logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





12-03-2022 09:19 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10

t22098_8590

سليم الجندى: شاب وسيم فى أوائل الثلاثينات من عمره.. طويل القامة.. عريض المنكبين.. قمحى البشرة.. عيونه عسلية وشعره فى سواد الليل.. أصيب بالعمى فى حادث أليم..

نوران: فتاة فى الخامسة والعشرون من عمرها..جميلة الملامح بتلك العينين الرماديتين وتلك البشرة البيضاء الناعمة.. يتزين أنفها ووجنتيها ببعض النمش الرقيق.. شعرها بنى يسترسل فى نعومة.. للأسف ليس لديها ثقة كبيرة بنفسها رغم جمالها ويرجع ذلك لنور ابنة عمتها والتى حاولت بشتى الطرق ان تضعف ثقة نوران بنفسها منذ الصغر حتى نجحت فى ذلك.

نور: ابنة عمة نوران.. فتاة جميلة تكبر نوران بسنتين.. عيونها خضراء.. قمحية اللون.. رشيقة القد.. ذات شخصية أنانية.. تحب كل ما هو ملكا لنوران
شهاب الحديدى: شاب فى أوائل الثلاثينات من عمره.. طويل عريض المنكبين.. عيونه خضراء وذو لحية.. وسيم بدرجة تخطف الأنفاس
ضحى: فتاة جميلة فى الخامسة والعشرون من عمرها.. عيونها الخضراء تشبه عيون زوجها وحبيبها وابن عمها شهاب.

نزار العدوى: شاب وسيم بتلك العيون الزرقاء وذلك الجسد الرياضى الرشيق.. فى اوائل الثلاثينات من عمره ومتزوج من ابنة عمه بدور
بدور: فتاة رقيقة الملامح والطبع فى الخامسة والعشرين من عمرها.. عسلية العيون قمحية البشرة.. شعرها قصير يصل حتى كتفيها.. بنى ناعم ومسترسل حول وجهها فى رقة
زين: شاب وسيم فى اوائل الثلاثينات من عمره عيونه رمادية جذابة صديق سليم المقرب ويعتبره بمثابة أخ له.. توفيت زوجته فى حادث اليم.
فصول رواية حب أعمى

رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الأول

اجتمعت الفتيات، نوران وضحى وبدور، حول تلك المائدة المعتادة فى مطعمهم المفضل والذى يتقابلن فيه فى ذلك الوقت من كل أسبوع، ليرين بعضهم البعض ويتبادلن أخبارهن كعادتهن معا منذ أول يوم تعارفن فيه فى تلك الجامعة والتى شهدت لقائهن الأول، لتتطور علاقتهن بعد ذلك ويصبحن أكثر من أخوات، خاصة وان كل واحدة منهن وحيدة والديها وليس لديها إخوة او أخوات..

ابتسمت ضحى قائلة:
وحشتونى أوى يابنات، حاسة ان فات كتير أوى من آخر مرة شفتكوا فيها
بادلتها بدور ابتسامتها قائلة:
انتى كمان وحشتينا أوى ياضحى، مش كدة يانؤنؤ؟

نظرت الفتيات الى نوران ليجداها شاردة، تبادلا النظر الى بعضهما البعض بقلق، فشرودها فى الآونة الأخيرة أصبح عادة لديها، عادة تقلقهما وبشدة فشرودها لطالما ارتبط بذلك المدعو سليم، وهذا شئ يرفضانه وبشدة، لتقول ضحى بصوت يشوبه القلق:
نوران، روحتى فين يابنتى، احنا بنكلمك؟

أفاقت نوران من شرودها على نداء ضحى باسمها لتنظر الى الفتاتين تتأمل ملامحهما الجميلة، لترجع مجددا الى شرودها تتذكر ذلك اليوم الأول لها بالجامعة، يوم تعرفت فيه عليهما، لفت انتباهها تواضعهما رغم كل ما يملكانه من مال وجمال، على عكس ابنة عمتها نور التى تنفر منها لغرورها وتكبرها...تأملت ضحى ذات العيون الخضراء الواسعة، ابنة رجل الأعمال المعروف والتى تزوجت ابن عمها شهاب الذى تولى رئاسة شركة العائلة بعد وفاة عمه وأبيه، و بعد أن عاشت معه قصة حب رائعة، كانتا نوران وبدور شاهدتين على تتويجها بالزواج وانجاب ذلك الطفل الرائع تيم...

لتنقل نظراتها الى بدور، ذات الجمال الرقيق الهادئ والشخصية الرقيقة، ابنة ذلك الدكتور الجامعى المشهور والتى أحبت ابنة عمها و تحدت أهلها وصممت على الزواج منه، نزار، ذلك الشاب المستهتر بنظرهم، ليكون لها ما أرادت رغم اعتراض الجميع، حتى نوران التى حاولت اثناءها عن تلك الزيجة، لم تنجح أيضا فى مسعاها، لتتمسك بدور به وتتزوجه، ليقاطعها والديها ويسافران بعيدا..

تاركين اياها لقرارها تتحمل مسئوليته وحدها، لتظهر نتائجه على وجهها فى كل مرة تقابلهما، لتتأكد نوران من صواب نظرتها لذلك النزار وهى ترى انطفاء ملامح بدور الرقيقة والحزن الذى يظهر بعينيها رغم محاولاتها الدائمة بأن تخفيه عنهما ولكنها تفشل دائما فملامحها الشفافة دائما ما تعكس مشاعرها...
أفاقت على صوت بدور وهى تقول بإلحاح:
يانوران، انتى بجد قلقتينا عليكى، سرحانة فى ايه بس؟

حاولت نوران أن ترسم ابتسامة صغيرة على شفتيها ولكنها لم تنجح، لتقول بتوتر:
أنا، أنا أخدت قرار ومحتاجالكوا تساندونى فيه، بس لازم تعرفوا انى هنفذه حتى لو عارضتونى
نظرت بدور الى ضحى بقلق لتبادلها ضحى تلك النظرات، ليعودا بنظرهما الى نوران، قالت ضحى بقلق:
قرار ايه اللى انتى مصممة عليه بالشكل ده؟

نقلت نوران بصرها بينهما لتقول بحزم:
أنا بكرة الصبح هروح لسليم وأعمل اللى قلتلكوا عليه من فترة
قالت ضحى بعصبية:
انتى بتقولى ايه؟لأ طبعا، انتى أكيد اتجننتى

لتقول بدور بضيق:
مستحيل نوافق على الكلام اللى انتى بتقوليه ده، مستحيل
زفرت نوران بقوة لتقول بضيق:
قلتلكم انى مش مستنية موافقتكم، انا بس محتاجة دعمكم، ده قرار فكرت فيه كتير ومستحيل أتراجع عنه

قالت ضحى فى غضب:
جاية وواخدة قرارك و مش مستنية موافقتنا اللى انتى متأكدة انك مش هتلاقيها، بس فى نفس الوقت محتاجانا جنبك، نقولك برافو يانوران، احنا وراكى ياحبيبتى، يلا روحى للراجل اللى فضلتى تحبيه سنتين ع النت باسم وصورة بنت عمتك عشان مكنش عندك الجرأة تقوليله اسمك او توريله صورتك، مش عارفة كنتى بتفكرى ازاى وانتى بتعملى كدة، لأ ويوم ما يطلب يقابلك، تهببى الدنيا اكتر وتبعتيله بنت عمتك تشرحله سوء التفاهم اللى حصل...

تقوم الست نور مستغلة الفرصة وخاطفاه منك، طبعا ماهى ما صدقت ولقيته عريس لقطة، شاب حليوة وغنى، وكمان معجب بيها، يعنى جاهز من كله، رد فعلك كان ايه بقى؟سيبتيهولها وضحيتى بحبك،، مش عارفة أسميه بقى غباء ولا قلة ثقة بالنفس، رغم انك بالنسبة لى أحلى منها مليون مرة، من جوة ومن برة، بس انتى مش شايفة غير اللى هى طول عمرها بتذرعه فيكى من غبائها وحقدها عليكى...

