رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والثلاثون
قد يغرق المخطئ في موجه اخطاؤه، ويستنجد بأى شخص للهرب ويتملكه الندم فيما فعل ولكن، لن يجدى الندم شيئ الان.. حك الضابط طرف ذقنه بأصبعه وهو مسلط نظره على صديق حسن الذي أصفر وجهه واصبحت انفاسه في صورة مرتبكة واضحة، ثم قال بعد صمته بهدوء حذر.. أسمها وعنوانها بسرعة، وانت ماتمشيش.
علم أن الامر لم يعد بيده، تقدم الشرطي بأشارة من الضابط وقد أملاه اسم مها الكامل وعنوانها، ومعهم اذن بالقبض عليها، إتجه بعض رجال الشرطة لجلب مها للتحقيق معها.. نظر الضابط له مرة اخرى ثم هتف بتساؤل حاد لرؤيته نظرات الخوف في اعينه قائلاً.. انت بقا اية إلى شكك في مها دى؟ إبتلع ريقه بخوف وشعر أن لسانه لُجم ولن يستطع الكلام ثم أخرج الكلمات من بين شفتاه بصعوبة قائلاً..
اصل يعني آآ حسن كان قعد معايا قبل ما يموت وحكالي عنها ومفيش غيرها ممكن يستفاد من موته امأ الضابط بهدوء، لم يقتنع بما قاله، هناك نقطة مفقودة، استدار وهو يجوب بنظره في المكان ثم إتجه للأسفل بخطوات هادئة و تابع بصوت آمر.. تعالي ورايا، هاته يا عسكرى ع البوكس هنا وقع قلبه ارضًا ونظر للعسكرى الذي يقترب منه برعب حقيقي، واصبح يصيح بخوف قائلاً.. ليه يا باشا، وانا مالي اناا يا باشا.
الضابط بجمود: هنحتاجك في باقي التحقيقات طبعا اجابه بتوتر: طب آآ ممكن اجي لحضرتك بس اغير هدمتي واخد حاجة صاحبي ليس بضابط غبي ليصدق ما قاله او يقتنع به بسهولة، لقد مر عليه الكثير من الاشخاص مثله واصبح ممتاز في التعامل معاهم بشكل خاص.. أكمل صيحته بحدة قائلاً.. سيبوني انتوا مسكني كأني عامل جريمة كدة ليه، سيبني بقولك.
لم يرد عليه الضابط او الشرطي وإنما اكتفي بأشارة من يده بمعني اصمت، سيطرت عليه حالة من الهلع والرعب لما سيحدث واصبح يصيح بهيستريا وهو يحاول انتزاع يده من العسكرى ولكن دون جدوى كأنه يحدث انسان آلي..!
واحيانًا كثيرة تأتي بعض الاشياء لتعكر صفو الحياة، ونشعر اننا غير مقدر لنا السعادة في هذه الحياة الجامدة، ونشعر أن القدر يعاندنا ولكن قد تكون السعادة مختبئة لنا لحين وقتها الصحيح لتخرج وتهلل اساريرنا في وقت ما، ولكن معًا...
صُدمت وظلت مكانها وقد تبلد جسدها، بينما هوت والدتها على الكرسي بصدمة تامة لا تختلف كثيرًا عن صدمة رضوى بل اسوء، فهي من اساءت تربية ابنتها، هي من تركت لها الساحة مفتوحة وشددت على رضوى التي لم تخطأ في حقها ولو ليومًا واحدًا، ولكن هل يجدى الندم والتحسر شيئ الان!، لا يبدو كذلك، فمن المستحيل أن يكون من اتقي الله دائما في كل خطوة مثل من فعل المحرمات بتبرير، الحب!
تنحنح الطبيب بحرج وقد شعر ان هناك خطبًا ما، ثم تابع بأنسحاب قائلاً.. طب استأذنكوا انا بقا يا جماعة حاولت استجماع شتات نفسها المبعثرة اثر صدمتها وخرجت الكلمات منها بصعوبة وهي تقول بوهن.. ايوة طبعا اتفضل، اسفين عطلنا حضرتك يا دكتور.
هز رأسه نافيًا ثم لملم اشياءه واتجه للخارج ليغادر تاركًا اياهم مازالوا يحاولوا استيعاب ما سمعوه للتو، بينما كانت رضوى تصرخ بداخلها، لماذا، لماذا يعاندها القدر دائمًا، كورت قبضة يدها كنوع من محاولة تنفيث الغضب، ثم اغمضت عيناها مرددة بحزن.. استغفر الله، استغفر الله العظيم، لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين.
لم تنطق والدتها بحرف حتى، كانت تعابير وجهها كافية للتعبير عن مدى صدمتها، حزنها، ندمها، مشاعر كثيرة مختلطة ضاربتها كالموجه القوية، ولم تشعر بنفسها إلا وهي تنهض وتتجه لمها وتضربها على وجهها بعنف قائلة بغضب.. قومي، قومي يابنتي يا كبيرة يا عاقلة، قوووومي يلا قومي كلميني.
