجوارها - حنين ! حنين ؟ فتحت حنين عينيها لتجد خالد يجلس امامها على السرير وعيناه متعلقة بقلق عليها فوضعت حنين يدها على رأسها قائلة: - انا نمت قد اية ؟ نظر خالد الى ساعته ثم عاود النظر إليها مرة اخرى قائلاً: - ساعتين تقريباً انتبهت حنين له بقلق ثم اردفت بخوف: - انت قومت كدا ازاى، ارجع نام واستريح، القعدة دى غلط على الجرح.
ابتسم خالد وحرك رأسه بالرفض قائلاً: - لا انا كويس، المهم انا فرحان انك مهتمة كدا بيا .. مش هنسى وقوفك ده جنبى حركت رأسها حركة تلقائية قائلة: - انا ! انا اللى المفروض اشكرك .. انت انقذت حياتى مرتين وعرضت حياتك للخطر بسببى، دى اقل حاجة ممكن اعملها ابتسم خالد وحاول الوقوف لكنه تألم كثيرا مما جعل حنين تقف وتتحرك تجاهه محاولة إعادته لمكانه قائلة: - لا متتحركش، ارجع اسند كدا واستريح - حاضر.
أعادته حنين إلى موضعه ثم جلست على الكرسى مرة اخرى وترددت كثيرا قبل سؤاله هذا السؤال الذى لم يغادر رأسها ولكن استقرت فى النهاية على سؤاله - انت مين ! انتبه خالد لها بتعجب قائلاً: - نعم ! أعادت السؤال مرة اخرى: - انت مين ! انت غامض اوى .. فين اهلك ! فين صحابك ! فين عيلتك، انت بجد مين، انا حاسة انى بتكلم مع شخص ملوش ماضى .. شخص عايش لنفسه بس.
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه ثم أسند رأسه الى السرير قائلاً: - انا مليش اهل ولا عيلة، تقدرى تقولى كدا حياتى كلها كانت فى ملجأ، معرفش مين امى ومين ابويا .. كل اللى اعرفه ان فيه ست كبيرة فى السن هى اللى ودتنى الملجأ وانا عندى اسبوع، تخيلى ! فضلت عايش فى الملجأ بتعذب كل يوم اكتر من التانى، اقبح الشتايم .. ضرب وإهانة، كل حاجة وحشة حصلتلى ومكنتش بقدر أتكلم .. هربت فى يوم ومش لازم اقولك هربت ازاى، هربت وبدأت مرحلة جديدة فى حياتى تأثرت حنين بحديثه كثيرا مما جعل الدموع تغادر عينيها حزناً على حال خالد لكن لم تكتفى بذلك ونطقت قائلة: - اسفة انى اتدخلت بس بردو مش فاهمة ازاى ...
قاطعها خالد قائلاً: - ازاى متعلمتش وازاى مليش اهل وعيشت فى ملجأ وجبت الفلوس دى كلها وعايش فى فيلا ومعايا عربية صح ؟ حركت حنين رأسها بالإيجاب فتابع خالد حديثه قائلاً: - هى دى بقى المرحلة التانية من حياتى، بعد هروبى علطول ...
قبل خمسة عشر عاما
اشعل خالد النار فى جميع أنحاء الملجئ وفر هاربا، انطلق خالد وظل يركض ويركض حته صدمته سيارة ... فقد الوعى وبعد مرور ست ساعات فاق خالد ليجد نفسه فى غرفة مثل الغرف التى كان يسمع عنها ويراها أحياناً فى الافلام، انبهر خالد بنظافة الغرفة وجمالها وراحة السرير الذى كان ينام فوقه، اعتدل خالد وظل يتأمل كل شئ حوله حتى دلف رجل تظهر عليه هيبة الأغنياء، تقدم هذا الرجل بخطوات ثابتة تجاه خالد ثم جلس امامه على السرير قائلاً: - ازيك دلوقتى يا خالد ! شعر خالد بالقلق والتوتر لكنه نطق فى النهاية قائلاً: - الحمدلله.
- طبعا انت بتسأل انت هنا لية وازاى انا عارف اسمك، اولا انا اسمى صابر المصرى واعرف كل حاجة عنك وعن اللى عملته ومستعد ارجعك الملجأ تانى وكله يعرف مين اللى ولع فى الملجأ بس انا مش هعمل كدا، انت عارف ليه ! علشان انا محتاجك ... انت هتبقى دراعى اليمين وهتشوف العز اللى محدش شافه، ايوة انت عندك عشر سنين بس هو ده السن اللى انا عايزه علشان ادربه واعلمه اصول الشغل علشان يكبر ويكبرنى معاه، قبل اى تفاصيل موافق ! حرك خالد رأسه بسرعة شديدة مشيراً بموافقته قائلاً: - ايوة موافق هنا ابتسم صابر واستعد لقص كل شئ على خالد الذى كان متحمساً للغاية ...
فى الوقت الحالى
حركت حنين رأسها قائلة: - ها وبعدين، اشتغلت معاه ! واشتغلت اية ؟ تابع خالد حديثه لكن تلك المرة اخفى الكثير والكثير واصبح يكذب حتى لا ينفضح امره - بعدها فهمنى الشغل واشتغلت معاه فى الشركة وكان زى ابويا، ابويا اللى اتحرمت منه .. عوضنى عن كل سنين عمرى اللى ضاعت، شوفت النعيم بعد ما كنت بنام على ارض كلها زبالة ورمل، بدأت ابنى نفسى وبقيت دراعه اليمين لغاية اما عملت كل اللى انتى شيفاه ده ، هى دى حكايتى ...
تأثرت حنين كثيرا لما قاله خالد واردفت: - بجد برافو على اللى انت وصلتله ده رغم الظروف اللى كنت فيها، اى حد غيرك كان زمانه بقى حرامى او مجرم لكن انت معملتش كدا وبقيت كويس وبنيت كل ده بنفسك تذكر خالد عمله الحقيقي ثم تذكر جملة حنين التى قالتها منذ لحظات " حد غيرك كان زمانه بقى حرامى او مجرم "، تحدث خالد إلى نفسه فى صمت: - وايه الفرق ! منا مجرم، بقتل علشان اخد فلوس .. ده قمة الإجرام، انتى متعرفيش حاجة يا حنين ... نفسى اقولك ان كل اللى عاش اللى عشته ده يا اما طلع حرامى يا اما طلع مجرم ... محدش طلع كويس للأسف.
