logo



أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 2 من 11 < 1 2 3 4 5 6 7 8 11 > الأخيرة


07-03-2022 11:21 مساءً
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10

t22087_8761

الغضب محركهم والإنتقام غايتهم، والعشق رايتهم، لا يدركون أنهم جميعا ضحية لرجل واحد...
إنه الشيطان متجسد.
ترى هل سيدركون من هو عدوهم الحقيقي؟ أم يعميهم إنتقامهم ليقعوا جميعا أسرى في جحر الشيطان؟
شخصيات الرواية

مروان فياض، في أواخر الثلاثينات من عمره، شعره أسود وعيونه سوداء، يحمل ماض أثر على شخصيته ليجعل هدفه الأول والأخير ...الانتقام.
زينة عبد الكريم ..في اواخر العشرينات من عمرها..جميلة ..بريئة عيونها رمادية اللون.
ياسين تاج الدين..شاب وسيم..أسود الشعر والأعين..ذو لحية خفيفة.. في أوائل الثلاثينات من عمره..هدفه بدوره الانتقام ممن كانوا سببا لعذابه.
فتون سلطان..فتاة جميلة جدا تمتلك ابتسامة ساحرة تظهر غمازتيها..وعيون بندقية اللون..قوية الشخصية..هدفها الأول والأخير الانتقام من قاتل أختها الوحيدة ميسون.
نبيل عزام..شاب وسيم جدا ذو عيون خضراء ..شريك فتون في كل شئ.
دارين تاج الدين..أخت ياسين..فتاة جميلة جدا شعرها بني ناعم وعيونها عسلية اللون.
عدنان المسيرى..لقبه الشيطان،وهو لقب يليق به فأينما يوجد..يعم الخراب.
سوزى..زوجة سعيد فياض والد مروان..صغيرة السن بالنسبة إليه..فاتنة ولكنها ذات روح شريرة قبيحة من الداخل.
فصول رواية جحر الشيطان
رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الأول

وقفت زينة تتطلع من النافذة الى قائد الحرس هارون، الذى يلقى تعليماته بسرعة على رجاله، كان قد زاد من أعدادهم في المنزل اليوم، حتى أنها شعرت ان هذا المنزل يتحول الى ثكنة عسكرية، لتسخر من نفسها وهى تدرك انها كانت تعد هذا المنزل دائما كسجن لها مشدد الحراسة، فماذا يكون الآن؟

انتفضت على تلك الأوامر الحادة و التى ألقاها هارون على مسامع حراسه في عصبية، لتدرك أن هناك أمر ما سيحدث اليوم، عقدت حاجبيها في حيرة تتساءل عن كنه هذا الأمر؟
دلفت في نفس الوقت إلى المطبخ دادة نجاة فالتفتت إليها زينة على الفور واقتربت منها قائلة في فضول:.

هو فيه ايه يادادة؟، البيت ماله قلب كدة وبقى عامل زى ما يكون فيه حرب هتقوم فيه النهاردة، وماله هارون قاعد كدة زى المجنون يزعق في الحراس؟، أنا مشفتوش بالشكل ده قبل كدة.
تلفتت دادة نجاة حولها قبل ان تقول لزينة بهمس:.

شكل الموضوع كبير يازينة، كل اللى أعرفه ان فيه ضيف مهم جدا جاي النهاردة للباشا الكبير، والدنيا والعة برة، شكلهم خايفين منه، والله يابنتى انا مش مصدقة ان الباشا ورجالته ممكن يخافوا من حد بالشكل ده، بس كل اللى بيحصل برة بيقول كدة، تعرفى، أنا نفسى اشوف مين اللى قدر يعمل فيهم كدة؟دول مش بس خايفين منه، دول مرعوبين كمان.

هزت زينة كتفيها في حيرة ثم استغرقت في التفكير، تتساءل بدورها عن ذلك الضيف الذى أرسل الرعب في أوصال ذلك القذر هارون ورجاله، لتتساءل ايضا، مما يخشى عدنان؟ذلك الرجل الذى تدرك أنه بلا قلب من الأساس ليخشى شيئا؟، هزت كتفيها في حيرة تبعد عن عقلها تلك الأفكار التى حيرتها، لتلتمع فجأة عينيها وقد خطرت لها فكرة، اذا كانوا يخشون ذلك الضيف بتلك الطريقة، اذا فلن يجرءوا على تفتيش سيارته عند ذهابه من هنا، نعم، لن يجرءوا، وبالتالى ان نجحت فكرتها المجنونة فربما وربما فقط تكون تلك هى فرصتها الوحيدة للهروب من ذلك المكان، لتعقد حاجبيها وهى تخشى تلك الفكرة، فان كان ضيف عدنان بمثل قذارته فسيكون لديها ما تخشاه، هي لا تخشى على نفسها قط بل تخشى على ابنها الذى لم يكمل الخمس سنوات بعد، لتعود وتطمأن قلبها أنها ستخرج من سيارته قبل أن يشعر بها وبإبنها الحبيب، هى مخاطرة كبيرة ولكن من اجل طفلها لابد وأن تقوم بها، ربما وقتها استطاعت التحرر من ذلك السجن الذى أجبرت على العيش فيه.

أفاقت من افكارها على صوت دادة نجاة وهى تقول لها:
روحتى فين يابنتى، أنا قاعدة انادى عليكى ومبترديش.
ابتسمت زينة براحة قائلة:
انا هنا أهو يادادة، كنت بفكر بس في الضيف اللى جاى النهاردة.
قالت الدادة نجاة بخوف:
ملكيش دعوة بيه يازينة يابنتى ومتخرجيش من أوضتك انتى وفارس خالص، خلينا في حالنا وماشيين جنب الحيط، احنا مش أد الباشا ورجالته وانتى عارفة، أنا خايفة عليكى ياضنايا وعلى حبة عينى، ابنك فارس ربنا يحميه.

ربتت زينة على يد نجاة قائلة في حنان:





اطمنى يادادة متقلقيش.

ابتسمت دادة نجاة وهى تربت على يد زينة بدورها في حنان لتتأملها زينة، تتأمل تلك السيدة الطيبة التى كانت الى جوارها في كل لحظة منذ ان جاءت الى ذلك المنزل، دعمتها بحنانها وعطفها وأصبحت سندا لها في ذلك السجن الاجبارى، ولولا وجودها الى جوارها ما تحملت الحياة هنا ولو ليوم واحد، حقا ستفتقدها عندما تغادر ذلك المكان القذر، لتواسى نفسها بأن دادة نجاة ستكون بخير، وأنها في يوم من الأيام ربما إستطاعت اخراجها من هذا المكان الذى تكرهه من كل قلبها، والذى يشبه بكل تأكيد جحر الشيطان.

لقيته يافتون هانم، أخيرا لقيته
نطق المحقق بتلك الجملة بارتياح، لتلتمع عيني فتون وتتبادل نظرات ذات مغزى مع نبيل لتعود بنظراتها إلى المحقق قائلة بنبرات ملهوفة:
لقيته فين ياسعيد؟
قال سعيد بابتسامة:.

نقل من شرم للقاهرة، هو وجدته وأخته، وفاتح شركة مع واحد صاحبه اسمه مروان، بقالهم سنة تقريبا، بس محققين شهرة ونجاح حلوين اوى في السنة دى، واسم شركتهم بيتعملوا دلوقتى ألف حساب، الشركة باسم صاحبه وعشان كدة مكناش قادرين نوصل لأى حاجة عنه، شاركه بفلوس ورثه اللى ورثها بعد ما إتوفى جده واللى سابله ثروة كبيرة اوى.
ثم ناولها ملف وهو يقول:
الملف ده فيه كل حاجة عنه وعن شركته، وعن شريكه كمان، وبالتفصيل.

أومأت فتون برأسها وهى تمسك الملف قائلة بامتنان:
أنا مش عارفة أشكرك إزاى ياسعيد، أنا وظفت كتير عشان يجيبولى اى معلومة عنه بس انت الوحيد اللى قدرت توصله، ودى حاجة كبيرة اوى عندى، صدقنى.
نظر سعيد الى ملامحها الجميلة وعينيها الزيتونيتين بإعجاب واضح، ليتنحنح وهو يعدل وضع نظارته قائلا:
احمم، ده واجب علية يافتون هانم، أس، أستاذن أنا.
اومأت فتون برأسها قائلة:.