نهضت مها بهلع وهي تنظر لوالدتها برعب، مازالت بعقلها إلى حدًا ما ولم تفقد كامل قواها العقلية، اصبحت ترتجف وهي ترى والدتها هكذا ولأول مرة وتتذكر شكل حسن وهو جثه هامدة غارقًا في دماؤوه، اصبحت والدتها تضربها بقسوة في جميع انحاء انحاء جسدها، ومها لا تتفوه بشيئ ما سوى جملة.. قتلته وخدت حقي، مش مهم اى حاجة تاني، المهم اني قتلته، قتلته خلاص اصبحت والدتها تلطم بخيبة وهي تصيح بجنون قائلة..
يالهوى، يا مرارى، حامل، وقتلتي، قتلتي مين يابت انطقي كانت رضوى تقف متسمرة مكانها لا تفعل اى شيئ، ربما لأنها شعرت ان مها بحاجة لهذا التوبيخ والضرب ولكنه قد يكون متأخرًا جدًا.. لم ترد عليها مها وإنما ظلت تضحك بسخرية مما اثار دهشتهم، شعروا انها جنت بالفعل، ازداد غيظ والدتها وامسكت من شعرها وهي تنهرها بقسوة.. مين دة إلى انتي حامل منه، ومين إلى قتلتيه انطقي يابت.
علمت رضوى أن لا فائدة من هذا الان، حاولت إبعاد والدتها عن مها، وبعد صعوبة تمكنت من فصلهم عن بعض، وتنفست الصعداء، ثم جلست بجوار مها وهي تربت على كتفها بحنان قائلة.. مها حبيبتي، احكي لي كل حاجة عشان اقدر اساعدك يا مها، قولي يلا لم ترد عليها مها وانما ظلت محدقة بالفراغ وتردد نفس جملتها المتشفية، لم تمر دقيقتان وطُرق الباب، فنهضت رضوى بتأفف وفتحت الباب، صُدمت من تواجد العسكرى ثم هتفت بخفوت قائلة..
خير يا فندم؟ اجابها بجدية وبعض الحدة: انتي مها رشوان؟ وقع قلبها ارضًا من الخوف، اذا الامر متعلق بمها، ولكن هل، هل علمت الشرطة أنها قتلت من قتلته قبل ان يعرفوا هما حتى، اصبح صوت انفاسها مضطرب ثم سألته بتوجس قائلة.. ل آآ لا بس أ آآ أنا اختها، ليه مطلوبة للتحقيق معاها في قضية قتل.
شهقت رضوى حينها دون إرادة منها ووضعت يدها على فاهها وهي ترمقه بنظرات مصدومة، لطالما عرفت أن مها ترتكب الكثير من الاخطاء، ولكن هل وصلت للقتل، القتل يعني، الإعدام، للحظة تخيلت اختها وقد تم الحكم عليها بالإعدام فتلقلقت الدموع في عيناها، هزت رأسها وكأنها تنفض تلك الافكار من رأسها، وأستفاقت على صوت العسكرى وهو يقول بصوت آمر.. يلا يا ست ناديها عشان ماجبهاش انا إجبارى.
اصبحت تهز رأسها نافية بخوف ثم استدارت ودلفت مرة اخرى ونظرت لوالدتها ولمها التي لم تفيق من حالتها بعد، نظرت لها والدتها بقلق ثم اردفت بتساؤل وخوف قائلة.. في اية يا رضوى ميين؟ رضوى بدموع: دة آآ دة العسكرى عايز آآ عايز مها عشان يحققوا معاها في قضية قتل.
هزت رأسها نافية بصدمة، بينما مها لم يظهر أى تعبير رد فعل على ملامحها، بينما نهضت مها والإبتسامة على وجهها واتجهت للخارج، رأها العسكرى وسألها مرة اخرى فأومأت بكل بساطة ونزل ومعه مها بإتجاه القسم...!
في منزل عمر،.
كانت شهد تقف لتحضر طعام لهم في المطبخ المجاور للتلفاز الذي يجلس امامه عمر يشاهد احدى الافلام، ولكنه يبدو أنه يحاول ان يرى شهد وليس الفيلم، بينما كانت هي تتأفف بين الحين والاخر، ومشهد مصطفى ثم احتضان عمر للفتاة يطاردونها، نزلت خصلة ثائرة من شعرها على جبينها، وكانت يدها في الطعام، تأففت بضيق شديد ولم تستطع ابعادها، فجأة وجدت عمر يبعدها عن عيناها ليندر في عيناها بحب واضح، بمجرد أن لمست يده جبينها قشعر جسدها، نظراته الغاضبة، المتألمة، اللوامة امام نظراتها الحزينة، المكسورة، ظل ينظر لها بتعمق وألم كأنه يلومها على معاملتها تلك له، استدركت نفسها سريعًا واستدارت وهي تحاول تنظيم انفاسها المضطربة بصعوبة بينما لام عمر نفسه على اقترابه منها، فمازال يضعف امامها دائمًا، تنحنح بحرج قائلاً..
آآ احم يعني آآ هو انتِ خلصتي؟ هزت رأسها نافية ولم تنظر له حتى، ثم حاولت إظهار الجمود في نبرة صوتها قائلة بعدما استدارت لتنظر له.. لأ، وبعدين انت جاى هنا ليه، انا كنت هأخلص واقولك تعالي خد اكلك كانت عيناها تقول عكس ذلك تمامًا، شفتاها تنطق بجمود بينما عيناها وقلبها يطلبوا القرب منه، لم تكن تلك شهد التي تعرف عليها ابدًا، هز رأسه ثم تابع بأستنكار.. اخد اكلي!