قالت بدور بحدة:
كفاية كدة ياضحى

نظرت لها ضحى قائلة بشراسة:
لأ يابدور انا سكت كتير، ياما قلت كفاية عليها صدمتها وكسرة قلبها، ياما قلت كفاية وجعها، لكن تيجى انهاردة وألاقيها لسة مصممة تعمل اللى فى دماغها، يبقى لأ، نقطة ومن أول السطر، ولازم نحط حد للموضوع ده، انتى نسيتى يابدور؟نسيتى لما سابت مصر كلها وسافرت برة عشان متحضرش حفلة خطوبتهم ولا تشوفهم مع بعض، نسيتى كانت عاملة ازاى؟نسيتى لما سافرنا وراها نطمن عليها ولقيناها عايشة ومش عايشة، زى ما يكون قلبها مات مع حبها..،

احنا ماصدقنا ترجع زى الأول، تقوم تروح برجلها للعذاب من تانى، طب ليه؟احنا مالنا اذا كان سليم عمل حادثة وبقى أعمى، احنا مالنا اذا كانت نور طلعت حقيرة معاه وسابته واتخلت عنه؟ما احنا عارفين أد ايه نور انانية ومبتفكرش غير فى نفسها، ليه نوران تروحله على إنها نور بنت عمتها؟، و آل ايه ندمانة على انها سابته واتخلت عنه وراجعاله تكون جنبه فى محنته، وطبعا يفتكر هو انها نور اللى حبها، ويحنلها من تانى وترجع نوران تتوجع من تانى كل ما تحس بيه بينطق اسمها بعاطفة الحب اللى جواه ليها، نفسى أعرف ليه تعذب نفسها بالشكل ده؟ايه اللى يجبرها تعمل كدة فى نفسها؟إيييه؟

استمعت ضحى الى نوران لتقول بصوت مفعم بالألم:
الحب ياضحى، الحب

نظرت كل من ضحى وبدور لنوران فى تلك اللحظة لتشعر ضحى بالندم على الفور لتفوهها بتلك الكلمات، فملامح نوران الشاحبة بشدة وعيونها المليئة بالدموع تفصح عن مدى ألمها وضحى تذكرها بكل ما تدركه وتحاول أن لا تفكر فيه رغم أنه محفور فى عقلها وقلبها، ولكن سماعه يذكر أمامها مزق قلبها الى أشلاء، لتقول ضحى على الفور بندم:
أنا آسفة يانوران سامحينى، متزعليش منى، كل اللى أنا قلته والله من خوفى عليكى

رفعت نوران يدها لتمسح دمعة سقطت منها وهى تقول بحزن:
متتأسفيش ياضحى، أنا عارفة ان كل اللى قولتيه من خوفك علية وعارفة كمان ان معاكى حق فى كل كلمة قلتيها، بس غصب عنى ياضحى، قلبى مصمم يسيبنى ويروحله، مش قادرة أسيبه فى محنته لوحده ولا قادرة أتخلى عنه، يمكن فى مرواحى ليه مخاطرة كبيرة، يمكن هتعذب، بس لازم أروحله وأكون جنبه، انتوا الاتنين جربتوا الحب وعارفين يعنى ايه البعد عن الحبيب وخصوصا لو كان فى ازمة بيبقى البعد موت، لو شهاب ياضحى لا قدر الله كان فى مكان سليم كنتى هتتخلى عنه؟لو نزار لا قدر الله حصله اللى حصل لسليم كنتى هتبعدى عنه يابدور؟

نظرت الفتاتين الى بعضهما البعض، يدركان انها على حق، فلو تبادلا الأدوار مع نوران لفعلوا المستحيل ليكونا بجوار من يحبان، أخذت بدور نفسا عميقا ثم قالت:
معاكى حق يانوران، بس اللى انتى هتعمليه خطر عليكى وعلى قلبك، لو سليم اكتشف انك نوران مش نور، مش عارفة رد فعله هيكون ايه؟

قالت نوران بحزم:
انا مستعدة للمخاطرة دى، أنا عموما خدت دورة تدريبية فى التمريض، من ساعة مادادة سعاد قالتلى انه بيطرد كل ممرضة بتجيله واخر ممرضة طردها كان من يومين، فهروح واجرب حظى، ومين عارف؟
قالت بدور بدهشة:
ده انتى خططتى لكل حاجة بقى

قالت نوران:
بحاول على أد ما أقدر مسيبش حاجة للظروف، و بصراحة انا كنت صرفت نظر عن الموضوع ده من ساعة ما قلتلكوا عليه من فترة وانتوا رفضتوا، بس دادة سعاد كلمتنى انبارح وقالتلى ان نفسية سليم تعبانة اوى، وبصراحة انا قلقانة عليه، ومش هطمن غير بوجودى جنبه..
قالت ضحى فى ضيق:
والله ماهيوديكى فى داهية غير دادة سعاد دى

قالت نوران بسرعة:
حرام عليكى ياضحى، دى ست طيبة اوى، لما لاحظت انى كل يوم بروح اطمن عليه من بعيد لبعيد و أبص عليه وهو بيشرب قهوته فى الجنينة، ندهتلى وسمعت حكايتى وصدقت مشاعرى ناحيته، واتعاطفت معايا كمان، وعشان كدة وافقت تساعدنى

قالت بدور بقلة حيلة:
يعنى خلاص يانوران، مفيش فايدة، مصممة على قرارك؟
ربتت نوران بكلتا يديها على يد كل منهما قائلة برجاء:
عشان خاطرى شجعونى، وادعولى، خلونى أطمن إنكم فى ضهرى، أنا مليش غيركم، وأهو انتوا شفتوا بعنيكم بنت عمتى اللى مليش فى الدنيا غيرها عملت فية إيه

قالت ضحى بضيق:
ما هو انتى اللى اديتيها الفرصة وخليتيها تبيع وتشترى فيكى بطمعها وغرورها وقلة ثقتك بنفسك
قالت بدور بنفاذ صبر:
خلاص ياضحى خلصنا، انسوا بقى الحرباية دى واللى سيرتها اصلا بتعصبنى وخلونا فى موضوعنا

ثم نظرت الى نوران قائلة بعطف:
احنا معاكى ياحبيبتى وفى ضهرك، متقلقيش من حاجة ياقلبى، امشى ورا قلبك، واحنا هندعيلك ربنا يوفقك وسليم يحس بيكى وبحبك ليه، ويحبك أد ما بتحبيه وأكتر لما يشوفك من جوة، ويارب ميكتشفش انك نوران مش نور قبل ما كل ده يحصل

ابتسمت نوران لبدور بامتنان لتنظر الى ضحى التى لانت ملامحها المشدودة وهى تبتسم بدورها وهى تومئ برأسها موافقة على كلمات بدور ومشجعة لها لتنقل هى نظراتها بينهما فى حب وهى تشكر الله فى سرها لأنه رزقها بتلك الأختين، الغاليتين على قلبها، مدركة أن الأخوة فى الله أفضل بكثير فى بعض الأحيان من أخوة الدم

وقف زين يقول بعصبية:
قولى هتفضل كدة لحد امتى ياسليم؟ هتفضل فى الحالة دى أد إيه ؟سنة سنتين تلاتة، طول العمر، على فكرة، انت مش اول واحد،، ...
وصمت لا يدرى كيف يكمل عبارته دون أن يجرح صديقه، ليقول سليم فى سخرية مريرة:
سكت ليه يازين، ما تكمل كلامك، وقفت ليه، قولها، قول انى مش أول واحد يتعمى، وانى لازم أتأقلم على وضعى

قال زين بتوتر:
أنا مقصدش ياسليم، أنا،، ...
قاطعه سليم قائلا فى حدة:
انت مش قادر تفهم انى مش قادر أعيش بالشكل ده، وعلى فكرة انت فاهم غلط، انا متعمتش يوم الحادثة، بالعكس أنا مفتحتش غير لما عملتها، أنا لو كنت اعمى فده كان زمان، لما كنت سليم الرومانسى اللى فاكر الدنيا كلها أبيض وأسود، كنت أعمى لما كنت بصدق ان فيه حب حقيقى فى زمانا..،






كنت أعمى لما استسلمت لمشاعرى، لما صدقت كلامها، لما حبيتها وارتبط بيها رغم انى مشفتهاش ومعرفتهاش وكلامنا كله كان ع النت، ورغم احساسى لما خطبتها بإنها واحدة تانية غير اللى كنت بكلمها، بس جمالها وشقاوتها خلونى افضل احبها واستحمل عيوبها اللى مشفتهاش ولا حسيت بيها غير بعد الخطوبة، لغاية لما عملت الحادثة وفقدت نظرى وهى اتخلت عنى، ساعتها بس فتحت واكتشفت اد ايه انا كنت أعمى..

