رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع عشربعد مرور خمس أيام...دلف فهد إلى المنزل الذي يقيم به هو وزوجته الجديدة هند ووالدته...ولكن لم يكن بكامل قواه العقلية، بل كان ثمل كعادته مؤخرًا...منذ تأكده من سفر كلارا إلى بلد اوروبية مجهولة وهو هكذا حاله..جسد بلا حياة...وروح بلا مدار، الروح سكنت الارض، سكنت كالأموات ترفض العودة دونها!دلف الى الغرفة بلا وعي ليجد هند تنتظر مرتدية قميص نوم قصير ومغري...ضيق ما بين حاجباه وهو يسألها بصوت أجش متثاقل:-أي، اية ده!اقتربت منه بلهفة تحيط به وهي تهمس له بدلال:-وحشتني أوي يا حبيبيكان ينظر لها بعيون زائغة، هو من الاساس فقد وعيه مذ هجرته تلك الحبيبة!بدأت تفك ازرار قميصه ببطء شديد وتقبل الجزء الذي يظهر من صدره، نالت منه مقاومة ضعيفة في البداية وهو يتابع بحنق:-اب ابعدي كدة أنتِ م، مين!؟رفعت نفسها لتقبل شفتاه برغبة وبلهفة اشعلتها الرغبة والحقد معًا!ثم ردت من بين قبلاتها المحمومة:-انا حبيبتك يا فهدودون وعي منه تركها تفعل ما تشاء، كان كنقطة تحركها في مقرها المحدد..تعبث بها!او تدمرها في عمقها امتثالاً لاوامرها...!وفعليًا، صدق او لا تصدقاصبحت هند زوجته شرعًا وقانونًا، وقد جفت الأقلام وسكنت الصحف!كان يوسف في مقر مستشفى نفسية حكومية تابعة للسجن..بعدما جلبوه للتحقيق في قضية موت رودينولكن نظرًا لحالته النفسية المتدهورة حد الجنون الرسمي، تركوه في المستشفى ليتعافى من صدمة موتها اولًا...!كان ينظر للشرفة كعادته منذ أن اتى هنا ويهتف بابتسامة بلهاء ؛-لسه زعلانة يا رودين؟ مش ناوية تصالحيني وترجعيلي بقا! انا تعبتسمع طرقات على الباب ولكن لم يعيرها انتباه، ولكن تجمد مكانه عندما رأى من دلفت...هب واقفًا يحدق بها بلا وعي، ومن دون تردد، من دون تفكير او مقدمات كخلفية لانتقام الزمن الذي يحدث...كان يجذبها من عنقها ليلتهم شفتاها في قبلة عاصفة، مجنونة متلهفة وغير مصدقة!وكأنه يريد أن يصدق عيناه..يريد أن يتأكد أنه لا يتخيل رودين امامه..!والاخرى حاولت التملص من بين يداه بصعوبة، ولكنه كان كالمجنون فعليًا ينقل شفتاه ما بين شفتاها العلوية والسفلية يأكلها وكأنه اخر شيء سيفعله في حياته...!واخيرًا تركها لتلهث بعنف وهي تصرخ به متسعة الحدقتين:-انت فعلا مجنون! انت ازاي تعمل كدة؟!كان يهمس بأسمها بلا توقف وهو يقترب منها:-رودين حبيبتي، انتِ رودين!زمجرت فيه بعصبية مفرطة:-رودين مين، انا تالا الدكتورة النفسية اللي مفروض هتعالجك!كان عز كالمجنون يبحث عن تمارا في كل أنحاء المنزل..هو لم يفكر الدخول لغرفتها طيلة تلك الخمس أيام..كان يعتقد أنه سيفاجئها ولكن يبدو أنها هي من فاجئته الان!.كان يصرخ بالخدم بجنون:-مين اللي فتحلها الباب؟ انطقواولكن بالطبع ما من مجيب..كان يلهث بعنف من ركضه، وفجأة رن هاتفه برسالة مكتوب فيهاشوف الاسطوانة اللي هتوصلك دلوقتي على الباب هتعجبك أوي!ركض مسرعًا نحو الباب ليلتقط الاسطوانة الملقاه ارضًا، ووضعها في الجهاز ليبدأ تشغيل الفيديو...والصدمة كانت متمثلة في تمارا تكمن بين أحضان شخصًا ما، في الكباريه الذي تعمل به، بملابس فاضحة!،بالطبع لم ينتظر اكثر فركض نحو الچاكيت الخاص به ليمسك بسلاحه جيدًا وهو يركب سيارته متجهًا نحو ذلك -الكباريه- بجنوووون!.وصل عز إلى مقر ذلك -الكباريه- فوجده فارغ إلا من العاملين..كان كالمجنون حقًا..كالتائه وسط حقول خضراء داكنة ومخيفة متشابهه فلا تجعلك تدرك أين سبيلك!؟أين النور واين ظلمتك؟!..الدنيا كالزهر، حظ يعطيك الجانب الافضل في مرة، وربما الاسوء في العديد من المرات!ركض لتلك الغرفة التي رآها بالفيديو، فوجد تمارا فقط من كانت هناك..بمجرد أن اقترب منها إنقض عليها يجذبها من خصلاتها بعنف صارخًا:.-أنا بتخونيني؟ بتخونيني يا زبالة!رأى ابتسامة متهكمة، صارخة بالأستنكار ظهرت على ثغرها قبل أن تهمس ببرود:-وهو أنت ماخونتنيش يا زبالة برضه؟ حسيت كرامتك بتتوجع ازاي؟!حدق بها بشراشة وهتف:-لأ بس حسيت بأحساس اللي بيكون عايز يقتل!دفعته بكل قوتها، وصوتها المبحوح يعود لانضمام صلابته المعهودة التي حملت رياح باردة:-اطلع برا يلا ورايا شغل مش فضيالكلم يشعر بنفسه سوى وهو يصفعها عدة مرات..يصفعها بقدر كل ذرة من نخوته ورجولته سحقتها هي بكف البرود والخيانة!.ويا لدهشته لم تكن تقاومه...!عندها تركها وهو يلهث، وهي كانت تراقبه بعينان خائرتان، بشفتان مصابتان، إلى أن قالت مزمجرة:-لو خلصت أمشي بقاااا يلاكان ينظر لها بعينان حمراوتان، قبضة قوية غليظة تعتصر قلبه...ثم همس بصوت خطير:-مش همشي الا اما ادوقك ذرة بس من اللي انا حاسس بيه.وفجأة وجدها تنهض وتقترب منه ببطء لتغمض عيناها ولأول مرة تبادر هي وتضع شفتاها على شفتاه برقة...تستشعر حرارة قربه لاخر مرة ربما!.ثم همست امام شفتاه بصوت مبحوح:- امشي من هنا بسرعه لو سمحتبينما هو أبعدها مسرعًا بنفور، ليبصق دماءها التي لطخت شفتاه في وجهها، ثم بصوت أجش يخبرها:-إياكِ تفكري تعيديها ياأنهى كلمته بصفعة قوية منه اسقطتها على الفراش من خلفها، وبصوت جمهوري صرخ فيها:.-إنتِ طاااالق، طاااالق بالتلاته!ثم نظر لعيناها مباشرةً بوعيد متابعًا:-يا ويلك يا سواد ليلك لو فكرتي تقربي من بيتنا، او تتواصلي مع جدي حسن لما يرجع سامعه؟! إنتِ مكانك هنا وسط الاوس عشان إنتِ عاهرة زيههم و مينفعش تقعدي غير وسطهم!ابتلعت كل إهاناته بصعوبة..إهاناته التي كانت كالعلقم بين جوانبها، كالسكين بين ثناياها يبترها!فقالت بحروف متقطعة:-امشي!