امأت شهد ببرود ثم عقدت ساعديها قائلة بصوت قاتم.. ايوة، اصل انت هتاكل لوحدك وانا لوحدى يا استاذ عمر.
ظل محدق بها دون أن ينطق بكلمة اخرى، ليدوى صوت انفاسهم المختنقة فقط، كان صمته وكأنه يعبر عن مدى اعتراضه وغضبه على ما تقوله، بينما ذابت هي في نظراته ولم تشعر كم دقيقة مرت عليهم وهم كذلك، لمح لمعة الدموع في عيناها البنية، شعر كأن عيناها تجذبه لها، اقترب منها ببطئ وأحتضنها بحب جارف، حاولت إبعاده في البداية ولكنه لم يبتعد، استسلمت واحتضنته، وشدد هو على قبضته لدرجة انها شعرت ان ضلوعها ستختلع بين يداه، فجأة ظلت تبكي بكاء حاد وتنحب، ابعدها عنه برفق ونظر لها ثم سألها بلهفة قائلاً..
مالك يا شهد، احكى لي عشان خاطرى في اية انتي مش طبيعية تمعنت النظر له وللهفة التي رأتها في عيناه، يستحيل أن يخونها ويحب اخرى، لقد رأت اللهفة الحقيقية في عيناه السوداوتين، استطردت من بين شهقاتها قائلة بحزن.. بابا وحشني اوى يا عمر، بقالي كتير ماشفتوش، وحتى قبل ما يموت ملحقتش اشوفه، كأن ربنا بيعاقبني عشان عصيته، مات وهو غضبان عليا وزعلان مني يا عمر.
هنا سقطت على الأرض وهي تشهق شهقات متتالية، ومع كل صوت يصدر منها يتقطع عمر عليها، نزل لمستواها ومسح دموعها بيده وهو يقول بحنان.. دة مقدر ومكتوب يا شهد، ادعي له كتير اكيد هو محتاج للدعاء دة دلوقتي، ثم انه بيحبك جدا ومتأكد انه كان غضبان بس من برة لكن من جواه زعلان عشان انتي بعيدة عنه.
رمقته بنظرات هادئة، متعجبة، اما كان هذا الذي كان يحتضن الفتاة، ولكنه قال شهد، هذا يعني أنه لم ينسي ما قلته له حينها، يا الله.. هكذا حدثت نفسها قبل ان تنهض ومازالت مثبته ناظريها على عيناه تتمعقهم، تبحث فيهم عن كذب، خداع، شفقة، ولكن لم تجد ابدًا، وكأن نظراتها كانت دعوة صريحة منها ليقترب منها ببطئ وفجأة يلتهم شفتاها بشغف، وحنان، وحب، لتمتزج أنفاسهم اللاهثة والمشتاقة معًا وتكون عاصفة حب قوية..
فجأة دوت جملتها في اذنيه وتذكر نفورها ونظراتها، ابتعد عنها فجأة ونهض، وكان وجهه خالي من اى تعبير، اتجه للخارج دون ان يتفوه، ولم تعترض هي، كانت تعلم انها ستتحمل عواقب ما فعلته وربما لمدة طويلة.. نهضت وأكملت ما كانت تفعله وحاولت ان تظهر وكأن شيئ لم يكن، بينما جلس عمر على الأريكة في الخارج يتذكر هذه الدقائق التي مرت، اصدر انينًا خافتًا بحزن، كم يشتاق لها، يود ان يدخلها بين ضلوعه ولا تخرج ابدًا..
أعلن هاتفه عن إتصال، فأخرج هاتفه من جيب بنطاله واجاب ببرود قائلاً.. اممممم ... خير اية المطلوب؟ ... طيب هأفكر عشان دة مش سهل ... خلاص تمام ماشي ... النهاردة! ... ماشي يلا سلام ... اغلق الهاتف ونظر على المطبخ بشرود، ثم تنهد تنهيدة حارة تحمل الكثير ونهض، وكانت شهد تسمع حديثه واثار فضولها ما كان يقوله، اتجه عمر للخارج ولكن ركضت شهد واوقفته قائلة بتساؤل.. رايح فين يا عمر؟
رفع اكتافه بلامبالاة ثم اردف ببرود مصطنع قائلاً.. يهمك كتير يعني؟ اومأت شهد بتأكيد وقلبها ينبض بعنف كرسالة يخبرها فيها أن لا تجعله يبتعد، وكأنه يشعر بما سيحدث، بينما أكمل عمر بصوت اجش قائلاً.. رايح شغل عقدت حاجبيها بضيق ثم اقترب منه وهي تقول بنبرة غليظة.. تاني الشغل دة يا عمر، بردو مابتحرمش اكمل سيره للخارج وكأنها شفافة لا تحدثه وفتح الباب ثم التفت ونظر لها بهدوء ثم هتف بتردد قائلاً..