اتفضل، وياريت تعدى ع الحسابات هتلاقى شيك بإسمك، دول بقية أتعابك، ومتشكرة أوى ياسعيد.
أحس سعيد بأنه يذوب في عمق عينيها وهو يقول:
انتى تؤمرينى ياهانم ولو احتجتينى في أى وقت أنا موجود وفى الخدمة.
ابتسمت وهى تومئ برأسها لينهض سعيد ويغادر المكتب ليجلس نبيل مكانه قائلا:
خدى بالك، سعيد معجب بيكى فياريت لما يكون موجود توقفى ابتسامات بغمازاتك دى، الراجل مش أدك يافتون.
ابتسمت فتون قائلة:.

لو مكنتش أخويا، كنت قلت إنك غيران علية يانبيل.
ابتسم نبيل قائلا:
وهو الأخ مبيغيرش على أخته يافتون؟، انتى صحيح اختى في الرضاعة، بس بحسك من دمى، شقيقتى، وأكيد بحبك وبغير عليكى، بس الموضوع دلوقتى مش غيرة، سعيد متجوز، ولو اتعلق بيكى يبقى هنخرب بيته واحنا ملناش في خراب البيوت يافتون، كل واحد فينا جرب يعيش في بيت انخرب بسبب واحدة تانية ولا ايه؟
أطرقت فتون برأسها تفكر قائلة:.

معاك حق، خلاص، آخر مرة هطلب سعيد في شغل مع انه شاطر أوى يانبيل وهو الوحيد اللى قدر يجيبلى المعلومات اللى أنا طالباها، بس انا مش هقدر أتحمل بيته يتهد بسببى وانا ملاحظة فعلا انه معجب بية.
قال نبيل بابتسامة:
هى دى فتون أختى، قوليلى بقى هنعمل ايه في صاحبنا؟

قست عيناها الجميلتين وأصبحت في برودة الثلج، ليدرك نبيل مدى كرهها لهذا الرجل حتى تتحول فتون الرقيقة الحنونة إلى تلك الذى يخشى غضبها الذى قد يحرق الأخضر واليابس وهى تقول:.

هنتقم منه طبعا، هدمرله شغله وحياته، ومش بعيد أسجنه، كان نفسى أقتله زى ما قتلها، أو أخليه يجرب احساس الحرمان من اخته زى ما حرمنى من أختى، بس للأسف انا عمرى ما هبقى زيه، سنين وأنا عايشة بألم قلبى، بدم أختى اللى راح ومقدرتش أنتقملها من اللى قتلها واختفى بعدها..

عايشة بحسرتى عليها، انت متعرفش كانت بتحبه أد ايه، اتصالاتها بية كانت كلها عليه، توصفلى أد إيه حنين وطيب، أد ايه راجل ويتحب، أد ايه بقى كل حياتها ومتقدرش تعيش من غيره، يوم الحادثة قالتلى انه جايلها البيت وانه عاملها مفاجأة، وكانت معايا ع التليفون وهى بتقولى انها متأكدة انه هيعرض عليها الجواز، وأول ما الجرس رن، قالتلى هو يافتون، قلبى هيقف يافتون من الفرحة، وأول ما فتحت الباب سمعت صرختها، وبعدين الخط انقطع، غدر بيها وقتلها مفاجأته فعلا وقفت قلبها بس للأبد يانبيل، للأبد.

ربت نبيل على يدها، وهو يراها تذرف الدموع ليقول بحنان:
اهدى يافتون، وعد منى هننتقم منه على جريمته في حق ميسون، وان آخرته هتكون على إيدي.
مسحت فتون دموعها وعادت القسوة الى ملامحها وهى تقول:
لأ، آخرته هتكون على إيدى أنا، ده تارى يانبيل وفتون سلطان مبتسيبش تارها أبدا.

لتفتح الملف وتنظر الى صورة كبيرة لرجل في اوائل الثلاثينات من عمره، رغما عنها انتابتها قشعريرة في جسدها نفضتها على الفور، فيجب ان تعترف أن ذلك الرجل الذى وأد حياة أختها، وسيم، بل جذاب للغاية، بتلك العينين السوداويتين واللتين تظللهما حواجب عريضة ورموش كحيلة، وفم جذاب، تظلل ذقنه لحية خفيفة، ذو وجه منحوت وشعر كثيف، نظرته أرسلت إلى جسدها مشاعر نفضتها على الفور، فقد أحست بها تتغلغل الى اعماقها، أحست بالتوتر، ولكنها ابعدته عن تفكيرها وهى تذكر نفسها بأن هذا الوسيم، هو قاتل اختها، من سلبها حياتها وسعادتها، لتقسو عينيها مجددا وهى تتوعد بالانتقام.

طرق هارون الباب ليسمح له عدنان بالدخول، دلف هارون ليجد رب عمله يجلس على كرسيه يبدو عليه الثبات ولكن هارون يعلم أنه بعيد كل البعد عن ذلك الاحساس، يظهر توتره في نقرته باصبعه على مكتبه وهو يتطلع إلى هارون بتساؤل، أغلق هارون الباب وهو يقول:
كل شئ جاهز لاستقباله ياعدنان باشا.
أومأ عدنان برأسه في هدوء ليقول هارون:
انا نفسى اعرف ليه بس قلقان من زيارته؟
نظر اليه عدنان بنظرة حادة قائلا:.

أنا مش قلقان ولا حاجة، أنا بس حابب آخد احتياطى ومش حابب أسيب حاجة للصدفة، انت متعرفش مروان فياض ياهارون، قبل ما أبعده عن سكتى من سنين كان زى الشوكة في ضهرى، مكنش مخلينى عارف أشتغل في السوق، مروان مش بس ذكى، لأ قلبه ميت ومبيخافش ودى تركيبة خطيرة لازم يتعملها حساب، ومينفعش تستهين بيها، أهو بعد ما ظهر تانى من سنة بقى ليه اسم كبير في السوق، وشوف خلى شركته وصلت لإيه في وقت قصير، رجعت تنافسنا من تانى وبقوة، الحقيقة زيارته لية غريبة ومش متوقعة والمصيبة بقى لو كان عرف انى السبب في اللى حصله زمان وجاى ينتقم، ساعتها بقى الدم هيبقى للركب..

رفع هارون احدى حاجبيه قائلا:
للدرجة دى؟
قال عدنان:
قلتلك انت متعرفش مروان، ده تركيبة لوحده، مسالم أوى في العادة بس لو مسيت حاجة تخصه بيتحول لعقرب، هى لدغة واحدة منه وقول على نفسك يارحمن يارحيم، ياريتنى خلصت عليه زمان وارتحت.
قال هارون:
عموما احنا فيها، طلقة واحدة ونخلص عليه ونرتاح.
نهض عدنان قائلا في توتر:.

لأ طبعا اوعى تعمل كدة، مروان دلوقتى مش لوحده، بقى معاه ياسين تاج الدين وده مش قليل أبدا، ده غير اللى ساندينه من فوق ولو حصله حاجة هيتغضب علينا وانت عارف اللى في مجال شغلنا لو اتغضب عليهم بيجرالهم ايه؟
فرك هارون رأسه قائلا:
طيب والحل؟ هنفضل متوترين كدة ومش عارفين هو ناوى على ايه ولا نتصرف معاه ازاى؟
جلس عدنان مجددا في مقعده وهو يعود لينقر باصبعه على المكتب قائلا:.

ياخبر بفلوس بعد شوية هيبقى ببلاش، ولو ناوى مروان ع الغدر، يبقى لسة ميعرفش مين هو عدنان المسيرى، ولا إيه؟
ارتسمت ابتسامة شيطانية على فم هارون بادله اياها عدنان لتتحول الى ضحكات مليئة بالشر، تماما مثلهما.

ابتسمت الجدة في حنان وهى تقترب من حفيدتها التى يبدو على ملامحها الحزن مرتسما، والذى لم يقلل من جمالها بل زاده، جلست الى جوارها قائلة في حنان:
مال القمرة حبيبة تيتة؟مكلضمة ومكشرة وزى ما تكون اكتشفت ان الراجل اللى بتحبه مش من الأرض وانه طلع من كوكب المريخ.
أفاقت دارين من شرودها على كلمات جدتها قائلة بابتسامة:
عليكى تشبيهات ياتيتة..
لتطرق برأسها مجددا في حزن قائلة:.

