logo




أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في Forum Mixixn، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .




اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد

الصفحة 7 من 31 < 1 13 14 15 16 17 18 19 31 > الأخيرة



look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 01:25 صباحاً   [46]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والأربعون

رفعت كتفيها بلامبالاة، ثم مطت شفتيها بعدم رضا، الحقد يزداد بداخلها اكثر كلما تتذكر نفوره من اى فتاة سواها، فعلت ما عجزت هي عن فعله، وأجابته بلامبالاة مصطنعة:
مليش دعوة، كل إلى يهمني ان إلى انا عاوزاه اتنفذ وبس
اومأ بهدوء ثم استطرد بخبث قائلاً:
طب ماتقوليلي اية إلى حصل، اصل البت لوزة جريت قبل ما تقولي وانا عندى فضول اعرف.

أبتعدت عنه، ثم أمسكت بالسجائر الموضوعة على المنضدة ثم اخرجت السيجار واشعلتها، ثم بدأت تدخنها بشراهه، كأنها تنفث غضبها بها وهي تتذكر ما قصته عليها لوزة وما رأته..
فلاش باك
ابعدها عنه بقوة، ثم هب واقفًا ولم يستطع الثبات اكثر، ظل يترنج مكانه، فقد اثر المشروب عليه بشكل كبير، ثم هز رأسه نافيًا وهتف بأعتراض:
لا، مآآ مينفعش، انا آآ بأحبها
رفعت لوزة حاجبها الأيسر، ثم أكملت حديثها السام بغيظ دفين:.

عادى يعني، هي اصلا مش هتعرف
هز رأسه معترضًا وبشدة، ولم يستطع إكمال ما كان يريد قوله وسقط على الفراش مغشيًا عليه، فقد حالفه الحظ هذه المرة قبل ان يخطئ، بينما جزت على أسنانها بغيظ، فهذا أول رجل يتمالك نفسه امامها، كيف وهي تعد من ملكات الجمال، ولكن هذا لا يعنيها ما يهمها هو إكمال مهمتها فقط!

هذا ما قالته لنفسها وهي تعدل من وضعية عمر للنوم ثم بدأت في خلع ملابسه، ثم ألقت نظرة سريعة على الكاميرا المعلقة بالأعلي، وابتسمت بخبث ثم بدأت بخلع ملابسها هي الاخرى وألقتهم على الأرضية دون أن تخجل ولو للحظة، ثم تسطحت بجوار عمر ووضعت برأسها على صدره بأريحية، وأمسكت بالهاتف الموضوع على المنضدة بجوار الفراش والتقطت عدة لقطات في وضع خليع، وأرسلتها لشهد كما أُمرت..
باك.

ظل محدق بها فاغرًا شفتاه بصدمة من حدة زكاؤوها، بينما تأجج شعور الأنتصار بداخلها، اقترب عبدو منها واحتضنها من الخلف واردف مسترسلاً حديثها:
وطبعا بدر ولوزة اخدوا فلوسهم
اومأت بتأكيد وقد أنفرج ثغرها بأبتسامة خبيثة، بينما أستنشق هو عبيرها وأردف مداعبًا:
وانا مش هأخد مكافأتي ولا اية؟
أختفي المرح على الفور وأجابته بشيئ من الإنفعال قائلة:
انت بتعمل كل ده عشان الفلوس!
هتف مبررًا بسرعة:.

لا طبعًا، انا مش قصدى كدة خالص
ثم ابتعد قليلاً وامسك يدها برفق، وجذبها خلفه متجهًا لغرفة النوم، ثم تابع بخبث:
انا عايز مكافأتي بس طريقة تانية يا قمر.

في منزل رضوى
أقترب من رضوى واخذ يتمعن النظر لخصلات شعرها التي ظهرت من اسفل حجابهَا الخفيف، ثم مد يده وأبعد حجابها اكثر ليظهر خصلات شعرها الأسود، واصبحت عيناه تلمع ببريق الرغبة، مد يده يتحسس وجنتاها وهو يتنهد بأستمتاع، اخيرًا لقد نجح فيما اراده، اقترب اكثر ثم همس بجوار اذنيها بتشفي:
شوفتي، بردو هتبقي ليا بس غصب عنك بقا مش بمزاجك.

أغمض عيناه يتخيلها مسطحة بجواره بأرادتها، وترتدى قميص للنوم، ويستمعتوا بأوقاتهم سويًا كأى زوجين..
قطع افكاره الدنيئة صوت والدتها الجاد وهي تقول بتساؤل:
اية إلى بيحصل يا شهاب
تنحنح بحرج ثم إبتعد بسرعة وعاد يقول بقلق مصطنع:
ابدًا ده انا كنت بأطمن ان النفس منتظم
اومَأت موافقة ولم تشك به، على الرغم من كرهها له في البداية إلا انها استشفت خوفه المزيف على رضوى، وكأنه يقرأ افكارها فقال متسائلاً:.

الدكتور قالك اية يا حجة، ياريت يجي بسرعة انتي عارفة رضوى غالية عليا اد اية والله
جلست بجوار رضوى على الأريكة، ثم تنفست بعمق ومن ثم أجابته بجدية:
قالي مسافة السكة وجاى
اومأ موافقًا ثم ظل يجوب بنظره في ارجاء المنزل وكأنه مرتبك وقلق بالفعل، كان يفكر بخبث، فقد تخطي اول خطوة بنجاح، في نفس اللحظات طُرق باب المنزل بسرعة، ظنت والدة رضوى انه الطبيب فسارعت بالنهوض، إلا ان اوقفها شهاب قائلاً بجدية:.