وبالفعل أستدار ليغادر وهو يشعر أن الشياطين تتقافز امامه...أصبح يوسف كالأصم أمامها لا يستوعب ما تخبره به..هو ليس بمريض عقليًا ولكنه مصدوم، مصدوم إلى درجة الفجع التي لا توصف!ظل محدقًا بها بصمت إلى أن قالت بصوتها الرقيق:-أنت معايا يا يوسف؟ بقولك أنا مش رودين أنا اسمي تالاكان يتنهد بعمق، هي ليست رودين، ولكن ملامحها تُشبه رودين بدرجة كبيرة، باختلاف زرقة عيناها الواسعة وملامحها البيضاء مُزهية!..ولكن غير ذلك هي رودين حرفيًا...واخيرًا إستطاع النطق بصوت أجش:-اطلعي برهرفعت حاجبها الأيسر مستنكرة:-أطلع بره! أنا بقولك دكتورة حضرتك مش صحفية جاية تعمل معاك لقاء صحفي ف بتطردها!جذبها من ذراعها بعنف ليلفه حول ظهرها وهو يقربها منه حتى إلتصق صدره بظهرها، فتأوهت هي بصوت عالي من الألم، ليهمس هو لجوار أذنيها:-هتمشي من هنا وإلا قسمًا عظمًا لاكون عاملك فيضحة هنا؟! أنا مش عايزك ابعتيلي راجل.كانت تتنفس بصوت مسموع، تستعيد تعليمات -الكراتيه- التي تعلمتها مسبقًا لتعاونها في تلك المواقف...!ومن دون مقدمات كانت تمسك بذراعها وتجذبها بعيدًا عنها بقوة لتدفعه بعنف جعله يترنح نوعًا ما...لتقول بحدة اشتعلت في زرقاوتيها:-أنا يمكن أرجل منك، أنت هتتعالج يعني هتتعالج وهتفوق من الصدمة دي، أنا عمري ما فشلت في شغلي ومش هفشل على اخر الزمن ف التعامل معاك!ثم اقتربت منه تضيق عيناها وهي تهمس مفكرة بعمق:.-ولا لاتكون مش تعبان اصلًا بس بتمثل عشان البوليس ماياخدكش؟!دفعها للخلف وهو يزمجر فيها بعصبية مجنونة:-قولتلك برا اطلعي برا إنتِ مابتفهميشلم تعيره إنتباه، اقترب منه ببطء ثم مدت يدها نحو رأسه ولكنه إنتفض مبتعدًا عنها فجأة فدفعها بجسده لتترنح وكادت تسقط بسبب الكعب العالي الذي ترتديه ولكن امتدت يداه بتلقائية تحيط بخصرها النحيل...كانت تنظر له غير مستوعبة ما يحدث، تشعر بشعور غريب...لم يكن حب او -دق قلبها ثلاث دقات- وإنما كان شعور قاتل بالنفور، بالكره او صعوبة التأقلم مع ذاك الشخص!فنهضت مسرعة تدفعه بقوة مما جعل عيناه تحمر بشدة من تلك الشرسة التي أتت لتستفزه...وكاد يهجم عليها إلا إنها نادت ببساطة بصوت عالي:-يا ممرضينوبالفعل دقيقة وكانوا أمامها فقالت بهدوء تام:-هدووووه، مش هعرف أتعامل معاه وهو كدةومعنى هدوه في قاموسهم كان يتمثل في صعقات كهربائية تعيد له رشده!فسحبوه بقوة متعاونين لأخراجه، ولكن تالا لم تستوعب إلى أين يسحبوه!ولكنها تجاهلت الامر وعادت تجلس على الكرسي المخصص للأخصائي النفسي في أنتظار عودتهم...!،وعند يوسف أصابه الفزع بمجرد رؤيتهم يجهزون لصعقه بالكهرباء فصار يصرخ بهيسترية:-سيبوني انا مش مجنون ابعدوا عني!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس عشرولكن بالطبع ما من استجابة..