logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .







look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
  11-01-2022 01:24 صباحاً   [7]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثامن

بعنوان ( الهروب الكبير )

ليلة كاملة قضتها تموت ذعرا دون اي خبر يذكر عن ذاك الذي غاب خلف نديم و اخته .. القلق يتأكلها حرفيا مع مرور كل ساعة دون ان يأتيها اي معلومة عنه .. و عما يجري دون علمها.. تكاد تفنى انتظاراً وقهرا مما دفعها لتكثيف الفحوصات اليومية حتى تجد ما يشغلها عن التفكير في الامر الذي قد يدفعها للجنون ..

اوشك النهار على الانتصاف و قد اعتقدت انه ما عاد هناك من مريضات .. همت بالنهوض من خلف مكتبها في اتجاه باب حجرة الكشف لغلقها الا انها رأت فتاة صغيرة لا يتعد سنها الخامسة عشرة تقف فى اضطراب و خلفها يقف رجلا ملامحه لا تعرف الهوادة واللين ..

تطلعت اليهما فى تعجب فهى المرة الاولى التي يزورها رجل داخل عيادتها الخاصة بالنساء فعادة تأتي المريضة ومعها امها او اختها او حتى حماتها ..
تنبهت انها أطالت التحديق بهما فاندفعت تسأل فى دهشة حاولت إخفائها:- خير !؟.. اى خدمة !؟..
هتف الرجل بصوت قوى:- اه يا داكتورة .. عايزين بس خدمة ..
اكدت فى ادب:- تحت امرك ..

هتف:- عايزينك تسنني لنا البت دى عشان چايلها عريس وعايزين نكتبوا كتابها ..
انتفضت فى ذهول:- عريس !؟.. عريس ايه !؟.. دي لسه طفلة ..
تطلعت للفتاة تسألها مشفقة:- انتِ عندك كام سنة يا حبيبتي !؟..
لم تنطق الفتاة بحرف فيبدو انها كانت قد لُقنت تعليمات مشددة الا تفوه بحرف واحد مع اى من كان ..

ساد الصمت للحظات والفتاة مضطربة لا ترفع ناظريها عن الارض ابدا مما دفع ابيها ليهتف في نزق:- ملكيش صالح بالبت .. احنا عايزين نكتبوا كتابها ولازما شهادة تسنين .. هاتكتبيها ولا لاااااه!؟..
اكدت دلال فى صرامة:- طبعا لااا.. ده اذا كان الامر بأيدي لانه للاسف مش اختصاصي ..ده اختصاص الوحدة الصحية .. لكن انا عايزة أنبهك دي جريمة .. بنتك مبلغتش السن القانوني للجواز .. دى اصغر بحوالى ٣ سنين وزيادة كمان ..

وحاولت ان تثنيه عن عزمه باللين هاتفة:- ده خطر ع البنت .. ليه الاستعجال !؟.. استنى كام سنة تكون وصلت ال ١٨ ساعتها يبقى الموضوع قانوني .. و يبقى جسمها كبر شوية وتقدر تستحمل الخلفة و الولادة .. بنتك لسه عيلة صغيرة .. حرااام ..
صدرت عن الفتاة شهقة لاإرادية تؤكد بكائها الصامت الذى حاولت اخفاء أناته لكنها لم تنجح فقد كشف ذاك النحيب مدى حزنها الذى كانت تحاول وأده ..
اقتربت منها دلال فى تعاطف هامسة:- اسمك ايه !؟..

هتفت الفتاة بصوت مهتز النبرات:-نادية ..
لم يمهلهما الاب تجاذب أطراف الحديث بل جذب الفتاة من ذراعها فى قوة لتهرول خلفه محاولة مجاراة خطواته الواسعة حتى لا تنكفئ على وجهها جراء اندفاعه المحموم ..

تنهدت دلال في إشفاق وهى تتطلع للفتاة التى علا نحيبها وهى تساق خلف ابيها بهذا الشكل المهين و ندت عنها نظرة تشابكت مع نظرات دلال.. نظرة كانت تحمل من الوجع والقهر ما جعل دلال تنتفض فى قوة و دون ان تدرى تساقطت دمعات سخان على وجنتيها .. ما ان تنبهت لهما حتى مسحتهما عن خديها فى عزم و قد قررت الا تدع الامر يمر مرور الكرام ..

فقد كانت دوما تتساءل عن الهدف الإلهي من سقوطها فى تلك الأزمة التى هى بصددها و التى أتت بها لتلك الارض والان ..الان فقط .. ادركت ان الله قد ارسلها لتلك البقعة من الارض لكي تحاول انقاذ هؤلاء الفتيات من ظلم التقاليد و مرارة القهر تحت وطأتها .. و هى لن تقف مكتوفة الأيدي .. بل ستفعل ما يمليه عليه ضميرها و مهما كلفها الامر ..

اغلقت دلال باب حجرة الكشف و اندفعت بدورها فى اتجاه البوابة الرئيسية حيث يجلس مناع دوما فى انتظار أوامر سيده عفيف ..
هتفت دلال ما ان وصلت موضع مناع الذى كان يجلس فى استرخاء على أريكة خشبية يضع بندقيته خلف احد كتفيه فى تأهب دائم و يمسك بالكف الاخرى كوبا من الشاي القاتم اللون يرتشفه فى تلذذ متمهلا:- مناع..

انتفض بدوره مجيبا ندائها حتى كاد يسكب ما بكوبه من شاي هاتفا و هو ينهض على عجالة:- أوامرك يا داكتورة !؟.. فى حاچة ..!؟..
هتفت دلال مؤكدا:- اه يا مناع .. عايزاك تجهز لى الكارتة ضروري..
هتف مناع متسائلا:- ايه في يا داكتورة !؟.. حالة ولادة ولا ايه!؟..

ترددت .. هل تخبره بما كان ام تلتزم الصمت و تخفي ما تنتويه!؟.. وهل ما تفكر في القيام به الان لن يعود بالضرر على عفيف !؟ .. عندما وصل فكرها لهذه النقطة وجدت نفسها تهتف داخلها في غيظ:- انتِ لسه هدوري ع اللي يرضيه و هو رايح يدور على اخوكِ عشان يقتله!؟.. لذا هتفت مؤكدة لمناع:- اه .. حالة ولادة يا مناع .. استعجل الكارتة ..

انتفض مناع منفذا وما هى الا دقائق قليلة حتى كانت العربة في انتظارها خارج الباب الرئيسي لتندفع اليها مسرعة مخافة تراجعها في اخر لحظة وما ان هم سائق العربة بسؤالها عن وجهتها حتى عاجلته هى امرة اياه:- على اقرب نقطة بوليس لو سمحت ..
استدار سائق العربة متطلعا اليها في تعجب لكنه لم يقف ليتساءل كثيرا فقد تذكر امر عفيف له .. ان ينفذ أوامر الدكتورة بالحرف .. فلم يكذب خبرا وانطلق بالعربة في سرعة ..

اغلقا باب الشقة بإحكام و ما ان هما بنزول الدرج حتى تنبها لأحدهم صاعدا و اوشك على الوصول لطابقهما فاندفع نديم ممسكا كف ناهد صاعدا ليستقرا فى الطابق الاعلى .. انتظرا حتى يتأكدا ان القادم قد دخل احدى الشقق فإذا به يقف امام شقة سمير يعبث بسلسلة مفاتيحه باحثا عن مفتاح بابها..
تطلع نديم الى ناهد وما ان تأكدا انه دخل للشقة حتى همس في راحة:- خرجنا ف الوقت المناسب .. ربنا ستر الحمد لله .. ياللاه بينا ..

همست بدورها و هى تتبعه للأسفل:- على فين دلوجت !؟..
هتف نديم:- يا ستي .. اي مكان..
و اندفعا خارج البناية بعد ان سلم نديم مفتاح الشقة للبواب كما اتفق مع سمير سارا معا لا يعلما الى اين سيذهب بهما القدر هذه المرة ..

توقفت الكرتة كما ارادت دلال امام نقطة الشرطة الموجودة بأطراف النجع و نزلت منها مندفعة فى اتجاه بوابتها الخشبية القصيرة .. توقفت امام اول حجرة قابلتها كان يقف على بابها احد العساكر فى تصلب كتمثال شمعي .. هتفت تسأله فى عجالة:- حضرة الظابط موجود !؟
تطلع اليها العسكرى بعيون شاردة هاتفا بلهجة ألية:- موچود سعادتك..
سألت من جديد:- طب ممكن ادخلله ..!؟..

اومأ العسكرى برأسه ايجابا و اشار للباب الذى كان مفتوح بالفعل ..
وطأت اقدامها الحجرة الواسعة و جالت بناظريها فى أنحائها و لكنها لم تجد شخص بها الا انه تناهى الى مسامعها اخيرا صوت رجولي يتغنى بموال للعندليب مترنما فى انسجام تام:- و انا كل ما اجول التوبة يابوي .. ترميني المجادير يا عين .. وحشانى عيونه السودا يا بويا و مدوبني الحنين يا عين ..

لم تكن ترى ذاك الذى كان يجرب صوته الذى لا يستساغ مطلقا وهو غائب خلف مكتبه .. او بالأدق تحت مكتبه وعلى ما يبدو يبحث عن شئ ما قد سقط منه ..
تنحنحت في محاولة لجذب انتباه مطرب الروائع ذاك و الذى اعتدل بالفعل فى سرعة ما ان استشعر وجود شخص ما بالغرفة .. كان يعيد مقاطع الاغنية بلا كلل ولكن ما ان وقع ناظره عليها حتى توقف فجأة فاغرا فاه فى صدمة ..

بدأ عقله فى العمل متسائلا:- من هذه الرائعة !؟.. و ماذا تفعل في قرية كهذه باحضان جبل وعر !؟..
تقدمت هى فى ثقة لتقف قبالة مكتبه مادة كفا للتعارف هاتفة:- دكتورة دلال محمود المصري ..
كان جالسا ولم يسمح له شروده فيها بالنهوض تأدبا ما ان رأها مقبلة للتحية لكنه استدرك ذلك فجأة وهو يرى كفها الرقيق ممدودا بهذا الشكل فانتفض واقفا فى عجالة مادا كفه بدوره مبادلاً إياها التحية هاتفا:- اهلًا يا دكتورة .. نقيب شريف عبدالواحد .. تحت امرك ..

قال كلمته الاخيرة محاولا اسباغ بعض من نبرة رسمية على لهجة حديثه .. جلس و اشار اليها لتجلس بدورها على احد المقاعد امام مكتبه..
أجلت حنجرتها متنحنحة وهتفت:- الصراحة يا حضرة الظابط …
لم يكن هو موجودا ليتجاذب معها أطراف الحديث بل كان في عالم اخر متطلعا اليها كأنها المرة الاولى التى يبصر فيها نساء .. هتف لنفسه مؤنبا .. ايه يا شرشر .. باينك منزلتش اجازة من فترة طووويلة .. والظاهر نسيت شكل الستات وده خطر على عقلك الباطن يابو الظبابيط ..

تنبه لكلماتها الاخيرة اخيرا وهى تقول بحماسة:- وللسبب ده ..
هتف متعجلا فى تهور فاضحا عدم تركيزه في شكواها:- سبب ايه حضرتك !؟..
تطلعت اليه كأنها كانت تحدث اصم وهتفت اخيرا:- واضح ان حضرتك مكنتش مركز معايا ..
هتف بسخرية مقهقها:- لا بالعكس .. ده انا مشكلتى انى كنت مركز معاكِ زيادة عن اللزوم والله ..
هتفت متعجبة:- نعم !؟..

هتف يحاول كظم ضحكاته:- لا متخديش ف بالك يا دكتورة .. انت مشكلتك ايه معلش !؟..
هتفت تعيد كلامها السابق والذى لم يستمع لحرف منه عندما سردته فى المرة الاولى وحاول التركيز على فحوى الكلمات لا صاحبتها:- عايزة اعمل محضر اواقدم بلاغ او شكوى ..شوف حضرتك هتسميه ايه ..
هتف مازحا:- نسميه كريم باذن الله .. انا بحب الاسم ده قووى ..