وأشار الى قلبه وهو يستطرد بحسرة:
بس مع اكتشافى ده ومع كل اللى عملته فية، قلبى لسة بيحبها، كلامها بيتردد جوايا، مش مخلينى قادر أنساها، وهى...
صمت للحظة ثم استطرد فى مرارة:





هى عايشة حياتها بتتنقل من واحد للتانى، بعرف اخبارها من بعيد لبعيد، تصدق، نسيتنى خلاص، ولا كأنها فى يوم عرفتنى، ولا كأنى كنت يوم فى حياتها..

قال زين بحزن على حال صديقه:
طب وبعدين ياسليم، ما هو ماينفعش اسيبك فى الحالة دى وأسافر أتابع القرية السياحية، تعالى معايا غير جو، وأهو بالمرة تكون معايا وتشغلنا مشاكل القرية، مش يمكن كل واحد فينا ينسى حبيبته، ويتغلب على حزنه، جرب، مش يمكن تقدر تنساها؟

قال سليم فى مرارة:
انت عارف انى من يوم الحادثة، وانا مخرجتش برة البيت يازين، ومش ناوى اخرج دلوقتى، ومش ممكن أى حاجة فى الدنيا تنسينا حبايبنا يازين، مفيش حاجة ممكن تنسينى نور، ولا انت هتقدر تنسى علياء، الا لو صادفت حب جديد، لكن أنا اللى زيى بيحب مرة واحدة فى حياته، وحبى مع الأسف انقلب لكره، كره بقى بياكل فية، بيطالبنى بالإنتقام، تعرف يازين؟لو بس أعرف أنتقم منها يمكن ساعتها قلبى يرتاح، وأكمل حياتى اللى دمرتها

قال زين وهو يهز رأسه متفهما:
ربنا يريح قلبك ياصاحبى، يارب
أغمض سليم عينيه فى ألم ليبتهل فى صمت أن يلبى الله دعوات صديقه...
تاااابع اسفل
 
 





look/images/icons/i1.gif رواية حب أعمى
  12-03-2022 09:23 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

كانت نوران تفرك يديها بتوتر، تنتظر لقاء سليم بعد ان ذهبت الدادة سعاد تخبره بأن نور، خطيبته السابقة، تود رؤيته، تعلم أن ما تفعله هو خاطئا مائة بالمائة، ولكنها لا تستطيع أن تمنع نفسها عن أن تكون بجواره ولو كلفها ذلك كل شئ، حتى حياتها نفسها، تهون من أجله، من اجل قربه، من أجل عشقه الذى يجرى بدمها، سمعت خطواته تقترب لتزداد توترا..،

أطل بوجهه الوسيم وجسده الرشيق، لترتفع دقات قلبها وتطرق فى صدرها كالمطرقة، فلأول مرة بحياتها ومنذ أول لحظة عرفته فيها، تكون بمواجهته، قريبة منه الى هذا الحد، مازال وسيما كما عهدته بل ربما ازداد وسامة، تختفى عيناه العسليتان خلف تلك النظارة السوداء والتى تليق به، وقف بمواجهتها، تبدو ملامحه غامضة يلفها البرود..

حاولت بصوت بالكاد خرج منها ثابتا، تحاول السيطرة على رعشته والوصول به الى صوت نور التقريبى، فلطالما كانت بارعة بتقليد الأصوات، ليخرج منها مرتعشا رغما عنها وهى تقول:
اذيك ياسليم عامل ايه؟

مال فمه لترتسم ابتسامة شبه ساخرة على شفتيه وهو يقول:
زى ما انتى شايفة، عايش يانور
تأملت ملامحه بشوق، ترغب فى معرفة كل شئ عن حياته منذ أن غابت عنه، ولكنها وجدت نفسها تقول بتلعثم:
واضح انك، يعنى، لسة، بتلعب رياضة

ظهرت ابتسامته الساخرة واضحة تلك المرة وهو يقول:
والواضح انك بتقولى أى كلام يانور
ثم مال برأسه لتشعر به أقرب إليها حتى أن أنفاسه الساخنة لفحتها وهو يقول ببرود رافعا حاجبه الأيسر:
جاية ليه يانور؟وياريت متهينيش ذكائى، وتقولى الحقيقة، يعنى تجيبى م الآخر

ابتلعت ريقها بصعوبة وهى تقول بهمس:
أنا جاية علشانك ياسليم
اعتدل ضاحكا بسخرية، لتتوقف ضحكته فجأة كما بدأت وهو يقول فى سخرية:
عشانى أنا، إيه، وحشتك يانور؟، ولا مش قادرة تعيشى فى بعدى؟ولا يمكن ندمتى على غلطتك فى حقى وجاية تصلحيها
قالت بقلق، تخشى أن يكون قد كشف كذبتها:
وليه لأ؟

أطلق ضحكة ساخرة أخرى، جعلتها ترتجف من الخوف، لتتوقف ضحكته وهو يميل عليها قائلا بشراسة:
جاية بعد ما اتخليتى عنى فى عز ما احتاجتلك، بعد ما سيبتينى سنة بحالها ورفضتينى بسبب عمايا، بعد ما كسرتى قلبى ودبحتينى، عايزانى أصدقك لما تقوليلى انى وحشتك، او انك ندمانة، قلتلك متهينيش ذكائى، مستحيل نور اللى عرفتها، نور اللى خانتنى، يطلع فجأة عندها شعور وبتحس
ليعتدل قائلا بصرامة:
قولى بسرعة، جاية ليه، وعايزة منى ايه؟

أغمضت عينيها بألم من جراحه التى تبدو حية، يذبحها المه الظاهر فى صوته من تخلى ابنة عمتها عنه، تشعر بذلك الألم يتردد صداه فى صدرها، لتقول بصوت صادق النبرات، تظهر كل مشاعر الألم والندم فيه، يتهدج من دموعها التى تحبسها داخل مقلتيها:
أنا آسفة ياسليم، آسفة لو مكنتش جنبك فى الوقت اللى احتجتنى فيه، آسفة لو اتخليت عنك وصدمتك، بس والله ما كان بإيدى، بعدى عنك كان غصب عنى، يمكن مش هقدر دلوقتى اقولك أسبابى..،

يمكن فى يوم من الأيام أحكيلك، بس اللى عايزاك تكون متأكد منه ان بعدى عنك قتلنى، خلانى عايشة ومش عايشة، أنا ندمانة على كل لحظة بعدت فيها عنك، وندمت ورجعتلك، أنا أدامك أهو، مستعدة لأى عقاب تحكم بيه علية، بس متبعدنيش عنك تانى، واوعدك، اوعدك أكفر عن أى ذنب عملته فى حقك، وأنسيك كل جرح اتسببتلك فيه..

ظلت ملامحه باردة ثابتة لاتعكس أى رد فعل منه على كلماتها سوى اختلاجة بسيطة فى فكه عجز عن اخفائها، وهو يشعر بصدق نبراتها، بحبها، بندمها، حتى كاد أن يصدقها لولا أنه بات يعرفها جيدا ليدرك أن أمثالها لا يعرفون الحب، ليقول ببرود قاتلا أى حنين بقلبه إليها:

آسف مش مستعد أنجرح ولا مستعد أرجع مغفل وأصدق كلامك من تانى، أو أجازف وأصدق دموع التماسيح بتاعتك، مش مستعد أسلملك قلبى تانى عشان تخونيه وتكسريه وتلعبى بيه، زمن الحب والكلام الفارغ ده بالنسبة لى انتهى، زى ما انتى انتهيتى وخرجتى من حياتى للأبد، ياريت ترجعى مكان ما جيتى، ندمك جه متأخر أوى، أوى يانور..