- خالد ! خاالد انتبه خالد لصوت حنين التى تناديه - هه ! رفعت حنين حاجبيها بتعجب قائلة: - هه اية انت روحت فين ؟ ابتسم خالد قائلاً: - لا ابدا بس حسيت بتعب شوية وقفت حنين بسرعة شديدة وانطلقت الى الدواء وسحبته واحضرت كوب ماء واعطته الى خالد قائلة: - خد العلاج اهو .. كويس انى افتكرت.
اخذ منها كوب الماء وأيضاً الدواء وتابعته حنين وهو يأخذ الدواء حتى انتهى وسحبت منه الكوب ثم اردفت: - دلوقتى بقى نام علشان تستريح علشان الرصاصة، انا مش فاهمة ازاى انت قاعد كدا وانت واخد رصاصة من حوالى خمس ساعات، اللى زيك بيفضلوا فى السرير بالاسبوع رفع خالد حاجبيه بإندهاش وتعجب قائلا: - اية يا حاجة، اعوذ بالله همووت يخربيتك ... وبعدين صحيح انتى ازاى قاعدة كدا ومحدش فى البيت كلمك ؟ غريبة دى ابتسمت حنين قائلة: - خطة بنفذها انا واختى بس ربنا يستر بقى ومتكشفش.
ضحك خالد واردف: - والله اختك دى جدعة، خلاص يا ستى انا هبقى كويس روحى انتى علشان محدش ياخد باله وانا هستريح وانام ابتسمت حنين ثم نهضت واستعدت للرحيل قائلة: - طيب، انا هحاول اخرج تانى من غير ما حد ياخد باله واجى اتطمن عليك، متحاولش تتعب نفسك بس حرك خالد رأسه بالموافقة وكان فى غاية السعادة ونطق قائلاً: - حاضر - سلام اجابها خالد بإبتسامة مودعا اياها: - سلام.
شعرت حنين بأنها لا تريد الرحيل لكن خافت من ان ينكشف أمرها فرحلت رغما عنها واتجهت إلى الفيلا الخاصة بها وبعد مكالمة هاتفية مع اختها استطاعت حنين الدخول الى الفيلا بعد ان هيأت ميرا كل شئ حتى تتدخل حنين دون ان يلاحظها احد وبالفعل دلفت حنين إلى الفيلا وصعدت إلى غرفتها وبدلت ملابسها وبعد مرور نصف ساعة خرجت متجهة إلى الأسفل لتجد والدها بإنتظارها، نطق والدها بهدوء قائلاً: - تعالى يا حنين انا عايزك تعجبت حنين من لهجة والدها الهادئة، لم تعتاد هذا الهدوء من والدها الذى كان دائماً ما ينفعل ويغضب ، اتجهت إلى والدها بقلق وجلست بجواره قائلة: - ايوة يا بابا.
اعتدل والدها ونظر إليها بحب قائلاً: - بصى يا حنين، انتى عارفة انى دايما عصبى ودايما بعلى صوتى عليكى بالرغم من انك كبرتى بس والله ده غصب عنى، انا مش هحب حد فى الدنيا دى كلها ادك انتى واختك .. والله انا بعمل كدا معاكى علشان بحبك .. محدش بيشيل الهم قد الاب، انتى لما قولتيلى اللى حصل انا خفت عليكى علشان كدا كان ده قرارى، انا مش هقولك خرجتى الصبح من ورايا ومستنتيش الحراسة لية لانى عارف انك عنيدة ومش هتقبلى بده بس كل اللى عايز اوصلهولك انى خايف عليكى ولو حصلك حاجة انا ممكن اموت.
امسكت بيد والدها بعد ان انهمرت الدموع من عينيها وارتمت بين أحضانه واخذت تبكى بشدة، ربت والدها على كتفها ثم نطقت من بين بكائها قائلة: - انت عارف يا بابا الفترة اللى فاتت دى كلها كنت محتاجة اية ! كنت محتاجة حضن زى ده، دايما كنت شديد عليا بس مكنتش عارفة السبب بس دلوقتى عرفت، انا هنفذ اللى انت عايزه يا بابا ومش هكسرلك كلمة بس خليك دايما جنبى ... انت من كتر شغلك بقيت بحس انى بقيت لوحدى.
ابتسم مدحت بحب ووضع وجه ابنته بين كفيه قائلاً: - من دلوقتى مش هتبقى لوحدك تانى يا حنين، اوعدك انى هبقى جنبك فى اى خطوة تاخديها وبالنسبة للورق فهو فى مكان امن ... على الرغم من انى مش طايق اللى اسمه خالد ده بس شكله كويس والورق هيبقى فى امان معاه بس خلى بالك حركت رأسها بالموافقة قائلة: - حاضر يا بابا.
اعتدلت حنين وترددت فى إخبار والدها بما حدث فلاحظ والدها انها تود إخباره بشئ لكنها مترددة فنطق قائلاً: - فيه اية يا حنين ! قولى انا سامعك جلست حنين مرة أخرى ووضعت اصبعها بين اسنانها بتردد لكن فى النهاية نطقت: - كنت عايزة اقولك على حاجة بس خايفة من رد فعلك ضم مدحت حاجبيه بتعجب ونطق متسائلا: - حاجة اية ؟ قولى متخافيش.
تلجلجت حنين فى الحديث وشعرت بالتوتر والقلق واردفت: - اصل .. اصل، الورق مكنش مع خالد، انا قولت كدا علشان متاخدش الورق يا بابا ومكنتش متخيلة ان خالد يكمل فى الكدبة دى معايا والنهاردة لما خرجت الصبح من وراك كنت رايحة شقتى اجيب الورق منها بس خالد شافنى واصر يجى معايا علشان ميحصليش حاجة وفعلا اتهجم علينا فى الشقة اتنين معاهم مسدسات بس خالد انقذ حياتى وقتلهم وفيه رصاصة خرجت واتصاب رفع والدها حاجبيه بصدمة شديدة وقلق مما تقوله ابنته فهتف قائلاً: - كل ده حصل النهاردة ؟ وخالد عامل اية دلوقتى !
