رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الخامسكانت ضحى تنام بجوار صغيرها فى حجرته، عندما فتح الباب بهدوء، ليدلف شهاب الى الحجرة، اقترب منهم بخطوات بطيئة، لتشير له ضحى بالصمت فأخيرا قد نام صغيرها لينظر اليه شهاب بحنان وهو يميل عليه يقبله بخفة فى جبينه ثم يعتدل مشيرا لضحى بموافاته بالخارج، لتومئ برأسها موافقة..،غادر شهاب فمالت ضحى تقبل تيم فى جبينه بحنان ثم تغادر بهدوء وهى تذهب خلف زوجها لتدلف الى حجرتهم تبتسم وهى تراه ينزع ربطة عنقه ويفك أزرار قميصه رفع رأسه اليها فور شعوره بدلوفها الحجرة ليقول بسرعة:ضحى، معلش جهزى نفسك بسرعة عشان عندنا عشا عمل مهم، جه فجأة ولازم تيجى معايا..نظرت اليه قائلة برفض قاطع:مش هينفع آجى معاك ياشهاب، انت عارف تيم تعبان ومش هقدر اخرج وأسيبه لوحدهعقد حاجبيه وهو يتوقف عن حل أزرار قميصه قائلا فى حدة:يعنى ايه مش هتقدرى تيجى معايا عشان تيم تعبان ياضحى، اللى أعرفه ان تيم بقى أحسن وحرارته نزلت انبارح ومفيش حاجة ممكن تقلقنا عليه، وبعدين احنا مش هنسيبه لوحده، الدادة اللى احنا جايبينهالوا واللى معملتش أى حاجة من يوم ما جيبنهالوا، فى الأوضة اللى جنبه، وممكن تقعد معاه وتخلى بالها منه..قالت بضيق:لأ ياشهاب مش هبقى مرتاحة وانا سايباه لوحده مع الدادة، روح انت وسيبنى قاعدة معاه، بلاش أنا المرة دى، مش لازم يعنىاقترب منها وقد تجمدت ملامحه تماما ليقف أمامها مباشرة وهو يميل لينظر إلى عينيها مباشرة بنظرة جليدية غاضبة قائلا:بقولك عشا عمل مهم ولازم تكونى موجودة معايا، تقوليلى مش لازم؟تراجعت خطوة الى الوراء بتوتر قائلة:فيها ايه بس ياحبيبى، انت مكبر الموضوع ليه؟رفع حاجبه الأيسر قائلا بسخرية:مكبر الموضوع ليه؟لتعلو نبرات صوته وهو يقول بغضب:لأ ياضحى على فكرة انا لسة مكبرتش المواضيع، بس عيونى، أكبرهم وحالا لإنى بجد اتخنقت، اتخنقت من انى دايما نمرة اتنين فى حياتك، اتخنقت من اهمالك لية و اهتمامك بابنك وبيتك وحتى صاحباتك، الكل ياضحى، بتهتمى بالكل إلا انانظرت اليه بصدمة من ثورته الغاضبة، وترقرقت الدموع بعينيها، كادت أن تقول شيئا ربما تدافع به عن نفسها، ليصمتها وهو يضع اصبعه أمام فمه، اشارة لها بالصمت، قائلا بنبرات تشتعل من الغضب ويملؤها الصرامة:انهاردة بقى، انا اللى هتكلم وانتى بس هتسمعى، انا صبرت عليكى كتير، كل يوم بصبر نفسى واقول هتعقلى وتاخدى بالك انك مقصرة من ناحيتى، كل يوم أقول هترجع ضحى مراتى اللى أنا حبيتها، ده انا قلتلك أد ايه اهملتينى واهملتى نفسك، قلتهالك صريحة ياضحى جايز تفوقى..،لكن انتى لا فقتى ولا رجعتى ضحى بتاعة زمان، ولإنى خلاص حاسس انى مش فارق معاكى، فمن النهاردة، كل واحد فينا هيبقى لوحده، وفى حاله، وياريت ارجع بالليل ألاقى حاجتى منقولة الأوضة التانية، لإننا خلاص انتهينا ياضحىاندفعت الدموع من عينيها لتقول برجاء وهى تمسك ذراعه:شهاب اسمعنى، أنا،،،قاطعها وهو ينزع يدها من فوق ذراعه، قائلا ببرود:انا خلاص أخدت قرارى ومش هرجع فيه ياضحى، عن اذنكثم ابتعد عنها وهو يأخذ ملابسه تاركا اياها ليدلف الى الحمام ويغلق الباب خلفه بهدوء، انهارت قدميها ولم تعد تقوى على احتمالها لتجلس على السرير وهى تضع يدها على قلبها الذى تشعر فيه بوجع هائل، تتساءل بصدمة عن سر تلك الثورة التى قام بها شهاب، ماذا فعلت لكى تستحق منه ذلك القرار بالهجران، هل أهملته قليلا؟هل هذا سببا كافيا لكلماته القاسية لها؟ربما أخطأت، ولكن أكان يجب أن يكون عقابها بكل تلك القسوة؟أدركت الآن ودموعها تنهمر بشدة أن زوجها شهاب قد تغير، فحبيبها لم يكن ليقسو عليها هكذا، لم يكن قادرا على ذبحها بتلك الطريقة، ليجادلها قلبها قائلا:أتضحكين على نفسك؟