استيقظت زينة تشعر بالضعف، أحست بفراغ كبير حولها، اعتدلت تبحث عن طفلها فلم تجده، أصابها الوجل فنزلت من على السرير وارتدت روبها على عجل تغادر الحجرة بسرعة، بحثت عنه في كل أنحاء المنزل فلم تجده، أصابها الهلع، فاسرعت بالصعود مجددا واتجهت الى غرفة مروان تقتحمها دون استئذان فتوقفت متجمدة لمرأى هذا المشهد الذى أذاب قلبها،.
فهناك على السرير كان مروان نائما يضم الى صدره صغيرها الذى استكان داخل حضنه، محيطا خصر مروان بيده الصغيرة، اقتربت منهما دون أن تحيد بنظراتها عنهما حتى توقفت أمامهما تماما، ظلت هكذا للحظات تتأملهما وقد اغروقت عيناها بالدموع لتمد يدها تمسح دموعها ثم التفت مغادرة الحجرة لتتوقف عند الباب تلقى عليهم نظرة أخيرة قبل ان تمسك قبضة الباب تغلقه بهدوء، ليفتح مروان عينيه في تلك اللحظة وينظر الى الباب المغلق بألم، لقد شعر بها منذ اللحظة الأولى لدلوفها الى الحجرة ولكنه لم يستطع أن يفتح عينيه، يخشى أن يرى في عينيها تلك النظرة التى تجعله يضعف، والتى منحته إياها عندما كانت تستفيق من اغماءتها، يخشى أن يصبح ضحية لها مجددا، فإن استسلم الآن فبالتأكيد ستكون تلك هي نهايته، نظر الى وجه الصبى الذى يبدو تماما مثلها، ليشعر بدقات قلبه تزداد وهو يشعر لأول مرة منذ رأى زينة مجددا بالراحة ولو قليلا، لا يهم من أي رجل أنجبته زينة ولكن ما أصبح يدركه الآن أنه يشعر كما لو كان ذلك الطفل هو ولده، من لحمه ودمه، وهذا يكفيه، إلى الآن.
توقفت سوزى بسيارتها خلف تلك السيارة التى يتم تفتيشها من قبل إحدى دوريات الشرطة والتى تظهر تلك الأيام فجأة على بعض الطرق لتقوم بتفتيش السيارات، منذ أن أعلن عن حالة الإستنفار الأمني بعد تلك العملية الارهابية والتى قام بها بعض الأشخاص في سيارة مفخخة الأسبوع الماضى وأدت الى مقتل الكثيرين، زفرت في ملل فهذا ما ينقصها لتتأخر عن جلسة التدليك والتى ستريح أعصابها قليلا بعد لقاءها اليوم مع عدنان، هل جن؟يريدها ان تلقى بنفسها مجددا في طريق مروان بعد أن كانت السبب في تدمير حياته عندما رفضها وألقاها خارج حجرته كحشرة لا قيمة لها، لتعلم بعد ذلك علاقته بتلك الخادمة الحقيرة وتشعر وقتها بأنه قد آن الأوان لتتخلص من تلك الخادمة خاصة وأنها تعلم عنها وعن علاقتها بعدنان بعد ان ضبطهما سويا ذات مرة ولولا أن هددتها سوزى بأنها ستتهمها بالسرقة وانها ستسجنها ان لم تلتزم الصمت لكانت وشيت بها الى مروان، لتظل زينة صامتة، ولكنها كانت ترمقها دائما بنظرات حادة نافرة كادت أن تخرجها عن طورها، أيقنت وقتها انها لتتخلص من زينة وتحصل على مال سعيد كان لابد وأن تتخلص من مروان نفسه، لتلجأ الى عدنان ليخلصها من مروان، فألقاه بعلاقاته في المعتقل، ثم منحته زينة ليتاجر بها في سوق الرقيق خاصته وقد كذبت عليه في حينها وأوهمته أن زينة قد اقامت علاقة مع زوجها وأنها تخشى ان تسيطر عليه ويكتب لها ثروته، ولكن عدنان لم يبيعها وانما احتفظ بها في بيته...
هذا المجنون، فها هي قد استطاعت الهروب ولو وجدها مروان وأخبرته بكل ماتعرفه، سيستنتج هو الباقى و سيكون انتقامه منهما خياليا. اقتربت بسيارتها من الضابط الذى اشار اليها لتتقدم، ثم شرع يفتش السيارة وهي تنقر على المقود في عصبية، حتى تقدم منها الضابط وهو يمسك في يده كيسا أبيض اللون، يقول في صرامة: بطاقتك وانزليلى. نظرت اليه في دهشة قائلة: انت بتكلمنى انا؟ قال الضابط بحدة: لأ بكلم أمى، البطاقة وانزليلى يلا.