بس هو فعلا مطلعش من كوكب الأرض ولا كوكب المريخ، ده طلع من كوكب جديد، اسمه كوكب التلج، أووووف، ايه البرود ده، مش حاسس بية خالص وكأنى هوا أدامه، حاولت كتير ألفت انتباهه لية بس هو مش شايفنى ومش حاسس بية بيعاملنى زى ما ياسين بيعاملنى بالظبط، حاجة تنقط.
ابتسمت الجدة في حنان وهى تربت على يدها قائلة:





اللى انتى متعلقة بيه ياحبيبتى مش نصيبك ومش عايزاكى تتعبى قلبك ع الفاضى.
نظرت اليها دارين في حيرة قائلة:.

قصدك ايه ياتيتة؟
نظرت اليها الجدة قائلة:
قصدى تنسيه ياحبة عين تيتة، مروان ده حكاية لوحده، اخوكى حكالى عنه، قلبه مش ملكه ومستحيل هيدخل واحدة تانية فيه، ده رغم غدرها بيه لسة مش قادر ينساها ويحب غيرها وده ملوش غير معنى واحد، ان قلبه اتقفل يادارين واللى قلبه اتقفل مستحيل يتفتح ولو اتفتح لواحدة تانية هيعذبها معاه، وانتى يابنتى أرق من النسمة ومتستحمليش عذاب القلب..
قالت دارين في حيرة:
بس ياتيتة...

قاطعتها الجدة قائلة في حزم:
من غير بس، أنا أدرى الناس بيكى وبمصلحتك ومادام قلتلك تنسيه يبقى تنسيه يادارين.
ترقرقت الدموع في عينى دارين لترأف لحالها الجدة وتربت على يديها قائلة:
يابنتى ياحبيبتى، انتى غالية اوى عندى، وعايزة يوم ما تحبى، تتحبى، الراجل اللى هيكون من نصيبك لازم يشيلك جوة عنيه، تبقى ليه النفس اللى بيتنفسه.
ابتسمت دارين في حب وهى تمسح دموعها قائلة:
زيك انتى و جدو، مش كدة ياتيتة؟

ابتسمت الجدة في حنان قائلة:
كدة ياقلب تيتة، الله يرحمه عشت معاه أجمل سنين حياتى، بحبه لية واهتمامه خلانى عايشة في الجنة ياحبيبتى، أنا عايزاكى كمان تعيشى في جنة الحب ومتجربيش ناره، فهمتينى يابنتى؟
أومأت دارين برأسها قائلة:
فهمتك ياتيتة.
تراجعت الجدة تستند بظهرها إلى مقعدها قائلة في ارتياح:
ريحتينى ياحبيبتى، تعرفى بقى انتى عايزة تنسيه بجد، تعملى ايه؟
عقدت دارين حاجبيها في حيرة قائلة:
أعمل ايه؟

ابتسمت الجدة قائلة:
تشتغلى مع اخوكى في الشركة.
نظرت اليها دارين باستنكار قائلة:
انتى بتقولى ايه ياتيتة، بقى عايزانى أنساه اقوم أروح اشتغل معاه ويفضل أدامى طول النهار؟مستحيل طبعا.
اتسعت ابتسامة الجدة قائلة:.

مروان شغله برة الشركة علطول ونادر لما بيروح هناك، انتى محتاجة تشغلى وقتك في الشغل عشان تشغلى تفكيرك ومش هكون مطمنة عليكى غير وانتى شغالة مع أخوكى، غير انك لما هتشوفيه أكتر هتعرفى انك محبيتهوش ولا حاجة، انتى يمكن شدتك هالة الغموض بتاعته، بس الحب، الحب حاجة تانية خالص مش هتعرفى الفرق بين الحب والاعجاب غير لما تحبى بجد.
قالت دارين بحيرة:
تفتكرى؟
أومأت الجدة برأسها قائلة:.

أنا متأكدة، يلا ياحبيبتى قومى نتغدى ولما ياسين ييجى هنكلمه عن الشغل، اتفقنا؟
نظرت دارين الى ملامح جدتها الحبيية لتبتسم بارتياح قائلة:
اتفقنا.
تاااابع اسفل
 
 





look/images/icons/i1.gif رواية جحر الشيطان
  07-03-2022 11:22 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

تعالى رنين هاتف هارون ليلتقطه مجيبا إياه بسرعة، استمع الى محدثه قليلا، ثم أغلق الهاتف والتفت الى عدنان الذى تعلقت عيونه بملامح هارون، ليقول هارون بهدوء:
مروان وصل.
رغم ملامح عدنان الجامدة والتى لا تعكس انفعالا الا ان هارون أدرك توتره من خلال اختلاجة بسيطة في فكه، قال عدنان ببرود:
فتشوه؟
هز هارون رأسه نافيا وهو يقول:.

مرضاش زي ماقلت، بس الجهاز الجديد اللى عدا عليه مااكتشفش معاه أي سلاح، و كمان جاي لوحده، مش غريبة دى؟
هز عدنان رأسه نفيا وهو يقول:
لأ مش غريبة، مروان ذكى وعارف انه مش هيقدر يمسنى في بيتى، وانى كمان مش هقدر اعمله حاجة في الوقت الحالى، اللى احنا بنعمله مجرد اجراءات أمن عشان الغدر مش أكتر.
اومأ هارون برأسه وكاد أن يتحدث لولا ان قاطعته طرقات على الباب ودخول الخادمة تعلن عن وصول ضيفهما، مروان فياض.

لم يكن هارون قد رأى هذا المروان من قبل ولكن عندما رآه أدرك سر توتر عدنان، فمروان لديه، هيبة، و هالة من الغموض صاحباه عند دلوفه الى الحجرة، يمشى بخطوات واثقة وعيون كالصقر، يحدق بهما في برود كالصقيع، ألقى التحية في هدوء، فردها عدنان بدوره بهدوء ظاهري يخفى قلقا غريبا على نفسه، فلم يشعر بالقلق من أى منافس له من قبل، ولكنه يشعر بالقلق تجاه هذا المروان، أشار عدنان لمروان بالجلوس،.

فجلس مروان يضع قدما فوق الأخرى، بينما ظل هارون واقفا متأهبا، نظر عدنان الى مروان قائلا:
خير يامروان، ممكن أعرف سبب زيارتك الغريبة دى؟
نقل مروان نظراته بين عدنان وهارون ثم استقرت نظراته على عدنان وهو يقول ببرود:
أنا عارف انك مستغرب زيارتى ليك، بس لما هتعرف السبب هتستغرب أكتر، أنا جاي النهاردة عشان أقدملك خدمة.
تبادل كل من هارون وعدنان النظرات قبل أن ينظر عدنان مجددا الى مروان قائلا:.

خدمة ايه اللى جاي تقدمهالى دى؟
تراجع مروان بظهره الى المقعد وهو يقول:
خدمة كبيرة اوى هتنقذك من مصيبة أكبر.
نظر اليه عدنان مستفسرا ليستطرد مروان قائلا:
الشحنة اللى انت مسفرها لتركيا، وهتوصل بكرة.
ظهر التوتر على وجه عدنان وهو يقول:
شحنة ايه؟
ابتسم مروان في سخرية قائلا:
انت عارف كويس الشحنة دى فيها ايه فبلاش تستعبط ياعدنان.

كاد هارون أن يتقدم باتجاه مروان ليمسك عدنان بيده ويخبره بعينيه أن لا يتهور، لتتسع ابتسامة مروان الساخرة، وعدنان يقول في هدوء:
مالها الشحنة دى؟
قال مروان:
متبلغ عنها وأول ما هتوصل تركيا هيتقبض عليها وعلى كل طقم السفينة.
تبادل هارون مع عدنان نظرات متوترة، لينظر بعدها عدنان الى مروان قائلا:
وانت بقى يامروان جاي تقدملى خدمة ولا جاي تشمت فية؟
قال مروان:.