اردفت حنين بحزن: - فى الفيلا بتاعته، صاحبه خرجله الرصاصة وهو دلوقتى فى الفيلا بتاعته تعبان وقف مدحت واردف بقلق: - محدش من اهله معاه ؟ حركت حنين رأسها بالرفض قائلة: - معندوش اهل يا بابا، خالد وحيد .. تقدر تقول مقطوع من شجرة استعد مدحت للرحيل قائلاً: - انا هروحله، هتطمن عليه .. ده بردو انقذ حياتك مرتين ولازم اتطمن عليه ولو كدا هكلمله الدكتور بتاعنا يجى يشوفه.
اسرعت حنين فى الرد قائلة: - ياريت يا بابا علشان صاحبه هو اللى خرجله الرصاصة ومرضيش يوديه المستشفى كانت عبارتها غامضة بالنسبة له لكن لم يحاول اخذ تفاصيل اكثر وتحرك إلى الخارج على الفور ...
فتح رمزى الباب ليتفاجئ بوجود عدة أشخاص فأسرع ليسحب سلاحه لكن بدأوا بإطلاق النيران من اسلحتهم لتستقر بجسده ...
توجه إلى مكتبه منفعلا وخبط بيده على المكتب بغضب شديد ثم وجه نظراته الحادة الغاضبة للشخص الماثل امامه قائلاً: - ده تهريج ! حتة بنت زى دى مش عارفين تجيبوا منها الورق ! وتوصل ان رجالتى يتقتلوا ؟ أجابه هذا الشخص بكل ثبات: - إحنا عرفنا مين اللى بيسندها يا باشا، فاكر الواد بتاع امبارح اللى أنقذها ساعة ما خطفناها علشان نزرع جهاز التتبع فى شنطتها ؟ انتبه رئيسه إليه قائلاً: - ايوة.
تابع هذا الشخص حديثه قائلاً: - النهاردة رمزى الفيومى كان شايله علشان شكله اتصاب برصاصة ونازل من الشقة ودخله العربية بتاعتها وركبوا مع بعض، وبعد فترة رمزى الفيومى رجع تانى علشان يخفى الجثث بس طبعاً لقانا مستنينه فى الشقة وخلصنا عليه، المشكلة مش فى كدا .. المشكلة ان اللى كان شايله رمزى الفيومى ده يبقى خالد الحسينى الدراع اليمين لصابر المصرى.
كانت جملته الأخيرة بمثابة الصدمة لرئيسه "اكرم المهدى" ونطق بحذر شديد قائلاً: - خالد الحسينى وصابر المصرى مرة واحدة ! الموضوع كبر اوى ولو خالد بيسندها هو وصابر يبقى الموضوع اتعرف وصابر بيعمل معايا عداوة ولو كدا بجد هتبقى حرب على الكل - تؤمر بأيه يا باشا دلوقتى اشار اكرم المهدى بيده قائلاً: - متعملش اى حاجة دلوقتى غير لما اقولك، موت رمزى هيبقى رد قوى على خالد لغاية اما اتأكد من اللى فى دماغى.
شعر خالد بتعب شديد لأول مرة يشعر به منذ ان عمل فى هذا العمل، تألم كثيرا من جرحه بعد رحيل حنين واخذ يتنفس بصعوبة بالغة فمد يده بجواره وسحب هاتفه ونقر على رقم رمزى وانتظر قليلا لكن دون رد، اخذ يكرر الإتصال لكن فى النهاية وقع الهاتف من يده و اغلق عينيه فاقدا الوعى ...
رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل السادس
دلفت حنين هى ووالدها بصحبة الطبيب فوجدوا الهاتف فوق وجهه ونائم، شعرت حنين بالقلق والخوف بسبب هذا المشهد فأردفت بقلق: - خالد ! خااالد ؟ صرخت عندما ادركت بأن خالد حدث له شئ فتوجه الطبيب على الفور إليه وتحسس نبضه ثم نظر إلى حنين ووالدها قائلاً: - متقلقوش، هو فاقد الوعى بس .. انا هغيرله على الجرح وهديله حقنة تخليه كويس.
هدأت حنين ووقف والدها بجوارها وربت على كتفها قائلاً: - ان شاء الله يبقى بخير اجابته من بين قلقها: - يارب لاحظ والدها إهتمامها الزائد بخالد كما انها لم تبعد بصرها عنه لكنه تجاهل هذا وركز فقط على الطبيب الذى قام بكافة الإسعافات اللازمة، انتهى الطبيب ثم توجه إلى مدحت قائلاً: - هو هيبقى كويس ان شاء الله بس الحقنة دى لازم ياخدها كل اثنى عشر ساعة والبرشام ده مرتين بردو، ان شاء الله بعد اربع ايام يجيلى علشان يغير على الجرح ابتسم مدحت واتجه مع الطبيب للخارج وهو يقول: - ان شاء الله يا دكتور، تسلم.
بقت حنين تتابعه بنظرات قلقة خائفة تتوقع اسوأ التوقعات وتحمل نفسها مسؤولية إن حدث له شئ، ظلت على هذه الحالة حتى شعرت بيد فوق كتفها فإلتفتت لتجد والدها يقول: - يلا يا بنتى، بكرا الصبح هعدى اتطمن عليه اومأت رأسها واستعدت للرحيل مع والدها قائلة: - يلا يا بابا.
رحل مدحت بصحبة ابنته تاركين خالد نائماً فى فراشه، دلفت حنين إلى غرفتها يسيطر الحزن عليها وبعدها دلفت خلفها شقيقتها التى لاحظت الحزن على وجهها فجلست بجوارها ووضعت يدها على كتفها قائلة: - مالك يا حنين !، اية اللى حصل ؟ .. بابا عرف حاجة ؟ حركت رأسها بالنفى قائلة: - لا، انا حكيت لبابا على اللى حصل النهاردة ومزعلش وكلم الدكتور ورحنا ليه بس لقيناه تعبان اوى وفاقد الوعى، انا خايفة اوى يحصله حاجة بسببى يا ميرا انهمرت الدموع من عينيها فربتت ميرا على كتفها بحب واردفت: - ان شاء الله يبقى بخير يا حنين.