خليكي انا هأقوم افتح.

ثم نهض على الفور متجهًا للباب، وما إن فتحه حتى رأى عبدالرحمن امامه، تقابلت نظراتهم، المتعجبة من عبدالرحمن بسبب تواجد شهاب والحاقدة من شهاب بسبب سرقته وسيطرته على قلب معشوقته، اتجه عبدالرحمن مندفعًا للداخل ولم يمهله فرصة الاستجواب، لاحظت والدة رضوى خطوات قادمة سريعة على السجاد الوتير غير شهاب فعقدت حاجبيها بتساؤل، ما إن همت بالوقوف حتى وجدت عبدالرحمن امامها ينظر لهم بتفحص، وسرعان ما هاجمته بحدة قائلة:.

انت اية إلى جابك هنا هاا
لم يعطيها اى اهتمام وتقدم بسرعة من رضوى الساكنة المسطحة على الأريكة بلهفة، اخذ يتأمل ملامح وجهها بقلق ثم صاح فيهم بحدة قائلاً:
اية إلى حصلها فهموني؟
تقدم شهاب واقفًا امامه بخطوات جامدة، ثم سأله بأستفزاز:
وانت مالك انت، عايز منها اية
ثم وجه نظره لوالدتها وسألها بعدم فهم مصطنع:
مين ده يا حجة ام مها، يعرفها منين؟
مصمصت شفتها السفلية بحيرة، ثم أجابته بجمود قائلة:.

ده واحد معرفة كدة يا شهاب
تقوس فمه بأبتسامة خبيثة منتصرة، كلما شعر بأنتصار ارتفعت معدلات السعادة لديه، فيما صرخ عبدالرحمن فيها بقوة:
انا واحد معرفة، لا انا خطيبهااا وهبقي جوزها قريب اووى
عقدت ساعديها ببرود، على عكس ما كان بداخلها يستشيط من الغضب، فمن وجهة نظرها أنه هو من تسبب في كل ذلك، ثم نظرت للجهة الأخرى واردفت ببرود:
اولاً انا فسخت الخطوبة دى ثانيًا اتفضل اطلع برة بيتي عشان ماطلبش البوليس.

هز عبدالرحمن رأسه نافيًا بصدمة، لم يكن يتخيل أن هناك أناس يستطيعوا التخفي خلف هذه الأقنعة الطيبة، وحاول أن يتمالك نفسه بصعوبة، بينما أستغل شهاب الفرصة، هذه الفرصة من ذهب لن تعوض مرة اخرى وهتف بأسف مصطنع:
انا عارف انه مش وقته يا خالتي بس بعد اذنك انا طالب ايد رضوى
حكت ذقنها بطرف يدها وهي تفكر، ولما لا؟، لن تجد مثل شهاب مرة اخرى، هزت رأسها وهي تقول بجدية:.

سيب لي فرصة أفكر وارد عليك يا شهاب بس مبدئيًا في قبول.

في المستشفى الملحقة بالسجن
مها ترتدى الملابس الخاصة بالسجن، وبجوارها احدى الممرضات تساعدها، وكانت كالجثة الهامدة الخالية من الروح، تفعل ما تفعله دون اى رد فعل، انتهت وسارت بإتجاه الخارج مع الممرضة لتجد الباب يُفتح ويدلف أحمد بجديته المعتادة، وأنف مرفوعة، وحذاء واثق، لم تظهر اى رد فعل من ظهوره المفاجئ في حين تنحنح احمد قائلاً بجمود:
ودى المتهمة على الحجز بسرعة ياريت.

اومأت الأخرى بهدوء واتجهوا للخارج، في حين تخللت أصابع احمد السمراء شعره الغزيز وهتف بنفاذ صبر:
يارب الصبر منك
ثم أستدار متجهًا لمكتبه، وصل امام مكتبه وألقي التحية على العسكرى ثم دلف، ليجد مراد يجلس على الكرسي الخشبي امام مكتبه، تفحص احمد معالم وجهه ثم قال بأستغراب:
اية ده مراد انا فكرتك مش فاضي
هز مراد رأسه نافيًا، ثم التفت له وسأله بجدية صارمة غير معهودة منه:.

جيت اشوفك عملت اية في القضية إلى انت لسة ماسكها
جلس احمد على مقعده وقد ملأه بكتفيه العريضين ثم مسح رأس انفه بإصبعه واجابه ببرود:
ابدا، اديني مستني تقرير الطبيب الشرعي والنفسي
ضرب مراد بيده على المكتب بعصبية ثم صاح فيه بحدة قائلاً:
إلى انت ماتعرفهوش ان تقرير الطب الشرعي جالك على مكتبك من الصبح
قطب أحمد جبينه بتعجب، ويحاول أن يفهم سبب غضب مراد الزائد، وكأن مها جزءًا من عائلته، ورد بلهجة مهذبة:.

اهدى يا مراد ليه العصبية دى كلها
أحتقن وجه مراد، ثم استطرد بتجهم:
انت من امتي بتدخل انتقامك الشخصي ف الشغل يا حضرت الظابط
خلاص سيكا عليا، ساعة ونشوف التقرير بيقول اية واثبتلك كلامي
قال احمد ذاك ببرود ثم مد يده يتفحص الملف الموضوع على مكتبه وبدأ في قراءته بتركيز شديد، في حين نهض مراد بنفاذ صبر ونظر له نظرة ذات مغزى ثم أردف بصوت أجش:
انت إلى بعد ما تقرأ هتعرف انها مش مجرمة، بس ساعتها ماتندمش.

