رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل العشروندلفت شروق إلى حجرة مراد بجسد يرتعش قلقا على هذا الممدد على سرير المستشفى، تحيطه الأربطة البيضاء المرعبة، إنهمرت دموعها في صمت وهي تقترب منه، ترى شحوب وجه الذي أوجس قلبها خيفة عليه، جلست بجواره ومدت يدها تحيط بيده اليسرى السليمة بلهفة حزينة، تقول بهمس مرير:.سلامتك ألف سلامة، ياحبيبى يامراد، ياريتنى كنت أنا اللى بدالك، ليه بس مأخدتش بالك من نفسك، إنت مش عارف غلاوتك عندى، إنت مش عارف لو جرالك حاجة أنا ممكن يجرالى إيه؟لتسرع وهي تهز رأسها بجزع قائلة:لأ، بعيد الشر، إنت مش ممكن يجرالك حاجة أبدا، مفهوم، إنت روحى يامراد، ومن غيرك أموت.لترفع يده إلى شفتيها تقبلها بشوق وهي تغمض عينيها ألم.لتشير رحمة إلى يحيى كي يبتعدا عن النافذة الزجاجية ويتركا لها بعض الحرية لتعبر عن مشاعرها بخصوصية، ليجلس يحيى وتجلس بجواره رحمة على تلك الكراسي المقابلة للحجرة، إستندت رحمة إلى كتف يحيى فرفع يده ووضعها على كتفها لتضم نفسها إليه تمد يدها وتمسك يده الأخرى تتخلل أصابعه بأصابعها وهي تقول بهمس:.أنا عرفت دلوقتى ليه مراد إتجوز على مراته، شروق هي بجد اللى تستاهله، هي مراته الحقيقية، واضح جدا إنها بتحبه، وأكيد هو كمان بيحبها.تنهد يحيى قائلا:هي فعلا بتحبه، بس مع الأسف هو مش شايف حبها ده، معمي بحب واحدة تانية.عقدت رحمة حاجبيها وهي تعتدل قائلة:واحدة تانية، بس مراد مبيحبش بشرى وإلا مكنش إتجوز عليها، وكمان مش باين أبدا إنه بيحبها.قال يحيى بهدوء:بشرى مش هي الإنسانة اللى بيحبها يارحمة،.عقدت حاجبيها قائلة في حيرة:أمال هي مين؟وياترى أعرفها؟أومأ برأسه إيجابا قائلا:أيوة.إزداد إنعقاد حاجبيها وهي تقول:مين دى؟، قول بسرعة يايحيى متحيرنيش.تأملها لثوان حبست فيهم أنفاسها ليقول هو بهدوء:إنتى.نهضت وقد إتسعت عيناها في صدمة قائلة:أنا؟أومأ برأسه قائلا:أيوة إنتى، بس إهدى كدة وأقعدى عشان أفهمك.جلست ومازالت الصدمة ظاهرة بعينيها ليستطرد يحيى قائلا بشرود:أنا هحكيلك حكاية صغيرة...من زمان، عرفنا إن عمى إتجوز وجاب طفلة تانية غير راوية إسمها رحمة، وإنها جميلة ورقيقة زي البدر، بتشبه مامتها بالظبط، كان نفسنا نشوفها بس جدنا كان مانعنا، ولما هربت مامتها وباباها اتوفى، دخلت هي حياتنا، دخلتها بطلتها، بجمالها، بسحرها، بطيبتها وخفة دمها، دخلتها بروحها اللى جذبت الكل وخلتهم إما عاشقين لها أو غيرانين منها زي بشرى، للأسف حبها الإخوات التلاتة، وللأسف برده محدش فيهم صارح التانى بمشاعره، الكبير كان عاميه حبه عن إنه يشوف إن إخواته هما كمان حبوا حبيبته، أما الصغير ولإنه طايش ومجنون ومريض نفسى، قدر يتجوزها رغم حب أخوه الكبير ليها وحبها ليه، وبعدها إكتشف الأخ الكبير أن أخوه الوسطانى كمان بيحبها لما إعترفله بالحب ده في لحظة ضعف منه بعد جوازها من أخوهم الصغير، كانت صدمته كبيرة وهو شايف إخواته حبوها زي ما حبها هو بس اللى كان متأكد منه إنهم محبوهاش أده، وإنهم لو حبهم في يوم إنتهى من قلوبهم، حبه هو مش ممكن ينتهى وإنه محفور في جلده، فجأة الصغير عرف إنها مبتحبوش وده جننه، والأخ الوسطانى بدأ يفوق من وهمه قبل ما يتجنن هو كمان، لكن حب الأخ الكبير لرحمة هو الحاجة الحقيقية بس في حياتهم، واللى فضلت زي ما هي متغيرتش، والأكيد إنه هيفضل يحبها مهما طال بيهم العمر،.نظرت إلى أصابعه التي تمسكت بأصابعها ثم نظرت إلى عيونه بعيون غشيتها الدموع قائلة بحنان:الحمد لله إن ربنا جمعنا وفوق مراد يايحيى قبل ما يخسر كل حاجة زي هشام، أما أنا فهفضل أحبك لآخر نفس فية يايحيى.إبتسم لها برقة، لتبتسم له بدورها ثم مالبثت أن إختفت إبتسامتها وهي تقول:طب ومراد، إمتى هيحس بشروق يايحيى؟قال يحيى بغموض:.مراد خلاص بدأ يفوق من وهمه، معتقدش فاضل كتير ويحس بيها وبحبه هو كمان ليها، ولو محسش بيها، فأعتقد الحادثة دى هتفوقه بالكامل.أومأت برأسها موافقة وعيونها على هذا الباب المغلق والذي تضم جنبات حجرته حبيبان مثلهما تماما، تنقصهما فقط، النهاية السعيدة.نظرت شروق إلى ملامح مراد في عشق قائلة:وحشتني أوي يامراد، وحشنى صوتك، وحشنى حضنك، قوم ياحبيبى بالسلامة ومش مهم ترجعلى، المهم تقوم وأشوفك أدامى زي زمان، ولو من بعيد حتى، قوم عشان خاطرى وخاطر إبنك وأخوك، قوم عشان خاطر كل اللى بيحبوك، متسيبناش كدة متعذبين في بعدك عننا، عشان خاطرى قوم، قوم يامراد.إنهمرت دموعها، لتظل هكذا برهة من الوقت، حتى هدأت قليلا، لتنهض وتميل مقبلة وجنته بحنان ثم تعتدل قائلة:.أنا همشى دلوقتى عشان معملش ليك مشاكل مع بشرى بس هجيلك تانى وهفضل أجيلك وأجيلك لحد ما أشوفك مفتح عيونك، لحد ما أشوفك مراد، حبيبى بتاع زمان.لتنظر إليه تتأمله للمرة الأخيرة ثم تغادر الحجرة بخطوات بطيئة منكسرة، حزينة، لتجد يحيى و رحمة بالخارج، اقتربت منهم تمسح دموعها برقة ثم تقف أمامهما قائلة بحزن:أنا همشى دلوقتى عشان بشرى، بس من فضلك يايحيى لو حصل أي حاجة بلغنى بيها علطول.أومأ يحيى برأسه في هدوء قائلا:متقلقيش ياشروق، هبلغك.قالت شروق بإرتباك خجول:أنا، يعنى، من بعد إذنك هجيله تانى، عارفة إنى بتعبك معايا بس غصب عنى يايحيى، عايزة أشوفه وأطمن عليه بنفسى.إبتسم يحيى قائلا:انا مقدر مشاعرك، ومتقلقيش إبقى كلمينى بس، ورحمة هتظبط كل حاجة.أومأت برأسها بهدوء، ثم إلتفتت شروق إلى رحمة تتأملها قائلة بصوت ظهر به حزنها رغما عنها:إنتى رحمة؟أومأت رحمة برأسها قائلة:أيوة.تمالكت شروق نفسها وهي تقول:كتر خيرك على اللى عملتيه معايا، يحيى قاللى إنك صاحبة فكرة الفحوصات اللى شروق لازم تعملها عشان لو إحتاجوا يعملوا عملية لمراد، متشكرة، متشكرة أوي.