هبطت سوزى من السيارة في غضب وهي تقول: انت ازاي تكلمنى بالطريقة دى، انت مش عارف أنا مين؟ أشار الضابط بيده قائلا: ان شا الله تكونى بنت الوزير، هتروحى في داهية على ايدى ياحثالة المجتمع، يا اللى امثالك بيدمروا شبابه واطفاله. عقدت سوزى حاجبيها قائلة في حدة: انت بتقول ايه؟انت اكيد إتجننت ياحيوان إنت؟ اقترب الضابط من وجهها وهو يرفع ذلك الكيس الأبيض بيده قائلا في غضب:.
معاكى ٢ كيلو هيروين، وبتشتمى ظابط كمان، ورحمة أمى لأوديكى ورا الشمس. ثم اشار لأحد أعوانه قائلا في حدة: خدها ع البوكس، واشار لأمين شرطة آخر وهو يضرب على السيارة بيديه قائلا: اركنلى العربية دى بعيد، خلينى أشوف شغلى. أسرع الجميع بتنفيذ اوامره بينما صعدت سوزى الى الجزء الخلفى من سيارة الشرطة لتمسك حقيبتها وتخرج هاتفها لتتصل بالرقم الوحيد والذى خطر ببالها الآن قائلة بانهيار: عدنان، الحقنى ياعدنان.
كان نبيل يجلس على الأريكة ينظر الى صورها الجميلة على اللاب توب، لقد وجد نفسه رغما عنه يبحث عنها على الانترنت، ليجد صورها العديدة، حملت اليه تلك الصور أسعد لحظات حياتها والتى نقلتها هي على صفحة التواصل الاجتماعى الخاصة بها، ليراها في تلك الصورة تضحك وفى الصورة الأخرى تلهو مع صديقاتها، أما تلك الصورة فالتقطت لها وهي تحمل زهرة تستنشقها برقة تخلب الألباب، بينما تلك الصورة التقطت لها وهي تضم سيدة جميلة رغم كبر سنها الواضح على شعيراتها البيضاء والتى صففتها بأناقة، ليوقن أنها تلك الجدة التى سمع عنها، وتلك صورة أخرى لها مع أخيها في احدى الحفلات وهي تبتسم له تلك الابتسامة الرائعة والتى يبدو انها تخصه بها وحده، فقد رآها تبتسم له نفس الابتسامة في المكتب حين قابلها للمرة الثانية.
افاق من افكاره التى تدور حولها على دلوف فتون الى الحجرة قائلة: فاضى يانبيل شوية؟ اغلق نبيل شاشة اللاب توب ووضعه جانبا وهو يقول: ولو مش فاضى، افضالك يافتون، تعالى اقعدى. تقدمت منه فتون لتجلس بجواره قائلة: عرفت حد من الشركة ممكن يساعدنا عشان يخلى رجالتنا يظبطوا الشحنة اللى هتيجى من باريس الشهر الجاي؟ قال نبيل: لسة يافتون، انا في دماغى اتنين بس الموضوع عايز صبر، مينفعش نستعجل والا الدنيا هتبوظ مننا.
نهضت فتون قائلة في عصبية: أصبر ايه بس، مفيش وقت يا نبيل، بقولك الشحنة هتيجى الشهر اللى جاي. أمسك نبيل يدها يجلسها في هدوء قائلا: اهدى بس يافتون، الراجل اللى هنعمل معاه الديل شغله مشبوه أصلا، يعنى من غير ما نظبط الشحنة هيروح ياسين في داهية، بس كل اللى بنعمله ده اجراءات أمان مش أكتر، وبعدين ياستى في خلال الاسبوع ده بالكتير هيكون الراجل ده عندك، كويس كدة؟ اومأت فتون برأسها قائلة:.
ماشى يانبيل وأنا مستنية، إلا قوللى، أخبار الشركة ايه في لبنان، أنا مش فايقة خالص اتابع أي حاجة هناك. ابتسم نبيل قائلا: كل شئ ماشى زي ما انتى عايزة وأكتر، مالك بس؟بقيتى عصبية أوى اليومين دول. عادت فتون لتجلس وهي تزفر قائلة: مش عارفة يانبيل، مخنوقة أوى، وقلقانة، فيه شوية حاجات كدة متلخبطة جوايا وعايزة اظبطها عشان أركز في خطتنا. لتشيح بيدها قائلة: سيبك انت، انا هعرف أظبط أمورى. لتمسك اللاب وهي تقول:.
هات كدة اما اشوف أخبار البورصة ايه؟ كاد ان يبعده عنها ولكنها كانت قد فتحت شاشته لترى تلك الصور لدارين تزينها، عقدت حاجبيها وهي تنظر الى تلك الصور ثم تنظر الى نبيل الذى اطرق برأسه في خجل لتقول فتون بهدوء: انت عارف دى تبقى مين؟ اومأ برأسه في صمت لتستطرد هي قائلة: يعنى عارف ان مفيش مستقبل ممكن يجمعكم. نهض نبيل قائلا في عصبية:.