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل التاسع والثلاثون
الظن، ظن السوء شيئ مؤسف، وحسن الظن شيئ ضرورى في هذه الحياة، ويندم الشخص على سوء نيته ويحاول ربط الخيوط التي تفككت مؤخرًا بسببه ولكن، هل سيستطيع! حدقت به بصدمة وكأنه سكب كوبًا من الثلج عليها، كاد يخرج من المنزل بكل برود لتهتف هي بصدمة جلية قائلة.. واحدة مين وازاى هاتجيبها هنا! مطت شفتاه بلامبالاة مصطنعة ثم اجابها بصوت قاتم قائلاً.. هاتعرفي لما تيجي، سلام.
إتجه للخارج، واصبحت هي تحملق بدهشة، مهما فعل لا يمكن أن تجعله يعمل هذا العمل مرة اخرى، اصبح قلبها ينبض بعنف كأنها رسالة يأمرها ان تلحق به.. بالفعل ركضت لتلحق به ثم نادت بأسمه بصوت عالٍ قائلة.. عمر، استني عشان خاطرى آآه على الأشتياق والضعف، شيئًا لم يكن بيده ابدًا، قلبه بخفق بكل قوته وتخور قواه على الفور بمجرد ذكر اسمه من بين شفتاها، اغمض عيناه ليسترجع بروده مرة اخرى مرددًا ببرود مصطنع..
نعم، عايزة اية يا شهد اجابته بقوة وإصرار ظهر في عيناها.. مينفعش تروح الشغل دة تاني يا عمر، افهم بقاا مينفعش عمر بجدية: ملكيش دعوة انتي بالموضوع دة اصلاً هزت رأسها نافيًة ثم عضت على شفتاها السفلية بحسرة وأردفت برجاء قائلة.. عمر لو لسة ليا خاطر عندك بلاش تروح جز على أسنانه بغيظ، إلى متي سيضعف امامها هكذا، زفر بضيق شديد وهو يمسح على شعره الأسود الغزير ثم قال وهو يتجه للخارج بخطوات مسرعة..
لازم اروح يا شهد لازم المرة دى ربما هرب حتى لا يضعف امامها ويستسلم، بينما هوت هي على الأريكة بخيبة امل، لم تستطع التأثير عليه ولو للحظة، ولكن هي من فعلت ذلك، هي من وضعت الحكم دون ان تسأل المتهم حتى، شعرت بنغزة مؤلمة في قلبها.. ولكن عزمت أن تسأله عن كل ما رأته بمجرد ان يعود ومهما كانت اجابته ستتحملها...!
قلق عبدالرحمن من عدم رد رضوى على هاتفها منذ ساعتان او ساعة تقريبًا، انتهي من ارتداء ملابسه وهندمة نفسه ثم إتجه لمنزل رضوى على الفور، نَزل من سيارة الأجرة واخرج بعض الاموال ثم اعطاها للسائق، نظر على البناية ثم تنهد وهو يتجه للأعلي ليجد الشرطي يسير بجوار مها وهي تركب سيارة الشرطة..!
صُعق من مظهر مها، وسار بخطوات اسرع متقدمًا منها ليجد رضوى تركض خلفها ودموعها تنهمر على وجنتاها، وصل امامهم ثم نظر لهم بلهفة قائلاً.. في اية يا رضوى، ومها؟ هتفت رضوى من بين شهقاتها وهي تشير على مها والشرطة قائلة.. الحقها يا عبدالرحمن، اتأكد انهم بوليس وخلينا نروح وراهم تفهم عبدالرحمن انه لا وقت للتساؤل الان، المهم ان ينفذ ما طلبته على الفور، ركض بإتجاه مها والعسكرى وهو يقول بجدية..
احنا هانيجي معاكوا عشان نطمن وممكن اشوف الاستدعاء اعطاه ورقة ما وقرأها عبدالرحمن بصدمة ظهرت على محياه واعطاها له مرة اخرى، ذهبت سيارة الشرطة وركض عبدالرحمن بأتجاه رضوى، وشعر بالألم يغزو قلبه من اجلها، من اجل دموعها هذه، ود لو بإمكانه ان يأخذها بأحضانه ليهدأها، افاق من شرودة على صوتها الباكي قائلة.. ارجوك يلا يا عبدالرحمن.
اومأ عبدالرحمن ثم استدار بسرعة واوقف احدى سيارات الاجرة واستقلها هو ورضوى بسرعة متجهين خلف سيارة الشرطة...
بمجرد أن ركبوا ازداد نحيب رضوى، فمهما كان هذه شقيقتها الوحيدة، بينما كانت والدتها في الأعلي تجلس جامدة، لم تنزل منها دمعة واحدة حتى، كأن ذلك اثر الصدمة، موجتها الحنونة السعيدة لسعادة ابنتها رضوى تحطمت عندما اصطدمت بالصخور، هزت رأسها وهي تتنهد بأسف وحسرة ثم نهضت متجهة لغرفة مها، ثم فتحت الدولاب الخاص بها واخرجت ملابسها وصورها وكل ما يخصها ثم اتجهت للمطبخ وجلبت كيس من البلاستيك وعادت للغرفة مرة اخرى ووضعت اشياء مها فيها ثم اتجهت للمطبخ ورمت الكيس في القمامة وهي تقول بجمود..