ثم استدار متجهًا للخارج، في حين دوت جملته في اذن أحمد الذي لم يرفع ناظريه له، ولكن قلبه معلق مع كل حرف ينطقه عن معشوقته مها ..
بعد نصف ساعة تقريبًا، انتهي من قراءة الملفين، وبدى وجهه شاحب، وتشنجت عضلات وجهه وهو يقول بوجوم:
يعني اية، مها ماقتلتش إلى اسمه حسن ده!

تظل مسطحة على الفراش تنظر للسقف بفتور وقد ذبلت ملامح وجهها الحسناء، لم تكن هذه شهد المرحة, الفاتنة، تضع يداها على بطنها لتشعر بحركة جنينها المنتظر، على الرغم من حزنها بسبب ما سيعانيه هذا الطفل من أم وأب منفصلين، إلا انها تشعر بسعادة تغمر كيانها كلما شعرت بحركته، دلف محسن بأبتسامة هادئة على ثغره وقال بمرح:
اية يا شهدى عاملة اية يا حبيبتي؟

إرتفعت معدلات الغضب لديها، وتحول وجهها للأحمرار والعصبية على الفور بمجرد ذكره لهذه الذكرى التي اصبحت تؤلمها كلما تذكرتها فزمجرت فيه بغضب:
محسن ماتقوليش زفت، اسمي شهد
اقترب منها محسن بهدوء واخذ يربت على كتفها بحنان وأكمل مهدئًا:
حاضر يا حبيبتي اهدى انتي بس.

راحت تعود بذكرياتها للخلف التي جمعتها مع عمر، واصبحت دموعها تنهمر، دمعتها تؤلمها وتشعر ببرودتها على وجنتاها، بينما تعهد محسن أن يصلح الأمر عما قريب، فدموعها زادته إصرارًا، مسح دموعها بأصبعه الخشنة على وجنتها الرقيقة، وتابع بحب قائلاً:
حبيبتي بتزعليني عليكي جدًا بالطريقة دى، اهدى عشان خاطر بابا حتى
اومأت شهد موافقة وحاولت تهدأة نفسها بصعوبة شديدة، فقال محسن بجدية:
انا هأروح اشوف حاجة وجاى.

اومأت بلامبالاة ولم تهتز لها شعره، بينما نهض محسن وإتجه للخارج بخطوات هادئة وعادت شهد لنفس وضعيتها..
إتجه محسن للكافيتيريا المجاورة للمستشفي، وكان عمر يجلس على تحدى المنضدات في إنتظاره يهز رجله والقلق يتملكه، أقترب منه محسن وابعد الكرسي ثم جلس بهدوء، سارع عمر في القول بلهفة واضحة:
قلقتني يا محسن طمني في اية؟
كان محسن ينظر له بجمود، يصعب على اى شخص التنبؤ بما سيقوله، سأله بجدية:.

اية إلى حصل بينك وبين شهد؟
عاد التوتر يتملكه مرة اخرى، وبدأ يفرك اصابعه بأرتباك فشل في إخفاؤه، أجفل بقلق متفاقم ونظر له:
اية إلى خلاك تقول كدة يا محسن
جز على اسنانه بقوة ليتمالك اعصابه وعاد يسأله بجدية اكثر:
رد على سؤالي يا عمر على طول
فشل في أن يستشف إن كانت شهد قصت عليه ما حدث ام لا، إبتلع ريقه بإزدراء ثم أجابه بلجلجة:
مفيش يا محسن أنا آآ خدت حقوقي، بس آآ يمكن كان في بينا زعل شوية.

جحظت عيناه بصدمة، وقال له حادًا:
يعني خدت حقوقك بالغصب يا واد عمي، هي دى الامانة
سارع عمر مبررًا بندم ظهر على محياه:
صدقني يا محسن كانت لحظة شيطان، انا مش عارف انا عملت كدة ازاى
أشار له بيده، وبرزت مفاصله، واصبحت ملامحه حادة, جامدة اكثر، يتهاون بأى شيئ إلا في حق شقيقته، وكأنه يسمح لأى شخص بالتخريب في أرضه عادا هذا الجزء الخاص، باغته بجملة قاسية ألجمته:
شهد طالبة الطلاق، طلقها يا عمر.


look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 01:26 صباحاً   [47]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والأربعون

جحظت عيناه وألجمت الصدمة لسانه كقيد من الحديد، شعر كأنه رمي جمرة مشتعلة من النار لينتفض جسده بصدمة وخوف، تهدجت احباله الصوتية ليقول بخفَوت مرتعد:
لا، قصدك اية، مستحيل شهد تطلب الطلاق لا لا
لم يتفوه محسن بكلمة، فقط ثبت انظاره عليه وكأنه يستشف منه ما يريده، بينما تابع عمر بهلع ليثبت هذا الكلام لنفسه بقوة:
شهد بتحبني، متقدرش تبعد عني.

بدى محسن يكاد يقتنع برد فعله المرتعد، وأيقن حينها أن نقطة ضعفه هي شهد وحدها، أغمض عيناه لثوانٍ ليقرر ما سيفعله، ثم هتف بصوت قاتم:
مينفعش تعيش معاك بعد إلى عِملتهُ يا عمر، إلى حُصل مش سهل
إفتعل الغضب والحدة قائلاً:
شهد مش هاتبعد عني يا محسن
تنهد محسن بعدما تأكد أن عمر ليس بشخص هين ليتساهل في شيئ يخصه هكذا، اودع ما استطاع من حدة في لهجته الحادة التحذيرية:.