صمتت ميرا لبعض الوقت ثم نظرت إلى حنين متسائلة: - حنين انتى حبتيه ! انتبهت لجملة شقيقتها وهتفت بإعتراض: - انتى بتقولى اية يا ميرا ! انا لسة عارفاه امبارح ابتسمت ميرا قائلة: - واية يعنى، الراجل انقذك من الموت مرتين وعرض حياته للخطر علشانك - ده مش معناه انى بحبه ابتسمت ميرا ووقفت مستعدة للرحيل والقت كلمتها الأخيرة قبل الخروج: - مش عارفة اصدقك، بكرا الايام تثبت.
رحلت ميرا وبقت حنين وحدها بغرفتها تشعر بعدم الإطمئنان و القلق والتوتر، مرت الساعات الباقية من اليوم كأنها سنوات عليها فكانت دائما تفكر فى الذهاب إلى خالد والإطمئنان عليه لكنها لا تستطيع، بقت طوال الليل تفكر لا تستطيع النوم، تشعر بشيء سئ سوف يحدث قريبا .
نهضت حنين من فراشها مبكراً وارتدت ملابسها ثم تحركت للأسفل لتجد والدها ووالدتها فأشار إليها والدها قائلاً: - تعالى يا حنين، نعمة بتحضر الفطار لبت دعوة والدها واتجهت إليه، جلست لكنها ظلت صامتة حتى سمعت صوت والدتها تقول: - يلا يا حنين الفطار جهز نهضت واتجهت إلى السلم قائلة: - طيب هطلع اصحى ميرا تفاجئت بميرا تنزل الدرج قائلة: - انا صحيت يا قطة ونزلت اهو.
رفعت حاجبيها بتعجب وعدم تصديق قائلة: - اية ده ! ميرا صاحية بدرى كدا من غير ما حد يصحيها ؟ كدبة ابريل دى ولا اية ضحكت ميرا وخبطت على كتف حنين قائلة: - لا يا حبيبتى، انا قايمة بدرى علشان امجد خطيبى هيعدى عليا دلوقتى ونروح نشترى شوية حاجات لوت شفتيها بعد فهم السبب قائلة: - اممممم قولى كدا بقى جلس الجميع يتناولون وجبة الإفطار معاً وبعد مرور عشر دقائق نهض مدحت ونهضت بعده فورا حنين التى استعدت وانتظرت انتهاء والدها وخرجت معه قائلة: - هاجى معاك يا بابا اطمن عليه.
انتظر مدحت لبعض الوقت ثم اردف: - طيب، خشى حضريله فطار بس ميكونش فيه حاجة ضرر عليه علشان تلاقيه من امبارح مكلش ابتسمت واسرعت إلى الداخل واخذت تجهز الإفطار لخالد بمساعدة "نعمة" وخرجت لوالدها وهى تحمل حقيبة بها الطعام قائلة: - يلا يا بابا تحرك مدحت وبجواره حنين ودلفا إلى داخل فيلا خالد ومنها اتجهوا إلى غرفته ليجدوه نائم فأتجهت حنين وقامت بإخراج الطعام من الحقيبة ووضعه بأطباق، بعد إعدادها الطعام اتجهت إلى الغرفة وأثناء دخولها فتح خالد عينيه ليجدها امامه وبجوارها والدها الذى تفاجئ خالد بوجوده.
ابتسم مدحت قائلاً: - حمدالله على سلامتك يا بطل أجابه خالد بشرود وعدم فهم: - الله يسلم حضرتك، هو اية اللى حصل ؟ نطقت حنين على الفور: - جينا انا وبابا نتطمن عليك لقيناك فاقد الوعى وتعبان اوى فبابا كلم الدكتور وهو قام باللازم .. الحمدلله انك بخير دلوقتى.
ابتسم خالد وشعر بإحراج شديد لم يشعر به من قبل ونظر إلى مدحت قائلاً: - انا مش عارف أقول لحضرتك اية، انا آسف على كل اللى حصل منى .. انا مش هنسى لحضرتك اللى عملته ده خالص والله ابتسم مدحت واقترب منه ثم ربت على كتفه برفق قائلاً: - لا ابدا يا خالد، انا اللى مديونلك بحياة بنتى اللى انقذتها مرتين، واللى انت فيه ده دلوقتى بسبب إنقاذك ليها ... ابتسم خالد ثم نظر الى حنين التى احمرت وجنتاها بمجرد ان وقعت عينيها على عينى خالد، نطق خالد بإبتسامة: - شكراً يا حنين ... وبعدين ليه الاكل ده وتاعبة نفسك ليه.
اجابته حنين وهى تقترب بالطعام منه قائلة: - مفيش تعب ولا حاجة وبعدين انت زمانك جعان دلوقتى، انت مكلتش من امبارح، يلا كل ... انا همشى انا وبابا بقى على الشغل اختفت ابتسامة خالد ونظر بتعجب إلى حنين قائلاً: - هتروحى المكتب لوحدك ! انتى محرمتيش من اللى حصل ولا انا حياتى كانت هتروح على الفاضى ؟ ثم نظر إلى مدحت قائلاً: - ياريت حضرتك متسيبهاش تروح لوحدها .. الناس دى خطر جدا وعندهم استعداد يقتلوا ويعملوا بحور دم فى سبيل انهم يحافظوا على مكانتهم.
ربت مدحت على كتفه قائلاً: - انا اللى رايح الشغل لكن هى هتروح المكتب علشان تستأذن علشان رايحة حفلة عيد ميلاد بنت عمها النهاردة، انا هروح معاها اوصلها لغاية اما تخلص والنهاردة بأذن الله هتفق مع حراسة ليها ابتسم خالد قائلاً: - تمام تحرك مدحت وهو يضع يده على كتف ابنته قائلاً: - يلا نسيبك بقى يا بطل - مع السلامة.