عارف يافتون، عارف، بس انا اتعلقت بيها قبل ما أعرف إنها تقربله، عموما خلاص، أنا نسيت الموضوع ده بعد ما عرفت انها أخته. وجهت فتون شاشة اللاب المليئة بصور دارين تجاه نبيل قائلة في سخرية: لأ واضح انك نسيتها. تأمل نبيل ملامح دارين لترق نظراته رغما عنه وهو يقول في ألم: بحاول يافتون، والله بحاول بس غصب عنى، مش قادر. تأملت فتون ملامحه لثوانى ثم قالت: خلاص يبقى متنسهاش. عقد نبيل حاجبيه وهو ينظر اليها قائلا:.
قصدك ايه؟ نهضت فتون لتواجه عينيه قائلة: قصدى انتقامنا يضم دارين يانبيل. قال نبيل باستنكار: لأ طبعا، انتى بتقولى ايه؟، احنا متفقناش على كدة يافتون، متفقناش ندخل حد برئ لعبتنا. صرخت فتون قائلة: وميسون مكنتش بريئة يانبيل لما قتلها، قوللى، كانت بريئة ولا لأ؟ قال نبيل في هدوء: احنا مش زي ياسين يافتون، مستحيل نقتل وخصوصا لو روح بريئة. قالت فتون وهي تحاول ان تتمالك نفسها:.
وأنا مقلتش ان احنا هنقتلها، احنا يادوب هنكسر قلبها، انت مشفتش بيحبها ازاي؟كسرة قلبها هتضعفه يانبيل. قال نبيل: بس... قاطعته قائلة: من غير بس، دارين خلاص دخلت جوة اللعبة ولو انت مش عايز تنفذ هشوف حد غيرك ينفذ يانبيل، قلت ايه؟
لم يستطع نبيل تخيل دارين مع أحد سواه، ولن يستطيع أيضا أن يحطم قلبها بتلك الوحشية، ليضطر مرغما على هز رأسه موافقا حتى يرى مع الأيام كيف يحل تلك المعضلة، لتبتسم فتون وهي تقترب منه وتربت على كتفه قبل أن تغادر تتبعها عينا نبيل، يدرك ان فتون لم تعد كما كانت من قبل، انتقامها يحولها لفتاة أخرى، هو فقط يخشى عليها ان تفيق يوما لتندم على كل شئ ولكن بعد فوات الأوان.
الفصل الثانى عشر جلست فتون على مكتبها تنظر إلى تلك الصور على هاتفها، حددت الكل، ثم ترددت لثوان قبل أن تضغط على زر المسح ولكنها حسمت امرها و قامت بالضغط في ألم، لتجيئها رسالة تسألها (هل أنت متأكد من أنك تريد مسح الكل؟) لتضغط على نعم، نزلت من عينيها دمعتان وهي تقول بهمس مرير:.
سامحينى ياميسون بس كان لازم أمسح صورك من على تليفونى، أنا مش مستعدة غلطة واحدة تضيع كل اللى بعمله عشان أنتقم لموتك، سامحينى ياحبيبتى. مدت يدها تمسح تلك الدمعات ليرتسم التصميم في عيونها وهي تأخذ بعض الأوراق وتتجه الى حجرة ياسين بخطوات حازمة.
رمق مروان محمود بتلك النظرة الصارمة و التى ترعب قلوب من لا يعرفه، ورغم أن محمود بات يعرف مروان جيدا وبات يدرك ايضا أن تلك النظرة هي شئ ملازم لشخصية مروان، فأصبح معتادا عليها إلا أنها مازالت توجس قلبه خيفة وتجعله يشعر بالقلق، خاصة عندما تمتزج مع تلك النبرة الصارمة والتى تحدث بها مروان حين قال: خير يامحمود؟ قال محمود بارتباك:.
انا، إنبارح، ولإنشغالك طبعا، مضيت على العقد بسرعة من غير ما تعرف التفاصيل وكان لازم آجى لحضرتك النهاردة عشان أوضحلك الشروط اللى اتفقنا عليها وكمان فيه كذا ورقة تانيين محتاجين لإمضتك. أومأ مروان برأسه وهو يشير اليه بيده كي يجلس قائلا: ياسين قاللى على الشروط وتفاصيل العقد، ورينى بقى الورق التانى عشان أشوفه.
ناوله محمود ملفا به بعض الأوراق ففتحه مروان وبدأ في قراءة صفحاته ليزيلها بامضاءه، حين تناهى الى مسامعه صوت طرقات على الباب يعرفها جيدا، وقبل ان يتفوه بحرف، فتح الباب لتدلف زينة بهدوء تحمل صينية عليها فنجالين من القهوة، تقدمت الى المكتب تتابعها عينا مروان في غيظ وهو يلاحظ تعلق نظرات محمود بها، وما ان وضعت الصينية على المكتب وكادت أن تغادر حتى قال محمود بسرعة: من فضلك يا...