هتفت تتطلع اليه وشعرت انها تحدث شخصا يعانى من خلل ما:- كريم مين !؟.. انا بتكلم عن محضر عدم التعرض اللى عايزة اعمله ..
هتف محاولا اصطناع الجدية:- اه طبعا واخد بالي .. بس مين اللي يقدر يتعرض لحضرتك !؟.. اللي سمعته انك ضيفة عفيف النعماني .. متهئ لي ده لو حد كح من غير أذنه ف النعمانية .. يودره سعادتك..

لا تعرف لما ساءها حديثه عن عفيف بهذا الشكل .. ووصفه بوصف مبالغ فيه .. ووجدت نفسها دون وعي منها تهتف مدافعة:- عفيف بيه راجل عادل و رحيم و عمره ما ظلم حد ..
اكد شريف بايماءة من رأسه:- طبعا طبعا .. بس برضو انا معرفتش البلاغ حضرتك هتقدميه ضد مين!؟..

هتفت مؤكدة:- انا معرفش اسماءهم الصراحة .. بس هما بابا بنت اسمها نادية جابها عشان اديله شهادة تسنين ليها عشان طبعا يجوزها .. و انا كطبيبة بقول ان ده ممكن يأذي البنت .. البنت صغيرة جدااا .. انا عايزة اعمل لهم محضر عدم تعرض للبنت لان ده مش في مصلحتها ..
تطلع اليها مستشعرا مدى براءة هذه التى تجلس أمامه و مدى جهلها بطبيعة الامور في تلك البلاد البعيدة فهتف غير قادر على وأد نبرة السخرية في تساؤله:- اممم .. بابا البنت !؟.. اسمها ابوها حضرتك .. هو انتِ هنا بقالك قد ايه معلش !؟..

لم تكن تدرك ما علاقة سؤال كهذا بما جاءت من أجله الا انها هتفت مجيبة:- من أسبوعين تقريبا ..
اكد هامسا:- اااه ما انا بقول كده برضو ..
تطلعت اليه غير معقبة على كلامه الغير مفهوم ليهتف هو مستطردا:- يا دكتورة اللي سعادتك بتطلبيه ده غير جائز .. عيزانى ازاى اعمل محضر عدم تعرض لاب وأقوله ملكوش دعوة ببنتك ومحدش يجي جنبها !؟..

هتفت دلال فى حنق:- لكن البنت فعلا ممكن تتأذي .. انا بقول الكلام ده و انا عارفة انا بقول ايه .. ده شغلي ..
هتف شريف مؤكدا:- على عيني و راسى يا دكتورة .. بس ايه المفروض اعمله … مفيش اى قانون يخلينى امنع اب من انه يعمل شهادة تسنين لبنته .. بس حضرتك ممكن تخلي مسؤليتك عن اى حاجة ممكن تحصل للبنت ده لو حابة..
هتفت في ضيق:- انا مش جاية احمي نفسي وأتخلى عن مسؤولية .. انا جاية أدافع عن روح .. هى دي وظيفتي يا حضرة الظابط .. لكن واضح اني كنت غلطانة لما جيت..

هتف شريف معاتبا:- ازاى يا دكتورة تقولي كده !.. كفاية اني اتعرفت على حضرتك .. و يا ريت كان ف أيدي حاجة اقدر اعملها و اساعد بيها .. لكن ما باليد حيلة ..
ساد الصمت للحظات ليستطرد بعدها بنبرة جادة:- بصى يا دكتورة ..انت مبلقيش الا فترة بسيطة هنا .. و فى حاجات كتير غايبة عنك مختلفة تماما ع اللي انت متعودة عليه ف القاهرة … العادات و التقاليد هنا غير .. و تنفيذها ملزم بقوة العرف .. اللي ممكن للاسف تبقى اكبر من قوة الدين نفسه ف بعض الأحيان ..

نظر الي وجهها الذى تعكرت صفحته النقية بفعل كلامه ليستدرك ناصحا:- أرجو انك متتصدميش بالحقايق اللي هتشوفيها بنفسك بس شوية وهتتعودي .. و متقفيش ف وش التيار عشان هايبقى جاامد قوووي عليكِ ..
انتفضت واقفة و مدت كفها من جديد ملقية التحية هاتفة فى اعتزاز:- متشكرة قووي يا حضرة الظابط ع النصيحة الغالية دي .. بس للاسف انا متعودتش اشوف الغلط وأسكت ..

وسارت فى اتجاه الباب راحلة ليهتف خلفها:- يبقى هاتتعبي قووي هنا يا دكتورة .. وانصحك .. لو تقدرى تبعدي عن هنا .. ابعدي بسرعة قبل ما يجرفك تيار البلد دي اكتر من كده ..
ألتفتت اليه وهزت رأسها فى هدوء شاكرة له نصيحته و اندفعت خارج النقطة تكاد تموت قهرا ..
اما هو فتبعها بنظراته حتى غابت عنه فاستدار خارجا من خلف مكتبه فى اتجاه النافذة القريبة متطلعا منها ناظرا اليها و هى تركب الكارتة مبتعدة .. و ارتسمت على شفتيه ابتسامة هو نفسه لا يعرف كيف يصنفها .. هل هى ابتسامة إشفاق ام ابتسامة إعجاب !..

وصل عفيف للموضع الذي حدد خفيره هاتفا بنفسه:- فينه راح المخبل دِه !؟.. انا مش جايل له ما يتحركش من مكانه !؟..
تلفت حوله في ضيق يكاد يرتكب جريمة ما حتى ظهر الخفير اخيرا فهتف به صارخا:- كنت فين يا حزين !؟.. انا مش جايل لك متتعتعش من مطرحك ..!؟..
هتف الخفير مرتبكا بحروف متلجلجة خوفا:- السماح يا عفيف بيه .. معلش .. اصل اني يعني .. رحت اعمل ذي الناس .. الواجفة بالهوا چار البحر ف السجعة دي ..
قاطعه عفيف هاتفا في ضيق:- فين العمارة !؟..

اشار الخفير باتجاه احدى البنايات القريبة:- أهي .. الدور التالت .. شجة صاحبه سمير ..
اندفع عفيف باتجاه البناية و ما ان اصبح قبالتها حتى اخذ نفس عميق و دلف اليها ليطالعه البواب جالسا فى خمول و قد انتفض ما ان ادرك وجود عفيف هاتفا:- خير يا حضرت !؟.. عايز حاجة !؟..
اكد عفيف:- شجة الاستاذ سمير ..
اكد البواب:- اه .. اتفضل الدور التالت اول شقة ع اليمين ..

صعد عفيف في هوادة فى بادئ الامر وما ان اختفى عن ناظريّ البواب حتى اندفع يصعد في عجالة.. توقف امام الشقة المطلوبة ودق بابها في هدوء يتنافي مع ثورته الداخلية .. لحظات مرت كالدهر حتى انفرج الباب عن محيا رجل في العقد السادس من عمره تطلع الى عفيف في تعجب متسائلا:- اي خدمة !؟..
تطلع اليه عفيف فى تعجب مماثل و اخيرا هتف:- انا اسف .. الظاهر غلطت ف الشجة..

هتف والد سمير:- حضرتك عايز مين !؟..
اكد عفيف:- الاستاذ سمير ..
هتف والد سمير:- انا علوي ابوه .. تحت امر...
لم يمهله عفيف لاستكمال كلماته بل اندفع لداخل الشقة مثل العاصفة باحثا داخلها لعله يجد ضالته لكنه لم ينجح الا فى استثارة غضب صاحبها الذي هتف في ثورة:- انت بتعمل ايه يا حضرت .. انا هجيب لك البوليس ..

اندفع عفيف خارج الشقة راحلا و لكن قبل ان يغادر ألتفت لوالد سمير معتذرا:- انا اسف .. الظاهر ده سوء تفاهم ..
هتف والد سمير:- انت تعرف ابني سمير منين !؟..
اكد عفيف:- معرفهوش .. الظاهر انا بدور على سمير تاني .. عن اذنك ..
و اندفع هابطا الدرج في عجالة و منه لخارج البناية متوجها لخفيره الذي شعر انه سينال من عفيف ما يستحق وربما يلق به في البحر و يعود للنجع دونه ..
صرخ عفيف ما ان طالع الخفير:- انت متأكد يا مخبل ان دِه العنوان !؟.. شكلك متوه و منتش واعي ..

اكد الخفير هازا رأسه في تتابع مذعورا:- لاااه .. و عهد الله كانوا هناك يا عفيف بيه .. اني متأكد .. ذي ما اني متأكد اني واعي لچنابك..
استشف عفيف الصدق في حديث خفيره فلزم الصمت وتطلع حوله فى حيرة متسائلا بنفسه:- يا ترى راحوا فين !؟.. لساتهم ف إسكندرية!؟.. و لا نزلوا على مصر!؟..
قرر المرور على عدة فنادق للسؤال ربما يكون قد استقر بهما المقام بأحداها .. فإذا كانا قد فقدا ملاذهما المتثل في شقة صديقه سمير فلابد انهما سيبحثان عن ملاذ جديد وهذه المرة قد يكون احد الفنادق ..
ارتاح للفكرة واندفع في تنفيذها و خلفه خفيره وهو لا يعلم الي اين سينتهي به المطاف ..

للمرة الأولى يكون ممتنا لما فعلته دلال من اجله رغم اعتراضه .. فبالرغم من ان هذا الامر كان دوما مصدرا للشجار بينهما الا انه حمد لها صنيعها حينما ادرك ان ما يحمل من مال بالكاد يكفيهما لوجبة وثمن ليلة في فندق فلقد أصرت على جعل حسابها المصرفي الذى كانت تودع فيه راتبها مع كل ما تتحصل عليه من عملها الإضافي في المستوصف الخيرى و غيره..

بحسابا مشتركا حتى اذا ما احتاج لمال لا يضطر لسؤالها وخاصة بعد تخرجه وبقائه بدون عمل لفترة .. الان ها هو يشكرها ألف مرة على ذلك فلولاه ما كان يعلم أين يمكنهما التوجه وهو يملك بالكاد ثمن عشاءهما هو و المسكينة التي تنتفض بردا بجواره ..

اغلق حافظة نقوده في عجالة قبل ان تنتبه لما يفعل حتى اذا ما ما مرا على مطعم للأكلات السريعة دخلا يبتاع لها ما يسد جوعها مع بعض الشراب الساخن ليمدها بالدفء حتى يقرر أين يمكنهما ان يبيتا ليلتهما .
مد لها كفه بالطعام و الشراب الساخن عبر الطاولة المنزوية في احد أركان المطعم هامسا:- كلي حاجة .. انتِ مكلتيش حاجة من الصبح .. و اشربى الحاجة السخنة تدفيكِ..

هزت رأسها في رفض وهي تحيد بنظراتها الدامعة بعيدا تنظر عبر واجهة المحل الزجاجية للخارج ..
مد كفه لاشعوريا يحتضن كفها في تعاطف وللمرة الأولى لا تنتفض للمساته بل نظرت اليه وسالت دموعها رغما عنها و همست من بين دموعها:- انا بجيت حمل تجيل عليك .. انا عارفة .. آسفة ..