انا يمكن هأحاول اصلح إلى حُصل واصدجك، بس جبلها عايز اعرِف حاچة واحدة، انت خونت شهد؟
أنهارت حصونه الجليدية الجادة التي اصطنعها في ثوانٍ، وكأن كلماته آله حادة لا يستطع اى شيئ مقاومتها، ثم أردف بأرتباك بدى على محياه:
انت بتقول اية يا محسن، ومين قالك الكلام ده.

كان ليس من الضرورى أن يعيد جملته مرة اخرى، فقد كانت نظراته كفيلة لتُظهر القلق على ملامح عمر وتقول ما اراد قوله، نظر عمر للجهة الأخرى ثم استطرد بحرج:
صدقني انا مش فاكر يا محسن، مش فاكر اى حاجة بس إلى انا متأكد منه اني استحالة اخون شهد
لمس محسن الصدق في نبرة صوته، فلقد كان خبير في فهم الشخص الذي امامه بمهارة، تنهد تنهيدة حارة تحمل بطياتها الكثير والكثير، ثم أردف بصوت أجش:.

انا لو عملت اكدة ورچعتكم لبعض، هيبجي عشان إلى ملوش ذنب ده
عقد حاجبيه بدهشة ممزوجة بالحيرة، ثم سَأله بعدم فهم:
مش فاهم، مين ده يا محسن؟
شهد حامل يا عمر.

قال محسن تلك الجملة، وهو يدقق ملامح وجه عمر التي تشنجَت عضلاته، ليترقب رد فعله، ترقرقت الدموع في أعين عمر على الفور، الدموع التي تعذبت لتصل لجحر عيناه ها قد وصلت بالفعل، شعر بسخونة دموعه الفرِحة وكأنها تزين وجهه الأسمر، وكاد يقول شيئ ما ليعبر عن سعادته، ولكن لم يعرف لِمَ تحدته الحروف والكلمات، ولم يستطع ان يعبر عن ما يجول بصدره الان فقد كانت دموعه كافية لتثبت لمحسن، أن شهد وطفلها اصبحوا جزء اساسى من بناء قلبه، فأكمل بأبتسامة صافية:.

اغم عليها واحنا بندفن مصطفى، ووديتها على المستشفى دى وجالي الداكتور انها حامل ولازم تهتم بنفسها
إتسعت ابتسامته تدريجيًا، ورفع يده للسمَاء قائلاً بصوت عالي فرح:
الحمدلله يارب الحمدلله
تذكر ذكر محسن لموت مصطفى فغمغم بحزن يشوبه الشفقة:
ربنا يرحمك يا مصطفى
ردد محسن بتنهيدة خلفه: امييين
ثم رفع إصبعه الخشن الأسمر في وجهه ونظر لعمر بتحذير وعاد يقول بتوعد:.

بس قسمًا بربي يا عمر، ماعرف إنك زعلتها تاني لأكون مطلجها منك ومن غير ما اتحدت معاك، فاهم؟
فاهم طبعًا يا باشا
أجابه عمر بنبرات مرحة لم تغمره منذ فترة، ليبتسم محسن ويرجع بظهره للخلف مستندًا على ظهر الكرسي الخشبي، وعاد يتصنع الحدة وهو يقول:
بس لازم تثبت براءتك ادام شهد نفسها وتثبت لي انك فعلا ماخونتهاش.

اومأ عمر بتأكيد، ولمع بريق الانتقام في عيناه السوداء الحالكة، ليظهر ظُلم الليل وقسواته بداخل عيناه الشرسة، ثم عاد يقول متوعدًا بكره:
اوعدك هثبت، وهرجع حقي وحق كل ليلة قضيتها شهد زعلانة بسبب الموضوع ده.

لقد اخرجوا الذئب الذي يتكور بداخله، تجلد جسده بصدمة ولهيب حقد معًا، لو كانت والدتها رجل لكانت تلقت عدة لكمات ردًا على ما قالته، بينما كان شهاب يرتجف بداخله من مظهر عبدالرحمن الذي يعبر عن هدوء ما قبل العاصفة، ماذا عساك فعلت، لقد اخرجت الجزء الذي كان يحاول اخفاؤوه دائمًا، حاول إظهار الثبات والإبتعاد عن نظرات عبدالرحمن التي ارعبته، بينما كانت تنكمش نبيلة في نفسها وتعض على شفتاها بخوف، حمدت ربها ان شهاب موجود، ظنًا منها انه سيكون الدرع الحامي لها من عبدالرحمن، لم تعرف أنه يخشاه اكثر منها، تقدم عبدالرحمن من شهاب ليلكمه بقوة في لمح البصر يسقطه ارضًا، ثم صاح فيه بغضب قائلاً:.

انت مجنوووون، مش قولتلك هتبقي مراتي قريب ولا انت اطرش
حاول شهاب إظهار بعض الشجاعة امامها، ليكتمل ما اراده، ثم نهض بسرعة وحاول تسديد اللكمة له ولكن كان عبدالرحمن اسرع واقوى ليتفاداه، وظل يضربه بكل قوته، حتى قال شهاب برجاء:
ابوس ايدك كفاية هموت مش قادر.

هدأت هذه الجملة من ثورته قليلاً، وظل يلهث وهو يرمقه بشماته، بينما كان شهاب يلتقط أنفاسه بصعوبة وقد امتلئ وجهه بدماؤوه، في نفس اللحظات دلف الطبيب بخطوات هادئة متعجبة من ترك باب المنزل على مصرعيه، وما إن رأى شهاب في وضعيته هذه حتى شهق بصدمة ثم سأل عبدالرحمن بجدية:
اية إلى بيحصل هنا؟
أختفي الغضب من وجه عبدالرحمن في ثوانٍ، وتمثل البرود بإتقان، ثم أجابه بلامبالاة:.