وترك جملته معلقة ليجز مروان على أسنانه وهي تنظر الى محمود قائلة في رقة: زينة. لمعت عينا محمود وهو يقول: ممكن تجيبيلى كوباية مية يازينة؟ قال مروان في حدة: ما المية أدامك أهى يامحمود؟ نظر اليه محمود في دهشة من حدته ليقول متلعثما: المية دى، باردة، وانا، يعنى، معدتى واجعانى النهاردة، فكنت، عايز كوباية مية عادية. قال مروان موجها حديثه الى زينة بغيظ: هاتيله كوباية مية مش باردة وابعتيها مع دادة تحية، مفهوم؟
أومأت زينة برأسها في هدوء ثم انصرفت تتابعها عيون محمود، شعر مروان انه على وشك أن يرتكب جريمة قتل، ليقرر انه منذ تلك اللحظة سيمنعها من أن تتواجد قربه عندما يكون لديه ضيوف، خاصة ضيف مثل محمود يعلم جيدا ولعه بالنساء، أسرع يتفحص الأوراق، حين طرق الباب مجددا ودلفت زينة تحمل كوب الماء ليشعر مروان بالغليان وهو يقول بغضب: أنا مش قلت دادة تحية اللى تجيبها، انتى اطرشتى ولا بتعاندينى؟
أحست زينة بالخجل لتعنيفه إياها أمام هذا الغريب، لتقول وقد بدأت الدموع تغزو مقلتيها: لا اطرشت ولا بعاندك، دادة تحية كانت هتجيبها فعلا بس داخت وانا قلتلها ترتاح. أوجعته تلك الدموع التى ملأت عيونها وتلك النبرات الضعيفة في كلماتها ولكنه عاد يقسى قلبه مقنعا إياه بأنها لا قلب لها ليتأثر، وأن دموعها تلك ماهي إلا دموع التماسيح تماما، ليقول ببرود: طب سيبى المية اللى في ايدك دى، وأدامى نشوف دادة تحية.
وضعت كوب الماء أمام محمود، وهي تنكس رأسها ثم اتجهت لمغادرة المكتب يتبعها بهدوء ولكنه توقف لثوان يقول لمحمود: استنانى يامحمود، انا مش هتأخر. اومأ محمود برأسه في هدوء بينما غادر مروان ليقول محمود بهمس:.
أقطع دراعى ان ما كان بين مروان وزينة دى حاجة، وهناك في الشركة ياسين وفتون كمان، خليهم كدة مكوشين على أجمل بنات شافتهم عينية وخليلى انا اللى اتجوزتها وقاعدالى في البيت فاكرة نفسها ياما هنا وياما هناك، تيجى تشوف المزز عشان تعرف انى اتجوزت واحد صاحبى، ربنا يرحمك ياأمة، اخترتيهالى، وخلعتى، دبستينى تدبيسة العمر، يلا بقى، هقول ايه، الدنيا اصلها حظووووظ.
حمدت فتون ربها على عدم تواجد تلك السكرتيرة والتى تثير اعصابها غيظا لتقترب من باب حجرة ياسين وتطرقه بهدوء وما ان إستمعت الى صوته يسمح لها بالدخول حتى دلفت الى الحجرة، توقفت عند الباب تشعر للحظة بأن ياسين قد تفاجئ بها قبل ان تعود ملامحه غامضة لا تعبر عن شئ وهو يقول: اتفضلى يافتون، واقفة عندك ليه؟ اقتربت منه وجلست قبالته وهي تضع تلك الاوراق في يدها على المكتب أمامه قائلة:.
دى أوراق عرض مقدماه شركة وليد السكرى، لما سألنى وليد عن شركة يثق فيها عشان تاخد توكيل حصرى بتسويق منتجاته في مصر ملقتش طبعا أحسن من شركتنا، الورق أدامك راجعه وقوللى رأيك، أنا هكون في مكتبى.
ونهضت لتغادر بينما انتابت ياسين مشاعر شتى تجمع مابين الغيرة والحنق، الغيرة لنطقها اسم ذلك الوليد بأريحية، بل إنه يشعر انها تتحدث بأريحية عن كل الرجال في حياتها بشكل يثير غيرته وغضبه، يتساءل عن كم الرجال الذين عرفتهم في حياتها وهل وقعت في حب أحدهم؟ويشعر بالحنق من نفسه ايضا لتفكيره بتلك الطريقة وتساؤلاته التى أصبحت كلها تدور حول تلك المرأة الغامضة والتى يريد بكل ذرة في كيانه أن يسبر أغوارها، وجد نفسه رغما عنه يقول:.
استنى يافتون. ابتسمت بانتصار، قبل ان تختفى تلك الابتسامة من على وجهها وهي تلتفت اليه قائلة في براءة مصطنعة: خير ياياسين؟ أشار لها بالجلوس مجددا وهو يقول: اقعدى نشرب فنجال قهوة وندرس الورق ده مع بعض. قالت في تردد مصطنع: خايفة، يعنى، اضايقك بوجودى. قال في هدوء: لأ طبعا مش هتضايقينى احنا خلاص بقينا شركا، ومصلحتنا واحدة، ولا ايه؟ ابتسمت وهي تجلس قائلة: طيب بما اننا شركا، فلية طلب عندك.