ولم تستطع إكمال كلماتها فقد غلبتها دموعها لتجذب كفيها من بين أحضان كفيه وتداري بهما وجهها محاولة وأد شهقاتها الموجوعة ..
احترم ألمها لبعض الوقت حتى ما ان هدأت حدة شهقاتها عاود امره لها من جديد بحنو:- كلي حاجة بقى .. عشان نلحق نشوف هنعمل ايه قبل ما الليل يدخل اكتر من كده.. و بعدين انتِ عمرك ما كنتِ حمل عليا .. انتِ ملزمة مني لانك قدام ربنا مراتي .. في راجل تبقى مراته حمل عليه برضو !؟

ابتسمت في خجل واومأت برأسها إيجابا و بدأت في تناول طعامها ..و هو يكتم ويداري وجعا مماثل لوجعها .. لكن عليه ان يدع الثبات فالمشوار طويل .. و دلال ربت رجلا .. لم ولن يخزلها ابدا..
كان يتطلع اليها مشفقا فهى ابدا لا تستحق ما تعشه الان وهى ابنة الحسب المرفهة سليلة العائلة العريقة ومدللة اخيها ..

كانت ساهمة تتطلع للخارج عبر زجاج النافذة تأخذها خواطرها بعيدا الا انها توقفت عن تناول طعامها و حملقت بشدة في شبح يقف خارج المطعم .. تنبه لنظرتها المصدومة فوجه نظراته الي حيث تركز نظراتها ليشهق في ذعر و اخيرا يجذبها لينحنيا مختبئين خلف اظهر مقاعدهما العالية ..

كان عفيف يقف على احد الأرصفة يتطلع حوله في ضجر فقد قضى معظم يومه باحثا عنهما بكل فندق قد يتوقع انهما نزلا به لكنه لم يفلح فى العثور عليهما .. شمله اليأس و الضيق وزفر في غضب مكبوت قبل ان يندفع في اتجاه محطة القطار وقد قرر العودة من حيث أتى وقد شمله الإحباط كليا فها قد فقد الخيط الوحيد الذي استطاع الوصول اليه للامساك بهما..

ما ان تأكد نديم من رحيل عفيف بالفعل من امام نافذة المطعم حتى امرها بالظهورلترفع جزعها اخيرا متطلعة اليه في حرج ليهمس نديم و هو يجز على اسنانه غيظا:- انتِ كنتِ شيفاه واقف بره ومقلتيش!؟.. افرضي كان شافنا !؟..
نكست رأسها في اضطراب ولم تعقب ليزفر هو بضيق مشيحا بوجهه عنها .. ساد الصمت بينهما للحظات قبل ان يهمس نديم بنبرة حانية متفهمة متسائلا:- كان واحشك !؟.. مش كده !؟..

اكدت بهزة من رأسها دون ان تفوه بحرف لكن عبرات عينيها التي انسابت متتابعة كانت كافية و زيادة لتخبره ماذا فعل بها الشوق لأخيها الغالي فلاذ بالصمت بدوره و بداخله يتمزق وجعا ..

انتفضت مذعورة عندما تناهى لمسامعها صوت ألة تنبيه سيارته و هى تعبر بوابة البيت الكبير .. اندفعت للنافذة لعلها تستشف امرا ما يجعل خافقها الذي تعدت سرعة دقاته الحد الطبيعي يهدأ قليلا لكنها لم تبصر شيئا بعد ان اختفت العربة حيث موضعها خلف البيت ..

اندفعت تهبط الدرج فى عجالة حتى انها كادت ان تنكفئ عدة مرات على وجهها لسرعتها المفرطة حتى وصلت للمدخل الرئيسي وهى لاهثة تكاد تنقطع انفاسها انفعالا و ما ان طالعت محياه حتى اندفعت اليه هاتفة باسمه:- عفيف بيه !؟.. ايه اللي حصل !؟..
تطلع اليها واجما ولم ينبس بحرف فاقتربت فى توجس هامسة:- أوعى تكون ..

لم تكمل جملتها المتلعثمة و هو بدوره لم ينطق مما دفعها لتهتف صارخة:- عملت فيهم ايه!؟..قتل..
قاطعها هاتفا في هدوء:- اهدي يا داكتورة .. هما بخير .. انا ملحجتهمش ..
هتفت في سعادة:- ملحقتهمش !؟..

هتف مؤكدا بايماءة من رأسه:- ايوه ملحجتهمش .. كانوا مداريين ف شجة زميل اخوكي اللي ف اسكندرية اللي اسميه سمير.. و الله اعلم ايه اللي خلاهم يسيبوها جبل ما أوصل بشوية ..
هتفت متعجبة:- بس انت ايه اللي عرفك بسمير و شقته !؟.. ده انا نفسي كنت نسياها خالص ..

تطلع اليها في حسرة هاتفا:- الحوچة يا داكتورة خلتني ادور ف كل صحاب اخوكِ وكنت حاططهم تحت عيني و بالذات اللي ليهم صلة كبيرة بيه .. و اهااا .. كان عندي حج و لچأ لواحد منيهم .. بس للاسف معرفتش أوصلهم ف الوجت المناسب .. بس ملحوجة ..
هتفت في ذعر:- ملحوقة ازاي!؟..

ابتسم هاتفا:- ما دام حضرتك مشرفانا يبجى اكيد ملحوجة ..
ألقى كلماته الساخرة واندفع صاعدا الدرج تاركا إياها تنظر الى حيث غاب في غيظ لكن رغما عن ذلك شعرت براحة كبيرة تعتريها ما ان اطمأنت ان أخاها بخير .. و كان هذا يكفيها ..

اندفع من الباب المفضي للمطبخ تحت أنظار الخالة وسيلة والتى لم يلق عليها السلام كعادته واكمل اندفاعه المتهور حتى وصل لقلب البهو في منتصف المندرة .. هم برفع صوته يناديها الا انها ظهرت من خلف باب حجرة الكشف التي كانت تغلقها وقد أنهت لتوها كشفها الاخير و رحلت صاحبته ..
تطلعت بدهشة لذاك الذى يقف متحفزا فى قلب المندرة بهذا الشكل الذي ينذر بالسوء ..

هتفت فى تعجب:- عفيف بيه !؟.. خير ..!؟..
هتف جازا على اسنانه فى محاولة للسيطرة على انفعالاته و التي شعرت بشراراتها المتطايرة من حدقتيه الفحميتين اللتان أصبحتا بلون الجمر:- خير منين !؟.. مهواش خير يا داكتورة !؟..
ازدردت ريقها بصعوبة و كل ما تناهى لعقلها هو نديم اخوها فهتفت بصوت متحشرج:- هو في اخبار تاني وصلتك عن نديم وناهد !؟..
هتف بغضب:- لااااه .. انا بتكلم ع اللى عمِلتيه !؟..

تساءلت فى حيرة:- عملت ايه !؟..
هتف صارخا هذه المرة:- ليه روحتى النجطة تبلغي عن ابوا نادية!؟..
هتفت مجيبة:- انا ..
قاطعها فى غضب هادر:- وليه مجلتيش انك هتعملى كِده !؟..

هتفت بغضب مماثل:- عفيف بيه!؟.. اولا ..حضرتك مكنتش موجود وانا مش هاخد رأى حد ف اللي شايفة من وجهة نظري انه صح .. و ثانيا انا حبيت أعفي حضرتك م الحرج و ابقى قدام الكل اتصرفت من نفسي وسيادتك تبقى بعيد عن الموضوع ..
هتف مذهولا:- بعيد كيف يعنى !؟. انتِ واعية لحالك انتِ بتجولي ايه!؟.. كيف ابجى بعيد عن حاچة بتحصل ف النعمانية !؟..

هتفت ساخرة:- يبقى صحيح بقى اللى بيتقال ان مش ممكن حد يعطس ف النعمانية ولا يكح من غير اذنك و الا تودره ..
هتف متعجبا:- انتِ مين جالك الكلام ده !؟..
هتفت بغيظ:- نفس اللي بلغك اني رحت النقطة اقدم بلاغ ..
هتف فى سخرية:- ع العموم اني عارف مين اللي جال لك كِده .. اكيد حضرة الظابط الهمام .. بس كويس انه عِجّل و عرف الدنيا ماشية كيف ..

اكدت فى هدوء:- قصدك حضرة النقيب شريف عبدالواحد !؟.. ايوه هو اللي قال كده وقال لي ان اللي بعمله غلط و مينفعش و ان الدنيا هنا غير القاهرة..
لا يعلم لما نطقها و ذكرها لاسم الضابط بهذا الشكل جعله يغلى غضبا على غضبه المستعر من الاساس ولكن رغم عن ذلك اكد في هدوء وعينيه الصارمة قد ضاقت ملقية اليها بنظرة لم تفهم مدلولها:- مش بجوللك عِجّل .. اصلك اول ما چه النعمانية كان ذي حالاتك كِده.. كان عايز ياخد الدنيا جفش..

اكدت هى فى لهجة متحدية:- يمكن هو عمل كده لانه محكوم بقوة القانون ونصوصه لكن انا مش هبقى كده يا عفيف بيه و اللى هشوفه صح هعمله ..
تساءل فى حذّر:- جصدك ايه !؟..
اكدت بثقة:- قصدي اللي حضرتك فهمته .. انا مش هسكت على حاجة غلط و مش هقف اتفرج وايدي متكتفة و معملش حاجة تمنعها .. عن اذنك ..
و اندفعت فى اتجاه الدرج تعتليه مسرعة تاركة اياه يكاد يحرق المندرة بل البيت الكبير كله بما فيه من شدة استعارغضبه الذى أشعله تحديها له ..



look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
  11-01-2022 01:24 صباحاً   [8]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل التاسع

بعنوان ( شكرا )

منذ اخر جدال بينهما لم تره او حتى تحاول بل انها كانت تتجنب لقاءه بشكل متعمد حتى هو استشعر ذلك وكان على ما يبدو يحذو حذوها .. ثلاثة ايّام كاملة لم تلمح طيفه الا ظلا مبتعدا عندما تكون بشرفة غرفتها ويصادف خروجه من البيت الكبير فى نفس ذات اللحظة متخطيا البوابة الحديدية للخارج ...

نزلت الى قلب المندرة وبدأت في الاستعداد لقدوم النسوة .. استغرقت معظم النهار فى الفحوصات المختلفة .. كانت تشعر بإرهاق فوق العادة وها قد انتهت اخيرا من اخر مريضة كانت عندها وودعتها على الدرج الخارجي لحجرة الكشف مؤكدة عليها ببعض النصائح و ضرورة زيارتها في الوقت المحدد لها دون تأخير و ما ان غابت المرأة خلف الباب الخلفي للبيت الكبير الذى خصصه عفيف لدخولهن اليها حتى استدارت تعود ادراجها للداخل الا انها توقفت عندما سمعت صوت يسألها في فضول:- انتِ بجى الداكتورة اللي بيجولوا عليها..!؟..

استدارت لمصدر الصوت لتطالعها عيون قاتمة جعلتها تنتفض من كم الخبث الذي يحويها .. نظرات ذئبية حقيرة فصلتها وشعرت تحتها باكتساح حقير لأمنها وسلامتها حتى انها تراجعت للخلف رغبة في جعل مسافة كافية بينها وبين صاحب تلك النظرات المنفرة ..

لا تعرف من هذا و لا تريد ان تعرف كل ما كانت ترغب به في تلك اللحظة هو المضي في سلام بعيدة عن ذاك الشخص الغريب الغير مريح .. الا ان هتافا بصوت تعرفه جعلها تنتفض ناظرة اليه في سعادة لمجيئه .. فرحة عجيبة انتابتها عندما طالعها محياه بعد ايّام من القطيعة جعلتها تتعجب من أحوالها مؤخرا .. هتف عفيف يقطع شرودها بصوت جهوري في الضيف الواقف امام دلال والذي لم يتزحزح لمرأى عفيف:- اهلًا يا صفوت .. شرفت .. بس ايه!؟.. موعتلكش وانت داخل .. و لا كنك چيت من باب الحريم..!؟..

