logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 11 من 31 < 1 24 25 26 27 28 29 30 31 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 04:27 صباحاً   [88]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

منذ أن غادرا بحجة واهية يخبروا والدة جاسر أن مهمة ما طارئة قد حدثت ولابد من مغادرته على الفور، ولكن لم يخفي الأمر عن والده الحبيب الذي يشعره أن بالفعل سبحان من وفق لا يجعل الزوجات متنافران، بل متناسقان كلاً منهم يكمل الاخر...
لم يسمع صوت أسيل منذ أن استقلا السيارة، وكأن السعادة التي تتلبسه كتمت نغمات صوتها المثرثرة!
إلتفت لها بهدوء يسألها:
-مالك يا أسيل؟

كزت على أسنانه تحاول تمالك نفسها من الإنفجار في وجهه:
-مفيش منا كويسة!
هز رأسه نافيًا بأصرار:
-لأ، في حاجة مش طبيعية، إنتِ تتحسدي من ساعة ما ركبنا مابتتكلميش
إختناق، إختناق قاتل ذاك ما يحيطها بهالة صلبة تُحجر حركة الدقات حتى!
رفرفة العشق تحولت لكومة رماد يُزيحه هواء الغضب الحارق رويدًا رويدًا...
لم تنظر له وهي تتشدق ببرود لا ينتمي لأعاصير بركانية داخلها بصلة:
-لأ عادي، مليش مزاج أتكلم في أي حاجة.

أمسك بيدها التي تضعها على فخذيها يتحسسها بحنان لم يفتقده يومًا في تعامله معها:
-فيكِ حاجة مش طبيعية، بجد في إيه؟
صرخت فيه بنفاذ صبر:
-يووووه، ملكش دعوة بيا سيبني حتى اولع بقا!
كاد يصرخ فيها بحنق ولكنه كان كالأرض التي إنشقت وإبتلعت سوادها بين بواطنها قبل أن يعود ويهتف من جديد:
-طب ممكن تهدي يا أسيل ونشوف المشكلة فين ونحلها؟

عضت على شفاهها بقوة، المشكلة تكمن بين جوانب حياتهم، حياتهم تلك التي كادت تستعجبها عندما تصبح دون شوائب!
تشعر أن هناك نقطة سوداء تتمحور حولها الأحداث الهادئة او حتى المتقلبة ولكنهم في النهاية يعودون لها...
نظرت له هذه المرة بلمعة الدموع التي شكلت طبقة عازلة في عينيها، ثم أجابت بصوت مبحوح:
-المشكلة فينا إحنا يا جاسر، أحنا اللي بنعمل حياتنا، وللأسف احنا مش عارفين نعيشها كويس!

ازداد قلقه من بحة صوتها التي أيقظت حواسه للنكسة التي كادت تصيب علاقتهم، فسارع يسألها:
-طب ممكن أعرف إيه هي المشكلة، يمكن نعرف نعيشها كويس
تنهدت بصوت عال قبل أن تخرج هاتفها ببطئ لتفتحه على تلك الصورة التي حرقت جوانحها ما إن سقطت عليها عيناها، ومدت يدها له...
ولكنه لم يُصدم مثلها، لم يكفهر وجهه مثلها، لم يتطبع بطابع الصدمة المأخوذة بل كان ثابت تمامًا، ليسمعها تهمس بسخرية مريرة:
-إيه عادي؟

رمى الهاتف لها ببساطة لينظر أمامه مطولاً قبل أن يصدح صوته مؤنبًا:
-عشان دي كنتي بتزعقي كدة؟ طب انا معايا فيديو تحبي تتفرجي عليه!؟
كادت تحترق داخليًا من ذاك البرود الذي ينعكس تأثيره عليها، فزمجرت فيه بعصبية خفيفة:
-جاسر بطل البرود ده بكرهه، مين البت دي؟
رفع حاجبه الأيسر يتلاعب بأوتارها الحساسه:
-دي؟ دي فتاة ليل، دي شغلانتها يعني
شهقت مصدومة من إعترافه الصريح، لم ينكر كباقي الرجال في موقفه هذا!؟

ولكن لمَ، هو جعلها تعتاد منه على المختلف دومًا!
سألته مرة اخرى بصوت بدأ يميل للأختناق الصامت:
-جاسر لأخر مرة هسألك مين البت دي؟
هنا تخلى عن رداء بروده الرقيق ليصرخ بوجهها بعصبية أبرزت عروقه:.

-فيها إيه لو سألتيني كدة من بدري، بس لأ ازاي إنتِ لازم تنكدي علينا مهو طبعك ولا هتشتريه، على العموم هو ده نفس السبب اللي كان مفروض نتطلق عشانه يا أسيل، إنتِ عارفه إني ظابط وظابط اداب، يعني طبيعي اتعرض ل مهمات زي كدة، البنت دي كانت هتوصلني ل حاجة مهمة جدا عشان كدة دخلت لها على اساس اني زبون عادي، العصابة دي مش سهلة دي بتتاجر بالبنات، عرفت انهم بيراقبوني تقريبا عايزين يخلصوا مني، فمكانش مني الا ان روحت البلد، اتهوهم شوية عقبال ما اهدى واشوف هعمل اية، لكن اتفاجأت إنهم قرروا التنفيذ في البلد وكانوا عاوزين يأذوني فيكِ، وأنا مش هستحمل إنك تتأذي بسببي يا أسيل!