أمسكت رحمة يد شروق قائلة بحنان:دى حاجة بسيطة عشان أجمع إتنين بيحبوا بعض.نظرت شروق إلى عيون رحمة التي ظهرت بهما روحها الطيبة لتدرك سر حب الجميع لها، حتى هي أحبتها على الفور، لتبتسم إبتسامة باهتة قائلة:.ربنا يخليلك يحيى ويخليكى ليه.نظرت رحمة إلى يحيى الذي بادلها نظرتها بعشق قائلة:يارب.إبتسمت شروق بحزن وهي ترى هذان العاشقان أمامها، لتتمنى لثوان فقط لو كانت هي ومراد مثلهما، لتخفض بصرها قائلة:انا لازم أمشى ومتشكرة أوي على تعبكم معايا.قال يحيى:إستنى هوصلك.إبتسمت قائلة:مفيش داعى، نهاد صاحبتى مستنيانى برة، بعد إذنكم.لتغادر تتبعها عيونهم، بينما كانت هناك عينان تابعت ما يحدث بشئ من الريبة، ربما لم تستطع سماع حديثهما من هذا المكان البعيد ولكن ما شاهدته لا يبشر بالخير أبدا، لترفع هاتفها قائلة:مجدى، إنت لسة ممشتش صح؟لتزفر براحة قائلة:طيب فيه واحدة خارجة دلوقتى من المستشفى لابسة فستان أزرق وعينيها خضرا وشعرها كستنائى، إمشى وراها وإعرفلى كل حاجة عنها، مفهوم؟لتغلق هاتفها وهي تنظر بحقد إلى هذان العاشقان اللذان جلسا مجددا إلى جوار بعضهما البعض يمسك يحيى بيدها وكأنه إن تركها ستهرب منه،حمدت ربها ان مجدى قد جاء في اللحظة المناسبة ليطمأن عليها وأنها طلبت منه المغادرة حتى لا يراه يحيى، ولكنه لم يغادر بعد ليتبع الفتاة وتصل هي إلى ما يخفونه عنها، نعم ستصل بكل تأكيد، إلى الحقيقة.إنتبه يحيى على صوت إضطراب تلك الأجهزة المتصلة بأخيه، لينظر من خلال النافذة الزجاجية بسرعة، ليلاحظ تحرك يد أخيه ويسرع بالدلوف للداخل تتبعه رحمة، ليقترب من سرير مراد يلاحظ سكون أخيه مجددا وعودة الأجهزة لمسارها الطبيعي، ليغمض عينيه بخيبة أمل فقد ظن أن أخاه قد أفاق من غيبوبته، ليفتحهما على صوت شروق التي قالت:حصل حاجة يايحيى، مراد فاق؟لاحظت رحمة تجاهلها الدائم لها لتتجاهلها بدورها بينما قال يحيى:.للحظة حسيت إنه فاق، بس الظاهر إنى كنت غلطان.أومأت بشرى برأسها، ثم قالت:طيب، أنا هروح البيت آخد شاور وأغير هدومي، وأرتاح شوية،لتنظر إلى رحمة وهي تستطرد قائلة:المكان هنا بقى خنيق أوي، ومحتاجة بريك، مش هتأخر يايحيى.كادت رحمة أن تموت غيظا من تلك التي تسمى بشرى، والتي تترك زوجها في غيبوبة وتعود للمنزل فقط كي تأخذ حماما وتبدل ملابسها ثم ترتاح قليلا، بينما هناك محلا للملابس أمام المستشفى قد تستطيع شراء شئ مناسب لها منه وهناك حجرة محجوزة لها بالمستشفى أيضا يمكنها أن تاخذ به حماما، ثم كيف تستطيع أن تنام وترتاح بينما زوجها يرقد على الفراش أسير غيبوبة لا تعرف هل سيفيق منها أم لا؟، لتهز رأسها بعدم رضا بينما قال لها يحيى ببرود:.ماشى يابشرى، السواق تحت هيوديكى ويبقى يجيبك تانى.أومأت برأسها بهدوء ثم إقتربت منه وسط دهشة رحمة قائلة:مش عايز حاجة أجيبهالك وأنا جاية يايحيى؟شعرت رحمة بالحنق من تلك المأفونة والتي بدأت رحمة تدرك نواياها الخبيثة، وما يضمره قلبها لزوجها، لتقول رحمة بغيظ:.لأ ياحبيبتى متشكرين، جوزى لو عايز حاجة هيطلبها منى أنا وهجيبهاله أنا، هاتى إنتى لجوزك وإنتى جاية هدوم، ومتتأخريش، لإنه أكيد هيحب مراته تكون جنبه لما بإذن الله يفوق.كاد يحيى أن يبتسم وهو يدرك غيرة زوجته الرائعة عليه ووقوفها تدافع عن حقها به بضراوة، ليكتم إبتسامته ولكنه شعر بداخله بالسعادة المطلقة وبعشقه الذي يشمل ذرات كيانه لتلك الجميلة زوجته، بينما نظرت بشرى إليها يأكلها الغيظ من تلميحاتها الغير مباشرة ولكنها مقصودة و بشدة، ليحمر وجهها غضبا، وكادت أن تتفوه بكلمات حانقة ولكنها كتمتها بدورها في اللحظة الأخيرة وهي ترسم إبتسامة باردة على وجهها قائلة:.إن شاء الله ياحبيبتى،لتنظر إليها من رأسها لأخمص قدمها قائلة بشفقة مزيفة:طيب أجيبلك فستان معايا يارحمة، إنتى مغيرتيش من إنبارح، وبصراحة المنظر مش تمام ويأثر اكيد على سمعة عيلة الشناوي.ليتدخل يحيى بالكلام قائلا بهدوء ولكن بنبرة خرجت تحذيرية وشديدة الصرامة:مراتى مبيهماش المظاهر، والكلام الفارغ ده يابشرى،لينظر إلى عيون رحمة قائلا بحنان:.مراتى بتشرفنى أيا كان مظهرها، مظهرها اللى أنا شايفه دلوقتى كامل ومش محتاج أي حاجة،رفعت رحمة حاجبيها تأثرا وقد غشيت عيونها الدموع، تشعر بقلبها يغرق في عشقه، فماذا هناك أكثر من الغرق في العشق؟هي حقا لا تدرى.ليبتسم لها بحنان وهو يدرك أفكارها التي تظهر على ملامحها الشفافة، لتبادله إبتسامته بدورها، تتابعهما بشرى بقلب يشتعل حقدا، تشعر أنها تكاد ان تموت قهرا الآن، ليلتفت يحيى إلى بشرى وهو يضع يده على كتف رحمة يضمها إليه قائلا:لكن طبعا لو حبت هبعت أجيبلها بدل الفستان عشرة بس معتقدش إن وضع أخويا دلوقتى يخلينا نفكر في حاجات تافهة زي دى.إلى هنا ويكفيها ما لاقته من كلمات يحيى التي تحمل لها تقريعا غير مباشرا وتجريحا مقصودا، لتقول بملامح عجزت عن إخفاء الحقد بهم:آااه، طيب، أنا ماشية، سلام.لتبتعد بشرى بخطوات سريعة غاضبة، وتقول رحمة بدهشة:هو فيه كدة، بشرى دى إيه، ياساتر، مراد مستحملها إزاي بس؟قال يحيى بهدوء:دى الحاجة الوحيدة اللى شفعتله عندى جوازه من شروق، بشرى بجد متتطاقش، وشروق مختلفة عنها خالص.قالت رحمة:.مفيش أصلا وجه مقارنة بينهم، دى حاجة ودى حاجة تانية خالص، أنا عن نفسى حبيت شروق وحسيتها بجد بتحب مراد، بس اللى مش قادرة أفهمه، ليه مخبى جوازه منها؟نظر إليها بنظرة ذات مغزى لتفهم نظرته وهي تومئ برأسها قائلة في تقرير:بشرى أكيد، صح؟كاد أن يوافق على كلماتها حين إنتفض على صوت مراد وهو يقول بضعف:يحيى.إلتفت كل من يحيى ورحمة إلى مراد ليميل يحيى على مراد الذي كان مغلق العيون قائلا:.مراد، إنت فقت بجد وبتكلمنى؟ولا أنا بتخيل؟فتح مراد عيونه بوهن ونظر إليهم وهو يبتلع ريقه بضعف قائلا:شروق يا يحيى، شروق كانت هنا، صح؟