كادت دلال تنفجر ضاحكة شامتة في ذاك الاحمق المدعو صفوت من جراء سخرية عفيف اللاذعة والمبطنة بها تساؤلاته .. الا ان صفوت مررها بيسر عجيب ورد ببرود:- اني چيت ارحب بالداكتورة .. مش ضيفة عندينا برضك ..!؟.. و ف نفس الوجت أخدها عشان اختى خديچة تعبانة شوية .. ما انت عارف انها ف اول حملها وچوزها مسافر جلت اچي أرحب بالداكتورة وتتفضل عندينا شوية تشوف خديچة .. ربنا يجومها بالسلامة ..

هتف عفيف:- اللهم امين .. و توجه بحديثه لدلال هاتفا:- معرفتكيش يا داكتورة.. صفوت يبجى بن عمتي .. و
هتف صفوت مقاطعا:- و خطيب ناهد اخته عن جريب باذن الله..
زمجر عفيف بلهجة مخيفة أرعبتها شخصيا هاتفا و هو يجز على اسنانه:- لسه مبتناش فيه الحديت ده يا صفوت .. و جفل ع السيرة دى دلوجت ..

تنبهت لما قاله كلاهما وادركت ان عفيف يقع تحت ضغط هائل بفعل غياب اخته ناهد و التي يطلبها بن عمتها للزواج وهي بالفعل غير موجودة في النجع بل انها غير متاحة من الأساس وهي التي هربت مع أخيها ولا علم لأحد بموضعهما حتى اللحظة .. و كم اشفقت على عفيف .. فهو بقلب موقف لا يحسد عليه إطلاقا.. لذا هتفت بغية تلطيف الأجواء:- انا تحت امرك يا صفوت بيه انت و الهانم اختك .. قرايب عفيف بيه اكيد يهموني ..

ابتسم صفوت ابتسامة سمجة هاتفا بلهجة امرة:- طب ف انتظارك يا داكتورة عشان تاچى معاي ..
هتف عفيف في زمجرة و قد رأها تستدير مغادرة بهدف تنفيذ امر صفوت بتلقائية:- الداكتورة مبتروحش لحد بيته .. اللى عايزها ياجيها هنا ذي باجي الحريم ..
هتف صفوت بلهجة تموج غضبا:- ايوه صحيح .. هي مبتروحش الا عند مرت عفيرك وانت اللي توديها بنفسك كمان ..لكن بت عمتك .. لاااااه..

توقعت دلال مجزرة هاهنا بعد كلمات صفوت المسمومة تلك لكن عفيف خيب توقعاتها ليقول في هدوء قاتل:- الداكتورة مبتخرچش برة البيت الكبير الا لحالات الولادة بس ..غير كِده اللى عايزها ياچيها .. حتى و لو كان مين ..
ثم استدار الى دلال هاتفا في تبجيل مشيرا للداخل امرا:- اتفضلي يا داكتورة على چوه .. تعبناكِ النهاردة ..

كانت ترى في لهجته الآمرة ورغم تسلطها نوع من الأمان العجيب الذى ادهشها .. كيف يمكن ان يجتمع الأمان و التسلط في جملة مفيدة واحدة وتستقيم ..!؟.. لكن ها هو عفيف النعمانى يفعلها .. وها هي على الرغم من بغضها للتسلط و التجبر تجد نفسها مستمتعة به بشكل عجيب ادهشها وأخافها .. لكنها تقبلته على ايه حال وخاصة انه خلصها من ذاك الشخص المقيت المدعو صفوت والذي تتمنى ان لا تره مرة اخرى طوال مكوثها في النعمانية .. وللمرة الثانية تتعاطف مع ناهد والتي لو بقيت لأصبحت زوجة هذا الشخص اللزج والذي طلبها للزواج من عفيف .. و لا تعرف ما الحجة التي سيسوقها مستقبلا ليؤجل الحديث في هذا الامر!؟..

هتف موظف الاستقبال لنديم:- اتفضل يا فندم مفتاح الاوضة .. شرفتونا ..
اخذ نديم المفتاح وأشار لناهد لتتبعه في استسلام حتى باب الغرفة .. فتحها في هدوء و افسح لها الطريق لتمر أولا قبل ان يدلف اليها ويغلق الباب خلفه ..
وقف كل منهما يتطلع للغرفة بأثاثها القليل و ما تحويه الا التطلع الى رفيقه .. فقد جمعهما بيت واحد من قبل وكان لكل منهما غرفته الخاصة التي ينال فيها القسط الوافر من الحرية اما هنا .. في تلك الغرفة متوسطة الاتساع والتي لا تحوي الا اللازم و الضرورى فقط .. فكيف سيتسنى لهما ذلك!؟..

كان هو اول من قطع الصمت كعادتهما ليهتف في هدوء:- انا هنام هنا على الكنبة دي .. وانت هتخدي السرير أريح لك ..
هتفت معترضة لضيق الأريكة التي اتجه اليها بالفعل:- بس ..
أكد بلهجة صارمة:- مفيش بس ..

ثم استطرد بلهجة اقل صرامة تحمل في طياتها بعض الأسف:- معلش .. دي الاوضة اللى على قد إمكانياتنا دلوقتى لحد ما نشوف هنعمل ايه .. اهم حاجة ان ليها حمام خاص بيها عشان متخرجيش بره لأى سبب الا وانا معاكِ .. الفندق كويس .. بس مفيش حاجة مضمونة ..
أومأت برأسها في طاعة وهي تتجه في تثاقل الى طرف الفراش الأبعد عن الأريكة التي يحتلها و التى بالكاد تكفى جسده ..
جلست لا تعرف ما عليها فعله .. فهى تشعر انها تحلم حلم طويل لا يقظة منه .. بالاصح كابوس وجدت نفسها مغروسة فيه عنوة ولا يمكنها الاستيقاظ لإنهائه وعليها ان تعيش تفاصيله المحرجة و تتجرع المرارة والألم قطرة قطرة..

تنهدت في قلة حيلة و ألقت بنظرة سريعة على شريكها بالغرفة لتجده غارق في السكون لا يأتي بحركة فأعتقدت انه راح في النوم .. فرفعت قدميها و دستهما تحت غطاء الفراش الذى جذبته حتى عنقها لتتعلق عيناها بالسقف وهي تفكر في ما ألت اليه حياتها في تلك اللحظة بعد ان كانت الأميرة في ظل اخيها وعزه .. دمعت عيناها .. و أخيرا ألقت بنظرة على ذاك القابع هناك وهي تشعر بالاسف نحوه فهو ما استحق ابدا ما يحدث له معها .. أغمضت عينيها محاولة طرد كل تلك الأفكار التي تطرد بدورها النوم بعيدا حتى تستطيع الولوج لدنيا الأحلام والتي بالتأكيد ستكون ارحم ألف مرة من ذاك الكابوس الحي الذى تعيشه وعيناها مفتوحتان ...

اندفعت دلال من باب المطبخ المشترك بين المندرة و البيت الكبير بغية لقاء الخالة وسيلة وسؤالها عن بعض الأغراض التي قد تحتاجها في غرفة الكشف الا ان الخالة وسيلة لم تكن هناك بل انه في نفس اللحظة التي اندفعت فيها للداخل .. ظهر عفيف دالفاً للمطبخ بدوره .. و لكن هل هذا عفيف حقا ..!؟.. من هذا الرجل الذى يرتدي تلك البدلة العصرية الرائعة والتي تناسب قده السامق وبنيته المنحوتة كصخر الجبل .. تنبهت لخواطرها الغير معتادة على عقلها الواعى لتجبر نظراتها لتسيطر على رغبتها الملحة في التطلع اليه بهذا الشكل الجرئ وخاصة انها المرة الأولى تماما التي تراه فيها دون عمامته .. تاج رأسه الصعيدية اليابسة كالصوان ..

وقف متطلعا اليها بدوره لا يعلم ما عليه قوله او فعله و تنبهت بعد ان استطاعت بأعجوبة السيطرة على نظراتها انه يمسك بربطة عنقه كالتائه ..
وأخيرا دلفت الخالة وسيلة للمطبخ من جهة عفيف تقطع ذاك الاضطراب هاتفة وهي تراه واقفا في حيرة:- خير يا عفيف بيه!؟.. كنت بتنادم علىّ..
وتنبهت الخالة بعد ان مرت من خلف ظهر عفيف لوجود دلال فابتسمت لها في حبور هاتفة:- دِه الحبايب كلهم هنا .. كيفك يا بتى عايزة حاچة .. !؟..
اومأت برأسها هاتفة:- اه يا خالة .. بس انا مش مستعجلة .. شوفي طلبات عفيف بيه الأول .. الظاهر هو اللي مستعجل ..

تردد في الحديث والخالة وسيلة تتطلع اليه ولكنه هتف متعجلا وهو يظهر رابطة عنقه أمام أعينها:- الهبابة دي .. تعرفي تربطيها ..!؟..
تطلعت اليها الخالة وسيلة في عدم اهتمام ثم اعادت نظراتها للاوانى التي تغلى على نار الموقد هاتفة:- يا ولدي انا ايش دراني بالحاچات دي !؟.. ناهد اللي كانت بتربطهالك .. لكن ..

وصمتت الخالة بعد إدراكها انها تجاوزت في الحديث بذكر ناهد في تلك اللحظة و خاصة امام دلال .. و لكنها تداركت الموقف في ذكاء هاتفة:- ما تربطيها له يا داكتورة .. اكيد تعرفي .. صح ؟..

انتفضت دلال في احراج وتطلعت اليه وهو يقف كالتلميذ الخائب الغير قادر على أداء واجبه بمفرده و تذكرت ان نديم لديه نفس العقدة و انه لم يستطع يوما إجادة عقد رباط العنق مهما حاولت تعليمه .. شعرت بالحنين لأخيها الصغير و ربيبها .. و يبدو انه نفس الشعور الذى يكتنف عفيف في تلك اللحظة مفتقدا تلك الأشياء البسيطة التي كانت لناهد .. و لناهد فقط حق أدائها لمساعدة اخيها الحبيب ..

اقتربت في هدوء وقد قررت المساعدة بالفعل لتتناول رابطة العنق من يده التي امتدت بها ..
ليسير خارج المطبخ وهي تتبعه تاركي الخالة وسيلة بين أوعية طبخها ووقفت هي تنظر لتلك المرآة الجانبية في احد الأركان و هي تضع رابطة العنق على رقبتها هي و تبدأ في عقدها وما ان انتهت حتى خلعتها في هدوء تناوله إياها لكنها فوجئت بانحنائه تجاهها لتضع الرابطة في عنقه ..

تسمرت كفها لثوانى لا تعرف ما عليها فعله .. و أخيرا دفعت بالرابطة حول عنقه او بالاصح حول ياقة قميصه ..اعتدل قليلا .. فأصبحت ذراعاها مرفوعان للأعلى كأنما هي من تتعلق به بل تتشبث لتظل بقربه .. كان القرب مهلكا لكلاهما وتعلقت عيون كل منهما بعين الاخر في حديث طويل .. حديث تعارف .. و كأنما تره الان للمرأة الأولى كما يراها .. تلاقت اكفهما عدة مرات سابقا و تعارفت فيما بينهما لكن حديث العيون وتلاقيها حديث اخر .. حديث يطول شرحه..

نوافذ للروح تُفتح على مصرعيها فيتملى كل منهما لروح صاحبه و يسكن اليها و يأنس لها دون اى حواجز او سدود .. دون ان يكون هناك لكن .. هناك فقط همس شجي و سكون مطلق وروح تهيم في فضاء شاسع من النعيم ..

ولكن دوما ما تأتي لحظة التريث ليبدأ العقل فى إطلاق إشارات التنبيه لتع الروح بالخطر المحدق فتغلق ابوابها فى حرص خوفا من الوقوع في الأسر وهاقد حانت تلك اللحظة من قبلها لتبتعد مسرعة و هي تجذب احدى طرفي رابطة العنق لتحكمها حول عنقه ولم تكن تدرى من فرط اضطرابها انها زادت من جذبها حتى كادت تخنقه ليهتف هو ساخرا بصوت أجش ساعلا:- ربنا ما يوجع رجبة حد تحت يدك يا داكتورة ..