التفت ليغادر فأمسكت بذراعه بتوسل قائلة من وسط دموعها التى سقطت رغما عنها:
أبوس إيدك ادينى فرصة واحدة، واحدة بس، أصلح فيها غلطتى، أنا مش قادرة أعيش من غيرك ياسليم، أقولك، خلينى بس جنبك، آخد بالى منك، أنا بقيت ممرضة شاطرة عشانك، أو بلاش ممرضة، خلينى خدامة فى بيتك، بس متحرمنيش من قربك ياسليم..

عقد سليم حاجبيه بشدة، يشعر بالتوتر يسرى فى كل جسده من لمستها اياه، ونبرات صوتها التى تتسلل الى وجدانه تتوسل اليه ان يصدقها، تعجب من كلماتها، كم تبدو صادقة، وتعجب أكثر من طلبها الغريب فى أن تعمل لديه حتى وان كانت كخادمة فقط لتظل بجواره، تلك أبدا لا تشبه نور التى يعرفها، فنور التى ارتبط بها لا تتوسل ولا تهين كرامتها من أجل أحد أيا كان، حتى لو كان حبيبها..،

بل تكبرها وغرورها يمنعانها من ذلك، ترى أيكون لنور شخصيتان، ام أنها تمثيلية منها لغرض ما، أصابه كل ذلك التفكير والحيرة بصداع رهيب، ضرب رأسه بقوة، حتى أنه فقد اتزانه وأحس أنه على وشك فقدان الوعى، لتتمسك نوران به قائلة بقلق وقد لاحظت شحوب وجهه:
سليم، انت كويس؟

تمالك نفسه وهو ينزع يدها عنه قائلا فى حدة:
وفرى قلقك ده لنفسك ومتلمسنيش تانى لو سمحتى

شهقت وهى تضع يدها على فمها تتألم من معاملته الخشنة لها، تترقرق الدموع فى مقلتيها مجددا، لتتمالك نفسها وتعترف انه لا فائدة من وجودها فى هذا المكان، فسليم قد تغير كلية، لذا يجب عليها البقاء بعيدة عنه، أخذت نفسا عميقا ثم قالت بصوت متهدج النبرات:
الظاهر انى غلط فعلا لما جيت، أنا همشى خلاص ومش هزعجك بوجودى تانى، بس ياريت تلاقى فى قلبك ولو ذكرى واحدة كويسة عنى تخليك تقدر تسامحنى..

لتتحرك ببطء مغادرة المكان تسبقها دموعها ليستوقفها صوته وهو يقول بحزم:
استنى !
التفتت إليه دون أن تنطق بكلمة، ليتقدم منها خطوة قائلا فى هدوء:
انتى قلتى إنك ندمانة صح؟
قالت بانكسار:
من كل قلبى

قال متابعا بهدوء:
وقلتى انك مستعدة تشتغلى خدامة فى بيتى بس تفضلى جنبى صح؟
قالت بقلق:
أيوة صح
أومأ برأسه قائلا ببرود:
وأنا موافق
عقدت حاجبيها فى حيرة قائلة:
موافق على إيه؟

قال ببرود:
هتعيشى فى بيتى خدامة، زيك زى نعمة بالظبط، هى آخدة أجازة عشان عندها ظروف فى البيت وانا كدة كدة كنت محتاج حد يشتغل بدالها
لتسود نبرات صوته السخرية وهو يميل بوجهه جانبا مستطردا:
ها، لسة عند رأيك ولا هترجعى فى كلامك؟

نظرت الى ملامحه فى حيرة، تخشى أن توافق وهى تعلم علم اليقين أنه يريدها كى ينتقم منها، ولكنها أيضا تخشى الافتراق عنه مجددا، لتتأكد أن عذابها فى قربه أهون ألف مرة من عذابها فى بعده، لتقول بحزم:
لأ مش هرجع فى كلامى، أنا موافقة ياسليم، أهم حاجة انى أكون جنبك حتى لو ده معناه انى أشتغل خدامة فى بيتك

اعتلت ملامحه الدهشة وكأنه لم يتوقع تلك الإجابة منها لينفض دهشته بسرعة ويقول بثبات:
هنشوف يانور، هنشوف نور هانم الصباغ هتستحمل عيشة الخدامين لحد امتى؟

اقتربت منه حتى أصبحت أمامه تماما قائلة بهدوء:
هستحمل ياسليم، هستحمل لغاية ماتتأكد إنى بحبك وإنى عمرى ما حبيت قبلك ولا هحب بعدك

سقط ذلك القناع البارد عن وجه سليم وظهر عليه تأثره بكلماتها الصادقة والنابعة من أعماق قلبها، ليعقد حاجبيه فى حيرة، ولكنه تمالك نفسه ليعود ويرسم ذلك القناع البارد مجددا وهو يقول ساخرا:
هنشوف يانور، بكرة الأيام تبين كل واحد على حقيقته، وساعتها هنعرف مين الأصلى ومين المزيف فى مشاعره

كانت ضحى تمسك بطبق طفلها تيم بيد، والملعقة مليئة بطعامه باليد الأخرى، تحاول أن تطعمه إياها دون جدوى، لتقول بملل:
يوووه بقى ياتيمو، هتجرينى وراك طول النهار وهتغلبنى وفى الآخر برضه مش هتاكل صح؟

انطلقت ضحكة الصغير لتبتسم هى فى حنان، ليتناهى الى مسامعها صوت زوجها شهاب يقول بسخرية:
آه ما انتى تجرى ورا تيمو طول النهار تأكليه وتشربيه وتضحكيه وتلعبى معاه وتنيميه، لكن تيجى لحد عندى وياإما مشغولة بتيم، ياإما تعبانة ومش قادرة، صح ولا أنا غلطان؟
رمقته ضحى بغيظ وهى تعتدل فى جلستها قائلة:
إيه ياشهاب، فيه إيه، إنت بتغير من تيم ولا إيه؟مش تيم ده ابنك زى ما هو ابنى، مين هياخد باله منه غيرى، ها؟

اقترب شهاب منها قائلا بعتاب:
أكيد مش هغير من ابنى ياضحى، بس كان نفسى تهتمى بية نص اهتمامك بيه، تيم عنده الدادة ممكن تأكله وتشربه وتهتم بيه بردو، لكن أنا ياضحى مين هيهتم بية غيرك، وبعدين تعالى هنا وقوليلى، فين ضحى اللى كان شهاب أهم واحد فى حياتها، اللى كان يومها بيبتدى فى حضنه وبينتهى بردو فى حضنه، فين ضحى اللى كانت حياتى معاها جنة ولما كنت اروح شغلى كنت أعد الساعات عشان ارجعلها وأخدها فى حضنى عشان بكون متأكد من إنها مستنيانى وفاتحالى دراعاتها الإتنين عشان أرتاح جواهم، راحت فين ها، ردى علية وقوليلى روحتى فين ياضحى؟

قالت ضحى بعصبية:
على فكرة ياشهاب انت مأفور أوى، أنا زى ما أنا متغيرتش، إيه يعنى مشغولة عنك شوية بابننا، ده شئ عادى جدا وبيحصل لكل الأمهات، وانت المفروض تكون متفاهم ومتعاون كمان..
نال فمه بسخرية وهو يقول:
مأفور، وانا المفروض أكون متعاون، لأ وكمان انتى لسة زى ما أنتى، طيب

اقترب منها بخطوات سريعة ليقف فى مواجهتها تماما ويمسك الطبق والملعقة من يديها، ويضعهم على الطاولة أمامها ليسحبها بعد ذلك من يدها وسط دهشتها، حتى وصلوا الى مرآة كبيرة وسط الردهة ليوقفها أمامها ويقف خلفها مباشرة قائلا فى حدة:
فين ضحى دى، بصى لنفسك فى المراية وقوليلى، انتى زى ما انتى ازاى بس؟شعرك ده روحتى ظبطيه عند كوافير من امتى ؟، بشرتك دى آخر مرة اعتنينى بيها كانت امتى؟...