أغشيت عيون رحمة بالدموع ويحيي يقول بسعادة:حمد الله ع السلامة ياحبيبى، حمد الله ع السلامة يامراد.إبتلع مراد ريقه قائلا:الله يسلمك،ليصمت لثانية ثم إستطرد قائلا:شروق يايحيى، شروق كانت هنا، أنا متأكد؟صح؟إبتسم يحيى قائلا:ايوة يامراد، شروق كانت هنا،زفر مراد بإرتياح قائلا:.كنت عارف، قلبى حس بيها، سمعت كلامها، كانت حزينة،إبتلع ريقه ثم إستطرد قائلا بضعف:فضلت تنادى علية وقلبى لبى نداها، طلبت من ربنا أفوق حتى لو بعدت عنها، إزاي فكرت بس إنى ممكن أعيش من غيرها،ليغمض عينيه مستطردا:أكيد أنا السبب، انا اللى خليتها تفتكر إنها مش مهمة عندى، أنا السبب.قالت رحمة بشفقة وقد فتح مراد عيناه لتظهر بهما الدموع:إهدى يامراد، بالراحة، مش كدة؟نظر مراد إليها ليتأملها لثانية قائلا في حزن:.أنا آسف يارحمة،ثم نظر إلى يحيى قائلا بندم نطقت به أحرفه وهو يقول:أنا آسف يايحيى.ليبدل نظراته بينهما وهو يستطرد قائلا:أنا آسف بجد، آسف لو غلطت في حقكم من غير قصد،ليصمت لثانية ثم يستطرد بألم:كان نفسى أتأسفلها هي كمان، كان نفسى أقولها إنى غلطت في حقها كتير وسامحتنى أكتر، وإنى بحبها أوي، أوي يايحيى، بحبها أوي يارحمة، والحمد لله إنها منزلتش البيبى، كنت هموت لو حصلها أو حصل لإبنى حاجة يايحيى.إتسعت عينا يحيى قائلا في صدمة:هي شروق حامل؟أومأ مراد برأسه قائلا بحزن:أيوة حامل، وأنا بلسانى اللى كان يستاهل قطعه ده قلتلها تختار بينى وبينه، خيرتها مابينى وبين إنها تقتل إبنى يايحيى، أنا طلعت وحش أوي.قال يحيى بشفقة:غلطة وندمت عليها يامراد وهي اكيد سامحتك، اللى بيحب بيسامح، وهي إختارت متنزلش طفلك وده معناه إنها لسة بتحبك وإنها أصيلة يا مراد.ليربت يحيى على يده مستطردا:.بص، أنا عايزك تهدى يامراد، إهدى ومتفكرش في حاجة دلوقتى غير إنك تقوم بالسلامة، ولما تقوم بالسلامة اكيد هتقدر تصحح كل الغلطات اللى في حياتك، وهترجع مراد، اللى انا عارفه كويس وواثق فيه.نظر مراد إلى يحيى بإمتنان ليبادله يحيى بنظرة ثابتة قوية حانية، قبل أن يقول:أنا هروح أجيب الدكتور يطمنا عليك يامراد، مش هتأخر.إبتعد مغادرا الحجرة بهدوء بينما أغلق مراد عيونه بوهن ليفتحهما مجددا حين قالت رحمة:.شروق دى كنز يا مراد، ياريت تحافظ عليه.أومأ مراد برأسه وقد ظهر بعيونه التصميم، يدرك أن شروقه بالفعل كنز كما قالت رحمة، كنزه الذي تركه يفلت من يده، وهو ينوى إسترجاعه والحفاظ عليه، بكل قوته.نظرت رحمة إلى بشرى الجالسة بجوار مراد تتظاهر باللهفة عليه، من خلال النافذة الزجاجية، لتشعر بالحنق، زفرت ببطئ، ثم ربتت على يد يحيى قائلة بهمس:يحيى.نظر إليها بإستفهام، لتقول مستطردة:مراد بقى كويس الحمد لله فأنا هروح البيت، أجيبلنا شوية حاجات من هناك.قال يحيى وهو يهمس بدوره:كل الموضوع ليلة واحدة كمان يارحمة وهنروح بكرة.أطرقت برأسها قائلة بحزن:.بصراحة هاشم وحشنى أوي وعايزة أشوفه يا يحيى، وأطمن عليه.تأملها يحيى بحنان قائلا:طيب، يلا هوصلك تشوفيه وتجيبى الحاجات اللى إنتى عايزاها ونرجع تانى.نظرت إليه بدهشة قائلة:مش مستاهلة تيجى معايا يايحيى، السواق هيوصلنى ويرجعنى علطول.تأمل ملامحها الجميلة الرقيقة وهو يقول بشغف:مش هقولك هاشم كمان وحشنى وعايز أشوفه، لأ، كمان مش هقدر أسيبك تغيبى عن عينى الشوية دول.دق قلب رحمة فرحا لكلماته التي حملتها إلى أعناق السماء، فمنذ إعترافه لها بعشقه وهو يغمرها به، حتى كاد قلبها ان ينسى كل مامر به من عذاب، لتنظر إلى ملامحه التي تعشقها وهي تقول بحنان:على فكرة أنا قلبى مش حمل كل الحب ده يا يحيى، خايفة أصدقه وأعيش جواه وبعدين...رفع إصبعه يضعها على شفتيها الجميلتين ناظرا إلى عينيها بعشق قائلا:.مفيش بعدين، صدقيه وعيشى جواه ووعد منى مش هتندمى على إنك سيبتى نفسك تعيشى الحب اللى اتحرمنا منه سنين.إبتسمت لتتحرك شفتيها تحت أصابعه وتغيم عيناه وهو ينظر إليها لتتجمد بدورها ثم تنتفض على صوت بشرى التي خرجت من الغرفة فجأة قائلة بحنق:الحاجات دى ليها أوض مقفولة تتعمل فيها يايحيى.جز يحيى على أسنانه وظهرت بعيونه القسوة وهو يلتفت إليها قائلا ببرود صقيعي:تصدقى إنتى معاكى حق، يلا، سلام يابشرى.ثم أخذ بيد رحمة متجها إلى الخارج وسط صدمة بشرى التي نظرت في إثرهما بدهشة تحولت لغضب شديد وهي تقول بغل:ماشى يايحيى بتغيظنى، طب وحياتك عندى لأحسرك على العقربة اللى انت فرحان بيها أوي دى، أصبرى علية يابنت بهيرة.لتتجه بخطوات غاضبة بإتجاه حجرة مراد مجددا وهي تتساءل بغيظ، لماذا لم يمت في هذا الحادث ولماذا إستفاق من الغيبوبة، هل هو حظها العاثر أم أنه القدر والذي يعاندها دائما، لتقسم في نفسها أنها ستغير هذا الحظ وستتحدى القدر حتى، فقط لكي تصل إلى مأربها، تصل إلى يحيى.
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرونكان يحيى ينظر بحنان إلى هاشم القابع في أحضان رحمة نائما بعمق، ليتخيل أن هذا هو طفله منها هي ويمتلئ قلبه بالعشق لكليهما، فهما دنياه وإسعادهما هو الشئ الذي يعيش من أجله، ليتمنى من كل قلبه لو رزقه الله طفلا آخر، منها هي، لتكتمل سعادته.قرأتها على ملامحه الشفافة وشعرت بكيانها كله يرتعش حزنا، لتنهض وتضع هاشم في سريره وهي تقبله بحنان، سقطت من عينيها دمعة على وجنة الصبي مسحتها برقة، لمحها يحيى ليإن قلبه وجعا، وينهض بدوره متجها إليها ليقف أمامها تماما يشعر بالحيرة لمرأى تلك الدمعة، أطرقت برأسها في ألم، فمد يحيى يده ورفع ذقنها إليه ليرى عيونها، تلك العيون الدخانية الرائعة و التي لا يرى الآن لونهما المختفى حول بحيرة راكضة من الدموع، سكنت عيونها وأبت أن تجرى على وجنتيها، سألها يحيى بقلب واجف قائلا:.ليه الدموع دى يارحمة؟