رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل الرابع عشر
رن جرس الباب فسارعت مايا لفتحه لتجد كريم في وجهها، رمته بنظرات غامضة بينما القى هو التحية عليها ودلف الى الداخل، هوى بجسده على الأريكة وقال: - كان يوم متعب اووي... اقتربت منه وجلست بجانبه وقالت بدون مقدمات: - هو أنت كنت متجوز قبل كده؟! تنهد بصوت مسموع وقال: - هي ماما لحقت تحكيلك...
ردت مايا بسخرية: - هي غلطت تقريبا وقالتلي مقتطفات عن الموضوع... ثم اردفت بنبرة غاضبة: - بس إنت ازاي متحكيليش عن الموضوع ده... - بصي يا مايا انا تعبان ومش طايقك اصلا، فبلاش تعملي شغل الستات النكدية ده وتقعدي تسألي وكده...
نهضت من مكانها وتخصرت قائلة: - والله كلامي بقى شغل ستات نكدية، طب انا مش هسيبك النهاردة الا لما تحكيلي كل حاجة، مش كفاية انك خبيت عليا انك كنت متجوز... - وهتفرق معاكي فإيه لو كنت قلتلك؟! قالها ببرود ولا مبالاة لترد بجدية: - كانت هتفرق كتير... زفر كريم انفاسه بضيق بينما سألته مايا: - مين جوليا؟! وطلقتها ليه؟!
احمرت عينا كريم لا اراديا حينما عادت ذكرى جوليا اليه، اخر ما تمناه يوما ان تعود تلك الذكريات اليه من جديد، فهو قد عاهد نفسه الا يتذكرها مرة اخرى، سيعتبرها كابوس وانتهى من حياته، كابوس ذهب بلا رجعة، ولكن مايا يبدو انها مصرة على اعادته الى حياته مرة اخرى، بعدما ظن انه انتهى الى الابد... - اتكلم... قالتها بعصبية ليرد بغضب: - ممكن تخرسي الاول...
وضعت مايا يدها على فمها بينما اشعل كريم سيجارته ونفث دخانها عاليا وبدأ يسرد لها ما حدث معه في الماضي: - كنت بحبها، حبيتها من اول يوم شفتها بيه، كانت جميلة اووي، أجمل بنت ممكن تشوفيها فحياتك... شعرت مايا بغصة قوية داخل قلبها لم تعرف سببها لكنها قررت تجاهلها وهي تسمتع الى باقي حديثه: - اتقدمتلها، كانت خطوبة تقليدية، أهلها اغنيا واحنا كذلك فوافقوا على طول ..
لم تستطع مايا أن تظل واقفة فجلست بجانبه ليكمل: - اتخطبنا سنتين، كانت اجمل ايام فعمري، كنا أسعد اثنين، واتجوزنا، وعشنا بردوا أيام سعيدة، لحد ما... اخذ نفسا عميقا من دخان سيجارته بينما سألته مايا بتردد: - لحد ايه؟! اجابها كريم وهو ينفث دخان سيجارته: - لحد ما خانتني... - ايه؟!
قالتها مايا بعدم تصديق، خانته، ! - ازاي؟! ابتسم كريم بسخرية على سؤالها وقال: - زي كل الناس ما بتخون .. - عشان كده طلقتها... - قصدك قتلتها... جحظت عينا مايا بعدم تصديق، حاولت ان تستوعب كلماته، قتلها، ! هل يعقل؟! ولكن كيف ..؟! اخذت تسعل بشدة قبل أن تسأله بإستنكار: - قتلتها؟!
اومأ برأسه واكمل: - قتلتها، خانتني فقتلتها، مكانش ادامي حل تاني... انتفضت من مكانها قائلة ببكاء ونبرة مرتجفة: - ليه؟! ليه تعمل كده؟! حرام عليك، ! - دي خاينة، يعني تستاهل الموت... قالها بحدة بالغة لترد ببكاء: - بس مش لدرجة الموت، مش لدرجة إنك تقتلها...