تراجعت خطوة للخلف في احراج كسا وجنتيها بالوردي .. فضحك وهو يخفف من شدة احكام الرابطة حول عنقه .. وتطلع الى خجلها الذي يعشق و نظراتها المطرقة التي يتمنى ان ترفعهما للحظات حتى تكون هي اخر ما يتطلع اليه قبل ان يغادر في سفرته الى القاهرة لعمل ما .. و قد فعلت و رفعت اليه نظرات عاتبة و قد عادت اليها روحها الوثابة لتجول من جديد بين جنبات صدرها تطل بجلاء من عينيها السمراوتين هاتفة بضيق:- هي دي كلمة شكراً !..

هتف مازحاً مغيظاً إياها راداً عليها كأنه من قدم المعروف لا هي:- العفو ..
نظرت اليه في قهر:- هو مين اللي المفروض يشكر مين ..!؟..
هتف و هو لايزل محتفظا بلهجته المازحة:- عايزة الحج .. المفروض انتِ اللي تشكريني .. بعد اللى عملتيه فيا وكنتِ هتخنجيني كان ممكن اخد بتاري منيكِ .. وانتِ عارفة .. انا مبسبش حجي ابداااا ..
هتفت معترضة بلهجة طفولية و هي تندفع لداخل المطبخ:- انا ايه اللي جبني أصلا من أوضة الكشف!؟..

هتف يناديها بلهجة جادة:- يا داكتورة ..!؟..
تنبهت ووقفت و كفها على مقبض باب المطبخ واستدارت مستفسرة ليهتف مبتسما تلك الابتسامة التي تهلكها:- شكراً..
فهتفت هي في ضيق مفتعل لتداري تأثيره على أعصابها التي تذوب بفعل نظراته تلك:- العفو .. اي خانقة ..

انفجر ضاحكاً على تعليقها الأخير قبل ان تندفع من أمامه لداخل المطبخ و صوت قهقهاته تلك يجعل قلبها كالسكير مترنحا بين أضلعها اما هو فقط كفاه من زاده انها كانت اخر من يلقاه قبل ان يرحل مبتعدا للقاهرة فى سفرة عمل هام ..

اربع ليال مرت منذ غاب عن النعمانية .. اربع ليال من عدم الراحة والأمان اعترتها لعدم وجوده بالقرب .. على الرغم انه وضع حراسة قوية على أبواب و مداخل البيت الكبير الا انها كانت لاتزل تشعر بالخواء لعدم وجوده .. إحساسها نفسه أقلقها وجعلها اكثر ضيقا ونفاذ صبر ..
كانت تملأ فراغ يومها كالعادة بالزائرات من المريضات اللائي اكتسبت ثقتهن بفضل الله ..لكن ما ان ينتصف النهار و تقل هذه الزيارات حتى تندر تقريبا بعد العصر ويبدأ يزحف ذاك الإحساس العجيب بالفراغ الداخلي و عدم الأطمئنان الذى يتملكها في غيابه ..

واليوم ليس استثناءً فها هي تستيقظ لتستقبل المريضات و ينتهى اليوم بلا اى جديد .. نزلت للحديقة المحيطة بالبيت الكبير .. فالطقس الى حد كبير دافئ ذاك النهار مما دفعها لجلب احدى الروايات و النزول للحديقة تجلس على تلك الأرجوحة التي اكتشفت وجودها في ذاك الركن البعيد و التي عرفت انه صنعها خصيصا من اجل ناهد اخته المدللة التي كان يعاملها كأميرة تأمر فتطاع ..

جلست تقرأ رواية من تلك الروايات التي وجدتها بجوار فراشها بعد استفاقتها من غيبوبة مرضها .. نظرت الى الرواية لتقرأ عنوانها "قنديل ام هاشم " .. تعجبت من الاسم و لكنها ما ان بدأت أولى سطورها حتى اخذتها الرواية بين طياتها و هي تكاد تجزم ان صراع البطل مع التخلف و الموروثات القديمة لا يختلف بأى حال من الأحوال عن صراعها هنا في نجع النعماني..

تشابه الحالة جعل الرواية اكثر متعة لذا لم تنتبه لمناع الذى اقترب متنحنحا عدة مرات حتى تنبهت هاتفة:- خير يا مناع..!؟..
ابتسم مناع في هدوء وهو يضع حمله الذى كان يحمله على كتفه هامسا بإحراج:- معلش بجى يا داكتورة .. هَدية مش كد مجامك بس جلت حضرتك لازما تكوني اول من يدوج جصب ارضي بعد ما خلصت كسره جبل ما عفيف بيه يسافر .. اهو خلصت دورى .. ياجى بالسلامة و يبدأ دوره ف الكسر ..
ابتسمت في سعادة هاتفة:- هدية مقبولة يا مناع .. بس هو كسر القصب بالدور ..!؟.. اول مرة اعرف ..

ابتسم مناع مؤكدا:- معلوم يا داكتورة بالدور .. الجصب لو جعد في الأرض ميبجالوش عازة لازما ينكسر بسرعة ويتحمل لمصنع السكر .. و المصنع بيعين مهندس يشرف ع الأدوار دي وانت عارفة عاد ايه اللى ممكن يُحصل لو المهندس دِه زمته واسعة .. لكن على مين ..!؟.. مش ف النعمانية و ف وچود عفيف بيه .. دِه هو بذات نفسيه واخد دور زينا زييه مع انه بس باشارة صغيرة جصبه يتكسر و يتحمل اول جصب و ما حد فينا يجدر ينطج بحرف .. لكن عفيف بيه طول عمره حجاني ..

ابتسمت دلال في شرود ليهتف مناع من جديد:- تعرفي يا داكتورة .. انى لولا عفيف بيه مكنتش طُلت سعدية ولا اتچوزتها ..
انتبهت بكامل حواسها لحديث مناع وهو يسرد عليها تفاصيل حكايته مع سعدية:- اني كنت رايدها ف حلال ربنا وعلى سنته و رسوله لكن .. ابوها منه لله بجى .. كسر مجديفي ومكنش عاچبه العچب .. مكنش راضي يدى بته لراچل على كد حاله محلتوش طين وشغال غفير محلتوش الا سلاحه ..
يومها كنت هموت من جهرتي لجيت عفيف بيه بيجولي ولا يهمك هتبجى من نصيبك وجبل ما يهل الشهر العربى هتكون ف بيتك..
هتفت دلال مبهوتة لحديث مناع:- وصدق فعلا ..!؟..

أكد مناع بحماسة منقطعة النظير:- وااااه .. لو عفيف النعماني يدي كلمة وميصدجش فيها أُمال مين اللي يصدج ..!؟.. و الله جبل ما يهل الشهر العربي كمان كانت ف داري .. راح بذات نفسه لأبوها و كبرني جدامه واني المجطوع من سجرة محلتيش الا امى هي اللى طلعت بيها م الدنيا .. و كتب لي جدام ابوها جيراطين ارض من الأرض الجبلية اللى بجروب الچبل..

نظرت اليه في دهشة ممزوجة بتعجب تهمس في نفسها:- هل من يتحدث عنه مناع هو عفيف النعمانى الذي لا تعلم عنه شيئا .. ام من يكون ..!؟..
ليستطرد مناع:- فكرك يا داكتورة ان عفيف بيه ساعدنى عشان اني غفيره وكِده ..!؟.. لااه .. عفيف بيه خيره ع الكل هنا .. صغير وكبير .. تعرفي الواد خرابة ..
ابتسمت ما ان تذكرت الاسم وكيف فتح حقيبتها الثمينة بمهارة شديدة و هي التي كانت تسخر من اسمه .. اومأت برأسها مؤكدة:- اه .. اعرفه .. صلح لي شنطتي ..
هتف مناع بحماس:- معلوم يصلحها و يصلح ابوها كمان.. دِه واد چن .. تعرفي يا داكتورة ..

واخفض صوته متطلعا حوله دلالة على أخبارها بسرعظيم مستطردا بهمس:- الواد خرابة دِه كان من المطاريد ف الچبل ..
انتفضت غير مصدقة .. ليبتسم ما ان وعى لنفضتها سعيدا بمدى تأثير حكاياته على ملامحها المذعورة في تلك اللحظة وأكد قائلا:- ايوه .. كان من مطاريد الچبل .. كان حرامي .. يسرج الكحل من العين.. بس عفيف بيه جدر يمسكه ف يوم وهو نازل من الچبل يسرج مواشيه.. يوميها علجه ع السجرة الكبيرة اللي جصاد الباب اللي بتوعيلها وانت داخلة دي ..
هتفت مصدومة:- ربطه وجلده ذي ما بنشوف ف الأفلام كده ..!؟.

قهقه مناع هاتفا:- لااه .. چلده ايه يا داكتورة .. عفيف بيه ميعملهاشي .. هو عِمل كِده عشان يخليه عبرة لكل واحد يفكر يهوب من بهايم النعماني او أي حاچة تخصه .. لكن ربنا جادر وهدا الواد خرابة على يده بعد ما أتكلم عفيف بيه معاه .. و لجينا عفيف بيه بنى له أوضة جرب مدخل البلد بيصلح فيها كل حاچة تخطر على بالك .. مش بجولك يا داكتورة واد چن .. و من يوميها محدش دخل البيت الكبير ولا صلح اى حاچة خربت فيه الا الواد خرابة دِه ..

كانت تفغر فاها غير مصدقة بكل تلك التفاصيل التي تتوالى على مسامعها عن عفيف النعماني .. ذاك الرجل الذى سيظل يبهرها ويثير دهشتها .. انه بحق رجل دهشتها الأول بلا منازع ..
تنحنح مناع عندما طال صمتها هاتفا:- جلبت دماغك يا داكتورة بحديتي .. يا رب يعچبك الجصب.. ولو احتجتي اي حاچة ولو كان لبن العصفور شاوري ياچيكي .. ده اني عفيف بيه موصينى اشوف طلباتك كلها وهو مش موچود .. ربنا يرد غيبته بألف سلامة ..

ابتسمت في هدوء هاتفة:- متشكرة يا مناع .. لو احتجت حاجة أكيد هقولك .. و هدية مقبولة .. سلملي على سعدية وعفيف الصغير ..
ابتسم وهو يغض الطرف ويومئ برأسه وهو يهم بالرحيل:- حاضر .. انتِ تأمري يا داكتورة ..
ورحل ليحتل موقعه من البوابة الكبيرة كالمعتاد ليتركها تجول الطرف في الحديقة حولها وهي تتذكر كل حرف قيل عن عفيف .. كل حرف كان بمثابة دفء من نوع خاص يدثرها و كأن مجرد ذكره يبعث في نفسها الأمان الذى افتقدته بشدة في غيابه الذى طال للأسف ..

تنهدت في قلة حيلة و تطلعت لحزمة القصب الكبيرة التي تركها مناع بجوار مجلسها لتنهض في حماس جاذبة احد الأعواد محاولة كسره كما رأت مناع يصنع مرة من قبل .. وضعت العود الصلب مقابلا لركبتها وبدأت في جذب طرفيه لعله يُكسر .. لكن لا فائدة .. عاودت الكرة من جديد وكادت ان تسقط من جذبها العود لتكسره .. لكنها ترنحت وتماسكت قبل السقوط ولم يُكسر العود بعد ..

همت بالمحاولة من جديد وهي تحجل على قدم واحدة وتجرب كسره على ركبتها الثانية الا ان ضحكة طفولية أوقفت محاولتها قبل ان تبدأ لتتطلع خلفها حيث مصدر الضحكة ليطالعها عفيف وهو يقف في بدلته العصرية والتي رؤيته بها تكاد تذيب قلبها وبجواره يقف مراهق لم يتعد الثالثة عشرة على أقصى تقدير بالأدق يجلس على كرسى مدولب و لازالت تلك الابتسامة الواسعة تكلل شفتيه ..