سالت تلك الدموع على وجنتيها بالفعل، كنهرين جاريين، لتهرب من أمامه، تاركة إياه وسط خوف تملكه من سبب بكائها، ليتبعها حتى حجرتهما ويدلفها خلفها، وجدها مستلقية على السرير، تخفى وجهها فيه، يهتز جسدها بضعف ليسرع إليها ويجذبها، يأخذها بين أحضانه يضمها بقوة وهو يقول بلهفة تمتزج بالقلق:.طمنينى عليكى يارحمة، عشان خاطرى، متسيبينيش بالشكل ده، دماغى بتودى وتجيب، وقلبى بيترعب من السبب اللى مخليكى بتعيطى بالشكل ده.ضمته بدورها بقوة قائلة بمرارة:ضمنى كمان يايحيى، حسسني إنك مش ممكن تسيبنى، وإنك هتفضل جنبى طول العمر، طمني إن مفيش حاجة ممكن تفرقنا عن بعض.ضمها إليه بشدة، يود لو أسكنها ضلوعه، يتساءل بحيرة عن سبب خوفها من الفراق وهو يؤكد لها في كل لحظة عشقه الأبدي، لتخرج هي من أحضانه، وتضم وجهه بين يديها قائلة بهمس مرير:إنت أغلى حاجة في دنيتى يايحيى، إنت حبيبى وجوزى وكل ما لية، بس تعرف أكتر حاجة الست ممكن تتمناها لما تتجوز حبيبها هي إيه؟تأمل المرارة على وجهها ليدرك قلبه مابها، ويتألم فقط لألمها الذي عبرت عنه في حروفها وهي تقول:.أكتر حاجة الست بتتمناها هي طفل يكون جزء منها ومن حبيبها، حتة منه زي هاشم بالظبط، بس للأسف الأمنية دى مستحيلة بالنسبة لى، تعرف ليه؟لم ينطق بحرف بينما إستطردت هي بألم قائلة:لإنى مبخلفش يايحيى،لتترك يديها تسقط بجوارها وهي تردد بمرارة:مبخلفش.رفع يده إليها يمسك يديها بين يديه على الفور، قائلا بحنان:.وهاشم ده إيه؟ها، مش إبنى، حتة منى، قلبك ده مبيحسش إنه كمان حتة منك، يبقى ليه نضايق وربنا أكرمنا بيه، هاشم إبنى وإبنك يارحمة، إبننا.نظرت إليه بعيون غشيتها الدموع وهي تقول:يعنى إنت مش زعلان إنى مبخلفش يايحيى؟نظر إليها يحيى قائلا بحنان:.أنا كفاية علية إنتى يارحمة، الأطفال ده رزق من عند ربنا زي ما الحب رزق، وأي نعمة ربنا يديهالى، أنا راضى بيها، وهشكره دايما عليها، ربنا رزقنى حبك ورزقنى هاشم، مش معقول أكون طماع ومشوفش النعم اللى إديهالى وأبص بس للى ناقصنى.سالت دموعها وهي تقول بعشق:إنت مفيش منك يايحيى.مد يده يمسح دموعها بيديه قائلا بعشق:أنا بحبك، بحبك وبس يارحمة.نظرت إليه نظرة طويلة حملت إليه كل مشاعرها ليبادلها نظرتها بنظرة مماثلة، ليقتربا سويا في قبلة حملت مشاعرهم، قبلة سحبت أنفاسهم كلية، أذابتهم، ليبتعد يحيى عن شفاه رحمة لثوان تاركا لها الفرصة لكي تستعيد أنفاسها ليجتاحها مجددا بقبلاته التي بادلته إياها بعشق، لتمر أيدى كل منهما على جسد الآخر وكأنهما يتأكدان من أنهما موجودان بين ذراعي بعضهما البعض، وبلمساتهما يثيران في كل منهما مشاعر عاتية، وكأنهما يؤكدان على قوة المشاعر التي تجمعهما، تحاول رحمة أن تقاوم تلك المشاعر التي تكاد أن تفجر قلبها من قوتها، حتى فتح يحيى سحاب فستانها ليسقط الفستان أرضا وتسقط معه آخر ذرة مقاومة لديها.عقدت بشرى حاجبيها بشدة وهي تقول:يعنى هي كانت شغالة مع مراد وبعدين سابت الشغل من سنتين، ومحدش عرف عنها حاجة لحد ما جت من فترة بسيطة وقعدت عند صاحبتها من تانى، صح؟قال مجدى:.أيوة يابشرى، دى كل حاجة قدرت أعرفها عنها، البواب قال إنها جت عاشت مع صاحبتها فترة وإنها بتشتغل في شركة الشناوي لغاية فجأة ماإختفت ورجعت ظهرت من كام يوم، ولما سألت في شركة الشناوي قالولى إنها كانت سكرتيرة مراد وفجأة سابت الشغل ومراد عين واحدة تانية بدالها.أطرقت بشرى برأسها تفكر، ليطول صمتها ويقول مجدى في قلق:بشرى، روحتى فين، ألووو؟إنتبهت بشرى من أفكارها لتعدل وضع سماعة هاتفها وهي تقول:.معاك يامجدى، بس بفكر شوية، طب قوللى، صاحبتها دى ساكنة فين؟أملاها مجدى العنوان لتتذكر أنه نفس العنوان الذي حمله هاتف مراد في آخر رسالة نصية وصلته قبل الحادث لتعقد حاجبيها بشدة وهي تقول بهمس:كدة الموضوع ميطمنش خالص.قال مجدى بحيرة:موضوع إيه اللى ميطمنش؟إنتبهت بشرى له مجددا لتقول:ها، لا، مفيش حاجة، سلام دلوقتى يامجدى وهكلمك بعدين.إنتفضت على صوت مراد وهو يقول:مجدى ده مين يابشرى؟شعرت بالإضطراب والخوف وهي تلتفت إليه تتساءل إلى أي مدى إستمع إلى محادثتها، لتطمأنها ملامحه الهادئة وتقول بإهتمام مصطنع:إنت إيه بس اللى قومك من السرير، إنت لسة تعبان والدكتور قال إن لازملك راحة عشان تتعافى من الحادثة.قال مراد بهدوء:أنا بقيت كويس، مقلتليش، مجدى ده يبقى مين؟قالت بشرى بإرتباك:ده، ده يبقى صاحب البيوتى سنتر اللى بروحله دايما، كنت عاملة حجز هناك ولما مروحتش إتصل بية.عقد مراد حاجبيه قائلا:وهو متعود يتصل بالعملا اللى عنده كلهم.إبتلعت بشرى ريقها وهي تقول:لأ طبعا مش كلهم، العملا الدايمين بس.زفر مراد وهو يجلس على مقعد قائلا:طيب، روحى شوفيلى الدكتور يابشرى، أنا زهقت من المستشفى دى وعايز أمشى من هنا حالا،قالت بشرى:متأكد يا مراد؟قال مراد بضيق:طبعا متأكد، ما إنتى عارفة إنى مبحبش المستشفيات، ومبطيقش اقعد فيها، ده غير إن ورايا مشوار مينفعش يتأجل.عقدت حاجبيها قائلة:.مشوار إيه ده بس دلوقتى؟نظر إليها مراد قائلا في برود:بيزنس والعميل هيسافر ولازم ألحقه،قالت بشرى:إنت بتهزر يامراد؟، تخرج من المستشفى على ميتنج، ما تخلي يحيى يحضره، ولا هو لازق للهانم بتاعته ومش قادر يسيبها؟قال مراد بصرامة:بشرى، بقولك إيه بلاش شغل الأطفال ده، الميتنج محدش يعرف تفاصيله غيرى، ويحيي كان هيكنسل المشروع كله، عشان وضعي بس أنا اللى أصريت أكمله للآخر، وهروح الميتنج بنفسي.قالت بشرى بنبرات تملؤها الشك:طيب آجى معاك؟قال مراد بضيق:هتيجى معايا فين بس، انا هجتمع مع الراجل لوحدنا، آخدك بقى معايا وأقوله سورى، معلش جايب مراتى معايا، عشان أنا طفل صغير ومش هعرف آجى لوحدى؟قالت بشرى في برود:لأ ميصحش طبعا، عموما براحتك، عايز تروح لوحدك روح، أنا مش همنعك، بس كلم يحيى وقوله، عشان ميطلعش فية أنا علشان سيبتك تروح لوحدك.