قالت كلمتها الاخيرة بإنهيار قبل ان ينهض كريم من مكانه ويحتضنها... ابتعدت عنه وقالت: - ابعد عني، قتلتها ازاي؟! جاوبني... انتفض كريم من مكانه بعصبية وقال بغضب حارق: - انتي بتحاسبيني ليه، هاا، عشان قتلتها، هي تستاهل الموت، دي خانتني، عارفة يعني ايه خانتني؟! طعنتني فظهري بعد ما حبيتها واديتها كل حاجة، عارفة يعني ايه اعرف انها نامت فسرير غيري، لا وخدي الكبيرة بقى، حملت منه...
توقفت مايا عن البكاء وهي تستمع لحديث كريم المؤلم، اخفضت رأسها ارضا وهي تفكر بأنه عانى ..عانى كثيرا... اما كريم فقد أخمد بسرعة دمعة تسللت من عينه، لا يريد ان يضعف امامها، ابدا... رفعت مايا وجهها نحوه اخيرا ثم سألته: - قتلتها ازاي؟! - خنقتها بعد ما استفزتني بكلامها... لم تستطع مايا ان تستمع الى حديثه اكثر فإنهارت في البكاء امامه، أما هو فقد خرج مسرعا من الشقة دون ان يعرف الى أين يتجه...
توقفت مايا عن البكاء اخيرا لتركض نحو هاتفها وتحمله، أجرت اتصالا سريعا لياتيها صوت الشخص الذي اتصلت به: - سعد الحقني، انا فمصيبة... - فيه ايه يا مايا؟! حصل ايه؟! سألها سعد بنبرة يشوبها القلق لترد مايا بنحيب: - ده طلع قاتل كمان... - انتي بتقولي ايه؟!
سألها سعد بعدم فهم لترد مايا ببكاء: - قتل مراته عشان خانته... - اهدي يا مايا، اهدي يا حبيبتي... - انا لازم اطلق منه، وانت لازم تساعدني... - حاضر هساعدك، بس اهدي... هدأت مايا اخيرا لتقول بصوت متحشرج: - انا خايفة اووي يا سعد، خايفة منه بجد...
- متخافيش يا مايا انا هساعدك، انتي بس نفذي اللي اتفقنا عليه، وكل حاجة بتكون بخير... صرخت مايا بعدم تصديق: - أنفذ ! انفذ ايه؟! بقولك قاتل، ده لو عرف باللي بيني وبينك هيقتلني... - معندناش حل تاني يا مايا، لازم نكمل خطتنا... اغلقت مايا الهاتف في وجهه وهي تفكر بأن سعد ما زال كما هو، يفكر في مصلحته فقط، اتجهت نحو غرفة نومها وغيرت ملابسها بسرعة ثم خرجت من المنزل متجهة الى الشقة التي تسكن بها عائلتها...
كانت مايا نائمة بين احضان والدتها وتبكي بشكل يقطع القلب... اما والدتها فأخذت تربت على شعرها وظهرها وتهف بها: - اهدي يا مايا، اهدي يا حبيبتي عشان خاطري... رفعت مايا رأسها نحو والدتها وهتفت بدموع لاذعة: - اهدى ازاي بعد كل اللي حكيتهولك، انتي مسمعتيش عمل ايه، ده قتل مراته عشان خانته، يعني اكيد لو عرف بالاتفاق اللي بيني وبين سعد هيقتلني... - بعد الشر عليكي يا حبيبتي، بعد الشر عليكي يا مايا، انا مش قلتلك بلاش سعد، مش حذرتك منه ..
ردت مايا وهي تمسح دموعها: - كنتي عايزاني اعمل ايه يعني؟! مكانش قدامي حل تاني، كان لازم اعمل كده، كان لازم الاقي اي طريقة تخلصني من كريم، ولا كنتي عايزاني افضل معاه بعد كل اللي عمله فيا...