مكانها هنا، الظاهر معرفتش اربيها طول السنين إلى فاتوا لكن هأربيها الوقت تيته فين ماما يا تيته هتف سيف بتلك الجملة وهو يقف امام المطبخ ويفرك عيناه ومازال النوم مسيطر عليه، ويزم شفتيه بحزن طفولي.. اصدرت انينًا خافتًا بألم بمجرد ان رأته، ماذا سيفعل وحده وماذا سيقولوا له عندما يتكرر سؤاله عن والدته ووالده..! اقتربت منه ثم حملته وهي تحتضنه بحنان ثم قبلت جبينه قائلة بحب..
شوف يا حبيب تيته، ماما في مشوار كدة بس ممكن يكون طويل، بس احنا هانقعد ناكل عقبال ما ماما تيجي، اتفقنا يا سيفوو؟ اومأ سيف برضا طفولي، لتتجه به خارجًا، ربما تفعل ذلك حتى تعوضه عن حنان والدته الذي افتقده وربما سيفقتده لأخر حياته...
في احدى الامكان ليلاً، حيث يدوى صمت الليل وتختفي الشمس بوعد ان تظهر مجددًا ويطل القمر لينير الاماكن المظلمة بنوره الساطع، كان يقف عمر وهو يرتدى الچاكيت الخاص به ويضعه على رأسه ليدارى نصف وجهه تقريبًا وبنطاله الكحلي الغامق، وامامه احدى الرجال يرتدى بنطال اسود جينز وتيشرت نصف كم اسود ومفتول العضلات وبعض الندبات على وجهه الاسمر، كان عمر ينفث سيجاره وهو يقول بشك.. انت متأكد من الكلام دة؟
اومأ بتأكيد وهو يرد بغرور.. عيب عليك يا عمر باشا، انت تسمع إلى بقولهولك من غير ما تتأكد منه كمان ابتسم عمر ابتسامة جانبية ثم هتف ببرود قائلاً.. امممم وماله بردو نظر الرجل يمينه ويساره ثم وجه نظره لعمر مرددًا بسرعة.. طب عايز مني حاجة تاني يا عمر باشا ولا امشي انا خلاص؟ كان عمر ينظر له بشك، وابعد السيجار عن وجهه واردف بغموض قائلاً.. امشي بس يمكن احتاجك تاني.
امأ بسرعة ثم القي التحيه على عمر وسار بخطوات مسرعة خوفًا من ان يراه اى شخص مع عمر، سيكون مضحي بحياته حينها حتمًا.. بينما ظل عمر يفكر في ذلك الرجل وفيما سيفعله حتمًا لاحقًا حتى وإن كان به مخاطرة بحياته...!
في قسم الشرطة، وصل كلاً من مها وعبدالرحمن ورضوى قسم الشرطة المقصود، وابتسامة مها لم تختفي من على ثغرها كأنها ذاهبه لنزهة وليس السجن، كانت تسير كالانسان الالي المبرمج على شيئ ما، ورضوى دموعها تسيل بغزارة وعبدالرحمن يحاول مواساتها بكلامه ولكن بالطبع دون جدوى، وصلوا امام مكتب الضابط ودلف العسكرى مع مها إلى المكتب ثم نظر لهم قائلاً بصوت اجش.. استنوا هنا هأبلغ حضرت الظابط.
اومأ عبدالرحمن موافقًا بهدوء، ثم نظر لرضوى بحنان وتابع بهدوء حذر قائلاً.. رضوى اهدى مينفعش الانهيار دة، مهما حصل اكيد ربنا له حكمة ف كدة اومأت رضوى وهي تحاول إقناع نفسها بهذا الكلام ثم مسحت دموعها بطرف إصبعها، ووجدوا العسكرى يخرج وينظر لهم ثم يشير بيده للداخل قائلاً بفتور.. اتفضلوا الباشا مستنيكم لم ينتظروا كلمة اخرى ودلفوا إلى الداخل بخطوات مسرعة، بينما اغلق العسكرى الباب وهو يتنهد بضيق..
أشار الضابط لرضوى وعبدالرحمن بالجلوس قائلاً بجدية.. اتفضلوا، انتم تقربولها اية؟ انا اختها يا حضرت الظابط هتفت رضوى بتلك الجملة وهي تجلس على الكرسي امام المكتب ونظرها معلق بمها التي يبدو انها اصيبت بالجنون..! اكمل عبدالرحمن بتوضيح قائلاً.. وانا خطيبها، ممكن نفهم في اية اومّأ الضابط ثم اجابه بجدية قائلاً..
في جريمة قتل، وصاحب المجني عليه المقرب بيتهم استاذة مها انها إلى قتلته وبيقول ان المجنى عليه حكي له على الاستاذة، ف احنا عايزين نستجوبها وقعت كلماته كالصاعقة على عبدالرحمن وإتسعت مقلتاه بصدمة واضحة، لم يكن يتوقع أن يصل الامر للقتل، وعلاقة غير شرعية..!