نظر إليها مراد في سخرية قائلا:.كل اللى يهمك رأي يحيى عنك، حاضر يابشرى هكلمه، روحى انتى بقى هاتيلى الدكتور خلينى أمشى من المكان ده.زفرت بضيق وهي تقول:حاضر، حاضر.لتبتعد مغادرة في خطوات غاضبة يتابعها مراد بعينيه قائلا بحزن:مفيش فايدة.ليشرد بخياله في هذا العمل الذي لابد وأن يقوم به، حتى يصحح خطأه مع التي سرقت قلبه دون أن يدرى وتركته هائما في عشقها، تائها دونها، يبحث عن مرفأها، ولن يرتاح، حتى يجده.كانت رحمة، تستند برأسها على صدر يحيى العاري، تمرر يدها صعودا وهبوطا عليه، بينما هو مستسلم تماما للمساتها يمرر يده بين خصلات شعرها الناعمة، لتتوقف رحمة بيدها عند قلبه متسارع الدقات، تستكين يدها عليه، لتقول بهمس:قلبك ده قلبى على فكرة، دقاته هي دقاتى، لما بسمعها بطمن أوي يايحيى.أمسك بيدها يسحبها إليه لتصبح مشرفة عليه، تتأمل عيونه العسلية وهو يرفع يديه يمررها على وجنتها بحنان قبل ان ينظر إلى عينيها قائلا:.وعيونك دول مرايتى السحرية، دايما لما ببص فيهم بشوف نفسى فرحان، وبحس إن الدنيا كلها فرحانة معايا، حتى لما كنت بغضب أو أضايق، كنت أبص جوة عيونك أشوف صورتى، أحس إنى جزء منك، جوة تكوينك، برتاح، برتاح أوي يارحمة وأنا حاسس بكدة، وزي ما هم مرايتى واللى بشوف فيهم نفسى جواكى، وزي ما بيسعدونى، كمان بيعرفونى كل أسرارك، عيونك شفافة بتعكس روحك، بتوصلى كل مشاعر وكل حاجة ممكن تكونى مخبياها عنى، عيونك دول حبايبى.كاد قلبها الآن ان ينفجر عشقا لهذا الرجل، لتبتسم بعشق قائلة:وإنت حبيبهم يايحيى.إقترب يحيى بوجهه منها يكاد ان يلثم شفتيها الكرزيتين، لتبتعد قائلة بمشاكسة:بس قوللى عيونى بس اللى حبايبك.ليعدل وضعها في ثوانى وتصبح هي بالأسفل وهو مشرف عليها ليقبل عيونها قائلا بهمس:عيونك حبايبى.ثم قبل وجنتها هامسا:وخدودك.ليقبل شفتيها هامسا بعشق:وشفايفك.ثم قبل عنقها قبلات بطيئة قائلا بنبرات أصبحت ثقيلة من رغبته بها و التي أطاحت بعقله:أنا بحبك كلك على بعضك يارحمة.لتمد يدها ترفع وجهه بيديها تقرب شفتيها من شفتيه تقبله هي وقد بلغ عشقها له أبعد الحدود، ليبادلها قبلاتها ثم يقود هو علاقتهما فرحا بمشاعرها التي ظهرت في كل لمساتها وهمساتها التي قالت له، أحبك، أعشقك ياتوأم الروح.قال مراد بحزم:كان لازم أمشى من المستشفى يايحيى، كان لازم أشوفها وأعتذرلها وأرجعها بيتها.قال يحيى بقلق:طب كنت إستنى الليلة دى على الأقل يامراد عشان نكون مطمنين عليك.زفر مراد قائلا:قلتلك مكنتش هقدر يايحيى، عموما، أنا مش هتأخر.تنهد يحيى قائلا:طب إنت فين دلوقتى؟نظر مراد إلى تلك البناية القديمة من خلال نافذة تلك السيارة التي أجرها خصيصا لتوصله إلى حبيبته قائلا:.أنا أدام بيت نهاد، متقلقش يايحيى، هصالحها وهرجع علطول.قال يحيى:وبشرى قلتلها إيه؟قال مراد:قلتلها إجتماع مهم مينفعش يتأجل، وخليتها تسبقنى على البيت.قال يحيى بضيق:إنت برده هتروح على شقة المعادى؟قال مراد بهدوء:أيوة يايحيى.قال يحيى:يعنى مش ناوى ترجع بيت الشناوي يامراد؟تنهد مراد قائلا:إنت عارف إنى لو رجعت، هترجع المشاكل بين بشرى ورحمة، أنا لو علية عايز أرجع من الصبح بس مع شروق مش مع بشرى يايحيى.قال يحيى بثبات:طب ما تطلق بشرى يامراد وتعيش مع شروق أدام الكل، مش في الضلمة زي زمان.زفر مراد قائلا:كان نفسى يايحيى بس مش هينفع، فيه حاجات كتير تمنعنى أطلق بشرى وإنت عارف، لو كنت إنت مكانى مكنتش هتطلقها، صح؟صمت يحيى كان إجابة واضحة لكونه على حق فلكي يطلق بشرى يحتاج إلى سبب قوي، حتى لا يلومه أحدا من العائلة أو يغضبون عليه، ليستطرد مراد قائلا:.أما بالنسبة لشروق فأكيد هتكون علاقتنا في النور، لو مكنش عشان حبى ليها واللى خلانى شفت أد إيه أنا قصرت في حقوقها علية، فعشان خاطر طفلى اللى جاي، بس صدقنى محتاج أفكر كويس أوي عشان أظبط أمورى وأقدر أعمل كده.قال يحيى بهدوء:ماشى يامراد، أنا معاك وفى ضهرك، ولو إحتجتنى هتلاقينى جنبك.إبتسم مراد قائلا:ده العشم يايحيى، ربنا يخليك لينا.إبتسم يحيى قائلا:ويخليكوا لية يامراد.كان يحيى ينظر في تلك اللحظة لرحمة التي إبتسمت بدورها وهي ترسل له قبلة هوائية إتسعت على أثرها إبتسامته ليعود ويركز في الطريق عندما قال له مراد:مفيش داعى بقى ترجع البيت يايحيى، مدام خرجت إنت ورحمة وكنتوا جايينلى المستشفى، أقولك، خدها حتة هادية وعشيها عشا رومانسى كدة، شموع وحركات، كفاية بقى الكآبة اللى عاشت فيها اليومين اللى فاتوا دول، غيرلها جو ياكبير.قال يحيى بمزاح ساخر:.ماشى ياخفيف، ركز إنت بس في اللى عندك وسيبك منى.إبتسم مراد قائلا:مركز، متقلقش، سلام.أغلق يحيى الهاتف وهو ينظر إلى رحمة قائلا:إيه رأيك؟ مادام أخويا خرج من المستشفى وإحنا مش رايحين على هناك، ومادام إحنا في العربية وخرجنا خلاص، نروح مكان هادى نتعشى فيه؟إبتسمت في سعادة وهي تصفق بيدها قائلة:وهنرقص؟إبتسم على طفوليتها وهو يومئ برأسه قائلا:وهنرقص.لتندفع مقبلة إياه في وجنته ثم قالت في سعادة:موافقة طبعا.إبتسم قائلا:طب ماتدينى بوسة كمان وأنا أوديكى الملاهي يارحمة.إتسعت عينا رحمة بفرحة قائلة:بجد؟تعالت ضحكات يحيى لتنظر إليه رحمة مشدوهة من وسامته الطاغية حين يبتسم فما بالها حين يضحك وتعلو ضحكاته، حينها حقا يذوب قلبها عشقا، توقف عن الضحك وهو ينظر إلي نظراتها المتيمة به مبتسما بحنان وهو يقول:بحب طفلة بجد،عقدت حاجبيها لتنفرج أساريرها حين أمسك يدها يقربها من فمه ويقبلها بنعومة، وهو يستطرد قائلا:.بس أجمل طفلة خلقها ربنا، طفلتى أنا.لتتمسك بيده التي تمسك بيدها وهي تحمد ربها أن هذا الرجل الرائع هو زوجها هي، ملكها هي، ومالكها.