وتقريبًا شعور رودين الملازم لها في الفترة التي عاشتها معه وصله عندما بدأوا يصعقوه بالكهرباء فعليًا...تعالت صرخاته كنواح ذئب يدفع ثمن جرائمه دون قصد...!وفجأة ظهرت تالا التي صرخت بهم:-انتوا بتعملوا أية؟ سيبوه يا همج!وبالفعل تركوه لتركض نحو يوسف تنزع عنه تلك الاجهزة وهي تتحسس صدره العاري برفق هامسة بندم:-انا اسفه، انا اسفه اوي!ورغمًا عنه وجد نفسه يرفع يداه ليحيط خصرها ويسند رأسه عند صدرها لتبدأ عيناه في الأنغلاق تدريجيًا...!كان عز مع صديقه المقرب كريم...غاضب، حانق ومشتعل حد الجنون!كان تنفسه العالي دليل على محاولته الفاشلة في السيطرة على نفسه...!واخيرًا هتف كريم يقطع ذلك الصمت:-طب أنت ماقولتلهاش لية إنك عرفت إنها هي اللي بتقتل يا عز؟ظل يهمس بصوت مبحوح:-قولتلها في وسط الكلام. لكن ماندهشتش وكأنه شيء طبيعي بتعمل كل يوم بعد الفطار!كان كريم ينظر له بأسف حقيقي...فهو لم يكن أقل صدمة من عز عندما علم أن زوجته هي ذاك القاتل المحترف الذي كانوا يبحثوا عنه...وسبب كشفهما لها تافه، تافه للغاية!فابالفعل بين الكذب والحقيقة شعرة، شعرة واحدة هي الفيصل !،عاد كريم يهتف بصوت أجش مفكرًا:-مش يمكن ليها أسباب يا عز؟عندها إنفجر فيه عز صارخًا:-أنت مجنون؟ من امتى واحنا بنخترع اسباب للقاتل يا كريم!ثم صمت برهه وعاد يكمل والذنب يقتله:.-أنا اصلًا مش عارف ازاي قدرت اضلل العدالة وما أسلمهاش وأقفل القضية ضد مجهول بما إن الجرايم وقفتوفجأة قال كريم:-معقول تكون وافقت تتجوزك عشان تعرف المعلومات اللي بتوصلها وتتصرف بناءًا عليها؟!صوت عز خرج منكسر، مُشقق كزجاج حطمته رياح جبارة:-ماهو دا تاني سبب كسرني، إنها ماحبتنيش رُبع ما أنا حبيتها!بينما عند تمارا...كان ذاك المجهول العاشق لها في الخفاء يقف أمامه واضعًا يداه في جيب بنطاله يحدقها بنظرات غير مفهومة..فبدأت هي الحديث بصوت مُرهق نفسيًا قبل جسديًا:-أنا عملت اللي قولتلي عليه، سبني أمشيأجابها ببرود:-قولتلك مابسمحش للي بحبهم يبعدوا عنيلم تشعر بنفسها سوى وهي تنهض مزمجرة فيه بجنون، صارخة بحبال صوتية اُرهقت من الصراعات التي تدور داخلها:.-قولتلك انا مابحبكش وما أعرفكش وأول مرة اشوف خلقتكابتسم ببرود، ابتسامة ملفحة بالبرود ولكنها تخفي نوعًا اخر من العصبية، كرياح عاصفة تحت الرمال الباردة!،وفجأة وجدته يفتح ازرار قميصه وهو يردد بهدوء استفزها تمامًا:-كفاية تضييع وقت. أنا مشتاق لليلة دي اوووويأتسعت حدقتاها وهي تدرك مقصده، ولكن قبل أن تتحرك خطوة وجدته يجذبها له بقوة كاتمًا شهقاتها بشفتاه الغليظة و...إرتفعت نسبة الأدرينالين داخلها، وتقلصت جوارحها الشرسة لتتأهب لحرب على وشك النشوب...حرب من نوع آخر..حرب روحها هي المقاتل فيها وليس جسدها!