صمتت والدتها ولم تعرف ماذا تقول لتنهض مايا من مكانها وتهتف بألم: - سكتي ليه يا ماما؟! كنتي عايزاني افضل مع كريم عشان يعذبني ويهين بيا؟! - اكيد لا، بس مكنتش عايزاكي تقربي من سعد تاني... قالت مايا بجدية: - هو اللي رجع قرب مني مش أنا، وانا قررت استغله، وانتقم منه بعد مباعني ودمر حياتي...
- انتي عايزة تنتقمي من سعد ولا من كريم؟! سألتها الام بحيرة لترد مايا بحقد: - من الاتنين... شعرت الام بالخوف على ابنتها فقالت بتوسل: - بلاش يا مايا، بلاش عشان خاطري، سيبك منهم وفكري بنفسك...
- نفسي، عايزاني أفكر بنفسي ازاي وهي مش ملكي، وهي ملك كريم بيه... صمتت الام ولم تعرف ماذا تقول بينما أكملت مايا بجدية وإصرار: - لازم اخد حقي من كريم وسعد، لازم...
رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل الخامس عشر
كانت مايا تحاول النوم ليلا في سريرها بعدما عادت من عند والدتها... لم تكن قادرة على النوم وشعور الخوف يسيطر عليها... الخوف من المجهول، الخوف من رجل يثير جميع المخاوف الكامنة لديها... سمعت صوت باب غرفتها يفتح فأغمضت عينيها مدعية النوم لتشعر به يقترب منها...
يجلس بجانبها متأملا إياها بملامح مستكينة، ثم ما لبث ان قرب وجهه من وجهها وهمس لها بصوت خافت سمعه: - عارف اللي قلته صعب، عارف انك صعب تتقبليني بعد اللي عرفتيه عني، بس انا مش جاني، انا ضحية بردوا، جايز اكون اذيتك كتير وانتي ملكيش ذنب بكل اللي حصل، بس انا كنت بعمل كده من حبي فيكي، ايوه انا بحبك، بعترف قدامك دلوقتي وانا متأكد انك مش نايمة وسامعاني، انا عمري مفكرت احب بعدها، ولا فكرت أني هرجع أعيش من تاني، لحد ما دخلتي حياتي ودنيتي، ساعتها فهمت انوا الحياة بتديني فرصة جديدة، بحبك يا مايا، والله بحبك ونفسي تحبيني...
اخذ جسد مايا يرتجف لا اراديا عندما سمعت ما قاله كريم وأخذت الدموع تهطل من عينيها بغزارة، شعر هو بنحيبها المتقطع فأثر أن يتركها قليلا لكن ما إن هم بالتحرك بعيدا عنها حتى فوجئ بها تمسك كف يده وتعتدل في جلستها لتهمس من بين بكائها: - انا اسفة... اقترب منها ممسكا وجهها الذي يدنو نحو الاسفل بكفي يديه متسائلا بقلق: - بتعتذري ليه دلوقتي؟!
احتضن كريم وجهها الباكي بين كفيه ثم هتف بها بنبرة اجشة: - انا عارف اني اذيتك جامد، عملت حاجات كتير اذتك ودايقتك، وعارف اني مليش عذر باللي عملته، بس انا فعلا ندمان على كل حاجة عملتها، ونفسي تغفريلي كل اللي عملته ونبتدي من اول وجديد ..
- تفتكر اني هقدر اغفر ليك انك اتهمتني بشرفي اكتر من مرة، انك اشترتني من سعد بفلوسك وفضلت تعايرني بده، لو انت مكاني هتقدر تسامح؟! اخفض كريم رأسه فهو لا يملك الاجابة على سؤالها او بالأحرى يملك اجابه لا تناسبه... ابتسمت مايا بمرارة وقالت: - شفت انوا صعب، صعب اوي...