ترجل مراد من السيارة متجها إلى تلك البناية التي لم يزرها لأعوام مضت، توجس قلبه خيفة من أن ترده خائبا، ولكنه عزم أمره، لن يتوانى عن طلب الغفران ولن يستسلم حتى تغفر له وتسامحه، ليظهر بعينيه التصميم قبل أن يدلف إلي الداخل غافلا عن عيون إتقدت شرارتها، وصاحبتها تنظر إليه من خلال زجاج سيارتها، لتحمل هاتفها وتتصل بهذا الرقم الأخير على سجل مكالماتها قائلة:زي ما توقعت يامجدى، الباشا راحلها البيت.قال مجدى:وده معناه إيه يابشرى؟قالت في غضب:اللى أنا شايفاه أدامى ملوش عندى غير معنى واحد، إن مراد بيلعب بديله، ولو إتأكدت من الكلام ده، هيبقى ياويله منى، مش بشرى اللى جوزها يعرف واحدة عليها أبدا، دى تمحيه وتمحيها من على وش الأرض.قال مجدى بهدوء:طيب إهدى يابشرى، إنتى فين دلوقتى؟زفرت بشرى قائلة بحدة:أدام العنوان اللى إنت إديتهولى.قال بحزم:طيب أنا جايلك حالا، إستنينى.ليغلق الهاتف بينما تعلقت عيون بشرى بتلك البناية تتوعد كل من مراد وتلك الفتاة البسيطة شكلا وملبسا، بنيران ستحرقهما إن تأكدت فقط من خيانة زوجها لها، نعم فقط ستنتظر، لتتأكد.نظرت شروق إلى نهاد التي تنظر إلى هاتفها الذي رن مجددا بمشاعر مختلطة ظهرت جميعها على وجهها، لتدرك هوية المتصل وتشفق على حاله وحال صديقتها، توقف رنين الهاتف لتقول شروق بحزن:برده مش هتردى عليه يانهاد.تجمعت الدموع فجأة في عيني نهاد وهي تقول بأسى:.أعمل إيه بس؟، أرد عليه وأقوله إيه؟، إنى لسة عند رأيي، إنى مش موافقة أربط حياته بحياة واحدة زيي، تعبت أجرحه وتعبت أشوف خيبة أمله جوة عيونه وصوته، حقيقى تعبت.لتنساب دموعها على خديها، ربتت شروق على يديها قائلة بحزم:.هقولك كلامى ده لآخر مرة يانهاد، إنتى اللى تاعبة نفسك ومعذبة قلبك وقلبه على الفاضى بأوهام جوة دماغك إنتى وبس، حبه ليكى واضح وقوى زي حبك تمام، والحب اللى بالشكل ده مفيش عقبة في الدنيا ممكن تقف في طريقه، حبكم هيعدى كل حاجة ممكن تفرقكم، إسمعى كلامى وآمنى بقوة حبكم وإديلوا فرصة، صدقينى مش هتندمى.رفعت نهاد إليها عيون تملؤها الحيرة وهي تقول:طب ليه إنتى مآمنتيش بكدة ياشروق، ليه بتتخلى عن مراد؟قالت شروق بنبرات رغما عنها خرجت متهدجة حزنا:أنا ومراد وضعنا مختلف زي ما قلتلك، أنا صحيح بحبه بس هو محبنيش، وعشان كدة، حلقة جوازنا كانت ضعيفة وأقل حاجة قابلتنا كسرتها، لو كان بس بيحبنى نص الحب اللى حبتهوله، صدقينى أنا كنت إتحديت الدنيا عشان أفضل معاه.رن الهاتف مجددا لتنظر إليه نهاد بتردد، لتقول شروق بإستنكار:.إنتى لسة هتفكرى؟، ردى على التليفون يانهاد، ياهرد أنا وأقوله إنساها يارأفت، نهاد حبها أضعف من حبك، روح دورلك ياابنى على واحدة تستاهلك.نظرت لها نهاد وقد ظهر التصميم على وجهها، لتمسك هاتفها تجيبه قائلة:ألوو، أيوة يارأفت، ثوانى وهكون معاك.لتنهض وهي تضع يدها على سماعة هاتفها تكتمها قائلة بهمس:أنا قلتلك قبل كدة إنى بحبك ياشروق.إبتسمت شروق قائلة:قوليله هو.قالت نهاد في حيرة:أقوله إنى بحبك إنتى.جزت شروق على أسنانها قائلة بغيظ:إمشى يانهاد من وشى، هتعليلى ضغطى والضغط العالى غلط على الحمل.لتبتعد نهاد ضاحكة وتدلف إلى الحجرة ولكن قبل أن تغلقها بعثت قبلة هوائية لشروق التي إبتسمت لها ثم ردتها إليها، لتغلق نهاد باب الحجرة في نفس الوقت الذي رن فيه جرس الباب، لتنظر شروق إلى باب الحجرة المغلق ثم تبتسم وهي تنهض لتفتح باب الشقة، لتتسع عينيها بشدة حين رأت زائرهم وأدركت هويته، فعلى الباب وقف من رؤيته قد خطفت أنفاسها يتأملها بنظرة عجزت عن تصديقها، نظرة جعلتها تقف عاجزة عن النطق، يدق قلبها كالطبول بين أضلعها، ليبتسم هو قائلا:.إيه ياشروق، هتسيبيتى واقف كدة على الباب، مش هتقوليلى إتفضل؟لتجد صوتها أخيرا وتهمس به قائلة:مراد...
رواية الثلاثة يحبونها للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرونإبتسم مراد قائلا:لأ خياله، طبعا ياستى مراد، أدخل بقى ولا أفضل واقف كدة؟، على فكرة، منظرى وحش أوي ياشوشو.إنه حقا مراد، أمامها معافى، لقد أفاق من غيبوبته، ويقف ببابها يمزح معها، هي حقا لا تتخيل، لقد إستجاب الله لدعائها وأعاده إليها سالما، أحست بالدوار وبأن الكون يدور من حولها، شعر مراد بالقلق وهو يرى شحوب وجهها وترنحها ليسرع بإسنادها، لتستند عليه بالفعل، ثم يدلف بها إلى داخل الشقة ويجلسها على أقرب مقعد ويجلس على ركبتيه أمامها، يدلك يديها بين يديه قائلا في قلق:شروق إنتى كويسة ياحبيبتى؟إنتشلتها كلماته من ذلك الدوار الذي أصابها لترفع إليه عينان إتسعتا بشدة، لا يدرى دهشة أم إعتقادا منها بأنها تحلم؟لتعبر كلماتها عن مقصدها وهي تقول بعدم تصديق:إنت قلت إيه؟أدرك مقصدها على الفور، لينظر إلى عينيها بعشق، نعم بعشق، تراه بوضوح الآن، لاتصدق عينيها، تتساءل بلهفة، هل يحمل لها مراد بعض المشاعر؟هل ما تراه الآن حقيقيا؟هل أثرت تلك الغيبوبة على عقله؟أم ماذا؟ليبتسم هو قائلا:.قلت حبيبتى، حبيبتى ياشروق.تأملت عيونه البنية بعيون عشبية يملؤها الأمل، عيون ترجوا بكل قوة أن لا يخيب رجاءها، وهي تقول:دى أول مرة من يوم ما إتجوزنا تقولهالى يامراد.رفع يدها إلى شفتيه يقبلها بنعومة قائلا:ومش هتكون آخر مرة، لإنك مش بس حبيبتى إنت روحى كمان ياشروق.رفعت شروق يدها الحرة تضعها على خافقها متسارع النبضات وهي تقول:.بالراحة علية يامراد، مش أبقى عايشة في جفاف السنين دى كلها وفجأة ألاقينى غرقانة في سيل، ده حتى مش كويس على نفسيتى.تعالت ضحكاته لتنظر إليه شروق بوله حتى توقف عن الضحك وهو يقول بإبتسامة:أنا قلتلك قبل كدة إن دمك شربات ياشروق.هزت رأسها نفيا في عدم إستيعاب لكل تلك الكلمات التي حلمت فقط بسماع بعضا منها ولكن ها هي اليوم تسمع الكثير والكثير، ترى هل من مزيد؟