كانت تعلم رضوى اثر كلمات الضابط على عبدالرحمن ولعنت نفسها التي جعلتها تجلبه معها إلى القسم، فركت اصابعها بتوتر، فكرت قليلاً، معني كلامه انه اتهام فقط، لم يكن هناك دليل على مها، نظرت للضابط ثم قالت بخوف حاولت اخفاؤه.. لا طبعًا مستحيل يا حضرت الظابط زفر الضابط ثم اردف موجهًا حديثه لمها بتساؤل قائلاً.. استاذة مها رشوان، اية علاقتك بالمجنى عليه حسن عبدالرحيم؟
ابتسمت مها بسخرية ولكن سرعان ما اختفت بمجرد ان ذُكر اسمه امامها وظهر الكره والشر في عيناه مرددة بشراسة.. نفذت انتقامي منه، وخدت حقي وحق ابني وضعت رضوى وجهها بين يديها، هذا ما كانت تخشي حدوثه، إعتراف مها وهي في حالتها تلك، بينما نظر الضابط لمها مرة اخرى قائلاً بتساؤل.. يعني انتي بتعترفي انك قتلتي حسن؟
لم ترد مها وإنما اصبحت تضحك بسخرية وصوت عالٍ مما اثار شكوك الضابط من قدراتها العقلية، رن الجرس المجاور للمكتب ليدلف العسكرى فيقول بجدية.. خدها على الحجز يا عسكرى، ثم نظر للرجل بجانبه قائلاً وهو ينظر لرضوى وعبدالرحمن.. قررنا حبس المتهمة مها رشوان 4 ايام على زمة التحقيق وعرضها على طبيب نفسي، لحين استلام تقرير الطب الشرعي واكمال التحقيق.
صباح اليوم التالي في منزل عمر، ساور شهد الكثير من الشكوك حول تأخير عمر من الأمس حتى الان، عقلها يثير الشكوك بداخلها اكثر فأى عمل يكون كل هذه المدة، ولكن قلبها يدق وبقوة كرسالة منه ان تنتظره ولا تشك به مرة اخرى وتسأله عندما يصل ومؤكد سيجيبها فهو عمر حبيبها الذي لم تعشق غيره..
تنهدت بقوة وهي ترجع خصلاتها للخلف بتوتر ثم جلست على الأريكة وظلت تفرك يدها وهي تنظر على الباب املاً ان يُطرق ويدلف عمر في اى لحظة..
كأنه يعلم ما تفكر به الان، بالفعل طُرق الباب ولكن لم ينتظر مجيب، دلف عمر واعتقد انها نائمة الان، وفوجئ انها مستيقظة حتى الان، ولكن لم تكن صدمته اكبر من صدمة شهد وهي ترى نفس الفتاة تدلف خلفه بهدوء، اشتعلت النيران بداخلها وظهر بريق لامع مخيف في عيناها، زفر عمر وعلم ان اليوم لن يمر بسلام، فهذه القطة التي احبها لها أظافر وتؤلم، اقتربت شهد منهم ثم نظرت للفتاة بتفحص من اعلي إلى اسفل قائلة بغيظ وتوعد وهي تشير بإصبعها..
رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الأربعون
رمقها عمر بنظرات حادة لتصمت، وبالفعل صمتت شهد وظلت محدقة بالفتاة التي خلفه وهي ترتدى بنطال أسود قطن وليس ضيق وچاكيت جلد من اللون البيج وترتدى طرحة من اللون الأسود والبيج والبينك ولم يختفي مشهد احتضان عمر لها من ذاكرتها ابدًا، اقسمت انها لو استطاعت لتقدمت منها ونزعت عنها حجابها وقطعت لها شعرها، اقتربت من عمر ثم وضعت يدها على كتفه كأنها رسالة لتلك الفتاة لتقول لها أن هذا ملكية خاصة ولها هي فقط لا غيرها..
بينما تنحنح عمر قائلاً بحرج وهو يشير للفتاة.. دى مريم يا شهد ثم أشار ناحية شهد قائلاً بهدوء حذر.. دى شهد مراتي يا مريم تنهدت شهد بإرتياح إلى حدًا ما، فعلي الاقل اظهر انها زوجته، هذا يعني انها شخص عادى، حاولت إنعاش ذاكرتها فهذا الاسم سمعته منه مسبقًا ولكن اين..! أفاقت من شرودها على صوت مريم موجهة حديثها لشهد.. مالك يا شهد، انا ضايقتك ف حاجة؟
هزت رأسها نافية ومازال الغيظ يتملكها ثم قالت وهي تنظر لعمر وهي تضغط على كل حرف.. مين مريم دى يا عمر؟ نظر عمر لمريم ثم أشار لها بالدخول قائلاً بترحاب.. الأول ادخلي يا مريم عشان نعرف نتكلم اومأت ثم دلفوا سويًا بخطوات هادئة على عكس ما بداخل شهد من براكين مشتعلة لو خرجت ستحرق كل من حولها حتمًا، جاهدت نفسها للظهور هادئة، ولكن اكثر من يفهمها ويفهم نظراتها بالطبع عمر.
جلسوا على الأريكة بأريحية ليهتف عمر موجهًا نظره لشهد بتوضيح.. دى ياستي تقدرى تقولي اختي وآآ قاطعته شهد بصدمة جلية على محياها، وقلبها ينبض بعنف خشيتًا مما سيقوله الان، ربما على شكها به، وربما على أنه، لن يسامحها ان علم.. أخذ نفسًا عميقًا ثم زفره على مهل وأمسك بيد شهد قائلاً بهدوء حذر..