كان كأنه يستنجدها ان تحبه، أن تسامحه، بهتت ملامحها كليا ولم تعرف ماذا تقول، هل يطلب الحب منها؟! هل يجرؤ على ذلك؟! تشدق جانب فمها بإبتسامة هازئة قبل ان تهتف ببرود وهي تحرر وجهها من كفيه: - وتفتكر الحب هيجي بالسهولة دي؟!
- وليه لا ..؟! الحب ممكن يجي فجأة، يجي بشكل احنا مش متوقعيه... كان يتحدث عن الحب ببساطة فاجئتها هي شخصيا بينما لفتتها جملته الاخيرةة: - زي ما حبيتك فجأة وبدون تخطيط... صمتت ولم تعرف ماذا تقول اما هو فأكمل بنبرة حارة: - انا هفضل وراكي لحد ما تحبيني، مش هسيبك تضيعي مني ابدا، عارفة ليه؟! لأنك قدري، انتي قدري اللي لازم اتمسك بيه... شردت مايا في كلماته وشعور بالخوف والضيق ملأ صدرها...
في صباح اليوم التالي... استيقظت مايا من نومها بعد ليلة طويلة قضت اغلبها تفكر بحديث كريم وما قاله... كيف كان واثقا من مشاعره نحوها ..؟! وكيف اعترف بحبها بهذه السهولة؟! هل انقلبت الحكاية الان؟! هل ستصبح هي شريرة الحكاية؟!
نهضت من فوق فراشها وتوجهت خارج الغرفة لتجده نائما بسلام على الكنبة في صالة الجلوس... اقتربت منه وتأملته بملامح باردة، كان يبدو مريبا حتى وهو نائم، هذا الرجل يسبب لها الكثير من الفوضى داخلها، ولكم حاولت ترتيب هذه الفوضى لكن بلا فائدة... اتجهت نحو المطبخ وقررت ان تعد الافطار كأي زوجة اصيلة، ثم توقظ زوجها ليتناول طعامه معها...
وبالفعل اعدت وجبة الافطار وذهبت لتوقظه، استيقظ كريم على صوتها ليرسم على شفتيه ابتسامة خافتة قبل ان يجرها نحوه ويطبع قبلة خفيفة على شفتيها... - دي صباح الخير اللي انا مستنيها... كسا الاحمرار وجنتيها كالعادة اما كريم فنهض من مكانه واتجه نحو الحمام...
خرج من الحمام بعد دقائق وهوو يجفف وجهه ليتجه نحو مايا الجالسة على مائدة الطعام .. . جلس بجانبها واخذ يتناول طعامه حينما تحدثت مايا قائلة: - ممكن أسالك سؤال ..؟! اجابها برقة لا تليق به: - طبعا...
تنفست مايا بعمق قبل ان تسأله بتردد: - هو انت ليه اعترفتلي بحبك بالسهولة دي بعد ما كنت شايفني شخصية بشعة وعاهرة... قاطعها بسرعة: - انا عمري مشفتك كده، جايز اكون بينت ليكي اني شايفك كده، بس فالحقيقة عمري مفكرت بيكي كده، يمكن عشان انا زمان اديت كل مشاعري لجوليا، فخفت اديكي مشاعري واظهرها تستغليها...
هاهو يأتي على ذكر تلك المرأة من جديد، وهاهي تغضب بلا سبب واضح من جديد... حاولت اخفاء غضبها وهي تسأله بعدها: - طب وايه اللي تغير دلوقتي عشان تظهرلي مشاعرك؟! اجابها بعد صمت قصير تبعه تنهيدة طويلة: - الخوف، خفت اني اخسرك، انا مش مستعد اخسرك يا مايا، مش مستعد ابدا... تناولت مايا لقمة صغيرة داخل فمها بينما عقلها اخذ يفكر في كلمات كريم رغما عنها وسؤال ملح يتكرر داخل ذنها هل سيخسرها كريم يوما؟!