قلتلك جاي أقدملك خدمة، جاي أقولك ازاى تنقذ شحنتك قبل ما يتقبض عليها، صحيح مفيش ورق يربطك بالصفقة ومفيش حاجة هتمسك، بس الخسارة برده مش قليلة.
رفع عدنان احدى حاجبيه قائلا:
وياترى ليه عايز تقدملى الخدمة دى يامروان؟
ظهرت ملامح السخرية على وجه مروان وهو يقول:
أكيد مش جاي أقدمها خدمة لوجه الله ياعدنان، دى مجرد عربون صداقة، حاجة أبين بيها حسن نيتى، لإنى جاي النهاردة أعرض عليك صفقة العمر.

أمسك عدنان غليونه وأشعله ليأخذ منه نفسا عميقا قبل أن يقول:
وايه هي بقى صفقة العمر دى؟
اتسعت ابتسامة مروان الساخرة وهو يقول:
واحدة واحدة ياعدنان، هنخلص من موضوع شحنتك الأول وبعدين هقولك على الصفقة، متستعجلش، كل اللى اقدر اقولهولك دلوقتى ان بعد الصفقة اللى هقولك عليها مش هتحتاج تشتغل أبدا، هتعتزل الشغل للأبد.
تبادل عدنان وهارون النظرات ليومئ عدنان برأسه وهو ينظر الى مروان قائلا:
قول يامروان، أنا سامعك.

ابتسم مروان بداخله في انتصار ولكن ملامحه ظلت جامدة وهو يقص على مسامعهم خطته لتفادى ضبط شحنتهم، لتتسع عيونهم انبهارا بهذا العقل الجهنمى والذى يمتلكه هذا المدعو مروان.

نظرت زينة يمنة ويسارا لتتأكد من خلو الساحة من أى حارس قد يعيق تقدمها ويفشل خطتها فلم تجد أحدا، لتسمع صغيرها فارس يقول بتذمر:
ياماما انتى واخدانى بس على فين؟
التفتت زينة اليه وجلست على احدى ركبتيها لتكون في مواجهته وهى تقول بحنان:
انا مش قلتلك ياحبيبى هنروح مشوار.
نظر فارس إليها بعيونه البريئة وهو يقول:
مشوار ايه ده ياماما؟، احنا عمرنا ما خرجنا برة البيت ده.

رفعت زينة يدها وهى تربت على رأس الصبى بحنان قائلة:
آن الأوان نخرج من البيت ده ياحبيبى، انا هفهمك كل حاجة بعدين بس أهم حاجة دلوقتى تعمل اللى قلتلك عليه، فاكره؟
أومأ الطفل برأسه قائلا:
أيوة ياماما، مش هسيب ايدك ومش هطلع أي صوت، ولما نركب جوة العربية، هسكت خالص عشان محدش يعرف مكانا.
رفعت زينة يده التى تمسكها لتقبلها في حنان ثم قالت:
برافو ياقلب ماما، يلا بقى نمشى قبل ما حد يحس بينا.

ثم نهضت تمشى وهى تمسك بيد الصغير تتوخى الحذر في خطواتها، وتتجنب الكاميرات المنتشرة بالقلعة حتى وصلت الى تلك السيارة الغريبة، تنفست بارتياح فتلك السيارة في مكان بعيد عن آخر كاميرا كان يجب أن تتفاداها وقد جاء هذا في صالحها إلى جانب أنها كبيرة بما يكفى لتسعها هى وصغيرها دون ان يلاحظهما أحد، حمدت ربها على صغر حجمها هي وصغيرها والذى جاء بفائدة لها أخيرا.

ألقت نظرة أخيرة على الحراس لتتأكد من أن احدا لم يلاحظها، ثم أمسكت مقبض الباب الخلفى للسيارة في أمل وهي تدعوا في سرها أن لا يكون مغلقا، وبالفعل فتح في يدها لتحمد الله وتدرك أنه يساندها فيما تفعل، صعدت الى السيارة يتبعها فارس ثم اختبأت هي وصغيرها أسفل المقعد، لتغلق الباب بهدوء، وهى تنتظر انتهاء ذلك الضيف من اجتماعه مع عدنان وهارون ليذهب بسيارته من هنا، لتهرب الى الأبد من هذا الجحيم الذى عاشت به لسنوات.

ما ان رأت فتون نبيل يدلف من الباب حتى نهضت من مقعدها قائلة في لهفة:
عملت ايه يانبيل؟
ابتسم نبيل قائلا:
طب قوليلى ازيك حتى.
قالت فتون بسرعة:
ازيك واخبارك، تمام، كويس، قوللى بقى عملت ايه؟
نظر اليها نبيل في دهشة ثم ما لبث أن هز رأسه قائلا:.

مفيش فايدة، فتون هتفضل فتون، خلاص ياستى، خلصت كل حاجة، حجزت ع أول طيارة نازلة مصر وحجزت الفندق اللى هننزل فيه، واتفقت مع شركتهم والميتنج بكرة بعد الضهر مع رئيس الشركة بنفسه، ياسين تاج الدين.
تنهدت فتون بعمق، ثم جلست في مقعدها وقد التمعت عيناها الجميلتين بقسوة، ليجلس نبيل قبالتها وهو يقول بهدوء:
مالك، بتفكرى في ايه؟
نظرت اليه فتون قائلة بهدوء:.

مش قادرة أصدق انى خلاص هقابل اللى قتل أختى وأنتقملها منه، بس مش عارفة إزاى هقدر أخفى كرهى له واللى هيبان أكيد في عينية وفى تصرفاتى.
أمسك نبيل بيدها قائلا:
فتون اللى أعرفها تقدر تعمل أى حاجة، ومفيش حاجة ممكن تقف قصادها عشان تحقق هدفها، ولاحتى مشاعرها.
نظرت فتون الى عيني نبيل لثوان لتهز رأسها وهى تبتسم قائلة:.

معاك حق، مش ممكن حاجة هتوقفنى عن الانتقام لأختى، هخفى مشاعرى كويس، ومش هرتاح غير لما اخد تارى من اللى قتلها وحرمنى منها ولو هدفع حياتى تمن انتقامى مش هتردد ولو لثانية واحدة.

لتعود القسوة الى ملامحها الجميلة وقلبها القلق تغلفهم ببرودة ثلجية، وصلت الى يدها الممسكة بيد نبيل لينتابه القلق فعلى الرغم من رغبته في الانتقام والتى تماثل رغبة فتون الا أنه يخشى عليها من تلك الرغبة، والتى قد تغرقها في بحور الدم، ويخشى عليها أكثر من هذا القاتل الحر الطليق، والذى يدعى، ياسين تاج الدين.

كانت فتون جالسة على كرسيها تتأمل المكان من حولها، ذلك المكان الذى يحمل ذكريات طفولتها وشبابها، ذكرياتها مع أختها، تلك التى ربما كانت تحمل بعض ملامحها ولكنها كانت تحمل العديد والعديد من سماتها، كروحها الطيبة وحب الخير للجميع إلى جانب الطموح والسعي للنجاح، ولكن كانت بينهما العديد من الاختلافات أيضا، مثل شخصية فتون القوية بينما تحمل ميسون شخصية رقيقة، و رفض فتون لأن تدخل في أية علاقة تخص الرجال فقد رأت كم يستطيعون أن يكونوا بمنتهى الغباء ومنتهى الغدر أيضا بينما آمنت ميسون بأن هناك بعض الرجال الذين تستطيع أن تختار من بينهم من قد تستطيع منحه قلبها، لذا كانت تتنقل من علاقة لأخرى فاشلة ولكنها أبدا لم تيأس، لتنظر فتون حولها في حزن تتساءل بصوت هامس مرير وكأنها تحادث روح أختها التى تشعر بها دائما حولها، قائلة:.

ليه بس مقدرتيش تفهمى ان كل الرجالة غدارة ياميسون، ليه فضلتى تآمنى ليهم واحد ورا التانى، لغاية ما جالك اللى وراكى أد إيه ممكن يكونوا غدارين، لأول مرة في حياتك ولآخر مرة، بس أوعدك زي ما غدر بيكى هغدر بيه ومش هسيبه غير وهو ميت، عشان أقدر آخد عزاكى وأقول إنى خدت بتارك وريحت قلبى وريحتك انتى كمان في قبرك ياقلب أختك.

