رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل العشرون والأخيروكأن الطعنة كانت عميقة، كانت موحشة، مُميتة لأبعد حد، مغموسة بسم كاد ينتشر بين جوانب روح كلارا التي شهقت ما إن سمعت جملة هند التي أطاحت بكل احلامها ارضًا...فهمست بذهول وكأنها طفل صغير لا يستعب ما قيل للتو:-إيه! يعني إيه حامل؟ردت بتهكم بجح:-حامل يعني حامل يا حبيبتي!ثم تلونت نبرتها بمكر امتلأت به ثناياها السوداء وهي تقول بنبرة ذات مغزى:-ولا إنتِ عشان ماجربتيش تبقي حامل وأم ف أكيد مش هتفهمي.عندها لم تتلقى سوى صفعة قاسية من فهد التي تركت اثرًا واضحًا على وجنتها السمراء...وكأن تلك اللطمة لم تكن جسدية فقط، اذ احتوت على ردًا قاسيًا يشمل تلك الهراءات التي تصدرها تلك الملعونة..وقبل أن تنطق هند بشيء اخر كان فهد يردد بحدة جامدة:.-كفياكِ كدب بقا يا شيخة، أنا عارف إنك حقيرة وممكن تعملي أي حاجة. عشان كدا أول منا قومت في الليلة اياها وقبل ما اشوف الملايه شلتيها بسرعه. لكن انا رجعت وشوفتها من غير ما تعرفي، وماكنش موجود عليها -دم العذرية- ودا ملهوش الا معنين عندي، إما انا ماقربتش منك وإنتِ اخترعتي الموضوع كالعادة إما بقا، إنتِ مش تمام!ثم همس بخبث منتصر:-وف الحالتين لازم أطلقك وبالفعل طلقتك!أمتعض وجه هند بعدم تصديق..لا تتخيل ألهذه الدرجة الحظ معاكس لطريقها؟وبالطبع رد الفعل الفطري كان صرخة فزع منها وهي تقول:-لالا ماسمحلكش تشكك فيا، أصلًا ماحصلش حاجة بيننا ايوة!قلب عيناه بملل مرددًا:-منا عارفوفجأة أصبحت عيناه حادة مُخيفة قاسية وكأنها تعويذة إن قرأتها ستصبح في أخر ارض!..ليقول بصوت أجش:.-احسنلك تمشي حالًا وماشوفش وشك هنا تاني ابدًا ولا في اي مكان اكون فيه، وشكرا اوي انك ادتيني فرصة اثبت لامي إن واحدة زبالة ماتستاهلش تشيل اسمي ابداوقبل أن تعترض كان يزجرها بعيناه بحدة:-برا والا قسمًا بالله اعملك محضر وافضحك ف كل حته واقول خاينة!دبت على الارض بقدماها بغيظ حقيقي، ولكن الاهم فالاهم...عندما تُفضح لن ينفعها تمسكها بفهد بشيء ؛!فغادرت بالفعل كما امرها، ليلتفت لكلارا التي كانت تراقبهم بصمت..وقبل ان تنطق بحرف كان يحملها على كتفه متابعًا بجنون ضاحك:-تعالي يا اخرة صبري هفهمك بطريقتي في البيت!..السعادة بيننا، جوارنا، تحلق حولنا من كل جانب، فقط تحتاج البحث عنها !دلفت تالا الى غرفة يوسف والبسمة على وجهها...ولكن فجأة محت تلك الابتسامة عندما رأت يوسف الساقط ارضًا فلم تتردد وهي تركض نحوه صارخة بأسمه...أي كابوس هذا الذي زُجت فيه؟!اول شيء فعلته أن تجسست نبضه بعدما رأت الادوية التي ابتلعها...فكانت الصدمة من نصيبها..الصدمة التي أسقطتها لارض الواقع الخشنة، القاسية والقاتلة!لقد رحل يوسف عن هذا العالم...كما قتل، قُتل وبيده!رحل وتركها بعدما اكتشفت انها على وشك عشقه!؟ألهذه الدرجة هي ليست محظوظة؟!هي سوداء الصفحات..قاسية القدر!؟ولكن لم لا العكس؟ينتشل منك الله حلمك من بين اصابعك ليعطيك ما هو اجمل واجمل...ولكنك ترى الحياة مظلمة، موحشة، ضاقت عليك حتى اصعب تنفسك صعب، صعب للغاية!فما كان من تالا إلا أن صرخت صرخة عالية شقت سكون النهار المؤسي...ليس دائمًا ما يتمناه المرء يحصل عليه، بل احيانًا ينسدل من بين يداه كالخيط الرقيق...!بعد مرور أسبوع...كانت تمارا تتمدد على الأريكة لجوار عز يشاهدان معًا احد الافلام الرومانسية بصمت تام...قطع ذلك الصمت صوت عز الذي قال بحنان رجولي:-بقولك إيه يا تمرتي؟رفعت عيناها له تسأله بصوت هائم:-هااا؟غمز لها بخبث هامسًا امام شفتاها:-تعالي نعمل كوبايه شاي حلوة كدا مع بعض. عشان من بكرا الجلسات النفسية الزفتية دي هتاخدك مني ومش هعرف اخد راحتي!ضحكت بدلال وهي تنهض متشدقة ب:-طيب يلا تعالى.وبالفعل نهضا معًا متجهان للمطبخ، بدأت تمارا تُعد اكواب الشاي وفهد يراقبها بحنان...الجوهرة كانت بين احضانه وهو الذي كان يظنها ملوثة لا تصلح ان تكون جوهرة!بل هي جوهرة كاد عفن الزمن أن يغطيها بجبروته...بعد أن إنتهت من اعداد الشاي كادت تضع السكر ولكن اوقفها صراخ عز الذي افزعها:-انتِ بتعملي اية لالالا استني دا انا واقف عشان اللحظة دي بالذاتضيقت ما بين حاجبيها بعدم فهم:-يعني إيه؟امسك بالملعقة ثم ملأها بالمياه ليضعها على شفتا تمارا التي شهقت بقلق من القادم، وقبل ان يعطيها الفرصة كان يضع بعض حبيبات السكر على شفتاها ليترك السكر وهو يقول بمكر:-اصلي بحب ادوق دا لوحده ودا لوحده وبخلطهم بعدين بطريقتيوكالعادة لم يمهلها الاعتراض ليعانق شفتاها التي دائمًا وابدًا كانت محط إغراء بالنسبة له...كانت الطريق الذي يصل بين كلاهما فيركض هو فيه بنهم بلا توقف...!اذا كان الحب بين يديك فلا تعطي للحياة فرصة إضاعته عليك ...تمتنهاية الروايةأرجوا أن تكون نالت إعجابكم