كانت تحدق به مبهوتة، هو قوي، هذا هو، هو جدار متين دائمًا يعكس شكها بالخزي عليها!
إلى أن قالت بصوت واهن:
-وأنا مش هقدر ابعد عنك، أنت لسة مش مقتنع إني بحبك؟ وهموت من غيرك فعلًا!
حاول الإبتسام بحنان يهمس لها وهو يطبع قبلة عميقة على باطن يدها:
-عارف يا حبيبتي، عارف ومقتنع، عشان كدة مش هبعد عنك، ومش هسمح لحد يأذيكِ لو على موتي!
أغمضت عيناها وهي تتشبث بيده بقوة قبل أن تهمس:
-بعيد الشر.

ومن دون مقدمات كانت سيارة اخرى تلاحقهم، وصوت إطلاق النيران يدوي خلفهم، وبالطبع معروف من يلاحقوه!

بدأت شهد تستيقظ على شيئ لزج يُعيق نومتها بهناء، شيئ يحيط وجهها كله، فتأففت عدة مرات قبل أن يتفارق جفنيها ببطئ لترى ابتسامة عمر الواسعة وهو مقترب منها...
عقدت حاجبيها تسأله بهمس:
-في إيه يا عمر!؟
حاول منع ضحكاته بصعوبة من الظهور ليرد بجدية زائفة:
-ولا حاجة يا شهدي
نهضت لتمد يدها تتحسس وجهها فكانت لها الصدمة أن شعرت ب شيكولاته تحيط فمها قليلاً وتكثر جدًا على شفتاها الوردية!

فشهقت متأثرة بمظهر شفتاها اللزجة:
-ايييية ده! اية اللي عمل فيا كدة؟
رفع كتفيه يرد ببراءة مصطنعة:
-معرفش يا حبيبتي، انا جيت اصحيكي لقيت شفايفك كدة وحولها طراتيش، الظاهر العفريت ولا حاجة
كزت على أسنانه كاملة بغيظ حتى اصدرت صوتًا واضحًا، ثم صرخت فيه بغل:
-حراااام عليك انت مش هترحمني من مقالبك دي بقا!؟

هنا إنفجر كتمان ضحكاته فأصبح يضحك بصوت عالي، برغم سحر ضحكاته التي كانت دومًا تأسرها بين غلال العشق، إلا أنها غمغمت متذمرة وهي تتجه نحو المرحاض:
-اووف اوف انا حاسه إني عايشة مع ابن اختي مش واحد عنده 32 سنة
سحبها من يدها فجأة لتسقط على الفراش وهو فوقها تمامًا يحاصرها بما يجعل قلبها في حالة ثوران اضطراري، فهمس وهو يقترب منها ببطئ:
-تؤ تؤ، مهو انا عملت كدة عشان هدف أكيد
ضيقت عيناها تسأله بشك:.

-هدف إيه ده يعني حضرررتك من بهدلتي بالمنظر ده؟
وكانت شفتاه التي إلتهمت شفتاها بنهم وكأنه يتذوق الشيكولاته بل يستلذ بها من بين شفتاها خير جواب أشعل فيها نيران العشق والهوى...
أغمضت هي عيناها مستمتعة بلهيب مشاعره الذي يجبرها على التجانس بخليط مشاعره الكاسحة، بينما هو لم يترك شفتاها او الشيكولاته إلا ليتنفس قليلاً ويعود تقبيلها ببطئ بعد أن همس:
-عرفتي لية!؟
سألته بحروف متقطعة وهي مغمضة العينين:
-لية!؟

رد دون تردد برومانسية:
-عشان ادوقها من شفايفك، استطعمها اكتر
إبتلعت ريقها مستجيبة لعمق لمساته التي اغرقتها في لذة لا تنتهي ولا تنقص، بل يزداد عمقها حد الغرق فيها!
واخيرًا ابتعد عنها ببطئ يلهث، ليسألها بخبث غامزًا لها:
-إيه رأيك طعمها ازاي؟
فلم تشعر بنفسها وهي تبادله بهمس ذاك الجنون:
-دوقها أنت!

منذ أن غادر كلاً من عبدالرحمن ورضوى وطفلتهم من المستشفى التي اخبرت عبدالرحمن بوضوح المدام عندها هبوط عام بس، لانها مش بتاكل كويس ولا بتتغذى وتقريبا مش بتنام كويس وفي ضغط نفسي، انا كتبت لها على ڤيتامينات ياريت تلتزم بيها لحد ما تسترد صحتها، وشفاها الله وعفاها ...
كلمات الطبيب ترن بأذنيه حتى الان، وكأنها تتعلق بذهنه اكثر فتجعله حانق بل وكاره والدته اكثر واكثر!

لم يتخيل أن يكون كل ذلك خيال منسوج من كره متعمق، بل ومخططته من ظن أنها اقرب له من حبل الوريد!
تأتيك الضربة من حيث لا تدري ولا تحتسب...
وتزداد اضرارها وتعمقها حين تُزال الأقنعة فتنال أنت الطنعة التالية...!
وهو ليس قوي ليتحمل فراغات مميتة بحياته، هو شخصًا هُدمت منتصف حياته واصبحت وكأنها تقف على قدم واحدة!
إنتبه لرضوى التي انتهت لتوها من سرد كل ما حدث معها بقولها:.

-مكنتش عارفة انا لية ضعيفة قصادها كدة! او حتى ازاي استسلمت لها، بس كأنها مجربة الشعور فأختارت نقطة الضعف الصحيحة بنتي كانت الحاجة الوحيدة اللي خايفة منها فعلا، وخصوصا انها جابتها لحد عندي يعني مش صعب تجيبها لحد الموت، او حتى ترميها في الشارع!
اومأ موافقًا بهمس:
-صح، معاكِ حق.