رحل مدحت بصحبة ابنته وبقى خالد لبضع لحظات مبتسما فهو لم يشعر بهذا الشعور من قبل، شعور العائلة المترابطة كما انه لقى اهتمام لم يلقاه من قبل، ووجد القلق والخوف فى اعينهم بسبب ما حدث له، شعر وكأنه لأول مرة اصبح فرد من عائلة ... هربت دمعة من عينه وتحدث إلى نفسه قائلاً: - ياترا انا ليا ام واب زى الناس ولا مليش، اتولدت لقيت نفسى فى ملجأ اكيد انا ابن حرام، ليه متولدتش فى عيلة تهتم بيا ونبقى سند لبعض ! معظم الشباب والبنات مبيحبوش تحكم اهلهم فيهم او نصايحهم وعايزين يمشوا بدماغهم لكن انا بتمنى اهل ويتحكموا فيا عادى، مهما عملوا فيا اكيد هيكونوا بيعملوا ده علشان بيحبونى، محدش هيتمنالى الخير قدهم ... كتير اوى مش مقدرين النعمة اللى معاهم، انا حلمى بسيط اوى .. بحلم يكون ليا عيلة، هو ده حلمى.
قطع تفكيره وحديثه صوت هاتفه فمد يده بجواره واحضره ليجد المتصل هو "صابر المصرى" اجاب خالد على الفور قائلاً: - صابر باشا اجابه صابر بنبرة تدل على ان هناك شئ ما حدث: - خالد انت فين شعر خالد بأن هناك شئ يحدث فنطق بتساؤل: - هو حصل حاجة يا ريس ! أجابه صابر بنبرة حزن: - رمزى، اتقتل شعر خالد بصدمة شديدة ونطق قائلاً: - رمزى اتقتل ! ازاى وفين ؟
- هقولك كل حاجة بس انت فين ؟ إلتقط أنفاسه ثم نطق قائلاً: - انا فى الفيلا، تعالى علشان مش هعرف اجيلك وهتعرف لية لما تيجى اومأ رأسه بالموافقة قائلاً: - طيب انا جايلك حالا ماهى إلا دقائق معدودة حتى وصل صابر ودلف إلى داخل الفيلا بحثا عن خالد فلم يجده مما جعله يصعد إلى الأعلى ومنها توجه إلى غرفة خالد ليجده جالسا ويسند ظهره إلى السرير فرفع صابر حاجبيه بتعجب وحيرة: - خالد ! حصلك اية أشار إليه بالجلوس قائلاً: - اقعد هحكيلك اللى حصل من الأول خالص جلس صابر وانصت إلى خالد بقلق، بدأ خالد بسرد ما حدث منذ تلك الليلة التى نفذ فيها اخر مهمة طلبها منه صابر
انتهت حنين واوصلها والدها إلى منزل اخاه حيث حفل عيد ميلاد ابنة اخيه، وصلت حنين ودلفت إلى داخل الفيلت لتجد زوجة عمها ووالدتها تجلسان فإقتربت حنين والقت السلام على زوجة عمها "انتصار"، رحبت انتصار بحنين ترحيبا واسعاً فهى تحب حنين بشدة ودائما ما تتمناها زوجة لإبنها ياسر، نطقت انتصار بإبتسامة واسعة: - نورتى بيتك يا حنين، بقى كدا بقالك فترة مبتجيش ! انتى مبقتيش تحبى تيجى هنا زى زمان ؟
ابتسمت حنين واسرعت فى الرد قائلة: - لا والله يا انطى بس الفترة اللى فاتت دى شغل وتعب وإرهاق وكدا ربتت على كتفها قائلة بحب: - ربنا يعينك يا حبيبتى، اطلعى لشيرى فوق دى مستنياكى من بدرى تحركت حنين وهى تقول: - طيب انا طالعالها صعدت حنين إلى الأعلى ثم نظرت رباب الى انتصار قائلة: - تفتكرى المفاجأة بتاعة النهاردة دى هتعجب حنين !
اسرعت انتصار فى الرد قائلة بثقة: - شوور، ياسر بيحب حنين وكمان دول ولاد عم وحنين مش هتلاقى احسن من ياسر اومأت رباب رأسها قائلة: - ربنا يجعلهم من نصيب بعض ويعدى النهاردة على خير
انتهى خالد من سرد القصة دون ان ينسى حرفاً وانتظر تعليق صابر الذى ظهرت عليه علامات الصدمة والتردد فنطق خالد قائلاً: - مالك يا بوص ! إلتقط صابر أنفاسه واردف: - ملقتش غير حنين مدحت الرداد اللى تنقذها ! المهم كدا الرؤية بانت .. رمزى لقوه مقتول قريب من المنطقة اللى فيها شقة حنين وده يثبت حاجة واحدة بس وهى ان لما رمزى راح يتخلص من الجثث قتلوه.
تغيرت ملامح وجه خالد وظهرت عليه علامات الغضب والضيق واردف: - اقسم بالله دم رمزى ما هيعدى بالساهل كدا، حق كل نقطة دم وقعت منى ووقعت من رمزى هيدفع اكرم المهدى تمنها غالى جدا ولو هو اعلن الحرب يبقى إحنا اللى هنبدأ الهجوم ربت صابر على كتف خالد قائلاً: - شد انت بس حيلك وقوم بالسلامة واكرم المهدى هيدفع التمن عمره وانا معاك، طالما بدأ الحرب يبقى يستحمل، لازم يعرف مين صابر المصرى ومين خالد الحسينى.
حرك خالد رأسه بتساؤل قائلاً: - والورق اللى معانا ده ! ابتسم صابر بمكر قائلاً: - الورق ده هيكون لعبة الموت اللى هنلعبها معاه المهم دلوقتى تخرج حنين الرداد من الموضوع ده نهائى اومأ رأسه بالموافقة قائلاً: - هو ده اللى هيحصل، حنين مش قد اللى بيحصل ده علشان كدا لازم تخرج من اللعبة دى.
ربت صابر على كتفه ووقف مستعداً للرحيل وبالفعل أدار ظهره وتحرك خطوتين ثم وقف لبضع لحظات مترددا مما سيفعله ولكن فى النهاية إلتفت إلى خالد الذى ظهرت عليه علامات الحيرة ونطق بتعجب: - فيه حاجة يا باشا ؟ حاسك عايز تقولى حاجة ومتردد حرك صابر رأسه بالإيجاب قائلاً: - ايوة فيه حاجة ضم خالد حاجبيه بتعجب وحيرة قائلاً: - حاجة اية دى !
تحرك صابر بإتجاه خالد وجلس مرة أخرى وتردد فى النطق فحرك خالد رأسه بمعنى ما هو الذى تود إخبارى به فنطق صابر قائلاً: - خالد انت مش ابن حرام ضم خالد حاجبيه مرة اخرى بعدم فهم واعتدل دون ان يحتاج إلى مساعدة واردف: - نعم ! ازاى يعنى، انا مش فاهم حاجة ...