ثم أشار الى كامل جسدها قائلا:
هدومك دى غيرتيها من الصبح؟، طيب ملاحظتيش انها ضاقت عليكى وان وزنك زاد، أكيد لاحظتى بس المشكلة بقى، عملتى ايه لما لاحظتى ده؟ولا أى حاجة صح؟اهمالك ابتدى بيكى ووصلك لإهمالك فية، والست الشاطرة مش اللى تحافظ بس على بيتها وولادها، لأ، الست الشاطرة هى اللى تعرف كمان تحافظ على نفسها وجوزها وتهتم بيهم، بس للأسف انتى أهملتى الاتنين..

كانت ضحى تستمع الى ثورته المتمثلة فى كلماته الحادة وقلبها يتمزق من الصدمة، من الألم، من كل ماتحتويه كلماته من انتقادات لها، تعلم بداخلها أنها انتقادات صحيحة مائة بالمائة، ولكنها مؤلمة بل قاتلة لأنها تأتى منه، من زوجها وحبيبها شهاب، لتدرك فى لحظات تلك الفجوة التى أصبحت بينهما، وتدرك أنه يحمل لها الكثير فى قلبه..،

كلماته لها كانت قاسية ومريرة ربما لو نصحها برفق لتقبلت منه تلك النصيحة ولكنها جاءت منه كإهانة لها، غرست سكينا فى قلبها لتترقرق دموعها وهو تقول:
أد كدة بقيت وحشة فى نظرك ومش عاجباك، أد كدة بقيت ست مقصرة فى حق نفسها وجوزها، طب ايه اللى جابرك تعيش مع واحدة بالشكل ده، ما تطلقنى ياشهاب وترتاح منى..

أمسك شهاب بيدها فى قوة يديرها لتصبح فى مواجهته قائلا بغضب:
انتى أكيد اتجننتى، طلاق إيه اللى بتتكلمى عنه؟هو ده اللى طلعتى بيه من كلامى، هو ده رد فعلك؟انا مش هحاسبك دلوقتى على الهبل اللى انتى بتقوليه ده، بس أوعدك لما أرجع من شغلى، هيبقى لينا كلام تانى مع بعض، لإنى بجد اتخنقت، ومش قادر أكمل بالشكل ده..

ثم تركها وغادر المنزل بخطوات غاضبة، تتبعه عيناها بصدمة، نزلت دموعها فى ألم، وهى تدرك أنها أفاقت من حلمها الرومانسى الجميل على كابوس بشع، أفاقت من أوهامها بأن حياتها كاملة، بل مثالية لتكتشف بقسوة أن حياتها ليست بذلك الكمال ولا تلك المثالية التى تخيلتهم، وأنها لابد وأن تفكر جيدا أو ربما تعيد حساباتها وتتخذ بعض القرارات الحاسمة، لتنظر الى طفلها تيم، ثم تعقد حاجبيها تنفى تلك الأفكار عن رأسها، وهى تقنع نفسها أن كل ما حدث منذ قليل هو ذوبعة فى فنجان وستمضى على خير،،، أو هكذا تتمنى..


look/images/icons/i1.gif رواية حب أعمى
  12-03-2022 09:25 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

ابتعدت بدور عن نزار تشيح بوجهها فى ضيق قائلة:
قلتلك ميت مرة متقربش منى وانت شارب يانزار، معدتى مبتتحملش الريحة دى
ترنح نزار وهو يقترب منها قائلا بلسان ثقيل وأعين راغبة:
ما أنا كمان قلتلك ميت مرة متبعديش عنى يابدور وانتى بردو بتبعدى

مد يديه يحيطها بها لتصبح بين ذراعيه، ثم رفع يده يتلمس وجنتها بشوق قائلا:
ايه يابدور، موحشتكيش ولا إيه؟
أشاحت بوجهها مجددا تبتعد عن رائحة أنفاسه المشبعة برائحة الخمر الكريهة وهى تقول:
لأ طبعا، أكيد وحشتنى، بس بجد مش قادرة أستحمل الريحة دى، بص، ادخل خد شاور وفوق، وبعدين تعالى نتكلم

جذبها من شعرها بقسوة فتأوهت بألم ورأسها يميل للخلف، ليقترب من شفتيها المنفرجتين، يهمس أمامهما قائلا:
مش قادر أبعد عنك ولو لثانية واحدة..
ليقبلها بعنف أدمى شفتيها، وهى تقاومه بضعف غير قادرة على ابعاده عنها لتستجمع شجاعتها وقوتها مرة واحدة وتدفعه عنها ليترنح بقوة ويكاد أن يسقط، أسرعت باسناده فى خوف ليدفعها قائلا فى غضب:
ابعدى عنى

ترقرقت الدموع فى عينيها وهى تقول بألم:
يانزار افهمنى أنا.
قاطعها قائلا فى حدة:
انتى الظاهر نسيتى نفسك ونسيتى أنا مين، أنا نزار العدوى، نزار اللى كنتى تتمنى نظرة واحدة منه، ولا نسيتى يابدور؟
أخفضت عينيها الما، قائلة:
منستش يانزار، منستش.

قال فى قسوة:
لأ نسيتى، و الظاهر انى دلعتك بزيادة، وده خلاكى تفتكرى ان قربى منك بأمرك او بمزاجك، لا ياحبيبتى فوقى، انا أقرب منك وقت ما أنا عايز، وأبعد عنك بردو وقت ما أنا عايز، ولو حبيت هتكونى لية وحالا، حتى لو انتى مش حابة، فاهمة ولا لأ؟
ابتلعت ريقها بخوف قائلة:
قصدك ايه يانزار؟

اقترب منها وعينيه تشتعلان من الغضب يترنح من آثار المشروب، حتى أمسك كتفيها بعنف، يتأمل ملامحها بشهوة ابتعد عنها كل أثر لنظرات الحب فى عينيه، لتشعر بدور بقلبها يدق برعب، وهو يقول:
يعنى هتكونى لية حالا، وهترضينى حتى لو غصب عنك، وهخليكى تندمى على اللحظة اللى زقتينى فيها، عشان مش نزار العدوى اللى واحدة ترفضه وهو عايزها يابدور

ظهر الرعب على وجهها لتقول بتوسل:
أبوس ايدك يانزار متقربش منى دلوقتى، مش وانت فى الحالة دى، متعملش حاجة ممكن مسامحكش عليها، صدقنى مش هسامحك، والله ماهسامحك، أنا استحملت غيرتك وعصبيتك وحتى اهانتك لية بس مش هقدر أستحمل اللى انت هتعمله فية وانت فى الحالة دى، غصب عنى، مش هقدر

شعرت بعينيه ترق لحالها وهو يقاوم شيطانا تلبسه فى تلك اللحظة ولكن ولرعبها عادت عيناه قاسية ليهزها بعنف حتى شعرت بأسنانها تتخبط فى بعضها وهو يقول بغضب:
كتر خيرك والله، استحملتى كتير، بس تعرفى مزاجى جايبنى أخليكى تستحملى أكتر، ما أنا أصلى شيطان العيلة وانتى ملاكه يابدور..
نزلت دموعها تقول فى رجاء:
بلاش يانزار، أبوس ايدك بلاش

حملها فجاة وهى ترفس بقدمها تود الهروب من مصير أسوأ من الموت، فلن ترضى بقربه منها فى تلك الحالة فعندما يشرب نزار يصبح شخصا آخر يلجأ للعنف، وقد ظلت علاقتهم هى الشئ الوحيد الذى لم يمسه عنفه، أدركت ما هو آت لتصرخ بإنهيار قائلة:
سيبنى يانزار، أبوس ايدك، فوق وسيبنى..