كانت تدري جيدًا وقع كلماتها على نفس عبدالرحمن المُهشمة، ولكنها تحتاج وبشدة لإفراغ ما بداخلها، وبالطبع ازالة قناع الطيبة عن والدته الخبيثة...
تنهدت بقوة قبل أن تقول له:
-عبدالرحمن أنت معايا؟
اومأ بسرعة مؤكدًا:
-ايوة معاكِ معاكِ
سألته مترددة:
-هتعمل إيه معاها يا عبدالرحمن؟
نظر حوله بصمت، وقرار لامع يحوم بين ثنايا روحه، قبل أن يخبرها بجمود مستنكرًا:
-هعمل معاها إيه يعني! مش هعمل حاجة طبعا!

بعد مرور الوقت...
هبطت شهد برفق من الأعلى تتبختر في سيرتها، لازالت لا تصدق أن رضوى حادثتها على الهاتف...
بغض النظر عن كم الصدمات التي تلقتها من حديثه ولكن بقعة موتها التي اختفت فجأة قلبت كل الموازين!
باتت تشعر أن كل ما حولها ما هو إلا مجرد حُلم سيمر كما غيره ونستيقظ نحن على العالم الواقعي بأزهاره الوردية بالتاكيد، ولكنها لن تخلو من بعض الاشواك بالطبع؟!

إنتبهت لصوت عمر الذي بدأ يعلو وهو يتحدث في الهاتف، فأسرعت نحوه لتجده يغلق الهاتف!
وقفت امامه تسأله مستفسرة:
-في إيه يا عمر كنت منفعل لية؟ وبتكلم مين وقفلت لية اول ما شوفتني؟
نظر لها بحدة مغمغمًا:
-هو تحقيق ولا إيه يا شهد؟
عقدت حاجبيها تعجبًا من ذاك التغيير المفاجئ، فرفعت كتفيها مرددة بلامبالاة ظاهرية:
-خلاص انت حر دي حياتك
ثم استدارت وكادت تغادر، ولكنها سمعت صوته الجامد الذي اخترق اذنيها بوضوح:.

-انا عرفت مين الراس الكبيرة يا شهد!


look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 04:28 صباحاً   [89]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

كومة القلق الراقد تحت أتربة اللامبالاة الخفيفة بدأت تتطلع لظهور قريب، قد يكون حان، وقد يتأخر قليلاً، ولكنه يحمل وعد الإنتشار القريب!
سألته بلهفة تقدمت حروفها الواهنة:
-هو مين يا عمر؟
إبتلع ريقه بتردد، أصبح يخشى عليها من كثرة الصدمات، تقريبًا يشعر أنها مُغيبة تمامًا عن نقاء العالم الهادئ!
دائمًا قلقة، متوترة او حتى مضطربة، وكأن حُرم عليها أن تحيى تلك الحياة بوجهها الهادئ قليلاً، قليلاً فقط؟!

بينما هي كررت سؤالها المتوجس مرة اخرى:
-قول يا عمر؟ خلاص أنا خدت مضاد حيوي من كتر الصدمات
أجاب بجمود متوجس:
-عمك، ابو مصطفى!
ليس كل ما يتمناه المرء حقيقة، السلام النفسي لم تشتمله الرغبات السهلة تحقيقها...
حاولت خلق بعض الحجج لكره المبطن لها، ولكنها فاشلة في خلق سطرًا جديدًا عندما تُوضع نقطة النهاية!
أمسك عمر بها يسألها بقلق:
-شهد، إنتِ كويسة؟
إبتعدت منتفضة عنه تصرخ بهيسترية:.

-ابعد عني ماتقربش مني، مش بعيد أتصدم فيك أنت كمان!
وكأنها أصابت نقطة ما مغمومة داخله بالفعل!؟
هو لم يُوقي نفسه من فكرة إنفصالها عنه إذا علمت ب عمله الأجباري الذي اضطر له!
لم يضع حدًا لقلقه من الفراق الصادم حينها، سيخبرها، سيخبرها حتمًا ولكن ليس الان، في طراز خفيف يٌقلل من حدة الصدمة حينها..!
إبتلع ريقه بازدراء ليهمس بتنهيدة عميقة:
-طب ممكن تهدي الاول..

وبالفعل بدأت تأخذ نفسًا عميقًا وتزفره ببطئ حتى سمعته يكمل بجدية:
-اللي يخليه عايز يقتلك ويدمر حياتك، هاتستبعدي إنه يكون كبير المافيا!
عضت على شفتاها تمنع نفسها من البكاء، لترد بعد صمت دقيقة متابعة بحروف شبه متقطعة:
-لأ، هو ممكن يكون كرهني عشان أبنه، يمكن نلاقي مبرر ولو ضعيف، إنما المتجارة ب أروح الناس ملهاش مبرر، ابدًا!

اومأ مؤكدًا على كلامها، بينما كادت تتجه هي للأعلى، ولكنه أمسك بذراعها برفق هامسًا بنبرة كادت تنتمي للتوسل:
-شهد، مش ناوية تنهي عقابك ده؟
رفعت حاجبها الأيسر مستنهية بعقاب لا تراه من الأساس، ولا يصح إلا الصحيح!
ابعدت ذراعها عنه وهي تقول مستنكرة:
-وهو ده عقاب كدة؟
اومأ مؤكدًا بسرعة، ثم تابع يحاول التأثير في جمودها اللامتناهي ذاك:
-شهدي، بُعدك عني أقسى عقاب، أنا أسف، بس لازم تقتنعي إنه غصب عني يعني!