إلتقط أنفاسه وبدأ بالحديث: - أنت مش ابن حرام زى ما كنت دايما بتقول يا خالد ... انا كنت مستنى اللحظة المناسبة اللى اقولك فيها واظن ان ده الوقت المناسب، عارف انك مش فاهم حاجة علشان كدا هبدأ فى الكلام علطول، الست العجوزة اللى جابتك الملجأ تبقى جدتك .. جدتك ام والدتك، بعد موت والدتك حالتها كانت صعبة جداً وتحت خط الفقر علشان كدا خافت عليك ومقدرتش تربيك وسلمتك للملجأ علشان تضمن انك تاكل وتعيش، جدتك ماتت بعد اسبوعين بالظبط من الموضوع ده انهمرت الدموع من عينيه قائلاً بحزن: - وفين ابويا ! كان فين لما حصل ده ؟
رواية طريق الدماء للكاتب عبد الرحمن أحمد الفصل السابع
إلتقط أنفاسه وبدأ بالحديث: - أنت مش ابن حرام زى ما كنت دايما بتقول يا خالد ... انا كنت مستنى اللحظة المناسبة اللى اقولك فيها واظن ان ده الوقت المناسب، عارف انك مش فاهم حاجة علشان كدا هبدأ فى الكلام علطول، الست العجوزة اللى جابتك الملجأ تبقى جدتك .. جدتك ام والدتك، بعد موت والدتك حالتها كانت صعبة جداً وتحت خط الفقر علشان كدا خافت عليك ومقدرتش تربيك وسلمتك للملجأ علشان تضمن انك تاكل وتعيش، جدتك ماتت بعد اسبوعين بالظبط من الموضوع ده انهمرت الدموع من عينيه قائلاً بحزن: - وفين ابويا ! كان فين لما حصل ده ؟
حرك صابر رأسه قائلاً: - جايلك فى الكلام اهو، والدك كان غنى جدا وعنده شركات وله إسم ومن عيلة معروفة ... والدك كان متجوز والدتك فى السر ولما عرف انها حامل طلب منها تنزل الطفل بس والدتك مرضيتش وضحكت عليه وقالت انها نزلته وهربت هى وامها وولدت الطفل، والدتك راحت بالطفل الشركة لوالدك وقالت انه هيحن لما يشوف ابنه لكن اتعصب عليها وطردها وعرف مكانها وفى يوم والدك حب يتخلص منها ومن الطفل واجر واحد يقتلها هى والطفل وفى يوم والدتك خرجت وهى هى شيلاك ورايحة تكشف عليك، فجأة ظهرت عربية جاية بكل سرعتها وخبطتها ووقعتوا انتوا الاتنين على الطريق بس للأسف والدتك توفت وانت اللى نجيت من الحادث ده وجدتك لما عرفت اللى حصل خدتك وهربت بس معرفتش تعيشك بسبب انها كانت فقيرة جدا وبعدها حصل اللى قولتهولك.
تحطم قلب خالد وبدأ يبكى بصوت واضح ونطق بغضب وسط بكائه: - ليه يعمل فيها كدا ! فيه حد يهون عليه ابنه ومراته ؟ طب لو مراته لا ازاى يهون عليه يقتل ابنه !، امى تبقى مين وهو يبقى مين ! ربت صابر على كتفه واكمل حديثه قائلاً: - والدتك اسمها حنان، حنان عبدالله ووالدك يبقى اسمه، اسمه ...
انصت خالد جيدا فنطق صابر بتردد: - والدك يبقى اكرم عبدالحميد الرداد اخو مدحت عبدالحميد الرداد حرك خالد رأسه عدة حركات عشوائية، لم يستعب ما قاله صابر منذ لحظات، لم يستطيع النطق ونظر إلى صابر بصدمة قائلاً: - اكرم الرداد ! لا لا ... سعادتك بتتكلم جد شعر صابر بالأسى بسبب حال خالد ونطق قائلاً: - ايوة يا خالد، انا عارف انك مصدوم دلوقتى ومش مصدق بس الصراحة ملقتش انسب من الوقت ده علشان اقولك الحقيقة دى وخصوصاً لما حكيتلى دلوقتى على اللى حصل وعلى إنقاذك لحنين الرداد اللى هى بنت عمك، اسيبك دلوقتى تستوعب اللى قولتهولك بس متجهدش نفسك واستريح علشان فيه شغل الفترة الجاية.
امسك خالد به واردف: - استنى بالله عليكم، انا عايز اعرف انت عرفت ده كله منين ؟ جلس صابر مرة أخرى وأجابه قائلاً: - من ساعة يوم هروبك .. فى اليوم ده عرفت عنك كل حاجة وخليت رجالتى جابوا كل المعلومات عنك الصغيرة والكبيرة، اتصدمت من الحقيقة وقولت هقولك بس فى الوقت المناسب واهو بعد 15 سنة جيه الوقت اللى اقولك فيه.
- طب انا عايز عنوان البيت اللى امى وجدتى كانوا عايشين فيه مد صابر يده فى جيبه واحضر قلما وورقة ثم كتب العنوان ومد يده إلى خالد قائلاً: - العنوان اهو بس الافضل متتحركش غير لما تبقى كويس علشان اكرم المهدى اكيد عايز يقتلك ومش هيتردد فى كدا حرك خالد رأسه بالموافقة ووقف صابر وتحرك للخارج راحلا، بقى خالد وحده يتذكر كل كلمة ألقاها عليه صابر وكان قلبه ينفطر كلما يتذكر والدته التى ماتت على يد والده القاتل ...
صاحت شيرى بفرحة شديدة عند رؤيتها لحنين - ياااه بقى كدا يا حنين بقالى اسبوعين مشوفكيش يابت حضنتها شيرى واردفت حنين بإبتسامة: - غصب عنى يا شوشو والله ده انا حصلى مصايب الفترة اللى فاتت هبقى احكيلك بس المهم دلوقتى القمراية تجهز علشان العيد ميلاد، هااا ورينى الفستان اسرعت شيرى الى الدولاب الخاص بها وجلبت الفستان وتوجهت إلى حنين قائلة: - اهو اية رأيك بقى.