إنطلقت صرخة عميقة منها كمدفع ناري تدفق في طيات الجنون، لتدفعه بقوة جعلته يرتج للخلف وهو يحدق بها...وقبل أن يستوعب كانت تنهض لتمسك بزجاجة وتكسرها وتضع طرفها الحاد على رقبته، وبصوت لاهث متفرقة حروفه كالشرق والغرب قالت:.-قسمًا برب العزة لو فكرت تعمل اللي عملته تاني هقتلكوبالفعل كانت تضغط على رقبته حتى تناثرت نقاط طفيفة من الدماء..وكان هو مبتسم ببرود لا يدافع عن نفسه حتى...غريزتها المدافعة، الشراسة، والقوة التي تلون بها خلفية باهتة من حياتها تُثيره، بل تجذبه لها بجنون!إلى أن تركته وهي تلهث مستوعبة أنها كادت تقتله في وجود حراسه المجرمين وبالطبع لن تخرج سالمة حينها...نظرت له لتجده يغمز لها بطرف عيناه متمتمًا بنبرة خبيثة:-شراستك دي هي اللي محلياكِ في عنيا أصلًا يا جميلردت وكأنها تبصق في وجهه:-وأنت قذر ومفيش حاجة محلياك، أزاي اصلًا تتجرأ تعمل كدا؟ وانا معرفكش وأنت برضه أظن ماتعرفنيشكان قد نهض يهندم ملابسه وهو يتابع بصوت فاح منه الحقد:.-مين قالك كدا؟ إنتِ اول مرة تشوفيني اه، لكن انا شوفتك من ساعة ما كنتي شغالة في الكباريه جرسونة، حاولت أكلمك واطلبك اكتر من مرة وإنتِ رفضتيني من غير ما تتعرفي عليا، وماكنتش عايز أجبرك على حاجة لحد ما عرفت إنك اتجوزتي الكلب التانيزمجرت فيه بحدة غاضبة:-حاسب على كلامك، الكلب هو اللي بيبص لحاجة غيره!أبتسم باصفرار وهو يراقب تلك اللمعة المتوهجة بعيناها...لم تكن شمعة السعادة او ما شابه ذلك، ولكنها كانت شرارة منطفئة إرتكزت محملقة أمامها...!تنهد أكثر من مرة قبل أن يستطرد بخشونة:-أنا برضه مش هجبرك على حاجة، يكفي إنك تكوني بعيدة عنه..ولكنه أكمل بخبث طار أمام عيناها:-بس ليا طلب صغيرنظرت له متساءلة ليشير لفمه بمكر متابعًا بصوت غرق وسط تأملاته الواسعة:-بوسه واحدة بس بإرادتككانت جامدة كملامحها وهي تحدق به..ربما تناثرت رغبتها بقتله بين بؤبؤي عيناها بوضوح مما جعله يتراجع بهدوء لم يخلو من الخبث:-دي بوسه واحدة بريئةلم ترد سوى بجمود قائلة:-غمض عينكأسرع يغمض عيناه بلهفة واضحة، لتظهر أبتسامة ميتة باردة على ثغرها المتهالك وهي تنظر له، وفجأة كانت تشق شفتاه بقطعة الزجاج مما جعله يصرخ عاليًا من الألم لتركض هي مسرعة وهي تتشدق ببرود عابث:-بريئة ماتت محروقة يا باشا!وقبل أن تخرج من الغرفة وجدت ديناصورات بشرية أمامها، لتنظر لذلك الرجل بغيظ فوجدته يشير لهم أن يتركوها لترحل...فلم تنتظر أكثر وهي تسير بخطى اشبه للركض..ليضع هو يده على صدره متنهدًا بحرارة، أنهكه صبره عليها...ولكنه سيصبر ويصبر حتى يتلذذ بمذاقها عندما تقع تحت يداه!فهمس بصوت يكاد يسمع:-مسيرك يا ملوخية تقعي تحت المخرطة!بدأ فهد يتململ في نومته، هاجمه الضوء بقوة متابعًا وعيه لما حوله!