لترفع تلك الصورة في يدها تتأملها لآخر مرة في حقد قبل أن تمسك قداحة بجوارها وتشعل تلك الصورة بالنار، ثم تلقيها أمامها في تلك المنفضة تراقب تحولها إلى رماد.

كان ياسين يتناول الطعام في هدوء، تجاوره أخته دارين على يمينه بينما جدته على يساره، أنهى ياسين وجبته ثم امسك منديله ومسح فمه بهدوء وهو يرمق دارين وجدته اللتان تناولتا القليل من الطعام وتنظر كل منهما الآن للأخرى بقلق، قال ياسين في هدوء:
هتتكلموا ولا أقوم أرتاح في أوضتى أحسن؟
تبادلت الجدة مع دارين النظرات قبل أن تأخذ الجدة نفسا عميقا ثم تقول:.

بصراحة ياياسين، أختك ملت من قعدة البيت واقترحت عليها تشتغل، وطبعا عشان مقلقش عليها قلتلها تشتغل معاك وأهى تبقى تحت عنيك، قلت إيه؟
نظر ياسين الى دارين قائلا:
انتى حابة تشتغلى بجد يادارين ولا عايزة تشغلى وقتك وخلاص؟
ابتلعت دارين ريقها قائلة:
لأ حابة طبعا أشتغل، واكيد هكون مبسوطة لو اشتغلت معاك يا ياسين.
رمقها ياسين متفحصا وهو يقول:.

احنا الشغل عندنا مفيهوش هزار، ولا عشان انتى اختى هتتعاملى معاملة خاصة، هتقدرى تتحملى ضغط الشغل؟
أخذت دارين نفسا عميقا قبل أن تقول بثبات:
هقدر.
أومأ ياسين برأسه قائلا:
خلاص مفيش مشاكل، جهزى نفسك ومن الصبح هتنزلى معايا الشغل.
ابتسمت دارين في فرحة وأسرعت بالنهوض لتقبل أخيها في وجنته قائلة:
ربنا يخليك لية يا ياسين.
ابتسم ياسين فأسرعت دارين باتجاه حجرتها ليوقفها صوت ياسين قائلا:
رايحة فين؟مش هتكملى أكلك؟

أرسلت له قبلة هوائية ثم قالت:
لأ شبعت، هروح اجهز شوية حاجات عشان بكرة.
تابعها كل من الجدة وياسين بعيونهم، حتى اختفت ليلتفت ياسين الى الجدة قائلا:
انتى متأكدة ان فكرتك دى صح؟
ابتسمت الجدة قائلا:
أكيد متأكدة، بكرة تشوف انها لما هتشتغل هتنسى مروان خالص، غير انها لما هتشوفه وتعرفه من قريب هتكتشف انها محبتهوش أصلا وانه كان مجرد افتتان.
تنهد ياسين قائلا:.

يارب ياتيتة يكون معاكى حق، والا كلنا هنضيع وأولنا دارين.


look/images/icons/i1.gif رواية جحر الشيطان
  07-03-2022 11:22 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

اتجه مروان الى سيارته بخطوات واسعة يحمل داخله إبتسامة انتصار لم تظهر على ملامحه، لقد قام بالخطوة الأولى في طريقه للانتقام ممن كانوا السبب في عذابه، هؤلاء الذين كانوا السبب في ابتعاده عن أبيه الحبيب، والذى توفي دون أن يراه، ودون ان يخبره كم أحبه، سنوات يتعذب في ذلك المعتقل الإجباري والذى فرض عليه، لا يعلم السبب في سجنه واعتقاله، يتخبط بين جنباته فقط، ولولا وجود ياسين معه، لا يعلم كيف كان سيكمل أيامه في ذلك المعتقل، نفض أفكاره التى أعادت اليه ذكريات مريرة وهو يفتح السيارة ويركبها ليقودها بسرعة خارجا من ذلك المكان المقيت الذى يشبه منزل الشيطان، يضم بين جنباته الشيطان نفسه وأعوانه الكثر، حقا كم يكرههم ويكره تلك الحية التى ساعدت ذلك الشيطان عدنان على سجنه، ولكن مهلا، سينتقم منهم فردا فردا، سيجعلهم يتمنون الموت، فقط عليه الصبر قليلا، لتحقيق انتقامه.

أفاق من أفكاره على ظهور قطة أمامه فحاول تفاديها بقوة ليعقد حاجبيه وهو يسمع تأوه ضعيف، ليدرك أن هناك من يشاركه السيارة، ليوقف السيارة على جانب الطريق وهو يمد يده الى درج السيارة ليخرج سلاحه بهدوء ثم ترجل من السيارة بسرعة فاتحا الباب الخلفى وموجها سلاحه الى ذلك الدخيل، لتتسع عينيه بصدمة فهناك تحت المقعد الخلفى تقبع امرأة تضم طفل إليها بقوة وتنظر اليه برعب، امرأة يعرفها جيدا، يعشقها ويكرهها في آن واحد، انها المرأة التى لم يحتل قلبه سواها، والذى أراد يوما أن ينزع قلبه من مكانه لأنه يرفض نسيانها، إنها الجميلة، الرقيقة، والمخادعة، زينة.

كانت فتون تجلس على مقعدها في الطائرة المتجهة الى القاهرة يجاورها نبيل الذى أغمض عينيه يحاول أن يأخذ قسطا من النوم، أمسكت فتون هاتفها لتفتح ملف شخصى يحمل صور أختها الصغرى ميسون، تلمست الصور بحنان، لقد افتقدتها حقا وافتقدت مزاحها وضحكاتها التى كانت تغمر كيانها بالسعادة، أغمضت عينيها ألما وهى تتذكر آخر مكالمة هاتفية بينهما، كم كانت سعيدة وهى تنتظر حبيبها الذى سيعرض عليها الزواج، وكم كانت ساذجة لأنها آمنت له، فقتلها، وأضاع روحها البريئة للأبد، لتفتح فتون عينيها وقد ارتسم فيهم التصميم، لقد اقسمت في بيروت أنها ستقتله وها هي تجدد قسمها، ان لم تستطع سجنه مدى الحياة، أو ان تجلب له حكما بالإعدام، ستقتله، نعم ستقتله ولكن بعد ان تجعله يخسر أمواله وكل غال بحياته، لتمرر يدها على صورة أختها الحبيبة قائلة في همس حزين:.

ساعتها مش هيفرق معايا أموت او أعيش ياميسون، انتى كنتى كل حياتى، واللى عايشة بس عشانها، ورغم اننا مكناش اخوات شقايق، بس كنا زى التوأم، من يوم ما اتولدتى واحنا مفارقناش بعض، ولما ماما ماتت، كنت ليكى أم وكنتى لية زي بنتى، رغم فرق السن الصغير اللى بينا، ياريتك ما نزلتى شرم، ياريتك ما شفتيه ياحبيبتى.

انتفضت على ربتة خفيفة على يدها لتنظر الى نبيل الذى فتح عينيه ينظر اليها متعاطفا، مدت يدها الحرة لتمسح دموعها الخائنة، ليقول نبيل في حزن:
كل شئ في الدنيا قدر يافتون، وقدرها كان انها تنزل شرم وتحبه وهو ميحبهاش، قدرها كان تموت على ايديه وقدرنا نتعذب وقلوبنا تبكى من حزننا عليها، بس قدره كمان انه يتعذب على ايدينا احنا، مش هنسيبه لحد ما يخسر كل حاجة في حياته.

أومأت فتون برأسها وقد ارتسم في عينيها التصميم، فأخاها نبيل لا يعلم نواياها تجاه هذا الياسين، نعم ستجعله يخسر كل شئ في حياته ولكن ما لا يعرفه هو أنها ستجعله يخسر حياته نفسها، فقط على ياسين أن ينتظر مصيره القاتم، فهى قادمة اليه، وبقوة.