نظر اليها متساءلا لتستطرد قائلة: انا بعت اجيب مديرة مكتبى سعاد من بيروت لكن نبيل دلوقتى من غير مديرة مكتب وبصراحة آخر مديرة مكتب ليه طلعت مش كويسة فمحتاجة مديرة مكتب يكون عندى ثقة مطلقة فيها ومش هلاقى حد أثق فيه أكتر من دارين أختك. نظر اليها ياسين للحظات دون أن ينطق مما أثار اضطرابها، ولكنه مالبث ان قال بهدوء: وأنا موافق يافتون، حاجة تانية؟ ابتسمت فتون وقلبها يزفر بارتياح قائلة:.
أنا مش عارفة أشكرك إزاى ياياسين، يلا بقى اطلبلنا القهوة عشان ندرس الورق. رفع ياسين سماعة هاتفه وهو تائه في تلك الابتسامة الخلابة خاصتها ليسألها بشرود قائلا: قهوتك ايه يافتون؟ نظرت الى عمق عينيه وهي تقول بهدوء: بلاك ياياسين، قهوتى بلاك. لتبتسم في داخلها وهي تقول لنفسها في صمت: زي أيامك الجاية معايا ياياسين تاج الدين.
قالت سوزى في عصبية: بقولك اتصرف ياعدنان، أنا مش ممكن أبات يوم واحد في المكان ده. تراجع عدنان في المقعد الذى يجلس عليه قائلا بهدوء: هتصرف ازاي بس ياسوزى، انتى ممسوكة ب ٢ كيلو هيروين، يعنى تهمة الاتجار لابساكى، انا مش عارف ازاي تمشى بالكمية دى في عربيتك، طب كنتى قوليلى وانا كنت خليت رجالتى صرفوهالك. قالت سوزى بعصبية:.
يصرفوهالى ايه بس ياعدنان؟، انا والله ما اعرف حاجة عن الهيروين ده، ولا أعرف ازاي لاقوه في شنطة عربيتى. عقد عدنان حاجبيه قائلا: يعنى الهيروين ده مش بتاعك؟ قالت سوزى في حدة: لأ طبعا مش بتاعى، أنا مليش في الحاجات دى وانت عارف. تظاهر عدنان لثوان بالتفكير ليقول بعدها: تفتكرى يكون مروان هو اللى عملها؟ اتسعت عينا سوزى في صدمة قائلة: تفتكر؟دى تبقى مصيبة. قال عدنان بهدوء:.
ولا مصيبة ولا حاجة، عموما معتقدش انه مروان، وبعدين هو لو عايز يوديكى في داهية فيه حاجات أكتر من كدة ممكن يعملها، اهدى بس وانا هشوف طريقة أطلعك بيها من هنا، بس بشرط. عقدت سوزى حاجبيها قائلة: شرط ايه ياعدنان؟ مال عدنان للأمام ليقترب منها قائلا: تنفذى الاتفاق بتاعنا. تراجعت سوزى في مقعدها قائلة بصدمة: انت بتقول ايه؟ تراجع عدنان بدوره في مقعده قائﻻ:.
اللى سمعتيه ياسوزى، هتبقى عينى على مروان وتنقليلى أخباره هطلعك من الموضوع ده زي الشعرة من العجين، هترفضى يبقى خليكى هنا، تاخدى عشر سنين سجن، مؤبد، اعدام، انتى ونصيبك بقى، سلام. نهض عدنان ليغادر ولكن قبل ان تمس يده قبضة الباب تناهى الى مسامعه صوت سوزى يقول بلهفة: استنى ياعدنان. التفت اليها لتستطرد قائلة في ضيق: أنا موافقة. اومأ عدنان برأسه قائلا:.
اندفع مروان باتجاه دادة تحية التى جلست على مقعدها في وهن، ليقول بقلق: دادة تحية، انتى كويسة؟ رفعت دادة تحية عينيها اليه قائلة: أنا كويسة ياابنى، متقلقش. ثم نظرت الى زينة التى وقفت بجوار مروان وهي تقول بعتاب: ليه بس يابنتى قلتيله؟، أنا مش قلتلك متقوليلوش. قالت زينة بأسف: والله يادادة غصب عنى... قاطعها مروان وهو يجلس على ركبتيه يمسك بيدي تحية بين يديه قائلا في عتاب:.
ازاي بس مكنتيش عايزانى أعرف يادادة، انتى متعرفيش غلاوتك عندى ولا ايه؟انتى بقيتى في مكانة أمى الله يرحمها، وقلقى عليكى وعلى صحتك زي ماتكونى هي تمام. ابتسمت دادة تحية وهي تقول بحنان: الله يرحمها يامروان، ربنا يعلم انك كمان بقيت ابنى اللى مخلفتوش، ربنا يخليك لية ياحبيبى ويباركلى في عمرك.