ابدًا، كان بيتهجم عليا وبدافع عن نفسي وعن خطيبتي
ضيق عيناه بتفحص، ومن ثم وجه نظره لوالدة رضوى الساكنة بمكانها، فما كان منها إلا ان تهتف بأرتباك ملحوظ:
اتفضل يا دكتور شوف رضوى مالها
اومأ بجدية وبدأ يتفحص رضوى بتركيز، وقد عاد الضيق يظهَر على عبدالرحمن والغيرة تتملكه رويدًا رويدًا، على الرغم من ملاحظته لبعض الشعيرات البيضاء على جبهته، إلا انه قال حانقًا:
ابعد يا دكتور شوية وياريت لو تكشف من بعيد كدة.

رفع الطبيب حاجبه بدهشة مصحوبة بالضحك على كلماته فهو يعد في عمر والده تقريبًا، فأردف من بين ضحكاته بمزاح:
ده انا اد ابوها يابني، وبقيت جد كمان، يعني قولي خد راحتك يا جدو
نظر للأرض بحرج، ومن ثم تنحنح مشاكسًا إياه:
خد راحتك يا جدوو
انتهي من فحص رضوى ثم نهض وبدأ يلملم اشياؤه، ثم نظر لوالدتها قائلاً بجدية ويمد يده بأحدى الورقات:.

انا اديتها حقنة هتفوقها، هي عندها صدمة عصبية حادة، خدوا بالكوا منها وادوها الأدوية دى عشان المرة الجاية الله هو اعلم اية إلى ممكن يحصل
زفر عبدالرحمن بضيق، وقال في خواطره بعيدًا عن المزاح منذ قليل:
والله لأوريك يا كلب، وادفعكم تمن تعبها ده غالي.

أنتقل بنظره لشهاب، لينظر للسجادة الكبيرة المفروشة على الأرضية واثر دماؤوه فقط، اين هو، اين اختفي من مخالبه، هرب منه هذه المرة ولكن لن يفلت مرة اخرى من تحت يده سالمًا..

تجلس في احدى اركان الحبس الإنفرادى، تنكمش في وضعية الجنين، عادت تتذكر زواجها بأحمد عاشت اجمل لحظاتها معه ولكنها هدمتها بغباءها، دمرت كل شيئ بكفة حب حسن المزيف، تشعر بالحنين لطفلها، لما الان!

كان بجوارها دائمًا وتهمله، ولكن الان فقط استفاق شعور الأمومة بداخلها، ضغطت على رأسها بيدها لتقطع إسترسال عقلها لباقي ذكرياتها المؤلمة، فُتح الباب ودلف احمد بخطواته الهادئة الحازمة، نظر لها بتفحص، وقد رق قلبه لها مجددًا، وازدادت ضربات قلبه بمجرد اقترابه منها، ماذا بك ايها القلب، بعد هذا الجرح الغائر تنبض لها!، أترغب في جرحًا اخر؟
أغمض عيناه يستعيد جديته وصرامته، وراح يقول بصوت آمر:.

هاتها يا عسكرى ورايا على مكتبي
أستفاقت على الصوت الذي تعرفه جيدًا، كأنه طبول تعلن بدأ الحرب من جديد، نهضت دون نطق كلمة وسارت خلفه بهدوء، حتى وصلوا امام مكتبه ودلف ثم أشار للعسكرى بالانتظار، سارت مها معه للداخل ثم اغلق الباب، وعاد يجلس لمقعده الوتير بأريحية، ووجهة الصارم هادئ وساكن ولكن هدوء مخيف، اشار لها بالجلوس قائلاً بجدية:
اقعدى يا مها، اطلب لك ليمون؟

هزت رأسها نافية ونظرها مسلط على حذائها كأنها تتأكد منه، ولكنها لا تقوى على رفع رأسها ومواجهة انظاره القوية..
مش انت إلى قتلتي حسن يا مها
هتف احمد بتلك الكلمات بهدوء حذر ونظرات مترقبة لرد فعلها..
عقدت حاجبيها بدهشة شديدة، ماذا يقول، لقد قتلته بيدها، إندفعت لتأخذ ثأرها، ولكنه بكلماته الهادئه كالصخر حطم موجتها الفرحة لأنتقامها، رفعت ناظريها لتقابل عيناه المتفحصة، نهضت ثم صاحت فيه بأهتياج:.

انا قتلته بأيدى وشوفت دمه، ازاى بقا
جز على أسنانه بغيظ مكبوت، ثم أجفل بجدية يحدجها بصرامة:
كان ميت قبل ما تضربيه بالسكينة يا مها
شهقت بصدمة، ووضعت يدها على فاهها بحركة مباغته، ثم هزت رأسها نافية وعادت تقول بهيستريا:
لا لا مستحييييل.

وفي تلك اللحظة، ارادت ان تستسلم، تعود لحريتها مجددًا، تستسلم من قناع الحب والقوة وتخرج من الحفرة العميقة التي سقطت فيها مؤخرًا، تمسك بيده التي لمحتها تود مساعدتها، ابتسمت بهيستريا، وقد لاحت فكرة شيطانية على عقلها لتقول بتهكم:
وانت بتقولي كونك ظابط، ولا كونك احمد إلى عايز يثبت لي اني هافضل فاشلة حتى ف انتقامي!