كان عفيف هو من بدأ بالسلام رغما ان هذا الواجب عليها لكن كيف لها ان تنطق حرفا وقلبها يترنح كالسكير شوقا بين جنبات صدرها:- كيفك يا داكتورة .. يا رب تكوني بخير ..!؟..
تمالكت نفسها و استجمعت احرف أبجديتها هامسة:- الحمد لله .. و حمد الله على سلامتك .. نورت بيتك ..
كان في تلك اللحظة قد تحرك ليكون أمامها مواجها لها مباشرة .. همس ينحني:- اسمحيلى يا داكتورة ..

لا تعرف لما يطلب السماح وبأي شيء تسمح .. لكنها ادركت ما كان يعنى بذهنها المشوش لقربه وهو يمد كفه ملتقطا عود القصب ليعود خطوة للخلف وفجأة يضع العود على ركبته ليجذبه في سرعة وقوة كاسرا العود غير عابئ ببنطال بدلته الغالية ..
مد كفه لها بالعود المكسور والذي اصبح نصفين وهو يهتف في الطفل المقعد:- وحشك الجصب يا كمال!؟..

اومأ الطفل في تأكيد ليبدأ عفيف في كسر عود اخر له بينما ألتفتت هي لتقترب من الطفل الذي وعت وهي تتذكر أين سمعت الاسم بالضبط و ادركت انه حفيد الخالة وسيلة الغائب والذى لم تره منذ جاءت الى النعمانية .. لكن ما هي قصة قدميه ولما يجلس على ذاك الكرسى المدولب ..!؟.. لم تخبرها الخالة وسيلة عن ذلك ابدااا .



look/images/icons/i1.gif رواية جلاب الهوى
  11-01-2022 01:25 صباحاً   [9]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية جلاب الهوى للكاتبة رضوى جاويش الفصل العاشر

بعنوان ( الحلبية )

هتفت دلال بفضول وهي تجلس بجانب الخالة وسيلة تحت تلك الشمس الدافئة في ذاك الصباح الجميل يجاورهما كمال حفيد الخالة وقد اخذ في تقشير القصب و اعطاءه لدلال التي منذ ان وصل للبيت الكبير وقد أصبحت صديقته الأولى بلا منازع ... ذكرها كثيرا بأخيها نديم في مثل عمره .. كان كتلة من الذكاء و رجاحة العقل مع بعض الشقاوة المحببة لمن هم في مثل سنه الا ان كمال حُرم ذلك نظرا لظروفه التي تحاول ان تستفسر عن أسبابها في تلك اللحظة:- هو كمال ايه اللى حصل لرجله بالظبط ..!؟..

تنهدت الخالة وسيلة وهي تعبث بتراب الأرض بقطعة من عود قصب يابس كانت تمسك به بلا هدف محدد هاتفة في حسرة:- حادثة يا بتي .. كانوا جايين هو وابوه و امه ف العربية واتجلبت بيهم .. راحت امه وابوه .. ولدي الغالي .. ومبجيش الا هو من ريحتهم ..

تنهدت في حزن عميق كأن ما حدث لم يمر عليه عدة سنوات و كأنه حدث في الامس القريب .. ربتت دلال على كتفها متعاطفة وعم الصمت لتقطعه الخالة وسيلة بعدها بلحظات هاتفة:- بالك يا بتي لولا عفيف بيه كان كمال دِه ما حتى جادر يجعد على حيله كيف ما انتِ واعية .. شوفته على حاله دِه نعمة كَبيرة ..

دِه كان راجد مبيتحركش وعفيف بيه الله يستره هو اللي چاب الدكاترة من شرجها وغربها عشانه.. و نجلنا من دارنا البعيدة ف اخر البلد اللي كلها بالطين وچابنا هنا نعيشوا معاه ف الاوضة اللى جرب مطلع السلم اللى بيطلعك ع الدور التانى ف البيت الكبير .. جالى انها هتكون أريح لكمال وعشان أكون چاره دايما ومجلجش عليه وانى هنا..

شردت دلال وهي تطيل النظر لكمال الذي كان بعيدا بكرسيه المدولب في تلك اللحظة وهما يتحدثان عنه ولم تعلق على ما سمعته الا ان الخالة وسيلة أكملت في نبرة متفائلة:- بس عفيف بيه بيجول لي ان الداكاترة ف مصر لما شافوا كمال اخر مرة جالوا انه هيتحسن لو أتعمل له عملية كبيرة بس لما سنه يكبر شوية.. العملية دى هتتكلف كَتييير بس عفيف بيه الله يستره جالي انه هيتكفل بيها .. المهم ان كمال يجوم ويتحرك ذي بجية العيال ..

ابتسمت دلال في سعادة و قلبها يرفرف بين جنباتها لأفعال ذلك الرجل والتي سمعتها من كل المحيطين به.. كان رجل الأفعال الأول على طول الخط ولم يخيب رجاء احدهم .. دوما كان ناشرا للفرحة والسعادة للمحيطين به و كأنه عصا الساحر التي تحقق الأمنيات.. استفاقت فجأة من شرودها على صوت همهمات عالية تطلعت حولها باستغراب الا ان الخالة وسيلة كانت الأسرع منها استجابة لتتجه الى حيث تجئ الأصوات من ناحية الباب الرئيسي للبيت .. طلت برأسها وعادت في ثوان لتسألها دلال:- ايه اللي بيحصل يا خالة ..!؟..

اندفعت الخالة لداخل المندرة هاتفة بها:- تعالي وراي نشوفوا فيه ايه من باب المطبخ ..
لم تكذب دلال خبرا ودفعها الفضول لتلحق بالخالة وسيلة بسرعة حتى وصلا لباب المطبخ المطل على البهو الواسع للبيت الكبير والذي تجمع فيه كل هؤلاء الرجال وفي مقدمتهم عفيف بيه والعجيب ان بينهم امرأة ما .. لا تعرفها ولم ترها من قبل .. و كانت الهمهمات والصخب والجدال الدائر على أشده حتى هتف عفيف بصوته الجهوري متسائلا:- خبر ايه!؟.. هو احنا چينا هنا عشان نتعاركوا ولا نتفاهموا ..!؟..

صمت الجميع ولم يجرؤ احدهم على النطق بحرف بعد كلام عفيف و الذى استكمل حديثه هاتفا:- الكل يجعد ويوحد الله وكل مشكلة وليها حلها باذن الله..
هتف خفاجي احد الرجال الذين كانت المشكلة تخصهم وهو والد تلك الفتاة التي تدعى المسكنة و الغلب:- يا عفيف بيه هو ينفع اللي بيحصل دِه !؟ .. أكمننا غلابة يچوروا على شرف بتي واجعد اني ساكت حتى متكلمش .. ليه!؟.. دِه حتى ميرضيش ربنا ..!؟..

هتف عفيف صارما:- اهدى يا خفاچى هنشوفوا ايه اللى حصل الأول وبعدين لو ليك حج هتخده من عين الكل ..ايه اللى حصل بجى..!؟..
اند فع خفاجي يقص ما حدث من بن احد العائلات الكبيرة فى النجع تجاه ابنته التي لا تجد من يصد الشباب عنها لفقرها وعدم انتماءها لعائلة تحفظ لها حقوقها وشرفها فأضطر للجوء لعائلة أخرى طلبا للحماية ..

و أخيرا هتف في استكانة:- انى عايز حجى يا عفيف بيه وحج بتي..
كانت الفتاة تبكي في لوعة لا تخطئها الاعين.. لكن ما فعله خفاجي أشعل نار كانت ساكنة منذ امد بين العائلتين.. فالشاب المتهم من عائلة بينها وبين العائلة الأخرى التي استجار بها خفاجي الكثير من المشاكل والعداوات التي أخذت أشكال عديدة على مر الزمن واستطاع عفيف إخمادها الى حد كبير .. وما يحدث الان قد يشعل الفتيل و يحرك الجمر الذي تحت الرماد لتندلع نيران العداوة من جديد ..

همست دلال بالقرب من اذن الخالة وسيلة وهما خلف باب المطبخ الموارب تتابعا الذي يحدث:- حرام اللي بيحصل ف البنت الغلبانة دي.. هي فعلا عشان ملهاش حد يتجرأ عليها الشباب كده..!؟...
ابتسمت الخالة وسيلة وهي تضع براد من الماء على الموقد من اجل صنع الشاي لهذا العدد الكبير من الضيوف بالخارج هاتفة بسخرية:- والله انت طيبة جووى يا داكتورة.. دي مين دي اللي غلبانة .. لواحظ الحلبية وابوها خفاچى ..!؟..

هتفت دلال وهي تترك موقعها خلف باب المطبخ باتجاه الخالة تساعدها في وضع الأكواب على الصينية الواسعة:- يعنى ايه حلبية..!؟..
هتفت الخالة وسيلة شارحة:- حلبية يعني م الغچراو النَوّر.. أمها كانت زمان غازية ف الموالد و بتجرا البخت والكف وابوها شرحه .. ملوش شغلانة الا البلطچة وعايش على عرج الحريم ..
وضعت دلال كفها على فمها هاتفة في تعجب:- غجر ..!؟.. هو في غجر بجد !؟..

ابتسمت الخالة وسيلة:- ايوه يا بتي.. كانوا بياجوا ف الموالد و ينصبوا خيامهم برا النچع على ايّام النعماني الكبير ومكنوش يجدروا يدخلوا النعمانية ..دوول يسرجوا الكحل من العين .. وحريمهم أية ف الچمال يهبلوا اي راچل .. و منيهم كَتير ياما ضحكوا على عجول رچالة بشنبات .. اللي ساب مرته و ارضه وفضل يچرى ورا واحدة منيهم واللي عرفت تضحك على عجله وخلته يتچوزها وفي اللي خلف منيهم كمان..

حكايات ياما وفضايح لعوايل كَتير بسببهم ..و دوول .. و اشارت للخارج تقصد خفاجي وابنته لواحظ .. مبياچوش الا والمصايب ف رچلهم كيف ما انتِ واعية .. ربنا يستر والعيلتين ميجعوش ف بعض بسببهم و الدنيا تولع ..
همست دلال في ذعر:- للدرجة دي ..!؟.. طب بس اللى انتِ قولتيه ده يا خالة مش المفروض كل اللي بره عارفينه ..!؟.. ليه بقى الحمقة الكدابة و اللمة اللى ملهاش لازمة دي ..!؟..

ابتسمت الخالة وسيلة:- تلكيكة يا بتي .. العيلتين م الأساس بينهم حزازيات وعداوات وبيتلككوا لبعض بعد ما عفيف بيه خد وعد من كبراتهم بالصلح .. لكن اللي ف الجلب ف الجلب .. واهااا چت فرصة يرچعوا يمسكوا ف خناج بعض تاني ..
عادت دلال تتطلع من خلف باب المطبخ لتعلم ما آلت اليه الأمور بالبهو لتسمع احد الرجال يهتف غاضبا:- الراچل استچار بينا يا عفيف بيه عايزينا ايه.. نطلعوا عيال منجدرش نچيره هو وبته !؟..

هتف عفيف بحزم:- مجلناش كِده يا حچ مندور .. نهدى وكل حاچة ليها حل ..
هتف خفاجي مستجيرا بالحج مندور:- چيرني يا حچ اني وبتي خد حجي وحجها من واد أبوالدهب..
كاد عفيف يقطع لسان خفاجي الذي ينفخ في النار التي يحاول ان يخمدها في مهدها ..

ليهتف رأس عائلة ابوالدهب هاتفا في غضب هادر:- طب اياك حد منيكم يجرب من ولدي والله ما يكفيني فيه رچالة ابومندور كلهم ..
دخلت الخالة وسيلة عند تلك النقطة الحاسمة من الاحداث ووضعت صينية الشاي على الطاولة ليهتف عفيف بصوت هادر:- خبر ايه يا رچالة..!؟.. مكنش دِه اتفاجنا جبل سابج ..