ليميل مراد عليها قائلا بعشق:.إزاي مكنتش شايف قبل كدة، أد إيه أنا بحبك ياشروق؟إلى هنا وكفى، لقد قالها صريحة، لو ماتت الآن ستموت سعيدة بعد سماعها لكلمات الحب من بين شفتيه، لتقول بلهفة:بجد بتحبنى يامراد؟، أنا مش قادرة أصدق.رفع يده يمررها على وجنتها قائلا بحنان:لأ صدقى، أنا حبيتك من زمان، يمكن من أول ما عرفتك ياشروق، حبيت طيبتك وخفة دمك وجدعنتك ورقتك، حبيت فيكى كل حاجة ورغم كدة محستش بحبك ده، تعرفى ليه؟نظرت إلى عيونه قائلة بهمس مرير:عشان بتحب رحمة.عقد حاجبيه بدهشة من الصدمة ثم مالبث أن قال:إنتى كنتى عارفة؟أومأت برأسها وهي تطرق برأسها في حزن، ليرفع بيده ذقنها وتقابله عيناها المغشيتان بالدموع، ليقول بألم من أدرك أنه عذبها كثيرا، في البداية بزواجه بها سرا و بنكرانه مشاعره تجاهها ثم بماضيه ووهم عشقه الدائم لرحمة، وفى النهاية بطلبه المشين بقتل طفلهما، ليرفع يده يمسح بها دموعها التي سالت على وجنتها قائلا بحزن:.هتصدقينى لو قلتلك إن حب رحمة مات في قلبى يوم ما شفتك، وإنى حبيتك من الأول بس كنت فاهم إنى بحب فيكى رحمة لإنك بتشبهيها أوي، روحك، طيبتك، حنانك، مكنتش شايف إنى حبيتك إنتى مش هي، حبيت حتى إختلافك عنها.نظرت إلى عيونه بأمل ليومئ برأسه قائلا:.أيوة إنتى مختلفة عنها، يمكن آخدة نفس الروح، بس ليكى سحر بيخصك لوحدك، تعرفى ياشروق، إنتى الوحيدة اللى مجرد وجودها جنبى بيريحنى، بحس معاكى بمزيج غريب من المشاعر، وكأنك كل حاجة بالنسبة لى، كل ست ممكن أقابلها في حياتى ويكون ليها تأثير علية، بحس معاكى بحنية الأم وسند الأخت وعشق الحبيبة وسكن الزوجة، بدخل بيتك تعبان وشايل هموم الدنيا بخرج منه واحد تانى، وكأنى مشلتش في الدنيا دى هم، أنا معاكى مش ببقى واحد تانى، لأ، أنا معاكى بكون أنا، على طبيعتى، لا بحاول أجمل من طبعى ولا أخفى أي حاجة عنك، إنتى بالنسبة لى نفسى ياشروق.رفعت يدها تضعها على فمه قائلة بقلب تكاد تقف دقاته من الفرحة:أبوس إيدك كفاية، قلتلك قلبى مش حمل كلمة واحدة من الكلام اللى إنت بتقوله ده، أنا كنت بحلم بس تبصلى بحب، تقوم تبصلى وتقوللى كل الكلام الحلو ده في يوم واحد، كدة كتير على قلبى يامراد، كتير أوي.قبل يدها بعشق وهو يقول:.سلامة قلبك يا شروق، أعذرينى، غصب عنى، فجأة بعدتى عنى وفجأة لقيتنى مش قادر أعيش من غيرك، بدور عليكى زي المجنون، وقتها ظهرت الحقيقة أدامى، والحقيقة هي إنى بحبك ياشروق، بحبك أوي،ليرفع يده ويضعها على بطنها قائلا بعشق:الطفل اللى في بطنك ده كان السبب في إنى عرفت مشاعرى ناحيتك، وعشان كدة أنا بحبه، بحبه حتى من قبل ما أشوفه.نظرت إليه بعتاب ليقول بسرعة:.سامحينى لإنى فكرت في يوم إنك تنزليه، كان يتقطع لسانى...وضعت يدها على فمه تصمته، قائلة في لهفة:بعيد الشر عنك ياحبيبى.قبل يدها مجددا لترفع يدها على إستحياء ويمسكها هو بين يديه قائلا:يعني سامحتينى ياشروق؟قالت شروق وهي تتأمل ملامحه بعشق:سامحتك من أول ما شفتك يامراد، مجرد رجوعك لية بالسلامة، كان يخلينى أنسى كل اللى حصل وأفتكر بس إنى بحبك، بحبك يامراد.قال مراد بإبتسامة:.يعنى هترجعوا معايا؟وتنورولى البيت من تانى؟أعجبها أن جمعها مع الطفل في سؤاله لتبتسم وهي تومئ برأسها موافقة لينهض وينهضها قائلا بسعادة:يبقى يلا بينا.قالت بإبتسامة:أصبر يامجنون، نهاد بتتكلم في التليفون، هتخلص وأقولها ونمشى علطول.إبتسم لها، لتبهت إبتسامتها قليلا ليقول بقلق:مالك ياشروق؟نظرت إليه شروق قائلة في حزن:إبننا يامراد؟هيفضل كدة في الضلمة زي جوازتنا.رفع يدها يقبلها ثم يقول وفى عينيه ظهر التصميم قائلا:وعد منى قريب أوي، هتكونى إنتى وإبننا في حياتى بشكل رسمى، وفى النور ياشروق.إرتسمت السعادة على ملامح شروق لتندفع وتحتضنه، ليضمها بدوره، يدرك أنه في سبيل تلك السعادة البادية على وجهها و في أفعالها، هو مستعد لبذل الغالى والرخيص، ومن أجل تحقيق وعده لها، سيفعل المستحيل.كانت رحمة تجلس في مقابل يحيى على تلك الطاولة الخاصة بهذا المطعم الشهير، تتسلل إلى مسامعها تلك الموسيقى الحالمة فتغمرها بشعور رائع، وكأنها موسيقى من الجنة، حتى تلك الشموع المتناثرة هنا وهناك وقد خففت الإضاءة، منحت المكان جوا خياليا، نظرت رحمة حولها فلم تجد أحدا غيرهم بالمطعم، لتقول ليحيي بحيرة:هو المطعم فاضي النهاردة ولا إيه؟ترك يحيى ملعقته وتوقف عن الأكل وهو يهز رأسه نفيا بهدوء قائلا بإبتسامة:لأ، أنا حجزت المكان كله مخصوص علشانك.إتسعت عيونها بصدمة قائلة:علشانى أنا؟طب إمتى بس؟قال يحيى:من شوية؟قالت بدهشة:وأصحاب المكان وافقوا كدة بسهولة؟إبتسم بثقة قائلا:ميقدروش يرفضوا لإن المطعم تابع لشركة الشناوي.قالت ومازالت الدهشة تعلو ملامحها:بجد؟، بس حجز المكان كتير أوي علية يايحيى.إتسعت إبتسامته قائلا في حنان:.مفيش حاجة تكتر عليكى، وبعدين، مش عايزة ترقصى، أهي فرصتك جتلك لحد عندك، ولا إنتى كنتى عايزة الناس تتفرج عليكى وإنتى بترقصى، مستحيل أسمح بكدة طبعا.قالت بإستمتاع:يعنى إنت حاجز المكان كله عشان نرقص مع بعض.أومأ برأسه لتنهض قائلة بإبتسامة واسعة:طيب وإحنا مستنيين إيه؟، يلا نرقص.إبتسم على طفوليتها لينهض بدوره ويمسك يدها يتجه بها إلى حلبة الرقص، لترقص بين يديه على أغنيتها المفضلة لماجدة الرومى، (كلمات)، ليضمها إلى صدره يقربها منه أكثر لتستكين رأسها على صدره ليترك دقات قلبه تخبرها همساته، عشقه لأنفاسها، وتترك بدورها دقات قلبها تخبره همساتها، وأن مكانها هنا بين ذراعيه، تتسلل كلمات الأغنية إليهم لتحملهم إلى عالم خاص، إنه عالم العاشقين والذي لا يوجد بين جنباته سوى السعادة، السعادة الخالصة، ليستمعون لها ويتركونها تتغلغل داخل وجدانهم تهمس الرائعة ماجدة بما يجول بخاطر رحمة وما تشعر به في كل ذرة من كيانها.