هب منتصبًا ينظر حوله ليجد هند تقطن أمامه عارية تمامًا وغارقة في نوم عميق او هكذا ظن هو!..وجد نفسه يمد يده مسرعًا ليهزها بعنف صارخًا:-هند قووومي، قومي اصحي يلافتحت عيناها ببطء، تتأثب ببرود وكأنها عروس يوقظها زوجها بدلال، ثم تهمس بنعومة:-صباح الخير يا حبيبيزمجر فيها بجنون أفزعها:.-صباح الزفت عليكي وعلى اليوم الأسود اللي شوفتك فيه، إنتِ عملتي إية؟صدرت عنها ضحكة خليعة، ضحكة نغزت القسوة داخله تجاهه وهي تقول بمكر:-أنا اللي عملت برضه؟ دا أنت اللي عملت كل حاجة يا بيبيكان قلبه يهتز بين ضلوعه بعنف...ودقاته تصرخ بما لم يخطر على باله يومًالقد خانها، كسر الوعد الذي كان يسعى للحفاظ عليه !مدت هند يدها لتضعها على كتفه برفق وهي تردد:.-فهد اوعى تكون زعلان عشان اللي حصل! أنا مراتك ودا الطبيعي بين أي اتنينكاد ذراعها ينكسر عندما نفضه بعنف بعيدًا عنه حتى إنفلتت الصرخة المتألمة من بين شفتاها وهي تراقب تحول ملامحه الثملة ليلاً...ليهتف بجمود حاد:-إياكِ تكرريها، دا طبيعي بين أي اتنين متجوزين طبيعي، لكن أنا وانتِ عمرنت ما هنكون زي أي اتنين، أنسي اللي حصل لأنه مجرد غلطةثم أحاط وجهه بيداه وهو يكمل بحسرة:.-غلطة هفضل أحاول أكفر عنها طول منا عايشزادت من غليانه عندما قالت متهكمة:-مش عايزة أزودها عليك بس الغلطة دي يمكن أبنك يجي بسببها، ساعتها هتقوله أرجع يا حبيبي عشان دي مجرد غلطة!إرتجف قلبها بعنف عندما حدق بها، كانت عيناه تحمل نوعًا آخر من التهديد الذي مزق تماسكها...فأسرعت تستطرد بخفوت:-أنا قصدي يعني أن آآ...قاطعها بخشونة:-مش هيحصل، أكيد مش هيحصل.ثم نهض ساحبًا ذلك الغطاء ليغطي جذعه السفلي متجهًا للمرحاض...بينما هي تلعن تلك الحبيبة التي سرقت سعادتها من بين أصابعها!
رواية قيود بلون الدماء للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس عشروصلت تالا لغرفة يوسف في مستشفى الأمراض العقلية...طرقت الباب برقة مرتان تقريبًا ثم فتحته ببطء لتجده كعادته يجلس أمام الشرفة محدقًا بها...زفرت بضيق وهي تقترب هامسة:-يوسف!سمعت همهمته الخفيضة التي صدرت عنه دون أن ينظر لها، لتقترب منه حتى أمسكت كفه العريض الخشن، لتشعر بيدها الصغيرة تغوص فيها...عندها إلتفت لها برأسه لتردف بصوت هادئ:-تعالى مدد على الشازلونج عايزة أتكلم معاك شوية لو سمحت.نهض معها دون أن ينطق حرف وبالفعل تمدد كما أرادت..فبدأت تالا تسأله برقة جادة:-حاسس بأية يا يوسف؟اجابها بصوت صرخ بالألم المصحوب باللامبالاة:-مش حاسس بحاجة!-بتفكر ف رودين؟تنهد بعمق أكثر من مرة، ليت الأمر أقتصر على التفكير فقط، ولكنه تخطى حيز الخيال فبات ينغمس وسط الواقع احيانًا!