ألقاها على السرير بعنف لتحاول الهرب منه من الجهة الأخرى ليلحقها من الناحية الأخرى ويكبلها، ملقيا اياها على السرير مجددا، ومعتليا اياها، مكبلا قدميها بقدميه ومقيدا يديها بيديه، يقبلها بعنف، باجتياح، أشاحت بوجهها تبتعد عن قبلاته العنيفة والتى اجتاحتها، ليمسك كلتا يديها بيد واحدة وباليد الأخرى يمزق ثيابها، لتصرخ بقوة، ابتعد عنها بوجهه ليصفعها بقوة..،

نظرت اليه بصدمة وهى تتوقف عن البكاء تنظر اليه بجمود، وكأنها أصبحت جسدا بلا روح، لم يهتز فى جسده شعرة، مغيبا عن ألمها، يعميه ذلك المشروب الذى حرمه الله ليعود اليها ينهل من شفتيها، يقبلها ويقبلها، يمزق مشاعرها تمزيقا، وهى مستسلمة لا يصدر منها أى فعل يدل على أنها حية سوى دموعها التى عادت للنزول فى صمت، تنعى عشقها الذى مات الآن على يدى معشوقها، ولا امل لأن يعود مجددا للحياة

نظرت أريج الى شهاب الذى بدا شاردا ولا يستمع لأى كلمة تقولها على غير عادته، شعرت بأن هناك ما يضايقه، تساءلت فى فرحة خفية، أيكون سبب ضيقه، خلافا نشب بينه وبين زوجته، تلك الضحى، والتى لا تدرى لماذا تزوجها شهاب؟، لتترجم أفكارها على هيئة سؤال وهى تقول فى قلق مصطنع:
شهاب، انت مش معايا خالص، فيه حاجة مضايقاك؟

أفاق شهاب من شروده ليتأمل ملامح أريج الجميلة، ثم يتنهد قائلا بهدوء:
لا، أبدا، أنا كويس، كنتى بتقولى ايه؟
ابتسمت أريج وهى ترفع كل الأوراق التى أمامهما قائلة:
أنا بقول نأجل الكلام فى الشغل لغاية ما أعرف انت مالك، فيك ايه ياشهاب؟

تنهد مجددا وهو يقول:
قلتلك مفيش حاجة وياريت منأجلش الشغل، احنا محتاجين نكون محضرين كويس لل meating ده، مش عايزين أى غلطة..
ابتسمت قائلة:
متقلقش انا هظبط كل حاجة، ولا انت عندك شك فى قدراتى؟

ابتسم متأملا ملامحها الجميلة بذلك الشعر الاسود الطويل وتلك العيون السوداء الواسعة والتى تظللها رموش كثيفة، وذلك الفم المثير والذى تلون بلون أحمر قانى، سحره، خاصة وهى تمرر لسانها على شفتيها بحركة أثارت الدماء فى عروقه وزادت من دقات قلبه، ليستغفر الله فى سره وهو يشيح بوجهه قائلا بارتباك:
احم، لأ طبعا معنديش، بس معلش ياريت نراجع الورق مع بعض دلوقتى

ابتسمت بخبث وهى تدرك أنها بدأت تؤثر فى هذا الرجل الذى ظلت لسنتين تحوم حوله تسعى للتأثير عليه، دون جدوى ولكن يبدو أن تلك الغبية ضحى سهلت مهمتها وأن مخططها على وشك النجاح لتنال شهاب على طبق من ذهب، قالت وعينيها تلمعان:
وأنا تحت أمرك ياشهاب، أول بند لازم نأكد عليه هو...
لم يستمع اليها شهاب وهو يشرد مجددا فى شفتيها التى تمطها بنعومة أثناء حديثها، ليتوه فى سحرهما الذى يغرى قديس، يشعر بنفسه ينحدر نحو الخطيئة، يود الهرب بكل قوته، ولكن يبدو أنه لا هروب ولا مفر من قدره

تقدمت نوران بخطوات مترددة باتجاه سليم الجالس بهدوء فى الحديقة ينتظر قهوته كعادته كل يوم، لا تصدر عنه أى حركة وكأنه تمثال شمعى، أحست به يتحرك فى قلق مع تقدمها باتجاهه وكأنه شعر بها، لتبتلع ريقها بتوتر، وهى تتوقف مكانها، تخشى مواجهتها معه، فخلال اليومين الماضيين كانت كل مواجهاتها معه مأساوية، مليئة بالسخرية، والإهانة، لتهرب كل مرة الى حجرتها ودموعها على وجهها تنوى الهرب...،

الرجوع، والعودة من حيث أتت، وقد انتابها اليأس من أن يرق قلبه لها أو يلين معها، لتتراجع عن قرارها على الفور، عندما تمسك بمجلدها والذى يحمل ذكرياتها معه، كلماته التى كان يقولها لها، آرائه، كل ما قاله لها عندما كانا يتحدثان معا على موقع التواصل الاجتماعى والمعروف بالفيس بوك، تتأمل تلك الكلمات التى أنبأتها باعجابه بها، كم حملتها تلك الكلمات لآفاق بعيدة من السعادة، لتقرر أن تحاول مرة أخرى، فربما يلين، أو يمنحها الفرصة للقرب منه مجددا، كل ما تريده هو فرصة واحدة تقربها منه، تريه فيها كم تختلف عن نور، نور التى أحبها فجرحته، أفاقت على نبراته الحادة وهو يقول:
ايه هتفضلى واقفة تبصيلى كتير؟، ما تجيبى القهوة وتخلصينى..

أغمضت عينيها فى ألم لتفتحهما مجددا، وهى تأخذ نفسا عميقا، لتتقدم باتجاهه وتضع الصينية على الطاولة فى ارتباك، لتهتز الصينية منها ويقع فنجان القهوة وتنسكب محتوياته على يد سليم الذى انتفض متألما، لتصرخ نوران فى فزع وهى تهرع اليه تمسك يده المحترقة بلوعة لينزعها منها بقسوة قائلا بغضب:
الظاهر ان انتى كمان اتعميتى ومبقيتيش تشوفى أدامك

اغروقت عيناها بالدموع، وهى تقول بحزن:
آسفة، والله آسفة، مكنش قصدى
قال بحدة:
وهعمل ايه بأسفك ده؟
نظرت الى يده التى غزاها الاحمرار لتقول بخوف ظهر بنبراتها:
حقك علية، عاقبنى زى ما انت عايز بس من فضلك، خلينى أشوف ايدك واعالجها. أنا آخدة دورة تدريبية فى التمريض، متخافش منى

عقد حاجبيه وهو يشعر بالقلق والخوف فى صوتها، أحقا تخاف عليه كما توحى نبراتها، أم أنها مازالت تحيك تلك التمثيلية التى لا يعرف مغزاها أو هدفها، لا يعلم الى متى ستستمر فى تمثيلها؟، فهو يعلم ان نور لا تطيق الأعمال المنزلية ولا تستطيع أن تعيش دور الخادمة، لن تتحمل كثيرا هو واثق من ذلك تمام الثقة، بل انه مصدوم انها استطاعت التحمل يومان كاملان دون ان تسرع بالهروب والعودة الى حياتها السابقة..

نور، حقا تصيبه بالحيرة، فهى الى جانب عملها الشاق، تحملت اهاناته وغضبه الذى يصبه عليها كلما قابلها، لم يجد منها أى اعتراض او شكوى.بل انها دائما صامتة تتحمل بجلد، حتى انه كاد أن يقتنع بندمها حقا، لولا تلك السنة التى قضاها معها والتى جعلته يدرك كم هى أنانية، تختلف كلية عن نور التى أعجب بها من خلال حديثهما معا، لينفض أفكاره عن ذلك الاحتمال بندمها، ينتظر بصبر معرفة هدفها من أفعالها المناقضة لشخصيتها التى عرفها جيدا، أفاق على صوتها تقول بنبرة مخنوقة بالدموع:
لو سمحت، سيبنى أعالج ايديك..

أومأ برأسه بهدوء لتسرع هى بلهفة الى المنزل وتحضر صندوق الاسعافات الأولية خاصتها ثم تهرول عائدة إليه، تجلس أمامه بارتباك وهى تفتح الصندوق وتأخذ أدواتها من القطن والمطهر ومرهم الحروق والشاش، لتمد يدها وتمسك يده بحذر، أحست برعشة يده داخل يدها ليدق قلبها بعنف، نظرت الى ملامح المشدودة، وراته يجز عل أسنانه لا تدرى ألما أم أنه شعور آخر سيطر عليه..،

لا تدرى حقا فملامحه غامضة تشعرها بأن سليم قد أصبح شخصا آخر غير الذى أحبته، او ربما يخفى سليم الذى عشقته بداخله، يبعده عن الألم، لا تدرى أتبتعد ام تحاول إخراج سليمها القديم من بين طيات قلب أصابته الجروح فغلف نفسه بالقسوة يحمى به دقاته، أفاقت على صوته يقول ببرود:
مش هتفضلى طول اليوم قاعدة تبصيلى، ياتتحركى ياتسيبينى أتصرف..