وقفت مايا امام فيلا عائلة كريم وهي تشعر بالحرج الشديد، لقد اتصل بها كريم خلال عمله وأخبرها ان والدته تدعوها للغداء حتى يتحدثا بشأن تفاصيل الزفاف، في الواقع هي ممتنة لوالدة كريم كونها فكرت في أن تأخذ رأيها بتفاصيل هذا الزفاف، لكنها تشعر بالحرج والقلق كلما تحدثت معها... بكل الاحوال هي لم تكن سيئة كما تخيلت، بل على الاقل هي افضل مما توقعت بكثير...
فتحت الباب وطلت الخادمة خلفه لترحب بها وتخبرها ان السيدة منى تنتظرها في صالة الجلوس... سارت مايا نحوها وهي تحمل باقة ورود غالية لتجد منى في اتتظارها والتي رحبت واستقبلتها بإبتسمة واسعة قبل ان يجلسا سويا ويتحدثان بشأن تفاصيل الزفاف...
كان كريم يتابع عمله بتركيز شديد في مكتبه الخاص في مركز الشرطة حينما فتح الباب ودلفت كارما منه... انتقض في مكانه ما ان راها ثم قال بسرعة: - كارما، انتي بتعملي ايه هنا؟! ابتسمت كارما وهي تقترب منه وتقول: - وحشتني قلت اجي اشوفك... كريم بعدم تصديق: - هنا فالقسم...
اومأ برأسها وهي تتأمل المكان حولها بملامح فضولية قبل ان تهتف بحب: - مكان شغلك حلو اوي... رد كريم بإقتضاب: - ميرسي... - كريم ممكن اعزمك عالغدا... لعق كريم شفتيه وقال: - في الحقيقة انا كنت ناوي اتغدى مع العيلة النهاردة... - اووه للاسف...
قالتها كارما باسف حقيقي ليشعر كريم بالاحراج فيقول: - ايه رأيك تتغدي معانا؟! كارما بخجل: - مش حابة ازعجكم... ابتسم كريم مجاملة وقال: - مفيش اي ازعاج، ماما هتنبسط بيكي اوي... - اذا كان كده ماشي... اوما كريم برأسه قبل ان يحمل مفاتيح سيارته ويخبر كارما ان يتجها سويا الى منزله...
رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل السادس عشر
اوقف كريم سيارته امام المنزل ثم هبط منها واتجه نحو الباب الاخرى وفتح الباب لكارما... هبطت كارما من السيارة وسارت وراءه الى داخل المنزل، فتحت الخادمة لهما الباب ليشير كريم اليها قائلا: - اتفضلي يا كارما... منحته كارما ابتسامة خافتة قبل ان تدلف الى الداخل ويتجه بها كريم الى صالة الجلوس ليجد والدته ومايا هناك...
نهضت منى من مكانها وهي ترسم على شفتيها ابتسامة مرحبة اما مايا فرمقت كريم بنظرات حادة لم ينتبه لها ونهضت بدورها تستقبل كريم وضيفته... - اهلا يا كارما، نورتينا... قالتها منى وهي تقبل كارما من وجنتيها قبل ان تشير الى مايا معرفة: - أعرفك مايا خطيبة كريم... اختفت ابتسامة كارما كليا ما ان سمعت ما قالته منى بينما ابتسمت مايا ببرود وهي تستمع الى تعريف منى عن كارما: - كارما صديقة العائلة...
جلس الجميع بجو متوتر في صالة الجلوس واستطاعت كارما ان تخفي ضيقها بمهارة فأخذت تمرح وتضحك مع كريم ووالدته وسط صمت مايا التام... - امال حسام فين؟! سأل كريم بإستغراب عن اختفاء حسام المفاجئ لترد منى: - بياخد شاور فوق، يخلص وينزل .. اوما كريم براسه متفهما ثم ما لبث ان استدار نحو مايا الصامته الواجمة ليسألها بتعجب: - مايا انتي كويسه؟! تنحنت مايا قائلة بجديةة: - اها كويسه جدا...