نظرت زينة اليهما وقد اغروقت عيناها بالدموع، ترى معاملة مروان لدادة تحية لتدرك أن مروان من الممكن أن يحمل عاطفة لأحدهم ولكن بالتأكيد لم ولن يحملها لها، أفاقت من افكارها على صوت مروان يقول بحزم: أنا هتصل بالدكتور سعد ييجى يطمنى عليكى يادادة. قالت تحية بنفي: ملوش لزوم يامروان، هي أيام بقضيها قبل ما أقابل رب كريم. جلست زينة على ركبتيها بدورها تقول في لهفة وهي تمسك يد تحية: بعيد الشر عنك يادا...
توقفت عن الكلام وهي تنظر بصدمة الى يدها التى بدلا من ان تضم يد دادة تحية وجدتها تضم يد مروان المتمسكة بيد الدادة، لتشعر بارتجافة هزت كيانها، تشعر بحرارة يديه التى انتقلت الى يديها ثم الى وجنتيها، و اللتان اشتعلتا وأصبحتا كالجمرة الحمراء، وجدت نفسها ترنو بعينيها باتجاه مروان لتتوقف الثوانى وهي تجده قريبا منها يتأمل وجنتيها المشتعلتين بعيون غائمة بالمشاعر ثم يرمقها بنظرة طويلة حملت لها ذبذبات قوية هزت كيانها، تاهت بين ثنايا تلك المشاعر التى حملتها عينيه إليها، كانت ظلال لمشاعر عديدة مضت، ذكرها هذا الرجل الغارق في ملامحها الآن بذلك الرجل الذى وقعت في حبه بالماضى، ظلا هكذا يتبادلان نظرات تحمل توقا وعشقا، ليتحول العشق فجأة ويصبح لوما ثم حنقا ليكون مروان هو أول من يشيح بنظراته عنها فأفاقت من سحر نظراته لترفع يدها ببطئ عن يده، تشعر بالبرد فجأة وهي تنهض بسرعة قائلة بارتباك وموجهة حديثها إلى تحية:.
أنا، هطمن على فارس وأرجعلك علطول يادادة. قالت دادة تحية بابتسامة حانية: روحى يابنتى. غادرت تتبعها عيون مروان ليفيق من شروده على صوت تحية وهي تقول بحنان: هي دى زينة اللى حكيتلى عنها يامروان، صح؟ نكس مروان رأسه في حزن قائلا: أيوة هي. مدت دادة تحية يدها لترفع بها ذقنه فتواجهها عيناه الحزينتين، لتقول بهدوء: لسة بتحبها؟ نهض مروان في عصبية وهو يمرر يده في رأسه قائلا في ضيق:.
مش عارف يادادة، المفروض ميبقاش في قلبى غير مشاعر الكره من ناحيتها، بس غصب عنى بلاقى قلبى بيحنلها، كل ماعينى تيجى في عنيها بلاقينى بشتاق لذكريات بحاول امحيها من قلبى وعقلى بس مش قادر، مش قادر يادادة. حاولت دادة تحية النهوض فلم تستطع وكادت ان تسقط ليسرع مروان باسنادها مجددا كي تجلس على كرسيها، وهو يقول بقلق: يادادة انتى شكلك تعبان أوى، انا هكلم الدكتور ييجى يطمنى عليكى.
كاد ان يغادر كي يحضر هاتفه من حجرة مكتبه ولكنها استوقفته وهى تمسك بذراعه قائلة في ضعف: استنى يامروان واسمعنى. عاد اليها مروان يجلس مجددا على ركبتيه لتقول هي بهدوء:.
اسمع يامروان من واحدة شافت كتير في حياتها وعرفت اكتر، زينة اللى حكيتلى عنها مش زينة اللى عرفتها أنا، يمكن كانت كدة زمان بس اللى أنا متأكدة منه انها اتغيرت، زينة اللى حكيتلى عنها قاسية ومعندهاش قلب، انما زينة اللى عرفتها واللى أدامى دلوقتى طيبة وغلبانة أوى وكل اللى محتاجاه إيد تطبطب عليها، يمكن شافت كتير واللى شافته غيرها، بس اللى انا متأكدة منه كمان انها بتحبك.
نظر اليها مروان باستنكار لتقول بتأكيد: زي ما بقولك كدة، بتحبك، وتعرف ايه الشئ الغريب في قصتكم دى؟ عقد حاجبيه لتستطرد قائلة: ان هي كمان بتقاوم حبها ليك، زي ما بتعمل بالظبط يامروان.
ظهر التفكير على وجه مروان لثوان، يتساءل عن كلمات تحية والتى أثارت داخل عقله العديد من التساؤلات، والشكوك، لينفض أفكاره التى تضعفه مجددا وهو يدحض كل شكوكه فلو كانت تحبه ماتخلت عنه قط، لو كانت تحبه مافعلت ذلك مطلقا، ليأخذ نفسا عميقا وهو يهز رأسه قائلا في حزم:.