تنحنحت قائلة فى خجل:
احم، أنا آسفة

ثم ركزت على يده وهى تميل عليها تطهرها وتضع عليها المرهم ثم تلفها بالشاش، غافلة عن ذلك الذى تنفس رحيق شعرها بعمق، انها رائحة الزهور، تماما كعطرها الذى تستعمله، والذى أثار حيرته منذ اليوم الأول لرؤيته اياها مجددا، يتعجب من تلك الرائحة الرقيقة والتى تنبعث منها دائما، يتساءل فى حيرة، هل غيرت عطرها؟

لو فعلت، لكان ذلك أفضل لها، فذلك العطر بالتأكيد أفضل الف مرة من عطرها القديم نفاذ الرائحة، شعر بازدياد دقات قلبه من قربها الشديد منه، من لمسة يدها ليده والتى أشعلت نيرانا قوية بجسده، وأيقظت به أحاسيس ظن انها ماتت ودفنها لتعود للحياة بقوة مع اول لحظة قرب منها...


look/images/icons/i1.gif رواية حب أعمى
  12-03-2022 09:26 مساءً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية حب أعمى للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

قالت ضحى بحيرة:
مالكم يابنات، ساكتين كدة ليه؟، ما تتكلموا ولا أنا بس اللى هفضل أتكلم؟
تنهدت نوران بحزن قائلة:
هنتكلم نقول ايه بس ياضحى؟

قالت ضحى بدهشة:
تقولوا ايه؟حاجات كتير ياست نوران، تقوليلنا مثلا عملتى ايه مع سليم، قابلك ازاى؟رد فعله كان ايه؟كل حاجة، كل حاجة، ده انا طول الأسبوع وفضولى هيقتلنى ولولا انك منبهة علينا منكلمكيش عشان متتكشفيش، كنت كلمتك عشان أعرف كل حاجة، ده انا قلت أول ما هتشوفينا مش هنعرف نسكتك

هزت نوران كتفيها بقلة حيلة ثم شرعت تسرد عليهم تفاصيل مقابلتها مع سليم حتى وصلت الى اتفاقه معها على أن تعمل خادمة لديه، لتقول ضحى باستنكار:
نعم ياأختى، خدامة، انتى يانوران تشتغلى عنده خدامة؟، طب ليه يابنتى كدة؟ايه الحب اللى كله عذاب ده، بناقصه خالص يانوران، هرجع واقولك انتى اللى عملتى فى نفسك كدة، رضيتى بالذل ده، مفيش راجل فى الدنيا يستاهل اللى بتعمليه ده ياحبيبتى

لتلتفت الى بدور قائلة:
ولا إيه يابدور؟
أفاقت بدور من شرودها قائلة فى حيرة:
ها، بتقولى حاجة ياضحى؟

رفعت ضحى حاجبيها قائلة:
بقول حاجة؟، لأ، انتوا النهاردة ناويين تفقعوا مرارتى، مالك انتى التانية فيكى ايه؟
توترت بدور وهى تقول:
مالى بس ياضحى وحياة أغلى ما عندك تفكك منى النهاردة وتركزى مع نوران، أنا مش فايقالك خالص

ظهر الغضب على ملامح ضحى وكادت ان تقول شيئا لتمسك نوران بيدها وتشير لها بعينيها ان تصمت فهى تعرف عصبية ضحى وغضبها الأعمى والذى يمكن أن يحرق الأخضر واليابس، كما ان بدور تبدوا فى حالة غير طبيعية ولن تتحمل كلمة من ضحى، يظهر حزنها فى عينيها المتورمتان، تبدوا كمن ظلت طوال الليل تبكى، مدت نوران يدها وربتت على يد بدور قائلة بحنان:
مالك بس يابدور؟، احكيلنا ياحبيبتى، احنا مش اخواتك ولا ايه، مش دايما بنحكى لبعض كل حاجة، ليه بس مخبية حزنك جوة قلبك وقافلة عليه..

وكأن كلمات نوران كانت ما تحتاجه بدور تماما، .لتندفع الدموع الى عينيها، وتنهار كلية، نظرت ضحى الى نوران بقلق، فبادلتها نوران نظراتها، يوقنان أن حالة بدور ورائها شخص واحد، نزار، لتقترب منها نوران بسرعة وتضمها، لتعلو شهقات بدور بين ذراعى نوران، بينما جلست ضحى تربت على ظهرها بحنان، غير مهتمين بالعيون الفضولية لرواد المطعم والذين نظروا لثلاثتهم بتساؤل، ليعودوا الى طعامهم مرة أخرى ويهتمون بشئونهم..،

هدأت بدور تدريجيا، وبدأت شهقاتها بالخفوت لتتوقف تماما وتصبح تنهيدات خفيفة، حتى تمالكت نفسها تماما لتخرج من حضن نوران، وهى تمسح دموعها بمنديلها، قالت ضحى بقلق:
طمنينا عليكى يابدور، دى اول مرة أشوفك بالشكل ده، انا قلبى وجعنى عليكى، ايه اللى مخبياه جواكى وخلاكى تنهارى بالشكل ده؟

تنهدت بدور ثم قالت بحزن:
لأول مرة من يوم ما اتجوزت نزار أحس ان جوازى منه كانت اكبر غلطة غلطها فى حياتى.
نظرت اليها الفتاتين بدهشة، لتستطرد بمرارة قائلة:
أول مرة احس انى خلاص مبقتش أحبه، بالعكس أنا يمكن كمان بدأت أكرهه

اعتدلت نوران قائلة فى صرامة:
عمل فيكى ايه؟
قالت ضحى بدهشة:
هيكون عمل ايه بس يانوران؟، ده نزار ابن عمها، حبيبها وجوزها، هتلاقيه بس مزعلها حبتين وبكرة،، .

قاطعتها نوران قائلة بحدة:
اسكتى انتى ياضحى
لتلفت الى بدور التى تجنبت النظر اليها قائلة فى حزم:
عمل فيكى ايه يابدور؟

نظرت ضحى الى بدور التى تخفض عينيها لتدرك أن الأمر اخطر مما تصورت، لتستمع الى صوت بدور وهى تقول فى ألم:
من يوم ما اتجوزنا وأنا استحملت منه حاجات كتير باسم الحب، غيرته، شكه، بس تعرفوا أسوأ حاجة ممكن تستحملها واحدة، ان جوزها اللى اتحدت الدنيا عشانه، ورغم رفض الكل ليه بردو صممت تتجوزه، استحملت كتير، كتير أوى، حتى مقاطعة أهلها ليها، وفى الآخر يطلع عكس ما كانت شايفاه، ياااه أد ايه الحب أعمى، بيعمينا عن اننا نشوف حقيقة اللى بنحبهم، ومع الأسف طلع الكل صح وانا اللى غلط..

ابتسمت فى سخرية مستطردة:
فى البداية كان الأمر بسيط، يشرب كل فترة وعذره انه كان فى حفلة وصحابه عرضوا عليه يشرب ومقدرش يكسفهم، ونزار لما بيشرب بيبقى واحد تانى، ضرب واهانة ورغم ده كله كنت بستحمل، وبصبر نفسى بإنى أكيد ممكن أأثر عليه وأقنعه يبطل شرب

قالت ضحى بألم:
انتى هابلة يابدور؟، ازاى استحملتى الضرب والاهانة بحجة الحب وانك ممكن تغيريه، افرضى فى مرة مكنش فى وعيه وضربك ضربة موتتك، ساعتها حبك ده كان هينفعك بايه، ها؟

ترقرقت الدموع فى عينى بدور قائلة:
قلتلك ياضحى الحب بيعمى، بيخليكى متشوفيش عيوب حبيبك، بيخليكى تفتكرى انك ممكن تقدرى تغيرى طبعه عشان يتوافق مع طبعك، وده اللى كان حاصلى لغاية ما فتحت عينية وشفت الحقيقة أدامى، نزار أدمن الخمرة، وبعد ما كان بيشرب كل فترة بقى بيشرب كل اسبوع وبعدين بقى كل يوم، واتحول نزار لواحد تانى..،