جاء حسام بعد لحظات والقى التحية على كريم وكارما ثم نهض الجميع نحو طاولة الطعام ليتناولوا طعام الغداء سويا... جلست مايا بجانب كريم على الجانب الأيمن لمنى التي ترأست الجلسة بينما جلس حسام وكارما على يسارها... بدأ الجميع تناول طعامهم حينما تحدثت كارما موجهة حديثها لمايا: - تعرفي اني مشفتكيش قبل كده، ! - وهتشوفيها فين يعني؟!
سألها كريم بنبرة جادة لتجيبه كارما بإبتسامة امام مايا التي اخذت تتأمله بملامح متحفزة: - قصدي انها باين مش من الوسط بتاعنا عشان مشفتهاش قبل كده بأي سهرة او فالنادي مثلا... رد كريم ببرود: - مايا مبتحبش السهرات ولا النوادي عشان كده مش هتلاقيها موجوده هناك ولا هتشوفيها اصلا... - امال بتحب ايه ..؟! سألته مايا بإستخفاف... - الشغل...
ردت مايا عليها بملامح جادة ليبتسم كريم لها قبل ان تكمل مايا: - الشغل والبيت والنوم وحاجات تانية كتير اهم من السهرات والنوادي .. منحتها كارما ابتسامة مصطنعة قبل ان تكمل تناول طعامها تحت انظار الجميع...
دلفت مايا الى شقتها يتبعها كريم الذي اغلق الباب خلفهما... جلست على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس لتستريح قليلا بينما قال كريم وهو يخلع سترته: - كانت قعدة جميلة... لترد مايا عليه: - طبعا، خصوصا بوجود كارما... - اكيد مش هتقولي انك حبيتيها... قالها كريم ساخرا لترد مايا بإستهزاء: - اه حبيتها جدا، كفاية تقل دمها...
ضحك كريم بقوة قبل ان يقول بخبث: - تقل دمها بس، قولي كفاية جمالها، اناقتها، ثقافتها... - هي عجباك للدرجة دي؟! سألته مايا بحاجب مرفوع ليرد كريم وهو يجلس بجانبها محتضنا اياها من الخلف: - انا محدش بيعجبني غيرك... منحته مايا ابتسامة جانبية متهكمة قبل ان تنهض من مكانها وتقول بإرهاق: - انا تعبانة، عايزة انام...
نهض كريم بدوره وقال موافقا اياها: - الحقيقة انا تعبان بردوا، ومحتاج انام عشان فايق من الصبح... اتجه الاثنان الى غرفة نومهما وفي داخل كل منهما الكثير من الكلام ليقوله ..
مرت عدة ايام اخرى وجاء اليوم الموعود، يوم زفاف مايا وكريم، تم عقد القران من جديد في شقة عائلة مايا ثم اتجه العروسان الى احد اشهر الفنادق بالبلاد حيث يقام حفل الزفاف هناك... ورغما عنه شعر كريم بالسعادة البالغة حينما رأى مايا بفستان الزفاف، كانت اكثر من رائعة واجمل مما تتخيل، وهو اكثر من سعيد كونه نالها، نعم لقد نال اخيرا ما اراد بعد سنين من العناء واالالم، بعدما ظن انه لن يجد سعادته المفقودة...
اما مايا فكانت تتابع جميع ما يحدث بملامح حزينة، رغما عنها لم تكن سعيدة، هناك غصة قوية بداخلها كلما تتذكر حقيقة ما يحدث، وتتذكر فرحتها الزائفة بهذا الزفاف... انتهى الزفاف على خير واتجه مايا وكريم الى الجناج التي حجزته لهما منى مسبقا في نفس الفندق...