هزت رأسها نافية وهي تغادر وكأنها تنفض كلماته المُلحة على قلبٍ مُهيم به:
-عمر، لو سمحت دماغي مصدعة جدًا وحاسه إني هاطق، سبني اطلع انام
زفر بيأس وهو يراها تختفي من امام عينيه، صدق من قال رأسها كالحجر تمامًا !
همس لنفسه يبحث عن مخرج من دائرة قاسية ومُغلقة كتلك:
-اعمل اية طب عشان ترضى عني!
إتسع ابتسامته بخبث وهو يستدرك الحيلة الجديدة في أولى خطوات الصُلح، حيلة العشق!؟

دلف كلاً من أسيل وجاسر مندفعين نحو ذاك الشالية ، وبالطبع لم تبخل أسيل على حالها فأصبحت تذرف الدموع بلا توقف، تُلحنها شهقات متتالية ومتقطعة!
إلى أن قاطعها جاسر وهو يحتضنها بحنان مغمغمًا:
-ما خلاص بقا يا حبيبتي، هتفضلي تعيطي لحد امتى كدة!؟
عضت على شفاهها بقوة علها تتوقف، ولكن باءت بالفشل!

لأول مرة تشعر أن بالفعل بدأت تتعرج في طريق العشق، العشق الأسر، بزوابعه، بمراحله المذبذبة، بالخوف الذي يحاوطها مكممًا كل ثقب للهروب!
إبتلعت ريقها تحاول النطق متشبثه بيداه التي تحاوطها:
-كنت خايفة أوي يا جاسر، اول مرة اخاف كدة بجد!
ابتسم بحنو وكأنه يُحاكي طفلة تتمرد على تدخلات قدر مُفاجئ، ليهتف بعدها بهدوء حاني:
-حبيبتي مفيش حاجة تخافي منها، ده يعتبر شيئ طبيعي في حياتي معرض له في أي وقت!

مطت شفتاها بحركة إمتعاضية ساخرة على إطار الخطر الذي يستسلم لإحاطته هكذا!
لتردف متفحصة ذراعه الذي من المفترض أن يُصاب:
-طب وريني دراعك كدة لو سمحت، هو إزاي مابينزفش والرصاصة مفروض جات فيه!؟
نظر للأعلى وكأنه يفكر في حل اللغز، بينما كاد داخله يسقط ارضًا ضاحكًا على براءتها الغير معهودة..
ف تأففت هي بغيظ:
-فهمت، أنت لابس واقي الرصاص، بس دي مش عادتك يعني عشان كدة إستغربت في البداية!

نظر لها يتابع بنبرة ضاحكة:
-يعني عارف إنهم ممكن يتعرضولي في أي لحظة، وممكن أموت فيها وهاخرج من غير حاجة وكأني بقولهم يلا تعالوا أعملوا زي ما اتأمرتوا!
إلتفتت وكادت تغادر ولكنه أمسكها فجأة يجذبها نحوه لتصطدم بصدره العريض..
رفعت حاجبها الايسر متمتة:
-اممم وده أسمه اية بقا؟ سبني عايزة اروح اشوف الحاجات اللي هنا
هز رأسه نافيًا، قبل ان يخبرها هامسًا بخبث:.

-اسيبك إيه بس ده انا جايبك هنا عشان أستفرد بيكِ اصلًا!
حاولت التملص برقة من بين يديه تردد بخوف مصطنع:
-اوعى اوعى احسن العصابة دي تهجم علينا تاني
هز رأسه نفيًا:
-تؤ تؤ، انا كدة ادامهم اتصابت، هما عايزين قرصة ودن بس
هبطت ذراعها لجوارها وهي تهمس يائسة بصورة كوميدية:
-يعني مفيش أمل؟

صدح صوت ضحكاته المرح تملأ ارجاء المكان، بينما هي تتأمله بشغف، وبريقًا خاصًا في عيناها يرجوه ايتها الضحكات امطريني بالأمل، فقد ماتت السعادة داخلي !
جذب رأسها نحوه بحركة مباغتة ليلصق شفاهه على شفتاها قبل أن يهمس:
-لا مفيش يا زوجتي العزيزة، إنتِ مش هاتقومي من حضني النهاردة اصلًا!
اومأت مبتسمة بدلال:
-وأنا معنديش مانع يا زوجي العزيز.

مال ليُعانق شفتيها في قبلة وادعة تسحب كلاهما لعالم وردي منفصل عن نزاعات الواقع..
إلا أن خط الواقع صُك وهو يسمع هاتفه يرن، فتأفف مبتعدًا وهو يشتم المتصل بغيظ، ليجد أنه صديقه المقرب، فتح الهاتف ليجيب:
-أيوة يا كريم؟
-جاسر، وصلت مطروح؟
-اه لسة داخلين
-طيب القوات زمانها على وصول ليك، وزي ما اتفقنا هيبقوا بعيد عنك بس عشان تبقى ف امان لحد ما يتهدوا هنا شوية
-تمام، في حاجة تاني ولا إيه؟

-اه، أنا لسة داخل مكتبك بشوف ورق، لقيت ظرف حد بعته لك العسكري قالي لما سألته إنه جه بالبريد بقاله كتير جدًا من ساعة ما سافرت تقريبًا
-وياترى ظرف إيه ده!؟
-اعتقد دي صور، السُمك باين
-اممم طب افتحها يا كريم، لاتكون حاجة عن القضية!
-مش عارف هاشوف
صمت برهه يفتح ما بيده، وبعد صمت دام دقائق قطعه كريم وهو يخبره بنبرة مترددة:
-لا اما تيجي أنت تشوف بقا.

-لية يا كريم طلع إيه؟! اكيد ماحدش هيبعت لي حاجة على شغلي إلا لو خاصة بالشغل!
-لا لا، ملهاش علاقة بالشغل، ليها بحياتك الشخصية، اما تيجي بقا احسن، يلا سلام دلوقتي
-كريم! ك...
ولكن إخترق اذنيه صوت صفير الهاتف يعلن إنتهاء تلك المكالمة التي أثارت شكوكه منغمسة بالقلق...
فيما سألته أسيل مستفسرة:
-في إيه يا جاسر؟ ظرف إيه!؟
رفع كتفيه مجيبًا بتفكير:.