معتقدش يادادة، بس حتى لو كلامك صح رغم ان ده شئ عقلى مش قادر يصدقه، ففيه حواجز كتير عملت سد منيع بينى وبينها، فمبقاش ينفع يكون بينى وبينها أي قصة، أنا مبقتش قادر أثق فيها تانى، وغير كدة، فيه حاجة قضت على أي أمل انى أغفر لها غلطتها معايا زمان، دى واحدة نامت مع غيرى بدل المرة عشرة وعشرين، تفتكرى واحدة زي دى تنفعنى يادادة، مستحيل طبعا، سيبك منها ومن سيرتها وخلينا فيكى دلوقتى، انا هروح اجيب التليفون عشان اكلم الدكتور، ثوانى وأرجعلك.
أسرعت زينة باتجاه حجرتها، وهي تمسح دموعها المتساقطة بغزارة، لقد تعللت بالاطمئنان على فارس حتى تجد فرصة لتتمالك نفسها بعد تلك المشاعر التى غزت كيانها وعندما عادت لتطمئن على دادة تحية إستمعت اليه وهو يقول عبارته الأخيرة، عبارته التى مزقت فؤادها، كلماته عن أنها غانية استسلمت للعشرات غيره، حقا كم آلمتها كلماته، وآلمها انه قالها لدادة تحية، تلك السيدة الطيبة والتى تذكرها بدادة نجاة من جحر الشيطان، كليهما يتشابهان في طيبة القلب والحنان والمشاعر الكثيرة والتى أغدقاها عليها، ترى فيم تفكر الآن دادة تحية؟وكيف تراها؟، ثم حتى وان كانت كما وصفها مروان، ألم يكن هو السبب في كل ما حدث لها؟أينكر الآن أنه من ألقى بها الى المجهول لترى ألوانا من العذاب؟أيلقيها في جحر الشيطان ثم يلومها على ما أصبحت عليه؟حقا ياله من مغرور لا قلب له ولا ضمير، ربما سيمنحها الله القوة يوما ما لتجعله يدفع ثمن ما فعله بها، نعم ربما.
كانت فتون تجلس مع ياسين يتناقشان في بنود الصفقة، لتنظر فتون إلى ياسين وهو يتحدث بجدية وعملية وحرفية تليق برجل أعمال محنك، لتبدو في عينيها رغما عنها نظرة اعجاب شعرت بها في أعماقها، توقف ياسين عن الحديث وهو يلتقط تلك النظرة ليشعر بقلبه تزداد نبضاته، ناداها قائلا: فتون. كانت فتون شاردة فلم تنتبه إلى ندائه، مد يده يلمس يدها القابعة على مكتبه قائلا: فتون، روحتى فين؟
أصابتها صاعقة حين شعرت بيده تلمس يدها فانتفضت بقوة وهي تبعد يدها عن يده قائلة: ها، لا، أبدا، أنا هنا أهو، بس، الظاهر منمتش كويس وفنجال القهوة مفوقنيش، أنا، أنا بقول كفاية كدة النهاردة ونكمل بكرة، عن إذنك. ونهضت بسرعة تنوى المغادرة ليستوقفها صوت ياسين وهو ينادى باسمها قائلا: فتون، استنى. التفتت إليه في حيرة لتراه يتفحص ملامحها المضطربة في هدوء قبل أن يقول: نسيتى الفون بتاعك.
نظرت فتون إلى هاتفها الموضوع على المكتب لتضرب على رأسها بخفة قائلة: شفت، مش قلتلك منمتش كويس. لتتجه إليه تأخذ الهاتف ثم تقول: سلام. أومأ برأسه قائلا: سلام. غادرت الحجرة تتابعها عينا ياسين الذى قال في همس قلق: ياترى خوفك من لمستى وقلقك ده هو خوف من الرجالة عموما؟، ياترى حصل في ماضيكى حاجة خوفتك مننا ولا الخوف ده يخصنى أنا لوحدى يافتون؟ ليظل سؤاله عالقا بلا إجابة تريح قلبه المتخبط بين أضلعه.
استمع نبيل الى طرقات خفيفة على الباب، ليأمر الطارق بالدخول وهو يخلع عن عينيه نظارته ويغمضها ممسكا ذلك الجسر بين عينييه بارهاق ليفتح عينيه على اتساعهما وهو يسمع صوتها الرقيق يسأله في رقة: انت كويس يامستر نبيل؟ نظر اليها يتأمل ملامحها الرقيقة في دهشة، يتساءل هل وجودها حقيقة ام خيال؟ ليصيبها الارتباك والخجل من نظراته المتأملة لها، تنحنحت قائلة: احم، مستر نبيل؟ إنت كويس؟
افاق من صدمته وهو يعتدل لابسا نظارته مجددا وهو يقول: احم، أيوة، انا، كويس ياآنسة...؟ ترك جملته معلقة يتظاهر بنسيان اسمها لتقول هي برقة: دارين، اسمى دارين. اومأ براسه قائلا: تشرفنا، خير ياآنسة دارين؟ قالت بهدوء: مستر ياسين خلانى مديرة مكتبك من دلوقتى... قاطعها قائلا: هو مش ياسين أخوكى؟ نظرت اليه في دهشة قائلة: ايوة، ليه؟ نهض نبيل من مقعده ليقترب منها قائلا: ابدا، استغربت بس عشان بتقوليله مستر.