، او لم تتغيرى بدورك، فتلك ليست ضحى التى أحبها وتزوجها، أولم تبتعدى عنه كما قال، تهتمين بالجميع ما عداه، تعتمدين على عشقه كى يسامحك على كل اخطائك، حتى عندما طب منكى طلب بسيط كاصطحابك معه الى عشاء عمل هام، رفضتى بكل بساطة، غير مراعية لمشاعره واحتياجه اليكى، ضاربة بعرض الحائط كل تنبيهاته لكى بأنك تهمليه، ألم تفعلى؟خرج شهاب من الحمام دون أن يلقى عليها نظرة، ليقف أمام المرآه يعدل من هندامه بينما ضحى فى عالم آخر، ترفض كل ما يحدث غافلة عن نظرة سريعة ألقاها اليها شهاب عبر المرآه ليلاحظ دموعها التى أغرقت وجهها ويشعر بالوجع فى صدره، ود لو التفت اليها ليقترب منها ويمسح دموعها بشفتيه مبديا ندمه على تفوهه بتلك الكلمات القاسية و جرحها بهذا الشكل..،ليصرخ به عقله ناهيا اياه عن فعل ذلك فهى من بدأت بالخطأ وهى من عليها تحمل العواقب، ليلتفت مغادرا الحجرة وهو يخشى ضعفه واستسلامه لقلبه، أغلق الباب خلفه بهدوء لتنهار ضحى كلية وتتصاعد شهقاتها الباكية لا تصدق أنها النهاية بينهما، بينما وقف شهاب على الجهة الأخرى يضع جبهته على الباب، يغمض عينيه بألم وهو يستمع لشهقاتها، يقبض على يده بقوة، ليفتح عينيه، ويظهر بهما ألمه ووجع قلبه، ليلتفت مغادر المنزل بأكمله بخطوات سريعة وكأن شياطين الدنيا تلاحقهخلاص بقى يابدور ميبقاش قلبك اسود، أنا اعتذرتلك مليون مرةقال نزار تلك العبارة برجاء وهو يجلس بجوارها على تلك الأريكة الموجودة بحجرتهن والتى تنام عليها منذ رجوعه من السفر، رافضة اقتراح زين بأن يذهب لينام بحجرة أخرى فيعرف الخدم وينقلون أخبارهما لعمها وزوجته، فكفاهم جفاء نزار تجاههم ولا حاجة لهم ليدركوا عذابها مع ولدهما..،فتلك خيبة أمل أخرى يضيفها نزار إليهم، ظلت صامتة تنظر امامها فى جمود، اقترب نزار منها وهو يمد يده برقة يلمس ذقنها ويلفها ناحيته قائلا:وحياة أغلى ما عندك، وحياة حبنا، لو لسة فى قلبك ذكرى حلوة ما بينا، سامحينىنظرت اليه نظرة عتاب طويلة لتترقرق الدموع بعينيه وهو يمسك يديها الصغيرة بيديه الكبيرتين مستطردا:علشان خاطرى بلاش النظرة دى، أنا عارف انى غلط وغلطتى كبيرة كمان، بس أنا طمعان فى قلبك الطيب يسامحنى وأوعدك مكررهاش تانىقالت بدور بحزن:ياما وعدتنى وخلفت وعدك، يانزار افهمنى، انت لازم تبطل شرب، لما بتشرب بتبقى واحد تانى، مبتبقاش نزار اللى أنا حبيته ووقفت قصاد الكل عشان أتجوزه، بتبقى واحد قربت خلاص أكرهه من عمايله فية..وضع اصبعه على شفتيها قائلا برجاء:وحياتى عندك بلاش تقوليها حتى لو حسيتيها، بتوجعنى أوى يابدورمدت يدها لترفع اصبعه عن شفتيها قائلة فى رجاء:طيب بطل شرب وأنا كمان مش هقولها ولا هحسها، يانزار لو مش عشان خاطرى يبقى عشان خاطر البيبى اللى جاى..نظر الى عينيها بصدمة لا يصدق ما تسمعه أذناه، لينظر الى بطنها ثم يعود بنظراته اليها قائلا بسعادة:انتى بتتكلمى بجد يابدور، انتى حامل؟أومأت برأسها فى إيجاب، لم تدرى لماذا لم تستطع أن تشعر بالسعادة وهى تنقل له ذلك الخبر، احتضنها نزار بقوة وهو يضمها اليه يكاد يعتصرها بين ذراعيه، قائلا بفرحة طاغية:فرحتينى أوى يابدور، ياأحلى بدور..ليبتعد عنها وهو يضع وجهها بين يديه قائلا فى حزم:من النهاردة مفيش شرب، وده وعدى ليكى ياحبيبتى، خلاص مش هشرب تانى ولا هلمس الخمرة، وده عشان طفلنا وعشانك يابدورى، انتى متعرفيش أنا بحبك أد ايهقالت بدور بأمل وفرحة مترددة بين جنبات صدرها تخشى التصديق:بجد يانزار، خد بالك ده وعد، ومش هينفع ولا هرضى المرة دى تخلفه، لو شربت تانى هتخلص حكايتنا يانزار، صدقنى..ابتسم وهو يقترب منها هامسا أمام شفتيها:خلاص ياقلب نزار، ده آخر وعد، وحياة ابننا اللى جاى ما هقرب للخمرة تانىليميل على شفتيها مقبلا اياها بشوق ولهفة، لتبادله قبلته وهى تخمد تلك الظنون التى تملأ قلبها وتشعر أن هناك أمل فى تلك الحياة البائسة التى كانت تعيشها، وذلك الأمل جاء على بشارة حملها لتشعر بأن ذلك الطفل القادم هو فرحتها التى انتظرتها طويلا، طويلا جداكان سليم يجلس مع زين فى الحديقة يحكى له كل ما حدث أثناء غيابه وعودة نور الى حياته مرة اخرى، ليقول زين بعصبية:تانى ياسليم، هنرجع لوجع القلب تانى؟