أفاق مروان من صدمته بسرعة قائلا في غضب:
ممكن أعرف بتعملى ايه في عربيتى؟
ثم أشار الى فارس قائلا:
ومين ده؟
ضمت زينة الطفل اليها أكثر وهى تقول متلعثمة:
أنا، أنا...
قال مروان في حدة:
انتى ايه؟ما تنطقى؟

افاقت زينة من صدمتها وارتباكها لإدراكها أن صاحب السيارة وضيف عدنان هو مروان، ذلك الذى تخلى عنها قديما وتركها تعانى، لم يهتم بمصيرها أبدا لتبيعها زوجة أبيه الى ذلك الشيطان عدنان، وتذوق هي العذاب سنوات طوال، وفوق كل هذا يقف الآن بكل قسوة وجبروت يصرخ بها ويتساءل عنها وعن طفلها فارس، لتنظر الى فارس برعب تدرك الموقف الشائك والذى وجدت نفسها فيه، عليها أن تبتعد الآن عن فارس حتى لا يسمع ما سوف يقال، ستتحدث مع مروان بكل هدوء، ستجبر نفسها على البرود حتى تحتفظ بحياتها وحياة طفلها ثم تبتعد وبكل قوة عن مروان، مروان، أول من دق القلب له، أول وآخر حبيب، هو من علمها الحب ومن جعلها تنفر منه.

تحولت ملامحها الى البرود قائلة:
بعد اذنك نتكلم بعيد عن ابنى.
أحس مروان بغصة في قلبه، وظهر على ملامحه الألم، اذا هذا الطفل هو ابنها، كان لابد وأن يعلم ذلك، فملامح الطفل تشبه كثيرا ملامحها الجميلة، يحمل نفس عيونها الرمادية الخلابة، تساءل في مرارة، هل تزوجت وأنجبت وعاشت حياة سعيدة بينما كان هو يتعذب بين جدران سجنه؟

لم ترى زينة ملامح الألم المرتسمة على وجه مروان وهى تلتفت الى صغيرها لتتبدل ملامحها من البرود الى الحنان قائلة:
حبيبى انا هتكلم مع عمو كلمتين، خليك قاعد مكانك ومتخرجش من العربية، اتفقنا؟
نقل فارس نظراته القلقة ما بين مروان الذى أخفى ملامح الالم سريعا، وبين والدته ليقول بلهجة بدت اكبر من سنوات عمره الخمس:
هتبقى كويسة؟

رغما عنه أحس مروان بالاعجاب بذلك الصبى، والذى يخشى على والدته منه، بالتأكيد شعر بالتوتر وذبذبات الكره التى ملأت المكان، ليرى مشهدا أشعره بالألم في كل كيانه وزينة تميل تقبل الصغير بحنان قائلة:
طول ما انت معايا هبقى كويسة ياحبيبى.

أخفى مروان مشاعره تحت قناع من الجمود وهو يراها تخرج من السيارة وتغلقها لتمر بجواره تكاد تلامسه ليدق قلبه بقوة وخصلات شعرها الحريرية تلامس وجهه تذكره بأيام كان يقضى فيها الكثير من الوقت يمرر اصابعه بين تلك الخصلات، لينفض أفكاره بقوة وهو يتبعها حتى توقفت على بعد مسافة من السيارة والتفتت اليه قائلة في برود:
كنت بتسألنى عن سبب وجودى في عربيتك، مش كدة؟
نظر اليها في جمود فاستطردت قائلة:.

لو كنت اعرف انها عربيتك أكيد مكنتش هركب فيها، انا أهون علية أعيش جوة جحر الشيطان ومكونش قريبة منك ولازم تعرف ان أسوأ يوم عندى هو النهاردة لإنى شفتك فيه من تانى.
لم يظهر على ملامح مروان أى تأثر بكلماتها، فقط اختلاجة بسيطة في فكه، وقبضة يده التى ضمها في قوة قبل أن يقول:.

الشعور متبادل على فكرة، بعد ما افتكرت ان النهاردة من أسعد ايام حياتى، شفتك وانقلب اليوم غم، بس برده عايز أعرف حضرتك بتعملى إيه في عربيتى؟
نظرت فتون اليه تشعر بمرارة شديدة في قلبها، لتقول بصوت ظهرت فيه تلك المرارة رغما عنها:
كنت هربانة، ارتحت؟
عقد مروان حاجبيه قائلا بصرامة:
هربانة؟من مين؟وليه؟
ابتسمت في سخرية مريرة وهى تقول:.

ويهمك في إيه تعرف؟، احنا كل حاجة انتهت بينا من زمان، انت دلوقتى ليك حياتك وانا كمان لية حياتى، فخلى كل واحد فينا في حياته اللى اكيد هيعيشها بعيد عن التانى.
مال مروان عليها ينظر الى عمق عينيها ببرود قائلا:
لو فاكرة ان حياتك تهمنى أو يهمنى أعرف حاجة عنها فتبقى غلطانة، كل الموضوع انى لقيتك في عربيتى وده بيحتم علية انى لازم أعرف السبب قبل ما ارميكى براها.

أغمضت فتون عينيها لثوان وهى تشعر بأنفاسه الساخنة تلفحها على وجهها تثير في قلبها رجفة، تشعر بالشوق إليه خاصة وهو يقترب منها هكذا لتفتح عينيها وهى تبتعد خطوة، تبا لقد آلمها كثيرا، ومازالت تشتاق اليه، مازال يؤلمها بكلماته القاسية ومازالت ترغبه، أى جنون هذا؟، يجب أن تؤلمه مثلما يؤلمها، يجب ان يبتعد عنها للأبد لذا قالت بهدوء:
كنت هربانة من عدنان،
تراجع مروان بدوره وهو يعقد حاجبيه بشدة قائلا:
عدنان؟

قالت زينة ببرود يخفى ألم قلبها:
أيوة عدنان، اللى عشت في بيته المدة اللى فاتت دى كلها، يبيع ويشترى فية زى كل اللى البنات اللى شغالين معاه.
أغمض مروان عينيه وهو يدرك ما كانت تفعله في منزل عدنان، وما أصبحت عليه زينة، المرأة الوحيدة التى أحبها.
فتح عينيه على كلماتها التى أدمت قلبه وهى تستطرد قائلة:.

كنت كل يوم مع واحد، غصب عنى ومش بإرادتى، حاولت كتير اهرب، بس كانوا كل مرة بيمسكونى ويعذبونى بطريقتهم، طريقة متسيبش علامات في جسمى، طبعا، ما انا جسمى عندهم يساوى فلوس، لغاية ما عرفت النهاردة انك ضيف مهم ولقيتهم خايفين منك، قلت مش هيفتشوا عربيتك وانت خارج، ركبت فيها وفعلا ده اللى حصل، مافتشوش العربية، واخيرا وبعد سنين قدرت أخرج من الجحيم اللى كنت عايشة فيه.

غامت عيون مروان بنظرة سوداوية، تحمل عذابا يفوق الاحتمال وهو يتخيل زينة، تخضع لكل هؤلاء الرجال الذين ذكرتهم، يلمسونها، ويقتربون منها بحميمية ليعطيها ظهره يخفى ألما انتشر بملامحه وأضعفها، يود لو قتل كل هؤلاء الرجال ثم قتلها لاستسلامها لهم، ليعود ويلتفت اليها يرمقها بغضب حارق وهو يمسك يدها بقوة قائلا في حدة:
وايه اللى خلاكى تروحى لعدنان أصلا، مين اللى عرفك بيه، وايه اللى خلاكى تبقى بالشكل ده؟

ليتركها ناظرا اليها باشمئزاز وهو يشير إليها قائلا:
واحدة رخيصة بتبيع نفسها للى يدفع.
ابتسمت في سخرية مريرة وترقرقت عينيها بالدموع وهى تقول:
النصيب يا مروان باشا، ما أنا بعت نفسى زمان وبالرخيص برده، مش هتفرق بقى.
عادت ملامح مروان يغمرها البرود وهو يتجاهل تأثير دموعها على قلبه، ليقول بنبرات باردة تخفى المه:
وابنك ده يبقى ابن مين؟
أحست زينة بالخطر لتسرع قائلة بوقاحة:.

وهعرف منين؟قلتلك كل يوم كنت مع واحد، إنت نسيت ولا إيه؟
قبض مروان على يديه بقوة كى لا يصفعها على وقاحتها، يتمنى من كل قلبه نعمة النسيان، تساءل في صدمة، كيف أحب تلك المرأة وكيف لم يرى حقيقتها من قبل؟ تمالك نفسه، ليقول ببرود صقيعى:.