-مش عارف، هو صور، حد جابه من بعد ما سافرنا وحاجة عن حياتي الشخصية، وكريم لما فتحه سكت شوية وقالي اما تيجي تشوفه بنفسك احسن!
ثم حملها فجأة بين ذراعيه متجهًا نحو الغرفة، اما هي فكانت روحها المبتسمة قد غادرت تطير بين ضبابات الماضي و تتساءل
هل الصور تتعلق بي!؟

كانت رودينا تقف في احد الفنادق، تحديدًا امام موظفة الاستقبال، إنتهت اموالها تمامًا، أصبحت بلا قيمة!
نعم فالاموال هي من كانت تزيد من رونقها الظاهري...
بينما الروح تتعفن بين جدران الخبث..
وها هي، شريد!
تائهة!
محتاجة وخائفة، وحدها!؟
لم تنفعها أم، أو اب، كلاً يبحث عن رغباته راكضًا دون أن ينظروا خلفهم لها ولو للحظة!
لتُغطيها هي فراشات الكتمان، حتى تبتلعها ارض الموت...!
نظرت للموظفة تحاول إقناعها وهي تهتف:.

-طب لو سمحتي مش ممكن اقعد بس ليلة كمان عقبال ما الاقي شغل وهدفع حقها!؟
هزت رأسها نافية بجدية بلا شفقة:
-للأسف لا يا مدام، القوانين هنا بتدفعي الاول وبعدين بتقعدي، لكن غير كدة أسفة جدًا!
نظرت حولها تتحسر، يلتف حول مراكز عقلها ذكراها وهي ترجو والدتها أن تعود، أن تبعث لها وتأخذها معها..!
واخيرًا تتوسل أحمد ليعطيها اموالاً اخرى، ولكن كل الأبواب تفتح جزءًا جديدًا من غزارة الجحيم ليس اكثر!

ليس كل نصر بداية، بل نصرها هي كان كغير كل بداية، كان مجرد بداية للنهاية...
إنتبهت لصوت الموظفة وهي تسألها بهدوء جاد:
-عندك إستعداد تشتغلي هنا يا مدام؟
اومأت مسرعة بلهفة:
-ايوة طبعًا ياريت
اومأت موافقة تشرح لها:
-تمام، هما محتاجين موظفة، هتقعد هنا وأكلها هيبقى تبع الفندق، بس مرتبها 900 جنية لإن الاكل من هنا وكمان الإقامة!
سألتها بضعف:
-طب هشتغل إيه؟
اجابتها الاخرى مباشرةً:
-هتنضفي الحمامات!

شهقت رودينا مصعوقة وهي تهمس داخل صدى الصدمة:
-نعممم! حمامات، هنضف الحمامات!؟
اومأت الاخرى ببساطة:
-ايوة، دي الوظيفة الوحيدة المتاحة حاليًا، هتقعدي ادام الحمامات وتنضفيها، ووقت شغلك من 7 الصبح ل 9 بليل..
ظلت محدقة امامها، كم هو قاسي ذاك القدر، يُمنيها بمقتطفات حياتية ليست من حقها، ثم يسقطها في قاع لم تره يومًا!؟
إنتبهت لصوت الموظفة تسألها:
-ها يا مدام قولتي إيه؟
تنهدت بكسرة مغمغمة:.

-موافقة، أحسن ما اشحت..!
وهكذا إنتهى بها الحال، من رودينا المرفهه، تحيا بسعادة متكبرة على من هم اقل، لمجرد عاملة نظافة في المرحاض العام!
وفعليًا - الدنيا دوارة -!

خرجت رضوى من غرفتها على صوت عبدالرحمن وهي يُحادث نفسه بقهر، منذ ذاك الوقت وهي لا تحادثه ابدًا إلا في المواقف الضرورية..
منذ أن أتت من عند والدتها ثم مها، ورأت أحمد هناك، لم تصدق اذنيها وهي تسمعه يقص عليها ما دار بينه وبين عبدالرحمن في المستشفى ذاك اليوم...
وتقريبًا هذا ما أكد لها عودة عبدالرحمن ل الشيزوفرينيا بعد تكرار رؤية تلك!
ولكن هناك نقطة مفقودة، كمثل أنه لم يكتمل علاجه من الاساس!؟

وهو كان وكأنه يحتاج للعزلة ليُصنف حياته من البداية حتى النهاية!
وجدته يدور في أرجاء المنزل يهمس لنفسه بغيظ، قطعت عزلته بصوتها الهادئ تسأله:
-في إيه يا عبدالرحمن؟
ظل يمسح على شعره عدة مرات يحاول تنظيم الحروف الصارخة التي ترغب في التدفق، ليرد بخشونة:
-بابا لسة قافل معايا، هايطلق أمي، وهايسيب لها البيت إكرامًا للعشرة، وهو هيأجر له أي شقة!

نسبةً لها كان ذاك التصرف مُحتمل، ولكن ما لم يكن محتمل أن يتمحور رد فعل عبدالرحمن حول نقطة القلق على والدته فقط!
القلق بعد كل النقاط التي احرزتها في الشر بين ثنايا حياتهم!؟.
ولكن ولِمَ لا، هو شعوره فطري بالقلق على والدته وإن تعاهدت على حرقه حيًا...!
إستفاقت من شرودها على صوت يردف بتوتر:
-أنا عمري ما هسامحها على اللي عملته، لكن كدة هي ممكن يجرالها حاجة لوحدها!