بات يتخيلها امامه بدماءها التي لطخت يداه، بات يشعر بها تحيطه من كل الجوانب، تدفعه نحو حافة واحدة، الأنهيار!إنتبه ل تالا التي سألته بقلق ؛-يوسف انت معايا؟اومأ مؤكدًا فعادت تسأله:-احكيلي عن رودينتنفس بعمق يخرج الفراغ الذي احتل داخله قبل ان يقول:.-كانت بريئة بزيادة، وشرسة في نفس الوقت، كانت بسيطة نفسها بس تمشي من ملجأ الأيام اللي عانت منه، نفسها تعيش حياة طبيعية زي أي بنت في سنها، ومن غباءها كانت بتحبني! سابت كل شباب مصر وحبتني أنا! وللأسف زي منا الوحيد اللي حبتني انا اللي قتلتها، او يمكن مش انا بس، كلنا شاركنا في قتلها، بس انا كنت اقسى سكينة عليها!سألته تالا بأسى:-لية يا يوسف؟كان اللسان فقط هو من يجيب، قطعة اللحم تلك، ولكن الروح طارت لملكوت آخر:-أغتصبتها!لم تستطتع إحتواء دهشتها وهي تتشدق ببلاهه ب:-إيه! ازايوفجأة كان ينهض ليجذبها من ذراعها بقوة فأصبحت هي متمددة على الشازلونج أسفله وهو يحاوطها بجسده العريض، ثم غمغم بسخرية خشنة وهو يطل عليها دون أن يلمس جسدها:-إيه يا دكتورة مش فاهمة إغتصاب يعني أية؟ تحبي أشرحلك عملي عشان تفهمي أكتر!؟ابتلعت ريقها بتوتر شديد، كانت أنفاسه تلفح بشرتها البيضاء وخصلة منها تناثرت على وجهها، فاتسعت حدقتاها بقلق وهو يقترب منها رويدًا رويدًا حتى كاد يلتصق بها ثم...أجابت تمارا على إتصال يأتيها من رقم غريب خارج مصر وهي في طريقها لمنزلها الصغير القديم...لترد بصوت هادئ ولكنه مرهق:-الووو مين؟-أنا كلارا، فكراني؟ابتسمت وهي ترد بحبور:-أكيد طبعا، في ناس كدا مابننساهمش مهما طالت الأيام-إنتِ كويسة؟لم تستطع إخفاء السخرية التي ظهرت في صوتها وهي تجيبها:-اه طبعا كويسة جدًا كمان، إنتِ بره مصر ولا إيه؟-ايوة، أنا في الكويت واحتمال أطول هنا-ياريت أنا اقدر اسافر الكويت.-it s ok! ممكن أبعتلك تذكرة وتيجي وتشتغلي معايا هنا؟-نعممم إنتِ بتتكلمي جد؟-ايوة طبعًا جد الجد، كدا كدا إنتِ ملكيش حد في مصر. يادوب هتجهزي ورقك والباسبور وانا هحجزلك من هنا ومتقلقيش أنا عايشة في بيت صغير لوحدي وبشتغل في شركة محترمة-هشوف وهتصل بيكِ تاني يا كلارا-تمام في إنتظارك، Good night يا توتو-سلام.أغلقت تمارا الهاتف وهي تفتح باب منزلها الصغير، وبمجرد أن دلفت وقبل أن تفتح الانوار وجدت من يحيط بها من الخلف ويجذبها له فشهقت بعنف وكادت تصرخ ولكن...كان صوت تنفسها عالي، تسحب الهواء بصعوبة لينزلق بين رئتيها التي ضيقت الدنيا عليهما!..دققت النظر بملامحه الهوجاء، تحدق بكم الشراسة المُطل من عيناه، لتهتف بصوت مبحوح:-أنت ازاي جيت هنا وعايز أية؟بينما هو غارق...غارق بين طيات شعوره العميق بها، شعور أنه محلق بين أمواج عالية كادت تُغرقه أو غرقته بالفعل!لم يكن يشعر بنفسه عندما أقترب منها وشفتاه تزحف على وجهها ببطء سرق وعيها، ليهمس جوار اذنها:.