قال سليم بضيق:أنا مش بحكيلك علشان تلومنى يازينقال زين بحدة:أمال بتحكيلى ليه ياسليم؟، عشان أشجعك وأقولك برافو، انت اتصرفت صح، لأ، آسف ياصاحبى، مش من طبعى الكدب، ولا أنا راضى عن اللى بيحصل، اللى انت عملته غلط مية فى المية، اللى اسمها نور دى أنا عارفها وعارف صنفها كويس ولما شفتها يوم الخطوبة..،حذرتك بعدها منها، بس انت مسمعتش كلامى، اللى زيها مش لازم تقربها منك ولا تآمنلها، البنات اللى هى شبههم مغرورين ومتكبرين والخيانة فى دمهم، وانت بنفسك جربت خيانتها ليك لما اتخلت عنك فى عز أزمتك، يبقى ليه تعيش التجربة من تانى وانت عارف نهايتها، احنا ما صدقنا انك بدأت تفوق من صدمتك فيهازفر سليم بقوة قائلا:افهمنى يازين، انا مش بقول انى حنيتلها، انا بس بديها فرصة تثبت كل الكلام اللى قالتهولى عن ندمها، ولو فعلا ندمانة، ...قاطعه زين قائلا بنفاذ صبر:ها، قولى لو فعلا ندمانة هتعمل ايه ياسليم؟تنهد سليم فى حيرة قائلا:مش عارف والله يازين، المشكلة ان أنا نفسى بقيت فى حيرة من مشاعرى، انت عارف كويس انى كنت معجب بيها اوى لما كنت بكلمها على الفيس، وأد ايه خطفتنى برقتها وكلامها و صفاتها اللى تقريبا كنت راسمها لشريكة حياتى، حسيت انها الإنسانة اللى بدور عليها، ولما خطبتها قلتلك بنفسى انها مش نفس البنت اللى كنت بكلمها، ورغم تحذيرك لية بس كان فيها حاجة بتشدنى، شقاوتها يمكن أو أنوثتها اللى عرفت تلعب بيها على أوتار قلبى، وقلت جايز دى حتة فيها مكنتش باينة فى كلامنا وأهى بتكمل صورتها..،لغاية لما حصلتلى الحادثة واتخلت عنى بكل برود وقسوة قلب، قعدت سنة كاملة أقوى قلبى وأفوقه من صدمته فيها، وأتخيل اليوم اللى هشوفها فيه من تانى وأنتقم منها على اللى عملته معايا، بس لما رجعت وقعدت معايا الفترة اللى فاتت دى، حسيتها واحدة تانية خالص غير نور اللى خطبتها، تعرف حسيت برقتها، باهتمامها، بخوفها علية، عيشتها خدامة فى بيتى، هنتها وجرحتها، واستحملت، بدأت أصدق ندمها وحبها لية، مبقتش عارف أفكر، ولا اتصرف معاها ازاى، عايش فى حيرة وقلبى قايد نار يازين، عشان كدة كلمتك ترجع، يمكن يكون عندك حل للى أنا فيه..هز زين رأسه بحيرة قائلا:والله ياصاحبى ما عارف أقولك إيه، كل الموضوع انى خايف عليك، وشاكك ان نور راجعة وطمعانة فيك، خايف عليك من الوجع لو رجعت تحنلها وتكتشف ان كل هدفها فلوسك ياسليمقال سليم بحسرة:تفتكر مفكرتش فى كل الكلام ده، أنا تفكيرى مبينيمنيش طول الليل، بس مش قادر أمنع نفسى إنى أحب قربها منى، برتاح أوى فى الكلام معاها، حتى لو كان اللى بينا أوامر وكلام فارغ بس صوتها بيريحنى أوى يازين، نبرته هادية وزى،، .قطع كلماته وهو يشعر باقتراب خطواتها، تتسلل اليه رائحة عطرها الهادئ والذى يريحه بل انه يشعر أنه أصبح يدمنه كادمانه إياها، ليقول بصوت هادئ لا يعكس ثوران مشاعره:تعالى يانور حطى العصير وقولى لدادة سعاد تحضرلنا الغداالتفت زين ليرى تلك الحية التى يمقتها، لتتلاقا عينيه بعينى نوران، لينهض واقفا وتتسع عينيه بصدمة، لتدرك نوران ان هذا الشخص هو زين صديق سليم الذى لطالما وصفه لها وتعرفت عليه من كلماته عنه، وتدرك أيضا انه يعرف نور وأنه أدرك أنها ليست هى، لتقع الصينية من يدها محدثة دويا هائلا لينتفض سليم واقفا بدوره وهو يقول بقلق:خير ياجماعة، فيه ايه، انتى كويسة يانور؟نظرت نوران فى تلك اللحظة الى عينى زين الغاضبتين، لتدرك أن بقاءها الى جوار سليم أصبح مستحيلا، وأن خطتها على وشك ان تفشل، وقد باتت على قاب قوسين او أدنى من افتضاح أمرها..
رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل السادسوقفت نوران متجمدة كالتمثال تتبادل النظرات مع زين لتفيق على صوت سليم القلق وهو يقول:طمنونى، مالكم ساكتين كدة ليه، حصلك حاجة يانور؟كاد زين أن يتكلم لولا ان اسرعت نوران قائلة:أنا بخير يا سليم بيه، الصينية وقعت بعيد عنى، معلش اتكعبلت، هشيلها حالا وأجيبلكم قهوة بدل اللى وقعتفتح زين فمه لينفى كلامها لتنظر اليه متوسلة وهى تضم يديها سويا برجاء أن لا يكشف سرها حتى يستمع اليها، لتظهر الحيرة على ملامحه وهو يغلق فمه مجددا، يتعجب من شعوره بالراحة تجاه تلك الفتاة، لينتبها على صوت سليم الذى قال بحزم:متشيليش حاجة يانور من اللى وقعت، سيبى اى حد من الشغالين اللى برة يلمها، وروحى انتى اعملى قهوة تانى وهاتيها بسرعةقالت بقلق:تحت امركلتذهب بخطوات مسرعة ولكنها قبل ان تذهب أرسلت لزين نظرة متوسلة أخرى ليحفظ سرها ويمنحها الفرصة لتشرح له قبل أن يتخذ قراره بفضح أمرها، أم كتمانهبعد انصرافها جلس كل من سليم وزين ليظل زين صامتا تتنازعه الافكار، لايدرى أيخبر سليم بالحقيقة، أم ينتظر حتى سماع تلك الفتاة، ثم يقرر ما يجب عليه فعله، ليقول سليم بارتياب:مالك يازين ساكت ليه؟قال زين بشرود:ها، مفيش ياسليم، انت عارف بس انى لسة راجع م السفر، والظاهر ان التعب بدأ يظهر علية، أنا هقوم أمشى عشان أرتاح شوية وأبقى اجيلك بالليلعقد سليم حاجبيه، ليقول بهدوء:خلاص يازين على راحتك، أشوفك بالليلنهض زين قائلا:سلامتابع سليم صوت خطوات زين المبتعدة ليزداد انعقاد حاجبيه وهو يقول بقلق:ياترى مخبى عنى ايه يازين، وايه اللى لخبط حالك من ساعة ما شفت نور، ياترى جمالها أثر عليك؟هز رأسه بعنف نابذا تلك الفكرة بقوة وهو يقول بغضب من نفسه:انت اكيد اتجننت ياسليم، مش معقول كمان هتشك فى زين؟ليمرر يده فى شعره بعصبية وهو يقول لنفسه بضيق:ياترى هتعملى فية ايه كمان يانور؟كانت نوران تمشى امام المنزل بعصبية ذهابا وايابا، تنتظر خروج زين بفارغ الصبر بعد ان سمعته يستأذن بالرحيل، رأته آتيا فأسرعت اليه و هى تمسك ذراعه قائلة بامتنان:انا متشكرة أوى عشان مقلتش لسليم أى حاجةنفض ذراعها بقسوة وهو يقول بغضب:متفرحيش اوى كدة، أنا مستنى أسمع منك كل حاجة الأول وبعدين هشوف هعمل ايه، ومتفتكريش ملامحك البريئة دى هتخدعنى، لو كذبتى علية هعرف وساعتها هقول لسليم على كل حاجةقالت فى حزن:أكيد معاك حق تخاف منى، .بس أنا هقولك كل حاجة بصراحة ومش هخبى عليك، كل اللى أنا طالباه منك فرصة تسمعنى فيها للآخر ومتقاطعنيشعقد حاجبيه قائلا:اتفضلى انا سامعكتلفتت حولها بتوتر قائلة:أكيد مش هينفع اتكلم هنا، بس انا استأذنت من دادة سعاد، فلو ممكن نخرج نقعد فى أى مكان وأنا هشرحلك كل حاجةاوما براسه وهو يشير اليها لتركب السيارة، ليلتف هو حولها ويجلس خلف المقود، لتجلس هى بجواره بهدوء، وينطلق بها، أغمضت نوران عينيها تبتهل الى الله أن يصدقها زين فلو لم يصدقها، ستنهار كل أحلامها وسيفشل كل ما سعت اليه، وستبتعد تلك المرة عن حياة سليم للأبدكان نزار يقف الى جانب صديقه ممدوح، يبتسم الى تلك الفتاة التى ظلت ترمقه طوال الحفل بنظرات مثيرة بتلك العينان السوداوتان وتلك الرموش الطويلة المسبلة بإغراء، لتقرر الفتاة التحرك باتجاهه، تقترب منه بجرأة، لتقف امام نزار وسط دهشة ممدوح قائلة بصوت مثير:انت بتشبه علية، صح؟اتسعت ابتسامته وهو يتأمل ملامحها برغبة قائلا:تصدقى صح؟نقل ممدوح نظراته بين الاثنين ليرى تلك الفتاة تميل تجاه نزار ليظهر فستانها مقدمة صدرها بحركة مدروسة وهى تقول:وياترى، أنا أبقى شبه بنت خالتك ولا بنت عمتك؟رفع حاجبه الأيسر قائلا بصوت أجش:الاتنين، اختارى انتى بقىأطلقت ضحكة مجلجلة أطاحت بعقول الرجلين، لتعود بنظراتها الى نزار وهى تمد يدها اليه قائلة:صافيناز علوىامسك نزار يدها بنعومة قائلا وهو يضغط عليها:نزار العدوىليقول ممدوح بسخرية:وأنا ممدوح بس، شكلى كدة مليش لزوم فى القعدة دى، أستأذن بقى، سلام ياصاحبىأومأ له نزار برأسه ليبتعد ممدوح تشتعل عيناه بالحقد على نزار الذى يجتذب اليه الفتيات بسهولة ودون أى مجهود، بينما هو يفعل المستحيل للفت انتباههم ولا يعيروه أى انتباهقالت صافيناز بابتسامة:ماله صاحبك ده؟