نهض وقد ظهر الغضب والغيظ على محياه، وتشنجت عضلات وجهه، ثم اقترب منها وامسكها من ذراعيها بقوة ضاغطًا عليها بقوة آلمتها، ليتابع بصياح وتصميم قائلاً:
لا كونى هبقي جوزك يا مدام.

تسير بملابسها التي تظهر مفاتن جسدها كعادتها، تقدم قدم وتؤخر الاخرى، في احدى الشوارع الجانبية الهادئة، يسودها الظلام الدامس، تتراقص بخطواتها على إيقاع الخطر دون ان تشعر، والإبتسامة السعيدة المنتصرة تزين وجهها الأبيض بفعل مساحيق التجميل، بتر حبل أمنياتها وآمالها شخص ما من الخلف يكممها، لتقع مغشيًا عليها بين ذراعيه المفتولتان، وما كان منه الا نظرة شامتة وأبتسامة ساخرة، وهو يقترب بها ويضعها في احدى السيارات السوداء الكبيرة في الخلف، ليركب هو بسرعة متلفتًا ليتأكد من هدوء المكان، ثم ادار المقود متجهًا لحيث اراد.

تقف امام الشرفة المطلة على احدى الحدائق المجاورة للمستشفي، الزهور المتفتحة الخضراء التي تعطي شكلاً مبهج للحديقة، ترى انعكاس اشكالها على الحائط، تتفقده بشرود وكأنها لا تجد من تنظر له سواه، خصلات شعرها البني الكستنائى ثائرة على جبينها كحالة اعتراض منها على إبتعادها عن معشوقها، راحت تتخيل ما تمنته حقيقة يومًا ما، وهو معها تغمرهم حالة سعادة بطفلهما القادم، ولكن ليس كل ما نتمناه حقيقة.

طرقات خافتة تكاد تسمع على الباب، قطعت احلامها الوردية، ابتسمت ثم اذنت للطارق قائلة بحبور:
اتفضل يا محسن
هكذا هي ظنت، انفتح الباب على مصرعيه ليدلف عمر بهيئته المهندمة، وعطره المميز الذي عطر انفها برائحته على الفَور وبيده باقة من الزهور الحمراء، يزين ثغره ابتسامة عاشقة، ليهمس بأسمًا اطال غيابه على اذنيها:
شهدى، وحشتيني اووى.


look/images/icons/i1.gif رواية مواجهة الأسد إستسلام غير معهود
  07-01-2022 01:26 صباحاً   [48]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والأربعون

نبض قلبها بعنف وأصبح يتراقص على أنغام الصوت الذي اشتاق له منذ زمن، ومن دون أن يشعر سقي الزهور التي لطالما انتظرت ساقيها، وبردت أطرافها من الصدمة، وقالت بفاه فاغرًا وحدقتين متسعتين لتظهر جمال عينيها البنية التي ملؤها ذاك الشعاع الحزين مؤخرًا:
هو انت!
كأنها عادت تسأله لتؤكد لعيناها ما رأته، بينما اقترب منها ولم تزول ابتسامته العاشقة، ثم اجابها ببساطة:
ايوة انا يا شهدى، عمر حبيبك.

كلمته كانت كالسكين الذي عاد ينغرز في جرحها بقسوة، وقد ساندته صورته في أحضان تلك الفتاة، فصاحت فيه بقوة:
اخرج برة مش عايزة اشوفك
هز رأسه نافيًا، وعاود ذلك التصميم في الظهور في عيناه السوداء مجددًا، ومن ثم أكمَل بأصرار غريب:
المرة دى مش هخرج مهما قولتي
أصراره نجح في مهمته ولمس الوتر الحساس لديها، جاهدت بصعوبة للعودة لجديتها مرة اخرى وهي تقول:
عمر لو سمحت عشان خاطر اى حاجة امشي من هنا.

اصبح امامها تمامًا، يحدقها بعيناه القَوية ونظراته التي اذابتها، ثم اقترب من اذنيها ليهمس بالدليل القاطع لتصميمه:
وحياة ابننا إلى جاى ما هأسيبك
سارت رعشة كالكهرباء في جسدها، من همسه القريب الذي سكر روحها، ثم تنهدت بضيق وغضب معًا متسائلة:
مين قالك؟
نظر للسقف قاطبًا جبينه بتفكير مصطنع، وبدأت الأبتسامة في الظهور على ثغره مجددًا، ثم اردف مشاكسًا:
العصفوورة بتاعتي.

تأففت بغيظ من مزحه الذي لم يحين وقته بعد، ثم نظرت له بحدة وهي تشير بإصبعها في وجهه، واستطردت بجدية:
ملكش دعوة بيه، ده ابني لوحدى
رفع حاجبه الأيسر بتعجب مرح، ومن ثم أضاف ليقلل من حدة الموقف بخبث:
ابنك لوحدك، وده جبتيه ازاى ده يا شهدى بقا؟
توردت وجنتاها خجلاً لتصبح ك لون الدماء، ونظرت للأسفل، نجح فيما أراده وأمتع عيناه بزهور وجنتاها الخجولة، ليرفع وجهها بطرف إصبعه ويتابع بحنان:.

مكنتيش عايزانى اعرف، كنتى عايزة تفرحي بأبننا لوحدك.

تلقلقت الدموع في عيناها على الفور، فقك تخطي كل المواجهات الجادة، ليدلف لأحلامها الوردية، واعدًا إياها بتحقيقها معًا، أمسك وجهها بين كفيه لينظر في عيناها ويرى إنعكاس صورته فيها، وتلك اللمعة بالدموع التي احزنته ولو لوهلة، لم يمنع نفسه من اخذها بأحضانه، يدفنها في أرضه الخاصة ليمنعها من الهرب، ويظل آسرها الوحيد والأبدى، أجهشت بالبكاء الذي منعته لفترة ولم تستطع الصمود امامه اكثر، ظل يربت على شعرها الذهبي بحزن قائلاً:.