كادت تُصفق لنفسها على براعتها في الهدوء وهي تسأله:
-اممم امال هتعمل إيه يعني يا عبدالرحمن؟ لاتكون عايز تجيبها تعيش معانا!؟
هز رأسه نافيًا بضعف:
-مش عارف، أنا تعبت من كل حاجة!
لم تتردد وهي تهتف بصلابة قاسية بعض الشيئ:
-عبدالرحمن والدتك لو جات البيت ده أنا مش هاتردد لحظة إني أرفع قضية خلع، ده انا سبحان ما مصبرني عليها وماروحتش رفعت قضية وسجنتها عشانك أنت بس وعشان سُمعة حمايا اللي اعتبرني بنته الصغيرة!

ولم يكن منه إلا أن تركها وغادر هكذا دون ظهور رد فعل، وكأنه قد قارب أن يكون مختل عقليًا من كثرة الضغوط النفسية!

ﺍﻻْنثى ﻛﺎﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻰ..
ﻻ ﺗُﻌﻄﻲ ﺃﻟﺤﺎﻧﻬﺎ ﺇﻻ ﻟِﻤَﻦْ ﻳُﺘﻘﻦ ﺍﻟﻌﺰﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺗﺎﺭﻫﺎ! ...
كانت شهد تجلس في الحديقة، وبيدها خيط الكروشية تصنع أحب الأشياء إلى قلبها..
عيناها هنا، وجسدها هنا ايضًا، ولكن الروح هائمة متلاطمة بين امواج الحياة!
جالسة هكذا منذ أن أتى ذاك الضابط يتحدث مع عمر، فاستغلت هي الفرصة تنفرد بنفسها في الحديقة...
صار لهم ساعتان تقريباً ولم ينته ذلك الحوار؟!

تأففت أكثر من مرة قبل أن تنهض متجهة للداخل بخطوات هادئة..
حتى اصبحت على مقربة من الباب، وكادت تطرق الباب وهي تدلف ببطئ إلا أنها تسمرت مكانها من الصدمة التي سقطت على اذنيها كالرعد لتترنج مكانها تسقط متأوهه بصوت عالي و...


look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 04:28 صباحاً   [90]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

لن يذوق مرارة الصدمة إلا من كان هائمًا بين الورديات، ليسقط على جذور الواقع المرير!
إلتوت قدمها فسقطت متأوهه بصوت عالي لينتبه لها كلاهما، ركض عمر نحوها يساعدها على النهوض وخلايا الغضب الحمراء تفجرت على ملامحه الخشنة!
بينما أبعدت هي يده عنها لتتأوه ما إن خطت على قدمها:
-اااه رجلي لا مش قادرة
أسندها عمر برفق جامد في آنٍ واحد، يُحارب رغبته في صفعها لوقوعها أمام ذاك الرجل هكذا!

سحبها معه بهدوء هامسًا لها من بين اسنانه:
-امشي من سُكات دلوقتي احسنلك
رمقته بنظرات مغتاظة وهي تمسك بيده مجبرة، بينما يراقبهم ذاك بعين الحظر وصامت..
أشار له عمر بجدية:
-دقيقة وراجع يا حضرت الظابط
اومأ موافقاً:
-خد راحتك
وبالفعل غادروا ليختفوا من امام ناظريه، وفجأة رفعها عن الأرض عنوة ليُلصقها به، فشهقت متلعثمة تنهره بصوت يكاد يسمع:
-أوعى يا عمر سيبني، أنا بمثل أبعد عني بقا
هز رأسه نفيًا ليزمجر فيها بحدة:.

-تقعي ادام واحد غريب، لأ ومش قادرة تنفضي نفسك بسرعة كمان! ده اسمه إيه؟!
شدد قبضته على خصرها، وأنفاسه اللاهثة تلفح صفحة وجهها المتوردة لا يعلم من الألم ام الخجل...
تختلف الاسباب وتبقى القاعدة راسخة هي حانقة عليه !
سار بها نحو الأعلى ولم يفك قيده عنها، لتهز هي قدمها متأففة:
-أبعد عني يا عمر
-لأ
قالها قبل أن يقاطع إعتراضاتها السخيفة بشفتاه التي قبضت على شفتاها تحتلها بنعومة، وإبتلع شهقتها في جوفيه...

كان يقبلها بنهم جائع ومُشتاق، مغمض العينين يأكل شفتاها الحمراء!
كان إحتلال من نوعٍ اخر، إحتلال كيان قبل أن يكون إحتلال جسد مُشتاق!
عصفت بها مشاعر متخبطة جعلت القشعريرة تسير على طول عامودها...
صعد بها حتى أصبح امام غرفته فدفع الباب بقدميه، رفعت يدها تحاول إبعاده وهي تدفعه بضعف كاره:
-عمر
أقترب أكثر وهذه المرة كانت قوة الغرق في هوج مشاعره أكبر..

أخذ يشبعها تقبيلاً بجوعه الذي لا يُسد، جوعه القارص الذي لغى مهمة عقله الفاصل تمامًا، عقله الذي ترن أجراس انذاراته بقوة ولكنه لا يبالي..
حاولت دفعه عنه ولكنه اقوى بالطبع..
بينما يداه ترسم جسدها النحيف بمهارة، شعرت ببرودة الحائط من خلفها، وسخونة مشاعره امامها يحاصرها، وما أحب ذلك الحصار، المرفوض حالياً!
أبتعد عنها بعد لحظة ينظر في عينيها هامسًا بأنفاس لاهثة:
-عايزة إيه يا شهد؟!