اقتربت الخالة وسيلة منه هامسة بالقرب من أذنه في سرعة ثم عادت ادراجها للداخل ليستطرد عفيف أمرا:- اشربوا الشاي واستهدوا بالله .. دجيجة وراچع ..
واندفع للداخل حيث كانت تنتظره دلال وهي لا تدرك ان ما تفعله صحيح ام قد لا يلاقي استحسانه حتى ما اذا ظهر أخيرا على اعتاب المطبخ حتى همس في صوت قلق:- خير يا داكتورة ..الخالة وسيلة جالت لي انك عوزاني ضروري .. يا رب خير ..عشان أني سايب الرچالة بره وعايز ارچع لهم ..

هتفت دلال:- اكيد خير باذن الله .. وفركت كفيها إحراجا و توترا و أخيرا هتفت من جديد:- عفيف بيه.. ممكن تبعت لي البنت اللي بره دي ..!؟..
هتف عفيف متعجبا:- لواحظ ..!؟.. ليه يا داكتورة ..!؟..
هتفت من جديد:- اهو يا عفيف بيه.. يمكن اعرف ألاقي حل للمشكلة دي .. يوضع سره ف اضعف خلقه..
هتف عفيف:- العفو يا داكتورة .. حاضرهبعتها وانا متأكد انك هتعملي الصالح ..

اندفع للخارج وما هي الا لحظات حتى كانت لواحظ تدلف للمطبخ و هي تتبختر في خيلاء تختلف تماما عن تلك المسكنة التي كانت تدعيها بالخارج لذا صدقت دلال ما حكت عنه الخالة وسيلة عن اصل تلك الفتاة وسمعتها .. هتفت بها دلال أمرة:- اتفضلي من هنا ..
أدخلتها غرفة الكشف وهنا تنبهت الفتاة لدلال هاتفة:- مش انتِ الداكتورة اللي بيجولوا عنها ..!؟..
هتفت دلال بحزم:- ايوه انا .. ممكن تتفضلي على سرير الكشف..

هتفت الفتاة في نزق:- كشف ليه لا سمح الله ..!؟.. اني صاغ سليم ..
ابتسمت دلال:- طب لما انتِ صاغ سليم يبقى نطلع نقول للناس اللي بره دي انك بتتبلي على بن أبوالدهب ولا ايه..!؟
بهت لون لواحظ هاتفة وهي تحاول استمالة دلال ببكاء مصطنع الا ان دلال قررت مجاراتها متصنعة التعاطف معها هامسة:- انا عايزة مصلحتك .. لو كشفت عليكِ .. عفيف بيه هيجيب لك حقك لحد عندك ..
هتفت في حماس:- صح ..!؟..

اكدت دلال بايماءة من رأسها لتخضع لواحظ لها وتسمح لدلال بفحصها ..
عادت لواحظ الى مجلس الرجال تحتمى بأبيها في خجل مصطنع بينما اندفع عفيف للداخل يستطلع رأى دلال هاتفا في تعجل وهو يطالعها:- ها يا داكتورة .. عرفتي حاچة ..!؟..
هتفت دلال وهي تطأطئ رأسها خجلا:- البنت يا عفيف بيه مش عذراء ..

هتفت الخالة وسيلة وهي تضرب على صدرها في صدمة:- استر على ولايانا يا رب ..
وهتف عفيف مبهوتا:- معنى كِده ان كلام البت وابوها صح .. و ان واد أبوالدهب ..
لم يكمل عفيف لان دلال قاطعته هاتفة:- انا مقلتش كده يا عفيف بيه .. البنت اه مش عذراء .. بس مش بسبب اعتداء حديث يا دوب ذى ما سمعت كان من كام ساعة بس .. ده مستحيل ..

بهت عفيف هاتفا:- انتِ متاكدة يا داكتورة .. !؟..دي أعراض ناس ..
هتفت بنبرة مؤكدة:- لو انا مش متأكدة مكنتش هنطق بكلمة واحدة ف حقها يا عفيف بيه .. لان ذي ما حضرتك قلت .. دى أعراض ناس..
هز عفيف رأسه متفهما واندفع من المطبخ للخارج لتندفع خلفه الخالة وسيلة مطلة برأسها من خلف الباب هامسة:- تعالى نشوفوا عفيف بيه هيعمل ايه بعد اللي جولتيه .. دِه كلام تطير فيه رجاب ..

هتف عفيف في الرجال المتحفزة بالخارج بصرامة:- البيت بيتكم يا رچالة .. و الغدا عندينا النهاردة .. تعال يا خفاچى عايزك ف كلمتين..
تطلع خفاجي الى نصيره الحاج مندور يطلب العون .. الا ان الحاج مندور لم يحرك ساكنا و كيف يكون له اعتراض على طلب لعفيف النعماني .. لذا أعاد لواحظ لمكان الحريم وسار خلف عفيف صاعدا الدرج حتى مكتبه والذى أغلقه عفيف بأحكام جعل الدماء تتوقف في شرايين خفاجي خوفا ..

دار عفيف خلف المكتب هاتفا في خفاجي بصرامة جعلته يرتجف من اعلى رأسه حتى اخمص قدميه:- تاخد كام ونفضوها الحكاية دي..!؟..
هتف خفاجي متصنعا الذهول:- أبيع شرفي يا بيه ..!؟..
هتف عفيف بصوت مكتوم يحمل غضب عارما:- بجولك ايه ..!؟.. الشويتين دول تضحك بيهم على حد غيري .. بتك مهياش خضرا الشريفة وانت عارف كِده .. فبلاها الجصص دي .. والمصُلحة اللي كنت هتطلع بيها من عيلة مندور نخلصوها دلوجت وتنزل تجول انك خلاص مستغني عن چيرتهم ليك .. وان الموضوع بجي ف يدى .. هااا .. جلت ايه ..!؟..

استكان خفاجي مطأطئ الرأس هاتفا:- وانا ليا جول بعد جولك يا عفيف بيه ..!؟..
فتح عفيف خزانته واخرج منها رزمتين من النقود ألقاها على سطح المكتب بالقرب من خفاجي هاتفا:- كِده متهئ لى كفاية عليك .. ولا ليك كلام تاني ..!؟..
اندفع خفاجي يحمل المال في شره واضح اشعر عفيف بالاشمئزاز و الاخر يهتف في سعار واضح لرؤية المال:- كفاية يا عفيف بيه .. دِه كفاية جووى ..
اندفع عفيف من المكتب يعقبه ذاك المتاجر بعرضه لينفذ ما اتفقا عليه لتهدأ نار الفتنة التي لعن الله من كان على وشك إيقاظها من جديد ..

تململت على الفراش و هي تسمع همهمات متكررة دفعتها لتستيقظ دفعة واحدة لتنهض في ذعر متجهة الى ذاك الذى كان يهمهم بصوت عال .. اقتربت تهزه في خوف:- نديم .. نديم .. رد عليا ..
لم ينطق حرفا الا تلك المقاطع المبهمة التي لا تفسر.. اسم واحد ظل يردده في تكرار محموم .. اسم اخته دلال ..

وضعت كفها على جبينه في تردد لترفعه منتفضة لسخونته .. ماذا عليها ان تفعل الان ...!؟.. انها وحيدة هاهنا .. و قد منعها الخروج الا باذنه ومعه ..كما انها لا تعلم شيئا في هذه المنطقة ... ظلت تجئ وتروح في تردد داخل الغرفة لا تستطيع اتخاذ قرار مناسب .. و أخيرا حزمت امرها .. فهى لن تتركه في هذه الحالة دون ان تتصرف بأقل ما يمكنها .. مدت كفها لحافظته تتناول منها بعض النقود وتفتح الباب بالمفتاح وتخرج وتغلقه من جديد وهي تؤكد على قدرتها على التصرف فهو لو كان مكانها ما تركها تهزي بهذه الطريقة وجسدها يمور بالحمى دون ان يندفع محاولا انقاذها .. و هذا ما تحاول القيام به الان .. مهما كلفها الامر .. وحتى لو مخالفة لتعليماته المشددة ..

رحل الرجال جميعا من البيت الكبير وحُلت المشكلة من جذورها فما عاد خفاجي بقادر على استخدام تلك الخدعة القذرة مرة أخرى و الاتجار بشرف ابنته من جديد بعد ان أكد عليه عفيف انه سيصمت هذه المرة لان الله امر بالستر لكن لو تكرر الامر فسيفضخه وابنته على رؤوس الأشهاد مؤكدا انها ليست تلك الشريفة التي تراق لاجلها الدماء الغالية ..و ان الطبيبة اكدت ما يعلمه هو قبل الجميع عن ابنته .. لكن لزم البينة .. و ها قد جاءت واضحة صريحة واى محاولة قذرة من هذا النوع سيكون طرده وابنته من النعمانية هو الحل الأمثل ..

تنهد عفيف في راحة و هو يدخل للبيت الكبير ليراها تروح وتجرى مع الخالة وسيلة مساعدة إياها في نقل أكواب الشاي و الاطباق للمطبخ ليهتف بها:- يا داكتورة.!؟..
انتبهت لندائه لتتوقف في منتصف الطريق للمطبخ لتعاجلها الخالة وسيلة بتناول الاطباق من كفيها لتتجه لعفيف حيث يقف هاتفة:- نعم يا عفيف بيه !؟..
ابتسم في امتنان هاتفا:- انا مش عارف أتشكر لك ازاي على اللي حصل النهاردة !؟..
همست بخجل:- على ايه ..!.. انا معملتش حاجة ..

هتف مؤكدة:- كيف معملتيش..!.. انتِ حليتى المشكلة دي من چدورها ومعدتش البت دي ولا ابوها يجدروا ينطجوا تاني .. دِه ياما حصل مشاكل من تحت راسهم ..
ابتسمت في بساطة هاتفة:- انا مبسوطة اني قدرت اساعد باللي اقدر عليه ...

كانت ابتسامتها على وجهها الصبوح تطرح رياحين من البهجة في شوارع صدره وتزرع السعادة وتصبها صبا في دمه .. شرد في محياها دون ان يتنبه لحاله فاضطربت خلاياها وهي لا تدرى أين يمكنها توجيه ناظريها بعيد عن نظراته الشاردة فيها و الهائمة بها وأخيرا همست في خجل مندفعة عنه مبتعدة في اضطراب كاد ان يجعلها تتعرقل في خطواتها المتعجلة ليستفيق هو وهي تبتعد لا يصدق انه فقد السيطرة على نفسه في حضرة ابتسامتها بهذا الشكل ..

طلت من شرفة حجرتها ما ان سمعت لكل هذا الهرج والضجيج بالخارج .. كان موكب عروس تمر من امام البيت الكبير .. توقف الموكب و حاولت ان تستنتج اين يمكن ان تكون العروس فى وسط هذا الزحام .. لكنها لم تستطع .. ابتسمت فى فرحة متمنية للعروس حياة سعيدة ..
نزلت من حجرتها وهى لا تزل تستمع لصوت الطبل والمزمار بالخارج .. توجهت للخالة وسيلة بالمطبخ لتساعدها وتكسر ذاك الملل فاليوم لم تأتها اي حالة الى غرفة الكشف ..

ابتسمت الخالة وسيلة ما ان دلفت دلال للمطبخ و التى هتفت بسعادة:- فى فرح بره .. يا ترى ده فرح مين!؟.. تعرفي يا خالة ..!؟..
هتفت وسيلة مؤكدة:- دِه مش فرح .. دِه زفة لشوار العروسة ..
تعجبت دلال:- ازاي يعني !؟.. و يعنى ايه شوار !؟..
اكدت وسيلة مبتسمة:- يعنى چهازها يا بتي .. عجبال چهازك يا رب .. احنا هنا عوايدنا ناخد چاهز العروسة من بيت ابوها لبيت چوزها بزفة كَبيرة ..