اختي ف الرضاعة يعني، بصي هي ادى انا وهند، كنا متربين مع بعض، ووالدتها وامي صحاب اوى وكنا دايمًا مع بعض ورضعنا مع بعض، بس بعد موت والدتي هي تعبت جدا واضطروا انهم يسافروا ومن ساعتها ما شوفتهاش ظلت شهد ترمش عدة مرات فما سمعته ورأته ليس بالهين، ثم همست ومازالت الصدمة سيدة الموقف قائلة.. هي دى إلى شوفناها لما كنا جايين من دفن بابا صح.
اومأ عمر بأستغراب، ولفت نظره الأمر، فكيف شاهدتها في ذاك اليوم، اعتقد انها لم تراهم لذلك لم تسأل، ولكن إن رأت لما لم تسأله عنها، هناك شيئ غير مفهوم! تنهدت مريم وهي تنظر لشهد بهدوء قائلة بحماس.. كنت متحمسة اووى اشوفك يا مرات اخويا من كلام عمر عنك، عرفيني عليكي بقا يا شوشو.
أبتسمت شهد ابتسامة صفراء، ولكنها فشلت إلى حدًا ما فيها، اغمضت عيناها وظلت تستغفر الله على سوء ظنها، وتدعو ان يسامحها عمر ان علم، ولكن هل ستسطيع ربط الخيوط التي تفككت بسببها ام ستظل نادمة اشد الندم على شكها السيئ بزوجها وحبيبها..! جاهدت في إخراج الكلمات من بين شفتاها بصعوبة قائلة بوهن.. انا يا ستي اسمي شهد، 23 سنة وماشية ف 24، ومخلصة كلية إعلام، واصلي من الأقصر، عاوزة تعرفي اية تاني؟
ابتسمت مريم بسعادة ثم قالت بتساؤل.. واتعرفتي على عمر ازاى بقا؟ تنحنحت شهد بإحراج ولم تجيب ثم نظرت لعمر نظرات أستنجاد فهمها عمر على الفور فأردف بصوت أجش.. مريومة، هبقي احكي ليكي كل حاجة بالتفصيل بعدين، يلا قومي نريح شوية الاول وعايز اقعد اتكلم معاكي كتيير.
اومأت مريم بأبتسامة صافية، بينما تنفست شهد الصعداء وهي تضع يدها على قلبها تحاول تهدأته، فالان فقط بدأ يهدأ تدريجيًا بعد تيقن أن احتلاله لقلب عمر لم ينتهي ابدًا.. وإتجهوا سويًا للأعلي بهدوء، ودلفت مريم إلى غرفة الضيوف وإتجه عمر مع شهد إلى غرفتهم، لتبدأ تلك المواجهة الحاتمة، مواجهة الأسد.
في سجن النساء،.
كانت مها تجلس في احدى اركان ( الزنزانة )، تضم ركبتيها إلى صدرها وتنظر للأرضية بشرود، عيناها وجسدها امام الأرضية ولكن عقلها يكاد معدوم نهائيًا، تحملق بالأرضية كأنها شخص يتحداها امامها، ظهرت ابتسامة صغيرة على ثغرها تدريجيًا، وهي تتحسس بطنها بأشتياق، فبرغم عدم إستيعاب كل ما حدث معها، إلا انها تشعر بوجود روح بداخلها، تغمر السعادة طياتها بهذا الشعور، ولكن سرعان ما يهاجمها مشهد قتلها لحسن ليعكر صفوها، كانت هناك نمنمات واصوات خافتة تتحدث عليها، فجأة وجدت امرأة سمينة بحد كبير، بشرتها سمراء تربط طرحة صغيرة على رأسها وشكلها مخيف، تقترب منها وهي تقول بحدة..
اية يا حبيبتشي مالك كدة لم ترد عليها مها وإبتلعت ريقها بخوف ثم نظرت للجهة الاخرى وظلت تهذى بكلمات غير مفهومة، لوحت لها السيدة بيدها وهي تقول بصياح.. انتي مابترديش عليا يابت وبتبرطمى تقولي اية خرجّت مها من حالتها تلك لثواني لتهتف بخوف وتحذير قائلة.. إبعدى عني يا ست انتي وضعت الاخرى يدها عند خصرها واخذت تهتز برفق وهي تقول بصوت أجش.. لأ ابعد اية ياختي، دة انتي لازم يتعلم عليكي الاول.
وفجأة هجمت عليها ممسكة بشعرها الاسود بعنف ثم طرحتها ارضًا وهي فوقها تضرب بكل ما اوتيت من قوة ولم تأبه بصراخ مها الحاد، وهي فخورة بنفسها تسمع ضحكات الاخريات الساخرة من مها، ضربت مها بحدة عند بطنها لتصرخ مها من شدة الألم وهي تضع يدها على بطنها قائلة بنحيب.. آآآه ابني...!
ثم اغشي عليها، فنهضت السيدة وتخبط يداها في بعض برفق وترمقها بمظرات متشفية يملؤها الشر، إتسعت حدقة عيناها وهي ترى الدم يحيط مها من حولها بكثرة، لطمت على وجهها بخوف في حين قالت احداهن بهلع.. يالهووووى دى شكلها كانت حامل...!
في منزل رضوى،.