حياتى معاه اتحولت لجحيم، غلطتى بدأت تبان ادام عيونى كل يوم أكتر، أنا اتحديت الكل عشانه ياضحى، حتى انتى يانوران ياما حذرتينى منه، وانا مسمعتش كلامكم وكان لازم أتحمل نتيجة غلطتى لوحدى، لغاية...
وصمتت تنزل دموعها بغزارة ليدق قلب نوران خوفا مما هو آت، وتقول ضحى بقلق:
كملى يابدور، لغاية ايه؟

رفعت بدور عينين تقطران ألما ووجعا ومرارة وهى تقول:
لغاية ما اغتصبنى
شهقت نوران وهى تضع يدها على فمها تمنع صرخة كادت تنطلق من بين شفتيها بينما نظرت ضحى اليها فى صدمة، لتظهر على ملامحها الغضب بعد ذلك قائلة فى حدة:
انتى بتقولى ايه؟

قالت بدور فى خجل وهى تلاحظ نظرات البعض من حولها:
وطى صوتك ياضحى، الناس حوالينا
قالت ضحى بعصبية:
بلا ناس بلا زفت، انتى عارفة انتى قلتى ايه؟حاسة بالمصيبة اللى جوزك عملها

قالت نوران بألم:
خلاص ياضحى هى فيها اللى مكفيها، سيبيها تكمل
أشاحت ضحى بوجهها وهى تمنع نفسها بالكاد عن الذهاب الى ذلك الحيوان نزار والفتك به...

قالت بدور بانكسار:
الكلام ده كان من يومين وكان كالعادة شارب، هددته لو عملها مش هسامحه وهو مهموش كلامى، ولما حصل كرهته، وكرهت نفسى وكرهت جسمى. وقررت انى انفصل عنه رغم كل محاولاته بعد كدة عشان يعتذرلى، بس لأول مرة مقدرتش أقبل اعتذاره ولا أسفه وندمه، ويمكن ده صدمه لأنه اتعود يغلط وأسامح بس للأسف هو قتل جوايا كل ذرة حب حبيتهاله، قضى على كل مشاعرى اللى كانت بتغفرله..،

صممت على الطلاق وهو مرضاش، وسافر وقال انه هيسيبنى يومين أهدى فيهم، وأريح أعصابى، وانسى طلبى الغبى زى ما قال واللى مستحيل ينفذهولى، وفعلا سافر، بس فضلت مصممة على قرارى لغاية النهاردة الصبح..
وصمتت لتستحثها ضحى قائلة:
حصل ايه النهاردة يابدور؟، اتكلمى، أنا اعصابى مبقتش متحملة

ابتلعت بدور ريقها قائلة:
حسيت بدوخة الصبح وافتكرت ان البريود متأخرة عندى فخفت اكون حامل، اشتريت الاختبار عشان أتأكد ولما ظهروا الخطين الحمر واتأكدت انى حامل ساعتها بس حسيت بلعبة القدر

نظرت اليها الفتاتين فى صدمة لتهز رأسها قائلة فى مرارة:
أيوة أنا حامل، وطبعا حملى خلانى رجعت فى قرارى لإنى مستحيل هربى ابنى بعيد عن أبوه، وفكرت فى احتمال ان نزار لما يعرف بحملى يبطل شرب ويتغير علشان خاطر ابنه..
قالت ضحى باستنكار:
لأ مش هيتغير، ده ادمان يابدور

أشارت نوران لضحى بالصمت قائلة فى هدوء وموجهة حديثها الى بدور:
انتى عارفة يابدور انى عمرى ما حبيت نزار ولا بطيقه، بس مقدرش اقولك ابعدى ابنك عن ابوه، عشان كدة هقولك ادى لنزار فرصة أخيرة، عرفيه انه هيكون أب واطلبى منه يبطل شرب، ولو فعلا حاله اتصلح يبقى خير لكن لو فضل على حاله يبقى تبعدى عنه خالص وساعتها ابنك هيتربى معاكى ولوحدك، أحسن ما يتربى وسطيكوا

هزت ضحى شفتيها يمينا ويسارا قائلة:
والله انتوا الاتنين مجانين، بس هقول ايه، مفيش فى ايدى غير انى أدعيلك يابدور ربنا يهديه عشان خاطر ابنك اللى جاى فى السكة ده...
قالت نوران وعينيها تلمعان بالفرحة:
اتلهينا بنزار ونسينا نباركلك على حملك يابدور، الف مبروك ياحبيبتى

قالت بدور بابتسامة حزينة:
ربنا يبارك فيكى يانوران
قالت ضحى وهى تحتضنها:
الف مبروك يابدور، يارب تكون بنوتة وأخطبها لتيمو ابنى
قالت بدور:
خليكى كدة كل تفكيرك فى تيمو وناسية أبو تيمو

وكزتها ضحى فى ذراعها قائلة:
خليكى فى حالك، كفاية علية شهاب وكلامه، تقريبا اللى هو نفس كلامك.
قالت نوران بقلق:
خدى بالك ياضحى، مادام شهاب أخد باله واشتكى يبقى انتى مزوداها واللى زى شهاب بيبقى محتاج اهتمام أكتر من اى راجل تانى وإلا هيدور عليه فى حتة تانية

قالت ضحى مستنكرة:
ولا تانية ولا تالتة، متقلقيش ياماما، صاحبتك مسيطرة، الحكاية دى كلها تخلص بعشوة حلوة وفستان جميل، وأنسيه كل زعله منى
قالت بدور بابتسامة:
ياخوفى من ثقتك الزايدة دى بنفسك، لاتيجى فى يوم وليلة وتلاقى شهاب بيضيع منك ولا هينفعك ساعتها عشوة ولا فستان

شعرت ضحى بالقلق من كلمات صديقتيها، ولكنها نفضت ذلك الشعور جانبا، وهى تقول بابتسامة:
قلتلكم خليكم فى حالكم وملكوش دعوة بية، وبعدين تعاليلى ياست نوران وكمليلى حكايتك وقوليلى سى سليم عمل ايه هو كمان؟
نقلت نوران بصرها بين صديقتيها لتقول بهدوء:
هحكيلكم يابنات، هحكيلكم كل حاجة

جلس سليم فى الحديقة ينتظر مجئ نور اليه بفنجان القهوة كعادتهما سويا كل يوم، ليسمع خطوات تقترب منه، ولكن مهلا، فالقادمة ليست نور، بل انها دادة سعاد، تساءل فى حيرة، ترى الى أين ذهبت نور؟ أتكون قد ملت من أفعاله، أتكون قد اكتفت من قسوته، وانهكها العمل فأنهت تمثيليتها وذهبت دون رجعة، لا يعلم لماذا أحس بغصة فى قلبه وهو يفكر بتلك الاحتمالات، ليفيق على صوت دادة سعاد تقول فى حنان:
قهوتك ياابنى..

ابتسم فى حنان قائلا:
ربنا يخليكى لية يادادة
ربتت على كتفه قائلة:
ويخليك لية ياحبيب دادة
كادت ان تغادر لولا أن استوقفها صوت سليم المتردد وهو يقول:
دادة

التفتت اليه قائلة:
نعم ياحبيبى
ظهرت على ملامحه الارتباك لتبتسم دادة سعاد وهى تعلم بمكنون صدره ومايود سؤالها عنه، ليقول هو بتردد:
هى، نور، فين؟
قالت دادة سعاد:
استأذنت منى وخرجت، انت عارف انها من يوم ماجت هنا مخرجتش من البيت ياسليم، ومتقلقش هى قربت تيجى

عقد سليم حاجبيه قائلا:
وأنا هقلق ليه يعنى؟أنا، يعنى، كنت عايزها تساعدك، عشان متتعبيش يادادة
اتسعت ابتسامة دادة سعاد قائلة:
أنا مش تعبانة ياحبيبى، وهى ساعدتنى قبل ما تمشى
أومأ سليم برأسه فى هدوء، لتغادر دادة سعاد بابتسامة واسعة، تدرك أن سليم يفتقد وجود نوران، وأنه مجددا يقع فى حبها وبشدة...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 9 < 1 2 3 4 5 6 7 8 9 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1964 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1441 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1450 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1252 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2419 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، أعمى ،












الساعة الآن 09:18 AM