رفعت حنين حاجبيها بصدمة: - يخربيتك ده كل حاجة هتبان منه ضحكت شيرى قائلة: - بس اية رأيك ضحكت حنين وخبطت بيدها على يدها الأخرى قائلة: - جميل جدا بس المصيبة ياسر هيشقلطك لو شافك بيه رفعت شيرى إحدى حاجبيها قائلة: - ياسر ! انا مش بكلمه أصلا ومكنش هيحضر الحفلة بس غير رأيه النهاردة الصبح مش عارفة ليه، حاساه مجهز لحاجة بس اية هى مش عارفة ضمت حنين حاجبيها بتعجب قائلة: - حاجة زى اية.
حركت شيرى رأسها بالنفى قائلة: - مش عارفة بس اكيد ماما عارفة، لأنى شوفتها فى اوضته الصبح وكانت خارجة مبسوطة زى ما يكون قالها خبر حلو غيرت حنين مجرى الحديث واردفت: - سيبك سيبك المهم يلا كدا البسى الفستان وانا هظبطلك شعرك - تمام.
عاد ياسر أخيرا إلى الفيلا بعد ان انهى عمله ودلف إلى داخل الفيلا ليجد والدته و رباب فتوجه إلى رباب واردف بإبتسامة: - ازيك يا حماتى المستقبلية ضحكت رباب واردفت: - الحمد لله يا ياسر تمام، انت اية اخبارك اسرع ياسر فى الرد قائلاً: - انا تمااام بس قوليلى فين العروسة ؟ ابتسمت رباب ثم أشارت للأعلى قائلة: - فوق مع شيرى تحرك ياسر إلى الدرج وهو يقول: - تسلمى يا حماتى.
صعد ياسر إلى الأعلى وتوجه إلى غرفة اخته وطرق على الباب برفق وانتظر لثوانٍ حتى فتحت له حنين الباب لتتفاجئ به ابتسمت حنين قائلة: - ياسر ازيك ارتسمت ابتسامة حب على وجه ياسر واردف بحب: - الحمدلله، القمر اخباره اية - الحمدلله كويسة، قولى صحيح انا سمعت انك مش هتحضر العيد ميلاد صمت ياسر للحظات ثم أجابها قائلاً: - كنت بس غيرت رأيي النهاردة، فى دماغى حاجة كدا عايز اعملها.
رفعت حاجبيها بقلق قائلة: - اوعى يكون اللى فى بالى وتكسف اختك فى وسط الحفلة ! حرك ياسر رأسه بالرفض قائلاً: لا لا أبدا انا مليش دعوة بيها، سبب تانى هتعرفيه بليل .. يلا اسيبك بقى علشان اخد شاور كدا واجهز رحل ياسر وبقت حنين حائرة تحاول فك هذا اللغز الذى جعلها تشك بشئ ما لكنها فضلت عدم التفكير ودلفت إلى داخل الغرفة مرة أخرى لتجد شيرى منتظرة، نطقت شيرى بتساؤل: - كان عايز اية ؟
جلست حنين ثم اجابتها قائلة: - كان بيسلم عليا وبيقول انه هيحضر الحفلة علشان حاجة تانية وهعرف بليل ضمت شيرى حاجبيها ثم ابتسمت بعد ان فكت ذلك اللغز واردفت: - انا عرفت فيه اية حركت حنين رأسها بتساؤل: - فيه اية بقى !
ارتسمت ابتسامة على وجه شير ثم اجابتها قائلة: - شكلهم مخططين ان ياسر يطلب ايدك النهاردة بليل فى الحفلة رفعت حنين حاجبيها بصدمة قائلة: - اية ! لا مظنش وبعدين لو كلامك صح اية اللى مخليهم واثقين انى هوافق تفاجئت شيرى بما قالته حنين واردفت: - نعم ! وهو لو طلب ايدك انتى مش هتوافقى ؟
حركت رأسها بالإيجاب قائلة: - ايوة، ياسر ابن عمى وبعتبره اخ ليا ومش هوافق لو حصل توقعك ده ضمت شيرى حاجبيها بتعجب: - فاجئتينى بالموضوع ده، على العموم انتى العروسة وبراحتك وبصراحة ياسر ده رخم فكك منه، المهم قوليلى ميرا مجاتش لية ضحكت حنين واردفت: - عقبال عندك خارجة تجيب حاجات مع خطيبها وهتيجى على هنا لما تخلص
لم يستطيع خالد تحمل البقاء هكذا بعد ان علم كل شئ فنهض من مكانه رغم تألمه واتجه إلى دولابه واحضر ملابسه، ارتدى ملابسه المكونة منبنطلون جينز وقميص اسود واتجه للخارج بصعوبة وركب سيارته واتجه إلى العنوان الذى أعطاه إليه صابر .. ما هى إلا دقائق حتى وصل خالد إلى وجهته وكانت منطقة شعبية وفقيرة للغاية، كان هناك العديد ينظرون إلى خالد وإلى سيارته فى دهشة، ما الذى جلب هذا الثرى إلى تلك المنطقة الفقيرة !
خرج خالد من سيارته ثم اتجه إلى أحد المحلات التجارية فى الشارع ونطق متسائلا: - كان فيه واحدة هنا من حوالى عشرين سنة او اكتر اسمها حنان عبدالله وكان ليها ابن وعايشة مع والدتها ! ضم هذا الشخص حاجبيه بحيرة وتعجب ثم اردف: - انا مداريش من عشرين سنة كان فيه اية استعد خالد للرحيل لكن اوقفه صوت شخص من الداخل، صوت يظهر عليه الشموخ وايضا يدل على كبر سن هذا الشخص - قصدك على حنان اللى ماتت فى حادثة عربية ؟
إلتفت خالد بلهفة إلى الصوت ثم توجه إلى داخل المحل التجارى ليجد رجلاً عجوزاً ويبلغ من العمر اكثر من سبعون عاماً، نطق خالد على الفور: - ايوة هى يا حاج نظر هذا الرجل إلى خالد بحيرة ثم اردف: - انت تعرفها منين ولا بتسأل عنها لية ؟ تذكر خالد حديث صابر ثم نظر إلى هذا الرجل قائلاً بحزن: - انا ابنها يا حاج.