ابتسم وهو يميل هامسا فى أذنيها:واحنا مالنا ومال صاحبى دلوقتى، ايه رأيك نكمل السهرة فى الشقة بتاعتى؟ابتسمت وهى تسبل رموشها على عينيها باغراء قائلة:فكرة هايلةاتسعت ابتسامته وهو يمسك يدها ساحبا اياها خلفه حتى خرجا من الحفلة ليتجه بها نحو سيارته وينطلقا سويا الى حيث شقته التى يمتلكها ويجعلها مكانه المفضل لممارسة كل ما حرمه الله، وبينما هو يقود السيارة ظهرت أمامه صورة لبدور، لينفض رأسه وهو يمحى صورتها من خياله، مبررا خيانته لها بأنه رجل وله احتياجاته وقد منعها الطبيب من تلبية احتياجه اليها كرجل، ليسأله بقايا ضميره عن خياناته السابقة لها، ما مبررها؟ليكتم ذلك الصوت قائلا لنفسه بصمت:عادى يعنى، ليالى وبقضيها، مفيهاش مشاعر، المهم ان قلبى مفيهوش غيرها، وهى الوحيدة اللى شايلة اسمى..كاد ضميره أن يدحض مبرراته مرة اخرى، ليسرع نزار ويمد يده يرفع صوت مسجل السيارة، ليعلو صوت الأغانى كاتما صوت ضميره، أمسك يد صافيناز وجذبها الى جواره ضاما اياها، رافضا سماع اى كلمة من ضميره الذى يحاول بكل جهده أن يظل مستيقظا، ولكن نزار قرر الاستمتاع بكل لحظة من حياته، غافلا عن أن كل خائن لابد له من نهاية، يكون الندم فيها حليفه، وفى تلك الحالة الخائن هو نزار والندم سيكون من نصيبه هو ولا أحد غيرهمالت أريج على شهاب قائلة فى همس:مالك بس ياشهاب، فيك ايه، طول السهرة وانت سرحان ومضايق، حصل حاجة؟قال شهاب بضيق:مش وقته ياأريج، هقولك بعدين، خلينا دلوقتى نخلص من موضوع العشا ده، لإنى على آخرىأومأت براسها متفهمة، وهى تعتدل ليقول شهاب موجها حديثه الى ذلك الوفد المبعوث من تلك الشركة والذين يودون عقد الصفقة معه:احنا كدة اتفقنا على البنود الأساسية، ومش فاضل غير التوقيعات، بكرة باذن الله هستنى صادق بيه فى مكتبى عشان نمضى العقود، عن اذنكم..وقفوا جميعا لتقول تلك المرأة من ذلك الوفد:ياريت تبلغ المدام اسفنا لأنها مقدرتش تكون معانا بسبب تعبها وتمنياتنا ليها بالشفاء العاجل باذن اللهاومأ شهاب برأسه فى هدوء، شاكرا اياها فى حين ارتسمت على شفتى أريج ابتسامة ساخرة أخفتها بسرعة، وهى توقن من ان شهاب قد تشاجر مع غريمتها، والتى بغبائها الشديد، تركته فريسة سهلة لها، وهى لن تفوت تلك الفرصة أبدا، ستكون تلك الليلة هى ليلتلها الكبرى والتى ستقضى فيها على حب ضحى لشهاب والى الأبدنادى سليم على نور بحدة، لتهرول دادة سعاد اليه قائلة فى قلق:خير ياسليم ياابنى، بتنادى على نور ليه؟عقد سليم حاجبيه قائلا:وهى نور فين يادادة؟قالت دادة سعاد فى ارتباك:أنا، هى، يعنى، استأذنت منى عشان تروح مشوارازداد انعقاد حاجبيه قائلا:مشوار ايه ده؟قالت دادة سعاد فى ارتباك:مش عارفة ياابنى، لما ترجع هسألها، كنت عايز حاجة ياحبيبى؟هز رأسه قائلا:لأ، خلاص يادادة، روحى انتىكادت دادة سعاد أن تغادر ليستوقفها صوت سليم وهو يقول بحزم:بعد كدة يادادة لو نور عايزة تروح أى مشوار، لازم تستأذن منى الأول، مفهوم..اومأت برأسها قائلة:مفهوم ياابنى..ثم غادرت، تاركة سليم غارق فى أفكاره، يتساءل الى أين ذهبت نور؟، تنتابه الظنون والشكوك، لينفضها فى حزم وهو يستغفر اللهكانت نوران تنظر الى زين الصامت والذى يبدو عليه علامات التفكير، بعد ان اخبرته بقصتها كاملة، ولم تخفى عنه شيئا، ابتداء من رسائلها وصداقتها مع سليم مستخدمة اسم وصورة ابنة عمتها لخجلها وقلة ثقتها بنفسها، حتى قرار سليم بمقابلتها وارسالها نور لتوضيح سوء التفاهم، مرورا باستغلال ابنة عمتها للوضع، لتبتعد هى، وهى تدرك أن سليم وقع بحب نور لجمالها وجرأتها، حتى سمعت بالحادث الذى اصابه لتعود اليه تراقبه من بعيد..،حتى قرارها بالوقوف بجواره بمحنته واعتراض صديقاتها، لتدخل حياته مجددا باسم نور تخشى ان تخبره بالحقيقة، فيظنها كانت تخدعه منذ البداية او تتشارك مع ابنة عمتها باتخاذه لعبة او وسيلة للتسلية، لتقرر ان تجعله يعرفها من الداخل قبل ان تخبره بالحقيقة كاملة..