لم تشعر بنفسها سوى وهي تقترب منه بتحدٍ لتبادله ذاك الهمس المجنون:
-عايزاك، تبعد عني انا مابقتش طايقاك ابدا!
ضيق عيناه على تلك العنيدة، لا مشاعر ولا تطرف في القوانين ولا حتى رغبة قاتلة إستباحت خضوعها!
ف زفر بقوة قبل أن يستدير مغمغمًا بضيق:
-براحتك يا شهد
فاستدارت هي الاخرى تدلف الى الغرفة لتعصف بها نوبة بكاء حادة وهي تمسك قدمها...

مر أسبوع سريعاً على الجميع كرياحٍ عاتية تُبدل أزمنة قاسية او حتى مريحة هادئة...
وصل كلاً من أسيل وجاسر إلى منزلهم بعدما قضوا اسبوعاً حُفر بين جدران ذاكرتهم، بوعد المدى الطويل!
بمجرد أن دلفوا حتى ركضت أسيل نحو المرحاض تمسك ببطنها تخرج كل ما بداخلها، فركض جاسر خلفها يمسك بيدها ليغسل وجهها برفق بعد أن إنتهت هامساً بحنو:
-مالك يا حبيبتي، تعبانة ولا إيه!؟
تنهدت بهدوء قبل أن ترد:.

-مش عارفه بس قرفانه من أي ريحة
مسح على شعرها ببطئ وهو يسألها:
-أتصل بالدكتور ولا نروح له احنا شوية كدة؟
هزت رأسها نفيًا قبل أن تستند على كتفه مكملة بعمق:
-لا لا، خليك جمبي بس، أنا كويسة
ساروا سويًا متجهين نحو الفراش، ليجعلها تتمدد وهو لجوارها يربت على شعرها بحنان إلى أن سلبها منه النوم..
نهض برفق ليغادر نحو عمله بهدف العودة قبل أن تستيقظ...
بعد ساعتان تقريباً...

وصل إلى مكتب عمله، جلس على الكرسي ليفتح الدرج بهدوء بحثًا عن ذاك الظرف..
وبالفعل وجده فمد يده يفتحه والفضول يتآكله كالصدئ في الحديد، واخيراً اخرج تلك الصور لتكن له الصدمة التي جعلته كالأموات!
تسرقه من بين بحور السعادة لأنهار الصدمة السوداء بعمق كاحل...
تقريباً كان لا يصدق عيناه، صور أسيل وهي بين أحضان عبدالرحمن في المستشفى يوم ولادة رضوى!

قرأ الرسالة المدونة على الظرف من الداخل بيد شبه مرتعشة الصور دي حقيقية يا حضرت الظابط، وبعد جوازكوا كمان، بس الظاهر المدام ماقدرتش تبعد عن حبيبها!
مبررات...
هدف..
او حتى تكذيب!
جميعهم تخبروا خلال إرتكاز تلك الصورة بين أسوار الخيانة، لتبقى النتيجة الوحيدة التي لم تتغير...
هي لا تستحقه!
نهض مسرعاً يكاد يركض وهو يترجل سيارته عائداً نحو المنزل وهو يكاد يطير بالسيارة...

واخيراً خلال ساعة كان قد وصل إلى المنزل يدلف الى الغرفة يصرخ بصوت عالي:
-اسييييييل
جاءت أسيل من الغرفة سريعاً وجهها يشع نوراً ذو بريق خاص، لمعان وسحر غريب رُسمت بها ملامحها، إلا أنها مُحيت تماماً وهي ترى شعلات الغضب المرتكزة بين جانبي عيناه...
إبتلعت ريقها متوجسة تسأله:
-مالك يا جاسر؟
أقترب منها في لحظة أصبح امامها ليصفعها بكل قوته حتى سقطت ارضاً وكادت شفتاها تنزف الدماء..

كانت على وشك البكاء وهي تسأله بخفوت مرتعد:
-جاسر مالك؟ ممكن تعرفني أنا عملت إيه؟
ألقى تلك الصور في وجهها بقوة مزمجراً بصوت زلزل ارجاء المكان:
-ملي عينك وشوفي وسا*ك يا مدام يا محترمة
جذبها من شعرها بعنف مكملاً صراخه بحدة مفرطة:
-إنتِ دي اللي في حضنه وبيبوسك ولا لا؟!
كادت تنطق مدافعة عن نفسها بحجج واهية امام براكين غضبه فتابع يهزها بقوة وهو ممسك بشعرها حتى صرخت:
-ردي إنتِ ولا لا!

لم يكن بحاجة للأجابة، هو يعلمها سابقاً، فقد رآها بنفس الملابس يوم أتته متأخرة!
اومأت موافقة وهي تشهق بالبكاء، ثم حاولت النطق:
-ايوة بس آآ...
قاطعها وهو يصفعها عدة صفعات متتالية يزجرها بهيسترية حادة:
-ليييية، وانا كنت عملت لك ايييية عشان تكوني على زمتي وتخلي واحد و*خ زيك يقرب منك بالمنظر ده هه، إنت ايييية فا*رة، إنتِ ماتستاهليش اي حاجة عدلة
تركها بعد دقائق وشفتاها تنزف من كثرة الصفعات المتتالية...

كان يلهث من الإنفعال وهو يوليها ظهره يحاول إغماس نفسه بين واقع لا ينتمي لخيوط حُلم بشع بصلة!
نهضت وهي تبكي تحاول امساك ذراعه هامسة بضعف:
-جاسر اسمعني بس انا...
ولكنه نفضها عنه سريعاً يدفعها بقوة حتى اصطدمت بالحائط خلفها بقوة جعلتها تتأوه بصوت عالي وهي تمسك بطنها بحركة تلقائية...
وصدح صوته وهو يقول بقسوة:
-غوري في داهية مش عايز اشوف خلقتك اوعي تقربي مني
حاولت اللحاق به:
-جاسر ارجوك.