هتفت دلال في دهشة:- طب و ليه!؟.. ما تروح حاجتها على بيت جوزها عادي .. هو لازم أمة لا اله الا الله تتفرج !؟.. ده انا افتكرته فرح و زفة العروسة من كتر الهيصة دي وقعدت ادور فين العروسة مش شيفاها ليه !؟..
قهقهت وسيلة هاتفة:- اهااا تجولى ايه ..عوايد فاضية .. جال يعني الناس تعرف ان اهل العروسة مكلفين چهازها و چايبين الدنيا لبتهم .. فشخرة كدابة .. بس عوايد.. ربنا يهدي ..

تساءلت دلال:- بس مقلتليش .. ده فرح مين بقى !؟..
هتفت وسيلة:- فرح نادية بت محروس النميري على واد خالها اللى لسه چاى م الخليچ ..
صرخت دلال فى صدمة:- نادية!؟.. هى بنت صغيرة عندها بتاع ١٥ سنة كده !؟..
اكدت وسيلة فى اضطراب:- اه .. هى يا بتي .. انتِ تعرفيها !؟..

اندفعت دلال من امام وسيلة فى اتجاه المندرة مرة اخرى هاتفة فى تحدى:- انا مش ممكن أخلى الفرح ده يتم .. البنت لسه صغيرة .. حرام عليهم ..
كيف لأبوها ان يزوجها ولم يحصل على شهادة تسنين لها !؟.. لابد و انهم حصلوا على واحدة .. و هى لن تدع ذاك الطبيب الذى ارتكب هذه الجريمة فى حق تلك الطفلة .. لن تدعه ابدا ..

اندفعت فى اتجاه بيت الطفلة و ما ان وصلته بعد عدة اسئلة من هنا و هناك حتى تسلك الطريق الصحيح.. وصلت لبيت طيني منخفض بابه خشبى متهالك وسقفه من جريد .. توقفت لحظات تتطلع للبيت الطيني من الخارج وتعجبت .. كيف استطاع ابونادية شراء ذاك الجهاز الباهظ الثمن لابنته وهو يعيش في بيت على هذه الحال التى تراها !؟..

طرقت الباب الخشبي المتأكل ليظهر ابونادية على عتباته .. تطلع اليها في صدمة اولا ثم تحولت هذه النظرات الى تساؤل مخلوط بضيق حاول مداراته ..
هتف بها:- اهلًا يا داكتورة .. اى خدمة !؟..
هتفت به متسائلة فى غضب مكتوم حاولت السيطرة عليه قدر استطاعتها:- انت جبت شهادة تسنين بنتك منين !؟.. مين اللي أداك الشهادة !؟..
نظر اليها الرجل شذرا وهتف اخيرا:- مچبتش شهادات .. و مش محتاچها .. اني هعرف اچوز بتي بمعرفتي .. ولا الحوچة لشهادتكم..

هتفت بغيظ:- يعني ايه !؟.. انت عمرك ما هتعرف تجوزها من غير شهادة تأكد سنها الحقيقي بمعرفة دكتور .. و مفيش مأذون هيكتب كتابها الا بالشهادة دي ..
لم يرد الرجل و تركها تعانى الحيرة من جوابه الغامض و اخيرا هتفت به متوقعة انه يتحايل على الامر محاولا اختلاق الأكاذيب:- ع العموم انا عرفت مين الدكتور اللى ممكن يكون كتب شهادة التسنين دى .. و انا مش هسكت .. و مش هسيبك تأذي بنتك عشان جوازة من عريس ضعف عمرها لمجرد ان معاه فلوس ..
و اندفعت مبتعدة و هى فى سبيلها لذاك الذى اعتقدت انه مشاركا بالنصيب الأكبر فى تلك الكارثة التى سيدفع ثمنها طفلة لا حول لها و لا قوة ..

دفعت باب الحجرة و هى تحمل تلك الأغراض التى ابتاعتها .. دلفت و اغلقت الباب خلفها بالمفتاح .. و تطلعت اليه .. كان لايزل يهزي كما تركته والحمى لاتزل ترتع بجسده .. تركت الاكياس التى كانت تحملها جانبا وفتحت احدهما تخرج منه دواء قد ابتاعته ليعالج حالته من احدى الصيدليات القريبة ..

اقتربت منه تحاول إيقاظه لكن لا فائدة ترجى .. كان لايزل يهزي باسم اخته .. دمعت عيناها اشفاقا على حاله .. نصحها الصيدلي بخفض درجة حرارته .. ومن ثم اعطاءه الدواء .. لكن كيف يمكنها ذلك .. لا يوجد بالغرفة أطباقاً ولا مناشف ولا شئ يمكن ان تعتمد عليه .. لم يكن امامها الا محاولة وضعه تحت ماء منساب من صنبور المغطس .. تحاملت على نفسها وجذبت كفه اليها حتى ينهض فى تثاقل معها .. كان نصف واعً .. يفتح جفونه فى تثاقل متطلعا اليها ثم يعاود إغلاقها من جديد فى وهن ..

هتفت وهى تتحامل على نفسها حتى يسير معها بخطى متثاقلة:- تعال على نفسك شوية يا نديم .. خطوتين كمان معلش .. خلاص هانت ..
كانت تشجعه وهى الاولى بالتشجيع فقد كان حمل جسده كله تقريبا ملقا على كتفيها .. تنفست الصعداء ما وضعت جسده على حافة المغطس… كان يلقى رأسه بصدرها غير قادر على رفعه و كأن رقبته أضحت هلاما لا يمكنها حمل ذاك الرأس بثقله كما اعتادت..
اضطربت و هى بهذا الوضع .. لكنها تحاملت على نفسها حتى أجلسته داخل المغطس ..

فتحت الماء الفاتر وبدأت في توجيهه لجسده اولا ثم رأسه الذي يغلى .. انتفض جسده كله ما ان لامسه الماء وفتح عينيه في صدمة.. كانت نظرة خاطفة و استفاقة مؤقتة .. بدأ بعدها يهتف بحروف متقطعة:- انااا .. برررداان ..
هتفت ناهد و هى تجلس على حافة المغطس توزع الماء على جسده:- معلش .. حجك عليا .. بس حرارتك تنزل شوية .. استحمل عشان خاطري ..
كان يئن في وجع أدمى قلبها وهو يسند رأسه على حافة المغطس الباردة خلف رقبته .. بدأت حرارته فى الانخفاض تدريجيا و كان عليها اعادة الكرة من جديد وإعادته للحجرة ..

همست به:- نديم ..ايدك معايا ارچعك الاوضة ترتاح ..
هز رأسه بالإيجاب فى تثاقل و قد بدأ فى استعادة وعيه قليلا .. مدت كفها محاولة جذبه خارج المغطس الا ان الارض الزلقة حوله كانت كفيلة لتجعل ثباتها يختل ميزانه و تسقط بدورها داخل المغطس فوق جسده مباشرة .. لتشهق فى صدمة و قد ابتلت ملابسها كليا .. و الأدهى من ذلك .. هو ذاك الوضع الذى اصبح فيه كلاهما ..
رفع رأسه اليها هاتفا فى سخرية و ابتسامة واهنة تكلل محياه:- جبتك يا عبدالمعين تعيني .. لقيتك يا عبدالمعين تتعان ..

شعرت بالحرج الشديد وقاومت حتى دفعت بنفسها خارج المغطس تحاول الوقوف فى حذّر متجنبة الانزلاق من جديد هاتفة:- اهو عبدالمعين جام بالسلامة .. هات ايدك اساعدك تخرچ انت كمان..
مد كفه اليها محاولا الصمود حتى لا يثقل على كاهلها وما ان خرج من المغطس حتى استند رغما عنه على كتفها فقد استنفذ جزء كبير من طاقته للخروج ..

خطوات وئيدة حذرة اتخذاها حتى خرجا اخيرا من الحمام .. وقفا على أعتابه تتساقط قطرات المياه من ملابسهما ..لم يكن من المنطقي البقاء بهذا الشكل .. على كل منهما استبدال ملابسه والا سيكون المرض مصيرها هى الاخرى و سيشتد عليه المرض بدوره ..
اندفعت ناهد باتجاه المنشفة الوحيدة بالغرفة .. تناولتها و بدأت فى تجفيف رأسه .. ما ان أبعدت المنشفة عن محياه حتى نظر اليها مبتسما في امتنان ابتسامة حركت شئ ما بداخلها أثار ارتباكها و خاصة وهو بهذا الشكل المشعث ..

هتفت فى عجالة تحاول السيطرة على اضطرابها:- لازما تغير هدومك دي .. عشان اديك الدوا و تدفى كويس ..
هز رأسه موافقا وبدأ فى خلع ملابسه .. قطعة قطعة وهو لايزل على اعتاب الحمام و يلق بها اسفل أقدامه ..
هتفت صارخة ما ان استدارت بعد ان اخرجت له ملابس نظيفة من قلب حقيبته التى كانت موضوعة بأحد اركان الغرفة:- انت بتعمل ايه !؟..
هتف متعجبا:- بغير هدومي ذي ما قلتي !؟..

عادت اليه القهقري بظهرها تمد له كفها بملابسه كلها دفعة واحدة ..
هتف متعجبا:- هاخدها ازاى كلها مرة واحدة !؟.. استني ناولينى حاجة .. حاجة .. ربنا يعلم انا واقف صالب طولي بالعافية ..
اشفقت عليه .. فمنذ ساعة تقريبا كان فى عالم اخر .. اومأت برأسها توافقه وهمست ما ان ادركت انه لا ير اشارة رأسها:- حاااضر .. اتفضل ..
و بدأت فى تسلميه ملابسه قطعة تلو الاخرى .. كانت تكاد تموت خجلا وحياء وهى تمسك بقطعه الخاصة بين كفيها بهذا الشكل و شكرت الله عندما انتهى اخيرا وبدأ فى التوجه لأريكته الضيقة بخطى متثاقلة ..

وقفت بطريقه هاتفة وهى تضع كفها على عضده تغير مسار سيره لتوجهه نحو الفراش هاتفة:- دورك تنام النهاردة ع السرير .. انت تعبان و محتاج ترتاح ..
لم يكن لديه من الطاقة القدر الكاف الذى يمكنه من جدالها .. لذا سار معها حيث الفراش ومدد جسده عليه في إعياء واضح .. جذبت الغطاء و دثرته جيدا .. و اندفعت تناوله حبة الدواء التى وصفها الطبيب .. تناولها فى صمت .. واغمض جفنيه..
همس مناديا:- ناهد ..

استدارت اليه ملبية و قد توقفت و هى فى طريقها للحمام هاتفة:- نعم..
همس بصوت نبراته تشي بمدي تعبه:- شكرًا ..
لم تجبه بكلمة واحدة بل حملت ملابسها وولجت للحمام لتنال حمام دافئ يخرج ذاك البرد الذى بدأ ينخر بعظامها ..
اغلقت الباب خلفها وقد تناهى لمسامعها صوت غطيطه المرتفع قليلا عن المعتاد نظرا لمرضه .. تنهدت فى راحة .. و ابتسمت و هى تجيب نفسها .. العفو ..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 2 من 9 < 1 2 3 4 5 6 7 8 9 >




المواضيع المتشابهه
عنوان الموضوع الكاتب الردود الزوار آخر رد
رواية صغيرتي الحمقاء زهرة الصبار
39 1539 زهرة الصبار
رواية انتقام ثم عشق زهرة الصبار
38 1126 زهرة الصبار
رواية حبيب الروح زهرة الصبار
39 1170 زهرة الصبار
رواية لا ترحلي زهرة الصبار
36 970 عبد القادر خليل
رواية أحببت فاطمة زهرة الصبار
74 1748 زهرة الصبار

الكلمات الدلالية
رواية ، جلاب ، الهوى ،











الساعة الآن 07:51 PM