،ربما تبدو خطتها الآن سخيفة بنظرها وغير مضمونة ولكنها كانت خطة جيدة فى حينها، طال الصمت، لتقول نوران بحزن:أنا عارفة انى غلط، وبصراحة انا شايفة دلوقتى وانا بحكيلك أد ايه الفكرة سخيفة و...قاطعها قائلا:بالعكس انا شايفها فكرة كويسة أوى..فغرت فاهها فى دهشة ليستطرد قائلا فى هدوء:سليم فعلا محتاج حد زيك جنبه، وانتى اتصرفتى صح، لو كنتى قلتيله الحقيقة مكنش هيصدقك لأنه بطبعه شكاك، بس فيه حاجة لازم تفهميها، سليم محبش نور زى ما انتى فاهمة، سليم حبك انتىاتسعت عينيها بصدمة، ليستطرد زين قائلا:سليم اعجب بالبنت اللى كان بيكلمها ع النت، وعلى فكرة لما خطب نور حس بالفرق بس يمكن هى بهرته بأساليب الاغراء بتاعتها واللى ممكن تخدع أى راجل وخصوصا لو زى سليم ملوش تجارب، وعلى فكرة هو دلوقتى محتار، حاسس بنور اللى كان معجب بيها رجعتله بس خوفه من غدرها موقفه عن الاستسلام لمشاعره، واحدة واحدة واول مانطمن انه وقع من تانى فى حبك هنقوله على الحقيقة، أهم حاجة دلوقتى تفضلى جنبه عشان يعرف الفرق بينكم ويرجع يحبك من جديد..اغروقت عينيها بالدموع وهى تقول بأمل:تفتكر ده ممكن؟ابتسم قائلا:أكيد ممكن.مسحت دموعها وهى تقول بابتسامة:انت انسان نبيل اوى يازين وبجد انا مبسوطة ان سليم عنده صاحب زيكاتسعت ابتسامته وهو يقول:انتى كمان انسانة جميلة اوى يانوران، وسليم محظوظ بحبك، فى الزمن ده نادر لما تلاقى حد ممكن يحب بالشكل ده.ابتسمت قائلة:تعرف، سليم حكالى كتير عنك، كنت دايما بتفكرنى بواحدة صاحبتى، تقريبا أطباعكم زى بعضابتسم قائلا:هاتيلى صاحبتك دى، .وأنا اتجوزها فورااتسعت ابتسامتها قائلة:للأسف متجوزة، وحامل كمانرفع عينيه الى السماء قائلا:حظى كدة بقى هعمل ايه، حكمتك ياربابتسمت نوران قائلة:ربنا يرزقك بواحدة تستاهلك يازينبادلها ابتسامتها قائلا:يارب يانوران، يارب
رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل السابعتوقف شهاب بسيارته أمام منزل أريج لتقول هى بابتسامة:تصبح على خير ياشهابابتسم شهاب قائلا:وانتى من أهل الخير ياأريجأمسكت أريج برأسها تتظاهر بالتعب والدوار قائلة:آاااه.قال شهاب بقلق:مالك ياأريج، حاسة بحاجة؟قالت بضعف مصطنع:مش عارفة ياشهاب، دوخت مرة واحدةقال شهاب:تحبى آخدك لدكتور عشان نطمنابتسمت فى وهن قائلة:لأ مفيش داعى، أنا هبقى كويسة، بس من فضلك تسندنى لغاية ما أطلع شقتى، لإنى مش قادرةقال فى سرعة:آه أكيد طبعاليخرج من سيارته ويستدير حولها ليفتح لها الباب وينزلها ثم يسندها ويضمها الى جانبه حتى صعدا الى شقتها، أخذ شهاب المفتاح من يدها وفتح باب الشقة، ثم أدخلها الى الردهة قائلا:ها، يا أريج بقيتى احسن؟أومأت برأسها قائلة:آه، الحمد لله، أحسن بكتيرمنحها المفتاح وهو يقول:طيب همشى انا، مش عايزة حاجة أجيبهالك قبل ما امشىأمسكت ذراعه قائلة برجاء:عشان خاطرى ياشهاب.متمشيش قبل ما تشرب حاجة، دى اول مرة تدخل شقتىظهر على وجهه التردد لتقترب منه وتميل عليه بإغراء قائلة:عشان خاطرىابتلع شهاب ريقه، يشعر بالحيرة، فهو ان وافق ربما ارتكب أكبر خطأ فى حياته، فى حق نفسه وفى حق ضحى، فهو فى منزل امرأة ليلا، ووحدهما، وكما يقولون، الشيطان شاطر، يعلم أنه يحب ضحى، بل يعشقها، ولكنه يعلم أيضا أنه فى حالة شديدة من الضعف عاطفيا، الى جانبه انهاكه النفسى والجسدى، وفى تلك الحالة، يمكنه أن يخطئ وبسهولة، ولكن مهلا ألم ترتكب هى أخطاء وأخطاء فى حقه، ألم تقصر فى حقه مرارا وتكرار، بل الأدهى من ذلك انها لا تشعر أبدا بأنها أخطأت بشئ، أخرس ذلك الصوت بداخله والذى يحثه على الخروج من هذا المكان وبسرعة، وهو يطمأن نفسه بعدم وجود اى ضرر فى أن يشرب مع أريج كوبا من العصير؟