انا اسف يا شهدى، سامحيني
دون أن يقصد قطع حالة الحنان التي غمرتها بمقص بَارد، لتعاودها كل اللحظات التي جاهدت لنسيانها، تشنجت قسمات وجهها وهي تصيح فيه بحدة:
اسامحك على اية ولا اية، اسامحك على ابنك إلى جه بالغصب ولا اسامحك على خيانتك ليا
نظر للأرض بخزى من فعلته، هو يعرف مدى عمق جراحها منه، ولكن عند تلك الكلمات نظر لها بقوة وسارع مبررًا بصدق:.

لا لا والله ما خونتك يا شهد، انا مقدرش اعمل كدة اصلاً، اذ كان انا كنت ف جنة، هأسيبها واروح للنار برجلي
أبتسمت ابتسامة صغيرة ساخرة، وترمقه بنظرات مكذبة، ثم تقدمت للأمام بخطوات واثقة، ومن ثم اردفت بتهكم:
لا بجد، يعني الصور بتكذب والي بعتها بيكذب وانت صادق!

اقترب منها بكتفيه العريضتين، ونظرات اشعلتها بكلماتها، معلنة عن بدأ إندلاع ثورة حَارة، قد تكون مليئة بالخسائر، وأمسك بكتفيها مثبتًا ناظريه عليها، ومن ثم قال بجدية:
اقسملك بالله اني كنت قاعد معاهم بس وماحستش بنفسي وبعدها مش فاكر اى حاجة، بس إلى متأكد منه انى استحالة اكون خونتك
وضع يده فجأة بحركة مباغته بجوار بطنها، ليثبت لها بأغلي شيئ قد صار له:.

وحياة ابننا إلى لسة ماجاش وبتمناه من الدنيا، انا مش فاكر، بس لا لا استحالة اكون خونتك، انا مقدرش ألمس واحدة غير حبيبتي
وترتها نظراته المثبتة عليها، لم تعرف لما تربكها وتؤثر فيها لهذه الدرجة برغم ما فعله، كلما ترتدى هذا القناع الجامد، يأتي في ثوانٍ ليزيحه عنها بكلماته ونظراته، زاغت بنظراتها في انحاء الغرفة، وحركت شفتاها بصعوبة قائلة:
بس قدرت، وللأسف مش هقدر اكمل مع واحد ضعيف.

بدأت تستعيد وعيها تدريجيًا، ليشرق جفنيها بتثاقل، وتظهر شمسها البنية الهادئة، تشعر بالتثاقل في رأسها، وألم رهيب، بدأت تتململ على الأريكة بضعف، لتحاول العودة لواقعها الملموس، بينما كان عبدالرحمن يجلس على الكرسي المجاور للأريكة، ولم تهدأ قسمات وجهه من القلق والتوتر، نظرات السيدة التي يفترض أن تكون والدتها تقلقه اكثر، بينما كانت والدتها تنظر له بتمحص، ونظراتها تحمل جميع معاني الكره، كالذئب الجائع الذي يريد إلتهام فريسته بأنتقام ولكنه مقيد بضغطه يداه..

سألته بنبرة غليظة وهي تنهض:
انت هتفضل قاعد لنا كدة كتير؟
نجح في تمثل البرود لفترة طويلة، بالرغم من اندلاع نيران البراكين الملتهبة بداخله، فأجابها بعدم فهم مصطنع:
مش فاهم يعني عايزة اية يا حماتي؟
جزت على أسنانها بغيظ تكاد تفتك به لولا نداء رضوى بصوت واهن:
ماماااا
اقترب منها عبدالرحمن بلهفة ثم والدتها، ومن ثم قال بخوف يشوبه الفرح:
انتي كويسة يا رضوى؟

بدأت الصورة توضح امامها ببطئ، لتراه امامها، وعيناها تدقق قسمات وجهه وبعض الخطوط المتعرجة التي لاحظتها على ملامح وجهه الوسيم، من كثرة اقترابه غير واعٍ بنفسه، إبتلعت ريقها بصعوبة و بخجل ومن ثم وجهت نظراتها لوالدتها قائلة بخفوت:
ماما لو سمحتي عايزة أشرب مياه
لوت شفتاها بعدم رضا، واومأت موافقة، ثم تابعت بأمتغاض:
حاضر ياختي حاضر.

أبتسم عبدالرحمن على حركتها، أرادة الحديث معه دون تدخل والدتها الحاد وكلامتها اللاذعة، تراجع للخلف قليلًا بحرج، وكرر سؤاله على مسامعها:
انتي كويسة دلوقتي يا رضوى، حاسه بأية؟
اومأت وهمست بهدوء: ايوة كويسة
حاولت النهوض لوضعية الجلوس بصعوبة، وبدأت في تهدأة انفاسها اللاهثة من اضطراب ضربات قلبها ورفعت ناظريها له لتقابل نظراته المتلهفة، فسألته بسكين حاد اصابه في منتصف قلبه بقوة:
انت مييين؟!

نعم، انت واعي انت بتقول اية يا احمد
هتفت مها بها ساخرة، وترمقه بنظرات غير مصدقة، محاولته للعودة لها مرة اخرى، اعادتها للحياة التي غادرتها بيأس، ولكنها ترغب في التأكد أن اليد التي امتدت لمساعدتها من حديد، وليست من حرير لتنكسر بسهولة مرة اخرى، بينما يقف امامها بشموخه المعتاد، ثم اغمض عيناه بتنهيدة طويلة وعميق، واجابها بتأكيد قائلاً:
ايوة واعي، ولسة عايزك يا مها بالرغم من ده كله.