من معرفتى بعدنان أقدر أقولك انه مش هيسيبك وانه اكيد وفى خلال يومين بالكتير هيلاقيكى، وهتاخدى جزاءك واللى تستاهله واحدة قذرة زيك، ومش بعيد يقتلوا ابنك معاكى وده اللى مستحيل ضميرى يسمح بيه، عشان كدة، أنا هسيبك لقدرك، بس هاخد ابنك عشان يكون تحت حمايتى، اعتبرى حمايتى ليه مقابل الأيام اللى قضيتها معاكى زمان، واعذرينى لو المقابل كان متأخر، ما أنا مكنتش اعرف إنك هتاخديها مهنة تكسبى من وراها.

اصاب زينة الهلع، لم تهتم بكلماته الجارحة، فقط كل ما أدركته انه يريد إبعاد طفلها عنها، لقد تحملت كل ألوان العذاب من أجله فقط ليأتى بكل بساطة يريد إبعاده عنها، وهي تدرك أنه قادر على تنفيذ كلماته، فمن هي لكي تقف بوجهه؟سيسحقها بالتأكيد بماله ونفوذه، وسيبعدها في النهاية عن طفلها، ابدا لن تسمح بذلك، حتى لو تذللت وداست على كرامتها وقلبها، لتقول له بتوسل:.

أرجوك، أتوسل اليك، بلاش تبعده عنى، انا ممكن أعمل أى حاجة بس ابنى ما يبعدش عنى، خلينى جنبه ولو هشتغل خدامة عندك، أبوس ايدك خلينى جنبه.
وقرنت قولها بامساك احدى يديه وتقبيلها لينفض يده بعيدا عنها، فهو لايطيق الآن تلك اللمسة ولا يستطيع تحملها، ولكن كلماتها الصادقة المتوسلة ودموعها استطاعوا أن يؤثروا فيه، وجد نفسه متعاطفا مع أمومتها رغما عنه ليقول ببرود:.

خلاص هاخدك معاه بس هتقعدى باحترامك وهتكونى خدامة ليه، ولو غلطتى غلطة واحدة أو حاولتى تهربى بيه، هتشوفى منى اللى عمرك ما شفتيه، ولا حتى من عدنان ذات نفسه، مفهوم؟

أومأت برأسها وهى تمسح دموعها وأنفها بكمها كالأطفال، ليشعر مروان بقلبه يرق لها، يود لو اخذها الآن بين ضلوعه ليحتويها داخل طيات صدره، يمسح دموعها بشفتيه كما كان يفعل بالماضى، ولكن تخليها عنه منذ سنوات وكلماتها الآن والتى ترددت في أذنيه، أخبرته أن عليه أن ينساها فلم يعد بامكانه الثقة بها ولم تعد تخصه وحده بل استباحها رجالا آخرون، عند تلك النقطة استشاط غضبا، الى جانب حيرة تملكته، لا يدرى كيف يريد أن ينساها وهو يحضرها بنفسه الى منزله؟ ليطمئن قلبه بأنه لن يراها كثيرا فهو غالبا ما يقضى وقته بمكتبه، إلى جانب افعالها التى غلفت قلبه الممزق بجدارا ثلجيا ليتقدمها الى السيارة تتبعه بخطوات منكسرة، تعلم أنها تخطوا الى المجهول ولكنه مهما كان سيكون أفضل مما كانت فيه وسيكون عليها فقط الانتظار حتى تحصل على الأمان ثم تبتعد نهائيا عن كل خطر يحيط بها، خاصة ذلك الخطر الذى يحيطها بقرب هذا الحبيب الخائن، مروان فياض.


look/images/icons/i1.gif رواية جحر الشيطان
  07-03-2022 11:23 مساءً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جحر الشيطان للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

دلف هارون الى حجرة المكتب الخاصة بعدنان ليقول عدنان على الفور:
عملت ايه؟
قال هارون:
كل شئ تمام، مروان مطلعش سهل ابدا، دماغ شياطين.
زفر عدنان قائلا:
طمنتنى، أنا كنت لآخر لحظة مقلق منه وحاسس بالغدر، كدة بقى أقدر أدخل معاه الصفقة وأنا مطمن.
ثم مالبث ان انتابه القلق وهو يرى ملامح هارون التى تخبره بأن هناك خطبا ما ليقول بتوجس:
فيه ايه ياهارون، اتكلم؟
قال هارون بتردد:
البت اللى اسمها زينة دى.

وصمت ليستحثه عدنان قائلا:
مالها؟، منشفة راسها ومش راضية تروح زي كل مرة،
ليشير بيده بلا مبالاة قائلا:
بسيطة، هددوها بابنها.
هز هارون رأسه نفيا وهو يقول في تردد:
مش هينفع، لإنها، لإنها هربت من البيت.
وقف عدنان وضرب المكتب بقبضته قائلا في غضب:
انت بتقول ايه؟ازاى هربت؟والحراس الحمير دول كانوا فين؟
قال هارون:
الحراس كان كل تركيزهم مع مروان فياض، واكيد هى استغلت الوضع النهاردة وهربت.
قال عدنان في غضب:.

أغبيا، الحراس يتغيروا والبت دى تلاقيهالى ياهارون، مش عدنان المسيرى اللى بت زى دى تغفله وتهرب من بيته، مفهوم؟
اومأ هارون برأسه، ليتجه بعدها للخارج في صمت يتابعه عدنان بعينين امتلأتا شرا لتليق ملامحه حقا باسمه والذى عرف به، ملامح الشيطان.

تأملت زينة حجرتها والتى منحها اياها مروان هي وصغيرها ثم ذهب بسرعة البرق دون كلمة، كانت الحجرة صغيرة ولكنها رقيقة التصميم ودافئة، أفضل بكثير من حجرتها في جحر الشيطان عدنان، والتى كانت رطبة وباردة، ولطالما سببت لها ولطفلها نزلات البرد، ضمت جسدها بيديها وهى تتذكر تلك الليالى التى كانت تضم فيها طفلها إليها بشدة وتدلك جسده بقوة كى تمنحه دفئا، الآن هو ينعم بالدفئ داخل تلك الحجرة الجميلة، نظرت الى ملامحه النائمة بحنان واقتربت منه تجلس بجواره على السرير تمرر يدها في خصلات شعره السوداء الناعمة، تتساءل حقا، هل استطاعت الهروب به من هذا الجحيم؟وهل ستنعم يوما بالأمان؟فرغم هروبها لن تستطيع ان تقول أنها بأمان الآن، لا ليس بعد، لن تحصل على الأمان كاملا سوى بابتعادها عن مروان، فهو خطر كبير عليها، ربما أخطر من عدنان وهارون، فهى معهم تخاطر بالكثير ولكن مع مروان تخاطر بأغلى وأهم ما لديها، ابنها، وقلبها.