كانت رضوى تجلس في الصالة على الأريكة الخشبية بأريحية وهي ممتدة للأمام وتضع يدها اسفل ذقنها وتنظر للأرضية بحيرة، خوف، توتر وقلق من الذي سيحدث وحزن من لامبالاة والدتها في موضوع مها فهي حتى لم تسألها ماذا فعلت في القسم، وامامها يجلس عبدالرحمن على الكرسي الامامي ينظر لها نظرات غير مفهومة، لم يستطيع تحديد مشاعره الان، هل هي الخوف من رد فعل والدته عندما تعلم بأمر مها ام الشفقة على حالها وحال حبيبته الوحيدة، رضوى!
تنحنح قائلاً بهدوء حذر وهو يطقطق اصابعه.. رضوى احنا لازم نتكلم نظرت له رضوى على الفور كأنها كانت تنتظر هذه الكلمة قائلة بجدية.. بص يا عبدالرحمن عشان اكون صريحة معاك من البداية، ايوة مها قتلت الراجل دة لكن الله اعلم اية علاقتها بيه ربما قالت ذلك لتحسين صورة مها ولو قليلاً، على الرغم من انها تيقنت ان مها كانت على علاقة غير شرعية بحسن، ثم عادت تنظر للأرضية بحرج..
بينما تنهد عبدالرحمن ليقول شيئ ما ولكن قاطعته رضوى وهي تقول بهدوء حذر.. من حقك ترفض الارتباط دة لو عايز يا عبدالرحمن، انا مش هأقدر اجبرك على حاجة.
من قال هكذا هو عقلها، ولكن قلبها يرفض هذا الكلام وبشدة، فهي ستصيب بالجنون مثل مها حتمًا إن ابتعدت عن من احبته مرة اخرى، طال صمت عبدالرحمن وبردت اطرافها من الخوف واصبحت تفرك اصابعها وقد بدى الخوف على ملامحها وأصفر وجهها الأبيض الملائكي، قطع عبدالرحمن الصمت قائلاً بأستنكار.. ارفض الارتباط، انا مش هأرفضه بأى شكل من الاشكال، لكن انا قلقان شوية من رأى والدى ووالدتي بس وآآ.
حينها خرجت والدة رضوى على تلك الجملة ولم يبدو من ملامح وجهها الخير، اقتربت منهم وهي تلوح بعصبية.. احنا مش هنتحايل على حد، عايز تفضها سيرة انت حر يلا الباب يفوت جمل واصلا بنتي إلى مكنش ينفع ترتبط بيك اصابت جملتها وتر حساس لدى عبدالرحمن، واخفض رأسه بخزى فقد علم مقصدها، واردكه من اول وهلة من نبرة صوتها، بينما توترت رضوى وازداد خجلها من كلام والدتها فقالت مسرعة..
اية إلى بتقوليه دة يا ماما، اكيد عبدالرحمن الف واحدة تتمناه لم تسمح له كرامته أن يجلس اكثر من ذلك، هب واقفًا فور إنتهاء رضوى من جملتها ثم اولاهم ظهره وسار متجهًا للخارج، لحقت به رضوى وهي تنادى عليه بلهفة قائلة.. عبدالرحمن استني معلش ولكن لم يأبه لها ولم يلتفت ابدًا، خرج من المنزل دون نطق كلمة اخرى في هذا المنزل الذي أُهينت كرامته كرجل شرقي فيها..!
في احدى المنازل،.
تقف احدى الفتايات ذات جسد ممشوق وجمال جذاب وعيون سوداء ولكن عميقة وترتدى فستان أبيض قصير إلى حد الركبة وينسدل شعرها الاسود على ظهرها، كانت في منزل متوسط عبارة عن ثلاث غرف ومطبخ وحمام، ويقفوا هي وشخص اخر ضعيف الجسد وبشرته بيضاء وشعره بني ويرتدى شورت جينز وتيشرت احمر ويرتدى خاتم وسلسلة، كان يقفوا امام الشرفة سويًا، والفتاة تنظر للخارج وهي تدخن سيجارها الفاخر بعصبية ملحوظة، والاخر يقف بجانبها ثم اقترب اكثر ووضع يده على كتفها قائلاً بجدية وتساؤل..
اية يابنتي مالك مش ف المود كدة ليه ابعدت يده عنها ثم جزت على اسنانها بغيظ وسألته بحدة قائلة.. انت متأكد من الكلام إلى قولته دة اومأ رأسه بتأكيد، ثم نظر لها بغرابة ووضع يده مرة اخرى غامزًا بخبث.. ايوة طبعا عيب عليكي ولا انتي بتشكي في قدراتي بقاا.
عادت للداخل وهي تسير بجمود وتنظر على الداخل وتفكر بخبث شديد، وحليفها إبليس يساعدها لتفعل ما أرادته وتخرج من دائرتها المحيطة وتخرب ما ارادة وتعود مرة اخرى كأن شيئًا لم يكن.. أردفت بتوعد قائلة.. بس والله بردو ما هأسكت ولا هاسيبهم تنهد الأخر بضيق ومسح على شعره ثم تابع بصوت قاتم قائلاً.. ما تسيبيهم في حالهم بقا يا چودى انتي مابتزهقيش من مراقبتهم ولا لسة عندك امل ان عمر يبقي ليكي...!