ليبتسم وهو يومئ برأسه موافقا لتبتسم أريج بانتصار وهى تتجه بسرعة الى المطبخ تحضر له مشروبه، جلس ينتظرها تتنازعه الأفكار، لتعود اليه وقد بدلت ملابسها لقميص نوم حريرى يظهر كل مفاتنها ليصيبه التوتر وينهض قائلا فى قلق وقد أيقن انه أخطأ حين قرر المكوث فى هذا المنزل ولم يستمع الى قلبه:أنا لازم أمشى..اقتربت منه تقول بنعومة:مش قبل ما تشرب العصير، ولو كان على لبسى اللى وترك، وخلاك مش على بعضك، فاستنى ياسيدى، هلبس روب وأجيلك، أنا يمكن بس متعودة أبقى براحتى، لحظة واحدة..منحته كوب العصير ليأخذه منها بتوتر، قلقا من مشاعره الثائرة، يتساءل بحيرة عن سر تأثره بها وهو الذى لم تؤثر به فتاة مطلقا بعد أن أحب ضحى، ترى أيكون السبب مشاكله المستمرة معها فى الآونة الأخيرة؟ افاق من أفكاره على عودة أريج وقد ارتدت روبها لتجلس بجواره ترفع يده الممسكة بكأس العصير الى فمه قائلة:اشرب ياشهاب، اشرب..شرب شهاب العصير مرة واحدة يشعر بجفاف شديد بحلقه وتسارع نبضات قلبه، من لمستها ليده، لتأخذ منه الكأس بعد ان أفرغ محتوياته، ووضعته على الطاولة ثم التفتت اليه ترفع يدها وتمسح باصبعها بعض قطرات العصير المتعلقة بشفتيه بنعومة وهنا لم يعد هو قادرا على الاحتمال ليهبط بشفتيه مقبلا شفتيها بقبلة أثارتها من قوتها لترفع هى يديها الى رأسه تضمها اليها بقوة تتخلل شعره ليتعمق بقبلته اكثر لتنزل بيدها تنزع قميصه بعنف محطمة أزراره جميعها لتضم جسده العارى إليها تشعله بلمساتها ليغيب أكثر وأكثر فى غياهب الخيانة محطما كل وعود الوفاء والعشق.أضاءت بدور نور الأباجورة بجانبها وهى تعتدل فى سريرها قائلة بحدة:كنت فين يانزار؟وضع نزار يده على عينيه قائلا بخفوت:لو سمحتى يابدور وطى صوتك، واقفلى النور، أنا عندى صداع ودماغى هتموتنىنزلت من السرير بلهفة وهى تلاحظ شحوب وجهه، واقتربت منه بسرعة قائلة:أجيبلك مسكن يانزار؟نظر اليها طويلا لتشعر هى بالحيرة، أمسكت بيده وقربته من السرير لتجلسه عليه قائلة:ثوانى وهجيبلك المسكن وأدلكلك راسك وكله هيبقى تمامابتعدت يتابعها بعينيه، زفر بقوة، يلوم نفسه على أفعاله التى يستمر بفعلها بتلك المسكينة التى تعشقه، ولكنه لا يستطيع أن يمنع نفسه، انها طبيعته وهو حاول كثيرا ان يغير من نفسه من أجلها، وربما من اجل طفلهما القادم، ولكن لا فائدة...عادت بدور تمنحه المسكن والماء ليأخذهم بهدوء، ويشربهم .اخذت بدور منه الكأس ووضعته على الكومود بجوارها، ثم عادت وجلست امامه على ركبتيها قائلة:بقيت احسن؟تجنب النظر الى عينيها قائلا بخفوت:أحسن.قالت بحنان:هدلكلك راسك عشان الصداع يروح خالصالتفت اليها صارخا بها:خلاص يابدور، قلتلك بقيت كويسنهضت بدور تشعر بالصدمة حين وصلت اليها رائحة انفاسه المثقلة بالخمر، لتضع يدها على فمها وقد امتلأت عينيها بالدموع، نظر نزار الى دموعها قائلا فى حدة:كفاية دموع بقى، كفاية كل لحظة تحسسينى بالذنب، أنا عملت ايه يعنى، عملت ايه؟قالت بانكسار:خلفت وعدك لية، شربت يانزار، انت حلفت مش هتشرب تانى، حلفت بابننا، ابننا يانزارتجنب النظر الى عينيها قائلا:غصب عنى، عميل عرض علية اشرب معاه ومكنش ينفع أرفضقالت فى سخرية مريرة:لأ برافو، تصدق أقنعتنى، بجد طلعت راجل، لأ طلعت، ...قاطعها وهو ينهض فجأة قائلا بغضب:بدور أنا مستحيل هقبل مراتى تقولى أى كلمة اهانة، انا هسكت المرة دى عشان اللى فى بطنك، بس لو كررتيها مش هيهمنىنظرت اليه بخيبة امل قائلة:خلاص يانزار خلص الكلام، انا هروح انام فى الاوضة التانية لإنى حقيقى مش طايقة أكون معاك فى اوضة واحدة، مش قادرة اتنفس الهوا اللى بتتنفسهالتفتت مغادرة لتسمعه يقول فى صرامة:استنىتوقفت بجمود دون ان تنظر اليه، ليستطرد هو قائلا:خليكى انتى فى الاوضة دى وانا اللى هروح أنام فى الاوضة التانيةثم اتجه الى خزانة الملابس يأخذ منها ملابسه ويغادر الحجرة بخطوات سريعة، لتعود هى الى السرير تترك دموعها التى حبستها لتتساقط بغزارة وهى تمسك بطنها تملس عليها بحزن قائلة:متخافش ياحبيبى انا هحميك، هحميك من غلطة غلطها زمان وأنا لوحدى اللى لازم ادفع تمنهاكانت نوران تمسك بصينية الشاى بينما تحاول ان تفتح باب المطبخ باليد الأخرى لتنجح فى فتحه بصعوبة وهى تخرج من المطبخ وتغلق الباب بنفس الطريقة لتلتفت فاذا بها تصطدم بجدار صلب لتقع الصينية من يدها متحطمة وكادت هى ان تقع لولا تلك اليد التى أسندتها ومنعتها من السقوط لتتعرف على صاحبها على الفور من صوته القلق وهو يقول:نور، انتى كويسة، حصلك حاجة؟