-جاي أشوف مراتي المحترمة بتعمل أية من وراياإتسعت حدقتاها وقلبها يضخ بعنف..لتدفعه شاهقة تستوعب ما ألقاه عليها، لتزمجر بجنون:-مراتك ازاي وأنت طلقتني يا عز بيه!لتجده يكمل والابتسامة الشيطانية ترتسم على ثغره:-أصل أنا تراجعت عن قرار الطلاق، وبما إنها كانت لحظة غضب وماطلقتكيش رسمي ف أنا هكفر عنه وبكدة انتِ لسة مراتيظلت ترمش عدة مرات بتوتر رهيب..ماذا جعله يتراجع عن قراره!وبل ويأتي لهنا بمحض إرادته بعدما رآه!..وكأنه قرأ افكارها فاقترب منها ببطء حتى اصبح على بُعد سنتيمتر منها فقال بصوت خشن خبيث:-اما حتة جيت هنا لية دي، ف أنا جيت كزوج عشان أمارس كل حقوقي واللي منها، آآوتوقف عن تكملة الباقي يستمتع برؤية شحوب وجهها من القادم...وكرامته المذبوحة تُقسم ألف قسم بخلق عذابها ولو بين طيات الكتمان...!ليزفر متابعًا:.-واللي منها أنك تخشي دلوقتي تعمليلي أكل زي الناس عشان جعان جدًاجزت على أسنانها بغيظ، وكادت تنطق بأنفعال:-أنا مش شغالة عندك عشان آآ...ولكنه قاطعها بحدة مُخيفة يزجرها:-اخرسي وانجري على المطبخ هتلاقيني جايب الحاجة، قدامك نص ساعة بالدقيقة ويا ويلك لو مخلصتيش!-اما نشوف اخرتها معاك يا جوز السعدقالتها وهي تتأفف متجهة للمطبخ متذمرة تلعن اليوم الذي وافقت فيه على الزواج به...ليحدق هو في أثرها بتنمر هامسًا:.-مابقاش عز الاسيوطي لو ما خليتك تقولي حقي برقبتي!ثم بدأ يفك ازرار قميصه رويدًا رويدًا وهو يجر قدماه متجهًا لها نحو المطبخ...كان فهد يرتدي ملابسه استعدادًا للخروج عندما أوقفته هند وهي تتساءل بغيظ متمتمة:-أنت رايح فين يا فهد؟ وبعدين أنت مش بترد عليا لية!أستمر في ربط ربطة عنقه وهو يحدق بالمرآة...كلما حدق فيها بتمعن صدمه رؤيته للشروح التي غطت روحه...لعيناه التي تصرخ بالندم وقلبه الذي يأن من الألم حتى أصبح صوت أنينه وتر خرب معزوفة العشق!..لتحتضنه هي من الخلف مرددة بصوت مبحوح:.-متعملش فيا كدا أنا بحبك ومش ندمانة ولا عمري هندم على اللي حصلدفعها بعيدًا عنه وهو يهمس ببرود:-اوعي ورايا مقابلة شغل مش فاضيإتجه نحو الباب ولكن قبل أن يخطو خطوة إلتفت لها مغمغمًا بحدة محذرًا:-أمي مش لازم تعرف باللي حصل عشان ماتديهاش أمل على الفاضي. أنا هبدأ في اجراءات الطلاق وهتاخدي كل حقوقك، أنا اصلًا لما اتجوزتك كنت ناوي اطلقك بعد فترة قليلة وماكنتش هقرب منك عشان ماظلمكيش لكن الشيطان شاطر.ثم تقوس فاهه بابتسامة ساخرة وهو يردف:-وانا ماشاء الله عايش مع اشطرهم!ولم يعطها فرصة الجدال بس استرقها منها عندما غادر الغرفة بل الشقة بأكملها كما سرق منها حلمها اللامع به محطمًا كل شمعة اُضيئت بين جدران ذاك الحُلم!..لتهمس هي بضياع:-يعني برضه مفيش فايدة؟!