هوت على الكرسي الخشبي ليتخبط جسدها فيه بقوة، والندم يتملكها، اضاعت من يدها شيئ ثمين لن يعوض، يريدها بشدة، لتذهب للتقليد، كم كانت غبية حقًا، حرمت طفلها من والده كل هذه الفترة بسبب حماقتها، وكأنه استطاع ان يستشف ما يدور بعقلها الان، فأكمل بأبتسامة حالمة:
خلينا نكمل باقي حياتنا مع بعض، ندى ابننا الحنان إلى افتقده، ونعوض إلى فات يا مها، كفاية بعد بقا.

يراودها الشعور بالخزي والخجل من كلماته، على الرغم من ان امانيها تحققت، الا انها تعريها لتظهر امامها حقيقتها الملموسة البشعة، والتي حاولت أن تتناساها بكل الطرق، بينما كان أحمد يعرف آثر كلماته عليها جيدًا، ولكن هل مازالت تفكر للموافقة؟!، وإن يكن، لتفكر اذًا، في النهاية هي له وحده، اقترب منها يتنحنح بهدوء حذر:
تقريبًا انتي هاتخرجي بكرة او بعده بالكتير، الأدلة بقت في ايدنا ناقص اعتراف صاحب حسن بس.

اومأت بهدوء جاهدت لإظهاره، ذكر أسمه يعكر صفو موجتها السعيدة، استطرد بفرحة داخلية:
الحمدلله، بجد مش مصدقة يا احمد
بادلها الإبتسامة السعيدة مرددًا بأرتياح:
ولا انا مصدق يا مها
ولكن سرعان ما أختفت وهو يقول بهدوء:
بس في حاجة لازم تعرفيها الاول يا مها
نظرت له متسائلة بتوجس:
خير يا احمد في اية؟
أنتقل بنظراته للباب كأنه ينتظر شخصًا ما، ثم هتف بالقنبلة التي فجرها لتوه:
بس انا اتجوزت واحدة تانية.

تجلس على احدى الكراسي الخشبية الصغيرة والقديمة ومليئ بالأتربة، مكان يبدو أنه مهجور، لا يسمع به اى صوت سوى همسات الجو الهادئة التي تلفح وجهها بقوة، يدها مربوطة بالكرسي بأحبال متينة يصعب فكها، وفاهها مكبل بأحدى قطع الاقمشة القطنية، الكحل ساح تحت عيناها ليعطيها مظهر مرعب بدلاً من جمالها القارص، كانت تصدر همهمات خافتة مرتعدة، لتجد من يقترب منها بخطوات واثقة ويصيح فيها ببرود قائلاً:.

هاا فوقتي يا لوزتى ولا لسة؟!
إبتلعت ريقها بخوف، وازداد الرعب بداخلها من معرفته اسمها، اذًا هذا ليس مجرد خاطف عاديًا، حاولت بناء بعض الحصون الجادة:
انت عايز ايييية؟
وضع يداه خلف ظهره يتفحصها بنظرات ذات مغزى، ومن ثم أجابها بلامبالاة:
انا مش عايز منك اى حاجة، عايزك بس تقولي مين إلى قالك تعملي حركاتك على عمر وتصوريه معاكي.

الان فقط فهمت كل شيئ، آآه من تلك الاموال التي جاءت لها في مقابل هذه المهمة التي تكاد تودى بحياتها للجحيم، قالت لنفسها هكذا قبل أن تتابع بعدم فهم مصطنع قائلة:
عمر مين وحركات اية، انا مش عارفة انت بتتكلم عن اية
جذبها بعنف من شعرها وقد اخرجت الجزء القاسٍ من داخله وزمجر فيها غاضبًا:
انتي هاتستعبطي يابت، انطقي بدل ما اخليكي تتحسرى على جمالك ده.

ارتعدت اوصالها من تهديده، فالشيئ الوحيد الذي تمتلكه هو هذا الجمال، إن فقدته ستنتهي حتمًا، تهتهت بهلع:
هأقولك على كل حاجة بس سيبني.

يسير بخطوات مسرعة أشبه للركض، وقد تصبب عرقًا، متجهًا لغرفة شهد، ليخبرها ما قد توصل له، والذي لن يعجبها حتمًا، بس احتمال أن يزيد حالتها سوءً، ما عرفه كان كالقشة على ظهر البعير لتجعله ينطلق فورًا كالسهم ليخبرهم..

مد يده للمقبض بسرعة ليدلف، لتقع انظاره على شهد التي كانت مسطحة على الفراش وعمر بجوارها، تكاد تغلق عيناها، لم يمهلهم الفرصة ليتعجبوا من دخوله المفاجئ ومظهره، ولكن سارع عمر في السؤال بتوجس:
في اية مالك يا محسن؟
أشار له بيده محاولاً التعبير، واخذ يلتقط أنفاسه بصعوبة قائلاً:.

لازم نسافر البلد حالاً، ابوى كتب في وصيته ان شهد لازم تتجوز واد خالها عشان تاخد ورثها، وخالانها ماسكتينش جالبين البلد عليها عشان يجوزوها لولدهم وينفذوا الوصية.

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 7 من 31 < 1 13 14 15 16 17 18 19 31 > الأخيرة





الكلمات الدلالية
رواية ، مواجهة ، الأسد ، إستسلام ، معهود ،











الساعة الآن 08:20 AM