قرن قوله بتمرير يديه على جسدها ابتداء من كتفيها ومرورا بذراعيها العاريتين، ينتفض جسدها بشدة من لمسته القلقة والتى أثارت بها أعتى المشاعر، ليشعر برجفتها بين يديه ويفيق من مشاعره ليبتعد عنها عاقدا حاجبيه وهو يسمعها تقول بصوت متهدج النبرات من قوة مشاعرها:انا كويسة متقلقشازداد انعقاد حاجبيه قائلا فى برود:انا مش قلقان، وبعد كدة خدى بالك، .مش كل شوية توقعيلك صينية، ومش كل مرة هتيجى سليمة، ابقى فتحى عنيكى كويس، كان ممكن تإذينى يانور، ولا انتى اتعودتى على أذيتى؟لم يترك لها فرصة للرد وهو يستدير مغادرا لتغمض نوران عينيها بألم، يصرخ قلبها،، .لست أنا من آذتك، لست انا من جرحتك، هى من سببت لك الألم وانا لست هى، لست هى على الاطلاق، فأنا أحبك، أعشقك، أؤذى نفسى ولا أؤذيكلتعود وتفتح عينيها، تفكر فى كل ما حدث منذ قليل، لتدرك مشاعره تجاهها، لقد خشى عليها، نعم، ظهر شعوره لا اراديا منه، ولكنه عاد فأغلق على قلبه مجددا كى يحميه، لتأخذ نفسا عميقا وقد لمعت عينيها و ظهر فيهما التصميم على الاقتراب منه، والاستمرار فى محاولاتها لكسب قلبه، فشعورها بنبراته القلقة عليها منحها بصيصا من الأمل، ان ذلك الشعور قادرا على منحها الشجاعة لتكمل ما بدأته حتى النهايةاستيقظ شهاب يشعر بالألم فى رأسه، فتح عينيه بصعوبة، وهو يتأمل محيطه الغريب، يشعر بجسد عارى يلتصق به، برائحة نسائية غريبة لا تشبه رائحة ضحاه، التفت بصدمة ليرى أريج تنام عارية بجواره، ليغمض عينيه بألم، بغضب من نفسه، كيف استطاع أن يفعل ذلك بضحى، كيف سمح لنفسه بالخيانة، انها ضحى من خانها، رفيقة الصبا وحبيبة الفؤاد وشريكة العمر، كيف استطاع أن يخل بكل وعود الوفاء، كيف استطاع اخماد صوت الضمير والقلب، كيف؟امسك راسه يشعر بها تكاد تنفجر من الألم، آخر ما يتذكره قبلاته الثائرة لأريج، آخر ما يتذكره اخماد صوت قلبه الذى صرخ به ألا يخون، احس بالوجع فى قلبه يمتد لسائر جسدهشعر بأريج تتململ بجواره وهى على وشك الاستيقاظ، ليسرع بالخروج من السرير وأخذ ملابسه ليغادر الغرفة ويلبسها على عجالة، ثم يغادر المنزل بسرعة متجاهلا صوت اريج المنادى باسمه، ليسرع الى السيارة يقودها بأقصى سرعة، حتى وصل لشاطئ شبه معزول لينزل من السيارة ويسرع الى البحر ليخر راكعا وهو يصرخ بألم:ليه ياشهاب .ليه؟قالت سعاد بحيرة:مش عارفة يانوران.قاطعتها نوران قائلة:نور يادادة، اسمى نور، متنسيش عشان لسانك ميتعودش عليها..أومات سعاد براسها متفهمة وهى تقول:عندك حق، بس اعمل ايه، مبطيقش اسم المخفية دىنظرت اليها نوران بعتاب فاستطردت سعاد قائلة:معلش يابنتى بس اللى عملته فى سليم مش قليل، ده ياحبيبى اللى عملته فيه خلاه واحد تانى خالص..تنهدت نوران قائلة:عارفة يادادة والله العظيم عارفةابتسمت سعاد قائلة:بس انتى من يوم ما جيتى وانا حاساه بيرجع سليم، ابنى اللى ربيته، على الأقل بقى عنده شعور من تانى، ده انا كنت قلت خلاص سليم مش هيحس تانىقالت نوران بحزن:بس لسة مرجعش سليم اللى عرفته وحبيته، اللى كانت كل حياته ضحك وهزار، اللى كان بيحب الحياة، بقى قافل على نفسه اوى، وبعيد عن الناس اوى، وحزين اوى اوىتنهدت سعاد وهى تربت على يد نوران قائلة بحنان:واحدة واحدة هترجعيه سليم اللى عرفناه، احنا كنا فين يانورا، قصدى يانور، أنا حاسة ان الخير كله هييجى على ايديكى ياقمرة انتى وبكرة تقولى دادة سعاد قالتنظرت اليها نوران بامل قائلة:يارب يادادة سعاد يارب