دلفت مايا الى الجناح وهي تجر فستانها خلفها، شعرت بكريم يقترب منها بخطوات متوترة، وقف خلفها صامتا فإلتفتت هي نحوه تتأمله بملامح باردة قبل ان يجذب انتباهها قميص نوم ابيض اللون معلق على الشماعة، اتجهت بخطوات سريعة نحوه وجذبته من مكانه تتأمله بملامح شاردة، كان هذا القميص الابيض لا يشببها بتاتا فهي لم تكن طاهرة مثله...
اقترب كريم منها وشعر بأنها غير طبيعية فسألها بتردد: - مايا انتي كويسه؟! هزت رأسها نفيا والذكريات السيئة أخذت تعود اليها... - اللون الابيض ده مش لايق عليا، اللون ده يليق على بنت بيلمسها جوزها لأول مرة، انما احنا، احنا للاسف مش كده... قالتها بنبرة مريرة ليأخذ كريم قميص النوم منها ويهتف بجدية: - شيلي الافكار دي من دماغك يا مايا، شيليها ارجوكي...
اشارت مايا لنفسها بسخرية: - فستان وعروسة، طب وازاي وانت دخلت عليها من شهور، انت مقتنع باللي نعمله ده... - لا مش مقتنع، بس مبسوط، مبسوط بيكي... اشتدت ملامحها غضبا وهي تهتف بحقد: - مبسوط ..! طبعا عشان انت مخسرتش حاجة بالعكس انت كسبت كتير، بص يا كريم لو فاكر اني هكون زوجة مطيعة ليك وتحت امرك فأي وقت فأنت غلطان، انا اتجوزتك النهاردة لأني مجبرة على ده، ولأنك سبق وهددتني بأمي وأختي...
- ارجوكي يا مايا انسي كل اللي قلته زمان... كان يرجوها ان تنسى لتبتسم بتهكم قبل ان تقول بألم ظهر بوضوح على محياها: - انسى ايه ولا ايه، قولي انت انسى ايه بالضبط، فهمني... أخذ كريم نفسا عميقا ثم قال بحرارة: - مايا دي فرصتنا عشان نبدأ من اول وجديد، عشان ننسى الماضي، ونبدأ حياة جديدة بعيد عن المشاكل دي كلها، اديني فرصة واحدة بس يا مايا وانا هثبتلك اني بحبك وعايزك...
مسحت مايا وجهها بكفي يديها قبل ان تقول بإرهاق: - تفتكر هقدر اسامح... مسك يدها بحنو وقال: - لو اديتيني فرصة وحدة بس، ساعتها مممكن تسامحي... صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول، هو يطلب السماح منها .. قلبها يخبرها ان تعطيه فرصته المنشوده وعقلها يخبرها ألا تنخدع بهو، وبينهما كانت هي تائهة حائرة لا تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف...
- انا عارف اني مش هقدر ابرر اللي عملته ولا هقدر امحيه بس يمكن اقدر اخليكي تنسيه... - ليه دلوقتي، ليه فجأة اتغيرت وبقيت كده؟! بتطلب السماح والغفران مني... اجابها بصدق: - لاني تعبت، تعبت من كل حاجة، انا يمكن قاسي جدا، معنديش ضمير فنظرك، بس انا حقيقي لو اتعاملت معاكي كده فده بسبب التجربة اللي مريت بيها، واللي نفسي انساها وابدأ معاكي من جديد...
صمتت مايا ولم تعرف ماذا تقول ليكمل كريم: - مايا انا كنت عايش ومش عايش، مكنتش فوعيي وانا بعمل فيكي كل الي فات، اللي حصلي زمان كان مخليني شايف كل الستات زبالة، انا كنت عارف ومتأكد اني مش زيهم، بس مقدرتش اعترف بده، خفت انك تستغلي ده زي ما هي استغلتني...
اغمضت مايا عينيها للحظات قبل ان تفتحها لتجده يبتسم لها بحب فتهتف لا اراديا ودون وعي: - موافقة، موافقة اديك فرصة تثبتلي العكس، موافقة اني اكون سبب تغييرك، موافقة يا كريم...