وقف هذا الرجل على الفور رغم كبر سنه وظهرت عليه علامات الصدمة واتجه إلى خالد ثم وضع يده على كتفه قائلاً: - انت ابنها ! تعالى اقعد يا ولدى .. امك كانت ست الستات والحارة كلها كانت تشهد لأدبها وإحترامها، كانت بتحب الخير للكل وكانت وردة مفتحة بس للأسف ولاد الحرام مخلوهاش تتهنى بعمرها جلس خالد وجلس هذا الرجل الذى يدعى بعم محمد نطق خالد بلهفة: - قولى يا عم ... اسرع عم محمد قائلاً: - محمد يا ابنى اكمل خالد حديثه: - قولى يا عم محمد انت تعرف اللى عمل فى امى كدا ؟
نظر محمد الى الأسفل وظهرت عليه علامات الحزن ثم عاود النظر مرة أخرى لخالد: - ايوة يا ابنى، والدتك كانت زى بنتى وجت حكتلى على كل حاجة وانها متجوزة فى السر من اكرم الرداد وانه رافض يخلف وانها هربت منه علشان ميعملش حاجة ليها او ليك وفضلت هنا لغاية اما ولدتك وبعدين حصل اللى حصل، هى ماتت لكن انت محصلكش حاجة واضطرت جدتك اما والدتك تاخدك وتهرب بعيد ومن ساعتها معرفش عنها او عنك حاجة، بس انت عرفت ده كله منين واية اللى رجعك بعد الزمن ده كله يا ابنى ؟
لوى خالد شفتيه بحزن قائلاً: - مش هتصدق يا عم محمد، انا عشت فى جحيم، عشت فى ملجأ واتعذبت ... المهم انى لسة عارف النهاردة الحكاية دى كلها ومش قادر لحد دلوقتى اتعايش مع الوضع، حاسس ان حد ضربنى ضربة شديدة على دماغى ومش قادر افوق منها ربت محمد على كتفه محاولا تهدئته ثم اردف: - معلش يا ابنى، الدنيا كدا ... محدش فيها مستريح، اكيد انت عايز تعرف مكان الشقة، الشقة فى نفس البيت زى ما هى مرضيتش اعمل فيها حاجة وزى ماهى رغم الزمن ده كله، هتخش من الباب ده والشقة اول دور وده المفتاح يا ابنى.
ابتسم خالد رغم ألمه واردف: - شكراً يا عم محمد ربت محمد على كتفه بحب قائلاً: - على اية يا ابنى ده انت زى هانى ابنى مقوتليش بقى اسمك اية أجابه خالد بنفس الابتسامة: - خالد، اسمى خالد يا والدى ربت محمد على كتفه برفق قائلاً: - ماشى يا خالد، أطلع يلا ولو احتاجت تعرف المقابر اللى اتدفنت فيها والدتك انزلى وانا هدلك عليها.
حرك خالد رأسه بالموافقة ثم تحرك واتجه إلى الباب ومنه صعد للأعلى، وضع خالد المفتاح واداره برفق حتى فتح الباب ودلف إلى الداخل ثم اغلق الباب، نظر خالد حوله بلهفة وكأنه ينتظر خروج والدته من احدى الغرفتين، تحرك خالد وبدأت دموعه فى الإنهمار، كانت الشقة عبارة عن غرفتين وطرقة صغيرة وحمام ولا يوجد بها مطبخ .. كانت الغرف صغيرة جدا، أخذ خالد يتحرك حتى وصل إلى غرفة ودلف إلى داخلها ليجد صندوق صغير، فتح الصندوق برفق حيث كانت الأتربة تغطيه بشكل كثيف لكنه فى النهاية فتحه ليجد بداخله صورة لإمرأة فى غاية الجمال فعلم على الفور انها والدته حيث دق قلبه بشدة عندما رأى تلك الصورة، مسح الاتربة من على الصورة وضمها إلى صدره وكأنه يحضن والدته وليس صورتها، توجه نظره مرة أخرى للصندوق ليجد بعض الملابس التى تخص والدته فحملها وضمها إلى صدره ببكاء شديد، كان دائماً ما يتمنى أن يكون له عائلة وام تحنوا عليه وعندما وجد ذلك اكتشف موتها منذ فترة طويلة، ما اصعب هذا على قلبه .. ليته اصبح هكذا ولم يعرف ما حدث له، بينما كان يبكى وقعت ورقة من بين الملابس فمد يده ليجلبها وفتحها برفق ليجد رسالة .. رسالة من والدته ..
ابنى حبيبى، معنى انك بتقرأ الرسالة دى دلوقتى انى مبقتش موجودة، عايزاك تعرف يا حبيبى انك كل حياتى وانى محبتش حد قدك، النهاردة انا بكتبلك الرسالة دى وانت فى بطنى ... انا قولت لوالدك عنك بس هو رفض وقالى نزلى الطفل بس انا مستحيل اعمل كدا، انت روحى وقلبى وكل اللى ليا دلوقتى .. انا هربت وخدتك معايا علشان عارفة ان ابوك شرانى، انا اكتشفت انه وحش اوى .. مش عارفة ازاى ضحك عليا واقنعنى بحبه، المهم دلوقتى انك فى امان ولو بتقرأ الرسالة دى دلوقتى معنى كدا انك الحمدلله بقيت كويس وعايش كويس وبقيت شخص مسؤول، ادعيلى يا حبيبى ربنا يغفرلى كل اللى عملته وحش، امك بتحبك اوى ومستعدة تضحى بحياتها علشانك، انت ليك الحق تعرف مين هو والدك انا هقولك...
والدك يبقى اكرم عبدالحميد الرداد بس ابعد عنه يا حبيبى، عيش حياتك وانساه خالص، انا دايما بدعيلك انك تعيش مستريح ومتشوفش الفقر اللى انا كنت عايشة فيه، ياترا انت فعلا كدا دلوقتى ودعوتى اتحققت !، معلش انا طولت عليك يا حبيبى بس اخر طلب منى قبل ما اخلص، عيزاك تزورنى فى القبر وتقعد معايا شوية، عايزة اشوفك وانت كبير كدا، عايزة اشوف ابنى حبيبى، ربنا يرزقك بالسعادة يا حبيب قلبى.