ابتسمت دارين برقة قائلة: احنا في الشغل وده معناه منشيلش الرسميات ما بينا، هو رئيس الشركة وانا موظفة عنده. تاه نبيل في ابتسامتها الساحرة ثم مالبث ان رنت كلماتها في رأسه لينتبه لها قائلا وقد عقد حاجبيه فجأة: انتى بتقولى ياسين خلاكى مديرة مكتبى؟
اومأت برأسها في حيرة وهي تتعجب من تغير حالة ذلك المدعو نبيل ما بين الثانية والأخرى، تظن لبرهة انه سعيد لوجوده معها ليؤكد في اللحظة التالية أنه لا يطيق وجودها بجواره، بل يرفضه تماما، أفاقت على صوته وهو يسألها قائلا: انا مطلبتش حاجة من ياسين، مين اللى قاله انى محتاج مديرة لمكتبى. تأكد لدارين انه لايريدها ان تعمل معه لتقول في كبرياء يليق بفتاة من عائلة تاج الدين:.
آنسة فتون اللى قالتله بس لو حضرتك مش حابب إنى أشتغل معاك فأنا هبلغ مستر ياسين بالوضع حالا وأكيد هيلاقيلك حد تانى. ثم التفتت مغادرة ليوقفها صوت نبيل الذى قال بلهفة ظهرت في نبراته: استنى يادارين. التفتت تشعر بالدهشة من نبراته الملهوفة ونطقه اسمها دون ألقاب وبتلك الصورة التى شعرت بها تزيد من دقات قلبها ليشعر نبيل بأنه قد تسرع ليقول بهدوء:.
أنا مقلتش انى مش عايز أشتغل معاكى، بالعكس، أنا، أنا آسف لو سؤالى وصلك الإحساس ده، بس اللى عايزك تكونى متأكدة منه إنى سعيد جدا بشغلك معايا. ابتسمت وهي تشعر بالسعادة بداخلها لنظراته ونبرات صوته والتى استشعرت فيهم صدق كلماته، لتقول برقة: تمام أوى، وأنا كمان... لتشعر بالخجل ووجنتيها تشتعلان بالحمرة وهي تستطرد قائلة: احممم، أنا كمان سعيدة بالشغل مع حضرتك، ثوانى وهجيب لحضرتك الورق وفنجال قهوة مظبوط.
أوما برأسه مبتسما، ثم غادرت تتبعها عيناه، ليعقد حاجبيه يتساءل كيف عرفت نوع فنجال قهوته... ليهز رأسه وهو يدرك الإجابة واضحة، فتون، لابد وأنها فتون مجددا، مرر يده في رأسه بعصبية، إنها تضعه امام الأمر الواقع، حسنا سيلعبها على طريقتها ولكنه أبدا لن يؤذى تلك الفتاة الرقيقة، سيتأكد بنفسه ان تلك الفتاة لن ينالها أي أذى من خطتهم الانتقامية، ولو اضطر لمواجهة فتون نفسها كي يفعل ذلك.
قال مروان موجها حديثه الى ياسين: زي ما توقعت، عمل ديل مع سوزى، وخرجها من القضية زي الشعرة من العجين، وكل ده عشان يلوى دراعها ويزقها علية تعرف أخبارى. نظر اليه ياسين قائلا: وعرفت منين؟ أمسك مروان بفلاشة صغيرة وهو يقول: اجتماعهم كان متسجل صوت وصورة. قال ياسين: طب ما نقدم الفلاشة دى للبوليس يامروان ونخلص منهم بضربة واحدة. قال مروان بصرامة:.
يمكن يطلعوا منها زي ما ظبطها عدنان لسوزى، و لو اتسجنوا، هياخدوا كام سنة سجن؟، تعرف، لو هياخدو مؤبد ياياسين، مش هيشفى غليلى وغليلك، مش هيعوضنا العذاب اللى شفناه في المعتقل، مش هيعوضنى موت بابا وانا بعيد عنه ولا موت جدك وانت في المعتقل مش قادر تشوفه لآخر مرة، اللى هيشفى غليلى حاجة واحدة وبس، موتهم يا ياسين، موتهم. ربت ياسين على يده قائلا:.
معاك حق يا مروان، اهدى بس وأنا معاك في اي حاجة هتعملها، بس قوللى الأول هتعمل ايه في الحرباية سوزى واللى هتجيلك ترسم عليك من تانى عشان تعرف أخبارك وتقولهاله؟ نظر مروان الى البعيد قائلا: هخليها تفتكر انها نجحت وهديها بس اللى عايزه يوصل لعدنان، بس أهم حاجة دلوقتى انى أكلمه وأقوله على تفاصيل صفقة العمر، آخر صفقة هيقوم بيها عدنان المسيرى في حياته كلها، وده وعد منى ياياسين.
نظر ياسين اليه ليتبادلا نظرة تصميم، تحمل قوة خرجت من رحم الظلم، فقد حان وقت الانتقام.