ذلك القلب الخائن والذى مازال متعلقا به رغم تخليه عنها بالماضى، نهضت تقترب من النافذة لتفتحها وتأخذ نفسا عميقا، تتذكر ذلك الماضى البعيد حين كانت تلك الجميلة البريئة، فبعد وفاة والدتها وطردها من منزلها لتأخرها في دفع الإيجار أشفق عليها عم سالم البواب وقد كان جارهم بالسكن، و أحضرها الى عائلة فياض لتعمل عندهم كخادمة، من اول يوم لها تعلق قلبها الغض بابن العائلة الوحيد، ذلك الشاب الوسيم القوى، و الحنون، لاحظت منه أيضا اعجابا متبادلا يظهر في نظراته اليها، وتعاطفه معها ضد تصرفات زوجة أبيه القاسية تجاهها، ورغم الفرق الشاسع بينهما إلا ان ذلك الحب ولد بينهما ونما في قلبيهما، تظهر شراراته المشتعلة كلما اقتربا من بعضهما البعض، حتى كان ذلك اليوم الذى تشاجر فيه مع أبيه بسبب تصرفات زوجة أبيه الشريرة، ليخرج من المنزل غاضبا ويتأخر في العودة، انتظرته زينة كثيرا وقد انتابها القلق عليه، ليعود مترنحا، يبدوا على غير عادته، لتوقن انه أسرف بالشرب، أسرعت اليه تسنده ليبتسم لها ابتسامة أشعلت قلبها عشقا، فبادلته ابتسامته، كاد ان يتحدث لتشير له بالصمت حتى لا يوقظ احدا، وصلا الى حجرة مروان لتضعه برفق على سريره ثم خلعت عنه حذائه و دثرته بحنان لتجده يمسك بذراعها يجبرها على الاستلقاء بجواره يخبرها بمكنون قلبه وعشق قاومه وأخفاه كثيرا، لم تصدق أذنيها وهى تستمع الى كلمات لطالما انتظرتها، لتفيق على قبلاته المتناثرة على عنقها يقول مابين القبلة والقبلة كلمات عشق سحرتها، حاولت المقاومة ولكنها في النهاية استسلمت لقبلته التى أعجزتها عن الكلام تماما تلاها العديد من القبلات التى غيبت عقلها وسحرت قلبها لتستسلم لعشق اجتاحها، وعندما أفاقت من ثورة مشاعرهم القوية، بكيت بشدة ليضمها اليه بندم على مافعله وهو تحت تأثير الشراب، يخبرها بأنه سيتزوجها، وبالفعل في اليوم التالى، تزوجها ولكن عرفيا مخبرا إياها أنها مسألة وقت يمهد فيه لأباه رغبته بالزواج بها، بعيدا عن تلك العقربة سوزى، زوجة ابيه التى ستعارض ذلك الزواج وبشدة، كانت كل ليلة بعد نوم الجميع تتسلل الى حجرته لتقضى معه ليلة من العشق يحملها فيها مروان الى السماء لتعود بعد ذلك الى أرض الواقع، تعمل كخادمة لديهم، تنتظر اليوم الذى يخبر فيه مروان أباه بقصتهما لتكلل قصتهما بتلك النهاية السعيدة ويخرج زواجهما من الظلمات الى النور، كم كانت واهمة، فبين ليلة وضحاها اختفى مروان، علمت انه تشاجر مع والده مجددا وسافر للخارج دون وداع، دون كلمة، تركها لمصير مجهول، فوجدت نفسها فجأة تباع الى ذلك العدنان، تذوق العذاب كل يوم في بيته، تباع كل فترة لرجل لليلة واحدة، وكأنها فتاة من فتيات الشوارع، وكل ذنبها أنها قد وقعت بالحب، وياليتها لم تقع بالحب، بل ياليتها ما جاءت الى منزل عائلة فياض وياليتها لم ترى مروان ولم تعرفه مطلقا.

مدت يدها تمسح دموعها الخائنة المتساقطة على وجهها، ليبدو التصميم على عينيها وهى تقسم ان تكون تلك آخر دموعها، فستكون قوية، قادرة على تخطى كل شئ، ليس من أجلها، بل من اجل الشئ الوحيد الذى عاشت من أجله، طفلها الحبيب، فارس.

قاد مروان سيارته بسرعة بإتجاه ذلك المطعم الذى اتفق فيه مع ياسين على اللقاء، تفادى سيارة كاد أن يصدمها بصعوبة، ليتجه بسيارته إلى جانب الطريق ويوقفها، يحل رباط عنقه وهو يتنفس بصعوبة، ليفتح الزر الأول لقميصه ويأخذ نفسا عميقا، يدرك أن سر ضيقه وألم صدره هو إلتقائه مجددا بمن كانت السبب الأول في تحوله إلى ذلك المروان الذى بات لا يعرفه، كم كان بالماضى طيب القلب، يؤمن بالحب، محبا للحياة، وكم كان مخدوعا بها، أحبها منذ أن رآها لأول مرة وهي تحضر إليه فنجال القهوة، وقع في سحر نظرة عيونها الجميلة وملامحها البريئة، أحبها بكل ذرة في كيانه، أرادها في حياته وبقوة، منحها قلبه وعقله وروحه، لتأخذهم جميعا وتضرب بهم عرض الحائط، تتخلى عنه في أول مشكلة مرت به، وتلجأ لغيره فأصبح لها بديلا عنه، ليفقد هو الثقة بالحب، بالمشاعر، وبالنساء، ليظل كيانا هائما ليس له هدف في الحياة سوى الانتقام، الانتقام فحسب، رفع يده يضعه على قلبه الموجوع قائلا بألم:.

أصبر ياقلبى، استحمل معايا شوية لغاية ماننتقم منهم كلهم، متتخلاش انت كمان عنى زي ما اتخلت هي عنى زمان، وأوعدك هاخد حقك، هاخد حقك من كل اللى ظلمك وجه عليك، وقريب أوى هترتاح، ترتاح للأبد.
لترتسم القسوة على ملامحه وهو يعيد تشغيل سيارته متجها إلى ياسين، صديقه الوحيد.

قال ياسين في حدة:
انت بتقول ايه يامروان؟ازاى تعمل كدة؟
هز مروان رأسه وهو يمرر يده في رأسه بيأس:
مقدرتش أعمل غير كدة.
ثم نظر الى عين ياسين قائلا:.

لما شفتها من تانى صحت جوايا أحاسيس كتير افتكرتها ماتت، كنت فاكر انى مفيش غير الكره ليها في قلبى، بس طلعت غلطان، جوايا متلخبط أوى ياياسين، مش عارف انا لسة بحبها ولا خلاص كرهتها ولا اللى جوايا ذكرياتى معاها، انت متعرفش انا كنت بحبها اد ايه، دى كانت روحى ياياسين، البنت الوحيدة اللى قدرت تدخل قلبى وتملكه،
ليزفر وهو يمرر يده في شعره قائلا:.

بص، أنا فعلا متلخبط ومش عارف جوايا ايه، بس كل اللى اعرفه دلوقتى هو إن بالرغم من انى مش ممكن هثق فيها تانى ولا هي بقت تنفع تكون لية، لكنى مش هقدر أتخلى عنها زي ما هي اتخلت عنى زمان، ومش هقدر أسيبها لعدنان يشغلها عنده تانى وانت عارف هو بيشغل البنات إزاي وفى إيه، حتى لو هي مش لية بس مش هقدر أتخيل إنها مع حد تانى، كفاية انى بموت من ساعة ما عرفت هي كانت عايشة فين وبتعمل ايه، ومش هقدر برده اشوفه بيموتها، أو بيموت إبنها، مش هقدر.

ليبتسم قائلا في سخرية مريرة:
تعرف، ابنها ده ياما حلمت إنه يكون منى أنا، طفلى انا، حتة منى ومنها، بس خلاص مبقاش ينفع.
أخرج مروان سيجارة من علبة سجائر ياسين واشعلها بقداحته ليأخذ منها نفسا عميقا ثم ينفثه ليسعل بقوة فأخذها منه ياسين وهو يطفئها في منفضة السجائر أمامه مناولا إياه كوبا من الماء، قائلا بعتاب:
احنا مش قايلين بلاش سجاير عشان صحتك.
تناول مروان جرعة ماء ثم قال في مرارة:.

غصب عنى ياياسين، جوايا مرارة محدش عارف أد إيه قاتلانى، انت لو شفته هتعذرنى، لو شفت أد ايه جميل، ورغم سنه الصغير لكن جواه قوة غريبة مست قلبى.
أغمض ياسين عينيه ثم فتحهما قائلا:
كلامك كله قالقنى يامروان، إنت بتلعب بالنار وأنا خايف عليك تحرقك.
تراجع مروان بظهره الى مقعده وهو قائلا:
عارف بس مش قادر أخلينى بعيد.
ليزفر قائلا:
وعموما احنا كلنا بنلعب بالنار ياياسين بس أهم حاجة ناخد بالنا.
أومأ ياسين برأسه قائلا:.

معاك حق، أهم حاجة ناخد بالنا.
ثم نظر اليه قائلا باستفهام:
صحيح مقولتليش عملت ايه النهاردة عند عدنان؟
قال مروان وقد قست عيناه لتزداد قتامة:
بلع الطعم وصدق إنى رايحله بالخير، ميعرفش انى دقيت النهاردة اول مسمار في نعشه، وإن نهايته قربت، قربت أوى يا ياسين.
زفر ياسين بارتياح قائلا:
طمنتنى، كدة الخطوة الأولى تمام، إيه هي بقى خطوتنا الجاية؟
مال مروان الى الأمام مقتربا من ياسين قائلا:
هقولك ياياسين، هقولك.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 11 < 1 2 3 4 5 6 7 8 11 > الأخيرة




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1969 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1445 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1450 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 1255 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 2427 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، الشيطان ،












الساعة الآن 07:42 PM