، يسمعني حين يراقصنيكلمات ليست كالكلماتيأخذني من تحت ذراعييزرعني في إحدى الغيماتوالمطر الأسود في عينييتساقط زخات زخاتيحملني معه يحملنيلمساء وردي الشرفات،لمساء وردي الشرفات،.كادت بشرى أن تفتح باب سيارتها وتهبط منها تجذب تلك الفتاة من شعرها وتبعدها عن يد زوجها التي يحيط بها خصرها، تتألق مشاعر السعادة في عيونهم وهما ينظران إلى بعضهما البعض، ولكن يد مجدى أمسكت بذراعها تمنعها من تحقيق ماتريد لتنظر إليه تتطاير شرارات الغضب من عينيها، ليقول لها بسرعة:إهدى يابشرى ومتتسرعيش.قالت بحدة:.أهدى؟، أهدى إزاي بس؟إنت مش شايف اللى انا شايفاه؟الباشا بيخونى، لأ ومستناش لما جروحه تشفى عشان يشوفها، ده نزل من المستشفى علطول عليها، عارف ده معناه إيه؟نظرت بحقد إلى مراد الذي وقف أمام السيارة يتحدث مع تلك الفتاة بحب تنطق به ملامحه، لتستطرد بشرى بغل قائلة:معناه إنه بيحبها، بيحبها يامجدى.قال مجدى بحنق:وإنتى مضايقة إنه بيحبها ليه، ولا تكونى وقعتى في حبه يا بشرى من غير ماتحسى؟نظرت إليه بإستنكار قائلة:أحبه إيه بس؟لتنظر مجددا إلى مراد الذي قبل يد شروق لتبتسم تلك الفتاة بحب قبل أن يفتح لها باب السيارة وتدلف هي إلى الداخل ويتجه هو إلى مكانه بالجهة الأخرى، لتستطرد بحقد قائلة:المشكلة دلوقتى إنى حسيت إن العيب فية أنا وأنا اللى مبتحبش، مراد محبنيش وحب حتة البنت دى، اللى لا شكل ليها ولا حتى منظر، ولا ليها إستايل ولا أصل.فكر مجدى بإستنكار، هذه الفتاة كل هذا، كيف؟، إنها رائعة الجمال وتبدو في منتهى الرقة ولولا أن قلبه يفيض حبا لبشرى لأعجب بها على الفور، ليفيق من أفكاره على صوت بشرى تقول بغل تسلل إليه نبرات الحزن وهي تقول:حتى يحيى حب رحمة، طب ليه بس محبنيش؟قال مجدى بغضب:وإنتى كنتى عايزة يحيى يحبك يا بشرى؟نظرت إليه قائلة بصوت مضطراب حاولت أن تتحكم فيه قدر الإمكان:.مالك بس يامجدى؟، إنت نسيت خطتنا ولا إيه؟مش خطتنا كانت إنى أخليه زي الخاتم في صباعى عشان تبقى ثروة الشناوي في إيدينا.نظر إليها مجدى لثوان في شك ولكنه ما لبث أن وأد شكه على الفور مقتنعا بكلماتها فبشرى تحبه وحده دون غيره، وتفعل كل ما تفعل لتحصل على ثروة عائلة الشناوي لتكون لهما سويا ويجتمعان في آخر الأمر، لينظر إلى الأمام وهو يلاحظ تحرك السيارة التي إستأجرها مراد ليقول بسرعة:.طيب خليكى وراهم وبعدين نبقى نشوف موضوع يحيى.قادت سيارتها على الفور وهي تلاحظ بدورها إنطلاق السيارة الأخرى لتظل وراءها على مسافة منها حتى لا يفطن إليها مراد ويكتشف مراقبتها له، ليسود الصمت بينهما لدقائق طويلة بدت كالساعات بالنسبة لبشرى، حتى توقفت السيارة أمام هذا المبنى الأنيق وترجل كل من مراد وتلك الفتاة من السيارة لتتوقف سيارة بشرى على مقربة منهم، تتابع صعودهم إلى ذلك المبنى بعيون إتقدت نارا، ووجه تحول من الغضب إلى وجه شيطاني كريه، ليقول مجدى بقلق:.هتعملى إيه دلوقتى يابشرى؟لتنظر إليه قائلة بكره شديد:ينزل بس من عندها وهطلع فوق أفهم البنت دى، إن اللى ياخد حاجة من بشرى يبقى الموت مصيره يامجدى.قال مجدى محاولا تهدئتها قائلا:لو عايزاها تموت تبقى هتموت يابشرى، بس متوديش نفسك في داهية وإنتى بتنفذى إنتقامك.عقدت حاجبيها قائلة:قصدك إيه؟قال مجدى بهدوء:.قصدى خلى غيرك ينفذ وأقعدى إتفرجى من بعيد، المرة اللى فاتت نفدتى بأعجوبة وانتى بتقتلى رحمة، وأنا بصراحة خايف عليكى، إنتى إنتقامك عاميكى وهيغلطك، تفتكرى متعة إنك تموتيها بإيدك تستاهل حبل المشنقة اللى هيتلف حوالين رقابتك لو إتمسكتى؟رفعت بشرى يدها دون وعي تتلمس رقبتها بخوف، لتنظر إليه وقد اقتنعت بكلامه كلية وهي تنظر إلى المبنى مرة أخيرة قبل ان تبتعد بسيارتها قائلة بحقد:.معاك حق، أنا همشى دلوقتى بس حكايتها لسة مخلصتش معايا، ووقت حسابها جاي قريب...لتلتمع عيونها بشر قائلة:قريب أوي.قال مراد بحنان:محتاجة حاجة منى قبل ما أمشى ياشروق؟قالت شروق:عايزة سلامتك بس يامراد، وياريت تخلى بالك من نفسك.إبتسم قائلا:يعنى أفضل هنا دلوقتى، عشان أخلى بالى من نفسى؟نظرت إليه في حيرة ليقول مستطردا بحب:ما هو إنتى نفسى ياشروق.إتسعت عينا شروق بدهشة قائلة:.مراد، إيه الكلام الحلو ده كله، يعنى أقعد معاك سنتين مسمعش كلمة حب واحدة وفى يوم واحد أسمع الكلام ده كله، قلتلك غلط علية ياحبيبى، إرحم قلبى شوية.نظر إليها بعشق وهو يمرر يده على وجنتها قائلا:أنا آسف ياحبيبتى، آسف لو بخلت عليكى بكلام الحب، بس أنا متعودتش أقول الكلمة دى غير لو بجد حاسسها، وأنا آسف لو محستش بمشاعرى غير متأخر، بس الحمد لله إنى حسيت بيها قبل فوات الأوان، وقبل ما أخسرك،.ليهبط بيده إلى بطنها يلمسها بحنان قائلا:وأخسر طفلى.إبتسمت قائلة:أنا النهاردة أسعد واحدة في الدنيا يامراد، عشان رجعتلى واعترفتلى بحبك ياحبيبى.إبتسم مراد قائلا:وأنا أسعد واحد في الدنيا لإن دنيتى منورة بيكى ياشوشو.أسرعت تحتضنه ليصدر منه أنة ألم لتبتعد على الفور وقد أدركت أنها إرتطمت بذراعه المجبور لتقول بجزع:وجعتك؟أغمض عينيه ليفتحهما مجددا وقد خلتا تماما من الألم قائلا:إنتى عمرك ما وجعتينى ياشروق.رفعت يدها إلى حيث رباط رأسه تتلمسه برقة قائلة:ياريتنى كنت أنا...قاطعها وهو يضمها إليه بقوة قائلا:متقوليش كدة يا شروق، أنا روحى فداكى، وفدا خدش بس يصيبك أو يجرحك.لتضمه بدورها وتغمض عينيها قائلة:وأنا عمرى فداك وفدا روحك ياحبيبى، ربنا يخليك لية ومايحرمنيش منك.ليدفن رأسه في تجويف عنقها يستمتع بدفئها، بقربها منه، بكلماتها التي تذيب قلبه عشقا لها، ليلوم نفسه على سنوات أضاعها وهو يحرم نفسه من هذا الشعور الرائع الذي يشعر به الآن وهي بين ذراعيه، إنه العشق الحقيقي، وما أروعه من إحساس.