أشار لها بأصبعه دون أن ينظر لها، ليردف بجمود حاد:
-اخرسي حتى صوتك مابقتش طايقه، أنا مابقتش عايزك كله، ومايشرفنيش إنك تكوني مراتي، ارجع الاقيكِ غورتي في ستين داهية تاخدك!
وبالفعل خلال ثواني سمعت صفعة الباب بقوة فأخذت تشهق باكية وهي تمسك بطنها مغمغمة بألم:
-جاسر، أنا حامل يا جاسر! اديني فرصة عشان خاطر ابننا..!

دلفت مها من باب المنزل بهدوء مبتسمة، لم تخرج مع صديقاتها منذ فترة طويلة!
واخيراً إستعادت الجزء الأكبر من حياتها الطبيعية، وإن كانت تأخرت قليلاً!
وجدت أحمد يجلس على الأريكة يضع قدم فوق الاخرى ويهزها بعصبية، وما إن رأها حتى نهض يسألها بحدة:
-كنتي فين يا مها!
اجابته بخفوت متعجبة:
-كنت في النادي يا أحمد ما أنت عارف؟
هز رأسه نافيًا وهو يشيح بيده منفعلًا:.

-لا حضرتك مكنتش عارف، كان المفروض جنابك تتصلي بيا وتعرفيني
حسدت نفسها هي ام ماذا؟!
اخذت تتساءل في خلدها عن هبوب تلك العاصفة المفاجأة على صفو حياتهم التي حصلت على هدنة قصيرة بعد مدة طويلة...
رفعت كتفيها تتابع مبررة:
-إتصلت بيك لاقيت تليفونك مغلق وصحابي كانوا نازلين خلاص، وأنت كنت عارف من يومين!
وجد مقتطفات الماضي تُنعش شك ولو صغير جداً قُتل منذ فترة طويلة ولكنه كالسراب تماماً لا يستطع دفنه!

فقال بجدية صلبة:
-يبقى ماكنش مفروض تروحي اصلًا طالما انا لسة معرفتش، وابنك ده رمياه كدة؟ اية هترجع ريما لعاداتها القديمة!
هزت رأسها نافية ببطئ متعجب:
-أنا روحت النادي بس يا احمد، هو انا عملت إيه يعني ل ده كله؟
صرخ بصوت عالي:
-وانا ايش عرفني إنك كدة فعلًا!؟
شهقت مها مصدومة من أعماقها، الان فقط تجسدت امامها قدرة الماضي على وعك عجين حياتها بثوانٍ معدودة!

أحمد لم ولن ينسى الماضي ابداً مهما حاول سيظل يشعر بنعرة نقطة تفسد عليه مخططاته المستقبلية في تعدي خط الماضي بحسم...
إبتلعت ريقها قبل أن تردف بصوت يكاد يسمع:
-سيف كان معايا يا أحمد بس هو سبقني عشان كان عاوز ينام وانا بشتري حاجة من السوبر ماركت
ومن دون كلمة اخرى كانت تستدير لتغادر، فظل احمد يمسح على رأسه عدة مرات متمتمًا:
-اوووف، اوووف بقا
و هي اخطأت..
اجرمت..
ظلمت، وتجبرت!

ولكنها بشر، بشر كأي بشر يُخطئ فهي لم تُخلق من طينة اخرى نقية!
كُلنا لها، كُلنا نخطئ، ولكن ليس كلنا نملك تلك القدرة على النسيان...!

طرق عبدالرحمن باب شقة ما صغيرة جداً تقريباً عبارة عن غرفة وصالة!
زادت طرقاته برفق لتفتح له والدته الباب بعد دقائق هاتفة بشيئ من اللهفة التي تراقصت بين نبرتها:
-عبدالرحمن، وحشتني يا حبيبي
ثم إندفعت تود إحتضانه ولكنه ابعدها عنه يقول بجمود:
-انا جاي اجبلك فلوسك، مؤخرك من بابا، اتفضلي يا مدام فريدة
نظرت ليده الممدودة نحوه بصلابة منعتها من إختراقها بحدة!
فنظرت له تحاول إستعاطفه بحزن:.

-كدة يا عبدالرحمن من ساعة ما جبتني الشقة المعفنة دي ماتسألش عني سايبني بين اربع حيطان لما هاتجنن، ده أنت توديني دار مسنين ارحم لي!
تقوس فاهه بابتسامة ساخرة قاسية:
-معلش اصلي ملقتش حجز في فندق الخمس نجوم للمدام مدبرة الخطط الخبيثة!
نكست رأسها ارضاً بخزي حقيقي هذه المرة، فيما ألقى هو الأموال ارضاً عند قدميها ليدفعها برفق للداخل ويغلق الباب غير عابئاً بنداءاتها...

ليغادر دون أن يلتفت خلفه ولو لثانية حتى!

عاد عمر من عمله الجديد اخيراً مع صديقه الوحيد عمار
لم يصدق اذنيه والضابط يخبره أنهم إستطاعوا حصار الرئيس لتلك العصابة واخيراً، يشعر أن حينها فقط ستتبخر مشاكله جميعها بفعل نيران الرغبة في الهدوء كما تتبخر المياة بفعل النيران الحمراء تماماً!
دلف من الباب الرئيسي لينتبه من شروده على المنظر الذي جمده مكانه...
كانت شهد تقف امام باب المنزل مع رجلاً ما وتعطيه شيئ ثم يتضاحكون سوياً بمرح مرتاح!

شعر بالدماء تفور بين عروقه ليسرع بخطوات شبه راكضة نحوهم وهو يتوعد لها بأشد العقاب والعذاب و...

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 11 من 31 < 1 24 25 26 27 28 29 30 31 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، مواجهة ، الأسد ، إستسلام ، معهود ،











الساعة الآن 11:21 PM